الإشراف
على مذاهب العلماء 12 - كتاب صفة
الصلاة
قال الله تبارك وتعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
(ح 268) وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من البيت ركع
ركعتين في قبل القبلة وقال: هذه القبلة.
(ح 269) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: الأعمال بالنية.
م 378 - وأجمع كل من يحفظ عه من أهل العلم على أن الصلاة لا تجزئ إلا بنية.
م 379 - واختلفوا [1/ 8/ب] في الوقت الذي يجب أن يحدث فيه النية للصلاة،
فكان الشافعى يقول: "يكون مع التكبير لا يتقدم التكبير ولا يكون بعده".
وحكى عن النعمان أنه قال: إذا كبر ولا نية له إلا أن النية قد تقدمت
فالصلاة جائزة.
قال أبو بكر: بقول الشافعى أقول، لأنه موافق للسنة.
(2/5)
1 - باب رفع اليدين
م 380 - لم يختلف أهل العلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يرفع
يديه إذا افتتح الصلاة.
م 381 - واختلفوا في الحد الذي إليه ترفع اليد عند افتتاح الصلاة.
(ح 270) ففى حديث ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين
يكبر حتى تكونا حذو منكبيه.
وقال بهذا الحديث الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(ح 271) وفي حديث وائل بن حجر أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه لما
افتتح الصلاة حتى حاذيا أذنيه.
وقال بهذا ناس من أهل العلم، وقال بعض أصحاب الحديث: المصلي بالخيار إن شاء
رفع يديه إلى المنكبين، وإن شاء إلى الأذنين، وهذا مذهب حسن.
قال أبو بكر: وأنا إلى حديث ابن عمر أميل.
(2/6)
2 - باب التكبير
لافتتاح الصلاة
(ح 272) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: إذا قمت إلى
الصلاة فكبر، وجاءت الأخبار من وجوه شتىً عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم
- أنه افتتح الصلاة بالتكبير.
م 382 - وأجمع أهل العلم على أن من أحرم للصلاة بالتكبير أنه عاقد داخل
فيها.
م 383 - واختلفوا في وجوب ذلك، فكان عد الله بن مسعود، وطاؤس، وأيوب،
ومالك، وسفيان الثوري، والشافعى، وأبو ثور، وإسحاق: يرون أن التكبير افتتاح
الصلاة، وعلى هذا عوام أهل العلم في القديم والحديث لا يختلفون، أن السنة
أن تفتتح الصلاة بالتكبير.
وكان الحكم يقول: إذا ذكر الله مكان التكبير يجزيه.
وحكى عن النعمان، ويعقوب أنه قال: في الرجل يفتتح الصلاة بلا إله إلا الله
قال: يجزيه، وإن قال: اللهم اغفر لي، يجزه، وبه قال محمد.
وقال يعقوب: لا يجزيه إذا كان يحسن التكبير.
وقد روينا عن الزهري قولاً ثالثاً: أنه سئل عن رجل افتتح الصلاة بالنية
ورفع يديه، قال: يجزيه.
(2/7)
قال أبو بكر: ولا أعلمهم يختلفون أن من
أحسن القراءة فهلل وكبر ولم يقرأ، أن صلاته فاسدة فممن [1/ 9/ألف] كان هذا
مذهبه، فاللازم له أن يقول: لا يجزيه مكان التكبير غيره، كما لا يجزئ مكان
القراءة غيرها.
وبما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول.
م 384 - واختلفوا في الرجل يفتتح الصلاة بالفارسية، فكان الشافعي، وأصحابه،
ويعقوب، ومحمد يقولون: لا يجزئ أن يكبر بالفارسية إذا أحسن بالعربية.
وقال النعمان: إذا افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية يجزيه
(2).
قال أبو بكر: لا يجزئ ذلك لأنه خلاف ما أمر الله به، وخلاف ما علم النبي -
صلى الله عليه وسلم - أمته، وخلاف جماعات المسلمين، ولا نعلم أحداً وافقه
على ما قال.
3 - باب من نسي تكبير الإحرام
م 385 - واختلفوا في الرجل ينسى تكبيرة الإحرام، فقالت طائفة: عليه
الإعادة، هذا قول النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وسفيان الثوري،
والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأببي ثور.
(2/8)
واختلف عن حماد بن أبي سليمان فحكى عنه أنه
قال: لا تجزئ وحكى عه أنه قال: تجزيه تكبيرة الركوع.
وقالت طائفة: تجزيه تكبيرة الركوع، هذا قول سعيد بن المسيب, والحسن البصري،
وقتادة، والزهري، والحكم، والأوزاعى.
قال أبو بكر: القول الأول صحيح.
4 - باب من كبر تكبيرة الإحرام ينوي بها تكبيرة
الافتتاح والركوع
م 386 - واختلفوا في الرجل يدرك القوم ركوعاً فيكبر تكبيرة واحدة، فقالت
طائفة: يجزيه، روينا ذلك عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وبه قال سعيد بن
المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وميمون بن
مهران، والحكم، وسفيان الثوري، ومالك.
وقالت طائفة: لا يجزيه إلا تكبيرتين تكبرة الافتتاح، وتكبيرة الركوع، هذا
قول حماد بن أبي سليمان.
وقال عمر بن عبد العزيز: يكبر تكبيرتين، وبه قال الشافعى، وإن كبر تكبيرة
ينوي بها الافتتاح يجزيه عنده، وبه قال إسحاق.
(2/9)
5 - باب الدعاء بين
تكبيرة الافتتاح وبين القراءة
م 387 - روينا عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، أنهما كانا يقولان
إذا افتتحا الصلاة: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله
غيرك"، وبه قال [1/ 9/ب] سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وكان الشافعى يقول: بالذي روينا عن علي بن أبي طالب.
(ح 273) عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم
قال: وجهت وجهى للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا
أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت
نفسى واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت،
واهدني لأحسن الأخلاق ولا يهدي لأحسنها إلا أنت، فاصرف عني سيئها لا يصرف
عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا
بك وإليك، تباركت وتعاليت، استغفرك وأتوب إليك.
وكان مالك: لا يرى أن يقال شيئاً من ذلك، كان يرى أن يكبر، ويقرأ
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
(2/10)
قال أبو بكر: أي ذلك قال يجزيه، وأنا إلى
حديث علي أميل، وإن لم يفعل، فلا شىء عليه، ولا سجود سهو.
6 - باب الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة
قال الله تبارك وتعالى: وإذا قصأت القصَان {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
(ح 274) وجاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول (1):
اللهم إني أعوذ بك
من الشيطان من همزه، ونفخه، ونفثه.
(ح 275) وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول قبل
القراءة: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم.
م 388 - وكان ابن عمر يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم.
وممن كان يرى (2) الاستعاذة في الصلاة، سفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
__________
(1) في الأصل "أنه" , والتصحيح من الحاشية.
(2) في الأصل "لا يرى" والتصحيح من الأوسط 3/ 88.
(2/11)
م 389 - واختلفوا في الاستعاذة في كل ركعة،
فكان الحسن البصري، والنخعى، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوري، يقولون:
يجزيه أن يستعيذ في أول الركعة.
وفيه قول ثان: وهو أن يستعيذ في كل ركعة، كذلك قال ابن سيرين.
وكان سفيان الثوري: لا يرى خلف الإمام تعوذاً.
وقال مالك: يكبر، تم يقرأ.
7 - باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة
(ح 276) ثبت أن [1/ 10/ألف] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ
شماله بيمينه
إذا دخل الصلاة.
م 390 - وقال بهذا الحديث: مالك، وأحمد، وإسحاق، وحكى ذلك عن الشافعي
واستحب ذلك أصحاب الرأي.
ورأت جماعة: إرسال اليد، وممن روينا ذلك عنه ابن الزبير، والحسن البصري،
وإبراهم النخعى.
م 391 - واختلفوا في المكان الذي يوضع عليه اليد، فروينا عن علي بن أبي
طالب عليه السلام أنه وضعها على صدره.
وقال سعيد بن جبير، وأحمد بن حنبل: فوق السرة، وقال: لا بأس إن كان تحت
السرة.
