الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

المبحث العاشر ـ محظورات الإحرام أو ممنوعاته، ومباحاته:
المحظورات: هي ما يحرم على المحرم بحج أوعمرة حتى يحلق رأسه بمنى. وهي أنواع كثيرة ترجع إلى أصول أربعة: هي لبس المخيط، وترفيه البدن وتنظيفه، والصيد، والنساء.
وهي أيضاً نوعان: نوع لا يوجب فساد الحج وهي الأصول الثلاثة الأولى، ونوع يوجب فساد الحج وهو الجماع.
وتفصيل الكلام في هذه المحظورات وآراء الفقهاء فيها على النحو التالي (1):

الأصل الأول ـ لبس المخيط: يختلف الحكم بحسب كون المحرم رجلاً أو امرأة.
أـ أما الرجل: فيحرم عليه بمجرد الإحرام ستر جميع رأسه أو بعضه بكل ما يعد ساتراً، سواء أكان مخيطاً أم غيره، فلا يجوز أن يضع على رأسه ووجهه عمامة ولا خرقة ولا قلنسوة، ولا يغطيه بثوب وإن بدت البشرة من ورائه، ولا يعصبه بعصابة ونحوها، لخبر الصحيحين: «أنه صلّى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي خر عن بعيره ميتاً: لا تختمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً» (2). وذلك كله إلا لحاجة كمداواة أو حر أو برد، فيجوز التغطية، وتجب الفدية.
أما ما لا يعد ساتراً فلا بأس به، مثل أن يتوسد عمامة أو وسادة أو ينغمس في ماء أو يستظل بمحمل أو نحوه. ولا يضر وضع يده على رأسه ولو طال، ولا يضر
_________
(1) البدائع: 183/ 2 - 206، 216 - 219، القوانين الفقهية: ص 136 - 138، الشرح الصغير: 74/ 2 - 110، الإيضاح: ص 23 - 31، مغني المحتاج: 518/ 1 - 524، المهذب: 204/ 1 - 212، المغني: 295/ 3 - 344، كشاف القناع: 491/ 2 - 510، غاية المنتهى: 373/ 1 - 382.
(2) رواه أيضاً أحمد والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس (نيل الأوطار: 8/ 5).

(3/2291)


شد خيط عليه لصداع أو غيره. ولو وضع على رأسه حملاً أو زنبيلاً ونحوه، كره، ولا يحرم في الأصح عند الشافعية. ويجوز الاستظلال بمظلة أو بيت أو سيارة أو شجر أو خيمة.
ومنع الحنابلة من الاستظلال بمحمل ونحوه، وبنحو ثوب، ويجوز لعذر ويفدي.
ويحرم أيضاً ستر الوجه وباقي الجسد بغير إزار ورداء، فلا يلبس جبة ولا قميصاً ولا سراويل ولا
خفاً ولا نعلاً مخيطاً، وإنما يلبس نعلاً (1) غير مخيطة أو قبقاباً ونحوه بحيث يظهر أغلب الأصابع، فإن لم يجدها أو لم يجد ثمنها فليلبس السراويل إذا لم يجد الإزار، والخفين بعد أن يقطعهما أسفل من الكعبين في رأي الحنفية والمالكية. وقال الحنابلة في المشهور والشافعية: لا يلزمه قطع الخفين.
ودليل جواز لبس السراويل والخفين عند العذر: ما رواه ابن عباس قال: «سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يخطب بعرفات يقول: من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل» (2) ولا فدية عليه في لبسهما عند الحنابلة والشافعية وعليه الفدية عند الحنفية والمالكية لحديث ابن عمر: «أن رجلاً سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يلبس القميص ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحداً لا يجد نعلين، فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسَّه الزعفران ولا الورس» (3).
_________
(1) وهو ما يكون مفتوحاً من قدام، أما الحذاء أو الخف الذي له حاجز يستر مقدم الرجل فلايجوز.
(2) متفق عليه.
(3) متفق عليه.

(3/2292)


ودليل الحنابلة والشافعية على عدم لزوم قطع الخفين (1): حديث ابن عباس السابق: «من لم يجد نعلين، فليلبس خفين» وهو متأخر عن حديث ابن عمر المتقدم، لكونه في خطبة عرفات، فيكون ناسخاً له؛ لأنه لو كان القطع واجباً لبينه للناس، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، والمفهوم من إطلاق لبسِهما لبسُهما على حالهما من غير قطع، والأولى قطعهما عملاً بالحديث الصحيح، وخروجاً من الخلاف وأخذاً بالاحتياط.
ودليل الحنابلة على إسقاط الفدية بلبس السراويل والخفين: خبر ابن عباس أيضاً، لأنه أمر بلبسه، ولم يذكر فدية.

وضابط ما يحرم لبسه: هو الملبوس والمعمول على قدر البدن أو قدر عضو منه بحيث يحيط به، إما بخياطة، وإما بغير خياطة، فيشمل القميص والسراويل والجبة والقباء والخف، والقميص المنسوج غير المخيط، والدرع والجورب والملزق بعضه ببعض، والمعقود في سائر أجزاء بدنه.
والأصح عند الشافعية تحريم المداس: وهو الذي لا يستر الكعبين ويستر مقدم الرِجْل.
والمعتبر في اللبس: العادة في كل ملبوس، إذ به يحصل الترفه، فلو ارتدى بالقميص أو القباء أو التحف بهما أو اتزر بالسراويل فلا بأس ولا فدية. ولو ألقى على جسده قَباء (2) أو عباءة وكان بحيث لو قام أو قعد، لم يستمسك عليه إلا بمزيد عناية، لم تلزمه الفدية، فله أن يجعل المخيط على ظهره من غير لباس، ملتحفاً به أو مرتدياً. ويمنع عند المالكية غير المخيط إذا كان فيه رفاهية كجلد حيوان مسلوخ.
_________
(1) بناء عليه: يجوز لبس الحذاء الحالي (الجزمة أو الصَّباط) إن قطعه من الأمام من أعلى الأصابع، لا من مؤخرته من الوراء لأن الحذاء لا يستر عادة الكعبين، فتحقق قطع الخفين أسفل من الكعبين، ولا فدية حينئذ اتفاقاً.
(2) كساء منفرج من أمام يلبس فوق الثياب.

