المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الحج
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب العمرة قَوْلَانِ الجديد وجوبها،
وبه قال عَطَاء
(1/346)
وطاوس ومجاهد وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير
وأبو بردة ومَسْرُوق وعبد الله بن شداد َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو عبيد
والثَّوْرِيّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وداود وجابر، ومن الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والباقر. والقول القديم أنها سنة، وبه قال الشعبي وَمَالِك وأبو
حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ وأبو ثور وابن مسعود وسائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الحج والعمرة لا يجبان
بالشرع في العمر إلا مرة واحدة. وعند بعض الناس يجبان في كل سنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مكة لتجارة أو زيارة، أو كان من
أهل مكة وكان غائبًا وقدم، فهل يجوز له أن يدخل بغير إحرام؟ قَوْلَانِ:
أحدهما لا يجوز، وبه قال ابن عبَّاس وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة.
والثاني يجوز، ويستحب له الإحرام، وبه قال ابن عمر َوَأَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء كانت داره وراء الميقات أو دونه.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا
(1/347)
كانت داره وراء الميقات لم يجز أن يدخل
الحرم من غير إحرام، وسواء كان لقتال أو غيره، وإن كان داره دون الميقات
جاز له أن يدخل بغير إحرام، وعند أَبِي يُوسُفَ ليس لمن داره وراء الميقات
أن يدخل مكة إلا محرمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا ليس له أن يدخل الحرم إلا
بإحرام فتركه لم يلزمه القضاء ولا الدم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه القضاء
والدم فيحرم بحج أو عمرة، إلا أن يحج من سنته حجة الْإِسْلَام، أو منذورة،
أو عمرة منذورة فإنه يجزئه، ويدخل فيه الإحرام الذي وجب عليه لأجل الدخول
استحبابًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ أن الصبي لا يجب عليه الحج ويصح منه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
يصح الحج من الصبي، وإنَّما يأذن له الولي في الإحرام ليتعلم أفعال الحج،
ويتجنب ما يتجنبه المحرم، فإن فعل شيئًا من ذلك فلا فدية عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الكفارة التي تجب بجناية الصبي على
الإحرام قَوْلَانِ: أحدهما تجب في مال الولي، وبه قال مالك. والثاني تجب في
ماله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المغمى عليه لا يصح أن يحرم عنه رفقاؤه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يصح استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إحرام العبد بغير إذن سيده. وعند
داود وأهل الظاهر لا يصح إحرامه بغير إذن مولاه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أذن السيد لعبده في
الإحرام، ثم رجع عن ذلك بعد ما أحرم العبد لم يصح رجوعه، ولم يكن له
تحليله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له تحليله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه ولم
يعلم المشتري بإحرامه يثبت للمشتري الخيار، فإن مضى به لم يكن له أن يحلله.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت له الخيار، وله أن يحلله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم العبد
بغير إذن سيده كان له تحليله. وعند أَحْمَد ليس له ذلك في إحدى الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إذا
أحرم الصبي والعبد، ثم بلغ الصبي، أو عتق العبد بعرفة أجزأهما عن حجة
الْإِسْلَام، وإن بلغ أو عتق قبل الوقوف بعرفة لم يجزئهما عن حجة
الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئهما
(1/348)
ذلك عن حجة الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من
الزَّيْدِيَّة، ولا يتصور الخلاف مع أَبِي حَنِيفَةَ إلا في العبد، فأمَّا
الصبي فلا يصح إحرامه عنده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو حج ثم استطاع أجزأه عن حجة
الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة
لا يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَأَحْمَد وأَبِي
حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الاستطاعة هي الزاد
والراحلة. وعند ابن الزبير وعكرمة وعَطَاء والضحاك وَمَالِك الاستطاعة صحة
البدن. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وموسى بن جعفر
ومُحَمَّد بن يَحْيَى ومُحَمَّد بن القاسم أنها الزاد والقدرة على المسير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والثَّوْرِيّ
وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا لم يجد راحلة، أو وجدها بأكثر من ثمن مثلها،
أو وجد راحلة لا تصلح لمثله، بأن يكون شيخًا أو شابًا مترفًا لا يقدر على
الركوب إلا بالمحمل، أو العمارية لم يجب عليه الحج حتى يجد ذلك. وعند مالك
الراحلة ليست شرطًا، فإذا كان قادرًا على المشي أو عادته المشي وجب عليه
الحج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له دار يحتاج إلى سكناها، أو
خادم يحتاج إلى خدمته لم يلزمه الحج بذلك، ولا يلزمه بيعهما، ولا صرف
ثمنهما إلى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الحج وبيعهما، ويصرف ثمنهما
في الحج، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له مسكن يسكنه ومعه ما يكفيه
للحج بدأ بشراء المسكن، وما فضل ان كان يكفيه للحج وجب عليه الحج وإلا فلا.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبدأ بشراء المسكن، بل يجب عليه الحج، واختاره
الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يجب عليه بيع
مسكنه، ولا يشترى مسكنًا إذا لم يكن له، بل يصرفه في الحج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه مال يحتاج إليه في بضاعة
يتجر بها ليحصل له بها ما يقوم به، أو ضيعة يقوم عليها لكفايته لم يلزمه
بيعها للحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه بيعها في ذلك، وبه قال أكثر أصحاب
الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غصب مالاً فحج
به، أو حمولة فركبها وحج أثم بذلك، ولزمه ضمان ما غصبه، وأجزأه الحج. وعند
أَحْمَد لا يجزئه، ولا يسقط
(1/349)
عنه فرض الحج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له طريق إلا في البحر فلا يجب
عليه ركوبه على أحد الخلاف عنده. ومن أصحابه من قال: إن كان الغالب منه
السلامة لزمه، وإن لم يكن الغالب منه السلامة لم يلزمه، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، الأعمى
أو مقطوع اليدين والرجلين إذا وجد الزاد والراحلة وقائد يقوده ومن يركبه
وينزله مضى، وكان قادرًا على الثبوت على الراحلة من غير مشقة شديدة وجب
عليه الحج، ولا يجوز له أن يستنيب فى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في أصح
الروايتين عنه يجوز له الاستنابة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة تخلية الطريق وإمكان
المسير شرط في وجوب الحج. وعند أَحْمَد ليسا شرط في وجوب الحج، وإنما هو
شرط في الأداء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ اعتبار
المحرم في حق المرأة ليس بشرط في وجوب الحج، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر، واختاره المؤيد منهم. وعند النَّخَعِيّ وأبي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ هو شرط في وجوب الحج
عليها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب.
واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في أمر الطريق هل هو من شرائط الوجوب، أو من
شرائط الأداء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقمن النساء الثقات مقام المحرم في حق
المرأة، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يقمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا فرق في ذلك بين قصير السفر
وطويله. وعند أبي حَنِيفَةَ يختص الطويل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان يقدر على المشي وعادته أن يسأل
الناس لم يلزمه الحج بذلك. وعند مالك يلزمه الحج بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل الحج ماشيًا أو راكبًا؟
قَوْلَانِ: وبأولهما قال ابن عبَّاس والحسن بن علي وإِسْحَاق. والثاني قطع
به العراقيون من أصحاب الشَّافِعِيّ، وصححه الباقون منهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يمكنه
الركوب على الراحلة إلا بمشقة فادحة كالمعضوب، وهو
(1/350)
الزَّمن والشيخ الكبير، ومن كان نحيف
الخلقة ضعيف البنية، وكان له مال ووجد من يستأجره لزمه الحج، ووجب عليه أن
يستأجره لغرض الحج عنه، ووجب عليه أن يستأجر من يحج عنه. وعند مالك وداود
لا يجب عليه الحج، ولا يلزمه أن يستأجر من يحج عنه، وإنما يجب عليه الحج
عندهما ان كان مستطيعًا بنفسه خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للمعضوب مال، ولكن له من
يطيعه بالحج، فإنه يلزمه الحج، ويلزمه أن يأذن له أن يحج عنه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب عليه الحج بطاعة غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد
بن الحسن، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم يستحب لمن وجب عليه الحج أن يبادر إلى
فعله، فإن أخَّره جاز. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ والْمُزَنِي
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي وزيد بن علي
والمؤيد يجب على الفور، وكان أبو الحسن الكرخي يقول: هذا هو مذهب أَبِي
حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا حج في السنة الثانية كان أداءً،
مالك يقول: كان قضاءً. وعند بعض العلماء يكفر بتأخير الحج فإن الله تعالى
قال: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97).
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحج
تدخله النيابة عن المحجوج عنه، وهي رِوَايَة الأصول عند أَبِي حَنِيفَةَ،
وعنه رِوَايَة شاذة رواها عنه مُحَمَّد أن الحج لا يدخله النيابة، وإذا
استناب وقع الحج عن الحاج، وللمحجوج عنه ثواب النفقة، فيفيد أنه إن لم يكن
من جهة نفقة لم يسقط عنه الفرض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للصحيح القادر أن يستنيب في حج
التطوع. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الميت وقد أوصى أن يحج عنه
تطوعًا هل تصح الاستنابة في ذلك؟ قَوْلَانِ: أحدهما الصحة، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. والثاني عدم الصحة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المريض إذا لم يكن مأيوسًا
منه لا يجوز أن يستنيب في الحج، وكذا المحبوس هو عند أَبِي حَنِيفَةَ
وأَبِي ثَورٍ يجوز له أن يستنيب، ثم ينظر فإن برئ لزمه إعادة الحج، وإن مات
أجزأه، وكذلك قالا في المحبوس.
(1/351)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ إذا استناب المأيوس منه، ثم برئ فلا إعادة عليه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ عليه الإعادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا
نذر حجة وعليه حجة الْإِسْلَام قدم حجة الْإِسْلَام، ثم يقيم بمكة إلى
السنة القابلة، ثم يحج عن المنذورة، ولا يلزمه الدم بتركه الميقات. وعند
علي رضى اللَّه عنه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا حج بنية حجة
الْإِسْلَام أجزأه عنهما جميعًا، وإن حج بنية المنذورة لم تقع عنها، ولو
نوى عنهما جميعًا صح عنهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من حج عن ميت وقرن أجزأه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يجزئه، وعليه رد النفقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد
وإِسْحَاق لا يجوز لمن عليه حجة الْإِسْلَام أو عمرته، أو حجة نذر أو قضاء
أن يحج عن غيره، فإن أحرم عن غيره وقع الحج عن نفسه لا عن المحجوج عنه، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد وابن عبَّاس رِوَايَة أخرى
أنه لا يقع عنه ولا عن غيره، وبه قال داود. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ
وأصحابه وأيوب السختياني وجعفر بن مُحَمَّد والنَّخَعِيّ وعَطَاء والحسن
وداود أيضًا وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يحج عن غيره من عليه فرض الحج
أو نذره أو قضاؤه، وإذا أحرم عن غيره وقع الحج عمن أحرم عنه. وعند
الثَّوْرِيّ وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان قادرًا على الحج عن نفسه لم يجز أن
يحج عن غيره، وإن كان غير قادر لعدم الزاد والراحلة جاز أن يحج عن غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ وإِسْحَاق
والثَّوْرِيّ وأبي هريرة لا يسقط الحج بالموت بعد الوجوب والتمكن من
الأداء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة
يسقط بالموت، فإن أوصى بالحج حج عنه من يليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحج عنه من الميقات. وعند أَحْمَد من
دويرة أهله.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة الحج والعمرة مبنيان على
تقديم الأهم فالأهم، فلا يجوز أن يتطوع بالحج أو بالعمرة وعليه فرضهما،
وإذا نوى التطوع انصرف إلى الفرض، وكذا إذا كان عليه حجة الْإِسْلَام وحجة
منذورة فنوى المنذورة انصرف إلى حجة الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز أن يتطوع بالحج والعمرة وعليه
فرضهما، وكذا يأتي بالمنذورة عنهما وعليه فرضهما، وإذا نوى التطوع انعقد
(1/352)
تطوعًا، ولا ينصرف إلى الفرض، وكذلك يجوز
تقديم الحجة المنذورة على حجة الْإِسْلَام، وإذا نوى الحجة المنذورة انصرف
إليها ولم ينصرف إلى حجة الْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يصح الحج عن الحي والميت.
وعند الأصم لا يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجل أن يحج عن الرجل والمرأة،
ويجوز للمرأة أن تحج عن الرجل والمرأة. وعند الحسن بن صالح يكره أن تحج
المرأة عن الرجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وابن الزبير
وابن مسعود وإحدى الروايتين عن علي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر أن أشهر الحج
شوال وذو القعدة وتسعة أيام وعشر ليال من ذي الحجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
والزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة أيام وعشر ليالي
من ذي الحجة، فالخلاف بيننا وبينهم في اليوم العاشر. وعند مالك أشهر الحج
شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا، وهي
الرِوَايَة الأخرى عن على وابن عَبَّاسٍ وابن عمر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة
يجوز الاستئجار على الحج، وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز الاستئجار
على الحج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: حجوا عني بمائة دينار استؤجر من
يحج عنه بالمائة دينار إن كانت أجرة المثل، وإن زادت على ذلك كانت الزيادة
من الثلث، وأجرة المثل من رأس المال، وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد يحج عنه
حجة، وما فضل يرد إلى الورثة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم،
ويُرد من الأجرة بقدر المسافة التي بين الميقات والموضع الذي أحرم. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ ترد جميع الأجرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر اثنان واحد ليحرم عن أحدهما
بالحج وعن الآخر بالعمرة، فأحرم بالحج والعمرة عنهما لم يصح إحرامه عنهما،
ووقع إحرامه عن نفسه، وعند أَبِي ثَورٍ يصح إحرامه عنهما، واختاره ابن
المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن
عَبَّاسٍ وجابر وأَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَورٍ وداود لا يجوز الإحرام بالحج
إلا في أشهر الحج، فإذا أحرم به في غير أشهره انعقد ذلك عمرة. وعند مالك
والثَّوْرِيّ وابن حيي وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر الزَّيْدِيَّة
وأكثر
(1/353)
العلماء يكره أن يحرم بالحج في غير أشهره،
فإن أحرم به في غير أشهره صح إحرامه بالحج، ولكن لا يأتي بشيء من أفعاله
قبل أشهره. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد إحرامه بالحج ولا عمرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز
فعل العمرة في جميع السنة، ولا يكره فعلها في شيء من السنة. وعند أَبِي
يُوسُفَ يكره فعلها في أربعة أيام: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاث، وزاد
أبو حَنِيفَةَ إلى هذه الأيام في الكراهية يومًا خامسًا هو يوم عرفة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس وأَبِي
حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب الإكثار في كل
سنة من فعل العمرة وليس لها عدد محصور. وعند الحسن وسعيد بن جبير وابن
سِيرِينَ والنَّخَعِيّ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يفعل العمرة
في السنة إلا مرة.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الإفراد والتمتع والقِران أيها أفضل على
ثلاث أقوال أصحها: أن الإفراد أفضلها، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ،
ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. والثاني: أن التمتع أفضلها، وبه قال أَحْمَد
وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق َوَأَحْمَد بن
عيسى. وعند أيى يوسف وابن حُيي التمتع بمنزلة القِران. والثالث: أن
القِرَان أفضلها، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وزفر، ومن
الزَّيْدِيَّة يَحْيَى أيضًا، واختاره من الشَّافِعِيَّة الْمُزَنِي وأبو
إِسْحَاق المروزي وابن المنذر، وكره الثَّوْرِيّ أن يقال بعضها أفضل من
بعض. وعند أبي عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة القِران أفضل لمن حج،
والإفراد أفضل لمن لم يحج على مذهب القاسم منهم فيحصل الخلاف مع أَبِي
حَنِيفَةَ في ثلاثة مواضع: أحدها: أن الأصح عند الشَّافِعِيّ أن الإفراد
أفضل، وعنده القِرَان أفضل. والثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان
مفردًا، وعنده أنه كان قارنًا. والثالث: الدم الذي يجب بالقِران دم جبران،
وعنده دم نسك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء التمتع والقِران جائزان
بالإجماع من غير كراهة. وعند عمر وعثمان التمتع مكروه. وعند سليمان بن
رَبِيعَة وزيد بن ضوحان القِران مكروه. وعند الْإِمَامِيَّة التمتع لازم
ولا يجزئه مع التمكن من غيره. وصفته عندهم أن يحرم من الميقات بالعمرة، ثم
يطوف يسعى ويحل من إحرامه، فإذا كان يوم التروية عند زوال الشمس أحرم بالحج
من المسجد الحرام وعليه دم التمتع، فإن عدم الهدْي وكان
(1/354)
واجدًا لثمنه تركه عند من يثق به من أهل
مكة حتى يذبح عنه طول ذي الحجة، فإن لم يتمكن من ذلك أخره إلى أيام النحر
من العام القابل، ومن لم يجد الهدْي ولا ثمنه صام عشرة أيام قبل يوم
التروية ويوم عرفة، فمن فاته ذلك صام ثلاثة أيام التشريق وباقي العشرة إذا
عاد إلى أهله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إدخال العمرة على الحج في أصح
القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. ويجوز في القول
الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرع في طواف العمرة لم يجز له إدخال
الحج عليها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز إدخال الحج عليها ويصير
قارنًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وأتى
بأفعالها في أشهر الحج فقَوْلَانِ: أحدهما لا يكون متمتعًا ولا دم عليه،
وبه قال قتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وجابر. والثاني: يكون متمتعًا وعليه
الدم، وبه قال الحكم والحسن وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ. وعند طاوس إن
دخل الحرم في رمضان لم يكن متمتعًا، وإن دخل في شوال كان متمتعًا. وعند
مالك وعَطَاء والحسن إذا دخل شوال، أو لم يكن قد تحلل من العمرة كان
متمتعًا، وإن كان قد أتى بأفعالها في شوال صار متمتعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج لم
يلزمه الدم. وعند طاوس يلزمه الدم. وعند الحسن من اعتمر بعد النحر فهو
متمتع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر
الحج، ثم يحرم بالحج من سنته. وعند أَحْمَد المتمتع الذي يحرم بالحج فيحصر
بعدو أو مرض حتى يمضي الحج فيجعلهما عمرة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل،
ثم يحج ويهدي.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالحج من مكة، ثم خرج من
الميقات وهو محرم بالحج قبل التلبس بشيء من أفعال الحج ففي سقوط الدم عنه
وجهان: أحدهما يسقط. والثاني لا يسقط، وبه قال مالك. وعند عَطَاء وَأَحْمَد
وإِسْحَاق والمغيرة أن المديني إذا سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة لم يجب عليه
الدم. وعند طاوس ومجاهد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إن رجع إلى أهله يسقط
عنه الدم، وإن لم يرجع لم يسقط عنه الدم. وعند سعيد بن المسيب
رِوَايَتَانِ: أحدهما مثل قول مالك، والثانية مثل قول الشَّافِعِيّ.
(1/355)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد
المتمتع إلى الميقات لإحرام الحج سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد إذا نوى أن
يقرن من حجه وعمرته سفرًا صحيحًا يسقط عنه الدم. وعند أبي حَنِيفَةَ لا
يسقط حتى يلم بأهله من حجه وعمرته. وعند مالك إن عاد إلى بلده أو مسافة
بقدر مسافته سقط عنه الدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حاضرو المسجد الحرام الذين لا
دم عليهم في التمتع من كان في الحرم، ومن كان بينه وبين الحرم مسافة لا
تقصر فيها الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن عَبَّاسٍ
والثَّوْرِيّ ومجاهد حاضرو المسجد الحرام من كان بالحرم خاصة لا غير. وعند
مالك هم من كان بمكة أو بذي طوى لا غير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هم من كان
داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ.
والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة هم
أهل المواقيت، ومن دونها إلى مكة، ومن له أن يدخلها بغير إحرام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ: المكي من كان داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ:
إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، ومن كان أهله حاضري المسجد الحرام يصح منه
التمتع والقِران فلا يكره له ذلك إلا أنه لا دم عليه، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وأصحابه وأبي عبيدة وابن عمر لا يصح منه التمتع والقِرَان، فإن أحرم بهما
ارتفصت عمرته، وإن أحرم بالحج بعد ما طاف شوطًا واحدًا للعمرة ارتفص حجه في
قول أَبِي حَنِيفَةَ وارتفصت عمرته في قول أَبِي يُوسُفَ ومحمد، وإن أحرم
بعد ما أتى بأكثر الطواف مضى فيهما ولزمه دم جبران. وعند الداعي وأبي طالب
من الزَّيْدِيَّة من كان ميقاته داره لا يصح منه التمتع، ولا يكون متمتعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب على
القارن دم، وهو شاة. وعند الشعبي عليه بدنة. وعند طاوس وداود لا دم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب سوق بدنة على القارن، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يكون
القِرَان إلا بسوق بدنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المكي إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج من
مصر من الأمصار أو من ميقات ذلك المصر وحج من سنته لم يلزمه الدم. وعند
طاوس يلزمه الدم.
(1/356)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا
اعتمر الشخص عن نفسه من الميقات، ثم حج عن غيره من مكة، أو حج عن نفسه من
الميقات، ثم اعتمر عن غيره من أدنى الحل فعليه الدم في هاتين المسألتين
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا خرج المكي من
مكة إلى الحل وأحرم بالحج منه ومضى إلى عرفة لزمه الدم، وإن عاد إلى مكة
سقط عنه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عاد إلى الحرم ملبيًا سقط عنه الدم،
وإن عاد غير ملب لم يسقط عنه الدم. وعند أحمد وَمَالِك لا يلزمه الدم بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا أحرم بالحج لم يكن له
فسخه إلى العمرة. وعند أَحْمَد يجوز له ذلك لمن لم يكن معه هدْي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب للمتمتع إذا فرغ من عمرته ومعه
هدْي أن يحرم بالحج يوم التروية بعد الزوال متوجهًا إلى منى، وإن لم يكن
معه هدْي فليلة السادس من ذي الحجة، والمكي يحرم إذا توجه. وعند أَحْمَد
الأفضل أن يؤخر المتمتع الإحرام إلى يوم التروية. وعند مالك، وأَبِي ثَورٍ
يستحب له أن يحرم بالحج إذا أهلَّ ذو الحجة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وقت وجوب هدْي التمتع
إذا فرغ من العمرة وأحرم بالحج. وعند عَطَاء لا يجب حتى يقف بعرفة. وعند
مالك لا يجب حتى يرمى جمرة العقبة، فاعتبر كمال الحج. وعَطَاء اعتبر
الإتيان بمعظمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأفضل أن لا يذبح هدْي التمتع إلا يوم
النحر، فإن ذبح بعد الإحرام بالحج وقبل يوم النحر جاز. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وابن عمر وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
المتمتع إذا أحرم بالحج ولم يجد الهدْي جاز له أن يصوم الثلاث، ولا يجوز أن
يصومها قبل الإحرام بالحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له صيامها بعد
الإحرام وقبل التحلل منها. وعند عَطَاء يجوز صيامها بعد التحلل من العمرة.
وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية كقول
عَطَاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر لم
يسقط صومها إلى الهدى، ويصوم أيام منى على القول القديم، ويصوم بعد أيام
منى على القول الجديد.
(1/357)
وعند سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وأَبِي
حَنِيفَةَ تسقط ويستقر الهدْي في ذمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر فهل
يجوز له صومها أيام منى؟ قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال ابن عمر وعائشة.
وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير والْأَوْزَاعِيّ والزُّهْرِيّ، وإِسْحَاق
وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر،
والجديد لا يجوز ذلك، وبه قال علي بن أبي طالب وأَبِي حَنِيفَةَ وعَطَاء
والحسن وزيد بن علي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فات صيام الثلاثة أيام
التي يفعلها المتمتع في الحج فإنه يقضيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يراجع
المُهدى، فإن كان موسرًا أخرجه ويثبت في ذمته إلى أن يوسر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجب عليه بتأخير صوم الثلاث
شيء. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه بتأخيرها دم غير الهدْي الذي يستقر عليه
بفواتها، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعنه رِوَايَة أخرى لا يلزمه شيء،
ورِوَايَة ثالثة: إن أخره لغير عذر لزم الدم وقضى الصوم، وكذا قال: إذا أخر
الهدْي عن سنته لغير عذر لزمه بالتأخير هدْي آخر، وإن أخره لعذر فإنه يقضي
ولا دم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ في إحدى
الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عدم الهدْي وشرع في صوم الثلاث، ثم
قدر على الهدْي استحب له الخروج منه والانتقال إلى الهدْي، ولا يجب عليه
ذلك. وعند الثَّوْرِيّ وحماد وعَطَاء وابن أبي نجيح وأبي حَنِيفَةَ، إذا
وجد الهدْي في أثناء الصوم لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد الفراغ منه دم
يلزمه الانتقال إليه، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن فرغ قبل يوم النحر
لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد يوم النحر لم يلزمه الانتقال إليه وإن لم
يتحلَّل.
مَسْأَلَةٌ: اختلف قول الشَّافِعِيّ في صوم السبعة متى يصومها على ثلاثة
أقوال: أصحها: إذا رجع إلى أهله ووطنه، وبه قال عَطَاء ومجاهد وقتادة وابن
عمر والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره ابن المنذر. والثاني:
إذا فرغ من أفعال الحج، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ. والثالث: إذا أخذ في السير، وبه قال مالك وإِسْحَاق، وكذا
أَحْمَد في رِوَايَة، وكذا عَطَاء ومجاهد في رِوَايَة عنهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إنه يصومها بعد الفراغ من الحج
أو في الطريق، فهل الأفضل تأخيرها إلى الوطن؟ قَوْلَانِ: أحدهما تأخيرها
إليه أفضل، وبه قال: مالك.
(1/358)
والثاني فعلها أفضل من تأخيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا فرغ المتمتع
من عمرته كان له التحلل، سواء ساق الهدْي أم لم يسق الهدْي. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا ساق الهدْي لم يكن له أن يتحلل، بل يحرم بالحج حتى
يتحلل منهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب شاة فذبحها عن تمتعه
أو قرانه لم يجزه. وإن وجد من مالكها الرضى في الثاني. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حج السلم حجة الْإِسْلَام، ثم ارتد
عن الْإِسْلَام لم يحبط عمله بنفس الردة، بل يكون مراعًا، فإن مات أو قتل
على الردة حكم بإحباط عمله، وإن أسلم لزمه قضاء ما فاته في حال الردة من
الصلاة والصوم. وأما الحجة فحجه قبل الردة صحيح لم يجب عليه قضاؤه. وعند
مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحبط عمله بنفس الردة، فإذا أسلم يجب عليه
قضاء الصلاة والصيام ويجب عليه قضاء الحج.
* * *
(1/359)
باب المواقيت
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت داره دون الميقات إلى مكة فإنه
يحرم من موضعه وهو ميقاته. وعند مجاهد إذا كان أهله بين مكة وبين الميقات
أحرم من مكة. وعند أبي حَنِيفَةَ يحرم من موضعه، فإن لم يفعل لم يدخل الحرم
إلا محرمًا، فإن دخله غير محرم خرج من الحرم، وأحرم من حيث شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لمن مر بذي الحليفة وهو مريد
للنسك أن يترك الإحرام منها ويحرم من الجحفة فإن ترك ذلك لزمه الدم. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الأولى أن يحرم من ذي الحليفة، فإن ترك وأحرم
من الجحفة جاز ولا دم عليه. وعند عائشة أنه إن أراد الحج أحرم من ذي
الحليفة، وإن أراد العمرة أحرم من الجحفة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من كان داره فوق الميقات جاز له الإحرام
من داره، وجاز له الإحرام من الميقات، وفي الأفضل قَوْلَانِ: أحدهما الأفضل
أن يحرم من بلده، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وعمر وعلي والشعبي وإِسْحَاق.
والثاني الأفضل أن يحرم من الميقات، وبه قال الحسن وعَطَاء وَمَالِك
وَأَحْمَد. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد الإحرام عند الميقات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات غير مريد للنسك لحاجة
دون الحرم، ثم بدا له وأراد النسك بعد أن جاوز الميقات فإنه يحرم من مكانه
الذي بدا له أن يحرم منه ولا شيء عليه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يرجع إلى
الميقات ويحرم، فإن لم يفعل لزمه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة
والنَّاصِر ويَحْيَى إذا جاوز الميقات ولم يحرم وهو مريد للنسك فأحرم دونه
لزمه الدم، فإن عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم سواء لبَّى
أو لم يلب. وعند مالك وَأَحْمَد وزفر لا يسقط عنه الدم، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إن رجع إلى الميقات ولبَّى
يسقط عنه الدم، وإن لم يلب لم يسقط عنه الدم. وعند الحسن، والنَّخَعِيّ،
وعَطَاء في أحد قوليه لا شيء على من ترك الإحرام من الميقات. وعند ابن
الزبير يقضي حجه ثم يعود إلى الميقات فيهلّ بعمرة. وعند سعيد بن جبير لا حج
له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات محلاً ثم أحرم دونه ثم
أفسد ثلث الحجة وجب عليه دم ولا يسقط عنه بقضاء الحج في العام المستقبل.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يسقط.
(1/360)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الكافر
إذا مرَّ بالميقات مريدًا للنسك ثم أسلم وأحرم دون الميقات ولم يرجع إلى
الميقات لزمه. وعند الثَّوْرِيّ وعَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَبِي
ثَورٍ وإِسْحَاق لا يلزمه شيء. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الصبي أو العبد الميقات، ثم بلغ
الصبي وعتق العبد وأحرما دونه لزمهما دم إذا لم يرجعا إلى الميقات. وعند
أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا دم عليهما، ووافقهما في العبد، وأبو حَنِيفَةَ في
الصبي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم
ورده من الأجرة، وبقدر المسافة التي ما بين الميقات والذي أحرم منه، وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يرد جميع الأجر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة من مكة وطاف وسعى وحلق
ولم يخرج إلى الحل فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يجزيه، وبه قال مالك والثاني:
يجزيه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأبو ثور ويجب عليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أجيرًا للحج فأطلق أحرم
الأجير من الميقات ويكون من رأس المال وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يحرم من بلده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والهادي، وهو الصحيح من مذهب المؤيد.
* * *
(1/361)
باب الإحرام
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة الغسل للإحرام بالحج أو
بالعمرة مستحب وليس بواجب. وعند الحسن البصري إذا نسي الغسل عند إحرامه
اغتسل إذا ذكره، فإن أراد أن ذلك مستحب فهو وفاق، وإن أراد أنه واجب فليس
بصحيح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ
وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وسعد ابن أبي وقاص ومعاوية وعائشة وأم
حبيبة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب لمن أراد أن يحرم أن يتطيب قبل إحرامه،
وسواء في ذلك ما بقي أثره وعينه كالغالية والمسك والعود وغير ذلك. وعند بعض
الشَّافِعِيَّة لا يتطيب بطيب يبقى عينه. وعند مالك، وعَطَاء ومحمد، وعمر
بن الخطاب يكره له أن يتطيب بطيب تبقى رائحته بعد إحرامه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يحرم عقيب الركعتين في أحد
القولين، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد، وسائر الزَّيْدِيَّة. والجديد
أنه يستحب أن يحرم حين تنبعث به راحلته إن كان راكبًا، وحين يأخذ في السير
إن كان ماشيًا، وعند مالك يحرم حين يشرف على البيداء. وعند النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة يصلي ست ركعات ثم يصلي الظهر إن كان وقتها ثم يحرم مكانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك الإحرام ينعقد بمجرد
النية ولا يفتقر إلى التلبية ولا بسوق الهدْي إلا أنه يستحب له التلبية،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد عن يَحْيَى. وعند ابن خيران والزبيري من
الشَّافِعِيَّة والْإِمَامِيَّة يفتقر إلى النية والتلبية. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَمَالِك لا ينعقد إحرامه حتى يضم إلى النية التلبية، أو سوق
الهدْي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا السيد أبو طالب عن
يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لبَّى ولم ينوِ لم
ينعقد إحرامه. وعند داود ينعقد إحرامه بالتلبية دون النية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم إحرامًا مطلقًا فله صرفه إلى
الحج أو العمرة أو إليهما فإن طاف بعرفة قبل الصرف إلى شيء لم ينصرف إحرامه
بنفس الطواف والوقوف، بل لو صرف إحرامه بعد الطواف إلى الحج وقع الطواف عن
طواف القدوم. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا طاف انصرف إحرامه إلى العمرة، وإن وقف
بعرفة انصرف إلى الحج.
(1/362)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ،
وَأَحْمَد، ومالك، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم لحجتين أو لعمرتين أو
أكثر، أو أحرم لحج ثم أدخل عليه حجًا أو أحرم بعمرة، ثم أدخل عليها عمرة لم
ينعقد إحرامه إلا بواحد من النسكين. وعند داود لا يصح إحرامه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ ينعقد إحرامه بالكل، فإذا أسرع في واحد منهما ارتفصت الأخرى
ولزمه قضاءها. واختلفوا فقال أبو يوسف: يرتفص في الحال. وقال أبو حَنِيفَةَ
ومحمد: يرتفص إذا أخذ فى السير، فلو أحصر مكانه تحلل منهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استؤجر ليحرم عن
اثنين فأحرم عن أحدهما لا يعينه، فإنه ينعقد إحرامه وله صرفه إلى أيهما
شاء. وعند أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد يقع عن نفسه ولم يكن له صرفه إلى غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بنسك معين ثم نسيه هل أحرم لحج
أو عمرة أو لهما؟ فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه ينوي القِرَان ويصير
قارنًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقديم أنه يتحرى ويلبِّي على ما غلب على
ظنه. وعند أَحْمَد يجعل ذلك عمرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في
رِوَايَة أنه يصرف إلى ما شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب رفع الصوت
بالتلبية في جميع المواضع وفى مسجد منى ومسجد مكة ومسجد إبراهيم بعرفات،
وفيما عداها من مساجد الجماعة قَوْلَانِ: القديم لا يلبي، وبه قال مالك،
والجديد وهو الأصح يلبي. وعند مالك لا يرفع صوته بالإهلال في مساجد الجماعة
ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى. وعند أَحْمَد لا
يستحب إظهار التلبية في الأمصار.
مسألة: واختلف قول الشَّافِعِيّ في التلبية في الطواف على ثلاثة أقوال:
أصحها لا يلبي. والثاني: تركها أحبُّ، فإن لبَّى فلا شيء عليه. والثالث
يلبي ولكن يخفض صوته، وبه قال رَبِيعَة وابن داود وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن لا يزاد على تلبية
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن زاد لم يكره ولم يستحب. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إذا زاد عليها كان مستحبًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك التلبية في جميع الحج فقد أساء
ولا شيء عليه. وعند الحنفية إذا لبَّى مرة فلا شيء عليه وقد أساء. وعند
القاسم صاحب مالك عليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمرأة أن ترفع صوتها بالتلبية.
وعند ميمونة ترفع
(1/363)
صوتها بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلبي بالعربية إن كان يحسنها، وإن كان لا
يحسنها لزمه أن يتعلم إن كان الوقت واسعًا، وإن ضاق عليه الوقت أتى به
بلغته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يأتي بها بأي لفظ شاء إذا كان يوجد
فيه معناها بالعربية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود لا يكره للحلال التلبية. وعند
مالك يكره له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء وَمَالِك في
إحدى الروايتين أنه يحرم على المحرم حلق شعر بدنه، ويجب به الفدية. وعند
أهل الظاهر وإحدى الروايتين عن مالك لا يحرم عليه حلق ذلك، ولا يجب به
الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يجوز للمحرم حلق شعر الحلال وتقليم ظفره ولا شيء عليه في ذلك.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك، فإن فعله لزمه أن يتصدق بصدقة قاله
عنه صاحب البيان والمعتمد والدر الشفاف، ونقل عنه الشاشي أنه يلزمه الفدية.
وعند مالك في إحدى الروايتين يلزمه الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد
بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن الزبير يجوز للمحرم أن
يغطي وجهه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وابن عمر
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، فإن فعله فعليه الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر لا يعقد المحرم رداءه. وعند
مالك إن فعل ذلك وتطاول فعليه الفدية. وعند سعيد بن المسيب والحاكم يرخص في
ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا أدخل المحرم كتفيه في القباء لزمه الفدية وإن لم يخرج
بدنه من كميه. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وبعض
الحنابلة لا فدية عليه إلا أن يخرج يديه من كميه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ
يجوز للمحرم أن يستظل في المحمل نازلاً وراكبًا. وعند مالك وَأَحْمَد في
إحدى الروايتين يجوز له ذلك نازلاً، ولا له ذلك راكبًا، ومتى فعل فعليه
الفدية. وعند عبد الرحمن بن مهدي الاستظلال لا يجوز له. وعن ابن عمر: ضحِّ
لمن أحرمت له. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يستظل في محمله من
(1/364)
الشمس إلا عند الضرورة، فإن فعل فعليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ
وإِسْحَاق إذا عدم الإزار جاز له لبس السراويل على جهته، ولا فدية عليه،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه
وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لبسه لزمته الفدية، وبه قال سائر
الزَّيْدِيَّة. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في جواز لبسه، نقال الطحاوي:
يحرم عليه لبسه فيفتقه ثم يلبسه، وقال أبو بكر الرازي: يجوز له لبسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يكره
للمحرم لبس المنطقة والهميان. وعند ابن عمر ونافع يكره له ذلك. واختلف
النقل عن مالك، فنقل عنه أصحاب الشَّافِعِيّ أنه لا يجوز له ذلك، ونقل عنه
أصحابه أنه يجوز له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمحرم أن يتقلد السيف. وعند
الحسن يكره له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد المحرم نعلين فليقطع الخفين أسفل من
الكعبين ويجعلهما كالشمشكين ويلبسهما ولا فدية عليه، فإن لبسهما على جهتهما
لزمه الفدية. وعند عَطَاء بن أبي رباح وسعيد بن سالم َوَأَحْمَد يجوز له
لبسهما ولا فدية عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لبس الخف المقطوع من أسفل
الكعبين مع وجود النعلين، وكذا لا يجوز لبس الشمشكين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غطَّى بعض عضوٍ لا يجوز تغطيته لزمته
الفدية. وعند أبي حَنِيفَةَ لا فدية عليه، إلا أن يغطى الربع فيجب عليه
الفدية، وإن غطَّى دون الربع وجب عليه صدقة، والصدقة عنده صاع يدفعه إلى
مسكين من أي طعام كان، إلا البر فإنه يجزئ منه نصف صاع، وعنه في التمر
رِوَايَتَانِ: إحداهما صاع، والثانية نصف صاع. وعن أَبِي يُوسُفَ
رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والأخرى أن الاعتبار بلبس أكثر
اليوم، أو أكثر الليلة، أو غطى من ربع الرأس أكثره، فإن لبس نصف يوم أو نصف
ليلة، أو غطى نصف ربع رأسه وجبت عليه صدقة. ويقال إن أبا حَنِيفَةَ كان
يذهب قديمًا إلى هذا ثم رجع عنه. وعند مُحَمَّد بن الحسن في وجوب كمال
الفدية كقول أبي حَنِيفَةَ، وإن لبس أقل من يوم أو أقل من ليلة فعليه بقدر
ذلك من الفدية.
(1/365)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز
لبس القفازين للمرأة قَوْلَانِ: أصحهما لا يجوز، وبه قال أَحْمَد وعمر وعلي
وابن عمر وعائشة، وَمَالِك والزَّيْدِيَّة. والثاني: يجوز، وبه قال
الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وسعد بن أبي وقاص. وعند النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة هو القياس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الطيب في الطعام واستهلك فيه ولم
يبق له أثر لم يحرم الطعام ولا الشراب على المحرم، ولا تجب عليه الفدية
بأكله وشربه، وإن بقيت فيه الرائحة حرم عليه أكله وشربه ولزمته الفدية
بذلك، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وإن بقي لونه ولم يبق رائحته فقَوْلَانِ.
وإن بقي طعمه فثلاث طرق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك والحميدي وابن عمر
وعَطَاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاوس والنَّخَعِيّ إذا طبخه لا يحرم عليه
أكله ولا تجب عليه كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إذا أكله على جهته من
غير طبخ أنه لا فدية عليه، إلا أنه يكره له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تبخَّر المحرم بالطيب
فعليه الفدية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا فدية عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في شم الرياحين قَوْلَانِ: أحدهما وهو
الجديد لا يجوز ويلزم الفدية بذلك، وبه قال ابن عمر وجابر وَأَحْمَد في
رِوَايَة وأبو يوسف، وكذا سائر الزَّيْدِيَّة إلا إنهم قالوا: لا فدية عليه
إذا شمه. والثاني يجوز ولا فدية على من شمه، وبه قال الحسن ومجاهد وَمَالِك
وأبو حَنِيفَةَ ومحمد، وكذا النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في
رِوَايَة وإِسْحَاق وعثمان وابن عباس. واختلف في ذلك عن عَطَاء وَأَحْمَد
وهذا فيما لا يتخذ منه الطيب، وأما ما يتخذ منه الطيب فيحرم شمه عند
الشَّافِعِيّ قولاً واحدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن
المحرم لو قال: لا والله، وبلى والله ثلاثًا وهو صادق فلا يجب عليه الدم
وعليه التوبة، وإن كان كاذبًا، وهو الأولى على مذهب النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كان صادقًا فعليه دم،
ولا يلزمه بما دون ثلاث مرات شيء، وإن كان كاذبًا فعليه التوبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمحرم أن يجلس عند العطار لشم
الطيب فإن فعل ذلك فلا شيء عليه. وعند عَطَاء إذا تعمد ذلك لزمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ العصفر ليس بطيب فلا يحرم على
المحرم لبس ما صبغ به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو طيب، فإذا وضعه على بدنه
وجبت عليه الفدية، وإن لبس ثوبًا مصبوغًا به وكان إذا عرق فيه ينفض عليه
وجبت عليه الفدية.
(1/366)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ الحناء ليست بطيب، ولا تجب على المحرم الفدية باستعماله. وعند
مالك وأَبِي حَنِيفَةَ هو طيب ويجب على المحرم باستعماله الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غسل الثوب المصبوغ بالطيب حتى انقطعت
رائحته، أو صبغه بما يغلب على ريح الطيب أو تقادم العهد ولم يبق له رائحته،
وصار بحيث إذا رش عليه الماء لا يكون له رائحة جاز له لبسه. وعند مالك يكره
ذلك إلا أن يغسله ويذهب لونه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دهن رأسه ولحيته بدهن غير مطيب
كالشيرج والزيت والسمن لزمته الفدية، وإن استعمله في بدنه فلا فدية عليه.
وعند مالك إذا استعمله في رأسه ووجهه وظاهر بدنه لزمه الفدية، وإن دهن به
باطنه فلا فدية عليه. وعند الحسن ابن صالح إذا دهن رأسه ولحيته بما لا طيب
فيه فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا استعمل الزيت والشيرج لزمه
الفدية، سواء استعمله في بدنه، إلا أن يستعمله على وجه التداوي بجرح وشقوق
فإنه لا فدية عليه، وإن استعمل السمن فلا فدية عليه. وعند أَحْمَد
رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية لا فدية عليه، وسواء
استعمله في رأسه أو في بدنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طيب بعض عضوٍ، أو لبس في
بعض يوم وجبت عليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه صدقة، وقد
بينَّاها عنه في تغطية بعض العضو، وخلافه وخلاف صاحبيه مُحَمَّد وأَبِي
يُوسُفَ في تغطية البعض يعود هنا. وعند مالك إن نزعه في الحال فلا شيء
عليه، فاعتبر أن يحصل له انتفاع ما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد
بن السيب وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد
وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا يزوِّج غيره
بالولاية الخاصة، ولا أن يتوكل للزوج ولا الولي ولا تزوجه المرأة المحرمة.
