الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الثَّاني: قابليَّة المال للتّملك وعدمها المال في الأصل قابل بطبيعته للتملك، لكن قد يعرض له عارض يجعله غير قابل في كل الأحوال أو في بعضها للتملك، فيتنوع المال بالنسبة لقابليته للتملك إلى ثلاثة أنواع:
1 - ما لا يقبل التمليك ولا التملك بحال: وهو ما خصص للنفع العام كالطرق العامة والجسور والحصون والسكك الحديدية والأنهار والمتاحف والمكتبات العامة والحدائق العامة ونحوها. فهذه الأشياء غير قابلة للتملك لتخصيصها للمنافع العامة. فإذا زالت عنها تلك الصفة عادت لحالتها الأصلية، وهي قابلية التملك، فالطريق إذا استغني عنه أو ألغي جاز تملكه.
2 - ما لا يقبل التملك إلا بمسوغ شرعي: كالأموال الموقوفة وأملاك بيت المال، أي الأموال الحرة في عرف القانونيين. فالمال الموقوف لا يباع ولا يوهب إلا إذا تهدم أو أصبحت نفقاته أكثر من إيراده، فيجوز للمحكمة الإذن باستبداله (1).
_________
(1) أجاز الحنفية الاستبدال بالموقوف أرضاً للحاجة والمصلحة، فقالوا: يجوز للقاضي النزيه العدل الإذن باستبدال الوقف، بشرط أن يخرج عن الانتفاع بالكلية، وأن لا يكون هناك ريع للوقف يعمر به، وأن لا يكون البيع بغبن فاحش، وأن يستبدل بعقار لا بدراهم ودنانير (الدر المختار ورد المحتار: 425/ 3).

(6/4547)


وأملاك بيت المال (أو وزارة المالية، أو الحكومة) لا يصح بيعها إلا برأي الحكومة لضرورة أو مصلحة راجحة، كالحاجة إلى ثمنها، أو الرغبة فيها بضعف الثمن ونحوها؛ لأن أموال الدولة كأموال اليتيم عند الوصي لا يتصرف فيها إلا للحاجة أو المصلحة، قال الخليفة عمر رضي الله عنه:
«أنزلت نفسي من بيت مال المسلمين بمنزلة وصي اليتيم».

3 - ما يجوز تملكه وتمليكه مطلقاً بدون قيد: وهو ما عدا النوعين السابقين.

(6/4548)