الإشراف على مذاهب العلماء

14 - كتاب الإمامة
1 - باب وجوب حضور صلاة الجماعة
(ح 335) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: والذي نفسي يده لقد هممت أن أمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم.
قال ابن عمر: كنا من فقدناه في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن.
(ح 336) وروينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لابن أم مكتوم وهو ضرير: لا أجد لك رخصة، يعني في التخلف عن الجماعة، وقال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية.
م 548 - وقد روينا عن غير واحد من أصحاب النبي عليه السلام أنهم قالوا: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له، منهم ابن مسعود، وأبو موسى الأشعري.

(2/125)


(ح 337) وقد روى ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم -.
وممن كان يرى أن حضور الجماعات فرض، عطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور.
وقال الشافعي: لا أرخص لمن قدر على صلاة الجمعة في ترك إتيانها إلا من عذر.
وقال ابن مسعود: ولقد رأينا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه.

2 - أبواب الأعذار التي من أجلها يسع التخلف عن الجماعات
قال أبو بكر:
(ح 338) مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فتخلف عن الجماعات.
م 549 - ولا أعلم إختلافاً بين أهل العلم على أن للمريض أن يتخلف عن [1/ 33/ب] الجماعات من أجل المرض.
(ح 339) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فأبدوا بالعشاء.

(2/126)


م 550 - وقال بظاهر الحديث عمر بن الخطاب، وابن عمر، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: يبدأ بالصلاة إلا أن يكون طعاماً خفيفاً وقال الشافعي: "يبدأ بالطعام إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه، فإن لم يكن كذلك ترك العشاء، وإتيان الصلاة أحب إلي".
قال أبو بكر: ظاهر خبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أولى.
قال أبو بكر: ويستحب لمن به غائط أو بول أن يبدأ به قبل الصلاة، وللمرأ أن يتخلف عن الجماعة في الليلة المطيرة من أجل المطر.
ويكره أكل الثوم والبصل لن يحضر الجماعات، ولا يغشى المساجد من أكل ذلك إلا أن ينضج فتذهب الرائحة.

3 - باب الأمر بالسكينة في المشي إلى الصلاة
(ح 345) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن إيتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
قال أبو بكر:
م 551 - وقد فعل ذلك زيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبو ثور.
وقد روينا عن ابن عمر أنه أسرع المشي إلى المسجد لما سمع الإقامة.

(2/127)


وروى عن ابن مسعود أنه فعل ذلك، وقد روى ذلك عن الأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد، وقال أحمد بظاهر الحديث.
وقال إسحاق: يسرع إذا خاف التكبيرة الأولى.
قال أبو بكر: يمشي كما جاء في الحديث.

4 - باب من يستحق الإمامة
(ح 341) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أحق القوم أن يؤمهم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سناً.
م 552 - وقد اختلفوا في هذه المسألة، فروينا عن الأشعث بن قيس أنه قدم غلاماً وقال: إنما أقدم أهل القرآن، وممن قال: النبي يؤم القوم أقرأهم ابن سيرين، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب الرأي: وأعلمهم بالسنة.
قال أبو بكر: وبهذا القول؛ لأنه موافق للسنة، وقد قيل غير ذلك.
وقال عطاء بن أبي رباح: كان يقال: يؤمهم أفقههم، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرأهم، فإن كانوا في الفقه سواء فأسنهم.

(2/128)


وقال مالك: يتقدمهم أعلمهم إذا كانت حاله حسنة [1/ 34/الف] وإن للسن لحقا.
وقال الأوزاعى: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن.
وقال الشافعي: يقدمون (1) أقرأهم وأفقههم، وأسنهم.
وقال أبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن.
قال أبو بكر: يقدم الناس على سبيل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

5 - باب إمامة غير البالغ
م 553 - واختلفوا في إمامة غير البالغ، فممن رأى أن الصلاة خلف من لم يبلغ جائزة، الحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور.
وكره إمامة من لم يبلغ، عطاء بن أبي رباح (2)، والشعبى، ومجاهد، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم.
وفيه قول ثالث: قال الأوزاعى: لا يؤم الغلام في الصلاة المكتوبة حتى يحتلم، إلا أن يكونوا قوماً لي معهم من القرآن شيء فإنه يؤمهم الغلام المراهق.
وفيه قول رابع: وهو أن الجمعة لا تجزئ خلف الإمام الذي لم يحتلم ويؤم في سائر الصلوات" هذا قول الشافعي، آخر قوليه، وقد كان قبل
__________
(1) في الأصل "يقدموا".
(2) في الأصل "عطا بن أبي إبراهيم" وصحح في الحاشية.