وعند الثَّوْرِيّ والحكم وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ يجوز له أن يتزوج
ويزوِّج غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج المحرم أو المحرمة فُرق بينهما
بغير طلاق. وعند مالك يفرَّق بينهما بطلقة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا تزوج
وهو عالم بأن ذلك محرَّم عليه بطل نكاحه، ولم تحل له المرأة أبدًا.
(1/367)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة
العلماء الإحرام لا يمنع من الرجعة. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يمنع
ذلك الرجعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قبَّل امرأة لشهوة
وأمنى، أو أمذى لا يفسد حجه ويلزمه دم شاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة مجرد القبلة توجب شاة، فإن أمنى فبدنة،
فإن أمذى فبقرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة الفقهاء إذا قتل المحرم
صيدًا عمدًا أو خطأ وجب عليه الجزاء. وعند مجاهد وبعض أهل الظاهر إن قتله
خطأ أو ناسيًا لإحرامه فعليه الجزاء، وإن قتله عمدًا وهو ذاكر لإحرامه فلا
جزاء عليه. وعند سعيد بن جبير وطاوس وأَبِي ثَورٍ وداود وابن عَبَّاسٍ
وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إن قتله خطأ فلا شيء عليه، لان قتله عمدًا
فعليه جزاءان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
قتل المحرم صيدًا مملوكًا لزمه القيمة والجزاء لحق الله. وعند مالك
والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا يلزمه الجزاء لحق
اللَّه تعالى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في الصيد المستأنس الجزاء. وعند مالك
وداود لا جزاء فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
جرح صيدًا، أو أتلف جزءًا منه وجب عليه الجزاء. وعند مالك وداود لا جزاء
عليه في جرح صيد، ولا في قطع عضو منه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دلَّ
المحرم على صيد محرم أو حلالاً كان مسيئًا ولا جزاء عليه. وعند عَطَاء
ومجاهد وحماد وَأَحْمَد يضمن المحرم الصيد بالدلالة، فإن كانا محرمين كان
الجزاء بينهما، وإن كان الدال محرمًا والمدلول عليه حلالاً كان الجزاء على
الدال، وإن كان الدال حلالاً والمدلول حرامًا كان الجزاء على المدلول. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يجب الجزاء على كل واحد منهما جزاء كامل إذا
كانا محرمين والدلالة خفية بأن يكن المدلول لا يعلم بموضع الصيد، وإن كان
الدال حلالاً والمدلول محرمًا كان الجزاء على المدلول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دلَّ حلالاً على صيد في الحرم فقتله
المدلول فلا جزاء على الدال. وعند أَحْمَد عليه الجزاء. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن كان المدلول ممن يجب عليه الجزاء
(1/368)
لم يجب على الدال شيء، وإن كان ممن لا يجب
عليه كالصبي والكافر وجب عليهما الجزاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وَمَالِك وَأَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لحم الصيد محرَّم على المحرم إذا كان قد اصطاده، أو
كان له فيه سبب مثل الإعانة والإشارة وإعارة السلاح، وكذا ما صيد له أذن
فيه أو لم يأذن، فأمَّا إذا لم يُصَد لأجله ولم يكن له فيه أثر فهو حلال
له. وعند عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبي هريرة ومجاهد وعَطَاء أنه
يحل أكل لحم الصيد للمحرم، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ، إلا أن عند
أَبِي حَنِيفَةَ يحرم عليه ما اصطاده وما كان له فيه سبب لا يستغنى عنه
كإعارة السلاح والدلالة الخفية، بأن يقول: هو في موضع كذا وكذا، ولم يكونوا
قد علموا بذلك، فأمَّا إذا صيد من أجله فإنه لا يحرم، وكذا إذا كان له فيه
سبب يستغنى عنه كالدلالة الظاهرة، وهو أن يثير إلى الصيد وهم يرونه، أو
يعيرهم سلاحًا لا يحتاجون إليه، وهو عند القياس لا يجوز للمحرم أكل الصيد
بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذبح المحرم صيدًا ففيه قَوْلَانِ:
قال في الجديد: هو ميتة فلا يحل أكله، وبه قال الحسن والقاسم وَمَالِك وأبو
حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ،
وقال في القديم: ليس بميتة فيحل لغيره أكله ولا يحل له، وبه قال الحكم
وسفيان الثَّوْرِيّ وأبو ثور، واختاره ابن المنذر. وعند عمرو بن دينار
وأيوب السختياني يحل أكله للحلال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ الأكل من لحم صيد له فقَوْلَانِ:
الجديد لا جزاء عليه. والقديم: يلزمه الجزاء بقدر ما أكل، ويلزمه مثله من
لحم الغنم، وبه قال أَحْمَد ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ذبح المحرم صيدًا له لزمه
الجزاء، فإن أكل من لحمه شيئًا لم يلزمه جزاء آخر، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ مما نقل عنه الشاشي يلزمه
جزاء آخر، وعنه فيما نقله عنه صاحب البيان والمعتمد يلزمه قيمة ما أكل من
لحمه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند عَطَاء يلزمه كفارتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم وفي ملكه صيد فقَوْلَانِ:
أحدهما يزول ملكه عنه. والثاني لا يزول، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه إرساله.
(1/369)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا
لا يزول ملكه عنه فله أن يتصرف فيه بجميع التصرفات إلا بالقتل، فإذا قتله
لزمه الجزاء. وعند مجاهد وعبد الله بن الحارث وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ
َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يزول عند بدء المشاهدة، ولا يلزمه إزالة
اليد الحكمية، ومعناه أنه لا يجوز له إمساكه في يده، وبجوز له إمساكه في
بيته من غير تصرف فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا
ضمان على من أزال يد المشاهدة عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا كان الصيد غير مأكول ولا متولد من مأكول لم يحرم قتله
بالإحرام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم قتل كل شيء بالإحرام، ويجب الجزاء
بقتله إلا الذئب. وعنده في الضبع يضمن بأقل الأمرين من قيمته أو شاة. وعند
مالك السباع المبتدئة الضرر من الوحش والطير كالذئب والفهد والغراب والحدأة
لا جزاء فيها، فخالف حينئذ مالك الشَّافِعِيّ فيما لا يؤكل ولا يؤدى إلى
الضرر كالثعلب والصقر والباز، فإن عند مالك فيها الجزاء، وعند الشَّافِعِيّ
لا جزاء فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ قملة من ظاهر بدنه أو ثوبه فلا
شيء عليه، وإن أخذها من رأسه ولحيته فداها، وبأي شيء فداها فهو خير منها،
وهو استحباب لا وجوب. وعند مالك وابن عمر وعَطَاء وقتادة إذا قتل قملة
فداها بحفنة من طعام. وعند إِسْحَاق َوَأَحْمَد وطاوس وسعيد بن جبير وأَبِي
ثَورٍ ورِوَايَة عن عَطَاء لا يجب فيها شيء. وعند إِسْحَاق يجب فيها تمرة
فما زاد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر وابن عَبَّاسٍ يجوز
للمحرم أن يقرد بغيره. وعند مالك وابن عمر لا يجوز. وعند سعيد بن المسيب
إذا قتل قرادًا يتصدق بتمرة أو تمرتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء كل صيد وجب على المحرم
الجزاء بقتله وجب عليه الجزاء بإتلاف بيضه وهو قيمته. وعند مالك يلزمه عشر
قيمة الصيد. وحكى ابن المنذر عن الحسن في بيض النعام جنين من الإبل، ولم
يوجب في بيض الحمام شيئًا. وعند الْمُزَنِي وداود وأهل الظاهر لا يلزمه
شيء. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كبش، والثانية درهم هذا في النعام،
وفي الحمام كل بيضة درهم. وعند داود والْمُزَنِي وَمَالِك لا يضمن بيض
الطيور. وعند الْإِمَامِيَّة يجب في بيض النعام من نتاج الإبل بعدد ما كسر
(1/370)
من ذلك هديًا للبيت، فإن لم يجد ذلك فعليه
لكل بيضة شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يجد صام عن كل بيضة
ثلاثة أيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلب المحرم لبن صيد ضمنه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يضمنه إن لم ينقص الصيد بذلك، وإن نقص الصيد ضمنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صال عليه صيد ولم يندفع
عنه إلا بقتله لم يجب عليه الجزاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة يجب
عليه الجزاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انكسر ظفره فقطعه فلا شيء عليه. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الدم. وعند القاسم صاحب مالك إذا احتاج إلى مداواة
قرحة، ولا يمكنه ذلك إلا بقطع أظفاره فقطعها فلا شيء عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعره ناسيًا لزمه دم. وعند
إِسْحَاق لا شيء عليه، واختاره ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا احتاج إلى اللبس أو
الطيب أو الحلق ففعله فعليه الفدية، وعند داود لا فدية عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشتبك الجراد في طريقه ولم يكن له
طريق غيره فوطئه فقتله فقَوْلَانِ: أحدهما لا جزاء عليه، وهذا قول عَطَاء.
والثاني عليه الجزاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ
وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا لبس أو تطيَّب أو دهن رأسه أو لحيته ناسيًا أو
جاهلاً بالتحريم فلا فدية عليه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند
مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والْمُزَنِي وإحدى الروايتين عن الثَّوْرِيّ
وَأَحْمَد وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة عليه الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لبس ناسيًا، ثم ذكر فإنه ينزعه من
قبل رأسه. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأبي قلابة يشقه ويجعله من أسفل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعر المحرم بإذنه وجبت الفدية
على المحلوق، ولا يجب على الحالق شيء محلًّا كان أو محرمًا، وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن كان الحالق محرمًا فعليه صدقة، وعلى المحلوق فدية. وعند
عَطَاء إن كان الحالق محرمًا لزم الحالق والمحلوق الفدية.
(1/371)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا
حُلِق شعر المحرم مكرهًا أو نائمًا لزمته الفدية في أحد القولين، محرمًا
كان أو محلاً، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والقول الثاني يجب الفدية على
المحلوق، ويرجع بها على الحالق، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. واختلف أصحابه هل
يرجع بها على الحالق؟ فقال أكثرهم لا يرجع، وقال أبو حازم: يرجع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع جاهلاً بالتحريم أو ناسيًا
فقَوْلَانِ: القديم يفسد حجه ويلزمه الكفارة، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد لا يفسد حجه، ولا يلزمه الكفارة،
وبه قالت الْإِمَامِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد
وأَبِي يُوسُفَ إذا كان على بدنه وسخ جاز له إزالته في الحمام وغيره ولا
فدية عليه. وعند مالك لا يجوز له إزالته، وإذا أزاله لزمته الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للمحرم أن يغسل رأسه
بالسدر والخَطمى، ويكره له ذلك، فإن فعل ذلك فلا فدية عليه. وعند مالك
وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة لا يكره للمحرم
النظر في المرآة. وعند عَطَاء الخراساني وَمَالِك وإحدى الروايتين عن
عَطَاء بن أبي رباح أنه يكره له ذلك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يكره
للمحرم غسل ثيابه. وعند مالك يكره له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحرمة لبس
الثياب التي فيها زينة، وكذا لبس الديباج، وبه قال زيد بن علي، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز لها ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء للمحرمة لبس الحلي، وبه
قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء ومجاهد ليس لها ذلك حتى خاتم
ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعيد بن المسيب يكره للمحرم الاكتحال.
وعند مالك لا يجوز له ذلك وعليه الفدية، وللشافعي قول أيضًا لا يكره له
ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
(1/372)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض
العلماء والزَّيْدِيَّة يجوز للمحرم أن يفتصد ويحتجم إذا لم يقطع شيئًا من
شعره. وعند مالك يجب عليه الفدية إذا فعل ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انغمس في الماء حتى غطى رأسه فلا شيء
عليه. وعند مالك عليه الفدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دمى رجله لإخراج الشوكة منها فلا شيء
عليه ولو قطع الجلدة. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الدم، والله تبارك وتعالى
أعلم بالصواب.
* * *
(1/373)
باب ما يجب من
محظورات الإحرام
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق المحرم من رأسه ثلاث شعرات فما
زاد فعليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن حلق ربع رأسه لزمه دم، وإن حلق
أقل من الربع فعليه صدقة، ويريد بالصدقة نصف صاع من طعام. وعند أَبِي
يُوسُفَ إن حلق نصف رأسه لزمه دم، وإن حلق ما دونه لزمه صدقة. وعند مالك إن
حلق من رأسه ما يحصل به إماطة الأذى فعليه دم، وإن حلق ما لا يحصل به ذلك
فلا دم عليه. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ،
والثانية لا يجب الدم إلا بحلق أربع شعرات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق من رأسه أقل من ثلاث شعرات فهو
مضمون. وعند مجاهد وعَطَاء أنه ليس بمضمون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعرة أو شعرتين فثلاثة أقوال:
أحدها عليه في الشعرة مد، وفي الشعرتين مُدَّان، وبه قال الحسن. والقول
الثاني في الشعرة درهم، وفي الشعرتين درهمان. والثالث في الشعرة ثلث دم،
وفي الشعرتين ثلثا دم. وعند أحمد ثلاث روايات: أحدها في الشعرة مد.
والثانية كف من طعام. والثالثة درهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حكم الأظفار حكم الشعر حرفًا
بحرف، فإذا قلَّم أقل من ثلاثة أظفار كان فيه الأقوال الثلاثة التي في
الشعر، وإن قلَّم ثلاثة فما زاد فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي
يُوسُفَ إن قلَّم خمسة أظفار من عضو واحد لزمه دم، وإن قلَّم دون ذلك لم
يلزمه دم وعليه صدقة، وإن قلَّم خمسة من عضوين فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد
إن قلَّم خمسة أظفار لزمه دم، سواء كان من عضو أو من عضوين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب، أو لبس المخيط، أو غطى رأسه
عامدًا وجب عليه الفدية، سواء طيب عضوًا كاملاً أو بعض عضو، وسواء استدام
اللبس يومًا كاملاً أو بعض يوم، وكذا إذا ستر جزءًا من رأسه زمانًا يسيرًا
أو كثيرًا فالحكم فيه واحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن طيب عضوًا كاملاً
فعليه الفدية، وإن طيب أقل من عضو فعليه صدقة، وهو نصف صاع، وإن لبس المخيط
يومًا كاملاً فعليه الفدية، وإن لبس أقل من يوم فعليه صدقة. وعنه رِوَايَة
أخرى أنه إذا لبس أكثر النهار فعليه الفدية. وبه قال أبو يوسف، ورجع عنه
أبو حَنِيفَةَ إلى اليوم، ثم قال: إن ستر ربع رأسه يومًا كاملاً فعليه
(1/374)
الفدية، وإن ستر أقل من الربع أو أقل من
اليوم فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد إن ستر نصف رأسه يومًا فعليه الفدية. وإن
ستر جميع رأسه فعليه الفدية، وإن ستر أقل من النصف فعليه صدقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفدية التي تجب بحلق الرأس على التخيير،
إن شاء أهدى دمًا، وإن شاء صام ثلاثة أيام، وإن شاء أطعم ستة مساكين كل
مسكين مدين من بُر وغيره. وعند الثَّوْرِيّ من البر نصف، ومن التمر والشعير
والزبيب صاع. وعند أحمد من البر مد، ومن التمر نصف صاع. وعند الحسن وعكرمة
ونافع الصيام عشرة أيام، والصدقة على عشرة مساكين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فدية الأداء على التخيير مع العذر وعدم
العذر، وكذا أيضًا إذا تطيب أو لبس. وعند أَبِي ثَورٍ إذا فعل ذلك مع عدم
العذر لزمه دم ولا تخيير له، وحكاه عن أَبِي حَنِيفَةَ، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلق شعر رأسه
وبدنه في حالة واحدة لزمه كفارة واحدة. وعند أَحْمَد كفارتين، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب في حلق وقلَّم الأظفار فإنه
يلزمه بكل واحدة كفارة، والى أو لم يوال، كفر عن الأول أو لم يكفر، وكذا
إذا تطيب ولبس. وعند الحسن الطيب واللباس جنس واحد، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار إذا حلق وتطيب ولبس لزمه كفارة
واحدة فرَّق أو لم يفرق. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا حلق وتطيب
وقلَّم الأظفار في وقت واحد لزمه كفارة واحدة، وإن فرَّق ذلك لزمه لكل
واحدة كفارة واحدة. وعند مالك أيضًا فيمن لبس الثياب ينوي بها إلى زوال
عذره فجعلها بالليل ولبسها بالنهار لزمه كفارة واحدة، وإن طال ذلك، وهو أحد
قولي الشَّافِعِيّ. والثاني يلزمه كلما خلع ولبس كفارة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا تطيَّب وحلق ولبس وقصد بذلك رفص الإحرام، أو
كان ذلك لغرض واحد لزمه كفارة واحدة، وإن لم يقصد بذلك رفص الإحرام وكان
شبيههما مختلفًا وكان في مجلس واحد لزمه أيضًا كفارة واحدة، وإن كان في
مجالس مختلفة لزمه لكل واحدة كفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فعل محظورات الإحرام على
طريق الرفص لإحرامه لزمه بكل محظور كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ كفارة
واحدة. وعند مالك في الصيد كفارات، وفي بقية المحظورات كفارة.
(1/375)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا
كرَّر المحظورات في الإحرام في مجلس واحد بأن لبس ثم لبس، وتطيب ثم تطيب
قبل أن يكفر عن الأول كفاه كفارة واحدة، وإن كفَّر للأول لزمه للثاني كفارة
أخرى، وإن كان ذلك في مجالس. بأن فعل الثاني بعد أن كفَّر عن الأول لزمه
للثاني كفارة أخرى، وإن فعله قبل أن يكفر عن الأول وكان السبب واحدًا
فقَوْلَانِ: القديم يجزئه كفارة واحدة، والجديد يلزمه لكل واحد كفارة، وإن
كان السبب مختلفًا فطريقان: أحدهما يجب كفارتان قولا واحدًا، والثانية
قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد يلزمه فى ذلك كفارة واحدة ما لم يكفر، فإن كفر
فكفارة ثانية، وفيه رِوَايَة أخرى: إن اختلفت الأسباب فكفارات. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن كان في مجلس فكفارة، وإن كانت في مجالس فكفارات. وعند مالك في
الوطء كفارة، وفي بقية المحظورات كفارات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع المحرم في مجالس قبل أن يكفر عن
الأول كفاه فيهما كفارة واحدة في أحد الأقوال، وبه قال مالك، ويلزمه بدنة
في القول الثاني، وشاة في القول الثالث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا جامع
مرارًا في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كان في مجالس فعليه لكل مرة
كفارة وعند مُحَمَّد والثَّوْرِيّ عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الأول.
وعند الْإِمَامِيَّة يكرر الكفارة، سواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجالس،
وسواء كفر عن الأول أو لم يكفر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق ثم حلق في مجلس واحد ولم يكفر عن
الأول أجزأه عنهما كفارة واحدة في أحد القولين، ويلزمه كفارتان في القول
الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا وطئ المحرم في الفرج عامدًا قبل
الوقوف بعرفة أو بعد الوقوف وقبل التحلل الأول فسد حجه، ووجب عليه بدنة،
وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وطئ قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وعليه شاة، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، فإن وطئ بعد الوقوف لم يفسد حجه وعليه بدنة.
وعند أهل العراق إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة فلا يفسد حجه وعليه بدنة. وعند
مالك في رِوَايَة شاذة أنه إن وطئ بعد الرمي فسد إحرامه. وعند
الْإِمَامِيَّة إذا وطئ بعد الإحرام وقبل التلبية فلا شيء عليه. وعند
الْإِمَامِيَّة أيضًا إن وطئ قبل الوقوت بالمشعر الحرام فعليه بدنة والحج
من قابل، ويجري عندهم مجرى من وطئ قبل الوقوف بعرفة، وإن وطئ بعد وقوفه
بالمشعر الحرام لم يفسد حجه وعليه بدنة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة
إذا وطئ
(1/376)
قبل الرمي فسد حجه، وبعد الرمي لا يفسد.
وعند النَّاصِر أيضًا إذا جامع قبل طواف الزيارة فسد حجه وهو الأصح، وبه
قال منهم زيد بن علي والباقر والصادق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بعد التحلل الأول لم يفسد حجه،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعليه بدنة في
أحد القولين، وشاة في القول الآخر. وعند الحسن وابن عمر عليه الحج من قابل.
