اختلاف
الأئمة العلماء بَاب الْعدة
اتَّفقُوا على أَن الْعدة لَازِمَة بالإقراء لمن تحيض.
وَاخْتلفُوا فِي الإقراء.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ الْحيض.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: هِيَ الْأَطْهَار.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: أَنَّهَا الْحيض.
وَأَجْمعُوا على أَن الْعدة للْأمة بالإقراء قرَان.
وَأَجْمعُوا فِي عدَّة الْأمة بالشهور.
فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة: هِيَ شهر وَنصف.
وَعَن الشَّافِعِي أَقْوَال ثَلَاثَة.
وَعَن أَحْمد رِوَايَات ثَلَاث أَيْضا.
على السوَاء، إِحْدَاهُنَّ: شَهْرَان، وَالثَّانيَِة: شهر وَنصف،
وَالثَّالِثَة: ثَلَاثَة أشهر.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا انْقَضتْ عدَّة الْأمة بالإقراء ثمَّ أَتَت بِولد
لسِتَّة أشهر.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يثبت نسبه.
(2/198)
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يثبت نسبه
مَا لم تتَزَوَّج أَو يمْضِي عَلَيْهَا أَربع سِنِين.
وَاتَّفَقُوا على أَن عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا إِذا لم تكن
حَامِلا أَرْبَعَة اشهر وَعشرا، وَلَا يعْتَبر فِيهَا وجود الْحيض إِلَّا
أَن مَالِكًا قَالَ: يعْتَبر فِي حق الْمَدْخُول بهَا إِذا كَانَت مِمَّن
تحيض وجود حَيْضَة فِي كل شهر فِي هَذِه الْمدَّة.
وَاخْتلفُوا فِي المبتوتة.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة.
وَعَن مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَهَا السُّكْنَى دون النَّفَقَة.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، رِوَايَة كقولهما، وَالثَّانيَِة: لَا سُكْنى
لَهَا وَلَا نَفَقَة إِلَّا أَن تكون حَامِلا وَهِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ.
وَاتَّفَقُوا على أَن عدَّة الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا
والمطلقة الْحَامِل أَن تضع حملهَا.
وَاخْتلفُوا فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَهِي فِي الْحَج.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزمهَا الْإِقَامَة على كل حَال إِن كَانَت فِي
بلد أَو مَا يُقَارِبه. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: إِذا خَافت
فَوَاته إِن جَلَست لقَضَاء الْعدة جَازَ لَهَا الْمُضِيّ فِيهِ.
(2/199)
وَاخْتلفُوا فِي الْمُطلقَة ثَلَاثًا هَل
عَلَيْهَا الْإِحْدَاد؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهَا الْإِحْدَاد.
وَقَالَ مَالك لَا إحداد عَلَيْهَا.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
وَاخْتلفُوا فِي الْبَائِن هَل لَهَا أَن تخرج من بَيتهَا نَهَارا
لحوائجها؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تخرج من بَيتهَا إِلَّا لعذر ملح.
وَقَالَ مَالك وَأحمد: يجوز لَهَا ذَلِك.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ: كالمذهبين.
وَاخْتلفُوا فِي زَوْجَة الْمَفْقُود.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد وَأحمد فِي إِحْدَى
روايتيه: لَا تحل للأزواج حَتَّى يمْضِي مُدَّة لَا يعِيش مثلهَا غَالِبا،
وَحدهَا أَبُو حنيفَة بمائه وَعشْرين سنة، وَحدهَا الشَّافِعِي وَأحمد
بتسعين سنة.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَأحمد فِي الرِّوَايَة
الْأُخْرَى: تَتَرَبَّص أَربع سِنِين وَهِي مُدَّة الْحمل، وَأَرْبَعَة
أشهر وَعشرَة مُدَّة عدَّة الْوَفَاة، ثمَّ تحل للأزواج.
