السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

كتاب البيوع
1 - باب الحث على المكاسب والعمل باليد والتجارة
4620 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه".
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).

4621 - عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لأن يأخذ أحدكم أحبُلَه (3) (خير له من أن يسأل الناس) (4) ".
رواه البخاري (5).

4622 - عن المقدام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أكل أحد منكم طعاماً قط خيراً
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 355 رقم 2074).
(2) صحيح مسلم (2/ 721 رقم 1042).
(3) أَحبُله: بفتح الهمزة وضم الموحدة، جمع حبل، كفلس وأَفلُس، أي: أخذ الحبل للاحتطاب. إرشاد الساري (4/ 21).
(4) ليست في النسخة المطبوعة مع الفتح من صحيح البخاري، قال القسطلاني: ولابن عساكر وأبي ذر عن الحموي والمستملي: "خير له من أن يسأل الناس".
(5) صحيح البخاري (4/ 355 رقم 2075).

(4/305)


من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود (1) كان يأكل من عمل يده".
رواه خ (2).

4623 - عن عائشة قالت: "لما استخلف أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز (عن) (3) مؤنة أهلي، وشُغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل بكر من هذا المال، ويحترف (4) للمسلمين فيه".
رواه البخاري (5).

4624 - عن عبيد بن عمير "أن أبا موسى الأشعري استأذن (على) (6) عمر بن الخطاب، فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولاً، فرجع أبو موسى، ففرغ عمر، فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس، ائذنوا له. قيل: قد رجع. فدعاه، فقال: كنا نؤمر بذلك. فقال: تأتيني على ذلك بالبينة. فانطلق إلى مجلس الأنصار فسألهم، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا أبو سعيد الخدري. فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال عمر: أخفي علي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألهاني الصفق بالأسواق (7) -يعني: الخروج إلى التجارة".
__________
(1) الحكمة في تخصيص داود -رضي الله عنه- بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة؛ لأنه كان خليفة في الأرض كما قال الله تعالى، وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل، ولهذا أورد النبي - صلى الله عليه وسلم - قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدمه من أن خير الكسب عمل اليد. فتح الباري (4/ 358).
(2) صحيح البخاري (4/ 355 رقم 2072).
(3) من صحيح البخاري.
(4) الحرفة: الصناعة وجهة الكسب، وحَريف الرجل: مُعامله في حرفته، وأراد باحترافه للمسلمين نظره في أمورهم وتَثمير مكاسبهم وأرزاقهم، يقال: هو يحترف لعياله ويَحْرُف: أي يكتسب. النهاية (1/ 369).
(5) صحيح البخاري (4/ 355 رقم 2070).
(6) من صحيح البخاري.
(7) أي: التبايع. النهاية (3/ 38).

(4/306)


رواه خ (1) -وهذا لفظه- م (2).

6425 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بعث الله -عز وجل- نبيًّا إلا راعي (3) الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط (4) لأهل مكة".
رواه خ (5).

4626 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان زكريا -عليه السلام- نجاراً".
رواه م (6).

4627 - عن أبي هريرة قال: "إنكم تقولون: إن أبا هريرة -رضي الله عنه- أكثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث أبي هريرة، إن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم صفق (بالأسواق) (7) وكنت ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني؛ فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وكان يشغل إخوتي من الأنصار (عمل) (8) أموالهم وكنت
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 349 رقم 2062).
(2) صحيح مسلم (3/ 1695 - 1696 رقم 2153).
(3) هذه رواية الكشميهني، ولغيره. "رعى". فتح الباري (4/ 516).
(4) قال سويد بن سعيد: يعني كل شاة بقيراط، يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم، قال إبراهيم الحربي: قراريط اسم موضع بمكة، ولم يرد القراريط من الفضة، وصوبه ابن الجوزي تبعًا لابن ناصر، وخطأ سويداً في تفسيره، لكن رجح الأول؛ لأن أهل مكة لا يعرفون بها مكانًا يقال له: قراريط. فتح الباري (4/ 516).
(5) صحيح البخاري (4/ 516 رقم 2262).
(6) صحيح مسلم (4/ 1847 رقم 2379).
(7) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من صحيح البخاري.
(8) في "الأصل": على. والمثبت من صحيح البخاري.

(4/307)


مسكينًا من مساكين الصفة (1)، أعي حين ينسون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث حدثه: إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول. فبسطت نمرة (2) عليَّ، حتى إذا قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء".
رواه خ (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4).

4628 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" (5).
رواه الإمام أحمد (6) س (7) ق (8).

4629 - وروى الإمام أحمد (9) عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ولد الرجل من كسبه، من أطيب كسبه؛ فكلوا من أموالهم هنيئًا" (10).
__________
(1) هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. النهاية (3/ 37).
(2) كل شملة مخططة من مآزر الأعراب فهي نمرة، وجمعها نمار، كأنها أخذت من لون النمر؛ لما فيها من السواد والبياض. النهاية (5/ 118).
(3) صحيح البخاري (4/ 336 - 337 رقم 2047).
(4) صحيح مسلم (4/ 1939 - 1940 رقم 2492).
(5) رواه أبو داود (3/ 288 - 289 رقم 3528)، والترمذي (3/ 639 رقم 1358) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(6) المسند (6/ 42، 220).
(7) سنن النسائي (7/ 240 - 241 رقم 4461، 4462).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 723 رقم 2137).
(9) المسند (6/ 126 - 127، 202 - 203).
(10) رواه أبو داود (3/ 289 رقم 3529) وقال: حماد بن أبي سليمان زاد فيه "إذا احتجتم" وهو منكر.

(4/308)


4630 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "أتى أعرابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي يريد أن يجتاح (1) مالي. قال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوا هنيئًا".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ق (4).

4631 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "التاجر (الأمين) (5) الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة" (6).
رواه ق (7) والدارقطني (8) من رواية كلثوم بن جوشن القشيري ضعفه أبو حاتم الرازي (9) وابن حبان (10).

4632 - عن الحسن، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التاجر الصدوق
__________
(1) أي: يستأصله ويأتي عليه أخذاً وإنفاقاً، قال الخطابي: يشبه أن يكون ما ذكره من اجتياح والده ماله أن مقدار ما يحتاج إليه في النفقة شيء كثير لا يسعه ماله إلا أن يجتاح أصله، فلم يرخص له في ترك النفقة عليه، وقال له: أنت ومالك لأبيك. على معنى أنه إذا احتاج أخذ منك قدر الحاجة، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه، فأما أن يكون أراد به إباحة ماله له حتى يجتاحه ويأتي عليه إسرافًا وتبذيرًا فلا أعلم أحدًا ذهب إليه، والله أعلم. النهاية (1/ 311).
(2) المسند (204/ 2).
(3) سنن أبي داود (3/ 289 رقم 3530).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 769 رقم 2291).
(5) من سنن ابن ماجه.
(6) قال أبو حاتم الرازي: هذا حديث لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث. علل الحديث (1/ 387 رقم 1156).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 724 رقم 2139).
(8) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 17).
(9) الجرح والتعديل (7/ 164).
(10) كتاب المجروحين (2/ 230).

(4/309)


الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".
رواه ت (1) -وقال: حديث حسن- والدارقطني (2) وزاد: "يوم القيامة".

4633 - عن (جميع) (3) بن عمير، عن خاله قال: "سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل الكسب، قال: بيع مبرور، وعمل الرجل بيده".
كذا رواه الإمام أحمد في مسند أبي بردة بن نيار (4)، رواه أبو بكر أحمد ابن عمرو بن أبي عاصم، عن مجمع بن عمير -أو عمير بن مجمع- عن أبي بردة ابن نيار.

2 - باب تحري الصدق في البيع وتوقي الكذب
4634 - عن حكيم بن حزام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحق (5) بركة بيعهما".
رواه خ (6) م (7)، وعند البخاري: "محقت".

4635 - عن عبد الله بن أبي أوفى "أن رجلاً أقام سلعة -وهو في السوق- فحلف باللَّه لقد أعطي بها ما لم يعط، ليوقع فيها رجلاً من المسلمين؛ فنزلت (إِنً الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً) (8)
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 515 رقم 1209).
(2) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 18).
(3) في "الأصل": جبير. والمثبت من المسند، وجميع بن عمير أبو الأسود الكوفي ضعفه البخاري وغيره، ترجمته في التهذيب (5/ 124 - 126).
(4) المسند (3/ 466).
(5) المحق: النقص والمحو والإبطال، وقد محقه يمحقه. النهاية (4/ 303).
(6) صحيح البخاري (4/ 362 رقم 2079).
(7) صحيح مسلم (3/ 1164 رقم 1532).
(8) سورة آل عمران، الآية: 77.

(4/310)


رواه خ (1).

4636 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للربح".
رواه خ (2) ومسلم (3)) (4).

4637 - عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق".
رواه مسلم (5).

4638 - عن قيس بن أبي غرزة قال: "كنا نُسمى السماسرة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتانا بالبقيع، فقال: يا معاشر التجار -فسمانا باسم أحسن من اسمنا- إن البيع يحضره الحلف والكذب، فشوبوه (6) بالصدقة" (7).
وفي لفظ (8): "فسمانا باسم أحسن مما كنا نسمي به أنفسنا".
وفي لفظ (7): "إن هذه السوق يخالطها اللغو والحلف".
رواه الإمام أحمد -وهذا لفظه- د (9) س (10) ق (11) ت (12) وعنده: "إن
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 370 رقم 2880).
(2) صحيح البخاري (4/ 369 رقم 2087).
(3) صحيح مسلم (3/ 1228 رقم 1606).
(4) تكرر الحديث وتخريجه في "الأصل".
(5) صحيح مسلم (3/ 1228 رقم 1607).
(6) أي: اخلطوه، أمرهم بالصدقة لما يجري بينهم من الكذب والربا والزيادة والنقصان في القول؛ لتكون كفارة لذلك. النهاية (4/ 508).
(7) المسند (4/ 6).
(8) المسند (4/ 280).
(9) سنن أبي داود (3/ 242 رقم 3326، 3327).
(10) سنن النسائي (7/ 14 رقم 3806).
(11) سنن ابن ماجه (2/ 725 رقم 2145).
(12) جامع الترمذي (3/ 514 رقم 1208).

(4/311)


الشيطان والإثم يحضران البيع" وقال: حديث حسن صحيح.

4639 - عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رفاعة قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا الناس يتبايعون بكرة، فناداهم: يا معشر التجار. فلما رفعوا أبصارهم ومدوا أعناقهم، قال: إن التجار يُبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق".
رواه ق (1) -وهذا لفظه- ت (2) وقال: حديث حسن صحيح. وقال: يقال: إسماعيل بن عُبيد الله بن رفاعة.

4640 - عن عبد الرحمن بن شبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن التجار (هم) (3) الفجار. قال: قيل: يا رسول الله، أو ليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ولكنهم يحدثون فيكذبون، ويحلفون فيأثمون".
رواه الإمام أحمد (4).

4641 - وروى (5) أيضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن خير الكسب كسب يدي عامل إذا (نصح) (6) " (7).

3 - باب الاقتصاد في المعيشة
4642 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيها الناس،
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 726 رقم 2146).
(2) جامع الترمذي (3/ 515 رقم 1210).
(3) من المسند.
(4) المسند (3/ 428).
(5) المسند (2/ 357 - 358).
(6) في "الأصل": فتح. وهو تحريف، والمثبت من المسند.
(7) قال العراقي: رواه أحمد، وسنده حسن. تخريج الأحياء (2/ 1020 رقم 1459).

(4/312)


اتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ خذوا ما حَلَّ، ودعوا ما حَرُمَ".
رواه ق (1) -وهذا لفظه- وأبو حاتم البستي (2).

4643 - عن أبي حميد (الساعدي) (3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أجملوا في طلب الدنيا؛ فإن كلاًّ ميسر لما خُلِقَ له".
رواه ق (4) من رواية إسماعيل بن عياش (5)، وفيه كلام.

4644 - عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعظم الناس همًّا المؤمن الذي يهم بأمر دنياه وآخرته" (6).
ويزيد الرقاشي (7) ضعفه غير واحدٍ.

4 - باب من بورك له في شيء فليلزمه
4645 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أصاب من شيء فليلزمه".
رواه ق (8) من رواية فروة بن يونس (9)، تكلم فيه الأزدي ونسبه إلى
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 725 رقم 2144).
(2) موارد الظمآن (1/ 469 رقم 1084، 1580).
(3) في "الأصل": الساعي. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(4) سنن ابن ماجه (2/ 724 - 725 رقم 2142).
(5) ترجمته في التهذيب (3/ 163 - 181).
(6) رواه ابن ماجه (2/ 725 رقم 2143) وقال: هذا حديث غريب، تفرد به إسماعيل. يعني: إسماعيل بن بهرام شيخه.
(7) ترجمته في التهذيب (32/ 64 - 77).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 726 رقم 2147).
(9) ترجمته في التهذيب (23/ 182 - 183).

(4/313)


الضعف، ولم أر لأحدٍ فيه كلامًا غيره، والأزدي هو محمد بن الحسين بن أحمد الموصلي أبو الفتح تكلم فيه ونُسب إلى الضعف والوضع (1).

4646 - عن نافع -هو مولى ابن عمر (2) - قال: "كنت أجهز إلى الشام فجهزت إلى العراق، فأتيت عائشة أم المؤمنين، فقلت لها: يا أم المؤمنين، كنت أجهز إلى الشام فجهزت إلى العراق. فقالت: لا تفعل، ما لك ولمتجرك؟ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سبب الله لأحدكم رزقًا من وجهٍ فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر" (3).
رواه ق (4).

5 - باب السماحة في البيع والشراء
4647 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى". رواه خ (5).

4648 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اسمح يُسمح
__________
(1) ترجمته في ميزان الاعتدال (3/ 523) ولسان الميزان (6/ 208 - 209).
(2) كذا في "الأصل"، ونافع هذا ترجم له البخاري في تاريخه (8/ 85 رقم 2271) فقال: نافع وليس مولى ابن عمر سمع عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من رزقه الله في شيء فلا يتحول منه إلى غيره". اهـ. وقال ابن حبان في الثقات (5/ 472): جهدت جهدي فلم أقف على نافع هذا من هو. اهـ. وقال الذهبي في الميزان (4/ 244): لا يكاد يُعرف. وترجم له المزي في التهذيب (29/ 306 - 307) فقال: نافع وليس بمولى ابن عمر .. هكذا ذكره غير واحد ولم ينسبوه.
(3) رواه الإمام أحمد (6/ 246).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 727 رقم 2148).
(5) صحيح البخاري (4/ 359 رقم 2670).

4648 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 212 - 213 رقم 204).

(4/314)


لك (1) " (2).
رواه أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم.

4649 - وروى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رحم الله عبدًا سمح البيع سمح الاقتضاء".

4650 - وروى الإمام أحمد (3) عن عثمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أدخل الله -عز وجل- الجنة رجلاً كان سهلاً مشتريًا وبائعًا وقاضيًا ومقتضيًا" (4).
وروى ابن ماجه (5) منه: "سهلاً بائعًا ومشتريًا".

4651 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه (عن عبد الله بن عَمْرو) (6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دخل رجل الجنة بسماحته قاضيًا ومتقاضيًا".
رواه الإمام أحمد (7).

6 - باب في إِنظار المعسر
4652 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا. فتجاوز الله عنه".
__________
(1) أي: سهُل يُسَهِّل عليك. النهاية (2/ 398).
(2) رواه الإمام أحمد (1/ 248).

4650 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 501 - 507 رقم 375 - 376).
(3) المسند (1/ 58، 70).
(4) رواه النسائي (7/ 318 - 319 رقم 4710).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 742 رقم 2202).
(6) في "الأصل": عن جده، عن عبد الله بن عمر. والمثبت من المسند.
(7) المسند (2/ 210).

(4/315)


رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده: قال: "كان رجل يداين الناس وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا. فلقي الله -تعالى- فتجاوز عنه".

4653 - عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكلم، فقالوا: (أعملت) (3) من الخير؟ قال: لا. (قالوا) (4): تذكر. قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر. قال: قال الله - عز وجل- تجوزوا عنه".
رواه البخاري (5) ومسلم (6) وهذا لفظه.
وباقي الأحاديث في هذا الباب تقدمت في ضمن كتاب الزكاة (7).

7 - باب في الإِقالة
4654 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أقال مسلمًا أقاله الله -عز وجل- عثرته" (8).
رواه د (9) ق (10) وزاد: "يوم القيامة".
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 361 رقم 2078).
(2) صحيح مسلم (3/ 1196 رقم 1562).
(3) في "الأصل": قد عملت. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) في "الأصل": قال. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) صحيح البخاري (4/ 360 رقم 3077).
(6) صحيح مسلم (3/ 1194 رقم 1560).
(7) الأحاديث (3406 - 3408).
(8) صححه ابن حبان - موارد الظمآن (1/ 475 رقم 1103) - والحاكم (2/ 45).
(9) سنن أبي داود (3/ 274 رقم 3460).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 741 رقم 2199) وسقط الرمز "ق" من الأصل.

(4/316)


8 - باب في ذكر السوق
4655 - عن ابن بريدة، عن أبيه قال: " (كان) (1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا دخل السوق قال: بسم الله، اللهم إني أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينًا فاجرة أو صفقة خاسرة" (2).
رواه الحاكم في المسند في المستدرك (3) وأبو بكر أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم في كتاب "البيوع".

4656 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها". رواه مسلم (4).

4657 - عن سلمان الفارسي قال: "لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها؛ فإنها معركة (5) الشيطان وبها ينصب رايته".
أخرجه مسلم (6) موقوفًا.
__________
(1) في "الأصل": قال. والمثبت من المستدرك.
(2) رواه البخاري في تاريخه الكبير (1/ 179)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 21 رقم 1157) والروياني في مسنده (1/ 79 رقم 40) من طريق أبي عمر -محمد بن أبان- عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة به. وقال البخاري: محمد هذا لا يتابع عليه.
(3) كذا وقعت هذه العبارة في "الأصل": "في المسند في المستدرك" والحديث في المستدرك (1/ 539) وتعقبه الذهبي بقوله: أبو عمر لا يُعرف، والمدائني متروك.
(4) صحيح مسلم (1/ 464 رقم 671).
(5) المعركة والمعترك موضع القتال، أي: موطن. الشيطان ومحله الذي يأوي إليه ويكثر منه، لما يجري فيه من الحرام والكذب والربا والغصب؛ ولذلك قال: "وبها ينصب رايته" كناية عن قوة طمعه في إغوائهم؛ لأن الرايات في الحروب لا تنصب إلا مع قوة الطمع في الغلبة، وإلا فهي مع اليأس تحط ولا ترفع. النهاية (3/ 222).
(6) صحيح مسلم (4/ 1906 رقم 2451).

(4/317)


وقد روى ق (1) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من غدا إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان، ومن غدا إلى السوق غدا براية إبليس".

4658 - وقد روى أبو بكر البرقاني (2) عن الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري بإسنادٍ له عن سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تكن أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فيها باض الشيطان وفرخ" (3).
ورواه أحمد بن عَمرو بن أبي عاصم في كتاب "البيوع" مرفوعًا: "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها؛ فإنها معركة الشيطان -أو قال: فيها يربض قائمًا ينصب رايته".

4659 - وروى أيضاً عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشيطان يغدو براياته إلى السوق، فيكون مع أول داخل، ويخرجن (4) مع أول خارج".

4660 - وروى عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد (عن) (5) جده "أنه خرج مع أبي هريرة من المسجد، وليس بين الزوراء وبين ( ... ) (6) يومئذ بلد (ولا حجر) (7)،
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 751 رقم 2234).
(2) قال القرطبي في تفسيره (13/ 16): أخرجه أبو بكر البرقاني مسنداً عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان.
(3) البزار (6/ 502 رقم 2541) ورواه الطبراني في معجمه الكبير (6/ 248 رقم 6118، 6/ 252 رقم 6131) وابن حبان في المجروحين (3/ 101) والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 426) وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 590 رقم 970) وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
(4) كذا في "الأصل" ولم أقف على هذا الحديث، والله أعلم.
(5) سقطت من "الأصل" وعبد الرحمن بن الحارث بن عبيد يروي، عن جده عبيد بن أبي عبيد مولى أبي رهم، وجده يروي عن أبي هريرة، كما في ترجمة عبيد بن أبي عبيد من التهذيب (19/ 219 - 220).
(6) كلمة لم أستطع قراءتها.
(7) تكررت في "الأصل".

(4/318)


والسوق يومئذ غرقد (1) وأثل (2)، حتى إذا كان عند يعني: دار ابن مسعود، قال: يا أبا الحارث، إن حبي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - أخبرني قال: رُبَّ يمين بهذه البقعة لا تصعد إلى الله. قال: قلت: وأنى ذلك يا أبا هريرة؟ قال: أما إني أشهد ما كذبت. فقلت: وأنا أشهد".

4661 - عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رُبَّ يمين لا تصعد إلى الله -عز وجل- بهذه البقعة. فرأيت فيها النخاسين (3) بعد".
رواه الإمام أحمد (4).

4662 - عن أبي أُسَيد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى سوق النبيط فنظر إليه، فقال: ليس هذا لكم بسوق. ثم ذهب إلى سوق، فقال: ليس هذا لكم بسوق. ثم رجع إلى هذا السوق فطاف به قال: هذا سوقكم، فلا ينتقصن ولا يضربن عليه خراج". رواه ق (5).

4663 - عن ابن عباس قال: "كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية، فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها، فأنزل الله -عز وجل- (ليس عليكم جناح) (6) في مواسم الحج. قرأ ابن عباس كذا". رواه خ (7).
__________
(1) الغرقد: ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك. النهاية (3/ 362).
(2) الأثل: شجر شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه. النهاية (1/ 23).
(3) النَّخَّاس: بائع الدواب، سمي بذلك لنخسه إياها حتى تنشط، وحرفته النَّخاسة والنَّخاسة، وقد يُسمى بائع الرقيق نخاسًا، والأول هو الأصل. لسان العرب (6/ 4376).
(4) المسند (2/ 303).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 751 رقم 2233).
(6) سورة البقرة، الآية: 198.
(7) صحيح البخاري (4/ 376 رقم 2098).

(4/319)


4664 - عن أنس بن مالك قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في السوق، فقال رجل: يا أبا القاسم. فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنما دعوت هذا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي". رواه خ (1).

4665 - عن أبي هريرة الدوسي قال: "خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة النهار -لا يكلمني ولا أكلمه- حتى أتى (سوق) (2) بني قينقاع، فجلس بفناء بيت فاطمة (3) - رضي الله عنها- فقال: أثم لُكَع (4)، أثم لُكَع؟ فحبسته شيئًا وظننت أنها تلبسه سخابًا (5) أو تغسله، فجاء يشتد حتى عانقه وقبَّله (وقال) (6): اللَّهم (7) أَحبه وأحب من يحبه".
رواه خ (8) -وهذا لفظه- ومسلم (9) وعنده: "حتى أتى سوق بني قينقاع، ثم
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 397 رقم 2120) والحديث رواه مسلم (3/ 1682 رقم 2131).
(2) تحرفت في "الأصل" والمثبت من صحيح البخاري.
(3) الفناء -بكسر الفاء بعدها نون ممدودة- أي الموضع المتسع أمام البيت، قال الداودي: سقط بعض هذا الحديث عن الناقل أو أدخل حديثًا في حديث لأن بيت فاطمة ليس في سوق بني قينقاع. انتهى، وما ذكره أولًا احتمالًا هو الواقع، ولم يدخل للراوي حديث في حديث، وقد أخرجه مسلم فأثبت ما سقط منه ولفظه: "حتى جاء سوق بني قينقاع ثم انصرف حتى أتى فناء فاطمة". فتح الباري (4/ 400).
(4) قال الخطابي: اللكع على معنيين: أحدهما الصغير، والأخر اللئيم، والمراد هنا الأول. فتح الباري (4/ 401).
(5) السَّخاب: خيط ينظم فيه خرز ويلبسه الصبيان والجواري، وقيل: هو قلادة تتخذ من قرنفل ومَحْلب وسُكٍّ ونحوه، وليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شيء. النهاية (2/ 349).
(6) من صحيح البخاري.
(7) زاد بعدها في "الأصل": إني. وهي زيادة لم ترد في نسخ صحيح البخاري.
(8) صحيح البخاري (4/ 397 - 398 رقم 2122).
(9) صحيح مسلم (4/ 1882 - 1883 رقم 2421).

(4/320)


انصرف حتى أتى خباء (1) فاطمة - عليها السلام- فقال: أثم لكع أثم لكع. يعني: حسنًا -رضي الله عنه- فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابًا، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إني أحبه (فأَحِبَّه) (2) وأحب من يحبه".

9 - باب التبكير في التجارة
4666 - عن صخر الغامدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم بارك لأمتي في بكورها. قال: وكان إذا بعث سرية وجيشًا بعثهم أول النهار. وكان صخر رجلاً تاجرًا، وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار فأثرى وكثر ماله".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ق (6) ت (7) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن، ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث.

4667 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس". رواه ق (8).

4668 - وروى (9) عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".
__________
(1) بكسر الخاء المعجمة والمد، أي: بيتها. شرح صحيح مسلم (9/ 297).
(2) من صحيح مسلم.
(3) المسند (3/ 416، 417، 431، 432).
(4) سنن أبي داود (3/ 35 رقم 2606).
(5) السنن الكبرى (5/ 258 رقم 8833).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 752 رقم 2236).
(7) جامع الترمذي (3/ 517 رقم 1212).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 752 رقم 2237).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 752 رقم 2238).

(4/321)


هو من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني (1) وهو من جملة الضعفاء.

10 - باب الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبين ذلك أمور مشتبهة
4669 - عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يقول) (2) وأهوى النعمان بأصبعيه إلى أذنيه: "إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
أخرجه البخاري (3) ومسلم (4) وهذا لفظه.

4670 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ (منه) (5) أمن الحلال أم من الحرام". رواه خ (6).

4671 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والله إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي -أو في بيتي- فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها". أخرجاه في الصحيحين (7).
__________
(1) ترجمته في التهذيب (16/ 553 - 555).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح البخاري (1/ 153 رقم 52).
(4) صحيح مسلم (3/ 219 رقم 1599).
(5) في "الأصل": المال. والمثبت من صحيح البخاري، وانظر صحيح البخاري (4/ 366 رقم 2083).
(6) صحيح البخاري (4/ 347 رقم 2059).
(7) البخاري (5/ 103 رقم 2432)، ومسلم (2/ 751 رقم 1070).

(4/322)


4672 - وأخرجاه (1) عن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تمرة فقال: لولا أن تكون صدقة لأكلتها" لفظ مسلم.

4673 - عن عطية السعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبلغ العبد أن (يكون من) (2) المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس".
رواه ق (3) ت (4) وقال: حديث حسن غريب.

11 - باب ما لا يجوز بيعه ولا التجارة فيه
4674 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله -عز وجل-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر (5)، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره". رواه البخاري (6).

12 - باب ما ذُكر في الخمر
4675 - عن عائشة قالت: "لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا، قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فحرم التجارة في الخمر (7) ".
__________
(1) البخاري (4/ 344 رقم 2055)، ومسلم (2/ 752 رقم 1071).
(2) تكررت في "الأصل".
(3) سنن ابن ماجه (2/ 1409 رقم 4215).
(4) جامع الترمذي (4/ 547 رقم 2451).
(5) قال ابن حجر: قوله: "أعطى بي ثم غدر" كذا للجميع على حذف المفعول، والتقدير أعطى يمينه بي، أي: عاهد عهدًا وحلف عليه بالله ثم نقضه. فتح الباري (4/ 488).
(6) صحيح البخاري (4/ 487 رقم 2227).
(7) قال النووي: قال القاضي وغيره: تحريم الخمر هو في سورة المائدة، وهي نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة؛ فإن آية الربا آخر ما نزل أو من آخر ما نزل، فيحتمل أن يكون هذا النهي عن التجارة متأخرًا عن تحريمها، ويحتمل أنه أخبر بتحريم التجارة حين حُرمت الخمر، ثم أخبر به مرة أخرى بعد نزول آية الربا توكيداً ومبالغة في إشاعته، ولعله حضر المجلس من لم يكن بلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك، والله أعلم. شرح صحيح مسلم (6/ 467).

(4/323)


رواه البخاري (1) ومسلم (2) وهذا لفظه.

4676 - عن ابن عباس قال: "بلغ عمر أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها (3) فباعوها". رواه البخاري (4) ومسلم (5) واللفظ له.

4677 - عن ابن عباس قال: "إن رجلاً أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل علمت أن الله حرمها؟ قال: لا. فسارَّ إنسانًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بم ساررته؟ فقال: أمرته ببيعها. فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها. قال: ففتح المزاد (6) حتى ذهب ما فيها". رواه م (7).

4678 - وروى (8) عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب بالمدينة قال: "يا أيها الناس، إن الله يُعرِّض بالخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرًا؛ فمن كان عنده منها شيء فليبعة ولينتفع به. قال: فما لبثنا إلا يسيراً حتى قال النبي
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 367 رقم 2084).
(2) صحيح مسلم (3/ 1206 رقم 1580).
(3) جَمَلْت الشحم وأجْملته: إذا أذبته واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت. النهاية (1/ 298).
(4) صحيح البخاري (6/ 572 رقم 3460).
(5) صحيح مسلم (3/ 1207 رقم 1582).
(6) قال النووي: هكذا وقع في أكثر النسخ "المزاد" بحذف الهاء في آخرها، وفي بعضها: "المزادة" بالهاء، وقال في أول الحديث: "أهدى راوية" وهي هي، قال أبو عبيد: هما بمعنى. وقال ابن السكيت إنما يقال لها: مزادة، وأما الراوية فاسم للبعير خاصة، والمختار قول أبي عبيد وهذا الحديث يدل لأبي عبيد؛ فإنه سماها راوية ومزادة، قالوا: سميت راوية لأنها تروي صاحبها ومن معه، ومزادة لأنه يتزود فيها الماء في السفر وغيره، وقيل: لأنه يزاد فيها جلد لتتسع. شرح صحيح مسلم (6/ 465 - 466).
(7) صحيح مسلم (3/ 1206 رقم 1579).
(8) صحيح مسلم (2/ 1205 رقم 1578).

(4/324)


- صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع. قال: فاستقبل الناس ما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها (1) ".

4679 - عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من باع الخمر فليُشقص (2) الخنازير. يعني: يقصبها".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) وليس عنده: "يقصبها".

4680 - عن أنس، عن أبي طلحة قال: "يا نبي الله، إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري. قال: أهرق الخمر، واكسر الدِّنان (5) ".
رواه ت (6) وقال: روى الثوري هذا الحديث عن السدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس "أن أبا طلحة كان عنده" وهذا أصح.

4681 - عن أنس قال: "سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر يتخذ خلاًّ، قال: لا".
رواه م (7).

4682 - عن أنس بن مالك قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها،
__________
(1) يعني: أراقوها، والسفك: الإراقة والإجراء لكل مائع. النهاية (2/ 376).
(2) أي: فليقطعما قطعًا ويفصلها أعضاء كما تفصل الشاة إذا بيع لحمها، يقال: شَقَّصه يشقصه، وبه سُمي القصاب مُشَقِّصًا، المعنى من استحل بغ الخمر فليستحل بيع الخنازير، فإنها في التحريم سواء، وهذا لفظ أمر معناه النهي، تقديره: من باع الخمر فليكن للخنازير قصَّابًا. النهاية (2/ 490).
(3) المسند (4/ 253).
(4) سنن أبي داود (3/ 280 رقم 3489).
(5) بكسر الدال، جمع دن، وهو ظرفها. تحفة الأحوذي (4/ 515).
(6) جامع الترمذي (3/ 588 رقم 1293).
(7) صحيح مسلم (3/ 1573 رقم 1983).

4682 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 181 - 183 رقم 2187 - 2189).

(4/325)


وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له".
رواه ق (1) ت (2) وقال: حديث غريب من حديث أنس (3).

4683 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لعنت الخمرة على عشرة أوجه: لعنت الخمرة بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها".
رواه الإمام أحمد (4) ق (5).

4684 - عن أبي سعيد قال: "كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت المائدة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إنه ليتيم. فقال: أهريقوها".
رواه ت (6) وقال: حديث حسن (7).
قال الحافظ: هو من رواية مجالد (8) وفيه كلام.

4685 - عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل ثمن شيء لا يحل أكله وشربه". رواه الدارقطني (9).
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 1122 رقم 3381).
(2) جامع الترمذي (3/ 589 رقم 1295).
(3) زاد الترمذي: وقد رُوي نحو هذا عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(4) المسند (2/ 25، 71، 97).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 1121 - 1122 رقم 3380).
(6) جامع الترمذي (3/ 563 رقم 1263).
(7) كذا في تحفة الأحوذي (4/ 478 رقم 1281)، وتحفة الأشراف (3/ 339 رقم 3991) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 267): حديث حسن صحيح.
(8) ترجمته في التهذيب (27/ 219 - 225).
(9) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 22).

(4/326)


13 - باب تحريم بيع الميتة والخنزير والأصنام
4686 - عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: "إنَّ الله ورسوله حرَّم (بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يُطلى بها السفن ويدهن بها) (1) الجلود ويستصبح بها (2) الناس؟ فقال: لا، هو حرام. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: قاتل الله اليهود (إن الله -عز وجل- لما) (1) حرم عليهم شحومها أجملوه فباعوه فأكلوا ثمنه". رواه خ (3) م (4).

4687 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قاتل الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها". رواه خ (5) م (6).

4688 - عن ابن عباس قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا عند الركن، قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك، فقال: لعن الله اليهود -ثلاثاً- إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه". رواه الإمام أحمد (7) د (8) وهذا لفظة.
وروى الدارقطني (9) منه "إن الله -تعالى- إذا حرم شيئًا حرم ثمنه".
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) أي: يُشعلون بها سُرُجهم. النهاية (3/ 7).
(3) صحيح البخاري (4/ 495 رقم 2236).
(4) صحيح مسلم (3/ 1207 رقم 1581) واللفظ له.
(5) صحيح البخاري (4/ 484 رقم 2224).
(6) صحيح مسلم (3/ 1208 رقم 1583).

4688 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 510 - 511 رقم 493 - 496).
(7) المسند (1/ 247، 293، 322).
(8) سنن أبي داود (3/ 280 رقم 3488).
(9) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 20).

(4/327)


4689 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله حرَّم الخمر وثمنها، وحرَّم الميتة وثمنها، وحرَّم الخنزير وثمنه". رواه د (1) والدارقطني (2).

14 - باب تحريم ثمن الكلب والسِّنَّور (3) ومهر البغي وثمن الدم وغير ذلك
4690 - عن أبي مسعود الأنصاري "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي (4)، وحلوان الكاهن (5) ". رواه خ (6) م (7).

4691 - عن أبي جحيفة "أنه اشترى حجامًا، فأمر فكسرت محاجمه، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن الواشمة والمستوشمة (8)، وآكل الربا ومؤكله، ولعن المصور" (9) وفي لفظ (10): المصورين". رواه خ.

4692 - عن أبي الزبير قال: "سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسنور، فقال:
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 279 رقم 3485).
(2) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 21).
(3) السُّنار والسِّنَّور: الهر، وجمعه السنانير. لسان العرب (3/ 2117).
(4) هو ما تأخده الزانية على الزنا، وسماه مهرًا لكونه على صورته، وهو حرام بإجماع المسلمين. شرح صحيح مسلم (6/ 444).
(5) هو ما يعطاه على كهانته، يقال منه: حلوته حلوانًا إذا أعطيته. شرح صحيح مسلم (6/ 444).
(6) صحيح البخاري (4/ 497 رقم 2237).
(7) صحيح مسلم (3/ 1198 رقم 1567).
(8) الوشم: أن يُغرز الجلد بإبرة ثم يُحشى بكحل أو نيل، فيزرقّ أثره أو يخضرّ، وقد وشمت تشم وشمًا فهي واشمة، والمستوشمة والموتشمة: التي يفعل بها ذلك. النهاية (5/ 189).
(9) صحيح البخاري (4/ 497 رقم 2238).
(10) صحيح البخاري (9/ 104 رقم 5347).

(4/328)


زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك". رواه م (1).

4693 - عن رافع بن خديج قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام" (2).
وفي لفظ (3): قال: "ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث". رواه م.

4694 - عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب وعَسْب الفحل (4) ". رواه س (5) ق (6).

4695 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يحل ثمن الكلب ولا حلوان الكاهن ولا مهر البغي".
رواه د (7) س (8).

4696 - عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وقال:
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1199 رقم 1569).
(2) صحيح مسلم (3/ 1199 رقم 1568/ 40).
(3) صحيح مسلم (3/ 1199 رقم 1568/ 41).
(4) عَسْب الفحل: ماؤه فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وعسبه أيضاً: ضِرَابه، يقال: عسب الفحلُ الناقةَ يعسبها عسبًا، ولم ينه عن واحدٍ منهما، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه، فإن إعارة الفحل مندوب إليها، وقد جاء في الحديث: "ومن حقها إطراق فحلها" ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عسب الفحل، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام، وقيل: يقال لكراء الفحل: عسب، وعسب فحله يعسبه: أي أكراه، وعسبت الرجل إذا أعطيته كراء ضراب فعله، فلا يحتاج إلى حذف مضاف. النهاية (3/ 234).
(5) سنن النسائي (7/ 311 رقم 4689).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 730 رقم 2160).
(7) سنن أبي داود (3/ 279 رقم 3484).
(8) سنن النسائي (7/ 215 رقم 4304).

4696 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 40 - 41 رقم 52 - 56).

(4/329)


إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) والدارقطني (3) وزاد: "والكوبة (4) حرام، وثمن الكلب حرام، والميسر فكل ميسر حرام".

4697 - عن عمر بن زيد الصنعاني، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الهر وثمنه" (5).
رواه ت (6) وقال: حديث غريب (و) (7) عمر بن زيد لا نعرف كبير أحدٍ روى عنه غير عبد الرزاق.
وروى أبو داود (8) عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الهر".
قال الحافظ أبو عبد الله: عمر هذا تكلم فيه أبو حاتم بن حبان (9)، وقال: يتفرد بالمناكير عن المشاهير.

4698 - عن أبي المهزم، عن أبي هريرة قال: "نهي عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد".
رواه ت (10) وقال: حديث لا يصح من هذا الوجه، وأبو المهزم اسمه يزيد
__________
(1) المسند (235، 278، 289، 355، 356).
(2) سنن أبي داود (3/ 279 رقم 3482).
(3) سنن الدارقطني (3/ 7 رقم 19).
(4) هي النرد، وقيل: الطبل، وقيل: البَرْبَط. النهاية (4/ 207).
(5) رواه ابن ماجه (2/ 1082 رقم 3250) أيضاً.
(6) جامع الترمذي (3/ 578 رقم 1280).
(7) في "الأصل": في. والمثبت من جامع الترمذي.
(8) سنن أبي داود (3/ 728 رقم 3480).
(9) كتاب المجروحين (2/ 82).
(10) جامع الترمذي (3/ 578 رقم 1281).

(4/330)


ابن سفيان. وتكلم فيه شعبة بن الحجاج، وقد روى عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا، ولا يصح إسناده أيضًا.

4699 - عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب إلا الكلب المعلم".
رواه الإمام أحمد (1).

4700 - وروى الإمام أحمد (2) عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى عن ثمن الكلب، وقال: طعمة جاهلية".
والحسن هذا هو الجُفْري ضعفه أحمد (3) وتركه (4)، وقال يحيى (5): ليس بشيء.

15 - باب في بيع الماء
4701 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يُمنع فضل الماء ليُمنع به الكلأ (6) ".
__________
(1) المسند (3/ 317).
(2) المسند (3/ 353) عن حسين بن محمد، عن أبي أويس، عن شرحبيل، عن جابر.
(3) التاريخ الكبير للبخاري (2/ 288).
(4) كتاب المجروحين (1/ 237) وروى له ابن حبان هذا الحديث، وقال: هذا خبر بهذا اللفظ لا أصل له، ولا يجوز ثمن الكلب المعلم ولا غيره.
(5) تاريخ الدوري (4/ 241 رقم 4158).
(6) الكلام -بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة- هو النبات رطبه ويابسه، والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا تمكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي، فيستلزم منعهم من الماء منعهم من الرعي، وإلى هذا التفسير ذهب الجمهور. فتح الباري (5/ 40).

(4/331)


رواه البخاري (1) ومسلم (2) وله (3): "لا يُباع فضل الماء ليُباع به الكلأ".
وللبخاري (4): "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به (فضل) (5) الكلأ".

4702 - عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فضل الماء".
رواه مسلم (6) في لفظ له (7): "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء".

4703 - عن إياس بن عبدٍ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فضل الماء".
رواه الإمام أحمد (8) د (9) س (10) ت (11) وقال: حديث حسن صحيح.

4704 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من منع فضل مائه أو فضل كلئه منعه الله فضله يوم القيامة".
رواه الإمام أحمد (12).

4705 - وروى عبد الله بن أحمد (13)، عن غير أبيه، عن عبادة بن الصامت
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 39 رقم 2353).
(2) صحيح مسلم (3/ 1198 رقم 1566/ 36).
(3) صحيح مسلم (3/ 1198 رقم 1566/ 38).
(4) صحيح البخاري (5/ 39 رقم 3454).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح مسلم (3/ 1197 رقم 1565/ 34).
(7) صحيح مسلم (3/ 1197 رقم 1565/ 35).
(8) المسند (3/ 417).
(9) سنن أبي داود (3/ 276 رقم 3478).
(10) سنن النسائي (7/ 307 رقم 4675 - 4677).
(11) جامع الترمذي (3/ 562 رقم 1271).
(12) المسند (2/ 179، 221).
(13) زوائد المسند (5/ 326 - 327).

(4/332)


"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بين أهل المدينة في النخل أن لا يمنع نقع بئر (1) وقضى بين أهل البادية (2) أن لا يمنع فضل (ماء) (3) ليمنع به الكلأ".

16 - باب في كسب الحجام
مع ما تقدم في حديث أبي جحيفة (4) ورافع بن خديج (5).

4706 - عن ابن محيصة -أخًا لبني حارثة- عن أبيه "أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: أعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) ق (8) ت (9) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن.
وقد رواه الإمام أحمد (10) عن محيصة بن مسعود الأنصاري "أنه كان له غلام حجام -يقال له: نافع أبو طيبة- فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن خراجه، فقال: لا تقربه. فردد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعلف به الناضح، واجعله في كرشه".
__________
(1) أي فضل مائها؛ لأنه ينقع به العطش، أي يُروى، وشرب حتى نقع أي رَوِيَ، وقيل: النقع الماء الناقع وهو المجتمع. النهاية (5/ 108).
(2) في المسند: المدينة.
(3) من المسند.
(4) الحديث رقم (4691).
(5) الحديث رقم (4693).
(6) المسند (5/ 435، 436).
(7) سنن أبي داود (3/ 266 رقم 3422).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 732 رقم 2166).
(9) جامع الترمذي (3/ 575 رقم 1277).
(10) المسند (5/ 435).

(4/333)


وفي لفظ له (1) أيضًا: فقال: أفلا أطعمه أيتامًا لي؟ قال: لا. قال: أفلا أتصدق به؟ قال: لا. فرخص له أن يعلفه ناضحه".

4707 - عن جابر -هو ابن عبد الله- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن كسب الحجام، فقال: أعلفه ناضحك". رواه الإمام أحمد (2) وهو على رسم مسلم.

17 - باب الرخصة في كسب الحجام
4708 - عن حميد قال: "سُئل أنس بن مالك عن كسب الحجام، فقال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاعين من طعام، وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه، وقال: إن أفضل ما تداويتم به الحجامة -أو هو من أمثل دوائكم" (3).
وفي لفظ (4): أنه قال: "إن أفضل ما تداويتم به الحجامة والقسط (5) البحري، فلا تعذبوا صبيانكم بالغمز (6) ".
رواه البخاري (7) ومسلم وهذا لفظه.

4709 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى الحجام أجره، واستعط (8).
__________
(1) المسند (5/ 436).
(2) المسند (3/ 381).
(3) صحيح مسلم (3/ 1204 رقم 1577).
(4) صحيح مسلم (3/ 1204 رقم 1577/ 63).
(5) القسط: عقار معروف طيب الريح، قال ابن العربي: القسط نوعان: هندي وهو أسود، وبحري وهو أبيض، والهندي أشدهما حرارة. فتح الباري (10/ 156).
(6) هو أن تسقط اللهاة فتغمز باليد، أي: تكبس. النهاية (3/ 385).
(7) صحيح البخاري (10/ 158 - 159 رقم 5696).
(8) يقال: سعطته وأسعطته فاستعط، والاسم السعوط بالفتح، وهو ما يُجعل من الدواء في الأنف. النهاية (2/ 368).

(4/334)


رواه خ (1) م (2).
وله (3) قال: "حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدٌ لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجره، وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته (4)، ولو كان سحتًا لم يُعطه النبي - صلى الله عليه وسلم -".

4710 - وعن ابن عباس قال: "احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الذي حجمه، ولو كان حرامًا لم يُعطه".
رواه البخاري (5).

4711 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمرني فأعطيت الحجام أجره".
رواه ق (6) ت في كتاب الشمائل (7).

18 - باب ذكر عسب الفحل
4712 - عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله عن عسب الفحل".
رواه البخاري (8).
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 380 رقم 2103).
(2) صحيح مسلم (3/ 1205 رقم 1202/ 65).
(3) صحيح مسلم (3/ 1205 رقم 1202/ 66).
(4) الضريبة: ما يؤدي العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وتجمع على ضرائب. النهاية (3/ 79).
(5) صحيح البخاري (3/ 380 رقم 2103).

4711 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 359 - 360 رقم 742، 743).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 731 رقم 2163).
(7) الشمائل المحمدية (300 رقم 362).
(8) صحيح البخاري (4/ 539 رقم 2284).

(4/335)


4713 - عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضراب الجمل (1) ".
رواه م (2)، وقد تقدم حديث أبي هريرة (3) في الصفحة قبل هذه.

4714 - عن أنس بن مالك "أن رجلاً من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل، فنهاه، فقال: يا رسول الله، إنا نطرق الفحل فنُكرم. فرخص له في الكرامة".
رواه ت (4) وقال: حديث حسن غريب.

19 - باب النهي عن بيع الغرر
4715 - عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحصاة (5) وعن بيع الغرر (6) ".
__________
(1) يقال: ضرب الجملُ الناقة يضربها: إذا نزى عليها، وأضرب فلان ناقته: أي أنزى الفحل عليها. النهاية (3/ 79).
(2) صحيح مسلم (3/ 1197 رقم 1565).
(3) الحديث رقم (4694).

4714 - خرجه الضياء في المختارة (7/ 153 رقم 2582).
(4) جامع الترمذي (3/ 573 رقم 1274).
(5) هو أن يقول البائع أو المشتري: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يقول: بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها، أو بعتك من الأرض إلى حيث تنتهي حصاتك، والكل فاسد لأنه من بيوع الجاهلية، وكلها غرر لما فيها من الجهالة. النهاية (1/ 398).
(6) هو ما كان له ظاهر يغر المشتري، وباطن مجهول، وقال الأزهري: بيع الغرر: ما كان على غير عهدة ولا ثقة، وتدخل فيه البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول. النهاية (3/ 355).
وقال النووي: أما النهي عن بيع الغرر فهو أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ولهذا قدمه مسلم، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة، كبيع الآبق والمعدوم والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لا يتم ملك البائع عليه، وبيع السمك في الماء الكثير، واللبن=

(4/336)


رواه مسلم (1).

4716 - عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر".
رواه أحمد بن عمرو بن أبي عاصم وابن حبان البستي (2).

4717 - عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تشتروا السمك في الماء؛ فإنه غرر". رواه الإمام أحمد (3).

4718 - عن عمران بن حصين "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ما في ضروع الماشية قبل أن تحلب، وبيع الجنين في بطون الأنعام، وعن بيع السمك في الماء، وعن المضامين والملاقيح (4) وحَبَل الحَبَلة (5)، وعن بيع الغرر".
__________
=في الضرع، وبيع الحمل في البطن، وبيع بعض الصبرة مبهمًا، وبيع ثوب من أثواب وشاة من شياه، ونظائر ذلك؛ فكل هذا بيعه باطل لأنه غرر من غير حاجة. قال العلماء: مدار البطلان لسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه وهو أنه إن دعت حاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة وكان الغرر حقيرًا جاز البيع وإلا فلا ... واعلم أن بيع الملامسة والمنابذة وبيع حبل الحبلة وبيع الحصاة وعسيب الفحل وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة هي داخلة في النهي عن بيع الغرر، ولكن أفردت بالذكر ونهى عنها لكونها من بياعات الجاهلية المشهورة، والله أعلم. شرح صحيح مسلم (6/ 358 - 359).
(1) صحيح مسلم (3/ 1153 رقم 1513).
(2) موارد الظمآن (1/ 479 رقم 1115)، والإحسان (11/ 346 رقم 4972).
(3) المسند (1/ 388).
(4) المضامين ما في أصلاب الفحول، وهي جمع مضمون، يقال: ضمن الشيء بمعنى تضمنه، ومنه قولهم: مضمون الكتاب كذا وكذا، والملاقيح جمع ملقوح، وهو ما في بطن الناقة، وفسرهما مالك في الموطأ بالعكس، وحكاه الأزهري عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، وحكاه أيضًا عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، قال: إذا كان في بطن الناقة حمل فهو ضامن ومضمان، وهن ضوامن ومضامين، والذي في بطنها ملقوح وملقوحة. النهاية (3/ 102).
(5) الحَبَل بالتحريك: مصدر سُمي به المحمول، كما سُمي بالحمل، وإنما دخلت عليه التاء=

(4/337)


رواه أبو بكر أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم في كتاب البيوع له.

4719 - وروى أيضًا عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة".

4720 - وروى عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع المَجْر (1). وهو الغرر".

4721 - عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر".
رواه ق (2) من رواية أيوب بن عتبة قاضي اليمامة (3)، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.

4722 - عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد الخدري قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن ما في ضروعها إلا بكيل، وعن شرى العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص (4) ".
__________
=للإشعار بمعنى الأنوثة فيه، فالحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل، والثاني حَبَل الذي في بطون النوق، وإنما نُهي عنه لمعنيين: أحدهما أنه غرر وبيع شيء لم يُخلق بعد، وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة، على تقدير أن تكون أنثى، فهو بيع نتاج النتاج، وقيل: أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل يُنتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجل مجهول ولا يصح. النهاية (1/ 334).
(1) المَجْر: هو ما في البطون، كنهيه عن الملاقيح، وكان من بياعات الجاهلية، يقال: أمجرت إمجارًا، وماجرت مماجرة، ولا يقال لما في البطن مجر إلا إذا أثقلت الحامل، فالمجر اسم للحمل الذي في بطن الناقة، وحمل الذي في بطنها: حَبَل الحَبَلة، والثالث: الغميس. النهاية (4/ 298 - 299).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 739 رقم 2195).
(3) ترجمته في التهذيب (3/ 484 - 488).
(4) هو أن يقول الغائص في البحر للتاجر: أغوص غوصة فما أخرجته فهو لك بكذا.=

(4/338)


رواه الإمام أحمد (1) ق (2) -وهذا لفظه- ت (3) -وقال: حديث غريب- بعضه والدارقطني (4).

4723 - عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع حَبَل الحَبَلة. وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها".
رواه البخاري (5) وروى منه مسلم (6) أوله.
وله (7) ولمسلم (8) قال: "كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك" واللفظ لمسلم.

4724 - عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباع ثمر حتى يطعم، أو صوف على ظهر، أو لبن في ضرع، أو سمن في لبن".
رواه الدارقطني (9).
__________
=نهى عنه لأنه غرر. النهاية (3/ 79).
(1) المسند (3/ 42).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 740 رقم 2196).
(3) جامع الترمذي (4/ 112 رقم 1563).
(4) سنن الدارقطي (3/ 15 رقم 44).
(5) صحيح البخاري (4/ 418 رقم 2143).
(6) صحيح مسلم (3/ 1153 رقم 1514).
(7) صحيح البخاري (7/ 184 رقم 3843).
(8) صحيح مسلم (3/ 1154 رقم 1514/ 6).
(9) سنن الدارقطني (3/ 14 - 15 رقم 42).

(4/339)


20 - باب النهي عن بيع الملامسة (1) والمنابذة (2) والمزابنة (3) وغير ذلك
4725 - عن أبي هريرة "أن (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (4) نهى عن الملامسة والمنابذة".
رواه البخاري (5) ومسلم (6) وعنده: "أما الملامسة فأن يلمس كل واحد ثوب صاحبه بغير تأمل، والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه".

4726 - عن أبي سعيد الخدري قال: "نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين ولبستين، نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه، ويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراض".
رواه خ (7) م (8) وهذا لفظه.
__________
(1) بيع الملامسة: هو أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع. وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء ثوب، ولا ينظر إليه ثم يوقع البيع عليه. نهى عنه لأنه غرر، أو لأنه تعليق أو عدول عن الصيغة الشرعية. النهاية (4/ 269 - 270).
(2) بيع المنابذة: هو أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إلي الثوب أو أنبذه إليك ليجب البيع. وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع، فيكون البيع معاطاة من غير عقد ولا يصح. النهاية (5/ 6).
(3) المزابنة: بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر، وأصله من الزَّبْن وهو الدفع، كأن كل واحد من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه، وإنما نهى عنها لما يقع فيها من الغَبْن والجهالة. النهاية (2/ 294).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (4/ 420 رقم 2146).
(6) صحيح مسلم (3/ 1151 رقم 1511).
(7) صحيح البخاري (10/ 290 رقم 5820).
(8) صحيح مسلم (3/ 1152 رقم 1512).

(4/340)


4727 - عن أنس بن مالك قال: "نهى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة (1) والمخاضرة (2) والملامسة والمنابذة والمزابنة".
رواه خ (3).

4728 - عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله".
رواه البخاري (4) ومسلم (5) وعنده: "وإن كان زرعًا وفي لفظ له: "أو كان زرعًا" وفي لفظ له (6): "وعن كل ثمر بخرصه". وللبخاري (7): "والمزابنة بيع الثمر بكيل (إن) (8) زاد فلي، وإن نقص فعلي" ولمسلم (9): "والمزابنة أن يباع ما في رءوس النخل بتمر بكيل مسمى (إن زاد فلي، وإن نقص فعلي) (10) ".