(2/129)


يقول: ومن أجزت إمامته في المكتوبة أجزت إمامته في الجُمع والأعياد، غير أني أكره فيهما إمامة غير الوالي.
قال أبو بكر: إمامة غير البالغ جائزة إذا عقل الصلاة وقام بها لدخوله في جملة:
(ح 342) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أقرأهم.
لم يستثن أحداً.

6 - باب إمامة الأعمى
قال أبو بكر:
م 554 - أباح عوام أهل العلم إمامة الأعمى، فممن كان يؤم وهو أعمى ابن عباس، وعتبان بن مالك، وقتادة، وهذا قول القاسم بن محمد، والشعبى، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقد روينا عن ابن عباس رواية ثانية أنه قال: كيف أؤمهم وهم (1) يعدلوني إلى القبلة.
وعن أنس بن مالك أنه قال: وما حاجاتهم إليه.
قال أبو بكر: إمامة الأعمى كإمامة الصحيح، وهو داخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) في الأصل "وهو" والصحيح ما أثبته.

(2/130)


(ح 343) يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله.
(ح 344) وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إستخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس.

7 - باب إمامة العبد
م 555 - روينا عن عائشة أنه كان يؤمها [1/ 34/ب] غلام لها، وأمّ أبو سعيد مولى بني أسد وهو عبد، نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم حذيفة، وابن مسعود، ورخص في إمامة العبد، إبراهم النخعى، والشعبى، والحسن البصري، والحكم، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وكره ذلك أبو مجلز.
وقال مالك: لا يؤمهم إلا أن يكون العبد قارئاً، ومن معه من الأحرار لا يقرؤون، إلا أن يكون في عيد أو جمعة فإن العبد لا يؤم فيهما.
ويجزئ عند الأوزاعي: إن صلوا وراءه.
قال أبو بكر: العبد داخل في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ.

(2/131)


8 - باب الصلاة خلف الأعرابي
م 556 - كره أبو مجلز: إمامة الأعرابي.
وقال مالك: لا يؤم القوم الأعرابي وإن كان أقرأهم.
وفي قول سفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي،
الصلاة خلف الأعرابي جائزة.
وكذلك كان عطاء يقول: إذا قام بحدود الصلاة.

9 - باب إمامة الأمي
م 557 - كان عطاء يقول: إذا كان أمياً لا يحسن من القرآن شيئاً وامرأته تقرأ، يكبّر زوجها وتقرأ هي، إذا فرغت من القراءة كبر وركع وسجد، وهي خلفه تصلي بصلاته، روى هذا المعنى عن قتادة.
وفي قول الشافعي: إذا أم الأميّ الذي لا يحسن شيئاً من القرآن من هو مثله، فصلاتهم جائزة، وإن أم من يحسن يقرأ القرآن لم تجز صلاتهم خلفه.
وقال النعمان: إذا صلى الأمىّ بقوم يقرؤون وبقوم أميين فصلاتهم كلهم فاسدة.
وقال يعقوب: صلاة الإمام ومن لا يقرأ تامة.

(2/132)


وقالت فرقة: صلاة الإمام وصلاة من خلفه جائزة؛ لأن كلاً يؤدي فرضه، وذلك مثل المتيمم يصلي بالمتطهرين بالماء، والمصلى قاعداً يصلي بقوم يصلون قياماً صلاتهم مجزئة في قول من خالفنا؛ لأن كلاًّ يؤدي فرض نفسه.

10 - باب إمامة ولد الزنا
م 558 - كان عطاء بن أبي رباح يقول: له أن يأم إذا كان مرضياً، وبه قال سليمان بن موسى (1)، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، وعمرو بن دينار، وسفيان الثوري، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق، غير أن البعض قال: إذا كان مرضياً، ولا تجزئ الصلاة خلفه عند أصحاب الرأي.
قالت عائشة: ما عليه من وزر أبويه شىء، وقد روينا عن عمر بن [1/ 35/ألف] عبد العزيز أنه نهى رجلاً كان يؤم بالعقيق لا يعرف له أب، وقال مالك: أكره أن يتخذ إماماً راتباً.
قال أبو بكر: يؤم لدخوله في جملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(ح 345) يؤم القوم أقرأهم.
__________
(1) في الأصل "يسار" وصحح في الحاشية, وهو الصحيح كما في الأوسط 4/ 160 رقم المسألة572.

