السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام

كتاب اللعان
5867 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين الرجل وامرأته؛ فانتفى من ولدها، ففرق بينهما وألحق (الولد) (1) بالمرأة".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- م (3) وعنده: "أن رجلاً لاعن امرأته على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وألحق الولد بأمه".

5868 - عن سعيد بن جبير قال: "سئلت عن المتلاعنين في (إمرة) (4) مصعب أيفرق بينهما؟ قال: فما دريت ما أقول، فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة، فقلت للغلام: استأذن لي. قال: إنه قائل (5). فسمع صوتي قال: ابنُ جبير؟ قلت: نعم. قال: ادخل فوالله ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة. فدخلت فإذا هو مفترش برذعة، متوسط وسادة حشوها ليف، قلت: أبا عبد الرحمن، المتلاعنان أيفرق بينهما؟ قال: سبحان الله، نعم، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان، قال: يا رسول الله، أرأيت لو وجدي أحدنا امرأته على فاحشة، كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليتُ
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (9/ 370 رقم 5315).
(3) صحيح مسلم (2/ 1132 - 1133 رقم 1494).
(4) في "الأصل": امرأة. والمثبت من صحيح مسلم، وقوله في إمرة مصعب أي في ولايته على المدينة.
(5) المقيل والقيلولة: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم، يقال: قال يقيل، فهو قائل. النهاية (4/ 133).

(5/283)


به؛ فأنزل الله -عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) (1) فتلاهن عليه ووعظه وذكره، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وقال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها. ثم دعاها فوعظها وذكرها، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات باللَّه إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله (عليه) (2) إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمراة فشهدت أربع شهادات باللَّه إنه لمن (الكاذبين) (3) والخامسة أن غضب الله (عليها) (4) إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما".
أخرجاه في الصحيحين (4)، وهذه رواية مسلم وهي أتم.

5869 - وعن أيوب عن سعيد بن جبير قال: "قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته، قال: فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني العجلان، وقال: الله يعلم (5) أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فأبيا، فقال: الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فأبيا (فقال: الله -عز وجل- يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ فأبيا) (6) ففرق بينهما. فقال أيوب: فقال لي عَمْرو بن دينار: في الحديث شيئًا لا أراك تحدثه، قال: قال الرجل: ما لي. قال: قيل: لا مال لك، إن كنت صادقاً فقد دخلت بها، وإن كنت كاذبًا فهو أبعد لك".
__________
(1) سورة النور، الآيات: 6 - 9.
(2) من صحيح مسلم.
(3) في "الأصل": الصادقين. والمثبت من صحيح مسلم، وهو الصواب الموافق للقرآن.
(4) البخاري (9/ 367 رقم 5312)، ومسلم (2/ 1130 - 1131 رقم 1493).
(5) في "الأصل": يعلم الله. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) ليست في صحيح البخاري.

(5/284)


رواه خ (1) م (2) ولم يذكر قول عَمْرو (3) ليس عنده تكرير قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

5870 - وعن عَمْرو (3) عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتلاعنين: "حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها. قال: يا رسول الله، ما لي. قال: لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بها استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها".
أخرجاه (4) وهذا لفظ مسلم.

5871 - عن سهل بن سعد الساعدي "أن عويمرًا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري، فقال له: يا عاصم، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجُلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ سل لي يا عاصم عن ذلك (5). فسأل عاصمٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل وعابها (6)، حتى كَبُر على عاصم ما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رجع عاصم إلى أهله، جاءه عويمر، فقال: يا عاصم، ماذا قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 405 رقم 5349).
(2) صحيح مسلم (2/ 1132 رقم 1493/ 6).
(3) في "الأصل": عمر. في الموضعين والمثبت من الصحيح، وَعَمْرو هو ابن دينار، كما سبق في رواية البخاري، واللَّه أعلم.
(4) البخاري (9/ 367 رقم 5312)، ومسلم (2/ 1131 - 1132 رقم 1493/ 5).
(5) في صحيح البخاري المطبوعة زيادة: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهي زيادة لأبي ذر، كما في إرشاد الساري (8/ 174).
(6) المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها، لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو مسلمة أو إشاعة فاحشة أو شناعة على مسلم أو مسلمة، قال العلماء: أما إذا كانت المسائل مما يحتاج إليه في أمور الدين وقد وقع فلا كراهة فيها، وليس هو المراد في الحديث، وقد كان المسلمون يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأحكام الواقعة فيجيبهم ولا يكرهها. قاله النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 316).

(5/285)


بخير، قد كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها. فأقبل عويمر حتى جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (1) وسط الناس فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجُلاً أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قد أُنزل فيك وفي صاحبتك؛ فاذهب فائت بها) (2). قال سهل: فتلاعنا -وأنا مع الناس- عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن شهاب: وكانت سنة المتلاعنين".
رواه البخاري (3).
وفي لفظٍ عن ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة وعن السنة فيها من حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة: "أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجُلاً أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله -عز وجل- في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد قضى الله فيك وفي امرأتك. قال: فتلاعنا في المسجد -وأنا شاهد- فلما فرغا، قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من التلاعن، ففارقها عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ذاك تفريق بين كل متلاعنين".
قال ابن جريج: قال ابن شهاب: فكانت السنة (بعدهما أن يفرق بين
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) في "الأصل": قد نزل فيك وفي صاحبك؛ فاذهب فائت به. والمثبت من صحيح البخاري، وفي النسخة المطبوعة مع الفتح "قد أنزل الله فيك ... " وانظر إرشاد الساري (8/ 174).
(3) صحيح البخاري (9/ 355 رقم 5308).

(5/286)


المتلاعنين، وكانت حاملاً، وكان ابنها يُدعى لأمه، قال: ثم جرت السنة في ميراثها أنها) (1) ترثه ويرث منها ما فرض الله لها (2). قال ابن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد في هذا الحديث: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن (جاءت) (3) به أحمر قصيراً كأنه وَحَرَة (4) فلا أُراها إلا قد صدقت وكذب عليها، وإن جاءت به أسود أعين ذا أليتين (5) فلا أُراه إلا قد صدق عليها، فجاءت به على المكروه من ذلك".
رواه خ (6) -وهذا لفظه- ومسلم (7) إلى قوله: "ففارقها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ذاكم التفريق بين كل متلاعنين".
وفي لفظٍ لأبي داود (8): عن سهل "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعاصم بن عدي. (أمسك) (9) المرأة عندك حتى تلد".
وفي لفظٍ (10) أيضًا: عن سهل بن سعد في هذا الخبر قال: "فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله، فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ما صنع عند
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) هذا رواية أبي ذر، ولغيره: له.
(3) في "الأصل": جاء. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) بفتح الواو والمهملة: دويبة تترامى على الطعام واللحم فتفسده، وهي من نوع الوزغ. النهاية (9/ 363).
(5) الألية -بفتح الهمزة- لحمة المؤخر من الحيوان معلومة، وهي من ابن آدم: المقعدة. مشارق الأنوار (1/ 32) ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "ذا أليتين" أي: عظيمتين، كما في رواية أبي داود "عظيم الأليتين" فتح الباري (9/ 363).
(6) صحيح البخاري (9/ 362 رقم 5309).
(7) صحيح مسلم (2/ 1129 - 1130 رقم 1492).
(8) سنن أبي داود (2/ 274 رقم 2246).
(9) في "الأصل": أمسكوا. والمثبت من سنن أبي داود.
(10) سنن أبي داود (2/ 274 - 275 رقم 2250).

(5/287)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة. قال سهل: حضرت هذا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا".
وله (1) من رواية سفيان عن الزهري، عن سهل بن سعد قال: "شهدت المتلاعنين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم -وأنا ابن خمس عشرة- ففرق بينهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تلاعنا".
قال أبو داود: لم يتابع ابن عيينة أحد على أنه فرق بين المتلاعنين.
وقد روى الدارقطني (2) من رواية الزبيدي، عن الزهري، عن سهل بن سعد "أن عويمر العجلاني قال لرجل من قومه: سل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل وجد مع امرأته رجلاً ... " فذكر قصة المتلاعنين وقال فيه: "فتلاعنا، ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقال: لا يجتمعان أبدًا".

5872 - وروى (3) أيضًا عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبداً".

5873 - وله (4) عن (5) أبي وائل عن عبد الله، وعن زر عن علي -عليه السلام- قالا: "مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعان أبداً".

5874 - عن ابن عباس "أنه ذُكر التلاعن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عاصم
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 275 رقم 2251).
(2) سنن الدارقطني (3/ 275 رقم 115).
(3) سنن الدارقطني (3/ 276 رقم 116).
(4) سنن الدارقطني (3/ 276 رقم 117).
(5) زاد بعدها في "الأصل": ابن. وهي زيادة مقحمة، والحديث من رواية في بن الربيع عن أبي وائل شقيق بن سلمة، والله أعلم.

(5/288)


ابن عدي في ذلك قولاً، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلاً، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهبت به (إلى) (1) النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مُصْفَراً قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله آدم خدلاً (2) -وقال أبو صالح وعبد الله بن يوسف: خدلاً كثير اللحم- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم بَيِّن. فجاءت به شبيهًا بالرجل الذي ذكر زوجها (أنه) (1) وجده، فلاعن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما (3) فقال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو رجمت أحدًا بغير بينةٍ رجمتُ هذه؟ فقال: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء (4) ".
رواه البخاري (5) وفي لفظٍ له (6) "آدم خدلًا كثير اللحم جعدًا قططًا (7) ".
رواه م (8).

5875 - وعن ابن عباس "أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) بفتح المعجمة، ثم المهملة، وتشديد اللام، أي: ممتلئ الساقين، وقال ابن فارس: ممتلئ الأعضاء، وقال الطبري: لا يكون إلا مع غلظ العظم مع اللحم. فتح الباري (9/ 365).
(3) زاد بعدها في "الأصل": اللهم.
(4) أي: كانت تعلن بالفاحشة، ولكن لم يثبت عليها ذلك ببينة ولا اعتراف. فتح الباري (9/ 372).
(5) صحيح البخاري (9/ 363 رقم 5310) مع اختلاف يسير.
(6) صحيح البخاري (9/ 371 رقم 5316).
(7) القطط: الشديد الجعودة، وقيل: الحسن الجعودة، والأول أكثر. النهاية (4/ 81).
(8) صحيح مسلم (2/ 1134 رقم 1497).