(2/200)
وَاخْتلفُوا فِي صفة الْمَفْقُود الَّذِي
يجوز فسخ نِكَاحه بعد التَّرَبُّص مَا هِيَ؟
فَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَمَالك: جَمِيع الْفَقْد يُوجب
الْفَسْخ وَلَا فرق بَين أَن يَنْقَطِع بِسَبَب ظَاهِرَة الْهَلَاك أم
بغيرة فِي أَنَّهَا تَتَرَبَّص وتتزوج بعد التَّرَبُّص.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد: أَن الْمَفْقُود الَّذِي يندرس خبْرَة
وأثره وَغلب على الضن مَوته فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخ نِكَاحه حَتَّى تقوم
الْبَيِّنَة بِمَوْتِهِ، وَرجع على القَوْل بِأَنَّهَا تَتَرَبَّص أَربع
سِنِين ثمَّ تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة وتتزوج وَقَالَ: لَو قضى بِهِ قَاض
نقض قَضَاؤُهُ، لِأَن تَقْلِيد الصَّحَابَة لَا يجوز للمجتهد وللزوجة على
هَذَا القَوْل الْجَدِيد طلب النَّفَقَة من مَال الزَّوْج أبدا، فَإِن
تَعَذَّرَتْ كَانَ لَهَا الْفَسْخ بتعذر النَّفَقَة على أظهر
الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمد: هُوَ الَّذِي غالبه الْهَلَاك كَالَّذي يفقد بَين الصفين،
أَو يكون فِي مركب فيغرق وَيسلم قوم وَيهْلك قوم، فإمَّا إِن سَافر إِلَى
بلد فِي تِجَارَة وَانْقطع خَبره وَلم تعلم أَحَي هُوَ أم ميت؟ لم يجز
لَهَا أَن تتَزَوَّج حَتَّى يتَيَقَّن مَوته أَو يَأْتِي عَلَيْهِ زمَان
لَا يعِيش فِيهِ.
(2/201)
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْمَفْقُود هُوَ من
غَابَ وَلم يعلم لَهُ خبر سَوَاء أَكَانَ بَين الصفين أَو سَافر أَو ركب
الْبَحْر.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قدم الزَّوْج الأول وَقد تزوجت بعد التَّرَبُّص؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: العقد بَاطِل وَهِي زَوْجَة الأول، وَإِن كَانَ
الثَّانِي وَطئهَا فَعَلَيهِ مهر الْمثل لَا الْمُسَمّى، وَتعْتَد من
الثَّانِي، وَترد إِلَى الأول.
وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ الثَّانِي دخل بهَا فَهِيَ زَوجته وَيجب عَلَيْهِ
دفع الصَدَاق الَّذِي أصدقهَا إِلَى الأول، وَإِن كَانَ الثَّانِي لم يدْخل
بهَا فَهِيَ للْأولِ وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى رَوَاهَا عبد الْكَرِيم
أَنَّهَا للْأولِ بِكُل حَال.
وَقَالَ أَحْمد: إِن كَانَ لم يدْخل بهَا الثَّانِي فَهِيَ للْأولِ وَإِن
كَانَ قد دخل بهَا فَالْخِيَار للْأولِ بَين إِِمْسَاكهَا وَدفع الصَدَاق
إِلَيْهِ، وَبَين تَركهَا على نِكَاح الثَّانِي وَأخذ الصَدَاق الَّذِي
أصدقهَا مِنْهُ.
وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجوز قسْمَة مَاله، سوى مَالك وَالشَّافِعِيّ
فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا يقسم حَتَّى يتَيَقَّن مَوته.
وَاخْتلفُوا فِي عدَّة أم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا أَو أعْتقهَا؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة عدتهَا ثَلَاث حيض فِي حَال الْعتْق والوفاة مَعًا.
(2/202)
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: عدتهَا
حَيْضَة فِي الْحَالين.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ.
وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ، وَالْأُخْرَى: إِن عدتهَا من الْعتاق
بِحَيْضَة وَمن الْوَفَاة عدَّة الْوَفَاة.
وَاتَّفَقُوا على أَن أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي أَكْثَرهَا.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة سنتَانِ.