(2/12)
وقالت طائفة: يوضع تحت السرة، روى ذلك عن
علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، والنخعى، وأبي مجلز، وبه قال سفيان الثوري،
وإسحاق.
8 - باب كراهة الإلتفات في الصلاة
(ح 277) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال في الإلتفات في
الصلاة: (1) هو إختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
م 392 - واختلفوا فيما يجب على الملتفت في الصلاة، فقالت طائفة: [[تنقص]]
الصلاة، ولا إعادة عليه.
روى عن عائشة أنها قالت: الإلتفات في الصلاة نقص، وبه قال سعيد بن جبير،
وقال عطاء: لا يقطع الإلتفات الصلاة وبه قال مالك، وأصحاب الرأي،
والأوزاعي.
وقال الحكم: من تأمّل عن يمينه في الصلاة أو عن شماله حتى يعرفه فليس له
صلاة.
وقال أبو ثور: إذا التفت ببدنه كله كان مفسداً لصلاته، واستقبل.
وروينا عن الحسن البصري أنه قال: "إذا استدبر الرجل بالقبلة واستقبل صلاته،
وإن التفت عن يمينه وعن شماله مضى في صلاته.
قال أبو بكر: الذي قاله الحسن حسن.
__________
(1) في الأصل "وهو" والصحيح من الأوسط 3/ 95 رقم الحديث 1249.
(2/13)
9 - باب القراءة في
الصلاة
(ح 278) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لا صلاة لمن لم يقرأ
فيها بأم القرآن فصاعداً.
قال أبو بكر:
م 393 - وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن أبي العاص، وخوّات بن جبير
أنهم قالوا: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وهذا قول مالك، والشافعى،
وأحمد، وإسحاق، وممن روينا عنه أنه أمر بقراءة فاتحة الكتاب أبو سعيد
الخدري، وأبو هريرة، وابن [1/ 10/ب] عباس.
م 394 - واختلفوا في معنى قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم
يقرأ فيها بأم القرآن، فقالت طائفة: إنما خوطب بذلك من صلى وحده، فأما من
صلى وراء الإمام فليس عليه أن يقرأ، هذا قول سفيان الثوري، وسفيان بن
عيينة، وجماعة من أهل الكوفة.
وقالت طائفة: قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ فيها
بفاتحة الكتاب على العموم إلا أن يصلى خلف الإِمام فيما يجهر الإمام ويسمع
قراءته، انه لا يقرأ لقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
(2/14)
(ح 279) ولحديث النبي- صلى الله عليه وسلم
- إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا.
وممن مذهبه أن لا يقرأ خلف الإمام فما يجهر به الإمام سمع المأموم قراءة
الإمام أو لم يسمع، ويقرأ خلفه فيما لا يجهر به الإمام سراً في نفس
المأموم، الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وبه كان الشافعي
يقول وهو بالعراق، وقال بمصر: فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة قولان، أحدهما
أن يقرأ والآخر يجزيه أن لا يقرأ أو يكتفي بقراءة الإمام.
وحكى البويطي عنه: "أنه كان يرى القراءة خلف الإمام فيما أسر به وما جهر".
وقالت طائفة: قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" على العموم،
وتجب على المرء في ركعه قراءة فاتحة الكتاب صلاها منفرداً، أو كان إماماً
أو مأمواً خلف الإمام فما يجهر فيه الإمام
(2/15)
وفيما لا يجهر فيه الإمام، هذا قول ابن
عون، والأوزاعي، وأبي ثور، وغيره من أصحاب الشافعي.
10 - باب اختلاف أهل العلم فيما يقرأ في
الركعتين من الظهر والعصر العشاء
(ح 280) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين من
الظهر والعصر
الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الآخريين بفاتحة الكتاب.
م 395 - وممن روي عنه أنه كان يقول بهذا الحديث علي بن أبي طالب، وجابر بن
عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، والشعبى، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك بن
أنس، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وذلك إذا كان إماماً أو صلى
وحده.
وقالت طائفة: يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وما تيسر، وفي الآخريين إن
شاء قرأ وإن شاء سبح، وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت [1/ 11/ألف] صلاته، هذا
قول سفيان الثوري،
(2/16)
وأصحاب الرأي، وقد روينا عن علي بن أبي
طالب أنه قرأ في الأولتين، وسبح في الآخرتين، وبه قال النخعي.
11 - باب اختلافهم فيمن قرأ في بعض الركعات ولم
يقرأ في بعض
م 396 - واختلفوا فيمن ترك قراءة أم القرآن في ركعة من صلاته أو أكثر،
فقالت طائفة: إن ترك قراءة أم القرآن في ركعة واحدة سجد للسهو وأجزأته
صلانه، إلا الصبح فإنه إن ترك ذلك في ركعة استأنف الصلاة، هذا قول مالك.
وقال الأوزاعى: من قرأ في نصف صلاته مضت صلاته، فإن قرأ في ركعة من المغرب
أو العشاء أو الظهر أو العصر، ونسى أن يقرأ فيما بقي منه، يعيد صلانه، وبه
قال إسحاق قال: إذا قرأ في ثلاث ركعات إماماً منفرداً فصلانه جائزة لما
أجمع الخلق أن من أدرك الركوع أدرك الركعة.
وقال الثوري: إن قرأ في ركعة من الصبح ولم يقرأ في الأخرى، أعاد الصلاة،
وإن قرأ في ركعة ولم يقرأ في الثلث من الظهر والعصر والعشاء، أعاد.
(2/17)
وفيه قول ثالث: قاله الحسن قال: إذا قرأت
في الصلاة في ركعة أجزأك.
وفي قول رابع: وهو أن عليه أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب إماماً كان أو
منفرداً أو مأموماً وكما لا يجزئ عنه ركوع الإمام ولا سجوده، كذلك لا تجزئه
قراءة الإمام.
وقد ذكرت المذهب فيما مضى قلت ابن عون، والأوزاعى، وأبي ثور، وفي رواية
البويطي عن الشافعي.
12 - باب مسألة في القراءة بالفارسية
م 397 - واختلفوا فيمن قرأ في صلاته بالفارسية، وهو يحسن العربية، ففي مذهب
الشافعي، لا تجوز صلانه.
قال أبو بكر: وبه نقول.
وكذلك قال يعقوب، ومحمد: إذا كان يحسن العربية، وقالا: إن كان لا يحسن
العربية أجزأه.
وقال النعمان: تجزيه القراءة بالفارسية، وإن أحسن العربية.
13 - باب استحباب سكوت الإمام بعد التكبير قبل
القراءة
(ح 281) ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان إذا كبر في الصلاة سكت
هنيهة قبل أن
(2/18)
يقرأ، يقول:. . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط من المخطوطة
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا كَبَّرَ فِي
الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي
وَأُمِّي مَا تَقُولُ فِي سَكْتَتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؟،
قَالَ: أَقُولُ «اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا
بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ
خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ
اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ»
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَكْتَةٌ
بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لَيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ، وَيَدُلُّ
هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِمَا
شَاءَ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَ خَلْفِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ
الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، خِلَافَ قَوْلِ
مَنْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ إِلَّا بِمَا فِي
الْقُرْآنِ»
(2/19)
[19 - باب رفع
اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع]
(2/26)
. . . (1) [1/ 23/ألف].
روينا عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن الزبير، وأنس.
وقال الحسن البصري: كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يرفعون
أيديهم إذا كبروا، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع، كأنها
المراوح.
وروى ذلك قلت جماعة من التابعين وجماعة ممن تقدمهم.
وقال الأوزاعي: ما أجمع عليه علماء أهل الحجاز، والشام أو البصرة، أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر لافتتاح
الصلاة، ويرفع يديه حذو منكبيه حين يكبّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
__________
(1) انتهى السقط هنا، وكلمة "روينا" وما بعدها من المخطوطة
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «قَالَ أَبُو
بَكْرٍ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ
يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ
يَرْفَعَ الْمَرْءُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ , وَاخْتَلَفُوا
فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ
الرُّكُوعِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا
رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ورُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ
عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، رُوِّينَا ذَلِكَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عمر، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ»
(2/27)
قال أبو بكر: هذا قول الليث بن سعد،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وحكى ابن وهب عن مالك هذا القول.