(5/289)


ابن سحماء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة أو حدٌّ (1) في ظهرك. قال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: البينة وإلا حدٌّ في ظهرك. فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبن (2) ظهري من الحد. فنزل جبريل -رضي الله عنه- (وأنزل الله) (3) عليه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) فقرأ حتى بلغ (إِن كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (4) فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليها فجاء هلال فشهد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها، وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت (5) حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم. فمضت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبصروها فإن جاءت به أكحل (6) العينين سابع (7) الأليتين خَدَلَّج (8) الساقين، فهو لشريك ابن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا (ما) (9) مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن (10) ".
__________
(1) في "الأصل": حدًّا. بالنصب، قال القسطلاني: "البينة" بالنصب بتقدير أحضر البينة "أو حدٌّ" أي أتحضر البينة أو يقع حدٌّ "في ظهرك" أي على ظهرك. إرشاد الساري (7/ 254)، وانظر فتح الباري (8/ 304).
(2) في صحيح البخاري: يبرئ.
(3) في صحيح البخاري: وأنزل. فقط.
(4) سورة النور، الآيات: 6 - 9.
(5) النكوص الرجوع إلى وراء، وهو القهقري، نكص ينكص فهو ناكص. النهاية (5/ 116).
(6) الكَحَل -بفتحتين- سواد في أجفان العين خلقة، والرجل أكحل وكحيل. النهاية (5/ 154).
(7) أي تامهما وعظيمهما، من سبوغ الثوب والنعمة. النهاية (2/ 338).
(8) أي: عظيمهما، وهو مثل الخَدْل أيضاً. النهاية (2/ 15).
(9) من صحيح البخاري.
(10) في "الأصل": شأنًا. بالنصب، والمثبت من صحيح البخاري.

(5/290)


رواه البخاري (1).

5876 - عن أنس بن مالك قال: "إن هلال بن أُمية قذف امرأته بشريك ابن سحماء -وكان أخا البراء بن مالك لأمه، وكان أول رجل لاعن في الإسلام- قال: فلاعنها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصروها، فإن جاءت به أبيض سبطًا قَضِئ (2) العينين فهو لهلال بن أُمية، وإن جاءت به أكحل جعدًا حمش (3) الساقين فهو لشريك ابن سحماء. قال: فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين".
رواه مسلم (4).
وفي لفظٍ: "وكان أول لعان كان في الإسلام أن هلال بن أُمية قذف شريك ابن سحماء بامرأته، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أربعة شهداء وإلا حد في ظهرك. ثم ردد ذلك عليه مرارًا، فقال له هلال: والله يا رسول الله، إن الله ليعلم أني صادق، ولينزلن الله عليك ما يبرئ ظهري من الجلد. فبينما هم كذلك إذ نزلت آية اللعان (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهمْ) إلى آخر الآية (5)، فدعا هلال فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما أن كان في الرابعة أو الخامسة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وقِّفوها؛ فإنها موجبة. فتلكأت حتى ما شككنا أنها ستعترف؛ ثم قالت: لا أفضح
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 303 - 304 رقم 4747).
(2) أي: فاسد العين، يقال: قضئ الثوب يقضأ فهو قضئ -مثل حذر يحذر فهو حذر- إذا تفزر وتشقق، وتقضأ الثوب مثله. النهاية (4/ 76).
(3) يقال: رجل حمش الساقين وأحمش الساقين: أي دقيقهما. النهاية (1/ 440).
(4) صحيح مسلم (2/ 1134 رقم 1496).
(5) سورة النور، الآيتان: 6 - 7.

(5/291)


قومي سائر اليوم. فمضت على اليمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنظروها؛ فإن جاءت به أبيض سبطًا قضئ العينين فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم جعدًا ربعًا حمش الساقين فهو لشريك ابن سحماء. فجاءت به آدم جعدًا ربعًا حمش الساقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لولا ما سبق من كتاب الله كان لي ولها شأن".
رواه النسائي (1) قال: والقضئ العينين: طويل شعر العينين ليس بمفتوح (ولا) (2) جاحظهما.

5877 - عن ابن عباس قال: "لما أنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (3) قال سعد بن عبادة -وهو سيد الأنصار-: هكذا نزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون (4) إلى ما يقول سيدكُم؟ قالوا: يا رسول الله، لا (تلمه) (5) فإنهُ رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرًا، وما طلق امرأة (له قط) (6) فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق، وأنها من الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعًا (7) تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء، فواللَّه لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قال: فما لبثوا إلا يسيرًا
__________
(1) سنن النسائي (6/ 172 - 173 رقم 3469).
(2) من سنن النسائي.
(3) سورة النور، الآية: 4.
(4) في "الأصل": تسمعوا. والمثبت من المسند.
(5) غير واضحة في الأصل، والمثبت من المسند.
(6) من المسند.
(7) اللُّكع عند العرب العبد، ثم استعمل في الحمق والذم، يقال للرجل: لكع، وللمرأة لكاع. النهاية (4/ 268).

(5/292)


حتى جاء هلال بن أُمية -وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- فجاء من أرضه عشاءً فرأى (1) عند أهله رجُلاً، فرأى بعينيه وسمع بأذنيه فلم يهجه، حتى أصبح فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجُلاً، فرأيت بعيني وسمعت بأذني. فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به، واشتد عليه، واجتمعت الأنصار، فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلال بن أمية، ويبطل شهادته في المسلمين. فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجًا فقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به، واللَّه يعلم إني لصادق. والله (إن) (2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي -وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده- يعني: فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} (3) الآية، فسُري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجًا ومخرجاً. فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرسلوا إليها. فأرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهما وذكرهما، (وأخبرهما) (2) أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله، لقد صدقت عليها. فقالت: كذب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لاعنوا بينهما. فقيل لهلال: اشهد. فشهد أربع شهادت باللَّه إنهُ لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل: يا
__________
(1) في المسند: فوجد.
(2) من المسند.
(3) سورة النور، الآية: 6.

(5/293)


هلال، اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب (فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها. فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. فلما كانت الخامسة قيل لها: اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب) (1) فتلكأت ساعة، ثم قالت: واللَّه لا أفضح قومي. فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا ترمى هي (به) (1) ولا يُرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت، من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها، وقال: إن جاءت به أصيهب (2) أريسح (3) حمش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق (4) جعدًا جُمَاليًّا (5) خدلج الساقين سابغ الأليتين فهو للذي رميت به. فجاءت يعني به أورق جعدًا جماليًّا خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لولا الإيمان لكان لي ولها شأن. قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يدعى لأمه (وما يدعى لأبيه) (6) ".
__________
(1) من المسند.
(2) الأصهب: الذي يعلو لونه صُهبة، وهي كالشقرة، والأصيهب تصغيره، قاله الخطابي، والمعروف أن الصهبة مختصة بالشعر، وهي حمرة يعلوها سواد. النهاية (3/ 62).
(3) الأرسح: الذي لا عَجُز له، أو هي صغيرة لاصقة بالظهر. النهاية (2/ 221).
(4) الأورق: الأسمر، والوُرْقة: السُّمرة، يقال: جمل أورق، وناقة ورقاء. النهاية (5/ 175).
(5) الجُماليُّ -بالتشديد-: الضخم الأعضاء التام الأوصال، يقال: ناقة جمالية مشبهة بالجمل -عظمًا وبدانة. النهاية (1/ 298).
(6) من المسند.

(5/294)


رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2) وعنده في قول عكرمة: "وما يدعى لأب" وهو من رواية عباد بن منصور (3)، وقد تكلم فيه بعض الأئمة.

5878 - وعن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجُلاً حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه، وقال: إنها موجبة".
رواه د (4) س (5).

5879 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: "إنا لليلة الجمعة في المسجد، إذ جاء رجل من الأنصار، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجُلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظٍ، والله لأسالن عنهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما كان من الغد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو أن رجُلاً وجد مع امرأته رجُلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظٍ. فقال: اللهم افتح (6). وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (7) هذه الآية، فابتلي به ذلك الرجلُ من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلاعنا، فشهد الرجلُ أربع شهاداتٍ باللَّه إنه لمن الصادقين، ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فذهبت لتلتعن فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: من. فأبت فلعنت، فلما أدبرت (8)
__________
(1) المسند (1/ 238 - 239).
(2) سنن أبي داود (2/ 276 - 278 رقم 2256).
(3) ترجمته في التهذيب (14/ 156 - 161).
(4) سنن أبي داود (2/ 276 رقم 2255).
(5) سنن النسائي (6/ 175 رقم 3472).
(6) معناه: بيِّن لنا الحكم في هذا. شرح صحيح مسلم (6/ 325 - 326).
(7) سورة النور، الآيتان: 6، 7.
(8) في صحيح مسلم: أدبرا.

(5/295)


قال: لعلها أن تجيء به أسود جعدًا".
رواه مسلم (1).

5880 - عن أبي هريرة "أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجُلاً أيقتله؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا. قال سعد: بلى والذي أكرمك بالحق. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم". رواه مسلم (2) وفي لفظٍ له (3): قال: "يا رسول الله، إن وجدت مع امرأتي رجُلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم". (وفي لفظٍ له (4): "قال سعد بن عبادة: يا رسول الله، لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم) (5). قال: كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنهُ لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني".

5881 - في المغيرة بن شعبة قال: قال سعد بن عبادة: "لو رأيت رجُلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح (6) عنه. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أتعجبون (7) من غيرة سعدٍ، فواللَّه لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغيرُ من الله، ولا شخص أحب إليه العُذر من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين، ولا
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1133 رقم 1495).
(2) صحيح مسلم (2/ 1135 رقم 1498).
(3) صحيح مسلم (2/ 1135 رقم 1498/ 15).
(4) صحيح مسلم (2/ 1135 رقم 1498/ 16).
(5) سقطت من "الأصل".
(6) يقال: أصفحه بالسيف إذا ضربه بعُرضه دون حدِّه. النهاية (3/ 34).
(7) في "الأصل": أتعجبوا. والمثبت من صحيح مسلم.

