المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الطهارة
باب المياه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، والطاهر: هو الطاهر
في نفسه غير مطهر لغيره. وعند الأصم وبعض الحنفية وأبي بكر بن داود الطهور
والطاهر بمعنى واحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا تجزئ إزالة النجاسة بشيء من المائعات، وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز.
(1/14)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك
وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الوضوء
بشيء من الأنبذة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، وعند الثَّوْرِيّ
والحسن والْأَوْزَاعِيّ يجوز إذا عدم الماء في السفر، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ في الأصح عنه. وعند مُحَمَّد نجمع لذلك بين الوضوء به والتيمم،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء لا يجوز رفع الحدث وإزالة
النجس بالمائع الطاهر، وعند ابن أبي ليلى والأصم يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر
الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بماء البحر،
وعند عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو لا تجوز عند عدمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تكره الطهارة بما قصد إلى تشميسه، وعند
أَبِي حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد لا يكره وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة
واختاره النواوي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره الطهارة بالماء
المسخن وعند مجاهد يكره، وعند أَحْمَد إن سخن بوقود نجس كره وإن سخن بطاهر
فلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع البرد والثلج على أعضاء الطهارة
وهو صلب لا يحل منه الماء لم يجزئه، وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئه.
(1/15)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره
رفع الحدث بماء زمزم وعند أَحْمَد يكره في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر العلماء لا يكره
الطهارة بما تغير بطول المكث، وعند ابن سِيرِينَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز بالماء المتغير أحد أوصافه بالطاهر ما لم يرد إجراؤه
على أجزائه، أو يثخن بحيث يمنع من جريانه، وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز، وبه
قال أَحْمَد في رِوَايَة، وعند الزُّهْرِيّ إذا بل فيه كسر الخبز جاز
والوضوء به تغير أو لم يتغير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة في
تنجيسه قَوْلَانِ: أصحهما لا ينجس، وبه قال الْمُزَنِي وأبو حَنِيفَةَ
وَمَالِك وعامة العلماء، والثاني: ينجسه، وبه قال مُحَمَّد بن المنكدر
ويَحْيَى بن أبي كثير.
(1/16)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ موت الضفدع والسرطان في الماء يفسده إذا كثر،
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفسده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واللَّيْث
والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رفع الحدث بالماء المستعمل
في فرض الطهارة، وبه قال مالك في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى
والقاسم، وعند الحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ
والنَّخَعِيّ وداود ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يجوز، وبه قال مالك
في الرِوَايَة الصحيحة، والشَّافِعِيّ في قول قديم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد وَأَحْمَد
وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان
الماء أقل من قلتين وهو راكد ووقعت فيه نجاسة نجسته وإن لم يتغير، وإن كان
قلتين أو أكثر لم ينجس إلا إذا تغيَّر، وعند ابن عباس وحذيفة وأبي هريرة
والحسن البصري وسعيد بن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى وجابر ابن زيد
وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وداود والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ، واختاره ابن
المنذر أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وسواء كان قليلاً أو كثيرًا، وعند
عبد الله بن عمر ومُحَمَّد بن المنكدر إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس،
وعند مَسْرُوق والحسن بن صالح بن حُيي والْإِمَامِيَّة إن كان كثيرًا لم
ينجس، وعند ابن سِيرِينَ إن كان كرًا نجس، وعند ابن عبَّاس إذا كان الماء
ذنوبين لم ينجس، وعند عكرمة أيضًا إن كان ذنوبًا أو ذنوبين لم ينجس، وعند
الزُّهْرِيّ إذا كان أربعين دلوًا لم ينجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر
(1/17)
الزَّيْدِيَّة وأبي العبَّاس وعَطَاء كلما
وصلت إليه النجاسة، أو غلب على الظن وصولها إليه حكم بنجاسته وإن لم يتغير،
سواء كان قليلاً أو كثيرًا، قال أبو حَنِيفَةَ: والطريق إلى معرفة وصولها
إليه إن كان الماء إذا حُرِّك أحد جانبيه تحرك الجانب الآخر، فإن النجاسة
إذا حصلت في أحد جانبيه غلب على الظن أنها وصلت إلى الجانب الآخر، وإن كان
لا يتحرك الجانب الآخر لم يغلب على الظن وصولها إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو كان هناك قلتان منفردتان، في كل قلة
واحدة منهما نجاسة، فخلطتا وهما غير متغيرتين أو كانتا متغيرتين وهما
منفردتان فخلطتا، وزال التغير حكم بطهارتهما، وعند الحنفية والحنبلية لا
يحكم بطهارتهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وجماعة من
الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الماء المستعمل في الأحداث طاهر يجوز
شربه واستعماله في غير الطهارة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة ونصره
مشايخ بلخ، وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أنه نجس وبه قال أبو حَنِيفَةَ في
رِوَايَة، ونصره مشايخ بلخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وعند
إِسْحَاق القلتان ست قرب، وعند أَبِي ثَورٍ خمس قرب ولم يذكر صغارًا ولا
كبارًا، وعند أبي عبيد القلال هى الحباب، ولم يحدوها بشيء، وعند عبد الرحمن
بن مهدي ووكيع ويَحْيَى بن
(1/18)
آدم القلة هي الجرة، ولم يحدوها بشيء، وعند
الثَّوْرِيّ القلة هي الكوز، وعند بعض أهل اللغة هي مأخوذة من استقلال
الإنسان بحمله، وأقله إذا أطاقه وحمله، ولذلك تسمى الكيزان قلالاً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر إذا وقعت في الماء الكثير نجاسة ولم تغيره فهو طاهر موضع النجاسة
وغيره، سواء كان الماء جارٍ أو راكد، وعند سائر الزَّيْدِيَّة موضع النجاسة
ينجس وما جاوره، أو جاور مجاوره، وأما المجاور الثالث فيكون طاهرًا،
وإنَّما يعرف المجاور الثاني والثالث بقدر النجاسة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ
ومحمد، إلا أن عندهما أن المجاور الثاني طاهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقع في
بئر نجاسة فالحكم فيها إن تغير الماء نجس، وكذا إن كان دون قلتين نجس وإن
تغيّر، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس، وعند علي وابن الزبير وأَبِي
حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أنها تنزح ما لم تغلب، وعند الحسن
والثَّوْرِيّ في الإنسان يموت في بئر تنزح كلها، وعند أَحْمَد إذا كان
الماء يمكن نزحه ووقع فيه بول الآدميين وعذرتهم المائعة فإنه ينجس بكل حال
تغير أو لم يتغير في أصح الروايتين، ولا فرق عنده بين أن يكون قلتين أو
أكثر، وعند عَطَاء في الجرذ تنزح عشرون دلوًا إن لم ينفسخ، وإن تفسَّخ
فأربعون دلوًا، وعند النَّخَعِيّ في الفأرة تنزح
(1/19)
أربعون دلوًا، وعند الشَّافِعِيّ في
الدجاجة تنزح تسعون دلوًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الفأرة والعصفور تخرج
حين تموت ويستقى عشرون أو ثلاثون، وإن كان سنورًا أو دجاجة أخرجت حين موتها
ينزح أربعون دلوًا أو خمسون. وإن كانت شاة فانزحها حتى يعليك الماء، فإن
انتفخ شيء من ذلك أو تفسَّخ فانزحها، وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث في
الماء المغير إذا وجد فيه ميتة ولم يتغير الماء استقى منه دلوًا، وإن تغير
طعمه أو ريحه استقى منه حتى تصفو أو يطيب، وعند الثَّوْرِيّ في الوزغ تقع
في بئر ينزح منها دلوًا، وعند الْإِمَامِيَّة أن ماء البئر تنجس بما يقع
فيها من النجاسة، وإن كان كرم ويطهر ماءها بنزح بعضه.
* * *
(1/20)
بابُ الشكِ في نَجَاسَةِ المَاءِ
والتَحَرِي فيهِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا لم تأكل الهرة
نجاسة جاز الوضوء بسؤرها ولم يكره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سؤر البغل والحمار طاهر فيجوز الوضوء به،
وعرقه طاهر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ سؤرهما مشكوك فيه، فلا يجوز الوضوء به
عند وجود غيره، وعرقهما نجس، وعند أَحْمَد سؤرهما نجس في أصح الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره سؤر الفرس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويَحْيَى وسعيد والثَّوْرِيّ وبكير الأشج
سؤر السباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير، وبه قال مالك، إلا أنه لا يترك
سؤر الكلب لنجاسته وإنما استحسانًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد سؤرها
كلها نجس إلا الهرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا اشتبه
عليه الماء الطاهر بالنجس، أو الثوب الطاهر بالنجس جاز له التحري في ذلك
سواء كان عدد الطاهر أكبر أو النجس، أو كانا سواء، وعند الْمُزَنِي وأَبِي
ثَورٍ وداود لا يتحرى في المياه، ولا في الثياب، بل
(1/21)
ينتقل في المياه إلى التيمم، وبه قال
أَحْمَد في المياه، وعنه في التيمم قبل إراقة الماء رِوَايَتَانِ، وقال في
الثياب: يصلي في كل واحد منها بعدد النجس وزيادة صلاة، وعند الْمَاجِشُون
ومُحَمَّد بن مسلمة يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالثاني ويصلي، وكذا في
الثياب يصلي بكل واحدة منهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتحرَّى في الثياب،
وكذا في المياه إن كان عدد الطاهر أكثر تحرى فيها، وإن كانا سواء، أو عدد
النجس أكثر لم يتحرّ وبه قال جماعة من الحنابلة، واختلف أصحاب مالك، فمنهم
من جوز التحري، ومنهم من منعه، وقالوا: يتيمم، ومنهم من قال: يصلي بطهارة
من كل إناء، ومنهم من قال: يتوضأ ويصلي، ثم يعود فيغسل الأعضاء بالإناء
الآخر ويتوضأ ويصلي، وهكذا في جميع الأواني، وعند مالك لا ينجس الماء إلا
إذا تغيّر أحد أوصافه كما سبق، وعند يَحْيَى القطان وابن المنذر يتوضأ
بهما، وبكل واحد منهما إذا لم يتغير الماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ بماء نجس، ثم علم به أعاد
الوضوء والصلاة بعد غسل ما أصابه من الماء النجس، وعند مالك يعيد في الوقت
ولا يعيد بعد خروجه.
(1/22)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجن
العجين بماء نجس لم يجز أكله ويطعم البهائم، سواء ما يؤكل لحمها وما لا
يؤكل، وعند الحسن بن صالح بن حيي وَأَحْمَد يطعم ما لا يؤكل لحمها دون ما
يؤكل لحمها.
* * *
(1/23)
بَابُ الآنِية
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
يطهر بالدباغ جميع جلود الميتات، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ في
رِوَايَة عنهما إلا جلد الكلب والخنزير، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في
الرِوَايَة الصحيحة عنه أنه يطهر جلد الكلب بالدباغ، وبه قال مالك في
رِوَايَة، وعند داود يطهر بالدباغ جلود الميتات، وعند أَبِي يُوسُفَ يطهر
جلد الخنزير بالدباغ، وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة عنه
والْإِمَامِيَّة لا يطهر شيء منها بالدباغ، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة،
وكذا مالك في رِوَايَة، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يطهر ظاهر الجلد دون باطنه،
فتجوز الصلاة عليه ولا تجوز فيه، ويجوز عنده استعماله في الأشياء اليابسة
دون الرطبة، وعند أَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون
ما لا يؤكل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا
يطهر بالذكاة جلد ما لا يؤكل لحمه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يطهر جلد
السباع والكلب بذلك، وكذا عند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر بذلك جلد الحمار وسائر
ما لا يؤكل لحمه غير الآدمي والخنزير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ
ولا بيعه، وعند الزُّهْرِيّ يجوز الانتفاع به قبل الدباغ، وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز بيعه قبل الدباغ.
(1/24)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولا يجوز
الدباغ بالتراب والشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع جلد الميتة بعد الدباغ في قوله
الجديد، ولا يجوز في قوله القديم، وهو قول مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ماتت شاة وفي ضرعها لبن،
أو لها أنفحة ينجس اللبن بموتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود لا ينجس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا ماتت دجاجة وفي جوفها
بيضة قد فصلت قشرتها نجس ظاهر القشر، ويطهر بالغسل، ويحل أكلها، وعند علي
رضي الله عنه لا يحل أكلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة العلماء
يكره استعمال أواني الذهب والفضة للرجال والنساء في الأكل والشرب والبخور
والوضوء وغير ذلك من وجوه الاستعمال. وعند داود وأهل الظاهر لا يكره غير
الشرب وحده.
مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن المضبَّب بالفضة إن كان قليلاً
للحاجة لم يكره، وإن كان للزينة كره، وإن كان كثيرًا للحاجة كره، وإن كان
للزينة حرم. وعند
(1/25)
أَبِي حَنِيفَةَ أنه مكروه بكل حال ولا
يحرم، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد لا يجوز إذا كثر، وإن قل
لم يجز إلا فيما لا حاجة إليه كالحلقة، ويجوز في الضبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة لغير
الاستعمال في أحد الوجهين، ويجوز في الآخر، وهو مذهب مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يصح الوضوء من أواني المشركين الذين
لا يتدينون باستعمال النجاسة والصلاة في أثيابهم. وعند أَحْمَد لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في الذين يتدينون باستعمال النجاسة
من المشركين وجهان: الصحيح أنه يجوز استعمال أوانيهم وثيابهم التي لا يعلم
طهارتها ولا نجاستها وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة السيد
أبو طالب والمؤيد بالله. والوجه الثاني: لا يجوز، وبه قال أَحْمَد
وإِسْحَاق. وعند الْإِمَامِيَّة سؤر اليهودي والنصراني وكذا كل كافر نجس،
وكذا عند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة الكافر نجس وكذلك سؤره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة صوف الميتة
ووبرها وشعرها وعظامها وسنها وقرنها وريشها وظلفها وظفرها نجس. وعند مالك
وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْمُزَنِي هو طاهر، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيد بالله. وعند الحسن
(1/26)
البصري واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وحماد
وعَطَاء يطهر شعرها وصوفها ووبرها بالغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأنفحة تنجس بالموت، وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا تنجس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد عظم الفيل وأنيابه
نجسة فإذا ذُكّي طهر. وعند مالك وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل طاهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العظام
فيها حياة وتنجس بالموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حياة فيها ولا تنجس
بالموت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة شعر الكلب والخنزير
نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ شعر الكلب طاهر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة
والزَّيْدِيَّة شعرها طاهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز الانتفاع بشعر
الخنزير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد. وعند مُحَمَّد من
الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك.
* * *
(1/27)
بَابُ السُّوَاكِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء السواك سنة ولا
يجب. وعند داود وأهل الظاهر هو واجب ولا يمنع تركه صحة الصلاة. وعند
إِسْحَاق إن تركه عامدًا بطلت صلاته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره السواك للصائم بعد الزوال. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة لا يكره. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك آخر
النهار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ السواك بالأصبع. وعند مالك يجزئ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الختان واجب في حق الرجال
والنساء. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو سنة في حق
الجميع.
* * *
(1/28)
باب نية الطهارة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك ورَبِيعَة واللَّيْث
وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ وعلي رضى اللَّه عنه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
أنه لا تصح طهارة الحدث في الوضوء والغسل والتيمم إلا بالنية. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يصح الوضوء والغسل بغير نية ولا يصح التيمم إلا
بالنية. وعند الحسن بن صالح بن حُيي يصح الجميع بغير نية. وعند
الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الحسن، والأخرى كقول أَبِي
حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ الكافر أو تيمم ثم أسلم لم يصح
وضوءه ولا تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح وضوءه دون تيممه بناءً على أصله
أن الوضوء يصح بغير نية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى قطع الوضوء أو الخروج منه لم
يبطل، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يبطل، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة الداعي أبو عبد الله.
* * *
(1/29)
بابُ صِفَة الوُضُوءِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وضَّأه غيره
ولم يوجد منه غير النية أجزأه، وعند داود لا يجزئه، وعند الْإِمَامِيَّة
يجزئه إذا كان متمكنًا من تولى ذلك بنفسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد في رِوَايَة التسمية في الطهارة غير واجبة، وعند داود وأهل
الظاهر هي واجبة، فإن تركها عمدًا أو سهوًا لم تصح طهارته. وعند إِسْحَاق
وَأَحْمَد في رِوَايَة هي واجبة، فإن تركها عمدًا لم تصح طهارته، وإن تركها
سَهوًا صَحت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة غسل الكفين فى أول الوضوء مستحب ولا
يجب، سواء قام من النوم أم لا. وعند الحسن وداود هو واجب، وعند أَحْمَد هو
مستحب في نوم النهار واجب في نوم الليل، فإن غمسهما
(1/30)
فى الماء قبل الغسل أراقه. وعند الحسن إن
غمسهما فيه قبل الغسل نجس الماء، سواء كان من نوم الليل أو نوم النهار.
وعند أَبِي يُوسُفَ إذا أدخل غير يديه من الأعضاء في الماء نجس الماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نوى بوضوئه رفع
الحدث صح وضوءه وجاز له أداء الفرض الثاني والنفل، وكذا إذا نوى بوضوئه
أداء النوافل أو صلاة الجنازة، أو أداء صلاة بعينها صح وضوءه وجاز له أن
يؤدي به ما شاء من الفرائض والنوافل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يحيى ومُحَمَّد بن يحيى إذا نوى
بوضوئه رفع الحدث لا يصح وضوءه، وإذا نوى أداء فرض بعينه لا يجوز له أداء
الفرض الثاني، ويجوز له أداء النفل، وإذا نوى النفل أو صلاة الجنازة لا
يجوز له أداء الفرائض، ويجوز له أداء النوافل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتقد أنه على وضوء فجدَّد الوضوء،
ثم بان أنه كان محدثًا أجزأه. وعند مالك لا يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الاستنشاق والمضمضة في الوضوء والغسل سنة ولا يجبان. وبه قال
من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وعَطَاء وحماد وابن جريج
وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وسائر الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في
الرِوَايَة الصحيحة يجبان في ذلك. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ
وداود يجب الاستنشاق
(1/31)
فى ذلك دون المضمضة. وعند الثَّوْرِيّ
وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وزيد بن علي يجبان في الغسل دون
الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع المضمضة والاستنشاق في كف واحد
جاز، وإن فرقهما فهو مستحب. وعند بعض العلماء يجزئ ذلك. وعند بعضهم لا
يجزئ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب غسل باطن العين في الوضوء، ولا
يستحب. وعند بعض أصحابه وبعض الزَّيْدِيَّة يستحب. وعند بعض الزَّيْدِيَّة
يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
البياض الذي بين العذار والأذن هو من الوجه. وعند مالك هو من الرأس. وعند
أَبِي يُوسُفَ إن كان قد حال بين البياض والوجه شعر لم يجب غسلهما، وإن كان
أمرد وجب غسله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت بشرة الوجه ظاهرة
تصفها اللحية وجب
(1/32)
غسلهما وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وزيد بن علي من كان شعر
لحيته وعارضيه كثيفًا استحب له تخليل ذلك، ولا يجب عليه. وعند أَبِي ثَورٍ
والْمُزَنِي وعَطَاء وسعيد بن جبير وسائر الزَّيْدِيَّة يجب عليه ذلك. وعند
أَحْمَد إن سها عن التخليل فهو جائز. وعند إِسْحَاق إن تركه ناسيًا أو
متأولا أجزأه، وإن تركه عمدًا أعاد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب إفاضة الماء على ما استرسل من
اللحية طولاً وعرضًا قَوْلَانِ: أصحهما: يجب، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك
وأبو يوسف وجماعة من الزَّيْدِيَّة. والثاني: لا يجب وهو قول أَبِي
حَنِيفَةَ ومُحَمَّد والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة واختاره الْمُزَنِي وعند
جماعة من الزَّيْدِيَّة إن أمكن تخليل اللحية دون غسلها، وإن لم يمكن
تخليلها إلا بغسل ما استرسل وجب غسلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجب الترتيب بين غسل
اليدين في الوضوء وعند فقهاء الشيعة والْإِمَامِيَّة يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن المتوضئ مخير بين
الابتداء في اليدين
(1/33)
بالأصابع أو بالمرافق، وعند الْإِمَامِيَّة
تجب البداية بالمرافق والانتهاء بالأصابع وعند بعض الْإِمَامِيَّة أنه
مسنون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب إدخال المرفقين في غسل
الوضوء. وعند زفر وابن داود لا يجب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ
والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئ في مسح الرأس ما يقع عليه
الاسم، وعند مالك والْمُزَنِي وأكثر الزَّيْدِيَّة يجب مسح جميعه، وهو
رِوَايَة عن أحمد. وعند مُحَمَّد بن مسلمة إن ترك ثلثه جاز، وهو الرِوَايَة
الثانية عن أحمد. وعند بعض المالكية إن ترك اليسير منه ناسيًا جاز. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات: إحداهن يجب مسح ربعه، والثانية: مسح الناصية،
وبها قال زيد بن علي والباقر والصادق، والثالثة: مسح قدر ثلاث أصابع بثلاث
أصابع، وعند زفر وأبي يوسف لا يجوز أقل من الثلث أو الربع، وعند
الْإِمَامِيَّة يجب مسحه ببلة اليد، فإن استأنف ماءً جديدًا لم يجزئه، حتى
أنهم يقولون: إذا لم يبق في يده بلة أعاد الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من
الزَّيْدِيَّة أن غسل موضع الريح من القبل أو الدبر في الوضوء سنة ولا يجب.
وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة يجب ذلك، ومنهم مُحَمَّد بن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وسائر العلماء أنه إذا حلق شعر رأسه أو لحيته لا تبطل طهارته بذلك. وعند
ابن جرير وعبد العزيز بن سلمة ومجاهد والحكم وحماد أنه تبطل طهارته بذلك.
(1/34)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يسن التثليث في غسل الأعضاء. وعند مالك يسن الاقتصار على مرة
مرة. وعند ابن أبي ليلى التثليث واجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس وعَطَاء وَأَحْمَد في رِوَايَة يسن
مسح الرأس ثلاثًا، كل مرة بماء جديد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والحسن ومجاهد وَمَالِك وابن الْمُبَارَك وجعفر بن
مُحَمَّد وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة فمن بعدهم يسن الاقتصار
فى ذلك على مرة واحدة، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. وعند ابن
سِيرِينَ يمسحه مرتين مرة فرضًا، ومرة سنة. وعند الْإِمَامِيَّة المسنون في
تطهير العضوين المغسولين وهما الوجه واليدان مرتان، ولا تكرار في الممسوحين
عندهم وهما الرأس والرجلان.
مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن غسل الرأس بدل عن المسح
يجزئ عن المسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والوجه الثاني: لا
يجزئ، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ
والزَّيْدِيَّة وجماعة من الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا اقتصر على
مسح العمامة في الوضوء ولم يمسح على الرأس لم يجزئه. وعند الثَّوْرِيّ
وَأَحْمَد وحكيم بن جابر وداود وعمر بن عبد العزيز ومَكْحُول والحسن وقتادة
وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وأبي بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء وأبي
أمامة وأنس يجزئه. وعند أَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ يجزئه إذا لبسها على طهارة
كالخف. وعند بعض أصحاب أَحْمَد لا يجزئه إلا إذا كان شيء منها تحت الحنك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والحسن وعَطَاء أن الأذنين ليسا
من الرأس ولا من الوجه. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
وسائر الزَّيْدِيَّة وسعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز
والنَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير وقتادة والثَّوْرِيّ
(1/35)
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من أصحابه ومن بعدهم
هما من الرأس، فيمسحان معه إلا أن مالكًا يقول: إن الأفضل أن يأخذ لهما ماء
جديدًا ويمسحان مع الرأس. وعند الزُّهْرِيّ هما من الوجه فيغسلان معه. وعند
الشعبي والحسن بن صالح وإِسْحَاق ما أقبل منهما من الوجه فيغسل مع الوجه،
وما أدبر منهما من الرأس فيمسح معه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء ومن الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر مسح الأذنين سنة وليس بفرض. وعند إِسْحَاق وسائر الزَّيْدِيَّة
هو فرض. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجب ذلك ولا يسن، بل هو بدعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز تفريق الوضوء في أحد القولين، وهو
الجديد الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وداود وابن
عمر وسائر الزَّيْدِيَّة، ولا يجوز في القول القديم، وبه قال عمر واللَّيْث
وَمَالِك وجماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين.
وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد يجوز في الغسل، ولا يجوز في الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وجمهور الفقهاء والمفسرين يجب غسل الرجلين في
الوضوء. وعند ابن عَبَّاسٍ وأنس وعكرمة وأبي جعفر مُحَمَّد بن علي الباقر
وأبي العالية والشعبي وغيرهم والْإِمَامِيَّة من الرافضة يجب مسحهما ولا
يجزئ غسلهما. وعند ابن جرير والحسن البصري هو مخيَّر بين غسلهما ومسحهما.
وعند بعض أصحاب داود يجمع بين الغسل والمسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إدخال
الكعبين في الغسل. وعند زفر وابن داود لا يجب.
(1/36)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك
وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ أن الكعبين هما العظمان الناتئان فى مفصل الساق
من القدم. وعند الحنفية ومُحَمَّد وبعض أصحاب الحديث وبعض المالكية وثعلب:
في ظهر الرجل ومقدمها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ
وقتادة وأبي عبيد يجب الترتيب في الوضوء. وعند مالك والثَّوْرِيّ
والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسعيد بن المسيب
والحسن وعلي وابن مسعود وعَطَاء والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وداود وعامة أهل
العلم أنه لا يجب، واختاره الْمُزَنِي وصاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تنشيف الأعضاء من بلل الوضوء والغسل جائز
ولا يستحب ولا يكره. وعند مالك والثَّوْرِيّ أنه لا يكره، وبه قال عثمان
وأنس والحسن بن علي وبشير بن أبي مسعود. وعند ابن أبي ليلى وابن المسيب
والزُّهْرِيّ أنه يكره، وبه قال ابن عمر. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يكره في
الغسل ويكره في الوضوء.
