الإشراف
على مذاهب العلماء 11 - كتاب المواقيت
1 - باب وقت الظهر
قال أبو بكر:
(ح 252) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر حين زالت الشمس.
م 347 - وأجمع أهل العلم على أن وقت [1/ 3/ألف] الظهر زوال الشمس.
م 348 - واختلفوا في آخر وقت الظهر.
فقالت طائفة: إذا صار كل شيء مثله بعد الزوال، فجاوز ذلك فقد خرج وقت
الظهر، هذا قول مالك، والوري، والشافعي، وأبي ثور.
وقال يعقوب، ومحمد: "وقت الظهر من حين تزول الشمس إلى أن يكون الظل قامة".
وقال عطاء: لا يفرط للظهر حتى تدخل الشمس صفرة.
وقال طاؤس: لا يفوت الظهر والعصر حتى الليل.
وقال قائل: إذا صار الظل قامتين فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر كذلك قال
النعمان.
وبالقول الأول أقول.
م 349 - واختلفوا في التعجيل بالظهر في حال الحر.
فروينا عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن يصلي الظهر حين تزيغ الشمس، أو تزول
الشمس، وصلى ابن عباس حين زالت الشمس.
(1/394)
وروينا عن جابر أنه قال: الظهر كإسمها.
وقال مالك: يصلي إذا كان الفيء ذراعاً.
وفيه قول ثالث (1): وهو استحباب تأخير الظهر في شدة الحر هذا قول أحمد،
وإسحاق.
وقال أصحاب الرأي: "في الصيف يجب أن يبرد بها".
وفيه قول ثالث قاله الشافعى: قال: يتعجل الحاضر الظهر إلا في شدة الحر،
وإذا اشتد الحر أخّر إمام الجماعة الذي يقبل من البعد الظهر حتى يبرد، وأما
من صلاها في بيته، وفي جماعة بفناء بيته، فيصليها في أول وقتها ".
قال أبو بكر:
(ح 253) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا اشتد الحر
فابردوا بالظهر".
وبخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نقول، وهو العموم لا سبيل إلى أن
يستثنى من ذلك البعض.
2 - باب وقت العصر
م 350 - واختلفوا في أول وقت العصر.
فكان مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: أول وقت
صلاة العصر إذا صار ظل كل شيء مثله.
__________
(1) في الأصل ثان, والصحيح ما أثبته, وكذا في الأوسط 2/ 360.
(1/395)
واختلفوا بعد فقال بعضهم آخر وقت الظهر أول
وقت صلاة العصر فلو أن رجلين على أحدهما الظهر والآخر العصر حين صار ظل كل
شيء مثله لكانا مصليين للصلاتين في وقتهما قال بهذا إسحاق ذكر ذلك عن ابن
المبارك.
وأما الشافعى فكان يقول: أول وقت العصر إذا جاوز ظل شيء مثله أي شيء ما
كان، وذلك حتى ينفصل من آخر وقت الظهر.
وقد حكى عن ربيعة قول ثالث: وهو أن وقت الظهر والعصر في السفر والحضر إذا
زالت الشمس.
وفي قول رابع: وهو أن أول وقت صلاة العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال،
ومن صلى قبل ذلك لم يجزه هذا قول النعمان.
وخالف في ذلك أخبار ثابتة [1/ 3/ب] عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وهي
مذكورة في غير هذا الموضع.
م 351 - واختلفوا في آخر وقت العصر.
فكان الثوري يقول: أول وقت العصر إذا كان ظلك مثلك، إلى أن يكون ظلك مثليك،
وإن صل ما لم تتغير الشمس أجزأه.
وقال الشافعي: "ومن آخر العصر حتى يجاوز ظل كل شيء مثليه، فقد فاته وقت
الاختيار، ولا يجوز أن يقال: فاته العصر مطلقاً".
وفي قول ثالث: وهو أن آخر وقت العصر ما لم تصفر الشمس هذا قول أحمد، وأبي
ثور، وبنحو ذلك قال الأوزاعي، وفي قول يعقوب
(1/396)
وابن الحسن: وقت العصر من حين يكون الظل
قامة فيزيد على قامة إلى أن تتغير الشمس.