(5/296)


شخص أحبُ (إليه) (1) المدحةُ من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة".
رواه خ (2) م (3) -وهذا لفظه- وعند البخاري: "ولا أحد أحبُّ (إليه) (1) العُذر من الله (ومن أجل ذلك) (4) بعث المنذرين والمبشرين، ولا أحد أحبُّ إليه. المدحة من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة". وقال (عبيد الله بن عَمْرو) (5) عن عبد الملك: "لا شخص أغير من الله -عز وجل".

5882 - عن (عمرو بن) (6) شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ولد المتلاعنين أنهُ يرث أُمه وترثه أمه، ومن رماها به (7) جلد ثمانين، ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين".
رواه الإمام أحمد (8).

5883 - وروى (9) أيضًا عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعن (على الحمل) (10) ".

5884 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بالحمل".
__________
(1) في "الأصل": إلى الله. والمثبت من الصحيحين.
(2) صحيح البخاري (3/ 411 رقم 7416).
(3) صحيح مسلم (2/ 1139 رقم 1499).
(4) من صحيح البخاري.
(5) في "الأصل": عبيد بن عمر. والمثبت من صحيح البخاري، قال ابن حجر في الفتح (3/ 412): عبيد الله بن عَمْرو هو الرقي الأسدي، عن عبد الملك هو ابن عمير.
(6) تكررت في "الأصل".
(7) في المسند: قفاها به. وهما بمعنى، يقال: قفا فلان فلانًا إذا قذفه بما ليس فيه. النهاية (4/ 95).
(8) المسند (2/ 216).
(9) المسند (1/ 355).
(10) في المسند: بالحمل.

(5/297)


رواه الدارقطني (1).

5885 - عن قبيصة بن ذؤيب قال: "قضى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في رجل أنكر (ولد امرأته) (2) وهو في بطنها، ثم اعترف به وهو في بطنها، حتى إذا ولد أنكره، فأمر به عمر فجلد ثمانين جلدة لفريته عليها، ثم ألحق به ولدها".
رواه الدارقطني (3).

97 - باب التغليظ في الانتفاء من الولد
5886 - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين نزلت آية الملاعنة: "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في (4) شيء ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين".
رواه أبو داود (5).

98 - باب إِذا شك في الولد
5887 - عن أبي هريرة قال: "جاء رجل من بني فزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن (امرأتي) (6) ولدت غلامًا أسود. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: وإن فيها
__________
(1) سنن الدارقطني (3/ 277 رقم 121).
(2) في سنن الدارقطني: ولدًا من امرأة.
(3) سنن الدارقطني (3/ 164 - 165 رقم 243).
(4) في "الأصل": من. والمثبت من سنن أبي داود.
(5) سنن أبي داود (2/ 279 رقم 2263).
(6) تحرفت في "الأصل" والمثبت من صحيح مسلم.

(5/298)


لورقًا. قال: فأنى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعة عرق. قال: وهذا عسى أن يكون نزعة عرق" (1).
وفي لفظٍ (2): "وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه" وفي آخرهُ: "ولم يرخص له في الانتفاء منه".
وفي لفظٍ (3): "وإني أنكرته".
رواه البخاري (4) ومسلم واللفظ له، ولم أر عند البخاري وهو حينئذٍ يعرض بأن ينفيه" ولا قوله: "من بني فزارة".

99 - باب الولد للفراش وللعاهر الحجر (5)
5888 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
أخرجاه (6) وفي لفظٍ للبخاري (7): "الولد لصاحب الفراش".

5889 - عن عائشة قالت: "اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1137 رقم 1500/ 18).
(2) صحيح مسلم (2/ 1137 رقم 1500/ 19).
(3) صحيح مسلم (2/ 1137 رقم 1500/ 20).
(4) صحيح البخاري (12/ 182 رقم 6847).
(5) أي: الخيبة، ويعني أن الولد لصاحب الفراش من الزوج أو السيد، وللزاني الخيبة والحرمان، كقولك: ما لك عندي شيء غير التراب، وما بيدك غير الحجر، وذهب قوم إلى أنه كنى بالحجر عن الرجم، وليس كذلك؛ لأنه ليس كل زان يرجم. النهاية (1/ 343).
(6) البخاري (12/ 130 رقم 6818)، ومسلم (2/ 1081 رقم 1458).
(7) صحيح البخاري (12/ 33 رقم 6750).

(5/299)


غلامٍ، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليَّ أنه ابنه انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شبهه فرأى شبهاً بيِّنًا بعتبة فقال: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة. قالت: فلم ير سودة قط".
رواه البخاري (1) ومسلم (2) -وهذا لفظه- وفي لفظ للبخاري (3): "هو أخوك يا عبد".

5890 - عن عبد الله بن الزبير قال: "كانت لزمعة جارية وكانت يتطؤها (4) (هو) (5) وكانت يظن بآخر أنه يقع عليها، فجاءت بولد يشبه الذي كان (6) يظن به، فمات زمعة وهي حبلى، فذكرت ذلك سودة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولد للفراش، واحتجبي منهُ يا سودة؛ فليس لك بأخ".
رواه الإمام أحمد (7) والنسائي (8) -وهذا لفظه- ولفظ الإمام أحمد: "أن زمعة كانت له جارية، وكان يتطؤها، وكانوا يتهمونها، فولدت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) صحيح البخاري (4/ 480 رقم 2218).
(2) صحيح مسلم (2/ 1080 - 1081 رقم 1457).
(3) صحيح البخاري (7/ 618 رقم 4303).

5890 - خرجه الضياء في المختارة (9/ 253 - 254 رقم 320، 321).
(4) هو افتعال من الوطء، وأصله: يوتطئها، أبدلت الواو تاء وادغمت التاء كما في يتعد ويتقي من الوعد والوقاية. قاله السندي في حاشية سنن النسائي (6/ 181).
(5) من سنن النسائي.
(6) في "الأصل": كانت. والمثبت من سنن النسائي.
(7) المسند (5/ 4).
(8) سنن النسائي (6/ 180 - 181 رقم 3485).

(5/300)


(لسودة) (1): أما الميراث فله (2)، وأما أنت فاحتجبي منه يا سودة؛ فإنه ليس لك بأخ".

5891 - عن عبد الله -هو ابن مسعود- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر". رواه النسائي (3).

5892 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "قام رجل فقال: يا رسول الله، إن فلانًا ابني، عاهرت بأمه في الجاهلية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا دعوة (4) في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
رواه الإمام أحمد (5) د (6) وهذا لفظه.

5893 - عن رباح قال: "زوجني أهلي أمة لهم رومية، فوقعت عليها، فولدت لي غلامًا أسود مثلي، فسميته عبد الله، ثم وقعتُ عليها فولدت لي غلاماً أسود مثلي، فسميته عبيد الله، ثم طَبِن (7) لها غلام لأهلي رومي -يقال له: يوحنس- فراطنها (8) بلسانه قال: فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها: ما
__________
(1) من المسند.
(2) في "الأصل": له. والمثبت من المسند.
(3) سنن النسائي (6/ 181 رقم 3486).
(4) الدعوة في النسب -بالكسر- وهو أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه، فنهي عنه وجعل الولد للفراش. النهاية (2/ 121).
(5) المسند (2/ 179، 207).
(6) سنن أبي داود (2/ 283 رقم 2274).

5893 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 459 - 460 رقم 334 - 336).
(7) أصل الطَّبن والطبانة: الفطنة، يقال: طَبِن لكذا طبانة فهو طبن أي هجم على باطنها وخبر أمرها وأنها ممن تواتيه على المراودة، هذا إذا روي بكسر الباء، وإن روي بالفتح كان معناه خببها، أفسدها. النهاية (3/ 115).
(8) الرطانة -بفتح الراء وكسرها- والتراطن: كلام لا يفهمه الجمهور، وإنما هو مواضعة=

(5/301)


هذا؟ قالت: هو ليوحنس. قال: فرفعنا إلى أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه، قال مهدي (1): أحسبه قال: فسألهما فاعترفا- فقال: أترضيان أن أقضي بينكُما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الولد للفراش، وللعاهر الحجر. قال مهدي: وأحسبه قال: جلدها وجلده (وكانا مملوكين) (2) ".
رواه الإمام أحمد (3) وأبو داود (4) وهذا لفظه وليس عنده: "وللعاهر الحجر".

5894 - عن ابن عمر أن عمر (قال) (5): "ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعتزلونهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعتزلوا بعد أو اتركوا". رواه الإمام الشافعي (6).

5895 - عن عُبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه قال: "جلس عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الحجر، فأرسل إلى رجل من بني زهرة من أهل دارنا -قد أدرك الجاهلية- فأتاه، قال: فذهبت معه، فأتاه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية، فقال الشيخ: أما النطفة من فلان، وأما الولد على فراش فلان. فقال عمر -رضي الله عنه-: صدقت، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالفراش" (7).
__________
=بين اثنين أو جماعة، والعرب تخص بها غالباً كلام العجم. النهاية (2/ 233).
(1) هو مهدي بن ميمون أبو يحيى، أحد رواة هذا الحديث.
(2) من المسند وسن أبي داود.
(3) المسند (1/ 59) واللفظ له.
(4) سنن أبي داود (2/ 283 رقم 2275).
(5) سقطت من "الأصل".
(6) مسند الشافعي (ص 223).

5895 - خرجه الضياء في المختارة (1/ 426 - 427 رقم 306).
(7) روى الإمام أحمد (1/ 25)، وابن ماجه (1/ 646 رقم 2005) منه المرفوع: "الولد=

(5/302)


رواه محمد بن أبي عمر العدني (1) والإمام الشافعي (2).

100 - باب من أحق بالولد
5896 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو "أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت أحق (به) (3) ما لم تنكحي". رواه الإمام أحمد (4) د (5).