وقالت طائفة: يرفع المصلى يديه حين يفتتح الصلاة ولا يرفع فيما سوى ذلك،
هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
(ح 288) للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يرفع يديه إذا
افتتح الصلاة وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
20 - باب وضع اليدين على الركبتين في الركع
(ح 289) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وضع يديه على ركبتيه في
الركوع.
(2/28)
م 405 - وفعل ذلك عمر بن الخطاب، وعلي بن
أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وجماعة من التابعين، وبه قال سفيان
الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وكان عبد الله بن مسعود، والأسود بن يزيد، وأبو عبيدة
وعبد الرحمن بن الأسود: يطبقون أيديهم بين ركبهم إذا ركعوا.
قال أبو بكر: وقد ثبت نسخ هذا.
(ح 290) قال مصعب بن سعد: ركعت فجعلت يدي بين ركبتي، فنهاني أبي وقال: إنا
قد كنا نفعل هذا فنهينا عنه.
21 - باب التسبيح في الركوع
(ح 291) جاء الحديث عن النبي-صلى الله عليه وسلم -أنه كان يقول: في ركوعه،
سبحانه ربي
العظيم وبحمده ثلثاً.
م 406 - وكان الشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي يقولون: يقول في ركوعه: سبحان
ربي العظيم ثلاثاً، ولم يقولوا: وبحمده.
22 - باب ما يقول المأموم [1/ 24/ألف] إذا قال
الإمام سمع الله لمن حمده
م 407 - اختلف أهل العلم في قول المأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن
حمده،
(2/29)
فقالت طائفة يقول: سمع الله لمن حمده،
اللهم ربنا لك الحمد، كذلك قال محمد بن سيرين، وأبو ثور، والشافعي، وإسحاق،
ويعقوب، ومحمد.
قال عطاء: يجمعهما مع الإمام أحب إلي.
وقالت طائفة: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فليقل من خلفه: اللهم ربنا
لك الحمد، هذا قوله عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وبه قال
الشعبى، ومالك.
وقال أحمد: إلى هذا انتهى أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو بكر: وبهذا نقول.
(ح 292) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: وإذا قال الإمام سمع الله
لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد.
23 - باب وضع الركبتين قبل اليدين عند السجود
م 408 - كان عمر بن الخطاب يضع ركبتيه قبل يديه، وبه قال النخعي، ْومسلم بن
يسار، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، أصحاب الرأي.
وقالت طائفة: يضع يديه على الأرض إذا سجد ركبتيه،
(2/30)
كذلك قال مالك، والأوزاعي: أدركت الناس
يضعون أيديهم قبل ركبهم.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
24 - باب الساجد على الجبهة دون الأنف، والأنف
دون الجبهة
م 409 - اختلف أهل العلم في السجود على الجبهة دون الأنف، فمن أمر بالسجود
على الأنف ابن عباس، وابن عمر، وعكرمة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن
جبير.
وقال سعيد بن جبير: من لم يضع أنفه على الأرض في سجوده لم يتم صلاته.
وقال طاؤس: الأنف من الجبين.
وقال النخعى: السجود على الجبهة والأنف، وبه قال مالك، والثوري، وأحمد،
وقال أحمد: لا يجزيه السجود على أحدهما دون الآخر.
وقال إسحاق: من سجد على الجبهة دون الأنف عمداً فصلانه فاسدة.
(2/31)
وبقول أحمد قال أبو خيثمة، وابن أبي شيبة،
وقال الأوزاعى: وسعيد ابن عبد العزيز: يسجد على سبع وأشارا بأيديهما الجبهة
إلى ما دون [1/ 24/ب] الأنف وقالا (1): هذا من الجبهة.
وقالت طائفة: يجزيه أن يسجد على جبهته دون أنفه، هذا قول عطاء ابن أبي
رباح، وطاؤس، وعكرمة، وابن سيرين، والحسن البصري، وبه قال الشافعي، وأبو
ثور، ويعقوب، ومحمد.
وقال الثوري: يجزيه ولا أرى له ذلك، وقال قائل: إن وضع جبهته ولم يضع أنفه،
أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء وصلاته تامة، هذا قول النعمان.
قال أبو بكر: ولا أعلم أحداً سبقه إلى هذا القول ولا تابعه عليه.
وقال يعقوب ومحمد، لا يجزيه السجود على الأنف وهو يقدر على السجود على
الجبهة.
25 - باب سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد
م 410 - واختلفوا في سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد، فممن رخص في
السجود على الثوب في الحر، عمر بن الخطاب، وبه قال طاؤس، ورخص في السجود
على الثوب في الحر والبرد، إبراهيم النخعى، والشعبى، وبه قال مالك،
والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
__________
(1) في الأصل "قال" والصحيح ما أثبته, وكذا في الأوسط 3/ 176.
(2/32)
وكان الشافعي يقول: "لا يجزيه السجود على
الجبهة ودونها ثوب إلا أن يكون جريحاً فيكون عذراً" ورخص في وضع اليدين على
الثوب من الحر والبرد.
م 411 - واختلفوا في السجود على كور العمامة، فروينا عن علي أنه قال:
يرفعها عن جيهته ويسجد على الأرض.
وكره ابن عمر السجود عليها.
وقال مالك: يمس بعض جبهته الأرض.
وقال الشافعي: لا يجزئ السجود عليها.
وقال أحمد: لا يعجبني إلا في الحر والبرد، وبه قال إسحاق.
ورخص فيه الحسن، ومكحول، وعبد الرحمن يزيد.
وسجد شريح على برنسه.
26 - باب ترك المرء السجود على سائر الأعضاء
غير الجبهة والأنف
م 412 - واختلفوا في المصلي يترك السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة
والأنف، فروينا عن مسروق، أنه رأى رجلاً ساجداً رافعاً رجليه فقال: ما تمت
صلاة هذا.
وقال إسحاق: لا يجزيه إن ترك السجود على شيء من الأعضاء السبعة.
وقال أحمد: [1/ 25/ألف] إذا وضع من اليدين بقدر الجبهة يجزيه.
(2/33)
وقال سليمان بن داود: إذا وضع الأكثر من
كفه يجزيه.
قال الشافعي: "فيه قولان: أحدهما أن عليه أن يسجد على جميع الأعضاء التي
أمر بالسجود عليها، والثاني: أنه إذا سجد على جبهته أو شيء منه دون ما
سواها أجزأه".
27 - باب النهي عن كف الشعر والثياب
(ح 293) أمر النبي أن يسجد على سبع وأن لا يكف شعراً أو ثوباً.
م 413 - وروينا عن علي، وابن مسعود، وحذيفة، أنهم كرهوا أن يصلي الرجل وهو
عاقص.
وقال عطاء: لا يكف الشعر عن الأرض، وكره الشافعي ذلك.
وكان ابن عباس إذا سجد يقع شعره على الأرض.
م 414 - واختلفوا فيما يجب على من فعل ذلك، فقال عطاء، والشافعي: لا إعادة
عليه.
قال أبو بكر: بهذا قول أكثر العلم غير الحسن البصري، فإنه قال: عليه إعادة
تلك الصلاة.
(2/34)
28 - باب عدد
التسبيح في الركع والسجود
(ح 294) جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يقول في سجوده:
سبحان ربي الأعلى ثلاثاً.
م 415 - وروى ذلك عن علي، وابن مسعود، وبه قال طاووس، وقال الحسن: التام من
التسبيح سبعاً والمجزئ ثلاث.
م 416 - وقد اختلفوا فيمن ترك التسبيح في الركوع والسجود، فكان إسحاق يقول:
إن ترك التسبيح في الركوع والسجود عامداً فعليه إعادتها.
وقالت طائفة: لا إعادة على تاركه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب
الرأي، وقال أحمد: فيمن سبح تسبيحة في سجوده يجزيه.
وقال مالك بن أنس: ليس عندنا في الركوع والسجود قول محدود وقد سمعت أن
التسبيح في الركوع والسجود.
29 - باب الاقعاء على القدمين بين السجدتين
م 417 - روينا عن ابن عباس أنه قال: من السنة أن تمس عقبك إليتك، وقال
طاووس: رأيت العبادلة يفعلونه ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير،
(2/35)
وفعل ذلك سالم، ونافع، وطاؤس، وعطاء،
ومجاهد. وقال أحمد: أهل مكة يفعلونه.