وعند الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ وحماد عليه الهدْي مع حج من قابل. وعند
عكرمة ورَبِيعَة وَمَالِك في رِوَايَة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يفسد ما مضى ويفسد ما بقي، وعليه أن يحرم بعمرة حتى يأتي
بالطواف في إحرام صحيح، وعليه هدْي، إلا أن إِسْحَاق لم يرو عنه أنه قال
عليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في العمرة قبل التحلل فسدت عمرته
وعليه القضاء وبدنة. وعند أَحْمَد عليه القضاء وشاة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ
إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته وعليه القضاء وشاة، وإن وطئ
بعد أن طاف أربعة أشواط لم تفسد عمرته وعليه شاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء الثاني في الحج قبل التحلل الأول
أو في العمرة هل يجب له بدنة وشاة؟ قَوْلَانِ: وبالأول قال أحمد، وبالثاني
قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة أهل العلم إذا فسد حجه
أو عمرته لزمه المضي فى الذي أفسده، ولا يخرج منه، ويلزمه الكفارة بما يأتي
فيه من المحذورات، وحكمه حكم الصحيح إلا في الإجزاء. وعند الحسن وطاوس
ومجاهد وَمَالِك يصير الحج عمرة، وعليه الهدْي والقضاء من قابل. وعند
عَطَاء وداود وأهل الظاهر يخرج منه، ويلزمه المضي فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في النسك الفاسد ولم يكن كفَّر
عن الأول فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا شيء عليه، وبه قال عَطَاء وَمَالِك
وإِسْحَاق، والثاني: عليه بدنة، وبه قال أبو ثور. والثالث: شاة، وبه قال
أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البدنة إذا أطلقت في كتب الفقه
والحديث فالمراد بها البعير ذكرًا كان أو أنثى، وبه قال الأزهري فقال: لا
يكون إلا من الإبل خاصة، وقال به جمهور المفسرين، ومن الزَّيْدِيَّة السيد
أبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد أنها تقع على الإبل والبقر،
ولا فاصل بينهما إلا النية، وبه قال أكثر أهل اللغة وجابر
(1/377)
وعَطَاء، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
وعند بعض العلماء تقع على الإبل والبقر والغنم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وأهل
اللغة أن الهدْي يقع على الثلاثة: وهي الإبل والبقر والغنم. وعند ابن عمر
لا تقع على الغنم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ إذا أراد
الإحرام بالقضاء فإنه يجب عليه أن يحرم من أبعد المكانين، وهما الميقات
الشرعي، أو الوضع الذي أحرم منه بالنسك الذي أفسده. وعند النَّخَعِيّ يحرم
من الوضع الذي جامع فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يحرم في الحج من
الميقات، وفي العمرة من أدنى الحل بكل حال. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحرم
من الميقات ولو كان إحرامه من أبعد منه، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
وطئ القارن قبل التحلل فسد إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة وبدنة، ولا
يسقط عنه القِرَان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ قبل أن يطوف للعمرة فسد
إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة، وشاة لفساد الحج، وشاة لفساد العمرة،
وشاة للقران، وإذا وطئ بعد ما طاف أربعة أشواط للعمرة لم تفسد عمرته، ولزمه
شاة وفسد حجه، وعليه شاة وشاة للقِران، وإن وطئ بعد أن طاف وسعى فعليه
بدنة، وبناه على أصله أن القارن كالمفرد في الطواف والسعي، وعلى أن المفسد
للنسك يلزمه شاة، وإذا لم يفسد فعليه بدنة بالوطء. وعند الثَّوْرِيّ إذا
جامع بعد الطواف والسعي للعمرة فعليه شاة لعمرته، وعليه بدنة لحجه، والقضاء
من قابل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القارن إذا قضى الحج والعمرة على
الانفراد لم يسقط عنه دم القِرَان. وعند أَحْمَد يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ [إذا] لمس لشهوة أو قبل أو جامع فيما دون
الفرج أنزل أو لم ينزل لم يفسد حجه، وعليه شاة. وعند سعيد بن جبير
والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ عليه بدنة. وعند عَطَاء والحسن
والقاسم بن مُحَمَّد وَمَالِك وإِسْحَاق إذا أنزل فسد حجه. واختلف فيه عن
أحمد، فروى عنه أنه يفسد الحج، وروى عنه أنه توقف فيه، وروى عن عَطَاء
وسعيد بن جبير أنهما قالا في القبلة: يستغفر اللَّه تعالى ولا شيء عليه،
وروى عن سعيد بن جبير رِوَايَة أخرى أنه يفسد حجه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أن المفسد إذا قضى الحج هو وزوجته
فوجهان: أحدهما يجب أن يفرق بينهما إذا بلغا إلى المكان الذي أفسدا فيه،
ولا يجتمعان حتى يفرغا من
(1/378)
نسكهما، وهو قول أَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ، والثاني يستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وعَطَاء. وعند مالك
وابن عَبَّاسٍ وسفيان يفرق بينهما من حيث يحرمان. وعند الْإِمَامِيَّة يفرق
بينهما من وقت الإفساد، فلا يجتمعان إلى أن يعودا إلى المكان الذي وقع
عليهما فيه من الطريق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة
البدنة الواجبة على الترتيب، فيجب بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسبع
من الغنم، وإن لم يجد قوَّم البدنة بمكة دراهم، والدراهم طَعَامًا ويتصدق
به، فإن لم يجد صام عن كل مد يومًا. وعند ابن عمر أنها على التخيير فيما
ذكرناه بين الخمسة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وَأَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا وطئ امرأة في دبرها أو لاط بغلام أو أتى بهيمة فسد حجه.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ فيمن أتى بهيمة لا يفسد حجه، وفيمن لاط بغلام أو أتى
امرأة في دبرها رِوَايَتَانِ: إحداهما: يفسد حجه ويلزمه بدنة، والثانية لا
يفسد حجه ويلزمه شاة، وبه قال سعيد بن جبير، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة
وإِسْحَاق ووافق مالك أبا حَنِيفَةَ في البهيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كرر النظر حتى
أمنى فلا شيء عليه. وعند الحسن وَمَالِك وعَطَاء عليه الحج من قابل وهدى.
وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما عليه بقرة. والثانية بدنة، وحجته
تامة. وعند سعيد بن جبير يريق دمًا، واستحب أحمد ذلك في رِوَايَة، وفي
رِوَايَة أخرى بدنة وفي رِوَايَة شاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ زوجته وهي محرمة فسد إحرامهما،
وعليهما القضاء، ويلزمه نفقتهما في القضاء على ظاهر نصه، وفي الكفارة ثلاثة
أقوال: أحدها: على كل واحد منهما هدْي، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وابن
عَبَّاسٍ وسعيد بن المسيب والضحاك والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ.
وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك على كل واحد منهما بدنة. والثاني يجب عليه
دونها. والثالث يجب عليها كفارة واحدة يتحملها الزوج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكرهها على الوطء بأن غلبها على
نفسها لم يفسد إحرامها، وإن أكرهها حتى مكنت من نفسها لم يفسد أيضًا على
أحد القولين، وفسد في الثاني، ويكون حكمه حكم ما لو طاوعته. وعند عَطَاء
وَمَالِك إذا أكرهها على الوطء لزمه أن
(1/379)
يحج بها، ويهدي عنها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا قتل المحرم صيدًا له مثل من طريق الخلقة وجب فيه مثله من
النعم، وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصيد
كله مضمون بقيمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كل صيد حكمت فيه الصحابة
والتابعون بأن له مثلاً من النعم فإنه يجب ذلك الثل من غير اجتهاد فيه.
وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجتهد فيه، ولا يجب الحكم بما حكموا به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يكون القاتل أحد المجتهدين. وعند
مالك لا يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صغار الصيد بماله مثل من النعم مثله.
وعند مالك يجب فى صغار الصيد كبير من مثله من النعم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل صيدًا معيبًا فداه
بمعيب من مثله من النعم. وعند مالك يفديه بمثله صحيح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض العلماء أن
الضبع صيدٌ يؤكل، ويجب به الجزاء إذا أتلفه المحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
لا يؤكل، ولا يجب الجزاء على المحرم بقتله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
قتل صيدًا له مثل فهو مخيَّر بين أن يخرج المثل وبين أن يقوَّم المثل
بدراهم ويشترى بالدراهم طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقوم الدراهم طَعَامًا
ويصوم عن كل مدٍ يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من النعم فإنه يقومه
بالدراهم، ويكون بالخيار بين أن يشتري بها طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن
يقوم الدراهم طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من
النعم فإنه يقومه بالدراهم ويكون بالخيار بين أن يشتري طَعَامًا ويتصدق به،
وبين أن يقومها طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا، وبه قال مالك، إلا إنه قال:
يقوم الصيد لا المثل. وعند زفر وابن سِيرِينَ والْإِمَامِيَّة والحسن وابن
عَبَّاسٍ والنَّخَعِيّ وابن عياض وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وهو على
الترتيب، وهو قول قديم للشافعي، فإن قدر على المثل لم يجز أن يقومه، وإذا
قدر على إخراج الطعام لم يجز له الصوم. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يجد هديًا
أطعم، وإن لم يجد طَعَامًا صام عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن جبير
والحسن بن
(1/380)
مسلم إنما جعل الطعام والصيام فيما لا يبلغ
ثمن الهدْي. وعند أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد في رِوَايَة يقوَّم
جزاعه دراهم، والدراهم طَعَامًا، ويصوم عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن
جبير الصيام من ثلاثة أيام إلى عشرة أيام. وعند ابن عياض أن أكثر الصيام
إحدى وعشرون يومًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يخرج بعض الطعام ويصوم عن
البعض، وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا عجز عن بعض الطعام جاز له أن يصوم عن كل
مسكين يومًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في حمار الوحش بقرة. وعند أبي عبيدة
وابن عباس والنَّخَعِيّ بدنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الأرنب عناق. وعند ابن عَبَّاسٍ جمل.
وعند عَطَاء شاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الضبِّ جدى. وعند جابر بن عبد اللَّه
وعَطَاء شاة. وعند مجاهد حفنة من طعام. وعند قتادة صاع من طعام. وعند مالك
قيمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الحمامة مضمونة بشاة، وفرخها
مضمون بصغير من ولد شاة. وعند أبى حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها. وعند مالك حمامة
الحرم مضمونة بشاة، وحمامة الحل مضمونة بقيمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في العصافير والجراد والعنابر
والبلابل قيمته، وعند داود لا يجب في ذلك شيء. وعند الْأَوْزَاعِيّ في
العصفور مد. وعند عَطَاء نصف درهم، وروى عنه أيضًا أنه قال: يحكم به ذو
عدل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فيما هو أكبر من الحمام كالبط والوز
الكرخي والحجل والحبارى والقطا والكركى والكروان وابن الماء ودجاج الحبش
قَوْلَانِ: الجديد وجوب القيمة في ذلك، والقديم يجب شاة، وهو قول عَطَاء.
وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر في الحجل والقطا والحبارى شاة شاة. وعند أَحْمَد
لا شيء في دجاجة الحبش.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن عمر وابن عَبَّاسٍ تجب
في الجراد قيمته. وعند أبي سعيد الخدري لا جزاء فيه. وعند عروة الجراد نثره
حوت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا بعد صيد وجب لكل واحد
جزاء. وعند ابن عبَّاس والحسن وشريح وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة
والنَّخَعِيّ وداود يجب الجزاء بقتل الأول، ولا يجب بالثاني، ولا بالثالث
شيء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة عنه أنه إن لم
(1/381)
يكفر عن الأول تداخلا، ولزمه جزاء واحد،
وإن كفَّر عن الأول لزمه للثاني جزاء آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك
إن قصد بالقتل رفص الإحرام والتحلل لزمه جزاء واحد، وإن لم يقصد ذلك لزمه
لكل واحد جزاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وسليمان بن يسار
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر إذا اشترك جماعة من
المحرمين في قتل صيد وجب عليهم جزاء واحد. وعند الحسن والنَّخَعِيّ والشعبي
وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب
على كل واحد منهم جزاء واحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان تكفير المشتركين بالصوم وجب على
كل واحد منهم قسطه، فيتبعَّض في حقهم، واختاره من الحنابلة ابن حامد. وعند
أَحْمَد وأصحابه يلزم كل واحد صيام تام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جرح صيدًا وغاب عنه، ولم يعلم هل سرت
الجناية إلى نفسه أم لا؟ فإنه يلزمه ضمان الجرح دون النفس. وعند مالك
وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة يلزمه ضمان جميعه، وبه قال من الشَّافِعِيَّة
أبو إِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَمَالِك إذا قتل القارن صيدًا، أو ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام لزمه
جزاء واحد وكفارة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه جزاءان وكفَّارتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب الجزاء بقتل صيد
الحرم. وعند داود لا يجب. وعند الْإِمَامِيَّة إذا قتل المحرم صيدًا في
الحرم تضاعفت عليه الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر بن عبد الله وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَمَالِك المحل إذا صاد صيدًا فى الحل وأدخله الحرم جاز له التصرف فيه، ولا
يجب عليه الجزاء بقتله. وعند عَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وإِسْحَاق وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة لا يجوز له التصرف فيه، ويجب
الجزاء بقتله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع طائر على غصن شجرة وأصلها في
الحرم والغصن في الحل فقتله قاتل لا جزاء عليه، وإن كان غصنها في الحرم
وأصلها في الحل فعليه الجزاء. وعند الْمَاجِشُون عليه الجزاء في المسألتين
جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض الصيد في الحل وبعضه في
الحرم كان مضمونًا.
(1/382)
وعند الحنفية إن كانت قوامه في الحل ورأسه
في الحرم يرعى فليس بمضمون، وإن كان بعض قوامه في الحرم كان مضمونًا، وإن
كان نائمًا ورأسه في الحرم فإنه مضمون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبًا من الحرم على صيد في الحل
فقتله، أو أرسل كلبًا من الحل على صيد الحرم فقتله كان عليه الجزاء في
المسألتين جميعًا. وعند أَبِي ثَورٍ لا جزاء عليه فيهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصوم
يدخل في ضمان صيد الحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل فيه الصوم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل الحلال صيدًا في
الحرم فهو ميتة أيضًا. وعند الحنفية أنه ليس بميتة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نتف ريش طائر فعليه ضمان ما نقص.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه جزاء، وبه قال مالك إذا خيف على الطير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر جناح صيد أو نتف مقدم جناحه
وأزاله لامتناعه فقتله محرم فقَوْلَانِ: أحدهما يجب على الجارح جزاؤه
صحيحًا، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يجب
على الجارح ضمان ما نقص، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلَّص المحرم حمامة من فم السنور أو
سبع، أو شق حائط يحجب فيه، أو أصابها لدع فسقاه درياقًا فماتت فقَوْلَانِ:
أحدهما لا ضمان عليه، وبه قال عَطَاء. والثاني عليه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باض الصيد على فراشه فنقله إلى موضع
آخر فلم يحضنه الصيد فقَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وبه قال عَطَاء، والثاني
يضمنه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رمى سهمًا في الحل فاخترق
الحرم وخرج إلى الحل وقتل صيدًا فوجهان: أحدهما عليه الجزاء، والثاني لا
جزاء عليه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ شجر
الحرم مضمون. وعند مالك وداود وأَبِي ثَورٍ لا يضمن بالجزاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء في ذلك الشجر ما أنبته الله تعالى،
أو أنبته الآدميون مما
(1/383)
كان أصله في الحرم. وعند بعض
الشَّافِعِيَّة ما أنبته الآدميون يجوز قطعه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان من
جنس ما أنبته الآدميون جاز قطعه، نبت بنفسه أو بفضل آدمي، وإن كان مما لا
يُنبت الآدميون جنسه، فإن أنبته الآدمي جاز قطعه، وإن نبت بنفسه لم يجز
قطعه. وعند أَحْمَد لا يجب ضمان ما أنبته الآدميون بالجزاء، ويجوز قطعه،
وما نبت بنفسه يضمنه، سواء كان من جنس ما ينبته الآدميون أو لم يكن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ شجر الحرم يضمن بقدر، فيجب في
الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها
بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع غصنًا منها ضمنه بما نقص من
قيمتها. وعند مجاهد وعَطَاء وعمرو بن دينار يجوز قطع المسواك منها، وحكاه
أبو ثور عن الشَّافِعِيّ أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز رعي حشيش الحرم. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره. وعند
بعض الناس يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يحرم قتل صيد حرم المدينة واصطياده، وكذا
شجرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يحرم ذلك، وبه قال زيد بن علي، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا في المدينة أو عضد شجرها
فيه قَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وهو قول مالك ورِوَايَة عن أحمد. والثاني
يضمنه بسلب الصائد، وهو قول أَحْمَد وابن أبي ذئب.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لمن يكون السلب وجهان: أحدهما يكون
للسالب ينفرد به، وبه قال أحمد. والثاني يتصدَّق به على فقراء المدينة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم صيد وِج، وفي الجزاء قَوْلَانِ.
وعند أَحْمَد لا يحرم صيده وشجره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما وجب من دم أو طعام لأجل الإحرام كدم
التمتع والقِرَان ودم الطيب وجزاء الصيد وجب ذبحه في الحرم ولا يفرقه على
مساكين الحرم، فإن ذبحه في الحرم وفرقه في الحل لم يجز. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَمَالِك يجزئه. وعند أكثر العلماء الذبح خاصة يختص بالحرم.
* * *
(1/384)
باب صفة الحج
والعمرة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره دخول مكة ليلاً. وعند
النَّخَعِيّ وإِسْحَاق الأولى أن يدخلها نهارًا. وعند عَطَاء لا يجوز
دخولها ليلاً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن يرفع يديه في
الدعاء عند رؤية البيت، وكان مالك لا يرى ذلك. وقال جابر: ما يفعله إلا
اليهود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طواف القدوم سُنة، وعند أَبِي ثَورٍ هو
نسك ويجب بتركه الدم. وعند مالك إن تركه مرهقًا - أي معجَّلاً - فلا شيء
عليه، وإن تركه مطيقًا فعليه الدم. وبعض أصحاب مالك يعبر عنه بالوجوب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة إذا أحرم بالحج
من مكة طاف للقدوم حين يحرم. وعند مالك وكذا أَحْمَد في رِوَايَة لا يطوف
حتى يرجع من عرفات ومنى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهارة عن الحدث والنجس وستر العورة شرط في صحة
الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس ذلك بشرط في صحته. واختلف أصحابه هل هي
واجبة أم لا؟ فقال ابن شجاع: هي سنة وليست بواجبة، وقال غيره: هي واجبة،
واتفقوا أنه يجبر ذلك بالدم. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى إن أقام
بمكة أعاد، وإن عاد إلى بلده أجزأه وجبره بدم. وعند الزَّيْدِيَّة إذا طاف
طواف الزيارة جنبًا أو محدثًا جبره بالدم، وهو شاة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجزئه الطواف حتى يطوف سبع طوفات، فإن ترك طوفة من ذلك لم
يعتد به حتى يأتي بما ترك، ولا يقوم الدم مقامه، سواءكان بمكة أو خارجًا
منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أتى بأكثر الطواف وأربع طوفات، فإن كان
بمكة لزمه الطواف، وإن خرج منها جبره بالدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاضطباع سنة. وعند مالك ليس بسنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الطواف المعتد به أن يطوف بالبيت العتيق، وهو المبنى، وستة
أذرع أو سبعة من الحجر منه، فإن طاف حول المبنى منه لم يعتد بطوافه، وكذا
إذا طاف على شاذروات البيت لم يعتد به. وعند الحسن يعيد
(1/385)
الطواف، فإن كان قد حلّ أراق دمًا. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ إذا طاف حول البيت المبنى وترك الحجر أجزأه، وعليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة المستحب أن يطوف
ماشيًا، فإن طاف راكبًا من غير عدد جاز. ولا شيء عليه. وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن طاف راكبًا لعذر فلا شيء، وإن كان لغير
عذر فعليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حمل بالغًا في طوافه ونويا جميعًا
ففيه قَوْلَانِ: أحدهما يقع على الحامل، والثاني يقع عن المحمول. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ عنهما جميعًا. وعند أَحْمَد لا يجزئ عن الحامل، وفي
المحمول رِوَايَتَانِ: أحدهما يجزئه مع العذر وعليه دم، والثانية لا دم
عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وطاوس يستحب السجود
على الحجر الأسود. وعند مالك السجود على الحجر بدعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب التوجه إلى البيت عند ابتداء الطواف.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الترتيب شرط في صحة الطواف، وهو أن يجعل البيت على يساره
ويطوف على يمين نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الترتيب ليس شرط في صحة الطواف،
فإن طاف منكسًا صح، وإن كان بمكة أعاد، وإن خرج إلى بلده أجزأه وعليه دم.
وعند داود أنه إذا نكَّسه أجزأ ولا دم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب
أن يستلم الركن اليماني ويقبل يده ولا يقبله. وعند مالك يستلمه ولا يضع يده
على فيه ولا يقبلها. وعند أحمد يقبله، ولا يقبل ما استلمه به. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يستلمه ولا يقبل يده. وعند الْإِمَامِيَّة السنة استلامه
وتقبيله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يمكنه تقبيل الحجر
الأسود استلمه بشيء، ثم قبل ذلك الشيء. وعند مالك يتركه على فيه من غير
تقبيل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر ومعاوية لا يستحب استلام
الركن العراقي والشامي ولا تقبيلهما. وعند جابر وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير
وأنس بن مالك والحسن والحسين أنه يستلم ذلك.
(1/386)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة
الفقهاء إذا ترك الرمل والاضطباع والاستلام والتقبيل والدعاء في الطواف
عامدًا أو ساهيًا بعذر أو بغير عذر جاز وقد أساء، ولا يلزمه بذلك شيء. وعند
الحسن البصري والثَّوْرِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون يجب عليه الدم بتركها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة قراءة القرآن في
الطواف أفضل من الذكر غير المأثور، والذكر المأثور أفضل منه. وعند الحسن
وعروة وَمَالِك في إحدى الروايتين يكره قراءة القرآن في الطواف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب القراءة في الطواف. وعند مجاهد
يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في أثناء الطواف توضأ وبنى مع
الفصل، ومع طوله قَوْلَانِ: القديم يبطل ويستأنف، وبه قال أحمد، والقول
الجديد لا يبطل طوافه ويبني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن مسعود وابن الزبير
سنة الرمل أن يرمل من الحجر إلى الحجر. وعند عَطَاء ومجاهد والحسن وسعيد بن
جبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أنه يمشي بين الركنين اليمانيين
ولا يرمل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك في عدد الطواف بنى على يقين نفسه
وهو الأقل ولا يقلد غيره. وعند عَطَاء والفضيل بن عياض له أن يقلد الذي لا
يشك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمسور وعائشة لا يكره الجمع بين أسابيع
في الطواف ويركع لكل واحد منها. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وعروة
وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر وأَبِي ثَورٍ ومجاهد يكره ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضرت صلاة الجنازة وهو في الطواف لم
يخرج إليها واستقل بطوافه، فإن خرج إليها بنى على طوافه ولا يستأنف. وعند
أَبِي ثَورٍ أنه يستأنف الطواف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكره تلفيق أسابيع
الطواف. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يكره، وعنه رِوَايَة أخرى لا يكره
بشرط أن يقطع على وتر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمرأة أن تطوف وهي متقنعة،
وفعلته عائشة. وعند طاوس وجابر يكره لها ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يطاف بالمريض ويجزئ ذلك عنه.
وعند عَطَاء في إحدى الروايتين يستأجر له من يطوف عنه.