4729 - عن أبي سعيد الخدري يقول: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة
__________
(1) المحاقلة مختلف فيها، قيل: هي: اكتراء الأرض بالحنطة -هكذا جاء مفسراً في الحديث- وهو الذي يسميه الزراعون: المحارثة، وقيل: هي المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما، وقيل: هي بيع الطعام في سنبله بالبر، وقيل: بيع الزرع قبل إدراكه، وإنما نُهي عنها لأنها من المكيل، ولا يجوز فيه إذا كانا من جنسٍ واحدٍ إلا مثل بمثل ويداً بيد، وهذا مجهول لا يُدرى أيهما أكثر. النهاية (1/ 416).
(2) المخاضرة: بيع الثمار خُضرًا لم يبد صلاحها. النهاية (2/ 41).
(3) صحيح البخاري (4/ 472 رقم 2207).
(4) صحيح البخاري (4/ 471 رقم 2205).
(5) صحيح مسلم (3/ 1172 رقم 1542/ 76).
(6) صحيح مسلم (3/ 1171 رقم 1542/ 74).
(7) صحيح البخاري (4/ 441 رقم 2172).
(8) في "الأصل": أو. والمثبت من صحيح البخاري.
(9) صحيح مسلم (3/ 1171 رقم 1542/ 75).
(10) بياض في "الأصل" والمثبت من صحيح مسلم.

(4/341)


والمحاقلة، المزابنة (هو بيع) (1) الثمر في رءوس النخل، والمحاقلة كراء الأرض" (2).

4730 - عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، وأن لا يباع (إلا) (3) بالدينار والدرهم إلا العرايا (4) ".
رواه خ (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6).
وفي لفظ له (7): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى تطعم، ولا تباع (إلا) (8) بالدرهم والدينار إلا العرايا. قال عطاء: فسر لنا جابر فقال: أما المخابرة فالأرض البيضاء يدفعها الرجل إلى الرجل فينفق فيها ثم يأخذ من الثمر، وزعم أن المزابنة بيع الرطب في النخل بالتمر كيلاً، والمحاقلة في الزرع على نحو ذلك يبيع الزرع القائم بالحب كيلاً".
__________
(1) في صحيح مسلم: اشتراء.
(2) رواه البخاري (4/ 449 رقم 2186)، ومسلم (3/ 1179 رقم 1546) واللفظ له.
(3) من صحيح البخاري.
(4) اختلف في تفسيرها، فقيل: إنه لما نهى عن المزابنة وهو بيع الثمر في رءوس النخل بالتمر رخص في جملة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشترك به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمرًا، فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلةٍ أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق. النهاية (3/ 224).
قلت: قد بسط الإمام أبو عمر بن عبد البر الكلام على العرايا في التمهيد (2/ 223 - 236)، وابن حجر في فتح الباري (4/ 456 - 460).
(5) صحيح البخاري (5/ 60 - 61 رقم 2381).
(6) صحيح مسلم (3/ 1174 رقم 1536/ 81).
(7) صحيح مسلم (3/ 1174 رقم 1536/ 82).
(8) من صحيح مسلم.

(4/342)


وفي لفظ له (1) أيضًا قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كرى الأرض، وعن بيعها السنين".
ولهما (2): "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمرة حتى تطيب".
ولمسلم (3) أيضًا: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة، وأن يشترى النخل حتى تشقه. والإشقاه أن يحمر أو يصفر أو يؤكل منه شيء، والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم، والمزابنة أن يباع النخل بأوساق من التمر، والمخابرة الثلث والربع وأشباه ذلك. قال زيد -هو ابن أبي أنيسة-: قلت لعطاء بن أبي رباح: أسمعت جابر بن عبد الله يذكر هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم".
وفي لفظ له (4) أيضًا "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة، والمخابرة -قال أحدهما: بيع السنين (5) هي المعاومة- وعن الثنيا، ورخص في العرايا".

4731 - عن ابن عباس قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة".
رواه خ (6).

4732 - وعن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصُّبرة (7)
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1176 رقم 1536/ 86).
(2) البخاري (4/ 452 رقم 2189)، ومسلم (3/ 1167 رقم 1536).
(3) صحيح مسلم (3/ 1175 رقم 1536/ 83).
(4) صحيح مسلم (3/ 1175 رقم 1536/ 85).
(5) هو أن يبيع ثمرة نخلة لأكثر من سنة، نهى عنه لأنه غرر، وبيع مالم يُخلق. النهاية (2/ 414).
(6) صحيح البخاري (4/ 449 رقم 2187).
(7) الصُّبرة: الطعام المجتمع كالكومة، وجمعها صُبَر. النهاية (3/ 9).

(4/343)


من التمر لا يعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر".
رواه مسلم (1).

4733 - عن سعد -هو ابن أبي وقاص- قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن اشتراء التمر بالرطب، فقال لمن حوله: أينقص إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك" (2).
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ق (6) ت (7) وقال: حديث حسن صحيح.

4734 - عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثُّنيا (8) إلا أن تُعلم".
رواه س (9) ت (10) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1162 رقم 1530).

4733 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 153 - 157 رقم 951 - 954).
(2) صححه ابن حبان (11/ 378 رقم 5003) والحاكم (2/ 38).
(3) المسند (1/ 175، 179).
(4) سنن أبي داود (3/ 251 رقم 3359).
(5) سنن النسائي (7/ 268 - 269 رقم 4559، 4560).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 761 رقم 2264).
(7) جامع الترمذي (3/ 528 رقم 1225).
(8) هي أن يُستثنى في عقد البيع شيء مجهول فيفسد، وقيل: هو أن يباع شيء جزافًا فلا يجوز أن يُستثنى منه شيء قلَّ أو كثُر، وتكون الثُّنيا في المزارعة أن يُستثنى بعد النصف أو الثلث كيل معلوم. النهاية (1/ 224).
(9) سنن النسائي (7/ 38 رقم 3889، 7/ 296 رقم 4647).
(10) جامع الترمذي (3/ 585 رقم 1290).

(4/344)


21 - باب النهى عن بيعتين في بيعة
4735 - عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة" (1).
رواه الإمام أحمد (2) س (3) ت (4) وقال: حديث حسن صحيح.
ولأبي داود (5): "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما (6) أو الربا" (7).

4736 - عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتين في صفقة. قال (سماك) (8): هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنساء بكذا وهو بنقدٍ بكذا" (9).
رواه الإمام أحمد (10).
__________
(1) قال الترمذي: وقد فسر بعض أهل العلم، قالوا: بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنقدٍ بعشرةٍ وبنسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدٍ منهما. قال الشافعي: ومن معنى نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك داري هذه بكذا على أن تبيعني غلامك بكذا، فإذا وجب لي غلامك وجب لك داري، وهذا يفارق عن بيع بغير ثمن معلوم ولا يدري كل واحدٍ منهما على ما وقعت عليه صفقته. جامع الترمذي (3/ 533 - 534).
وذهب ابن القيم -رحمه الله- إلى أن معنى الحديث الذي لا معنى له غيره: أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة، يعني بيع العينة. تهذيب سنن أبي داود (9/ 344).
(2) المسند (2/ 183).
(3) سنن النسائي (7/ 295 - 296 رقم 4646).
(4) جامع الترمذي (3/ 533 رقم 1231).
(5) سنن أبي داود (3/ 274 رقم 3502).
(6) أي: أنقصهما. النهاية (5/ 220).
(7) صححه ابن حبان، موارد الظمآن (1/ 478 رقم 1110)، والحاكم (2/ 45).
(8) من المسند، وسماك هو ابن حرب الراوي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.
(9) صححه ابن حبان، موارد الظمآن (1/ 478 رقم 1111، 1112).
(10) المسند (1/ 398).

(4/345)


4737 - وروي (1) عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تبيعن بيعتين في واحدة".

22 - باب في بيع العُرْبان (2)
4738 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العُرْبان".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) ومالك في الموطأ (5) س (6).
قال مالك: وذلك -فيما نرى، واللَّه أعلم- أن يشتري الرجل العبد أو يتكارى الدابة، ثم يقول: أعطيك دينارًا على أني إن تركت السلعة أو الكرى فما أعطيتك (لك) (7).
قال: ومن البيوع المنهي عنها.
__________
(1) المسند (2/ 17).
(2) هو أن يشتري السلعة ويدفع إلى صاحبها شيئًا على أنه إن أمضى البيع حُسب من الثمن، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري، يقال: أعرب في كذا وعرّب وعَرْبن، وهو عُرْبان وعُرْبون وعَرَبون، قيل: سُمي بذلك لأن فيه إعرابًا لعقد البيع: أي إصلاحاً وإزالة فسادٍ، لئلا يملكه غيره باشترائه، وهو بيع باطل عند الفقهاء؛ لما فيه من الشرط والغرر، وأجازه أحمد، ورُوي عن ابن عمر إجازته، وحديث النهي منقطع. النهاية (3/ 202).
(3) المسند (2/ 183).
(4) سنن أبي داود (3/ 283 رقم 3502).
(5) الموطأ (2/ 483 رقم 1).
(6) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أجد هذا الحديث في سنن النسائي، وقد عزاه المجد ابن تيمية في المنتقى (5/ 153) للنسائي أيضاً، ولم يعزه المزي في التحفة (6/ 342 رقم 8820) للنسائي، إنما عزاه لابن ماجه، وهو في سنن ابن ماجه (2/ 738 - 739 رقم 2192، 2193) والله أعلم.
(7) من سنن أبي داود، وهو في الموطأ مطولاً.

(4/346)


23 - باب النهي عن بيع ما ليس عنده
4739 - عن حكيم بن حزام قال: "قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه منه ثم أبيعه من السوق. فقال: لا تبع ما ليس عندك".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2) س (3) ق (4) ت (5) وقال: حديث حسن.

4740 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك" (6).
رواه الإمام أحمد (7) د (8) س (9) ق (10) ت (11) وقال: حديث حسن صحيح.

24 - باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض
4741 - عن ابن عباس قال: "أما الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يُباع حتى يقبض. وقال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله".
__________
(1) المسند (3/ 402، 434).
(2) سنن أبي داود (3/ 283 رقم 3503).
(3) سنن النسائي (7/ 334 رقم 4627).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 737 رقم 2187).
(5) جامع الترمذي (3/ 534 رقم 1232، 1233).
(6) انظر شرح ابن القيم لهذا الحديث في تهذيب السنن (9/ 402 - 412).
(7) المسند (2/ 174، 178، 205).
(8) سنن أبي داود (3/ 283 رقم 3504).
(9) سنن النسائي (7/ 333 رقم 4625، 4626، 7/ 340 رقم 4644، 4645).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 737 - 738 رقم 2188).
(11) جامع الترمذي (3/ 535 - 536 رقم 1234).

(4/347)


رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه -قال ابن عباس- وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام".
وفي لفظ له (3): "فلا يبعه حتى يستوفيه".
وللبخاري (4) "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع الرجل (طعامًا) (5) حتى يستوفيه. قلت لابن عباس: كيف ذلك؟ قال: دراهم بدراهم والطعام مرجأ".
ولمسلم (6): "حتى يكتاله. فقلت لابن عباس: لم فقال ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام".

4742 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه ويقبضه" (7) وفي لفظ لهما (8): "حتى يقبضه".
ومسلم (9): "وكنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا (10) فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه".

4743 - عن عبد الله بن عمر قال: "لقد رأيت الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون جزافًا -يعني الطعام يضربون في أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 409 رقم 2135).
(2) صحيح مسلم (3/ 1159 رقم 1525/ 30).
(3) صحيح مسلم (3/ 1159 رقم 1525/ 29).
(4) صحيح البخاري (4/ 407 رقم 2132).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح مسلم (3/ 1160 رقم 1525/ 13).
(7) رواه البخاري (4/ 403 رقم 2126)، ومسلم (3/ 1161 رقم 1526/ 35).
(8) البخاري (4/ 407 رقم 2133)، ومسلم (3/ 1161 رقم 1527/ 36).
(9) صحيح مسلم (3/ 1116 رقم 1526).
(10) الجزاف -بكسر الجيم وضمها وفتحها ثلاث لغات، الكسر أفصح وأشهر: وهو البيع بلا كيل ولا وزن ولا تقدير. شرح صحيح مسلم (6/ 375).

(4/348)


إلى رحالهم" (1).

4744 - وله (2): "أنهم كانوا يشترون الطعام (من الركبان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه) (3) حتى ينقلوه حيث يباع الطعام.
(قال: و) (3) حدثنا ابن عمر قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يباع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه".
ولمسلم (4) وعنده: "إذا ابتاعوا الطعام جزافًا يضربون أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم".
وله (5): "كنا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتاع الطعام فيبعث علينا من يأمرنا بنقله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه".
وله (6): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه. قال: وكنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه".

4745 - عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا ابتعت طعامًا فلا تبعه حتى تكتاله".
رواه مسلم.
__________
(1) رواه البخاري (4/ 411 رقم 2137)، ومسلم (3/ 1161 رقم 1527/ 38) واللفظ للبخاري.
(2) صحيح البخاري (4/ 398 رقم 2124).
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح مسلم (3/ 1161 رقم 1527/ 38).
(5) صحيح مسلم (3/ 1160 رقم 1527/ 33).
(6) صحيح مسلم (3/ 1161 رقم 1526، 1527).

(4/349)


4746 - عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا ابتعت طعامًا فلا تبعه حتى تستوفيه".
رواه مسلم (1).

4747 - عن ابن عمر قال: "ابتعت زيتًا في السوق، فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضربَ على يده، فأخذَ رَجل من خلفي بذراعي، فالتفتُّ فإذا زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها (التجار) (2) إلى رحالهم".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) -وهذا لفظه- والدارقطني (5).

4748 - عن حكيم بن حزام قال: "قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها، وما يحرم عليَّ؟ قال: إذا اشتريت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه".
وفي لفظٍ: "يا ابن أخي، لا تبيعنَّ شيئًا حتى تقبضه".
رواه الإمام أحمد (6) والدارقطني (7).

25 - باب النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصَّاعان
4749 - عن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل".
__________
(1) كذا وقع الحديث مكرراً في "الأصل" باختلاف في لفظة واحدة، والحديث في صحيح مسلم (3/ 1162 رقم 1529) باللفظ الثاني فقط، والله أعلم.
(2) من سنن أبي داود.
(3) المسند (5/ 191).
(4) سنن أبي داود (3/ 282 رقم 3499).
(5) سنن الدارقطني (3/ 13 رقم 36).
(6) المسند (3/ 402).
(7) سنن الدارقطني (3/ 9 رقم 25).

(4/350)


رواه البخاري (1) تعليقًا بلا إسناد.

4750 - وروى الإمام أحمد (2) عن عثمان قال: "كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود يقال لهم (بنو) (3) قينقاع فأبيعه بربح، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عثمان، إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل".
هو من رواية موسى بن وردان (4) وعبد الله بن لهيعة (5)، وكلاهما متكلم فيه منسوب إلى الضعف، ورواه ابن ماجه (6) بمعناه من روايتهما، ورواه الدارقطني (7) من غير طريقهما كرواية البخاري.

4751 - عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصَّاعان: صاع البائع، وصاع المشتري".
رواه ابن ماجه (8) والدارقطني (9) من طريق ابن أبي ليلى عن أبي الزبير، عن جابر، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (10)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 403) كتاب البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، قال: ويُذكر عن عثمان.
(2) المسند (1/ 62، 75).
(3) من المسند.
(4) ترجمته في التهذيب (29/ 163 - 168).
(5) ترجمته في التهذيب (15/ 487 - 503).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 750 رقم 2230).
(7) سنن الدارقطني (3/ 8 رقم 23).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 750 رقم 2227).
(9) سنن الدارقطني (3/ 8 رقم 24).
(10) ترجمته في التهذيب (25/ 622 - 628).

(4/351)


26 - باب النهي عن العينة (1)
4752 - عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلَّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".
رواه أحمد (2) د (3) وهذا لفظه.

27 - باب فيمن باع بنسيئةٍ
لا يشتريه بأقل مما باع به

4753 - عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته "أنها دخلت على عائشة فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم فقالت: يا أم المؤمنين، إني بعت غلامًا من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة، وإني ابتعته منه بستمائة درهم نقدًا. فقالت لها عائشة: بئس ما اشتريت، وبئس ما شريت، إن جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بطل إلا أن يتوب".
رواه الدارقطني (4).
__________
(1) هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به، فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها، ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراها إلى أجل مسمى، ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن، فهذه أيضاً عينة، وهي أهون من الأولى، وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة، لأن العين هو المال الحاضر من النقد، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة. النهاية (3/ 333 - 334).
(2) المسند (2/ 42، 84).
(3) سنن أبي داود (3/ 274 - 275 رقم 3462).
(4) سنن الدارقطني (3/ 52 رقم 212).

(4/352)


4754 - ورواه (1) أيضًا عن يونس بن أبي إسحاق عن أمه العالية قالت: "خرجت أنا وأم محبة إلى مكة فدخلنا على عائشة فسلمنا عليها فقالت: ممن أنتن؟ قلنا: من أهل الكوفة. قالت: فكأنها أعرضت عنا، فقلت لها أم محبة: يا أم المؤمنين، كانت لي جارية وإني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه، وإنه أراد بيعها وبعتها منه بستمائة درهم نقدًا ... " إلى قوله: إلا أن يتوب. فقالت: إن لم آخذ منه إلا رأس مالي. قالت: (فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ ما سَلَفَ) (2) ".

28 - باب النهي عن النجش (3)
وأن يبيع الرجل على بيع أخيه وغير ذلك

4755 - عن أبي هريرة قال: "نهى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه (ولا تنجاشوا) (4) ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها".
رواه البخاري (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6).

4756 - عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش".
رواه البخاري (7) ومسلم (8) وهذا لفظه.
__________
(1) سنن الدارقطني (3/ 52 رقم 211).
(2) سورة البقرة، الآية: 275.
(3) هو أن يمدح السلعة ليُنفقها ويُروجها ويزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، والأصل فيه: تنفير الوحش من مكان إلى مكان. النهاية (5/ 21).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (4/ 413 - 414 رقم 2140).
(6) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1520).
(7) صحيح البخاري (4/ 416 رقم 2142).
(8) صحيح مسلم (3/ 1156 رقم 1516).

(4/353)


4757 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له".
رواه البخاري (1) ومسلم (2).
ولفظ البخاري: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب".
وله (3): "لا يبع بعضكم على بيع أخيه".
ولمسلم (4): "لا يبيع بعضكم على بيع بعض".

4758 - عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التلقي (للركبان) (5)، وأن يبيع حاضر لبادٍ، وأن تسأل المرأة طلاق أختها، وعن النجش والتصرية، وأن يتسام (6) الرجل على سوم أخيه".
رواه البخاري (7) ومسلم (8) وهذا لفظه.
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 105 رقم 5142).
(2) صحيح مسلم (3/ 1154 رقم 1412/ 8).
(3) صحيح البخاري (4/ 413 رقم 2139).
(4) صحيح مسلم (3/ 1154 رقم 1412).
(5) من صحيح مسلم، وتلقي الركبان: هو أن يستقبل الحضريُّ البدويَّ قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذباً؛ ليشتري منه سلعته بالوكس، وأقل من ثمن المثل، وذلك تغرير محرم. النهاية (4/ 266).
(6) المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها، يقال: سام يسوم سوماً، وساوم واستام، والمنهي عنه أن يتساوم المتبايعان في السلعة ويتقارب الانعقاد فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة؛ لما فيه من الإفساد، ومباح في أول العرض والمساومة. النهاية (2/ 425).
(7) صحيح البخاري (5/ 382 رقم 2727).
(8) صحيح مسلم (3/ 1155 رقم 1515/ 12).

(4/354)


وفي لفظ لهما (1): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتلقى الركبان لبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا ولا يبيع حاضر لبادٍ، ولا تصروا الإبل والغنم؛ فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر". لفظ مسلم.

4759 - عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل لامرئٍ يبيع على بيع أخيه حتى يذره".
وفي لفظ: "لا يحل لامرئ مسلم يخطب على خطبة أخيه حتى يترك، ولا يبيع على بيع أخيه حتى يترك".
رواه الإمام أحمد (2).

29 - باب جواز البيع فيمن يزيد
4760 - عن أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع حلسًا (3) وقدحًا فقال: من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: آخذهما بدرهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه".
رواه الإمام أحمد (4) ت (5) -وهذا لفظه، وقال: حديث حسن- ق (6).
__________
(1) البخاري (4/ 423 رقم 2150)، ومسلم (3/ 1155 رقم 1515/ 11).
(2) المسند (4/ 147) اللفظان جميعًا.

4760 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 246 - 249 رقم 2263 - 2266).
(3) الحِلس: هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب. النهاية (1/ 423).
(4) المسند (3/ 114).
(5) جامع الترمذي (3/ 522 رقم 1218).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 740 - 741 رقم 2198).

(4/355)


30 - باب النهي عن بيع حاضر لباد
4761 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلقوا الركبان، ولا يبيع حاضر لباد. قلت لابن عباس: ما قوله: لا يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا (1) ".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3).

4762 - وعن أنس بن مالك قال: "نُهينا أن يبيع حاضر لباد".
رواه خ (4) ومسلم (5) وزاد: "وإن كان كان أخاه أو أباه".

4763 - عن أبي هريرة قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التلقي، وأن يبيع حاضر لباد" (6).
وفي لفظ (7): "لا يبتاع (8) المرء على بيع أخيه، ولا يبيع حاضر لبادٍ".
كذا رواه البخاري.
وفي مسلم (9): "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُتلقى الجَلَب (10) ".
__________
(1) السمسار: هو الذي يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع. النهاية (2/ 400).
(2) صحيح البخاري (4/ 433 رقم 2158).
(3) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1521).
(4) صحيح البخاري (4/ 436 رقم 2161).
(5) صحيح مسلم (3/ 1158 رقم 1523).
(6) صحيح البخاري (4/ 436 - 437 رقم 2162).
(7) صحيح البخاري (4/ 435 - 436 رقم 2160).
(8) هذه رواية الكشميهني، وهو خبر بمعنى النهي، وللأكثر: "لا يبتع". فتح الباري (4/ 436).
(9) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1519/ 16).
(10) الجَلَب: ما جُلب من خيل أو إبل أو متاع. لسان العرب (1/ 647).

(4/356)


(وفي لفظ (1): "لا تلقوا الجلب) (2) فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار".
وفي لفظ (3): "أنه نهى أن يبيع حاضر لباد".

4764 - عن عبد الله -هو ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن تلقي البيوع".
رواه البخاري (4) م (5) وهذا لفظه.
4764 م- (عن ابن عمر "أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُتلقى البيوع حتى تبلغ الأسواق". وفي لفظ: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التلقي".
رواه البخاري (6) م (7) وهذا لفظه) (8).
ولفظ البخاري قال: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق".

4765 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض".
رواه مسلم (9).
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1519/ 17).
(2) ليست في "الأصل".
(3) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1520).
(4) صحيح البخاري (4/ 437 رقم 2164).
(5) صحيح مسلم (3/ 1156 رقم 1518).
(6) صحيح البخاري (4/ 437 رقم 2165).
(7) صحيح مسلم (3/ 1156 رقم 1517).
(8) يسقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان، والله أعلم.
(9) صحيح مسلم (3/ 1157 رقم 1522).

(4/357)


4766 - عن سالم بن أبي أمية أبو (1) النضر قال: جلس إليَّ شيخ من بني تميم في مسجد البصرة قال: "قدمت المدينة مع أبي، وأقام غلام شاب بإبلٍ لنا يبيعها، وكان أبي صديقًا لطلحة بن عبيد الله التيمي، فنزلنا عليه، فقال له أبي: اخرج معي فبع لي إبلي هذه. قال: فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى أن يبيع حاضر لباد، ولكن سأخرج معك فأجلس وتعرض إبلك، فإذا رضيت من رجل وفاءً وصدقاً ممن ساومك أمرتك ببيعه".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3) بمعناه.

31 - باب في المصراة (4).
4767 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها (وصاعًا من تمرٍ) (5) ".
أخرجه البخاري (6) بهذا اللفظ.
وأخرجه مسلم (7) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام؛ فإن ردها رد معها صاعًا من طعامٍ لا سمراء".
__________
(1) كذا في "الأصل"، وله وجه.
(2) المسند (1/ 163 - 164).
(3) سنن أبي داود (3/ 270 رقم 3441).
(4) المصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة يُصرَّى اللبن في ضرعها: أي: يُجمع ويُحبس، قال الأزهري: ذكر الشافعي -رضي الله عنه- المصراة وفسرها أنها التي تُصر أخلافها ولا تحلب أيامًا حتى يجتمع اللبن في ضروعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها. النهاية (3/ 27).
(5) في صحيح البخاري: صاع تمرٍ.
(6) صحيح البخاري (4/ 422 - 423 رقم 2148).
(7) صحيح مسلم (3/ 1158 رقم 1524/ 25).

(4/358)


وفي لفظ له (1): "إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها، ورد معها صاعًا من تمرٍ".
وفي لفظ له (2): "من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمرٍ لا سمراء".
وفي لفظ له (3): "إذا ما اشترى أحدكم لقحة مصراة -أو شاة مصراة- فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إما هي، وإلا فليردها وصاعًا من تمرٍ".

4768 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من ابتاع محفلة (4) فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحًا".
رواه أبو داود (5) وابن ماجه (6) من رواية جميع بن عمير التيمي من بني تيم الله الكوفي، قال ابن نمير (7): هو من أكذب الناس. وقال ابن حبان (7): كان يضع الحديث.

32 - باب في الخداع والغش في البيع
4769 - عن ابن عمر قال: "ذكر رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يُخدع في البيوع،
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1158 رقم 1524/ 24).
(2) صحيح مسلم (3/ 1159 رقم 1524/ 26).
(3) صحيح مسلم (13/ 1159 رقم 1524/ 28).
(4) المحفلة: الشاة أو البقرة أو الناقة لا يحلبها صاحبها أيامًا حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة فزاد في ثمنها، ثم يظهر له بعد ذلك نقص لبنها عن أيام تحفيلها، سُميت محفلة؛ لأن اللبن حُفِّل في ضرعها: أي جُمع. النهاية (1/ 408 - 409).
(5) سنن أبي داود (3/ 271 رقم 3446).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 753 رقم 2240).
(7) كتاب المجروحين (1/ 218).

(4/359)


فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بايعت فقل: لا خلابة (1). فكان إذا بايع يقول: لا خِيابة (2) ".
رواه البخاري (3) ومسلم (4) وهذا لفظه، وعند البخاري: أن رجلاً ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يُخدع في البيوع، فقال: إذا بايعت فقل: لا خِلابة".

4770 - وعن محمد بن إسحاق، ثنا نافع، أنَّ عبد الله بن عمر حدثه "أن رجلاً من الأنصار كانت بلسانه لُوثَة (5)، وكان لا يزال يُغبن في البيوع، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة مرتين".
قال محمد: وحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن عمرو، وكان رجلاً قد أصابته آمة (6) في رأسه، فكسرت لسانه ونازعته عقله، وكان لا يدع التجارة، ولا يزال يُغبن، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها. كان عمر عمرًا طويلاً عاش ثلاثين ومائة سنة، وكان في زمن عثمان -رضي الله عنه- حين فشا الناس وكثروا يبتاع البيع في السوق ويرجع به إلى أهله، وقد غبن غبنًا قبيحًا فيلومونه، ويقولون: لم تبتاع؟ فيقول: فأنا بالخيار إن رضيت أخذت، وإن سخطت رددت،
__________
(1) معنى لا خلابة: لا خديعة، أي: لا تحل لك خديعتي أو لا يلزمني خديعتك. شرح صحيح مسلم (6/ 382).
(2) بياء مثناة تحت بدل اللام، وكان الرجل ألثغ فكان يقولها هكذا ولا يمكنه أن يقول لا خلابة. شرح صحيح مسلم (6/ 382).
(3) صحيح البخاري (4/ 395 رقم 2117).
(4) صحيح مسلم (3/ 1165 رقم 1533).
(5) أي: ضعف في رأيه، وتلجلج في كلامه. النهاية (4/ 275).
(6) الآمة والمأمومة: الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. النهاية (1/ 68).

(4/360)


قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعلني بالخيار ثلاثاً. فيرد السلعة على صاحبها من الغد وبعد الغد، فيقول: تالله لا أقبلها (قد) (1) أخذت سلعتي، وأعطيتني دراهمي قال: يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعلني بالخيار ثلاثاً. وكان يمر الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول للتاجر: ويحك إنه قد صدق؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان جعله بالخيار ثلاثاً". رواه الدارقطني (2).

4771 - وروى الدارقطني (3) أيضًا عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قاله: "كان حبان بن منقذ رجلاً ضعيفًا، وكان قد سفع في رأسه مأمومة، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له الخيار فيما يشتري ثلاثاً، وكان قد ثقل لسانه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بع وقل: لا خلابة. فكنت أسمعه يقول: لا خذابة لا خذابة".

4772 - عن أنس بن مالك "أن رجلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع وفي عقدته (4) ضعف، فأتى أهله نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا نبي الله، احجر على فلان؛ فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف. فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهاه عن البيع، فقال: يا نبي الله، إني لا أصبر على البيع. فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن كنت غير تارك البيع فقل: ها وها (5)، ولا خلابة". رواه الإمام أحمد (6) د (7) -وهذا لفظه- س (8)
__________
(1) في "الأصل": حتى. والمثبت من سنن الدارقطني.
(2) سنن الدارقطني (3/ 55 - 56 رقم 220).
(3) سنن الدارقطني (3/ 54 - 55 رقم 217).

4772 - خرجه الضياء في المختارة (6/ 333 - 335 رقم 2355 - 2357).
(4) أي: في رأيه ونظره في مصالح نفسه. النهاية (3/ 270).
(5) قيل: معناه هاك وهات، أي: خذ وأعط. النهاية (5/ 237).
(6) المسند (3/ 217).
(7) سنن أبي داود (3/ 282 - 283 رقم 3501).
(8) سنن النسائي (7/ 252 رقم 4497).

(4/361)


ق (1) ت (2) -وقال: حديث صحيح غريب- والدارقطني (3).

4773 - عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله. فقال: أفلا جعلته فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟ من غش فليس مني" (4).
وفي لفظ (5): "من غشنا فليس منا". (رواه مسلم.
4773 م- عن أبي الحمراء قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بجنبات رجلٍ عنده طعام في وعاءٍ، فأدخل يده فيه، فقال: لعلك غششت؛ من غشنا فليس منا") (6).
رواه ابن ماجه (7).

4774 - عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه له".
رواه الإمام أحمد (8) ق (9) وهذا لفظه.
ولفظ الإمام أحمد: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لامرئ مسلم أن يغيب ما
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 788 رقم 2354).
(2) جامع الترمذي (3/ 552 رقم 1250).
(3) سنن الدارقطني (3/ 55 رقم 218).
(4) صحيح مسلم (1/ 99 رقم 102).
(5) صحيح مسلم (1/ 99 رقم 101).
(6) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان، والله أعلم.
(7) سنن ابن ماجه (2/ 749 رقم 2225).
(8) المسند (4/ 158).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 755 رقم 2246).

(4/362)


بسلعته عن أخيه، إن علم بها تركها".

4775 - عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من باع عيبًا لم يُبيِّنه لم يزل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه" (1). رواه ق (2).

4776 - عن العداء بن خالد قال: "كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن (هوذة) (3) من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اشترى منه عبداً وأمة لا داءَ (4) ولا غائلة (5) ولا خِبْثة (6) بيع المسلم المسلم" (7).
رواه ق (8) ت (9) وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن ليث (10).
__________
(1) قال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر. علل الحديث (1/ 392 رقم 1173).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 755 رقم 2247).
(3) في "الأصل": عذرة. والمثبت من جامع الترمذي وسنن ابن ماجه، والعداء بن خالد بن هوذة، صحابي قليل الحديث، أسلم بعد حنين، ترجمته في التهذيب (19/ 519 - 520).
(4) أي: لا عيب، قال ابن المنير: قوله: "لا داء" أي يكتمه البائع، وإلا فلو كان بعبدٍ داء وبينه البائع لكان من بيع المسلم المسلم.
(5) الغائلة فيه: أن يكون مسروقاً، فإذا ظهر واستحقه مالكه غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه، أي: أتلفه وأهلكه، يقال: غاله يغوله، واغتاله يغتاله: أي ذهب به وأهلكه، والغائلة: صفة لخصلة مهلكة. النهاية (3/ 397).
(6) أراد بالخبثة الحرام، كما عبر عن الحلال بالطيب، والخبثة: نوع من أنواع الخبيث، أراد أنه عبد رقيق، لا أنه من قوم لا يحل سبيهم، كمن أعْطِي عهداً أو أمانًا، أو من هو حر في الأصل. النهاية (2/ 5).
(7) رواه النسائي في الشروط -كما في تحفة الأشراف (7/ 270 رقم 9848) - وعلقه البخاري- في صحيحه (4/ 362) كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، فقال: ويذكر عن العداء بن خالد، فذكره.
(8) سنن ابن ماجه (2/ 756 رقم 2251).
(9) جامع الترمذي (3/ 520 رقم 1216).
(10) ترجمته في التهذيب (14/ 154 - 156).

(4/363)


قال الحافظ أبو عبد الله: وقد تكلم فيه بعض أهل العلم.

4777 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما إن البعير الشرود (1) يُرد".
رواه الدارقطني (2).

33 - باب النهي عن التسعير
4778 - عن أنس بن مالك قال: "غلا السعر بالمدينة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الناس: يا رسول الله، غلا السعر؛ فسعر لنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزَّاق، إني لأرجو أن ألقى الله -تعالى- وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مالٍ".
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- د (4) ق (5) ت (6) وقال: حديث حسن صحيح.

4779 - عن أبي هريرة "أن رجلاً جاء فقال: يا رسول الله، سعر. فقال: بل أدعو. ثم جاءه رجل فقال: يا رسول الله، سعر. قال: بل الله يخفض ويرفع؛ وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة".
رواه أبو داود (7).
__________
(1) يقال: شرد البعير يشرد شروداً وشرادًا. إذا نفر وذهب في الأرض. النهاية (2/ 457).
(2) سنن الدارقطني (3/ 23 رقم 80).

4778 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 27 - 29 رقم 1630 - 1632).
(3) المسند (3/ 286).
(4) سنن أبي داود (3/ 272 رقم 3451).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 741 - 742 رقم 2200).
(6) جامع الترمذي (3/ 605 - 606 رقم 1314).
(7) سنن أبي داود (3/ 272 رقم 3450).

(4/364)


4780 - عن أبي سعيد قال: "غلا السعر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لو قومت يا رسول الله. قال: إني لأرجو أن أفارقكم ولا يطلبني أحد منكم بمظلمة ظلمته".
رواه الإمام أحمد (1) ق (2) وهذا لفظه.
ورواية الإمام أحمد قال: "لو قومت لنا سعرنا. قال: إن الله -عز وجل- هو المقوم -أو المسعر- إني لأرجو أن أفارقكم وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في مالٍ ولا نفسٍ".

34 - باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ووضع الجوائح (3)
4781 - عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع".
رواه البخاري (4) ومسلم (5) ولهما (6): نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. وكان (7) إذا سُئل عن صلاحها، قال: حتى تذهب عاهته".
__________
(1) المسند (3/ 85).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 742 رقم 2201).
(3) الجائحة: هي الآفة التي تُهلك الثمار والأموال وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة جائحة، والجمع: جوائح. النهاية (1/ 311 - 312).
(4) صحيح البخاري (4/ 460 رقم 2194).
(5) صحيح مسلم (3/ 1166 رقم 1534/ 39).
(6) البخاري (3/ 411 رقم 1486)، ومسلم (3/ 1166 رقم 1534/ 52) واللفظ للبخاري.
(7) يعني: عبد الله بن عمر، بينته رواية مسلم.

(4/365)


وفي لفظٍ لمسلم (1): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري".
وفي لفط له (2) أيضًا: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها، وتذهب عنها الآفة. قال: يبدو صلاحه: حمرته وصفرته".
(وفي لفظٍ له (3): "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه) (4) فقيل لابن عمر: ما صلاحه؟ قال: تذهب عاهته".

4782 - عن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تباع الثمرة حتى تشقح. قيل: وما تشقح؟ قال: تحمار وتصفار ويُؤكل منها".
رواه البخاري (5) ومسلم (6)، وعنده: قلت لسعيد. هو ابن ميناء الراوي عن جابر.
وروى مسلم (7): "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه".
وفي لفظٍ (8): "حتى يطيب".

4783 - عن أبي البختري قال: "سألت ابن عباس عن بيع النخل، فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل وحتى يوزن (قال: فقلت: ما يوزن؟ فقال رجل عنده: حتى يحرز".
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1165 - 1166 رقم 1535).
(2) صحيح مسلم (3/ 1166 رقم 1534).
(3) صحيح مسلم (3/ 1166 رقم 1534/ 52).
(4) ليست في "الأصل".
(5) صحيح البخاري (4/ 460 رقم 2196).
(6) صحيح مسلم (3/ 1175 رقم 1536/ 84).
(7) صحيح مسلم (3/ 1174 رقم 1536/ 81).
(8) صحيح مسلم (3/ 1176 رقم 1536/ 86).

(4/366)


رواه البخاري (1) ومسلم (2) واللفظ له، وعند البخاري) (3): "أو يُؤكل" ليس عنده: "منه".

4784 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها، ولا تبتاعوا الثمر بالتمر". رواه مسلم (4).

4785 - وعن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغنائم حتى تقسم، وعن بيع النخل حتى تُحرز من كل عارضٍ (5)، وأن يصلي الرجل بغير حزام (6) ".
رواه د (7).

4786 - عن أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تُزْهي (8) قيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه" (9).
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 505 رقم 2250).
(2) صحيح مسلم (3/ 1167 رقم 1537).
(3) سقطت من "الأصل" فتداخل الكلام، وسيأتي هذا الحديث برقم (4880) والله أعلم.
(4) صحيح مسلم (3/ 1168 رقم 1538/ 58).
(5) أي: حتى تُحفظ وتصان من كل آفة. عون المعبود (9/ 223).
(6) أي: من غير أن يَشُد ثوبه عليه، وإنما أمر بذلك لأنهم كانوا قلما يتسرولون، ومن لم يكن عليه سراويل وكان عليه إزار أو كان جيبه واسعًا ولم يتلبب -أو لم يشد وسطه- ربما انكشفت عورته وبطلت صلاته. النهاية (1/ 379).
(7) سنن أبي داود (3/ 252 - 253 رقم 3369) عن مولى لقريش -لم يُسم- عن أبي هريرة.
(8) يقال: زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهى يُزهي إذا اصفر واحمر، وقيل: هما بمعنى الاحمرار والاصفرار، ومنهم من أنكر يزهو، ومنهم من أنكر يُزْهي. النهاية (2/ 323).
(9) صحيح البخاري (4/ 465 رقم 2198).

(4/367)


وفي لفظ (1): "أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهي (2) قيل: وما يزهي (2)؟ قال: تحمار وتصفار".
رواه خ -وهذا لفظه- ومسلم (3).
وفي لفظٍ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة (4) حتى تزهو، فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك".
أخرجاه (5) لفظ البخاري، وعند مسلم: "نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو".
وعنه (6) أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه".
قال أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي (7) صاحب "الأطراف": جعل مالك والدراوردي قول أنس "أرأيت إن منع الله الثمرة" من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أدرجاه فيه، ويرون أنه غلط (8).

4787 - وعن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 464 رقم 2197).
(2) في صحيح البخاري يزهو.
(3) صحيح مسلم (3/ 1190 رقم 1555).
(4) في صحيح البخاري: ثمر التمر. وانظر إرشاد الساري (4/ 95).
(5) البخاري (4/ 472 رقم 2208)، ومسلم (3/ 1190 رقم 1555/ 15).
(6) صحيح مسلم (3/ 1190 رقم 1555/ 16).
(7) نقله المزي في تحفة الأشراف (1/ 198) بنحوه.
(8) انظر: علل ابن أبي حاتم (1/ 378 - 379 رقم 1129)، والتتبع للدارقطني (5381 - 542). والفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب (رقم 3) والتمهيد (2/ 190)، وفتح الباري (4/ 465 - 466).

4787 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 305 - 307 رقم 1950 - 1952).

(4/368)


الحب حتى يشتد".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) ت (3) ق (4).

4788 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ".
رواه مسلم (5)
وله (6): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح".

4789 - عن أبى سعيد الخدري قال: "أُصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمارٍ ابتاعهما، فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تصدقوا عليه. فتصدق عليه الناس، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك".
رواه مسلم (7).

4790 - عن زيد بن ثابت قال: "كان الناس في عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون الثمار، فإذا أجَدَّ (8) الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر
__________
(1) المسند (3/ 221، 250).
(2) سنن أبي داود (3/ 253 رقم 3371).
(3) جامع الترمذي (3/ 530 رقم 1228)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث حماد بن سلمة.
(4) سنن ابن ماجه (3/ 253 رقم 3371).
(5) صحيح مسلم (3/ 1190، 1554).
(6) صحيح مسلم (3/ 1190 رقم 1554/ 17).
(7) صحيح مسلم (3/ 1191 رقم 1556).
(8) في صحيح البخاري المطبوع مع الفتح: جَذَّ. بالذال المعجمة، وفي النسخة السلطانية (3/ 100): "جّدَّ" بالدال المهملة، قال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 87): "جَدَّ=

(4/369)


الدمان (1) أصابه مراض (2) أصابه قشام (3) عاهات يحتجون بها- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده (الخصومة) (4) في ذلك: فإمَّا لا (5) فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر. كالمشورة يشير بها؛ لكثرة خصومتهم".
وأخبرني (6) خارجة بن زيدٍ (أن زيدًا) (7) لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع
__________
=الناس" بفتح الجيم والدال المهملة في اليونينية وفي غيرها من الأصول التي وقفت عليها، وقال الحافظ ابن حجر والعيني: بالمعجمة، أي قطعوا ثمر النخل ... وللحموي والمستملي: "أجَدَّ" بزيادة ألف، قال السفاقسي: أي دخلوا في الجداد، كأظلم إذا دخل في الظلام. قال: وهو كثر الروايات.
(1) الدمان: بفتح أوله وتخفيف الميم ضبطه أبو عُبيد، وضبطه الخطابي بضم أوله، قال عياض: هما صحيحان، والضم رواية القابسي، والفتح رواية السرخسي. قال: ورواها بعضهم بالكسر. وفسَّره أبو عبيد بأنه فساد الطلع وتعفنه وسواده. فتح الباري (4/ 461).
(2) بضم الميم، وبعد الراء المخففة ألف، ثم ضاد معجمة، بوزن صُداع، اسم الجميع الأمراض، وهو داء يقع في الثمر فيهلك، وللكشميهني والمستملي -كما في الفتح- بكسر الميم، وللحموي والمستملي -كما في الفرع- "مرض". إرشاد الساري (4/ 87).
(3) بضم القاف، بعدها معجمة خفيفة، زاد الطحاوي في روايته: "والقشام شيء يصيبه حتى لا يرطب" وقالي الأصمعي: هو أن ينتفض ثمر النخل قبل أن يصير بلحًا، وقيل: هو أكال يقع في الثمر. فتح الباري (4/ 461).
(4) تحرفت في "الأصل" والمثبت من صحيح البخاري.
(5) بكسر الهمزة، وأصله: "فإن لا تتركوا هذه المبايعة" فزيدت ما للتوكيد، وأدغمت النون في الميم، وحذف الفعل، أي: افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، وهو نظير قولهم: من أكرمني أكرمته ومن لا. أي ومن لم يكرمني لم أكرمه، وقد نطقت العرب بإمالة "لا" إمالة صغرى لتضمنها الجملة، وإلا فالقياس أن لا تُمال، والعامة تشبع إمالتها وهو خطأ. فتح الباري (4/ 462) وإرشاد الساري (4/ 87).
(6) القائل هو أبو الزناد عبد الله بن ذكوان. فتح الباري (4/ 462).
(7) سقطت من نسخة الصحيح المطبوعة مع الفتح، وفي النسخة السلطانية (3/ 100)، وإرشاد الساري (4/ 88): "أن زيد بن ثا

(4/370)


الثريا (1) فيتبين الأصفر من الأحمر".
رواه البخاري (2) تعليقًا، وقد رواه د (3) إلى قوله: "خصومتهم".
وروى الإمام أحمد (4) منه: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتبايع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصومة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن هؤلاء ابتاعوا الثمار يقولون: أصابنا الدمان والقشام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تبايعوها حتى يبدو صلاحها".

4791 - عن سعد بن أبي وقاص قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (سُئل) (5) عن اشتراء الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرُّطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك" (6).
رواه الإمام أحمد (7) د (8) س (9) ق (10) ت (11) وقال: حديث صحيح (12).
__________
(1) أي مع الفجر، وقد روى أبو داود من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا "إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلد"، وفي رواية أبي حنيفة عن عطاء: "رفعت العاهة عن الثمار" والنجم هو الثريا، وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز، وابتداء نضج الثمار، فالمعتبر في الحقيقة النضج وطلوع النجم علامة له، وقد بينه في الحديث بقوله: "ويتبين الأصفر من الأحمر". فتح الباري (4/ 462).
(2) صحيح البخاري (4/ 460 رقم 2193).
(3) سنن أبي داود (3/ 253 رقم 3372).
(4) المسند (5/ 190).

4791 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 155 - 157 رقم 951 - 954).
(5) في "الأصل": يقول. والمثبت من سنن ابن ماجه، واللفظ له.
(6) صححه ابن حبان (11/ 378 رقم 5003) والحاكم (2/ 38).
(7) المسند (1/ 175، 179).
(8) سنن أبي داود (3/ 251 رقم 3359).
(9) سنن النسائي (7/ 268 - 269 رقم 4559، 4560).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 761 رقم 2264).
(11) جامع الترمذي (3/ 528 رقم 1225).
(12) في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 323)، وتحفة الأحوذي (4/ 419 رقم=

(4/371)


35 - باب في العرايا
4792 - عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الثمر بالتمر. قال سالم: وأخبرني عبد الله (عن) (1) زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غيره".
رواه خ (2) م (3).
وفي لفظ لهما (4): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً".
ولمسلم (5): "رخص لصحاب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر".
وله (6): "رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا".
وفي لفظٍ له (7) أيضًا: قال: "والعرية النخلة تجعل للقوم فيبيعونها بخرصها تمرًا".
وفي لفظٍ (8): قال يحيى -هو ابن سعيد-: "أن يشتري الرجل ثمر النخلات
__________
=1243)، وتحفة الأشراف (3/ 283 رقم 3854): حسن صحيح. وكذا فيما تقدم برقم (4733).
(1) تحرفت في "الأصل" إلى: بن. والمثبت من الصحيحين.
(2) صحيح البخاري (4/ 448 - 449 رقم 2183، 2184).
(3) صحيح مسلم (3/ 1168 رقم 1539).
(4) البخاري (4/ 456 رقم 2192)، ومسلم (3/ 1169 رقم 1539/ 64).
(5) صحيح مسلم (3/ 1169 رقم 1539/ 60).
(6) صحيح مسلم (3/ 1169 رقم 1539/ 16).
(7) صحيح مسلم (3/ 1169 رقم 1539/ 62).
(8) صحيح مسلم (3/ 1169 رقم 1539/ 63).

(4/372)


لطعام أهله رطبًا بخرصها تمرًا".

4793 - عن سهل بن أبي حثمة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر. قال: وقال: ذلك الربا تلك المزابنة. إلا أنه رخص في العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطباً" (1).
وفي لفظٍ (2): "ذلك الزبن" بدل "الربا".
رواه البخاري (3) ومسلم وهذا لفظه، ولفظ البخاري: "نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبًا".

4794 - ولهما (4) عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر لا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم".

4795 - عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة -شك داود قاله: خمسة أو دون خمسة".
رواه خ (5) م (6) وهذا لفظه، وليس عند البخاري قوله: "شك داود" (7) وداود هو ابن الحصين.
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 170 رقم 1540/ 67).
(2) صحيح مسلم (3/ 170 رقم 1540/ 69).
(3) صحيح البخاري (4/ 452 - 453 رقم 2191).
(4) البخاري (5/ 61 رقم 2383، 2384)، ومسلم (3/ 1170 - 1171 رقم 1540/ 70).
(5) صحيح البخاري (4/ 452 رقم 2190).
(6) صحيح مسلم (3/ 1171 رقم 1541).
(7) لكنها عنده في موضع آخر، صحيح البخاري (5/ 61 رقم 2382).

(4/373)


36 - باب بيع الحيوان بالحيوان نسيئة والاختلاف فيه
4796 - عن سمرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3) ق (4) ت (5) وقال: حديث حسن صحيح.

4797 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحيوان (اثنان) (6) بواحد لا يصلح نسيئًا، ولا بأس به يداً بيد".
رواه ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن (9).
قال الحافظ: هو من رواية حجاج بن أرطأة (10)، وقد تكلم فيه غير واحدٍ من الأئمة.

4798 - عن عبد الله بن عَمْرو "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهز جيشًا فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص (11) الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين
__________
(1) المسند (5/ 12، 19، 21، 22).
(2) سنن أبي داود (3/ 250 رقم 3356).
(3) سنن النسائي (7/ 291 - 292 رقم 4633).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 763 رقم 2270).
(5) جامع الترمذي (3/ 538 رقم 1237).
(6) في "الأصل": اثنين. والمثبت من جامع الترمذي.
(7) سنن ابن ماجه (2/ 763 رقم 2271).
(8) جامع الترمذي (3/ 539 رقم 1238) واللفظ له.
(9) كذا في تحفة الأشراف (2/ 291 رقم 2676)، ونسخة تحفة الأحوذي (4/ 438) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 247) والنسخة المطبوعة أعلى نسخة تحفة الأحوذي (4/ 438): حسن صحيح.
(10) ترجمته في التهذيب (5/ 422 - 428).
(11) جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، وقيل: لا تزال قلوصًا حتى تفسير بازلاً، وتجمع على قلائص وقُلُص أيضًا. النهاية (4/ 100).

(4/374)


إلى إبل الصدقة".
رواه الإمام أحمد (1) د (2) وهذا لفظه.
ولفظ الإمام أحمد عن عَمْرو بن الحريش قال: "سألت عبد الله بن عمرو، فقلت: إنا بأرض ليس بها دينار ولا درهم، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجلٍ، فما ترى في ذلك؟ قال: (على) (3) الخبير سقطت، جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا على إبل من إبل الصدقة حتى نفدت وبقي ناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشتر لنا إبلاً بقلائص من إبل الصدقة إذا جاءت حتى نؤديها إليهم. فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إبل الصدقة".
رواه الدارقطني (4) باللفظين جميعاً.

37 - باب بيع العبد بالعبدين وأكثر من ذلك
4799 - عن جابر قال: "جاء عبد فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعنيه. فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحدًا بعد حتى يسأله: أعبد هو؟ ".
رواه مسلم (5).

4800 - عن أنس بن مالك "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي".
__________
(1) المسند (2/ 117).
(2) سنن أبي داود (3/ 250 رقم 3357).
(3) من المسند.
(4) سنن الدارقطني (3/ 69 رقم 262، 263).
(5) صحيح مسلم (3/ 1225 رقم 1602).

(4/375)


رواه ق (1).

4801 - وروى مسلم (2) عن أنس: "كنت رديف أبي طلحة يوم خيبر .. " وفيه: "ووقعت في سهم دحية جارية جميلة، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤس".

38 - باب نهي جميع اللحم بالحيوان
4802 - عن سعيد بن المسيب "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان" (3).
رواهَ الإمام مالك (4) كذا مرسلاً والدارقطني (5).

39 - باب النهي عن بيع المغنيات
4803 - عن أبي أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير فيِ تجارة فيمن، وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (6) إلى آخر الآية".
رواه الإمام أحمد (7) ق (8) ت (9) -وهذا لفظه- وقال: إنما نعرفه من هذا
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 763 رقم 2272).
(2) صحيح مسلم (2/ 1045 - 1046 رقم 1365).
(3) قال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 322): لا أعلم هذا الحديث يتصل من وجهٍ ثابت من الوجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب هذا.
(4) الموطأ (2/ 516 رقم 64).
(5) سنن الدارقطني (3/ 71 رقم 266).
(6) سورة لقمان، الآية: 6.
(7) المسند (5/ 264).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 733 رقم 2168).
(9) جامع الترمذي (5/ 322 رقم 3195).

(4/376)


الوجه، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم في علي بن يزيد وهو شامي.
وعند الإمام أحمد: "لا تبيعوا المغنيات" وآخره: "وثمنهن حرام".

40 - باب النهي عن تفريق الوالدة وولدها وبين الأخوين
4804 - عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من فرَّق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة".
رواه الإمام أحمد (1) ت (2) -وقال: حديث حسن غريب- والدارقطني (3).

4805 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "وهب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا علي، ما فعل غلامك؟ فأخبرته فقال: رُدَّه، رُدَّه" (4).
رواه ق (5) ت (6) -وهذا لفظه وقال: حديث حسن غريب- والدارقطني (7). هو من رواية حجاج- وأراه ابن أرطأة (8) - وقد تقدم الكلام فيه (9).
__________
(1) المسند (5/ 413، 414).
(2) جامع الترمذي (3/ 580 رقم 1283).
(3) سنن الدارقطني (3/ 67 رقم 256).
(4) رواه أبو داود (3/ 63 - 64 رقم 2696) عن علي "أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ورد البيع" وقال أبو داود -ميمون -يعني: ابن أبي شبيب، راويه عن علي عندهم- لم يدرك عليًّا.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 755 - 756 رقم 2249).
(6) جامع الترمذي (3/ 580 رقم 1284).
(7) سنن الدارقطني (3/ 66 رقم 250).
(8) ترجمته في التهذيب (5/ 422 - 428).
(9) تحت الحديث رقم (4797) وغيره.

(4/377)


4806 - عن أبي موسى قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرَّق بين الوالد وولده، وبين الأخ وبين أخيه".
رواه ق (1) والدارقطني (2) من رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع (3)، قال يحيى بن معين (4): ليس يشيء.

