المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة ـ[المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل
الشريعة]ـ
المؤلف: محمد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثي الصردفي الريمي، جمال الدين
(المتوفى: 792هـ)
تحقيق: سيد محمد مهنى
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى، (1419 هـ - 1999 م)
عدد الأجزاء: 2
أعده للشاملة/ أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
(/)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إن الحمد للَّه نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ باللَّهِ من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا (71).
أما بعد:
فإن الله عز وجل أراد بهذه الأمة خيرًا حين قيَّض لها أئمة هداة صالحين،
جعلوا نصب أعينهم قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به
خيرًا يفقهه في الدين". وقد لقى الفقه الْإِسْلَامى من عناية هؤلاء النفر
من العلماء وحرصهم ودأبهم وإخلاصهم ما يسر الله به لكل ذي حاجة طلبها ولكل
ذي مسألة جوابها. وكان من ذلك نقل الصحابة رضى الله عنهم أحاديث النبي -
صلى الله عليه وسلم - والعمل بمدلول ألفاظها وما تقتضيه، فكانوا أئمة هداة،
ونقلت أقوالهم وفتاويهم وحفظت عن طريق أتباعهم وتلاميذهم، فحفظوا أقوالهم
وأفتوا، لأنهم خير من فهم عن رب العزة وعن نبيه - صلى الله عليه وسلم -
وصارت فتاويهم وأقوالهم نبراسًا لمن بعدهم من التلاميذ والاتباع، فتوارث
الأتباع جهد المتبوعين وعلمهم، ثم توارث أتباع الأتباع علم الأتباع
وأقوالهم التي خرجت من المشكاة الأولى فحفظوها وتداولوها إلى أن وصل علمهم
أئمة فقهاء جهابذة ناصرين للسنة وقامعين للبدعة، وهؤلاء هم الإمام أبو
حَنِيفَةَ رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله، والإمام العلم القدوة
الشَّافِعِيّ رحمه الله،
(1/3)
والإمام المبجَّل، إمام أهل السنة ناصر
الحديث وقامع البدعة الإمام أَحْمَد بن حنبل عليه رحمة الله، فحفظ هؤلاء
علمهم، واستناروا بأفهامهم وأقوالهم، مع حيازتهم التامة لأدوات الاستنباط
وعلوم الاستدلال فجاء علمهم محكمًا متينًا.
ومن تمام فضل اللَّه علينا أن قيَّض لنا علماء حفظوا أقوال هؤلاء الأئمة
ونقحوها وبينوا مشكلها والصحيح، وما كان ذلك إلا بعد جهد جهيد وعمل مضن
شديد، سهروا من أجله الليالى، وطووا لأجله المفاوز، فحفظ اللَّه لهم جهدهم
وأفاد الله الخلق بعلمهم، فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء.
ومن هؤلاء الأئمة الذين اهتموا بجمع أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من
الأئمة المقتدين:
1 - الإمام العلامة المحقق المتقن الحافظ المفسر الكبير الشأن ابن المنذر -
رحمه الله - فى كتابه الأوسط، وهو بحق كتاب الْإِسْلَام الذي من وعاه كان
إمامًا في الْإِسْلَام.
2 - الإمام الكبير مُحَمَّد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء.
3 - كذلك ابن المنذر في كتابه الإشراف على مذاهب الأشراف، واختلاف الفقهاء.
4 - كذلك الإمام الحافظ المجتهد مُحَمَّد بن نصر المروزي في كتابه اختلاف
الفقهاء.
5 - كذلك الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه اختلاف الفقهاء.
6 - كذلك الإمام سيف الدين القفّال الشاشي في كتابه حلية العلماء.
7 - كذلك القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف. وغيرها كثير.
8 - كذلك الإمام الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح.
9 - والإمام المبجل المحقق العلامة موفق الدين بن قدامة في كتابه العظيم
المغني.
10 - والإمام المحقق الحافظ ابن حزم الأندلسي في كتابه الكبير المحلَّى.
ثم جاء خاتمة هؤلاء وهو الإمام الريمي في كتابه "المعاني البديعة في معرفة
اختلاف أهل الشريعة" فضمن كتابه كل ما جمعه هؤلاء الأئمة واعتمد عليهم وأتى
ما تفرق في كتبهم فكان كتابًا جامعًا وأضفى على التراث الْإِسْلَامى المجيد
لبنة جديدة في لبناته الشامخة.