وَعَن مَالك رِوَايَات إِحْدَاهَا: سبع سِنِين، وَالْأُخْرَى: أَربع
سِنِين، وَالثَّالِثَة: خمس سِنِين.
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: أَربع سِنِين.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: كمذهب أبي حنيفَة، وَالْأُخْرَى:
كمذهب الشَّافِعِي وَهِي الْمَشْهُورَة عَنهُ.
وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَدَّة إِذا وضعت علقَة أَو مُضْغَة.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ: لَا
تَنْقَضِي عدتهَا بذلك وَلَا تصير أم ولد.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا تَنْقَضِي عدتهَا وَتصير أم ولد.
وَعَن أَحْمد مثله.
بَاب الرَّضَاع
اتَّفقُوا على أَن الرَّضَاع يحرم مِنْهُ مَا يحرم بِالنّسَبِ.
(2/203)
وَاتَّفَقُوا على أَن رضَاع الْكَبِير غير
محرم.
وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار الرَّضَاع الْمحرم.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: رضعة وَاحِدَة توجب التَّحْرِيم.
وَقَالَ الشَّافِعِي: الْمُوجب حِكْمَة للتَّحْرِيم خمس رَضعَات.
وَعَن أَحْمد رِوَايَات: الأولى كمذهب الشَّافِعِي، وَالثَّانيَِة:
وَاحِدَة، وَالثَّالِثَة: ثَلَاث رَضعَات تحرم.
وَاتَّفَقُوا على أَن التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ يثبت فِي سنتَيْن.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا زَاد على الْحَوْلَيْنِ.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: سنتَانِ وَنصف.
وَقَالَ مَالك: سنتَانِ وَأَيَّام يسيرَة وَلم يحدها.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يحرم الرَّضَاع إِلَّا فِي حَوْلَيْنِ
فَقَط.
(2/204)
وَاتَّفَقُوا على أَن تَحْرِيم الرَّضَاع
إِنَّمَا يجب بِهِ التَّحْرِيم إِذا كَانَ من لبن الْأُنْثَى سَوَاء كَانَت
بكرا أم ثَيِّبًا موطؤة أم غير موطؤة.
إِلَّا أَحْمد فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يمْنَع التَّحْرِيم عِنْده لبن
الْمَرْأَة بَان بهَا من الْحمل.
وَاتَّفَقُوا على أَن ذَلِك مَقْصُور على الأدميات وَإِن طلق وَلَو ارتضع
من لبن بَهِيمَة لم يثبت بَينهمَا أخوة الرَّضَاع.
وَاتَّفَقُوا على أَن الرجل لَو در لَهُ لبن فأرضع مِنْهُ لم يثبت بذلك
تَحْرِيم الرَّضَاع.
وَاتَّفَقُوا على أَنه يتَعَلَّق التَّحْرِيم بالسعوط والوجور.
إِلَّا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَنه لَا يثبت التَّحْرِيم
إِلَّا بِالرّضَاعِ من الثدي، واختارها عبد الْعَزِيز وَالْأُخْرَى
اخْتَارَهَا الْخرقِيّ.
وَاتَّفَقُوا على أَن الحقنة بِاللَّبنِ لَا تثبت الْحُرْمَة كالرضاع، سوى
مَا رُوِيَ عَن الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم أَنَّهَا تحرمه كالرضاع.
وَعَن مَالك نَحوه من رِوَايَة أَشهب عَنهُ.
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: إِن وَقع الْغذَاء بِهِ تثبت الْحُرْمَة.
وَاتَّفَقُوا على أَن اللَّبن الْخَالِص يحصل بِهِ حُرْمَة الرَّضَاع.
(2/205)
ثمَّ اخْتلفُوا فِي المشوب بِالْمَاءِ أَو
بِالطَّعَامِ مستهلك فِيهِ أَو غير مستهلك هَل يثبت بِهِ التَّحْرِيم؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا شيب اللَّبن بِالْمَاءِ أَو الْمَائِع فَكَانَ
غَالِبا حرم، فَأَما إِن شيب اللَّبن بِالطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا يحرم
بِحَال سَوَاء أَكَانَ غَالِبا أَو مَغْلُوبًا.
