الدرر
البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (10 - كتاب
البيوع)
المعتبَر فيه مجرد التراضي - ولو بإشارة من قادر على النطق -، ولا يجوز بيع
الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام، والكلب، والسِّنَّوْر، والدم، وعسْب
الفحل، وكل حرام، وفضل الماء، وما فيه غَرَر - كالسّمك في الماء، وحبل
الحبَلة، والمنابذة، والملامسة، وما في الضرّع، والعبد الآبق، والمغانم حتى
تُقسم، والثمر حتى يصلح، والصوف في الظهر، والسمن في اللبن، والمحاقلة،
والمزابنة، والمعاومة، والمخاضرة، والعُربون، والعصير إلى من يتخذه خمراً،
والكالئ بالكالئ، وما اشتراه قبل قبضه، والطعام حتى يجري فيه الصاعان -،
ولا يجوز الاستثناء في البيع إلا إذا كان معلوماً، ومنه استثناء ظهر
المبيع، ولا يجوز التفريق بين المحارم، ولا أن يبيع حاضر لباد، والتناجش،
والبيع على البيع، وتلقِّي الرُّكْبان، والاحتكار، والتّسعير، ويجب وضع
الجوائح، ولا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيعتان في بيعة، ورِبْح
ما لم يضمن، وبيع ما ليس عند البائع - ويجوز بشرط عدم الخداع -، والخيار في
المجلس ثابت؛ ما لم يتفرّقا.
(باب الرِّبا)
يحرم بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرّ بالبُرّ، والشعير
(1/58)
بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح؛
إلا مثلاً بمثل يداً بيد، وفي إلحاق غيرها بها خلاف، فإن اختلفت الأجناس؛
جاز التفاضل إذا كان يداً بيد، ولا يجوز بيع الجنس بجنسه مع عدم العلم
بالتساوي - وإن صحبه غيره -، ولا بيع الرطب بما كان يابساً إلا لأهل
العرايا، ولا بيع اللحم بالحيوان، ويجوز بيع الحيوان باثنين أو أكثر من
جنسه، ولا يجوز بيع العينة.
(باب الخيارات)
يجب على من باع ذا عيب أن يُبيِّنه؛ وإلا ثبت للمشتري الخيار، والخراج
بالضمان، وللمشتري الرد بالغرر - ومنه المصرّاة -؛ فيردها - وصاعاً من تمر،
أو ما يتراضيان عليه -، ويثبت الخيار لمن خُدع أو باع قبل وصول السوق،
ولكلٍّ من المتبايعين بيعاً منهيّاً عنه الرد، ومن اشترى شيئاً لم يره؛ فله
ردّه إذا رآه، وله رد ما اشتراه بخيار، وإذا اختلف البيِّعان؛ فالقول ما
يقوله البائع.
(باب السَّلَم)
هو أن يُسلِّم رأس المال في مجلس العقد؛ على أن يعطيه ما يتراضيان عليه
معلوماً إلى أجل معلوم، ولا يأخذ إلا ما سماه أو رأس ماله، ولا يتصرف فيه
قبل قبضه.
(باب القرض)
يجب إرجاع مثله، ويجوز أن يكون أفضل أو أكثر؛ إذا لم يكن مشروطاً،
(1/59)
ولا يجوز أن يجُرّ القرض نفعاً للمُقرض.
(باب الشُّفْعة)
سببها الاشتراك في شيء واحد - ولو منقولاً -؛ فإذا وقعت القسمة فلا شُفعة،
ولا يحل للشريك أن يبيع حتى يُؤْذن شريكه، ولا تبطل بالتراخي.
(باب الإجارة)
يجوز على كل عمل لم يمنع منه مانع شرعي، وتكون الأجرة معلومة عند
الاستئجار، فإن لم تكن كذلك؛ استحق الأجير مقدار عمله عند أهل ذلك العمل،
وقد ورد النهي عن كسب الحجّام، ومهر البغيّ، وحُلوان الكاهن، وعسب الفحل،
وأجرة المؤذن، وقفيز الطّحّان، ويجوز الاستئجار على تلاوة القرآن؛ لا على
تعليمه، وأن يُكري العين مدة معلومة؛ بأجرة معلومة - ومن ذلك كراء الأرض لا
بشطر ما يخرج منها -، ومن أفسد ما استؤجر عليه، أو أتلف ما استأجره؛ ضمن.