* * *
(1/37)
باب المسح على
الخفين
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود
وابن عباس وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز المسح على الخفين في الوضوء.
وعند الخوارج والْإِمَامِيَّة وابن داود لا يجوز ذلك. وعند مالك في ذلك
روايات: إحداهن: يجوز المسح عليه مؤقتًا كقول الشَّافِعِيّ الجديد.
والثانية: يجوز المسح عليه أبدًا كقول الشَّافِعِيّ في القديم. والثالثة:
يمسح عليه في الحضر دون السفر. والرابعة: أنه يمسح عليه في السفر دون
الحضر، وهي الصحيحة عنده. والخامسة: أنه يكره المسح على الخفين. والسادسة:
أنه أبطل المسح في آخر أيامه كقول الْإِمَامِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين
وعند الشعبي وإِسْحَاق والحكم وحماد المسح عليهما أفضل من الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أن المسح على
الخفين بتوقيت فيمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن،
وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعَطَاء وشريح والْأَوْزَاعِيّ
والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق والصحابة والتابعين
وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والقول القديم
للشافعي أنه غير مؤقَّت، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة والشعبي وأبو سلمة
واللَّيْث ورَبِيعَة ومالك، وحكى عن الشعبي أنه قال: يمسح خمس صلوات، وهو
قول أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ. وعند سعيد بن جبير يمسح من غدوة إلى الليل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن ابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس
الخف لا من حين اللبس ولا من حين الطهارة بعد الحدث. وعند الْأَوْزَاعِيّ
وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ وداود أن ابتداءها من حين المسح. وعند
الحسن البصري أن ابتداءها من حين اللبس.
(1/38)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر أتم مسح مقيم. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ له أن يمسح مسح مسافر، وهي رِوَايَة أخرى عن
أحمد. وعند مالك ليس للمسح حد محدود لا لمقيم ولا لمسافر، بل يمسح ما شاء
ما لم ينزعهما أو تصبه جنابة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو أحدث في الحضر، ثم سافر قبل المسح
وقبل خروج وقت الصلاة مَسَح مَسح مسافر. وعند الْمُزَنِي يمسح مسح مقيم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مسح في السفر ثم أقام قبل إكمال مدة
مسح المقيم أتم مسح مقيم. وعند الْمُزَنِي يمسح ثلث ما بقي له من المدة من
حين الإقامة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الخف المخرق الذي لا
يمكن متابعة المشي عليه قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال داود وإِسْحَاق
والثَّوْرِيّ وأبو ثور. والجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال أحمد. وعند مالك
وسفيان الثَّوْرِيّ إن كبر الخرق وتفاحش لم يجز المسح عليه، وإن كان دون
ذلك جاز المسح عليه، وهو قول قديم للشافعي أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن
تخرَّق قدر ثلاث أصابع لم يجز المسح عليه، وإن كان دونها جازه. وعند
الْأَوْزَاعِيّ إن ظهر منه أصبع أو طائفة من رجله أو كلها مسح على الخف
وعلى كل ما ظهر من الرجل. وعند الحسن إذا خرج الأكثر من أصابعه لم يجز
المسح عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أن الجورب
الذي لا يمكن متابعة المشي عليه، بأن لا يكون منعَّلاً، أو كان منعَّلاً
لكنه من خِرِقٍ رقيقة لا يجوز المسح عليه.
(1/39)
وعند عَطَاء والحسن البصري وابن المسيب
وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والأعمش والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد والحسن بن
صالح بن حُيي وابن الْمُبَارَك يجوز المسح عليه على أي حال كان. وبه قال
عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وعمار وبلال وأبو أمامة وأنس والبراء وسهل
ابن سعد. وعند أَبِي ثَورٍ إذا أمكن المشي عليه جاز المسح. وعند أَحْمَد
يجوز المسح عليه إذا كان رقيقًا. وعند أكثر المتأخرين من أصحاب أَحْمَد لا
يجوز المسح عليه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجوز إذا كان ثخينًا بحيث
لا يشف. وعند مالك في رِوَايَة يجوز المسح عليه إذا كان مجلدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الجرموق، وهو خف كبير
فوق خف صغير قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو
حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن ابن صالح وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق
والْمُزَنِي، والقول الجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز المسح على الخف إلا أن يلبس على طهارة كاملة، فلو غسل
إحدى رجليه وأدخلها الخف، ثم غسل الرجل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح
حتى ينزع الخف الذي لبسه قبل كمال الطهارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
ويَحْيَى بن آدم والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود يجوز المسح.
(1/40)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر
العلماء يجوز للمستحاضة أن تتوضأ وتمسح على الخفين وتصلي به فريضة واحدة
وما شاءت من النوافل. وعند زفر لها أن تصلي به يومًا وليلة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمر بن عبد
العزيز والزُّهْرِيّ وَمَالِك وإِسْحَاق وغير واحد من الصحابة والتابعين
وابن الْمُبَارَك السنة أن يمسح أعلى الخف وأسفله. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن وعروة بن الزبير
وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وأنس وجابر بن عبد الله السنة مسح أعلاه دون
أسفله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئه مسح القليل من أعلى الخف، سواء كان
بيده أو ببعضها أو بخشبة أو بخرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه إلا أن
يمسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، حتى لو مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد لم
يجزئه عنده. وعند زفر إذا مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد أجزأه. وعند
أَحْمَد لا يجزئه إلا أن يمسح أكثر القدم. وعند إِسْحَاق يمسح بكفيه إلا أن
يكون بإحدى يديه علة فيجزئه أن يمسح بما أمكنه منها للضرورة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئه إلا المسح حتى لو أصاب الخف بلل
مطر أو نضح عليه الماء لا يجزئه. وعند أصحابه في قيام غسل الخف مكان مسحه
وجهان، وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يجزئه بلل المطر ونضح الماء. وعند
إِسْحَاق إن نوى بذلك المسح أجزأه وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل
الرأي إذا فاض الماء وأصاب ظاهر الخف أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقضت مدة المسح وهو على طهارة المسح
أو خلع خفيه في أثناء المدة وهو على طهارة المسح لم يجز له أن يصلي بتلك
الطهارة. وعند الحسن
(1/41)
البصري وقتادة وسليمان بن حرب لا يبطل
المسح ويصلي بها إلى أن يُحدث، فإذا أحدث لم يمسح. واختاره ابن المنذر وعند
داود يجب عليه نزع الخفين إذا انقضت مدة المسح ولا يصلي فيهما، فإذا نزعهما
صلى بطهارته إلى أن يحدث. وعند أبي حَنِيفَةَ وعَطَاء والنَّخَعِيّ
والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه غسل
قدميه، وهو أصح القولين عند الشَّافِعِيّ، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة.
والقول الثاني: يستأنف الوضوء، وهو قول الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ومَكْحُول
وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أيضًا
وإِسْحَاق. وعند مالك إن غسل رجليه عقيب الخلع أجزأه وإن تطاول الفصل
استأنف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج رجله من قدم الخف إلى ساق الخف
ولم يبن شيء من محل الفرض إن مسح لا يبطل، وإن ظهر منها شيء من محل الفرض
بطل مسحه. وعند القاضي أبي حامد والقاضي أبي الطيب من أصحابه أنه يبطل، وبه
قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الثَّوْرِيّ
والْأَوْزَاعِيّ ما لم يخرجها من الساق لا يبطل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا نزع
إحدى الخفين من إحدى الرجلين لا يجوز له المسح على الثانية. وعند
الزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ له أن يمسح عليها.
* * *
(1/42)
باب الأحداث التي
تنقض الوضوء
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينتقض الوضوء بخروج النادر من
أحد السبيلين. وعند مالك والنَّخَعِيّ ورَبِيعَة وقتادة لا ينتقض الوضوء
بذلك إلا بدم الاستحاضة. وعند داود لا ينتقض الوضوء بخروج الدم والدود.
وعند الْإِمَامِيَّة أن المذي والودي لا ينقضان الوضوء بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق إذا خرج ريح
من فرج المرأة أو ذكر الرجل انتقض الوضوء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه
إذا نام زائلاً عن مستوى الجلوس في غير الصلاة مضطجعًا على جنبه، أو
مستلقيًا على قفاه، أو متكئًا على أحد جنبيه، أو مستندًا على حائط أو غيره
انتقض وضوءه، وإن نام جَالسًا متمكنًا من الأرض بمقعدته لم ينتقض وضوءه.
وعند أبي موسى الأشعري وأبي مجلز وحميد الأعرج وعمرو بن دينار وابن المسيب
أن النوم لا ينقض حتى يتحقق خروج الخارج منه، وهو قول فقهاء الشيعة
الْإِمَامِيَّة. وعند الحسن البصري وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس بن مالك وأبي
هريرة رضي الله عنهم والْمُزَنِي وإِسْحَاق أن النوم ينقض الوضوء على أي
حال كان، وبه قالت الْإِمَامِيَّة أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وداود وأهل الرأي لا ينقض إلا إذا نام
مضطجعًا، فإن نام على حالة من أحوال الصلاة لم ينتقض وضوءه. وعند مالك
وَأَحْمَد ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ أنه إذا نام قليلاً قاعدًا لا ينتقض
وضوءه،
(1/43)
وإن تطاول انتقض. وعن أَحْمَد رِوَايَة
أخرى أنه ينتقض بالنوم اليسير في حق الراكع والساجد خاصة، وهو قول مالك.
ورِوَايَة أخرى أيضًا عن أَحْمَد أنه لا ينتقض بالنوم اليسير في أي حالةٍ
كان من أحوال الصلاة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وداود. وعند إِسْحَاق إذا
نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر والزُّهْرِيّ
ورَبِيعَة وزيد بن أسلم إذا لمس امرأة يحل له الاستمتاع بها بلا حائل
بينهما انتقض وضوء اللامس منهما، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، عامدًا كان
أو ساهيًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعَطَاء
وطاوس والحسن ومَسْرُوق وابن داود وابن عباس، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد أنه
لا ينتقض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ أيضًا إذا وطئها فيما دون
الفرج وأنشر، أو وضع فرجه على فرجها وإن لم يولج انتقضت الطهارة. وعند مالك
وَأَحْمَد فى رِوَايَة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق والشعبي والنَّخَعِيّ والحكم
وحماد ورَبِيعَة واللَّيْث إن لمسها بشهوة انتقض، وبغير شهوة فلا. وعند
داود وأهل الظاهر إن قصد لمسها انتقض، وإن لم يقصد فلا. وعند
الْأَوْزَاعِيّ اللمس باليد ينقض الوضوء، وبغير اليد لا ينقض الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وغير واحد
من الصحابة والتابعين أنه يجب الوضوء من قبلة المرأة الأجنبية. وعند سفيان
الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة أنه لا يجب الوضوء من ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لمس شعر المرأة أو سنها لا ينقض الوضوء.
وعند مالك ينقض.
(1/44)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا ينتقض الوضوء بغسل الميت. وعند أحمد ينتقض بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بلمس ذوات المحارم على
أحد القولين. وينتقض في القول الثاني، وهو قول مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ينتقض وضوء الملموس على القول الأصح، وهو
قول مالك ولا ينتقض على القول الثاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لمسها من وراء حائل لم ينتقض الوضوء،
سواء كان صفيقًا أو رقيقًا، بشهوة أم بغير شهوة. وعند مالك إن لمسها بشهوة
من وراء حائل رقيق انتقض وضوءه، وإن كان صفيقًا لم ينتقض. وعند اللَّيْث
ورَبِيعَة إذا لمسها بشهوة انتقض وضوءه وإن كان بينهما حائل، سواء كان
صفيقًا أو رقيقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وابن المسيب وأبان بن عثمان
وعروة بن الزبير وسليمان ابن يسار والزُّهْرِيّ ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق
والْأَوْزَاعِيّ أن الرجل إذا مس ذكره ببطن كفه، أو مست المرأة فرجها ببطن
كفها انتقض وضوءهما بذلك، وبه قال عمر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة
وأبو هريرة وابن عباس. وعند مالك إن مسه بشهوة انتقض وإلا فلا، وسواء عنده
كان ذلك ببطن كفه أو بظهره أو بغيره من سائر أعضائه هذا هو الرِوَايَة
الصحيحة عنه، وفي رِوَايَة عنه ينتقض وضوء الرجل دون وضوء المرأة وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن البصري وقتادة ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وابن
الْمُبَارَك وَأَحْمَد فى رِوَايَة لا ينتقض الوضوء بذلك، وبه قال علي وابن
مسعود وعمار وعمران بن الحصين وأبي الدرداء، وإحدى الروايتين عن سعد بن أبي
وقاص وابن عباس. وعند جابر بن زيد ومَكْحُول، ورِوَايَة عن مالك إن تعمد
مسه انتقض وضوءه، وإن لم يتعمده
(1/45)
فلا، وعند أَحْمَد وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ
إن مس ذكره بساعده أو بباطن يده أو بظاهرها انتقض. وعند طاوس وسعيد بن جبير
وحميد الطويل إن مسه لا يريد وضوءً فلا شيء عليه. وعند داود ينتقض وضوءه
بمس ذكره دون ذكر غيره. واعتبر أَحْمَد أن يكون المس بظاهر اليد أو باطنها
بشهوة. وعند أَحْمَد رِوَايَة توافق الشَّافِعِيّ في اعتبار باطن الكف لنقض
الوضوء. وعند داود وأهل الظاهر إذا مس ذكره أو ذكر غيره عامدًا انتقض
وضوءه، وإن مسهما غير عامد لم ينتقض. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا مس ذكره بيده
أو برجله أو بعضو يجب غسله عند الحدث انتقض وضوءه، وإن مس ذلك بفخذه أو
ساقه لم ينتقض. وعند عَطَاء انتقض الوضوء إذا مس ذكره بأي موضع من بدنه
كان، إلا بفخذه فإنه لا ينتقض للضرورة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس فرج غيره من كبير أو صغير أو حي
أو ميت انتقض وضوء الماس. وعند داود لا ينتقض وضوءه بمس ذلك من غيره. وعند
الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لا ينتقض الوضوء بمس ذلك من الصغير.