وَقَالَ مَالك: يحرم اللَّبن المشوب والمختلط مَا لم يستهلك فِيهِ فَإِن
خالط اللَّبن مَا اسْتهْلك اللَّبن فِيهِ من دَوَاء أَو طبيخ أَو غَيره
فَأَنَّهُ لَا يحرم عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه وَلم يُوجد نَص فِيهِ عَنهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يتَعَلَّق التَّحْرِيم بِاللَّبنِ المشوب
بِالطَّعَامِ وَالشرَاب إِذا سقته الْمَوْلُود خمس مَرَّات سَوَاء كَانَ
اللَّبن مُسْتَهْلكا أَو غَالِبا، وَهَذَا مَبْنِيّ من مَذْهَب أَحْمد على
الرِّوَايَة الَّتِي يَقُول فِيهَا: أَن التَّحْرِيم يتَعَلَّق بِخمْس
رَضعَات.
وَاتَّفَقُوا على أَن لبن الْفَحْل محرم وَهُوَ أَن ترْضع الْمَرْأَة
صَبِيه فَتحرم هَذِه الصبية على زوج الْمُرضعَة وآبائه وأبنائه وَيصير زوج
الْمُرضعَة أَبَا للرضيعة.
(2/206)
بَاب النَّفَقَات
اتَّفقُوا على أَن وجوب نَفَقَة الرجل على من يلْزمه نَفَقَته
كَالزَّوْجَةِ وَالْولد الصَّغِير وَالْأَب.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي نفقات الزَّوْجَات، هَل يعْتَبر بِحَال الزَّوْجَيْنِ
جَمِيعًا أَو بِتَقْدِير الشَّرْع؟
فَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يعْتَبر بِحَال الزَّوْجَيْنِ
جَمِيعًا فَيجب على الزَّوْج الْمُوسر لزوجته الموسرة نفقه الموسرين وعَلى
الْمُعسر لزوجته المعسرة نَفَقَة المعسرين وعَلى الْمُوسر للفقيرة نفقه
المتوسطين وعَلى الْفَقِير للموسرة أقل الْكِفَايَة وَالْبَاقِي فِي ذمَّته
وَلَيْسَت مقدرَة بِتَقْدِير مَحْدُود.
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: هِيَ مقدرَة لَا اجْتِهَاد فِيهَا،
وَهِي مُعْتَبرَة بِحَال الزَّوْج وَحده فعلى الْمُوسر مدان وعَلى
الْمُتَوَسّط مد وَنصف وعَلى الْمُعسر مد. وَاخْتلفُوا فِي الزَّوْجَة إِذا
احْتَاجَت أَن يخدمها زَوجهَا أَكثر من خَادِم.
(2/207)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَأحمد: لَا يلْزمه إِلَّا خَادِم وَاحِد وَإِن احْتَاجَت إِلَى أَكثر
مِنْهُ.
وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ: إِذا احْتَاجَت إِلَى خادمين فَأكْثر
لِكَثْرَة مَالهَا لزمَه ذَلِك، وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى كمذهب الْجَمَاعَة
حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ عَنهُ. وَاخْتلفُوا فِي نَفَقَة الصَّغِيرَة الَّتِي
لَا يُجَامع مثلهَا إِذا تزَوجهَا.
فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا نَفَقَة لَهَا.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ، أَحدهمَا: كمذهب الْجَمَاعَة، وَالْآخر: لَهَا
النَّفَقَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَت الزَّوْجَة كَبِيرَة وَالزَّوْج صَغِير لَا
يُجَامع مثله.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يجب عَلَيْهِ النَّفَقَة.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ، أَحدهمَا: يجب، وَالْآخر: لَا يجب.
وَاخْتلفُوا فِي الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ هَل يثبت للزَّوْجَة مَعَه
اخْتِيَار الْفَسْخ؟
(2/208)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يثبت لَهَا
بِالْفَسْخِ.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يثبت لَهَا الْفَسْخ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا مضى الزَّمَان هَل تسْقط النَّفَقَة بمضيه؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تسْقط بمضيه مَا لم يحكم بِهِ حَاكم أَو يتوافقا على
قدر مَعْلُوم فَيصير دينا باصطلاحهما.
وَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى روايتيه.
وَالشَّافِعِيّ وَمَالك: لَا تسْقط النَّفَقَة بِمُضِيِّ الزَّمَان.
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى: أَن النَّفَقَة السالفة لَا تملك
الْمُطَالبَة بهَا إِلَّا أَن يكون القَاضِي فَرضهَا لَهَا.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْمَرْأَة إِذا سَافَرت بِإِذن زَوجهَا فِي غير
وَاجِب عَلَيْهَا أَن نَفَقَتهَا تسْقط بذلك.
إِلَّا مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا تسْقط نَفَقَتهَا
بذلك.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا طلبت المبتوتة أُجْرَة مثلهَا فِي إِرْضَاع
وَلَدهَا.
(2/209)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ ثمَّ
مُتَطَوّع أَو من ترْضِعه بِدُونِ أُجْرَة الْمثل كَانَ للْأَب أَن يسترضع
غَيرهَا بِشَرْط أَن يكون الصَّغِير عِنْد الْأُم لِأَن الْحَضَانَة لَهَا.
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ، أَحدهمَا كمذهب أبي حنيفَة، وَالْأُخْرَى: أَن
الْأُم أولى بِكُل حَال.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه: هُوَ أَحَق وَإِن وجد الْأَب من يرضع
وَلَده بِأَقَلّ من ذَلِك أَو يتَبَرَّع بِالرّضَاعِ فَإِنَّهُ يجْبر على
أَن يُعْطِيهَا أُجْرَة مثلهَا.
وَعَن الشَّافِعِي قَول آخر كمذهب أَبى حنيفَة.
وَاتَّفَقُوا على أَن الْأُم لَا تجبر على إِرْضَاع وَلَدهَا بِحَال إِلَّا
مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: يجب على الْأُم إِرْضَاع وَلَدهَا مَا دَامَت
فِي زوجية أَبِيه إِلَّا أَن يكون مثلهَا لَا يرضع لشرف أَو غيرَة أَو
ليسار أَو لسقم أَو لقلَّة لبن فَحِينَئِذٍ لَا يجب عَلَيْهَا.
وَاخْتلفُوا هَل يجْبر الْوَارِث على نَفَقَة من يَرِثهُ بِفَرْض أَو تعصيب
على نَفَقَة الموسرين؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجْبر على نَفَقَة كل ذِي رحم محرم فَيدْخل فِيهِ
الْخَالَة
(2/210)
والعمة وَيخرج مِنْهُ ابْن الْعم أَو من
ينْسب إِلَيْهِ بِالرّضَاعِ.
وَقَالَ مَالك: لَا تجب النَّفَقَة إِلَّا للْوَالِدين والأدنيين ولأولاد
الصلب.
وَقَالَ الشَّافِعِي: تجب النَّفَقَة على الْأَب وَإِن علا، وَالِابْن
وَإِن سفل وَلَا يتَعَدَّى عمودي النّسَب.
وَقَالَ أَحْمد: كل شخص جرى بَينهمَا مِيرَاث بِفَرْض أَو تعصيب من
الطَّرفَيْنِ لزمَه نَفَقَة الآخر كالأبوين وَالْأَوْلَاد والأخوة
وَالْأَخَوَات والعمومة بَينهم رِوَايَة وَاحِدَة وَإِن كَانَ الْإِرْث
جَارِيا بَينهم من أحد الطَّرفَيْنِ وهم ذووا الْأَرْحَام كَابْن الْأَخ
مَعَ عمته وَابْن الْعم مَعَ بنت عَمه فَروِيَ عَنهُ أَنَّهَا يجب وَرُوِيَ
عَنهُ أَنَّهَا لَا تجب.
وَاتَّفَقُوا على أَن الناشز لَا نفقه لَهَا.
وَاخْتلفُوا هَل يلْزم الْمولى نفقه عتيقه؟
فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يلْزمه.