(باب الإحياء والإقطاع)
من سبق إلى إحياء أرض لم يسبق إليها غيره؛ فهو أحق بها، وتكون ملكاً له،
ويجوز للإمام أن يُقطع - من في إقطاعه مصلحة - شيئاً من الأرض الميتة، أو
المعادن، أو المياه.
(باب الشَّركة)
الناس شُركاء في الماء، والنار، والكلإ، وإذا تشاجر المستحقون للماء؛
(1/60)
كان الأحق به الأعلى فالأعلى، يمسكه إلى
الكعبين، ثم يرسله إلى من تحته، ولا يجوز منع فضل الماء ليُمنع به الكلأ،
وللإمام أن يحمي بعض المواضع لرعي دواب المسلمين في وقت الحاجة، ويجوز
الاشتراك في النقود والتجارات، ويقسم الربح على ما تراضيا عليه، وتجوز
المضاربة ما لم تشتمل على ما لا يحل، وإذا تشاجر الشركاء في عرض الطريق؛
كان سبعة أذرع، ولا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، ولا ضرر ولا
ضِرار بين الشركاء، ومن ضارّ شريكه؛ جاز للإمام عقوبته بقلع شجره أو بيع
داره.
(باب الرهن)
يجوز رهن ما يملكه الراهن في ديْن عليه؛ والظَّهر يُركب واللبن يُشرب بنفقة
المرهون، ولا يُغلق الرهن بما فيه.
(باب الوديعة والعاريّة)
تجب على الوديع والمستعير تأدية الأمانة إلى من ائتمنه، ولا يخُن من خانه،
ولا ضمان عليه إذا تلفت بدون جنايته وخيانته، ولا يجوز منع الماعون -
كالدلو، والقِدر - وإطراق الفحل، وحلب المواشي - لمن يحتاج ذلك -، والحمل
عليها في سبيل الله.
(باب الغصْب)
يأثم الغاصب ويجب عليه رد ما أخذه، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من
نفسه، وليس لعرق ظالم حق، ومن زرع في أرض قوم بغير إذنهم؛ فليس له من الزرع
شيء؛ وله نفقته، ومن غرس في أرض غيره غرساً رفعه،
(1/61)
ولا يحل الانتفاع بالمغصوب، ومن أتلفه؛
فعليه مثله أو قيمته.
(باب العتق)
أفضل الرِّقاب أنفسها، ويجوز العتق بشرط الخدمة ونحوها، ومن ملك رحِمه عَتق
عليه، ومن مثّل بمملوكه فعليه أن يُعتقه؛ وإلا أعتقه الإمام أو الحاكم، ومن
أعتق شركاً له في عبد؛ ضمن لشركائه نصيبهم بعد التقويم؛ وإلا عتق نصيبه فقط
واستُسعي العبد، ولا يصح شرط الولاء لغير من أعتق، ويجوز التدبير؛ فيُعتق
بموت مالكه؛ وإذا احتاج المالك جاز له بيعه، ويجوز مُكاتبة المملوك على مال
يؤدّيه، فيصير عند الوفاة حُراً، ويُعتق منه بقدر ما سلّم، وإذا عجز عن
تسليم مال الكتابة؛ عاد في الرق، ومن استولد أمَته؛ لم يحلّ له بيعها؛
وعتقت بموته، أو بتخييره لعتقها.
(باب الوقف)
من حبَّس ملكه في سبيل الله؛ صار محبَّساً، وله أن يجعل غلاتِّه لأي مصرف
شاء مما فيه قُربه، وللمتولّي عليه أن يأكل منه بالمعروف، وللواقف أن يجعل
نفسه في وقفه كسائر المسلمين، ومن وقف شيئاً مضارّة لوارثه؛ كان وقفه
باطلاً، ومن وضع مالاً في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد؛ جاز صرفه في أهل
الحاجات ومصالح المسلمين، ومن ذلك ما يوضع في الكعبة، أو في مسجده [صلى
الله عليه وسلم] ، والوقف على القبور - لرفع سُمكها، أو تزيينها، أو فعل ما
يجلب على زائرها فتنة - باطل.
(باب الهدايا)
يُشرع قبولها ومكافأة فاعلها، وتجوز بين المسلم والكافر، ويحرم
(1/62)
الرجوع فيها، وتجب التسوية بين الأولاد، والرد - لغير مانع شرعي - مكروه.
(باب الهبات)
إن كانت بغير عِوض؛ فلها حكم الهديّة في جميع ما سلف، وإن كانت بعوض؛ فهي
بيع ولها حكمه، والعُمرى والرُّقبى توجبان المُلك للمُعْمر والمُرقب ولعقبه
من بعده؛ لا رجوع فيهما. |