(3/2293)


ولا يجوز عند الشافعية عقد الرداء ولا أن يزره ولا يخله بخلال أو مسلة ولا يربط خيطاً في طرفه، ثم يربطه في طرفه الآخر، فلو زرَّ الإزار أو خاطه، حرم ولزمه الفدية. وله أن يعقد إزاره لستر العورة، لا رداءه، وله أن يغرز طرف ردائه في إزاره. وقال الحنفية: يكره أن يخلل الإزار بالخلال وأن يعقد الإزار.
وله عند الشافعية والحنفية والحنابلة أن يتقلد السيف للحاجة (1)، ويشد على وسطه الهِمْيان (2) والمِنْطقة، ويلبس الخاتم والساعة.
ولا يلبس ثوباً مصبوغاً بوَرْس (3) ولا زعفران ولا عُصْفُر (4)، للحديث الصحيح: «ولا يلبس من الثياب ما مسه ورس أو زعفران».
ومن أحرم وعليه قميص، فنزعه في الحال فلا فدية عليه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لرجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب: «أما الطيب الذي بك فاغسله، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك» (5) فلم يأمر الرجل بفدية، أما إن استدام اللبس بعد إمكان نزعه، فعليه الفدية؛ لأن استدامة اللبس محرم كابتدائه، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر الرجل بنزع جبته (6).

ب ـ وأما المرأة: فتستر بالمخيط رأسها وسائر بدنها سوى الوجه، فالوجه في
_________
(1) روى البخاري وأحمد عن البراء وعن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلم اتفق مع أهل مكة في عمرة القضاء ألا يحمل سلاحاً عليهم إلا السيوف (نيل الأوطار: 9/ 5).
(2) وهو ما يجعل فيه الدراهم ويشد على الوسط. والمنطقة: حزام يجعل كالكيس يوضع فيه الدراهم.
(3) الورس: نبت أصفر يزرع في اليمن، ويصبغ به، ويطيب به الطعام.
(4) لأن لها رائحة طيبة.
(5) متفق عليه.
(6) قال ابن قدامة الحنبلي: وإنما لم يأمره بفدية لما مضى، فيما نرى، لأنه كان جاهلاً بالتحريم، فجرى مجرى الناسي.

(3/2294)


حقها كرأس الرجل، وإحرامها في وجهها، فيحرم عليها تغطيته في إحرامها، كما يحرم على الرجل تغطية رأسه باتفاق العلماء، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ولا تنتقب المرأة ولاتلبس القفازين» (1) وقوله: «إحرام المرأة في وجهها».
لكن قال الحنابلة: ولا خلاف في أن المرأة إذا احتاجت أحياناً إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها، فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها (2). لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه» (3)، ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها، فلم يحرم عليها ستره على الإطلاق كالعورة.
وأباح المالكية للمرأة ستر وجهها عند الفتنة بلا غرز للساتر بإبرة ونحوها، وبلا ربط له برأسها، بل المطلوب سدله على رأسها ووجهها، أو تجعله كاللثام وتلقي طرفيه على رأسها بلا غرز ولا ربط (4).
وأجاز الشافعية والحنفية (5) ذلك بوجود حاجز عن الوجه فقالوا: للمرأة أن تسدل على وجهها ثوباً متجافياً عنه بخشبة ونحوها، سواء فعلته لحاجة من حر أو برد أو خوف فتنة ونحوها، أو لغير حاجة، فإن وقعت الخشبة فأصاب الثوب وجهها بغير اختيارها ورفعته في الحال، فلا فدية. وإن كان عمداً وقعت بغير اختيارها فاستدامت، لزمتها الفدية. وقال الشافعية: وإن ستر الخنثى المشكل
_________
(1) رواه البخاري وغيره.
(2) المغني: 325/ 3 - 326.
(3) رواه أبو داود والأثرم.
(4) الشرح الصغير: 75/ 2.
(5) الإيضاح: ص 24، البدائع: 186/ 2.

(3/2295)


وجهه فقط أو رأسه فقط، فلا فدية عليه، وإن سترهما معاً، لزمته الفدية. والصحيح عند الشافعية ألا فدية على المرأة إن اختضبت ولفت على يدها خرقة أو لفتها بلا خضاب.
ويحرم على الرجل لبس القفازين في يده، ويحرم ذلك أيضاً على المرأة، على الأصح عند الشافعية، ويلزمهما بلبسه الفدية.

لبس المعذور: يلاحظ أن تحريم اللبس والستر هو إذا لم يكن عذر، فإذا لبس أو ستر شيئاً مما يجب كشفه، أثم ولزمته الفدية. أما المعذور الذي يحتاج لستر رأسه أو لبس المخيط لحر أو برد أو مداواة أو نحوها، أو احتاجت المرأة إلى ستر وجهها، فيجوز له وعليه الفدية.
والخلاصة: يحرم على الرجل لبس ما يحيط بالبدن أو الكف أو أي عضو إلا الخاتم والمنطقة والساعة ونحوها، وحكم المرأة في ذلك كله كالرجل إلا في ثلاثة أمور تجوز لها السترة وهي لبس المخيط والخفين وتغطية رأسها.

الأصل الثاني ـ ترفيه البدن بالطيب وإزالة الشعر وتقليم الظفر ونحوهما مما يجري مجرى الطيب:
أما الطيب: فيحرم على المحرم استعماله في ثوب أو بدن، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ولايلبس من الثياب ما مسه ورس أو زعفران» والورس طيب. وكذا يحرم عند الشافعية دهن الرأس أو اللحية ولو من امرأة، ولو كان الدهن غير مطيب كزيت وشمع مذاب، لما فيه من التزين المنافي لحال المحرم فإنه أشعث أغبر، كما ورد في الخبر: «المحرم: الأشعث الأغبر» (1) ولقوله صلّى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصت به ناقته: «لا تخمروا رأسه، ولا تقربوه طيباً» فإن تطيب أو ادهن فعليه فدية.
_________
(1) أخرج الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر قال: «قام رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: من الحاج؟ فقال: الشعث التفل».

(3/2296)


وقال أبو حنيفة: لو ادهن بدهن مطيب كدهن البنفسج والورد والزئبق، فعليه دم إذا بلغ عضواً كاملاً، وكذا لو ادهن بغير مطيب كالزيت والشيرج.

وضابط حرمة الطيب عند الحنفية: هو مس الطيب بحيث يلزَق شيء منه بثوبه أو بدنه كاستعمال ماء الورد والمسك وغيرهما.
ولابأس عند الحنفية أن يغتسل المحرم ويدخل الحمام لأنه طهارة، فلا يمنع منها، وله أن يكتحل؛ لأن الكحل ليس له رائحة طيبة، فلا يكون طيباً، ولكن لا يغسل رأسه ولا لحيته بالخِطمي؛ لأنه نوع طيب، ولأنه يقتل هوام الرأس.

