اختلاف
الأئمة العلماء كتاب الْجِنَايَات
بَاب الْقصاص
اتَّفقُوا على من قتل نفسا مُؤمنَة مكافئه لَهُ فِي الْحُرِّيَّة وَلم يكن
الْمَقْتُول ابْنا للْقَاتِل، وَكَانَ فِي قَتله لَهُ مُتَعَمدا
مُتَعَدِّيا بِغَيْر تَأْوِيل وَاخْتَارَ الولى الْقَتْل فَإِنَّهُ يجب
لقَوْل الله عز وَجل {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة}
وَاتَّفَقُوا على أَن السَّيِّد إِذا قتل عبد نَفسه فَإِنَّهُ لَا يقتل
بِهِ، وَلَو كَانَ مُتَعَدِّيا.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل مُسلم ذِمِّيا أَو معاهدا.
فَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد: لَا يقتل الْمُسلم بِوَاحِد مِنْهُمَا
إِلَّا أَن مَالِكًا اسْتثْنى فَقَالَ: إِن قتل الْمُسلم ذِمِّيا أَو
معاهدا أَو مستأمنا كتابيا أَو غير كتابي غيلَة قتل حتما، وَلَا يجوز
للْوَلِيّ الغفر لِأَنَّهُ يغلق قَتله بالافتيات على الْأَمَام.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقتل الْمُسلم بقتل الذِّمِّيّ وَلَا يقتل الْمُسلم
بالمستأمن.
(2/218)
وَاخْتلفُوا فِي الْحر يقتل عبد غَيره.
فَقَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: لَا يقتل بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقتل بِهِ.
وَاتَّفَقُوا على أَن الابْن إِذا قتل أحد أبوية قتل بِهِ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل الْأَب أبنه.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يقتل بِهِ.
وَقَالَ مَالك: يقتل بِهِ إِذا كَانَ قَتله لَهُ بِمُجَرَّد الْقَصْد
كاضجاعه وذبحه، فَإِن حذفه بِالسَّيْفِ غير قَاصد لقَتله فَلَا يقتل بِهِ
وَالْحَد فِي ذَلِك عِنْده كَالْأَبِ.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَافِر يقتل بقتل الْمُسلم، وَأَن العَبْد يقتل
بقتل الْحر.
وَاتَّفَقُوا على أَن الرجل يقتل بقتل الْمَرْأَة، وَالْمَرْأَة تقتل
بِالرجلِ، وَالْعَبْد بِالْعَبدِ.
(2/219)
وَاخْتلفُوا هَل يجْرِي الْقصاص بَين الرجل
وَالْمَرْأَة فِيمَا دون النَّفس، وَبَين العبيد بَعضهم على بعض.
فَقَالُوا يجْرِي بَينهم، إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا
يجْرِي.
وَاخْتلفُوا فِي الْجَمَاعَة يشتركون فِي قتل الْوَاحِد.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة: تقتل الْجَمَاعَة
بِالْوَاحِدِ إِلَّا أَن مَالِكًا اسْتثْنى الْقسَامَة من ذَلِك فَقَالَ:
لَا يقتل بالقسامة إِلَّا وَاحِد.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، أَحدهمَا: تقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ كمذهب
الْجَمَاعَة وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ، وَالْأُخْرَى: لَا تقتل
الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ وَتجب الدِّيَة دون الْقود.
وَاخْتلفُوا هَل تقطع الْأَيْدِي بِالْيَدِ.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: تقطع الْأَيْدِي بِالْيَدِ. وَقَالَ
أَبُو حنيفَة: لَا تقطع وَتُؤْخَذ دِيَة الْيَد من القاطعين بالسواء.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قَتله بالمثقل كالخشبة الَّتِي فَوق عَمُود
الْفسْطَاط وَالْحجر الْكَبِير الَّذِي الْغَالِب فِي مثله أَنه يقتل.
(2/220)
فَقَالُوا: يجب الْقصاص بذلك، إِلَّا أَبَا
حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يجب الْقصاص إِلَّا بالمحدد أَو مَا عمل عمله
فِي الْجراح فَأَما إِن ضربه فاسود الْموضع أَو كسر عِظَامه
فِي دَاخل الْجِسْم فَعَنْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَاخْتلفُوا فِي عمد الْخَطَأ وَهُوَ أَن يتَعَمَّد الْفِعْل ويخطئ فِي
الْقَصْد مثل أَن يُكَرر الضَّرْب بِسَوْط مثله لَا يقتل غَالِبا، أَو
يلكزه أَو يلطمه، فَفِي هَذِه الدِّيَة دون الْقود عِنْد أبي حنيفَة
وَالشَّافِعِيّ وَأحمد.
