الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الرَّابع: شروط الإرث: يشترط لثبوت الحق في الميراث ثلاثة شروط: وهي موت المورث، وحياة الوارث، ومعرفة جهة القرابة (1).
_________
(1) الرحبية: ص 80، المواد 1 - 3 من القانون المصري، كشاف القناع: 448/ 4.

(10/7707)


1ً - موت المورث: لا بد من تحقق موت المورث، إما حقيقة، أو حكماً أو تقديراً، بإلحاقه بالأموات.
فالحقيقي: هو انعدام الحياة، إما بالمعاينة كما إذا شوهد ميتاً، أو بالسماع، أو بالبينة.
والحكمي: هو أن يكون بحكم القاضي، إما مع احتمال الحياة أو تيقنها.
مثال الأول: حكم القاضي على إنسان بموته، وهو الحكم على المفقود بموته.
ومثال الثاني: حكم القاضي على المرتد باعتباره في حكم الأموات إذا لحق بدار الحرب. وتقسم التركة في الحالتين من وقت صدور الحكم بالموت.
والتقديري: هوإلحاق الشخص بالموتى تقديراً، وذلك في الجنين الذي انفصل بجناية على أمه، وهي التي توجب الغُرَّة (50 ديناراً)، بأن يضرب شخص امرأة حاملاً، فتلقي جنيناً ميتاً، فتجب الغرة وهي عبد أو أمة، وتقدر بنصف عشر الدية الكاملة. لكن اختلف الفقهاء في إرث هذا الجنين (1).
قال أبو حنيفة: إن هذا الجنين يرث ويورث؛ لأنه يقدر أنه كان حياً وقت الجناية، وأنه مات بسببها.
وقال الجمهور: لا يرث هذا الجنين؛ لأنه لم تتحقق حياته، فلم تتحقق أهليته للتملك بالإرث، ولا يورث عنه سوى الغرة وهي دية الجنين؛ لأنه يعتبر حياً بالنسبة لها فقط.
وأخذ القانون المصري (م3) بمذهب الليث بن سعد وربيعة بن عبد الرحمن:
_________
(1) المغني: 320/ 6.

(10/7708)


وهو أن هذا الجنين لا يرث ولا يورث؛ لأنه لم يتحقق موته بسبب الجناية، ولا حياته وقتها، والجزاء يكون للأم وحدها؛ لأن الجريمة عليها وحدها.

2ً - حياة الوارث: لا بد أيضاً من تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، إما حياة حقيقية مستقرة أو إلحاقه بالأحياء تقديراً.
الحقيقية: هي الحياة المستقرة الثابتة للإنسان المشاهدة له بعد موت المورث.
والتقديرية: هي الحياة الثابتة تقديراً للجنين عند موت المورث، فإذا انفصل حياً حياة مستقرة لوقت يظهر وجوده عند موت المورث، ولو كان حينئذ مضغة أو علقة، ثبت له الحق في الميراث، فيقدر وجود حياته بولادته حياً.

3ً - العلم بجهة الميراث: إن انتفاء المانع وهو ألا يكون هناك مانع من موانع الإرث الآتية. ليس شرطاً في الإرث، وإنما الشرط هو الأولان فقط، كما نص القانون المصري، حيث نص في المادة الثانية على الشرطين الأولين فقط، كما نص القانون السوري في المادة 26 على هذين الشرطين أيضاً، ونص في المادة (261) على شرط وراثة الحمل.
لكن لابد من العلم بالجهة المقتضية للإرث: بأن يعلم أنه وارث من جهة القرابة النسبية، أو من جهة الزوجية أو منهما، أو من جهة الولاء، لاختلاف الحكم في ذلك.