وعند إِسْحَاق بن راهويه لا ينتقض بمس ذلك من ميت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح ينتقض الوضوء بمس
حلقة الدبر، والقديم لا ينتقض بذلك، وهو مذهب مالك وداود. وعند أَحْمَد
رِوَايَتَانِ كالقولين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس أنثييه، أو أليته، أو عانته لم
ينتقض وضوءه، وعند ابن الزبير أنه ينتقض وضوءه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بمس فرج البهيمة على
القول الصحيح
(1/46)
والقول الثاني ينتقض، وهو قول اللَّيْث
وعند عَطَاء ينتقض بمس فرج الحمار دون فرج الجمل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن المسيب ومَكْحُول ورَبِيعَة
وَمَالِك أن دم الفصد والحجامة والرعاف والقيح والقيء لا ينقض الوضوء، سواء
كان قليلاً أو كَثيرًا، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن أبي أوفى وأبو
هريرة وعائشة وجابر بن زيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ
والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وزفر وعَطَاء وعلقمة
وقتادة وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن كل نجس خرج من البدن فإنه ينقض الوضوء
إذا سال، وإن وقف على رأس الجرح لم ينقض، وقالوا في القيء إن ملأ الفم نقض
الوضوء، وإن كان دونه لم ينقض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وأبي موسى وداود وعَطَاء وعروة
والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ أنه ليس في قهقهة المصلي وضوء. وعند الشعبي والحسن
والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه، وكذا الْأَوْزَاعِيّ
في رِوَايَة أنها تنقض الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخلفاء الأربعة وابن عَبَّاسٍ وأبي
أمامة وأبي الدرداء وابن مسعود وعامر بن أبي رَبِيعَة وأبي بن كعب وأكثر
الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وسفيان وإِسْحَاق
وَأَحْمَد أنه لا يجب الوضوء بكل ما مسته النار. وعند الحسن البصري
والزُّهْرِيّ وعمر بن عبد العزيز وأبي مجلز وأبي قلابة وابن عمر وأبي طلحة
وأنس وأبي موسى وعائشة وزيد بن ثابت وأبي هريرة ويَحْيَى بن أبي يعمر
(1/47)
أنه يجب الوضوء بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أنه لا ينتقض
الوضوء بأكل لحم الجزور، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وفي القديم ينتقض
بذلك، وهو قول أَحْمَد وداود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي لا يجب
الوضوء من الغيبة والشتم وقذف المحصنات والكبائر، وكذا الصغائر وإن كثرت،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة
والشعبي يجب الوضوء بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم.
(1/48)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى
على يقين الطهارة، سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند مالك يبني على الحدث
سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند الحسن إن كان في الصلاة بنى على يقين
الطهارة، وإن كان في غيرها بنى على يقين الحدث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز مس المصحف وحمله، بعلاقة وبغير علاقة إلا لطاهر، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند داود ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد
يجوز ذلك لغير الطاهر. وعند الحكم وحماد يجوز حمله لغير الطاهر. وعند
أَحْمَد يجوز له حمله بعلاقة وغير علاقة، وبه قال زيد بن علي، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحماد وعَطَاء
والحسن يجوز حمله بعلاقة ولا يجوز بغير علاقة. وعند بعض أصحاب أَبِي
حَنِيفَةَ الخراسانيين يجوز مس حواشيه التي لا كتاب فيها ومس جلده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ أو تيمم، ثم ارتد لم تبطل
طهارته وتيممه في وجه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والوجه الثاني: أنهما
تبطلان بذلك، وهو قول الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ. وعند أَبِي
ثَورٍ أيضا أنه يستحب له الغسل.
* * *
(1/49)
بَابُ الاسْتِطَابةَ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وابن عمر والعبَّاس
بن عبد المطلب وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز
استقبال القبلة واستدبارها عند البول والغائط في الصحراء، ويجوز في البناء،
وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّخَعِيّ
والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أخرى وأَبِي ثَورٍ وأبي أيوب الأنصاري
لا يجوز في البناء ولا في الصحراء. وعند عروة ورَبِيعَة وداود وجماعة من
الزَّيْدِيَّة يجوز في البناء والصحراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة
أنه يجوز الاستدبار في البناء والصحراء، ولا يجوز الاستقبال فيهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الجماع مستقبل القبلة ولا
مستدبرها، وهو قول ابن القاسم المالكي. وعند ابن حبيب المالكي يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر ورافع بن خديج وحذيفة وسفيان
الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
الأفضل أن يستنجي بالأحجار أولا ثم بالماء بعده. وعند ابن المنذر وسعد بن
أبي وقاص وابن الزبير وحذيفة أيضًا، أنهم كانوا لا يرون استعمال الماء.
وعند سعيد بن المسيب ما يفعل ذلك إلا النساء. وعند عَطَاء غسل الدبر محدث.
وعند الحسن أنه لا يغسل ذلك الموضع بالماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن
الْمُبَارَك وأكثر الصحابة إذا أراد الاقتصار على الأحجار جاز سواء كان
الماء موجودًا أو معدومًا. وعند قوم من الزَّيْدِيَّة
(1/50)
والقاسمية لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع
وجود الماء. وعند الْإِمَامِيَّة أنه لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع وجود
الماء في البول خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود يجب
الاستنجاء من الغائط، وهي رِوَايَة عن مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب
ذلك إذا لم تكن النجاسة متعدية للموضع، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك،
وحكى ذلك عن الْمُزَنِي وابن سِيرِينَ، وجعل أبو حَنِيفَةَ ذلك أصلاً لجميع
النجاسات. وقدَّر المخرج بالدرهم البغلى، فقال: لا يجب إزالة قدر ذلك إذا
كان على البدن والثوب، ويعتبر ذلك عنده بالدور والمساحة لا بالسمك والعلو.
وعند الزَّيْدِيَّة الاستنجاء بالأحجار سنة مع وجود الماء واجب عند عدمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب الاستنجاء من البول. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الاستنجاء بما يقوم مقام الحجر من
الطاهرات الجامدات وعند داود وأهل الظاهر وَأَحْمَد وزفر لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وبعض الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاستنجاء إلا بثلاثة أحجار أو بحجر له ثلاثة أحرف،
فيَستنجى بكل حرف منها، فإن أنقى وإلا زاد رابعة أو خامسة حتى ينقى، وعند
مالك وأهل العراق إذا أنقى بحجر واحد أجزأه. وعند داود يكفيه الإنقاء ولا
يعتبر العدد. وروى عنه أنه يعتبر العدد ولا يكفيه عنده حجر له ثلاثة أحرف
تعبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاستنجاء مستحب، ويعتبر في ذلك عنده
بالإنقاء، وبه قال زيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالجامد
النجس، ولا بالطعام، ولا بما له حرمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يجوز.
(1/51)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالعظم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك وداود
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتشر الخارج إلى باطن الأليتين لم
يجز فيه الحجر في أحد القولين، وبه قال مالك، ويجزئ في الآخر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ يكره أن يذكر الله تعالى
في الخلاء، وعند عكرمة يذكر الله تعالى بقلبه ولا يذكره بلسانه. وعند
النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ لا بأس بذكر الله تعالى في الخلاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه في أصبعه خاتم عليه اسم الله
تعالى وأراد دخول الخلاء خلعه. وعند ابن المسيب والحسن وابن سِيرِينَ يرخص
في ذلك. وعند عكرمة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يجعل فصه في كفه ويقبض عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يبول جَالِسًا، ويكره ذلك
قائمًا. وعند ابن سرِين وعروة بن الزبير وعلي وأنس وأبي هريرة وزيد بن ثابت
وابن عمر وسهل بن سعد الساعدي يبول قائمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقوم من العلماء يكره البول في المغتسل
فإن عامة الوسواس منه. وعند ابن سِيرِينَ وبعض العلماء لا يكره ذلك. وعند
ابن الْمُبَارَك لا يكره إذا جرى الماء في المغتسل.
* * *
(1/52)
باب ما يوجب الغسل
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد
وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبي
هريرة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة العلماء من الفقهاء والتابعين فمن
بعدهم أنه إذا أولج في الفرج وجب الغسل، سواء أنزل أم لم ينزل. وعند عروة
وداود وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي بن كعب ومعاذ بن
جبل وأبي أيوب الأنصاري ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري أنه لا غسل عليه
إذا لم ينزل، وقيل: إن أبيًّا وزيد بن أرقم رجعا عن ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاعتبار في الجنابة بالتقاء الختانين
وهو التحاذي لا الانضمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة جماعة منهم النَّاصِر
والمؤيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا اغتسل ثم خرج
منه المني ثانيًا وجب عليه الغسل سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن وزيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة إن
خرج قبل البول وجب إعادة الغسل، وإن خرج بعده لم يوجب وعند مالك
والزُّهْرِيّ واللَّيْث وعَطَاء وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي
يوسف لا غسل عليه، وإنَّما عليه الوضوء، سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند
المؤيد من الزَّيْدِيَّة وجماعة منهم لا يصح الاغتسال من الجنابة حتى يبول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق إذا وجد في ثوبه بللاً ولم
يذكر أنه احتلم فلا غسل
(1/53)
عليه، إلا أن يتيقن أنه مني وعند عَطَاء
والشعبي وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ وابن عباس وسفيان وَأَحْمَد يجب عليه
الغسل وعند الحسن إذا تنفس إلى أهله في أول الليل ثم وجد فلا غسل عليه، وإن
لم يكن ذلك فعليه الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
أولج ذكره في دبر بهيمة، أو في فرجها، أو في فرج امرأة ميتة، أو في دبرها
وجب عليه الغسل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خروج المني يوجب الغسل، سواء خرج بشهوة
أو بغير شهوة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يوجب الغسل، إلا إذا خرج بتدفق
وشهوة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج المني من فرج المرأة وجب عليها
الغسل. وعند النَّخَعِيّ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استدخلت المرأة المني، ثم خرج لم يجب
عليها الغسل. وعند الحسن البصري يجب عليها الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ فيما دون الفرج فسبق الماء إلى
فرج المرأة لم يجب عليها الغسل وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وعمرو بن شعيب يجب
عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحس الإنسان
بانتقال المني منه من الظهر إلى الإحليل ولم يخرج فلا غسل عليه. وعند
أَحْمَد عليه الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ماء الرجل من فرج المرأة بعد
الغسل فلا غسل عليها وعند الحسن عليها الغسل.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ولدت المرأة ولم ترى دمًا في
وجوب الغسل عليها
(1/54)
وجهان: أحدهما لا يجب، والثاني يجب، وهو
قول مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المغمى عليه لا غسل عليه إذا أفاق وعند
بعض المتقدمين عليه الغسل وعند ابن حبيب عليه الغسل إذا طال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الغسل بخروج المذي ولا بخروج
الودي، ويجب منه الوضوء وغسل الموضع الذي يصيبه لا غير. وعند مالك يجب عليه
غسل جميع الذكر، وهو رِوَايَة عن أحمد، وزاد غسل الأنثيين مع الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
إذا أسلم الكافر ولم يجب عليه في حال كفره غسل فلا غسل عليه. وعند أَحْمَد
وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وابن المنذر يجب عليه الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء إذا ارتد عن الْإِسْلَام
لم يجب عليه الغسل وعند مالك يجب عليه الغسل.