وَقَالَ أَحْمد: يلْزمه إِلَّا أَن مَالِكًا فِي إِحْدَى روايتيه قَالَ:
إِن أعْتقهُ صَغِيرا لَا يَسْتَطِيع السَّعْي يلْزمه نَفَقَته إِلَى أَن
يسْعَى.
(2/211)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بلغ الْوَلَد
مُعسرا وَلَا حِرْفَة لَهُ.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تسْقط نَفَقَة الْغُلَام إِذا بلغ صَحِيحا وَتسقط
نَفَقَة الْجَارِيَة إِذا تزوجت.
وَقَالَ مَالك كَذَلِك إِلَّا فِي الْجَارِيَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تسْقط
نَفَقَتهَا عَن أَبِيهَا وَإِن تزوجت حَتَّى يدْخل بهَا الزَّوْج.
وَقَالَ الشَّافِعِي: تسْقط نفقتهما جَمِيعًا.
وَقَالَ أَحْمد: لَا تسْقط نَفَقَة الْوَلَد عَن أَبِيه وَإِن بلغ إِذا لم
يكن لَهُ كسب وَلَا مَال.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بلغ الابْن مَرِيضا.
فَقَالُوا أَن النَّفَقَة واجبه على أَبِيه فَلَو برِئ من مَرضه ثمَّ عاوده
الْمَرَض أَو كَانَت جارته مزوجه وَدخل بهَا الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا بعد
ذَلِك.
فَقَالُوا تعود النَّفَقَة على الْأَب إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ:
لَا تعود فِي الْحَالين.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اجْتمع وَرَثَة مثل أَن يكون للصَّغِير أم وَجدّة
وَكَذَلِكَ إِن كَانَت بنت وَابْن أَو بنت وَابْن ابْن ابْن أَو كَانَ لَهُ
أم وَبنت.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: النَّفَقَة للصَّغِير على الْأُم وَالْجدّة
بَينهمَا ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ
(2/212)
الْبِنْت وَالِابْن.
فإمَّا ابْن الابْن وَالْبِنْت فَاخْتلف أَبُو حنيفَة وَأحمد.
فَقَالَ أَحْمد: النَّفَقَة بَينهمَا نِصْفَانِ.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: النَّفَقَة على الْبِنْت دونه، فَأَما الْأُم
وَالْبِنْت فَقَالَا: النَّفَقَة على الْبِنْت وَالأُم بَينهمَا الرّبع على
الْأُم وَالْبَاقِي على الْبِنْت.
وَقَالَ الشَّافِعِي: النَّفَقَة على الذُّكُور خَاصَّة الْجد وَالِابْن
وَابْن الابْن دون الْبِنْت، وعَلى الْبِنْت دون الْأُم.
وَقَالَ مَالك: هِيَ على ابْني الصلب الذُّكُور وَالْإِنَاث مِنْهُم على
السوَاء إِذا اسْتَويَا فِي الْجدّة، فَإِن كَانَ أَحدهمَا واجدا والأخر
فَقِيرا، فالنفقة على الْوَاجِد.
بَاب الْحَضَانَة
اتَّفقُوا على أَن الْحَضَانَة للْأُم مَا لم تتَزَوَّج.
(2/213)
وَاتَّفَقُوا على أَن الْأُم إِذا تزوجت
وَدخل بهَا الزَّوْج تسْقط حضانتها.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا طلقت طَلَاقا بَائِنا هَل تعود حضانتها؟
فَقَالَ أَحْمد وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: تعود حضانتها.
وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ: لَا تعود حضانتها وَإِن طلقت.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا افترق الزَّوْجَانِ وَبَينهمَا غُلَام؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي إِحْدَى روايتيه: الْأُم أَحَق بالغلام حَتَّى
يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فِي مطعمه ومشربة.
ثمَّ أَن الْأَب أَحَق بِهِ وَفِي الْأُخْرَى أَحَق بالغلام إِلَى أَن
يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فِي مطعمه ومشربة وملبسة ووضوئه واستنجائه وَلبس
سراويله، ثمَّ الْأَب أَحَق بِهِ.
