اختلاف
الأئمة العلماء كتاب الْغَصْب
اتَّفقُوا على أَن الْغَصْب حرَام وَأَن الْغَصْب أَخذ بعدوان وقهر.
قَالَ الله عز وَجل {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي
الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة
غصبا}
وَاتَّفَقُوا على إِنَّه يجب على الْغَاصِب رد الْمَغْصُوب إِن كَانَت عينه
قَائِمَة، وَلم يخف من نَزعهَا إِتْلَاف نفس.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْعرُوض وَالْحَيَوَان وكل مَا كَانَ غير مَكِيل أَو
مَوْزُون يضمن إِذا غصب أَو تلف بِقِيمَتِه.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْمكيل وَالْمَوْزُون إِذا غصب وَتلف ضمن بِمثلِهِ،
إِذا وجد مثله.
إِلَّا فِي أحدى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَنه يضمنهُ بِقِيمَتِه.
(2/12)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا زَاد الْمَغْصُوب
فِي بدنه أَو بتَعَلُّم صناعَة ثمَّ نقصت فِي يَد الْغَاصِب.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يضمن هَذِه الزِّيَادَة.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يَأْخُذهُ صَاحبه، وَيَأْخُذ من الْغَاصِب
قيمَة مَا زَاد.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا غصب أمه فَوَطِئَهَا، أَن عَلَيْهِ الْحَد
وَيجب عَلَيْهِ ردهَا إِلَى مَالِكهَا وارش مَا نَقصهَا الوطىء إِلَّا
أَبَا حنيفَة فَإِن قِيَاس مذْهبه أَنه يجب الْحَد عَلَيْهِ وَلَا إرش
عَلَيْهِ.
فَإِن أولدها وَجب عَلَيْهِ رد أَوْلَادهَا وَكَانُوا رَقِيقا للْمَغْصُوب
مِنْهُ وارش مَا نَقصهَا الْولادَة.
إِلَّا أَبَا حنيفَة ومالكا فَإِنَّهُمَا قَالَا: إِن جبر الْوَلَد مَا
نقصتها الْولادَة سد ذَلِك بذلك فَإِن بَاعهَا الْغَاصِب من آخر
فَوَطِئَهَا الثَّانِي وَهُوَ يعلم أَنَّهَا مَغْصُوبَة فأولدها، ثمَّ
اسْتحقَّت فَإِنَّهَا ترد إِلَى مَالِكهَا أَيْضا وَمهر مثلهَا ويفدي
الثَّانِي أَوْلَاده بمثلهم وَيَكُونُونَ أحرارا وَيرجع بذلك كُله على
الْغَاصِب عِنْد أَحْمد وَالشَّافِعِيّ.
إِلَّا أَن الشَّافِعِي قَالَ: يفْدي أَوْلَاده بقيمتهم لَا بمثلهم.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجب عَلَيْهِ - يَعْنِي الواطىء - الْعقر ويفدي
أَوْلَاده بقيمتهم
(2/13)
لَا بأمثالهم، وهم أَحْرَار بردهَا إِلَى
مَالِكهَا وَيرجع بِقِيمَة الْوَلَد وَالثمن على الْغَاصِب وَلَا يرجع
بالعقر عَلَيْهِ.
وَقَالَ مَالك: إِذا اشْتَرَاهَا من يَد الْغَاصِب فاستولدها ثمَّ
اسْتحقَّت من يَده فمستحقها بِالْخِيَارِ بَين أَن يَأْخُذهَا وَيَأْخُذ
قيمَة وَلَدهَا وَلَا يسْتَحق غير ذَلِك لَا مهر وَلَا أرش أَو يُجِيز
البيع وَيَأْخُذ قيمَة الْوَلَد. هَذَا قَول مَالك الأول وَعَلِيهِ جَمِيع
أَصْحَابه، ثمَّ نقل عَن مَالك الرُّجُوع عَن ذَلِك فَقَالَ: يَأْخُذ قيمَة
الْوَلَد وَقِيمَة الْأُم فعلى القَوْل الأول إِذا أَخذهَا وَقِيمَة
الْوَلَد فَإِنَّهُ يرجع على الْغَاصِب بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَة الْوَلَد
لِأَن الْوَلَد لَيْسَ من جِنَايَة الْغَاصِب وعَلى الرِّوَايَة
الثَّانِيَة هُوَ مُخَيّر بَين أَن يرجع بأوفى الغرمين من قيمتهَا أَو
الثّمن وَالْولد حر على كل حَال.