(1/387)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف
بصبي ونوى بالطواف عنه وعن الصبي، فإن الطواف يقع للمحمول دون الحامل، وإن
نوى عن الصبي ولم ينو عن نفسه فقَوْلَانِ: أحدهما يقع عنه. والثاني يقع على
الصبي. وعند مالك يقع للحامل دون المحمول. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد
وإِسْحَاق يقع عن الحامل والمحمول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمل والاضطباع من الهيئات. وعند سفيان
هو من الواجبات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ركعتا الطواف سنة في أحد القولين، وهو
قول مالك وَأَحْمَد، وواجبة في القول الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يصلي هذه الصلاة خلف المقام،
فإن فاته ففي الحرم، فإن فاته الحرم ففي أي موضع شاء. وعند الثَّوْرِيّ إن
لم يفعلهما خلف المقام لم يعتد له بهما. وعند مالك يجب عليه الدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم،
أو رجع إلى بلده ركعها حيث شاء من حل أو حرم. وعند مالك إن لم يركعهما حتى
رجع إلى بلده فعليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجزئ الصلاة المكتوبة عن صلاة الطواف.
وعند عَطَاء وجابر ابن زيد والحسن البصري وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن
الأسود وإِسْحَاق وَأَحْمَد أنها تجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للرجل أن يرمل على الصفا والمروة
ولا يستحب ذلك للمرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد اللَّه الداعي
والهادي وأبو طالب. وعند النَّاصِر منهم ترمل المرأة عليهما كالرجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يصلي عن الصبي الذي لا يعقل
الصلاة ركعتي الطواف. وعند مالك لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، ولا ينوب عنه الدم. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ هو واجب وليس بركن، وينوب عنه الدم. وعند
أَحْمَد في إحدى الروايتين لا شيء عليه، وفي الرِوَايَة الأخرى عليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضطبع في السعي. وعند أَحْمَد لا يضطبع.
(1/388)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب أن
يسعى بين الصفا والمروة، يبدأ بالصفا وإذا بلغ إلى المروة احتسب له واحدة،
وعند ابن جرير لا يحتسب له واحدة حتى يعود إلى الصفا، وهو قول أبي بكر
الصيرفي وابن خيران الشَّافِعِيّين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بدأ بالمروة لم يعتد به بذلك الشوط.
وعند عَطَاء في إحدى الروايتين إن جهل أجزأ عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدَّم السعي على الطواف لم يجزئه.
وعند عَطَاء وبعض أصحاب الحديث يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى ماشيًا ويجوز راكبًا لعذر
ولغير عذر. وعند عروة بن الزبير وعائشة يكره له ذلك راكبًا. وعند أَبِي
ثَورٍ لا يجزئه وعليه إعادته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعيد إن كان بمكة، وإن
رجع إلى بلده أجزأه وعليه دم.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر إذا أقيمت الصلاة وهو في السعي جاز له
قطع السعي ويشتغل بالصلاة، فإذا فرغ منها بنى من حيث قطع. وعند مالك يمضي
في سعيه ولا يقطعه إلا أن يخاف فوات وقت الصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى متطهرًا، فإن سعى محدثًا
أجزأه. وعند الحسن إن ذكر قبل أن يحل فليعد السعي، وإن ذكر بعد ما حل لا
شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ لا يجوز السعي إلا بطهارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لمن أحرم من مكة إذا طاف طواف
الوداع عند خروجه إلى منى أن يسعى بين الصفا والمروة ويجزئه ذلك، والأولى
أن يؤخره ليأتي عقب طواف الزيارة. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز
لمن أحرم من مكة أن يقدم السعي بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى، فإن
فعل ذلك لم يجزه، ويلزمه الإعادة. وإنما يجوز ذلك للقادم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسنُّ لأهل مكة الرمل والطواف. وعند
أَحْمَد وإِسْحَاق لا يسنُّ لهم ذلك.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا قدَّم السعي رمل في الطواف ولا يعيده في طوافه
للإفاضة، وإن أخَّر السعي إلى يوم النحر رمل في طواف الإفاضة. وعند
الشَّافِعِيّ أيضًا وَأَحْمَد وعبد الملك الْمَاجِشُون وأصحابه وابن عمر
وجابر بن عبد الله وعَطَاء وطاوس ومجاهد
(1/389)
والحسن ورَبِيعَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق القارن بين الحج والعمرة يقتصر على طواف واحد
ويسعى، ويستحب له طوافين وسعيين. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وجابر ابن زيد
وعبد الرحمن بن الأسود والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن بن
صالح بن حيي وعلي وابن مسعود يجب عليه أن يأتي بطوافين وسعيين، وبه قال
أَحْمَد في رِوَايَة. وشرح مذهب أَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا دخل مكة طاف وسعى
للعمرة، ولا يحلق حتى يطوف ويسعى يوم النحر، ثم يحلق ويتحلل منهما في حالة
واحدة، فإن لم يطف ولم يسع للعمرة حتى وقف بعرفة ارتفصت عمرته، وصح له
الحج، ولزمه قضاء العمرة ويجب عليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وقف القارن بعرفة قبل
طواف العمرة لم ترتفص عمرته، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ ترتفص عمرته، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب للإمام أن
يخطب في اليوم السابع من ذي الحجة بمكة بعد صلاة الظهر، ويأمر الناس بالعدو
إلى منى من الغد. وعند أَحْمَد لا تسن الخطبة في اليوم السابع من ذي الحجة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زالت الشمس يوم التاسع خطب خطبة
خفيفة وجلس، ثم يقوم إلى الخطبة الثانية ويأخذ المؤذن في الأذان والإمام في
الخطبة الثانية حتى يكون فراغ الإمام مع فراغ المؤذن من الأذان. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يأمر المؤذن بالأذان، ثم يخطب بعده كالجمعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فاته الجمع بعرفات مع
الإمام جمع وحده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له أن يجمع وحده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة ومن فيها من المقيمين لا يجوز
لهم القصر، وكذا لا يجوز للإمام إذا كان مقيمًا القصر، ويتم من خلفه من
المسافرين. وعند مالك يجوز القصر بعرفة للمسافرين وأهل مكة ومن بها من
المقيمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وادي
عرفة ليس هو من عرفة، فمن وقف به لم يجزه. وعند مالك هو من عرفة، ويجوز
الوقوف به وعليه دم، وبه قال ابن الصبَّاغ من الشَّافِعِيَّة.
(1/390)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن أول وقت الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة إلى
طلوع الفجر من يوم النحر. وعند مالك الاعتماد في الوقوف هو الليل، والنهار
تبع له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك جزءًا من زمان الوقوف أجزأه،
ليلا كان أو نهارًا. وعند مالك إن وقف بالليل دون النهار أجزأه. وعند أَبِي
ثَورٍ لا يجزئه، وبه قال ابن الوكيل من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف وهو مغمى عليه لم يجزه. وعند
مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأى هلال ذي الحجة واحد أو اثنان فرد
الحاكم شهادتهما. فإن الشهود يقفون يوم التاسع على حكم رؤيتهم، ويقف الناس
يوم العاشر عندهما، فإن وقف الشاهدان مع الناس يوم العاشر ولم يقفا يوم
التاسع عندهما لم يجزهما ذلك. وعند مُحَمَّد إن وقفا يوم العاشر مع الناس
أجزأهما، وإن وقفا يوم التاسع لم يجزهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخطأ عرفة من وقف بها في غير عرفة لم
يجزه. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذهب من عرفات قبل غروب الشمس ولم يعد
إليها حتى طلع الفجر الثاني من يوم النحر أراق دمًا، وهل هو واجب أو مستحب؟
قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ
وأبو ثور وَأَحْمَد، والثاني أنه مستحب. وعند الحسن يلزمه هدْي من الإبل.
وعند ابن جريج يلزمه بدنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد إلى عرفات قبل طلوع الفجر من يوم
النحر سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن عاد قبل غروب الشمس
فأقام حتى غربت الشمس يسقط عنه الدم، وإن عاد بعد ذلك لم يسقط عنه الدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن
جريج ويَحْيَى بن سعيد القطان لا يجوز لأهل مكة أن يقصروا الصلاة بمنى.
وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي أنه يجوز
لهم أن يقصروا الصلاة بمنى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دفع من عرفات
(1/391)
فالمستحب أن يؤخر المغرب إلى وقت العشاء
ليجمع بينهما بالمزدلفة، فإن صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وجابر ومُحَمَّد لا يجوز أن يصلي المغرب في وقتها،
فإن صلاها في وقتها أعاد بالمزدلفة في وقت العشاء. وعند الزَّيْدِيَّة لا
يجوز أن يصلي المغرب والعشاء في غير المزدلفة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة
أقام لكل واحدة منهما، وهل يؤذن للأولى؟ فيه الأقوال التي قدمناها في باب
الأذان. وعند أَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يؤذن أذانًا واحدًا ويقيم لكل واحدة
منهما. وعند مالك وعمر وابن مسعود يصليهما بأذانين وإقامتين. وعند
الثَّوْرِيّ وابن عمر يجمع بينهما بإقامة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء المبيت بمزدلفة نسك واجب
وليس بركن في الحج. وعند الشعبي والحسن البصري وَمَالِك والنَّخَعِيّ هو
ركن لا يتم الحج إلا به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع من المزدلفة قبل نصف النهار أراق
دمًا، وفي وجوبه قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ
وقتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني أنه
مستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر المستحب أن يأخذ الحصى لرمي جمرة العقبة
من المزدلفة. وعند عَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد يأخذ الحصى من حيث شاء.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن الوقوف على المشعر الحرام ليس
بركن من أركان الحج ولا واجب فيه، بل هو سنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة هو ركن من أركان الحج جاز
مجرى الوقوف بعرفة. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة هو واجب.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن من فاته الوقوف بعرفة وأدرك
الوقوف بالمشعر الحرام أنه لا يجزئه عن الوقوف بعرفة. وعند الْإِمَامِيَّة
أن ذلك يجزئه عن الوقوف بعرفة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز الدفع من مزدلفة بعد نصف
الليل. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب عليه أن يقيم بالمزدلفة حتى إلى طلوع الفجر،
فإن دفع قبل طلوع الفجر لعذر فلا شيء عليه، ولغير عذر فعليه دم. وعند مالك
إن مرَّ بها فعليه دم وإن نزل بها ثم دفع عنها فلا دم عليه، سواء دفع قبل
نصف الليل أو بعده.
(1/392)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء
وعكرمة وَأَحْمَد المستحب أن يرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، ويجوز رميها
بعد نصف الليل إلى غروب الشمس. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في
رِوَايَة وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رميها إلا بعد طلوع
الفجر الثاني. وعند مجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأكثر الصحابة
والتابعين لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الشمس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء ما بين جمرة العقبة وموضع
الرامي ليس بمقدَّر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يتقدر بخمسة أذرع.
وعند القاسم منهم يتقدر بعشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يستحب
أن يرمي جمرة العقبة في يوم النحر راكبًا. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة
يرميها ماشيًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ
وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع الحاج التلبية إلا مع أول حصاة
يرمي بها جمرة العقبة، ويبتدئ بالتكبير، وكذا المعتمر لا يزال يلبي حتى
يفتتح الطواف، وبهذا قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وابن عمر لا يلبي
الحاج بعد الوقوف، بل يقطعها عند زوال الشمس يوم عرفة، وبهذا قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعن مالك رِوَايَة أخرى كقول
الشَّافِعِيّ. وأما المعتمر فإن أنشأ العمرة من الميقات فإنه يقطع التلبية
إذا دخل الحرم، وإن أحرم بها من أدنى الحل قطع التلبية إذا رأى البيت،
وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند عروة
بن الزبير والحسن وابن عمرو أيضًا إذا دخل المعتمر الحرم قطع التلبية،
وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند سعيد
بن المسيب يلبي المعتمر حتى يرى عروش مكة. وعند سعد بن أبي وقاص وعائشة في
الحاج أنه يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف. وعند على وأم سلمة يقطع الحاج
التلبية ظهر يوم عرفة. وعند الحسن البصري يلبي الحاج حتى يصلي الغداة يوم
عرفة، فإذا صلى الغداة أمسك عنها. وعند ابن عَبَّاسٍ وميمونة وعَطَاء وطاوس
وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ يقطع التلبية إذا فرغ من الجمرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الرمي إلا بالحجر، فإن رمى بغيره من الكحل
والزرنيخ والتوت وإن كان متحجرًا، أو رمى بذهب أو فضة لم يجزه ذلك. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ يجوز الرمي بكل ما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ
والتوت إلا الذهب والفضة، فإنه لا يجوز الرمي بهما. وعند داود
(1/393)
وأهل الظاهر يجوز الرمي بكل شيء حتى لو رمى
بعصفور ميت أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يتعين صورة الحذف في
الرمي بل يستحب ذلك لا غير. وعند الْإِمَامِيَّة يتعين ذلك فلا يجزئه غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره أن يرمي بما رمى به، فإن رمى به
أجزأه، سواء كان هو الذي رمى به أو غيره. وعند أَحْمَد لا يجزئه. وعند
الْمُزَنِي يجوز أن يرمي بما رمى به غيره، ولا يجوز أن يرمي بما رمى هو به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والفقهاء إذا رمى سبع حصيات دفعة واحدة
لم يجز إلا عن حصاة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند
عَطَاء يجزئه لكن يكبر لكل حصاة تكبيرة، وعند الأصم يجزئه وعند الحسن إذا
كان جاهلاً أجزأه. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجزئه ويلزمه استئناف السبع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رمى بحصاة فوقعت على ثوب إنسان
فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزه وعند أَحْمَد يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يستحب أن يرمي يوم النحر
راكبًا، وكذا في يوم الثالث من أيام التشريق، ويرمي في اليومين الأولين من
أيام التشريق ماشيًا. وعند أكثر العلماء يستحب أن يرمي ماشيًا في جميع ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحلاقة نسك أو استباحة محظور قَوْلَانِ:
أصحهما أولهما، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ، والقول الثاني أنه استباحة محظور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ أن يحلق ثلاث شعرات،
والمستحب حلق جميعه. وعند مالك وَأَحْمَد يجب حلق جميعها. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ - رحمه الله - أقل ما يجزئه الربع، وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ
يجزئ ما يجزئ في مسح الرأس في الطهارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أراد الحلق بدأ الحالق بشقه الأيمن
ثم الأيسر. وعند أبي حَنِيفَةَ يبدأ بشقه الأيسر، فاعتبر الشَّافِعِيّ يمين
المحلوق، واعتبر أبو حَنِيفَةَ يمين الحالق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يكن على رأسه شعرًا
استحب له إمرار الموسى على رأسه ولا يجب ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب
عليه ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب
أن يبدأ يوم النحر بالرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف، فإن قدم الطواف على
الرمي، أو النحر على الرمي أجزأه
(1/394)
ولا شيء عليه، وإن حلق قبل أن يرمي فعليه
دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قدَّم الحلق على النحر، فإن كان مفردًا فلا
شيء عليه، وإن كان قارنًا أو متمتعًا فعليه دم. وعند أحمد الترتيب فيما
ذكرنا واجب، فإن حلق قبل الذبح أو قبل الرمي، فإن كان ناسيًا أو جاهلاً فلا
شيء عليه، وإن كان عامدًا فعليه دم في إحدى الروايتين. ونقل الترمذي عن
أحمد موافقة الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخَّر الحِلَاق عن أيام
التشريق فلا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه دم، وهو رِوَايَة أيضًا عن
أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
المستحب أن يكون نحر الهدْي في موضع التحلل، فإن كان معتمرًا فعند المروة،
وإن كان حاجًّا فبمنى، وحيث نحرا من فجاج مكة أجزأهما، وعند مالك لا يجزئ
المعتمر النحر إلا عند المروة، والحاج إلا بمنى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد الظهر يوم
النحر بمنى ويعلم الناس المناسك. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أول
وقت طواف الزيارة من النصف الثاني من ليلة النحر، وآخره ليس بمحدود، ففي أي
وقت طاف أجزأه ولا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ أول وقته طلوع الفجر الثاني
من يوم النحر، وآخره اليوم الثاني من آخر أيام منى، فإن أخره إلى اليوم
الثالث من أيام منى لزمه دم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند النَّاصِر
من الزَّيْدِيَّة إذا تركه وخرج من مكة فلا دم عليه. وعند الهادي منهم عليه
دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يطف طواف الزيارة وطاف للوداع وقع
عن طواف الزيارة. وعند أَحْمَد لا يجزئه ويقع عما عيَّنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن تعيين النية لا
يجب في طواف الزيارة وعند أَحْمَد يجب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع يحل بعد الفراغ من العمرة، سواء
ساق الهدْي أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وصاحبيه إذا ساق الهدْي لا يصير حلالاً حتى يفرغ من أعمال حجه، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تحلل التحلل الأول فلا يباح الوطء في
الفرج قولاً واحدًا. وفى دواعيه وعقد النكاح والاصطياد والطيب قَوْلَانِ.
ويباح له ما عدا ذلك قولاً
(1/395)
واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
يباح له جميع المحظورات إلا الجماع في الفرج خاصة، وظاهر كلام أصحاب
أَحْمَد أنه يمنع من الوطء ودواعيه، ونقل الترمذي عن أحمد وإِسْحَاق موافقة
الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة إذا طاف طواف الزيارة فقد تحلل من كل
شيء كان منه محرمًا إلا النساء، وليس له وطئهن إلا بطواف آخر متى فعله حللن
له، وهو الذي يسمونه طواف النساء. وعند يَحْيَى منهم لا يحل له الوطء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ يستحب رفع اليدين
في الدعاء عند رمي الجمرتين. وعند مالك لا يرفع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك الوقوف للدعاء عند الجمرتين فلا
شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ يطعم أو يهرق دمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يجوز رمي الجمار
إلا مرتبًا، يبدأ بالأولى وهي التي تلي مسجد الخيف، ثم بالوسطى، ثم بالسفلى
وهي جمرة العقبة. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ هذا الترتيب مستحب،
فإن رمى منكسًا أجزأه. وعند أحمد رِوَايَة في الناسي أنه يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وقت
الرمي من أيام التشريق بعد الزوال، فإن رمى قبل ذلك لم يعتد به. وعند
عَطَاء إن جهل فرمى قبل الزوال أجزأه. وعند طاوص إن شاء رمى أول النهار
ونفر. وعند عكرمة إن شاء رمى من أول النهار ولكن لا ينفر إلا بعد الزوال.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال استحسانًا،
وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وحكى عن أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أيضًا في اليوم
الأول والثاني الرمي من قبل الزوال، والمشهور عنه الأول. وعند إِسْحَاق إن
رمى في اليوم الأول والثاني قبل الزوال أعاد، وإن رمى في اليوم الثالث قبل
الزوال أجزأه. وعنده أيضًا إن رمى بعد طلوع الشمس يوم النفر الأول فلا شيء
عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخر الرمي إلى الليل فإنه لا يلزمه
شيء، فإن رمى بالليل أجزأه، وإن أخره إلى الغد ورمى من الغد أجزأه على أصح
القولين، وبه قال أحمد. وعند ابن عمر وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق إذا
فاته الرمي حتى غربت الشمس لم يرم بالليل، ويرمى من الغد بعد الزوال. وعند
عَطَاء لا يرمى بالليل إلا رعاء الإبل، وأما التجار فلا. وعند مالك
والثَّوْرِيّ إذا تركه بالنهار رماه ليلاً وعليه دم. وعند أَحْمَد إن
تعمَّد تركه إلى الليل رمى وعليه دم. وعنده أيضًا إذا أخر رمي جمرة العقبة
متعمدًا
(1/396)
فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أخر
إلى الليل رمى بالليل ولا شيء عليه، فإن لم يذكر بالليل حتى جاء الغد فعليه
أن يرميها وعليه دم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد
لا دم عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك حصاة من اليوم الثالث فيها ثلاثة
أقوال ذكرناها في السعي، وإن ترك ثلاث حصيات فما زاد لزمه دم، وإن ترك جميع
الجمرات فأصح القول أن عليه دم واحد. وعند أَحْمَد إن ترك حصاة فيها
روايات: إحداها: مد من طعام. والثانية: قبضة من طعام. والثالثة: لا شيء
عليه. والرابعة: عليه دم، وبها قال مالك، ووافق أَحْمَد الشَّافِعِيّ في
أنه إذا ترك ثلاث حصيات يلزمه دم. وعند مالك في الموطأ إذا نسي جمرة في بعض
أيام منى فلم يذكرها حتى صدر فعليه دم الهدْي، وحكى القاسم عن مالك أنه إن
ترك حصاة أراق دمًا، أما في جمرة أو في الجمار كلها فبدنة، فإن لم يجد
فبقرة وعند الحسن البصري إذا ترك جمرة واحدة تصدق على مسكين. وعند أَحْمَد
وإِسْحَاق إذا رمى الجمار بست فلا شيء عليه. وعند مجاهد إن ترك حصاة أو
حصاتين فلا شيء عليه. وعند طاوس من رمى الجمار بست يطعم تمرة أو لقمة. وعند
الحكم وحماد والْأَوْزَاعِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون إن ترك حصاة أو
حصاتين فعليه دم. وعند عَطَاء من رمى الجمار بست فإن كان موسرًا أراق دمًا،
وإن كان معسرًا صام ثلاثة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن ترك حصاة أو
حصاتين أو ثلاثًا أو أربعًا فعليه صدقة نصف صاع لكل حصاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا ترك المبيت ليالي منى أيام
التشريق فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه. وعند أَحْمَد ثلاث
روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ.