إِلَّا أَن الشَّافِعِي قَالَ: إِن كرر الضَّرْب حَتَّى يَمُوت فَعَلَيهِ
الْقود.
وَقَالَ مَالك: فِيهِ الْقود. وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أكره رجل رجلا على
قتل آخر.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجب الْقَتْل على الْمُكْره دون الْمُبَاشر.
وَقَالَ أَحْمد: يقتل الْمُكْره وَالْمكْره.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يقتل الْمُكْره وَفِي الْمُكْره قَولَانِ.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا شهد بِالْقَتْلِ شُهُود وَلم يرجع الشُّهُود
عَن شَهَادَتهم إِن ذَلِك نَافِذ يعْمل بِهِ.
(2/221)
وَاخْتلفُوا فِي صفة الْمُكْره.
فَقَالَ مَالك: إِن كَانَ الْمُكْره سُلْطَانا أَو متغلبا أَو سيدا مَعَ
عَبده أقيد مِنْهُمَا جَمِيعًا، إِلَّا أَن يكون العَبْد أعجميا جَاهِلا
بِتَحْرِيم ذَلِك فَلَا يجب عَلَيْهِ الْقود.
وَقَالَ الْبَاقُونَ: يَصح الْإِكْرَاه من كل يَد عَادِية.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا رَجَعَ الشُّهُود بعد اسْتِيفَاء الْقصاص
وَقَالُوا تعمدنا أَو جَاءَ الْمَشْهُود بقتْله حَيا.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا قَود عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِمَا الدِّيَة
مُغَلّظَة.
وَقَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ: عَلَيْهِمَا الْقصاص.
وَقَالَ مَالك: يجب الْقصاص وَهُوَ الْمَشْهُور عَنهُ.
وَاتَّفَقُوا على أَنهم إِذا رجعُوا بعد اسْتِيفَاء الْقصاص وَقَالُوا:
أَخْطَأنَا، أَنه لَا يجب عَلَيْهِم الْقصاص، وَإِنَّمَا يجب الدِّيَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أمسك رجل رجلا ليَقْتُلهُ آخر فَقتله.
(2/222)
فَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة:
الْقود على الْقَاتِل دون الممسك وَلم يوجبا على الممسك شَيْئا إِلَّا
التعزيز من غير حبس إِلَّا أَن الفوراني أَبَا الْقَاسِم حكى فِي
الْإِبَانَة لَهُ عَن مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه ينظر فَإِن كَانَ أمسك حرا
فَلَا يضمن الممسك شَيْئا، وَإِن كَانَ امسك عبدا ضمن قِيمَته ثمَّ رَجَعَ
هُوَ على الْقَاتِل بِمَا غرم لِأَن العَبْد يضمن بغضب يَعْنِي أَنه مَال.
وَقَالَ مَالك: إِذا أمْسكهُ عَامِد ليَقْتُلهُ رجل فَقتله عَامِدًا كَانَا
شَرِيكَيْنِ فِي قَتله فَيجب الْقود عَلَيْهِمَا إِن كَانَ الْقَاتِل لَا
يُمكنهُ قَتله إِلَّا بالإمساك وَكَانَ الْمَقْتُول لَا يقدر على الْهَرَب
بعد الْإِمْسَاك.
وَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى روايتيه: يقتل الْقَاتِل وَيحبس الممسك حَتَّى
يَمُوت، وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى: يقتلان جَمِيعًا على الْإِطْلَاق.
وَاخْتلفُوا فِي الْوَاجِب بقتل الْعمد هَل هُوَ شَيْء معِين أم هُوَ أحد
شَيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِه؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: الْوَاجِب
فِيهِ الْقود، وَالرِّوَايَة
(2/223)
الْأُخْرَى عَن مَالك: التَّخْيِير بَين
الْقود وَالدية
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ، أَحدهمَا أَن الْوَاجِب أَحدهمَا لَا
بِعَيْنِه، وَالثَّانِي: أَن الْقصاص هُوَ الْوَاجِب عينا، وَله الْعُدُول
على هَذَا القَوْل إِلَى الدِّيَة من غير رضى الْجَانِي.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
فَائِدَة الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِذا عفى مُطلقًا سَقَطت
الدِّيَة، إِلَّا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي، وَمن
قَالَ: أَن الْوَاجِب أحد شَيْئَيْنِ فَمَتَى عفى مُطلقًا ثَبت لَهُ
الدِّيَة إِلَّا فِي أحد وَجْهي الشَّافِعِيَّة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا عفى الْوَلِيّ عَن الدَّم عادلا عَن الْقصاص إِلَى
أَخذ الدِّيَة بِغَيْر رضى الْجَانِي.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو على المَال إِلَّا برضى
الْجَانِي.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ ذَلِك على الْإِطْلَاق من غير تَقْيِيد
برضى الْجَانِي.
