الإشراف على مذاهب العلماء

15 - كتاب العيدين
1 - باب التكبير ليلة الفطر
قال الله جل ثناءه: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} الآية.
م 601 - واختلف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر ويوم الفطر، فقال أكثر أهل العلم: يكبّرون إذا غدوا إلى المصلى، كان ابن عمر يفعل ذلك، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب، وأبي أمامة الباهلي، وأبي رُهم، وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفعل ذلك إبراهم النخعى، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو الزناد، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وإبان بن عثمان، وأبي بكر بن محمد، والحكم، وحماد بن سليمان، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور، وحكى الأوزاعى ذلك عن أناس.
وكان الشافعي يقول: "إذا رأى هلال شوال أحب أن يكبّر الناس جماعة، وفرادى فلا يزالون يكبرون ويظهرون التكبير حتى يغدو إلى المصلى وحتى يخرج الإمام للصلاة، وكذلك أحب في ليلة الأضحى لمن لم (1) يحج.
__________
(1) في الأصل "لمن يحج" والتصحيح من الأوسط, والأم.

(2/159)


وروينا عن ابن عباس أنه سمع الناس يكبرون فقال: يكبر الإمام؟
قيل: لا، قال: أمجانين الناس.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.
لأن ذلك قد رويناه عن جماعة من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وجماعة من التابعين، وهو قول أكثر أهل العلم، وإن كبر ليلة الفطر، فلا بأس به لأنه ذكر الله عز وجل.

2 - باب صفة التكبير
م 602 - كان قتادة يقول: التكبير، الله أكبر، الله أكبر الله على ما هدانا الله أكبر ولله الحمد.
وكان ابن المبارك يقول إذا خرج يوم الفطر: الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله [1/ 40/ب] أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا.
وكان مالك: لا يحد فيه حداً.
وقال أحمد: هذا واسع.

(2/160)


3 - باب المكان الذي يؤتى منه العيد
م 603 - واختلفوا في المكان الذي يؤتى منه العيد، فقال الأوزاعي: من آواه الليل إلى أهله فعليه الجمعة والعيد.
وقال ربيعة: كانوا يرون الفرسخ.
وقال أبو الزناد: هما في النزول كهما منزلة الجمعة، وبه قال مالك، والليث بن سعد.

4 - باب الأكل يوم الفطر قبل الغدوّ إلى المصلى
(ح 364) روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم النحر حتى يرجع.
(ح 365) وقال أنس: قلّ ما خرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم -يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أقل أو أكثر وتراً.
م 604 - وكان ابن عمر: لا يأكل يوم الفطر حتى يغدو.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال: لا تأكلوا قبل أن تخرجوا يوم الفطر إن شئتم.
قال أبو بكر: والذي عليه أكثر أهل العلم استحباب الأكل يوم الفطر قبل الغدو.

(2/161)


وروينا عن علي أنه قال: من السنة أن يأكل قبل أن يخرج.
وكان ابن عباس: يحث عليه.
وهو قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وعطاء، وطاؤس، ومجاهد، وابن الزناد، والشعبي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن معقل، ومالك، والشافعي، وأحمد.
وقال النخعى: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.

5 - باب الاغتسال يوم العيد
م 605 - ثبت أن ابن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدوا إلى المصلى، وروي ذلك عن علي.
وممن كان يرى الاغتسال يوم الفطر، عطاء، وعلقمة، وعروة بن الزبير، وإبراهيم التيمى، وإبراهيم النخعى، والشعبى، وقتادة، وأبو الزناد، ومالك، والشافعي، وإسحاق.
قال أبو بكر: ونحن نستحب ذلك، وليس بواجب.

(2/162)


6 - باب الخروج إلى المصلى
(ح 366) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى.
م 606 - والسنة أن يخرج الناس إلى المصلى في العيد فإن ضعف قوم عن الخروج إلى المصلى أمر الإمام من يصلى بهم في المسجد.
وروينا عن علي أنه أمر بذلك.
واستحسن ذلك الأوزاعي، وأصحاب الرأي، وكان الشافعي، وأبو ثور، يريان ذلك.