4807 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبي فأمرني ببيع أخوين، فبعتهما وفرَّقت بينهما، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أدركهما فارتجعهما، ولا تفرق بينهما".
رواه الدارقطني (5).

41 - باب جواز التفريق بعد البلوغ
4808 - عن سلمة -هو ابن الأكوع- قال: "غزونا فزارة وعلينا أبو بكرٍ أمَّرَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا- فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا (6)، ثم شن الغارة (7)، فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى، وانظر إلى عنق (8) من الناس فيهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 756 رقم 2250).
(2) سنن الدارقطني (3/ 67 رقم 255).
(3) ترجمته في التهذيب (2/ 45 - 47).
(4) تاريخ الدوري (3/ 62 رقم 240)، وكتاب المجروحين (1/ 103).

4807 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 271 - 273 رقم 651 - 653).
(5) سنن الدارقطني (3/ 65).
(6) التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة، يقال منه، عرَّس يُعرِّس تعريسًا، ويقال فيه: أعرس. النهاية (3/ 206).
(7) أي: فرقها عليهم من جميع الجهات. النهاية (2/ 507).
(8) أي: جماعة. النهاية (3/ 310).

(4/378)


الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، فجئت بهم أسوقهم، وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع (1) من أدم -قال: القشع: النطع- معها بنت لها من أحسن العرب، فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبًا، فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السوق، فقال: يا سلمة، هب لي المرأة. (فقلت) (2): يا رسول الله، لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا. ثم لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد في السوق فقال: يا سلمة، هب لي المرأة للَّه أبوك (3). فقلت: هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفت لها ثوبًا. فبعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين كانوا أُسروا بمكة".
رواه مسلم (4).

4809 - عن عبد الله بن (بريدة) (5) عن أبيه قال: "أهدى أمير القبط لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاريتين أختين وبغلة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركبها، فأما إحدى الجاريتين فتسراها فولدت له إبراهيم، وأما الأخرى فأعطاها حسان بن ثابت".
رواه أبو بكر بن خزيمة (6).
__________
(1) قيل: أراد بالقشع الفرو الخلق. النهاية (4/ 65).
(2) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها، فإن الإضافة إلى العظيم تشريف، ولهذا يقال: بيت الله، وناقة الله، قال صاحب التحرير: فإذا وُجد من الولد ما يُحمد قيل له: لله أبوك حيث أتى بمثلك. شرح صحيح مسلم (2/ 8).
(4) صحيح مسلم (3/ 1375 - 1376 رقم 1755).
(5) في "الأصل": يزيد. وسيأتي هذا الحديث على الصواب في باب هدية المقوقس ملك القبط، في الهدايا، الحديث رقم (5222).
(6) وعزاه له ابن حجر في تلخيص الحبير (3/ 156).

(4/379)


42 - باب في بيع النخل المُؤَبَّرَة (1) وبيع العبد بماله
4810 - عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدًا فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع".
رواه خ (2) م (3).

4811 - عن عبادة بن الصامت قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تمر النخل لمن أبرها إلا أن يشترط المبتاع، وأن مال المملوك لمن باعه إلا أن يشترط المبتاع".
رواه ابن ماجه (4) وعبد الله بن الإمام أحمد عن غير أبيه (5).

4812 - عن سلمة بن كهيل قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع" (6).

43 - باب خيار المتبايعين
4813 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار".
__________
(1) أي: الملقحة، يقال: أبَرْت النخلة وأبَّرتها فهي مأبورة ومُؤَبَّرة، والاسم الأبار. النهاية (1/ 13).
(2) صحيح البخاري (4/ 469 رقم 2204).
(3) صحيح مسلم (3/ 1173 رقم 1543/ 80).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 746 رقم 2213).
(5) المسند (5/ 326 - 327) مطولاً ثم رواه عبد الله عن أبيه (5/ 327) وقال: وذكر نحوه.
(6) رواه أبو داود (3/ 268 رقم 3435). ورواه ابن حبان (7/ 209 رقم 4903) عن عطاء، عن جابر.

(4/380)


رواه خ (1) م (2).

4814 - وعن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا تبايع الرجلان فكل واحدٍ منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعًا، أو يخير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع".
رواه خ (3) م (4) وزاد في روايته: "فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك".
وعند البخاري (5): قال نافع: "وكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يعجبه فارق صاحبه".
وفي لفظٍ لمسلم (6): عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا (تبايع) (7) المتبايعان بالبيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا. قال: أو يكون بيعهما عن خيار، فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب. قال نافع: فكان إذا بايع رجلاً فأراد أن لا (يقيله) (8) قام فمشى هنية، ثم رجع".
وفي لفظٍ للبخاري (9): "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصحابه: اختر. وربما قال: يكون بيع خيار".

4815 - عن عبد الله بن عمر قال: "بعت من أمير المؤمنين عثمان مالاً بالوادي بمالٍ له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 385 رقم 2111).
(2) صحيح مسلم (3/ 1163 رقم 1531/ 43).
(3) صحيح البخاري (4/ 390 رقم 2112).
(4) صحيح مسلم (3/ 1163 رقم 1531/ 44).
(5) صحيح البخاري (4/ 382 رقم 2107).
(6) صحيح مسلم (3/ 1163 - 1164 رقم 1531/ 45).
(7) من صحيح مسلم.
(8) في "الأصل": يبدله. والمثبت من صحيح مسلم.
(9) صحيح البخاري (4/ 384 رقم 2109).

(4/381)


يُرَادَّني (1) البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا. قال عبد الله: فلما وجب بيعي وبيعه رأيت أني قد غبنته بأني سقته إلى أرض ثمود بثلاث (ليالٍ) (2)، وساقني إلى المدينة بثلاث ليالٍ".
رواه البخاري (3) تعليقًا.
وروى منه الدارقطني (4): "كنا إذا تبايعنا كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان. قال: فتبايعت أنا وعثمان فبعته مالي بالوادي بمالٍ له بخيبر، فلما بعته طفقت أنكص القهقرى خشية أن يرادني عثمان البيع قبل أن أفارقه".

4816 - عن حكيم بن حزام، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا؛ فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما". رواه البخاري (5) ومسلم (6) وعنده: "محق".

4817 - عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) -وهذا لفظه- س (9) ت (10) وقال: حديث حسن.
__________
(1) بتشديد الدال، أصله يراددني، أن يطلب مني استرداده. فتح الباري (4/ 393).
(2) من صحيح البخاري.
(3) صحيح البخاري (4/ 392 رقم 2116).
(4) سنن الدارقطني (3/ 6 رقم 16).
(5) صحيح البخاري (4/ 362 رقم 2079).
(6) صحيح مسلم (3/ 1164 رقم 1532).
(7) المسند (2/ 183).
(8) سنن أبي داود (3/ 273 رقم 3456).
(9) سنن النسائي (7/ 251 - 252 رقم 4495).
(10) جامع الترمذي (3/ 550 رقم 1247).

(4/382)


4818 - عن جميل بن مرة، عن أبي الوضيء قال: "غزونا غزوة لنا فنزلنا منزلًا، فباع صاحب لنا فرسًا بغلام، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما، فلما أصبحا من الغد حضر الرحيل قام إلى فرسه يسرجه (فندم) (1) فأتى للرجل وأخذه بالبيع، فأبى الرجل أن يدفعه إليه، فقال: بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر، فقالا له هذه القصة، فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".
رواه د (2) - وقال أبو داود: قال هشام بن حسان: حدث جميل أنه قال: "ما أراكما افترقتما".
ورواه الدارقطني (3) بتمامه من رواية هشام بن حسان وفيه: "وإني لا أراكما (4) افترقتما".
وروى الإمام أحمد (5) وابن ماجه (6) المسند سوى القصة في أوله.

4819 - عن يحيى بن أيوب قال: "كان أبو زرعة إذا بايع رجلاً خيره، ثم يقول: خيرني. ويقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يفترق اثنان إلا عن تراض".
(رواه د (7) -وهذا لفظه- ت (8)) (9) وقال: حديث غريب.
__________
(1) في "الأصل": فتقدم. والمثبت من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (3/ 273 رقم 3457).
(3) سنن الدارقطني (3/ 6 رقم 14).
(4) في سنن الدارقطني: "لأراكما" بالإثبات، والله أعلم.
(5) المسند (4/ 425).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 736 رقم 2182).
(7) سنن أبي داود (3/ 273 رقم 3458).
(8) جامع الترمذي (3/ 551 رقم 1248).
(9) سقطت من "الأصل".

(4/383)


4820 - عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3).

4821 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنما البيع عن تراض".
رواه ابن ماجه (4).

4822 - عن جابر بن عبد الله قال: "اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل من الأعراب حمل خبطٍ (5)، فلما وجب البيع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اختر. فقال الأعرابي: عمرك الله بيعاً".
رواه ابن ماجه (6) -وهذا لفظه- والدارقطني (7).
وفي لفظ له: "قال الأعرابي: إن رأيت كاليوم مثله بيعًا، عمرك الله فمن أنت؟ قال: من قريش".

4823 - وروى الترمذي (8) عن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير أعرابيًّا بعد البيع".
وقال: حديث صحيح غريب (9).
__________
(1) المسند (5/ 12، 17، 21، 22، 23).
(2) سنن النسائي (7/ 251 رقم 4493، 4494).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 736 رقم 2183).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 736 - 737 رقم 2185).
(5) الخَبَط: ورق الشجر، وهو من علف الإبل. النهاية (2/ 7).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 736 رقم 2184).
(7) سنن الدارقطني (3/ 21 رقم 74).
(8) جامع الترمذي (3/ 551 رقم 1249).
(9) كذا في تحفة الأشراف (2/ 323 رقم 2834) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 257)، وتحفة الأحوذي (4/ 454 رقم 1267): حسن غريب. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (4/ 455): وقال صاحب المشكاة بعد ذكر هذا الحديث رواه الترمذي=

(4/384)


44 - باب البيعان يختلفان في البيع
4824 - عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث، عن أبيه، عن جده قال: "اشترى الأشعث رقيقًا من رقيق الخمس (من عبد الله) (1) بعشرين ألفًا، فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم فقال: إنما أخذتهم بعشرة آلاف. فقال عبد الله: فاختر رجلاً يكون بيني وبينك. قال الأشعث: أنت بيني وبين نفسك. قال عبد الله: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ق (5)، وعند الإمام أحمد: "والسلعة كما هي" وعند ابن ماجه: "والبيع قائم بعينه" وعنده قال: "فإني أرى أن أرد البيع. فرده".

4825 - عن أبي وائل عن عبد الله قال: "إذا اختلف البيعان والبيع مستهلك فالقول قول البائع. ورفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك".
رواه الدارقطني (6).

4826 - عن عبد الملك بن عبيدة قال: "حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود أتاه رجلان تبايعا سلعة، فقال هذا: أخذتها بكذا وكذا. وقال الآخر:
__________
=وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال القاري: و"حسن" غير موجود في بعض النسخ.
(1) من سنن أبي داود، وعبد الله هو ابن مسعود.
(2) المسند (1/ 466).
(3) سنن أبي داود (3/ 285 رقم 3511).
(4) سنن النسائي (7/ 302 - 303 رقم 4662).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 737 رقم 2186).
(6) سنن الدارقطني (3/ 21 رقم 71).

(4/385)


بعتها بكذا وكذا. فقال أبو عبيدة: أُتي عبد الله في مثل هذا، فقال: حضرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي في مثل هذا فأمر بالبائع أن يستحلف، ثم يختار المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) والدارقطني (3) -وهذا لفظه- وأبو عبيدة بن عبد الله قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا (4).

45 - باب في عهدة الرقيق
4827 - عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عهدة الرقيق ثلاثة أيام" (5).
رواه د (6)، وروى ابن ماجه (7): "لا عهدة بعد أربع".

4828 - وذكر أبو داود (8) عن قتادة "إن وجد داء في الثلاث ليال رُدَّ (بغير) (9) بينة، وإن وجد بعد الثلاث كلف البينة أنه اشتراه وبه هذا الداء". وقال: هذا كلام قتادة.
__________
(1) المسند (1/ 466).
(2) سنن النسائي (7/ 303 رقم 4663).
(3) سنن الدارقطني (3/ 19 رقم 62).
(4) قاله غير واحدٍ منهم أبو حاتم الرازي، كما في المراسيل لابنه (256 - 257)، وانظر ترجمة أبي عبيدة من التهذيب (14/ 61 - 63).
(5) هو أن يشتري الرقيق ولا يشترط البائع البراءة من العيب، فما أصاب المشتري من عيب في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع، ويُرد إن شاء بلا بينة، فإن وجد عيبًا بعد الثلاث فلا يرد إلا ببينة. النهاية (3/ 326).
(6) سنن أبي داود (3/ 284 رقم 3506).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 754 رقم 2245).
(8) سنن أبي داود (3/ 284 رقم 3507).
(9) في "الأصل": يعني. والمثبت من سنن أبي داود.

(4/386)


4829 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عهدة الرقيق ثلاثة أيام".
رواه ق (1).

46 - باب الخراج بالضمان (2)
4830 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الخراج بالضمان".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ق (6) ت (7).
وفي لفط: "أن رجلاً ابتاع غلاماً فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد (به) (8) عيبًا فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله، استغل غلامي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الخراج بالضمان".
رواه د (9) وقال: هذا إسناد ليس بذاك.
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 754 رقم 2244).
(2) يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدًا كان أو أمة أو مِلْكًا، وذلك أن يشتريه فيستغله زمانًا ثم يعثر منه على عيب قديم لم يُطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه، فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله، لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمان، ولم يكن له على البائع شيء. والباء في "بالضمان" متعلقة بمحذوفٍ تقديره: الخراج مستحق بالضمان، أي: بسببه. النهاية (2/ 19).
(3) المسند (6/ 49، 237).
(4) سنن أبي داود (3/ 284 رقم 3508، 3509).
(5) سنن النسائي (7/ 255 رقم 4502).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 754 رقم 2242).
(7) جامع الترمذي (3/ 281 - 282 رقم 1285، 1286)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم.
(8) من سنن أبي داود.
(9) سنن أبي داود (3/ 284 رقم 3510).

(4/387)


وقد روى الإمام أحمد (1) ق (2) نحوه.

47 - باب النهي عن الحكر
4831 - عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحتكر إلا خاطئ. فقيل لسعيد: فإنك تحتكر. قال سعيد: إن معمرًا (الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر".
رواه م (3) د (4) وقالى أبو داود: كان سعيد بن المسيب يحتكر) (5) النوى والخَبَط والبزار.

4832 - عن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس وبجذام".
رواه الإمام أحمد (6) ق (7) وعنده: "بالجذام".

4833 - وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون" (8).
__________
(1) المسند (6/ 80).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 754 رقم 2243).
(3) صحيح مسلم (3/ 1227 رقم 1605).
(4) سنن أبي داود (3/ 271 رقم 3447).
(5) سقطت من "الأصل" والحديث رواه الإمام أحمد (3/ 453 - 454، 6/ 400)، والترمذي (3/ 567 رقم 1267)، وابن ماجه (2/ 728 رقم 2154)، وقال الترمذي: وحديث معمر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا احتكار الطعام، ورخص بعضهم في الاحتكار في غير الطعام.
(6) المسند (1/ 12).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 728 رقم 2155).
(8) قال علي بن المديني: هذا حديث كوفي، ضعيف الإسناد منكر، مع أنه منقطع من قبل سعيد بن المسيب، وقد رُوي عن عمر قوله في الحكرة من طريق أخرى. نقله ابن كثير=

(4/388)


رواه ق (1) من رواية علي بن زيد بن جدعان (2)، وفيه كلام.

4834 - عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم فإن حقًّا على الله -تبارك وتعالى- أن يقعده بعُظم (3) من النار يوم القيامة".
رواه الإمام أحمد (4).

4835 - وروى (5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من احتكر (حكرة) (6) يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ".

48 - باب النهي عن بيع السلاح في الفتنة
4836 - عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع السلاح في الفتنة" (7).
رواه الإمام أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم في كتاب "البيوع".
__________
=في مسند الفاروق (1/ 348).
(1) سنن ابن ماجه (2/ 728 رقم 2153).
(2) ترجمته في التهذيب (20/ 434 - 445).
(3) عُظْم الشيء: أكبره. النهاية (3/ 260).
(4) المسند (5/ 27).
(5) المسند (2/ 351).
(6) من المسند.
(7) رواه أحمد بن منيع في مسنده -كما في المطالب العالية (2/ 99 رقم 1421) وإتحاف الخيرة (3/ 331 رقم 2852) - والعقيلي في الضعفاء (4/ 139) والطبراني في الكبير (18/ 136 - 137 رقم 286) وابن عدي في الكامل (7/ 516) والخطيب في تاريخه (3/ 278)، والبيهقي (5/ 327) وغيرهم. ورواه العقيلي وابن عدي والخطيب والبيهقي عن عمران بن حصين موقوفًا عليه. وقال العقيلي: لا يصح إلا عن أبي رجاء. يعني: العطاردي من قوله.

(4/389)


49 - باب النهي عن كسر السكة
4837 - عن علقمة بن عبد الله، عن أبيه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس" (1).
رواه الإمام أحمد (2) د (3).

50 - باب في الربا
4838 - عن أبي جحيفة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب وثمن الدم، ونهى عن (4) الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور".
رواه خ (5).

4839 - عن عبد الله بن مسعود قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله".
رواه مسلم (6).
__________
(1) يعني: الدنانير والدراهم المضروبة، أي: لا تكسر إلا من أمر يقتضي كسرها، إمَّا لرداءتها أو شك في صحة نقدها، وكره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى، وقيل: لأن فيه إضاعة المال، وقيل: إنما نهى عن كسرها على أن تعاد تبرًا فأما للنفقة فلا، وقيل: كانت المعاملة بها في صدر الإسلام عددًا لا وزنًا، فكان بعضهم يقص أطرافها؛ فنُهوا عنه. النهاية (1/ 89 - 90).
(2) المسند (3/ 419).
(3) سنن أبي داود (3/ 271 - 272 رقم 3449).
(4) كذا وقع في هذه الرواية: "نهى عن" أي نهى عن فعل هؤلاء، ورواه البخاري في غير موضع بلفظ: "لعن". صحيح البخاري (4/ 497 رقم 2238، 9/ 404 رقم 5347).
(5) صحيح البخاري (4/ 368 رقم 2086).
(6) صحيح مسلم (3/ 1218 - 1219 رقم 1597).

(4/390)


وعند الإمام أحمد (1) وأبو داود (2) -وهذا لفظه- ق (3) ت (4) - وقال: حديث حسن صحيح-: "آكل الربا وموكله وكاتبه" وعند النسائي (5): "آكل الربا وموكله وكاتبه إذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة".

4840 - عن جابر -هو ابن عبد الله- قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء".
رواه مسلم (6).

4841 - عن عبد اللَّه بن حنظلة غسيل الملائكة -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة (7) وثلاثين زنية".
رواه الإمام أحمد (8).

4842 - ورواه (8) أيضاً عن حنظلة بن راهب، عن كعب قال: "لأن أزني ثلاثاً وثلاثين زنية أحب إليَّ من أكل درهم ربا يعلم اللَّه أني أكلته حين أكلته ربا".
قال أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي (9): -يعني المرفوع إلى النبي
__________
(1) المسند (1/ 393، 394، 402، 409، 453).
(2) سنن أبي داود (3/ 244 رقم 3333).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 764 رقم 2277).
(4) جامع الترمذي (3/ 512 رقم 1206).
(5) سنن النسائي (8/ 147 رقم 5117).
(6) صحيح مسلم (3/ 1219 رقم 1598).

4841 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 267 - 268 رقم 229، 230).
(7) كذا وقع في الرواية.
(8) المسند (5/ 225).
(9) انظر المختارة (9/ 230).

(4/391)


- صلى الله عليه وسلم -: وهم، والصواب عن عبد الله بن حنظلة عن كعب -يعني: الأحبار- واللَّه أعلم.

4843 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الربا سبعون حوبًا (1) أيسرها أن ينكح الرجل أمه".
رواه ابن ماجه (2) من رواية أبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن السندي (3)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.

4844 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة".
رواه ابن ماجه (4) أيضًا.

4845 - و (روى) (5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتيت ليلة أسري بي على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا".
من رواية علي بن زيد بن جدعان، عن أبي الصلت، عن أبي هريرة، وعلي (6) قد ضعفه غير واحد، وأبو الصلت لا يُعرف اسمه (7).

4846 - وروى (8) عن عبد الله -هو ابن مسعود- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الربا
__________
(1) أي: سبعون ضربًا من الإثم. النهاية (1/ 455).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 764 رقم 2274).
(3) ترجمته في التهذيب (29/ 322 - 331).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 765 رقم 2279).
(5) ليست في "الأصل" والحديث في سنن ابن ماجه (2/ 763 رقم 2273).
(6) ترجمته في التهذيب (2/ 434 - 445).
(7) ترجمته في التهذيب (33/ 428 - 429).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 764 رقم 2275).

(4/392)


ثلاثة وسبعون بابًا". وإسناده جيد.

4847 - عن الحسن، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره" (1).
وفي لفظ: "بخاره".
رواه د (2)، والحسن قيل: لم يسمع من أبي هريرة (3).

51 - باب إِذا اشترط في البيع شرط لا يحل
4848 - عن عائشة قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقٍ، في كل عام أوقية، فأعينيني. فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء (فإنما الولاء) (4) لمن أعتق. ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق".
رواه البخاري (5) -وهذا لفظه- ومسلم (6) وعنده: "فقال: اشتريها وأعتقيها
__________
(1) رواه النسائي (7/ 243 رقم 4467) وابن ماجه (2/ 765 رقم 2278) أيضًا.
(2) سنن أبي داود (3/ 243 - 244 رقم 3331).
(3) ممن قال ذلك علي بن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم، انظر المراسيل لابن أبي حاتم (34 - 36).
(4) تكررت في "الأصل".
(5) صحيح البخاري (4/ 440 رقم 2168).
(6) صحيح مسلم (2/ 1142 - 1143 رقم 1504/ 8).

(4/393)


واشترطي لهم الولاء" وعنده: "كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق، ما بال رجال منكم يقول أحدهم: أعتق فلانًا والولاء لي. إنما الولاء لمن أعتق".
وعنده (1) أيضًا: "شرط الله أحق وأوثق".
وفي لفظٍ للبخاري (2): "فاشتريها فأعتقيها، وليشترطوا ما شاءوا. فاشترتها فأعتقتها واشترط أهلها ولاءها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الولاء لمن أعتق، وإن شرطوا مائة شرط".
ولهما (3): "ابتاعي فأعنقي".

4849 - عن عبد الله بن عمر "أن عائشة -رضي الله عنها- أرادت أن تشتري جارية فتعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا يمنعك ذلك؛ فإنما الولاء (لمن أعتق) (4) ".
أخرجاه أيضاً في الصحيحين (5) غير أن مسلمًا جعله من مسند عائشة فقال: عن عائشة أنها.

4850 - عن أبي هريرة قال: "أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها، فأبى أهلها إلا أن يكون لهم الولاء، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا يمنعك ذلك؛ فإنما الولاء لمن أعتق".
رواه مسلم (6).
__________
(1) صحح مسلم (2/ 1141 - 1142 رقم 1504/ 6).
(2) صحيح البخاري (5/ 382 رقم 2726).
(3) البخاري (5/ 370 رقم 2717)، ومسلم (2/ 1141 رقم 1504/ 6).
(4) من الصحيحين.
(5) البخاري (4/ 440 رقم 2169)، ومسلم (2/ 1141 رقم 1504).
(6) صحيح مسلم (3/ 1145 رقم 1505).

(4/394)


52 - باب اشتراط البائع منفعة المبيع
4851 - عن جابر بن عبد الله "أنه كان يسير على جملٍ له فأعيا (1) فأراد أن يُسيبه، قال: فلحقني النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لي وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله، قال: بعنيه. قال: بوقية. قلت: لا. ثم قال: بعنيه. فبعته بوقية واشترطت حُمْلانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في إثري، فقال: أتراني ماكستك (2) لآخذ جملك، خذ جملك ودراهمك، فهو لك".
رواه البخاري (3) ومسلم (4) وهذا لفظه.
ولهما (5): قال: "فبعته إياه على أن لي فقار ظهره (6) حتى أبلغ المدينة".

53 - باب الزيادة على الثمن
4852 - عن جابر قال: "أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاعتل جملي ... " وساق الحديث بقصته، وفيه: "ثم قال لي: بعني جملك هذا. قال: قلت: لا، بل هو لك قال: لا، بل بعنيه. قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله. قال: بل بعنيه. (قال: قلت) (7): فإن لرجل عليَّ أوقية ذهب، فهو لك بها. قال:
__________
(1) في صحيح مسلم: قد أعيا.
(2) المماكسة في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه، والمنابذة بين المتبايعين. النهاية (4/ 349).
(3) صحيح البخاري (5/ 370 - 371 رقم 2718).
(4) صحيح مسلم (3/ 221 رقم 715/ 109).
(5) البخاري (6/ 141 رقم 2967)، ومسلم (3/ 1221 - 1222 رقم 715/ 110).
(6) فقار الظهر: خرزاته، أي: مفاصل عظامه، واحدتها فقارة. شرح صحيح مسلم (7/ 30).
(7) من صحيح مسلم.

(4/395)


قد أخذته. فبلغ عليه إلى المدينة، قال: فلما قدمت المدينة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: أعطه أوقية من (ذهب) (1) وزده. فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطاً. قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " فكان في كيسٍ لي، فأخذه أهل الشام يوم الحرة (2) ".
رواه مسلم (3).

4853 - وروى البخاري (4) عن جابر بن عبد الله قال: "كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فكنت على جمل ثفال (5) إنما هو في آخر القوم (فبصر بي) (6) النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (من هذا؟ قلت: جابر بن عبد الله. قال: ما لك؟ قلت: إني على جمل ثفال) (7) قال: أمعك قضيب؟ قلت: نعم. قال: أعطنيه. فأعطيته فضربه فزجره، فكان من ذلك المكان من أول القوم، فقال: بعنيه. قلت: بل هو لك يا رسول الله. قال: بل بعنيه، قد أخذته بأربعة دنانير ولك ظهره إلى المدينة ... "، وفي آخره: "فلما قدمنا المدينة قال: يا بلال، اقضه وزده. فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطًا، قال جابر: لا تفارقني زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلم يكن القيراط يفارق قراب (8) جابر بن عبد الله".
__________
(1) من صحيح مسلم.
(2) يعني: حرة المدينة، كان قتال ونهب من أهل الشام هناك سنة ثلاث وستين من الهجرة. شرح صحيح مسلم (7/ 32).
(3) صحيح مسلم (3/ 1222 - 1223 رقم 715/ 111).
(4) صحيح البخاري (4/ 566 رقم 2309).
(5) بفتح المثلثة بعدها فاء خفيفة هو البعير البطيء السير، يقال: ثفال وثفيل. فتح الباري (4/ 567).
(6) في صحيح البخاري: فمر بي.
(7) من صحيح البخاري.
(8) في صحيح البخاري: جراب. قال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 162): بكسر الجيم من جراب، ولأبي ذر عن الكشميهني وعزاها في فتح الباري لأبي ذر والنسفي "قراب"=

(4/396)


4854 - عن سويد بن قيس قال: "جلبت أنا ومخرمة (1) العبدي بزًّا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي، فساومنا سراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زن وأرجح".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه، وعند الإمام أحمد: "ثيابًا من هجر" وعنده: "فقال للوزان: زن وأرجح"- س (4) ق (5) ت (6) وقال: حديث حسن صحيح.

54 - باب في الوزن والمكيال
4855 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة".
رواه د (7) س (8).
__________
=بكسر القاف، أي: قراب سيفه.
(1) كذا في "الأصل" وفي سنن أبي داود "مخرمة" بالميم، وقد وقع في كثير من نسخ سنن أبي داود: "مخرفة" بالفاء، وكذا وقع بالفاء في سنن النسائي وسنن ابن ماجه، وفي نسخة عون المعبود لسنن أبي داود (9/ 85) وفي نسخة تحفة الأحوذي لجامع الترمذي (4/ 532) وقال المباركفوري: مخرفة: بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة فراء ثم فاء، ويقال: بالميم والصحيح الأول، كذا في الاستيعاب. اهـ.
قلت: قال ابن ماكولا في الإكمال (7/ 227): وأما مخرفة بالفاء فهو مخرفة العبدي.
(2) المسند (4/ 352).
(3) سنن أبي داود (3/ 245 رقم 3336).
(4) سنن النسائي (7/ 284 رقم 4606).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 748 رقم 2220).
(6) جامع الترمذي (3/ 598 رقم 1305).
(7) سنن أبي داود (3/ 246 رقم 3340).
(8) سنن النسائي (5/ 54 رقم 2519، 7/ 284 رقم 4608).

(4/397)


4856 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب المكيال والميزان: "إنكم قد وليتم أمرين هلكت فيه (1) الأمم السالفة قبلكم".
رواه ت (2) وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث حسين بن قيس، وحسين بن قيس يضعف في الحديث، وقد روي هذا الحديث بإسنادٍ صحيح عن ابن عباس موقوف.

55 - باب الحوالة والضمان
4857 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مطل الغني (3) ظلم، وإذا أُتبع أحدكم على مليءٍ (4) فليتبع". رواه خ (5) م (6).

4858 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على مليء فأتبعه" (7).
رواه الإمام أحمد (8) ق (9) هو من رواية يونس بن عبيدٍ عن نافع، ورُوي عن
__________
(1) قال المباركفوري: كذا في نسخ الترمذي، وفي المشكاة: "فيهما" وهو الظاهر. تحفة الأحوذي (4/ 408).
(2) جامع الترمذي (3/ 521 رقم 1217).
(3) قال الأزهري: المطل: المدافعة، والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر، والغني مختلف في تفريعه، ولكن المراد به هنا من قدر على الأداء فأخره ولو كان فقيرًا. فتح الباري (4/ 543).
(4) المليء بالهمز: الثقة الغني، وقد مَلُؤ فهو مليء بيِّن الملاء والملاءة -بالمد- وقد أولع الناس بترك الهمز وتشديد الياء. النهاية (4/ 352). ومعنى الحديث: إذا أحيل بالدَّين الذي له على موسر فليحتل. شرح صحيح مسلم (6/ 440).
(5) صحيح البخاري (4/ 542 رقم 2287).
(6) صحيح مسلم (3/ 1197 رقم 1564).
(7) رواه الترمذي (3/ 600 - 601 رقم 1309) وسكت عليه.
(8) المسند (2/ 17).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 803 رقم 2404).

(4/398)


الإمام أحمد (1) قال: لم يسمع يونس بن عبيد من نافع، إنما سمع من ابن نافع عن نافع.

56 - باب حسن القضاء
4859 - عن أبي هريرة "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه فأغلظ، فهم به أصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالاً. ثم قال: أعطوه سنًّا (مثل سنه) (2). قالوا: يا رسول الله، إلا أمثل من سنه (3). قال: أعطوه؛ فإن من خيركم أحسنكم قضاء" (4).

4860 - وعن أبي هريرة قال: (كان لرجل على) (5) النبي - صلى الله عليه وسلم - سنن من الإبل فجاءه يتقاضاه، فقال: أعطوه. فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنًّا فوقها، فقال: أعطوه. فقال: أوفيتني أوفى الله بك (6). قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خياركم أحسنكم قضاء" (7).
رواهما البخاري -وهذا لفظه- ومسلم (8) وعنده: "فأعطاه".
__________
(1) المراسيل لابن أبي حاتم (249 رقم 928).
(2) من صحيح البخاري.
(3) قال ابن حجر: وقوله: "أعطوه سنًّا مثل سنه. قالوا: يا رسول الله إلا أمثل من سنه" كذا لجميع الرواة، وفيه حذف يظهر من سياق الذي قبله، والتقدير: فقالوا: لم نجد إلا أمثل .. إلخ. فتح الباري (4/ 564).
(4) صحيح البخاري (4/ 564 رقم 2306).
(5) في "الأصل": قال. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) حرف الجر في المفعول زائد للتوكيد؛ لأن الأصل أيقول: أوفاك الله. إرشاد الساري (4/ 159).
(7) صحيح البخاري (4/ 563 رقم 2305).
(8) صحيح مسلم (3/ 1225 رقم 1601).

(4/399)


4861 - عن أبي رافع "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بَكْرًا (1)، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًا (2). فقال: أعطه إياه؛ إن خيار الناس أحسنهم قضاء" (3).
وفي لفظ (4): "فإن خيار عباد الله أحسنهم قضاء".
رواه مسلم.

4862 - عن العرباض بن سارية قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أعرابي: اقضني بكري. فأعطاه بعيرًا حسنًا، فقال الأعرابي: يا رسول الله، هذا أسن من بعيري. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خير الناس خيرهم قضاءً".
رواه س (5) ق (6) واللفظ له.

57 - باب الربا والصرف (7)
4863 - عن مالك بن أوس "أنه التمس صرفًا بمائة دينار فدعاني طلحة بن
__________
(1) البكر بالفتح: الفتي من الإبل، بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى بكرة. النهاية (1/ 149).
(2) يقال: جمل خيار، وناقة خيار، أي مختار ومختارة، ويقال للذكر من الإبل إذا طلعت رباعيته: رباع، والأنثى رباعية بالتخفيف، وذلك إذا دخلا في السنة الرابعة. النهاية (2/ 91، 188).
(3) صحيح مسلم (3/ 1224 رقم 1600/ 118).
(4) صحيح مسلم (3/ 1224 رقم 1600/ 119).
(5) سنن النسائي (7/ 291 - 292 رقم 4633).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 767 رقم 2286).
(7) الصرف: بيع الدراهم بالذهب أو عكسه، سُمي به لصرفه عن مقتضى البياعات من جواز التفاضل فيه، وقيل: من الصريف وهو تصويتهما في الميزان. فتح الباري (4/ 447 - 448).

(4/400)


عُبَيد الله، فتراوضنا (1) حتى اصطرف مني فأخذ الذهب يقلبها (2) بيده، ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة. وعمر يسمع ذلك فقال: واللَّه لا تفارقه حتى تأخذ منه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الذهب (بالورق) (3) ربًا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاء وهاء".
رواه البخاري (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5) وعنده: "أنه قال: أقبلت أقول: من يصطرف الدراهم؟ فقال طلحة بن عُبَيد الله -وهو عند عمر بن الخطاب-: أرنا ذهبك، ثم ائتنا إذا جاء خادمنا نعطك ورقك. فقال عمر بن الخطاب: كلا والله، لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه؛ فإن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " الورق بالذهب ربًا إلا هاء وهاء ... " وذكره.

4864 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا (6) بعضها على بعض (ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض) (7) ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز".
__________
(1) بضاد معجمه، أي: تجارينا في الكلام في قدر العوض بالزيادة والنقص، كأن كلاً منهما كان يروض صاحبه ويسهل خلقه، وقيل: المراوضة هنا المواصفة بالسلعة، وهو أن يصف كل منهما سلعته لرفيقه. فتح الباري (4/ 442).
(2) أي: الذهبة، والذهب يذكر ويؤنث، فيقال: ذهب وذهبة، أو يحمل على أنه ضمن الذهب معنى العدد المذكور، وهو المائة فأنثه لذلك. فتح الباري (4/ 442).
(3) في نسخة صحيح البخاري المطبوعة أعلى الفتح: بالذهب. والذي في نسخة الفتح نفسها: بالورق. وانظر فتح الباري (4/ 442)، وإرشاد الساري (4/ 79).
(4) صحيح البخاري (4/ 441 - 442 رقم 2174).
(5) صحيح مسلم (3/ 1209 - 1210 رقم 1586).
(6) أي: لا تفضلوا، الشف: الربح والزيادة، والشَّف: النقصان أيضًا، فهو من الأضداد، يقال: شف الدرهم يَشِف، إذا زاد وإذا نقص، وأشفَّه غيره يُشفه. النهاية (2/ 486).
(7) من الصحيحين.

(4/401)


رواه البخاري (1) ومسلم (2) وزاد: "إلا يداً بيد".

4865 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء".
رواه مسلم (3) وفي لفظ له (4): قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق إلا وزنًا بوزن، مثلاً بمثل، سواءً بسواء".

4866 - عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا سواء بسواء، وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم".
رواه خ (5) وهذا لفظه- ومسلم (6).

4867 - عن أبي المنهال قال: "سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف، فكل واحدٍ منهما يقول: هذا خير مني (7). فكلاهما يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينًا".
أخرجاه (8) أيضًا.
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 444 رقم 2177).
(2) صحيح مسلم (3/ 1208 - 1209 رقم 1584/ 76).
(3) صحيح مسلم (3/ 1211 رقم 1584/ 82).
(4) صحيح مسلم (3/ 1209 رقم 1584/ 77).
(5) صحيح البخاري (4/ 443 رقم 2175).
(6) صحيح مسلم (3/ 1213 رقم 1590).
(7) فيه ما كان عليه الصحابة من التواضع، وإنصاف بعضهم بعضاً، ومعرفة أحدهم حق الآخر. فتح الباري (4/ 448).
(8) البخاري (4/ 447 رقم 2180، 2181)، ومسلم (3/ 1212 - 1213 رقم 1589/ 87).

(4/402)


4868 - عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين".
رواه مسلم (1).

4869 - عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" (2).
وفي لفظ (3): "عين بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى".
رواه مسلم.
وعند أبي داود (4): وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير (5) أكثرهما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا".
وكذا رواه النسائي (6) وابن ماجه (7) بمعناه.

4870 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد (فقد أربى، إلا ما اختلفت ألوانه".
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1209 رقم 1585).
(2) صحيح مسلم (3/ 211 رقم 1587/ 81).
(3) صحيح مسلم (3/ 1210 رقم 1587/ 80).
(4) سنن أبي داود (3/ 248 رقم 3349).
(5) زاد في "الأصل": بالبر. وهي زيادة ليست في سنن أبي داود.
(6) سنن النسائي (7/ 276 - 277 رقم 4577، 4578).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 757 - 758 رقم 2254).

(4/403)


رواه مسلم (1)، وفي لفظ له (2): الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلاً بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن مثلاً بمثل، فمن زاد أو استزاد) (3) فهو رباً".

4871 - عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب من المغانم تباع، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الذهب بالذهب وزنًا بوزن".
رواه مسلم (4).

4872 - عن معمر بن عبد الله "أنه أرسل غلامه بصاع قمح، فقال: بعه ثم اشتر به شعيرًا. فذهب الغلام فأخذ صاعاً وزيادة بعض صاع، فلما جاء معمرًا أخبره بذلك، فقال له معمر: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده، ولا تأخذن إلا مثلاً بمثل؛ فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الطعام بالطعام مثلاً بمثلٍ. وكان طعامنا يومئذ الشعير. قيل: فإنه ليس بمثله. قال: إني أخاف أن يُضارع (5) " (6).

58 - باب في اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب
4873 - عن ابن عمر قال: "كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير (7) وآخذ
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1211 رقم 1588/ 83).
(2) صحيح مسلم (3/ 1212 رقم 1588/ 84).
(3) سقطت من "الأصل".
(4) صحيح مسلم (3/ 1213 رقم 1591).
(5) معنى: يُضارع يشابه ويشارك، ومعناه أخاف أن يكون في معنى المماثل فيكون له حكمه في تحريم الربا. شرح صحيح مسلم (6/ 16).
(6) رواه مسلم (3/ 1214 رقم 1592).
(7) في "الأصل": الدينار. والمثبت من سنن أبي داود.

(4/404)


الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه (وأعطي هذه من هذه) (1) فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة فقلت: يا رسول الله، رويدك أسألك، إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدينار وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- ت (4) س (5) ق (6).

59 - باب من الربا
4874 - عن أبي سعيد (و) (7) عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجالأً على خيبر، فجاءه بتمر جَنيب (8)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تفعل، بع الجمع (9) بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا. وقال في الميزان مثل ذلك". وعند مسلم: "وكذلك الميزان".
__________
(1) من سنن أبي داود.
(2) المسند (2/ 83 - 84، 154).
(3) سنن أبي داود (3/ 250 رقم 3354، 3355).
(4) جامع الترمذي (3/ 544 رقم 1242) وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفاً.
(5) سنن النسائي (7/ 281 - 282 رقم 4582).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 760 رقم 2262).
(7) من الصحيحين.
(8) الجنيب: نوع جيد معروف من أنواع التمر. النهاية (1/ 304).
(9) كل لون من النخيل لا يُعرف اسمه فهو جمع، وقيل: الجمع: تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبًا فيه، وما يخلط إلا لرادءته. النهاية (1/ 296). وفي "الأصل": الجميع.

(4/405)


أخرجاه في الصحيحين (1).

4875 - وعن أبي سعيد قال: "جاء بلال بتمر برني، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أين هذا؟ فقال بلال: تمر كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم (2) النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: أوه (3) عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر، ثم اشتر به".
رواه البخاري (4) ومسلم (5) -وهذا لفظه- وعند البخاري: "لنطعم النبي - صلى الله عليه وسلم -" وعنده: "أوه عين الربا، عين الربا".

4876 - وعن أبي سعيد قال: "كنا نُرزق (6) تمر الجمع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الخليط من التمر -فكنا نبيع صاعين بصاع، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا صاعي تمر بصاع، ولا صاعي حنطة بصاع، ولا درهمًا بدرهمين".
أخرجاه (7) وهذا لفظ مسلم.
__________
(1) البخاري (4/ 467 رقم 2201، 2202، 4/ 561 رقم 2302، 2303)، ومسلم (3/ 1215 رقم 1593).
(2) في صحيح مسلم: لمطعم. وانظر فتح الباري (4/ 572).
(3) "أوه": كلمة تقال عند التوجع، وهي مشددة الواو مفتوحة، وقد تُكسر، والهاء ساكنة، وربما حذفوها، ويقال: بسكون الواو وكسر الهاء، وحكى بعضهم مد الهمزة بدل التشديد، قال ابن التين: إنما تأوه ليكون أبلغ في الزجر، وقاله إما للتألم من هذا الفعل، وإما من سوء الفهم. فتح الباري (4/ 572).
(4) صحيح البخاري (4/ 571 - 572 رقم 2312).
(5) صحيح مسلم (3/ 1215 - 1216 رقم 1594)
(6) نُرزق: بضم النون أوله، أي نعطاه، وكان هذا العطاء مما كان - صلى الله عليه وسلم - يقسمه فيهم مما أفاء الله عليهم من خيبر. فتح الباري (4/ 365).
(7) البخاري (4/ 364 - 365 رقم 2080)، ومسلم (3/ 1216 رقم 1595).

(4/406)


4877 - عن أبي نضرة قال: "سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف، فلم يريا به بأسًا (1)، فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف (فقال:) (2) ما زاد فهو ربا. فأنكرت ذلك لقولهما، فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جاءه صاحب نخلةِ بصاعٍ من تمر طيبٍ، وكان تمر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا اللون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّى لك هذا؟ قال: انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصاع؛ فإن سعر هذا في السوق كذا، وسعر هذا في السوق كذا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ويلك) (2) أربيت، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة، ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت. قال أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون رباً أم الفضة بالفضة. قال: فأتيت ابن عمر بعد فنهاني، ولم آت ابن عباس. قال: فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه".
رواه مسلم (3).
__________
(1) لأنهما كانا يعتقدان أنه لا ربا فيما كان يدًا بيد، وأنه يجوز بيع درهم بدرهمين، ودينار بدينارين، وصاع تمر بصاعين من التمر، وكذلك الحنطة وسائر الربويات، كانا يريان جواز بيع الجنس بعضه ببعض متفاضلاً، وأن الربا لا يحرم في شيء من الأشياء إلا إذا كان نسيئة، وهذا معنى قوله: "أنه سألهما عن الصرف فلم يريا به بأساً" يعني الصرف متفاضلاً كدرهم بدرهمين، وكان معتمدهما حديث أسامة بن زيد "إنما الربا في النسيئة" ثم رجع ابن عمر وابن عباس عن ذلك، وقالا بتحريم بيع الجنس بعضه ببعض متفاضلاً حين بلغهما حديث أبي سعيد، كما ذكره مسلم من رجوعهما صريحاً، وهذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تدل على أن ابن عمر وابن عباس لم يكونا بلغهما حديث النهي عن التفاضل في غير النسيئة، فلما بلغهما رجعا إليه. شرح صحيح مسلم (7/ 21 - 22).
(2) من صحيح مسلم.
(3) صحيح مسلم (3/ 1217 رقم 1594/ 100).

(4/407)


60 - باب السَّلَم (1)
4878 - عن ابن عباس قال: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يُسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".
رواه البخاري (2) وهذا لفظه.
وعنده (3) أيضًا: "والناس يسلفون في التمر العام والعامين -أو قال: عامين أو ثلاث" شك إسماعيل -هو ابن عُلية.
ورواه مسلم (4): "وهم يسلفون في الثمار بالسنة والسنتين، فقال: من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".

4879 - عن محمد بن أبي مجالد قال: "بعثني عبد الله بن شداد وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى، فقالا: سله: هل كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسلفون في الحنطة؟ فقال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزبيب (5) في كيل معلوم إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك. ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى (فسألته) (6) فقال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلفون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم
__________
(1) السَّلَم بفتحتين: السلف وزنًا ومعنى، يكتال: أسلم وسَلَّم إذا أسلف، والاسم السَّلَم، وهو أن تعطي ذهبًا أو فضة في سلعة معلومة إلى أمدٍ معلوم، فكأنك قد أسلمت الثمن إلى صاحب السلعة وسلمته إليه. النهاية (2/ 396).
(2) صحيح البخاري (4/ 501 رقم 2240).
(3) صحيح البخاري (4/ 500 رقم 2239).
(4) صحيح مسلم (3/ 1226 - 1227 رقم 1604).
(5) في صحيح مسلم: الزيت.
(6) من صحيح مسلم.

(4/408)


نسألهم ألهم حرث أم لا" (1).
وفي لفظ (2): "فبعثوني إلى ابن أبي أوفى فسألته، فقال: إنا كنا نسلف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-في الحنطة والشعير والزبيب والتمر. وسألت ابن أبزى فقال مثل ذلك".
رواه البخاري.
وفي لفظٍ له (3): عن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى قال: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب (4) إلى أجل مسمى. قال: قلت: أكان لهم زرع (أو لم يكن لهم زرع) (5)؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك".

4880 - عن أبي البختري قال: "سألت ابن عمر عن السلم في النخل، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يصلح، ونهى عن الورق بالذهب نساءً بناجز. وسألت ابن عباس فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى يأكل أو يؤكل وحتى يوزن. قلت: ما يوزن؟ قال رجل عنده: حتى يُحزر". وفي لفظ: "حتى يؤكل منه".
رواه البخاري (6) وروى مسلم (7) حديث ابن عباس.
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 502 - 503 رقم 2244، 2245).
(2) صحيح البخاري (4/ 501 رقم 2242، 2243).
(3) صحيح البخاري (4/ 507 رقم 2254، 2255).
(4) لأبي ذر: و"الزيت" بالمثناة الفوقية آخره، بدل "الزبيب" بالموحدة. إرشاد الساري (4/ 122).
(5) من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (4/ 505 رقم 2249، 2250).
(7) صحيح مسلم (3/ 1167 رقم 1537).

(4/409)


4881 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره" (1).
رواه د (2) ق (3) والدارقطني (4).
وفي لفظ له: "من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه أو رأس ماله".
هو من رواية عطية بن سعد العوفي (5)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.

4882 - عن النجراني قال: "قلت لعبد الله بن عمر: أسلم في نخل قبل أن تطلع؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: إن رجلاً أسلم في حديقة نخل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُطلع النخل، فلم يطلع النخل شيئاً ذلك العام، فقال المشتري: هو لي حتى تطلع. وقال البائع: إنما بعتك النخل هذه السنة. فاختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال للبائع: أخذ من نخلك شيئًا؟ قال: لا. قال: فبم تستحل ماله؛ اردد عليه ما أخذت منه، ولا تُسلموا في نخلٍ حتى يبدو صلاحه".
رواه د (6) ق (7) -وهذا لفظه.
قلت: والنجراني لم يُسم (8).
__________
(1) معنى الحديث أن يُسلف مثلاً في بر فيعطيه المستسلف غيره من جنسٍ آخر، فلا يجوز له أن يأخذه. النهاية (2/ 396).
(2) سنن أبي داود (3/ 276 رقم 3468).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 766 رقم 2283).
(4) سنن الدارقطني (3/ 45 رقم 187).
(5) ترجمته في التهذيب (20/ 145 - 149).
(6) سنن أبي داود (3/ 276 رقم 3467).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 767 رقم 2284).
(8) قال الدارمي: قلت ليحيى بن معين: فالنجراني من هو؟ قال: رجل مجهول. قال ابن عدي: هو مجهول كما قال يحيى بن معين. التهذيب (35/ 26).

(4/410)


4883 - عن عبد الله بن سلام قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن بني فلان قد أسلموا -لقوم من اليهود- وإنهم قد جاعوا فأخاف أن يرتدوا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من عنده؟ قال رجل من اليهود: عندي كذا وكذا -لشيء سماه أُراه قال: ثلاثمائة دينار- بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسعر كذا وكذا، إلى أجل كذا وكذا، وليس من حائط بني فلان".
رواه ق (1).

4884 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أسلف سلفًا فلا يشترط على صاحبه غير قضائه".
رواه الدارقطني (2) من رواية بقية عن لوذان بن سليمان، قال ابن عدي (3): لوذان بن سليمان روى عنه بقية، مجهول (4).

61 - باب في القرض
4885 - عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يقرض مسلمًا قرضًا مرتين إلا كان كصدقتها مرة".
رواه ابن ماجه (5) هو من رواية سليمان بن يسير النخعي الكوفي، قال الإمام أحمد (6): إلا يساوي شيئًا. وقال يحيى بن معين (7): ليس بشيء. وقال
__________
4883 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 446 - 449 رقم 421).
(1) سنن ابن ماجه (2/ 765 - 766 رقم 2281).
(2) سنن الدارقطني (3/ 46 رقم 189).
(3) الكامل (7/ 240).
(4) زاد ابن عدي: وما رواه مناكير إلا يُتابع عليه. وذكر له هذا الحديث من مناكيره.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 812 رقم 2430) وفيه قصة.
(6) العلل ومعرفة الرجال (3/ 196 رقم 2849) وعنه الجرح والتعديل (4/ 150).
(7) تاريخ الدوري (3/ 279 رقم 1336) وعنه الجرح والتعديل (4/ 150).

(4/411)


أبو زرعة (1) واهي الحديث. وقال النسائي (2) وابن الجنيد (3): متروك الحديث.

4886 - عن عبد اللهَّ بن أبي ربيعة المخزومي "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف (4) منه حين غزا حنينًا ثلاثين أو أربعين ألفًا، فلما قدم قضاها إياه، ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بارك الله لك في أهلك ومالك؛ إنما جزاء السلف الوفاء والحمد".
رواه الإمام أحمد (5) س (6) ق (7) وهذا لفظه.

4887 - عن ابن عباس قال: "جاء رجل يطلب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بدين أو بحق فتكلم ببعض الكلام، فهمَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مه، إن صاحب الدين له سلطان على صاحبه حتى يقضيه" (8).
رواه ق (9).

4888 - عن أبي سعيد الخدري قال: "جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه ديناً كان عليه فاشتد عليه (حتى) (10) قال له: أحرج عليك ألا قضيتني. فانتهره
__________
(1) الجرح والتعديل (4/ 150).
(2) كتاب الضعفاء والمتروكين (121 رقم 263).
(3) ضعفاء ابن الجوزي (2/ 25)، وإكمال مغلطاي (6/ 107)، وتهذيب التهذيب (2/ 429).

4886 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 299 - 300 رقم 253 - 256).
(4) في سنن ابن ماجه: استلف.
(5) المسند (4/ 36).
(6) سنن النسائي (7/ 314 رقم 4697).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 809 رقم 2424).
(8) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (2/ 248 رقم 851): هذا إسناد ضعيف؛ حنش اسمه حسين بن قيس أبو علي الرحبي، ضعفه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والبخاري والنسائي والعقميلي وابن عدي والجوزجاني والبزار والدارقطني وغيرهم.
(9) سنن ابن ماجه (2/ 810 رقم 2425).
(10) من سنن ابن ماجه.

(4/412)


أصحابه، وقالوا: ويحك، تدري من تُكلم؟! قال: إني أطلب حقي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هلا مع صاحب الحق كنتم؟ ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال: إن كان عندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمر فنقضيك. فقالت: نعم، بأبي أنت يا رسول الله. قال: فأقرضته، فقضى الأعرابي وأطعمه، فقال: أوفيت أوفى الله لك. فقال: أولئك خيار الناس، إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غيرَ مُتَعْتَع (1) ".
رواه ق (2).

4889 - عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي (3) قال: سألت أنس بن مالك الرجل منا يقرض أخاه المال فيُهدي إليه. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقرض أحدكم قرضًا فأُهدي إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون (جرى) (4) بينه وبينه قبل ذلك".
رواه ابن ماجه (5) من رواية إسماعيل بن عياش (6)، وفيه كلام.
__________
(1) بفتح التاء، أي من غير أن يصيبه أذى يقلقله ويزعجه، يقال: تعتعته فتتعتع، و"غير" منصوب؛ لأنه حال للضعيف. النهاية (1/ 190).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 810 رقم 2426).
(3) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 350) ونقل عن الإمام الحسن بن علي المعمري قوله: قال هشام -يعني ابن عمار شيخ ابن ماجه- في هذا الحديث: يحيى بن أبي إسحاق الهنائي" ولا أراه إلا وهم، وهذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس، ورواه شعبة ومحمد بن دينار فوقفاه.
وقال المزي في تهذيب الكمال (31/ 201): ومن الأوهام: يحيى بن أبي إسحاق الهنائي ... والمعروف أن الهنائي يحيى بن يزيد، كما يأتي في موضعه، والله أعلم.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (3/ 8): وهو خطأ أيضاً؛ فإن يحيى الهنائي غير ابن أبي إسحاق وابن أبي إسحاق هو الحضرمي البصري، وإسناد هذا الحديث غير قوي على كل حالٍ؛ فإن ابن عياش متكلم فيه.
(4) في "الأصل" خيراً. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 813 رقم 2432).
(6) ترجمته في التهذيب (3/ 163 - 181).