وضابط حرمة الطيب عند المالكية كالحنفية: هو مس الطيب، ويكره شمه بلا مسّ له ولا يدهن مطلقاً بطيب لغير علة، وإلا جاز؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولابدهن غير مطيب، ولا يكتحل إلا من ضرورة، فيكتحل بما لا طيب فيه، ولا يأكل طعاماً فيه طيب لم تمسه النار، ولا يصحب طيباً فيكره، ولا يستديم شمه فيكره. ولا يدخل الحمام للتنظيف، ويجوز للتبرد أو الجنابة، وعليه الفدية ك الشافعية وأبي حنيفة بدهن شيء من جسده أو شعره بدهن ولو بغير مطيب لغير ضرورة كعلة مرضية، فإن وجدت علة جاز الادهان ببطن كف أو بطن رجل ولا فدية اتفاقاً، وهناك قولان بالفدية وعدمها في دهن ظاهر الجسد (1).
ورأي الشافعية كالحنفية والمالكية في الاستعمال المحرم للطيب: وهو أن يلصق الطيب ببدنه أو ثوبه على الوجه المعتاد في ذلك الطيب، فلو طيب جزءاً من بدنه بمسك أو نحوه لزمته الفدية، سواء في ظاهر البدن أو باطنه، بأن أكله أو احتقن به أو استعط. ولا يحرم أن يجلس في حانوت عطار أو موضع يبخر أو عند
_________
(1) الشرح الكبير: 59/ 2 - 61.

(3/2297)


الكعبة وهي تبخر. ويكره في الأصح قصد اشتمام الرائحة. ولا فدية في الأصح إن مس طيباً فلم يعلق به شيء من عينه (ذات الطيب) ولو شم الورد فقد تطيب، ولوشم ماء الورد فليس متطيباً. ولو حمل مسكاً في زجاجة مغلقة، أو خرقة مشدودة أو كيس، فلا إثم عليه ولافدية، وإن وجد رائحته.
وتحريم استعمال الطيب هو في حالة القصد، فإن تطيب ناسياً لإحرامه أو جاهلاً بتحريم الطيب أو مكرهاً، فلا إثم ولا فدية. وكذا لا إثم ولا فدية إذا جهل كون المستعمل طيباً، والأظهر عدم وجوب الفدية لو مس طيباً يظنه يابساً لا يعلق منه شيء، فكان رطباً.
ومتى ألصق طيباً ببدنه أو ثوبه على وجه يقتضي التحريم، عصى ولزمه الفدية، ووجب عليه المبادرة إلى إزالته.
وإن استهلك الطيب في المخالط له بأن لم يبق له ريح ولا طعم ولا لون، كأن استعمل في دواء وأكله، جاز ولا فدية، فإن بقيت له رائحة في المستهلك فدى، ويجوز أكل ما فيه ريح طيبة كالتفاح والأترج. وإن بقي اللون دون الرائحة والطعم لم يحرم الدهن المستهلك على الأصح.
ويحرم كما بينت عندهم دهن شعر الرأس واللحية بكل دهن، سواء أكان مطيباً أم غير مطيب كالزيت والسمن ودهن الجوز واللوز. ولا بأس أن يدهن الأقرع رأسه، أو يدهن الأمرد ذقنه. ويجوز استعمال هذا الدهن في جميع البدن سوى الرأس واللحية، ولو شعرة أو بعضها، وبقية شعور الوجه كاللحية على المعتمد.
ولا يكره عند الشافعية غسل البدن والرأس بخطمي ونحوه كسدر وصابون من غير نتف، والأولى تركه، وترك الاكتحال الذي لا طيب فيه.

(3/2298)


والمعتمد عندهم كراهة ترجيل (تسريح) الشعر، وحك الشعر بالظفر.

وتشدد الحنابلة فقالوا: يحرم تعمد الطيب مساً وشماً واستعمالاً، فمتى طيب محرم ثوبه أو بدنه، أو استعمل في أكل أو شرب أو ادهان أواكتحال أو استعاط أو احتقان طيباً يظهر طعمه أو ريحه، أو قصد شم دهن مطيب أو مسك أو عنبر أو زعفران أو ورس أو بخور عود أو نحوه، أو ما ينبته آدمي لطيب ويتخذ منه كورد وبنفسج ومنثور وياسمين وزنبق، وشمه أو مس ما يعلق به كماء ورد، حرم وعليه الفدية.
ولا يحرم إن شم بلا قصد، أو مس ما لا يعلق بالجسد كقطع المسك، أو شم الفواكه أو النباتات الصحراوية كالخزامى والقيصوم والنرجس والإذخر، أو ما ينبته آدمي لا بقصد طيب كحناء وعصفر وقرنفل، أو ادهن للحاجة بغير مطيب كزيت وشيرج، ولو في رأسه أو بدنه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم فعله (1)، أو شم بلا قصد بسبب الجلوس عند عطار. وإذا تطيب ناسياً أو عامداً لزمه إزالته بما أمكن من الماء وغيره من المائعات. ولا يضر بقاء اللون دون الرائحة والطعم من الدهن المطيب في أكل أو شرب، لذهاب المقصود.
وللمحرم غسل رأسه وبدنه في حمام وغيره، بلا تسريح؛ لأن تسريحه تعريض لقطع الشعر، وله مع الكراهة الغسل بسدر وخطمي ونحوهما كصابون وأشنان. وله غسل ثياب الإحرام.
والخلاصة: تحريم مسّ الطيب بالاتفاق، وكذا قصد شمه عند الحنابلة، ويكره عند غيرهم، وتحريم الادهان بالزيوت مطلقاً عند أبي حنيفة والمالكية، وبالدهن
_________
(1) رواه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث ابن عمر مرفوعاً، وهو ضعيف.

(3/2299)


المطيب عند الحنابلة، دون غير المطيب، ودهن الشعر والرأس فقط مطلقاً عند الشافعية ولو بغير مطيب. ويجوز الاغتسال ولو بالصابون عند الشافعية والحنابلة، ولا يجوز بالصابون ونحوه عند الحنفية، ويغتسل عند المالكية للتبرد لا للتنظيف.
وأما إزالة الشعر من جميع بدنه ولو من أنفه بالحلق أو النتف وتقليم الأظفار: فحرام بالاتفاق لقوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة:196/ 2] وقيس سائر البدن على الرأس؛ لأنه في معناه، إذ حلقه يؤذن بالرفاهية، وهو ينافي الإحرام، والمحرم أشعث أغبر. وقيس النتف والقلع على الحلق؛ لأنهما في معناه، وإنما عبر النص بالحلق لأنه الغالب.
فلا يقلم أظفاره ولا ينتف إبطه ولا يحلق عانته ولا شاربه وغيرهما من شعور البدن، ولا يقص شعره وشعر غيره، ولا يزيل الشعث والوسخ، ولا يطرح التفث (وهو الظفر المنكسر والشعر المنتوف وشبهه) ولا يقتل قملة ولا برغوثاً ولا يطرحهما عن نفسه، ولا يطرح القراد عن دابته، ولا يحك ما لا يراه من بدنه حكاً عنيفاً لئلا يكون فيه قملة فتقع، وذلك كله بغير عذر، فإن كان بعذر فلا إثم.