وكرهت [1/ 25/ب]. . . . . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَكَرِهَتْ
طَائِفَةٌ الْإِقْعَاءَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ
عَلِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِبَنِيهِ: لَا
تَقْتَدُوا بِي فِي الْإِقْعَاءِ؛ فَإِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا حِينَ
كَبِرْتُ. . . .
وَكَرِهَ ذَلِكَ [أي: الإقعاء] قَتَادَةُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا
يَكْرَهُونَ الْإِقْعَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ
وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ
الرَّأْيِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَضْجَعَ
رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ عَلَى
قَدَمَيْهِ مُقْعِيًا»
(2/36)
[33 - باب التشهد]
(2/41)
. . . (1) [1/ 11/ب] الزاكية.
__________
(1) إلى هنا انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «وَقَدِ
اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى التَّحِيَّاتِ، فَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: التَّحِيَّةُ الْمُلْكُ. وَأَنْشَدَ
لِزُهَيْرٍ الْكَلْبِيِّ: [البحر الكامل]
وَلِكُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى ... قَدْ نُلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ
يَعْنِي الْمُلْكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
التَّحِيَّاتُ، الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ
الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ»
(2/42)
34 - باب الزيادة
على التشهد الأول من الدعاء والذكر
م 425 - كان عطاء يقول في الجلوس الأول إنما هو التشهد، وهذا مذهب النخعي،
وهو قول الثوري، وأحمد، وإسحاق.
قال الشعبى: من زاد في الركعتين الأولتين على التشهد عليه سجدتا السهو.
وكان الشافعي يقول: لا يزيد في الجلوس الأول على التشهد والصلاة على النبي-
صلى الله عليه وسلم -.
وروينا عن ابن عمر أنه أباح أن يدعو في الركعتين الأولتين إذا قضى التشهد
بما بدأ له.
وقال مالك: ذلك واسع ودين الله يسر.
قال أبو بكر: القول الأول أحب إليّ.
35 - باب التسمية قبل التشهد
م 426 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا تشهد قال: بسم الله خير
الأسماء.
(2/43)
وروى ذلك عن ابن عمر، وبه قال أيوب
السختياني، ويحيى بن سعيد، وهشام.
وروينا عن علي أنه قال: بسم الله التحيات لله.
وسمع ابن عباس رجلاً يقول: باسم الله التحيات لله، فانتهره.
وكره ترك ذلك مالك، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، والشافعي وأصحابه.
قال أبو بكر: وبه نقول.
36 - باب الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه
وسلم - في التشهد
م 427 - يستحب أن لا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله- صلى الله
عليه وسلم -، فإن ترك ذلك تارك فإن صلانه مجزية في مذهب مالك، وأهل
المدينة، وسفيان الثووي، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وهو قوله جمل
أهل العلم.
إلا الشافعي (1)، فإنه كان يوجب على المصلى إذا ترك الصلاة على رسول الله-
صلى الله عليه وسلم - في الصلاة الإعادة.
وكان إسحاق يقول: لا يجزيه إن ترك ذلك عامداً قال: وإن ترك ذلك ناسياً
رجونا أن يجزيه.
__________
(1) في الأصل "إلا الشافعيين".
(2/44)
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأني لا
أجد الدلالة موجودة في إيجاب الإعادة عليه.
37 - باب اختلاف أهل العلم فيمن ترك التشهد عامداً أو ساهياً
م 428 - روينا عن عمر [1/ 12/ألف] بن الخطاب أنه قال: من لم يتشهد فلا صلاة
له.
وقال نافع مولى ابن عمر: من لم يتكلم بالتحية فلا صلاة له.
وقال مالك: فيمن نسى التشهد إن كان قريباً يحضره ذلك ولم ينتقض وضوءه ولم
يطل ذلك، فليكبر ثم ليجلس فيتشهد التشهد الذي نسي، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم
يتشهد فيهما ويسلم، وإن كان طال ذلك أو انتقض الوضوء، استأنف الصلاة.
وقال أحمد فيمن نسى التشهد في الركعتين الأولين: أحب إليّ أن يعيد، وإذا
ترك الجلوس في الثانية يستقبل الصلاة.
وقال الثوري: إذا قام في الظهر من الركعتين متعمداً يعيد الصلاة.
وقال النخعي: إذا أحدث حين فرغ من السجود في الركعة الرابعة قبل التشهد مضت
صلانه.
وقال الزهري، وقتادة، وحماد: فيمن نسى التشهد في آخر صلانه حتى انصرف، تمت
صلانه.
(2/45)
م 429 - وسئل الأوزاعي: عن رجل ينسى
التشهدين كلاهما قال: يسجد أربع سجدات.
وقال مالك: إذا نسى التشهد خلف الإمام فالإمام يحمل ذلك عنه وكان الشافعي
يقول: من ترك التشهد الأول والصلاة على النبي فيه فلا إعادة فيه، وعليه
سجدتا السهو لتركه ذلك، وإذا ترك التشهد الأخير ساهياً أو عامداً فعليه
الإعادة.
قال أبو ثور: إذا ترك التشهد في الركعة الثانية والرابعة فلا صلاة له، إن
كان ترك ذلك عامداً وإن ترك التشهد في الركعة الثانية ساهياً سجد سجدتي
السهو قبل السلام.
وقال ابن الحسن: إن ترك التشهد ناسياً، استحسن أن يكون عليه سجدتا السهو.
38 - باب السلام من الصلاة عند انقضائها
(ح 350) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يسلم على يمينه حتى
يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم
ورحمة الله.
م 430 - واختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم في عدد
التسليم، فقالت طائفة: يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله، روينا هذا القول
عن أبي بكر الصديق [1/ 12/ألف] وعلي بن ألى طالب، وعمار بن
(2/46)
ياسر، وعبد الله بن مسعود، ونافع بن عبد
الحارث، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، وعلقمة، وأبي عبد الرحمن السلمي، وبه
قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: يسلم تسليمة واحدة، كذلك قال ابن عمر، وأنس، وسلمه بن الأكوع،
وعائشة أم المؤمنين، والحسن، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال
مالك، والأوزاعي.
وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين، وكان مسجد
المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
م 431 - وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على
تسليمة واحدة جائزة.
39 - باب جماع أبواب الكلام في الصلاة
م 432 - أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح
شىء من أمرها، أن صلاته فاسدة.
(2/47)
م 433 - واختلفوا فيمن تكلم في صلاته
عامداً يريد به إصلاح صلاته، فقالت طائفة: يعيد الصلاة، هذا قول الشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: "من تكلم في صلاته في أمر عذر فليس عليه شيء ولو أن رجلاً قال
للإمام وقد جهر بالقراءة في صلاة العصر، إنها العصر لم يكن عليه شيء ولو
نظر إلى غلام يريد أن يسقط في بئر، فصاح به أو انصرف إليه أو انتهره لم يكن
(1) بذلك بأس، هذا قول الأوزاعي.
40 - باب الكلام في الصلاة ساهياً
م 434 - اختلف أهل العلم في المصلى يتكلم في صلاته ساهياً أو سلم ساهياً في
أن يكمل الصلاة، فقالت طائفة: يبني على صلاته، ولا إعادة عليه فممن سلم في
ركعتين ساهياً وبنى عليها وسجد سجدتي السهو ابن الزبير.
وقال ابن عباس: أصاب، وروى ذلك عن ابن سعود، وبه قال عروة ابن الزبير،
وعطاء، والحسن البصري، وقتادة، وبه قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد،
وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
__________
(1) في الأصل "لن يكن" والصحيح من الأوسط 3/ 234.
(2/48)
وقالت طائفة: إذا تكلم [1/ 13/ألف] ساهياً
يستقبل صلاته، كذلك قال النخعى، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والنعمان،
وأصحابه.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
(ح 351) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - سلم بين ثنتين، فبنى وسجد سجدتي
السهو.
مسألة
م 435 - قال النعمان بن ثابت: إذا سبح المرء في صلاته أو حمد الله فإن كان
ذلك منه ابتداء فليس بكلام وإن كان جواباً فهو كلام، وإن وطئ على حصاة أو
لسعته عقرب فقال: بسم الله أراد بذلك الوجع فهو كلام.