(1/55)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والصحابة
والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز
للجنب أن يقرأ شيئًا من القرآن. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ
وإِسْحَاق له قراءة صدر الآية ولا يتمها. وعند مالك يقرأ الآية والآيتين
على سبيل التعوذ وعند داود والزُّهْرِيّ وابن المسيب وابن المنذر يقرأ ما
شاء من القرآن وعند الْإِمَامِيَّة يجوز لهما قراءة ما شاءا من القرآن إلا
عزائم السجود، وهي سجدة لقمان عندهم، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة
العلق وعند ابن عَبَّاسٍ يقرأ ورده، وعند الْأَوْزَاعِيّ يقرأ آية الركوب
والنزول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق
وأكثر الصحابة والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز للحائض ولا للنفساء قراءة القرآن، وعند مالك يجوز
لهما ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن الحنفي وَمَالِك
والنَّخَعِيّ لا يكرهُ قراءة القرآن في الحمام، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا تنجس فمه، ففي تحريم القراءة
عليه وجهان، ويكره له ذلك، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وعَطَاء وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود
يجوز للجنب العبور في المسجد، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، إلا أن يحتلم فى المسجد فيعبر فيه ليخرج وعند
الثَّوْرِيّ يتيمم ثم يخرج منه وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا
(1/56)
توضأ الجنب جاز له اللبث في المسجد. وعند
الْمُزَنِي وداود لا يجوز له اللبث فيه، واختاره ابن المنذر.
* * *
(1/57)
بابُ صِفَة الغُسْلِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الواجب في غسل الجنابة النية وإيصال الماء إلى البشرة الظاهرة
وما عليها من الشعر، وما زاد على ذلك سنة وعند داود وأَبِي ثَورٍ يجب
الوضوء، واختاره أهل العلم وعند مالك والْمُزَنِي يجب إمرار اليد على ما
تعاله اليد من البدن وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب المضمضة والاستنشاق وعند
الْإِمَامِيَّة يجب ترتيب غسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس أولًا ثم الميامن
من الجسد ثم المياسر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدلك في الوضوء والاغتسال سنة وعند مالك
يجب، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر
الزَّيْدِيَّة إن أمكن تدليك الأعضاء وتنقية البدن بدون الدلك لم يجب
الدلك، وإن لم يمكن إلا بالدلك وجب الدلك وادَّعى بعض الزَّيْدِيَّة أن هذا
أحد قولين للشافعي، ولم يعرف أصحاب الشَّافِعِيّ هذا عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للمرأة ضفائر، فإن كان الماء يصل
إليها من غير نقض لم يجب عليها نقضها، وإن كان لا يصل إليها إلا بنقضها وجب
عليها نقضها وعند النَّخَعِيّ يجب عليها نقضها بكل حال، وعند أَحْمَد أن
الحائض تنقض شعرها وفي الجنابة لا تنقضه وعند الحسن وطاوس يجب عليها نقضها
في غسل الجنابة دون الحيض، كذا نقله عنهما صاحب البيان ونقل عنهما صاحب
المعتمد وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة.
(1/58)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا توضأ بدون المد، أو اغتسل بدون الصاع وأسبغ أجزأه
وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجزئه الوضوء بدون المد ولا الغسل بدون
الصاع، وبه قال عمر في الغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وسائر
الزَّيْدِيَّة أن الغسل هو ما جرى عليه الماء، والمسح هو دون ذلك وعند
أَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وأبو عبد الله الداعي
والحكم، الغسل: هو استيعاب البدن بالدلك كالدهن للأعضاء، والمسح دون ذلك،
وهو أصاب ما أصاب وأبقى ما أبقى والفرق بين المسح والغسل أن ما يكون
بالاستيعاب فهو الغسل، وما يعدم الاستيعاب فهو المسح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
يجوز أن يتوضأ الرجل والمرأة أحدهما بفضل الآخر وعند أَحْمَد وإِسْحَاق
والثَّوْرِيّ يجوز للمرأة أن تتوضأ وتغتسل
(1/59)
بفضل الرجل وبفضل المرأة، ولا يجوز للرجل
أن يتوضأ أو يغتسل بفضل المرأة إذا خلت به وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه
يكره ذلك وعند أبي هريرة أنه ينهى الرجل والمرأة عن الاغتسال من إناء واحد
وعند الحسن وسعيد بن المسيب وعبد الله بن سرجس أن المرأة تتوضأ وتغتسل بفضل
طهور الرجل، ولا يتوضأ الرجل ويغتسل بفضل طهورها وروى عن الحسن وغنيم بن
قيس أنهما قالا: لا بأس بفضل شراب المرأة وبفضل وضوئها ما لم تكن جنبًا أو
حائضًا، فإذا خلت به فلا يقربه وعند الْأَوْزَاعِيّ لا بأس أن يتوضأ كل
واحد بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهما جنبًا، أو المرأة حائضًا وعنده أنه يتوضأ
به عند عدم غيره، ولا يتيمم وعند جابر بن زيد لا يتوضأ بسؤر الحائض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يدخل الحدث الأصغر في
الأكبر، وبه قال النَّاصِر للحق من الزَّيْدِيَّة، واستحسنه غيره منهم،
وعند بعض الشَّافِعِيَّة والزَّيْدِيَّة وصححه منهم يَحْيَى أنه لا يدخل،
بل يجب إعادة الوضوء إذا أراد الصلاة عقيب الاغتسال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع على المرأة غسل جنابة وغسل حيض
كفاها لهما غسل واحد وعند داود تحتاج إلى غسلين، وكذا عند الحسن
والنَّخَعِيّ وعَطَاء في إحدى الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يندب للمغتسل تأخير غسل الرجلين إلى
آخر الغسل فيه
(1/60)
قَوْلَانِ وعند أَبِي حَنِيفَةَ يندب له
ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أحدث في أثناء الغسل
لا يلزمه استئناف الغسل وعند الحسن البصري يلزمه ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الكتابية إذا كانت تحت مسلم أجبرها
على غسل الحيض، ولا يجبرها على غسل الجنابة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجبرها
على واحد منهما وعند الْأَوْزَاعِيّ يجبرها على الغسلين جميعًا، ورواه ابن
المنذر عن الشَّافِعِيّ، وليس بمعروف عن الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اغتسل الجنب أجزأه عن الوضوء وعند
أَبِي ثَورٍ وداود لا يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب غسل داخل اللحية في الجنابة وعند
مالك في رِوَايَة لا يجب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الوضوء والشرب بسؤر الحائض وعند
النَّخَعِيّ يكره الشرب ولا يكره الوضوء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن
الْمُبَارَك وعلي وابن عباس وأبي سعيد وشداد بن أوس وعائشة يستحب للجنب إذا
أراد النوم أن يتوضأ وعند سعيد بن المسيب وأهل الرأي إن شاء توضأ، وإن شاء
لم يتوضأ.
(1/61)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا توضأ الجنب لم يجز له اللبث في المسجد وعند أَحْمَد يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر يستحب للجنب إذا أراد أن
يأكل أو يشرب أن يتوضأ، وبه قال ابن عمر، إلا أنه قال: لا يغسل قدميه وعند
مجاهد والزُّهْرِيّ يغسل كفيه وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق
وأهل رأى يغسل كفيه ويتمضمض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا وطئ ثم أراد العود قبل
الغسل فلا بأس به وعند عمر وابن عمر إذا أراد العود توضأ وعند أَحْمَد
يعجبه أن يتوضأ فإن لم يفعل فلا بأس به، وبه قال إِسْحَاق، وقال لابد من
غسل فرجه.
* * *
(1/62)
باب التيمم
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي والحسن وإبراهيم وَمَالِك في
رِوَايَة والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وسفيان وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ أن التيمم هو مسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين
فصاعدًا، وبه قال ابن عمر وجابر، وهو رِوَايَة عن علي، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد بالله، وكذا القاسم على الصحيح من مذهبه
وعند الزُّهْرِيّ أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المنكبين وعند ابن
سِيرِينَ وابن المسيب أنه ضربة للوجه وضربة للكفين وضربة للذراعين وعند
عَطَاء ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ والشعبي َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وابن
جرير وعلي وعمار وابن عَبَّاسٍ ضربة واحدة للوجه واليدين إلى الكفين،
واختاره ابن المنذر من الشَّافِعِيَّة وعند علي أنه ضربة للوجه وضربة
لليدين إلى الكفين، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك، وهذا قول قديم للشافعي،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والنَّاصِر، وكذا القاسم في
رِوَايَة عنه
(1/63)
وعند مالك أيضًا الاختيار ضربتان: ضربة
للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فإن اقتصر على ضربة واحدة للوجه واليدين
واقتصر على مسحهما إلى الكوعين جاز وعند الْإِمَامِيَّة هو مسح الوجه إلى
طرف الأنف من غير استيعاب له ومسح ظاهر الكف، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ في
الاقتصار على ظاهر الكف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التيمم ضربتان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه ثلاث ضربات، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
يَحْيَى والمؤيد والقاسم وعند الْإِمَامِيَّة أنه ضربة واحدة، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة الصادق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وعامة
العلماء يجوز التيمم عن الحدث الأصغر والأكبر، وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ
وابن ياسر وأبي موسى الأشعري وعند النَّخَعِيّ أنه لا يجوز التيمم للحدث
الأكبر، وبه قال عمر وابن مسعود، وقيل: إنهما رجعا عن ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح التيمم بتراب مستعمل وعند أصحاب
أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن الجنب إذا وجد الماء
بعد التيمم لزمه
(1/64)
استعماله وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه
لا يلزمه استعماله بل يصلي بتيممه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يصح التيمم عن النجاسة،
فإذ لم يجد الماء صلى على حسب حاله وأعاد وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي
وعند أَحْمَد يصح التيمم عنها إذا كان متطهرًا ويصلي ولا يعيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود وأَبِي يُوسُفَ لا يجوز
التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يَعْلَقُ بالوجه واليدين وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز التيمم بالتراب، وبكل ما كان من جنس الأرض، كالكحل والنورة
والزرنيخ والحصى، والغبار عنده ليس بشرط، بل لو ضرب يده على صخرة ملساء أو
حائطًا أملس أجزأه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ولا يُجزئه أيضًا عنده
التيمم بالشجر والذهب والفضة والحديد والرصاص وعند مالك يجوز التيمم
بالأرض، وبما كان متصلاً بها أو غير متصل وهذا أعم المذاهب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التيمم بتراب خالطته نجاسة وعند
داود أنه إذا لم يتغير بالنجاسة صح التيمم به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التيمم بالتراب السبخ وعند إِسْحَاق
لا يجوز، وبه قال بعض الناس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب بيده على
ثيابه أو على أداته أو ظهره فعلق بهما غبار فتيمم به صح وعند أَبِي يُوسُفَ
وَمَالِك لا يصح.