أما الفدية ففيها تفصيل آراء الفقهاء:
قال الحنفية: إن حلق رأسه أو ربع رأسه أو ثلثه من غير عذر، فعليه دم لا يجزئه غيره؛ لأنه ارتفاق كامل من غير ضرورة، وإن حلقه لعذر، فعليه أحد الأشياء الثلاثة، لقوله عز وجل: {فمن كان منكم مريضاً أوبه أذى من رأسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة:196/ 2]. وإن حلق دون الربع فعليه الصدقة عند أبي حنيفة.
وإن حلق شاربه فعليه صدقة؛ لأن الشارب تبع للحية. وإذا نتف أحد الإبطين أو كليهما فعليه كفارة واحدة وهو الدم. وإذا قلم ظفراً عليه نصف صاع

(3/2300)


لكل ظفر، وإن قلم أظافير يد أو أو رجل من غير عذر وضرورة، فعليه دم؛ لأنه ارتفاق كامل، فتكاملت الجناية، فتجب كفارة كاملة. ويجب الجزاء بالحلق والتقليم العمد والسهو والطوع والكره.

وقال المالكية: في إزالة الشعر والظفر الواحد والشعرات الأظفار العشرة لغير إماطة الأذى: حفنة من طعام، وفي قتل القَمْلة والقَملات إلى العشرة أو طرحها بلا قتل لا لإماطة الأذى حفنة من طعام يعطيها لفقير، فإن زاد عن العشرة ففدية تلزمه.
ولا شيء في طرح بُرْغوث ونحوه من كل ما يعيش بالأرض كدود ونمل وبعوض وقراد، إذا لم يقتله، ولا شيء في دخول حمام ولو طال مكثه فيه، إلا أن يزيل الوسخ عن جسده، فتلزمه الفدية حينئذ.
ولا يحرم إزالة ما تحت أظفاره وغسل يديه بمزيل الوسخ كالأشنان. ولا شيء بتساقط شعر من لحية أو رأس أو غيرهما بسبب وضوء أو غسل.

والأظهر عند الشافعية أن في الشعرة الواحدة مد طعام، وفي الشعرتين مدين، وتكمل الفدية في ثلاث شعرات أو ثلاثة أظفار، ولو كان ناسياً أوجاهلاً على الأصح، ولو بواسطة كحجامة وحك بنحو ظفر وتحريك رجل راكب على برذعة أو قتَب، وامتشاط، فيحرم ذلك إن علم إزالة الشعر به. وتجب الفدية، وإلا فيكره ولا فدية. ومنع الحنفية والمالكية الامتشاط مطلقاً.
وللمعذور في الحلق لإيذاء أو وسخ أو حر أو جراحة أو نحو ذلك أن يحلق ويفدي، لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة:196/ 2]، وفي الصحيحين عن كعب بن عُجْرة قال: «فيَّ نزلت هذه الآية، أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: ادن فدنوت، فقال:

(3/2301)


أيؤذيك هوام رأسك؟ قال ابن عوف: وأظنه قال: نعم، قال: فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك» (1).
ولكن يجوز قلع شعرة نبتت داخل جفنه وتأذى بها، ولا فدية، وكذا يجوز قطع شعر حاجبه أو رأسه إذا غطى عينه، ولا فدية، وكذا قطع ما انكسر من ظفره وتأذى به، ولا يقطع معه من الصحيح شيئاً.
والمعتمد كراهة ترجيل (تسريح الشعر) وحك الشعر بالظفر، ولا يكره كما بينت غسل بدنه ورأسه بخطمي وسدر من غير نتف شعر؛ لأن ذلك ليس للتزين، بل لإزالة الوسخ، لكن الأولى تركه، وللمحرم الاحتجام والفصد ما لم يقطع بهما شعراً، والأولى ترك الاكتحال الذي لا طيب فيه، وأما ما فيه طيب فهو حرام. ولا شيء بسقوط الشعر وحده دون نتف أو إزالة أو حك بنحو ظفر أو أثناء حجامة أو امتشاط.

وقال الحنابلة كالشافعية: يجب إطعام مسكين فيما دون ثلاث من شعر أو ظفر، وتجب الفدية في ثلاث منها أو في التطيب واللبس، ولو في أثناء التمشيط أو تخليل اللحية، أو كان ناسياً أو مكرهاً. ويباح حك بدنه برفق بلا قطع شعره.
ولا فدية إن تفلى أو قتل قملاً، فإن كعب بن عجرة حين حلق رأسه قد أذهب قملاً كثيراً، ولم يجب عليه لذلك شيء، وإنما وجبت الفدية بحلق الشعر، ولأن القمل لا قيمة له، فأشبه البعوض والبراغيث، ولأنه ليس بصيد ولا هو مأكول. وله قلم الظفر إذا انكسر بقدر المنكسر من غير فدية تلزمه، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر، ولأن
_________
(1) نيل الأوطار: 11/ 5.

(3/2302)


ما انكسر يؤذيه ويؤلمه، فأشبه الشعر النابت في عينه، والصيد الصائل عليه. فإن قص أكثر مما انكسر فعليه الفدية لذلك الزائد.
ولا ينظر في المرآة لإصلاح شيء كإزالة شعث أو تسوية شعر أو شيء من الزينة، لحديث «إن المحرم الأشعث الأغبر» وفي حديث آخر: «إن الله يباهي بأهل عرفة ملائكته، فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي قد أتوني شعثاً غبراً ضاحين» أو كما جاء لفظ الحديث. ولافدية عليه بالنظر في المرآة على كل حال، وإنما ذلك أدب لا شيء على تاركه. وله النظر في المرآة لحاجة كمداواة جرح أو إزالة شعر نبت في جفنه ونحو ذلك مما أباح الشرع له فعله. والخلاصة: يكره النظر لزينة، ويجوز لحاجة.

الأصل الثالث ـ النساء:
وهذا يشمل أمرين: عقد الزواج، والجماع ومقدماته.
أما عقد الزواج: فيحرم ولا يصح عند الجمهور إلا في حق النبي صلّى الله عليه وسلم ـ إن ثبت تزوجه ميمونة وهو محرم ـ ولا فدية فيه، فلا يتزوج المحرم ولو بوكيل غير محرم، ولا يزوج بولاية أو وكالة، فإن فعل فالزواج باطل. لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يَنْكح المحرم ولا يُنكح، ولا يخطب» (1)، ولأن الإحرام يحرم الطيب، فيحرم النكاح كالعدة. ومتى تزوج المحرم أو زوج، أو زُوِّجت محرمة، فالنكاح باطل؛ لأنه منهي عنه.
وتكره الخطبة للمحرم، وخطبة المحرمة، ويكره للمحرم أن يخطب لحلال (غير محرم)، للحديث السابق «ولا يخطب» ولأنه تسبب إلى الحرام، فأشبه الإشارة إلى الصيد.
_________
(1) رواه مسلم.