والثالثة عليه صدقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تختص الرخصة لأهل السقاية بأهل بيت
النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعند مالك تختص، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد ظهر اليوم
الثاني من أيام التشريق يوم النفر الأول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يتعجل في اليوم الثاني
حتى غربت الشمس لزمه المقام والمبيت حتى يرمي في اليوم الثالث. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز له أن يتعجل قبل طلوع الفجر ولا دم عليه. وعند الحسن البصري
وداود إن أقام حتى دخل وقت العصر
(1/397)
لم يلزمه أن يتعجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمي واجب فيجبر بالدم عند فواته وليس
بركن، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وعند عبد الملك الْمَاجِشُون هو ركن
لا يتم الحج إلا به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النزول بالمحصَّب - وهو موضع بين منى
ومكة - ليلة الرابع عشر مستحب وليس بنسك. وعند عمر بن الخطاب وأَبِي
حَنِيفَةَ أنه نسك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المريض عن الرمي بنفسه جاز أن
يستنيب غيره في الرمي، ويجزئ عنه ولا شيء عليه. وعند مالك يجزئه وعليه دم،
وحين يرمى عنه فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل طواف الوداع نسك يجب بتركه الدم؟
قَوْلَانِ: أحدهما أنه نسك يجب بتركه الدم، وبه قال الحسن وعَطَاء والحكم
وحماد والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني
أنه ليس بنسك ولا يجب بتركه الدم بل يستحب، وبه قال مالك. واختلفت
الرِوَايَة عن مجاهد فروى عنه مثل قول الحسن ومن وافقه، وروى عنه مثل قول
مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب طواف الوداع على كل من خرج إلى منزله
قريبًا كان من مكة أو بعيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على من كان في
المواقيت أو دونها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف للوداع، ثم حضرت صلاة مكتوبة
فصلاها لم يلزمه إعادة الطواف، وعند عكرمة يلزمه إعادة الطواف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طاف الوداع ثم أقام بمكة
لشراء متاع، أو عيادة مريض، أو زيارة صديق وما أشبه ذلك لزمه إعادة الطواف.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه أن يعيد ولو أقام شهرًا أو شهرين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ الأفاقي من أفعال
الحج ونوى الإقامة بمكة فإنه لا وداع عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى
الإقامة بعد أن رحل له النفر الأول لم يسقط عنه طواف الوداع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ولم يطف طواف الوداع عاد وطاف،
فإن كانت المسافة التي عاد منها لا يقصر فيها الصلاة سقط عنه الدم، وإن
كانت تقصر فيها الصلاة لم يسقط عنه الدم، وعند عَطَاء إن عاد بعد ما خرج من
الحرم لم يسقط عنه الدم، وإن
(1/398)
عاد قبل أن يخرج من الحرم يسقط عنه الدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس على المعتمر الخارج إلى التنعيم
وداع. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يودع فعليه دم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز
للحائض أن تنفر بغير وداع. وعند عمر وابن عمر وزيد بن ثابت عليها أن تقيم
حتى تطهر، ثم تطوف للوداع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحبس الجمَّال لأجل المرأة الحائض إذا
لم يكن طاف طواف الإفاضة ويقال لها احملي مكانك مثلك. وعند مالك تحبس أيضًا
ما يحبسها الدم، ثم تستظهر بثلاثة أيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء مكة أفضل من
المدينة. وعند مالك، ثم أَحْمَد في رِوَايَة المدينة أفضل من مكة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يكره المجاورة
بمكة بل يستحب. وعند أبي حَنِيفَةَ يكره.
* * *
(1/399)
باب الفوات والإحصار
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ من
فاته الحج لزمه أن يتحلل بعمل عمرة، وهو الطواف والسعي والحلاق، ولا ينقلب
ذلك إلى عمرة، ويسقط عنه توابع الحج وهو المبيت والرمي ويلزمه القضاء وشاة،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إلا في الفدية
فإنهما قالا: لا فدية عليه. وعند أَحْمَد وأبي يوسف ينقلب إحرامه إلى
العمرة ويتحلل بها ويجزئه عن عمرته، ولا دم عليه، ويقضي الحج من قابل. وعن
مالك ثلاث روايات: إحداهن كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لا قضاء عليه
كالمحصر، والثالثة يبقى على إحرامه إلى العام القابل، وبها قال أَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وبعض أصحاب أحمد. وعند الْمُزَنِي يلزمه أن يأتي بما بقي من
أفعال الحج من المبيت والرمي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
فاته حج التطوع كان عليه القضاء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا قضاء عليه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يخرج الدم في سنة القضاء أو في
سنة الفوات؟ وجهان، وبأولهما قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة وأحصر جاز له التحلل،
وعند مالك لا يجوز له التحلل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صد عن الحرم فتحلل، وكان الحصر عامًا
والحج الذي أحرم به تطوعًا فلا قضاء عليه، وإن كان واجبًا في هذه السنة فلا
قضاء عليه، وإن كان وجوبه سابقًا فهو باق في ذمته. وعند مجاهد والشعبي
وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه القضاء، سواء كان
الإحرام تطوعًا أو واجبًا. وعند عَطَاء إن شاء أتى بحجة، وإن شاء أتى
بعمرة، والحج أحب إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة المقيمون بها إذا أحرموا بالحج
وصدوا عن عرفة جاز لهم التحلل. وعند مالك لا يجوز لهم ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإحصار بالعدو دون المرض. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يكون الإحصار
(1/400)
بهما أو بأحدهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحصر أن يتحلل بغير هدْي. وعند مالك يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحصر في الحل إذا لم يمكنه
سوق الهدْي إلى الحرم جاز له نحره في الحل ويتحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
يجوز له نحره في الحل، ويلزمه أن يبعث به إلى الحرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن
يذبح ويتحلل قبل يوم النحر، لكن أبا حَنِيفَةَ يقدر له مدة، فإذا مضت تلك
تحلل، فإن وافق التحلل بعد الإحرام حلَّ، وإن وافق قبل النحر لم يحل. وعند
أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز له نحره إلا في يوم النحر، وبه قال
أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم المحصر الهدْي هل له بدل؟
قَوْلَانِ: أحدهما ليس له بدل ينتقل إليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأصحهما
له بدل ينتقل إليه، وبه قال أحمد ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا بدل له فليس له التحلل قبل
وجود الهدْي، أو الصوم على أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
والثاني: يتحلل في الحال ويثبت الهدْي في ذمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا له بدل ففي ذلك البدل ثلاثة
أقوال: أحدها الصوم، وبه قال أحمد. والثاني الطعام. والثالث يتخير بين
الطعام والصيام.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بدله الصوم فما هو؟ فيه
ثلاثة أوجه: أحدها صوم المتمتع وهو عشرة أيام، وبه قال أحمد. والثاني: صوم
التعديل. والثالث: صوم فدية الأذى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتحلل بالمرض. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحصر عن البيت بعد الوقوف
بعرفة فله التحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ذلك.
(1/401)
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
يجوز أن يشرط التحلل لغرض صحيح بأن يقول: إذا مرضت تحللت على أصح الطريقين،
وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة. ولا يجوز ذلك فى القول الآخر،
وبه قال الزُّهْرِيّ وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وعائشة وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأمة المزوجة ليس لها أن تحرم بغير إذن
زوجها وسيدها، ولا يجزئها في الإحرام إذن أحدهما. وعند مُحَمَّد بن الحسن
إذا أذن لها السيد جاز لها أن تحرم، وإن لم يأذن لها الزوج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للزوج منع زوجته الحرة من الحج الواجب في
أحد القولين، وليس له منعها في القول الثاني، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه لم
يكن للمشتري أن يحلله. وعند أَبِي يُوسُفَ له أن يحلله مع قوله أن السيد
الأول ليس له أن يحلله. وعند مُحَمَّد لا يكره له تحليله مع قوله أن السيد
الأول يكره له تحليله.
* * *
(1/402)
باب الهدْي
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ
وَمَالِك وابن عمر إذا كان الهدى بدنة أو بقرة استحب له تقليده نعلين
وإشعاره، وعند سعيد بن جبير لا يشعر البقر، وهو قول مالك إذا لم يكن لها
سنام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإشعار لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن
عمر الإشعار هو أن يشق صفحة سنامه الأيمن. وعند سالم بن عبد اللَّه
وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ يشق صفحة سنامه الأيسر. وعند مجاهد وَأَحْمَد
وإِسْحَاق يشق من أي جانب شاء، وبالوشم يشم من أي جانب شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا كان الهدْي من
الغنم استحب تقليدها خرب القرب، وهي عراها: الخلقة البائسة، ولا يقلدها
النعال ولا يشعرها. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يستحب تقليدها الخرب ولا
النعال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الهدْي نذرًا معينًا زال ملكه
عنه ولم يجز له التصرف فيه ولا إبداله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يزول ملكه
عنه وله التصرف فيه وإبداله، فإن باعه اشترى بثمنه هدْيًا مكانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الهدْي تطوعًا
فهو باق على ملكه وتصرفه إلى أن ينحر. وعند بعض المالكية أنه يصير بالإشعار
والتقليد واجبًا حتى أنه لو كان قد أحرم بالعمرة وساق هدْيًا تطوعًا ثم
أحرم بالحج لم يجز أن يصرفه إلى قرانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الصحابة والتابعين إذا قلد هدْيه لم
يصر بذلك محرمًا. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر والنَّخَعِيّ والشعبي وابن
المنذر أنه يصير بذلك محرمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا نذر هدْيًا
وساقه وهو مما يركب فلا يركبه إذا لم يضطر إلى ذلك، وتركه إذا اضطر إليه،
وله أن يركبه من إعياء، وإن نقص منه شيء بالركوب ضمنه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ ليس له ركوبه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز له أن يشرب من لبنه ما يفصل عن
ولده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يشرب من لبنه شيئًا، بل يرش
على الضرع الماء
(1/403)
حتى ينقطع اللبن إذا لم يكن ثَم ولده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف المهدي الهدْي المنذور، أو أخر
ذبحه حتى مات لزمه ضمانه بأكثر الأمرين من قيمته، أو هدْي مثله. وعند مالك
وأَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه قبضه يوم التلف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هدْيًا فذبحه آخر بغير إذنه وقع
الموقع على أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ويلزم الذابح أرش ما نقص.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك. والقول الثاني إن شاء جعله عن الذابح
وأخذ قيمته، وإن شاء أخذه وما نقص من قيمته. وعند مالك لا يلزمه المهدي،
ويلزمه هدْي بدله، وأضحية إن كانت أضحية وله على الأجنبي الأرش ويكون شاة
لحم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ إذا ضلَّ
الهدْي الذي عيَّنه عما في ذمته لزمه إخراج ما في ذمته، فإذا عاد الضال
لزمه إخراجهما جميعًا. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ
الأفضل أن ينحرهما جميعًا، فإن نحر الأول وباع الآخر أجزأه، واختاره من
الشَّافِعِيَّة القاضي أبو الطيب. وعند الحسن وعَطَاء إن نحر الأخير ثم وجد
الضال فعل به ما شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ ليس من شرط الهدْي
إيقافه بعرفات، وروى عن ابن عمر أنه كان لا يرى الهدْي إلا ما عرف به، ووقف
مع الناس لا يدفع به حتى يدفع الناس. وعند سعيد بن جبير البدن والبقر لا
يصلح ما لم يعرف. وعند مالك يستحب للقارن أن يسوق هدْيه من حيث يحرم، فإن
ابتاعه دون ذلك مما يلي مكة فلا بأس بذلك بعد أن يوقفه بعرفات، وقال في هدى
المجامع: إن لم يكن ساقه فيستره بمكة، ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه منه إلى
مكة ولينحره بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا عطب الهدْي فلا
يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويخفَى بينه وبين المساكين يأكلونه، وقد
أجزأ عنه، فإن أكل منه شيئًا غرم مقدار ما أكل منه. وعند بعض العلماء يضمن
ما أكل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الهدْي الواجب الذي يجب إبداله إذا عطب
يجوز له التصرف فيه بجميع التصرفات من الأكل والبيع وغير ذلك. وعند مالك لا
يجوز له التصرف فيه بالبيع.
(1/404)
مسألة: لا يختلف العلماء أن الأيام
المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وأما الأيام المعلومات فعند
الشَّافِعِيّ أنها العشر الأول من ذي الحجة وآخرها يوم النحر. وعند مالك
الأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، الحادي عشر والثاني عشر عنده من
المعلومات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المعلومات ثلاثة أيام يوم عرفة ويوم النحر
ويوم بعده. وعند علي وابن عبَّاس المعلومات أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم
النحر، ويومان بعده. وروى عن أحمد وعن ابن عمر أن الأيام المعلومات أربعة:
يوم النحر، وثلاثة أيام بعده واستحسن ذلك أحمد. وفائدة هذا الخلاف أنه يجوز
عند الشَّافِعِيّ ذبح الهدايا والضحايا في أيام التشريق كلها. وعند مالك لا
يجوز في اليوم الثالث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هديَا لا يعينه، ثم ذبح هدْيًا
وتلف اللحم بسرقة ونحوها لزمه الإعادة وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا
إعادة عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يأكل من الهدْي الواجب ويأكل
من هدْي التطوع. وعند ابن عمر لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد. وعن
الحسن قول ثان: أنه يأكل من جزاء الصيد ونذر المساكين. وعند الْأَوْزَاعِيّ
يكره أن يؤكل من الهدْي ما كان من جزاء الصيد وفدية الأذى أو كفارة، ويؤكل
ما كان من هدْي التطوع أو استمتاع أو نذر. وعند الحكم يأكل من الجميع. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ يأكل من هدْي القِرَان والتمتع والتطوع، ولا يأكل مما سوى
ذلك. وعند جابر لا يؤكل من هدْي التطوع، فإن أكل منه وجب الغرم على الآكل.
* * *
(1/405)
باب الأضحية
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وابن
عَبَّاسٍ وابن عمر وبلال وسعيد بن المسيب وعَطَاء وعلقمة والأسود وَأَحْمَد
وإِسْحَاق وسويد بن غفلة وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك في رِوَايَة
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأضحية سنة وليست بواجبة. وعند رَبِيعَة
والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك هي واجبة، كذا
نقله عنهم صاحب البيان والمعتمد، ونقل الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ وجوبها
على المقيمين من أهل الأمصار، قال: ويعتبر في وجوبها النصاب، قال: وهو قول
مالك والثَّوْرِيّ. ثم قال: ولم يعتبر مالك الإقامة، وهذا النقل أصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء تصح الأضحية عن الميت. وعند
بعضهم لا تصح عنه. وعند ابن الْمُبَارَك الأحب أن يتصدق عنه ولا يضحى، فإن
ضحَّى عنه فلا
(1/406)
يؤكل منها شيء، ويتصدق بها كلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى
قدر صلاة العيد والخطبتين، فإذا مضى ذلك جاز أن يضحى، سواء صلى الإمام أو
لم يصلِّ. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد هي مرتبة على فراغ الإمام
من الصلاة والخطبتين، فما لم يصل الإمام ويخطب لا يضحى. وروى أشهب عن مالك
أنه قال: لا ينحر حتى ينحر الإمام، فإذا ذبح قبل الإمام أعاده. وعند
الثَّوْرِيّ إذا فرغ الإمام من الصلاة جاز له أن يضحي والإمام يخطب. وعند
عَطَاء وقتها إذا طلعت الشمس. وعند ابن الْمُبَارَك وبعض العلماء إذا طلع
الفجر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لأهل السواد البادية أن يضحوا
قبل طلوع الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وعَطَاء يجوز لهم ذلك.
وعند مالك وقتها في حقهم يعتبر بأقرب البلاد إليهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وقت الأضحية يوم النحر وأيام
التشريق بعده. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن
عَبَّاسٍ وابن عمر وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يوم النحر ويومان بعده. وعند
سعيد بن جبير يوم النحر لأهل الأمصار خاصة وأيام التشريق، وبوم النحر لأهل
السواد، وعند جابر بن زيد لأهل الأمصار يوم واحد وثلاثة أيام، وروى أيضًا
عن سعيد بن جبير. وعند النَّخَعِيّ يضحي في يوم النحر ويوم بعده. وعند ابن
سِيرِينَ لا يجوز التضحية إلا في يوم النحر خاصة. وعند أبي سلمة بن عبد
الرحمن وقتها من يوم النحر إلى آخر ذي الحجة، وروى هذا أيضًا عن
النَّخَعِيّ والحسن البصري.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة يكره أن تذبح الأضحية وغيرها ليلاً، فإن ذبح أجزأه. وعند مالك
وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجزئه وتكون شاة لحم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يكره لمن أراد أن يضحى إذا دخل عليه عشر ذي الحجة أن يأخذ
شعره وظفره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكره له ذلك. وعند أَحْمَد في
رِوَايَة وإِسْحَاق يحرم عليه ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ في الأضحية الوحشي، وإنَّما يجزئ
الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أَحْمَد يجزئ الوحشي. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يجزئ
(1/407)
المتولد بين الوحشي والأهلي إذا كانت الأم
من الأهلي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ في الأضحية إلا الثني من الإبل
والبقر والمعز، والجذع من الضأن. وعند الزُّهْرِيّ وابن عمر لا يجزئ الجذع
من الضأن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئ الجذع من جميع الأجناس. ونقل في البيان
عن عَطَاء موافقة الْأَوْزَاعِيّ. وعند الحسن يجزئ الجذع من الإبل والبقر،
ونقل في المعتمد موافقة عَطَاء له فى الإبل. وعند أنس بن مالك أنه يجزئ
الجذع من البقر عن ثلاثة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الأفضل في
الضحايا الإبل ثم البقر ثم الجذع من الضأن، ثم الثني من المعز، والشاة أفضل
من مشاركة السبعة في بدنة أو بقرة. وعند مالك الأفضل الجذع من الضان، ثم
الثني من البقر، ثم الثني من الإبل.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجزئ
العضباء وهي التي انكسر ظاهر قرنها، وكذلك القصماء وهي التي انكسر باطن
قرنها. وعند مالك إن كانت العضباء يخرج من قرنها الدم لم يجز. وعند
النَّخَعِيّ وَأَحْمَد لا يجوز التضحية بالعضباء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره التضحية بمقطوعة الأذن وتجزئ. وعند
أَحْمَد لا تجزئ الأضحية بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره التضحية بالجلحاء، وهي التي لم يخلق
لها قرن وتجزئ. وعند النَّخَعِيّ لا تجزئ التضحية بالجلحاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العرجاء البين عرجها لا تجزئ في الأضحية.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجزئ ما دامت تمشي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجزئ التضحية بالعمياء. وعند بعض أهل
الظاهر أنها تجزئ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وعامة العلماء لا تجزئ
الشاة إلا عن نفس واحدة، وأما في الأجر فتجزئ اشتراك أهل البيت في ذلك.
وعند أَحْمَد وإِسْحَاق تجزئ عن الشخص وعن أهل بيته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره
أن يستنيب في ذبح أضحيته أو هديه يهوديًا ويجزئه. وعند مالك لا يجوز، فإن
استناب من ذكرناه وذبحها لم يجزه وكانت شاة لحم.
(1/408)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن
عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعَطَاء وَمَالِك يستحب التسمية في الذبيحة ولا يجب
ذلك، فإن تركها لم يؤثر وحل أكلها، سواء تركها عمدًا أو سهوًا، وعند الشعبي
وأَبِي ثَورٍ وداود هي شرط في الإباحة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ
وأصحابه هى شرط في الإباحة مع الذكر دون النسيان. وعند أَحْمَد لا يشترط مع
النسيان، ومع الذكر رِوَايَتَانِ. وعند أصحاب مالك إذا تركها عمدًا غير
متأول حرم أكلها، واختلفوا، فمنهم من قال: هي سنة، ومنهم من قال: هي شرط مع
الذكر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يصلي على النبي - صلى الله عليه
وسلم - على الذبيحة ولا يكره. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك. وعند
أَحْمَد لا يشرع ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقول على الذبيحة: اللهم منك
وإليك فتقبل مني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
اشترى شاة بنية أنها أضحية ملكها بالشراء ولم تصر أضحية. وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ تصير بذلك أضحية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أوجب
أضحية زال ملكه عنها، ولم يجز بيعها ولا إبدالها بغيرها. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعَطَاء وعكرمة ومجاهد وَأَحْمَد لا يزول ملكه عنها،
ويجوز بيعها وإبدالها. وعند مالك في الأضحية يجوز إبدالها، وفى الهدْي لا
يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يأكل من أضحية المتطوع بها ولا
يجب. وعند بعض الناس يجب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان ما يذبحه واجبًا عليه، فإن كان
متعلقًا بالإحرام لم يجز له الأكل منه. وعند مالك يجوز أن يأكل من الجميع
إلا ما كان إتلافًا، كدم الحلق، وتقليم الأظفار، وجزاء الصيد. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز أن يأكل من دم المتمتع والقِرَان دون غيرهما. وعند أَحْمَد
رِوَايَتَانِ: إحداهما كمذهب أَبِي حَنِيفَةَ، والأخرى كمذهب مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي هريرة لا يجوز بيع شيء من الهدْي في
الأضحية من الجلد أو اللحم نذرًا كان ذلك أو تطوعًا. وعند عَطَاء لا بأس
ببيع أهب الأضاحي. وعند الْأَوْزَاعِيّ والنَّخَعِيّ يجوز بيع جلودها بآلة
البيت التي تعار كالقدر والفأس والمنجل
(1/409)
والميزاب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيع
ما شاء منها إلا أنه يتصدق بثمنه، فإن باعه بآلة البيت جاز له الانتفاع
بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ يجوز أن يشترك
سبعة في بدنة أو بقرة في الهدي والأضحية، سواء كانوا متطوعين أو مفترضين،
أو بعضهم متطوعًا وبعضهم مفترضًا، وسواء كانوا أهل بيت أو أهل بيوت، وكذا
لو كان بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد القربة فالكل جائز. وعند مالك لا يجوز
اشتراكهم في الهدْي الواجب، ويجوز في التطوع، وكذا قال: لا يجوز اشتراكهم
في الأضحية الواجبة، ويجوز في المتطوع بها إن كانوا أهل بيت واحد، وإن
كانوا أهل بيوت شتى لم يجز. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كانوا كلهم متقرّبين
جاز، وإن كان بعضهم متقربًا وبعضهم يريد اللحم لم يجز. وعند إِسْحَاق بن
راهويه تجزئ البدنة عن عشرة، والبقرة عن عشرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اشترك ناس في بقرة
ظنوا أنهم سبعة فبان أنهم ثمانية لم يجزهم، وعليهم الإعادة. وعند أَحْمَد
يذبحون شاة وتجزئ عنهم. وعند إِسْحَاق يجزئهم، وإن ذبحوا شاة فهو الأفضل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لولي اليتيم أن يضحى عنه من ماله.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضحى عنه من ماله. وعند مالك له أن يضحي إذا كان يملك
ثلاثين دينارًا شاة تكون بنصف دينار ونحوه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا أتلف الأضحية
التي أوجبها على نفسه، أو فرط في تأخيرها حتى تلفت لزمه أغلظ الأمرين من
قيمتها ومثلها يوم التضحية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في
رِوَايَة يلزمه قيمتها يوم التلف خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز
شرب ما فضل من اللبن عن كفاية ولد الأضحية والهدْي، وكذا إذا مات ولدها جاز
له أن يشرب من لبنها. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك، ويرش على ضرعها
الماء حتى ينقطع اللبن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ولدت الأضحية ذبح ولدها
معها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يذبح ويدفع إلى الفقراء وهو حي، فإن ذبحه
أخرجه، وقيمة ما نقص بالذبح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أوجب أضحية فحدث بها عيب،
لو كان في الابتداء منع حن إجزائها أجزأه ذبحها، ولم يمنع ذلك من ذبحها،
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه.