(1/4)
منهج الإمام الريمي في الكتاب
1 - ذكر الإمام الريمي في بداية الكتاب أنه رتبه على ترتيب المهذب للشيخ
الإمام العلامة أبي إِسْحَاق الشيرازي، إلا أنه خالف أحيانًا وسار على
ترتيب الحلية للقفال الشاشي.
2 - كما ذكر أنه سيبدأ بالشَّافِعِيّ في بداية كل مسألة، وهذا طبعًا لأنه
شافعي، وكأنه لتقرير المذهب الشَّافِعِيّ أولاً.
3 - قليل ما كان يعلق الإمام الريمي على المسائل لأنه ذكر في مقدمة الكتاب
أنه أعرض عن ذكر الأدلة، وهذا طبعًا يقتضي قلة التعليق.
4 - لم يهتم الإمام بتفسير الألفاظ المبهمة إلا القليل النادر.
5 - اعتمد الإمام في ذكر المذاهب على الشاشي وابن الصباغ في كتابه الشامل
وكذلك ابن أبي الخير العمراني في كتابه البيان، وكذلك صاحب الدر الشفاف.
6 - كذلك اعتمد في نقل مذاهب الصحابة والتابعين على كتب ابن المنذر، وإن لم
يصرح بذلك، إلا أني كنت أجد هذه النقولات كما هي في كتاب الأوسط لابن
المنذر.
هذا وأرجوا من اللَّه السميع العليم أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه
الكريم، وأن يثيبنى عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأرجو أن أكون وفقت في
تخريج الكتاب في صورة طيبة، ولا يدعى أحد لنفسه الكمال، إنما الكمال لله
وحده، فمن وجد خطأ فليصوب ويسامح، ومن وجد صوابًا فأرجو من الله وحده
الثواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه الفقير إلى عفو ربه
سيد مُحَمَّد مهنى
(1/5)
عملي في الكتاب
1 - قمت بفضل الله تعالى بنسخ المخطوط حسب القواعد الإملائية المتعارف
عليها.
2 - قمت بإصلاح بعض الأخطاء التي قد تكون سبق يد من الناسخ كتكرار كلمة أو
كتابتها زائدة حرفًا أو ناقصة حرفًا كالكوسج كتب والكوشى وغيرها. وقد
اعتمدت في قراءة بعض الكلمات الصعبة على المراجع التي اعتمد عليها المؤلف
نفسه كحلية العلماء وغيره.
3 - قمت بتخريج وعزو الأقوال لأصحابها، وذكرت عند الاختلاف في العزو نص
الكتب التي ذكرت قول الإمام سواء كان الشَّافِعِيّ أو غيره من الصحابة
والأئمة، وذلك حسب الجهد والوقت.
4 - كما قمت بالتعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى البسط، وعندما وجدت
كلامًا لأحد الأئمة وهو الحق في المسألة فكنت أذكره كشيخ الْإِسْلَام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم وابن المنذر وابن قدامة والماوردي - رحمهم الله
جميعًا -.
5 - كما قمت بشرح بعض الألفاظ الغامضة والمبهمة، واعتمدت في ذلك على لسان
العرب وترتيب القاموس وغيرهم.
توثيق الكتاب
لا شك في نسبة الكتاب للإمام الريمي، فقد جاء في غلاف المخطوطة ما نصه:
كتاب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة للإمام الهمام الكامل
العامل المحقق المتقن جمال الدين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن أبي
السعود المشهور بالريمي. كما ذكره كل من ترجم له كالحافظ ابن حجر، وابن
العماد، وصاحب هدية العارفين، والزركلي.
* * *
وصف المخطوطة
المخطوطة تقع في 216 ورقة من القطع الكبير، وهو واضحة الخط مقروءة، وإن كان
فيها بعض الكلمات الصعبة التي بفضل الله استطعت قراءتها. وتاريخ نسخها سنة
(807 هـ) وهي بخط قلم معتاد مهملة النقط أحيانًا، وعلى حواشيها بعض
التعليقات مذكور في أغلبها مذهب أهل البيت. وهي محفوظة في مكتبة الجامع
الكبير بصنعاء (كتب الوقف) 660 أئمة المذاهب وغيرهم.
(1/6)
|