وَالأُم أَحَق بِالْأُنْثَى أَيْضا إِلَى أَن تبلغ وَلَا يُخَيّر وَاحِد
مِنْهُمَا.
وَقَالَ مَالك الْأُم أَحَق بالجارية إِلَى أَن تتَزَوَّج وَيدخل الزَّوْج
بهَا، وبالغلام إِلَى الْبلُوغ وَهِي الْمَشْهُور عَنهُ.
(2/214)
وَقَالَ الشَّافِعِي: الْأُم أَحَق بهَا
إِلَى سبع ثمَّ يخيران وَلم يفرق بَين الْغُلَام وَالْجَارِيَة.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: الْأُم أَحَق بالغلام إِلَى سبع
سِنِين، ثمَّ يُخَيّر الْغُلَام فَيكون من اخْتَارَهُ مِنْهُمَا هُوَ الأحق
بِهِ وَيجْعَل الْجَارِيَة مَعَ الْأَب بعد سبع بِغَيْر تَخْيِير،
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة.
وَاخْتلفُوا فِي الْأُخْت من الْأَب هَل هِيَ أولى بالحضانة من الْأُخْت من
الْأُم أَو من الْخَالَة؟ .
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْأُخْت من الْأُم أولى من الْأُخْت من للْأَب وَمن
الْخَالَة، وَأما الْخَالَة فَهِيَ أولى من الْأُخْت من الْأَب فِي إِحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَة: الْأُخْت أولى.
وَقَالَ مَالك: الْخَالَة أولى من الْأُخْت من الْأُم وَالْأُخْت من الْأُم
أولى بذلك من الْأُخْت من الْأَب.
(2/215)
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: الْأُخْت من
الْأَب أولى بالحضانة من الْأُخْت من الْأُم وَمن الْخَالَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وَقعت الْفرْقَة بَين الزَّوْجَيْنِ وَبَينهمَا
ولد صَغِير فَأَرَادَ الزَّوْج أَن يُسَافر بولده بنية الاستيطان فِي بلد
آخر.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ للْأَب أَخذ الْوَلَد مِنْهُمَا والانتقال
بِهِ.
وَقَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: لَهُ ذَلِك.
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى أَن الْأُم أَحَق بِهِ مَا لم تتَزَوَّج،
فَإِن كَانَت الزَّوْجَة هِيَ المنتقلة بِوَلَدِهَا؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز لَهَا ذَلِك بِشَرْطَيْنِ وهما: أَن يكون
انتقالها إِلَى بَلَدهَا، وَأَن يكون العقد وَقع ببلدها الَّذِي تنْتَقل
إِلَيْهِ إِلَّا أَن يكون بَلَدهَا دَار حَرْب فَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَال
بِوَلَدِهَا إِلَيْهِ فَأَما إِن فَاتَ أحد الشَّرْطَيْنِ إِمَّا أَن يكون
انتقالها بِهِ إِلَى غير بَلَدهَا أَو إِلَى بَلَدهَا وَلم يكن نِكَاحهَا
عقد فِيهِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك أَن تكون تنْتَقل إِلَى مَوضِع قريب يُمكن
الْمُضِيّ إِلَيْهِ والعودة قبل اللَّيْل فلهَا ذَلِك إِلَّا من مصر إِلَى
سَواد قريب
(2/216)
فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: الْأَب
أَحَق بولده سَوَاء كَانَ هُوَ المتنقل أَو هِيَ.
وَعَن احْمَد رِوَايَة أُخْرَى: الْأُم أَحَق بهَا مَا لم تتَزَوَّج.
وَاخْتلفُوا هَل للْإِمَام أَن يجْبر على نَفَقَة بهائمه؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَأْمُرهُ الْحَاكِم على طَرِيق الْأَمر
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر من غير إِجْبَار.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَهُ أَن يجْبرهُ على نَفَقَتهَا أَو
بيعهَا، وَزَاد مَالك وَأحمد: انه يمْنَع من تحميلها مَا لَا تطِيق.
(2/217)
|