(3/2303)


والإحرام الفاسد كالصحيح في منع النكاح وسائر المحظورات؛ لأن حكمه باق في وجوب ما يجب في الإحرام، فكذلك ما يحرم به.
وأجاز الحنفية الزواج والخطبة للمحرم، لما روى ابن عباس: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم» (1). ورد الجمهور بحديث ميمونة: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً، وبنى بها حلالاً، وماتت بسَرف في الظلة التي بنى بها فيها» (2) وبحديث أبي رافع قال: «تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما» (3) وميمونة وأبو رافع أعلم بذلك من ابن عباس، وأولى بالتقديم لو كان ابن عباس كبيراً، فكيف وقد كان صغيراً لا يعرف حقائق الأمور، ولا يقف عليها، وقد أنكر عليه هذا القول، وقال سعيد بن المسيب: «وَهِم ابن عباس، ما تزوجها النبي صلّى الله عليه وسلم إلا حلالاً». ثم إن حديث «لا ينكح المحرم ... » قول، فيقدم على الفعل المروي عن ابن عباس، وهو آكد، لأن الفعل يحتمل أن يكون مختصاً بما فعله عليه السلام.

وأما الجماع ومقدماته: فيحرم بالاتفاق ولو لبهيمة، ويحرم على المرأة الحلال تمكين زوجها المحرم من الجماع؛ لأنه إعانة على معصية، ويحرم على الرجل الحلال جماع زوجته المحرمة.
وبناء عليه: يحرم على المحرم الوطء في الفرج، ومقدمات الجماع من تقبيل ولمس بشهوة ومباشرة وجماع فيما دون الفرج، لقوله تعالى: {الحج أشهر
_________
(1) متفق عليه.
(2) رواه أبو داود والأثرم.
(3) قال الترمذي: هذا حديث حسن، وميمونة أعلم بنفسها، وأبو رافع صاحب القصة، وهو السفير فيها.

(3/2304)


معلومات، فمن فرض فيهن الحج، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة:197/ 2] والرفث: ما يكنى به عن الجماع وجميع حاجات الرجال إلى النساء.

الرفث والفسوق والجدال ويتوقى المحرم في إحرامه ما نهاه الله عنه في هذه الآية من الرفث (الجماع) والفسوق وهو السباب، والجدال: وهو المراء والمجادلة. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«من حج فلم يرفُث ولم يفسُق، خرج من ذنوبه كيومَ ولدته أمه» (1).
فإن جامع قبل الوقوف بعرفة أفسد حجه ومضى في فاسده وعليه القضاء فوراً من العام القادم، حتى وإن كان نسكه تطوعاً، وعليه بدنة، لقضاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذلك، كما سأبين.
وإن جامع بين التحللين، أو جامع ثانياً بعد جماعه الأول قبل التحللين، فعليه شاة.
وإن جامع فيما دون الفرج أنزل أو لم ينزل، أو قبل أو لمس بشهوة أو باشر، فعليه دم، لكن لا يفسد حجه عند الجمهور غير المالكية، قال ابن عمر: «إذا باشر المحرم امرأته، فعليه دم» وذلك سواء فعل ما ذكر من الجماع ومقدماته عامداً أو ناسياً أو مكرهاً. أما لو نظر إلى فرج امرأته عن شهوة، فأمنى، فلا شيء عليه، بخلاف المس عن شهوة، إنه يوجب الدم، أمنى أو لم يمن، والفرق: أن اللمس: استمتاع بالمرأة وقضاء للشهوة، أما النظر فليس استمتاعاً ولا قضاء للشهوة، بل هو سبب لزرع الشهوة في القلب، والمحرم ليس ممنوعا عما يزرع الشهوة كالأكل.
ورأى الشافعية أنه إن باشر فيما دون الفرج ناسياً فلا شيء عليه، سواء أنزل
_________
(1) متفق عليه.

(3/2305)


أم لا. والاستمناء باليد يوجب الفدية. ولو كرر النظر إلى امرأة فأنزل من غير مباشرة ولا استمناء، فلا فدية عليه، كما قال الحنفية.
وكذلك قال الحنابلة: إن فكر أو نظر فأنزل فلا شيء عليه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان ينظر إلى نسائه وهو محرم. وإن كرر النظر حتى أمذى أو أمنى، فعليه دم عندهم.
أما المالكية فقالوا: إن إنزال المني مفسد الحج والعمرة مطلقاً، حتى وإن حدث بنظر أو فكر مستديمين، لا بمجردهما، بخلاف الإنزال بغيرهما لا يشترط فيه الإدامة. وبه يلتقي الحنابلة مع المالكية في إيجاب الدم في حال الاستدامة، لكن يختلف المذهبان في مجرد النظر أو الفكر، فعند المالكية: يجب دم، وعند الحنابلة: لا شيء عليه.
وللمحرم بالاتفاق أن يتجر ويصنع الصنائع ويرتجع زوجته مادامت في عدتها، لقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاًمن ربكم} [البقرة:198/ 2] أي في مواسم الحج، والمرأة الرجعية زوجة، والرجعة إمساك، لقوله تعالى: {فأمسكوهن بمعروف} [البقرة:231/ 2] فأبيح ذلك كالإمساك قبل الطلاق.

ما يفسد الحج، وحكمه إذا فسد:
أولاً ـ شروط كونه مفسداً: يشترط في الجماع المفسد للحج شرطان عند الحنفية وغيرهم:
الأول ـ أن يكون الجماع في الفرج: وهذا متفق عليه، فلو جامع فيما دون الفرج، أو لمس بشهوة، أو عانق، أو قبل، أو باشر، لا يفسد حجه، لكن تلزمه عند الحنفية الكفارة، سواء أنزل أو لم ينزل.