وقال يعقوب: في الأمرين ليس بكلام.
(ح 302) وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: التسبيح للرجال
والتصفيق للنساء.
م 436 - وقال بظاهر هذا الخبر الأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو
ثور.
وقال سفيان الثوري: إن اشتكى شيئاً أو أصابه شىء في الصلاة فقال بسم الله:
ما أرى عليه شيئاً.
(2/49)
م 437 - واختلفوا فيمن سلم في صلاته ساهياً
وعليه بقية من صلاته، فقالت طائفة: يبني على صلاته إذا ذكر، ويسجد سجدتي
السهو عند فراغه من الصلاة، قبل أن يسلم وإن طال مسيره، هكذا قال يحيى بن
سعيد الأنصاري، وهو مذهب الأوزاعى.
وقال الليث بن سعد: يبني على صلاته وإن طال ذلك، ما لم ينتقض وضوئه الذي
صلى به تلك الصلاة.
وقال مالك: إن ذكر بحضرة ذلك ولم ينتقض وضوئه، صلى ما بقي من صلاته وسجد
للسهو بعد السلام، وإن لم يذكر ذلك حتى يطول استأنف الصلاة.
وكان الشافعي يقول: إذا ذكر ذلك قريباً كما تقرر من كلام النبي- صلى الله
عليه وسلم - يوم ذي اليدين، رجع وبنى وسجد سجدتي السهو، وإن تطاول ذلك،
أعاد الصلاة.
41 - باب الدعاء في الصلاة
م 438 - واختلفوا في الدعاء في الصلاة، فممن كان لا يرى به بأساً مالك بن
أنس، قال: "لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه في المكتوبة دنياه وآخرته"،
وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
وقد روينا عن علي إباحته الدعاء على قوم يسميهم [1/ 13/ب]، وعن أبي
الدرداء: إباحة الدعاء لقوم.
(2/50)
وروينا عن عطاء، والنخعي، أنهما كانا
يكرهان إذا دعا الرجل للرجل في الصلاة يسميه بإسمه.
وقال ابن الحسن: "إذا سأل الله في صلاته الرزق والعافية لم يقطع الصلاة،
فإن قال: اللهم اكسني ثوباً اللهم زوجني فلانة، قطع الصلاة.
وروينا عن الحسن: أنه أباح الدعاء في التطوع وكرهه في المكتوبة.
قال أبو بكر:
(ح 303) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - دعا لقوم سماهم وعلى قوم.
والدعاء جائز في الصلاة مباح بما أحب المؤمن لأمر الدين والدنيا ويدعو
لوالديه ولمن شاء ويسميهم.
(2/51)
42 - باب النفخ في
الصلاة
م 439 - واختلفوا في النفخ في الصلاة، فكرهت طائفة ذلك، ولم توجب على من
نفخ إعادة، وممن روينا عنه أنه كره ذلك ابن مسعود. وابن عباس، وكره ذلك
النخعى، وابن سيرين، ويحيى بن أبي كثير.
وأحمد، وإسحاق، ولم يوجبوا على من نفخ الإعادة.
وقد روينا عن ابن عباس، وأبي هريرة، ولا يثبت ذلك عنهما وعن سعيد بن جبير
أنهم قالوا: النفخ في الصلاة بمترلة الكلام.
وفيه قول ثالث: وهو أن النفخ إن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام وهو يقطع
الصلاة، هذا قول النعمان، ومحمد.
وقال يعقوب: لا يقطع إلا أن يريد به تأفيف ثم رجع فقال: صلاته تامة.
43 - باب الأكل والشرب في الصلاة
م 440 - أجمع أهل العلم على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب.
م 441 - وأجمع أهل العلم كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على من أكل أو
شرب في صلاة الفرض عامداً الإعادة.
م 442 - واختلفوا فيمن أكل وشرب في الصلاة ناسياً، فكان عطاء يقول: يتم
صلاته ويسجد سجدتي السهو.
(2/52)
وقال الأوزاعي، وأصحاب الرأي في الأكل
والشرب في الصلاة ساهاً: يستأنف.
ويشبه مذهب الشافعي ما قاله عطاء.
وكذلك نقول.
م 443 - واختلفوا في الشرب في التطوع، فروي عن ابن الزبير، وسعيد بن جبير،
أنهما شربا في صلاة التطوع.
وروي [1/ 14/ألف] عن طاؤس أنه قال: لا بأس به.
وقال إسحاق: إن فعله في التطوع فلا إعادة عليه.
قال أبو بكر: لا يجوز الشرب في صلاة التطوع، ولا الفرض، ولعل من يحكى عنه
ذلك أنه إنما فعل ذلك ساهياً.
44 - باب التسليم على المصلي
م 444 - اختلف أهل العلم في التسليم على المصلى، فكره ذلك عطاء، وأبو مجلز،
والشعبي، وإسحاق بن راهويه.
وقال جابر بن عبد الله: لو دخلت على قوم يصلون ما سلّمت عليهم.
(2/53)
ورخصت فيه طائفة: سلم ابن عمر على مصلى،
وكان مالك: لا يكره ذلك، وقد حكى عنه أنه لم يكن يعجبه ذلك، وفعل ذلك أحمد
بن حنبل.
45 - باب ما يفعل المصلي إذا سلّم عليه
م 445 - واختلفوا في ردّ المصلي السلام، فرخصت فيه طائفة: وممن كان لا يرى
بذلك بأساً سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وقتادة، وقال إسحاق: إن فعله
متأولاً جازت صلاته.
وروينا ذلك عن أبي هريرة: أنه أمر المصلي بردّ السلام.
وكرهت طائفة ذلك كان ابن عمر، وابن عباس، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
وأبو ثور، لا يرون ردّ السلام على المصلي.
وفيه قول ثالث: وهو أن يرد عليه إذا فرغ من صلاته، روى هذا القول عن أبي
ذر، وعطاء، والنخعى.
وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاً: وهو أن يرد عليه في نفسه.
وقال النعمان: لا يرد السلام ولا يشير.
(2/54)
قال أبو بكر: وهذا خلاف السنة.
(ح 304) وقد أخبر صهيب أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ردّ على الذين سلموا
عليه
بإشارة.
46 - باب الضحك في الصلاة
م 446 - أكثر أهل العلم لا يرون التبسم يقطع الصلاة، وهذا قول جابر بن عبد
الله، وعطاء ابن أبي رباح، والنخعي، ومجاهد، والحسن البصري، وقتادة،
والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقال ابن سيرين: لا أعلم التبسّم إلا ضحكاً.
قال أبو بكر:
م 447 - وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة.
47 - باب الأنين والتأوه في الصلاة [1/
14/ ب]
م 448 - اختلف أهل العلم في الصلاة، فقالت طائفة: من أنّ في صلاته يعيد،
روى هذا القول عن الشعبى، والنخعى، ومغيرة، وبه قال الثوري.
(2/55)
وقال ابن المبارك: إن كان غالباً لم يعد.
قال أبو ثور: لا بأس به إلا أن يكون كلاماً مفهوماً.
48 - باب مس الحصى في الصلاة
م 449 - اختلف أهل العلم في مس الحصى في الصلاة، كان ابن عمر يصلي فيمس
الحصى برجلية.
روى عن ابن مسعود أنه كان يسوّيه مرّة واحدة إذا سجد.
وكان أبو هريرة، وأبو ذر، يرخصان في مسحه مرّة.
وكان مالك لا يرى بالشيء الخفيف منه بأساً.
وكره ذلك الأوزاعي، وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب الرأي: "لا بأس به مرّة وتركه أحب إلينا".
وكان عثمان بن عفان، وابن عمر، يمسحان الحصى لموضع سجودها قبل ان يدخلا في
الصلاة.
قال أبو بكر: هذا أحب إليّ ولا يحرج إن مسحه مسحة.
(ح 305) لحديث معيقيب.
وتركه أفضل.
(2/56)
49 - باب الاختصار
في الصلاة
(ح 306) روينا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الاختصار في
الصلاة.