(4/413)


4890 - وروى (1) أيضًا عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت ليلة أُسري بي على باب الجنة مكتوبًا: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر. فقلت: يا جبريل، ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة".
هو من رواية خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي قال فيه الإمام أحمد (2) ويحيى بن معين (3): ليس بشيء. وقال النسائي (4): ليس بثقة.

4891 - عن عائشة قالت: "يا رسول الله، إن الجيران يقترضون الخبز، ويردون زيادة ونقصان. فقال: لا بأس، إنما ذلك من أمر الناس" (5).

4892 - وعن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (6).
رواهما أبو بكر عبد العزيز في كتاب "الشافي".

4893 - عن سعيد بن أبي بردة -هو ابن أبي موسى- عن أبيه قال: "أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام، فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقًا وتمرًا، ثم قال:
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 812 رقم 2431).
(2) الكامل لابن عدي (3/ 423).
(3) تاريخ الدوري (4/ 425 رقم 5101).
(4) كتاب الضعفاء والمتروكين (95 رقم 176).
(5) رواه ابن الجوزي في التحقيق -مع التنقيح- (3/ 6 رقم 1569) وقال ابن عبد الهادي: هذا الحديث غير مخرج في شيء من الكتب الستة، قال شيخنا: وفي إسناده من يجهل حاله، والله أعلم.
(6) رواه ابن عدي في الكامل (3/ 311 - 312) في ترجمة ثور بن يزيد الكلاعي، وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 7): هذا الحديث لم يُخرج في شيء من السنن، وإسناده صالح لكنه منقطع؛ فإن الحديث مروي من طريق خالد -يعني: ابن معدان- وخالد لم يدرك معاذاً وابن عدي ذكره في ترجمة ثور، وروى له غيره، ثم قال: لم أر في اْحاديثه أنكر من هذا الذي ذكرته، لكنه مستقيم الحديث، صالح بين الناس.

(4/414)


إنك بأرض الربا فيها فاش؛ إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تِبْن، أو حمل شعير، أو حمل قَتٍّ (1) فلا تأخذه؛ فإنه ربا".
رواه البخاري (2) من قول عبد الله بن سلام.

62 - باب الرهن
4894 - عن عائشة "أن رسول الله اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل، ورهنه درعًا له من حديد".
رواه خ (3) م (4) وهذا لفظه.

4895 - عن أنس بن مالك قال: "رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعه بشعير".
رواه البخاري (5) والإمام أحمد (6) س (7) ق (8) واللفظ له قال: "لقد رهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درعه عند يهودي بالمدينة، فأخذ لأهله منه شعيرًا".
ورواه ت (9): "لقد رهن له درعًا (مع) (10) يهودي بعشرين صاعًا من طعام أخذه لأهله". وقال: حديث حسن صحيح.

4896 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الظهر يُركب بنفقته إذا
__________
(1) القَتُّ: الفِصْفِصة، وهي الرَّطبة من علف الدواب. النهاية (4/ 11).
(2) صحيح البخاري (7/ 161 رقم 3814).
(3) صحيح البخاري (4/ 354 رقم 2068).
(4) صحيح مسلم (3/ 1266 رقم 1603/ 126).
(5) صحيح البخاري (5/ 166 رقم 2508).
(6) المسند (3/ 133، 208).
(7) سنن النسائي (7/ 288 رقم 4624).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 815 رقم 2437).
(9) جامع الترمذي (3/ 519 - 520 رقم 1215).
(10) في جامع الترمذي: عند.

(4/415)


كان مرهونًا، (ولبن الدر يُشرب بنفقته إذا كان مرهونًا) (1)، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة".
رواه البخاري (2).

4897 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات ودرعه (رهن) (3) عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير".
رواه الإمام أحمد (4) والنسائي (5) ق (6) -واللفظ له- ت (7) وعنده: "توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة بعشرين صاعًا من طعام أخذه لأهله" وقال: حديث حسن صحيح.

4898 - عن أسماء بنت يزيد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي يوم توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بوسق من شعير".
رواه الإمام أحمد (8) -وهذا لفظه- وابن ماجه (9).

4899 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يغلق الرهن (10) عن
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (9/ 170 رقم 2512).

4897 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 275 - 277 رقم 300 - 303).
(3) من سنن ابن ماجه.
(4) المسند (1/ 236، 300، 301).
(5) سنن النسائي (7/ 303 رقم 4665).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 815 رقم 3439).
(7) جامع الترمذي (3/ 519 رقم 1214).
(8) المسند (6/ 457).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 815 رقم 2438).
(10) يقال: غلق الرهن يغلق غلوقًا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه، والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية، أن=

(4/416)


صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه".
رواه ابن ماجه (1) - قوله: "لا يغلق الرهن"- والدارقطني (2) وقال: إسناد حسن متصل.

63 - باب التفليس وغيره
4900 - عن أبي سعيد الخدري قال: "أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقوا عليه. فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذوا مما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك".
رواه مسلم (3)، وقد تقدم هذا الحديث (4).

4901 - عن أبي هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول-: "من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره".
رواه البخاري (5) ومسلم (6).
__________
=الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن، فأبطله الإسلام، قال الأزهري: يقال: غَلِقَ الباب وانغلق واستغلق إذا عَسُر فتحه، والغلق في الرهن: ضد الفك، فإذا فك الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه، وقد أغلقت الرهن فغلق: أي أوجبته فوجب للمرتهن. النهاية (3/ 379).
(1) سنن ابن ماجه (2/ 816 رقم 2441).
(2) سنن الدارقطني (3/ 32 رقم 126).
(3) صحيح مسلم (3/ 1119 رقم 1556).
(4) الحديث رقم (4789).
(5) صحيح البخاري (5/ 76 رقم 2402).
(6) صحيح مسلم (3/ 1193 رقم 1159).

(4/417)


ولمسلم (1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المبتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه".
وفي لفظ للإمام أحمد (2): "أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ولم يكن اقتضى من ماله شيئاً (فهو أحق) (3) ".

4902 - وله (4) عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجد متاعه عند مفلسٍ بعينه فهو أحق به".

4903 - عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء".
كذا رواه مالك (5) مرسل، وكذلك رواه أبو داود (6) من رواية مالك، ورواه أبو داود (7) أيضًا، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى حديث مالك، وزاد: "وإن كان قد قضى من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء فيها".

4904 - وروى أبو داود (8) نحو هذا متصلاً عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، من رواية إسماعيل بن عياش، وقال أبو داود: وحديث مالك أصح.
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1193 - 1194 رقم 1159/ 23).
(2) المسند (2/ 525).
(3) في المسند: فهو له.
(4) المسند (5/ 10).
(5) الموطأ (2/ 532 رقم 7).
(6) سنن أبي داود (3/ 286 - 287 رقم 3520).
(7) سنن أبي داود (3/ 287 رقم 3521).
(8) سنن أبي داود (3/ 287 رقم 3522).

(4/418)


4905 - عن عَمْرو (1) بن خلدة قال: "أتينا أبا هريرة في صاحبٍ لنا قد أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به".
رواه د (2) ق (3) وعنده: عن ابن خلدة الزرقي -وكان قاضيًا بالمدينة- قال: "جئنا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال: هذا الذي قضى (فيه) (4) النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما رجل مات أو أفلس (فصاحب المتاع) (5) أحق بمتاعه إذا وجده بعينه".
وكذا رواه الدارقطني (6) وسماه عَمْرو (1) بن خلدة.

4906 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرئ مات وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء".
رواه ابن ماجه (7) والدارقطني (8) من رواية اليمان بن عدي الحمصي، قال الإمام أحمد (9): هو ضعيف (رفع) (10) حديث التفليس، قال فيه: عن أبي هريرة.

4907 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه".
__________
(1) كذا في "الأصل" في الموضعين، وفي سنني أبي داود والدارقطني: عُمَر.
(2) سنن أبي داود (3/ 287 رقم 3523).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 790 رقم 2360).
(4) من سنن ابن ماجه.
(5) في "الأصل": صاحبه. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) سنن الدارقطني (3/ 29 رقم 106، 107).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 791 رقم 2361).
(8) سنن الدارقطني (3/ 30 رقم 111).
(9) تهذيب التهذيب (6/ 256).
(10) في "الأصل": وضع. وهو خطأ قبيح، والعبارة في تهذيب التهذيب على الصواب، وقال أبو حاتم الرازي نحوها في اليمان هذا. علل الحديث (1/ 383 رقم 1144).

(4/419)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) س (3)، وفي لفظ للإمام أحمد (4) ق (5): "إذا سرق من الرجل متاع أو ضاع منه فوجده عند رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن".

4908 - عن عَمْرو بن الشريد، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لي الواجد (6) يُحل عرضه وعقوبته" (7).
(رواه الإمام أحمد (8) د (9) س (10) ق (11) وقال الإمام أحمد: قال وكيع: عرضه: شكايته، وعقوبته) (12) حبسه.

4909 - عن سُرَّق قال: "كان لرجل علي مال -أو قال: دين- فذهب بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يصب لي مالًا فباعني منه -أو باعني له".
رواه الدارقطني (13) من رواية مسلم بن خالد الزنجي، عن زيد بن أسلم، عن ابن البيلماني عنه.
__________
(1) المسند (5/ 10).
(2) سنن أبي داود (3/ 289 رقم 3531).
(3) سنن النسائي (7/ 313 - 314 رقم 4695).
(4) المسند (5/ 13) نحوه.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 781 رقم 2331) نحوه.
(6) اللي: المطل، يقال: لواه غريمه بدينه يلويه لياً، وأصله لويًا، فأدغمت الواو في الياء. النهاية (4/ 280).
(7) صححه ابن حبان -موارد الظمآن (1/ 498 رقم 1164) - والحاكم (4/ 102).
(8) المسند (4/ 222، 388).
(9) سنن أبي داود (3/ 313 - 314 رقم 3628).
(10) سنن النسائي (7/ 316 - 317 رقم 4703، 4704).
(11) سنن ابن ماجه (2/ 811 رقم 2427).
(12) سقطت من الأصل.
(13) سنن الدارقطني (3/ 61 رقم 234).

(4/420)


قال الحافظ أبو عبد الله: ومسلم بن خالد (1) فيه كلام. وقال الدارقطني: خالفه ابنا زيد بن أسلم.

4910 - وروى الدارقطني (2) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وعبد الله بن زيد، عن أبيهما "أنه كان في غزاة فسمع رجلاً ينادي (آخر) (3) يا سرق يا سرق. فدعاه فقال: ما سرق؟ فقال: سمانيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني اشتريت من أعرابي ناقة، ثم تواريت عنه، فاستهلكت ثمنها، فجاء الأعرابي يطلبني، فقال له الناس: ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فاستعدى) (4) عليه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن رجلاً اشترى مني ناقة، ثم توارى عني، فما أقدر عليه. قال: أَطلبه. قال: فوجدني، فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إن هذا اشترى مني ناقة، ثم توارى عني. قال: أعطه ثمنها. فقلت: يا رسول الله، استهلكته. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأنت سرق. ثم قال للأعرابي: اذهب فبعه في السوق، وخذ ثمن ناقتك. فأقامني في السوق، فأعطي بي ثمنًا، فقال للمشتري: ما تصنع به؟ فشال: أعتقه. فأعتقني الأعرابي".
قال الحافظ: وابنا زيد فيهما كلام (5).

4911 - عن كعب بن مالك "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر (6) على معاذ ماله وباعه (في
__________
(1) ترجمته في التهذيب (27/ 508 - 514).
(2) سنن الدارقطني (3/ 61 رقم 235).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) في "الأصل": فاستأذن. والمثبت من سنن الدارقطني.
(5) عبد الله بن زيد بن أسلم ترجمته في التهذيب (14/ 535 - 538) وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم ترجمته في التهذيب (17/ 114 - 119).
(6) الحجر: المنع من التصرف، ومنه حجر القاضي على الصغير والسفيه: إذا منعهما من التصرف في مالهما. النهاية (1/ 342).

(4/421)


دين) (1) كان عليه".
رواه الدارقطني (2).

4912 - وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: "كان معاذ بن جبل شابًّا سخيًّا، وكان لا يمسك شيئًا، فلم يزل يدَّان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه -فلو تركوا لأحدٍ لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ماله، حتى قام معاذ بغير شيء".
رواه سعيد بن منصور مرسلاً.
وروى الطبراني (3) نحو هذا عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك قال: "كان معاذ بن جبل شاباً جميلاً سمحًا من خير شباب قومه، لا يُسأل شيئًا إلا أعطاه، حتى ادان دينًا أغلق ماله، فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلم غرماءه ففعل، فلم يضعوا له شيئًا -فلو ترك شيئًا بكلام أحدٍ لتركوا لمعاذ بكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبرح حتى باع ماله وقسمه بين غرمائه، فقام معاذ لا مال له، فلما حج بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ليجبره. قال: فكان أول من تجر في هذا المال معاذ، وقدم على أبي بكر -رضي الله عنه- من اليمن وقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

4913 - وروى الإمام مالك (4) عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني، عن أبيه أن رجلاً من جهينة كان يشتري الرواحل فيغالي بها، ثم يسرع السير فيسبق الحاج، فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: أما بعد أيها الناس، فإن الأسيفع -أسيفع جهينة -رضي من دينه وأمانته أن يقال سبق
__________
(1) من سنن الدارقطني.
(2) سنن الدارقطني (4/ 230 - 231 رقم 95).
(3) المعجم الكبير (20/ 30 - 32 رقم 44).
(4) الموطأ (2/ 603 رقم 8).

(4/422)


الحاج، ألا وإنه ادان معرضاً (1) فأصبح قد رِينَ به (2)، فمن كان له دين فليأتنا بالغداة؛ نقسم ماله بين غرمائه، ثم وإياكم والدين؛ فإن أوله هم، وآخره حَرَب (3) ".

64 - باب علامات البلوغ والحجر
4914 - عن ابن عمر قال: "عُرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ وأنا ابن أربع عشر سنة فلم يجزني، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني".
رواه البخاري (4) ومسلم (5).

4915 - عن عطية القرظي قال: "عُرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة فشكوا في، فأمر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينظروا إليَّ هل أنبت (6) بعد، فنظروا فلم يجدوني أنبت فخلى عني، وألحقني بالسبي". رواه الإمام أحمد (7) -وهذا لفظه- د (8)
__________
(1) أي: استدان معرضًا عن الوفاء. النهاية (2/ 149).
(2) أي: أحاط الدين بماله، يقال: رِينَ بالرجل رَيْنًا إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه، وأصل الرين الطبع والتغطية، ومنه قوله تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم) أي: طبع وختم. النهاية (2/ 290 - 291).
(3) أي: خصومة وغضب، وروي بالسكون أي: النزاع. النهاية (1/ 359).
(4) صحيح البخاري (5/ 327 رقم 2664).
(5) صحيح مسلم (3/ 1490 رقم 1868).
(6) أراد نبات شعر العانة، فجعله علامة للبلوغ وليس ذلك حدًّا عند أكثر أهل العلم إلا في أهل الشرك؛ لأنهم لا يُوقف على بلوغهم من جهة السن، ولا يمكن الرجوع إلى قولهم؛ للتهمة في دفع القتل وأداء الجزية، وقال أحمد: الإنبات معتبر تقام به الحدود على من أنبت من المسلمين. ويُحكى مثله عن مالك. النهاية (5/ 5).
(7) المسند (4/ 383، 5/ 311 - 312).
(8) سنن أبي داود (4/ 141 رقم 4404).

(4/423)


س (1) ق (2) ت (3) وقال: حديث حسن صحيح.
وفي لفظ للإمام أحمد (4): "عُرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة، فكان من أنبت قُتل، ومن لم ينبت خلى سبيله، فكنت فيمن لم يُنبت؛ فخلى سبيلي".

4916 - عن سمرة -يعني: ابن جندب- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم (5) ".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) (8) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

4917 - عن شيوخ من بني عمرو بن عوف وعن عبد الله بن أبي أحمد قال: قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل".
رواه د (9).

4918 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقبل الله -عز وجل- صلاة حائض (10) إلا بخمار".
__________
(1) سنن النسائي (6/ 155 رقم 3430، 8/ 92 رقم 4981).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 849 رقم 2541، 2542).
(3) جامع الترمذي (4/ 123 رقم 1584).
(4) المسند (4/ 310).
(5) أراد بالشيوخ الرجال المسانَّ أهل الجلد والقوة على القتال، ولم يُرد الهرمى، والشرخ: الصغار الذين لم يُدركوا. وقيل: أراد بالشيوخ: الهرمى الذين إذا سُبوا لم ينتفع بهم في الخدمة، وأراد بالشرخ: الشباب أهل الجلد الذين ينتفع بهم في الخدمة. وشرح الشباب أوله، وقيل: نضارته وقوته. النهاية (2/ 456 - 457).
(6) المسند (5/ 12، 20).
(7) سنن أبي داود (3/ 54 رقم 2670).
(8) جامع الترمذي (4/ 123 رقم 1583).
(9) سنن أبي داود (3/ 115 رقم 2873).
(10) أي: التي بلغت سن المحيض وجرى عليها القلم، ولم يُرد في أيام حيضها؛ لأن=

(4/424)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) ق (3) ت (4) وقال: حديث حسن.

4919 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها" (5).
وفي لفظ (6): "لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها (7) ".
رواه الإمام أحمد -وهذا لفظه- د (8) س (9) ق (10).

4920 - عن خيرة امرأة كعب بن مالك "أنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحلي لها، فقالت: إني تصدقت بهذا. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يجوز للمرأة في مالها إلا بإذن زوجها، فهل استأذنت كعبًا؟ فقالت: نعم. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كعب، فقال: هل أذنت لخيرة أن تتصدق بحليها هذا؟ فقال: نعم. فقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها" (11).
رواه ابن ماجه (12) عن حرملة بن يحيى، وقد وقع لنا من طريق حرملة وفيه:
__________
=الحائض لا صلاة عليها، وجمع الحائض: حُيض وحوائض. النهاية (1/ 469).
(1) المسند (6/ 150، 259).
(2) سنن أبي داود (1/ 173 رقم 641)، وقال أبو داود: رواه سعيد، يعني: ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(3) سنن ابن ماجه (1/ 214 - 215 رقم 655).
(4) جامع الترمذي (2/ 215 رقم 377).
(5) المسند (2/ 179، 184، 207).
(6) المسند (2/ 221).
(7) أراد عقد نكاحها. النهاية (3/ 249).
(8) سنن أبي داود (3/ 293 رقم 3546، 3547).
(9) سنن النسائي (5/ 65 - 66 رقم 2539، 6/ 278 - 279 رقم 3766).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 798 رقم 2388).
(11) قال ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 297): إسناد ضعيف لا تقوم به حجة.
(12) سنن ابن ماجه (2/ 798 رقم 2389).

(4/425)


"في مالها أمرًا إلا بإذن زوجها".

4921 - عن سعد قال: "لما (بايع) (1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء، قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر، فقالت: يا نبي الله، إنا كَلُّ على آبائنا وأبنائنا -قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجنا- فما يحل لنا من أموالهم؟ قال: الرطب تأكلنه وتهدينه".
رواه د (2) وقال: الرَّطب: الخبز والبقل والرُّطب.
فقد تقدم في كتاب الزكاة حديث عائشة (3) وأختها أسماء (4)، وحديث أبي أمامة الباهلي (5) "لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها. قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا".

65 - باب ما يحل لوالي اليتيم من ماله
4922 - عن عائشة -رضي الله عنها- (وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كانَ فَقِيرًا فَلْيَأكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) (6) أنزلت في والي اليتيم الذي يقيم عليه ويصلح في ماله، إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف".
رواه البخاري (7) -وهذا لفظه- ومسلم (8).
__________
4921 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 152 رقم 949).
(1) في "الأصل": بلغ. والمثبت من سنن أبي داود، وقد تقدم كذلك برقم (3318)، وهناك ذكرت شرح ما فيه من غريب.
(2) سنن أبي داود (2/ 131 رقم 1686).
(3) الحديث رقم (3316).
(4) الحديث رقم (3334).
(5) الحديث رقم (3319).
(6) سورة النساء: 6.
(7) صحيح البخاري (4/ 474 رقم 2212).
(8) صحيح مسلم (4/ 2315 رقم 3019).

(4/426)


4923 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ليس لي مال، ولي يتيم. فقال: كُلْ من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا مُتَأثل (1) مالاً، ومن غير أن تقي مالك -أو قال: تفدي مالك- بماله".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3) س (4) ق (5).

4924 - عن ابن عمر "أنه كان يزكي مال اليتيم، ويستقرض منه، ويدفعه مضاربة (6) ".
رواه الدارقطني (7).
وفي لفظٍ له (8): عن نافع "أن ابن عمر كان عنده مال يتيم، وكان يستقرض منه وربما ضمنه، وكان يزكي مال اليتيم إذا وليه".

4925 - عن ابن عباس قال: "لما نزلت (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (9) عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت (وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ
__________
(1) أي: غير جامع، يقال: مال مُؤثل، ومجد موثل، أي: مجموع ذو أصل، وأَثلة الشيء: أصله. النهاية (1/ 23).
(2) المسند (2/ 215 - 216).
(3) سنن أبي داود (5/ 113 رقم 2872).
(4) سنن النسائي (6/ 256 رقم 3670).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 907 رقم 2718).
(6) المضاربة: أن تعطي مالاً لغيرك يتَّجر فيه فيكون له سهم معلوم من الربح، وهي مفاعلة من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة. النهاية (3/ 79).
(7) سنن الدارقطني (2/ 111 رقم 3).
(8) سنن الدارقطني (2/ 111 رقم 1).

4925 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 258 - 260 رقم 272، 273).
(9) سورة الأنعام، الآية: 152.

(4/427)


الْمُصْلِحِ) (1) قال: فخالطوهم".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3) س (4).

66 - باب الصلح
4926 - عن عبد الله بن كعب بن مالك (عن كعب بن مالك) (5) "أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف (6) حجرته فنادى: يا كعب. قال: لبيك يا رسول الله. قال: ضع من دينك هذا. وأومأ إليه، أي: الشطر، قال: لقد فعلت يا رسول الله. قال: قم فاقضه".
رواه البخاري (7) -وهذا لفظه- ومسلم (8).

4927 - عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم تختصمون إليَّ، ولعل أحدكم ألحن بحجته (9) من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها".
__________
(1) سورة البقرة، الآية: 220.
(2) المسند (1/ 325 - 326).
(3) سنن أبي داود (3/ 114 - 115 رقم 2871).
(4) سنن النسائي (6/ 256 رقم 3671).
(5) من الصحيحين.
(6) السجف: الستر، وقيل: لا يُسمى سجفًا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين. النهاية (2/ 343).
(7) صحيح البخاري (1/ 657 رقم 457).
(8) صحيح مسلم (3/ 1192 رقم 1558).
(9) اللحن: الميل عن جهة الاستقامة، يقال: لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح المنطق، وأراد: إن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره. النهاية (4/ 241).

(4/428)


رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).

4928 - وعن أم سلمة قالت: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم يكن لهما بينة إلا دعواهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - .. " فذكر مثله "فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إذ فعلتما ما فعلتما، فاقتسما وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم تحالا".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) وهذا لفظه.
وعند الإمام أحمد: "جاء رجلان (من الأنصار) (5) يختصمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواريث بينهما قد دُرست ليس بينهما بينة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنكم تختصمون إليَّ، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجته -أو قد قال: لحجته- من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي بها إسطامًا (6) في عنقه يوم القيامة. فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إذ قلتما فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحدٍ منكما صاحبه".
وفي لفظٍ لأبي داود (7): "يختصمان في مواريث وأشياء قد درست فقال:
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 340 رقم 2680).
(2) صحيح مسلم (3/ 1337 - 1338 رقم 1713).
(3) المسند (6/ 320).
(4) سنن أبي داود (3/ 301 - 302 رقم 3584).
(5) من المسند.
(6) السطام والإسطام: الحديدة التي تُحرك بها النار وتُسعر. قال الأزهري: لا أدري أهي عربية أم عجمية عُربت. النهاية (2/ 366).
(7) سنن أبي داود (3/ 302 رقم 3585).

(4/429)


إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه".

4929 - عن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا (1) حرم حلالاً أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً (1) حرَّم حلالاً أو أحل حرامًا".
رواه الترمذي (2) وقال: حديث حسن صحيح. وروى ق (3) أوله.
كثير بن عبد الله (4) هذا تكلم فيه الأئمة: الشافعي (5) وأحمد (6) ويحيى (7) وأبو زرعة (8) والنسائي (9) وابن حبان (10) والدارقطني (11)، وضرب الإمام أحمد (12) على حديثه في المسند، ولم يُحدث به.

4930 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلح جائز بين
__________
(1) في "الأصل": صلح، شرط. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) جامع الترمذي (3/ 634 - 635 رقم 1352).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 788 رقم 2353).
(4) الكلام فيه شديد، وترجمته في التهذيب (24/ 136 - 140) ولما ذكر الذهبي في الميزان (3/ 407) كلام العلماء فيه قال: وأما الترمذي فروى من حديثه: "الصلح جائز بين المسلمين وصححه؛ فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
(5) كتاب المجروحين (2/ 22) وسؤالات الآجري لأبي داود.
(6) العلل ومعرفة الرجال (3/ 213 رقم 4922)، والجرح والتعديل (7/ 154).
(7) تاريخ الدوري (3/ 144 رقم 607، 3/ 332 رقم 1087)، وتاريخ الدرامي (3/ 7)، والجرح والتعديل (7/ 154).
(8) الجرح والتعديل (7/ 154).
(9) كتاب الضعفاء والمتروكين (205 رقم 529).
(10) كتاب المجروحين (2/ 221 - 222).
(11) الضعفاء والمتروكون (331 رقم 445).
(12) العلل ومعرفة الرجال (3/ 213 رقم 4922).

(4/430)


المسلمين إلاصلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المسلمون على شروطهم".
رواه د (1) والدارقطني (2)، هو (من رواية) (3) كثير بن زيد (4)، قال يحيى بن معين في رواية (5): ثقة. وضعفه في رواية أخرى (6).

4931 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، وإن (كان) (7) له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فَحُمل عليه".
رواه البخاري (8).
ورواه الإمام أحمد (9) ت (10) وفيه: "مظلمة من (11) مالٍ أو عرضٍ".

4932 - عن عائشة قالت: "سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع (الآخر) (12) ويسترفقه في شيء، وهو يقول:
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 304 رقم 3594).
(2) سنن الدارقطني (3/ 27 رقم 96).
(3) ليست في "الأصل".
(4) ترجمته في التهذيب (24/ 113 - 117) ووقع في "الأصل": ابن يزيد. وهو خطأ.
(5) الكامل (7/ 204).
(6) الجرح والتعديل (7/ 151).
(7) في "الأصل": كانت. والمثبت من صحيح البخاري.
(8) صحيح البخاري (5/ 121 رقم 2449).
(9) المسند (2/ 435).
(10) جامع الترمذي (4/ 530 رقم 2419)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث سعيد المقبري.
(11) في المسند وجامع الترمذي: في.
(12) من الصحيحين، ويستوضع: أي: يطلب منه الوضيعة، أي: الحطيطة من الدين،=

(4/431)


واللَّه لا أفعل". فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أين المُتأَلِّي (1) على الله لا يفعل المعروف؟ فقال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب (2) ".
رواه البخاري (3) ومسلم (4).

4933 - عن جابر "أن أباه قُتل يوم أُحد شهيدًا وعليه دين، فاشتد الغرماء في حقوقهم، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - (فسألهم) (5) أن يقبلوا (تمر حائطي) (6) ويحللوا أبي، فأبوا فلم يعطهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطي وقال: سنغدو عليك. فغدا علينا حين أصبح، فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة، فجددتها فقضيتهم، وبقي لنا من تمرها".
رواه البخاري (7).
وفي لفظٍ (8): "إن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقًا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره، وكلم جابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ليشفع له إليه، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (9) فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى، فدخل
__________
=ويسترفقه أي: يطلب منه الرفق به. فتح الباري (5/ 363).
(1) بضم الميم، وفتح المثناة والهمزة، وتشديد اللام المكسورة، أي: الحالف المبالغ في اليمين، مأخوذ من الألية بفتح الهمزة، وتشديد التحتية -وهي اليمين. فتح الباري (5/ 363).
(2) أي: فله ما أحب من الوضع أو الرفق. فتح الباري (5/ 363).
(3) صحيح البخاري (5/ 362 رقم 2705).
(4) صحيح مسلم (3/ 1119 - 1192 رقم 1557).
(5) في "الأصل": فسألوا. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) في "الأصل": ثمرة حائطه. والمثبت من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (5/ 72 رقم 2395).
(8) صحيح البخاري (5/ 73 رقم 2396).
(9) من صحيح البخاري.

(4/432)


رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - النخل فمشى فيها ثم قال لجابر: جد له فأوف الذي له. فجده بعدما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأوفاه ثلاثين وسقًا، وفضل له سبعة عشر وسقًا، فجاء جابر (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره) (1) بالذي كان فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل، فقال: أخبر ذلك ابن الخطاب. فذهب جابر إلى عمر، فأخبره، فقال عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُبَارَكنَّ فيها".

4934 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل مؤمنًا متعمداً فإنه يدفع إلى أولياء القتيل، فإن شاءوا قتلوه، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهي: ثلاثون حِقَّة (2)، وثلاثون جَذَعة (3)، وأربعون خَلِفَة (4)، وذلك عَقْل (5) العمد، وما صالحَوا عليه من شيء فهو لهم وذلك تشديد العقل".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن غريب.
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) الحِق والحِقَّة: هو من الإبل ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها، وسمى بذلك لأنه استحق الرَكوب والتحميل، ويجمع على حقاق وحقائق. النهاية (1/ 415).
(3) الجَذعَ من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شابًا فتيًّا، وهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة. النهاية (1/ 250).
(4) الخَلِفَة -بفتح الخاء وكسر اللام-: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفَات وخلائف. النهاية (2/ 68).
(5) العقل: هو الدية، وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء المقتول: أي شدها في عُقُلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه، فسُميت الدية عقلاً بالمصدر، يقال: عَقَل البعير يَعْقله عَقْلًا، وجمعها عقول، وكان أصل الدية الإبل، ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها. النهاية (3/ 278).
(6) المسند (2/ 217).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 877 رقم 2626).
(8) جامع الترمذي (4/ 6 رقم 1387).

(4/433)


67 - باب وضع الخشب في جدار الجار ولا ضرر ولا ضرار وإِذا اختلف في الطريق كم يجعل والميازيب إِلى الطريق
4935 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره. ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين، واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم (1) ".
رواه البخاري (2) ومسلم (3).

4936 - عن عكرمة بن سلمة بن ربيعة "أن أخوين من بني المغيرة أعتق (4) أحدهما أن (لا) (5) يغرز (الآخر خشبًا) (6) في جداره، (فلقيا مجمع بن يزيد الأنصاري ورجالاً كثيرًا، فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشباً في جداره) (5) فقال الحالف: أي أخي قد علمت أنك مقضي لك عليَّ، وقد حلفت فاجعل أسطوانًا دون جداري. ففعل الآخر فغرز في الأسطوان خشبة".
رواه الإمام أحمد (7) -وهذا لفظه- ق (8).
__________
(1) أي: لأشيعن هذه المقالة فيكم ولأقرعنكم بها كما يُضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته. فتح الباري (5/ 132).
(2) صحيح البخاري (5/ 131 رقم 2463).
(3) صحيح مسلم (3/ 1230 رقم 1609).
(4) أي: حلف بالعتق.
(5) من المسند.
(6) في "الأصل": خشبة. والمثبت من المسند.
(7) المسند (3/ 480).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 783 رقم 2336).

(4/434)


4937 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار (1)، وللرجل أن يضع خشبه في حائط جاره، (وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع أذرع) (2) ".
رواه الإمام أحمد (3) ق (4).

4938 - عن أبي صرمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ضار أضر الله به، ومن شاق شق الله عليه".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) ق (7) ت (8) وقال: حديث حسن غريب.

4939 - عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا ضرر ولا ضرار".
__________
(1) الضَّر: ضد النفع، ضَرَّه يَضُرُّه ضَرًّا وضِراراً، وأضرَّ به يُضِرُّ إضراراً، فمعنى قوله: "لا ضرر" أي: لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقه، والضِّرار: فعال من الضَّر، أي: لا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه، والضرر فعل الواحد، والضِّرار: فعل الاثنين، والضرر: ابتداء الفعل، والضرار: الجزاء عليه، وقيل الضرر: ما تضر به صاحبك وتنتفع به أنت، والضرار: أن تضره من غير أن تنتفع به، وقيل: هما بمعنى، وتكرارهما للتأكد. النهاية (3/ 81 - 82). وانظر الكلام على أسانيد هذا الحديث ومعانيه، وما فيه من الفقه في "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب الحنبلي (2/ 207 - 225)
(2) في المسند: "والطريق الميتاء سبعة أذرع".
قلت: الذراع أنثى وقد تذكر، ولم يعرف الأصمعي التذكير فيها، لسان العرب (3/ 1495).
(3) المسند (1/ 313).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 783 - 784 رقم 2337، 2339، 2341) مفرقًا.
(5) المسند (3/ 453).
(6) سنن أبي داود (3/ 315 رقم 3635).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 784 - 785 رقم 2342).
(8) جامع الترمذي (4/ 293 رقم 1940).

(4/435)


رواه ابن ماجه (1) وعبد الله بن أحمد (2) عن غير أبيه وعنده: "ولا ضرور" (3).

4940 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضرر ولا إضرار، من ضار ضاره الله، ومن شاق شق الله -تعالى- عليه".
رواه الدارقطني (4).

4941 - عن سمرة بن جندب "أنه كانت له عضد (5) من نخل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرجل أهله، فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى (به) (6) ويشق عليه، فطلب إليه أن (يبيعه فأبى، فطلب إليه أن) (6) يناقله فأبى، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعه فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى. قال: فهبه لي ولك كذا وكذا. أمرًا رغَّبه فيه فأبى. قال: فأنت مضار. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: اذهب فاقلع نخله".
رواه أبو داود (7).

4942 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع".
أخرجاه في الصحيحين (8).
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 784 رقم 2340).
(2) المسند (5/ 327). في حديث طويل، ثم رواه عن أبيه، وقال: بنحوه.
(3) كذا في "الأصل" والذي في المسند: "ضرار" كرواية ابن ماجه، والله أعلم.
(4) سنن الدارقطني (3/ 77 رقم 288).
(5) أراد طريقة من النخل، وقيل: إنما هو "عضيد من نخل" وإذا صار للنخلة جذع يُتناول منه فهو عضيد. النهاية (3/ 252).
(6) من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (3/ 315 رقم 3636).
(8) البخاري (5/ 141 رقم 2473)، ومسلم (3/ 1232 رقم 1613) بنحوه.

(4/436)


وفي رواية الإمام أحمد (1): "إذا اختلفوا رفع من بينهم سبعة أذرع".

4943 - عن عبادة بن الصامت "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الرحبة تكون في الطريق، ثم يريد أهلها البنيان فيها، فقضى أن يترك للطريق سبعة أذرع".
رواه عبد الله بن أحمد في المسند (2) من غير رواية أبيه.

4944 - عن عبيد الله بن عباس قال: "كان للعباس ميزاب على طريق عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة، وقد كان ذُبح للعباس (فرخان) (3)، فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين، فأصاب عمر، وفيه دم الفرخين، فأمر عمر بقلعه، ثم رجع عمر فطرح ثيابه، ولبس ثيابًا غير ثيابه، ثم جاء فصلى بالناس، فأتاه العباس، فقال: واللَّه (إنه) (4) للموضع الذي وضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر للعباس: وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ففعل ذلك العباس -رضي الله عنهما".
رواه الإمام أحمد (5).

68 - باب الكفالة
4945 - عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الدين
__________
(1) المسند (2/ 228).
(2) المسند (5/ 327) مطولاً، ثم رواه عن أبيه وقال: بنحوه.

4944 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 390 - 391 رقم 482).
(3) في "الأصل": فرخين. والمثبت من المسند.
(4) من المسند.
(5) المسند (1/ 210).

(4/437)


مقضي، والزعيم غارم (1) " (2).
رواه الإمام أحمد (3) وابن ماجه (4) والترمذي (5) وقال: حديث حسن. هو من رواية إسماعيل بن عياش الحمصي عن شرحبيل بن مسلم بن حامد الحمصي، قال الإمام أحمد (6): وروى عن كل ضرب. وقال (7): ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح. وشرحبيل حمصي من أهل الشام.

4946 - عن ابن عباس "أن رجلاً لزم غريمًا له بعشرة دنانير على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندي (شيء) (8) أعطيكه. فقال: لا والله لا أفارقك حتى تقضيني، أو تأتيني بحميل (9). فجره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كم تستنظر؟ قال: شهرًا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنا أحمل (له) (10). فجاءه في الوقت الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أين أصبت هذا؟ قال:
__________
(1) الزعيم: الكفيل، والغارم: الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه، والغُرم: أداء شيء لازم، وقد غَرِمَ يَغْرَم غُرْمًا. النهاية (3/ 363).
(2) رواه أبو داود (3/ 296 - 297 رقم 3565) والترمذي (4/ 376 - 377 رقم 2120) مطولاً، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(3) المسند (5/ 267).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 804 رقم 2405).
(5) جامع الترمذي (3/ 565 رقم 1265).
(6) كتاب المجروحين (1/ 125).
(7) الكامل لابن عدي (1/ 472).

4946 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 207 - 208 رقم 224، 225).
(8) في "الأصل": شيئاً. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(9) أي: كفيل. النهاية (1/ 442).
(10) من سنن ابن ماجه.

(4/438)


من معدن (1). قال: لا خير فيها. وقضاها عنه".
رواه أبو داود (2) وابن ماجه (3) وهذا لفظه.

4947 - عن أبي قتادة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل من الأنصار ليصلي عليه، فقال: صلوا على صاحبكم (فإن عليه دينًا) (4). قال: فقال أبو قتادة: (أنا) (5) أكفل به. قال: بالوفاء؟ قال: بالوفاء. قال: فصلى عليه، وإنما كان عليه ثمانية عشر -أو تسعة عشر- درهمًا".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- والنسائي (7) وابن ماجه (8) والترمذي (9) وقال: حديث حسن صحيح.

69 - باب الوكالة
4948 - عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخازن الأمين الذي ينفذ ما أُمر به كاملاً موفرًا طيبة بها نفسه، حتى يدفعه إلى الذي (أُمر به) (10) أحد المتصدقين".
__________
(1) المعادن: المواضع التي تُستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغير ذلك، واحدها معدن. النهاية (3/ 192).
(2) سنن أبي داود (3/ 243 رقم 3328).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 804 رقم 2406).
(4) من المسند.
(5) في "الأصل": قال. والمثبت من المسند.
(6) المسند (5/ 301 - 302).
(7) سنن النسائي (4/ 65 رقم 1959).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 804 رقم 2407).
(9) جامع الترمذي (3/ 381 رقم 1069).
(10) من الصحيحين.

(4/439)


أخرجاه في الصحيحين (1).

4949 - عن عقبة بن عامر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أعطاه) (2) غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عَتُود (3) فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح به أنت".
أخرجاه (4) أيضًا.

4950 - وأخرجا (5) في حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها".

4951 - وروى البخاري (6) تعليقًا عن أبي هريرة: "وكلني النبي - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان".

4952 - عن جابر بن عبد الله أنه قال: "أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، وقلت له: إني أريد الخروج. فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته".
رواه د (7).
__________
(1) البخاري (3/ 355 رقم 1438)، ومسلم (2/ 710 رقم 1023).
(2) في "الأصل": أخذ. والمثبت من الصحيحين.
(3) هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتى عليه حول، والجمع: أعتدة. النهاية (3/ 177).
(4) البخاري (4/ 559 رقم 2300)، ومسلم (3/ 1555 - 1556 رقم 1965).
(5) البخاري (4/ 574 رقم 2314، 2315)، ومسلم (3/ 1324 - 1325 رقم 1697، 1698).
(6) صحيح البخاري (5/ 568 - 569 رقم 2311).
(7) سنن أبي داود (3/ 164 رقم 3632).

(4/440)


70 - باب في الوكيل يفعل ما لم يؤمر به
4953 - عن عروة بن أبي الجعد البارقي قال: "عرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - جلب فأعطاني دينارًا، وقال: أي عروة ائت الجلب فاشتر (لنا) (1) شاة -فأتيت الجلب فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين بدينار، فجئت أسوقهما -أو قال: أقودهما- فلقيني رجل فساومني، فابتعته شاة بدينار، وجئت بالدينار وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم. قال: وصنعت كيف؟ فحدثته الحديث، فقال: اللَّهم بارك له في صفقة يمينه. فلقد رأيتني أقف بكناسة (2) الكوفة فأربح أربعين ألفًا، قبل أن أصل إلى أهلي. قال: وكان يشتري الجواري ويبيع".
كذا رواه الإمام أحمد (3).
وروى (4) عن سفيان، عن شبيب -هو ابن (غرقدة) (5) - سمع الحي يخبرون عن عروة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار يشتري له أضحية -وقال مرة: أو شاة- فاشترى له اثنتين، فباع واحدة بدينار، وأتاه بالأخرى، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب لربح فيه".
أخرجه البخاري (6) في ضمن حديث (7) لعروة البارقي متصل.

4954 - عن أبي حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حكيم بن حزاما "أن
__________
(1) من المسند.
(2) بالضم، محلة بالكوفة. معجم البلدان (4/ 546).
(3) المسند (4/ 376).
(4) المسند (4/ 375).
(5) في "الأصل": فرقد. والمثبت هو الصواب، وشبيب بن غرقدة ترجمته في التهذيب (12/ 370 - 371).
(6) صحيح البخاري (6/ 731 رقم 3642).
(7) هو حديث: "الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة".

(4/441)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بعث حكيم بن حزام) (1) يشتري له أضحية بدينار، قال: فاشترى أضحية فأربح فيها (دينارًا) (1)، فاشترى أخرى مكانها، فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح بالشاة، وتصدق بالدينار".
رواه الترمذي (2)، وقال: حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا (الوجه) (3) وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام.
وروى أبو داود (4) عن أبي حصين، عن شيخ من أهل المدينة، عن حكيم بن حزام "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار، وباعها بدينارين، فرجع فاشترى أضحية بدينار، وجاء بدينار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتصدق به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعا له أن يبارك له في تجارته".
ورواه الدارقطني (5)، وروى (6) حديث عروة البارقي الأول إلى قوله: "أربعين ألفا".

71 - باب الشركة
4955 - عن أبي هريرة رفعه قال: "إن الله -تعالى- يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما".
رواه أبو داود (7).

4956 - عن سليمان بن أبي مسلم قال: "سألت أبا المنهال عن الصرق يدًا بيد،
__________
(1) من جامع الترمذي.
(2) جامع الترمذي (3/ 558 رقم 1257).
(3) في "الأصل": كذا وجه. والمثبت من جامع الترمذي.
(4) سنن أبي داود (3/ 256 رقم 3386).
(5) سنن الدارقطني (3/ 9 رقم 28).
(6) سنن الدارقطني (3/ 10 رقم 29).
(7) سنن أبي داود (3/ 256 رقم 3383).

(4/442)


فقال: اشتريت أنا وشريك لي شيئًا يدًا بيدٍ ونسيئة، فجاء البراء بن عازب فسأله، فقال: فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم، وسألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسيئة ردوه".
رواه البخاري (1).

4957 - عن أبي هريرة قال: "قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: لا. (فقالوا) (2): تكفونا المؤنة (3) ونشرككم في الثمرة. قالوا: سمعنا وأطعنا".
رواه البخاري (4).

4958 - عن عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، بايعه. فقال: هو صغير. فمسح رأسه ودعا له".

4959 - وعن زُهرة بن معبد "أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام، فيلقاه ابن عمر وابن الزبير، فيقولان له: أشركنا؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة. فيشركهم، فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل".
رواه البخاري (5).
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 159 رقم 2497، 2498).
(2) في "الأصل": فقال. والمثبت من صحيح البخاري، والضمير يعود على الأنصار -رضي الله عنهم.
(3) أي: العمل في البساتين من سقيها والقيام عليها. فتح الباري (5/ 12).
(4) صحيح البخاري (5/ 11 رقم 2325).
(5) صحيح البخاري (5/ 161 رقم 2501، 2502).

(4/443)


4960 - عن أبي موسى قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن الأشعريين إذا أرملوا (1) في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسوية، فهم مني، وأنا منهم".
أخرجاه في الصحيحين (2).

4961 - عن رافع بن خديج قال: "كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر، فننحر جزوراً، فيقسم عشر قسم، فنأكل لحمًا نضيجًا، قبل أن تغرب الشمس".
أخرجاه (3) أيضًا.

4962 - عن سلمة -هو ابن الأكوع- قال: "خفت أزواد القوم وأملقوا (4) فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم، فأذن لهم، فلقيهم عمر فأخبروه، فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم؟! فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، ما بقاؤهم بعد إبلهم؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم. فبسط لذلك نطع، وجعلوه على النطع، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا وبرَّك عليه، ثم دعاهم بأوعيتهم، فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله".
رواه خ (5)، وروى مسلم (6): "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فأصابنا جهد، حتى هجمنا (7) أن ننحر بعض ظهرنا، فأمر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فجمعنا
__________
(1) أي: نفد زادهم، وأصله من الرَّمْل؛ كأنهم لصقوا بالرمل، كما قيل للفقير: التَّرِب. النهاية (2/ 265).
(2) البخاري (5/ 153 رقم 2486)، ومسلم (4/ 1944 - 1945 رقم 2500).
(3) البخاري (5/ 153 رقم 2485)، ومسلم (1/ 435 رقم 625).
(4) أي: افتقروا، يقال: أملق الرجل فهو مملق. النهاية (4/ 357).
(5) صحيح البخاري (5/ 152 - 153 رقم 2484).
(6) صحيح مسلم (3/ 1354 - 1355 رقم 1729).
(7) في صحيح مسلم: حتى هممنا.

(4/444)


أزوادنا، فبسط لها نطع، فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحزره كم هو، قال: حزرته فإذا هو كربضة (العنز) (1)، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعًا ثم حشونا جُربنا".

4963 - عن السائب بن أبي السائب "أنه كان يشارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام في التجارة، فلما كان يوم الفتح جاءه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مرحبًا بأخي وشريكي، كان لا يداري ولا يماري، يا سائب، قد كنت تعمل أعمالاً في الجاهلية لا تقبل منك وهي اليوم تقبل منك. وكان ذا سلف وصلة".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- وروى أبو داود (3) وابن ماجه (4) أولى بنحوه.

4964 - عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: "اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، فجاء سعد بأسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء".
رواه د (5) س (6) ق (7) تقدم القول في أبي عبيدة أنه لم يسمع من أبيه (8).

4965 - عن رويفع بن ثابت قال: "إن كان أحدنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ نضو (9) أخيه على أنه له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير
__________
(1) في "الأصل": البعير. والمثبت من صحيح مسلم، قال النووي: وقوله "كربضة العنز" أي: كمبركها أو كقدرها وهي رابضة. شرح صحيح مسلم (7/ 294).
(2) المسند (3/ 425).
(3) سنن أبي داود (4/ 260 رقم 4836).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 768 رقم 2287).
(5) سنن أبي داود (3/ 257 رقم 3388).
(6) سنن النسائي (7/ 57 رقم 3947، 7/ 319 رقم 4711).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 768 رقم 2288).
(8) تحت الحديث رقم (788) وغيره.
(9) النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار. وأذهبت لحمها. النهاية (5/ 72).

(4/445)


له النصل والريش وللآخر القدح (1) ".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4).

4966 - عن ابن عباس قال: "كان العباس بن عبد المطلب إذا دفع مالًا مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحرًا، ولا ينزل به وادياً، ولا يشتري به ذات كبد رطبةٍ، فإن فعل فهو ضامن، فرفع شرطه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجازه".
رواه الدارقطني (5) من رواية- أبي الجارود (6)، قال: ضعيف.

72 - باب المساقاة (7) والمزارعة (8)
4967 - عن ابن عمر قال: "عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع".
__________
(1) معناه أن الرجلين كانا يقسمان السهم، فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه. النهاية (3/ 151).
(2) المسند (4/ 108).
(3) سنن أبي داود (1/ 9 - 10 رقم 36).
(4) سنن النسائي (8/ 135 رقم 5082) وليس فيه هذا اللفظ، إنما روى قطعة أخرى من الحديث تقدمت في الطهارة، والله أعلم.
(5) سنن الدارقطني (3/ 78 رقم 290).
(6) هو أبو الجارود الأعمى، زياد بن المنذر. ترجمته في التهذيب (9/ 517 - 520).
(7) هي مأخوذة من السقي المحتاج إليه فيها غالباً؛ لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة، وحقيقتها أن يعامل غيره على نخل أو شجر عنب ليتعهده بالسقي والتربية على أن الثمرة لهما، والمعنى فيها أن مالك الأشجار قد لا يُحسن تعاهدها أو لا يتفرغ له، ومن يُحسن ويتفرغ قد لا يملك الأشجار، فيحتاج ذاك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل، ولو اكترى المالك لزمته الأجرة في الحال، وقد لا يحصل له شيء من الثمار، ويتهاون العامل فدعت الحاجة إلى تجويزها. إرشاد الساري (4/ 191).
(8) هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من مالكها؛ فإن كان من العامل فهي مخابرة. إرشاد الساري (4/ 169 - 170).

(4/446)


رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) وعنده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر".

4968 - وعن ابن عمر قال: "أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما تخرج من ثمر أو زرع، فكان يعطي أزواجه كل سنة مائة وسق: ثمانين وسقًا من تمر، وعشرين وسقًا من شعير، فلما ولي عمر قسم خيبر خيَّر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع لهن الأرض والماء أو يضمن لهن الأوساق كل عام (فاختلفن فمنهن من اختار الأرض والماء، ومنهن من اختار الأوساق كل عام) (3) وكانت عائشة وحفصة ممن اختارتا الأرض والماء".
رواه البخاري (4) ومسلم (5) وهذا لفظه وعنده (6): "فمنهن من اختار الأرض، ومنهن من اختار الوسق، وكانت عائشة اختارت الأرض".

4969 - وعن ابن عمر "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها للَّه ولرسوله وللمسلمين، وأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نقركم على ذلك ما شئنا. فقروا بها حتى أجلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى تيماء (7)
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 17 رقم 2329).
(2) صحيح مسلم (3/ 1186 رقم 1551).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري (5/ 14 رقم 2328).
(5) صحيح مسلم (3/ 1186 رقم 1551/ 2).
(6) هذه رواية البخاري، والله أعلم.
(7) تيماء -بالفتح والمد- بُليد في أطراف الشام، بين الشام ووادي القرى على طريق حاج=

(4/447)


وأريحاء (1) ".
رواه البخاري (2) ومسلم (3).

4970 - وعن ابن عمر "أن رسول الله أعطى خيبر (اليهود) (4) على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها".
كذا أخرجه البخاري (5).
ولمسلم (6): "لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم فيها؛ على أن يعملوا على نصف ما خرج منها من الثمر والزرع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقركم فيها على ذلك ما شئنا. وكان الثمر (يقسم) (7) على السهمان من نصف خيبر فيأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس".
ولمسلم (8): عن عبد الله بن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه دفع إلى يهود
__________
=الشام ودمشق. معجم البلدان (2/ 78).
(1) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (1/ 196): أريحا: بالفتح، ثم الكسر، وياء ساكنة، والحاء مهملة، والقصر، وقد رواه بعضهم بالخاء المعجمة، لغة عبرانية، وهي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك، وسميت -فيما قيل- بأريحا بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. اهـ. كذا ضبطها ياقوت بالقصر، وتبعه ابن عبد الحق في مراصد الاطلاع (1/ 63) وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم بالمد، وكذا ضبطه النووي في شرح مسلم (6/ 422)، وابن حجر في الفتح (5/ 27) وتبعه القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 186) والله أعلم.
(2) صحيح البخاري (5/ 26 رقم 2338) واللفظ له.
(3) صحيح مسلم (3/ 1187 - 1188 رقم 1551/ 6).
(4) من صحيح البخاري.
(5) صحيح البخاري (5/ 19 رقم 2331).
(6) صحيح مسلم (3/ 1187 رقم 1551/ 4).
(7) من صحيح مسلم.
(8) صحيح مسلم (3/ 1187 رقم 1551/ 5).

(4/448)


خيبر نخل خيبر وأرضها (على أن يعتملوها من أموالهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر ثمرها".
4970م- عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيببر أهلها على النصف، نخلها وأرضها") (1).
رواه الإمام أحمد (2) وابن ماجه (3) وهذا لفظه، وهو من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (4)، وقد تكلم فيه.

4971 - عن مسلم الأعور عن أنس بن مالك قال: "لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر أعطاها على النصف".
رواه ابن ماجه (5) ومسلم (6) تكلم فيه غير واحدٍ.

4972 - عن طاوس "أن معاذ بن جبل أكرى الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- على الثلث والربع، فهو يعمل به إلى يومك هذا".
رواه ابن ماجه (7)، طاوس ما يُدرك معاذ بن جبل، وقوله: "وعثمان" إن كان أراد في وقت خلافته فلا يصح؛ فإن معاذ بن جبل مات في خلافة عمر بن الخطاب بالشام.

4973 - وروى البخاري (8) بغير إسناد وقال: قيس بن مسلم، عن أبي جعفر
__________
(1) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان.
(2) المسند (1/ 250).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 824 رقم 2468).
(4) ترجمته في التهذيب (25/ 622 - 628).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 825 رقم 2469).
(6) ترجمته في التهذيب (27/ 530 - 535).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 823 رقم 2463).
(8) صحيح البخاري (5/ 13 - 14) كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة بالشطر ونحوه.

(4/449)


قال: "ما بالمدينة (أهل بيت) (1) هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع، وزارع علي وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وال عمر وآل علي وابن سيرين، وعامل عمر الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا".

73 - باب من المزارعة
4974 - عن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر أهل المدينة مزدرعًا (2)، كنا نُكري الأرض بالناحية منها مسمى (3) لسيد الأرض (4)، قال: فمما (5) يصاب ذلك (6) وتسلم الأرض، ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهينا، فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ (7) ".
رواه البخاري (8).