(3/2306)


وقال المالكية: وكذا الإنزال بالوطء أو بغيرالوطء إلا الاحتلام يوجب الدم.
ورأى الشافعية: أن الاستمناء باليد والمباشرة فيما دون الفرج حرام، لا يفسد الحج، ويوجب الدم إن أنزل. وشرطوا لإفساد الحج بالجماع أن يكون المجامع عالماً بالتحريم، فإن كان ناسياً أو جاهلاً بالتحريم أو جومعت المرأة مكرهة، لم يفسد الحج ولا فدية أيضاً في الأصح. والجماع وحده هو الذي يفسد الحج، سواء للرجل والمرأة، حتى لو استدخلت المرأة ذكر نائم، فسد حجها وعمرتها.
وذهب الحنابلة إلى أنه إن وطئ دون الفرج، فلم ينزل، فعليه دم، وإن أنزل، فعليه بدنة، ولا يفسد حجه في الرواية الصحيحة. وقالوا: على الرجل المحرم بدنة إن وطئ في الفرج واستكرهها، فإن كانت طاوعته فعلى كل واحد منهما بدنة. وإذا تكرر الجماع، فإن كفر عن الأول، فعليه للثاني كفارة ثانية كالأول، وإن لم يكن كفر عن الأول، فكفارة واحدة.
والخلاصة: إن الجماع وحده مفسد للحج عند الجمهور، ويضم إليه الإنزال عند المالكية.

والثاني ـ أن يكون الجماع عند الحنفية قبل الوقوف بعرفة، فمن جامع بعد الوقوف بعرفة، لم يفسد حجه. وعليه بدنة إن جامع بعد الوقوف قبل الحلق، لأن الركن الأصلي هوالوقوف بعرفة، لحديث: «الحج عرفة» أي الوقوف بعرفة، وعليه مع فساد الحج شاة إن جامع قبل الوقوف، لما روي أن الصحابة قالوا: عليه هدي.
وقال الجمهور غير الحنفية: يفسد الحج إن وقع قبل التحلل الأول (1)،ولو
_________
(1) التحلل الأول كماسبق يحصل بفعل اثنين من ثلاثةوهي رمي جمرة العقبة والحلق وطواف الإفاضة.

(3/2307)


بعد الوقوف؛ لأنه وطء صادف إحراماً صحيحاً لم يحصل في التحلل الأول، فأشبه ما قبل الوقوف. وعليه بدنة عند الشافعية والحنابلة، لقضاء الصحابة بذلك، وهدي عند المالكية في زمن القضاء، وأفضله الإبل، ثم البقر ثم الضأن، ثم المعز أما العمرة: فتفسد عند الحنفية (1) إن جامع قبل أن يطوف أربعة أشواط، وعليه قضاوها، وشاة. وإن وطئ بعدما طاف أربعة أشواط فلا تفسد، ولا يلزمه قضاؤها، وعليه شاة.
وتفسد عند المالكية والحنابلة (2) إن جامع قبل تمام السعي، قبل الحلق، وعليه لإفسادها هدي عند المالكية، وشاة عند الحنابلة، ولا فدية على مكرهة، ولا يفسد بعد تمام السعي وقبل الحلق.
وتفسد عند الشافعية (3) إن جامع قبل التحلل أو الفراغ منها، وعليه لإفسادها بدنة كالحج، لتغليظ الجناية.

ثانياً ـ حكم الحج إذا فسد: إذا فسد الحج بالجماع يجب المضي في فاسده، ويجب القضاء اتفاقاً على الفور من العام التالي، وإن كان نسكه تطوعاً؛ لأنه يلزم بالشروع فيه، فصار فرضاً، بخلاف باقي العبادات عند غير الحنفية. وفورية قضاء الفاسد؛ لأنه وإن كان وقت الحج موسعاً، يضيق بالشروع فيه، ولقول الصحابة بقضائه من قابل.
ويستوي في ذلك الرجل والمرأة لاستوائهما في المعنى الموجب للفساد.
_________
(1) الكتاب مع اللباب: 202/ 1.
(2) الشرح الصغير: 94/ 2، غاية المنتهى: 382/ 1.
(3) مغني المحتاج: 522/ 1.

(3/2308)


ويجب عليه بدنة عند الشافعية والحنابلة، سواء حدث الإفساد قبل الوقوف أم بعده، لقضاء الصحابة بذلك، بدون تفرقة بين ما قبل الوقوف وبعده، ولأنه جماع صادف إحراماً تاماً، فوجب به كما بعد الوقوف، والقضاء واجب على الصبي إن أفسد نسكه بالجماع.
وعليه عند المالكية هدي زمن القضاء، لقول ابن عمر لمن واقع امرأته: « .. فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هدياً .. ».
وأوجب الحنفية عليه شاة إن جامع قبل الوقوف وفسد حجه، وبدنة إن جامع بعد الوقوف قبل الحلق وحجه صحيح؛ لأنه قبل الوقوف معنى يوجب القضاء، فلم يجب به بدنة كفوات الوقوف، ولأن ابن عباس أوجب البدنة في موضعين في الحج: أحدهما إذا طاف للزيارة جنباً ورجع إلى أهله ولم يعد، والثاني إذا جامع بعد الوقوف. وإذا كان المحرم قارناً فجامع قبل الوقوف فسد حجه وعمرته، وعليه دمان لكل واحد منهما شاة، وعليه المضي فيهما وإتمامهما على الفساد، وعليه قضاؤهما، ويسقط عنه دم القران، وأوجب الشافعية مع البدنة دم القران.

الأصل الرابع ـ الصيد:
لا يجوز للمحرم قتل صيد البر واصطياده أو الدلالة عليه، إلا المؤذي المبتدئ بالأذى غالباً كالأسد والذئب والحية والفأرة والعقرب والكلب العقور، والكلب عند المالكية: كل حيوان وحشي يخاف منه كالسباع. وعند أبي حنيفة: الكلب المعروف.
ويجوز للمحرم صيد البحر مطلقاً، وذبح المواشي الإنسية كالأنعام من الإبل والبقر والغنم، وذبح الطير الذي لا يطير في الهواء كالدجاج، والدليل قوله

(3/2309)


تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرِّم عليكم صيد البر مادمتم حرماً} [المائدة:96/ 5]، وقوله سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم} [المائدة:95/ 5]، وتحريم الإشارة إلى الصيد والدلالة عليه والأكل منه واضح من حديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأصحابه محرمون، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: «هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء؟ قالوا: لا، قال: فكلوه» (1) وهذا دليل الحنفية القائلين: يجوز للمحرم أكل الصيد مطلقاً إذا صاده الحلال.
وقال الجمهور: يحرم الأكل من لحم صيد البر على المحرم إذا صيد له، لحديث الصعب بن جَثَّامة: «أنه أهدى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودّان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نردَّه عليك، إلا أنا حُرُم» (2) وهذا الرأي أرجح؛ لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرماً، كما قال الشوكاني، ولحديث آتٍ: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم».