7 - باب [1/ 41/ألف] ترك الأذان للعيد
(ح 367) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلى العيدين بغير أذان ولا إقامة.
م 607 - وقال جابر، وابن عباس، لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى، وهو قول المغيرة بن شعبة، ويحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعى، وابن جابر، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: يقول في الأعياد: الصلاة جامعة.
وقد روينا عن ابن الزبير أنه أذن وأقام.

(2/163)


وقال حصين: أول من أذن في العيد زياد.
قال أبو يكر: يصلي بغير أذان ولا إقامة.

8 - باب وقت صلاة العيد
م 608 - كان ابن عمر يصلي الصبح في مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ثم يغدو كما هو إلى المصلى.
وكان رافع بن خديج وبنوه يجلسون في المسجد فإذا طلعت الشمس صلوا ركعتين، ثم يذهبون إلى المصلى في الفطر والأضحى.
وقال مجاهد: كل عيد أول النهار.
وقال مالك: "مضت السنة أن يخرج الإمام من منزله قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة".
وقال الشافعي: "يوافي المصلى حين تبرُز الشمس في الأضحى، ويؤخر ْالغدو إلى الفطر عن ذلك قليلاً"
قال أبو ثور: كقول مالك.
قال أبو بكر: السنة أن يغدو الناس إلى المصلى في الفطر والأضحى.

(2/164)


9 - باب إخراج النساء إلى الأعياد
(ح 368) قالت أم عطية: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أن يخرجن (1) يوم الفطر ويوم النحر العواتق وذوات الخدور والحيض، فأما الحيض فيعتزلن في المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
م 609 - وقد روينا عن أبي بكر، وعلي، أنهما قالا: حقاً على كل ذات نطاق أن يخرجن إلى العيدين.
وكان ابن عمر يخرج من استطاع من أهله في العيدين.
وكره ذلك إبراهيم النخعى، ويحيى الأنصاري، قالا: لا يعرف خروج المرأة الشابة في العيدين عندنا.
وكان أصحاب الرأي: يرخصون للعجوز الكبيرة.

10 - باب الركوب إلى العيدين
م 610 - روينا عن عمر بن الخطاب أنه خرج في فطر أو يوم أضحى في ثوب قطن يمشي.
وقال على: من السنة أن يأتي العيد ماشياً، وهذا هو مذهب عمر بن عبد العزيز.
وكره النخعي الركوب.
واستحب المشي الثوري، والشافعي.
__________
(1) في الأصل "نخرجهن".

(2/165)


وقال مالك: نحن نمشى ومكاننا قريب، ومن بَعُد ذلك عليه فلا بأس أن يركب.
قال أبو بكر: المشي أحسن وأقرب إلى. . . . . . (1)
__________
(1) بدأ السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي:
«قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ إِلَى الْعِيدِ أَحْسَنُ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَكِبَ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ كَمَا يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ»

(2/166)


[13 - باب عدد التكبير في صلاة العيدين في القيام قبل الركوع]

(2/170)


ـ. . . . . . . . . . (1) [1/ 25/ب] والفطر: يكبر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يكبر ثلاثاً ثم يقرأ ثم يكبر فيركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر ثلاثاً فيركع بالثالثة ويسجد.

• وفيه قول تاسع: وهو قول من فرق بين تكبير الأضحى والفطر.
روينا عن علي: أنه كبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة يفتتح تكبيرة واحدة، ثم يقرأ ثم يكبر خمساً يركع بإحداهن، ثم يقوم فيكبر ثم يكبر خمساً يركع بإحداهن، وكان يكبر خمساً في الأضحى، تكبيرة واحدة التي توجب بها الصلاة، ثم يقرأ ثم يكبر اثنتين يركع بإحديهما، ثم يقوم يقرأ، ثم يكبر اثنتين يركع بإحديهما.
__________
(1) انتهى السقط
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ونص الكلام في الأوسط كما يلي:

«قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ، فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
• فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. . . . . وَبِهِ قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ،
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، وَلَا مِنَ الْخَمْسِ فِي الثَّانِيَةِ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ لِيُكَبِّرَ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ.
وَعَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَمَّا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَكَانَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فمنها، لَزِمَ النَّاسَ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْعِيدِ منها تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ.

• وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعٌ تِسْعٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِبَعْضِ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: تَقُومُ فَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ، ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ، فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَرْكَعُ بِآخَرِهِنَ، وَحَضَرَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ. . . . . . .

• وقال سفيان الثورى في التكبير في الفطر والأضحى: يكبر أربع تكبيرات قبل القراءة، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات ثم يركع بالرابعة، وقال أصحاب الرأي كما روى عن ابن مسعود.

• وفيه قول ثالث: قاله ابن عباس قال: (التكبير يوم الفطر ثلاث عشرة يكبرهن وهو قائم سبع في الركعة الأولى منهن تكبيرة الاستفتاح للصلاة، ومنهن تكبيرة الركعة، ومنهن ست قبل القراءة وواحدة بعدها، وفي الآخرة ست تكبيرات منهن تكبيرة الركعة ومنهن خمس قبل القراءة وواحدة بعدها). . . .

• وفيه قول رابع: قاله الحسن البصري قال: في الأولى خمس تكبيرات، وفي الآخرة ثلاث سوى تكبيرتي الركوع.

• وفيه قول خامس: وهو أن التكبير في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع أربع، روي هذا الحديث عن حذيفة، وأبي موسى، وابن مسعود، وابن الزبير. . . . . .

• وفيه قول سادس: وهو أن التكبير في صلاة العيد يكبر في الركعة الأولى أربع تكبيرات قبل القراءة سوى تكبيرة الصلاة، وفي الركعة الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة. . . . . . . .

• وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ أَعْجَبَ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ.

• وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ: يُكَبِّرُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْكَعُ بِالثَّالِثَةِ وَيَسْجُدُ.»

(2/172)


وقد روينا عن علي أنه كان يكبر في الفطر اثنتي عشرة تكبيرة، وفي الأضحى خمساً، وأحسب أن الرواية التي رويت عنه أنه كان يكبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة غلط، والله أعلم.
وفيه قول عاشر: روي عن يحيى بن يعمر أنه قال في الأضحى: إذا دخلت المسجد فكبر تكبرتين ثم اقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في الأخرى مثل ذلك.
وفي الفطر مثل قول ابن مسعود: في الأولى أربع وفي الأخرى ثلات سوى تكبيرتي الركوع.
وفيه قول حادي عشر: قاله حماد بن أبي سليمان قال: ليس في تكبير العيد شيء مؤقت.
وفيه قول ثاني عشر: وهي رواية أخرى عن ابن عباس: أن التكبير يوم الفطر ويوم النحر تسع تكبيرات، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة كل سنة.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول:
(ح 372) لحديث رويناه عن عبد الله بن عمرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم -.

14 - باب الذكر بين كل تكبيرتين
م 615 - واختلفوا في الذكر بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد، فقالت طائفة: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم - ويدعو الله ثم يكبر، روي هذا القول عن ابن مسعود.

(2/173)


وقال عطاء يسكت بين كل تكبيرتين ساعة يدعو الله ويذكره في نفسه.
وقال الشافعي رحمه الله: "يقف بين كل تكبيرتين قدر آية لا طويلة ولا قصيرة يهلل الله ويكبره ويحمده.
ومال أحمد بن حنبل إلى قول ابن مسعود.
وكان مالك لا يرى ذلك لأن التكبير عده متتابع.
وسئل الأوزاعي: هل بين التكبيرتين شيء؟ فقال: ما علمته.
قال أبو بكر. بقول ابن مسعود نقول.

مسألة
م 616 - واختلفوا فيما يستفتح به الصلاة بعد التكبير مثل قول سبحانك اللهم وبحمدك وما أشبه ذلك، ففى قول الأوزاعي: يقول إذا فرغ من السبع تكبيرات: سبحانك اللهم وبحمدك.
وقال الشافعي: "يكبر للدخول في الصلاة، ثم يفتتح ويقول: وجهت وجهي، ثم يكبر سبعاً [1/ 26/ألف].