وَاخْتلفُوا فِيمَن فَقَأَ عين فرس. فَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِيهَا ربع
الْقيمَة وَفِي الْعَينَيْنِ جَمِيع الْقيمَة وَترد على الْجَانِي مَعِيبَة
إِن اخْتَار الْمَالِك الْقيمَة.
(2/14)
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَيْسَ
فِيهَا شَيْء مُقَدّر بل مَا نقص.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: فِيهَا ربع الْقيمَة، وَفِي
الْعَينَيْنِ مَا نقص، وَالْأُخْرَى فِي الْجَمِيع مَا نقص كمذهب مَالك
وَالشَّافِعِيّ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا جنا رجل على عبد جِنَايَة توجب قِيمَته كَقطع
الْيَدَيْنِ.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لصَاحب العَبْد إِمْسَاكه وَأخذ
قِيمَته من الْجَانِي.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْمولي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ سلم العَبْد إِلَى
الْجَانِي وَأخذ قِيمَته مِنْهُ، وَإِن شَاءَ أمْسكهُ هُوَ وَلَيْسَ على
الْجَانِي حِينَئِذٍ شَيْء.
وَاخْتلفُوا فِي مَنَافِع الْغَصْب.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ غير مضمونه. وَعَن مَالك رِوَايَات،
إِحْدَاهُنَّ: وجوب الضَّمَان فِي الْجُمْلَة، وَالثَّالِثَة التَّفْرِقَة
بَين مَا إِذا كَانَت دَارا فسكنها الْغَاصِب بِنَفسِهِ لم يقمن وَإِن
أكراها ضمن وعَلى ذَلِك إِن كَانَت حَيَوَانا فَرَكبهُ لم يضمن كالعقار
وَإِن أكراه ضمن. وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لَا يجب الضَّمَان فِي الْحَيَوَان
جمله فَأَما إِذا كَانَ قصد الْغَاصِب الْمَنَافِع لَا الْأَعْيَان وَنَحْو
الَّذين يسخرون دَوَاب النَّاس فَإِنَّهُ يُوجب ضَمَان الْمَنَافِع على
غاصبها رِوَايَة وَاحِدَة مَعَ كَون الْمَالِك مُخَيّر بَين إِلْزَام
الْغَاصِب بِقِيمَة أصل الْعين كملا أَو تضمين الْمَنَافِع ورد الْعين.
(2/15)
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر
الرِّوَايَتَيْنِ: هِيَ مَضْمُونَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَن غصب عقارا فَتلف فِي يَده، إِمَّا بهدم أَو غشيان أَو
سيل أَو حريق. فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يضمن الْقيمَة، وَرَأى
أَبُو حنيفَة أَنه إِذا لم يكن ذَلِك بِكَسْبِهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا غصب أَرضًا فزرعها وأدركها رَبهَا قبل أَن يَأْخُذ
الْغَاصِب الزَّرْع.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُ إِجْبَاره على الْقلع.
وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ وَقت الزَّرْع لم يفت. فللمالك إِجْبَار
الْغَاصِب على قلعه وَإِن كَانَ وَقت الزَّرْع قد فَاتَ فَعَنْهُ
رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: لَهُ قلعه، وَالثَّانيَِة: لَيْسَ لَهُ قلعة،
وَله أُجْرَة الأَرْض وَهِي الْمَشْهُورَة.
وَقَالَ أَحْمد: إِن شَاءَ صَاحب الأَرْض أَن يقر الزَّرْع فِي أرضه
للْغَاصِب إِلَى وَقت الْحَصاد وَله أُجْرَة الأَرْض وَمَا نَقصهَا
الزَّرْع وَلَيْسَ لَهُ إِجْبَاره على قلعه بِغَيْر عوض، وَإِن شَاءَ رفع
إِلَيْهِ قيمَة الزَّرْع وَكَانَ الزَّرْع لصَاحب الأَرْض وَعنهُ فِيمَا
يدْفع
(2/16)
إِلَيْهِ من قيمَة الزَّرْع أَو قدر مَا
أنْفق على الزَّرْع رِوَايَتَانِ.