وفيه قول رابع: وهو أن آخر وقتها غروب الشمس قبل أن يصلي المرء منها ركعة،
هذا قول إسحاق بن راهويه، وبه قال الشافعي في أصحاب العذر.
وفيه قول خامس: وهو آن آخر وقتها غروب الشمس روى هذا القول عن ابن عباس،
وعكرمة.
وفيه قول سادس: وهو أن آخر وقت العصر للنائم والناسي ركعة قبل غروب الشمس
هذا قول الأوزاعي.
م 352 - واختلفوا في التعجيل بصلاة العصر وتأخيرها.
فقالت طائفة: تعجيلها أفضل، هذا على مذهب أهل المدينة وبه قال الأوزاعي،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أخباراً تدل على صحة هذا القول.
وفيه قول ثان. روي عن أبي هريرة، وابن مسعود أنهما كانا يؤخران العصر.
وروينا عن أبي قلابة، وابن شبرمة أنهما قالا: إنما سميت العصر لتعصير.
وقال أصحاب الرأي: يصلي العصر في آخر وقتها والشمس بيضاء لم تتغير في
الشتاء والصيف.
(1/397)
والأخبار الثابتة عن نبي الله - صلى الله
عليه وسلم - تدل على أن أفضل الأمرين تعجيل العصر في أول وقتها. والله
أعلم.
3 - باب صلاة الوسطى
م 353 - واختلفوا في الصلاة الوسطى.
فروينا عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت، وأبي
سعيد الخدري، وابن عمر، وابن عباس، وعبيدة السلماني، والحسن البصري [1/
4/ألف]، والضحاك بن مزاحم، أنهم قالوا: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
وروينا عن ابن عمر، وعائشة، وعبد الله بن شداد أنهم قالوا: الصلاة الوسطى
صلاة الظهر.
وروينا عن ابن عمر، وابن عباس، وعكرمة، وطاؤس، وعطاء، ومجاهد أنهم قالوا:
إنها الصبح، وبالقول الأول أقول.
(ح 254) لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة
العصر.
4 - باب صلاة المغرب
م 354 - أجمع أهل العلم أن صلاة الغرب تجب إذا غربت الشمس.
م 355 - واختلفوا في آخر وقت الغرب.
(1/398)
وكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، يقولون:
لا وقت للمغرب إلا وقتاً واحداً إذا غابت الشمس.
وفيه قول ثان: وهو أن وقت الغرب إلى أن يغيب الشفق هذا قول الثوري، وأحمد،
وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن طاؤس أنه قال: لا تفوت المغرب والعشاء حتى الفجر.
وروينا عن عطاء أنه قال: لا تفوت صلاة المغرب، والعشاء حتى النهار.
5 - باب الشفق
م 356 - واختلفوا في الشفق
فكان مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
ويعقوب، ومحمد يقولون: الشفق الحمرة، وقد روى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس.
وقد روينا عن ابن عباس قولاً ثانياً: وهو أن الشفق البياض.
وروينا عن أنس، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، ما يدل على أن الشفق
البياض، وبه قال النعمان، وقال أحمد: يعجبني أن يصلي إذا ذهب البياض في
الحضر، ويجزيه في السفر إذا ذهبت الحمرة، ويجزيه في الحضر والسفر إذا ذهبت
الحمرة.
وفيه قول ثالث. وهو أن الشفق اسم لمعنين مختلفين عند العرب، وهي الحمرة
والبياض.
قال أبو بكر: الشفق البياض.
(1/399)
6 - باب وقت العشاء
الآخرة
(ح 255) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء حين غاب
الشفق.
م 357 - واختلفوا في آخر وقت العشاء.
فكان النخعي يقول: آخر وقتها ربع الليل.
وفيه قول ثان: وهو أن آخر وقتها ثلث الليل، كذلك قال عمر بن الخطاب، وأبو
هريرة، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الشافعي، ومالك.