مسألة
م 617 - واختلفوا في تكبير العيد، ينساه المصلى حتى يبتدئ في القراءة،

(2/174)


ففى قول مالك، وأبي ثور، إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وسجد سجدتي السهو، وإن ركع مضى ولم يكبر ما فاته في الركعة الثانية وسجد سجدتي السهو.
وفي قول الشافعي: إذا افتتح القراءة لا يقطعها، ولا قضاء عليه، آخر قوليه، وقد كان يقول قبل كقول مالك.

15 - باب رفع اليدين في تكبيرات العيد
م 618 - واختلفوا في رفع اليدين في التكبيرات في صلاة العيد.
فكان عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، يقولون: يرفع يديه في كل تكبيرة.
وقال سفيان الثوري: يرفع يديه في أول تكبيرة.
وقال مالك: إن شاء رفع يديه فيها كلها وفي الأولى وحدها أحب إلى.
وقال ابن الحسن: "يرفع يديه في التكبيرة الأولى، ثم يكبر ثلاثاً فيرفع يديه، ثم يكبر الخامسة ولا يرفع يديه، فإذا قام في الثانية فقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه، ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه".
قال أبو بكر: كما قال عطاء أقول.

(2/175)


16 - باب القراءة في صلاة العيد
(ح 373) ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} الآية، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} الآية.
م 619 - وقال بهذا عمر بن الخطاب، وأبو ثور.
وكان الشافعي يرى أن يقرأ في الفطر والأضحى بقاف "واقتربت".
وكان إبان بن عفان يقرأ: سبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك الذي خلق.
وروينا عن ابن مسعود أنه كان يرى أن يقرأ بأم القرآن، وسورة من المفصل.
قال أبو بكر: يجزيه ما قرأ به، والأول أولى.

17 - باب الجهر بالقراءة في صلاة العيد
م 620 - روينا عن علي أنه قال: إذا قرأت في العيدين فأسمع من يليك ولا ترفع صوتك، وكان عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي، وأكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة.

(2/176)


وبه نقول.
(ح 374) لأن في الأخبار من أخبر بها قراءة النبي- صلى الله عليه وسلم - دليل على أنه كان يجهر بالقراءة.

18 - باب اجتماع العيدين
م 621 - واختلفوا في العيدين إذا اجتمعا، فكان عطاء بن أبي رباح يقول: يجزئ أحدهما على الآخر.
قال عطاء إن اجتمع يوم جمعة ويوم فطر، فليجمعهما فليصل ركعتين حين يصلى الفطر ثم هي هي حتى العصر، وذكر أن ابن الزبير فعل
ذلك، وروى نحو ذلك عن علي بن أبي [1/ 26/ب] طالب.
وروي عن الشعبي، والنخعى أنهما قالا: يجزئ عنك أحدهما.
وفيه قول ثان: وهو أن الرخصة في الآذان لمن كان خارجاً عن المصر في الرجوع إلى أهاليهم ولا يعودون إلى الجمعة.
روينا عن عثمان بن عفان أنه قال في عيدين اجتمعا: من أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع، وروى نحوه عن عمر بن عبد العزيز.
وبه قال الشافعي، والنعمان في العيدين يجتمعان في يوم واحد يشهدهما جميعاً، الأول سنة والآخر فريضة، ولا يترك واحد منهما.

(2/177)


19 - باب صلاة من تفوته صلاة العيد مع الإمام
م 622 - واختلفوا في الرجل تفوته صلاة العيد مع الإمام.
فروينا عن ابن مسعود أنه قال: يصلى أربعاً، وبه قال أحمد واستحب ذلك الثوري.
وقال أصحاب الرأي: إن شاء صلى، وإن شاء لم يصل، وإن صلى صلى أربع ركعات، وإن شاء ركعتين.
وفيه قول ثان: وهو أن يصليها كصلاة الإمام، وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور.
وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي ركعتين ولا يجهر بقراءته، ولا يكبر تكبير الإمام، هذا قول الأوزاعي.
وفيه قول رابع: وهو إن صلى في الجبّان الصحراء صلى كصلاة الإمام، وإن لم يصل في الجبّان صلى أربعاً، هذا قول إسحاق.
قال أبو بكر:
(ح 375) سنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - صلاة العيد بركعتين.
فكل من صلاها صلاها كما سنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح حديث ابن مسعود.