5897 - عن أبي ميمونة سليم (6) -مولى من أهل المدينة، رجل صدق- قال: "بينما أنا جالس مع أبي هريرة، جاءته امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة -رطنت بالفارسية- زوجي يريد أن يذهب بابني. فقال أبو هريرة: استهما عليه. ورطن لها بذلك، فجاء زوجها فقال: من يُحاقُّني (7) في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللَّهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت
__________
= للفراش" وقال الإمام علي بن المديني: هذا حديث صحيح، وعبيد الله بن أبي يزيد رجل رضي معروف ثقة، وأبوه لم يرو عنه غيره، ولم نسمع أحدًا يقول فيه شيئًا. نقله ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 425).
(1) إتحاف الخيرة (4/ 112 - 113 رقم 3260) ومن طريق ابن أبي عمر رواه الضياء في المختارة.
(2) مسند الشافعي (ص 130).
(3) من المسند وسنن أبي داود.
(4) المسند (2/ 182).
(5) سنن أبي داود (2/ 283 رقم 2276).
(6) في سنن أبي داود: سلمى. وأبو ميمونة قيل: اسمه سليم. وقيل: سلمان، وقيل: أسامة. ترجمته في التهذيب (34/ 338 - 339).
(7) حاقه في الأمر محاقة وحقاقاً: ادعى أنه أولى بالحق منه، وأكثر ما استعملوا هذا في قولهم: حاقني، أي أكثر ما يستعملونه في فعل الغائب. لسان العرب (2/ 942).

(5/303)


امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وأنا قاعد عنده- فقالت يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة (1)، وقد نفعني؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: استهما عليه. فقال زوجها: من يُحاقُّني في ولدي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت. فأخذ بيد أمه، فانطلقت به".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) -وهذا لفظه- س (4) ورواه ق (5) ت (6) مختصرًا. وقال: حديث حسن صحيح. ولفظه والإمام أحمد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيَّر غلامًا بين أمه وأبيه".

101 - باب القرعة إِذا تنازعوا في الولد
5898 - عن زيد بن أرقم قال: "أُتي علي -رضي الله عنه- بثلاثة -وهو باليمن- وقعوا على امرأة في طهرٍ واحدٍ، فسأل اثنن (7): أتقران لهذا بالولد؟ قالا: لا. حتى سألهم جميعاً، فجعل كلما سأل اثنين قالا: لا. فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية، قال: فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك حتى بدت نواجذه".
__________
(1) بئر أبي عنبة -بلفظ واحدة العنب- بئر بينها وبين مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدار ميل. معجم البلدان (1/ 357).
(2) المسند (2/ 246، 447).
(3) سنن أبي داود (2/ 283 - 284 رقم 2277).
(4) سنن النسائي (6/ 185 - 186 رقم 3496).
(5) سنن ابن ماجه (2/ 787 - 788 رقم 2351).
(6) جامع الترمذي (3/ 638 - 639 رقم 1357) واللفظ الآتي له.
(7) في "الأصل": اثنان. والمثبت من سنن أبي داود.

(5/304)


رواه الإمام أحمد (1) د (2) -وهذا لفظه- س (3) ق (4).
وقد رواه د (5) س (6) أيضًا عن (7) علي -رضي الله عنه- رواه الحميدي (8) في مسنده وفيه: "فأغرمه ثلثي قيمة الجارية".

102 - باب القافة
5899 - عن عائشة قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم مسرورًا، فقال: يا عائشة، ألم تري أن مجززاً المدلجي دخل عليَّ فرأى أسامة وزيداً عليهما قطيفة -قد غطيا رءوسهما، وبدت أقدامهما- فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. وكان مجزز قائفًا (9) " (10).
وفي لفظٍ (11): "دخل قائف -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهد- وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعضٍ. فَسُرَّ بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه، وأخبر به عائشة".
__________
(1) المسند (4/ 373).
(2) سنن أبي داود (2/ 281 رقم 2270).
(3) سنن النسائي (6/ 182 رقم 3488).
(4) سنن ابن ماجه (2/ 786 رقم 2348).
(5) سنن أبي داود (2/ 281 رقم 2269).
(6) سنن النسائي (6/ 184 رقم 3492).
(7) في "الأصل": على.
(8) مسند الحميدي (2/ 345 رقم 785).
(9) القائف: الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه. وأبيه، والجمع: القافة، يقال: فلان يقوف الأثر ويقتافه قيافة، مثل قفا الأثر واقتفاه. النهاية (4/ 121).
(10) صحيح مسلم (2/ 1082 رقم 1459/ 39).
(11) صحيح مسلم (2/ 1082 رقم 1459/ 40).

(5/305)


رواه خ (1) م -وهذا لفظه- وعند البخاري (2): "دخل عليَّ قائفٌ".
وفي لفظٍ: "قال (أبو) (3) داود: "وكان أسامة أسود، وكان زيد أبيض".

103 - باب حد القذف
5900 - عن أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قذف مملوكه (بالزنى) (4) يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال".
أخرجاه في الصحيحين (5).

5901 - عن عائشة قالت: "لما نزل عذري قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فذكر ذلك، وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة (6) فضربوا حدّهم".
رواه الإمام أحمد (7) د (8) ت (9) ق (10).

5902 - عن أبي الزناد قال: "جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فريةٍ ثمانين. قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك، فقال: أدركت عمر
__________
(1) صحيح البخاري (6/ 653 رقم 3555).
(2) صحيح البخاري (7/ 109 رقم 3731).
(3) سقطت من "الأصل" وأبو داود هو الإمام العلم صاحب السنن، وكلامه هذا في سننه (2/ 280) إثر الحديث رقم (2267).
(4) من صحيح مسلم، واللفظ له.
(5) البخاري (12/ 192 رقم 6858)، ومسلم (3/ 1282 رقم 1660).
(6) في "الأصل": امرأتين. والمثبت من المسند والسنن.
(7) المسند (6/ 35).
(8) سنن أبي داود (4/ 162 رقم 4474).
(9) جامع الترمذي (5/ 314 رقم 3181) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق.
(10) سنن ابن ماجه (2/ 857 رقم 2567).

(5/306)


وعثمان والخلفاء هلم جرا، ما رأيت أحدًا جلد عبدًا في فريةٍ أكثر من أربعين".
رواه الإمام مالك في الموطأ (1).

104 - باب إِذا أقر بالزنى بامرأة هل يكون قاذفًا أم لا
5903 - عن نعيم بن هزال قال: "كان ماعز بن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت؛ لعله يستغفر لك. وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج (2)، فأتاه فقال: يا رسول الله، إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله. فأعرض عنه فعاد فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله. فأعرض عنه، ثم أتاه الثالثة فقال: يا رسول الله، إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله. ثم أتاه الرابعة فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت فأقم عليَّ كتاب الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك قد قلتها أربع مرات، فيمن؟ قال: بفلانة. قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم. قال: هل باشرتها. قال: (نعم. قال: هل) (3) جامعتها؟ قال: نعم. قال: فأمر به أن يرجم، قال: فأخرج به إلى الحرة، فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس -وقد أعجز أصحابه- فنزع له بوظيف بعيرٍ (4) فرماه به فقتله، قال: ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: هلا تركتموه (لعله) (4) يتوب فيتوب الله عليه. قال نعيم بن هزال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي حين رآه: يا هزال، لو كنت سترته بثوبك كان خيراً مما صنعت به".
__________
(1) الموطأ (2/ 647 رقم 17).
(2) في "الأصل": مخرجًا. والمثبت من المسند.
(3) من المسند.
(4) وظيف البعير: خفه، وهو له كالحافر للفرس. النهاية (5/ 205).

(5/307)


رواه الإمام أحمد (1) -وهذا لفظه- د (2) إلى قوله: "فيتوب الله عليه".

5904 - وعن نعيم بن هزال "أن هزالاً كان استأجر ماعز بن مالك، وكانت له جارية -يقال لها: فاطمة- قد أُملكت (3)، وكانت ترعى غنمًا لهم، وإن ماعزًا وقع عليها (فأخبر هزالاً) (4) فخدعه، فقال: انطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، عسى أن ينزل فيك قرآن. فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجم، فلما عضته مس الحجارة انطلق يسعى، فاستقبله رجل بلحي (5) جزور -أو ساق بعير- (فضربه به) (6) فصرعه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويلك يا هزال، لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا لك".
رواه الإمام أحمد (7).

5905 - عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن رجُلاً أتاه فأقر عنده أنه زنى بإمرأةٍ سماها، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فسألها عن ذلك، فأنكرت أن تكون زنت، فجلده الحد وتركها".
رواه الإمام أحمد (8) د (9).
__________
(1) المسند (5/ 216 - 217) ..
(2) سنن أبي داود (4/ 145 رقم 4419).
(3) أُملك فلان يُمْلك إملاكًا: إذا زوج. لسان العرب (6/ 4268).
(4) في "الأصل": فأخذهن إلى. والمثبت من المسند.
(5) اللَّحْيُ: الذي ينبت عليه العارض والجمع: ألْحٍ ولُحِيٌ ولحاء، واللحيان: حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من كل ذي لحْي. لسان العرب (5/ 4016).
(6) من المسند.
(7) المسند (5/ 217).
(8) المسند (5/ 339 - 340).
(9) سنن أبي داود (4/ 159 رقم 4466) واللفظ له.

(5/308)


5906 - عن ابن عباس "أن رجُلاً من بكر بن ليث أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقر أنه زنى بامرأةٍ أربع مرات، فجلده مائة -وكان بكراً- ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب واللَّه يا رسول الله. فجلده حد الفرية ثمانين".
رواه د (1) س (2) وقال: هو منكر.

105 - باب العدد
5907 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن امرأة من أسلم -يقال لها سبيعة- كانت تحت زوجها تُوفي عنها وهي حبلى (فخطبها) (3) أبو السنابل بن بعكك، فأبت أن تنكحه، فقال: واللَّه ما يصلح أن تنكحي حتى تعتدي آخر الأجلين. فمكثت قريبًا من عشر ليالٍ، ثم جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: انكحي".
كذا رواه البخاري (4) ومسلم (5). قالت: "إن سبيعة الأسلمية نَفِست (6) بعد وفاة زوجها بليالٍ، وإنها ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها أن تتزوج".