م 450 - وكره ذلك ابن عباس، وعائشة، ومجاهد، والنخعى، وأبو مجلز، ومالك،
والأوزاعى، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
50 - باب التلثم وتغطية الوجه في الصلاة
م 451 - روينا عن ابن عمر أنه كره أن يصلى الرجل وهو ملتثم وروى كراهية
تغطية الفم في الصلاة، عن عطاء، وابن المسيب، والنخعى، وسالم بن عبد الله،
والشعبي، وحماد بن أبي سيمان، والأوزاعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق.
(2/57)
51 - باب الأمر بقتل
الحية والعقرب في الصلاة
(ح 307) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقتل الأسودين في
الصلاة الحية والعقرب.
م 452 - ورأى ابن عمر ريشة فحسب أنها عقرب، فضربها بنعله.
ورخص في قتل العقرب في الصلاة الحسن البصري.
ورخص في قتل الحية والعقرب في الصلاة الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان،
وأصحابه.
وكره النخعى قتل العقرب في الصلاة.
ولا معنى لقوله لأنه خلاف السنة.
52 - باب عدد الآي في الصلاة [1/ 15/
ألف]
م 453 - رخص في عدد الآي في الصلاة ابن أبي مليكة، وأبو عبد الرحمن، وطاؤس،
وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، والغرة بن حكيم، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(2/58)
وكان النعمان يكره ذلك في الصلاة
وأنكر ذلك منكر وقال: يشتغل عن الخشوع المأمور به بما لم يؤمر به.
53 - باب الخشوع في الصلاة
قال الله تبارك وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ
فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
م 454 - روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الخشوع في القلب، وأن تلين كنفك
للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك.
وعن ابن عباس أنه قال: خاشعون خائفون ساكتون.
وقال قتادة: الخشوع في القلب، وهو الخوف وغض البصر في الصلاة.
وقال الأوزاعى: غض البصر وخفض الجناح ولين القلب وهو الحزن.
وقال مسلم بن يسار، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: ينظر إلى
موضع سجوده، وهذا قول كثير من أهل العلم.
غير مالك، فإنه قال: أكره بما يصنع بعض الناس من النظر إلى موضع سجودهم،
وهم قيام في صلاتهم.
قال أبو بكر: الأول أولى.
(2/59)
54 - باب التروّح في الصلاة
م 455 - واختلفوا في التروح في الصلاة، وكره ذلك عطاء، وأبو عبد الرحمن،
والنخعي، ومسلم بن يسار، ومالك؟
ورخص فيه ابن سيرين، ومجاهد، والحسن، وعائشة بنت سعد.
وكره ذلك أحمد: إلا أن يأتي الغم الشديد، وبه قال إسحاق.
55 - مسائل
م 456 - كان مالك، وأحمد، وإسحاق: لا يرون بأساً أن يراوح الرجل بين قدميه،
وبه نقول.
م 457 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال: من الجفاء مسح الرجل أثر سجوده في
الصلاة، كره الأوزاعي، وأحمد ذلك.
وقال الشافعي تركه أحب إليّ وإن فعل فلا شيء عليه.
ورخص مالك، وأصحاب الرأي، فيه.
م 458 - روينا عن أنس أنه كان يقتل القمل والبراغيث في الصلاة.
(2/60)
وكان الحسن: يقتل القمل في الصلاة.
قال أحمد، وإسحاق: لا بأس به، ويكره العبث به.
وقال الأوزاعى: تركه أحب إلي.
م 459 - وللمرء أن يحمل الصبى في الصلاة المكتوبة، وهو قول الشافعي، وأبي
ثور.
م 460 - وقال الأوزاعي: إذا فاته العشاء حتى. . . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط من المخطوط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي:
«وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ الْعِشَاءُ فَلَمْ يُصَلِّهَا
حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ،
فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا صَلَّاهَا بِالنَّهَارِ يُسِرُّ
الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِاللَّيْلِ إِنْ شَاءَ يُسِرُّ وَإِنْ
شَاءَ يُعْلِنُ.
وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجْهَرُ،
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجْهَرُ
وَحُكِيَ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَمَّ قَوْمًا فِيمَا
جَهَرَ جَهَرَ، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ خَافَتَ.»
(2/61)
[57 - باب القيام من
الركعتين قبل الجلوس ساهيا]
(2/64)
. . . (1) [1/ 17/ب] بن أبي سليمان.
وقال النخعى: يقعد ما لم يستفتح القراءة.
وفيه قول ثالث: وهو أن المصلى إذا فارقت إليته الأرض ونأ للقيام مضى كما
هو، ولا يرجع حتى يجلس في الرابعة، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كذلك
قال مالك بن أنس.
وقال حسان بن عطية: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى.
وفيه قول غير ما ذكرناه: وهو أن يقعد وإن قرأ ما لم يركع، هكذا قال الحسن
البصري.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
__________
(1) إلى هنا انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي:
«حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الثِّنْتَيْنِ
مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَلَمْ يَسْتَرِحْ، فَلَمَّا اعْتَدَلَ
قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ
سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ
سَلَّمَ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ
اتِّبَاعُ ظَاهَرِ خَبَرِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، يَقُولُونَ: إِذَا قَامَ
الْمُصَلِّي مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ
أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْجُلُوسِ، وَمَضَى فِي
صَلَاتِهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.
حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ:
ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ
أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شَمَاسَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَلَّى لَنَا
عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَقَالَ النَّاسُ
وَرَاءَهُ: سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا
فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: " إِنِّي
قد سَمِعْتُكم حِينَ قَلتم: سُبْحَانَ اللهِ؛ كَيْمَا أَجْلِسُ، وَإِنَّهُ
لَيْسَ تِلْكَ السُّنَّةَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ الَّتِي صَنَعْتُ ".
وَمِمَّنْ رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَالْمُغِيرَةُ
بْنُ شُعْبَةَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ،
وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ: فَقَالَتْ
طَائِفَةٌ: إِذَا ذَكَرَ وَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا جَلَسَ، هَذَا قَوْلُ
عَلْقَمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ،
وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَعُمَرَ بْنِ
الْعَزِيزِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى إِذَا رَجَعَ إِلَى
الْجُلُوسِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَفِي قَوْلِ عَلْقَمَةَ
وَالْأَوْزَاعِيِّ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ ذَكَرَ سَاعَةَ يَقُومُ جَلَسَ، كَذَلِكَ قَالَ
حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ»
(2/65)
58 - باب المصلي يصلي خمس ركعات ساهياً
(ح 310) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر خمساً،
وسجد سجدتين.
4 - وقد اختلف في هذا، فقالت طائفة: بظاهر هذا الحديث منهم علقمة، والحسن
البصري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والنخعى، ومالك، والليث بن سعد،
والأوزاعي، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وفيه قول ثان: قاله قتادة: وهو أن يزيد إليها ركعة فتكون صلاته للظهر
ركعتين بعدها، وإذا صلى الصبح ثلاثاً أضاف إليها رابعة فتكونا ركعتان
تطوعاً، ويسجد سجدتي السهو وهو جالس.
وفيه قول ثالث: قاله حماد بن أبي سليمان قال: إذا صلى الظهر خمساً ولم يجلس
في الرابعة فإنه يزيد السادسة، ثم يسلم ويستأنف الصلاة.
وقال سفيان الثوري فيمن صلى الظهر حمساً ولم يجلس في الرابعة أحب إليّ أن
يعيد.
وقال النعمان: إن قعد في الرابعة قدر التشهد يضيف إليها ركعة أخرى، ثم
يتشهد ويسجد سجدتي السهو، ثم يمسك، ثم يسلم.
(2/66)
59 - باب من صلى
المغرب أربعاً
م 465 - اختلف أهل العلم من صلى المغرب أربعاً ساهياً، فقالت طائفة: يسجد
سجدتي السهو، هذا قول الحسن البصري، والشافعي.
وأحمد والزهري، وقال إبراهيم: هى صلاته.
وقال قتادة، والأوزاعي: يصلى إليها ركعة آخرى فتكون ركعتان تطوعاً [1/ 18/
الف].
وفي قول حماد بن أبي سليمان: يعيد الصلاة.
قال أبو بكر: الجواب في هذه المسألة " وفي الذي صلى الظهر خمساً واحد يجزيه
أن يسجد سجدتي السهو.