(2/178)


20 - باب صلاة العيد وصلاة الجمعة
م 623 - اختلف أهل العلم في صلاة العيد للمسافر، ولمن لا يجب عليه الجمعة، فقالت طائفة: يصليها المسافر، هذا قول الحسن البصري، والشافعي، وقال: يصلى في البادية وتصليها المرأة في بيتها والعبد.
وقد روينا عن علي أنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.
وقال الزهري: ليس على المسافر صلاة الأضحى والفطر.
وقال مالك: في الإمام يكون في السفر فيحضر الأضحى والفطر، ليس ذلك عليه.
وقال إسحاق: ثبت بما روى عن علي.
وقال أصحاب الرأي: إنما يجب على أهل الأمصار والمدائن.

21 - باب القوم لا يعلمون بيوم الفطر إلا بعد الزوال
م 624 - واختلفوا في البينة تشهد يوم ثلاثين من شهر رمضان بعد الزوال أن الهلال رؤي بالأمس [1/ 27/ألف]، فقالت طائفة: ليس عليهم أن يصلوا يومهم ولا من الغد، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، وبه قال مالك.

(2/179)


وقال آخرون: يخرجون إلى العيد في الغد، هذا قول الأوزاعي، والثوري، وإسحاق وأحمد.
وبه نقول.
(ح 376) لحديث روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا
أن يغدوا إلى مصلاهم.

22 - باب تيمم من يخشى فوات العيد
م 625 - واختلفوا في الرجل يخشى فوات العيد إن ذهب يتوضأ، فكان مالك، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يتوضأ وإن فاتته.
وقال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي: يتيمم.
وقال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

مسألة
م 626 - واختلفوا فيمن ترك تكبيرة من تكبيرات العيد، ففي قول الشافعي: لا شيء عليه.
وفي قول مالك، وأبي ثور: يسجد سجدتي السهو.

(2/180)


م 627 - وكان مالك، والشافعي يستحبان أن يخرج يوم العيد في طريق ويرجع من غيره، وبه نقول.
(ح 377) لحديث رويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

23 - باب التكبير أيام التشريق
قال أبو بكر: قال الله جل وعز: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الآية.
قال أبو بكر:
م 628 - كان ابن عباس، وابن عمر، وجماعة من التابعين يقولون: إنها أيام التشريق.
وبه قال مالك، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وإسحاق بن راهويه.
(ح 378) وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله.

24 - باب اختلافهم في التكبير في أدبار الصلوات أيام مني
م 629 - واختلفوا في الوقت الذي يبتدئ فيه بالتكبر أيام مني ووقت قطعه.

(2/181)


فكان عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس يقولون: يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يكبر في العصر ثم يقطع، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، ويعقوب، ومحمد.
وقال ابن مسعود، وعلقمة، والنخعى، والنعمان: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
وروينا عن ابن مسعود أنه كان يكبر من صلاة الفجر من يوم عرفة ويقطع في الظهر من يوم النحر.
وقال يحيى الأنصاري: السنة عندنا أن يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، يكبر الظهر ثم يمسك.
وقال الزهري: مضت السنة أن يكبر الإمام في الأمصار دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق.
وفيه قول سادس: وهو أن التكبير [1/ 27/ب] من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، هذا قول مالك، والشافعي، وروي ذلك عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز.
وفيه قول سابع: وهو أن التكبير في الأمصار يوم عرفة بعد الظهر إلى بعد العصر من آخر أيام التشريق، روينا ذلك عن ابن عباس، وسعيد ابن جبير.
روى ذلك عن الزهري خلاف القول الأول.