وفيه قول ثالث: وهو أن وقتها إلى نصف الليل كذلك قال سفيان الثوري، وابن
المبارك [1/ 4/ب]، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وفيه قول رابع: وهو أن آخر وقتها إلى طلوع الفجر، روينا هذا القول عن ابن
عباس.
م 358 - واختلفوا في التعجيل بصلاة العشاء الآخرة.
فروينا عن ابن عباس أنه كان يرى تأخيرها أفضل (2)
ويقرأ: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} وعن ابن مسعود أنه كان يؤخر العشاء.
واستحب مالك، والشافعي، والكوفي، تأخيرها.
(1/400)
وقال قائلون: تعجيلها افضل، استدلالاً
بالأخبار التي تدل عن النبي- صلى الله عليه وسلم -على أن تعجيل الصلاة في
أوائل وقتها أفضل.
7 - باب وقت صلاة الفجر
(ح 256) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر حين طلع الفجر.
م 359 - وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر.
م 360 - وأجمع أهل العلم على أن من صلى الصبح بعد طلوع الفجر قبل طلوع
الشمس أنه مصليها في وقتها.
م 361 - واختلفوا فيمن أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس، ففي قول مالك،
والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يضيف إليها أخرى ولم تفته الصلاة، واحتجوا:
(ح 257) بحديث النبي- صلى الله عليه وسلم - من أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع
الشمس
فقد أدرك الصبح.
وكان أبو ثور يقول: إنما ذلك لمن نام، أو سهى، ولو تعمّد رجل لكان مخطئاً
مذموماً عند أهل العلم بتفريطه في الصلاة.
وقال أصحاب الرأي: إذا طلعت الشمس وقد بقى على الإنسان من الصبح ركعة فسدت
صلاته، وعليه أن يستقبل الفجر إذا ارتفعت الشمس، فإن نسى العصر حتى صلى
ركعة، أو ركعتين، ثم غربت الشمس أتم صلاته.
(1/401)
م 362 - واختلفوا في التعجيل بصلاة الفجر
وتأخيرها.
فكان مالك، والشافعي، وأحمد وإسحاق: يرون أن يصلي الصبح بغلس، وقد روينا عن
أبي بكر، وعمر، وابن الزبير، وابن مسعود وأبي موسى الأشعري، وعمر بن عبد
العزيز أخباراً تدل على أن التغليس بالصلاة أولى من الإسفار فيها.
وكان سفيان الثوري، وأصحاب الراي: يرون الإسفار بالفجر.
وبالقول الأول أقول، للثابت عن عائشة أنها قالت:
(ح 258) كن نساء من المؤمنات يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الصبح، وهن
متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
وكان أبو بكر، وعمر يغلسان بالصبح بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
وذلك
دليل على صحة ماقلناه.
8 - باب وقت الجمعة
(ح 259) ثبت أن رسول [1/ 5/ ألف] الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الجمعة
بعد زوال الشمس.
م 363 - وكان عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طاب، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد،
وعمرو بن حريث، والنعمان بن بشير، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري،
وإبراهيم النخعي يصلون الجمعة بعد زوال الشمس.
(1/402)
وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري،
والشافعي، وأبو ثور، وأحمد وإسحاق.
وقد روى بإسناد لا يثبت عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود, ومعاوية خلاف هذا
القول.
وقال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى، الجمعة، والأضحى، والفطر.
وقال أحمد: في الجمعة إن فعل في الزوال فلا أعيبه، فأما بعده فليس فيه شك،
وبه قال إسحاق.
وبالقول الأول أقول.
9 - باب الصلاة في اليوم المغيم
م 364 - روينا قلت عمر بن الخطاب أنه قال: إذا كان يوم غيم فعجلوا العصر
وأخروا الظهر.
وعن ابن مسعود أنه قال: عجلوا الظهر والعصر وأخروا المغرب (4).
وعن الحسن، وابن سيرين أفما قالا: يعجل العصر ويؤخر المغرب.
وقال الحسن: يؤخر الظهر.