5908 - عن سبيعة "أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو (7) في بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا -فتُوفي عنها في حجة الوداع، وهي حامل، فلم تلبث (8) أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تَعَلَّتْ (9) من نفاسها تجملت
__________
(1) سنن أبي داود (4/ 159 - 160 رقم 4467).
(2) السنن الكبرى (4/ 324 رقم 7348).
(3) في "الأصل": توفي عنها. والمثبت من صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري (9/ 379 رقم 5318).
(5) صحيح مسلم (2/ 1122 - 1123 رقم 1485).
(6) النفاس: ولاد المرأة إذا وضعت. النهاية (5/ 95).
(7) في "الأصل": هي. والمثبت من صحيح مسلم.
(8) في صحيح مسلم: فلم تَنْشب. وهما بمعنى. النهاية (5/ 52).
(9) ويروى "تعالت" أي: ارتفعت وطهرت، ويجوز أن يكون من قولهم: تَعَلَّى الرجل من=

(5/309)


للخطاب، فدخل عليها أَبو السنابل بن بعكك -رجُل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح، إنك والله، ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك، فأَفتاني بأني قد حللتُ حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي". قال ابن شهاب: ولا أرى بأسًا أن تتزوج حين تضع وإن كانت في دمها، غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر.
رواه مسلم (1) وروى خ (2) منه: "أن عبيد الله بن عبد الله (أخبره) (3)، عن أبيه أنه كتب إلى ابن الأرقم أن سل سبيعة كيف أفتاها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: أفتاني إذا وضعت أن أنكح".
5908 م- وروى (4) "أرسل ابن عباس غلامه كريبًا إلى أم سلمة فسألها، فقالت: قُتل زوج سبيعة وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخُطبت، فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو السنابل فيمن خطبها". وروى (5) باقيه تعليقًا.

5909 - وعن المسور بن مخرمة "أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليالٍ، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنته أن تنكح فأذن لها، فنكحت".
رواه البخاري (6).
__________
=علته إذا برأ: أي خرجت من نفاسها وسلمت. النهاية (3/ 293).
(1) صحيح مسلم (2/ 1122 رقم 1484).
(2) صحيح البخاري (9/ 379 رقم 5319).
(3) من صحيح البخاري، والمراد أن عبيد الله أخبر ابن شهاب الزهري.
(4) صحيح البخاري (8/ 521 رقم 4909).
(5) صحيح البخاري (8/ 521 - 522 رقم 4910).
(6) صحيح البخاري (9/ 379 - 380 رقم 5320).

(5/310)


5910 - وروى (1) عن عبد الله بن مسعود قال: "أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (2) ".
5910 م- (عن أبي بن كعب قال: قلت: يا رسول الله {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (3). للمطلقة ثلاثاً، أو للمتوفى عنها؟ قال: هي للمطلقة ثلاثًا وللمتوفى عنها" (4).
رواه عبد الله بن أحمد في المسند (5) عن غير أبيه والدارقطني (6).

5911 - عن الزبير بن العوام "أنها كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة، فقالت له -وهي حامل-: طيب نفسي بتطليقة. فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت، فقال لها: خدعتيني خدعك الله (7). ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: سبق الكتاب أجله؛ اخطبها إلى نفسها".
رواه ابن ماجه (8).
__________
(1) صحيح البخاري (8/ 41 رقم 4532)، وعلقه (8/ 522 رقم 4910).
(2) سورة الطلاق، الآية: 4.
5910 م- خرجه الضياء في المختارة (3/ 416 - 417 رقم 1213، 1214).
(3) سقطت من "الأصل" فتداخلت الروايتان.
(4) قال ابن كثير في تفسيره (4/ 382): هذا حديث غريب جدًّا بل منكر؛ لأن في إسناده المثنى بن الصباح وهو متروك الحديث بمرة. ثم ذكر له بعض الشواهد.
(5) المسند (5/ 116).
(6) سنن الدارقطني (3/ 302 رقم 211).

5911 - خرجه الضياء في المختارة (3/ 63 رقم 868)، وقال: لا أظن أن ميمون بن مهران أدرك الزبير، واللَّه أعلم.
(7) في سنن ابن ماجه: فقال: ما لها خدعتني؟ خدعها الله.
(8) سنن ابن ماجه (1/ 653 رقم 2026).

(5/311)


106 - باب أين تعتد المتوفى عنها
5912 - عن فريعة بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد- "أنها جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وأن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم (1) لحقهم، فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكنًا يملكه ولا نفقه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم. قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة -أو في المسجد- ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو أمر بي فنُوديت له- فقال: كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا، قالت: فلما كان عثمان أرسل إليَّ فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه وقضى به".
رواه الإمام أحمد (2) د (3) س (4) ق (5) ت (6) -وهذا لفظه- وقال: حديث حسن صحيح. ولم يذكر النسائي ذكر إرسال عثمان.

5913 - عن ابن عباس "في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (7) نسخ ذلك بآية الميراث
__________
(1) القدوم: اسم جبل بالحجاز قرب المدينة. معجم البلدان (4/ 354).
(2) المسند (6/ 420 - 421).
(3) سنن أبي داود (2/ 291 رقم 2300).
(4) سنن النسائي (6/ 200 رقم 3530).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 654 - 655 رقم 2031).
(6) جامع الترمذي (3/ 508 - 509 رقم 1204).

5913 - خرجه الضياء في المختارة (12/ 312 رقم 343).
(7) سورة البقرة، الآية: 240.

(5/312)


بما فرض الله لها من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرًا".
رواه د (1) س (2).

5914 - عن عَمْرو بن العاص قال: "لا تلبسوا علينا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرًا. يعني: أم الولد".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) -وهذا لفظه- ق (5) ولفظ الإمام أحمد: "لا تلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرًا".

107 - باب الاعتداد بالأقراء (6)
5915 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيَّر بريرة، فاختارت نفسها، وأمرها أن تعتد عدة الحرة".
رواه الإمام أحمد (7) والدارقطني (8).

5916 - وعن عائشة قالت: "أُمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض".
رواه ق (9).
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 289 رقم 2298).
(2) سنن النسائي (6/ 206 - 207 رقم 3545).
(3) المسند (4/ 203).
(4) سنن أبي داود (2/ 294 رقم 2308).
(5) سنن ابن ماجه (1/ 673 رقم 2083).
(6) مفردها قَرء -بفتح القاف- وهو من الأضداد يقع على الطهر -وإليه ذهب الشافعي وأهل الحجاز- وعلى الحيض. إليه ذهب أبو حنيفة وأهل العراق. النهاية (4/ 32).
(7) المسند (1/ 361).
(8) سنن الدارقطني (3/ 294 رقم 187).
(9) سنن ابن ماجه (1/ 671 رقم 2077).

(5/313)


5917 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "طلاق الأَمة تطليقتان، وعدتها حيضتان".
رواه د (1) ق (2) والدارقطني (3) ت (4). وقال: حديث عائشة حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا غلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث.
وفي لفظٍ للدارقطني (5): "طلاق العبد اثنتان، وقرء الأمة حيضتان".
مظاهر بن أسلم المخزومي (6) عن القاسم، قال أبو حاتم الرازي (7): منكر الحديث.
قال الدارقطني (8): والصحيح عن القاسم بخلاف هذا، فروي (9) عن زيد (بن أسلم قال: سُئل القاسم عن الأمة كم تطلق؟ قال: طلاقها اثنتان وعدتها حيضتان. قال: فقيل له. أبلغك) (10) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا؟ فقال: لا.
__________
(1) سنن أبي داود (2/ 257 - 258 رقم 2189)، وقال أبو داود: وهو حديث مجهول.
(2) سنن ابن ماجه (1/ 672 رقم 2080).
(3) سنن الدارقطني (4/ 39 - 40 رقم 113)، وروى الدارقطني (4/ 40 رقم 114) عن أبي عاصم قال: ليس بالبصرة حديث أنكر من حديث مظاهر هذا.
(4) جامع الترمذي (3/ 488 رقم 1182) واللفظ له.
(5) سنن الدارقطني (4/ 39 رقم 112).
(6) ترجمته في التهذيب (28/ 96 - 97).
(7) الجرح والتعديل (8/ 439).
(8) إنما نقل الدارقطني هذا القول عن شيخه الإمام أبي بكر النيسابوري، وقد تقدم نقل الضياء هذا القول عن النيسابوري عند هذا الحديث برقم (5810).
(9) سنن الدارقطني (4/ 40 رقم 115).
(10) سقطت من "الأصل"، وأثبتها من سنن الدارقطني.

(5/314)


5918 - عن عطية عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان".
رواه ابن ماجه (1) والدارقطني (2) وعطية بن سعد العوفي (3) ضعفه غير واحدٍ من الأئمة.
قال الدارقطني (4): والصحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع من قوله.

5919 - وروى الدارقطني (5) عن سالم ونافع أن ابن عمر كان يقول: "طلاق العبد الحرة تطليقتان، وعدتها ثلاثة قروء، وطلاق الحر الأمة تطليقتان، وعدتها عدة الأمة حيضتان".

108 - باب في الإحداد (6)
5920 - عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة: قالت زينب: "دخلت (على) (7) أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدعت أم حبيبة بطيبٍ فيه صفرة -خلوق أو غيره- فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: واللَّه ما لي بالطيب من
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/ 671 - 672 رقم 2079).
(2) سنن الدارقطني (4/ 38 رقم 104).
(3) ترجمته في التهذيب (20/ 145 - 149).
(4) وأول كلامه: تفرد به عمر بن شبيب مرفوعاً وكان ضعيفًا. وتقدم هذا الحديث برقم (5813).
(5) سنن الدارقطني (4/ 38 رقم 107).
(6) حديث المرأة وأحدت حدادًا وإحدادًا، فهي حادٌّ ومُحِدٌّ، وهو الامتناع من الزينة والطيب في عدتها من وفاة زوجها، وأصل الحد: المنع. مشارق الأنوار (1/ 184).
(7) من صحيح البخاري.