(1/65)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ أن التيمم لا يرفع الحدث وعند الكرخي وداود وأصحابه وبعض
أصحاب مالك أنه يرفع الحدث، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ أنه لا يصح التيمم إلا بالنية وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن بن
صالح يصح بغير نية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والهادي من الزَّيْدِيَّة لا يصح التيمم
للفريضة إلا بنية الفريضة وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح للفريضة بنية استباحة
الصلاة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا بقي في التيمم
لمعة من وجهه يمر التراب عليها لا يصح تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا مسح
أكثر وجهه صح تيممه، وبه قال من
(1/66)
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند سليمان بن
داود هو كمسح الرأس إذا لم يصب بعض وجهه بعض بدنه أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للمسافر الذي لا ماء معه وللمُغرب في
إبله أن يجامع أهله وإن لم يكن معه ماء، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وعند علي
وابن عمر وابن مسعود أنه ليس له أن يصيب أهله وعند مالك يستحب له أن لا
يصيب أهله إلا ومعه الماء وعند الزُّهْرِيّ المسافر لا يصيب أهله، والمغرب
يصيبهم وعند عَطَاء إن كان بينه وبين الماء أربعة أيام فأكثر فله أن يصيب
أهله، وإن كان بينه وبين الماء ثلاثة أيام فما دونها فليس له إصابتهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيمم
للفريضة معتقدًا أنه محدث، ثم ذكر أنه كان جنبًا أجزأه وعند مالك وَأَحْمَد
لا يجزئه وعند الحنفية رِوَايَتَانِ كالمذهبين وعند ابن القصَّار أنه
يجزئه، وإن فعل ذلك ذاكرًا للجنابة ففيه رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا
يصح التيمم للصلاة إلا بعد دخول وقتها وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح
ذلك قبل دخول وقتها
(1/67)
وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح التيمم إلا عند
ضيق الوقت والخوف من فوت الصلاة متى لم يتيمم، فإن عدمه على الوقت لم يجز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز التيمم للنافلة وعند
أبي مخرمة وأصحابه لا يتيمم إلا للمكتوبة وكره الْأَوْزَاعِيّ أن يمس
المصحف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نوى بتيممه
صلاة النافلة لم يستبح الفرض وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستبيح بذلك الفرض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم للفريضة صلى الفريضة وما شاء من
النوافل قبلها وبعدها، وفيه قول أنه لا يصلي قبلها، وهو قول مالك وَأَحْمَد
وعند مالك يجوز أن يصلي عقبيها، ولا يصلي إن أخرها عن الفريضة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم إلا لعادم الماء والخوف من استعماله وأما
الواجد له القادر على استعماله فلا يصح تيممه، سواء خاف أو لم يخف وعند
مالك أيضًا رِوَايَة أنه يصلي بالتيمم ويعيده وعند أَبِي حَنِيفَةَ
(1/68)
إذا خاف فوت صلاة الجنازة أو العيد جاز له
التيمم لهما، وإن كان واجدًا للماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم
لعادم الماء إلا بعد الطلب وإعواز الماء، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد وعن
أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يحتاج إلى الطلب، بل إذا كان
مسافرًا لا يعلم وجود الماء جاز له التيمم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب إلا في مواضعه وحواليه،
فإن أخبر بموضع الماء وجب عليه المضي إليه إذا لم يخف فوت الرفقة وخروج
الوقت وأمن على نفسه ورحله وعند ابن عمر أنه إذا كان الماء منه على غلوتين
عدل عنه ولم يمض إليه ويتيمم وعند الْأَوْزَاعِيّ ينتاب الماء على غلوتين
من طريقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب أنه إذا عدم الماء بعد
الطلب جاز له التيمم والصلاة، سواء علم وجود الماء آخر الوقت أم لا وعند
الزُّهْرِيّ لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف فوت الوقت قبل وجود الماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لم يجد الجنب الماء
إلا في المسجد جاز له الدخول وإخراجه والاغتسال خارج المسجد، وجاز له
الاغتسال في المسجد وعند الزَّيْدِيَّة يجب عليه التيمم خارج المسجد، ثم
يدخل المسجد لاستقاء الماء ويغتسل خارجه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ
وَأَحْمَد في أصح الروايتين
(1/69)
وَمَالِك في رِوَايَة أنه إذا عدم الماء
والتراب، أو وجدهما وهما نجسان وجب عليه أن يصلي على حسب حاله ويعيد وعند
مالك في رِوَايَة أخرى وداود لا يجب عليه أن يصلي ولا يقضي وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يحرم عليه أن يصلي، ولكن يقضي،
وأصح الروايتين عن أَحْمَد أنه يصلي ولا يعيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وُهِبَ لعادم الماء
ثمنه، أو وهب للعاري السترة لم يلزمه قبوله، وكذا لو وهب له مالاً ليقضي به
دينه لم يلزمه قبوله، وبهذا قال بعض الزَّيْدِيَّة، وهو الظاهر من مذهبهم
وعند مالك يلزمه القبول في ذلك كله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
للحق، وبعض الشَّافِعِيَّة في مسألة السترة لا غير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا خاف من استعمال
الماء تلف نفس أو عضو، أو حدوث مرض يخاف منه ذلك جاز له التيمم مع وجود
الماء وعند عَطَاء والحسن أنه لا يجوز له التيمم مع وجود الماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض بدنه صحيحًا وبعضه جريحًا
غسل الصحيح،
(1/70)
ويتيمم عن الجريح ولا إعادة عليه وعند
أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الصحيح أكثر اقتصر على غسله ولا يلزمه التيمم، وإن
كان الجريح أكثر اقتصر على التيمم ولا يلزمه غسل الصحيح وعند مالك إن كان
أكثر أعضائه جريحًا يتيمم وأجزأه عن الغسل، وإن كان أكثرها صحيحًا فغسل
الصحيح، ومسح على العصائب والجبائر المشدودة على جراحه وقروحه أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يخف من المرض تلف نفس ولا عضو
ولكن يخاف إبطاء البرء، فقَوْلَانِ: أصحهما يجوز له التيمم، وبه قال مالك
وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والثاني لا يجوز له ذلك، وبه قال
أَحْمَد وعَطَاء والحسن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد إذا لم يجد المريض من يناوله الماء صلى على حسب حاله وأعاد ولا
يتيمم، وإذا لم يستطع أن يتوضأ بنفسه وضَّأه غيره، وإن لم يجد من يوضئه صلى
وأعاد ولا يتيمم وعند مالك والثَّوْرِيّ إذا لم يجد من يناوله الماء تيمم
وصلى ولا يعيد، واختاره الْمُزَنِي والطحاوي وعند الحسن إذا لم يجد من
يوضئه وخاف خروج الوقت تيمم وعند إِسْحَاق وأصحاب الرأي إذا لم يستطع
المريض الوضوء بنفسه يتيمم وعند زفر لا يتيمم ولا يصلي حتى يجد الماء، وهي
رِوَايَة شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ.
(1/71)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
والنَّخَعِيّ وقتادة ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلي وابن
عَبَّاسٍ وابن عمر وعبد اللَّه بن عمرو وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه ليس
للمتيمم أن يصلي بتيمم واحد فريضتين من فرائض الأعيان، سواء كان ذلك في وقت
أو وقتين، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة، ومنهم النَّاصِر، وزيد بن علي،
والصادق، والباقر وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي وَأَحْمَد في
رِوَايَة والثَّوْرِيّ وداود والحسن وابن سِيرِينَ ويزيد ابن هارون له أن
يصلي بذلك ما شاء من الفرائض إلى أن يحدث كالوضوء، وبه قال النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة على الصحيح من مذهبه وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد له أن يجمع
بين فوائت في وقت، ولا يجمع بين فرائض في أوقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن يصلي بتيمم واحد
ما شاء من النوافل، وصل بعضها ببعض، أو قطع بعضها عن بعض وعند مالك إذا قطع
بعضها عن بعض لم يجز أن يصلي بتيمم واحد، ويعيد لكل صلاة تيمم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا تيمم لعدم الماء
ثم وجده، أو توهم وجوده قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه وعند أبي سلمة بن
عبد الرحمن أنه لا يبطل.
(1/72)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
يُوسُفَ وكذا أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أن المتيمم إذا عدم الماء في
الحضر تيمم وصلى وأعاد وعند زفر أنه لا يصلي، وهي الرِوَايَة الأخرى عن
أَبِي حَنِيفَةَ وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي
والطحاوي يصلي ولا يعيد واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المتيمم في السفر
الطويل لعدم الماء إذا صلى ثم وجد الماء لا يعيد الصلاة وعند طاوس عليه أن
يتوضأ ويعيده وعند مالك والحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والقاسم بن
مُحَمَّد والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ ورَبِيعَة أنه يعيد إذا كان الوقت
باقيًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وداود أن المتيمم في السفر
الطويل لعدم الماء إذا وجده وهو في الصلاة لا تبطل صلاته، وهي رِوَايَة عن
أَحْمَد وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وكذا ابن سريج من
الشَّافِعِيَّة أنها تبطل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا
حَنِيفَةَ يقول: لا تبطل صلاة الجنازة والعيدين، ولا تبطل الصلاة عنده
بروثة
(1/73)
سؤر البغل والحمار وعند الْأَوْزَاعِيّ
تصير صلاته بديلاً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ من سبقه الحدث
في صلاة العيد توضأ واستأنف وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يتيمم ويبني عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد بعض ما يكفيه من الماء هل يلزمه
استعماله؟ فيه قَوْلَانِ: القديم: لا يلزمه ذلك، وبه قال مالك وأبو
حَنِيفَةَ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وداود والْمُزَنِي وبعض الزَّيْدِيَّة
والقول الجديد الصحيح يلزمه ذلك، وبه قال أحمد ومعمر بن راشد والحسن بن
صالح وعَطَاء وسائر الزَّيْدِيَّة وعند الحسن البصري وعَطَاء أيضًا إذا وجد
من الماء ما يكفيه لوجهه ويديه غسلهما به وأغناه عن التيمم وعند عَطَاء
وحده إذا كان معه ما يكفي وجهه غسله، ومسح بدنه بالتراب، وأجزأه وعند أحمد
أيضًا الجنب يستعمل الماء ولا يستعمله المحدث، ومن أصحابه من سوى بينهما
وعند أصحاب الظاهر رِوَايَتَانِ كالقولين.
(1/74)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن من
نسي الماء في رحله ثم تيمم وصلى هل يجزئه؟ قَوْلَانِ: القديم يجزئه، وبه
قال مالك وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وداود والقول الجديد لا يجزئه، وبه قال
أَحْمَد وأبو يوسف وَمَالِك في رِوَايَة أخرى، والمؤيد من الزَّيْدِيَّة
وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن كان في الوقت أعاد، وإن كان بعده
لم يعده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم علم أن في رحله ماء،
فقَوْلَانِ: أحدهما: يعيده، وبه قال أبو يوسف وَأَحْمَد وكذا مالك إذا كان
في الوقت، والثاني: لا يعيد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تيمم ولم يذكر
الجنابة صح تيممه، وعند مالك لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المتيمم إذا وجد الماء في آخر الوقت
فهل له الأفضل التقديم أو التأخير؟ قَوْلَانِ: أصحهما التقديم له أفضل
والثاني: التأخير أفضل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ
وَأَحْمَد وعلى رضي الله عنه وعند مالك يتيمم في وسط
(1/75)
الوقت لا يعجله ولا يؤخره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع ميت وجنب وحائض وهناك ماء مباح
أو للغير، وأراد أن يجود به على أحدهما والماء لا يكفي إلا لأحدهما فالميت
أولى وعند أبي حَنِيفَةَ الحي أولى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المرض اليسير لا يبيح
التيمم وعند داود وبعض المالكية أنه يبيحه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم لأجل البرد في الحضر وجبت
الإعادة، وإن كان في سفر طويل فقَوْلَانِ في الإعادة وعند عَطَاء والحسن لا
يتيمم ويغتسل وإن مات وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد
وَمَالِك لا إعادة عليه.
(1/76)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد الماء في الحضر تيمم وصلى وأعاد: وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يؤخر الصلاة إلى أن يجد الماء ولا يتيمم، فإن صلى بالتيمم لم
يعد. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء المسح على الجبائر مشروع،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وعند الظاهر من الزَّيْدِيَّة
أنه لا يمسح عليها، واختاره منهم المؤيد بالله.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يقتصر في المسح على الجبائر على ما
يقع عليه الاسم في وجه، ويجب الاستيعاب في الوجه الثاني، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الماسح على الجبيرة إذا وضعها على غير
طهر أعاد، وإن وضعها على طهر ففي الإعادة قَوْلَانِ: أحدهما: يلزمه،
والثاني: لا يلزمه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند
أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة والْمُزَنِي لا يعيد بحال وعند أكثر العلماء
وكذا أَحْمَد وَمَالِك في روايتهما لا تعتبر الطهارة في وضعها، ولا يصلي
ولا يعيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من تيمم وهو محبوس في
مصر فعليه الإعادة إذا قدر على الماء وعند مالك لا إعادة عليه، وهو
رِوَايَة أخرى عن أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم نزع الخف لا يبطل تيممه وعند
أَحْمَد يبطل تيممه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الطهارة شرط في صلاة الجنازة، ولا يجوز
أن يتيمم لها في
(1/77)
الحضر مع وجود الماء، وإن خيف فواتها مع
الإمام لو اشتغل بالوضوء، بل يتوضأ ويصليها منفردًا، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة يَحْيَى على الصحيح في مذهبه وعند الشعبي وابن جرير ليس من
شرطها الطهارة وعند اللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز التيمم لها إذا خيف فواتها مع الإمام، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن والنَّخَعِيّ
والزُّهْرِيّ ويَحْيَى بن سعيد ورَبِيعَة وسعد بن إبراهيم إذا حضرت الجنازة
ولم يكن على طهارة تيمم لها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف الحاضر خروج الوقت إذا ذهب إلى
الماء لم يجزئه التيمم، ويلزمه المضي إليه وإن خرج الوقت وعند
الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يتيمم ويصلي، وحكى ذلك عن مالك، إلا أنه يحكى
عنه أنه يعيد إذا توضأ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بذل له الماء بأكثر من ثمن المثل لم
يلزمه شراؤه، وكان له أن يتيمم قلَّت الزيادة أو كَثرت وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إن كانت الزيادة قليلة لزمه الشراء، وإن كانت كثيرة
لم يلزمه وعند الحسن إذا لم يجده إلا بماله كله وجب عليه شراؤه وعند مالك
إن كان مضيَّقًا لم يلزمه شراؤه إذا أغلى عليه، وإن كان متسعًا لزمه شراؤه
ما لم يجحف بماله وعند أَحْمَد يلزمه شراؤه إن كان متسعًا، إلا أن يخاف على
نهبته فلا بأس وعن أَحْمَد أيضًا رِوَايَة لا يلزمه الشراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف فوات صلاة العيد مع الإمام لو
اشتغل بالوضوء لم يجز له التيمم، بل يتوضأ ثم يصليها منفردًا، وهذا هو
الصحيح من مذهب يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه
يتيمم لها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة.