وقال الأوزاعي: يؤخر الظهر، ويعجل العصر ويؤخر المغرب.
(1/403)
قال الشافعي رحمه الله: "إذا كان الغيم
مطبقاً يرعى الشمس ويحتاط في ذلك، ويتأنس أن يصليها بعد الوقت، ويحتاط
بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر". وقال إسحاق: نحواً من ذلك.
وقال أصحاب الرأي: يؤخر الظهر، ويعجل العصر، ويؤخر المغرب، ويعجل العشاء،
وينوّر بالفجر.
10 - باب الصلاة قبل الوقت
م 365 - واختلفوا في الصلاة قبل دخول الوقت.
فروينا عن ابن عمر، وأبي موسى الأشعري أنهما أعادا الفجر، لأنهما كانا
صلاها قبل الوقت، وبه قال الزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد،
وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: في رجل صلى الظهر في السفر قبل أن تزول
الشمس، قال يجزيه.
وقال الحسن: مضت صلاته وبنحو ذلك قال الشافعي.
وعن مالك: فمن صلى العشاء في السفر قبل غيوبة الشفق جاهلاً أو ساهياً يعيد
ما كان في وقت العشاء، فإذا ذهب الوقت قبل أن يعلم أو يذكر فلا إعادة عليه.
(1/404)
11 - باب الصلاة بعد الصبح وبعد العصر [1/
5/ب] (1)
__________
(1) من هنا بدأ السقط
(1/405)
[12 - باب الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ
الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ]
(1/408)
. . . . (1) [1/ 15/ب] العموم.
م 369 - واختلف فيه إذا أعادها.
فقالت طائفة: الأولى منهما هي المكتوبة، روى ذلك عن علي، وبه قال الثوري،
وأحمد، وإسحاق.
وقال سعيد بن المسيب، وعطاء، والشعبى، التي صلى معهم هي المكتوبة.
وقد روينا عن ابن عمر، وابن المسيب، وعطاء أنهم قالوا: ذلك إلى الله عزّ
وجل يجعل المكتوبة أيتهما شاء.
وهذه، الروايات خلاف الروايات عنهم.
13 - باب من نسي صلاة فذكرها في الأوقات المنهى
عن الصلاة فيها
م 370 - واختلفوا فيمن نسي صلاة فذكرها في الأوقات التي نُهى عن الصلاة
فيها.
فقالت طائفة لا يقضين الفوائت في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، روي عن
أبي بكرة (2) أنه نام في دالية، فاستيقظ عند الغروب،
__________
(1) انتهى السقط هنا، وكلمة "العموم" وما بعدها من المخطوط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: باب ذِكْرُ
الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ
وذكر ابن المنذر الأقوال فيه ثم قال:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا
فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنْ يُصَلِّيَا جَمَاعَةً، وَإِنْ
كَانَا قَدْ صَلَّيَا أَمْرًا عَامًّا لَمْ يَخُصَّ صَلَاةً دُونَ صَلَاةٍ
وَأَمْرُهُ عَلَى الْعُمُومِ
(2) في الأصل "أبي بكر" والتصحيح من الحاشية, والأوسط.
(1/410)
فانتظر حتى غابت الشمس ثم صلى، وعن كعب:
أحسبه ابن عجرة أن إبناً نام عن الفجر حتى طلع قرن الشمس فأجلسه فلما أن
تجلت قال له صل الآن.
وقالت طائفة: من نام عن صلاة أو نسيها صلاها متى استيقظ أو ذكرها، روى ذلك
عن علي، وروى معنى ذلك عن غير واحد من الصحابة، وبه قال أبو العالية،
والنخعي، والشعبى، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد،
وإسحاق.
وقال آخرون: "إذا نسي صلاة فذكرها حين طلعت الشمس، أو حين انتصف النهار، أو
ذكرها حين تغرب الشمس قال: لا يصليها في هذه الساعات الثلاث، والوتر كذلك
ما خلا العصر، فإنه إذا ذكر العصر من يومه ذلك قبل غروب الشمس صلاها، وإن
كان عصراً قد نسيها قبل ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، لم يصلها في تلك
الساعة، وكذلك سجدة التلاوة والوتر والصلاة على الجنازة، لا يقضين في شيء
من هذه الساعات الثلاث" هذا قول أصحاب الرأي.