وَعَن مَالك كالمذهبين.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا عفى أحد الْأَوْلِيَاء من الرِّجَال سقط
الْقصاص وانتقل الْأَمر إِلَى الدِّيَة.
(2/224)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا عفت الْمَرْأَة من
الْأَوْلِيَاء.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يسْقط الْقود.
وَأما مَالك فَقَالَ عبد الْوَهَّاب فِي المعونة: اخْتلفت الرِّوَايَة عَن
مَالك فِي النِّسَاء هَل لَهُنَّ مدْخل فِي الدَّم أم لَا؟ فَعَنْهُ فِيهِ
رِوَايَتَانِ، أَحدهمَا لَهُنَّ فِيهِ مدْخل كالرجال إِذا لم يكن فِي
درجتهن عصبَة، وَالْأُخْرَى: أَنه لَا مدْخل لَهُنَّ. وَإِذا قَالَ لَهُنَّ
مدْخل فِي ذَلِك فَفِي أَي شَيْء لَهُنَّ مدْخل فِيهِ عَنهُ رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا: فِي الْقود دون الْعَفو، وَالثَّانيَِة: فِي الْعَفو دون
الْقود.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كَانَ الْأَوْلِيَاء حضورا بالغين وطالبوا لم
يؤخرا الْقصاص إِلَّا أَن يكون الْقَاتِل امْرَأَة وَتَكون حَامِلا يُؤَخر
الْقصاص حَتَّى تضع.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كَانَ الْأَوْلِيَاء صغَارًا أَو غيبا
فَإِنَّهُ يُؤَخر الْقصاص.
إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ فِي الصغار: إِن كَانَ لَهُم أَب
استوفى الْقصاص وَلم يُؤَخر فَإِن كَانَ فيهم صغَارًا أَو غيب أَو
مَجْنُون.
فَقَالُوا كلهم: أَن الْغَائِب يُؤَخر الْقصاص لأَجله حَتَّى يقدم.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الصَّغِير وَالْمَجْنُون.
(2/225)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يُؤَخر
الْقصاص لأجلهم.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يُؤَخر الْقصاص حَتَّى يفِيق الْمَجْنُون وَيكبر
الصَّغِير.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، أظهرهمَا: أَنه يُؤَخر، وَالْأُخْرَى: كمذهب
أبي حنيفَة وَمَالك.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْأَب لَيْسَ لَهُ أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص لوَلَده
الْكَبِير.
ثمَّ اخْتلفُوا هَل لَهُ أَن يَسْتَوْفِيه لِابْنِهِ الصَّغِير قبل
بُلُوغه؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَهُ ذَلِك سَوَاء كَانَ شَرِيكا لَهُ
فِيهِ، مثل أَن تقتل امْرَأَة وَلها زوج وَابْن مِنْهُ أَو لَا يكون
شَرِيكا مثل أَن تكون المقتولة الْمُطلقَة من زَوجهَا وَسَوَاء كَانَ فِي
النَّفس أَو فِي الطّرف.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر روايتيه: لَيْسَ لَهُ أَن
يَسْتَوْفِيه فِي جَمِيع الْحَالَات الْمَذْكُورَة.
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة وَمَالك.
وَاخْتلفُوا فِي الْوَاحِد يقتل جمَاعَة ثمَّ يطْلب أولياءهم الْقصاص أَو
الدِّيَة أَو بَعضهم هَذَا وَبَعْضهمْ هَذَا.
(2/226)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يجب
عَلَيْهِ إِلَّا الْقود لجماعتهم وَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء آخر سَوَاء طلب
بَعضهم الْقود وَبَعْضهمْ الدِّيَة أَو طلب جَمِيعهم الْقود.
وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن قتل وَاحِدًا بعد وَاحِد قتل بِالْأولِ وللباقين
الدِّيات، وَإِن قَتلهمْ فِي حَالَة وَاحِدَة أَقرع بَين أَوْلِيَاء
المقتولين فَمن خرجت لَهُ قرعَة قتل لَهُ وينتقل الْبَاقُونَ إِلَى
الدِّيَة سَوَاء طَالب الْجَمِيع بالقود وَرَضوا بِهِ أَو طَالب بَعضهم
بالقود وَبَعْضهمْ بِالدِّيَةِ لِأَن عِنْده أَن رَضِي الْجَمِيع بالقود
لَا يسْقط الْحق فِي الدِّيَة للمتأخر مِنْهُم.