وللمذاهب تفصيلات في الصيد الممنوع، خلاصتها ما يأتي:
قال الحنفية (3): لا يجوز للمحرم أن يتعرض لصيد البر المأكول وغير المأكول إلا المؤذي غالباً. والصيد الممنوع: كل حيوان بري متوحش بأصل الخلقة مباح أو مملوك، فلا يحرم على المحرم ذبح الإبل والبقر والغنم؛ لأنها ليست بصيد، لعدم الامتناع، والصيد هو الممتنع المتوحش، ولا يحرم الدجاج والبط الذي في المنازل. والكلب والسنَّور (القط) الأهلي ليس بصيد: لأنه مستأنس. ويحل صيد البحر
_________
(1) رواه مسلم، والبخاري بلفظ آخر عن أبي قتادة (نيل الأوطار: 21/ 5).
(2) متفق عليه بين أحمد والشيخين (المرجع السابق: ص 18) ولأحمد ومسلم وأبي داود والنسائي مثله عن زيد بن أرقم.
(3) البدائع: 195/ 2 - 206، الكتاب: 206/ 1 - 210، فتح القدير: 255/ 2.

(3/2310)


للحلال والمحرم، للآية السابقة، والبحري: هو الذي توالده في البحر، سواء أكان لا يعيش إلا في البحر أم يعيش في البحر والبر. والبري: ما يكون توالده في البر، سواء أكان لا يعيش إلا في البر، أم يعيش في البر والبحر، فالعبرة للتوالد.
ولا بأس بقتل البرغوث والبعوض والنملة والذباب والقراد والزنبور؛ لأنها ليست بصيد، لانعدام التوحش والامتناع، ولأن هذه الأشياء من المؤذيات المبتدئة بالأذى غالباً، فالتحقت بالمؤذيات المنصوص عليها من الحية والعقرب في حديث: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية والعقرب والفأرة والكلب العقور والغراب» (1).
ولا يقتل القملة، لا لأنها صيد، بل لما فيها من إزالة التفث، لأنه متولد من البدن كالشعر، والمحرم منهي عن إزالة التفث من بدنه، فإن قتلها تصدق بشيء، كما لو أزال شعرة.
وكذا لا يقتل الجرادة، لأنها صيد البر.
ولا بأس له بقتل هوام الأرض من الفأرة والحية والعقرب والخنافس والجعلان وصياح الليل والصرصر ونحوها؛ لأنها ليست بصيد، بل من حشرات الأرض. وكذا القنفذ وابن عرس؛ لأنهما من الهوام.
وله أن يقتل ما لا يبتدئ بالأذى غالباً كالضبع والثعلب وغيرهما من الضب واليربوع والقرد والفيل والخنزير إن عدا عليه، ولا شيء عليه إذا قتله في قول أئمة الحنفية ما عدا زفر.
وإن ذبح المحرم صيداً، فذبيحته ميتة لا يحل أكلها لأحد من مُحرم أو حلال،
_________
(1) رواه مسلم والنسائي وابن ماجه عن عائشة، وله ألفاظ أخرى عند أبي داود وأحمد.

(3/2311)


ولا بأس أن يأكل المحرم لحم صيد اصطاده حلال أوذبحه، إذا لم يدلَّه المحرم عليه، ولا أمره بصيد، سواء اصطاده لنفسه أو للمحرم، حيث لم يكن له فيه صنع.

وقال المالكية (1): لايقتل المحرم شيئاً من صيد البر، ما أكل لحمه، ومالم يؤكل، كما قال الحنفية: سواء أكان ماشياً أم طائراً في الحرم أم في غيره، ولا يأمر به، ولا يدل عليه، ولا يشير إليه، فإن أمر أو دل، فقد أساء ولا كفارة عليه.
ولا يأكل لحم صيد صيد له أو من أجله، خلافاً للحنفية، وإن صيد في الحل لحلال، جاز للمحرم أكله.
وكل ما ذبحه المحرم من الصيد أو قتله عمداً أو خطأ، فهو ميتة، ولا يجوز له ولا لغيره أكله، كما قال الحنفية.
ويجوز له ذبح المواشي الإنسية كالأنعام والطير الذي لا يطير في الهواء كالدجاج، وله صيد البحر مطلقاً، وهذا متفق عليه.
وله قتل الحيوان المضر كالأسد ونحوه مما ذكر، وهذا متفق عليه.
ولا يقتل ضبعاً ولا خنزيراً ولا قرداً إلا أن يخاف من عاديته.
ويحرم قتل ما لا ضرر فيه من البعوضة فما فوقها.

وقال الشافعية (2): يحرم بالإحرام اصطياد كل حيوان مأكول بري متوحش مباح أو مملوك، وكذا المتولد من المأكول وغيره، أو من الإنسي وغيره، كالمتولد من حمار وحشي وحمار أهلي، أو من شاة وظبي، ويجب به الجزاء احتياطاً.
_________
(1) القوانين الفقهية: ص137، الشرح الصغير: 99/ 2 - 110.
(2) مغني المحتاج: 524/ 1 - 526، المهذب: 210/ 1 ومابعدها، الإيضاح: ص 28 ومابعدها.

(3/2312)


ويحرم الجراد، ولا يحرم السمك وصيد البحر: وهو مالا يعيش إلا في البحر. أما ما يعيش في البر والبحر فحرام، وتحرم الطيور المائية التي تغوص في الماء وتخرج. ولا يحرم ما ليس مأكولاً كما قال الحنابلة، خلافاً للحنفية والمالكية.
ولو ذبح المحرم صيداً، صار ميتة على الأصح، فيحرم على كل أحد أكله.
ويحرم على المحرم أكل صيد ذبحه هو، أو صاد هـ غيره بإذنه، أوبغير إذنه، أو أعان عليه، أو كان له تسبب فيه، فإن أكل منه عصى، ولا جزاء عليه بسبب الأكل. ولو صاده حلال للمحرم ولا تسبب فيه، جاز له الأكل منه، ولا جزاء عليه، كما قال المالكية.
وقال الحنابلة (1): يحرم على المحرم قتل صيد البر واصطياده والإعانة أو الدلالة عليه إذا كان وحشياً مأكولاً، أومتولداً منه ومن غيره، ويباح صيد غير المأكول كما قرر الشافعية.
ويحرم عليه أكله من ذلك كله، وكذا ما ذبح أو صيد لأجله فلا يأكل المحرم ما صاده الحلال أو ذبحه لأجله، كما قال الشافعية، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم» (2) ويتعين حمل حديث الصعب بن جثَّامة على هذا، ويكون امتناع النبي صلّى الله عليه وسلم عن الأكل من الحمار الوحشي لعلمه أو ظنه أنه صيد من أجله. ويحمل حديث أبي قتادة الذي استدل به الحنفية على جواز الأكل من الصيد الذي صاده الحلال، لا من أجل المحرم.
ويحرم قتل القمل وصئبانه؛ لأنه يترفه بإزالته كإزالة الشعر، ولو كان قتله
_________
(1) المغني: 309/ 3 - 315، كشاف القناع: 502/ 2 - 514، غاية المنتهى: 376/ 1 - 379.
(2) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: هو أحسن حديث في الباب، وفيه جمع بين الأحاديث وبيان المختلف منها.