* * *
(1/78)
باب الحيضِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على الحائض قراءة القرآن وعند مالك
لا يحرم عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي
يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز مباشرة الحائض فيما بين السرة
والركبة وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والصحابة
والتابعين وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن الحسن وأصبغ المالكي وداود وابن
المنذر والنَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء وعكرمة والحكم أنه يجوز، وهو قول أبي
إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
ورَبِيعَة واللَّيْث بن سعد
(1/79)
وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَأَحْمَد في رِوَايَة أن زوج الحائض إذا وطئها وهو عالم بتحريمه فلا شيء
عليه سوى الاستغفار لأنه كبيرة، وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن
وسعيد بن جبير وَأَحْمَد إن كان ذلك في أول الدم لزمه أن يتصدق بدينار، وإن
كان فى آخره فبنصف دينار، وإن كان في وسطه فبثلثي دينار، وهو قول قديم
للشافعي وعند الْإِمَامِيَّة يتصدق بدينار، وفي وسطه بنصف دينار، وفي آخره
بربع دينار وعند محمد ابن الحسن يتصدق بدينار أو بنصف دينار وعند بعض
الْإِمَامِيَّة أيضًا أنه يلزمه أن يتصدق بثلاثة أمداد من طعام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هذا الدينار هو مثقال الْإِسْلاَم وعن
الحسن البصري وعَطَاء وسعيد بن جبير يجب في ذلك ما يجب على المجامع في
رمضان، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة الخراسانيين، كذا نسبه إليهم صاحب
الشاشي، ونسبه صاحب المعتمد إلى عَطَاء الخراساني، وهذه النسبة الأخيرة هي
الصواب إن شاء الله تعالى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ
وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ
(1/80)
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طهرت الحائض لا
يحل وطؤها حتى تغتسل وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع دمها لأكثر الحيض جاز
وطؤها قبل الاغتسال، وإن انقطع لدون ذلك لم يحل وطؤها حتى تغتسل وعند داود
والْأَوْزَاعِيّ إذا غسلت فرجها حل وطؤها وعند جماعة من أهل الظاهر إذا
طهرت حل وطؤها، وإن لم تمس الماء، وبه قالت الشيعة الْإِمَامِيَّة وعند
طاوس ومجاهد وعَطَاء إذا توضأت حل وطؤها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم تجد الماء تيممت وحل
وطؤها وعند مَكْحُول وَمَالِك لا يحل وطؤها بالتيمم وعند أَبِي حَنِيفَةَ
لا يحل وطؤها حتى تصلي به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحيض له سن مخصوص وقدر مخصوص والمرجع
فيه إلى الوجود وعند بعض الناس لا يرجع في ذلك إلى الوجود.
مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن أقل الحيض يوم وليلة، وبه قال أحمد
(1/81)
والطريقة الثانية في مذهب الشَّافِعِيّ أنه
يوم، وهو قول داود وأَبِي ثَورٍ وعَطَاء بن أبي رباح وعند الثَّوْرِيّ
وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة ثلاثة أيام وهذا هو الأصح عند الزَّيْدِيَّة
وعن أَبِي يُوسُفَ يومان، وعند مالك وداود أيضًا وجماعة من الزَّيْدِيَّة
ليس لأقله حد ويجوز أن يكون ساعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وداود
والْأَوْزَاعِيّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة الزَّيْدِيَّة عشرة
أيام وعند سعيد بن جبير تسعة عشر يومًا وهي رِوَايَة أيضًا عن مالك
وَأَحْمَد وعن مالك رِوَايَة أيضًا أنه لا حد لأكثره وعند مَكْحُول والشعبي
أكثره سبعة أيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن مسلمة
المالكي أن أقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يومًا وعند عبد الملك
الْمَاجِشُون خمسة أيام وعند أَحْمَد ثلاثة أيام، وعنه ثلاثة عشر يومًا
وعند يَحْيَى بن أكثم سبعة عشر يومًا وعند
(1/82)
ابن حبيب المالكي والْإِمَامِيَّة
والزَّيْدِيَّة عشرة أيام وعند مالك أنه لا يعلم بين الحيضتين وقتًا يعتمد
عليه وروى عن ابن القاسم أنه قال: ما تعلم النساء أزمنة تكون طهرًا أو أن
الخمسة والسبعة لا تكون طهرًا وحكى عن مالك أيضًا أن أقله خمسة أيام وعند
بعضهم أقله ثمانية أيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الدم الذي تراه الحامل قَوْلَانِ:
أصحهما أنه حيض، وبه قال مالك، والثاني: دم فساد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت يومًا وليلة دمًا ويومًا وليلة
نقاءً لم تعتبر الخمسة عشر فقَوْلَانِ: أصحهما أن الجميع حيض، وهو قول
أَبِي حَنِيفَةَ، وأهل العراق والثاني أيام النقاء طهر، وهو قول مالك
وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصفرة والكدرة في أيام العادة أو
غيرها حيض وعند أبي ثور إن تقدم الصفرة أو الكدرة دم أسود كانت حيضًا وعند
أَبِي يُوسُفَ الصفرة حيض
(1/83)
والكدرة إن تقدمها دم أسود فهي حيض وعند
داود لا تكون الصفرة والكدرة حيضًا بحال وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن
كان في أيام الحيض فهو حيض بكل حال، وإن لم يكن فيها فليس بحيض، وكذا في
أيام إمكان الحيض، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد ويَحْيَى
وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة إن كان فيما بين دفعات الدم كان حيضًا وإن لم
يكن بين دفعاتها لم يكن حيضًا وعند النَّاصِر منهم إن كان في أيام الحيض
التي هى أيام العادة كان حيضًا، وإن كان ذلك في أيام الإمكان كان فيه
التفصيل الذي ذكره القاسم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المبتدأة وهي التي ترى الدم أول ما
طرقها بصفة واحدة، وغير الخمسة عشر يومًا فيها قَوْلَانِ: أحدهما ترد إلى
أقل الحيض، وهو يوم وليلة، وبه قال زفر وأبو ثور، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة
والثاني إلى غالبه وهو ست أو سبع، وهو الصحيح، وبه قال الثَّوْرِيّ وعَطَاء
والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يرد إلى أكثر الحيض، وهي عشرة أيام، وهي رِوَايَة ثالثة عن أَحْمَد وعند
أَبِي يُوسُفَ يؤخذ في الصلاة والصوم بأقل الحيض، وفي تحريم الوطء بأكثر
الحيض وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن ترد إلى عادة لداتها والثانية إلى
عادة نسائها،
(1/84)
وتستطهر بعد ذلك بثلاثة أيام ما لم يجاوز
مجموع ذلك خمسة عشر يومًا والثالثة أنها تقعد خمسة عشر يومًا، وهذه
الرِوَايَة تجرى في المعتادة التي لا تمييز لها، وهي رِوَايَة عن أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت الحائض واغتسلت ثم رأت بعد يوم
أو أيام دمًا فهو حيض ما لم يجاوز خمسة عشر يومًا وعند عَطَاء وأَبِي ثَورٍ
وَأَحْمَد لا تدع الصلاة وتفعل ما تفعل المستحاضة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه أن لانقطاع الدم غاية، وهو خمسة
عشر يومًا وعند أَحْمَد ما زاد على الستين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أن المستحاضة المميزة، وهي التي
ترى الدم وتجاوز الخمسة عشر، وكان في مدة الخمسة عشر على لونين قوى وضعيف،
فإنها تحيض أيام القوى بشرط أن لا تنقص القوى عن أقل الحيض، ولا يزيد على
أكثره وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لا اعتبار بالتمييز، وإنما الاعتبار
بالعادة، فإن لم يكن لها عادة ردت إلى أكثر الحيض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت العادة في قدر الحيض بمرة على
الصحيح والثاني تثبت بمرتين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المستحاضة المعتادة
التي لا تمييز لها ترد إلى عادتها وعند مالك لا اعتبار بالعادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة إذا كان عادتها أن تحيض
الخمس الثانية من الشهر، فرأت الدم في أيام عادتها، وخمسًا قبلها، وخمسًا
بعدها أن الجميع حيض وعند أبي حَنِيفَةَ الخمسة التي بعدها حيض، والتي
قبلها لا تكون حيضًا، إلا أن تتكرر وعند أحمد الذي تراه قبل العادة أو
بعدها لا يكون حيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة المميزة ترد إلى التمييز على
الصحيح، وبه قال
(1/85)
مالك والْأَوْزَاعِيّ والثاني: ترد إلى
العادة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعَطَاء والشعبي وداود أن أكثر
النفاس ستون، وغالبه أربعون يومًا وعند ابن سريج وأبي علي الطبري
الشَّافِعِيّين أكثره أربعون يومًا، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وإِسْحَاق واللَّيْث بن سعد وأبو عبيد وأكثر الفقهاء وابن
الْمُبَارَك، واختاره الْمُزَنِي وعند الحسن البصري خمسون يومًا وعند ابن
عمر وابن
(1/86)
عبَّاس وعثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك
وعائذ بن عمرو وأم سلمة وَمَالِك في رِوَايَة تجلس أقصى ما تجلس النساء،
ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة منهن وعند قتادة وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ تقعد
كامرأة من نسائها وعند الضحاك ينتظر إذا ولدت سبع ليال أو أربع عشرة، ثم
تغتسل وتصلي وعند أهل دمشق أن النفاس من الغلام ثلاثون ليلة، ومن الجارية
أربعون ليلة وعند بعض الناس سبعون يومًا وعند الْإِمَامِيَّة ثمانية عشر
يومًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لأقل النفاس حد، وقد تلد المرأة ولا
ترى الدم وعند الثَّوْرِيّ أقله ثلاثة أيام وعند أَبِي يُوسُفَ أقله أحد
عشر يومًا؛ ليزيد أقله على أكثر الحيض عنده وعند أَبِي حَنِيفَةَ أقله خمسة
عشر يومًا وعند الحسن إذا رأت النفساء الطهر بعد عشرين يومًا فإنها طاهر
فتصلي وعند الضحاك إذا رأت النفساء الطهر في سبعة أيام اغتسلت يوم السابع
وصلت.
(1/87)
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
إذا ولدت توأمين بينهما الدم فثلاثة أوجه: أحدها يعتبر أول النفاس وآخره
بالولد الأول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأبو يوسف الثاني: يعتبر أول
النفاس وآخره بالثاني، وهو الصحيح، وبه قال مُحَمَّد وزفر. والثالث يعتبر
ابتداؤها من الأول ثم تستأنف المدة من الثاني.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم
طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت يومًا وليلة دمًا فوجهان: أحدهما أن الدم
الأول نفاس. والثاني حيض وما بينهما طهر، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وسائر
الزَّيْدِيَّة. والثاني أن الجميع نفاس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي
والنَّاصِر للحق وعند أَحْمَد الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه، فتصوم
وتصلي ولا يطأها الزوج، وتقضي الصوم والصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء يومًا وليلة دمًا، ثم
طهرت ثلاثة عشر يومًا ونصفًا، ثم رأت الدم نصف يوم، فإنه يضم إلى الأول
وعند أَحْمَد أن الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه فتصوم وتصلي، ولا
يأتيها زوجها، وتقضي الصوم والصلوات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت النفساء واغتسلت ثم رأت الدم في
زمان النفاس كان نفاسًا وعند مالك إن كان الدم الثاني بعد الطهر بيوم أو
يومين وثلاثة ونحو ذلك كان ذلك نفاسًا، وإن تباعد ما بين الدمين كان حيضًا
وعند أَبِي ثَورٍ إن رأت الدم بعد الطهر بأيام كان دم فساد، ولا تدع الصلاة
إلى خمسة عشر ليلة، وإن رأت بعدها دمًا فهو دم حيض.