(2/133)


11 - باب الخنثى
م 559 - كان الشافعي، وأبو ثور، يقولان: لا يؤم الخنثى المشكل الرجال ويؤمّ الخنثى النساء.

12 - باب الكافر يؤم المسلم والمرأة تؤم الرجال
م 560 - وإذا صلى رجل كافر بقوم مسلمين وهؤلاء يعلمون بكفره، فكان الشافعي، وأحمد يقولان: لا يجزيهم ويعيدون.
وقال الأوزاعي: يعاقب.
م 561 - وقال الشافعي، وأبو ثور: لا يكون بصلاته مسلماً.
وقال أحمد: يجبر على الإسلام.
م 562 - وقال أبو ثور، والمزني: لا إعادة على من صلى خلفه.
والشافعي يوجب الإعادة على من صلى من الرجل خلف امرأة.
وقال أبو ثور: لا إعادة عليهم، هذا قياس قول المزني.

13 - باب الإمام يصلي على مكان أرفع من مكان المأومين
(ح 346) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على المنبر يوماً والناس وراءه، فجعل يصلي فيركع ثم يرفع ويرجع القهقرى، ويسجد على الأرض فلما فرغ قال: أيها الناس أي إنما صليت لكم كما ترون فتأتمون بي.

(2/134)


قال أبو بكر: هكذا يفعل الإمام إذا أراد تعلّمهم فإن لم يرد تعليمهم فذلك مكروه.
(ح 347) لحديث رويناه عن أبي مسعود أن ذلك منهي عنه.
م 563 - وقد اختلفوا فيه، فكان الشافعي: يرى ذلك جائزاً إذا أراد الإمام تعلمهم.
وقال أصحاب الرأي: ذلك مكروه وصلاتهم تامة.
وقال الأوزاعى: لا يجزئ ذلك حتى يستوي معهم على الأرض.

14 - باب وقت قيام المأمومين إلى الصلاة
م 564 - كان أنس بن مالك، إذا قيل: قامت الصلاة، وثب فقام.
وكان عمر بن عبد العزيز، ومحمد بن كعب القرطبي، وسالم بن عبد الله، وأبو قلابة، وعراك بن مالك، والزهري، وسليمان بن حبيب المحاربي: يقومون إلى الصلاة في أوائل تكبيرة من الإقامة، به قال عطاء وهو مذهب أحمد، وإسحاق، إذا كان في المسجد.

(2/135)


وكان مالك: لا يوقت فيه وقتاً.
وقال النعمان، ومحمد: "يجب" أن يقوموا في الصف إذا قال المؤذن [1/ 35/ب] على الفلاح، فإذا قال: قد قامت الصلاة، كبر الإمام، وإذا لم يكن الإمام معهم كرهنا أن يقوموا في الصف والإمام غائب عنهم.
وقال يعقوب: لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة.

15 - باب وقت تكبير الإمام
م 565 - واختلفوا في وقت تكبير الإمام.
فقالت طائفة: يكبر إذا قال المؤذن، قد قامت الصلاة، كان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك، وبه قال النخعي، سويد بن غفلة، وإسماعيل بن أبي خالد، والنعمان، ويعقوب.
وقالت طائفة: لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، هذا قول الحسن البصري، ويحيى بن وثاب، وأحمد، وإسحاق، يعقوب.
قال أبو بكر: وبه نقول، وعليه عمل الأئمة في الأمصار.

(2/136)


16 - باب قيام المأمومين خلف الإمام
(ح 348) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فحوّل ابن عباس عن يمينه.
قال أبو بكر:
م 566 - وهذا قول أكثر أهل العلم، فممن هذا مذهبه، عمر بن الخطاب، وابن عمر، وجابر بن زيد، وعروة بن الزبير، ومالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وبه نقول.
وفي المسألة قولان: سوى ذلك، أحدهما: عن سعيد بن المسيب أنه قال: يقيمه عن يسار، والقول الثاني: عن النخعى، وهو أن الإمام إذا كان خلفه رجل واحد فليقم من خلفه ما بينه وبين أن يركع فإن جاء آخر، وإلا قام عن يمينه، وإذا كانا اثنين قام أحد عن يمينه والآخر عن يساره.
م 567 - واختلفوا في النفر الثلاثة يجتمعون، فقالت طائفة: يقدمون أحدهم، هذا قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

(2/137)