(2/182)


وروينا عن الحسن البصري أنه قال: التكبير من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الظهر من يوم النفر الأول.
وفيه قول تاسع: حكاه أحمد بن حنبل عن ابن عيينة، واستحسنه ثم قال: أهل يبتدؤون بالتكبير يوم النحر، قم من صلاة الظهر لأنهم يقطعون التلبية عند رمى الجمرة يأخذون في التكبير، وأهل الأمصار يبتدؤن غداة عرفة.
ومال أبو ثور إلى هذا القول.
وفيه قول عاشر: اختلف فيه عن أبي وائل، روينا عنه أنه قال: كقول يحيى الأنصاري، والقول الآخر: أنه يكبر من يوم عرفة من صلاة الظهر يعني من يوم النحر.
قال أبو بكر: بالقول الأول أقول.

25 - باب كيف يكون التكبير في أيام التشريق
م 630 - روينا عن عمر، وابن مسعود أنهما كانا يقولان: الله أكبر الله أكبر إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وبه قال الثوري، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، ومحمد.
وقال مالك، والشافعي: يكبر ثلاثاً، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.

(2/183)


وروينا عن ابن عباس أنه قال يقول: الله أكبر الله أكبر كبيراً الله أكبر تكبيراً الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد.
وفيه قول رابع: وهو أن يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، روينا هذا القول عن ابن عمر.
وقال الحكم، وحماد: ليس فيه شىء مؤقت.

26 - باب جامع التكبير
م 631 - واختلفوا فيمن صلى وحده، فكان ابن عمر إذا صلى وحده لا يكبر في أيام التشريق.
وقال ابن مسعود: إنما التكبير على من صلى في جماعة.
وقال الثوري في التكبير: إنما هو في الصلاة المكتوبة في الجماعة، وبه قال أحمد، والنعمان.
وقالت طائفة: يكبّر وإن صلى وحده، هذا قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، ويعقوب، ومحمد.
م 632 - واختلفوا في تكبير النساء في أيام التشريق، فكان سفيان الثوري يقول: ليس [1/ 28/ألف] على النساء تكبير في أيام التشريق إلا في الجماعة، واستحسن قول الثوري، وأحمد.
وقال النعمان: ليس على جماعات النساء إذا صلّين وليس معهن رجل تكبير.

(2/184)


وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد: تكبّر النساء أيام التشريق.
م 633 - واختلفوا في المسافر هل يكبّر، فممن مذهبه أن يكبر المسافر، مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد.
وقال النعمان: ليس على المسافر تكبير.
م 634 - واختلفوا في التكبير في دُبُر النوافل، فكان سفيان الثوري، وأحمد يقولان: لا يكبر في دبر صلاة التطوع، وبه قال إسحاق.
وقال الشافعي: يكبر خلف النوافل، والفرائض على كل حال.
م 635 - واختلفوا في الوقت الذي يكبّر من سبقه الإمام ببعض الصلاة، فقالت طائفة: يقضى ثم يكبر، هكذا قال ابن سيرين، والشعبي، ومالك، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الحسن البصري: يكبّر ثم يقضي.

(2/185)


وقد روينا عن مجاهد، ومكحول، أنهما قالا: يكبّر ثم يقضى ثم يكبّر.
قال أبو بكر: القول الأول أحسنها.
م 636 - كان سفيان الثوري يقول: إذا لم يكبّر الإمام كبر من وراءه.
وقال الشافعي: إذا قام من مجلسه كبر ماشياً كما هو.
وقال أصحاب الرأي: "إذا خرج من المسجد فليس عليه أن يكبّر فإن ذكر الإمام قبل أن يقوم من مجلسه وقبل أن يخرج من المسجد ولم يتكلم كبر وكبر من معه".
م 637 - وكان إسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي يقولون: فيمن عليه سجود السهو: يسجدهما ثم يكبّر، وهذا على مذهب الشافعي.
م 638 - وقال سفيان الثوري: يبدأ بسجدتي السهو ثم التكبير ثم التلبية يعني المحرم في يوم عرفة.
وقال أصحاب الرأي: في المحرم بيوم عرفة: "يبدأ بالتكبير ثم التلبية".
قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الآية.

(2/186)


فلا يجوز أن يُستثنى من صلى وحده، ومن كان مسافراً، بل هو عام للحاضر، والمسافر، والمقيم، والرجل، والمرأة، من صلى في جماعة الصلوات المكتوبات، والنوافل، منفردين أو مجتمعين، رجالاً ونساءً.

(2/187)