قال أبو بكر: بما روي عن علي أقول، وقد ثبت:
(ح 262) أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: من نام عن صلاة أو نسيها
فليصلها إذا
ذكرها، وتلى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} الآية.
(1/411)
14 - باب الرجل ينسى الصلاة فيذكرها وقد
حضرت
صلاة أخرى
م 371 - واختلفوا في الرجل ينسى الصلاة وقد حضرت صلاة أخرى [1/ 16/ ألف]
فقالت طائفة: يبدأ بالتي نسي، إلا أن يخاف فوت الذي حضر وقتها، فإن خاف ذلك
صلاها ثم صلى إلى نسي، هذا قول سعيد ابن المسيب، والحسن البصري، والأوزاعي،
وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: يبدأ بالتي ذكر، فيصليها وإن فاتته هذه، كذلك قال عطاء،
والزهري، ومالك، والليث بن سعد.
وقال مالك: ليبدأ بما بدأ الله به إن كنّ خمس صلوات بدأ بهنّ، وإن خرجت عن
وقتها، ثم صلاها بعدهن، وإن كن أكثر من ذلك صلاها لوقتها، ثم قضاها بعد.
15 - باب الرجل يذكر صلاة فائتة وهو في أخرى
م 372 - واختلفو في الرجل يكون في صلاة فيذكر أن عليه قبلها.
فقالت طائفة: تفسد عليه صلاته التي هو فيها، ولكن يصلي الصلاة التي ذكرها،
ثم يصلي الصلاة التي هو فيها كذلك قال النخعي، والزهري، وربيعة، ويحيى
الأنصاري.
(1/412)
وقالت طائفة: يصلي الصلاة التي دخل فيها ثم
يقضي الفائته وليس عليه غير ذلك، هذا قول طاؤس، والحسن البصري، والشافعي،
وأبي ثور.
وقالت طائفة: إن ذكرها قبل أن يتشهد أو يجلس مقدار التشهد ترك هذه وعاد إلى
تلك، وإن ذكرها بعد ذلك اعتد بهذه وعاد إلى تلك، هذا قول الحكم، وحماد.
وقال ابن عمر: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وراء الإمام، فإذا سلّم الإمام
فليصل الصلاة التي نسى، ثم يصلي بعد الصلاة الأخرى، وبه قال مالك، والليث
بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وقال أحمد: في رجل ترك الصلاة متعمداً فرط فيها في
شبابه، فأراد أن يقضي، قال. يقضيها وما بعدها وهو لها ذاكر، وإن كان كذا
وكذا سنة.
وقال أصحاب الرأي: "إذا دخل في الصلاة ولم يذكر فذكر صلاة فائتة وإن كان
فاتته صلاة واحدة إلى خس صلوات، فعليه أن يبدأ بالفوائت، فإن صلى صلاة في
وقتها وهو ذاكر للفوائت فصلاته فاسدة، إلا أن يذكرها في آخر وقت صلاة، إن
هو بدأ بالفائتة فاته وقت هذه، فإنه يبدأ حينئذ بهذه التي يخاف فوتها، ثم
يصلى الفوائت، وإن كانت [1/ 16/ب] فوائته ست صلوات فصاعداً فذكرها في وقت
صلاة، وقد دخل وقتها أو لم يدخل
(1/413)
وقتها، فيبدأ بالتي دخل وقتها قبل الفوائت،
ثم قضى الفوائت، جازت صلاته كلها.
قال أبو بكر: ليس بيني شيء مما فرقوا بينه فرق.
16 - باب جماع أبواب الجمع بين الصلاتين
(ح 263) ثبتت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين
الظهر والعصر في وقت
الظهر، وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت العشاء.
(ح 264) وثبتت عنه أنه كان إذا عجل في السير جمع بين المغرب والعشاء.