(1/410)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ إذا قلع عين الهدْي تصدق بالأرش. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يباع
ويشترى بالجميع هدْيًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عيًن عما في ذمته أضحية فحدث عيب لم
يجزه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن حدث في حال الذبح أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضلت أضحيته فوجدها قبل
أيام التشريق ذبحها وكانت أداء، وإن وجدها بعد أيام التشريق ذبحها وكانت
قضاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يذبحها
ويسلمها إلى الفقراء حية، فإن ذبحها وفرَّق لحمها كان عليه أرش ما نقص
بالذبح، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأظهر من مذهب يَحْيَى
منهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
ذبح أضحية غيره الواجبة بغير إذنه أجزأت عن صاحبها، وكذا في الهدْي الواجب
يجزئه ويلزمه ضمان ما بين كونها أضحية في ملكه ومذبوحة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يجب عليه الضمان، وبه قال أحمد أيضًا. وعند مالك لا تجزئ عن
صاحبها وتكون شاة لحم، ويلزمه بدلها، ويرجع على الذابح بقيمتها. وعنده في
الهدْي تجزئه. وعند داود تجزئ في الواجب، وفي النفل رِوَايَتَانِ.
* * *
(1/411)
باب العقيقة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
العقيقة سنة مؤكدة وليست بواجبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنها ليست
بسنة. وعند الحسن البصري وداود والْإِمَامِيَّة هي واجب، وحكى ابن المنذر
عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان أن تعق الجارية، وروى ذلك عن بريرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد السنة أن
يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة. وعند مالك وابن عمر عن الغلام
شاة، وعن الجارية شاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يلطخ رأس المولود بالزعفران،
ويكره تلطيخه بدم العقيقة. وعند الحسن تطلى رأسه بدم العقيقة. وعند قتادة
يؤخذ صوفة من صوفها ويستقيل بها أوداجها. ثم يوضع على نافوخ المولود حتى
يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم تغسل رأسه بعد ذلك ثم تحلق.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه لا يجزى سوى الغنم. وعند أنس بن
مالك وأبي بكر أنه يعق بالجزور وهي من الإبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يعق يوم سابع المولود، فإن
قدَّم أو أخَّر جاز متى شاء وتحسب الأيام من يوم ولد. وعند مالك لا يحسب
اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر. وعند عَطَاء وَمَالِك وإِسْحَاق
بن راهويه إن أخر عن الثاني أخر عن الثالث. وعن مالك رِوَايَة أخرى إذا
فاته يوم السابع لم يعق بعد ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم العقيقة حكم الأضحية في الأكل منها
والتصدق والإهداء. وعند ابن جريج تطبخ بماء وملح وتهدى إلى الجيران، ولا
يتصدق منها بشيء، والله أعلم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن المرأة إذا جزَّت شعرها
لا كفارة عليها، وكذلك إذا خدشت وجهها حتى تدميه لا شيء عليها. وعند
الْإِمَامِيَّة عليها في جزِّ الشعر كفارة قتل الخطأ، عتق رقبة، أو إطعام
ستين مسكينًا، أو صيام شهرين متتابعين وفى خدش الوجه عليها كفارة يمين.
* * *
(1/412)
باب النذر
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النذر قربة ولا يكره. وعند ابن
الْمُبَارَك وجماعة من الصحابة والتابعين يكره ذلك، ومعنى الكراهة في
الطاعة والمعصية، وإن نذر الرجل بالطاعة فوفّى به فله فيه أجر، ويكره له
النذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال على كذا ولم يقل لِلَّهِ صح نذره
في أصح القولين، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. والقول الثاني لا يصح حتى
يقول لِلَّهِ على كذا، وبه قال أبو ثور والْإِمَامِيَّة وجماعة من
الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح النذر المطلق،
وبه قال أَحْمَد ومالك، وفيه وجه في مذهب الشَّافِعِيّ أنه لا يصح حتى
يعلقه على شيء، وبه قالت الْإِمَامِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه كلمة النذر لا
تفتقر إلى النية، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر والباقر
والصادق من الزَّيْدِيَّة وكذا المتكلمون أنه يفتقر إلى النية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك ومَسْرُوق إذا
نذر ذبح ولده، أو نفسه، أو والده، أو عبده لم يصح نذره ولم يلزمه شيء. وبه
قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعَطَاء
وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ إذا نذر ذبح عبده، أو مكاتبه، أو والده لم يلزمه
شيء، وإن نذر ذبح ولده، أو نفسه لزمه شاة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ:
إحداهما
(1/413)
يلزمه ذبح كبش، وبها قال أَكْثَر
الْعُلَمَاءِ، وهو قول إِسْحَاق، وروى عنهما أنهما قالا ذلك فيمن نذر ذبح
نفسه، والثانية تلزمه كفارة يمين، وبها قال سعيد بن المسيب وسعيد ابن جبير
وأبي عبيد. وعند ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة ينحر مائة من الإبل. وعند مالك
في رِوَايَة ينحر جزورًا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة ينعقد، ويجب عليه ذبح
شاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم الفطر أو يوم النحر أو
أيام التشريق لم يصح نذره، ولم يلزمه شيء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد نذره
ويلزمه أن يصوم في غير هذه الأيام، فإن صام فيها أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر معصية، أو نذرت المرأة صوم أيام حيضها لم
ينعقد هذا النذر في الصورتين، ولا يلزم الناذر شيء. وعند أَحْمَد وابن
عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر يلزم القادر كفارة يمين، وهو قول الربيع من
أصحاب الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من أخلف النذر حتى مات فلا
كفارة عليه. وعند الْإِمَامِيَّة عليه كفارة، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين
متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، وهو مخيَّر في ذلك، فإن تعذر عليه الجميع
كان عليه كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وبعض الصحابة والتابعين إذا كان
المنذور لأجله معصية لم ينعقد، ولا يلزمه كفارة يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يلزمه كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر فعل شيء
من المباحات كالأكل والشرب والنوم وما أشبهه لم يلزمه بذلك شيء، وبه قال
أكثر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد ينعقد نذره، ويكون بالخيار بين الوفاء
بما نذر وبين كفارة يمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند يَحْيَى
منهم إذا نوى به الْيَمِين لزمته الكفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة
وحفصة وأم سلمة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا نذر قربة في لجاج أو غضب، فإن
قال: إن كلمت فلانًا فلله عليَّ صلاة، أو صدقة مالي، أو مالي في سبيل الله،
أو صدقة فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين الوفاء بما نذر. وعند عَطَاء
يلزمه كفارة يمين، وله إسقاطها بأن يفي بما نذر إن كان أكثر من الكفارة،
وإن كان أقل لم يكن له ذلك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. وعند أبي
(1/414)
حَنِيفَةَ يلزمه الوفاء بما نذر بكل حال،
وهو قول للشافعي أيضًا. وعند الزُّهْرِيّ ومالك يتصدق بثلث ماله. وعند
النَّخَعِيّ وعثمان البتي يتصدق بجميع ماله، وعند رَبِيعَة وابن عمر يتصدق
من ماله بقدر الزكاة، وروى ذلك أيضًا عن ابن عباس. وعند جابر بن زيد إن كان
ماله كثيرًا لزمه أن يتصدق بعشره، وإن كان وسطًا تصدق بسبعه، وإن كان
قليلاً تصدق بخمسه، والكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائة. وعند
الشعبي والحارث العكلي والحكم وحماد لا يلزمه شيء. وعند قتادة فيمن قال أنا
أهدي جاريتي يهدي بدنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة إذا
نذر أن يتصدق بماله لزمه أن يتصدق بجميعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يتصدق بماله الزكاتي دون ما لا
زكاة فيه. وعند مالك، وكلذا عند أَحْمَد في أحد الروايتين يلزمه أن يتصدق
بثلث ماله من الزكوي وبغير الزكوي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب وأبو
عبد الله الداعي والقاسم. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يرجع في ذلك إلى ما
نواه من مال دون مال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: للَّهِ عليَّ نذر لم يصح حتى
يبيِّن المنذور به، ولا يلزمه كفارة يمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يلزمه
كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال للَّهِ علي أن أصوم كذا وكذا، أو
أتصدق بكذا وكذا لزمه ذلك، وبه قال مالك وأهل العراق. وعند بعض
الشَّافِعِيَّة لا يلزمه ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: لله عليَّ أن أهدي وأطلق
فقَوْلَانِ: أصحهما لا يجزئه إلا ما يجزئ في الهدْي من النعم، وهو قول
أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثاني يجزئه ما أهداه مما يتمول من زبيبه أو
تمره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صلاة مطلقة فأقل ما يجزئ ركعتين
في أحد القولين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، ورِوَايَة عن أحمد. والثاني
يلزمه ركعة، وهو الرِوَايَة الأخرى عن أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا نذر أن يصلي في المسجد الحرام لزمه أن يصلي فيه، فإن صلى
في غيره لم يجزه عن النذر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
(1/415)
والزَّيْدِيَّة يجوز أن يصلي في غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى مسجد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أو إلى المسجد الأقصى لم ينعقد نذره في أحد القولين، وبه
قال أبو حَنِيفَةَ، وينعقد في القول الآخر، وبه قال أَحْمَد
والْأَوْزَاعِيّ ومالك. وعند الْإِمَامِيَّة إذا نذر المشي إلى مشهد من
مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو علي - رضي الله عنه - أو أحد الأئمة
أو صيام فيه، أو صلاة فيه، أو ذبيحة لزمه الوفاء به. وعند اللَّيْث بن سعد
أنه متى حلف الرجل أن يمشي إلى بيت الله عز وجل ونوى ذلك مسجدًا من المساجد
أنه يلزمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يصلي في مسجد المدينة والمسجد
الأقصى، وقلنا على أحد القولين: إنه ينعقد النذر بالمشي إليهما فإنه لا
يجوز أن يصلي في غيرهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يتعين عليه الصلاة فيهما،
وله أن يصلي في غيرهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم الخميس بعينه، فصام
يومًا قبله لم يجزه. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئه، وهو قول بعض
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم سنة بعينها لم يلزمه قضاء
يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق. وعند أَبِي ثَورٍ يلزمه التتابع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم شهر مطلقًا استحب له صومه
متتابعًا بعينه فلم يصمه لغير عذر لزمه القضاء ولا كفارة عليه. وعند
أَحْمَد يلزمه القضاء وكفارة الْيَمِين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان
فهل يصح نذره؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه باطل، والثاني أنه صحيح، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان
فقدم نهارًا وهو مفطر لزمه قضاؤه على القول الذي يقول ينعقد نذره، وبه قال
أَحْمَد في إحدى الروايتين، إلا أنه أوجب الكفارة عليه، وفي الرِوَايَة
الأخرى لا يلزمه شيء أصلاً، وبه قال أبو يوسف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان صائمًا واجبًا أو متطوعًا يتم
صومه وقضى يومًا مكانه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في
إحدى الروايتين عنه، إلا أنه أوجب عليه الكفارة، وفى الرِوَايَة الأخرى لا
تجب الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا قضاء عليه. وعند أُبي
إذا وافق قدومه يومًا من رمضان فلا قضاء عليه، واختاره الخرقي من الحنابلة.
(1/416)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم
ليلاً لم يلزمه شيء، والأولى أن يصوم صبيحة تلك الليلة. وعند ابن القاسم
المالكي يلزمه صوم صبيحة تلك الليلة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر صيام رجب فصام عنه
جمادى لم يجزه. وعند أَبِي يُوسُفَ يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جُنَّ في جميع رجب لم
يلزمه القضاء. وعند أبي يوسف يجب القضاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم يوم بعينه، فأفطر لعذر لزمه
قضاؤه. وعند مالك إذا أفطر لمرض لم يلزمه قضاؤه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم عشرة أيام جاز صومها
متتابعًا ومتفرقًا. وعند داود يلزمه التتابع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر صوم سنة أو شهرًا، ثم حضرته
الوفاة في يومه لم يلزمه الكفارة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يلزمه
لكل يوم نصف صاع من بُرٍّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: لِلَّهِ عليَّ أن أصوم غدًا،
وكان الغد أول يوم من رمضان فصام بنية رمضان لم يجزه عن نذره، علم حين
النذر أنه من رمضان أو لم يعلم. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجزئه عنه
وعن نذره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه
أن يمشي إليه بحج أو عمرة، ويحرم من دون أهله في وجه، ويحرم من الميقات في
الوجه الثاني، وهو قول أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر نذرًا ولم يسم شيئًا ولم ينوه لم
يلزمه شيء. وعند ابن عبَّاس ومجاهد عليه أغلظ الكفارة عتق رقبة، أو صوم
شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا. وعند ابن عَبَّاسٍ أيضًا أنه يلزمه
في النذر عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، أو إطعام ستين مسكينًا، فإن لم
يجد فصيام شهرين. وعند النَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء والحسن والقاسم بن
مُحَمَّد وسعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ
ومُحَمَّد بن الحسن وابن مسعود وجابر عليه كفارة يمين. وعند بعض الناس إن
شاء صام يومًا وإن شاء أطعم مسكينًا، وإن شاء صلى ركعتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر المشي إلى بيت الله الحرام لزمه
قصده بحج أو عمرة،
(1/417)
وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة ومنهم
النَّاصِر أيضًا. وعنده أيضًا أنه يجزئه كفارة يمين ولا يلزمه المشي إلى
البيت، وبه قال منهم أَحْمَد بن عيسى ومُحَمَّد بن منصور المرادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو نذر المشي إلى الصفا والمروة أو إلى
بقعة من بقاع الحرم لزمه قصد الحج أو عمرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه
ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي
يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا نذر المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام فحكمه حكم
من نذر المشي إلى بيت الله الحرام. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يلزمه شيء، إلا
إذا نذر المشي إلى بيت الله أو إلى مكة أو إلى الكعبة استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر أن يذهب إلى البيت،
أو يخرج إليه لزمه الإتيان بنسك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يلزمه شيء.
* * *
(1/418)
باب الأطعمة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ حمر الوحش حلال، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة الهادي، وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ابن حمر الوحش حلال، وابن حمر الأهلي لا
يحل. وعند سائر الزَّيْدِيَّة ابن حمر الوحش والأهلي حرام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل لحم الخيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ يكره أكلها، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: كراهة
يتعلق بها الإثم، ولا يقول إنها حرام. وعند مالك أيضًا والحكم بن عتيبة لا
يؤكل، وخرج الحكم أنها حرام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء يحرم أكل لحوم
الحمر الأهلية. وعند ابن عبَّاس وَمَالِك وعكرمة وأبي وائل والْإِمَامِيَّة
هو حلال. وعند مالك أيضًا يحرم ولا يكره، ومن أصحابه من قال: هي حرام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وسعد بن أبي وقاص
وابن عمر وأبي هريرة وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل أكل الضبع. وعند سعيد
بن المسيب والثَّوْرِيّ واللَّيْث ومالك يكره أكله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يحرم كله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل كل الثعلب.
وعند عَطَاء وَمَالِك في إحدى الروايتين يكره أكله. وعند الحسن
والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأبي هريرة والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد في
إحدى الروايتين لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يحل أكل
اليربوع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل، وهو رِوَايَة أخرى عن أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل ابن عرس
والوبر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحرم أكلها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وعمر بن الخطاب وسائر
الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحل أكل الضبُّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
والْإِمَامِيَّة ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في إحدى روايتيه لا
(1/419)
يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وكافة العلماء يحل أكل
الأرنب. وعند عمرو بن العاص والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
في إحدى روايتيه لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وإِسْحَاق وابن
الْمُبَارَك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة
والتابعين ما يتقوى نيابه من السباع كالأسد والفهد والنمر وغير ذلك لا يحل
أكله، وكذا ما يتقوى بمخلب كالعقاب والنسر والبازي والشاهين والباشق فإنه
يحرم أكله. وعند مالك وداود يكره ذلك ولا يحرم، وكذا قال في الكلب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر
الزَّيْدِيَّة يحل أكل الجراد، سواء مات بسبب أو بغير سبب. وعند سعيد بن
المسيب واللَّيْث يكره أكلها. وعند مالك لا يحل إلا إذا مات بسبب، وهي إحدى
الروايتين عن أحمد، وحكى عن مالك أيضًا أنه يعتبر قطف رأسها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والزَّيْدِيَّة لا يحل أكل
السنور. وعند اللَّيْث يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وكافة العلماء يحرم أكل
الفيل. وعند الشعبي يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دود الجبن وذباب الباقلاء حلالان، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم أنهما حرامان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَأَحْمَد في أحد قوليه يحرم أكل حشرات الأرض كالفأرة والحية والعقرب
والخنفساء والعناكب والوزغ والعظاء واللحكاء، وهي دويبة كالسمكة يسكن
الرمل، وغير ذلك من الحشرات. وعند مالك يكره ذلك ولا يحرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل أكل الغربان. وعند قتادة وأبي
هشام يحل، وبه قال أصحاب الحديث إلا الأبقع. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ يحل الغراب الصغير. وذكر مُحَمَّد بن الحسن الراع أيضًا، وهو
غراب الزرع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ووافقه حماد والحكم في الزاد.
وعند مالك لا بأس بأكلها، وكذلك يقول في جميع الطير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره أكل
الجلَّالة، سواء كانت من الإبل والبقر والغنم أو الدجاج، وهي التي أكثر
أكلها العذرة. وعند أَحْمَد لا يجوز أكل لحمها وشرب لبنها وبيضها، وبه قال
القفال من الشَّافِعِيَّة. وكذا قال أَحْمَد في الزرع الذي
(1/420)
يطرح في النجاسة. وعند عمر وابن عمر أنه
يكره الركوب عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبست الجلَّالة وأطعمت الطاهرات حتى
زالت رائحة بدنها زالت الكراهة، وليس لذلك حد وعند بعض العلماء تحبس البقرة
أربعين يومًا، والشاة سبعة أيام، والدجاجة ثلاثة وقيل سبعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سقى الزرع والثمار بالماء النجس لم
يحرم أكل ثمرها، وعند أَحْمَد يحرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يحل أكل جميع ما يعيش في
البحر ولا يعيش في البر إلا الضفادع في أحد الوجوه، وزاد الشيخ أبو حامد
السرطان، وزاد القاضي أبو الطيب النسناس، وهو قول مالك وَأَحْمَد، واستثنى
أَحْمَد الضفادع والتمساح، ولا يحل في الوجه الثاني منه شيء إلا السمك وما
كان من جنسه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، ويحل في الوجه الثالث ما يؤكل شبهه
في البر، ولا يحل ما لا يؤكل شبهة في البر. وعند أحمد فى إحدى الروايتين لا
يحل ما عدا السمك إلا بزكاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد السمك حلال، سواء مات
بسبب أو بغير سبب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن مات بسبب حل، وإن مات بغير سبب
لم يحل. وإن مات بسبب حر الماء أو برده فقد اختلفت الرِوَايَة عنه فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمضطر أن يشبع من الميتة في أحد
القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة عنهما، ولا يزيد على سد الرمق
في القول الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وكذا مالك وَأَحْمَد في
الرِوَايَة الثانية عنهما، واختاره الْمُزَنِي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن مع المضطر مال، ووجد مالاً
لإنسان لزم صاحب الطعام أن يبذله بثمن ماله في ذمته، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد، وعند أحمد يلزمه أن يبذله بغير عوض، وبه
قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير
أكل طعام الغير وترك الميتة في أحد الوجهين، وبه قال عبد الله بن دينار.