وَاخْتلفُوا فِي الْغَاصِب إِذا غير الْمَغْصُوب عَن صفته بِحَيْثُ يَزُول
الإسم وَأكْثر الْمَنَافِع الْمَقْصُورَة نَحْو أَن يغصب شاه فيذبحها أَو
يشويها أَو يطبخها أَو حنطه فيطبخها.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَنْقَطِع حق الْمَغْصُوب مِنْهُ بذلك وَيجب على
الْغَاصِب أَن يتَصَدَّق بهَا لِأَنَّهُ ملكهَا ملكا حَرَامًا.
وَقَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ، عَن أَحْمد: لَا
يَنْقَطِع حق الْمَغْصُوب مِنْهُ بذلك وَهِي لمَالِكهَا وَيلْزم الْغَاصِب
أرش النَّقْص.
وَقد رُوِيَ عَن أَحْمد كمذهب أبي حنيفَة.
وَقَالَ مَالك: الْمَالِك مُخَيّر بَين أَن يَأْخُذ بالأعيان الْمَوْجُودَة
وَلَا شَيْء لَهُ سواهَا وَبَين أَن يغرمه الْقيمَة أَكثر مَا كَانَت.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا فتح القفص عَن الطَّائِر فطار أَو حل عقال
الْبَعِير فشرد.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: ضَمَان عَلَيْهِ على كل حَال سَوَاء أخرج عَقِيبه
أَو متراخيا.
(2/17)
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ: فِي الْقَدِيم
لَا ضَمَان
وَقَالَ مَالك وَأحمد: عَلَيْهِ الضَّمَان مُطلقًا سَوَاء أخرج عَقِيبه أَو
متراخيا.
وَعَن الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد: إِنَّه إِن طَار عقيب الْفَتْح وَجب
الضَّمَان، وَإِن وقف ثمَّ طَار لم يضمن.
وَاخْتلفُوا على أَنه من غصب ساحة فَأدْخلهَا فِي مركبه وطالبه بهَا
مَالِكهَا وَهُوَ فِي اللجة أَنه لَا يجب قلعهَا. ويحكى عَن الشَّافِعِي
أَنه قَالَ: يُؤمر بِأَن يرس بأقرب المراس عِنْده، ثمَّ يرد الساحة إِلَى
مَالِكهَا.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا غصب ساحة فَبنى عَلَيْهَا فَإِنَّهُ ينقص
الْبَانِي بناه وَيرد الساحة إِلَى مَالِكهَا.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَن غصب أُجْرَة فَأدْخلهَا فِي بنائِهِ.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: أَنه يجب عَلَيْهِ نقضهَا ورد عينهَا
إِلَى مَالِكهَا.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزمه قيمتهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ نقض الْبناء.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا غصب خيطا فخيط بِهِ جرحه فخاف على نَفسه التّلف
إِن هُوَ نَزعه أَنه لَا يلْزمه سوى الْقيمَة لأجل الْخَوْف على النَّفس.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وهب الْغَاصِب مَا غصب فَتلف فِي يَد الْمَوْهُوب
لَهُ.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يضمن أَيهمَا شَاءَ إِلَّا أَنه إِن
ضمن الْمَوْهُوب لَهُ رَجَعَ على الْغَاصِب.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: أَيهمَا ضمن لم يرجع على الآخر.
(2/18)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أراق على ذمِّي
خمرًا أَو قتل خنزيرا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا ضَمَان عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يضمن.
(2/19)
كتاب الشُّفْعَة
وَاتَّفَقُوا على أَن الشُّفْعَة تجب للخليط.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا طرقت الطّرق وحدت الْحُدُود فَهَل يسْتَحق
الشُّفْعَة بالجوار؟
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا شُفْعَة بالجوار.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تجب الشُّفْعَة.
قَالَ اللغويون: وَالشُّفْعَة معروفه عِنْد الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة،
فَقَالَ القتببي: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادَ بيع منزل
أَو حَائِط أَتَاهُ الْجَار وَالشَّرِيك والصاحب يشفع إِلَيْهِ فِيمَا
بَاعَ فيشفعه وَجعله أولى بِهِ مِمَّن بعد مِنْهُ فسميت شفعه وَسمي طالبها
شَفِيعًا.