مسألة: ومذهب الشَّافِعِيّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم طهرت خمسة عشر
يومًا، ثم رأت ساعة دمًا فوجهان: أحدهما أنه نفاس، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ
وأَبِي يُوسُفَ
(1/88)
والثاني أنه دم فساد؛ وهو قول زفر ومحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقطع دم النفساء لدون الستين ثم
عاد، فإن كان ما بينهما من النقاء مدة طهر كامل فالأول نفاس، والثاني حيض،
والنقاء بينهما طهر، وإن كان ما بينهما ليس بطهر صحيح فالأول والثاني نفاس،
وما بينهما فيه قَوْلَانِ، بناءً على الطهر بين دمي الحيض وعند أَحْمَد
الأول نفاس والثاني مشكوك فيه، وما بينهما من النقاء طهر وعند أَبِي
حَنِيفَةَ الجميع نفاس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقطع دم
النفاس لدون أربعين يومًا لم يكره وطؤها وعند أَحْمَد وعلي وابن عَبَّاسٍ
وعائذ بن عمرو يكره واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: لا يتعجل وطئها،
وعند الهادي والقاسم والمؤيد لا يتعجل وطئها حتى يكمل طهرها عشرًا، فإذا
مضت العشر فحينئذ يطأها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك
وعلي وعائشة وابن مسعود وابن عبَّاس وسائر الصحابة والتابعين أن المستحاضة
غير المتحيرة لا يجب عليها إلا غسل واحد عندما يحكم لها بانقطاع دم الحيض،
وأنما يجب عليها الوضوء وعند ابن عمر وابن الزبير يجب عليها أن تغتسل لكل
صلاة، وهو رِوَايَة أيضًا عن علي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعند عائشة في
رِوَايَة عنها أنها تغتسل لكل يوم غسلاً واحدًا وعند ابن المسيب والحسن
تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ أن المستحاضة لا يجوز لها
أن تصلي بالوضوء أكثر من فريضة واحدة وما شاءت من النوافل، سواء كان ذلك في
وقت أو وقتين وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز لها أن تجمع بين فرضين في
وقت واحد، وتبطل طهارتها بخروج
(1/89)
وقت الصلاة وعند أَحْمَد تبطل طهارتها
بدخول الوقت وعند رَبِيعَة وَمَالِك لا وضوء على المستحاضة وعند
الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث تجمع في طهارتها بين الظهر والعصر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة مفروضة وعند
أَحْمَد تتوضأ لكل صلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن طهارة المستحاضة لا تصح إلا بعد دخول
الوقت وعند أبي حَنِيفَةَ تصح إذا لم يكن ذلك وقت صلاة، فإن كان وقت صلاة
بأن توضأت لصلاة العصر عند صلاة الظهر وأرادت أن تصلي بهذا الوضوء العصر لم
يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يجوز لزوج المستحاضة وطؤها، وإن كان الدم جاريًا وعند الحكم
وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ لا يجوز له وطؤها وعند أَحْمَد لا يجوز له
وطؤها إلا أن يخاف على نفسه العنت.
(1/90)
بابُ إِزَالة النَّجَاسَاتِ
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن بول بني آدم وعذرتهم
نجسة. وعند داود بول الغلام الذي لم يطعم الطعام طاهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وعمر وابن عَبَّاسٍ يجب غسل
المذي وعند أَحْمَد يجزئ فيه النضح، والغسل مستحب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والْأَوْزَاعِيّ أبوال البهائم،
وأوراثها نجسة، سواء في ذلك ما يؤكل وما لا يؤكل. وعند النَّخَعِيّ أبوال
البهائم كلها طاهرة وعند مالك
(1/91)
والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وزفر
بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، وهذا وجه لبعض الشَّافِعِيَّة، وعند اللَّيْث
ومُحَمَّد بوله طاهر وروثه نجس وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل نجس إلا ذرق
الحمام والعصافير وما لا يمكن الاحترار منه فإنه طاهر وعند اللَّيْث بن سعد
ومُحَمَّد بن الحسن بول ما يؤكل لحمه طاهر، وروثه نجس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذرق الطيور نجسة وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد طاهر، إلا أن مالكًا يقول: إذا أكلت الخرء فأصاب الثوب
من ذرقها أعاد الصلاة في الوقت استحسانًا وعند الحسن لا تعاد الصلاة من خرء
الدجاج وعند أبي جعفر والحكم وحماد أنه يرخص في ذرق الطير وعند أكثر
الزَّيْدِيَّة خرء الدجاج والبط والأوز نجس وعند يَحْيَى منهم أنه طاهر،
إلا خرء الجلَّالة التي تأكل النجاسات فإنها نجس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البلغم الخارج من المعدة نجس وعن
أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد طاهر، كذا نقله صاحب البيان، والشاشي وصاحب المعتمد،
والشيخ أبي إِسْحَاق في كتب الخلاف ونقل الشيخ أبي علي في شرح التلخيص في
ذلك وجهين، والأظهر أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثاني أنه نجس،
وهو قول أَبِي يُوسُفَ.
مسألة: عن الشَّافِعِيّ المشهور أن مني الآدمي طاهر ما لم يصبه نجاسة، وبه
قال من
(1/92)
الصحابة ابن عَبَّاسٍ وسعد بن أبي وقاص
وعائشة، وبه قال داود، وهو أظهر الروايتين عند أَحْمَد وعند مالك
والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة هو نجس يجب غسله رطبًا ويابسًا وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وإِسْحَاق هو نجس يجب غسله إن كان رطبًا، وإن كان يابسًا أجزأه
الفرك، وهذا هو الرِوَايَة الأخرى عن أَحْمَد وعند الحسن بن صالح أنه لا
تعاد الصلاة من المني فى الثوب، وتعاد في المني في البدن وإن قل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الآدمي لا ينجس بالموت على أصح
القولين، والقول الثاني أنه ينجس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ غير أنه يطهر
بالغسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جميع الدماء نجسه،
وكذا دم السمك على وجه، وبه قال أبو يوسف في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والمؤيد والوجه الثاني: أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ
ومحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيّ ومن الزَّيْدِيَّة جماعة دم ما
لا نفس له سائلة كالنمل والبراغيث والبق طاهر في إحدى الروايتين عن أحمد
وعند أكثر الزَّيْدِيَّة هو نجس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة الخمر نجسة وعند
اللَّيْث ورَبِيعَة والحسن
(1/93)
البصري والْإِمَامِيَّة هي طاهرة، وإن حرم
شربها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النبيذ نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ طاهر،
وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعروة بن
الزبير وعمر وعمرو بن العاص وأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد في إحدى الروايتين
والقاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة أن الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ منهما
أو من أحدهما نجس الذات ونجس السؤر، وما سواهما طاهر
(1/94)
الذات والسؤر، ولا يكره سؤر الهرة عند
الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند الزُّهْرِيّ ومالك وداود أنها
كلها طاهرة الذات وسؤرها طاهر، غير أنه يجب الغسل من ولوغ الكلب تعبدًا لا
للنجاسة واختاره ابن المنذر وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ سؤر ما لا
يؤكل لحمه نجس سوى الآدمي وعند أَبِي حَنِيفَةَ الآسار أربعة أضرب: نجس،
وهو سؤر الكلب والخنزير وسائر السباع فإنها نجسة عنده، وبهذا قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وزيد بن علي وضرب مكروه، وهو حشرات الأرض
وجوارح الطير والهرة وضرب مشكوك فيه، وهو سؤر البغل والحمار وضرب طاهر غير
مكروه، وهو سؤر ما يؤكل وعند أَحْمَد كل حيوان يؤكل لحمه فسؤره طاهر، وكذلك
الهرة وحشرات الأرض وعنه في السباع رِوَايَتَانِ، وبالطهارة قال
الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا في البغل والحمار رِوَايَتَانِ
أصحهما: أنه نجس والثانية أنه مشكوك فيه يتوضأ به ويتيمم، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه طاهر، وبه قال الشَّافِعِيّ وعند
ابن عمر ويَحْيَى الأنصاري وابن أبي ليلى يكره التوضأ بسؤر الهرة وعند أبي
هريرة وابن المسيب يغسل مرة أو مرتين وعند الحسن وابن سِيرِينَ يغسل مرة
وعند طاوس يغسل سبع مرات وعند عَطَاء هو بمنزلة الكلب وعند النَّخَعِيّ
والشعبي وابن سِيرِينَ وابن عمر يكره الوضوء بسؤر الحمار وعند
الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يكره الوضوء بسؤر البغل والحمار وعند
الثَّوْرِيّ إذا لم يجد إلا سؤر البغل والحمار توضأ به وتيمم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تخليل الخمر، وإذا خللت بخل وملح
وما أشبه ذلك لم تطهر وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب تخليلها لتطهر، وإذا
خللت، فتخللت حتى لو ألقى خمر أو خل فغلب عليها بحيث لم يوجد طعم الخمر
فإنه يحل بذلك وعند مالك يكره تخليلها، إلا أنها إذا خللت فتخللت طهرت وعند
الْإِمَامِيَّة إذا انقلبت بنفسها خلاً أو بفعل آدمي إذا طرح فيها ما تنقلب
به إلى الخل حلَّت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
أحرقت العذرة أو السروجين أو عظام الميتة فصار رمادًا، أو طرح كلبًا ميتًا
في مملحة فصار ملحًا، أو طرح السروجين في التراب فصار ترابًا لم يطهر شيء
من ذلك وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر جميع ذلك، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وَأَحْمَد
وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأكثر العلماء أنه إذا ولغ الكلب في إناء فيه
مائع أو ماء دون القلتين، أو دخل فيه عضوًا، أو
(1/95)
وقع فيه شيء من دمه أو بوله أو روثه وجب
غسله للنجاسة سبع مرات إحداهن بالتراب وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب غسله، إلا
أن السبع لا تجب، بل يغسل حتى يغلب على الظن طهارته، فلو غلب على الظن
طهارته بمرة أو مرتين حكم بطهارته وعند مالك وداود يغسل من الولوغ كذلك
تعبدًا، ولا يغسل مما عدا الولوغ وعند الحسن وَأَحْمَد في رِوَايَة يغسل
سبعًا بالماء والثامنة بالتراب وعند الزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة يغسل ثلاث
مرات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم الخنزير حكم الكلب في غسل الإناء
وعند مالك في إحدى الروايتين لا يغسل من ولوغه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب أن يكون التراب في غسله ثامنة، بل
في أي السبع جعل التراب جاز، والأفضل أن يكون فيما قبل السابعة وعند الحسن
وَأَحْمَد يجب أن يكون التراب في غسلة ثامنة وعن مالك رِوَايَة أنه يجب
الغسل من ولوغه ثماني مرات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ولغ الكلب في إناء فيه طعام وشراب
كالماء واللبن وغيرهما نجس الإناء، ونجس ما فيه ووجب إراقته، ولا يحل شربه
ولا أكله وعند مالك والزُّهْرِيّ وداود ينجس ما في الإناء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي وأم سلمة وغير
واحد من الصحابة والتابعين أنه يجزئ في بول الصبي الذي لم يطعم الطعام
النضح، وهو أن يبله بالماء، وإن لم يزل عنه، ويغسل من بول الجارية، فيصب
عليه الماء حتى يزل عنه وعند الْأَوْزَاعِيّ يطهر بولهما جميعًا بالرش عليه
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب غسل بول الصبي
أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سائر النجاسات
يستحب غسلها ثلاثًا، ويجب مرة واحدة وعند أَحْمَد يجب في جميع النجاسات سبع
مرات وعنه في رِوَايَة ثلاث مرات، إلا الأرض إذا أصابتها نجاسة واختلف
أصحابه في ضم التراب إليه وعند أبي حَنِيفَةَ إن كانت النجاسة مرئية فإنها
تغسل إلى أن يغلب على الظن زوالها كالكلب سواء، ومن أصحابه من قدَّره بثلاث
وعند بعض الزَّيْدِيَّة في النجاسة الحكمية إلى أن يغلب على ظنه طهارتها
ولا اعتبار بالعدد وعند بعض الزَّيْدِيَّة أيضًا يجب الغسل ثلاثًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر العلماء إذا أصاب الأرض
نجاسة ذائبة وكاثرها الماء أجزأه وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن
كانت الأرض رخوة ينزل فيها الماء وصبه عليها
(1/96)
أجزأه، وإن كانت صلبة لم تجزه إلا بحفرها
ونقل التراب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا أصاب الثوب دم الحيض أو غيره من
الدماء استحب حته بعود، ثم يقرصه بين أصبعيه، ثم يغسله بالماء، فإن غسله من
غير حت ولا قرص أجزأه وعند أهل الظاهر لا يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا غسل ذلك وبقي له أثر
لا يزول إلا بالقطعفإنه يعفى عنه وعند ابن عمر يقطع بالمقراض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت النجاسة الأشياء الصقيلة
كالمرآة والسكين والسيف لم تطهر بالمسح، وإنما تطهر بالغسل وعند مالك
وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تطهر بالمسح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت الأرض نجاسة ذائبة فطلعت عليها
الشمس وهبت عليها الريح فذهب أثرها بالشمس والريح طهرت في القديم، وبه قال
أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، والقول الجديد الصحيح أنها لا تطهر، وبه
قال مالك وَأَحْمَد وأكثر العلماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصاب أسفل الخف نجاسة فلا تطهر إلا
بالماء في قوله الجديد، وبه قال مالك في العذرة والبول، وفي أرواث الدواب
رِوَايَتَانِ: إحداهما تغسل والثانية تمسح. والقول القديم عند الشَّافِعِيّ
أنه إذا دلكه بالأرض كان عفوًا وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان يابسًا جاز
الاقتصار فيه على الدلك، وإن كان رطبًا لم يجز وعند أحمد رِوَايَتَانِ
كالقولين. وعنه رِوَايَة ثالثة يعفى عنه، إلا أن يكون بولاً أو عذرة رطبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الماء المزال به النجاسة إذا انفصل
غير متغير ثلاثة أوجه: أحدها طهارته والثاني: إن حكم بطهارة المحل فهو
طاهر، وهو قول مالك، وإن لم يحكم بطهارة المحل فهو نجس والثالث: الحكم
بنجاسته، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ.
* * *
(1/97)
|