الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ التّاسع عَشر: التّخارج أو المخارجة: تعريفه، وكيفية قسمة التركة عند التخارج (1).
أولاً ـ تعريف التخارج: هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث، في مقابل شيء معلوم من التركة أو من غيرها.
وهو عقد معاوضة، أحد بدليه نصيب الوارث في التركة، والبدل الآخر هو المال المعلوم الذي يدفع للوارث المخرج.
وهذا العقد جائز عند التراضي، فإذا تم تملك الوارث العوض المعلوم الذي أعطيه، وزال ملكه عن نصيبه في التركة إلى بقية الورثة الذي اصطلح معهم.
وقد حدث في عهد الراشدين، إذ طلَّق عبد الرحمن بن عوف امرأته تُمَاضر
_________
(1) السراجية: ص 127 ومابعدها، أحكام المواريث للأستاذ عيسوي: ص 169 - 172.

(10/7915)


بنت الأصبغ الكلبية في مرض موته، ثم مات وهي في العدة، فورّثها عثمان رضي الله عنه مع ثلاث نسوة أخر، فصالحوها عن رُبُع ثُمنها على ثلاثة وثمانين ألفاً (قيل: دنانير، وقيل: دراهم).

ثانياً ـ كيفية قسمة التركة عند التخارج: تختلف قسمة التركة عند التخارج باختلاف صوره على النحو التالي:
1ً - أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لآخر، في مقابل شيء يأخذه من مال الوارث الخاص: فيحل الثاني محل الأول في نصيبه من التركة، وتضم سهامه إلى سهامه. كأن يكون الورثة زوجاً وأخوين شقيقين، فأخرج أحد الشقيقين الزوج من نصيبه، بمال دفعه إليه من ماله الخاص، فيضم نصيب الزوج وهو سهمان من أربعة إلى نصيبه وهو سهم واحد، فيصبح له ثلاثة أسهم ولشقيقه الآخر سهم واحد.
2ً - أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة، في مقابل مال يدفعونه إلىه من غير التركة بنسبة أنصبائهم: فتكون كل التركة لبقية الورثة بنسبة أنصبائهم ويجعل المُخْرَج غير وارث. كأن تموت امرأة عن زوج وابن وبنت، ثم يخرج الابن والبنت والزوج في مقابل مبلغ معين من مالهما الخاص، بنسبة نصيبهما، فإن التركة تقسم بين الابن والبنت، للأول الثلثان وللأخرى الثلث.
3ً - أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة في مقابل مال يدفعونه إليه من غيرالتركة بالتساوي: فتقسم الحصة المصالح عليها بين بقية الورثة بالتساوي. ففي المثال السابق إذا دفع الابن والبنت المبلغ مناصفة، استحقا نصيب الزوج وهو الربع مناصفة.

(10/7916)


4ً - أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة في مقابل مال يدفعونه إليه من التركة: فتقسم حصة الخارج على سائر الورثة بنسبة أنصبائهم.
وطريق ذلك أن تقسم التركة أولاً على فرض عدم التخارج، ثم يطرح سهم الخارج من أصل المسألة أو عولها في نظير طرح بدل التخارج من التركة.
ونص القانون المصري (م 48) والسوري (م 31/ 304) على تعريف التخارج وكيفية قسمة التركة بالأوجه السابقة.

أمثلة:
1 - لو توفيت امرأة عن زوج، وبنتين، وبنت ابن، وابن ابن، ثم صالح الورثة الزوج على منزل من التركة، كان للزوج الربع وهو (3 من 12)، وللبنتين الثلثان وهو (8) والباقي لبنت الابن وابن الابن للذكر ضعف الأنثى، ثم تصحح المسألة بضرب عدد رؤوس العصبة (3×12=36)، فيكون للزوج (3×3=9 من 36)، وللبنتين (8 × 3= 24)، والباقي للعصبة. ثم تطرح سهام الزوج (9) من (36)، فيكون الباقي (27)، يقسم عليها الباقي من التركة بعد طرح مقابل المنزل منها.
2 - توفيت زوجة عن زوج، وأم، وعم شقيق، ثم صولح الزوج على ما في ذمته من المهر، المسألة من (6)، للزوج 3/ 1 وهو (3)، وللأم 2/ 1 وهو (2)، وللعم الباقي وهو (1)، ثم تطرح سهام الزوج وهي (3) من (6)، فيكون الباقي وهو (3) أصل المسألة يقسم عليه باقي التركة، وهو ما عدا المهر، فيكون للأم سهمان، وللعم سهم واحد.
3 - توفيت امرأة عن: أخت شقيقة، وأخت لأب، وأخت لأم، وزوج، ثم

(10/7917)


أخرجت الشقيقة في مقابل قطعة أرض من التركة. المسألة من (6)، وتعول إلى (8)، للشقيقة النصف وهو (3)، وللأخت لأب السدس وهو (1)، وللأخت لأم السدس وهو (1)، وللزوج النصف وهو (3)، ثم يطرح نصيب الشقيقة وهو (3) من أصل المسألة وهو (8)، ثم يقسم الباقي من التركة ما عدا قيمة الأرض على الباقي من أصل المسألة وهو (5)، فيكون للزوج (3) من (5)، وللأخت لأم (1)، وللأخت لأب (1).
4 - توفي رجل عن: زوجة، وأختين شقيقتين، وأخت لأم، فصالحت الورثة الزوجة على منزل من التركة.
المسألة من (12)، وتعول إلى (13)، للزوجة (3) أسهم، وللشقيقتين (8) أسهم، وللأخت لأم سهمان، ثم يطرح نصيب الزوجة وهو ثلاثة أسهم من أصل المسألة وهو (13)، فيبقى (10)، يقسم عليها الباقي من التركة بعد طرح قيمة المنزل، فيكون للشقيقة ثمانية أسهم، وللأخت لأم سهمان.

(10/7918)