اختلاف الأئمة العلماء

بَاب السّلم

اتَّفقُوا على جَوَاز السّلم الْمُؤَجل.

(1/408)


وَهُوَ بِمَعْنى السّلف.
وَاتَّفَقُوا على أَن السّلم يَصح بست شَرَائِط: أَن يكون من جنس مَعْلُوم، وَصفَة مَعْلُومَة، وَمِقْدَار مَعْلُوم، (وَأجل مَعْلُوم) ، وَمَعْرِفَة مِقْدَار رَأس المَال.
وَاشْترط سابعا وَهُوَ تَسْمِيَة الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة.
وَهَذَا الشَّرْط السَّابِع لَازم عِنْد البَاقِينَ وَلَيْسَ بِشَرْط مَعَ اتِّفَاقهم على أَن يكون الثّمن منقودا.
وَاتَّفَقُوا على أَن السّلم جَائِز فِي المكيلات والموزونات والمزروعات الَّتِي يصفها الْوَصْف.
وَاتَّفَقُوا على أَن السّلم فِي المعدودات الَّتِي لَا تَتَفَاوَت.
أحادها كالجوز وَالْبيض جَائِز إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي السّلم فِي المعدودات الَّتِي تَتَفَاوَت كالرمان والبطيخ.

(1/409)


فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز السّلم فِيهِ لَا وزنا وَلَا عددا.
ذكره الْقَدُورِيّ فِي شرح مُخْتَصر الْكَرْخِي.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز وزنا.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: لَا يجوز فِي المعدودات على الْإِطْلَاق لَا عددا وَلَا وزنا.
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: يجوز فِي المعدودات على الْإِطْلَاق عددا وَهِي الْمَشْهُورَة.
وَقَالَ مَالك: يجوز فِي المعدودات على الْإِطْلَاق.
وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز السّلم فِي الْمَعْدُوم حِين عقد السّلم.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز إِذا غلب على الظَّن وجوده حَال الْمحل.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا أَن يكون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا من حِين العقد إِلَى حِين الْمحل.
وَاخْتلفُوا فِي السّلم الْحَال.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يَصح.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يَصح.

(1/410)


وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أسلم إِلَى الْجذاذ والحصاد والصرام.
فَقَالَ مَالك: يجوز.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، أظهرهمَا: أَنه لَا يجوز، وَالْأُخْرَى: يجوز.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا تفَرقا قبل قبض رَأس المَال الْمُسلم فِي الْمجْلس. فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يبطل السّلم. وَقَالَ مَالك: يَصح وَإِن تَأَخّر قبض رَأس المَال الْمُسلم فِيهِ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَو أَكثر مَا لم يكن شرطا.
ذكره عبد الْوَهَّاب فِي كتاب الْأَشْرَاف.
وَاخْتلفُوا مانعوا السّلم فِي مِقْدَار أجل السّلم.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز أَن يكون أقل من ثَلَاثَة أَيَّام.
وَقَالَ مَالك وَأَصْحَابه وَأحمد: لَا بُد من أجل لَهُ وَقع فِي الثّمن يخْتَلف الثّمن

(1/411)


لأَجله، وَاخْتلفَا فِي مِقْدَاره.
فَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ: أَقَله خَمْسَة عشر يَوْمًا.
وَقَالَ أَحْمد: أَقَله الشَّهْر والشهران.
وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز السّلم فِي الْحَيَوَان.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز.
وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز السّلم فِي أَطْرَاف الْحَيَوَان كالأكارع والرؤوس والجلود.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز.
وَقَالَ مَالك وَأحمد: يجوز.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ.
وَاخْتلفُوا فِي السّلم فِي الْخبز، فَمنع مِنْهُ.
أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَأَجَازَهُ مَالك وَأحمد.
وَاخْتلفُوا فِيمَا أَصله الْكَيْل هَل يجوز أَن يسلم فِيهِ وزنا؟ وَمَا أَصله الْوَزْن هَل يجوز أَن يسلم فِيهِ كَيْلا؟

(1/412)


فَأجَاز ذَلِك أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد.
وَاخْتلفُوا فِي الشّركَة فِي السّلم وَالتَّوْلِيَة فِيهِ قبل قَبضه.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز.
وَقَالَ مَالك: يجوز.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز السّلم فِي الْجَوَاهِر.
إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ يجوز السّلم عِنْده فِي ذَلِك.

بَاب التسعير والاحتكار

اتَّفقُوا على كَرَاهِيَة التسعير للنَّاس وَأَنه لَا يجوز.
وَقَالَ مَالك: إِذا حط أحد أهل السُّوق فِي السّفر حطا ليستدعي بِهِ الزيوت إِلَيْهِ ويضر بِأَهْل السُّوق أَو زَاد فِي السّعر زِيَادَة لَا يزيدها غَيره.
قيل لَهُ: إِمَّا أَن تلْحق بِأَهْل السُّوق أَو تنعزل عَنْهُم.
وَاتَّفَقُوا على كَرَاهِيَة الاحتكار.
وَاخْتلفُوا فِي صفته.

(1/413)


فَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْمَمْنُوع مِنْهُ أَن يبْتَاع طَعَاما من مصر أَو من مَكَان قريب من الْمصر يحمل طَعَامه إِلَيْهِ الْمصر وَذَلِكَ مصر صَغِير يضر بِهِ هَذَا.
فَأن كَانَ مصرا كَبِيرا لَا يتَضَرَّر بذلك وَلم يمْنَع مِنْهُ.
وَقَالَ مَالك: لَا يجوز احتكار مَا يُفِيد بِالْمُسْلِمين فِي أسواقهم من الطَّعَام وَغَيره.
كَذَلِك ذكره الحلاب مُطلقًا من غير تَقْيِيد بصغر الْمصر وَلَا كبيره.
وَقَالَ أَحْمد: هُوَ أولى أَن يَشْتَرِي الطَّعَام من الْمصر وَيمْتَنع من بَيْعه وَيكون ذَلِك مضرا بِأَهْل الْمصر سَوَاء كَانَ الْمصر كَبِيرا أَو صَغِيرا، أَو كَانَ الجلب بَعيدا مِنْهُ أَو قَرِيبا.
وَقَالَ الشَّافِعِي: صفة الاحتكار أَن يَشْتَرِي من الطَّعَام مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي حَال ضيقه وغلائه على النَّاس فيحبسه عَنْهُم فَأَما إِذا اشْترى فِي حَال سعته وحبسه ليزِيد أَو كَانَ لَهُ طَعَام من زرعه فحبسه جَازَ مَا لم يكن بِالنَّاسِ ضَرُورَة.

(1/414)