(5/315)


حاجةٍ غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميتٍ فوق ثلاث ليالٍ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا".
قالت زينب: "فدخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيبٍ فمست منه، ثم قالت: أما (1) والله ما لي بالطيب من حاجةٍ، غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهرً وعشراً".
قالت زينب: وسمعت أم سلمة تقول: "جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا. مرتين أو ثلاثًا، كل ذلك يقول: لا. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما هي أربعة أشهر وعشرًا (2)، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول.
قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي زوجها دخلت حفشًا (3) ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبًا حتى يمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طائر- فتفتض بها (4) فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتُعطى بعرة فترمي بها (5)، ثم تراجع
__________
(1) في "الأصل": أم. والمثبت من صحيح البخاري.
(2) قال ابن حجر في الفتح (9/ 399): قوله: "إنما هي أربعة أشهر وعشرًا" كذا في الأصل بالنصب على حكاية لفظ القرآن، ولبعضهم بالرفع وهو واضح.
(3) الحفش: البيت الصغير الذليل القريب السمك، سُمي به لضيقه، والتحفش: الانضمام والاجتماع. النهاية (1/ 407)، وفتح الباري (9/ 399).
(4) في صحيح البخاري: به.
(5) اختلف في المراد برمي البعرة، فقيل: هو إشارة إلى أنها رمت العدة رمي البعرة، وقيل: إشارة إلى أن الفعل الذي فعلته من التربص والصبر على البلاء الذي كانت فيه لما انقضى كان عندها بمنزلة البعرة التي رمتها استحقاراً له وتعظيمًا لحق زوجها، وقيل:=

(5/316)


بعدما شاءت من طيب أو غيره. سُئل مالك -رحمه الله- ما تفتض قال: تمسح به جلدها (1).
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) ولم يذكر قول مالك.

5921 - وعن زينب بنت أم سلمة عن أمها "أن امرأة توفي زوجها فخشوا عينيها (4)، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستأذنوه في الكحل فقال: لا تَكَحَّل (5)، قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها (6) -أو شر بيتها (7) - فإذا كان الحول فمر كلب رمت ببعرة، فلا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر".
رواه البخاري (8) -وهذا لفظه- ومسلم (9) وعنده: "فخافوا على عينها، فأتوا
__________
=بل ترميها على سبيل التفاؤل بعدم عودها إلى مثل ذلك. فتح الباري (9/ 400).
(1) قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن الافتضاض، فذكروا أن المعتدة كانت لا تمس ماءً ولا تقلم ظافرًا ولا تزيل شعرًا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر، ثم تفتض أي: تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه، فلا يكاد يعيش بعدما تفتض به. فتح الباري (9/ 400).
(2) صحيح البخاري (9/ 394 رقم 5334 - 5336).
(3) صحيح مسلم (2/ 1123 - 1125 رقم 1486 - 1489).
(4) في رواية الكشميهني: "على عينيها".
(5) بفتح التاء والكاف والحاء المشددة، وأصله تتكحل فحذفت إحدى التاءين، ولأبي ذر عن الكشميهني: "لا تكحل" بسكون الكاف وكسر الحاء، من باب الافتعال. إرشاد الساري (8/ 190).
(6) أي: دنيء ثيابها، وأصله من الحلس وهو: كساء أو لبد أو شيء يجعل على ظهر البعير تحت القتب يلازمه، ولذلك يقال: فلان حلس بيته أي: ملازمه. مشارق الأنوار (1/ 197).
(7) تشبه أن تكون في "الأصل": ثيابها. والمثبت من صحيح البخاري.
(8) صحيح البخاري (9/ 400 رقم 5338).
(9) صحيح مسلم (2/ 1125 رقم 1488/ 60).

(5/317)


النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنوه في الكحل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كانت إحداكن تكون في شر بيتها في أحلاسها -أو في شر أحلاسها في بيتها- حولاً، فإذا مر كلب رمت ببعرة فخرجت، أفلا أربعة أشهر وعشرًا".

5922 - عن صفية بنت أبي عبيد، عن حفصة أو عن عائشة أو عن كلتيهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر -أو تؤمن بالله ورسوله- أن تحد على ميتٍ فوق ثلاثة أيام، إلا على زوجها".
رواه مسلم (1)، ورواه (2) عن صفية، عن حفصة بنت عمر -رضي الله عنه- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وزاد: "فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً".

5923 - وروى (3) عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوجها".

5924 - عن أم عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحد امرأة على ميتٍ فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصبٍ (4)، ولا تكتحل، ولا تمس طيبًا، إلا إذا طهرت، نبذة من قسط أو أظفار (5) " (6).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1169 رقم 1490/ 63).
(2) صحيح مسلم (2/ 1170 رقم 1490/ 64).
(3) صحيح مسلم (2/ 1170 رقم 1490/ 65).
(4) بسكون الصاد، على الإضافة، هو ضرب من البرود يعصب غزله ثم يصبغ كذلك، ثم ينسج بعد ذلك فيأتي موشى، يبقى ما عصب أبيض لم يأخذه صبغ، وليس من ثياب الرقوم، وربما سموا الثوب عصبًا، وقالوا: عصب اليمن. مشارق الأنوار (2/ 94).
(5) النُّبذة -بضم النون- القطعة والشيء اليسير، وأما القسط فبضم القاف، ويقال فيه: كست، بكاف مضمومة بدل القاف، وبتاء بدل الطاء، وهو والأظفار نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة. شرح صحيح مسلم (6/ 314).
(6) صحيح مسلم (2/ 1127 رقم 938/ 66).

(5/318)


5925 - وعن أم عطية قالت: "كنا ننهى أن نحد على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نتطيب، ولا نكتحل، ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا، وقد رخص للمرأة في طهرها إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من قسط أو أظفار" (1).
رواه البخاري (2) ومسلم -وهذا لفظه- ولفظ البخاري: "كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاثٍ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصبٍ، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز".
وفي لفظٍ له (3): قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثٍ، إلا على زوج، فإنها لا تكتحل، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب".

5926 - وقال (4): قال الأنصاري: ثنا هشام، ثنا حفصة، قالت: حدثتني أم عطية قالت: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تمسَّ طيبًا إلا لدى طهرها إذا طهرت نبذة من قسط وأظفار".
ولأبي داود (5) والنسائي (6) فيه: "ولا تختضب". وللنسائي (7): "ولا تمتشط".
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1128 رقم 938/ 67).
(2) صحيح البخاري (9/ 401 رقم 5341).
(3) صحيح البخاري (9/ 402 رقم 5342).
(4) صحيح البخاري (9/ 402 رقم 5343).
(5) سنن أبي داود (2/ 292 رقم 2303).
(6) سنن النسائي (6/ 204 رقم 3538).
(7) سنن النسائي (6/ 202 - 203 رقم 3536).

(5/319)


5927 - عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (1): "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة (2)، ولا الحلي ولا تختضب، ولا تكتحل".
رواه الإمام أحمد (3) وأبو داود (4) والنسائي (5).

5928 - وعن أم سلمة قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة، وقد جعلت على عيني صبرًا، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ فقلت: إنما هو صَبِر (6) يا رسول الله، ليس فيه طيب. قال: إنه يشب الوجه (7)، فلا تجعليه إلا بالليل، ولا تمتشطي بالطيب، ولا بالحناء؛ فإنه خضاب. قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تغلفين (8) به رأسك".
رواه أبو داود (9) والنسائي (10) -وهذا لفظه- وزاد أبو داود: "بالليل وتنزعينه بالنهار".

5929 - عن جابر بن عبد الله يقول: "طُلقت خالتي، فأرادت أن تجد (11)
__________
(1) من المسند والسنن.
(2) الِمشق -بالكسر-: الَمغَرَة، وثوب ممشق مصبوغ به. النهاية (4/ 334).
(3) المسند (6/ 302).
(4) سنن أبي داود (2/ 292 رقم 2304).
(5) سنن النسائي (6/ 203 - 204 رقم 3537).
(6) الصَّبِر: عصارة شجر مر، واحدته: صَبِرَة، وجمعه صبور. لسان العرب (4/ 2394).
(7) أي: يُلونه ويُحسنه. النهاية (2/ 438).
(8) من التغليف، أي: تغطين أو تجعلين كالغلاف لرأسك، والمراد تكثرين منه على شعرك. قاله السندي في حاشية سنن النسائي (6/ 205).
(9) سنن أبي داود (2/ 292 - 293 رقم 2305).
(10) سنن النسائي (6/ 204 - 205 رقم 3539).
(11) الجداد -بالفتح والكسر- صرام النخل، وهو قطع ثمرتها، يقال: جَدَّ الثمرة يَجُدُّها جَدًّا. النهاية (1/ 244).

(5/320)


نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، في، فقال: بلى فجدي نخلك؛ فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا".
رواه مسلم (1).

5930 - عن أسماء بنت عميس قالت: "لما أصيب جعفر -رضي الله عنه- أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: تسلبي (2) ثلاثاً، ثم اصنعي ما شئت" (3).
وفي لفظٍ (4): قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال: لا تحدي بعد يومك هذا" (5).
رواه الإمام أحمد.

109 - ذكر نفقة المبتوتة وسكناها
تقدم في الطلاق (6).

110 - باب في ذكر النفقة والسكنى لغير المبتوتة
5931 - عن مجالد عن الشعبي حدثتني فاطمة بنت قيس "أن زوجها طلقها البتة، فخاصمته في السكنى والنفقة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: فلم يجعل لي
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1121 رقم 1483).
(2) في المسند: أمي البسي ثوب الحداد. وقوله في "الأصل": "تسلبي" أي: البسي ثوب الحداد وهو السلاب، والجمع سُلُب، وتسلَّبت المرأة إذا لبسته، وقيل: هو ثوب أسود تُغطي به المحد رأسها. النهاية (2/ 387).
(3) المسند (6/ 438).
(4) المسند (6/ 369).
(5) هذا الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد، فمن العلماء من أعله بالشذوذ وغيره، ومنهم من ادعى نسخه، وغير ذلك. انظر فتح الباري (9/ 397).
(6) في حديث فاطمة بنت قيس برقم (5772 - 5781).