4975 - وعن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلاً، وقال: كنا نُكري
__________
(1) في "الأصل": دار. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) هو مكان الزرع، أو مصدر: أي: كنا أكثر أهل المدينة زرعًا، ونصبه على التمييز، وأصله مزترعًا، فأبدلت التاء دلًّا؛ لأن مخرج التاء لا يوافق الزاي لشدتها. إرشاد الساري (4/ 176).
(3) القياس "مسماة" لأنه حال من الناحية، ولكنه ذكره باعتبار أن ناحية الشيء بعضه، أو باعتبار الزرع. إرشاد الساري (4/ 176).
(4) أي: مالكها. فتح الباري (5/ 13)، وإرشاد الساري (4/ 176).
(5) أي: كثيرًا ما، وقال الكرماني: يحتمل أن تكون "مما" بمعنى "ربما"؛ لأن حروف الجر تتناوب ولا سيما "مِنْ" التبعيضية تناسب "رُبَّ" التقليلية. فتح الباري (5/ 13) وانظر إرشاد الساري (4/ 176).
(6) أي: ذلك البعض الذي وقع عليه الإكراء. إرشاد الساري (4/ 176).
(7) أي: فلم يكن يُكرى بهما، ولم يُرد نفي وجودهما. فتح الباري (5/ 13).
(8) صحيح البخاري (5/ 13 رقم 2327).

(4/450)


الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الورق فلم ينهنا".
رواه مسلم (1) وهذا لفظه، وروى البخاري (2) قال: "كنا أكثر أهل المدينة حقلاً، وكان أحدنا يُكري أرضه، فيقول: هذه القطعة لي، وهذه لك. فربما أخرجت ذه (3) ولم تخرج ذه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وفي لفظ له (4) أيضًا: "فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه، فنُهينا عن ذلك، ولم ننه عن الورق".

4976 - ولمسلم (5) عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال: "سألت رافع بن خديج عن كرى الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الماذيانات (6) وأقبال (7) الجداول وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، ولذلك زجر عنه، فأما بشيء معلوم مضمون فلا بأس به".
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1183 رقم 1547/ 117).
(2) صحيح البخاري (5/ 19 - 20 رقم 2332).
(3) أي: ذي، فجاء بالهاء للوقف، أو لبيان اللفظ كما يقال: هذه وهاذي، والجميع بمعنى، وإنما دخلت هاء الإشارة على ذي في هاذي. مشارق الأنوار (1/ 273).
(4) صحيح البخاري (5/ 381 رقم 2722).
(5) صحيح مسلم (3/ 1183 رقم 1547/ 116).
(6) قال القاضي عياض في المشارق (1/ 376): ضبطناه بكسر الذال في الأكثر، وقد فتحها بعضهم، قيل: هي أمهات السواقي، وقيل: هي السواقي الصغار كالجداول، وقيل: هي الأنهار الكبار، وليست بعربية هي سوادية، ومعناه على أن ما ينبت على حافتيها لرب الأرض.
(7) الأقبال: الأوائل والرءوس، جمع قُبْل، والقبْل أيضًا: رأس الجبل والأكمة وقد يكون جمع قَبَل -بالتحريك- وهو الكلأ في مواضع من الأرض، والقَبل أيضًا: ما استقبلك من الشيء. النهاية (4/ 9).

(4/451)


4977 - وعن رافع بن خديج قال: حدثني عمَّاي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء (1) أو شيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهانا (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقلت (3) لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم".
رواه البخاري (4).

4978 - وعن أسيد بن ظهير قال: "كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أعطاها بالثلث والربع والنصف، ويشترط ثلاث جداول والقُصارة (5) وما سقى الربيع، وكان العيش إذ ذاك شديدًا، وكان يعمل فيها بالحديد وما شاء الله، ويصيب منها منفعة، فأتانا رافع بن خديج فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن أمر كان لكم نافعًا، وطاعة الله وطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنفع لكم، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن الحقل، ويقول: من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع. وينهاكم عن المزابنة، والمزابنة أن يكون الرجل له المال العظيم من النخل فيأتيه الرجل فيقول: قد أخذته بكذا وكذا وسقًا من تمر، والقصارة ما سقط من السنبل".
رواه الإمام أحمد (6)، وروى ابن ماجه (7) منه (إلى) (8) قوله: "أخاه أو ليدع".
__________
(1) الربيع: النهر الصغير، والأربعاء جمعه. النهاية (2/ 188).
(2) في صحيح البخاري: فنهى.
(3) القائل هو: حنظلة بن قيس الراوي عن رافع بن خديج -رضي الله عنه-.
(4) صحيح البخاري (5/ 31 رقم 2346، 2347).
(5) القصارة بالضم -ما يبقى من الحَب في السنبل مما لا يتخلص بعدما يُداس، وأهل الشام يسمونه: القِصري بوزن القبطي. النهاية (4/ 70).
(6) المسند (3/ 464).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 822 رقم 2460).
(8) ليست في "الأصل".

(4/452)


وروى منه د (1) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قوله: "ليدع".

4979 - وعن رافع بن خديج: "أن الناس كانوا يكرون المزارع في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالماذيانات وما سقى الربيع وشيء من التبن، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كراء المزارع بهذا ونهى عنها. قال رافع: لا بأس بكرائها بالدراهم والدنانير".
رواه الإمام أحمد (2).

4980 - عن جابر قال: "كنا نخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصيب من القصري ومن كذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له أرض فليزرعها، أو فليحرثها أخاه، وإلا فليدعها".
رواه مسلم (3).

4981 - عن سعد بن أبي وقاص "أن أصحاب المزارع في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقي من الزروع وما سعد (4) بالماء مما حول البئر (5)، فجاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختصموا في ذلك، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكروا بذلك، وقال: اكروا بالذهب والفضة".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- د (7) س (8).
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 260 رقم 3398).
(2) المسند (3/ 463).
(3) صحيح مسلم (3/ 1177 رقم 1536/ 95).

4981 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 159 - 160 رقم 955، 956).
(4) أي: ما جاء من الماء سيحًا لا يحتاج إلى دالية، وقيل: معناه ما جاء من غير طلب. قال الأزهري: السعيد: النهر مأخوذ من هذا، وجمعه سُعُد. النهاية (2/ 367).
(5) في المسند: النبت.
(6) المسند (1/ 178 - 179).
(7) سنن أبي داود (3/ 258 رقم 3391).
(8) سنن النسائي (7/ 41 رقم 3903).

(4/453)


74 - باب آخر من المزارعة
4982 - عن عَمْرو -وهو ابن دينار- قال: "قلت لطاوس: لو تركت المخابرة، فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال: أي عمرو، إني أعطيهم وأعينهم، وإن أعلمهم أخبرني -يعني: ابن عباس- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولكن قال: أن (1) يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجًا معلومًا".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) ولفظه: عن عَمْرو وابن طاوس عن طاوس "أنه كان يخابر، قال عمرو: فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، لو تركت (هذه المخابرة؛ فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن) (4) المخابرة. فقال: أي عمرو، أخبرني أعلمهم بذلك -يعني: ابن عباس- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنها، إنما قال: يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها خرجًا معلومًا".

4983 - وعن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض".
رواه ت (5) وقال: حديث صحيح حسن (6)، وقد روى مسلم أحاديث ابن عباس وذكر إسناد هذا الحديث (7)، وقال نحو حديثهم.
__________
(1) بفتح الهمزة والحاء على أنها تعليلية، وبكسر الهمزة وسكون الحاء على أنها شرطية، والأول أشهر. فتح الباري (5/ 19).
(2) صحيح البخاري (5/ 18 رقم 2330).
(3) صحيح مسلم (3/ 1184 رقم 1550/ 121).
(4) من صحيح مسلم.
(5) جامع الترمذي (3/ 668 رقم 1385) حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا الفضل بن موسى الشيباني، أخبرنا شريك، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس.
(6) في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (6/ 155)، وتحفة الأحوذي (4/ 641 رقم 1401)، وتحفة الأشراف (5/ 20 رقم 5735): حسن صحيح.
(7) صحيح مسلم (3/ 1185) حدثنا الفضل بن موسى عن شريك بإسناد الترمذي المتقدم.

(4/454)


75 - باب آخر في المزارعة
4984 - عن جابر -هو ابن عبد الله - قال: "كانوا يزرعونها بالثلث والربع (والنصف) (1) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) ولفظه: قال: "كنا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقال: من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه، فإن لم يمنحها أخاه فليمسكها".
وفي لفظ (4): "ولا يكرها"، وفي لفظ له (5): "نهى عن كراء الأرض".

4985 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له أرض فليزرعها، أو فليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه".
أخرجاه في الصحيحين (6) إلا أن البخاري علقه.

4986 - عن رافع بن خديج عن عمه ظُهير بن رافع، قال ظُهير: "لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان بنا رافقًا (7). قلت: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حق، قلت: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما تصنعون بمحاقلكم؟ قلت: نؤجرها على الرُّبُع (8) وعلى الأوسق من التمر والشعير، قال: لا تفعلوا،
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (5/ 28 رقم 2340).
(3) صحيح مسلم (3/ 1177 رقم 1536/ 96).
(4) صحيح مسلم (3/ 1177 رقم 1536/ 92).
(5) صحيح مسلم (3/ 1176 رقم 1536/ 87).
(6) البخاري (5/ 28 رقم 2341)، ومسلم (3/ 1178 رقم 1544).
(7) أي: ذا رفق. فتح الباري (5/ 29).
(8) هذه رواية الكشميهني، وهي موافقة لحديث جابر المتقدم، وفي رواية المستملي: "الرُّبَيع"=

(4/455)


ازرعوها، أو أزرعوها، أو أمسكوها. قال رافع: قلت: سمعًا وطاعة".
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).

4987 - عن نافع "أن ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- وصدرًا من إمارة معاوية، ثم حُدِّث عن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كرى المزارع فذهب ابن عمر إلى رافع -فذهبت معه- فسأله، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع؟ فقال ابن عمر: قد علمت أنا كنا نُكري مزارعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربعاء وبشيء من التبن".
رواه البخاري (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4) وعنده: "حتى بلغه في آخر خلافة معاوية أن رافع بن خديج يحدث فيها بنهيٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليه -وأنا معه- فسأله، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد، وكان إذا سُئل عنها بعد، قال: زعم ابن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها".

4988 - عن سالم بن عبد الله "أن عبد الله بن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله فقال: يا
__________
=بالتصغير، ولغيرهما -وهو المشهور في حديث رافع- "الرَّبيع" بفتح الراء وكسر الموحدة، وهي موافقة لحديث ابن عمر الآتي، وفيه: "على الأربعاء" فإن الأربعاء جمع ربيع، وهو النهر الصغير، والمعنى أنهم كانوا يكرون الأرض ويشترطون لأنفسهم ما ينبت على الأنهار. فتح الباري (5/ 29).
(1) صحيح البخاري (5/ 27 رقم 2339).
(2) صحيح مسلم (3/ 1183 رقم 1548/ 114).
(3) صحيح البخاري (5/ 28 رقم 2343، 2344).
(4) صحيح مسلم (3/ 1180 رقم 1547/ 109).

(4/456)


ابن خديج، ماذا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء (1) الأرض؟ قال رافع بن خديج لعبد الله: سمعت عمي -وكانا قد شهدا بدرًا- يحدثان أهل الدار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض. قال عبد الله: لقد كنت أعلم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئًا لم يكن علمه، فترك كرى الأرض" كذا رواه مسلم (2) وأخرج البخاري (3) قول عبد الله بن عمر الذي في آخره.

4989 - عن ثابت بن الضحاك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة، وأمر بالمؤاجرة، وقال: لا بأس بها". رواه مسلم (4).

4990 - عن أبي جعفر الخطمي قال: "بعثني عمي أنا وغلامًا لي (5) إلى سعيد ابن المسيب قال: قلنا: شيء بلغنا عنك في المزارعة؟ قال: كان ابن عمر لا يرى بها بأسًا حتى بلغه عن رافع بن خديج حديث، فأتاه فأخبره رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بني حارثة، فرأى زرعًا في أرض ظهير، فقال: ما أحسن زرع ظهير. قالوا: ليس لظهير. قال: أليس أرض ظهير؟ قالوا: بلى، ولكن زرع فلان. قال: خذوا زرعكم، وردوا عليه النفقة. قال رافع: فأخذنا زرعنا، ورددنا إليه النفقة. قال سعيد: أفقر (6) أخاك أو أكره بالدراهم".
رواه أبو داود (7) -وهذا لفظه- والنسائي (8).
__________
(1) في صحيح مسلم: في كراء.
(2) صحيح مسلم (3/ 1181 رقم 1547/ 112).
(3) صحيح البخاري (5/ 28 رقم 2345).
(4) صحيح مسلم (3/ 1184 رقم 1549/ 119).
(5) في سنن أبي داود: له.
(6) أي: أعره أرضك للزراعة، استعارة للأرض من الظهر. النهاية (3/ 462).
(7) سنن أبي داود (3/ 260 - 261 رقم 3399).
(8) سنن النسائي (7/ 40 رقم 3798).

(4/457)


4991 - وعن أبي نعيم -وهو عبد الرحمن- قال: حدثني رافع بن خديج "أنه زرع أرضًا، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يسقيها، فسأله لمن الزرع ولمن الأرض؟ فقال: زرعي (ببذري) (1) وعملي، لي الشطر ولبني فلان الشطر، فقال: أربيتما، فرد الأرض على أهلها، وخذ نفقتك".
رواه د (2).

4992 - وعن عروة بن الزبير قال زيد بن ثابت: "يغفر الله لرافع بن خديج أنا واللَّه أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان قد اقتتلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع. قال: فسمع رافع قوله: لا تكروا المزارع".
رواه الإمام أحمد (3) وأبو داود (4) س (5) ق (6).

76 - باب في زرع الأرض بغير إِذن صاحبها
4993 - عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم؛ فليس له من الزرع شيء، وله نفقته".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) -وهذا لفظه- ق (9) ت (10) وقال: حديث
__________
(1) غير واضحة في "الأصل". والمثبت من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (3/ 461 رقم 3402).
(3) المسند (5/ 182، 187).
(4) سنن أبي داود (3/ 257 - 258 رقم 3390).
(5) سنن النسائي (7/ 50 رقم 3937).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 822 رقم 2461).
(7) المسند (3/ 465، 4/ 114).
(8) سنن أبي داود (3/ 261 - 262 رقم 3403).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 824 رقم 2466).
(10) جامع الترمذي (3/ 648 رقم 1366).

(4/458)


حسن (1)، وسألت محمد بن إسماعيل -يعني: البخاري.- عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

77 - باب الخرص
4994 - عن جابر -هو ابن عبد الله- أنه قال: "أفاء الله على رسوله خيبر، فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم" (2).
وفي لفظ (3): قال: "خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر، وعليهم عشرون ألف وسق".
رواه الإمام أحمد (4) د، وزاد الإمام أحمد: "ثم قال لهم: يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إليَّ قتلتم أنبياء الله وكذبتم على الله -عز وجل- وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسق تمر، فإن شئتم فلكم وإن أبيتم (فلي) (5) فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، قد أخذنا، فاخرجوا عنا".

4995 - عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يخير يهود يأخذونه بذلك الخرص، أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص، لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق".
__________
(1) في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (6/ 125)، وتحفة الأحوذي (4/ 606 رقم 1378)، وتحفة الأشراف (3/ 152 رقم 3570): حسن غريب.
(2) سنن أبي داود (3/ 264 رقم 3414).
(3) سنن أبي داود (3/ 264 رقم 3415).
(4) المسند (3/ 367).
(5) في "الأصل": فعلي. والمثبت من المسند.

(4/459)


رواه د (1)، وفي إسناده عن ابن جريج قال: أُخبرت عن ابن شهاب.

4996 - عن ابن عمر قال: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم، وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها، ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفراء والبيضاء والحلقة -وهي السلاح- ويخرجون منها، وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها. ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يتفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وشيء ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه، فقال عبد الله: تطعموني السحت؟! واللَّه لقد جئتكم من (عند) (2) أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض" (3).
ورواه البخاري (4) تعليقًا.

4997 - عن ابن عباس قال: "افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، واشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء -يعني: الذهب والفضة- قال أهل خيبر: نحن أعلم
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 263 - 264 رقم 3413).
(2) ليست في "الأصل".
(3) رواه ابن حبان (11/ 607 - 609 رقم 5199).
(4) صحيح البخاري (5/ 385) كتاب الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك. لكن لم يذكر لفظه، إنما علق الإسناد فقط، وقال ابن حجر: تنبيه: وقع للحميدي نسبة رواية حماد بن سلمة -أي هذه الرواية المعلقة- مطولة جدًّا إلى البخاري، وكأنه نقل السياق من مستخرج البرقاني كعادته، وذهل عن عزوه إليه.

(4/460)


بالأرض منكم؛ فأعطناها على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف. فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلما كان حين تصرم النخل بعث إليهم عبد اللَّه بن رواحة -رضي اللَّه عنه- يحزر عليهم النخل -وهو الذي يسميه أهل المدينة: الخرص- فقال: في ذه كذا وكذا، قالوا: أكثرت علينا يا ابن رواحة. قال: فأنا ألي حزر النخل وأعطيكم نصف الذي قلت. قالوا: هذا الحق به تقوم السماء والأرض، قد رضينا أن نأخذ الذي قلت".
رواه د (1) -وهذا لفظه- ق (2).
وقد تقدمت بعض هذه الأحاديث في كتاب الزكاة (3).

78 - باب الإِجارة
4998 - عن عائشة- رضي اللَّه عنها- في ذكر الهجرة: "واستأجر (النبي - صلى الله عليه وسلم - و) (4) أبو بكر رجلاً من بني الدِّيل ثم من بني عبد بن عدي (هاديًا) (5) خِرِّيتًا -الخريت: الماهر بالهداية- قد غمس يمين حلف (6) في آل العاص بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا وانطلق معهما عامر ابن فهيرة، والدليل الديلي فأخذ بهم (أسفل مكة، وهو) (4) طريق الساحل".
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 263 رقم 3410، 3411).
(2) سنن ابن ماجه (1/ 582 رقم 1820).
(3) باب خرص النخل والعنب، الأحاديث (3128: 3132).
(4) من صحيح البخاري.
(5) تحرفت في "الأصل". والمثبت من صحيح البخاري.
(6) أي: أخذ بنصيب من عقدهم وحلفهم يأمن به، كانت عادتهم أن يحضروا في جفنة طيبًا أو دمًا أو رماداً، فيدخلون فيه أيديهم عند التحالف؛ ليتم عقدهم عليه باشتراكهم في شيء واحد. النهاية (3/ 386).

(4/461)


رواه البخاري (1).

4999 - عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء، فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل (لي) (2) من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل (لي) (2) من العصر إلى مغيب الشمس على قيراطين، فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، قالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاء. قال: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء".
رواه البخاري (3).

5000 - عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر (قومًا يعملون له عملاً يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له نصف النهار) (4) فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل. فقال: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملاً. فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال: أكملوا بقية عملكم، فإنما بقي من
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 517 رقم 2263).
(2) من صحيح البخاري.
(3) صحيح البخاري (4/ 521 رقم 2268).
(4) في "الأصل": "أجراء، فقال من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط. فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط. فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من العصر إلى مغيب الشمس على قيراطين. فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى"، وهذه الألفاظ تقدمت في حديث ابن عمر، فلعل الناسخ انتقل بصره إليه. والمثبت من صحيح البخاري.

(4/462)


النهار شيء يسير. فأبوا، فاستأجر قومًا آخرين يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، فاستكملوا أجر الفريقين كلاهما (1)، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور".
رواه البخاري (2).

5001 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله -عز وجل-: ثلاثه أنا خصمهم يوم القيامة (3): رجل أعطى بي ثم غدر (4)، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
رواه البخاري (5).

5002 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".
رواه ابن ماجه (6) من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (7)، وقد تُكلم فيه.
__________
(1) في صحيح البخاري المطبوع "كليهما" على الجادة، قال ابن حجر في الفتح (4/ 524): "كليهما" كذا لأبي ذر وغيره، وحكى ابن التين أن في روايته: "كلاهما بالرفع وخطأه، وليس كما زعم بل له وجه. اهـ. وقال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 134): وحكى السفاقسي أن في روايته "كلاهما" بالألف، وهو على لغة من يجعل المثنى في الأحوال الثلاثة بالألف.
(2) صحيح البخاري (4/ 523 - 524 رقم 2271).
(3) قال ابن حجر في الفتح (4/ 488): زاد ابن خزيمة وابن حبان والإسماعيلي في هذا الحديث: "ومن كنت خصمه خصمته"، قال ابن التين: هو سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح.
(4) قال ابن حجر في الفتح (4/ 488): كذا للجميع على حذف المفعول، والتقدير أعطى يمينه بي، أي عاهد عهدًا وحلف عليه باللَّه ثم نقضه.
(5) صحيح البخاري (4/ 487 رقم 2227).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 817 رقم 2443).
(7) ترجمته في التهذيب (17/ 114 - 119).

(4/463)


5003 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم في ذكر فضل رمضان فيه: "ويغفر لهم من آخر ليلة، قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يُوفى أجره إذا قضى عمله".
رواه الإمام أحمد (1) من رواية هشام بن أبي هشام (2)، وهو متكلم فيه.

79 - باب في كسب الإِماء ومهر البغي وحلوان الكاهن وغيره
5004 - عن أبي مسعود الأنصاري: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".
أخرجاه في الصحيحين (3).

5005 - عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول اللَّة - صلى الله عليه وسلم - يقول: "شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام".
رواه مسلم (4)، وفي لفظ له (5): "ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام (خبيث) (6) ".

5006 - عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسب الحجام و (مهر البغي) (7) وثمن الكلب".
__________
(1) المسند (2/ 292).
(2) ترجمته في التهذيب (30/ 200 - 204).
(3) البخاري (4/ 497 رقم 2237)، ومسلم (3/ 1198 رقم 1567).
(4) صحيح مسلم (3/ 1199 رقم 1568/ 40).
(5) صحيح مسلم (3/ 1199 رقم 1568/ 41).
(6) من صحيح مسلم.
(7) في المسند: كسب البغي.

(4/464)


رواه الإمام أحمد (1).

5007 - عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الإماء" (2).
رواه البخاري (3).

5008 - عن طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: "جاء رافع بن رفاعة (4) إلى مجلس الأنصار، فقال: لقد نهانا نبي الله. - صلى الله عليه وسلم - (عن شيء كان يرفق بنا في معايشنا، فقال: نهانا عن كراء الأرض قال: من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه أو ليدعها. ونهانا عن كسب الحجام، وأمرنا أن نطعمه نواضحنا، ونهانا عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها، وقال هكذا بأصابعه) (5) نحو الخبز والغزل والنفش".
رواه الإمام أحمد (6) د (7). وفيه: "النقش". بالقاف (8)، وما أراه إلا بالفاء
__________
(1) المسند (2/ 299).
(2) هكذا جاء مطلقًا في رواية أبي هريرة، وفي رواية رافع بن خديج مقيدًا "حتى يُعلم من أين هو"، وفي رواية أخرى: "إلا ما عملت بيدها" ووجه الإطلاق أنه كان لأهل مكة والمدينة إماء عليهن ضرائب يخدمن الناس، ويأخذن أجورهن، ويؤدين ضرائبهن، ومن تكون متبذلة خارجة داخلة وعليها ضريبة فلا تؤمن أن تبدو منها زلة، إما للاستزادة في المعاش، وإما لشهوة تغلب، أو لغير ذلك، والمعصوم قليل، فنهى عن كسبهم مطلقًا تنزهًا عنه، هذا إذا كان للأمة وجه معلوم تكسب منه، فكيف إذا لم يكن لها وجه معلوم. النهاية (4/ 171 - 172)، ونحوه في فتح الباري (4/ 498).
(3) صحيح البخاري (4/ 538 رقم 2283).
(4) قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 500): رافع بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان لا يصح، والحديث النووي عنه في كسب الحجام، إسناده فيه غلط، والله أعلم. وانظر: تهذيب الكمال (9/ 26)، والإصابة (1/ 496).
(5) من المسند.
(6) المسند (4/ 341).
(7) سنن أبي داود (3/ 267 رقم 3426).
(8) الذي في سنن أبي داود المطبوع: "النفش" بالفاء، قال العظيم آبادي في عون المعبود (9/ 294): والنفش بفتح النون، وسكون الفاء بعدها شين معجمة، والمراد به نفش=

(4/465)


كما في المسند، يعني: نفش الصوف.

5009 - عن رافع بن خديج قال: "نهانا (1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الأمة حتى يُعلم من أين هو". رواه أبو داود (2).

5010 - وروى الإمام (3) عن عباية بن رافع بن خديج (4) يحدث "أن جده حين مات ترك جارية وناضحاً وغلامًا حجامًا وأرضًا، فقال: (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجارية) (5)، فنهى عن كسبها. قال شعبة: مخافة أن تبغي".

5011 - عن أبي سعيد "أنهم خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (في سفر) (6) فنزلوا رفقاء، رفقة مع فلان، ورفقة مع فلان، قال: فنزلت مع رفقة أبي بكر، فكان معنا أعرابي من أهل البادية، فنزلنا بأهل بيت من الأعراب وفيهم امرأة حامل، فقال لها الأعرابي: يسرك أن تلدي غلامًا؟ إن أعطيتيني شاة ولدت غلامًا. فأعطته شاة، وسجع لها أساجيع، قال: فذبح الشاة، فلما جلس القوم يأكلون، قال رجل: أتدرون ما هذه الشاة؟ فأخبرهم، قال: فرأيت أبا بكر متبرزًا (7) مستنبلًا (8) متقيأ".
__________
=الصوف والشعر وندف القطن والصوف ونحو ذلك، وفي رواية: "النقش" بالقاف وهو التطريز، قاله في النيل.
(1) في سنن أبي داود: نهى.
(2) سنن أبي داود (3/ 267 رقم 3427).
(3) يعني الإمام أحمد، والحديث في المسند (4/ 141).
(4) في المسند: عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج. نُسب في "الأصل" إلى جده، وعباية بن رفاعة بن رافع ترجمته في التهذيب (14/ 268 - 269).
(5) في "الأصل": لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمثبت من المسند.
(6) من المسند.
(7) قال السندي: من تبرز، أي: خرج إلى القضاء لقضاء الحاجة. حاشية طبعة الرسالة للمسند (18/ 60).
(8) قال السندي: "مستنبلًا" النبل بنون ثم ياء مفتوحتين: حجارة يُستنجى بها، فلعل استنبل يكون بمعنى طلب النبل للاستنجاء بها كما هو المعتاد بعد قضاء الحاجة. حاشية المسند (18/ 60).

(4/466)


رواه الإمام أحمد (1).

80 - باب في كسب المعلم والمؤذن
5012 - عن عبادة بن الصامت قال: "عَلَّمتُ ناسًا من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إليّ رجل قوسًا، فقلت: (لآتين رسول الله فلأسألنه. فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليَّ قوسًا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن و) (2) ليست بمالٍ، وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقًا من نار فاقبلها".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) -وهذا لفظه- ق (5).

5013 - وعن عبادة بن الصامت قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُشغل، فإذا قدم الرجل مهاجرًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن، فدفع إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً، فكان معي في البيت أعشيه عشاء أهل البيت، فكنت أقرئه القرآن فانصرف انصرافة إلى أهله، فرأى أن عليه حقًّا، فأهدى إليَّ قوسًا لم أر أجود منها عودًا، ولا أحسن منها عطفًا، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ قال: جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها".
رواه الإمام أحمد (6) وروى د (7) آخره قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) المسند (3/ 51).

5012 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 251 - 252 رقم 304 - 306).
(2) من سنن أبي داود.
(3) المسند (5/ 315).
(4) سنن أبي داود (3/ 264 - 265 رقم 3416).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 729 - 730 رقم 2157).

5013 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 266 - 267 رقم 323 - 325).
(6) المسند (5/ 324).
(7) سنن أبي داود (3/ 265 رقم 3417).

(4/467)


5014 - عن أبي بن كعب قال: "علمت رجلاً القرآن، فأهدى إلي قوسًا، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أخذتها أخذت قوسًا من نار. فرددتها".
رواه ابن ماجه (1).

5015 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني بأصبهان، أن أبا علي الحسن بن أحمد الحداد أخبرهم -قراءة عليه وهو حاضر- أبنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، أبنا عبد الله بن جعفر، أبنا إسماعيل بن عبد الله سمويه، أبنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبد الله، ثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد ابن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عُبَيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ على تعليم القرآن قوسًا قلده الله يوم القيامة مكانها قوسًا من ناراً" (2).
كذا رواه سمويه في فوائده، وروى مسلم في صحيحه (3) حديثًا عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم، وهذا الإسناد عن أبي الدرداء.

5016 - عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه (4)، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 730 رقم 2158).
(2) رواه البيهقي في سننه (6/ 126) من طريق عثمان بن سعيد الدرامي عن عبد الرحمن بن يحيى به. وقال الدرامي عن دحيم: حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من تقلد قوسًا على تعليم القرآن" ليس له أصل. وقال البيهقي: ضعيف. وتعقبه ابن التركماني بقوله: قلت: أخرجه البيهقي هنا بسند جيد فلا أدري ما وجه ضعفه وكونه لا أصل له؟!
(3) صحيح مسلم (2/ 790 رقم 1122) في الصوم في السفر.
(4) أي: تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته. النهاية (1/ 281).

(4/468)


رواه الإمام أحمد (1).

5017 - عن عمران بن حصين قال: "مر برجل وهو يقرأ على قوم، فلما فرغ سأل، فقال (عمران) (2): إنا لله وإنا إليه راجعون، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من يقرأ القرآن فليسأل الله -تبارك وتعالى- فإنه سيجيء قوم يقرءون القرآن يسألون به الناس".
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- والترمذي (4).

5018 - عن جابر قال: "دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا فيه قوم يقرءون القرآن، قال: اقرءوا القرآن، وابتغوا (به) (5) الله -عز وجل- من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- د (7).

5019 - عن عثمان بن أبي العاص قال: "قلت: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي. قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا" (8). رواه الإمام أحمد (9) -وهذا لفظه- ق (10) والترمذي (11) وقال:
__________
(1) المسند (3/ 428، 444).
(2) تحرفت في "الأصل" إلى: عمر.
(3) المسند (4/ 432 - 433، 439).
(4) جامع الترمذي (5/ 164 رقم 2917)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وليس إسناده بذاك.
(5) من المسند.
(6) المسند (3/ 357).
(7) سنن أبي داود (1/ 220 رقم 830).
(8) رواه أبو داود (1/ 146 رقم 531)، والنسائي (2/ 23 رقم 671) أيضًا.
(9) المسند (4/ 21، 217).
(10) سنن ابن ماجه (1/ 236 رقم 714).
(11) جامع الترمذي (1/ 409 - 410 رقم 209).

(4/469)


حديث حسن.

81 - باب أجر الراقي
5020 - عن أبي سعيد قال: "انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها- حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء؛ فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم (شيء) (1). فأتوهم. فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحدٍ منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن واللَّه لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلاً. فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ "الحمد للَّه رب العالمين" فكأنما نُشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة (2). قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا (فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنذكر له الذي كان فننظر) (1) ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه البخاري (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4).
وفي لفظ لهما (5): قال: "كنا في مسير لنا فنزلنا منزلاً فجاءت جارية،
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) أي: ألم وعلة. النهاية (4/ 98).
(3) صحيح البخاري (4/ 529 - 530 رقم 2276).
(4) صحيح مسلم (4/ 1727 رقم 2201).
(5) البخاري (8/ 671 رقم 5007)، ومسلم (4/ 1728 رقم 2201/ 16) واللفظ للبخاري.

(4/470)


فقالت: إن سيد الحي سليم (1)، وإن نفرنا غَيَب (2)، فهل منكم راقٍ؟ فقام معها رجل -ما كنا نأبُنه (3) برقيةٍ- فرقاه فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية -أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي -أو نسأل- النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قدمنا المدينة ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا، واضربوا لي بسهم".

82 - بيان الراقي في حديث أبي سعيد من هو وأن اللدغة كانت لدغة العقرب
5021 - وعن أبي سعيد قال: "بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا وكنت فيهم، فأتينا على قرية، فاستطعمنا أهلها، فأبوا أن يطعمونا شيئًا، فجاءنا رجل من أهل القرية، فقال: يا معشر العرب، فيكم أحد يرقي؟ فقال أبو سعيد: قلت: وما ذاك؟ قال: ملك القرية يموت. قال: فانطلقنا معه، فرقيته بفاتحة الكتاب، ورددتها مرارًا؛ فعوفي، فبعث إلينا بطعام وبغنم تُساق، فقال أصحابي: لم يعهد إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا بشيء، لا نأخذ منه شيئًا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -. فسقنا الغنم حتى أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدثناه، فقال: كل وأطعمنا معك، وما يدريك أنها رقية؟ قال: قلت: ألقي في رُوعي".
__________
(1) السليم: اللديغ، يقال: سلمته الحية، أي: لدغته، وقيل: إنما سُمي سليمًا تفاؤلاً بالسلامة، كما قيل للفلاة المهلكة مفازة. النهاية (2/ 396).
(2) أي: إن رجالنا غائبون، والغَيَب -بالتحريك- جمع غائب، كخادم وخَدم. النهاية (3/ 399).
(3) بضم الباء، أي: نتهمه ونذكره ونصفه بذلك كما في الرواية الأخرى: "نظنه". مشارق الأنوار (1/ 12).

(4/471)


رواه الإمام أحمد (1).

5022 - وروى (2) أيضًا عن أبي سعيد قال: "بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية ثلاثين راكبًا، قال: فنزلنا بقوم من العرب، فسألناهم أن يضيفونا، فأبوا، قال: فلدغ سيدهم، قال: فأتونا فقالوا: فيكم أحد يرقي من العقرب؟ قال: فقلت: نعم أنا، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئًا. (قالوا) (3): فإنا نعطيكم ثلاثين شاة. قال: فقرأت عليه "الحمد" سبع مرات، قال: فبرأ، قال: فلما قبضنا الغنم، قال: عرض في أنفسنا منها، قال: وكففنا حتى أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقال: أو ما علمت أنها رقية؟ اقسموها، واضربوا لي معكم بسهم" (4).
ورواهما الدارقطني (5) بنحوهما.

5023 - عن ابن عباس: "أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا بماء فيهم لديغ -أو سليم- فعرض لهم رجل من (أهل الماء) (6) فقال: هل فيكم من راقٍ، فإن في الماء رجلاً لديغًا -أو سليمًا. فانطلق رجل فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء (فبرأ) (7)، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا. حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا. فقال
__________
(1) المسند (3/ 50).
(2) المسند (3/ 10).
(3) في "الأصل": قال. والمثبت من المسند.
(4) رواه النسائي في الكبرى (4/ 364 رقم 7532)، وابن ماجه (2/ 729 رقم 2156)، والترمذي (4/ 348 رقم 2063)، وقال: هذا حديث حسن.
(5) سنن الدارقطني (3/ 63 - 64 رقم 243، 246).
(6) بياض في "الأصل". والمثبت من صحيح البخاري.
(7) من صحيح البخاري.

(4/472)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله".
رواه البخاري (1).

5024 - عن خارجة بن الصلت عن عمه "أنه مر بقوم، فأتوه (فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير؛ فارق لنا هذا الرجل، فأتوه) (2) برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشيًّا، كلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل، فكأنما أُنشط (3) من عقال، فأعطوه شيئًا، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كُلْ، فلعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) وهذا لفظه، ولفظ الإمام أحمد نحوه.
وفي لفظ (6): "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، ثم أقبل راجعًا من عنده فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا قد حُدِّثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير؛ فهل (عندك) (7) شيء تداويه؟ قال: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام كل يوم مرتين، فبرأ، فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: (هل إلا هذا -وقال مسدد في موضع آخر- هل قلت غير هذا؟ - قلت: لا. قال) (8): خذها فلعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق".
__________
(1) صحيح البخاري (10/ 209 رقم 5737).
(2) من سنن أبي داود.
(3) أي: حُلَّ. النهاية (5/ 57).
(4) المسند (5/ 210 - 211).
(5) سنن أبي داود (3/ 266 رقم 3420).
(6) سنن أبي داود (4/ 13 رقم 3896).
(7) في "الأصل": عنده. والمثبت من سنن أبي داود.
(8) من سنن أبي داود، ومسدد هو شيخ أبي داود.

(4/473)


83 - باب النهي عن جهالة الأجرة سوى الطعام والكسوة
5025 - عن أبي سعيد الخدري "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن استئجار الأجير حتى يُبين له أجره، وعن النجش، واللمس (1)، وإلقاء الحجر (2) ".
رواه الإمام أحمد (3).

5026 - وعن أبي سعيد الخدري قال: "نهى عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان (4) ".
رواه الدارقطني (5).

5027 - عن عتبة (6) بن النُّدر قال: "كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ "طس" (7) حتى إذا بلغ قصة موسى قال: إن موسى - صلى الله عليه وسلم - أجر نفسه ثمان سنين -أو عشرًا- على عفة فرجه وطعام بطنه".
رواه ابن ماجه (8) من رواية مسلمة بن علي (9)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.
__________
(1) يعني: بيع الملامسة، وقد تقدم بيانه.
(2) يعني: بيع الحصاة، وقد تقدم بيانه أيضاً.
(3) المسند (3/ 59، 68، 71).
(4) هو أن يستأجر رجلًا ليطحن له حنطة معلومة بقفيز من دقيقها، والقفيز: مكيال يتواضع الناس عليه، وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك. النهاية (4/ 90).
(5) سنن الدارقطني (3/ 47 رقم 195).
(6) في "الأصل": عقبة. والمثبت من سنن ابن ماجه، وعتبه بن النُّدر -بضم النون وفتح الدال المشددة- السلمي له صحبه، عداده في الشاميين، ليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث. ترجمته في التهذيب (19/ 324 - 326).
(7) يعني: سورة القصص.
(8) سنن ابن ماجه (2/ 817 رقم 2444).
(9) ترجمته في التهذيب (27/ 567 - 571).

(4/474)


5028 - وروى (1) أيضًا عن أبي هريرة قال: "نشأت يتيمًا، وهاجرت مسكينًا، وكنت أجيرًا لابنة غزوان، بطعام بطني وعقبة رجلي أحطب لهم إذا نزلوا، وأحدو لهم إذا ركبوا، فالحمد للَّه الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا".

5029 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "جعت مرة (بالمدينة) (2) جوعًا شديدًا؛ فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرًا (3)، فظننتها تريد بَلَّه، فقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فمددت ستة عشر ذنوبًا حتى مجلت (4) يداي (ثم أتيت الماء فأصبت منه) (2) ثم أتيتها (فقلت بكفي هكذا بين يديها) (2) فعدت لي ست عشرة تمرة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأكل معي منها".
رواه الإمام أحمد (5).

5030 - وعن علي -رضي الله عنه- قال: "كنت أدلو الدلو بتمرة، وأشترط أنها جلدة (6) ". رواه ابن ماجه (7).
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 817 رقم 2445).

5029 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 335 - 336 رقم 713، 714) ونقل عن أبي زرعة قوله: مجاهد عن علي مرسل. ونحوه عن ابن معين وأبي حاتم.
(2) من المسند.
(3) المدر: هو الطين المتماسك. النهاية (4/ 309).
(4) يقال: مَجَلَت يده تمْجُل مَجْلاً، ومَجِلَت تَمْجَل مَجَلاً، إذا ثَخُن جلدها وتعجَّر وظهر فيه ما يشبه البَثر، من العمل بالأشياء الصَلبة الخشنة. النهاية (4/ 300).
(5) المسند (1/ 135).

5030 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 412 رقم 798).
(6) الجلدة -بالفتح والكسر- هي اليابسة اللحاء الجيدة. النهاية (1/ 285).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 818 رقم 2447).

(4/475)


5031 - وروى (1) عن ابن عباس قال: "أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خصاصة (2) فبلغ ذلك عليًّا؛ فخرج يلتمس عملاً يصيب فيه شيئًا ليقيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى بستانًا لرجل من اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلوًا، كل دلو بتمرة، فخيره اليهودي من تمره (سبع عشرة) (3) عجوة، فجاء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

5032 - وروى (4) أيضًا عن أبي هريرة قال: "جاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، ما لي (أرى) (5) لونك منكفئًا (6) قال: الخمص (7). فانطلق الأنصاري إلى رحله فلم يجد في رحله شيئًا (فخرج يطلب) (5) فإذا هو بيهودي يسقي نخله، فقال الأنصاري لليهودي: أسقي نخلك؟ قال: نعم. قال: كل دلوٍ بتمرة. واشترط الأنصاري أن لا آخذ خدرة (8) ولا تارزة (9) ولا حشفة (10) ولا يأخذ إلا جلدة، فاستقى بنحو من صاعين فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

84 - باب الوديعة
5033 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 818 رقم 2446).
(2) أي: جوع وضعف، وأصلها الفقر والحاجة إلى الشيء. النهاية (2/ 37).
(3) في "الأصل": سبعة عشر. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(4) سنن ابن ماجه (2/ 818 - 819 رقم 2448).
(5) من سنن ابن ماجه.
(6) أي: متغيرًا عن حاله. النهاية (4/ 183).
(7) الخَمْص والخَمْصة والمخمصة: الجوع والمجاعة. النهاية (2/ 80).
(8) أي: عفنة، وهي التي اسود باطنها. النهاية (2/ 14).
(9) أي: حشفة يابسة، وكل قوي صُلب يابس: تارز، وسُمي الميت تارزًا ليبسه. النهاية (1/ 186).
(10) الحشف: اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشيص. النهاية (1/ 391).

(4/476)


"من أُودع وديعة فلا ضمان عليه".
رواه ابن ماجه (1) من رواية أيوب بن سويد (2) عن المثنى بن الصباح (3)، وكلاهما متكلم فيه.
وفي لفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضمان على مؤتمن".
رواه الدارقطني (4) من رواية عبد الله بن شبيب (5) ويزيد بن عبد الملك (6)، وفيهما كلاهما أيضًا.

85 - باب العارية
5034 - عن أنس قال: "كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا لأبي طلحة -يقال له: مندوب- فركب. فلما رجع قال: ما رأينا من شيءٍ، وإن وجدناه لبحرًا (7) ".
أخرجاه في الصحيحين (8).

5035 - عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك".
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 802 رقم 2401).
(2) ترجمته في التهذيب (3/ 474 - 477).
(3) ترجمته في التهذيب (27/ 203 - 207).
(4) سنن الدارقطني (3/ 41 رقم 167).
(5) ترجمته في الجرح والتعديل (5/ 83 - 84)، والكامل (5/ 430 - 433)، والمجروحين (2/ 47).
(6) هو النوفلي، ترجمته في التهذيب (32/ 196 - 200).
(7) أي: واسع الجري، وسُمي البحر بحرًا لسعته، وتبحر في العلم: أي اتسع. النهاية (1/ 99).
(8) البخاري (5/ 284 - 285 رقم 2627)، ومسلم (4/ 1803 رقم 2307/ 49).

(4/477)


رواه أبو داود (1) والترمذي (2) وقال: حديث حسن غريب.

5036 - عن يوسف بن ماهك المكي قال: "كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم، فغالطوه بألف درهم، فأداها إليهم، فأدركت لهم من مالهم مثلها، قال: قلت: أقبض الألف الذي ذهبوا (به) (3) منك؟ قال: لا، حدثني أبي أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أدِّ (الأمانة) (3) إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك".
كذا رواه د (4)، ولم يُسم يوسف بن ماهك الرجل (الذي) (5) حدثه.

5037 - عن الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه. ثم نسي الحسن قال: لا يضمن".
رواه الإمام أحمد (6) -وهذا لفظه- د (7) س (8) ق (9) ت (10) فقال: "قال قتادة: ثم نسي الحسن (فقال:) (11) هو أمينك ولا ضمان عليه". وقال: حديث حسن (12).
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 290 رقم 3535).
(2) جامع الترمذي (3/ 564 رقم 1264).
(3) من سنن أبي داود.
(4) سنن أبي داود (3/ 290 رقم 3534).
(5) ليست في "الأصل".
(6) المسند (5/ 13).
(7) سنن أبي داود (3/ 296 رقم 3561).
(8) السنن الكبرى (3/ 411 رقم 5783).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 802 رقم 2400).
(10) جامع الترمذي (3/ 566 رقم 1266).
(11) من جامع الترمذي.
(12) كذا في تحفة الأحوذي (4/ 483 رقم 1284) وتحفة الأشراف (4/ 66 رقم 4584) وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 269، 6/ 21): حديث حسن صحيح.

(4/478)


وعند أبي داود: قال: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه. ثم إن الحسن نسي، قال: هو أمينك ولا ضمان عليه".
ولم يذكر ابن ماجه قول قتادة.

5038 - عن أمية بن صفوان عن أبيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه يوم حنين أدراعًا، فقال: أغصبًا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة. قال: فضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب".
رواه الإمام أحمد (1) وهذا لفظه، وروى د (2) س (3) إلى قوله: "مضمونة".

5039 - وروى أبو داود (4) عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال) (5): "يا صفوان، هل (عندك) (5) من سلاح؟ قال: عارية أم غصبًا؟ قال: لا بل عارية. فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعًا، وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنينًا فلما هُزم المشركون جمعت دروع صفوان، فقدمنها أدرعًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصفوان: إنا قد فقدنا من أدراعك أدراعًا فهل نغرم لك؟ قال: لا يا رسول الله؛ لأن (في) (5) قلبي اليوم ما لم يكن يومئذٍ".

5040 - عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "العارية مؤداة، والمنحة (6) مردودة، والدَّين مقضي، والزعيم غارم".
__________
5038 - خرجه الضياء في المختارة (8/ 22 - 23 رقم 11 - 13).
(1) المسند (3/ 400 - 401).
(2) سنن أبي داود (3/ 296 رقم 3562).
(3) السنن الكبرى (3/ 409 - 410 رقم 5778).
(4) سنن أبي داود (3/ 296 رقم 3563).
(5) من سنن أبي داود.
(6) المنحة: من يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها=

(4/479)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) ق (3) ت (4) وقال: حديث حسن.
وهو من رواية (إسماعيل بن) (5) عياش عن شرحبيل بن مسلم، وقد تقدم القول في إسماعيل في باب الكفالة (6).

5041 - عن صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا وثلاثين بعيرًا. قال: قلت: يا رسول الله؛ أعارية مضمونة أو عارية مؤداة (7)؟ قال: بل مؤداة".
رواه الإمام أحمد (8) وأبو داود (9) -وهذا لفظه- والنسائي (10).
وعند الإمام أحمد: "وثلاثين بعيرًا أو أقل من ذلك، فقال له: العارية يا رسول الله؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - نعم".

5042 - عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "العارية مؤادة، والمنحة مردودة".
رواه ابن ماجه (11).
__________
=وصوفها زمانًا ثم يردها. النهاية (4/ 364).
(1) المسند (5/ 267).
(2) سنن أبي داود (3/ 296 - 297 رقم 3565).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 801 - 802 رقم 2398).
(4) جامع الترمذي (3/ 565 رقم 1265).
(5) ليست في "الأصل".
(6) الحديث رقم (4945).
(7) قال في "السبل": المضمونة التي تضمن إن تلفت بالقيمة، والمؤداة التي تجب تأديتها مع بقاء عينها، فإن تلفت لم تضمن بالقيمة. عون المعبود (9/ 479).
(8) المسند (4/ 222).
(9) سنن أبي داود (3/ 297 رقم 3566).
(10) السنن الكبرى (3/ 409 رقم 5776).
(11) سنن ابن ماجه (2/ 802 رقم 2399).

(4/480)


5042 م- عن أنس بن مالك: " (أن) (1) النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار قصعة فضاعت، فضمنها لهم".
رواه الترمذي (2) وقال: هذا غير محفوظ.
قال الحافظ أبو عبد الله: هو من رواية سويد بن عبد العزيز (3)، قال الإمام أحمد (4): متروك. وقال يحيى (5): ليس بشيء.

5543 - عن أيمن (6) المكي قال: "دخلت على عائشة وعليها درع قطر (7) ثمن خمسة دراهم، فقالت: ارفع بصرك إلى جاريتي، انظر إليها؛ فإنها تُزهى (8) أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منهن درع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما كانت امرأة تُقَيَّن (9) في المدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره". رواه البخاري (10).
__________
(1) في "الأصل": قال: سمعت. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) جامع الترمذي (3/ 641 رقم 1360).
(3) ترجمته في التهذيب (12/ 255 - 262).
(4) العلل ومعرفة الرجال (2/ 477 رقم 3126)، والجرح والتعديل (4/ 238).
(5) تاريخ الدوري (4/ 458 رقم 3280)، والجرح والتعديل (4/ 238).
(6) غير واضحة في "الأصل"، وفي صحيح البخاري "عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه" وهو أيمن الحبشي المكي، ترجمه في التهذيب (3/ 451).
(7) الدرع -بكسر الدال وسكون الراء- قميص المرأة، وقِطرٍ -بكسر القاف، وسكون الطاء، ثم راء- مع إضافة درع لقطر ضرب من برود اليمن غليظ فيه بعض الخشونة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: "قُطن" بضم القاف وآخره نون. إرشاد الساري (4/ 366) وتشبه أن تكون في "الأصل": قطوي.
(8) بضم أوله، أي: تأنف أو تتكبر، يقال: زهى يزهى إذا دخله الزهو، وهو: الكبر، ومنه ما أزهاه. فتح الباري (5/ 286).
(9) بضم حرف المضارعة، وفتح القاف، وتشديد التحتية، آخره نون، مبنيًّا للمفعول، أي: تُزين، قال صاحب الأفعال: قان الشيء قيانة: أصلحه، وقيل: تجلى على زوجها. إرشاد الساري (4/ 367).
(10) صحيح البخاري (5/ 286 رقم 2628).

(4/481)


5044 - عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط، وقعد لها بقاع قَرْقَر (1)، تستن عليه بقوائمها وأخفافها، ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر، تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها، ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ليمس فيها جماء ولا منكسر قرنها. قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل اللَّه".
رواه مسلم (2).

5045 - عن (ابن عباس) (3) قال: "كنا نعد الماعون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر". رواه د (4).

86 - باب إِحياء الموات
5046 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من عمر (5) أرضًا ليست لأحد فهو
__________
(1) هو المكان المستوي. النهاية (4/ 48).
(2) صحيح مسلم (2/ 684 - 685 رقم 988/ 27، 28) وتداخلت في "الأصل" الروايتان، وقد سبق الحديث في الزكاة على الصواب، رقم (3436).
(3) كذا في "الأصل" والحديث في سنن أبي داود "عن شقيق عن عبد الله" وعبد الله هو: ابن مسعود، وفي مسنده ذكر المزي هذا الحديث في تحفة الأشراف (7/ 46 رقم 9273) ولابن عباس حديث قريب من هذا خرجه الضياء في المختارة (13/ 95 - 96 رقم 165) فلعل في الأصل" سقطاً.
(4) سنن أبي داود (2/ 124 رقم 1657).
(5) في صحيح البخاري "أعمر"، وما في "الأصل" أصح في اللغة. انظر فتح الباري (5/ 25)، إرشاد الساري (4/ 184 - 185).

(4/482)


أحق (1). قال عروة: قضى به عمر في خلافته (2) ".
رواه البخاري (3).

5047 - عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له".
رواه الإمام أحمد (4) س (5) ت (6) وقال: حديث حسن صحيح.

5048 - والإمام أحمد (7) عن جابر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حاط حائطًا على أرض فهي له".
5048 م- (عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحاط حائطًا على أرض فهي له") (8).
رواه الإمام أحمد (9) د (10).

5049 - عن عروة "أن رجلين من الأنصار اختصما في أرضٍ غرس أحدهما فيها
__________
(1) حذف متعلق أحق للعلم به، وعند الإسماعيلي: فهو أحق بها" أي: من غيره. إرشاد الساري (4/ 185).
(2) رواه مالك في الموطأ (2/ 582 رقم 27) عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر. وقال ابن حجر في الفتح (5/ 25): لكن عروة عن عمر مرسلاً؛ لأنه ولد في آخر خلافة عمر، قاله خليفة.
(3) صحيح البخاري (5/ 23 رقم 2335).
(4) المسند (3/ 313، 327، 381).
(5) السنن الكبرى (3/ 404 رقم 5756).
(6) جامع الترمذي (3/ 663 - 664 رقم 1379).
(7) المسند (3/ 381).
(8) سقطت من "الأصل"، والحديث رواه النسائي في الكبرى (3/ 405 رقم 5763) أيضًا.
(9) المسند (5/ 12، 21).
(10) سنن أبي داود (3/ 179 رقم 3077).

(4/483)


نخلاً والأرض للآخر، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأرض لصاحبها (وأمر صاحب النخل أن يُخرج نخله) (1) وقال: من أحيا أرضًا ميتة (2) فهي لمن أحياها، وليس لعرقٍ ظالم حق (3). قال: فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث أنه رأى النخل و (هي) (4) عُمٌّ (5) تقلع أصولها بالفئوس. قال ابن إسحاق: العم: الشباب".
رواه الدارقطني (6).
__________
(1) من سنن الدارقطني.
(2) زاد بعدها في "الأصل": "فخرج رجل، وقال: من أحيا أرضًا". وليست هذه الزيادة في سنن الدارقطني.
(3) هو أن يجيء الرجل إلى أرضٍ قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسًا غصبًا ليستوجب به الأرض، والرواية "لعرقٍ" بالتنوين، وهو على حذف المضاف، أي: لذي عرق ظالم، فجعل العرق نفسه ظالمًا والحق لصاحبه، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق، وإن رُوي "عرقِ" بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق، والحق للعرق، وهو أحد عروق الشجرة. النهاية (3/ 219).
(4) في "الأصل": هم. والمثبت من سنن الدارقطني.
(5) أي: تامة في طولها والتفافها، واحدتها عميمة، وأصلها عُمم، فسكن وأدغم. النهاية (3/ 130).
(6) سنن الدارقطني (3/ 35 - 36 رقم 144). وهذا الحديث رواه أبو داود (3/ 178 رقم 3074).
ورواه مالك في الموطأ (2/ 582 رقم 26)، والنسائي في الكبرى (4/ 404 - 405 رقم 5760، 5762) عن عروة مرسلاً.
ورواه أبو داود (3/ 178 رقم 2073)، والنسائي في الكبرى (4/ 405 رقم 5761)، والترمذي (3/ 662 رقم 1378) عن عروة عن سعيد بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
ورواه أبو داود (3/ 178 رقم 3075) عن عروة، وقال فيه: فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكثر ظني أنه أبو سعيد الخدري.
ورواه أبو داود الطيالسي (203 - 204 رقم 1440)، والدارقطني (4/ 217 رقم 50)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 283)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 142) عن عروة=

(4/484)


87 - باب المسلمون لشركاء في ثلاث
5050 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاث لا يُمنعن: الماء والكلأ والنار".
رواه ابن ماجه (1)، وإسناده إسناد جيد.