وكان ابن مسعود: يرى إذا كانوا ثلاثة أن يصفوا جميعاً فإذا كانوا أكثر من ذلك قدموا أحدهم، فعل ذلك بعلقمة، والأسود، جعل أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وبه قال النخعى.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
(ح 349) لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى بجابر، وبجبار بن صخر، فأقامهما خلفه.
م 568 - واختلفوا في الإمام يكون معه رجل واحد وامرأة، فكان أنس بن مالك: يرى أن يقوم الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفه.
وبه قال عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، والنخعى، وقتادة، ومالك، والثوري، والأوزاعى.
وقد روينا عن الحسن أنه قال: يصلون متواترين بعضهم [1/ 36/ألف]
خلف بعض.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
(ح 350) لحديث أنس عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه جعل أنساً عن يمينه والمرأة أسفل
من ذلك.

(2/138)


17 - باب الصفوف
(ح 351) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة".
م 569 - واختلفوا في الصف بين السواري، فكره ذلك، ابن مسعود، و (1) حذيفة بن اليمان، والنخعى، وروى ذلك عن ابن عباس.
ورخص فيه ابن سيرين، ومالك، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: ذلك جائز لأني لا أعلم في النهى عنه خبراً يثبت.

18 - باب صلاة المأموم خلف الصف وحده
م 570 - واختلفوا في الصلاة خلف الصف وحده، فقالت طائفة: لا يجزيه، هذا قول النخعى، والحكم، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق.
وأجاز ذلك، الحسن البصري، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: لا يجزئ صلاة الفرد خلف الصف وحده.
__________
(1) في الأصل "حذيفة" بدون واو.

(2/139)


(ح 325) لحديث وابصة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلاً صلى خلف الصف وحده
بالإعادة، وبيّن الحديث أحمد، وإسحاق.
م 571 - واختلفوا في الرجل ينتهي إلى القوم وقد استوت الصفوف واتصلت، فقالت طائفة: يجرّ إليه رجلاً ليقوم معه، روى هذا القول عن عطاء، والنخعى.
وقال بعضهم: جبذ الرجل من الصف ظلم، وممن كره ذلك: مالك، والأوزاعي، واستقبح ذلك أحمد، وإسحاق.
م 572 - واختلفوا في ركوع الرجل دون الصف، فرخص فيه، زيد بن ثابت، وفعل ذلك ابن مسعود، وزيد بن وهب، وروى عن سعيد بن جبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وابن جريج، ومعمر، أنهم فعلوا ذلك، وأجاز ذلك أحمد بن حنبل.
وقال الزهري: إن كان قريباً من الصفوف فعل، وإن كان بعيداً لم يفعل، وبه قال الأوزاعي.

(2/140)


19 - باب من خالف الإمام في صلاته
م 573 - واختلفوا في صلاة من خالف الإمام في صلاته، فروينا عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة له.
وروى عن عمر أنه قال: أيما رجل رفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود فليضع رأسه بعد رفعه إياه.
وقال الحسن البصري، وإبراهم النخعى: يعد في سجدته قبل أن يرفع الإمام رأسه، وهذا قول مالك، والأوزاعى، وأحمد، وإسحاق.
وقال الأوزاعى: فليعد رأسه إذا رفع الإمام [1/ 36/ب] رأسه فليمكث بعده بقدر ما ترك.
وقال أبو ثور: إذا رفع قبل الإمام فيدركه الإمام وهو راكع وسجد قبله فأدركه الإمام وهو ساجد يجزيه وقد أساء، وحكى ذلك عن الشافعي.
وقال سفيان الثوري: فيمن ركع قبل الإمام ينبغي له أن يرفع رأسه ثم يركع، ومن يسلم من هذا؟.

20 - باب متى يكون المأموم مدركا للركعة خلف الإمام
(ح 353) ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها.
م 574 - واختلفوا في الوقت الذي يكون المرء مدركاً للركعة.