(ح 265) ودل خبر معاذ على أن جمعه بين الصلاتين في السفر وهو نازل غير
سائر.
فالجمع بين الصلاتين في السفر جائز نازلاً وسايراً كما فعل النبي- صلى الله
عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على القول ببعض هذه الأخبار، واختلفوا في
القول ببعضها.
م 373 - فمما أجمعوا عليه وتوارثته الأئمة قرناً عن قرن، وتبعهم الناس عليه
منذ زمان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الوقت، الجمع بين الظهر
والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء يجمع في ليلة النحر.
(1/414)
م 374 - واختلفوا في الجمع بن الصلاتين في
سائر الأوقات.
فرأت طائفة: أن يجمع المسافر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وممن
رأى ذلك سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأسامة بن زيد، وابن عباس، وأبو
موسى الأشعري، وطاؤس، ومجاهد، وعكرمة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
وأبو ثور.
وكرهت طائفة. الجمع بينهما إلا عشية عرفة وليلة جمع، هذا قول الحسن، ومحمد
بن سيرين، وبه قال أصحاب الرأي.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
17 - باب الوقت الذي يجمع المسافر بين الصلاتين
وفي قول من رأى الجمع بينهما:
م 375 - واختلفوا في وقت الجمع بين الصلاتين، فكان الشافعي، وإسحاق يقولان.
من كان له أن يقصر فله أن يجمع إن شاء في وقت الأولى منهما وإن شاء في وقت
الآخرة.
وقال عطاء بن أبي رباح: لا يضره أن يجمع بينهما في وقت [1/ 17/ألف]
أحديهما.
وقالت طائفة. إذا أراد المسافر أن يجمع بين الصلاتين أخّر الظهر وعجّل
العصر وأخّر المغرب وعجّل العشاء وجمع بينهما، روى هذا القول عن سعد بن أبي
وقاص، وابن عمر، وعكرمة، وقال أحمد: وجه الجمع
(1/415)
أن يؤخّر الظهر حتى يدخل وقت العصر، ثم
ينزل فيجمع بينهما ويؤخّر المغرب كذلك، فإن قدم فأرجو أن لا يكون به بأس
(1).
وقال إسحاق: كذلك بالإرجاء.
وأما أصحاب الرأي: فإنهم يرون أن يصلي الظهر في آخر وقتها والعصر في أول
وقتها، فأما أن يصلي واحدة في وقت الأخرى فلا، إلا بعرفة ومزدلفة.
قال أبو بكر: بقول الشافعي أقول.
18 - باب الجمع بين الصلاتين في الحضر
(ح 266) ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بالمدينة بين
الظهر والعصر وبين
المغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر.
م 376 - واختلفوا فيه.
فقال مالك: يجمع بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، ولا يجمع بين الظهر
والعصر في حال المطر، ويجمع بينهما وإن لم يكن مطر إذا كان طيناً وظلمة.
__________
(1) في الأصل "أن".
(1/416)
وكان أحمد بن حنبل، وإسحاق: يريان الجمع
بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، وكان ابن عمر: يرى ذلك، وفعل ذلك
إبان بن عثمان، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن،
وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومروان، وعمر بن عبد العزيز.
وقال الشافعي يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان المطر
قائماً، ولا يجمع في غير حال المطر، وبه قال أبو ثور.
وكان عمر بن عبد العزيز: يرى الجمع بين الصلاتين في حال الريح والظلمة.
وقالت طائفة: الجمع بين الصلاتين مباح حال الريح والظلمة في الحضر وإن لم
يكن مطراً، واحتجوا بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(ح 267) روي عن ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر
والعصر وبين المغرب والعشاء في غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: لم فعل
ذلك، قال أراد أن لا يحرج أمته.
وقد روينا عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأساً أن يجمع بين الصلاتين إذا
كانت حاجة، أو شيء مالم يتخذ عادة.