(2/20)
وَاخْتلفُوا مَتى يسْتَحق الشَّفِيع
الشُّفْعَة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يثبت عِنْد البيع للشَّفِيع حق الطّلب فَإِن طلب
وَقت علمه بِالْبيعِ.
وَمن المُشْتَرِي وَكم الثّمن وَحضر عِنْد المُشْتَرِي أَو عِنْد الْعقار
وَأشْهد عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ أَو عِنْد البَائِع إِن كَانَ الْمَبِيع فِي
حَقه اسْتَقر حَقه وَتثبت لَهُ ولَايَة الْأَخْذ والنسخ وَلَا يملك
الْمَبِيع إِلَّا بِالْأَخْذِ إِمَّا بِتَسْلِيم المُشْتَرِي أَو بِحكم
الْحَاكِم، فَإِن رَضِي بِالْبيعِ لم يثبت لَهُ حق.
وَهل يكون طلبَهَا على الْفَوْر أَو على التَّرَاخِي؟
وَاخْتلف عَن أبي حنيفَة على رِوَايَتَيْنِ، أحداهما: على الْفَوْر حَتَّى
إِن علم وَسكت هنيهة وَطلب فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك، وَفِي الرِّوَايَة
الْأُخْرَى: مَا دَامَ قَاعِدا فِي ذَلِك الْمجْلس فَلهُ أَن يُطَالب
بِالشُّفْعَة مَا لم يُؤْخَذ مِنْهُ مَا يدل على الْإِعْرَاض من الْقيام
أَو الِاشْتِغَال بشغل آخر.
(2/21)
وَاخْتلف عَن مَالك فِي انقطاعها للحاضر
على رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهمَا: أَنَّهَا تَنْقَطِع بعد سنة، وَالْأُخْرَى
أَنَّهَا لَا تَنْقَطِع إِلَّا بِأَن يَأْتِي عَلَيْهِ من الزَّمَان مَا
يعلم أَنَّهَا تَارِك لَهَا، فَأَما طلبَهَا عِنْده فعلى التَّرَاخِي.
وَاخْتلف أَقْوَال الشَّافِعِي فِي ذَلِك، فَقَالَ فِي الْقَدِيم: إِنَّهَا
على التَّرَاخِي، لَا تسْقط أبدا حَتَّى يُسْقِطهَا صَاحبهَا بِالْعَفو
صَرِيحًا أَو مَا يدل على الْعَفو. وَقَالَ فِي الْجَدِيد: أَنَّهَا على
الْفَوْر، فَمَتَى أخر ذَلِك من غير عذر فَلَا شفعه لَهُ وَإِن طَالب فِي
الْمجْلس وَهَذَا هُوَ الَّذِي ينصره أَصْحَابه.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه يقدر بِثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن مَضَت فَلم
يُطَالب بهَا سَقَطت.
وَالْقَوْل الرَّابِع: إِن حَقه ثَابت إِلَى أَن يرفعهُ المُشْتَرِي إِلَى
الْحَاكِم ليجبره على الْأَخْذ أَو الْعَفو. وَاخْتلف عَن أَحْمد فَروِيَ
عَنهُ: هِيَ على الْفَوْر فَمَتَى لم يُطَالب بهَا فِي الْحَال سَقَطت.
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: أَنَّهَا موقته بِالْمَجْلِسِ.
وَالثَّالِثَة: أَنَّهَا على التَّرَاخِي فَلَا تبطل أبدا حَتَّى يعْفُو
أَو تطالب.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كَانَ الشَّفِيع غَائِبا فَلهُ إِذا قدم
الْمُطَالبَة بِالشُّفْعَة.
(2/22)
وَلَو تنَاول الْمَبِيع جمَاعَة وَكَذَلِكَ
الصَّغِير إِذا كبر وَهَذَا إِذا طَالب وَقت علمه أَو أشهد على نَفسه
بالمطالبة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بنى المُشْتَرِي فِي الشّقص الْمَشْفُوع ثمَّ
أستحق عَلَيْهِ بِالشُّفْعَة.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: للشَّفِيع أَن يُعْطِيهِ قيمَة
بنائِهِ إِلَّا أَن يَشَاء المُشْتَرِي أَن يَأْخُذ بنائِهِ فَلهُ ذَلِك
إِذا لم يكن فِيهِ ضَرَر، وَلَيْسَ لَهُ إِجْبَار المُشْتَرِي على الْقلع.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: للشَّفِيع إِجْبَار المُشْتَرِي على قلع بنائِهِ.