60 - باب من ترك من الصلاة سجدة أو أكثر منها ثم ذكرها
قبل أن يفرغ من صلاته
م466 - اختلف أهل العلم فيمن صلى أربع ركعات وينسى من كل ركعة سجدة ثم
ذكرها في آخر صلاته.
فكان الحس البصري، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي يقولون: يسجد أربع سجدات
وقد تمت صلاته.
وقال النخعي: فيمن نسى سجدة من صلاته يسجدها متى ذكرها وهو في الصلاة، فإذا
مضى عن موضع صلاته سجد سجدتي السهو، وبه قال الحسن البصري.
(2/67)
وفي قول الأوزاعى: إذا ترك سجدة ثم ذكرها
وهو في الصلاة يسجدها إذا ذكرها، ويرجع إلى حيث كان من الصلاة وقت ذكرها
فيمضي فيها، وحكى عنه أنه قال: في رجل نسى سجدة من صلاة الظهر فذكرها في
صلاة العصر قال: يقضي في صلاته فإذا فرع سجدها.
وروى عن مكحول أنه قال في الرجل يصلى فينسى من صلاته ركعة أو سجدة، قال:
يصليها متى ذكرها ويسجد سجدتي السهو، وهكذا قال محمد بن أسلم الطوسي.
وفي قول الشافعي: "إن فرغ من صلاته ثم ذكر أنه نسى لأربع سجدات من كل ركعة
سجدة، فقد تمت له اثنتان ويأتي بركعتين مع سجودهما وسجود السهو، كله قبل
السلام"، وهذا هذهب أبي ثور.
وقال مالك: إذا سها عن سجدة من الأولى فلم يذكرها إلا في الركعة الثانية،
إن ذكرها قبل رفع رأسه من الركوع سجدها واعتدّ بركعتها الأولى، ثم قام
فابتدأ بالثانية، وإن لم يذكر حين رفع رأسه من الركعة الثانية ألغى الركعة
الأولى التي نسى سجدتها ولم يعتد بها في صلاته، وأتم باقى صلاته.
وقال الليث بن سعد: إذا صلى ثلاث ركعات لا يسجد لكل ركعة إلا سجدة واحدة،
ويعيد الركعات الثلاث بسجودها كاملاً [1/ 18/ب] وسجد سجدتي السهو.
وقال أحمد، وإسحاق: كل ركعة لا يأتي فيها بسجدتين حتى يأخذ في عمل الأخرى،
لم تجزه تلك الركعة.
(2/68)
وقال الحسن بن صالح في الرجل يصلى أربع
ركعات ويسهو: أن يسجد لشىء منهن ثم ذكره وهو جالس في الرابعة، يسجد ثمان
سجدات وقد تمت صلاته، وإن فعل ذلك جاهلاً متعمداً فإذا ركع الثانية قبل أن
يسجد الأولى، فسدت صلاته واستقبل.
61 - باب المصلي يجهر فيما يخافت فيه أويخافت
فيما يجهر فيه
م 467 - واختلفوا فيمن جهر فيما يخافت فيه أو خافت فيما يجهر فيه، فقالت
طائفة: يسجد سجدتي السهو إذا فعل ذلك ساهاً، هذا قول النخعى، والثوري،
وأصحاب الرأي، وقالوا: إن فعل ذلك عامداً فلا شىء عليه.
وقال أبو ثور، وإسحاق: عليه سجدتا السهو ولم يذكرا سهواً ولا عمداً.
وقالت طائفة: ليس على من فعل ذلك سجود سهو، هذا قول االأوزاعي
والشافعي.
وقال مالك: فمن جهر في صلاة الظهر بالقراءة إن تطاول ذلك سجد لسهو، ولا أرى
عليه في اليسير شيئاً.
واختلف فيه عن أحمد فقال مرة: إن لم يسجد أرجو أن لا يضره، وحكى عنه أنه
قال: إن سجد فلا بأس.
(2/69)
62 - باب المصلي
يقعد فيما يقام فيه أويقوم فيما يقعد فيه
م 468 - واختلفوا في هذه المسألة، فقال كثير منهم: يسجد سجدتي السهو، وروى
ذلك عن ابن سعود، وبه قال قتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وقد روي ذلك عن علقمة، والأسود: أنهما كانا يقعدان في الشىء يقام فيه،
ويقومان في الشىء يقعد فيه، فلا بسجدان سجود السهو.
وقال مالك: فيمن جلس في صلاته ثلاث جلسات يسجد سجدتي السهو بعد السلام [1/
19/الف].
63 - باب المصلي يترك التكبير أو التسبيح في
الركوع والسجود
م 469 - واختلفوا في الرجل يريد قول سمع الله لمن حمده فيقول: الله أكبر،
فكان النخعي يقول: لا سهر عليه، وروى ذلك عن الشعبي، والقاسم، وعلى هذا
مذهب الشافعي.
وقال الحكم، وإسحاق، وأبو ثور: فيمن ترك تكبيرة سجد سجدتي السهو.
وقال مالك: "إذا جعل قول سمع الله لمن حمده، الله أكبر رجع، فقال الذي
عليه، وإن لم يرجع سجد سجدتي السهو قبل السلام".
(2/70)
وقال قتادة: من نسى شيئاً من تكبير الصلاة
فإنه يقضيه حين يذكره.
وقال الأوزاعى: إذا ترك التكبير غير تكبيرة الإفتتاح حتى فرغ من صلاته، مضت
صلاته ويقضى ما سهى من التكبير.
وقال أصحاب الرأي: "من سهى عن تكبير العيدين عليه سجود السهو، وإن سهى عن
تكبير السجود والركوع لا سهو عليه".
64 - باب من أدرك وتراً من صلاة الإمام
م 470 - واختلفوا في الرجل يدرك وتراً من صلاة الإمام، فقالت طائفة: يسجد
إذا فرغ من صلاته سجود السهو، كان ابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري،
يفعلون ذلك، وروي عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، وبه قال إسحاق.
قال أبو بكر: وقال أكثر فقهاء الأمصار من أهل المدينة وأهل الكوفة، وأهل
الشام، والشافعي، وأصحابه: ليس عليه سجود السهو، وروى ذلك عن أنس بن مالك،
وسعيد بن المسيب، والحسن، وابن سيرين.
قال أبو بكر: وبه نقول، والحجة فيه:
(2/71)
(ح 311) قول النبي- صلى الله عليه وسلم -
فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ولم يذكر سجود السهو.
65 - باب اختلاف أهل العلم في سجود السهو قبل
السلام أو بعده
م 471 - افترق أهل العلم في سجود السهو قبل السلام أو بعده أربع فرق، فقالت
طائفة: سجود السهو كله قبل السلام، روى هذا القول عن أبي هريرة، وبه قال
مكحول، والزهري، ويحيى الأنصاري، وربيعة، والأوزاعى، والليث بن سعد،
والشافعي.
وقالت فرقة: سجود السهو كله بعد السلام، روى ذلك عن علي بن أبي طالب، وسعد
ابن أبي وقاص، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وابن الزبير، وابن
عباس، وبه قال الحسن [1/ 19/ب] البصري، وإبراهم النخعي، وابن أبي ليلى،
وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي، ويجزئ عند أصحاب الرأي أن
يسجدهما قبل السلام.
وقالت طائفة ثالثة: كل سهو كان نقصاناً من الصلاة فإن سجوده قبل السلام على
حديث ابن بحينة.
(2/72)
وكل سهو هو زيادة في الصلاة فإن سجوده بعد
السلام على خبر أبي هريرة في قصة ذي اليدين، هذا قول مالك، وأبي ثور.
وقالت فرقة رابعة: سجود السهو على ما جاءت به الأخبار، إذا نهض من سجدتين
سجدهما قبل السلام على حديث ابن بحينة، وإذا شك فرجع إلى اليقين، سجدهما
قبل السلام على حديث أبي سعيد.
وإذا أسلم من اثنتين سجدهما بعد السلام على حديث أبي هريرة.
وإذا شك فكان ممن يرجع إلى التحري سجدهما بعد السلام على حديث ابن مسعود،
وكل سهو يدخل عليه سوى ما ذكرناه يسجد في السلام، سوى ما روى عن النبي- صلى
الله عليه وسلم -، هذا قول أحمد، وسليمان بن داود، وأبي خثيمة.