5051 - عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون شركاء في ثلاث (2): الماء والكلأ والنار، وثمنه حرام".
رواه خ (3) من رواية عبد الله بن خراش بن حوشب (4)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.

5052 - عن أبي خداش (5)، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال
__________
=عن عائشة.
وفي هذا الحديث اختلاف كثير في إسناده، قال الدارقطني في العلل (4/ 416): والمرسل عن عروة أصح. وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 283) بعدما ذكر الاختلاف فيه: هذا الاختلاف عن عروة يدل على أن الصحيح في إسناد هذا الحديث عنه الإرسال كما روى مالك ومن تابعه، وهو أيضًا صحيح مسند على ما أوردنا، والحمد للَّه.
قلت: انظر طرق هذا الحديث في علل الدارقطني (4/ 414 - 416)، والتمهيد (22/ 280 - 284)، ونصب الراية (4/ 170 - 171)، والتلخيص الحبير (3/ 119 - 120)، وفتح الباري (5/ 24).
(1) سنن ابن ماجه (2/ 826 رقم 2473).
(2) أراد بالماء: ماء السماء والعيون والأنهار الذي لا مالك له، وأراد بالكلأ: المباح الذي لا يختص بأحد، وأراد بالنار: الشجر الذي يحتطبه الناس من المباح فيوقدونه، وذهب قوم إلى أن الماء لا يُملك ولا يصح بيعه مطلقًا، وذهب آخرون إلى العمل بظاهر الحديث في الثلاثة، والصحيح الأول. النهاية (2/ 467).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 826 رقم 2472).
(4) ترجمته في التهذيب (14/ 453 - 455).
(5) تشبه أن تكون في "الأصل": "خراش" بالراء، وكذا وقعت في المسند، والصواب=

(4/485)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" (1).
رواه الإمام أحمد (2)، أبو خداش اسمه حبان بن زيد الشرعبي.

5053 - عن بهيسة قالت: "استأذن أبي النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يدنو منه ويلتزمه، ثم قال: يا نبي الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء. قال: يا نبي الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ (قال: الملح. ثم قال: يا نبي الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه) (3) فقال: أن تفعل الخير خير لك".
ورواه الإمام أحمد (4) د (5).

5054 - عن عروة -هو ابن الزبير- قال: أشهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الأرض أرض الله، والعباد عباد الله، ومن أحيا مواتًا فهو أحق به. جاءنا (بهذا) (6) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين جاءوا بالصلوات عنه".
رواه د (7).

88 - باب في شرب الأشجار وغيره
5055 - عن عروة عن عبد الله بن الزبير أنه حدثه "أن رجلاً من الأنصار خاصم
__________
="خداش"، بالدال كما سيأتي، وكما هو في سنن أبي داود، وأبو خداش هو: حبان بن زيد الشرعبي كما قال المؤلف، ترجمته في التهذيب (5/ 336 - 338).
(1) رواه أبو داود (3/ 278 رقم 3477) أيضًا.
(2) المسند (5/ 364).
(3) من المسند.
(4) المسند (3/ 481) واللفظ له.
(5) سنن أبي داود (3/ 277 - 278 رقم 3476).
(6) في "الأصل": شهدا. والمثبت من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (3/ 178 - 179 رقم 3076).

(4/486)


الزبير عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراج (الحرة) (1) التي يسقون بها النخل (فقال) (2) الأنصاري: سرح الماء يمر. فأبى عليه، فاختصما عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك. فغضب الأنصاري، فقال: أن (3) كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى (يبلغِ الجدر) (4). فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك (فَلَا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (5) " (6).
وفي لفظٍ: "إلى الجدر". وفي لفظٍ (7): "واستوفى له حقه".
رواه البخاري -وهذا لفظه- ومسلم (8)، وعند البخاري (9): قال ابن شهاب: "فقدرت (الأنصار) (10) والناس قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: اسق ثم احبس حتى يرجع الماء
__________
(1) تكررت في "الأصل" والشراج: جمع شرجة، وهي مسيل الماء من الحرة إلى السهل. النهاية (2/ 456).
(2) تشبه أن تكون في "الأصل": فجاء. والمثبت من صحيح البخاري.
(3) بفتح همزة "أن" وهي للتعليل، كأنه قال: حكمت له بالتقديم لأجل أنه ابن عمتك، وفيها أوجه أخرى. انظر فتح الباري (5/ 45)، وإرشاد الساري (4/ 198).
(4) في صحيح البخاري: "حتى يرجع إلى الجدر" أما لفظة: "حتى يبلغ الجدر" فهي في صحيح البخاري (5/ 47 رقم 2361) في سياق مختصر عن هذا، والجَدْر: بفتح الجيم وسكون الدال المهملة ما وُضع بين شربات النخل كالجدار أو الحواجز التي تحب الماء، وقال القرطبي: هو أن يصل الماء إلى أصول النخل. قال: ويروي بكسر الجيم، وهو الجدار، والمراد به جدران الشربات وهي: الحفر التي تُحفر في أصول النخل. إرشاد الساري (4/ 198).
(5) سورة النساء، الآية: 75.
(6) صحيح البخاري (5/ 42 - 43 رقم 2359، 2360).
(7) صحيح البخاري (5/ 48 رقم 2362)، وفيه: "واستوعى" بالعين، قال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 200): وفي نسخة: "واستوفى".
(8) صحيح مسلم (4/ 1829 - 1830 رقم 2357).
(9) صحيح البخاري (5/ 48 رقم 2362).
(10) من صحيح البخاري.

(4/487)


إلى الجدر. وكان ذلك إلى الكعبين".

5056 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في سيل مَهْزُورٍ (1) أن يمسك حتى يبلغ إلى الكعبين، ثُم يرسل (الماء) (2) ".
رواه د (3) ق (4).

5057 - عن ثعلبة بن أبي مالك قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سيل مَهْزُورٍ الأعلى فوق الأسفل، (يسقي) (2) الأعلى إلى الكعبين، ثم يُرسل إلى من هو أسفل منه".
رواه ق (5) من رواية زكريا بن منظور (6)، وقد ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.

5058 - وروى د (7) عن ثعلبة بن أبي مالك أنه سمع كبراءهم يذكرون "أن رجلاً من قريش كان لهم سهم في بني قريظة، فخاصم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مهزور السيل الذين (8) يقتسمون ماءه، فقفى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن الماء إلى الكعبين لا (يحبس) (9) الأعلى على الأسفل".

5059 - عن عبادة بن الصامت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في شرب النخل
__________
(1) مَهْزُور: بفتح أوله، وسكون ثانيه، ثم زاي، وواو ساكنة، وراء. قال أبو عبيد: مهزور وادي قريظة. معجم البلدان (5/ 271).
(2) من سنن ابن ماجه.
(3) سنن أبي داود (3/ 316 رقم 3639).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 830 رقم 2482) واللفظ له.
(5) سنن ابن ماجه (2/ 829 رقم 2481).
(6) ترجمته في التهذيب (9/ 369 - 373).
(7) سنن أبي داود (3/ 316 رقم 3638).
(8) في سنن أبي داود: الذي.
(9) في "الأصل": يحسب. بتقديم السين. والمثبت من سنن أبي داود.

(4/488)


من السيل أن الأعلى فالأعلى يشرب قبل الأسفل، ويترك الماء إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه، وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو يفنى الماء".
رواه ابن ماجه (1) وعبد الله بن أحمد (2) عن غير أبيه.

5060 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل قَسْمٍ قُسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قَسْمٍ أدركه الإسلام فهو على قَسْم الإسلام" (3).
رواه د (4) ق (5).

89 - باب في الحِمَى
5061 - عن الصعب بن جثامة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا حمى إلا للَّه ولرسوله (6). قال (7): وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع (8)، وأن عمر-
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 830 رقم 2483).
(2) المسند (5/ 327) في حديث طويل، ثم رواه عبد الله عن أبيه، وقال: بنحوه.

5060 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 521 رقم 503).
(3) قال الخطابي: فيه بيان أن أحكام الأموال والأسباب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم منهم فيها في أيام الجاهلية، لا يُرد منها شيء في الإسلام، وأن ما حدث من هذه الأحكام في الإسلام فإنه يُستأنف فيه حكم الإسلام. عون المعبود (8/ 125). وقال ابن القيم: وهذا أصل من أصول الشريعة، ينبني عليه أحكام كثيرة. تهذيب السنن (8/ 123).
(4) سنن أبي داود (3/ 126 رقم 2914).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 831 رقم 2485).
(6) كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضًا في حَيِّه استعوى كلبًا فحمى مَدَى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله: أي: إلا ما يُحمى للخيل التي تُرصد للجهاد، والإبل التي يُحمل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر بن الخطاب النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله. النهاية (1/ 447).
(7) القائل هو: ابن شهاب الزهري. قاله ابن حجر في الفتح (5/ 55).
(8) حمى النقيع على عشرين فرسخًا أو نحو ذلك من المدينة. معجم البلدان (5/ 348 - =

(4/489)


رضي الله عنه- حمى شرف (1) والربذة (2) ".
رواه البخاري (3).

5062 - وروى (4) أيضًا عن أسلم مولى عمر "أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له -يُسمى هُنيًّا- على الحمى، فقال: يا هُني، اضمم جناحك عن المسلمين (5) واتق دعوة المسلمين (6)، فإن دعوة المسلمين (7) مستجابة، وأدخل رب الصُّريمة (8) ورب الغُنَيمة، وإياي ونعم ابن عفان وابن عوف فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان (9) إلى زرع ونخل، إن رب الصُّريمة والغُنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني
__________
=349)، ومشارق الأنوار (1/ 115)، وفتح الباري (5/ 55).
(1) شَرَف بالتحريك، قال الأصمعي: الشرف كبد نجد، وكانت منازل بني آكل المرار من كندة الملوك. قال: وفيها اليوم حمى ضرية، وفي الشرف الربذة، وهي الحمى الأيمن، والشريف إلى نجبها يفصل بينهما التسرير، فما كان مشرفًا فهو الشريف، وما كان مغربًا فهو الشرف. معجم البلدان (3/ 380).
وفي ضبط هذا اللفظ في الصحيح خلاف، انظر مشارق الأنوار (2/ 233)، وفتح الباري (5/ 55)، وإرشاد الساري (4/ 206).
(2) الرَّبَذة -بفتح أوله وثانيه- من قرى المدينة على ثلاثة أيام، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة. معجم البلدان (3/ 27).
(3) صحيح البخاري (5/ 54 رقم 2370).
(4) صحيح البخاري (6/ 203 رقم 3059).
(5) أي: اكفف يدك عن ظلمهم. فتح الباري (6/ 204).
(6) في صحيح البخاري المطبوع مع الفتح: المظلوم. وما في "الأصل" رواية أبي ذر كما في إرشاد الساري (5/ 174)، وانظر الفتح (6/ 204).
(7) في صحيح البخاري: المظلوم. ولم يذكر في إرشاد الساري غيرها.
(8) الصُّرَيمة: تصغير الصِّرمة، وهي: القطيع من الإبل والغنم، قيل: هي من العشرين إلى الثلاثين والأربعين، يريد صاحب الإبل القليلة والغنم القليلة. النهاية (3/ 27).
(9) كذا بإثبات النون في: "الأصل"، وفي إرشاد الساري (5/ 174) وفي غيرهما: "يرجعا" مجزوماً.

(4/490)


ببنيه، فيقول: يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا (1) لا أبا لك؟ فالماء والكلأ أيسر عليَّ من الذهب والورق، وايم الله، إنهم ليرون أني قد ظلمتهم؛ إنها لبلادهم ومياههم، قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت على الناس من بلادهم شبرًا".

5063 - عن ابن عمر قال: "حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النقيع للخيل، فقلت (2) له: يا أبا عبد الرحمن -يعني: العمري- خيله (قال: خيل المسلمين) (3) ".
وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب (4)، قال الإمام أحمد (5): هو صالح، قد روي عنه لا بأس به. وقال يحيى بن معين (6): ضعيف. وفي رواية (7): ليس به بأس، يُكتب حديثه. وقال النسائي (8) ليس بالقوي. وقد روى له مسلم (9) مقرونًا بأخيه عُبَيد الله بن عمر.
__________
(1) استفهام إنكار، ومعناه لا أتركهم محتاجين. فتح الباري (6/ 205).
(2) القائل هو: حماد بن خالد الراوي عن العمري.
(3) من المسند، والحديث فيه (2/ 157) وصححه ابن حبان -موارد الظمآن (2/ 714 رقم 1641) من طريق آخر.
(4) ترجمته في التهذيب (15/ 327 - 332).
(5) الجرح والتعديل (5/ 109).
(6) العلل ومعرفة الرجال لعبد الله بن أحمد (5/ 602 رقم 3877)، وضعفاء العقيلي (2/ 280).
(7) هي رواية ابن أبي مريم. الكامل (5/ 233).
(8) كتاب الضعفاء والمتروكين (146 رقم 341).
(9) قال المزي في التهذيب (15/ 332): روى له مسلم مقرونًا بغيره، والباقون سوى البخاري.

(4/491)


90 - باب القطائع (1)
5064 - عن أنس قال: "أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُقطع من البحرين، فقالت الأنصار: حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا. قال: سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني".
رواه البخاري (2) ثم ذكر (3) بعده تعليقًا عن أنس بن مالك: "دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليُقطع لهم بالبحرين، فقالوا: يا رسول الله، إن فعلت فاكتب لإخواننا من قريش بمثلها. فلم يكن ذلك عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبر وا حتى تلقوني".

5065 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: "تزوجني الزبير وما له في الأرض من مالٍ ولا مملوكٍ ولا شيءٍ غير فرسه، وكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته وأسوسه وأدق النوى لناضحه، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ".
رواه البخاري (4) ومسلم (5).

5066 - وقال البخاري (6): وقال أبو ضمرة، عن هشام، عن أبيه، عن النبي
__________
(1) القطائع: جمع قطيعة، تقول: قطعته أرضًا: جعلتها له قطيعة، والمراد ما يختص به الإمام بعض الرعية من الأرض الموات فيختص به ويصير أولى بإحيائه ممن لم يسبق إلى إحيائه، وحكى عياض أن الإقطاع تسويغ الإمام من مال الله شيئاً لمن يراه أهلاً لذلك. قال: وأكثر ما يستعمل في الأرض، وهو أن يخرج منها لمن يراه ما يحوزه إما بأن يملكه إياه فيعمره، وإما بأن يجعل له غلته مدة. فتح الباري (5/ 58).
(2) صحيح البخاري (5/ 58 رقم 2376).
(3) صحيح البخاري (5/ 59 رقم 2377).
(4) صحيح البخاري (9/ 230 رقم 5224) مطولاً.
(5) صحيح مسلم (4/ 1716 - 1717 رقم 2182) مطولاً.
(6) صحيح البخاري (6/ 290 رقم 3151).

(4/492)


- صلى الله عليه وسلم -: "أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير".

5067 - عن ابن عمر قال: "أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير حُضْر (1) فرسه، فأجرى الفرس حتى قام ثم رمى بسوطه، فقال: أعطوه حيث يبلغ السوط".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) من رواية العمري (4)، وقد تقدم القول فيه (5).

5068 - عن أسماء بنت أبي بكر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير نخلاً".
رواه د (6).

5069 - عن عبد الله بن عُبَيد الله بن أبي مليكة "أن بني صهيب مولى بني جدعان ادَّعوا بيتين وحجرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى ذلك صهيبًا (فقال مروان: من يشهد لكما على ذلك؟ قالوا: ابن عمر. فدعاه، فشهد لأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صهيبًا) (7) بيتين وحجرة، فقضى مروان بشهادته لهم".
رواه البخاري (8).

5070 - عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المزني (من) (9) معادن
__________
(1) الحُضْر بالضم: العَدْو، وأحضر يحضر فهو محضر إذا عدا. النهاية (1/ 398).
(2) المسند (2/ 156).
(3) سنن أبي داود (3/ 177 - 178 رقم 3072).
(4) هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب، ترجمته في التهذيب (15/ 327 - 332).
(5) عند الحديث رقم (5063).
(6) سنن أبي داود (3/ 176 - 177 رقم 3069).
(7) من صحيح البخاري.
(8) صحيح البخاري (5/ 280 - 281 رقم 2624).

5070 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 303 - 304 رقم 304) في مسند ابن عباس.
(9) من المسند.

(4/493)


القبلية (1) جَلْسيها (2) وغَوْريها (3) وحيث يصلح الزرع من قُدس (4): ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث المزني، أعطاه معادن القبلية، جلسيها وغوريها وحيث يصلح الزرع من قُدْس، ولم يعطه حق مسلم".

5071 - وعن عكرمة (عن ابن عباس) (5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
كذا رواه الإمام أحمد (6)، وروى د (7) نحوه وزاد في بعض روايته (8): "وكتب أُبي بن كعب".
إنما أراد (عن) (9) النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث ابن عباس؛ لأن عَمْرو بن عوف ليس له في المسند ترجمة (10)؛ لأن كثير بن عبد الله (تقدم) (11) القول فيه عن الإمام
__________
(1) القَبَلية -بالتحريك- من نواحي الفرع بالمدينة. معجم البلدان (4/ 349).
(2) الجَلْسَ: كل مرتفع من الأرض، ويقال لنجد: جَلْسٌ أيضًا، وجَلَس يجلس فهو جالس، إذا أتى نجدًا. النهاية (1/ 286).
(3) الغَوْر: ما انخفض من الأرض، تقول: غار إذا أتى الغور، وأغار أيضًا، وهي لغة قليلة. النهاية (3/ 393).
(4) قُدْس: بالضم، ثم السكون، جبل عظيم بأرض نجد. معجم البلدان (4/ 353).

5071 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 304 - 305 رقم 305، 306).
(5) من المسند.
(6) المسند (1/ 306).
(7) سنن أبي داود (3/ 173 - 174 رقم 3062).
(8) سنن أبي داود (3/ 174 رقم 3063).
(9) ليست في "الأصل" وسياق العبارة فيه شيء، والمراد -والله أعلم- أن الإمام أحمد إنما ذكر هذا الحديث في المسند لكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف؛ لأنه أراد حديث ابن عباس ولم يرده؛ لأن الإمام أحمد -كما تقدم- ضرب على حديث كثير بن عبد الله في المسند، ولم يحدث به، والله أعلم.
(10) له في المسند ترجمة (4/ 137) من رواية مسور بن مخرمة عنه.
(11) تكررت في "الأصل".

(4/494)


أحمد (1).

5072 - عن أبيض بن حمال "أنه وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فاستقطعه) (2) الملح الذي بمأرب (3) فقطعه له، فلما أن ولى، قال رجل من المجلس: أتدري ما أقطعت، إنما أقطعت له الماء العِدَّ (4). قال: فانتزع منه، قال: وسألته عما يحيى من الأراك، قال: ما لم تنله أخفاف الإبل (5) ".
رواه د (6) -وهذا لفظه- ت (7) - وقال: حديث غريب- ق (8) ولفظه: عن أبيض بن حمال "أنه استقطع الملح الذي يقال له: (ملح سد مأرب) (9) فأقطعه له، ثم (إن) (10) الأقرع بن حابس التميمي أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إني قد وردت الملح في الجاهلية، و (هو) (11) بأرض ليس بها ماء، ومن ورده أخذه، وهو مثل الماء العِدِّ. فاستقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبيض بن حمال في قطيعته
__________
(1) عند الحديث رقم (4929).

5 - خرجه الضياء في المختارة (4/ 55 - 59 رقم 1282 - 1285).
(2) في "الأصل": فاستطعمه. والمثبت من سنن أبي داود.
(3) مأرب: بهمزة ساكنة، وكسر الراء، والباء الموحدة، هي بلاد الأزد باليمن. معجم البلدان (5/ 41).
(4) أي: الدائم الذي لا انقطاع لمادته، وجمعه: أعداد. النهاية (3/ 189).
(5) أي: ما لم تبلغه أفواهها بمشيها إليه، قال الأصمعي: الخُفُّ: الجمل المُسن، وجمعه أخفاف، أي ما قرب من المرعى لا يُحمى، بل يترك لِمسَانِّ الإبل وما في معناها من الضعاف التي لا تقوى على الإمعان في طلب المرعى. النهاية (2/ 55).
(6) سنن أبي داود (3/ 174 - 175 رقم 3064).
(7) جامع الترمذي (3/ 4 - 66 رقم 1380).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 827 - 828 رقم 2475).
(9) في "الأصل": سيدا بمأرب. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(10) من سنن ابن ماجه.
(11) في "الأصل": هي. والمثبت من سنن ابن ماجه.

(4/495)


في الملح، فقال: قد أقلتك منه على أن تجعله مني صدقة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو منك صدقة، وهو مثل الماء العِدِّ من ورده أخذه".
قال فرج -هو ابن (سعيد) (1) بن علقمة (بن سعيد) (2) بن أبيض بن حمال-: وهو اليوم على ذلك من ورده أخذه. قال: فقطع له النبي - صلى الله عليه وسلم - أرضًا ونخلاً بالجُرف -جُرف مراد- مكانه حين أقاله منه".

5073 - وروى أبو داود (3)، عن هارون بن عبد الله قال: قال محمد بن الحسن المخزومي: "ما لم تنله أخفاف الإبل" يعني: أن الإبل تأكل منتهى رءوسها ويحمى ما فوقها.

5074 - عن أبيض بن حمال "أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حمى الأراك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا حمى في الأراك. (فقال: أراكة في حظاري (4)؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حمى في الأراك) (5) ".
قال فرج: يعني بحظاري: الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها.
(رواه د (6).
5074 م- عن علقمة بن وائل، عن أبيه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضًا بحضر موت" (7).
__________
(1) بياض في "الأصل" والمثبت من سنن ابن ماجه.
(2) من سنن ابن ماجه.
(3) سنن أبي داود (3/ 175 رقم 3065).
(4) أراد الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها كالحظيرة، وتفتح الحاء وتكسر، وكانت تلك الأراكة التي ذكرها في الأرض التي أحياها قبل أن يحييها، فلم يملكها بالإحياء، وملك الأرض دونها؛ إذ كانت مرعى للسارحة. النهاية (1/ 404).
(5) من سنن أبي داود.
(6) سنن أبي داود (3/ 175 رقم 3066).
(7) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان.

(4/496)


رواه د (1) ت (2) وقال: حديث حسن صحيح (3).

5075 - وروى أبو بكر أحمد بن أبي عاصم، عن بندار، عن محمد بن جعفر (عن شعبة) (4)، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضًا، فأرسل معي معاوية، قال: وأعلمها إياه -أو قال: أعطها إياه. فقال لي معاوية: أردفني خلفك. قال: لا تكون من أرداف الملوك، قال: أعطني نعلك أنتعل به. قال: انتعل ظل الناقة. فلما استخلف أتيته، فأقعدني معه على السرير، وذكرني الحديث، قال سماك: (قال) (5): فوددت أني كنت حملته بين يدي".

5076 - عن عمرو بن حُريث قال: "خط لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دارًا بالمدينة بقوسه، وقال: أزيدك أزيدك (6) ".
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 173 رقم 3058، 3059).
(2) جامع الترمذي (3/ 665 رقم 1381).
(3) كذا في عارضة الأحوذي (6/ 150، 152)، وتحفة الأحوذي (4/ 626 رقم 1397). وفي جامع الترمذي: "حسن" فقط، وفي تحفة الأشراف (9/ 88 رقم 11773): "صحيح "فقط.
(4) سقطت من "الأصل"، والحديث رواه البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 145) والدارمي في سننه (2/ 347 رقم 2609) والطبراني في المعجم الكبير (22/ 13 رقم 13) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سماك.
ورواه الإمام أحمد في المسند (6/ 399) والبخاري في التاريخ الأوسط (2/ 145) وابن حبان في صحيحه (16/ 182 رقم 7205)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2712 رقم 6477)، والبيهقي في سننه (6/ 144) من طريق شعبة، عن سماك به.
(5) سقطت من "الأصل" والقائل هو وائل بن حجر -رضي الله عنه-.
(6) قال في عون المعبود (8/ 311): قال في فتح الودود: يحتمل أنه استفهام، أي: أيكفيك هذا القدر أم أزيدك فيه، ويحتمل أنه خبر بمعنى قد زدتك، أي: فلا تطلب الزيادة. انتهى، وقال شيخ شيوخنا مولانا محمد إسحاق -رحمه الله تعالى-: ويحتمل أن يكون معناه أني أزيدك بعد هذا، أما الآن فخذ هذا القدر.

(4/497)


رواه د (1).

5077 - عن ربيعة الأسلمي قال: "كنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا ربيعة ألا تزوج؟ قال: قلت: لا واللَّه يا رسول الله (ما) (2) أريد أن أتزوج ما عندي (ما) (3) يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء ... " فذكر الحديث، وفيه: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني بعد ذلك أرضًا، وأعطى أبا بكر -رضي الله عنه- أرضًا -وجاءت الدنيا- فاختلفنا في عذق نخلة، فقلت أنا: هي (في) (3) حدي. وقال أبو بكر: (هي) (3) في حدي. فكان بيني وبين أبي بكر كلام، فقال لي أبو بكر كلمة كرهها وندم، فقال لي: يا ربيعة، رد علي مثلها حتى يكون قصاصًا. قال: (قلت) (3): لا أفعل. فقال أبو بكر: لتقولن أو لأستعدين عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما أنا بفاعل، قال: ورفض الأرض، وانطلق أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وانطلقت أتلوه، فجاء ناس من أسلم، فقالوا لي: رحم الله أبا بكر في أي شيء يستعدي عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي قال لك ما قال؟ قال: فقلت: أتدرون ما هذا؟ هذا أبو بكر الصديق، هذا ثاني اثنين، وهذا ذو شيبة المسلمين؛ إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب، فيأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فيغضب لغضبه؛ فيغضب الله لغضبهما، فيهلك ربيعة. قالوا: ما تأمرنا؟ قال: ارجعوا. وانطلق أبو بكر -رضي الله عنه- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتبعته وحدي حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدث (الحديث) (4) كما كان، فرفع إليَّ رأسه، فقال: يا ربيعة، ما لك والصديق؟ قلت: يا رسول الله، كان (كذا، كان كذا) (5) قال لي
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 173 رقم 3060).
(2) في "الأصل": إنما. والمثبت من المسند.
(3) من المسند.
(4) تكررت في "الأصل".
(5) في "الأصل": ذا. والمثبت من المسند.

(4/498)


كلمة كرهها فقال لي: قل كما قلت حتى يكون قصاصًا. فأبيت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أجل فلا ترد عليه ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر. (فقلت: غفر الله لك يا أبا بكر) (1) قال الحسن: فولى أبو بكر وهو يبكي".
رواه الإمام أحمد (2).

5078 - وروى عن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن قال: "أعطاني (3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أرض كذا وكذا (فذهب الزبير إلى أل عمر فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان، فقال: إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا) (1) وإني اشتريت نصيب آل عمر. فقال عثمان: عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه".
رواه الإمام أحمد (4).

4079 - عن عثمان بن أبي (حاتم) (5)، عن جده صخر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا ثقيفًا، فلما سمع صخر ركب في خيل يمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد انصرف، ولم يفتح، فجعل صخر حينئذٍ عهد الله وذمته ألا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقيفًا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل إليهم، وهم في خيل. فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) من المسند.
(2) المسند (4/ 58 - 59).

5078 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 120 رقم 919).
(3) في المسند: أقطعني.
(4) المسند (1/ 192).
(5) في "الأصل": حاتم. والمثبت من سنن أبي داود، وعثمان بن أبي حاتم البجلي ترجمته في التهذيب (19/ 349).

(4/499)


بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات: اللَّهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها. وأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا نبي. الله، إن صخرًا أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون. فدعاه، فقال: يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم؛ فادفع إلى المغيرة عمته. فدفعها إليه، وسأل نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لبني سليم قد هربوا عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء. فقال: يا نبي الله، أنزلنيه أنا وقومي. قال: نعم. فأنزله، وأسلم -يعني: السلميين (1) - فأتوا صخرًا فسألوه أن يدفع إليهم الماء، فأبى، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا نبي الله، أسلمنا، وأتينا صخرًا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا. فدعاه، فقال: يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم؛ فلتدفع إلى القوم ماءهم. قال: نعم يا نبي الله. فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذ الجارية، وأخذه الماء".
رواه أبو داود (2)، وروى الإمام أحمد (3) عن صخر -هو الأحمسي- "أن قومًا من بني سليم فروا عن أرضهم حين جاء الإسلام، فأخذتها (فاسلموا) (4) فخاصموني فيها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فردها عليهم، وقال: إذا أسلم الرجل فهو (أحق) (4) بأرضه وماله".

5080 - عن الحارث بن حسان البكري قال: "مررت بعجوز بالربذة منقطع بها من بني تميم، قال: فقالت: أين تريد؟ قال: قلت: نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: فاحملوني معكم؛ فإن لي إليه حاجة. قال: فدخلت المسجد، فإذا هو غاص بالناس، وإذا راية سوداء تخفق. فقلت: ما شأن الناس اليوم؟ (قالوا) (5):
__________
(1) في "الأصل": المسلمين. والمثبت من سنن أبي داود.
(2) سنن أبي داود (3/ 175 - 176 رقم 3067).
(3) المسند (4/ 310).
(4) من المسند.
(5) في "الأصل": قال. والمثبت من المسند.

(4/500)


هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا. قال: فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل الدهناء (1) حجازًا (2) بيننا وبين (بني) (3) تميم فافعل؛ فإنها كانت لنا (مرة) (3). قال: فاستوفزت العجوز، وأخذتها الحمية، وقالت: يا رسول الله، (أين) (4) تضطر مضطرك؟ قلت: يا رسول الله (حملت) (3) هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصمًا. قال: قلت: أعوذ باللَّه أن أكون كما قال الأول. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما قال الأول؟ قال: على الخبير سقطت -يقول سلام- هو أبو النذر-: هذا أحمق (5)، يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على الخبير سقطت. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هيه. يستطعمه الحديث، قال: إن عادًا أرسلوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر شهرًا (يسقيه) (6) الخمر وتغنيه الجرادتان (7) فانطلق حتى أتى جبال مهرة، فقال: اللَّهم إني لم آت لأسير أُفاديه، ولا لمريض فأداويه، فاسْقِ عبدك ما كنت ساقيه، واسق معاوية بن بكر شهرًا. يشكر له الخمر التي شربها عنده. قال: فمرت سحابات سود، فنودي أن خذها رمادًا رمددًا (8) لا تذر من عادٍ أحدًا. قال أبو وائل: فبلغني أن ما أرسل عليهم من الريح كقدر ما يجري
__________
(1) الدهناء: عن ديار بني تميم معروفة، تقصر وتمد. معجم البلدان (2/ 560).
(2) أي: حدًّا فاصلا يحجز بيننا وبينهم، وبه سُمي الحجاز، الصُّقع المعروف من الأرض. النهاية (1/ 345).
(3) من المسند.
(4) بياض في "الأصل" والمثبت من المسند.
(5) هكذا قال سلام -رحمه الله- ولا شك أن هذه كلمة شديدة لا يحسُن أن تُقال في رجل من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم أجمعين.
(6) من المسند.
(7) هما مغنيتان كانتا بمكة في الزمن الأول، مشهورتان بحسن الصوت والغناء. النهاية (1/ 257).
(8) الرِّمدد -بالكسر- التناهي في الاحتراق والدقة، كما يقال: ليل أليل، ويوم أيوم إذا أرادوا المبالغة. النهاية (2/ 262).

(4/501)


في الخاتم" (1).
رواه الإمام أحمد (2)، وفي لفظ (3): "قال: قلت: إنما مثلي ما قال الأول: معزاء حملت حتفها. حملت هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصماً".

5081 - عن قيلة بنت مخرمة قالت: "قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: تقدم صاحبي حريث بن حسان وافد بكر بن وائل، فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله، اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافراً أو مجتازًا. فقال: اكتب (له) (4) يا غلام بالدهناء. فلما رأيته قد أمر له (بها) (4) شُخِصَ بي (5) -وهي وطني وداري- فقلت: يا رسول الله، إنه لم يسألك السوية من الأرض (6) إذ سألك، إنما هذه الدهناء عندك، مقيد الجمل (7)، ومرعى الغنم، ونساء تميم وأبناؤها وراء ذلك. فقال: أمسك يا غلام، صدقت المسكينة، المسلم أخو المسلم، يسعهما الماء والشجر (8)،
__________
(1) رواه الترمذي (5/ 364 - 366 رقم 3273، 3274).
(2) المسند (3/ 481 - 482).
(3) المسند (3/ 482).
(4) من سنن أبي داود.
(5) يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه: قد شُخص به، كأنه رُفع من الأرض لقلقه وانزعاجه. النهاية (2/ 450).
(6) سواء الشيء وسطه، وأرض سواء سهلة: أي مستوية، يقال: مكان سواء أي متوسط بين المكانين. كذا في الصحاح والنهاية، والمعنى أن حريثًا لم يسالك الأرض المتوسطة بين الأنفع وغير الأنفع، بل إنما سألك الدهناء وهي أرض جيدة، ومرعى الجمل، ولا يستغنى عن الدهناء لمن سكن فيها لشدة احتياجه إليها، فكيف تقطعها لحريث خاصة؟! وإنما فيها منفعة عامة لسكانها. عون المعبود (8/ 324).
(7) "مقيد الجمل" على وزن اسم المفعول، أي: مرعى الجمل ومسرحه، فهو لا يبرح منه ولا يتجاوزه في طلب المرعى فكأنه مقيد هناك. عون المعبود (8/ 324).
(8) قال الخطابي: يأمرهما بحسن المجاورة، وينهاهما عن سوء المشاركة. عون المعبود (8/ 325).

(4/502)


ويتعاونان على الفتان (1) ".
رواه د (2).

5082 - وروى (3) أيضًا عن سبرة بن عبد العزيز الجهني، عن أبيه، عن جده "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل في موضع المسجد تحت دومة فأقام ثلاثاً، ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة، فقال لهم: من أهل ذي المروة (4)؟ فقالوا: بنو رفاعة من جهينة. فقال: قد أقطعتها لبني رفاعة. فاقتسموها، فمنهم من باع (ومنهم) (5) من أمسك، فعمل".

5083 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني بأصبهان، أن محمود بن إسماعيل الصيرفي أخبرهم -قراءة عليه وهو حاضر- قيل له: أخبركم محمد بن عبد الله بن شاذان، أبنا عبد الله بن محمد القباب، أنا أحمد ابن عمرو بن أبي عاصم، حدثني سعيد بن زَيَّاد بن فند (6) بن أبي هند، ثنا زيَّاد بن فند بن زياد بن أبي هند، عن أبيه فند بن زياد (7)، عن جده زياد بن
__________
(1) يُروى بضم الفاء وفتحها، فالضم جمع فاتن، أي يعاون أحدهما الآخر على الذين يُضلون الناس عن الحق ويفتنونهم، وبالفتح هو الشيطان؛ لأنه يفتن الناس عن الدين، وفتان من أبنية المبالغة في الفتنة. النهاية (3/ 410).
(2) سنن أبي داود (3/ 177 رقم 3070). وانظر طبعة عوامة (3/ 507 - 509 رقم 3065) لبعض الاختلافات البسيطة في اللفظ.
(3) سنن أبي داود (3/ 176 رقم 3068).
(4) ذو المروة قرية بوادي القرى، وقيل: بين خشب ووادي القرى. معجم البلدان (5/ 136).
(5) من سنن أبي داود.
(6) كذا وقع في "الأصل" والآحاد والمثاني، ولم يذكره ابن ماكولا في الأكمال (7/ 72 - 73) في هذا الباب، ووقع في معجم الطبراني الكبير: "فائد" وكذا وقع في ترجمة سعيد بن زياد في المجروحين (1/ 323)، والميزان (2/ 138)، ولسان الميزان (4/ 33)، وانظر الإكمال لابن ماكولا (4/ 198 - 199).
(7) زاد بعدها في "الأصل": "و". وهي زيادة مقحمة لم ترد في "الآحاد والمثاني".

(4/503)


أبي هند (1) قال: "قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن ستة نفر: تميم بن أوس، وأخوه نعيم بن أوس، ويزيد بن قيس، وأبو هند بن عبد الله -الذي روى الحديث- وأخوه الطيب بن عبد الله -فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن- وفاكه بن النعمان، فسألنا أن يقطعنا أرضًا من أرض الشام -وهو يومئذ بمكة- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سلوا حيث أحببتم. فنهضنا من عنده نتشاور في موضع نسأله (فيه) (2). فقال تميم: أرى أن نسأله بيت المقدس ... ". فذكر القصة "فكتب لنا كتابًا في قطعة جلد من قطعة أدم (ثم دخل إلى بيته فعالج في زاوية الرقعة من أسفل خاتمًا) (2) وغشاه بشيء لا يعرف، وعقد بسير من خارج الرقعة عقدين، وفي الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما وهب محمد رسول الله للداريين إذا أعطاه الله الأرض -وهب لهم بيت عين وحبرون (3) وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم أبدًا. وشهد العباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل ابن حسنة، وكتب. قال: ثم قدمنا عليه المدينة، فجددنا لنا كتابًا آخر: هذا ما أعطى محمد رسول الله تميم الداري وأصحابه، أنطيتهم (4) بيت عين وحبرون والمرطون (5) بيت إبراهيم (نطية تبقى) (6) لهم ولأعقابهم، ونفذت وسلمت ذلك لهم أبد الأبد، فمن
__________
(1) كذا وقع في "الأصل" والآحاد والمثاني، وهو خطأ، يدل عليه قوله بعد نحو سطرين: "وأبو هند بن عبد الله الذي روى الحديث" فمقتضى هذا أن زيادًا رواه عن أبيه أبي هند، وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 320 رقم 806) على الصواب، وانظر المجروحين والميزان واللسان في المواضع السابقة.
(2) من الآحاد والمثاني.
(3) حبرون: بالفتح، ثم السكون، وضم الراء، وسكون الواو، ونون، اسم القرية التي دفن فيها إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- ببيت المقدس، وقد غلب على اسمها "الخليل". معجم البلدان (2/ 245).
(4) هو لغة أهل اليمن في أعطى. النهاية (5/ 76).
(5) في كتاب الآحاد والمثاني: المربطون. وذكر ياقوت في معجم البلدان (2/ 246) هذا الحديث وفيه عنده: "عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم".
(6) تحرفت في "الأصل" والمثبت من الآحاد والمثاني.

(4/504)


آذاهم فيه فآذاه الله. أشهد أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية، وخالد، وكتب يده".
رواه أبو بكر أحمد بن أبي عاصم في كتاب الأموال (1).

5084 - وبه أخبرنا أحمد بن عَمْرو (2)، ثنا جراح بن مخلد القزاز، ثنا يحيى ابن راشد صاحب السابري، ثنا الحارث بن مرة، ثنا إسماعيل الحنفي، قال: سمعت مجاعة بن سلمى اليمامة يقول: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقطعني الغورة (3) وغرابة (4) والحُبَل (5) وكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم، إني أقطعتك الغورة وغرابة والحُبل، من حاجَّك فإليَّ. فأتيت أبا بكر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقطعني الخضرمة (6)، ثم أتيت عمر بعد أبي بكر، فأقطعني، ثم أتيت عثمان بعد عمر، فأقطعني".

5085 - وبه (7) حدثنا يحيى بن راشد، ثنا الحارث بن مرة، عن (هلال بن) (8) سراج بن مجاعة، عن أبيه، عن جده بمثل هذا الكتاب؛ قال (هلال) (8): فوفدت
__________
(1) وفي كتاب الآحاد والمثاني (5/ 11 - 13 رقم 2548) أيضًا.
(2) الآحاد والمثاني (3/ 309 - 310 رقم 1686).
(3) الغورة -بفتح أوله، ورواه بعضهم بالضم ثم السكون، والراء، والهاء، موضع جاء ذكره في الأخبار فيما أقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - مجاعة بن مرارة من نواحي اليمامة، الغورة وغرابة والحبل. معجم البلدان (4/ 247).
(4) الغرابة: باليمامة، قال الحفصي: هي جبال سود، وإنما سُميت الغرابة لسوادها. معجم البلدان (4/ 215).
(5) حُبَل: بوزن زُفَر وجُرَذ، موضع باليمامة. معجم البلدان (2/ 247 - 248).
(6) الخضرمة: بلد بأرض اليمامة لربيعة. معجم البلدان (2/ 431).
(7) الآحاد والمثاني (3/ 310 رقم 1687) وتحرفت "يحيى بن راشد" فيه إلى: "بحر بن راشد".
(8) ليست في الآحاد والمثاني، والحديث رواه ابن منده في معرفة الصحابة -كما في الإصابة (3/ 521) - وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2623 رقم 6318) من طريق ابن=

(4/505)


إلى عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- فأخرجت إليه هذا الكتاب، فقبَّله ووضعه على عينيه، وكنت في سمَّاره، فقال لي ذات ليلة: هل بقي من كهول ولد مجاعة أحد؟ قلت: أجل، وشكير (1) كثير، فضحك، وقال: كلمة غريبة، قال: فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، وما الشكير؟ قال: أما رأيتم الزرع إذا فرخ وحسن فذاكم الشكير".

91 - باب حريم البئر (2) والشجر
5086 - عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفر بئرًا فله أربعون ذراعًا عطنًا (3) لماشيته".
رواه ق (4) من رواية إسماعيل المكي، وهو ابن مسلم (5)، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة.

5087 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حريم البئر مد
__________
=أبي عاصم، وليست فيه هذه اللفظة أيضًا، قال ابن حجر في الإصابة (3/ 521): وأخرجه أبو نعيم من طريق ابن أبي عاصم، وأشار إلى أنه خطأ، ولم يُبين وجه الوهم فيه، وبيانه أنه سقط اسم شيخ الحارث بن مرة وهو هلال بن سراج بن مجاعة. اهـ.
(1) أي: ذرية صغار، شبههم بشكير الزرع، وهو ما ينبت منه صغاراً في أصول الكبار. النهاية (3/ 494).
(2) هو الموضع المحيط بها الذي يُلقى فيه ترابها، أي: إن البئر التي يحفرها الرجل في موات فحريمها ليس لأحد أن ينزل فيه ولا ينازعه عليه، وسُمي به لأنه يحرم منع صاحبه منه، أو لأنه يحرم على غيره التصرف فيه. النهاية (1/ 375).
(3) العَطَن: مبرك الإبل حول الماء، يقال: عَطَنت الإبل فهي عاطنة وعواطن إذا سُقيت وبركت عند الحياض لتُعاد إلى الشرب مرة أخرى، وأعطنتُ الإبل إذا فعلت بها ذلك. النهاية (3/ 258).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 831 رقم 2486).
(5) ترجمته في التهذيب (3/ 198 - 204).

(4/506)


رشائها (1) ".
رواه ابن ماجه (2) من رواية منصور بن صقير (3)، قال أبو حاتم الرازي (4): ليس بقوي، في حديثه اضطراب.

5088 - وعن عبادة بن الصامت "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في النخلة والنخلتين والثلاثة للرجل في (النخل) (5) فيختلفون في حقوق ذلك، فقضى أن لكل نخلة من أولئك من الأرض (6) مبلغ جريدها حيز (7) لها".
رواه ابن ماجه (8) -وهذا لفظه- وعبد الله بن أحمد (9) عن غير أبيه.

5089 - وعن أبي سعيد الخدري قال: "اختصم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان في حريم نخلة، فأمر بجريدة من جريدها فذرعت، فوجدت سبعة أذرع، فقضى بذاك".
رواه د (10)، وفي لفظ: "خمسة أذرع".

5090 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حريم النخلة (مد) (11)
__________
(1) الرشاء: الحبل، والجمع: أرشية. لسان العرب (3/ 1653).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 831 رقم 2487).
(3) منصور بن صُقير -ويقال: ابن سُقير أيضًا- أبو النضر البغدادي؛ ترجمته في التهذيب (28/ 533 - 537).
(4) الجرح والتعديل (8/ 172 رقم 761).
(5) في "الأصل": الرجل. والمثبت من سنن ابن ماجه.
(6) في سنن ابن ماجه: من الأسفل.
(7) هذا لفظ المسند، وفي سنن ابن ماجه: حريم.
(8) سنن ابن ماجه (2/ 831 رقم 2488).
(9) المسند (3/ 327) في حديث طويل، ثم رواه عن أبيه وقال: نحوه.
(10) سنن أبي داود (3/ 316 رقم 3640).
(11) من سنن ابن ماجه.

(4/507)


جريدها".
رواه ق (1)، من رواية منصور بن صقير، وقد تقدم القول فيه (2).

5091 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حريم البئر البديء (3) خمسة وعشرون ذراعًا، وحريم البئر العادية (4) خمسون ذراعًا، وحريم العين السائحة ثلاثمائة ذراع، وحريم عين الزرع ستمائة ذراع".
رواه الدارقطني (5).

92 - باب الجلوس في الطريق
5092 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والجلوس على الطرقات. فقالوا: ما لنا بد، إنما هو (6) مجالسنا نتحدث فيه (7). فقال: فإذا أبيتم (8)
__________
(1) سنن ابن ماجه (2/ 832 رقم 2489).
(2) تحت الحديث رقم (5087).
(3) البديء بوزن البديع -البئر التي حُفرت في الإسلام، وليست بعادية قديمة. النهاية (1/ 104).
(4) أي القديمة، كأنها نُسبت إلى عادٍ، وهم قوم هود النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل قدم ينسبونه إلى عادٍ وإن لم يدركهم. النهاية (3/ 193).
(5) سنن الدارقطني (4/ 220 رقم 63) وقال الدارقطني: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب، ومن أسنده فقد وهم.
(6) في الصحيح المطبوع: "هي" قال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 268): "هى" أي الطرقات، ولأبي ذر: "إنما هو".
(7) في الصحيح المطبوع: "فيها" قال القسطلاني في إرشاد الساري (4/ 268): وللحموي والمستملي: "فيه" بالتذكير.
(8) من الإباء، وتشديد "إلَّا" أي: إن أبيتم إلا الجلوس، فعبر عن الجلوس بالمجالس، وللحموي والمستملي: "فإذا أتيتم -من الإتيان- إلى المجالس". إرشاد السارى (4/ 268).

(4/508)


إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها. قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر".
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2).

5093 - وعن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المجالس بالصُّعُدات (3) قالوا: يا رسول الله، ليشق علينا الجلوس في بيوتنا. قال: فإن جلستم فأعطوا المجالس حقها. قالوا: وما حقها يا رسول الله؟ قال: إدلال السائل، ورد السلام، وغض الأبصار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
رواه البخاري في كتاب الأدب (4) ليس من كتاب الصحيح.

5094 - عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يحمل الرجل حبلاً فيحتطب، ثم يجيء فيضعه في السوق، فيبيعه، ثم يستغني به، فينفقه على نفسه؛ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".
رواه الإمام أحمد (5)، وقد روى البخاري (6) نحو هذا الحديث غير أنه ليس فيه: "فيضعه في السوق".

93 - باب الحكم فيمن ترك دابة رغبة عنها
5095 - عن عُبَيد الله بن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن الشعبي أن
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 413 رقم 2465).
(2) صحيح مسلم (3/ 1675 رقم 2121).
(3) هي الطرق، وهي جمع صُعد، وصُعُد جمع صعيد، كطريق وطرق وطرقات، وقيل: هي جمع صُعدة، كظلمة، وهي فناء باب الدار وممر الناس بين يديه. النهاية (3/ 29).
(4) الأدب المفرد (416 رقم 1149).
(5) المسند (1/ 164).
(6) صحيح البخاري (3/ 392 رقم 1470).

(4/509)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له". قال عبيد الله: فقلت: عمن؟ قال: عن غير واحدٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه د (1).
وروى (2) أيضًا يرفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ترك دابة بمهلك فأحياها رجل فهي لمن أحياها".

94 - باب الغصب
5096 - عن أبي بكرة قال: "خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ... " فذكر الحديث، وفيه: "قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهدُ الغائبَ، فرب مبلَّغ أوعى من السامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض".
أخرجاه في الصحيحين (3).

5097 - عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر، فقال: يا أيها الناس، أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام. قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام. قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا (4) في بلدكم هذا في شهركم هذا. (فأعادها) (5) مرارًا، ثم رفع رأسه، فقال: اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت -قال
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 287 - 288 رقم 3524).
(2) سنن أبي داود (3/ 288 رقم 3525) عن الشعبي مرسلاً.
(3) البخاري (3/ 670 رقم 1741)، ومسلم (3/ 1305 - 1306 رقم 1679).
(4) زاد بعدها في "الأصل": في شهركم هذا. وليس هذا محلها، وستأتي.
(5) في "الأصل": فادعاهم. والمثبت من صحيح البخاري.

(4/510)


ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنها لوصية إلى أمته- فليبلغ الشاهدُ الغائبَ، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض".
رواه خ (1).

5098 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى: "أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ... ". وفيه: "فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".
رواه البخاري (2).

5099 - عن جابر بن عبد الله قال حديثه الطويل في صفة الحج، وفيه "فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف (عند) (3) المشعر الحرام -كما كانت قريش تصنع في الجاهلية- فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".
رواه مسلم (4).

5100 - عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من حلف على مال امرئٍ مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان. قال عبد الله: ثم قرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصداقه من كتاب الله (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ... ) (5) إلى آخر الآية".
__________
(1) صحيح البخاري (3/ 670 رقم 1739).
(2) صحيح البخاري (3/ 671 رقم 1742).
(3) في "الأصل": على. والمثبت من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (2/ 889 رقم 1218).
(5) سورة آل عمران، الآية: 77.

(4/511)


أخرجاه في الصحيحين (1).
وفي بعض ألفاظه -وهو لفظ البخاري (2) - قال الأشعث بن قيس فقال: "ما يُحدثكم أبو عبد الرحمن؟ فيَّ نزلت هذه الآية، كانت لي بئر في أرض ابن عم لي، فقال لي: شهودك. قلت: ما لي شهود. قال: فيمينه. قلت: يا رسول الله، إذًا يحلف. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فأنزل الله ذلك تصديقًا له".

5101 - عن أبي أمامة الحارثي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. فقال له رجل: إن كان (3) شيئاً يسيرًا. قال: وإن قضيب (4) من أراك".
رواه م (5).

5102 - عن عمرو بن يثربي الضمري قال: "شهدت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى، فكان فيما خطب به أن قال: ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه، قال: سمعت ذلك فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو لقيت غنم ابن عمي فأخذت منها شاة فاجتزرتها، عليَّ في ذلك شيء؟ قال: لو لقيتها نعجة تحمل شفرة (وأزنادًا) (6) فلا تمسها".
__________
(1) البخاري (11/ 566 رقم 6676)، ومسلم (1/ 122 - 123 رقم 38).
(2) صحيح البخاري (5/ 41 رقم 2357).
(3) زاد بعدها في "الأصل": له. وليست هذا اللفظة في صحيح مسلم.
(4) قال النووي: هكذا هو في بعض الأصول أو أكثرها، وفي كثير منها: "وإن قضيبًا" على أنه خبر كان المحذوفة، أو أنه مفعول لفعل محذوف تقديره؛ وإن اقتطع قضيبًا. شرح صحيح مسلم (1/ 504).
(5) صحيح مسلم (1/ 122 رقم 137).
(6) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من المسند.

(4/512)


رواه الإمام أحمد (1) ورواه ابنه عبد الله (1) عن غيره: "وأزنادًا بخَبْت الجميش (2) فلا تهجها". قال: يعني بخَبْت الجميش أرضًا بين مكة والجار (3) أرض ليس بها أنيس".

5103 - عن السائب بن يزيد، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادًّا ولا لاعباً، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليرددها عليه".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) ت (6) وقال: حديث حسن غريب.

5104 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه".
رواه ق (7).

5105 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسيرٍ، فنام رجل منهم، فانطلق
__________
(1) المسند (5/ 213).
(2) الخَبْت: الأرض الواسعة، والجميش: الذي لا نبات به؛ كأنه جُمش: أي حُلق، وإنما خصه بالذكر لأن الإنسان إذا سلكه طال عليه وفني زاده واحتاج إلى مال أخيه، ومعناه: إن عرضت لك هذه الحالة فلا تعرض لنعم أخيك بوجه ولا سبب، وإن كان ذلك سهلاً متيسرًا، وهو معنى قوله: "تحمل شفرة وزنادًا" أي معها آلة الذبح والنار. النهاية (1/ 294). ووقع في المسند: "نجبت" بالنون والجيم، وهو تصحيف، وانظر معجم البلدان (2/ 393) والنهاية (2/ 4).
(3) الجار: مدينة على بحر القلزم -البحر الأحمر- بينها وبين المدينة يوم وليلة. معجم البلدان (2/ 107 - 108).
(4) المسند (4/ 221).
(5) سنن أبي داود (4/ 301 رقم 5003).
(6) جامع الترمذي (4/ 402 رقم 2160).
(7) لم أجده في سنن ابن ماجه، إنما وجدته في سنن الدارقطني (3/ 26 رقم 91).

(4/513)


بعضهم إلى نبل معه فأخذها، فلما استيقظ الرجل فزع، فضحك القوم، قال: ما يضحككم؟ فقالوا: لأنا أخذنا نبل هذا ففزع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2).

95 - باب في غصب الأرض
5106 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ظلم قيد شبرٍ من الأرض طُوِّقه (3) من سبع أرضين".
رواه البخاري (4) -وهذا لفظه- ومسلم (5)، ولم يقل البخاري: "من الأرض" (6).