(2/141)


فقال ابن مسعود: من أدرك الركوع فقد أدرك، وبه قال ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وميمون بن مهران، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهذا مذهب مالك، والنعمان.
وروينا عن علي، وابن مسعود أنهما قالا: من لم يدرك الركعة فلا يعتد بالسجود.
وقال قتادة، وحميد، وأصحاب الحسن: إذا وضع يديه على ركبته قبل أن [[يرفع]] الإمام رأسه فقد أدرك، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن يضع يديه فلا يعتد به.
وفيه قول ثان: قاله أبو هريرة قال: من أدرك القوم ركوعاً فلا يعتد بالركعة.
وفيه قول ثالث: قاله الشعبي قال: فإذا انتهيت إلى الصف الآخر ولم يرفعوا رؤوسهم وقد رفع الإمام فاركع فإن بعضكم أئمة لبعض.
وقال ابن أبي ليلى: إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه أَتبع الإمام وكانوا بمنزله القائم.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

21 - باب أمر المأموم بالصلاة جالساً إذا صلى إمامه جالساً
(ح 354) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع

(2/142)


فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً.
واختلفت الأخبار في صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه، خلف أبي بكر، ففي بعض الأخبار أن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس، وفي بعضها أن أبا بكر كان المقدم.
(ح 355) وقالت عائشة: وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه.
م 575 - واختلف أهل العلم في الإمام يصلي بالناس جالساً من علة، فقالت طائفة: يصلون قعوداً، فممن فعل ذلك جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد بن حضير، وبه قال أحمد، وإسحاق، [1/ 37/ألف] وقال أحمد: كذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله أربعة من أصحابه.
قال أبو بكر:
(ح 356) الرابع هو في الخبر الذي رويناه عن قيس بن فهد أن إماماً لهم اشتكى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يؤمناً جالساً ونحن جلوس.

(2/143)


وقالت طائفة: يصلّون قياماً، يصلى كل واحد قرضه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وقال سفيان الثوري: إذا كانوا جلوساً يجزيه ولا يجزيهم.
وقال أصحاب الرأي: "في مريض صلى قاعداً يسجد ويركع فأتم به قوم فصلوا خلفه قياماً، قال: يجزيهم، وإن كان الإمام قاعداً يؤمي إيماءً أو مضطجعاً على فراشه، والقوم يصلون قياماً، قال: يجزيه، ولا يجزيهم في الوجهين جميعاً".
وفيه قول ثالث: قاله مالك قال: "لا ينبغى لأحد أن يؤم الناس قاعداً".
وحكى عن المغيرة أنه قال: ما يعجبني أن يصلي الإمام بالقوم جالساً.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

22 - باب الائتمام بالمصلي الذي لا ينوي الإمامة
(ح 357) ثبت أن ابن عباس جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل، فقام ابن عباس عن يساره، فجعله النبي- صلى الله عليه وسلم - عن يمينه.
م 576 - وقد اختلف فيه، فكان الشافعي يقول: الائتمام لمن صلى لنفسه لا ينوي الإمامة جائز.
وقال الثوري، وإسحاق: على المأموم الإعادة.

(2/144)


وقال النعمان: في الرجل نوى أن يؤم الرجال ولا يؤم النساء، فصلت امرأة إلى جنبه ائتمت به قال: لا تجزيها صلاتها، ولا تفسد عليه صلاته.
م 577 - واختلفوا فيه عن أحمد، فقال مرة: لا يعجبني في الفرض، ولا بأس به في التطوع، وقال مرة: على المأموم الإعادة، ولم يذكر فرضاً ولا غير فرض.
قال أبو بكر: بحديث ابن عباس عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أقول.

23 - باب الإمام يصلي بالقوم وهو جنب
م 578 - واختلفوا في الإمام يصلي بالقوم وهو جنب، فقالت طائفة: يعيد ولا يعيدون، هذا قول عمر بن الخطاب، وروى ذلك عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والنخعى، ومالك، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب، وأبو ثور، والمزني.
وقالت طائفة: يعيد ويعيدون، روى هذا القول عن علي، وبه قال ابن سيرين، والشعبي، والنعمان، وأصحابه.
وقال حماد بن [1/ 37/ب] أبي سليمان: أحب إلينا أن يعيد ويعيدوا.
وقال عطاء: إذا ذكر حين يفرغ يعيد ويعيدون، وإن لم يذكر حتى فاتت تلك الصلاة فإنه يعيد ولا يعيدون، هذا إذا صلى بهم على غير

(2/145)


وضوء، وإن كان جنبا أعادوا إن فاتت تلك الصلاة فليست الجنابة كالوضوء.
قال أبو بكر: لا يعيدون.
م 579 - واختلف مالك، والشافعي في الإمام يتعمد أن يصلي وهو جنب، فقال مالك: صلاة القوم فاسدة.
وقال الشافعي: صلاتهم تامة.