(3/2313)


بزئبق ونحوه، ويحرم رميه أيضاً، ولا جزاء فيه، لأنه ليس بصيد ولا قيمة له. ويحرم قتل الجراد ويضمن بقيمته في مكانه.
وما حرم على المحرم لكونه صيد من أجله أو دل عليه أو أعان عليه، لم يحرم على الحلال أكله، لقول علي: «أطعموه حلالاً» وهو محمول على أنه صيد من أجلهم، ولم ينه النبي صلّى الله عليه وسلم الصعب بن جثامة عن أكل الحمار الوحشي، ولأنه صيد حلال، فأبيح للحلال أكله، كما لو صيد لهم.

وهل يباح أكله لمحرم آخر لم يصد له؟ فيه احتمالان: قال عثمان: يباح، لظاهر الحديث «صيد البر لكم حلال مالم تصيدوه أو يصد لكم» وروي «أنه أهدي لعثمان صيد وهو محرم، فقال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل هو، وقال: إنما صيد من أجلي» ولأنه لم يصد من أجله، فحل له كما لو صاده الحلال لنفسه.
وقال علي: يحرم عليه، لقوله: «أطعموه حلالاً، فإنا حُرُم» وهذا ما أرجحه.
وإذا ذبح المحرم الصيد، صار ميتة يحرم أكله على جميع الناس. وهذا متفق عليه؛ لأنه حيوان حرم عليه ذبحه لحق الله تعالى، فلم يحل بذبحه كذبح المجوسي.
والخلاصة يحرم عند الحنفية والمالكية الصيد المأكول وغيرالمأكول، ولا يحرم عند غيرهم إلا الصيد المأكول أو المتولد منه ومن غيره.
وإذا اضطر المحرم فوجد صيداً وميتة، أكل الميتةعند الحنابلة والمالكية، وقال الشافعي: يأكل الصيد (1).
_________
(1) هذا ما ذكره المغني:315/ 3 وكشاف القناع:514/ 3.

(3/2314)


وأضاف الحنابلة: ويباح قتل الفواسق كالحية والغراب ونحوهما، وقتل كل ما كان طبعه الأذى، وإن لم يوجد منه الأذى كالأسد والنمر والذئب والفهد وما في معناه، والحشرات المؤذية كالزنبور والبق والبعوض والبراغيث. ويباح صيد البحر والنهر إلا في الحرم، ولو للحلال.

مباحات الإحرام:
يتلخص مماسبق بيانه أنه يباح للمحرم ما يأتي مما ليس من المحرمات السابقة (1):
1 - للمحرم غسل الرأس بما ينظفه من الوسخ كالسدر والخطمي وغيرهما من غيرنتف شيء من شعره، لكن الأولى ألا يفعل؛ لأن ذلك نوع من الترفه، والحاج أشعث أغبر. وله أن يغتسل من الجنابة بالإجماع، وإذا اغتسل من الجنابة استحب أن يغسل رأسه ببطون أنامله برفق، حتى يتسرب الماء في أصول شعره، ولا يحكه بأظفاره. ويكره له عند المالكية والحنابلة غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما، لما فيه من إزالة الشعث والتعرض لقلع الشعر. ويجوز له أيضاً غسل البدن في الحمام وغيره ولا يكره.
2 - وله الاكتحال بما لا طيب فيه، ويكره بالإثمد إلا للحاجة فلا يكره.
3 - لا بأس بالاختتان والفصد والحجامةإذا لم يقطع الشعر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم (2)، ويجوز قلع الضرس وجبر الكسر، وحك الرأس والبدن برفق بأظفاره على وجه لا ينتف شعراً، أو يسقط قملة، والمستحب ألا يفعل.
فلو
_________
(1) وانظر الإيضاح للنووي: ص 30، المغني: 297/ 3 - 308.
(2) متفق عليه عن ابن عباس.

(3/2315)


حك رأسه أو لحيته، فسقط بحكه شعرة أوشعرات، لزمته الفدية أو التصدق بما شاء. ولو سقط شعر وشك، هل كان زائلاً بنفسه، أم انتتف بحكه فلا فدية على الأصح عند الشافعية.
وللمحرم عند الشافعية أن ينحي القمل من بدنه وثيابه ولا كراهة في ذلك، وله قتله ولا شيء عليه، بل يستحب للمحرم قتله، كما يستحب لغيره. وهذا هو الراجح خلافاً لمن منع ذلك، تحقيقاً للنظافة ومنع الأذى. ويكره للمحرم أن يفلي رأسه ولحيته، فإن فعل، فأخرج منهما قملة وقتلها، تصدق ولو بلقمة على ما عليه الشافعي، وهذا التصدق مستحب. ولا يتفلى المحرم ولا يقتل القمل عند الحنابلة، فإن خالف وتفلى أو قتل قملاً أو ألقاه أو قتله بالزئبق فلا فدية عليه. وقال الحنفية: يتصدق بما شاء من كف من طعام.
4 - للمحرم أن ينشد الشِعْر الذي لا يأثم فيه.
5 - ولا يكره للمحرم والمحرمة النظر في المرآة، خلافاً للحنابلة والمالكية فيكره.
6 - يباح قتل الفواسق كالحدأة والفأرة، بنص الحديث المتقدم، ويجوز قتل السباع، وقتل الحشرات المؤذية كالبعوض والبراغيث والذباب في رأي الجمهور غيرالمالكية.
7 - يجوز صيد البحر، وذبح الأنعام الإنسية، والطيور التي لا تطير كالدجاج والبط والإوز الأهلي.
8 - يباح الاستظلال بالبيت والمحمل والمظلة ونحوها مما لا يصيب رأسه أو وجهه. ويكره الاستظلال بالمحمل عند المالكية والحنابلة، فإن فعل فعليه دم، ولكن له أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء.

(3/2316)


9 - يجوز أن يشد على وسطه حزام النقود ولو كانت لغيره، ويجوز عقد الإزار لستر العورة، وكذا يجوز لبس حزام الفتق، وعليه الفدية.
10 - يحل حمل السلاح وقتال العدو للحاجة، ولبس الخاتم والساعة والحزام (الكمر).
11 - يباح الكلام، ولكن يستحب للمحرم قلة الكلام في كل حال إلا فيما ينفع، صيانة لنفسه عن اللغو والوقوع في الكذب، وما لا يحل؛ لأن من كثر كلامه كثر سقطه. ويستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية وذكر الله تعالى أو قراءة القرآن، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو تعليم لجاهل، أو يأمر بحاجته، أو يسكت. وإن تكلم بما لا مأثم فيه، أو أنشد شعراً لا يقبح، فهو مباح ولا يكثر
.