5107 - عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين".
أخرجاه (7) أيضًا ولفظه لمسلم، وعند البخاري: "فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين".
والإمام أحمد (8): "من سرق من الأرض شبرًا".
__________
(1) المسند (5/ 362).
(2) سنن أبي داود (4/ 301 رقم 5004).
(3) أي يخسف الله به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطوق، وقيل: هو أن يطوق حملها يوم القيامة: أي يُكلف، فيكون من طوق التكليف لا من طوق التقليد. النهاية (3/ 143).
(4) صحيح البخاري (6/ 338 رقم 3195).
(5) صحيح مسلم (3/ 1231 - 1232 رقم 1612).
(6) وقالها في موضع آخر، صحيح البخاري (5/ 124 رقم 2453).
(7) البخاري (6/ 338 رقم 3198)، ومسلم (3/ 1230 رقم 1610).
(8) المسند (1/ 188).

(4/514)


5108 - عن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقه خُسف به يوم القيامة سبع أرضين".
رواه البخاري (1).

5109 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأخذ أحد شبرًا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين (يوم القيامة) (2) " (3).

5110 - عن وائل بن حجر قال: "كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجلان يختصمان في أرض فقال أحدهما: إن هذا انتزى (4) على أرضي يا رسول الله في الجاهلية -وهو امرؤ القيس بن عابس الكندي وخصمه ربيعة بن عيدان (5) - قال: بينتك. قال: ليس لي بينة. قال: يمينه. قال: إذًا يذهب بها. قال: ليس لك إلا ذلك. قال: فلما قام ليحلف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من اقتطع أرضًا ظالماً لقي الله وهو عليه غضبان".
رواه مسلم (6)، وفي لفظ له (7): فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أدبر: "أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلمًا ليلقين الله وهو عنه معرض".

5111 - عن الأشعث بن قيس: "أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 124 رقم 2454).
(2) تكررت في "الأصل".
(3) رواه مسلم (3/ 1231 رقم 1611).
(4) تشبه أن تكون في "الأصل": افتري. والمثبت من صحيح مسلم، وقوله: "انتزى على أرضي" أي: وثب عليها وغلبني. مشارق الأنوار (2/ 10).
(5) اختلف في ضبط هذا الاسم، انظر مشارق الأنوار (2/ 110)، وشرح صحيح مسلم (1/ 505 - 506).
(6) صحيح مسلم (1/ 124 رقم 139/ 224).
(7) صحيح مسلم (1/ 123 - 124 رقم 139/ 223).

5111 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 304 رقم 1485).

(4/515)


اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض باليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله (اغتصبها) (1) هذا وأبوه. فقال الكندي: يا رسول الله، أرضي ورثتها من أبي. فقال الحضرمي: يا رسول الله، استحلفه أنه ما يعلم أنها أرضي وأرض والدي؛ اغتصبها أبوه. فتهيأ الكندي لليمين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه لا يقتطع عبد -أو رجل- بيمينه مالاً إلا لقي الله يوم القيامة وهو أجذم (2). فقال الكندي: هي أرضه وأرض والده".
رواه الإمام أحمد (3).

96 - باب الحكم في لحم شاة ذُبحت بغير إِذن أهلها
5112 - عن جابر -هو ابن عبد الله- "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مروا بامرأة، فذبحت لهم شاة، واتخذت لهم طعامًا، فلما رجع قالت: يا رسول الله، إنا اتخذنا لكم طعامًا؛ فادخلوا فكلوا. فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وكانوا لا يبدءون حتى يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقمة، فلم يستطع أن يسيغها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه شاة ذُبحت بغير إذن أهلها. فقالت: المرأة: يا نبي الله، إنا لا نحتشم من آل (سعد بن) (4) معاذ، ولا يحتشمون منا، نأخذ منهم، ويأخذون منا".
رواه الإمام أحمد (5) -وهذا لفظه- والنسائي (6).
__________
(1) في "الأصل": استحلفه. والمثبت من صحيح مسلم.
(2) أي: مقطوع اليد، من الجذم: القطع، وقل: معناه لقي الله وهو أجذم الحجة، لا لسان له يتكلم ولا حُجة في يده. النهاية (1/ 251).
(3) المسند (5/ 212 - 213).
(4) من المسند.
(5) المسند (3/ 351).
(6) السنن الكبرى (4/ 173 رقم 6753).

(4/516)


5113 - عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر: أوسمع من قبل رجليه، أوسمع من قبل رأسه. فلما رجع استقبله داعي امرأة، فجاء وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوك لقمة في فمه، ثم قال: أجد لحم شاة أُخذت بغير إذن أهلها. فأرسلت المرأة: يا رسول الله، إني (أرسلت) (1) إلى البقيع (2) تُشترى لي شاة، فلم أجد، فأرسلت إلى جابر لي قد اشترى شاة أن أرسل إليَّ (بها) (3) بثمنها، فلم يُوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إليَّ بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أطعميه الأسارى".
رواه الإمام أحمد (4) د (5) -وهذا لفظه- وابن ماجه (6). ولفظ الإمام أحمد: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فلما رجعنا لقينا داعي امرأة من قريش، فقال: يا رسول الله، إن فلانة تدعوك ومن معك إلى الطعام، (فانصرف) (7) فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم، ثم جيء بالطعام، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، ووضع القوم أيديهم، ففطن له القوم وهو يلوك لقمته لا يجيزها، فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا، ثم ذكروا
__________
(1) غير واضحة في "الأصل" والمثبت من سنن أبي داود.
(2) رويت بالباء الموحدة، ورويت بالنون أيضاً، قال الخطابي: أخطأ من قال بالموحدة. عون المعبود (9/ 181).
(3) من سنن أبي داود.
(4) المسند (5/ 293 - 294).
(5) سنن أبي داود (3/ 244 رقم 3332).
(6) لم أجده في سنن ابن ماجه، والحديث في سنن الدارقطني (4/ 286 رقم 55) من هذا الطريق باللفظ الآتي، ولم يعزه المزي في التحفة (11/ 201 رقم 15663) إلا لسنن أبي داود فقط.
(7) من المسند.

(4/517)


فأخذوا بأيدينا، فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط، ثم أمسكوا بأيدينا ينظرون ما يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلفظها فألقاها، فقال: أجد لحم شاة أُخذت بغير إذن أهلها. فقامت المرأة، فقالت: يا رسول الله، إنه كان في نفسي أن أجمعك ومن معك على طعام، فأرسلت إلى البقيع فلم أجد شاة تباع، وكان عامر بن أبي وقاص ابتاع شاة أمس من البقيع، فأرسلت إليه أن ابتغي لي شاة في البقيع فلم تُوجد، فذُكر لي أنك اشتريت شاة فأرسل بها إليَّ. فلم يجده الرسول، ووجد أهله، فدفعوها إلى رسولي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أطعموها الأُسارى".
وفي لفظ ابن ماجه (1) قال: " (إني) (2) لأجد لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها. فقالت: يا رسول الله، أخي وأنا من أعز الناس عليه، ولو كان خيرًا منها لم يغبر عليَّ، وعليَّ أن أرضيه بأفضل منها. فأبى أن يأكل منها، وأمر بالطعام للأسارى".

97 - باب فيمن أتلف شيئًا ضمنه بمثله
5114 - عن أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة (فيها طعام) (3) فضربت بيدها فكسرت القصعة، فضمها وجعل الطعام فيها، وقال: كلوا. وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة، وحبس المكسورة".
رواه البخاري (4).
__________
(1) إنما هو في سنن الدارقطني (4/ 286 رقم 55) والله أعلم.
(2) من سنن الدارقطني.
(3) من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (5/ 148 رقم 2481).

(4/518)


وفي لفظ لأبي داود (1): "فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الكسرتين، وضم إحداهما إلى الأخرى، فجعل (يجمع) (2) فيها الطعام ويقول: غارت أمكم، كلوا. فأكلوا حتى جاءت قصعتها التي في بيتها، وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وحبس المكسورة في بيته".
وقد رواه الإمام أحمد (3) ت (4) س (5) ق (6) بنحوه، ولفظ ت: "أهدت بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (طعامًا في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) (7): طعام بطعام، وإناء بإناء". وقال حديث حسن صحيح.

5115 - عن عائشة قالت: "ما رأيت صانعًا طعامًا مثل صفية، صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا فبعثت به، فأخذني أفْكَل (8) فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام".
رواه الإمام أحمد (9) وأبو داود (10) -وهذا لفظه- س (11).

5116 - عن حرام بن محيصة الأنصاري، عن البراء بن عازب قال: "كانت له
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 297 رقم 3567).
(2) من سنن أبي داود.
(3) المسند (3/ 263).
(4) جامع الترمذي (3/ 640 - 641 رقم 1359).
(5) سنن النسائي (7/ 70 رقم 3965).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 782 رقم 2334).
(7) من جامع الترمذي.
(8) الأَفْكَل: بالفتح -الرعدة من برد أو خوف. النهاية (1/ 56).
(9) المسند (6/ 148).
(10) سنن أبي داود (3/ 297 - 298 رقم 3568).
(11) سنن النسائي (7/ 71 رقم 3967).

(4/519)


ناقة ضارية (1) فدخلت حائطاً فأفسدت فيه، فكُلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ق (5).

5117 - عن حرام بن محيصة، عن أبيه "أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل، فأفسدته، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها (بالليل) (6) ".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) -وهذا لفظه- س (9).
وفي رواية الإمام أحمد: عن حرام بن محيصة "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها". لم يقل: عن أبيه.

5118 - عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أوقف دابة في سبيل من سبل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فأوطأت بيدٍ أو رجلٍ فهو ضامن" (10).
__________
(1) المواشي الضارية: المعتادة لرعي زروع الناس. النهاية (3/ 86).
(2) المسند (4/ 295).
(3) سنن أبي داود (3/ 298 رقم 3570).
(4) السنن الكبرى (3/ 411 - 412 رقم 5785).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 781 رقم 2332).
(6) من سنن أبي داود.
(7) المسند (5/ 435 - 436).
(8) سنن أبي داود (3/ 298 رقم 1569).
(9) السنن الكبرى (3/ 411 رقم 5784).
(10) هو من رواية السري بن إسماعيل، عن الشعبي، قال ابن عدي في الكامل (4/ 539) عن السري: أحاديثه التي يرويها لا يُتابعه أحد عليها، وخاصة عن الشعبي، فإن=

(4/520)


رواه الدارقطني (1)

98 - باب دفع الصائل عن نفسه وإِن أدى [إِلى] (2) قتل الصائل
5119 - عن عبد الله بن عَمْرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قُتل دون ماله فهو شهيد".
أخرجه البخاري (3) ومسلم (4).
وفي لفظٍ: "من أُريد ماله بغير حق فقاتل فقُتل فهو شهيد".
رواه د (5) س (6) ت (7) وقال: حديث حسن صحيح.
وقال النسائي (8): "من قُتل دون ماله مظلومًا فله الجنة".

5120 - عن أبي هريرة قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يُريد أخذ مالي. قال: فلا تُعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني. قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني. قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته. قال: هو في النار".
__________
=أحاديثه عنه منكرات لا يرويها عن الشعبي غيره، وهو إلى الضعف أقرب.
(1) سنن الدارقطني (3/ 179 رقم 285).
(2) ليست في "الأصل".
(3) صحيح البخاري (5/ 147 رقم 2480).
(4) صحيح مسلم (1/ 124 - 125 رقم 141).
(5) سنن أبي داود (4/ 246 رقم 4771).
(6) سنن النسائي (7/ 115 رقم 4099).
(7) جامع الترمذي (4/ 21 - 22 رقم 1420).
(8) سنن النسائي (5/ 117 رقم 4097).

(4/521)


رواه مسلم (1).
وفي لفظ للإمام أحمد (2): "يا رسول الله، أرأيت إن عدى على مالي. قال: أنشد الله. قال: فإن أبَوْا عليَّ قال: أنشد الله. قال: فإن أبوا عليَّ. قال: أنشد الله. قال: فإن أبوا عليَّ. قال: قاتل (3). قال: فإن قُتلتَ ففي الجنة، وإن قَتَلتَ ففي النار".

5121 - عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد، (ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد) (4) ".
رواه الإمام أحمد (5) -وهذا لفظه- د (6) س (7) ت (8) وقال: حديث حسن صحيح.
ورواه ق (9) مختصرًا: "من قُتل دون ماله فهو شهيد".

99 - باب كسر أواني الخمر ونحوها
5122 - عن أنس، عن أبي طلحة أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمرًا
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 124 رقم 140).
(2) المسند (2/ 339).
(3) زاد بعدها في "الأصل": قال. وهي زيادة ليست في المسند.

5121 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 291 - 296 رقم 1091 - 1095).
(4) من المسند.
(5) المسند (1/ 190).
(6) سنن أبي داود (4/ 246 رقم 4772).
(7) سنن النسائي (7/ 116 رقم 4105).
(8) جامع الترمذي (4/ 20 - 21 رقم 1418).
(9) سنن ابن ماجه (2/ 861 رقم 2580).

(4/522)


لأيتام في حجري. قال: أهرق الخمر، واكسر الدنان (1) ".
رواه ق (2) ت (3).
قال الحافظ -رحمه الله-: هو من رواية ليث بن (أبي) (4) سليم، وقد تكلم فيه غير واحدٍ من الأئمة.

5123 - عن ابن عمر قال: "أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن آتيه بمدية -وهي الشفرة- فأتيته بها، فأرسل بها فأرْهِفَتْ (5) ثم أعطانيها، وقال: اغد عليَّ بها. ففعلت فخرج بأصحابه إلى سوق المدينة، وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فأخذ المدينة مني؛ فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها وأمر (أصحابه) (6) الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت، فلم أترك في أسواقها زقًا إلا شققته".
رواه الإمام أحمد (7).

5124 - عن أنس بن مالك قال: "كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب شرابًا من فضيخ -وهو تمر- فجاءهم آت، فقال: إن الخمر
__________
(1) الدنان: بكسر الدال، جمع الدن، وهو ظرفها. تحفة الأحوذي (4/ 515) ووقع في "الأصل": الأدنان. والمثبت من جامع الترمذي.
(2) كذا وقع هذا الرمز في "الأصل" ولم أقف عليه في سنن ابن ماجه، ولم يعزه له المزي في التحفة (3/ 247 رقم 3772)، إنما وجدته في سنن الدارقطني (4/ 265 رقم 1، 4/ 266 رقم 5).
(3) جامع الترمذي (3/ 588 رقم 1293).
(4) سقطت من الأصل.
(5) في "الأصل": فأهريقت. وكتب الناسخ في الحاشية: صوابه: فأرهفت. قلت: والتصويب من المسند، وأُرْهِفت. أي: سُنت وأُخرج حداها. النهاية (2/ 283).
(6) من المسند.
(7) المسند (2/ 132 - 133).

(4/523)


قد حُرِّمت. فقال أبو طلحة: يا أنس، قم إلى هذه الجرار فاكسرها. قال أنس: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت".
رواه البخاري (1) ومسلم (2).

5125 - عن سلمة بن الأكوع "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نيرانًا توقد يوم خيبر، قال: علام توقد هذه النيران؟ قال: على الحمر الإنسية. قال: اكسروها وأهريقوها. قالوا: ألا نهرقها ونغسلها. قال: اغسلوها".
رواه البخاري (3) -وهذا لفظه- ومسلم (4).

100 - باب الشفعة (5)
5126 - عن جابر قال: "قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يُقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة".
رواه البخاري (6).

5127 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه".
رواه مسلم (7).
__________
(1) صحيح البخاري (13/ 245 رقم 7253).
(2) صحيح مسلم (3/ 1572 رقم 1980).
(3) صحيح البخاري (5/ 145 رقم 2477).
(4) صحيح مسلم (3/ 1429، 1540 رقم 1802).
(5) الشفعة في المِلْك معروفة، وهي مشتقة من الزيادة، لأن الشفيع يضم المبلغ إلى ملكه فيشفعه به، كأنه كان واحدًا وترًا فصار زوجاً شفعاً. النهاية (2/ 485).
(6) صحيح البخاري (4/ 509 رقم 2257).
(7) صحيح مسلم (3/ 1229 رقم 1608/ 135).

(4/524)


وفي لفظٍ (1): "من كان له شريك في ربعة (2) أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه؛ فإن رضي أخذ، وإن كره ترك".

5128 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعته، ينتظر به وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ق (6) ت (7) وقال: حديث حسن غريب (8). وهذا لفظه.
5128 م- (وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء".
رواه) (9) الترمذي (10) والنسائي (11) مرفوعًا ومرسلاً، قال الترمذي: وقد روى
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1229 رقم 1608/ 133).
(2) الرَّبع: المنزل ودار الإقامة، وربع القوم محلتهم، والرباع جمعه، والرَّبعة أخص من الربع. النهاية (2/ 189).
(3) المسند (3/ 303).
(4) سنن أبي داود (3/ 286 رقم 3518).
(5) في السنن الكبرى، في الشروط والشفعة، كما في تحفة الأشراف (2/ 229 رقم 2434).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 833 رقم 2494).
(7) جامع الترمذي (3/ 651 رقم 1369).
(8) كذا في تحفة الأشراف وتحفة الأحوذي (4/ 611) ووقع في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (6/ 130) والنسخة المطبوعة مع تحفة الأحوذي أعالى الصفحات (5/ 611): حديث غريب.
(9) سقطت من "الأصل" فتداخل الحديثان.
(10) جامع الترمذي (3/ 654 رقم 1371).
(11) في السنن الكبرى، في الشروط وفي الشفعة، كما في تحفة الأشراف (5/ 44 رقم 5795).

(4/525)


غير واحدٍ هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، وهذا أصح، ولا نعرف مثل هذا -يعني: مرفوعًا- إلا من حديث أبي حمزة، ويمكن أن يكون الخطأ منه (1).
قال الحافظ: يعني في روايته، وأبو حمزة اسمه محمد بن ميمون السكري (2).

5129 - وعن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت له أرض فأراد بيعها فليعرضها على جاره". رواه ابن ماجه (3).

5130 - عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".
رواه د (4) س (5) ق (6) وهذا لفظه.

5131 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعة كلحل العقال. وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شفعة لشريك على شريكه إذا سبقه بالشراء، ولا لصغير ولا لغائب".
رواه ابن ماجه (7) من رواية محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه،
__________
(1) كذا في تحفة الأشراف، وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (6/ 134) وتحفة الأحوذي (4/ 616 رقم 1384): يمكن أن يكون الخطأ من غير أبي حمزة.
(2) ترجمته في التهذيب (26/ 544 - 549).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 833 رقم 2493).
(4) سنن أبي داود (3/ 286 رقم 3515).
(5) في السنن الكبرى، في الشروط وفي الشفعة، ما في تحفة الأشراف (10/ 42 رقم 13241).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 834 رقم 2497).
(7) سنن ابن ماجه (2/ 835 رقم 2500، 2501).

(4/526)


عن ابن عمر. عبد الرحمن ضعفه الدارقطني (1) وقال (2): لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث. ومحمد ابنه قال يحيى بن معين (3): ليس بشيء. وقال البخاري (4) وأبو حاتم الرازي (5) والنسائي (6): منكر الحديث.

101 - باب الشفعة بالجوار
5132 - عن عَمْرو بن الشريد قال: "وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على أحد (7) منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا سعد، ابتع مني بيتيَّ في دارك. فقال سعد: والله ما أبتاعهما. فقال المسور: والله لتبتاعنَّهما. فقال: (سعد) (8): والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة -أو مقطعة- قال أبو رافع: لقد أعطيت بهما خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجار أحق بسقبه (9). ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أُعطى بها خمسمائة دينار. فأعطاها إياه".
__________
(1) كتاب الضفعاء والمتروكين (335 رقم 453).
(2) سنن الدارقطني (3/ 135).
(3) الجرح والتعديل (7/ 311 رقم 1694).
(4) التاريخ الكبير (1/ 163 رقم 484).
(5) الجرح والتعديل (7/ 311 رقم 1694).
(6) كتاب الضعفاء والمتروكين (215 رقم 551).
(7) في صحيح البخاري: إحدى. قال القسطلاني: بتأنيث إحدى، وأنكره بعضهم، لأن المنكب مذكر، وفي نسخة الميدومي: "أحد" بالتذكير، وهو بخط الحافظ الدمياطي كذلك. إرشاد الساري (4/ 124).
(8) من صحيح البخاري.
(9) السَّقب -بالسين والصاد- في "الأصل": القرب، يقال: سقبت الدار وأسقبت: أي قربت، ويحتج بهذا الحديث من أوجب الشفعة للجار وإن لم يكن مقاسمًا، أي أن الجار أحق بالشفعة من الذي ليس بجارٍ، ومن لم يثبتها للجار تأول الجار على الشريك؛ فإن الشريك يُسمى جارًّا، ويحتمل أن يكون أراد أنه أحق بالبر والمعونة=

(4/527)


رواه البخاري (1).

5133 - عن عمرو بن الشريد، عن أبيه الشريد بن السويد قال: قلت: "يا رسول الله، أرض ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجار أحق بسقبه ما كان".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- والنسائي (3) وابن ماجه (4).
وروى الترمذي حديث أبي رافع (5)، ثم قال: وحديث عمرو بن الشريد، عن أبيه في هذا الباب هو حديث حسن. قال: سمعت محمدًا -يعني: البخاري- يقول: كلا الحديثين عندي صحيح.

5134 - عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جار الدار أحق بالدار".
رواه الإمام أحمد (6) وأبو داود (7) والنسائي (8) والترمذي (9) وقال: حديث سمرة حديث حسن صحيح.
__________
=بسبب قربه من جاره، كما جاء في الحديث الآخر "أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن لي جارين فإلى أيهما أُهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا". النهاية (2/ 377).
(1) صحيح البخاري (4/ 510 رقم 2258).
(2) المسند (4/ 389).
(3) سنن النسائي (7/ 320 رقم 4717).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 834 رقم 2496).
(5) كذا في "الأصل" والصواب "حديث سمرة"- وهو الحديث التالي في الكتاب هنا- ولم يرو الترمذي حديث أبى رافع أصلاً، إنما أشار إليه تعليقًا ولم يعزه له المزي في التحفة (9/ 203 - 204 رقم 12027)، وكلام الترمذي في جامعه (3/ 651).
(6) المسند (5/ 8، 12، 13، 18).
(7) سنن أبي داود (3/ 286 رقم 3517).
(8) في السنن الكبرى، في الشروط، كما في تحفة الأشراف (4/ 69 رقم 4588).
(9) جامع الترمذي (3/ 650 رقم 1368).

(4/528)


102 - باب المسابقة
5135 - عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبَق (1) إلا في خف أو حافر أو نصل".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) ت (4) س (5) هو من رواية نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نعيم القارئ (6)، تكلم فيه الإمام أحمد (7)، ووثقه يحيى بن معين (8)، وقال أبو حاتم الرازي (9): صالح الحديث.
__________
(1) السَّبق بفتح الباء: ما يُجعل من المال رهنًا على المسابقة، وبالسكون: مصدر سبقت أسبق سبْقاً، المعنى لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة، وهي الإبل والخيل والسهام، وقد ألحق الفقهاء ما كان بمعناها، وله تفصيل في كتب الفقه، قال الخطابي: الرواية الصحيحة بفتح الباء. النهاية (2/ 338). وانظر كتاب الفروسية لابن القيم (ص 9 - 25).
(2) المسند (2/ 474).
(3) سنن أبي داود (3/ 29 رقم 2574).
(4) جامع الترمذي (4/ 178 رقم 1700)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
(5) سنن النسائي (6/ 226 رقم 3587).
(6) كذا وقع في "الأصل" والحديث إنما هو من رواية نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة، في المسند والسنن الثلاثة، ونافع بن أبي نافع أعلى طبقة من نافع بن أبي نعيم القارئ، نافع القارئ إنما يروي عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة نسخة، وربما روى عن الأعرج نفسه، أما نافع بن أبي نافع فهو يروي عن أبي هريرة مباشرة هذا الحديث، ترجمة نافع بن أبي نافع في التهذيب (29/ 293 - 295) وترجمة نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم في التهذيب (29/ 281 - 284).
(7) قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن نافع بن عبد الرحمن، قال: كان يُؤخذ عنه القراءة، وليس في الحديث بشيء. الجرح والتعديل (8/ 456).
(8) تاريخ الدوري (3/ 172 رقم 761) والجرح والتعديل (8/ 457).
(9) الجرح والتعديل (8/ 457).

(4/529)


ورواه الإمام أحمد (1) ق (2) س (3) من غير رواية نافع أيضًا.

5136 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبق إلا في نصل أو حافر أو خف. والنصل هو السهم، والحافر هو الفرس، والخف هو البعير".
رواه محمد بن عبد الله بن حبان المعروف بأبي الشيخ في كتاب السبق (4) من رواية قدامة بن محمد بن خشرم المدني، تكلم فيه أبو حاتم بن حبان (5).

5137 - عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل (6) فأرسلها من الحفياء (7) إلى ثنية الوداع (8)، وسابق بين الخيل التي لم تضمر وكان أمدها من الثنية إلى مسجد بني زريق، وكنت فيمن أجرى".
وعند البخاري: "قال سفيان: بين الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، وبين ثنية الوداع إلى مسجد بني زُرَيق ميل".
__________
(1) المسند (2/ 256، 258).
(2) سنن ابن ماجه (2/ 960 رقم 2878).
(3) سنن النسائي (6/ 227 رقم 3589).
(4) والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 382 رقم 10764) وذكره ابن عدي في الكامل (5/ 428) وقال: هذا أيضًا باطل.
(5) كتاب المجروحين (2/ 219).
(6) يعني المضمرة، قال القاضي عياض: رويناه بوجهين بسكون الضاد وتحريكها، وهي الخيل المعدة للسباق أو للغزو، وتضمر لذلك، وهو تصلبها وشدتها، وهو أن تعلف أولاً حتى تسمن وتقوى، ثم تقتصر بعد على قوتها وحبسها في بيت وتعريقها لتصلب وتقوى. مشارق الأنوار (2/ 59).
(7) الحفياء: بالفتح ثم السكون وياء وألف ممدودة، موضع قرب المدينة. معجم البلدان (2/ 319).
(8) هي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، سميت بذلك لأنها موضع توديع المسافرين من المدينة إلى مكة. معجم البلدان (2/ 100).

(4/530)


وعند مسلم قال: "قال عبد الله فجئت سابقًا فطفف (1) بي الفرس المسجد".
رواه البخاري (2) ومسلم (3).

5138 - وعن ابن عمر "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سبَّق بين الخيل، وفضل القُرَّح (4) في الغاية".
رواه الإمام أحمد (5) د (6).

5139 - وعن ابن عمر "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يضمر الخيل يسابق بها".
رواه د (7) ق (8).

5140 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدخل فرساً بين فرسين يعني وهو لا يؤمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين و (قد أمن أن) (9) يسبق فهو قمار" (10).
__________
(1) التطفيف هنا بمعنى ارتفع حتى وثب المسجد، وقد جاء مفسراً في الحديث، قال: وكان جدار المسجد قصيراً فوثبه". مشارق الأنوار (1/ 325).
(2) صحيح البخاري (1/ 614 رقم 420 وأطرافه في: 2868، 2869، 2870، 7336) بنحوه.
(3) صحيح مسلم (3/ 1491 رقم 1870) بنحوه.
(4) القارح من الخيل هو الذي دخل في السنة الخامسة، وجمعه قُرَّح. النهاية (4/ 36).
(5) المسند (2/ 157).
(6) سنن أبي داود (3/ 29 رقم 2577).
(7) سنن أبي داود (3/ 29 رقم 2576).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 960 رقم 2877).
(9) في "الأصل": هو لا يؤمن. والمثبت من سنن أبي داود.
(10) قال يحيى بن معين عن هذا الحديث: باطل، وخطأ على أبي هريرة. وقال أبو حاتم الرازي: هذا خطأ، لم يعمل سفيان بن حسين بشيء، لا يُشبه أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحسن أحواله أن يكون عن سعيد بن المسيب قوله، وقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد قوله. علل الحديث لابن أبي حاتم (2/ 252 رقم 2249) وانظر كتاب الفروسية لابن القيم (ص57 - 60).

(4/531)


رواه د (1) -وهذا لفظه- ق (2).

5141 - عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا جَلَب (3) ولا جَنَب (4) في الرهبان".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) -وهذا لفظه- س (7) ت (8) وقال: حديث حسن صحيح، تفرد أبو داود بقوله: "في الرهبان".

5142 - عن أبي (لبيد لمازة بن زبَّار) (9) قال: "أرسلت الخيل زمن الحجاج فقلنا: لو أتينا الرهبان. قال: فأتيناه، ثم قلنا لو مِلنا إلى أنس بن مالك فسألناه: هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأتيناه فسألناه، فقال: نعم لقد راهن على فرس له يقال له: سبحة، فسبق الناس؛ فهش لذلك (10) وأعجبه".
__________
(1) سنن أبي داود (3/ 30 رقم 2079، 2580) وقال أبو داود: رواه معمر وشعيب وعقيل عن الزهري، عن رجال من أهل العلم، وهذا أصح عندنا.
(2) سنن ابن ماجه (2/ 960 رقم 2876).
(3) هو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثاً له على الجري، فنهى عن ذلك. النهاية (1/ 281).
(4) الجَنَب -بالتحريك- في السباق أن يجنب فرسًا إلى فرسه الذي يُسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب. النهاية (1/ 303).
(5) المسند (4/ 429، 439، 443).
(6) سنن أبي داود (3/ 30 رقم 2581).
(7) سنن النسائي (6/ 111 رقم 3332، 6/ 227 - 228 رقم 3592).
(8) جامع الترمذي (3/ 431 رقم 1123).

5142 - خرجه الضياء في المختارة (7/ 151 - 152 رقم 2580، 2581).
(9) في "الأصل": لبيدة لمازة بن زياد. والمثبت من المسند، وأبو لبيد لمازة بن زَبَّار ترجمته في التهذيب (24/ 250 - 252).
(10) هش لهذا الأمر يهش هشاشة إذا فرح به واستبشر وارتاح له وخف. النهاية (5/ 264).

(4/532)


رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- وأحمد بن منيع مسنده (2) وعنده: يقال لها: سبحة، فجاءت سابقه؛ فهش لذلك" رواه الدارقطني (3) بنحوه.

5143 - عن أنس بن مالك قال: "كانت ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء، وكانت (لم) (4) تُسبق، فجاء أعرابي على قعودٍ (5) له، فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سُبقت العضباء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ) (6) حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا إلا وضعه".
رواه البخاري (7).

5144 - عن علي -رضي الله عنه- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: يا علي، قد جعلت إليك هذه السبقة بين الناس. فخرج علي -رضي الله عنه- فدعا سراقة بن مالك، فقال: يا سراقة، إني جعلت إليك ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عنقي من هذه السبقة في عنقك، فإذا أتيت الميطان (8) -قال أبو عبد الرحمن: والميطان
__________
(1) المسند (3/ 160).
(2) إتحاف الخيرة (5/ 342 رقم 4809/ 2).
(3) سنن الدارقطني (4/ 301 رقم 10، 11).
(4) في صحيح مسلم: لا.
(5) القعود من الدواب: ما يقتعده الرجل للركوب والحمل، ولا يكون إلا ذكرًا، وقيل: القعود ذكر، والأنثى قعودة، والقعود من الإبل: ما أمكن أن يُركب، وأدناه أن يكون له سنتان، ثم هو قعود إلى أن يُثني فيدخل في السنة السادسة، ثم هو جمل. النهاية (4/ 87).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (11/ 348 رقم 6502).
(8) مَيْطَان: بفتح أوله ثم السكون وطاء مهملة، وآخره نون، من جبال المدينة مقابل الشوران، به بئر ماء يقال له صفة، وليس به شيء من النبات، وهو لمزينة وسليم. معجم البلدان (5/ 282). وفي القاموس: الميطان -بالكسر الغاية.

(4/533)


مرسلها من الغاية- فصف الخيل ثم ناد: هل من مصلح للجام، أو حامل لغلام، أو طارح لجل. فإذا لم يجبك أحد فكبر ثلاثاً، ثم خلها عند الثالثة، يُسعد الله بسبقه من شاء من خلقه. وكان (علي) (1) -رضي الله عنه- يقعد عند منتهى الغاية، ويخط خطًّا، يقيم رجلين متقابلين عند طرف الخط طرفه بين إبهامي أرجلهما، وتمر الخيل بين الرجلين، ويقول لهما: إذا خرج أحد الفرسين على صاحبه بطرف أذنيه أو أذن أو عذار (2)، فاجعلوا السبقة له، فإن شككتما فاجعلا سبقهم (3) نصفين، فإذا قرنتم ثنتان (4) فاجعلوا الغاية من غاية أصغر الثنتين (5)، ولا جلب ولا جنب، ولا شغار (6) في الإسلام". رواه الدارقطني (7).

103 - باب المناضلة (8)
5145 - عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس
__________
(1) من سنن الدارقطني.
(2) العذاران من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان، ثم سُمي السير الذي يكون عليه من اللجام عذارًا باسم موضعه. النهاية (3/ 198).
(3) في سنن الدارقطني: سبقهما.
(4) كذا على لغة من يلزم المثنى الألف، وفي سنن الدارقطني: ثنتين. على الجادة.
(5) أي: إذا جعل الرهبان بين فرسين في جانب وفرسين من الجانب الآخر فلا يحكم لأحد المتراهنين بمجرد سبق أكبر الفرسين إذا كانت إحداهما صغرى والأخرى كبرى، بل الاعتبار بالصغرى. نيل الأوطار (8/ 84).
(6) هو نكاح معروف في الجاهلية، كان يقول الرجل للرجل شاغرني: أي زوجني أختك أو بنتك أو من تلي أمرها، حتى أزوجك أختي أو بنتي أو من ألي أمرها، ولا يكون بينهما مهر، ويكون بضع كل واحدة منهما في مقابلة بضع الأخرى، وقيل له: شغار لارتفاع المهر بينهما من شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وقيل: الشغر: البعد، وقيل: الاتساع. النهاية (2/ 482).
(7) سنن الدارقطني (4/ 305 - 307 رقم 22) وهو آخر حديث فيها.
(8) ناضلة مناضلة ونضالاً ونيضالاً: باراه في الرمي. لسان العرب (6/ 4456).

(4/534)


من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه؛ ومن (ترك الرمي) (1) بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها". وفي لفظ: "نعمة كفرها" (2).
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- د (4) -وعنده: "بقوسه ونبله"- والنسائي (5).

5146 - وعن عقبة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ستفتح عليكم أرضون (ويكفيكم الله) (6) فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه. وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (7) ألا إن القوة الرمي. ثلاثاً".
رواه مسلم (8).

5147 - عن ابن عباس قال: "مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفرٍ يرمون، فقال: رميًا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميًا".
رواه الإمام أحمد (9) وابن ماجه (10).
__________
(1) في "الأصل": تركه. والمثبت من المسند.
(2) رواه الترمذي (4/ 149 رقم 1637)، وابن ماجه (2/ 940 رقم 2811) من طريق آخر عن عقبة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3) المسند (4/ 148).
(4) سنن أبي داود (3/ 13 رقم 2513).
(5) سنن النسائي (6/ 222 - 223 رقم 3580).
(6) من صحيح مسلم.
(7) سورة الأنفال، الآية: 60.
(8) صحيح مسلم (3/ 1522 رقم 1917).

5147 - خرجه الضياء في المختارة (10/ 33 - 34 رقم 24 - 26).
(9) المسند (1/ 364).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 941 رقم 2815).

(4/535)


5148 - وعن سلمة بن الأكوع قال: "مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفرٍ من أسلم يرمون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميًا، وارموا وأنا مع بني فلان. فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لكم لا ترمون؟ فقالوا: يا رسول الله، نرمي وأنت معهم. فقال: ارموا وأنا معكم كلكم".
رواه البخاري (1).

5149 - وعن سلمة بن الأكوع "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على أناسٍ من أسلم يتناضلون، فقال: حسن لهذا اللهو -مرتين أو ثلاثاً- ارموا بني إسماعيل؛ فإن قد كان لكم أب رام، ارموا وأنا مع ابن الأكوع. قال فأمسك القوم أيديهم، فقال: ما لكم؟ فقالوا: لا واللَّه لا نرمي وأنت معه يا رسول الله إذًا تنضلنا. فقال رسول الله: ارموا وأنا معكم جميعًا. قال: فلقد رموا غاية يومهم، ثم تفرقوا على السواء، ما فضل بعضهم بعضًا".
رواه البخاري خارج الصحيح (2).

104 - باب المسابقة على الرجل
5150 - عن عائشة "أنها كانت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك السبقة".
رواه د (3) س (4).
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 107 رقم 2899).
(2) لم أقف عليه في كتب البخاري المطبوعة، والحديث رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 336 رقم 2371)، والحاكم في المستدرك (2/ 94)، والبيهقي في الدلائل (6/ 255)، وفي السنن الكبرى (10/ 17) وصححه الحاكم.
(3) سنن أبي داود (3/ 29 - 30 رقم 2578).
(4) السنن الكبرى (5/ 303 - 305 رقم 8942 - 8945).

(4/536)


5151 - عن سلمة بن الأكوع ذكر حديثًا طويلاً وفيه: "ثم أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال: فبينا نحن نسير -قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق (شدًّا) (1) - قال: فجعل (يقول) (2): ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريمًا ولا تهاب شريفًا (قال: لا) (2) إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: قلت: يا رسول الله بأبي وأمي، ذرني فلأُسابق الرجل. قال: إن شئت. قال: قلت: أذهب إليك. وثنيت رجلي فطفرت (3) فعدوت. قال: فربطت عليه شرفًا أو شرفين أستبقي نَفَسي (4)، ثم عدوت في إثره، فربطت عليه شرفًا أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه. قال: فأصكه بين كتفيه، قال: قلت: قد سُبقت واللَّه. قال: أنا أظن. قال: فسبقته إلى المدينة". رواه مسلم (5).
وعند الإمام أحمد (6) قال: "لا، لا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

105 - باب اللقطة (7)
5152 - عن زيد بن خالد الجهني قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله
__________
(1) في "الأصل": شديداً، والمثبت من صحيح مسلم، والشد: العدو. النهاية (2/ 452).
(2) من صحيح مسلم.
(3) الطفر: الوثوب، وقيل: هو وثب في ارتفاع، والطفرة: الوثبة. النهاية (3/ 129).
(4) معنى "ربطت" حبست نفسي عن الجري الشديد، والشرف: ما ارتفع من الأرض، وقوله: "أستبقي نفسي" بفتح الفاء، أي: لئلا يقطعني البهر. شرح صحيح مسلم (7/ 470).
(5) صحيح مسلم (3/ 1439 - 1440 رقم 1807).
(6) المسند (4/ 53).
(7) بضم اللام وفتح القاف: اسم المال الملقوط، أي: الموجود، والالتقاط أن يعثر على الشيء من غير قصد وطلب، وقال بعضهم: هي اسم المُلْتَقط، كالضُحَكة والهُمَزة، فأما=

(4/537)


عن اللقطة، فقال: (اعرف) (1) عفاصها (2) ووكاءها (3)، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها. قال: فضالة (4) الغنم؟ قال: لك أو لأخيك أو للذئب. قال: فضالة الإبل؟ قال: ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها (5)، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها (ربها) (6) ".
رواه البخاري (7) ومسلم (8) (وله) (9): "فإذا لم يأت لها طالب فاستنفقها".
وفي لفظٍ للبخاري (10): "فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها".
وفي لفظٍ وهو لفظ مسلم (11): "سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة الذهب أو الورق". وفيه: "فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها
__________
=المال الملقوط فهو بسكون القاف، والأول أكثر وأصح. النهاية (4/ 264).
(1) تشبه أن تكون في "الأصل": رف. والمثبت من الصحيحين.
(2) العِفاص: الوعاء الذي تكون فيه النفقة من جلد أو خرقة أو غير ذلك، من العفص وهو الثني والعطف. النهاية (3/ 263).
(3) الوكاء: الخيط الذي تُشد به الصرة والكيس وغيرهما. النهاية (5/ 222).
(4) الضالة: هي الضائعة من كل ما يُقتنى من الحيوان وغيره، يقال: ضل الشيء إذا ضاع، وضل عن الطريق إذا حارَ، وهي في الأصل فاعلة، ثم اتُّسع فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع، وتجمع على ضوال. النهاية (3/ 98).
(5) الحذاء بالمد: النَّعل، أراد أنها تقوى على المشي وقطع الأرض، وعلى قصد المياه وورودها ورعي الشجر، والامتناع من السباع المفترسة، شبهها بمن كان معه حذاء وسقاء في سفره، وهكذا ما كان في معنى الإبل من الخيل والبقر والحمير. النهاية (1/ 357).
(6) من الصحيحين.
(7) صحيح البخاري (5/ 56 رقم 2372).
(8) صحيح مسلم (3/ 1346 - 1348 رقم 1722/ 1).
(9) ليست في "الأصل" وهذه رواية مسلم (3/ 1348 رقم 1722/ 3).
(10) صحيح البخاري (5/ 96 رقم 2427).
(11) صحيح مسلم (3/ 1349 رقم 1722/ 5).

(4/538)


يومًا من الدهر فأدها إليه".
وليس عند البخاري ذكر "الذهب أو الورق" وعنده (1): "وكانت وديعة عنده" قال يحيى (2): وهذا الذي لا أدري أفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أو شيء من عنده.
وفي لفظ لهما (3): "قال: فضالة الإبل؟ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه -أو قال: احمر وجهه- قال: ما لك ولها".
وفي لفظ لمسلم (4): "فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها ووعاءها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك".
وفي لفظ (5): "فإن اعترفت فأدها وإلا فاعرف عفاصها ووعاءها وعددها".

5153 - عن سويد بن غفلة قال: "كنت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان في غزاة، فوجدت سوطًا، فقالا لي: ألقه. قلت: لا، ولكني إن وجدت صاحبه وإلا استمتعت به. فلما رجعنا حججنا فمررت بالمدينة فسألت أبي بن كعب، فقال: وجدت سورة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار، فأتيت بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عرفها حولًا. (فعرفتها حولاً، ثم أتيت فقال: عرفها حولاً. فعرفتها حولًا) (6) ثم أتيته، فقال: عرفها حولاً. فعرفتها حولاً، ثم أتيته الرابعة، فقال: اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها، فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها" (7).
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 100 رقم 2428).
(2) هو يحيى بن سعيد الأنصاري، وقد جزم يحيى بن سعيد برفعه في رواية مسلم، انظر فتح الباري (5/ 101).
(3) البخاري (1/ 225 رقم 91)، ومسلم (3/ 1348 رقم 1722/ 2).
(4) صحيح مسلم (3/ 1349 رقم 6/ 1722).
(5) صحيح مسلم (3/ 1350 رقم 1722/ 8).
(6) من صحيح البخاري.
(7) صحيح البخاري (5/ 110 رقم 2437).

(4/539)


وفي لفظ (1): "ثم أتيته ثلاثاً قال: احفظ وعاءها وعددها ووكلاءها (فإن) (2) جاء صاحبها وإلا فاستمتع يها. فاستمتعت".
فلقيته (3) بعد بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولاً واحدًا.
(رواه البخاري -وهذا لفظه- ومسلم (4)) (5).

5154 - عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من آوى ضالة فهو ضال (6) ما لم يعرفها".
رواه مسلم (7).

5155 - عن جرير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يأوي الضالة إلا ضال".
رواه الإمام أحمد (8) د (9) والنسائي (10) وابن ماجه (11).

5156 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا رسول الله، جئت أسألك عن الضالة من
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 94 رقم 2426).
(2) في "الأصل": ثم. والمثبت من صحيح البخاري.
(3) القائل شعبة، والذي قال: "لا أدري" هو شيخه سلمة بن كهيل. انظر فتح الباري (5/ 95 - 96).
(4) صحيح مسلم (3/ 1350 - 1351 رقم 2317).
(5) سقطت من "الأصل".
(6) أي خاطئ ذاهب عن طريق الحق. مشارق الأنوار (2/ 59).
(7) صحيح مسلم (1/ 1353 رقم 1725).
(8) المسند (4/ 360).
(9) سنن أبي داود (2/ 139 رقم 1720).
(10) السنن الكبرى (3/ 416 رقم 5799 - 5801).
(11) سنن ابن ماجه (2/ 836 رقم 2503).

(4/540)


الإبل. قال: معها حذاؤها وسقاؤها، تأكل الشجر، وترد الماء، فدعها حتى يأتيها باغيها. قال: الضالة من الغنم؟ قال: لك أو لأخيك أو للذئب، تجمعها حتى يأتيها باغيها. قال: الحريسة (1) التي توجد في (مراتعها) (2)؟ قال: فيها ثمنها مرتين، وضرب نكال، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن. قال: يا رسول الله، والثمار وما أخذ منها في أكمامها؟ قال: ما أخذ بفمه ولم يتخذ خُبْنَة (3) فليس عليه شيء، ومن احتمل فعلي ثمنه مرتين، وضربًا ونكالاً، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن. قالوا: يا رسول الله، واللقطة نجدها في سبيل العامرة؟ قال: عرفها حولاً، فإن وجد باغيها فأدها إليه وإلا فهي لك. قال: ما يؤخذ في الخرب العادي؟ قال: فيه وفي الركاز الخمس".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- د (5) بمعناه، ولم يذكر الإبل ولا حريسة الجبل.
وقد روى النسائي (6) والترمذي (7) وابن ماجه (8) طرفًا منه، الدارقطني (9) بمعناه.
__________
(1) يقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مُراحها: حريسة. النهاية (1/ 367).
(2) تحرفت في "الأصل" والمثبت من المسند.
(3) الخُبنة: معطف الإزار وطرف الثوب، أي: لا يأخذ منه في ثوبه، يقال: أخبن الرجل إذا خبأ شيئًا في خبنة ثوبه أو سراويله. النهاية (2/ 9).
(4) المسند (2/ 180).
(5) سنن أبي داود (2/ 136 - 137 رقم 1710).
(6) سنن النسائي (8/ 86 رقم 4974).
(7) جامع الترمذي (3/ 584 رقم 1289).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 865 - 866 رقم 2596).
(9) سنن الدارقطني (4/ 236 رقم 114).

(4/541)


5157 - عن (عياض بن) (1) حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من وجد لقطة فليشهد ذوي عدلٍ، وليحفظ عفاصها ووكاءها، ثم لا يكتم ولا يغيب، فإن جاء ربها فهو أحق بها، وإلا هو مال الله يؤتيه من يشاء".
رواه الإمام أحمد (2) -وهذا لفظه- د (3) س (4) ق (5).

5158 - عن جابر بن عبد الله قال: "رخص (لنا) (6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطة الرجل ينتفع به".
رواه د (7) من رواية المغيرة بن زياد (8)، وقد ضعفه قوبم، ووثقه غيرهم.
قال د: ورواه شبابة، عن مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "كانوا .. " لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

5159 - (عن عكرمة أحسبه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (9) قال: "ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها".
رواه د (10).

5160 - عن عائشة "كانت ترخص للمسافر أن يلتقط السوط والعصا والإداوة
__________
(1) سقطت من "الأصل" والمثبت من المسند والسنن الثلاثة.
(2) المسند (4/ 161 - 162).
(3) سنن أبي داود (2/ 136 رقم 1709).
(4) السنن الكبرى (3/ 418 رقم 5808).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 837 رقم 2505).
(6) من سنن أبي داود.
(7) سنن أبي داود (2/ 138 رقم 1717).
(8) ترجمته في التهذيب (28/ 359 - 363).
(9) سقطت من "الأصل" أظنها لانتقال نظر الناسخ، والمثبت من سنن أبي داود.
(10) سنن أبي داود (2/ 139 رقم 1718).

(4/542)


والنعلين والمرود".
رواه سعيد بن منصور.

5161 - عن سهل بن سعد "أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين -رضي الله عنهم- يبكيان فقال: ما يبكيهما؟ قالت: الجوع. فخرج علي فوجد دينارًا بالسوق، فجاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي، فخذ لنا دقيقًا. فجاء اليهودي فاشترى به دقيقًا، فقال اليهودي: أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله قال: نعم. قال: فخذ دينارك، ولك الدقيق. فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان الجزار، فخذ لنا بدرهم لحمًا. فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم. فجاء به، فعجنت ونصبت، وخبزت، وأرسلت إلى أبيها، فجاءهم فقالت: يا رسول الله، أذكر لك فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت، من شأنه كذا وكذا. فقال: كلوا بسم الله. فأكلوا، فبينما هم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإسلام الدينار، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعي له، فسأله، فقال: سقط مني في السوق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهب إلى الجزار فقل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك: أرسل إليَّ بالدينار، ودرهمك عليَّ. فأرسل به فدفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه".
رواه د (1).

5162 - وروى (2) أيضًا عن رجل، عن أبي سعيد "أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- وجد دينارًا، فأتى به فاطمة - عليها السلام- فسألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هو رزق الله، فأكل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكل علي وفاطمة، فلما كان بعد ذلك أتته امر أة تنشد الدينار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا علي أدِّ الدينار".
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 138 رقم 1716).
(2) سنن أبي داود (2/ 137 رقم 1714).

(4/543)


106 - باب لقطة مكة
5163 - عن أبي هريرة قال: "لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، (وإنها لن تحل لأحدٍ كان قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار) (1) وإنها لا تحل لأحد بعدي، لا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشدٍ".
رواه البخاري (2) ومسلم (3).

5164 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله -عز وجل- لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها".
رواه البخاري (4).

5165 - عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقطة الحاج" (5).

107 - باب فيمن نشد ضالة في المسجد
5166 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبنَ لهذا".
رواه مسلم (6).
__________
(1) من صحيح مسلم، واللفظ له.
(2) صحيح البخاري (1/ 248 رقم 112).
(3) صحيح مسلم (2/ 988 رقم 1355).
(4) صحيح البخاري (3/ 525 رقم 1587).
(5) رواه مسلم (3/ 1351 رقم 1724).
(6) صحيح مسلم (1/ 397 رقم 568).

(4/544)


5167 - عن بريدة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلى قام رجل فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا وجدت، إنما بُنيت المساجد لما بُنيت له".
رواه مسلم (1).

108 - باب
5168 - عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبيه قال: اشتريت من رجل برًا بمكة فلم أعطه الثمن حتى فارقني، فطلبته فلم أعرفه، ولم أجده، فذكرت ذلك (2) فقال: إذا كان من قابل فاطلبه في المكان الذي فارقته فيه؛ فإن وجدته أعطه ثمنه، وإن لم تجده فتصدق على مساكين، فإن رأيته بعد فخيره، إن شاء أن يكون له الأجر وإلا فأعطه".
رواه سعيد بن منصور.

5169 - عن أبي وائل شقيق بن سلمة يقول: "اشترى عبد الله جارية بسبعمائة درهم، فإما مات الرجل وإما ترك له، فنشده عبد الله حولاً، فلم يقدر عليه، فخرج بالدراهم إلى مساكين عند سدة بابه، فجعل يعطيهم ويقول: اللَّهم عن صاحبها؛ فإن كره فلي وعليَّ الغرم. ثم قال: هكذا يصنع باللقطة".
رواه سعيد بن منصور.

5170 - عن ثابت بن الضحاك الأنصاري "أنه وجد بعيرًا ضالاً بالحرة (فعقله) (3)
__________
(1) صحيح مسلم (1/ 397 رقم 569).
(2) كذا في "الأصل" وفيه سقط ظاهر، لعل فيه أن رفيعاً أتى ابن عباس فأخبره، فقد روى ابن أبي شيبة، عن عبد العزيز بن رفيع حدثني أبي قال: "وجدت عشرة دنانير، فأتيت ابن عباس، فسألته عنها، فقال: عرفها على الحجر سنة؛ فإن لم تُعرف فتصدق بها، فإن جاء صاحبها فخيره الأجر أو الغرم". كما في الجوهر النقي (6/ 189) والله أعلم.
(3) في "الأصل": فعرفه. والمثبت من الموطأ.

(4/545)


ثم ذكره لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات، فقال ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي. فقال عمر: أرسله حيث وجدته".
رواه مالك (1) -وهذا لفظه- وسعيد بن منصور.

109 - باب في اللقيط (2)
5171 - عن ابن شهاب، عن سُنَيْن أبي جميلة -رجل من بني سليم- "أنه وجد منبوذًا في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: " فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما حملك على أخذ هذه النَّسَمَة؟ فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها. فقال عريفه: يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح. فقال: كذلك؟ قال: نعم. قال عمر: اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته".
رواه مالك في الموطأ (3)، ورواه الطبراني (4) من حديث مالك وفيه: "فأتاه (به) (5) فاتهمه (به) (5) عمر، فاثني عليه خيرًا" وفيه: "ونففته من بيت المال".

110 - باب الوقف (6)
5172 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع
__________
(1) الموطأ (2/ 593 رقم 49).
(2) اللقيط: الطفل الذي يوجد مرميًّا على الطرق، لا يُعرف أبوه ولا أمه، فعيل بمعنى مفعول. النهاية (4/ 264).
(3) الموطأ (2/ 578 رقم 19).
(4) المعجم الكبير (7/ 102 رقم 6499).
(5) من المعجم الكبير.
(6) الوقف والتحبيس والتسبيل بمعنى واحد، وهي هذه الصدقة المعروفة، قال صاحب التهذيب: الوقف أن يحبس عينا من أعيان ماله فيقطع تصرفه عنها ويجعل منافعها=

(4/546)


عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له".
رواه مسلم (1).

5173 - عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر قال: "أصاب عمر -رضي الله عنه- أرضًا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال: يا رسول الله، أصبت أرضًا بخيبر، لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ فقال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها. قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا (يوهب) (2) قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو ليطعم صديقاً غير متمول فيه".
قال: فحدثت بهذا الحديث محمدًا فلما بلغت هذا المكان "غير متمول فيه، قال محمد: غير متأثل مَالاً. قال ابن عون: وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه: "غير متآثل مالاً".
رواه البخاري (3) ومسلم (4) -وهذا لفظه- وعند البخاري: "فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل ... " إلى قوله: "متمول فيه" قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: "غير متأثل مالاً".
__________
=لوجه من وجوه الخير تقربًا إلى الله تعالى. تهذيب الأسماء واللغات (4/ 194 - 195).
(1) صحيح مسلم (3/ 1255 رقم 1631).
(2) في "الأصل": يورث. والمثبت من صحيح مسلم.
(3) صحيح البخاري (5/ 418 رقم 2737).
(4) صحيح مسلم (3/ 1255 رقم 1632).