24 - باب الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد صلى فيه الإمام بأصحابه
قال أبو بكر:
(ح 358) روينا أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه.
م 580 - وقد اختلف في هذا، ثبت عن أنس أنه صلى جماعة بعد صلاة الإمام، وروى ذلك عن ابن مسعود، وبه قال عطاء، والنخعي، والحسن البصرى، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، واحتج أحمد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

(2/146)


(ح 359) صلاة الجمع تزيد على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
وقالت طائفة: لا يجمع في المسجد مرتين، هذا قول سالم بن عبد الله، وبه قال أبو قلابة، وابن عون، وأيوب، وعثمان البتى، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثالث: قاله أحمد: وهو أن لا يصلي في المسجد الحرام، ومسجد المدينة، وأما غير ذلك من المساجد فأرجو أن يكون ذلك واسعا لمن فعله.
م 581 - وكان مالك، والشافعي يقولان: في مسجد على طريق من طرق المسلمين لا بأس أن يصلي فيه قوم بعد قوم.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

25 - باب اختلاف نية الإمام والمأموم
(ح 360) ثبت أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -العشاء، ثم يرجع فيصليها بقومه في بني مسلمة.

(2/147)


قال أبو بكر:
م 582 - فممن هذا مذهبه القول بظاهر الحديث عطاء، وطاووس، وبه قال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب وأبو ثور، وقال بهذا المعنى الأوزاعي.
وقالت طائفة: كل من خالفت نيته نية الإمام في شيء من الصلاة لم يعتد بها، واستأنف، هذا قول الزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري، ومالك.
وروى معناه عن الحسن البصري وأبى قلابة [1/ 38/ألف].
وقال الكوفي: إذا صلى الإمام تطوعا لم تجز لمن صلى خلفه الفريضة، وإن صلى الإمام فريضة صل خلفه التطوع.
وقال عطاء، وطاؤس: يجوز أن يصلي العشاء مع الإمام (1) يصلي التراويح، ويبني ركعتين إذا سلم الإمام.
وفي قول سعيد بن المسيب، والزهري: يصلي معهم، ثم يصلي العشاء وحده.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول، استدلالاً بحديث معاذ.

26 - باب تلقين الإمام
م 583 - واختلفوا في تلقين الإمام، فممن فتح عليه عثمان بن عفان، وابن عمر.
وروينا عن علي أنه قال: إذا استطعمكم الإمام فأطعموه، واستطعامه
__________
(1) في الأصل "ويصلي" , والصحيح بدون واو.

(2/148)


سكوته، وهذا قول عطاء، والحسن البصري، ابن سيرين، وابن مغفل، ونافع بن جبير بن مطعم، وأبي أسماء الرحبي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وكره ابن مسعود، والشعبي، وشريح، وسفيان الثوري ذلك.
وقال النعمان: في الرجل يستفتحه الرجل وهو في الصلاة فيفتح عليه، قال: هذا كلام في الصلاة، وإن فتح على الإمام لك يكن كلاماً.
وقال محمد بن الحسن: لا ينبغى أن يفتح على الإمام.
قال أبو بكر: يفتح على الإمام.

27 - باب صلاة النساء جماعة
م 584 - واختلفوا في إمامة المرأة النساء.
فرأت طائفة: أن تؤم المرأة النساء، روي ذلك عن عائشة، وأم سلمة أمى المؤمنين، وبه قال عطاء، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور.
وقالت طائفة: لا تؤم المرأة في مكتوبة ولا نافلة، هذا قول سليمان بن يسار، والحسن البصري.
وقال مالك: لا ينبغي المرأة أن تؤم أحداً.

(2/149)


وكره أصحاب الرأي ذلك، وقال: مجزيهم إن فعلت وتقوم وسطاً من الصف.
وفيه قول ثالث: وهو أنها لا تؤمهن في الفريضة، وتؤمهن في التطوع.
م 585 - ولا تقدمهن، روينا ذلك عن الشعبي، والنخعى، وقتادة.

28 - باب رد السلام على الإمام
م 865 - واختلفوا في رد السلام على الإمام عند التسليم من الصلاة.
فقالت طائفة: يسلم على الإمام، فممن روى عنه أنه رأى ذلك أبو هريرة، وابن عمر، وبه قال عطاء، والشعبي، وابن سيرين، وقتادة، وإسحاق، وأبو ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن يكفى من ذلك أن يسلم عن يمينه وعن يساره، هذا قول النخعي، وقال أحمد بن حنل: ما أدرى ما هو، وما فيه حديث يعتمد علي [1/ 38/ب] وكان لا يفعله.
وفيه قول ثالث: وهو إذا كان الإمام عن يمينك سلمت على يمينك ونويت الإمام في ذلك، وكذلك إذا كان عن يسارك، وإن كان بين يديك فسلم عليه في نفسك، ثم سلم على يمينك وعن يسارك، هذا قول حماد بن أبي سليمان.