قال أبو بكر: هذا صحيح.
66 - باب التسليم في سجدتي السهو
(ح 312) ثبت أن رسول الله سلّم في سجدتي السهو.
م 472 - وقد اختلف فيه، فكان النخعى يقول: تسليم السهو والجنازة واحدة.
(2/73)
وقال الشافعي: فيهما تشهد وتسليم.
وقال الثوري، وأصحاب الرأي: يسلم تسليمتين.
67 - باب التشهد في سجدتي السهو والتسليم فيهما
م 473 - واختلفوا في التشهد في سجدتي السهو، فقالت طائفة: ليس فيها تشهد
ولا تسليم، كذلك قال أنس بن مالك، والحسن البصري، وعطاء.
وقال الحكم، وحماد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، والنخعي: فيهما تشهد، وروى
ذلك عن ابن مسعود.
وفيه قول ثالث: وهو أن فيهما تشهد وتسليم، روى ذلك عن ابن مسعود، والنخعى،
وقتادة، والحكم، وحماد، واستحسن ذلك الليث بن سعد، وبه قال الثوري،
والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وفيه قول رابع: وهو أن يسلم فيهما ولا يشهد، كذلك قال ابن سيرين.
وفيه قول خامس: وهو إن شاء تشهد وسلم وإن شاء لم يسلم، حكى هذا القول عن
عطاء.
وفيه قول سادس: قاله أحمد بن حنبل، قال: فإن سجد في السلام لم يتشهد، وإن
سجد بعد السلام تشهد.
قال أبو بكر: التسليم من سجدتي السهو ثابت عن رسول الله- صلى الله عليه
وسلم - من غير وجه.
(2/74)
(ح 313) وثبت عنه أنه كبر فيهما أربع
تكبيرات وقد سلم النبي - صلى الله عليه وسلم -[1/ 20/الف] منهما.
وفي ثبوت التشهد عن النبي- صلى الله عليه وسلم - فيهما نظر.
68 - باب المصلي يسهو مراراً
م 474 - واختلفوا في المصلي يسهو مرارا، فقال أكثر أهل العلم: يجزيه بجميع
سهوه سجدتان، كذلك قال النخعي، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان الثوري،
والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن على من عليه سهوين مختلفين أربع سجدات، هذا قول
الأوزاعي.
وقال ابن أبي حازم، وعبد العزيز بن أبي سلمة: إذان عليه سهوان في صلاة
واحدة منه ما يسجد له قبل السلام وبعد السلام، فليسجد بعد السلام وقبل
السلام.
(2/75)
69 - باب الرجل ينسى
سجود السهو حتى يخرج من المسجد أويتكلم
م 475 - كان الحسن البصري، وابن سيرين يقولان: إذا صرف وجهه عن القبلة لم
يبن، ولم يسجد سجدتي السهو.
وقال الحسن البصري: إن ذكرهما وهو قاعد سجدهما.
وقال الحكم، وابن شبرمة: إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة.
وقال أحمد: ما دام لم يخرج من المسجد أرجو، يعني يرجع ويسجد.
وقال الأوزاعى: يسجدهما إذا ذكرهما.
وفيه قول خامس: قال مالك: يسجدهما ولو بعد شهر إذا ذكر ولا يعيد لهما صلاة،
وإن كان وجب عليه أن يسجدهما قبل السلام فنسي حتى قام وتباعد فليعد الصلاة،
وقد اختلف عنه في هذه المسألة.
وكان الشافعي يقول بالعراق: "فيهما قولين، أحدهما كما قال الأوزاعي، والآخر
لا يعيد لهما"، وقال: بمصر، لا يعيد لهما الصلاة.
وقال أصحاب الرأي: لا شيء على من تركهما.
(2/76)
وكان أبو ثور: يشدد فيهما، إذا كانتا
لنقصان من الصلاة إذا عمد فسلم وهما عليه، أعاد الصلاة، وإن كانت زيادة في
الصلاة فعليه أن يسلم ويسجد سجدتي السهو.
70 - باب المأموم يسهو خلف الإمام
م 476 - أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: ليس على من سهى خلف الإمام
سهواً، روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال النخعى، والشعبى، ومكحول، والزهري،
ويحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي،
وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وذكر إسحاق: أنه إجماع من أهل العلم.
روينا عن مكحول، أنه قام عن قعود الإمام، فسجد سجدتي السهو.
71 - باب الإمام يسهو فلا يسجد لسهوه
م 477 - كل من نحفظ [1/ 20/ب] عنه من أهل العلم يقولون: إن على المأموم إذا
سهى إمامه، وسجد أن يسجد معه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(ح 314) إنما جعل الإمام ليؤتم به.
(2/77)
م 478 - واختلفوا في الإمام يسهو فلا يسجد
لسهوه، فقال عطاء، والحسن البصري، والنخعى، والقاسم، وحماد بن أبي سليمان،
والثوري، وأصحاب الرأي: إذا لم يسجد لم يسجدوا.
وقال ابن سيرين، والحكم، وقتادة، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد،
والشافعي، وأبو ثور: إذا لم يسجد سجد القوم.
72 - باب الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى
الإمام سجود سهو
م 479 - واختلفوا في الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود سهو،
فروينا عن الشعبي، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، أنهم قالوا: يسجد مع
الإمام ثم يقوم فيقضى ما عليه، وبه قال أحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال ابن سيرين، وإسحاق: يقضى ثم يسجد.
وقال الأوزاعى، ومالك، والليث بن سعد، إذا سجد في التسليم سجدهما معه، وإن
سجدهما بعد التسليم سجدهما إذا قضى ما عليه.
وفيه قول رابع: وهو أن يسجدهما مع الإمام ثم يقوم فيقضي، ثم يسجدهما، هذا
قول الشافعي.
(2/78)
73 - باب من فاته
بعض صلاة الإمام فأغفل القضاء حتى دخل في صلاة التطوع
قال أبو بكر:
م 480 - نسى أنس بن مالك ركعة من صلاة الفريضة حتى دخل في التطوع، فذكر
فصلى بقية صلاة الفرض، في سجد سجدتين وهو جالس، كذلك قال الحكم، والأوزاعى.
وقال الحسن البصري: إذا دخل في تطوع بطلت عليه المكتوبة، ويستأنف، وبه قال
حماد بن أبي سليمان.
وقال مالك: أحب إلي أن يبتدئ إذا تطوع بين فريضتين.
وفيه قول ثالث: وهو إن كان ما عمل في النافلة قليلاً رجع إلى المكتوبة
فأتمها وسجد للسهو، وإن تطاول بطلت المكتوبة وعليه أن يعيدها، هذا قول
الشافعي.
74 - باب السهو في التطوع
م 481 - روينا عن ابن عباس أنه قال: إذا أوهمت في التطوع فاسجد سجدتين.
(2/79)
وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير،
وقتادة، والثوري، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأصحاب
الرأي.
وقال ابن سيرين: إذا وهم في التطوع فلا سجود عليه.
75 - باب السهو في سجدتي السهو
م 482 - كان [1/ 21/ألف] النخعى، والحسن البصري، والمغيرة، وابن صالح، وابن
أبي ليلى، ومنصور بن زاذان، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي،
والحسن، وأحمد، وإسحاق، يقولون: فيمن سهى في سجدتي السهو ليس عليه سهو، وبه
قال أصحاب الرأي.
قال إسحاق: هو إجماع من التابعين.
وقال قتادة: يعيد سجدتي السهو.
مسألة
م 483 - واختلفوا فيمن صلى ركعتين تطوعاً، فقام من الركعتين اللتين أراد أن
يسلم فيهما.
(2/80)
فقال الأوزاعى: يمضي فإذا صلى أربع ركعات
سجد سجدتين وهو جالس، وإن كان من صلاة الليل فقام فذكر قبل أن يركع الثالثة
رجع فتشهد وسلم ولم يسجد.
وقال مالك: يمضي في صلاة الليل والنهار حتى يتم الرابعة تم يسجد سجدتين.
قال الشافعي بالعراق إن أوصلها حتى يكونا أربعاً يسجد سجدتين.
(2/81)
|