والوجه الثاني يأكل الميتة، وبه قال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وأبو
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المحرم ميتة وصيدًا أكل الميتة
في أحد القولين، وبه قال الحسن وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن
ويأكل الصيد في القول الثاني، وبه قال
(1/421)
الشعبي وأبو يوسف والْإِمَامِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد المضطر آدميًا
ميتًا جاز له أكله. وعند مالك َوَأَحْمَد وابن داود لا يجوز. واعترض ابن
داود على الشَّافِعِيّ وقال: أباح الشَّافِعِيّ أكل لحوم الأنبياء، فعارضه
أصحاب الشَّافِعِيّ وقالوا: أباح ابن داود الأنبياء ولم يجعل لهم حرمة
لأنهم إذا اضطروا منعوا عن ذلك ماتوا جوعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز شرب الخمر للعطش ولا
للجوع ولا للتداوي، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وأَبِي يُوسُفَ والثَّوْرِيّ يجوز شربه لذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والباقر في التداوي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجوز شربه للعطش
خاصة، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة أيضًا يجوز شرب
اليسير منه للتداوي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرب أبوال الإبل، ولا بول ما
يؤكل لحمه لا للتداوي ولا لغيره. وعند مُحَمَّد وَمَالِك والثَّوْرِيّ وزفر
والْإِمَامِيَّة يحل شرب هذه الأبوال للتداوي وغيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يأكل
من ثمرة غيره بغير إذنه من غير ضرورة. وعند الحسن والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد
في إحدى الروايتين إذا مر ببستان غير محفوظ وفيه ثمرة رطبة جاز له أن يأكل
منه من غير ضرورة، والرِوَايَة الأخرى لا يأكل إلا لضرورة، ولا ضمان عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من العلماء لا يجوز أن يشرب من
لبن ماشية غيره إلا بإذنه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض العلماء إن كان
صاحبها فيها استأذنه وحلب وشرب، وإن لم يكن فيها أحد صوَّت ثلاثًا فإن
أجابه أحد استأذنه، وإن لم يجبه فليحتلب ويشرب ولا يحمل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز استعمال شعر الخنزير في خرز ولا
غيره، ومتى أصاب شيئًا رطبًا نجَّسه. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز
استعماله في الخرر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقعت نجاسة في دهن جامد ألقيت وما
حولها، وإن كان مائعًا نجس جميعه، ولا يجوز بيعه ولا أكله، ويجوز الاستصباح
به. وعند جماعة من أصحاب الحديث لا يجوز الاستصباح به. وعند داود إن كان
سمنًا فذلك حكمه، وإن
(1/422)
كان غيره لم ينجس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يجوز بيعه، وهو أظهر قولي الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن اليهود أو النصارى أو
غيرهم من الكفار إذا تولوا إصلاح الطعام لا يحرم أكله. وعند الْإِمَامِيَّة
يحرم أكله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الضيافة للمسلمين
بعضهم على بعض مستحبة، وليست بواجبة. وعند أَحْمَد هي واجبة إذا اجتارتهم
المسافرون. ومدة الواجب ليلة، والمستحب ثلاث، ومتى امتنع المقيم من ذلك كان
دينًا في ذمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كسب الحجام ليس بحرام. وعند بعض أصحاب
الحديث هو حرام على الحر، حلال للعبد.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ وصرح به ابن عمر وعبد الملك بن مروان
َوَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه يكره خصي الدواب، وروى عن عمر أنه نهى عن ذلك.
والْأَوْزَاعِيّ قال: كانوا يكرهون خصي كل شيء له نسل، وروى عن أنس وابن
عباس أنهما قالا في قوله تعالى: (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) هو
الخصي. وروى ابن عَبَّاسٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن خصي
البهائم". وعند الحسن وطاوس وَمَالِك يرخص في ذلك في ذكور الغنم، وخصي ابن
الزبير بغلاً له، وأمر عمر بن عبد العزيز بخصي الخيل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة يحل شرب ألبان الأتن،
ورخص في ذلك عَطَاء وطاوس والزُّهْرِيّ. وعند إِسْحَاق يجوز التداوي به
للضرورة ويغسل فمه للصلاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل شرب شيء من الأبوال، وعند
النَّخَعِيّ وعَطَاء وقتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة ما أكل لحمه فلا بأس ببوله، واختاره ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الشحوم المحرمة على
اليهود إذا تولوا ذكاتها لم يحرم أكلها. وعند بعض الحنابلة هي محرمة، وهي
إحدى الروايتين عن مالك وَأَحْمَد، والرِّوَايَة الأخرى عنهما يكره ذلك ولا
يحرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الشرب قائمًا. وعند الحسن وأنس
يكره ذلك.
* * *
(1/423)
باب الصيد والذبائح
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين ما
لا يعتبر فيه الذكاة كالسمك والجراد، وما يحل من دواب البحر فيحل أكل ما
مات بحرِّ الماء أو برده، أو مات حتف أنفه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يفتقر
ما عدا السمك مما يؤكل لحمه إلى الذكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن مات بسبب،
إما بضرب، أو بحبس الماء حل أكله، وإن مات ببرد الماء أو بحرِّه فهل يحل؟
رِوَايَتَانِ. وإن مات حتف أنفه لم يحل، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وهذه
المسألة هي المشهورة بأكل السمك الطافي. وعند الْإِمَامِيَّة إن طفى على
ظهره فهو ميتة لا يؤكل، وإن طفى على وجهه فهو مذكًّا فيؤكل، وطردوا هذا
التفصيل فيما إذا وجدت سمكة على ساحل البحر أو شاطئ نهر ولم يعلم هل هي
ميتة أو ذكية، قالوا: فتلقى على الماء فإن طفت على ظهرها فهي ميتة فلا
تؤكل، وإن طفت على وجهها فهي مذكاة فتؤكل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أكل ما اصطاده المجوسي من السمك
والجراد. وقد روى عن الحسن البصري أنه قال: رأيت رجالاً من الصحابة كلهم
يأكلون صيد المجوسي من الحيتان والجراد، لا يتلجلج في صدورهم شيء من ذلك،
وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند إِسْحَاق يؤكل صيد المجوسي في البحر ولا
يؤكل في البر. وعند عَطَاء يكره ذلك.
(1/424)
وعند مالك ما صاده المجوسي من الجراد
والحيتان فمات في يده فإنه لا يؤكل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
وعند اللَّيْث وكذا مالك أيضًا يحل السمك دون الجراد. واختلفت الرِوَايَة
عن مجاهد وعَطَاء وكذا النَّخَعِيّ أيضًا فأباحوه في إحدى الروايتين، ولم
يبيحوه فى الرِوَايَة الأخرى، وروى ذلك عن علي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تحل ذبائح أهل الكتاب.
وعند الْإِمَامِيَّة لا تحل ذبائحهم ولا التصرف فيها. وكذا عندهم لا يحل ما
يصيدونه بكلب أو غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلى لا تحل
ذبائح النصارى العرب، وهم تنوخ وبهرا وتغلب وبنو وائل. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ تحل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أبوه كتابي وأمه مجوسية أو وثنية
فقَوْلَانِ: أحدهما لا تحل، وبه قال أحمد. والثاني تحل، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ. وعند مالك الاعتبار بكون الذابح مسلمًا أو ذميًا، وإن كان أبواه
أو أحدهما على غير ملته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا
يجوز الذكاة بالسن والظفر، سواء كانا متصلين أو منفصلين. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا تجوز الذكاة بهما، فإن خالف وذكَّى بهما، فإن كانا متصلين لم
تحصل الذكاة بهما، وإن كانا منفصلين حصلت بهما، وحكى ابن القصَّار عن مالك
كقول الشَّافِعِيّ، وحكى عن بعض أصحابه أنه مباح بالعظم مكروه بالسن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
السُّنة في الإبل النحر، وفي البقر والغنم الذبح، فإن ذبح الابل ونحر البقر
جاز. وعند مالك لا يجوز في الإبل خاصة. وعند داود لا يجوز مطلقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السُّنة أن تنحر الإبل قائمة معقولة يدها
اليسرى. وعند عَطَاء ينحرها باركة لئلا يترشش الدم على الناحر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في إحدى الروايتين يجزئ في
الذكاة قطع الحلقوم والمريء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئ أقل من ثلاثة،
أو الودجين مع الحلقوم، أو مع المريء، أو الحلقوم والمريء وأحد الودجين،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة زيد بن على. ومن أصحابه من قال:
مذهبه أن قطع الأكثر من كل واحد من الحلقوم والمريء والودجين شرط في
الإجزاء، وهو الظاهر من مذهبه، وبه قال محمد، ومن الزَّيْدِيَّة
(1/425)
الداعي. وعند الآخرين منهم إذا بقي سير من
كل عرق حلَّ أكلها. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي وصاحب البيان
أنه يشترط قطع الأربعة، وهي الودجين والحلقوم والمريء، وهي رِوَايَة أخرى
عن أحمد، وبهذا قال جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر. ونقل عنه صاحب
المعتمد أنه يشترط قطع الحلقوم والودجين، ولا يشترط قطع المريء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره المبادرة إلى تقطيع الذبيحة وسلخها
قبل خروج روحها وسكونها، فإن خالف في ذلك حلَّ أكلها. وعند عَطَاء وعمرو بن
دينار لا تحل القطعة التي تقتطع منها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رأسها قبل ما ذكرناه كره ذلك ولا
تحرم. وعند سعيد ابن المسيب تحرم الذبيحة بذلك.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا ذبح الحيوان من قفاه نظر، فإن كان قبل قطع
الحلقوم والمريء وبعد قطع الرقبة فيه حياة مستقرة حلَّ أكله، وإن لم يبق
فيه حياة مستقرة لم تحل. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا تحل بكل حال. وعند علي
إن كان ذلك سهوًا حل، وإن كان عمدًا لم تحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره ذبيحة السارق. وعند عكرمة
وإِسْحَاق وطاوس تكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شق السبع بطن شاة وأبان حشوتها، ولم
يبق فيها حياة مستقرة إلا حركة المذبوح فذكيت لم تحل. وعند الشعبي والحسن
وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك واللَّيْث إذا مصعت بذنبها، أو طرفت بعين،
أو ركضت برجل فذكيت لم تحل. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا كان
فيها الروح فذكيت حلَّت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أكل الطحال والقضيب
والخصيتين والرحم والمثانة والكليتين. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم ذلك إلا
الكليتين فإنه يكره أكلها، واختلفت الزَّيْدِيَّة، فقال النَّاصِر
ويَحْيَى: يكره أكل الطحال، وقال القاسم: لا يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء استقبال القبلة بالذبيحة
مستحب غير واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الْإِمَامِيَّة
يجب ذلك عند إمكانه، وعند ابن عَبَّاسٍ يكره ذلك. وعند أبي طالب من
الزَّيْدِيَّة إذا اعتقد غير هذه القبلة أنها قبلة فاستقبل إليها بنفسه أو
بالذبيحة لا تؤكل لكفره، وكذا لو ترك الاستقبال استخفافًا، حرم لكفره.
(1/426)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز الاصطياد بسباع البهائم التي
يمكن أن تعلم الاصطياد كالكلب والفهد والنمر، وسباع الطير كالصقر والبازي
والباشق والعقاب وغير ذلك. وعند ابن عمر ومجاهد والْإِمَامِيَّة لا يجوز
الاصطياد إلا بالكلب وحده. ونقل الترمذي عن مجاهد موافقة الشَّافِعِيّ.
قاله مُحَمَّد بن عبد الله الرَّيمي عفا الله عنه. وعند الحسن وقتادة
وإِسْحَاق لا يجوز الاصطياد بالكلب الأسود البهيم. وعند بعضهم يكره صيد
البازي - قاله مُحَمَّد بن عبد اللَّه الرَّيمي عفا الله عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أشلى الشخص كلبه فاستشلى وحبس الصيد
ولم يأكل، وفعل ذلك مرة بعد مرة صار معلّمًا، وليس لتكرر ذلك عدد محصور،
وإنَّما الاعتبار بعرف الناس وعادتهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا
تكرر منه مرتين صار معلَّمًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا تكرر ذلك
منه ثلاثًا صار معلَّمًا. وعند بعض الناس إذا دعا الكلب صاحبه فأجابه
وأغراه واتبع الصيد وأمسك فهو معلم بأول فعلة يفعلها، وبه قال الحسن
البصري.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعَطَاء
وَمَالِك يستحب التسمية على الإرسال على الصيد وعلى الذبيحة، ولا يجب ذلك.
وعند الشعبي وأَبِي ثَورٍ وداود هي شرط في الإباحة. وعند الثَّوْرِيّ
وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هي شرط في الإباحة مع الذكر دون النسيان. وعند
أَحْمَد ثلاث روايات في الصيد: إحداها كقول الشعبي، والثانية كقول أَبِي
حَنِيفَةَ، والثالثة تجب عند إرسال الجارحة ولا تجب عند إرسال السهم. وعنده
فى الذبيحة لا يشترط مع النسيان، ومع الذكر رِوَايَتَانِ. وعند أصحاب مالك
إذا تركها عامدًا غير متأول حرم أكلها، واختلفوا فمنهم من قال: هي سنة،
ومنهم من قال: هي شرط مع الذكر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا أرسل المسلم جارحة
علمها مجوسي حل أكل ما صادته. وعند الحسن البصري وعَطَاء ومجاهد
والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وجابر لا يحل. وكره الحسن كلب اليهودي
والنصراني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل مسلم كلبًا مجوسي على صيده
فقتله حلَّ، وإن أرسل مجوسي كلب مسلم لم يحل. وعند ابن جرير الطبري أن
الاعتبار بمالك الكلب دون مرسله.
(1/427)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ إذا ردَّ كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم حلَّ أكله. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استرسل الكلب المعلَّم بنفسه، ثم
أغراه صاحبه فزاد في عدوه واحتد وقتله لم يحل صيده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد يحل. وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
وعند مالك رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استرسل الكلب بنفسه واصطاد وقتل
الصيد لم يحل. وعند الأصم يحل. وعند عَطَاء والْأَوْزَاعِيّ يحل إذا كان
صاحبه أخرجه للصيد.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل مسلم الجارحة، ثم أغراها
مجوسي فازداد عدوها، وأخذت الصيد وقتلته فهل يحل؟ وجهان: أحدهما يحل، وبه
قال الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة وَأَحْمَد. والثاني لا يحل، وبه قال
القاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة وأبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبه فشاركه كلب آخر فقتلا
الصيد لم يحل، وعند الثَّوْرِيّ يكره أكله. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاركه
كلب معلَّم حلَّ، وإن شاركه كلب غير معلم لم يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ أكل الكلب المعلَّم من الصيد لم يحرم
في أحد القولين، وهو قول عَطَاء وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وسعد
بن أبي وقاص وابن عمر وسلمان الفارسي، ويحرم ذلك في القول الثاني، وهو قول
الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وأَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وقتادة وعكرمة
وعَطَاء في رِوَايَة، وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك
وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وأَبِي يُوسُفَ وزفر ومُحَمَّد وأَبِي حَنِيفَةَ.
وعند الْإِمَامِيَّة إذا كان بادرًا أو شاذًّا، وكان الأغلب أنه لا يأكل حل
الأكل في ذلك الصيد، وإن كثر أكله منه وتكرر فإنه لا يحل الأكل منه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الجارحة الصيد بثقله أو شدة
صدمته من غير جرح حلَّ فى أحد القولين، وهي رِوَايَة الحسن بن زياد عن
أَبِي حَنِيفَةَ. ولا يحل في الثاني، وبه قال أحمد، وهي رِوَايَة أَبِي
يُوسُفَ ومُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يحرم ما أكلت منه الجارحة لم
يحرم ما تقدم من صيوده
(1/428)
قولاً واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم
ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن جارحة الطير والكلب والفهد وغيرها
سواء إذا أكلت من الصيد. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ والحكم وحماد بن أبي
سليمان وأبي جعفر مُحَمَّد بن على والثَّوْرِيّ وابن عَبَّاسٍ وأَبِي
حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يحرم ما أكلت منه جارحة الطير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حسى الجارحة من دم الصيد ولم يأكل
منه لم يحرم قولاً واحدًا. وحكى ابن المنذر عن النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ
أنهما كرها ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصيد والذبيحة إذا أصابهما ووقعا في
الماء لم يحلا. وعند ابن الْمُبَارَك وبعض العلماء يحل ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا رمى طائرًا وجرحه،
ثم وقع على الأرض ووجده ميتًا حل أكله، سواء مات في الهواء، أو بعد ما وقع
على الأرض، أو لم يعلم كيف مات. وعند مالك إن مات في الهواء قبل أن يسقط
على الأرض حل، وإن مات بعد ما سقط على الأرض لم يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عثر الصيد ولم يقتله فأدركه وفيه
حياة مستقرة، غير أنه مات قبل أن يتسع الزمان لذكاته فإنه يحل. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا ضرب صيدًا فقطعه اثنين
ومات حل أكل جميعه، سواء كان القطعتان متساويتين أو أحدهما أكثر من الأخرى.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانتا متساويتين، أو التي مع الرأس أقل حلتا، وإن
كانت التي تلي الرأس أكثر حلت دون الأخرى. وعند مالك إذا مات عضوًا منه لم
يحل العضو، وحلَّ الباقي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبه أو رمى سهمه فعقر الصيد
ولم يوجد وغاب عنه، ثم وجده فطريقان: يحل قولاً واحدًا، وقَوْلَانِ: أحدهما
هذا، والثاني لا يحل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تشاغل بطلبه عقيب العقر حل
أكله، وإن أخر طلبه لم يحل، وعند مالك إن وجده في يومه حل، وإن وجده بعد
يومه لم يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أرسل كلبه على صيد
بعينه فأصاب غيره وقتله، فإن كان في طريقه وسننه وسمته حل أكله، وكذا إن
كان في غير طريقه على أحد الوجهين. وعند مالك لا يحل أكله.
(1/429)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي
وابن مسعود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعَطَاء وطاوس والشعبي وأَبِي حَنِيفَةَ
وأصحابه إذا توحَّش أهلي كالبعير أو البقر إذا بدا وتردَّى ببئر، أو شردت
الشاة ولم يقدر على ذكاته في الحلق واللبة كان حكم ذلك حكم الوحشي في سقوط
اعتبار محل الذكاة، وتكون ذكاته حيث أصاب منه كالوحشي. وعند سعيد بن المسيب
ورَبِيعَة وَمَالِك لا يجوز ذكاته في الحلق واللبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك
وكافة الصحابة والتابعين وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا ذكّى ما يؤكل لحمه فوجد في جوفه جنينًا ميتًا حل أكله.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل. وعند مالك إن كان تام الخلقة ذُكِّي بذكاة
أمه، وإن كان خلقه لم يتم وشعره لم ينبت لم يحل أكله. وعند الْإِمَامِيَّة
إن كان كاملاً، وعلامة كماله أن ينبت شعره إن كان من ذوات الشعر، أو بظهور
وبره إن كان من ذوات الوبر فإنه يحل أكله وذكاة أمه ذكاة له، وإن لم يبلغ
هذا الحد وجبت تذكيته ذكاة منفردة إذا خرج حيًا، وإن لم يخرج حيًا فلا
يؤكل، ولا خلاف أنه إذا خرج حيًا وتطاولت حياته أنه يحتاج إلى الذكاة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ الكلب صيدًا ثم انفلت منه
قبل أن يدركه صاحب الكلب لم يملكه بذلك، وإن كان بعد ما أدركه فوجهان:
أحدهما لا يملكه، والثاني يملكه، سواء كان الصيد طائرًا أو غيره، وسواء لحق
بالبراري أو لم يلحق، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وكافة الزَّيْدِيَّة. وعند
مالك إن كان النظير في البلد وحوله فهو على ملك من كان بيده، وإن لحق
بالبراري وعاد إلى أصل التوحش زال ملكه عنه وكان لمن اصطاده، واستحسنه بعض
الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والزَّيْدِيَّة يحل أكل ما
صيد بالمعراض إذا موَّق بحده وقتل، ولا يحل إذا قتل بعرضه ولا ما صيد
بالحجر والبندق، وعند عمر وابن عمر لا يحل صيد المعراض. وعند سعيد بن
المسيب وابن أبي ليلى يحل ما صيد بالبندق والحجر إذا قتل.
مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ يقتضي أنه إذا رمى الصيد بسهم مسموم وكان يعلم
أنه لا يستضر بأكل لحمه لم يحل، وبه صرح صاحب المعتمد من أصحابه. وعند
الثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا علم أن سمه أعان على قتله لم يحل.
وعند بعض الناس إن أدركه
(1/430)
وفيه حياة مستقرة فذكَّاه حلَّ، وإن لم يكن
فيه حياة مستقرة لم يحل. وعند مالك إن أدركه وفيه حياة فذكَّاه فلا يعجبه
أكله ولا ينهى عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يحل أكل صيد أهل
الكتاب. وعند مالك لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رمى إلى ما يظن أنه حجر فبان أنه صيد
فقتله حلَّ أكله. وعند مالك وَأَحْمَد لا يحل أكله. وعند مُحَمَّد بن الحسن
إن ظن أنه حيوان حلَّ أكله، إلا أن يظن أنه إنسان فلا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج صيد الحرم إلى الحل حلَّ
اصطياده. وعند مالك لا يحل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحل صيد الأحبولة إذا مات. وعند الحسن
البصري لا بأس به إذا جرحته وكان قد سمى حين نصبها.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا رمى الصيد في الحل وهو في
الحل فأصابه ودخل الحرم ومات أنه يحل ولا شيء عليه. وكرهه أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حكم
الجراد حكم السمك إذا مات. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا مات
من غير سبب لم يحل أكله. وحكى عن مالك أيضًا أنه لا يحل إلا بذكاته، وذكاته
قطف رأسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح ذكاة المجنون والسكران. وعند مالك لا
تصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل جماعة كلابهم وقتلوا الصيد ولم
يعلم أيهم قتله حلَّ أكله، فإن اختلفوا، فإن كان الكلاب كلها متعلقة به فهو
بينهم بالسواء، وإن كان أحدهم متعلقًا به فهو لصاحب الكلب، وإن لم يكن واحد
منهم متعلقًا به وقف الصيد حتى يصطلحوا، فإن خيف عليه الفساد بيع ووقف
ثمنه. وعند أَبِي ثَورٍ يقرع بينهم فمن خرجت قرعته فهو له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المنخنقة والموقوذة والمتردية
والنطيحة وما أكله السبع إذا كانت الحياة التي بقيت معها كحركة المذبوح لم
يبح بالذكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يباح. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كان الجرح
الذي بها موجبًا لا تعيش لم تحل بالذكاة، وإن لم يكن
(1/431)
موجبًا حلَّ بالذكاة. ولا يعتبر طول الزمان
وقصره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة إذا أتت الذكاة على الصيد في المحطوط القاتل فحمل نفسه حتى وقع في
ماء أو تردَّى من جبل فإنه يباح، وكذا الصيد إذا كان جرحه موجبًا. وعن
أَحْمَد رِوَايَة أنه لا يباح، واختارها الخرقي من أصحابه.
* * *
قال مؤلفه متع به: انتهى تأليف ربع العبادات في أول يوم من شهر جمادى
الآخرة سنة تسع وستين وسبعمائة.
* * *
(1/432)
|