19 - باب المريض يجمع بين الصلاتين
م 377 - واختلفوا في المريض يجمع بين الصلاتين، فرخصت طائفة في ذلك، هذا
قول عطاء. . . (1)
__________
(1) بدأ السقط من هنا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي: «اخْتَلَفَ
أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي
الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَجْمَعَ
بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي
رَبَاحٍ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ إِذَا كَانَ أَرْفَقَ بِهِ أَنْ
يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطٍ وَقْتَ الظُّهْرِ إِلَّا
أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ قَبْلَ ذَلِكَ
بَعْدَ
الزَّوَالِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ
الشَّفَقِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ
قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَطْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ
مِنَ الْمَرْضَى أَوْ صَاحِبِ الْعِلَّةِ الشَّدِيدَةِ فيَكُونُ هَذَا
أَرْفَقَ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ جَمَعَ الْمَرِيضُ بَيْنَ
الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إِلَى ذَلِكَ فَيُعِيدُ مَا كَانَ
فِي وَقْتِهِ وَمَا كَانَ ذَهَبَ وقته لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ
وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ
وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ
غَيْرَ حَالِ الْمَطَرِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ
فِي الْمَطَرِ رُخْصَةٌ لِعُذْرٍ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ غَيْرَهُ لَمْ
يَجْمَعْ فِيهِ وَذَلِكَ كَالْمَرَضِ وَالْخَوْفِ،
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالُوا فِي
الْمَرِيضِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ:
فَلْيَدَعِ الظُّهْرَ حَتَّى يَجِيءَ آخِرُ وَقْتِهَا وَيُقَدِّمُ
الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَا يَجْمَعُ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا»
(1/417)
انتهى الجزء الأول ويتلوه الجزء الثاني
وأوله كتاب صفة الصلاة
(1/419)
الإشراف
على مذاهب العلماء
لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر
النيسابوري 318هـ
المجلد الثاني
حققه وقدم له وخرج أحاديثه
د. أبو حامد صغير أحمد الأنصاري
(2/1)
الإشراف
على مذاهب العلماء
(2/2)
حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1425هـ - 2004 م
الناشر
مكتبة مكة الثقافية
هاتف: 2361835 - 7 - 00971
فاكس: 2362836 - 7 - 00971
ص. ب. 2326
رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة
(2/3)
ـ[الرموز والمصطلحات التي استعملت في
الدراسة والتحقيق:]ـ
لقد استعملت خلال ترجمة ابن المنذر، ودراسة الكتاب، وفي تحقيق الكتاب
رموزاً ومصطلحات للاختصار والتسهيل، وهي ليست بجديدة إلا البعض، وقد يتبادر
الذهن إلى الأصول في أول نظرة، لأن معظمها قد تستعمل في كثير من الكتب
المحققة، وهي كالتالي:
1 - حرف "ح" قبل الرقم إشارة إلى الحديث النبوي.
2 - حرف "م" قبل الرقم إشارة إلى المسألة الفقهية، سواء كانت مجمعا عليها
أو مختلفا فيها.
3 - "الأصل" إشارة إلى النسخة الخطية من كتاب الإشراف.
4 - "ألف" إشارة إلى اللوحة الأولى من الورقة من المخطوطة المصورة.
5 - "ب" إشارة إلى اللوحة الثانية من الورقة من المخطوطة المصورة.
6 - وكذلك اختصرت أسماء الكتب ومؤلفيها عند ذكرها في الدراسة والتحقيق، وهي
كالتالي:
بق: البيهقي في السنن الكبرى.
طف: ابن جرير الطبري في تفسيره.
ت: الترمذي في جامعه.
عب: عبد الرزاق في المصنف.
جه: ابن ماجه في سننه.
قط: الدارقطنى في السنن.
حم: أحمد بن حنبل في مسنده.
م: مسلم بن الحجاج في الصحيح.
خ: البخاري في الصحيح.
مط: مالك بن أنس في الموطأ.
د: أبو داود في السنن.
مي: الدارمي في السنن.
شب: ابن أبي شيبة في المصنف.
ن: النسائي في السنن.
ط: طبقات.
(2/4)
|