(4/547)


وعنده (1) أيضًا: "أن عمر تصدق بمالٍ له على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يقال له: ثَمغْ (2) -وكان نحيلاً، فقال عمر: يا رسول الله، إني استفدت مالاً وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق به. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمرته. فتصدق به عمر، صدقته تلك في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يؤكل صديقه غير متمول به".

5174 - وروى أبو داود (3) من رواية يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب قال: "نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب عبد الله عمر في ثمغ ... " فقص من خبره نحو حديث نافع، قال: "غير متأثل مالاً، فما عفي عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم. قال: وساق القصة. قال: وإن شاء وليُّ ثمغ اشترى من ثمره رقيقًا لعمله. وكتب معيقيب، وشهد عبد الله بن الأرقم: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى عبد الله عمر أمير المؤمنين، إن حدث بي حدث أن ثمغًا وصرمة بن الأكوع والعبد الذي فيه، والمائة السهم التي بخيبر ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه (محمد) (4) - صلى الله عليه وسلم - بالوادي تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 460 رقم 2764).
(2) ثَمغ: بالفتح، ثم السكون، وآخره غين معجمة، وقيده المهلب بفتح الميم، مال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الموقوف. مشارق الأنوار (1/ 136)، ومعجم البلدان (2/ 99).
(3) سنن أبي داود (3/ 117 رقم 2879).
(4) في "الأصل": محمداً. والمثبت من سنن أبي داود.

(4/548)


أهلها، أن لا يباع ولا يشترى بنفقة حيث رأى من السائل والمحروم وذي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقًا منه".

5175 - عن أبي هريرة قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على -الصدقة، فقيل: منع (1) ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (2): ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرًا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، وقد احتبس أعتاده (3) وأدراعه في سبيل الله، و (أما) (2) العباس (فهي) (4) عليَّ ومثلها (معها) (2). ثم قال: يا عمر ما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه". أخرجاه في الصحيحين (5).

111 - باب الهبة والنحل
5176 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسنن (6) شاة".
__________
(1) أي منع الزكاة وامتنع من دفعها. شرح صحيح مسلم (4/ 329).
(2) من صحيح مسلم.
(3) قال أهل اللغة: الأعتاد آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها، والواحد عَتاد بفتح العين، ويجمع أعتاد وأعتدة، ومعنى الحديث أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنًّا منهم أنها للتجارة وأن الزكاة فيها واجبة، فقال لهم: لا زكاة عليَّ، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خالدًا منع الزكاة. فقال: إنكم تظلمونه؛ لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قيل الحول عليها فلا زكاة فيها، ويُحتمل أن يكون المراد: لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها؛ لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعاً، فكيف يشح بواجب عليه. شرح صحيح مسلم (4/ 329).
(4) في "الأصل": فهو. والمثبت من صحيح مسلم.
(5) البخاري (3/ 388 رقم 1468)، ومسلم (2/ 676 رقم 983) واللفظ له.
(6) الفرسن: عظم قليل اللحم، وهو خف البعير، كالحافر للدابة، وقد يُستعار للشاة فيقال: فرسن شاة، وللذي للشاة هو الظَّلف. النهاية (3/ 429).

(4/549)


أخرجاه في الصحيحين (1).

5177 - عن المسور بن مخرمة ومروان "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم: معي من ترون، وأحب الحديث إليَّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت (بكم) (2). وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف -فلما تبين لهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير رادِّ إليهم إلا إحدى الطائفتين، قالوا: فإنا نختار سبينا. فقام في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإن إخوانكم هؤلاء جاءونا تائبين، وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطَيِّب (3) ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله -عز وجل- علينا فليفعل. فقال الناس: طيبنا يا رسول الله لهم. فقال لهم: إنا لا ندري من أذن منكم فيه ممن لم يأذن، فارجعوا (حتى يرقع إلينا عر فاؤكم (أمركم) (4). فرجع الناس وكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أنهم طيبوا وأذنوا. وهذا الذي بلغنا من سبي هوازن".
رواه البخاري (5).
__________
(1) البخاري (5/ 233 رقم 2566)، ومسلم (2/ 714 رقم 1030).
(2) من صحيح البخاري، وفي رواية الكشميهني: ومعنى استأنيت: استنظرت. أي: أخرت قسم السبي لتحضروا فأبطأتم. فتح الباري (7/ 629).
(3) بفتح المهملة، وتشديد الياء التحتانية، أي: يعطيه عن طيب نفس منه من غير عوض. فتح الباري (7/ 629).
(4) من صحيح البخاري، والعرفاء جمع عريف -بوزن عظيم- وهو القائم بأمر طائفة من الناس، من عرفت -بالضم والفتح- على القوم، أعرف -بالضم- فأنا عارف وعريف، أي: وليت أمر سياستهم وحفظ أمورهم، وسُمي بذلك لكونه يتعرف أمورهم حتى يعرف بها من فوقه عند الاحتياج. فتح الباري (13/ 180).
(5) صحيح البخاري (7/ 627 - 628 رقم 4318، 4319).

(4/550)


5178 - عن ابن عمر "أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، وكان على بكر صعب (1) لعمر، وكان يتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول أبوه: يا عبد الله، لا يتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد. فقال- له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعنيه. قال عمر: هو لك. فاشتراه، ثم قال: هو لك يا عبد الله، فاصنع به ما شئت".
رواه البخاري (2).

112 - باب ذكر العائد في هبته
5179 - عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه".
رواه خ (3) م (4).

5185 - عن عمر "أنه حمل على فرس في سبيل الله، فوجده عند صاحبه وقد أضاعه -وكان قليل المال- فأراد أن يشتريه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال: لا تشتره، وإن أعطيته بدرهم؛ فإن مثل العائد في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه".
رواه البخاري (5) ومسلم (6) وهذا لفظه.

5181 - ولهما (7) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "حملت على
__________
(1) أي: غير منقادٍ ولا ذلول. النهاية (3/ 29).
(2) صحيح البخاري (5/ 269 رقم 2610).
(3) صحيح البخاري (5/ 256 رقم 2589).
(4) صحيح مسلم (3/ 1240 - 1241 رقم 1622).
(5) صحيح البخاري (3/ 413 رقم 1490).
(6) صحيح مسلم (3/ 1239 رقم 162/ 20).
(7) البخاري (5/ 278 رقم 2623)، ومسلم (3/ 1239 رقم 1620/ 1).

(4/551)


فرس عتيق في سبيل الله، فأضاعه (1) صاحبه، فظننت أنه بائعه برخصٍ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: لا تبتعه، وإن أعطاكه بدرهم (وإن أعطاكه بدرهم) (2) ولا تعد في صدقتك؛ فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه". لفظ مسلم أيضًا.
وعند البخاري: "حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه بائعه برخصٍ، فسألت عن ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا (تشتره) (3)، وإن أعطاكه بدرهم واحد، إن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".

5182 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مثل الذي يعود في عطيته كمثل الكلب، أكل حتى إذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه فأكله".
رواه ق (4).

113 - باب في النحل (5)
5183 - عن النعمان بن بشير "أن أباه أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أنحلت ابني هذا غلاماً. فقال: أكلّ ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فارجعه".
__________
(1) أي: لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤنته وخدمته، وقيل: أي لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته، وقيل: معناه استعمله في غير ما جُعل له، والأول أظهر. فتح الباري (5/ 280).
(2) ليست في صحيح مسلم.
(3) في "الأصل": تشتريه. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) سنن ابن ماجه (2/ 797 رقم 2384).
(5) النُّحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق، يقال: نحله ينحله نُحلاً بالضم، والنحلة بالكسر: العطية. النهاية (5/ 29).

(4/552)


رواه البخاري (1) -واللفظ له- ومسلم (2).

5184 - وعن النعمان بن بشير قال: "أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله، واعدلوا (بين) (3) أولادكم. قال: فرجع فرد عطيته".
أخرجاه (4) أيضًا، واللفظ للبخاري، وعند مسلم قالي: "تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فانطلق أبي بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ (قال: لا) (5) قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة".

5185 - وعن النعمان بن بشير "أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة (6) من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما وهبت لابني. فأخذ أبي بيدي -وأنا غلام- فأتى
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 250 رقم 2586).
(2) صحيح مسلم (3/ 1241 رقم 1623).
(3) في "الأصل": في. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) البخاري (5/ 250 رقم 2587)، ومسلم (3/ 1242 - 1243 رقم 1623/ 13).
(5) من صحيح البخاري.
(6) في بعض روايات صحيح مسلم: "بعض الموهبة" قال القاضي عياض في المشارق (2/ 297): كذا عند ابن عيسى في كتاب مسلم وهي رواية أبي -كذا- الحذاء، وعند غيره: "الموهوبة" والمعروف: "الموهبة" بكسر الهاء، وكذا ذكر البخاري، وتصح رواية "الموهوبة" أي بعض الأشياء الموهوبة.

(4/553)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بشير، ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكلّهم وهبت لهم مثل هذا؟ قال: لا. قال: فلا تشهدني إذًا؛ فإني لا أشهد على جور".
رواه خ (1) م (2) وهذا لفظه.
وعند البخاري: "سألت أمي (أبي) (3) بعض (الموهوبة) (4) لي من ماله، ثم بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأخذ بيدي -وأنا غلام- فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أمه ابنة رواحة سألتني بعض (الموهوبة) (4) لهذا. فقال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم. قال: فأراه، قإل: لا تشهدني على جور". وقال أبو حريز عن الشعبي: " (لا) (5) أشهد على جور".
ولمسلم عن النعمان بن بشير قال: "وقد أعطاه أبوه غلامًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا الغلام؟ قال: أعطانيه أبي. قال: أفكل إخوته أعطيته كما أعطيت هذا؟ قال: لا. قال: فرده".
كذا هو في مسلم (6)، وقد أثبته الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (7): قال: "وكل إخوتك أعطاه كما أعطاك؟ قال: لا. قال: فاردده". فلعله كان في بعض النسخ كما ذكر، والله أعلم، وهو في سنن أبي داود (8) كما ذكر، وفي لفظ
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 306 رقم 2650).
(2) صحيح مسلم (3/ 1243 رقم 1623/ 14).
(3) من صحيح البخاري.
(4) في صحيح البخاري: الموهبة.
(5) تكررت في "الأصل".
(6) صحيح مسلم (3/ 1242 رقم 1623/ 12).
(7) وكذا ابن الأثير في جامع الأصول (11/ 617 - 618).
(8) سنن أبي داود (3/ 292 رقم 3543).

(4/554)


لمسلم (1): "لا تشهدني على جور".
وفي لفظ له (2) أيضًا قال: "فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذًا".

5186 - عن جابر -هو ابن عبد الله - قال: "قالت امرأة بشير: أنحِل ابني غلامك، وأشهد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي (و) (3) قالت: أشهد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: أله إخوة؟ قال: نعم. قال: أفكلَّهم أعطيت مثلما أعطيته؟ قال: لا. قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق".
رواه مسلم (4).

114 - باب
5187 - عن ابن عُمَر وابن عباس رفعاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده".
رواه الإمام أحمد (5) -وهذا لفظه- د (6) س (7) ق (8) ت (9) وقال: حديث ابن
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1243 رقم 1623/ 16).
(2) صحيح مسلم (3/ 1244 رقم 1623/ 17).
(3) من صحيح مسلم.
(4) صحيح مسلم (3/ 1244 رقم 1624).

5187 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 41 - 43 رقم 29 - 33).
(5) المسند (1/ 237).
(6) سنن أبي داود (3/ 291 رقم 3539).
(7) سنن النسائي (6/ 265 رقم 3692، 6/ 267 - 268 رقم 3705).
(8) سنن ابن ماجه (2/ 795 رقم 2377).
(9) جامع الترمذي (3/ 592 - 593 رقم 1299، 3/ 384 - 385 رقم 2132).

(4/555)


عباس حديث حسن صحيح.

5188 - عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده".
رواه الإمام أحمد (1) س (2) ق (3).

5189 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرجل أحق بهبته ما لم يشب منها".
رواه ابن ماجه (4) (من) (5) رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن (جارية) (6) قال يحيى بن معين (7): ليس بشيء. وقال أبو حاتم الرازي (8): لا يُحتج به. وقال النسائي (9): ضعيف.

115 - باب في ذكر الهدية
5190 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دُعيت إلى (ذراع أو) (10)
__________
(1) المسند (2/ 182).
(2) سنن النسائي (6/ 264 - 265 رقم 3691).
(3) سنن ابن ماجه (2/ 796 رقم 2378).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 798 رقم 2387).
(5) ليست في "الأصل".
(6) في "الأصل": حارثة. بالحاء المهملة والثاء المثلثة، وهو تصحيف، والصواب بالجيم والياء المثناة التحتية، كما في الأكمال (2/ 4) وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية ترجمته في التهذيب (2/ 45 - 47).
(7) تاريخ الدوري (3/ 62 رقم 240) وانظر التهذيب (2/ 46).
(8) الجرح والتعديل (2/ 84).
(9) كتاب الضعفاء والمتروكين (39 رقم 1).
(10) من صحيح البخاري.

(4/556)


كراع (1) لأجبت، ولو أُهدي إليَّ ذراع أو كراع لقبلت".
رواه البخاري (2).

5191 - عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها".
رواه البخاري (3).

5192 - عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أُهدي إلي كراع لقبلت، ولو دُعيت عليه لأجبت".
رواه الإمام أحمد (4) -وهذا لفظه- والترمذي (5) وقال: حديث حسن صحيح.

5193 - عن أبي هريزة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتي بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة. قال لأصحابه: كلوا. ولم يأكل، فإن قيل: هدية. ضرب بيده فأكل معهم".
رواه البخاري (6) ومسلم (7).

5194 - عن أبي هريرة "أن أعرابيًّا أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرة، فعوضه منها ست بكرات، فتسخطه، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن فلانًا أهدى إليَّ ناقة -وهي ناقتي، أعرفها كما أعرف بعض أهلي، ذهبت
__________
(1) الكراع: ما فوق الظلف للأنعام وتحت الساق. مشارق الأنوار (1/ 339).
(2) صحيح البخاري (5/ 236 رقم 2568).
(3) صحيح البخاري (5/ 249 رقم 2585).

5192 - خرجه الضياء في المختارة (7/ 18 - 20 رقم 2394 - 2398).
(4) المسند (3/ 209).
(5) جامع الترمذي (3/ 623 رقم 1338).
(6) صحيح البخاري (5/ 240 - 241 رقم 2576).
(7) صحيح مسلم (6/ 752 رقم 1077).

(4/557)


مني يوم زغابات (1) - فعوضته منها ست بكرات، فظل ساخطاً، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3) وروى النسائي (4) آخره: "لقد هممت ... " إلى آخره.
وروى أبو داود (5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وايم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجراً أو قرشياً أو أنصاريًا أو دوسيًا أو ثقفيًا".

5195 - عن أنس "أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، وكان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن زاهرًا بادينا ونحن حاضروه. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلاً دميمًا، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه -ولا يبصره الرجل- فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول الله، إذًا والله، تجدني كاسدًا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكن عند الله لست كاسداً -أو قال: لكن عند الله أنت غال".
__________
(1) ذكرها ياقوت في معجم البلدان (2/ 159) بالإفراد، فقال: زَغَابة: بالفتح في الأول، وبعد الألف باء موحدة، قال ابن إسحاق: ولما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم. ورواه أبو عُبيد البكري الأندلسي: زُعابة، بضم الزاي وعين مهملة. وذكر هذا الحديث.
(2) المسند (2/ 292) واللفظ له.
(3) جامع الترمذي (5/ 686 رقم 3945، 3946) وقال: حديث حسن.
(4) سنن النسائي (6/ 280 رقم 3768).
(5) سنن أبي داود (3/ 290 - 291 رقم 3537).

5195 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 180 - 181 رقم 1805، 1806).

(4/558)


رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- وأبو حاتم البستي (2).

5196 - عن عمر -رضي الله عنه- "أن رجلاً كان يلقب حمارًا، وكان يهدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العُكَّة (3) من السمن والعسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه، جاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أعط هذا متاعه. فما يزيد النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يتبسم، فيأمر به فيعطى".
رواه أبو بكر أحمد (بن) (4) عَمْرو بن أبي عاصم، وروى البخاري (5) منه "أن رجلاً يلقب حمارًا، وكان يُضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -".

5197 - عن عائشة "أن نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حزبين: فحزب فيه عائشة وحفصة (وصفية) (6) وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية، ويريد أن يهديها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أخرها حتى إذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة بعث صاحب الهدية بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة، فكلم حزب أم سلمة فقلن لها: كلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يُهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية فليهدها إليه حيث
__________
(1) المسند (3/ 116).
(2) الإحسان (13/ 106 - 107 رقم 5790).

5196 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 184 رقم 92).
(3) هي وعاء من جلود مستدير، يختص بالسمن والعسل، وهو بالسمن أخص. النهاية (3/ 284).
(4) سقطت من "الأصل"، والحديث رواه الضياء في المختارة من طريق ابن أبي عاصم، وعزاه له ابن كثير في إرشاد الفقيه (2/ 106).
(5) صبحيح البخاري (12/ 77 رقم 6780).
(6) من صحيح البخاري.

(4/559)


كان من نسائه. فكلمته أم سلمة بما قلن، فلم يقل لها شيئاً، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئًا. (فقلن لها: فكلميه. قالت: فكلمته حين دار إليها أيضًا، فلم يقل لها شيئًا، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئًا) (1). فقلن لها: كلميه حتى يكلمك. فدار إليها فكلمته فقال لها: لا تؤذيني في عائشة؛ فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة. فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله. ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول له: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر. فكلمته فقال: يا بنية، ألا تحبين من أحب؟ فقالت: بلى. فرجعتُ إليهن فأخبرتهن فقلن لها: ارجعي إليه. فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت، وقالت: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي قحافة. فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة -وهي قاعدة- فسبتها حتى إن رسول الله لينظر إلى عائشة هل تكلم، قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها. قالت: فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة، فقال: إنها بنت أبي بكر".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) بنحوه، وعنده: "أي بنية ألست تحبين من أحب؟ فقالت: بلى. قال: فأحبي هذه". وليس عنده: "أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن حزبين"، وأوله عنده: "أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (4)، قالت: "أرسَل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". ولم يذكر قول أم سلمة -رضي الله عنهم أجمعين.
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (5/ 243 - 244 رقم 2581).
(3) صحيح مسلم (4/ 1891 - 1892 رقم 2442)
(4) صحيح مسلم (4/ 1891 رقم 2441).

(4/560)


5198 - عن عائشة- قالت: "قلت: يا رسول الله، إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا".
رواه البخاري (1).

116 - باب الأمر بالتهادي وغير ذلك
5198م- عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تهادوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر (2) " (3).
رواه إبراهيم الحربي، وعنده: "وغَرَ الصدر (4) " (5) وأبو بكر بن عمرو بن أبي عاصم في كتاب الأموال.

5199 - وروى أبو بكر عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يأمر بهدية صلة بين الناس وقال: لو قد أسلم الناس تهادوا من غير جوع" (6).

5200 - عن عبد الرحمن بن علقمة قال: "قدم وفد ثقيف على رسول الله
__________
(1) صحيح البخاري (5/ 260 رقم 2595).
(2) وَحَرُ الصدر هو بالتحريك: غشه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ، وقيل: العداوة، وقيل: أشد الغضب. النهاية (5/ 160).
(3) رواه الترمذي (4/ 383 - 384 رقم 2130) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأبو معشر اسمه نجيح مولى بني هاشم، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه.
(4) وَغَرُ الصدر هو بالتحريك: الغل والحرارة، وأصله من الوغرة: شدة الحر. النهاية (5/ 208).
(5) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 405).
(6) رواه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 244)، والكبير (1/ 260 رقم 757) من طريق أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس، وقال: لم يروه عن قتادة إلا سعيد، تفرد به أبو الجماهر.

(4/561)


ومعهم هدية، فقال: أهدية أم صدقة؟ فإن كانت هدية فإنما يبتغى بها وجه الرسول -رضي الله عنه- وقضاء الحاجة، وإن كانت صدقة فإنه يبتغى بها وجه الله -عز وجل- قالوا: لا بل هدية. فقبلها منهم، وقعد معهم يسائلهم ويسائلونه حتى صلى الظهر مع العصر". رواه النسائي (1).

5201 - وروى إبراهيم الحربي وأبو بكر بن عَمْرو بن أبي عاصم عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تردوا الهدية" (2).

117 - باب الهدية إلى الأمراء
5202 - عن أبي حميد الساعدي قال: "استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأزد يقال له: ابن الأُتَبِيَّة (3) على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي (لي) (4). قال: فهلا جلس في بيت أبيه -أو بيت أمه- فينظر أيهدى إليه أم لا، والذي نفسي بيده لا يأخذ (أحد) (4) منه شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرًا له رُغاء (5)، أبو بقرة لها خُوار (6)، أو شاة تَيْعِر (7) - ثم رفع بيده
__________
(1) سنن النسائي (6/ 279 رقم 3767).
(2) رواه الإمام أحمد في المسند (1/ 404)، والبخاري في الأدب المفرد (157)، وابن حبان - موارد الظمآن (1/ 461 رقم 1064).
(3) بضم الهمزة، وفتح التاء باثنتين، وكسر الباء بعدها، كذا جاء في غير موضع من صحيح البخاري، وجاء عند مسلم من رواية السمرقندي: "الأُتْبيه" بالتصغير، وضبطناه فيه عن العذري: "اللُتَبية" بضم اللام بغير همز، وبفتح التاء، وكذا جاء في البخاري في آخر الزكاة، وفي باب من لم يقبل الهدية لابن السكن، وصوابه كذلك إلا أنه مسكن التاء، وبنو لتب بطن من العرب قاله ابن دريد. مشارق الأنوار (1/ 70).
(4) من صحيح البخاري.
(5) الرُّغاء: صوت الإبل. النهاية (2/ 240).
(6) الخُوار: صوت البقرة. النهاية (2/ 87).
(7) يقال: يَعَرَت العنز تَيْعِرُ -بالكسر- يُعاراً -بالضم-: أي صاحت. النهاية (5/ 297).

(4/562)


حتى رأينا عُفْر (1) إبطيه- اللَّهم هل بلغت، اللَّهم هل بلغت، اللَّهم هل بلغت".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3).

5203 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هدايا (الأمراء) (4) غلول".
رواه إبراهيم الحربي في كتاب الهدايا.

5204 - وروى هو وأبو بكر بن عمرو ابن أبي عاصم، عن أبي سعيد قال: "هدايا العمال غلول". وقال أبو بكر: "هدايا الأمراء غلول" موقوف على أبي سعيد الخدري (5).

118 - باب في الهدية لمن قضى له حاجة
5205 - عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها؛ فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا".
رواه الإمام أحمد (6) د (7) وهذا لفظه، والقاسم هو ابن عبد الرحمن مولى خالد بن يزيد بن معاوية، قال الإمام أحمد (8) د (9): منكر الحديث. قال
__________
(1) العُفْرة: بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عَفَر الأرض، وهو وجهها. النهاية (3/ 126).
(2) صحيح البخاري (5/ 260 - 261 رقم 2597).
(3) صحيح مسلم (3/ 1463 رقم 1832).
(4) في "الأصل": الأموال. والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 199 رقم 11486) والأوسط (7/ 77 رقم 6902). لفظ: "الهدية إلى الإمام غلول".
(5) ورواه ابن عبد البر في التمهيد (2/ 15 - 16) والطبراني في الأوسط، وأبو سعيد النقاش في كتاب "الفرق بين القضاة العادلة والجائرة" -كما في تخريج الأحياء (2/ 1095) - من طريق أبان بن أبي عياش، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً.
(6) المسند (5/ 261).
(7) سنن أبي داود (3/ 291 - 292 رقم 3541).
(8) كتاب المجروحين (2/ 212) والتهذيب (23/ 386 - 388).
(9) نقل أبو داود في سؤالاته (255 رقم 271) عن الإمام أحمد نحوها.

(4/563)


ابن حبان (1): يروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعضلات.

5260 - وروى إبراهيم الحربي "أن دهقانًا أتى عبد الله بن جعفر ليستعين به في شيء، فكلم علياً فقضى له حاجة، فبعث إليه الدهقان بأربعين ألف، فلما وقعت في يد (عبد الله) (2) بن جعفر قال: ما هذا؟ قيل: بعث بها الدهقان الذي كلمت في حاجته. قال: ردوها؛ فإنا أهل بيت لا نبيع المعروف".

5207 - وروى أيضًا عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: "السحت أن تطلب الحاجة للرجل فتقضى له، فيُهدي إليك فتقبلها".

5208 - وروى عن مسروق "أنه كلم ابن زياد في مظلمة، فردها، وأهدى له صاحبها وصيفًا (3)، فرده عليه، وقال: سمعت ابن مسعود يقول: من رد على مسلم مظلمة فرزقه عليها قليلاً أو كثيرًا فهو سحت. فقلت: يا أبا عبد الرحمن، ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم. قال: ذاك كفر".

باب هدية أهل الكتاب
119 - هدية المرأة اليهودية
5209 - عن أنس: "أن أمراة يهودية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة مسمومة، فأكل منه، فجيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألها عن ذلك، قالت: أردت لأقتلك. قال: ما كان الله ليسلطك على ذلك -قال: أو قال عليَّ- قال: (قالوا) (4): ألا
__________
(1) كتاب المجروحين (2/ 212).
(2) في "الأصل": عبد الرحمن.
(3) الوصيف: العبد، والأمة: وصيفة، وجمعها: وصفاء ووصائف. النهاية (5/ 191).
(4) من صحيح مسلم.

(4/564)


نقتلها؟ قال: لا. قال: فما زلت أعرفها في لهوات (1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
رواه البخاري (2) ومسلم (3) وهذا لفظه.
ولفظ البخاري: عن أنس بن مالك "أن يهودية أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ مسمومةٍ، فأكل منها، فجيء بها فقيل: ألا نقتلها؟ قال: لا. قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

5210 - عن أبي هريرة قال: "لما فُتحت خيبر أُهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاةٌ فيها سُمٌّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود. فجُمعوا له، فقال: إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقوني (4)؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم. فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كذبتم بل أبوكم فلان. فقالوا: صدقت وبررت. فقال: هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، فإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرًا، ثم تخلُفونا فيها. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اخسئوا فيها، واللَّه لا نخلفكم فيها أبداً. ثم قال: هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم. قال: ما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إن كنت كذابًا نستريح منك، وإن كنت نبياً لم يضرك".
رواه البخاري (5).
__________
(1) اللَّهَوَات: جمع لَهَاة، وهي اللحمات في سقف أقصى الفم. النهاية (4/ 284).
(2) صحيح البخاري (5/ 272 رقم 2617).
(3) صحيح مسلم (4/ 1721 رقم 2190).
(4) كذا وقعت الرواية، وانظر فتح الباري (10/ 256).
(5) صحيح البخاري (10/ 255 رقم 5777).

(4/565)


5211 - عن عبد الله بن مسعود قال: "كان أحب العُرَاق (1) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذراع الشاة، وكنا نرى أنه مسموم في ذراع الشاة، وكنا نرى أن اليهود سموه" (2).
رواه الإمام أحمد (3) بنحوه.

5212 - وروى (4) عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم من أكلة أكلها من شاة مسمومة، سمتها امرأة من أهل خيبر".

5213 - وروى (5) أيضًا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أمه "أن أم مبشر دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي قُبض فيه، فقالت: بأبي وأمي يا رسول الله ما تتهم بنفسك؟ فإني لا أتهم (6) إلا الطعام الذي أكل معك بخيبر. وكان ابنها مات قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وأنا لا أتهم غيره، هذا أوان قطع أَبْهَري (7) " (8).
__________
(1) العُرَاق: جمع عَرْق، وهو جمع نادر، والعَرْق: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم، يقال: عرقت العظم واعترقته وتعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك. النهاية (3/ 220).
(2) رواه أبو داود (3/ 350 رقم 3780، 3781)، والنسائي في الكبرى (4/ 153 رقم 6654)، والترمذي في الشمائل.
(3) المسند (1/ 394، 397).
(4) المسند (1/ 374).
(5) المسند (6/ 18).
(6) كذا في "الأصل" والمسند، وفي سنن أبي داود (4/ 175 رقم 4513): "لا أتهم بابني".
(7) الأبهر: عرق يكتنف الصلب، والقلب متصل به، فإذا انقطع فلا حياة لصاحبه. قاله القاضي في مشارق الأنوار (1/ 102) وانظر النهاية (1/ 18).
(8) رواه أبو داود (4/ 175 رقم 4514) عن الإمام أحمد به، وقال أبو سعيد بن الأعرابي: كذا قال: "عن أمه" والصواب عن أبيه. ورواه أبو داود (4/ 175 رقم 4513) عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه به. قال المزي في التحفة (8/ 317 رقم 11139):=

(4/566)


5214 - وقال البخاري (1): وقال يونس، عن الزهري، قال عروة: قالت عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري (من ذلك السم) (2) " (3).

120 - هدية ملك أَيْلَة (4)
5215 - عن أبي حميد الساعدي قال: "غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوك، وأهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء، فكساه بردًا، وكتب لهم ببحرهم (5) ".
رواه البخاري (6) -وهذا لفظه- ومسلم (7) ولفظه: وجاء (رسول ابن العلماء صاحب أيْلَة إلى) (8) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب، وأهدى له بغلة بيضاء، فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهدى له بُردًا".

5216 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "أهدى يُوحَنَا بن رُوْبَة (9) إلى النبي
__________
=هذا الحديث في رواية أبي سعيد الأعرابي وأبي بكر بن داسة عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم.
(1) صحيح البخاري (7/ 737 رقم 4428).
(2) من صحيح البخاري.
(3) قال ابن حجر في الفتح (7/ 737): وصله البزار والحاكم والإسماعيلي.
(4) أيْلَة بالفتح: مدينة على ساحل بحر القُلزم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. معجم البلدان (1/ 347).
(5) أي ببلدهم، أو المراد بأهل بحرهم؛ لأنهم كانوا سكانًا بساحل البحر، أي أنه أقره عليهم بما التزموه من الجزية. فتح الباري (3/ 405).
(6) صحيح البخاري (3/ 402 - 403 رقم 1481).
(7) صحيح مسلم (4/ 1785 رقم 1392).
(8) من صحيح مسلم.
(9) قال ابن حجر في الفتح (3/ 405): يُوحنَّا: بضم التحتانية، وفتح المهملة، وتشديد=

(4/567)


- صلى الله عليه وسلم - بغلته البيضاء".
رواه إبراهيم الحربي في كتاب الهدايا (1).

121 - هدية أكيدر دُومة (2)
5217 - عن أنس بن مالك "أنه أُهديَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة من سندس (3)، وكان ينهى عن الحرير، فتعجب الناس منها، فقال: والذي نفس محمدٍ بيده، إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" (4).

5218 - وعن أنس "أن أكيدر (5) دُومة الجندل أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. " (6) فذكر نحوه.
رواه البخاري (7) ومسلم وهذا لفظه، وقال البخاري (8) بعد "أحسن من هذا": وقال سعيد عن قتادة عن أنس "إن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ".
__________
=النون، ورُوْبَة: بضم الراء، وسكون الواو، بعدها موحدة.
(1) وعزاه له ابن حجر في الفتح (3/ 405).
(2) أُكيدر تصغير أكدر، ودومة -بضم المهملة، وسكون الواو- بلد بين الحجاز والشام، وهي دومة الجندل، مدينة بقرب تبوك، بها نخل وزرع وحصن على عشر مراحل من المدينة وثمان من دمشق، وكان أكيدر ملكها. فتح الباري (5/ 273).
(3) السندس: ما رق من الديباج ورفع. النهاية (3/ 409).
(4) صحيح مسلم (4/ 1916 رقم 2469).
(5) زاد بعدها في "الأصل": به.
(6) صحيح مسلم (4/ 1617 رقم 2469).
(7) صحيح البخاري (5/ 272 رقم 2615).
(8) صحيح البخاري (5/ 272 رقم 2616).

(4/568)


وفي لفظ لمسلم (1): عن علي -رضي الله عنه- "أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير، فأعطاه عليًّا، قال: شققه خمرًا بين الفواطم (2) ".

5219 - وعن أنس قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا إلى أكيدر دومة فأرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام على المنبر -أو جلس- فلم يتكلم، ثم نزل فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتعجبون منها؟ قالوا: ما رأينا ثوبًا قط أحسن منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون".
رواه الإمام أحمد (3) -وهذا لفظه- والنسائي (4) والترمذي (5) وقال: حديث حسن (6).

5220 - عن علي بن زيد، عن أنس قال: "أهدى الأكيدر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرة من مَنٍّ (7)، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة مر على القوم، فجعل يعطي كل رجل منهم قطعة". (فأعطى جابرًا قطعة) (8) ثم إنه رجع إليه
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1645 رقم 2071/ 18).
(2) الفواطم: جمع فاطمة، وهن أربع، كذا جاء في بعض روايات الحديث: "بين الفواطم الأربع"، وهن: فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج علي، وفاطمة بنت أسد بن هاشم أُمه، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة بنت عتبة زوج عقيل بن أبي طالب. مشارق الأنوار (2/ 156).
(3) المسند (3/ 112 - 122).
(4) سنن النسائي (8/ 199 رقم 5317).
(5) جامع الترمذي (4/ 190 - 191 رقم 1723).
(6) في عارضة الأحوذي (7/ 226، 227)، وتحفة الأحوذي (5/ 389 رقم 1777)، وتحفة الأشراف (1/ 424 رقم 1648): حسن صحيح. وفي جامع الترمذي: صحيح. فقط.
(7) المن: هو العسل الحلو. النهاية (4/ 366).
(8) من المسند.

(4/569)


فأعطاه قطعة أخرى، فقال: إنك قد أعطيتني مرة. قال: هذا لبنات عبد الله".
رواه الإمام أحمد (1)، علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان تكلم فيه غير واحدٍ من الأئمة (2).

122 - هدية ملك الروم
5221 - عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك "أن ملك الروم أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسْتقة (3) من سندس، فلبسها، فكأني انظر إلى يديه تَذَبْذَبان (4)، ثم بعث بها إلى جعفر فلبسها، ثم جاءه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إني لم أعطكها لتلبسها. قال: فما أصنع بها؟ قال: أرسل بها إلى أخيك النجاشي".
رواه د (5) من رواية علي بن زيد الذي تقدم.

123 - هدية المقوقس ملك القِبْط (6)
5222 - عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه "أن أمير القبط أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جاريتين وبغلة، فكان يركب البغلة بالمدينة، وأخذ إحدى الجاريتين لنفسه، ووهب الأخرى لحسان".
رواه أبو بكر أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم (7) -وهذا لفظه- وإبراهيم
__________
(1) المسند (3/ 122).
(2) ترجمته في التهذيب (20/ 434 - 445).
(3) هي بضم التاء وفتحها: فرو طويل الكمين، وهي تعريب مُشتَه، وقوله: "من سندس" يشبه أنها كانت مكففة بالسندس، وهي الرفيع عن الحرير والديباج، لأن الفرو لا يكون سندساً، وجمعها: مَساتِق. النهاية (4/ 326).
(4) أي: تتحركان وتضطربان، يريد كُميه. النهاية (2/ 154).
(5) سنن أبي داود (4/ 47 - 48 رقم 4047).
(6) القِبْط: هم أهل مصر. النهاية (4/ 6).
(7) الآحاد والمثاني (5/ 447 رقم 3123).

(4/570)


الحربي (1).

124 - باب في هدايا المشركين
5223 - عن ثوير -هو ابن أبي فاختة- عن أبيه، عن علي -رضي الله عنه- قال: "أهدى كسرى للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل منه، وأهدت الملوك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل منهم" (2).
رواه إبراهيم الحربي، وثوير قال سفيان الثوري (3): ركن من أركان الكذب. وقال يحيى بن معين (4): ليس بشيء. وقال السعدي (5) والنسائي (6): ليس بثقة. وقال علي بن الجنيد (7): متروك.

5224 - عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه قال: "جاء ملاعب الأسنة إلى رسول الله بهدية، فعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) الإسلام، فأبى أن يسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإني لا أقبل هدية مشرك".

5225 - وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك "أن عامر بن مالك ملاعب الأسنة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " فذكر نحوه، رواه أبو بكر أحمد بن أبي عاصم، لي يقل: "عن أبيه" وكذا رواه الحربي.
__________
(1) عزاه له ابن حجر في التلخيص الحبير (3/ 156).
(2) رواه الترمذي (4/ 119 رقم 1576) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(3) التاريخ الكبير للبخاري (2/ 184).
(4) تاريخ الدوري (3/ 287 رقم 1362).
(5) أحوال الرجال (142 رقم 103).
(6) كتاب الضعفاء والمتروكين (70 رقم 98).
(7) إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (3/ 118).
(8) زاد بعدها في "الأصل": عليه.

(4/571)


5226 - وروى ابن أبي عاصم أيضًا عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني نُهيت عن زَبْد (1) المشركين. فردها" (2).

5227 - وروى الإمام أحمد (3) من رواية الحسن عن عياض بن حمار المجاشعي "وكانت بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - معونة (4) قبل أن يبعث، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى له هدية -قال: أحسبها إبلاً- فأبى أن يقبلها، وقال: إنا لا نقبل زَبْد المشركين. قال: قلت: وما زبد المشركين؟ قال: رفدهم هديتهم".

5228 - عن ذي الجوشن قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن فرغ من أهل بدر -بابن فرسٍ لي، فقلت: يا محمد، إني جئتك بابن القرحاء (5) لتتخذه. قال: لا حاجة لي فيه، ولكن إن شئت أن أقايضك (6) به المختارة من دروع بدر فعلت. فقلت: ما كنت لأقايضك اليوم بغرة (7). قال: فلا حاجة لي فيه. ثم
__________
(1) الزَّبْد بسكون الباء: الرَّقْد والعطاء، يقال منه: زَبَده يزبِده -بالكسر- فأما يَزْبُده بالضم فهو إطعام الزَّبْد. النهاية (2/ 293).
(2) رواه أبو داود (3/ 173 رقم 3057)، والترمذي (4/ 119 رقم 1577) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ومعنى قوله: "إني نهيت عن زبد المشركين" يعني: هداياهم، وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقبل من المشركين هداياهم، وذُكر في هذا الحديث الكراهية، واحتمل أن يكون هذا بعد ما كان يقبل منهم ثم نُهي عن هداياهم. قلت: بسط هذه المسألة الإمام أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (2/ 12 - 17).
(3) المسند (4/ 162).
(4) في المسند: معرفة.
(5) في المسند: العرجاء. والأقرح من الخيل ما كان في جبهته قُرحة -بالضم- وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغُرِّة. النهاية (4/ 36).
(6) في المسند: أقيضك. وقد قاضه يقيضه، وقايضه مقايضة في البيع: إذا أعطاه سلعة أخذ عوضها سلعة. النهاية (4/ 132).
(7) في المسند: بعدة. قال ابن الأثير في النهاية (3/ 354): وفي حديث ذي الجوش: "ما=

(4/572)


قال: يا (ذا) (1) الجوشن، ألا تسلم فتكون من أول هذا الأمر؟ قلت: لا. قال: لم؟ قلت: إني رأيت قومك قد ولعوا (2) بك. قال: فكيف بلغك عن مصارعهم ببدر؟ قال: قلت: قد بلغني. قال: قلت: إن (تغلب على مكة) (3) وتقطنها. قال: لعلك إن عشت أن ترى ذلك. ثم قال: يا بلال، خذ حقيبة الرحل فزودوه (4) من العجوة. فلما أن أدبرت، قال: أما إنه من خير بني عامر. قال: فوالله إني لبأهلي بالغور إذ أقبل راكب، فقلت: من أين؟ قال: من مكة. قلت: ما فعل الناس؟ قال: قد غلب عليها محمد. قال: فقلت: هبلتني أمي (5)، فوالله لو أسلم يومئذ ثم (أسأله الحيرة) (6) لأقطعنيها".
رواه الإمام أحمد (7) -وهذا لفظه- وأبو داود (8)
__________
=كنت لأقيضه اليوم بغُرة" سَمَّى الفرس في هذا الحديث غُرة، وأكثر ما يُطلق على العبد والأمة، ويجوز أن يكون أراد بالغرة النفيس من كل شيء، فيكون التقدير: ما كنت لأقيضه بالشيء النفيس المرغوب فيه.
(1) في الأصل: ابن. والمثبت من المسند.
(2) يقال وَلِعَ فلان بفلان يَوْلَع به. إذا لَجَّ في أمره وحرص على إيذائه. لسان العرب (6/ 4916).
(3) في "الأصل": بلغت على الكعبة. والمثبت من المسند.
(4) في المسند: فزوده. بالإفراد.
(5) يقال: هَبِلَته أمه تهبله هَبَلاً -بالتحريك- أي: ثكلته، هذا هو الأصل، ثم يُستعمل في معنى المدح والإعجاب. النهاية (5/ 240).
(6) في "الأصل": سألته الحير. والمثبت من المسند، والحيْرَة -بالكسر، ثم السكون، وراء- مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية. معجم البلدان (2/ 376).
(7) المسند (3/ 484).
(8) سنن أبي داود (3/ 92 قم 2786).

(4/573)


125 - باب في رَدِّ الهدية
5229 - عن الصَّعْب بن جَثَّامة "أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا -وهو بالأَبْواءِ أو بوَدَّانَ- فردَّه عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: إنا لم نردَّه عليك إلا أنا حُرُمٌ".
رواه البخاري (1) ومسلم (2).
وفي لفظ للبخاري (3): "أو بوَدَّن وهو محرم فرَدَّه، قال صعب: فلما عرف في وجهي رده هديتي، قال: ليس بنا رَدٌّ عليك، ولَكِنَّا حُرُمٌ".

5230 - عن ابن عباس "أن رجلاً أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل علمت أن الله قد حرمها؟ قال: لا. فسارَّ إنسانًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بم ساررته؟ فقال: أمرته ببيعها. فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها. (ففتح المزاد حتى ذهب ما فيها) (4) ". رواه مسلم (5).

126 - باب
5231 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أهدي إليه وعنده قوم فهم شركاؤه فيها" (6).
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 38 رقم 1825).
(2) صحيح مسلم (2/ 850 رقم 1193).
(3) صحيح البخاري (5/ 260 رقم 2596).
(4) في "الأصل": ففتح المزادتين حتى ذهب ما فيهما. على التثنية، والمثبت من صحيح مسلم، والمزاد هي الراوية، وسبق هذا الحديث على الصواب.
(5) صحيح مسلم (3/ 1206 رقم 1579).
(6) قال البخاري في صحيحه (5/ 268): باب من أُهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق، ويُذكر عن ابن عباس أن جلساءه شركاؤه. ولم يصح.

(4/574)


رواه أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم -وهذا لفظه- وإبراهيم الحربي، هو من رواية مندل بن علي العنزي، ضعفه الإمام أحمد (1) ويحيى بن معين (2) س (3) والدارقطني (4).

127 - باب في الهدية إِذا لم تصل إِلى المهدي إِليه حتى مات
5232 - عن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت: "لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة قال لها: إنه أهديت إلى النجاشي حلة وأواق من مسك، ولا أرى النجاشي لا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة عليَّ، فإن رُدت عليَّ فهي لك. قال: وكان كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورُدت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة". رواه الإمام أحمد (5).

128 - باب المكافأة على الهدية (6)
5233 - عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعاذ باللَّه فأعيذوه، ومن سألكم باللَّه فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن آتاكم (7) معروفًا فكافئوه، فإن لم
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال (1/ 412 رقم 871)، والجرح والتعديل (8/ 434).
(2) تاريخ الدوري (4/ 44 رقم 3057)، والجرح والتعديل (8/ 435).
(3) كتاب الضعفاء والمتروكون (230 رقم 606).
(4) الضعفاء والمتروكين (187 رقم 186).
(5) المسند (6/ 404).
(6) روى البخاري (5/ 249 رقم 2585) عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها". وتقدم برقم (5191).

5233 - خرجه الضياء في المختارة (5/ ق 197 أ-ب).
(7) في المسند: أتى عليكم.

(4/575)


تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه".
رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- وأبو داود (2) والنسائي (3) وأبو حاتم البستي (4).

5234 - عن أنس قال: "قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قومًا قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن (بذلاً) (5) في كثير، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنأ، حتى (لقد) (5) خشينا أن يذهبوا بالأجر كله. قال: لا ما أثنيتم عليهم ودعوتم اللُّه لهم" (6).
رواه الإمام أحمد (7) -وهذا لفظه- ت (8) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

129 - باب العُمْرى (9) والرُّقْبى (10)
5235 - عن جابر -هو ابن عبد الله - قال: "قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرى أنها
__________
(1) المسند (2/ 68، 127).
(2) سنن أبي داود (2/ 128 رقم 1672).
(3) سنن النسائي (5/ 82 رقم 2566).
(4) موارد الظمآن (2/ 915 رقم 2071)، والإحسان (8/ 199 - 200 رقم 3408).

5234 - خرجه الضياء في المختارة (5/ 290 - 292 رقم 1930 - 1934).
(5) من المسند.
(6) رواه أبو داود (4/ 255 رقم 4812).
(7) المسند (3/ 200 - 201).
(8) جامع الترمذي (4/ 563 - 564 رقم 2487).
(9) يقال: أعمرته الدار عُمْرَى: أي جعلتها له يسكنها مدة عمره، فإذا مات عادت إليَّ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية، فأبطل ذلك، وأعلمهم أن من أعمر شيئًا أو أرقبه حياته فهو لورثته من بعده، وقد تعارضت الروايات على ذلك، والفقهاء فيها مختلفون، فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكًا، ومنهم من يجعلها كالعارية ويتأول الحديث. النهاية (3/ 298).
(10) الرُّقبَى: أن يقول الرجل للرجل قد وهبت لك هذه الدار، فإن من قبلي رجعت إليَّ، وإن من قبلك فهي لك، وهي فُعلى من المراقبة؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت=

(4/576)


لمن وُهبت له".
رواه البخاري (1) -وهذا لفظه- ومسلم (2) ولفظه: "العُمْرى لمن وهبت له".

5236 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرى جائزة".
أخرجاه (3) أيضًا.

5237 - وعن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرى جائزة".
أخرجاه (4).

5238 - وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه، فقال: قد أعطيتكها وعقبك ما بقي منهم (5) أحد. فإنها لمن أعطيها، وإنها لا ترجع إلى صاحبها من أجل أنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث".
رواه مسلم (6).

5239 - وله (7) عن جابر قال: "إنما العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: هي لك ولعقبك. وأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها. قال معمر: وكان الزهري يفتي به".
__________
= صاحبه، والفقهاء فيها مختلفون، منهم من يجعلها تمليكًا، ومنهم من يجعلها كالعارية. النهاية (2/ 249).
(1) صحيح البخاري (5/ 282 رقم 2625).
(2) صحيح مسلم (3/ 1246 رقم 1625/ 25).
(3) البخاري (5/ 282 رقم 2626)، ومسلم (3/ 1248 رقم 1626).
(4) البخاري (5/ 282 رقم 2626)، ومسلم (3/ 1247 - 1248 رقم 1625/ 30).
(5) في صحيح مسلم: منكم.
(6) صحيح مسلم (3/ 1245 رقم 1625/ 22).
(7) صحيح مسلم (3/ 1246 رقم 1625/ 23).

(4/577)


5240 - وله (1) عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بَتْلَة (2)، لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثُنْيا. قال أبو سلمة: لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث؛ فقطعت المواريث شرطه".

5241 - وله (3) عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها (4)؛ فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أُعْمِرَها حيًّا وميتاً ولعقبه".

5242 - وله (5) عن جابر قال: "جعل الأنصار يعمرون للمهاجرين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسكوا عليكم أموالكم".

5243 - وله (6) عن جابر قال: "أعمرت امرأة بالمدينة حائطاً ابنًا لها، ثم توفي وتوفيت بعده، وترك ولدًا، وله إخوة بنون للمعمرة (فقال ولد المعمرة: رجع الحائط إلينا. وقال بنو المعمر:) (7) بل كان لأبينا حياته وموته. فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدعا جابرًا فشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لصاحبها. فقضى بذلك طارق، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره ذلك، وأخبره
__________
(1) صحيح مسلم (3/ 1246 رقم 1625/ 24).
(2) قال ابن الأثير في النهاية (1/ 94): "بتل رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - العمرى" أي أوجبها ومَلّكها ملْكًا لا يتطرق إليه نقض، يقال: بَتَله يَبْتُله بَتْلًا إذا قطعه. وقال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 76): "فهي له بتلة" أي عطية ماضية غير راجعة إلى الواهب.
(3) صحيح مسلم (3/ 1246 - 1247 رقم 1625/ 26).
(4) قال النووي في شرح مسلم (7/ 76 - 77): المراد إعلامهم أن العمرى هبة صحيحة ماضية يملكها الموهوب له ملكًا تامًّا لا يعود إلى الواهب أبداً، فإذا علموا ذلك فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة، ومن شاء ترك؛ لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها.
(5) صحيح مسلم (3/ 1247 رقم 1625/ 27).
(6) صحيح مسلم (3/ 1247 رقم 1625/ 28).
(7) من صحيح مسلم.

(4/578)


بشهادة جابر، فقال عبد الملك: صدق جابر. فأمضى ذلك طارق، وإن ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم".

5244 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أُعمِر عُمْرى (فهي) (1) له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه".
رواه أبو داود (2) والنسائي (3).

5245 - عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه، فهي له (يرثها من عقبه من يرثه) (4) ".
رواه النسائي (5).

5246 - وروى (6) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عمرى، من أعمر شيئًا فهو له".

5247 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العُمْرى جائزة لأهلها، والرُّقبى جائزة لأهلها".
رواه الإمام أحمد (7) وأبو داود (8) والنسائي (9) -وهذا لفظهما- وابن ماجه (10)
__________
(1) من سنني أبي داود والنسائي.
(2) سنن أبي داود (3/ 294 رقم 3551، 3552).
(3) سنن النسائي (6/ 274 - 275 رقم 3743).
(4) في سنن النسائي: ولمن يرثه من عقبه موروثةٌ.
(5) سنن النسائي (6/ 275 رقم 3746).
(6) سنن النسائي (6/ 277 رقم 3755).
(7) المسند (3/ 297).
(8) سنن أبي داود (3/ 295 رقم 3558).
(9) سنن النسائي (6/ 274 رقم 3742).
(10) سنن ابن ماجه (2/ 797 رقم 2383).

(4/579)


والترمذي (1) وقال: حديث حسن.

5248 - عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعمر شيئًا فهو لمعمره محياه ومماته، ولا ترقبوا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيله".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ولفظ الإمام أحمد: "من أعمر عمرى فهي لمعمره محياه ومماته، ولا ترقبوا شيئًا، فمن أرقب شيئًا فهو سبيل الميراث".

5249 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رقبى، فمن أرقب شيئًا فهو له حياته ومماته. قال: والرقبى أن يقول: هو للآخر مني ومنك موتًا".
رواه الإمام أحمد (5) وابن ماجه (6) وهذا لفظه، ولفظ الإمام أحمد: "لا رقبى ولا عمرى، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو له حياته ومماته". ولفظ النسائي (7) كرواية الإمام أحمد، وزاد: "قال عطاء: هو للآخر".

5250 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ترقبوا أموالكم، فمن أرقب شيئًا فهو لمن أرقبه" (8). وفي لفظ (9): "العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى
__________
(1) جامع الترمذي (3/ 633 - 634 رقم 1351) وقال الترمذي: وقد روى بعضهم عن أبي الزبير بهذا الإسناد عن جابر موقوفاً ولم يرفعه.
(2) المسند (5/ 189) وسقطت لفظة "أحمد" من "الأصل".
(3) سنن أبي داود (3/ 295 رقم 3559).
(4) سنن النسائي (6/ 272 رقم 3726).

5249 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 154 - 155 رقم 247 - 249).
(5) المسند (2/ 34، 73).
(6) سنن ابن ماجه (2/ 796 رقم 2382).
(7) سنن النسائي (6/ 273 رقم 3735).

5250 - خرجه الضياء في المختارة (11/ 51 رقم 42).
(8) سنن النسائي (6/ 269 رقم 3711).
(9) سنن النسائي (6/ 269 - 270 رقم 3712).

(4/580)


جائزة لمن أرقبها".
رواه الإمام أحمد (1) والنسائي -وهذا لفظه- وأبو حاتم. البستي (2).

5251 - عن جابر "أن رجلاً من الأعراب أعطى أمه حديقة من نخلٍ حياتها، فماتت، فجاء إخوته فقالوا: نحن فيه شرع سواء. فأبى واختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسمها بينهم ميراثاً".
رواه الإمام أحمد (3).
آخر الجزء السادس عشر من هذه النسخة
__________
(1) المسند (1/ 250).
(2) موارد الظمآن (1/ 493 - 494 رقم 1151).
(3) المسند (3/ 299).

(4/581)


السُّنَنُ وَالأحْكَامُ عَن المُصْطَفَى
عَلَيهِ أَفْضَل الصَّلاَة والسَّلاَم
لِلإمَامِ الحَافِظ ضيَاء الدِّين المقدسيِّ أَبِي عَبْد الله محَمَّد بْن عَبْد الوَاحد
صَاحِبُ المُخْتَارَة (569 - 643هـ)
تقديم فضيلة الدكتور
أَحْمَد بْن معْبد عَبْد الكَرِيم
تحقيق
أَبي عَبد الله حُسَين بْن عُكَاشَة
المُجَلَّدُ الخَامِسُ
الوَصَايَا وَالجِنَايَاتُ
النَّاشِرْ
دَارُ مَاجِد عَسيرِي

(5/1)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(5/2)


السُّنَنُ وَالأحْكَامُ عَن المُصْطَفَى
عَلَيهِ أَفْضَل الصَّلاَة والسَّلاَم

(5/3)


حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1425هـ - 2004م
الناشر
دار ماجد عَسيرِي للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية - جده - 21412
ص. ب 15126
الإدارة - 6651648 - فاكس 6657529
جوال 055323116 - وجوال 055623705
المبيعات ت/ 6631403 - جوال 054346151

(5/4)