(2/150)


29 - باب الصلاة خلف الخوارج وأهل البدع
م 587 - واختلفوا في الصلاة خلف من لا يرضى حاله من الخوارج وأهل البدع فرأت طائفة الصلاة خلفهم، فممن أجاز ذلك خلف الخوارج أبو جعفر.
وقال الحسن في صاحب البدعة: يصلى خلفه، والشافعي: يجز الصلاة خلف من أقام الصلاة، وإن كان غير محمود الحال في دينه.
وقال الثوري في القدري: لا تقدموه.
وقال أحمد في المرجئ: إذا كان داعيا للصلاة لا يصلي خلفه ومن صلى خلف الجهمين يعيد، والقدري، إذا كان يرد الأحاديث، والرافضى كذلك، يعيد من صلي خلفهما، وقال أحمد: لا يصلي خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعيا إلى هواه.
وقد حكى عن مالك أنه قال: لا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم، ويصلى خلف أئمة الجور.
قال أبو بكر: كل من أخرجته من بدعته إلى الكفر لم تجز الصلاة خلفه، ومن لك يكن كذلك فالصلاة خلفه جائزة، ولا نحب تقديم من هذه صفته.

30 - باب إمامة صاحب المنزل
م 588 - حضر ابن مسعود، وحذيفة دار أبي موسى، فتقدم أبو موسى وأمهم

(2/151)


لأنهم كانوا في داره، وفعل ابن عمر هذا بمولى فصلى خلف المولى.
وقال عطاء صاحب الربع يؤم من جاءه، وبه قال الشافعي.

31 - باب الصلاة أمام الإمام
قال أبو بكر:
(ح 361) سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يكون الإمام أمام المأمومين.
م 589 - واختلفوا في المصلي يصلي أمام الإمام في حال الضرورة من الزحام وما أشبهه.
فقالت طائفة: إذا كان كذلك فصلاة من صلى منهم أمام الإمام جائزة، هذا قول مالك: إذا ضاق الزحام في الجمعة، وبه قال إسحاق، وأبو ثور.
ولا يجزئ ذلك عند الشافعي، وأصحاب الرأي.

32 - باب المكبر قبل إمامه لا خلاف أن الأمام يبدأ فيكبر ثم يكبر من ورائه
(ح 362) ثبت أن رسول الله [1/ 39/ألف]- صلى الله عليه وسلم -قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم

(2/152)


به فإذا كبر فكبروا".
م 590 - واختلفوا فيمن كبر قبل إمامه.
فقالت طائفة: يعيد تكبيره فإن لم يفعل فعليه الإعادة، هذا قول عطاء، ومالك، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، ولم يقولوا يخرج مما دخل فيه بتسليم أو كلام.
وكان الشافعي يقول: لا يجزيه تكبيرة حتى يقطع، يسلم.

33 - باب انتظار الإمام راكعاً إذا سمع وقع نعل رجل
م 591 - واختلفوا في الإمام في ركوعه يسمع وقع إقدام الناس.
فقالت طائفة: ينتظرهم حتى يدركوه، هذا مذهب الشعبي، والنخعي، وأبي مجلز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وقال آخر: ينتظرهم ما لم يشق على أصحابه، هذا قول أحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال الشافعي: ينتظرهم.

(2/153)


وقال الأوزاعى، والنعمان، ويعقوب: يركع كما كان يركع.
قال أبو بكر: قول الشافعي، والأوزاعي حسن.

34 - باب الإمام يخص نفسه بالدعاء دون القوم
(ح 363) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا كبر في الصلاة قبل القراءة "اللهم باعد يني وبين خطاياي كما باعت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض الدنس، اللهم أغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد" (1).
قال أبو بكر: وبهذا أقول.
م 592 - وقد روينا عن مجاهد، وطاؤس أنهما قالا: لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء دون القوم.
وكره ذلك الثوري، والأوزاعى.
وقال الشافعي: لا أحب ذلك.

مسألة
م 593 - واختلفوا في الرجل ينتهي إلى الإمام فيجده قاعداً في آخر صلاته فيكبر ويجلس مع الإمام، فكان مالك، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، يقولون: يكبّر إذا قام.
__________
(1) في الأصل "أنه يخص".