(5/321)


سكنى ولا نفقة، وقال: يا بنت (آل قيس) (1) إنما السكنى والنفقة على من كانت له رجعة".
رواه الإمام أحمد (2).

5932 - عن مجالد ثنا عامر قال: "قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس، فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فقال لي أخوه: اخرجي من الدار. فقلت: إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل. قال: لا. قالت: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إن فلانًا طلقني، وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة. فأرسل إليه، فقال: ما لك ولابنة (آل) (3) قيس؟ قال: يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاثًا جميعاً. قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظري يا ابنة (آل) (3) قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى".
رواه الإمام أحمد (4) ومجالد تُكلم فيه (5)، وروى الدارقطني (6) من حديث مجالد وغيره: "إنما السكنى والنفقة لمن ملك الرجعة".

5933 - عن البهي عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة".
رواه الدارقطني (7).
__________
(1) في "الأصل": أبي سفيان. والمثبت من المسند.
(2) المسند (6/ 415).
(3) في "الأصل": أبي.
(4) المسند (6/ 416 - 417).
(5) ترجمته في التهذيب (27/ 219 - 225).
(6) سنن الدارقطني (4/ 23 - 24 رقم 68).
(7) سنن الدارقطني (4/ 22 رقم 63).

(5/322)


5934 - وروى (1) من رواية حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المطلقة ثلاثًا لها السكنى والنفقة".
5934 م- وروى (2) بهذا الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس للحامل المتوفى عنها (زوجها) (3) نفقة".
وحرب بن أبي العالية ضعفه يحيى بن معين (4).

111 - باب استبراء الإِماء
قد تقدم (5).

112 - باب الرضاع
5935 - عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أراه فلانًا -لعم حفصة من الرضاعة- قالت عائشة: يا رسول الله، لو كان فلانًا حيًّا -لعمها من الرضاعة- دخل عليَّ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة".
رواه البخاري (6) ومسلم (7)، وروى ابن ماجه (8): "ما يحرم من النسب".
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 21 رقم 59).
(2) سنن الدارقطني (4/ 21 رقم 60).
(3) من سنن الدارقطني.
(4) الجرح والتعديل (3/ 251).
(5) الأحاديث (5621، 5622 م).
(6) صحيح البخاري (9/ 43 رقم 5099).
(7) صحيح مسلم (2/ 1068 رقم 1444).
(8) سنن ابن ماجه (1/ 623 رقم 1937).

(5/323)


5936 - وعن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، فكأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي. فقال: انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".
رواه البخاري (1)، ومسلم (2) ولفظه: قالت عائشة: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة. قالت: فقال: انظرن من إخوانكن من الرضاعة؛ فإنما الرضاعة من المجاعة". وفي لفظٍ: "عن المجاعة".

5937 - عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد على ابنة حمزة، فقال: إنها لا تحل لي؛ إنها لابنة أخي من الرضاعة ويحرم من الرضاعة، ما يحرم من الرحم (3) ".
وفي لفظ (4): "ما يحرم من النسب". أخرجاه (5) واللفظ لمسلم.

5938 - عن علي -رضي الله عنه- قال: "قلت: يا رسول الله، مالك تَنَوَّق (6) في قريش وتدعنا؟ فقال: وعندكم شيء؟ قلت: نعم، ابنة حمزة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنها) (7) لا تحل لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة".
__________
(1) صحيح البخاري (9/ 50 رقم 5102).
(2) صحيح مسلم (2/ 1078 رقم 1455).
(3) صحيح مسلم (2/ 1071 رقم 1447/ 12).
(4) صحيح مسلم (2/ 1071 - 1072 رقم 1447/ 13).
(5) البخاري (9/ 43 رقم 5100).
(6) هو بتاء مثناة فوق مفتوحة، ثم نون مفتوحة، ثم واو مفتوحة مشددة، ثم قاف، أي تختار وتبالغ في الاختيار، قال القاضي: وضبطه بعضهم بتاءين مثناتين الثانية مضمومة، أي: تميل. قاله النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 206).
(7) من صحيح مسلم.

(5/324)


رواه مسلم (1).

5939 - وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب".
رواه الإمام أحمد (2) ت (3) وقال: حديث صحيح (4).

5940 - عن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: "قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين أنت يا رسول الله عن ابنة حمزة -أو قيل: ألا تخطب بنت حمزة بن عبد المطلب- قال: إن حمزة أخي من الرضاعة".
رواه مسلم (5).

5941 - عن عروة بن الزبير عن عائشة "أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها -وهو عمها من الرضاعة- بعد أن أنزل الحجاب، قالت: فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له عليَّ".
رواه البخاري (6) ومسلم (7) وعند البخاري: "أن آذن له".
وفي لفظٍ: "أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليَّ بعدما أنزل الحجاب،
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1071 رقم 1446).

5939 - خرجه الضياء في المختارة (2/ 100 - 101 رقم 475).
(2) المسند (1/ 132).
(3) جامع الترمذي (3/ 452 رقم 1146).
(4) كذا في تحفة الأحوذي (4/ 203، 204)، وتحفة الأشراف (7/ 381 رقم 10118)، والأحاديث المختارة، وفي جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 87 - 88): حديث حسن صحيح.
(5) صحيح مسلم (2/ 1072 رقم 1448).
(6) صحيح البخاري (9/ 54 رقم 5103).
(7) صحيح مسلم (2/ 1069 رقم 1445).

(5/325)


فقلت: والله لا آذن له حتى أستاذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس. فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته. فقال: ائذني له فإنه عمك، تربت يمينك. قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب".
اْخر جاه (1) واللفظ للبخاري.
وفي لفظٍ لهما (2): قالت: "استأذن عليَّ أفلح فلم آذن له، فقال أتحتجبين مني (وأنا) (3) عمك؟ فقلت: كيف ذلك؟ قال: أرضعتك امرأة أخي، بلبن أخي. قالت: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: صدق أفلح؛ ائذني له".
لفظ البخاري، وعند مسلم: "أرضعتك امرأة أخي. فأبيت أن آذن له، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: ليدخلن (4) عليك؛ فإنه عمك".
ولمسلم (5): "فقال لها: لا تحتجبي منه؛ فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب".

5942 - عن أم حبيبة بنت أبي سفيان "أنها قالت: يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان. فقال: أو تحبين ذلك؟ فقلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن ذلك لا يحل لي. قلت: فإنا نُحَدَّث (أنك) (6) تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال: بنت أم سلمة؟ قلت: نعم.
__________
(1) البخاري (10/ 566 رقم 6156)، ومسلم (2/ 1069 رقم 1445/ 5).
(2) البخاري (5/ 300 رقم 2644)، ومسلم (2/ 1070 رقم 1445/ 10).
(3) من صحيح البخاري.
(4) في صحيح مسلم: ليدخل.
(5) صحيح مسلم (2/ 1070 رقم 1445/ 9).
(6) من صحيح البخاري.

(5/326)


قال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن. قال عروة: وثويبة مولاة أبي لهب، أعتقها فأرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة (1) قال له: ماذا لقيت؟ فقال أبو لهب: لم ألق بعدكم خيرًا غير أني سقيت بعتاقتي ثويبة".
رواه البخاري (2) -وهذا لفظه- ومسلم (3) ولم يذكر قول عروة.
وفي لفظٍ لهما (4): "تخطب درة بنت أبي سلمة".
ولمسلم (5): "انكح أختي عزة".

113 - باب عدد الرضعات التي تحرم
5943 - عن عائشة قالت: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي (6) فيما يقرأ من القرآن (7) ".
__________
(1) بكسر المهملة، وسكون التحتانية، بعدها موحدة، أي سوء حال، وقال ابن فارس: أصلها الحوبة، وهي المسكنة والحاجة، فالياء في حيبة منقلبة عن واو لانكسار ما قبلها. فتح الباري (9/ 48 - 49).
(2) صحيح البخاري (9/ 43 رقم 5101).
(3) صحيح مسلم (2/ 1072 رقم 1449).
(4) البخاري (9/ 64 رقم 5107)، ومسلم (2/ 1072 رقم 1449/ 15).
(5) صحيح مسلم (2/ 1073 رقم 1449/ 16).
(6) في صحيح مسلم: وهن.
(7) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (6/ 211): معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر جداً حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنًا=

(5/327)


رواه مسلم (1).
وله (2) عنها: قالت: "نزل في القرآن (عشر رضعات) (3) معلومات، ثم نزل أيضًا خمس معلومات".

5944 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرم المصة والمصتان".
رواه مسلم (4).

5945 - عن أم الفضل قالت: "دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم -وهو في بيتي- فقال: يا نبي الله، إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى، فزعمت المرأة الأولى أنها أرضعت (امرأتي) (5) الحدثى رضعة أو رضعتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحرم الإملاجة (6) والإملاجتان". رواه م (7).
__________
=متلوًّا؛ لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يُتلى، والنسخ ثلاثة أنواع:
أحدها: ما نسخ حكمه وتلاوته؛ كعشر رضعات.
والثاني: ما نسخت تلاوته دون حكمه؛ كخمس رضعات، وكـ "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما".
والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته، وهذا هو الأكثر.
(1) صحيح مسلم (2/ 1075 رقم 1452).
(2) صحيح مسلم (2/ 1075 رقم 1452/ 25).
(3) تكررت في "الأصل".
(4) صحيح مسلم (2/ 1073 - 1074 رقم 1450).
(5) في "الأصل": امرأة. والمثبت من صحيح مسلم، وقوله الحُدْثى -بضم الحاء وإسكان الدال-: أي الجديدة. شرح صحيح مسلم (6/ 214).
(6) الإملاجة: بكسر الهمزة، وبالجيم المخففة هي: المصة، يقال: ملج الصبي أمه وأملجته.
شرح صحيح مسلم (6/ 211).
(7) صحيح مسلم (2/ 1074 رقم 1451/ 18).