وَاخْتلفُوا هَل يجوز الاحتيال لإِسْقَاط الشُّفْعَة مثل أَن يَبِيع سلْعَة
مَجْهُولَة عِنْد من يرى ذَلِك مسْقطًا للشفعة، أَو بِأَن يقر لَهُ بِبَعْض
الْملك ثمَّ يَبِيعهُ الْبَاقِي.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُ ذَلِك.
وَقَالَ مَالك وَأحمد لَيْسَ لَهُ ذَلِك.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَت دَار بَين جمَاعَة، وهم ذُو سِهَام
مُتَفَاوِتَة فَبيع مِنْهَا حِصَّة فَهَل تكون الشُّفْعَة فِيهَا على قدر
السِّهَام أَو على عدد الرؤوس؟
(2/23)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: أَنَّهَا على قدر
الرؤوس.
وَقَالَ مَالك هِيَ على قدر السِّهَام.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ.
وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
وَاخْتلفُوا فِي عُهْدَة الشَّفِيع هَل هِيَ على البَائِع أم على
المُشْتَرِي؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: على المُشْتَرِي.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ على المُشْتَرِي سَوَاء أَخذه
من يَد البَائِع أَو من يَد المُشْتَرِي.
وَاخْتلفُوا هَل تورث الشُّفْعَة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تورث وَإِن كَانَ الْمَيِّت طَالب بهَا إِلَّا
أَن يكون الْحَاكِم حكم لَهُ بهَا ثمَّ مَاتَ.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: تورث بِكُل حَال.
وَقَالَ أَحْمد: لَا تورث إِلَّا أَن يكون الْمَيِّت طَالب بهَا.
وَاخْتلفُوا هَل للذِّمِّيّ شُفْعَة على الْمُسلم؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: لَهُ الشُّفْعَة. وَقَالَ
أَحْمد: لَيْسَ لَهُ شُفْعَة على الْمُسلم.
وَاخْتلفُوا هَل تثبت الشُّفْعَة فِيمَا لَا يَنْقَسِم كالرحى وَالْحمام؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تثبت.
(2/24)
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا تثبت.
وأختلف عَن مَالك وَأحمد على رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهمَا: لَا تثبت،
وَالْأُخْرَى: تثبت.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ بِثمن مُؤَجل، فَهَل يَأْخُذهُ الشَّفِيع
بِثمن حَال أَو مُؤَجل؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي قَوْله الْجَدِيد: يَأْخُذهُ
بِثمن حَال أَو يصبر حَتَّى يَنْقَضِي الْأَجَل.
وَقَالَ فِي الْقَدِيم: يَأْخُذهُ بِثمن مُؤَجل فِي الْحَال وَإِلَّا
يتْرك.
وَعَن الشَّافِعِي قَول ثَالِث: أَنه يَأْخُذهُ سلعه تَسَاوِي الثّمن إِلَى
ذَلِك الْأَجَل.
وَقَالَ مَالك وَأحمد: إِن كَانَ مَلِيًّا ثِقَة أَخذه بِالثّمن الْمُؤَجل
وَإِن لم يكن مَلِيًّا ثِقَة أَتَى بكفيل ملي ثِقَة فيكفله ثمَّ يَأْخُذهُ
بِالثّمن الْمُؤَجل.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْترى شِقْصا وَوَقفه.
فَهَل يسْقط الشُّفْعَة فِيهِ؟
(2/25)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي
الْمَشْهُور عَنهُ وَالشَّافِعِيّ: لَا تسْقط الشُّفْعَة، وَزَاد أَبُو
حنيفَة بِأَن قَالَ: وَلَو جعله مَسْجِدا لم يسْقط الشُّفْعَة، وَقَالَ
مَالك فِي إِحْدَى روايتيه وَأحمد: تسْقط الشُّفْعَة.
وَاخْتلفُوا فِي الْمَوْهُوب والمتصدق بِهِ هَل يثبت فِيهِ الشُّفْعَة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة.
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: تثبت الشُّفْعَة فِيهِ،
وَالْأُخْرَى: تسْقط.
(2/26)
|