(2/154)


وقال الشافعي: يقوم بغير إحرام ويصلي بإحرامه الأول، وقال الحكم، وحماد: إذا قام أخذ بتلك التكبيرة لأنه نوى بها الإحرام.

مسألة
م 594 - واختلفوا في الرجل يدرك وتراً من صلاة الإمام ويجلس بجلوس الإمام، فقالت طائفة: لا يتشهد، كذلك قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وعمرو بن دينار.
وروينا عن عطاء أنه قال: يتشهد، وبه قال نافع، والزهري، وسفيان الثوري.

35 - باب اختلافهم في الذي يدركه المرء من صلاة [1/ 39/ب] الإمام
م 595 - واختلفوا في الذي يدركه المأموم من صلاة الإمام.
فقالت طائفة: يجعله أول صلاته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، ولا يثبت ذلك عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز،

(2/155)


ومكحول، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وإسحاق، والمزني.
وقالت طائفة: يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته كذلك قال ابن عمر، وبه قال مجاهد، وابن سيرين، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

36 - باب استخلاف الإمام من يتم بالقوم باقي صلاته
م 596 - واختلفوا في الإمام يحدث، فقالت طائفة: يقدم رجلاً يبتدئ من حيث بلغ الإمام المحدث ويبني على صلاته، روى هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعلقمة، وعطاء، والحسن البصري، والنخعى، وبه قال الثوري، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي في آخر قوليه: "الاخيار أن يصلي القوم فرادى إذا كان ذلك، فإن قدم أو قدموا رجلاً فأتم بهم أجزاهم".
وقال أحمد: إن قدم رجلاً فلا بأس، واحتج بعمر، وعلي.
قال أبو بكر:
م 597 - فإن قدم الإمام المحدث من لا يدري كم صلى الإمام، فإن النخعى قال: ينظر ما يصنع من خلفه.
وقال الشافعي: يتصنع للقيام فإن سبحوا به جلس وعلم أنها الرابعة، قدّم رجلاً فسلّم بهم، وإن لم يعلم شيئاً من هذا بتسبيحهم، صلاها من أولها.

(2/156)


وقال مالك: يصلى لنفسه صلاة تامة ويصلى الناس خلفه ويعتدون بما صلى بهم الإمام، فإذا فرغوا من صلاتهم قعدوا وانتظروا حتى إذا فرغ الإمام من صلاته سلم بهم.
وفيه قول ثالث: قاله الأوزاعى قال: يصلى بهم ركعة لأنه قد أيقن أنهم قد بقيت عليهم ركعة، فيصلى ثم يتأخر ويقدم رجلاً فيصلي بهم ما بقي من صلاته أو يسلم إن كانوا قد أتموا، فإذا سلّم قام الرجل فأتم ما بقى عليه من صلاته.

مسألة
م 598 - واختلفوا في الإمام أحدث وقدم القوم رجلين كل طائفة منهم رجلاً، فقال أصحاب الرأي: صلاتهم جميعاً فاسدة.
وفيه قول الشافعي: صلاة الفريقين اللذين قدم كل واحد منهما رجلاً تامة.
م 599 - واختلفوا في الرجل يكبّر مع إمام فسهى قائماً وركع الإمام ومن معه ثم استأن وقد سجدوا، فكان مالك يقول: إذا أدركهم في أول سجودهم سجد معهم واعتد بها، وإن علم أنه لا يقدر على الركوع، وإن يدركهم في [1/ 40/ألف] السجود حتى يستووا قياماً في الثانية، فليتبعهم فيما بقى من صلاتهم، فإذا سلم الإمام قام فقضى تلك الركعة وسجد سجدتي السهو.
وقال الأوزاعى: كذلك، غير أنه لم يجعل عليه سجدتي السهو.

(2/157)


م 600 - وقال شعبة: صليت خلف القشيري بالكوفى وكان الزحام شديداً فسبقني بالركوع والسجود، ولا أعلم حتى رفع رأسه فاتبعه بالركوع والسجود، ثم سجدت سجدتين بعد ما فرغت، فسألت الحكم، وحماداً فقالا: اسجد معه واحتسب.
وفي قول الشافعي: يسجد ويتبعه ما لم يركع الإمام الركعة الثانية وليس له أن يسجد الأولى وقد ركع الإمام للركعة الثانية، ولكن يلغى الأولى ويتبعه في الثانية.

(2/158)