وَقَالَ أَحْمد: إِذا قتل وَاحِد جمَاعَة فَحَضَرَ الْأَوْلِيَاء وطلبوا
الْقصاص قتل بجماعتهم وَلَا دِيَة عَلَيْهِ، وَإِن طَالب بَعضهم الْقود
وَبَعْضهمْ الدِّيَة قتل لمن طلب الْقصاص وَوَجَبَت الدِّيَة لمن طلب
الدِّيَة سَوَاء كَانَ الطَّالِب للدية ولي الْمَقْتُول أَولا أَو
ثَانِيًا، وَإِن طلبُوا الدِّيَة كَانَ لكل وَاحِد دِيَة كَامِلَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قطع يَمِين رجلَيْنِ وطلبا الْقصاص.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تقطع يَمِينه لَهما وَيُؤْخَذ مِنْهُ دِيَة يَد
أُخْرَى لَهما.
(2/227)
وَقَالَ مَالك: تقطع يَمِينه لَهما وَلَا
تلْزمهُ دِيَة.
وَقَالَ الشَّافِعِي: تقطع يَمِينه الأول وَيغرم الدِّيَة للثَّانِي إِن
كَانَ قطع وَاحِدَة بعد أُخْرَى وَإِن كَانَ الْقطع مَعًا أَقرع بَينهمَا
كَمَا قَالَ فِي النَّفْي وَكَذَا لَو قطعهمَا على التَّعَاقُب (واشتبهم)
الأول.
وَقَالَ أَحْمد: إِن طلبا الْقصاص قطع لَهما وَلَا دِيَة وَإِن طلب
أَحدهمَا الْقصاص وَالْآخر: الدِّيَة قطع لمن طلب الْقصاص وَأخذت الدِّيَة
للْآخر.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل مُتَعَمدا ثمَّ مَاتَ.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يسْقط الْقصاص وَتبقى الدِّيَة وَاجِبَة فِي
تركته لأولياء الْمَقْتُول.
بَاب السَّارِق
اتَّفقُوا على أَن الإِمَام إِذا قطع السَّارِق فسرى ذَلِك إِلَى نَفسه
فَإِنَّهُ لَا ضَمَان.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قطعه مستقص فسرى إِلَى نَفسه.
فَقَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: السَّرَايَة مَضْمُونَة تتحملها
الْعَاقِلَة، أَي عَاقِلَة الْمُقْتَص.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ضَمَان.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قطع ولي الْمَقْتُول يَد الْقَاتِل.
(2/228)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن عفى عَنهُ
الْوَلِيّ غرم دِيَة يَده وَإِن لم يعف عَنهُ لم يلْزمه شَيْء.
وَقَالَ مَالك: تقطع يَده بِكُل حَال إِن عفى عَنهُ الْوَلِيّ أَو لم يعف.
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا ضَمَان على الْقَاطِع وَلَا قصاص بِكُل حَال
سَوَاء عفى الْوَلِيّ عَنهُ أَو لم يعف.
وَقَالَ أَحْمد: تلْزمهُ دِيَة الْيَد فِي مَاله بِكُل حَال، عفى الْوَلِيّ
عَنهُ أَو لم يعف.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا تقطع يَمِين بيسار وَلَا يسَار بِيَمِين.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا تقطع الْيَد الصَّحِيحَة بِالْيَدِ الشلاء.
وَاخْتلفُوا هَل يَسْتَوْفِي الْقصاص فِيمَا دون النَّفس قبل الِانْدِمَال
أَو بعدة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يَسْتَوْفِي إِلَّا بعد
الِانْدِمَال.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يَسْتَوْفِي فِي الْحَال.
وَاخْتلفُوا فِيمَا يَسْتَوْفِي بِهِ الْقصاص من الْآلَة.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يكون الْقصاص إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَسَوَاء قتل
بِهِ أَو بِغَيْرِهِ.
(2/229)
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يقتل بِمثل مَا قتل بِهِ.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
وَاتَّفَقُوا على أَن من قتل فِي الْحرم جَازَ قَتله فِي الْحرم.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَن قتل خَارج الْحرم ثمَّ لَجأ إِلَيْهِ أَو وَجب
عَلَيْهِ الْقَتْل بِكفْر أَو ردة أَو زنا، ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم.
فَقَالَ أَحْمد وَأَبُو حنيفَة: لَا يقتل فِيهِ وَلَكِن يضيق عَلَيْهِ
وَلَا يُبَايع وَلَا يشارى حَتَّى يخرج مِنْهُ فَيقْتل.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يقتل فِيهِ. |