(5/328)


وفي لفظٍ (1): "لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان".
وفي لفظٍ (2): "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان".

5946 - وفي لفظٍ (3) أيضًا: "أن رجلاً من بني عامر بن صعصعة قال: نبي الله، هل تحرم الرضعة الواحدة؟ قال: لا".

5947 - عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان".
رواه الدارقطني (4).

5948 - وروى (5) أيضًا عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحرم من الرضاعة المصة ولا المصتان، ولا يحرم إلا ما فتق الأمعاء".

114 - باب في رضاعة الكبير
5949 - عن عائشة قالت: "جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم -وهو حليفه- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه (6). قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟! فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: قد علمت أنه رجل كبير" (7).
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1074 رقم 1451/ 20، 21).
(2) صحيح مسلم (2/ 1075 رقم 1451/ 22).
(3) صحيح مسلم (2/ 1074 رقم 1451/ 19).
(4) سنن الدارقطني (4/ 173 رقم 5).
(5) سنن الدارقطني (4/ 173 رقم 6).
(6) قال القاضي: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما، وهذا الذي قاله القاضي حسن، ويُحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة، كما خص بالرضاعة مع الكبر، والله أعلم. شرح صحيح مسلم (6/ 215 - 216).
(7) صحيح مسلم (2/ 1076 رقم 1453/ 26).

(5/329)


وفي لفظٍ (1): "وكان قد شهد بدرًا" وفيه: "فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
وفي لفظٍ (2): "فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة". رواه مسلم بألفاظه.

5950 - وروى (3) أيضًا عن زينب بنت أم سلمة قالت: "قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع (4) الذي ما أحب أن يدخل عليَّ. قال: فقالت عائشة: أما لك في رسول الله أسوة؟ قالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله، إن سالمًا يدخل عليَّ وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شىء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه حتى يدخل عليك".
وفي لفظٍ له (5): "والله ما تطيب نفسي أن يرائي الغلام قد استغنى عن الرضاعة. فقالت: لِمَ؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله يا رسول الله، والله إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم. فقالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه. قالت: إنه ذو لحية. فقال: أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة. فقالت: والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة".

5951 - وروى مسلم (6) أيضًا عن زينب بنت أبي سلمة: "أن أمها أم سلمة زوج
__________
(1) صحيح مسلم (2/ 1076 رقم 1453/ 26).
(2) صحيح مسلم (2/ 1076 رقم 1453/ 27).
(3) صحيح مسلم (2/ 1077 رقم 1453/ 29).
(4) هو بالياء المثناة من تحت، وبالفاء، وهو الذي قرب البلوغ ولم يبلغ، وجمعه أيفاع، وقد أيفع الغلام ويفع، وهو يافع. شرح صحيح مسلم (6/ 217).
(5) صحيح مسلم (2/ 1077 - 1078 رقم 1453/ 30).
(6) صحيح مسلم (2/ 1078 رقم 1454).

(5/330)


النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تقول: أبى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن أحدًا بتلك الرضعات، وقلن لعائشة: واللَّه ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا".

5952 - عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أبي حذيفة فأرضعت سالمًا خمس رضعات، فكان يدخل عليها بتلك الرضاعة".
رواه الإمام أحمد (1).

115 - باب أن الرضاعة لا تحرم إِلا في الصغر
5953 - عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق (2) الأمعاء في الثدي (3)، وكان قبل الفطام".
رواه الترمذي (4) وقال: حديث حسن صحيح.

5954 - عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين".
رواه الدارقطني (5) وقال: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ.
__________
(1) المسند (6/ 255).
(2) أي: الذي شق أمعاء الصبي كالطعام، ووقع منه موقع الغذاء، وذلك أن يكون في أوان الرضاع. تحفة الأحوذي (4/ 314).
(3) قال الشوكاني في نيل الأوطار (6/ 316): قوله "في الثدي" أي: في رمن الثدي، وهي لغة معروفة؛ فإن العرب تقول مات فلان في الثدي، أي: في زمن الرضاع قبل الفطام، كما وقع التصريح بذلك في آخر الحديث.
(4) جامع الترمذي (3/ 458 - 459 رقم 1152).
(5) سنن الدارقطني (4/ 174 رقم 10).

(5/331)


5955 - عن أبي موسى الهلالي عن أبيه "أن رجلاً كان في سفر فولدت امرأته فاحتبس لبنها فخشي عليها، فجعل يمصه ويمجه، فدخل في حلقه، فسأل أبا موسى فقال: حرمت عليك. فأتى ابن مسعود فسأله، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم (1) ".
رواه أبو داود (2) والدارقطني (3)، وفي لفظٍ (4): "قال: فأتى أبا موسى، فقال: أرضيع هذا؟ فقال أبو موسى: لا تسألوني ما دام هذا الحبر بين أظهركم". لفظ الدارقطني.

5956 - وروى (5) عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرم المصة والمصتان، ولكن ما فتق الأمعاء".

5957 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام".
رواه د الطيالسي في مسنده (6).
وقد تقدم (7): "الرضاعة من المجاعة".
__________
(1) أي: رفعه وأعلاه، وأكبر حجمه، وهو من النشز: المرتفع من الأرض. النهاية (5/ 55).
(2) سنن أبي داود (2/ 222 رقم 2060).
(3) سنن الدارقطني (4/ 172 - 173 رقم 4).
(4) سنن أبي داود (2/ 222 رقم 2059)، وسنن الدارقطني (4/ 173 رقم 8).
(5) سنن الدارقطني (4/ 175 رقم 13).
(6) مسند الطيالسي (243 رقم 1767).
(7) الحديث رقم (5936).

(5/332)


116 - باب شهادة المرأة الواحدة في الرضاع
5958 - عن عقبة بن الحارث قال: "تزوجت امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: قد أرضعتكما. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: قد أرضعتكما. وهي كاذبة (فأعرض عني، فأتيته من قبل وجهه، قلت: إنها كاذبة) (1). قال: كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما، دعها عنك". وأشار إسماعيل بأصبعيه السبابة والوسطى يحكي أيوب (2).
رواه البخاري (3).
وفي لفظٍ (4): "أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. قال: فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عني، قال: فتنحيت (5)، فذكرت ذلك له، فقال: وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ فنهاه عنها".
وفي لفظٍ له (6): "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة، ونكحت زوجًا غيره".
وللدارقطني (7): "دعها عنك، لا خير لك فيها".
__________
(1) من صحيح البخاري.
(2) يعني: يحكي إسماعيل ابن علية إثارة أيوب، والمراد حكاية فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أثار بيده، وقال بلسانه: "دعها عنك"، فحكى ذلك كل راوٍ لمن دونه. فتع الباري (9/ 57).
(3) صحيح البخاري (9/ 56 رقم 5104).
(4) صحيح البخاري (5/ 316 رقم 2659).
(5) تحرفت في الأصل. والمثبت من صحيح البخاري.
(6) صحيح البخاري (5/ 297 رقم 2640).
(7) سنن الدارقطني (4/ 177 رقم 19).

(5/333)


117 - باب في لبن الفحل
5958 م- قد تقدم (1) حديث عائشة "أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليَّ" وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنه عمك".

5959 - عن عمرو بن الشريد عن ابن عباس "أنه سئل عن رجل له جاريتان، أرضعت إحداهما جارية والأخرى غلامًا، أيحل للغلام أن يتزوج بالجارية؟ فقال: لا، اللقاح واحد".
رواه ت (2) -وهذا لفظه- والدارقطني (3).

5960 - عن زينب بنت أبي سلمة قالت: "كانت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنه- أرضعتني، وكان الزبير يدخل عليَّ وأنا أمتشط، فيأخذ بقرون من قرون رأسي، ويقول: أقبلي عليَّ حدثيني. يرى أنه أبي، وإنما ولده إخوتي، فلما كان قبل الحرة أرسل عبد الله بن الزبير يخطب ابنتي على حمزة بن الزبير، وحمزة ومصعب (من) (4) الكلابية، قالت: فأرسلت له: وهي تصلح له؟ قالت: فأرسل إليَّ: إنما تريدين منع (ابنتك، أنا أخوك، وما ولدت أسماء فهم إخوتك، وأما ولد الزبير لغير أسماء فليسوا لك بإخوة. قالت:) (5) فأرسلت وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وأمهات المؤمنين، فقالوا: إن الرضاعة من قبل الرجل لا تحرم شيئًا".
__________
(1) الحديث رقم (5941).
(2) جامع الترمذي (3/ 454 رقم 1149)، وقال الترمذي: وهذا الأصل في هذا الباب، وهو قول أحمد وإسحاق.
(3) سنن الدارقطني (4/ 179 رقم 24).
(4) في "الأصل": ابن. والمثبت من سنن الدارقطني.
(5) من سنن الدارقطني.

(5/334)


رواه الدارقطني (1)

118 - باب ما يذهب مذمة الرضاع (2)
5961 - عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه "أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ فقال: غرة: عبد أو أمه".
رواه الإمام أحمد (3) د (4) س (5) ت (6) -وهذا لفظه- وقال: حديث صحيح (7).
__________
(1) سنن الدارقطني (4/ 179 - 180 رقم 25).
(2) المذمَّة: بالفتح مفعلة من الذم، وبالكسر من الذِّمة والذمام، وقيل: هي بالكسر والفتح الحق والحرمة التي يذم مضيعها، والمراد بمذمة الرضاع: الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأنه سأل ما يُسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملاً، وكانوا يستحبون أن يعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أجرتها. النهاية (2/ 169).
(3) المسند (3/ 450).
(4) سنن أبي داود (2/ 224 رقم 2064).
(5) سنن النسائي (8/ 106 رقم 3329).
(6) جامع الترمذي (3/ 459 - 460 رقم 1153).
(7) كذا في تحفة الأشراف (3/ 18 رقم 3295)، ووقع في جامع الترمذي وعارضة الأحوذي (5/ 98)، وتحفة الأحوذي (4/ 314): حديث حسن صحيح.

(5/335)