المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الإجارة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم يجوز عقد الإجارة على
المنافع المباحة،
(2/79)
مثل أن يؤجر نفسه أو غيره عنده للخدمة، أو
داره للسكنى وما أشبه ذلك. وعند عبد الرحمن الأصم والقاشاني لا يصح عقد
الإجارة على المنافع المباحة لأنها غرر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز عقد الإجارة على المنافع المحرمة، مثل أن يستأجر
رجلاً ليحمل له خمرًا لغير الإراقة. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي
حَنِيفَةَ يصح.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرط خيار الثلاث في
الإجارة المعينة وجهًا واحدًا، ولا المعقودة في الذمة في أحد قولين. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجوز شرط الخيار في الإجارتين كليهما، وبه قال
أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد لا
يجوز أن يستأجر بيتًا ليتخذه بيت نار، أو كنيسة، أو ليبيع فيه الخمر. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم إذا
استأجر دارًا أو بيتًا ليتخذه مسجدًا يصلي فيه صحت الإجارة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا تجوز إجارة الفحل للضراب. وعند مالك تجوز، وبه قال ابن أبي
هريرة من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار من رجل فحلاً وأعطاه هدية أو
كرامة، جاز لمالك الفحل قبولها. وعند أَحْمَد لا يجوز.
(2/80)
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
يجوز إجارة الدراهم والدنانير في أحد الوجهين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عين
الانتفاع به كان عارية، وإن أطلق ولم يعين جهة الانتفاع كان قرضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ إذا استأجر دارًا سنة، فلما
استكمل سكناها خرجت مستحقة لزمه أجرة مثلها، فإن كان الكراء أكثر مما
استأجرها به رجع بالفضل على الذي أجَّره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الأجرة
للمؤجر على المستأجر، ولا تكون لرب الدار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الاستئجار على كتب المصاحف. وعند
علقمة وابن سِيرِينَ يكره ذلك، إلا أن ابن سِيرِينَ يقول: يجوز إن استأجره
لغير كتابة المصحف، ثم استكتبه مصحفًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر كتابًا فيه قرآن، أو فقه، أو
طب، أو شعر مباح وما أشبه ذلك ليقرأ فيه صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
استأجر حائطًا ليضع عليه خشبًا معلومًا مدة معلومة صح. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز الاستئجار على
استيفاء القصاص في النفس والطرف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز في النفس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أجرة المقتص تجب على المقتص
منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب على المقتص له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك
المعقود عليه في الإجارة هي المنافع وعند أبي إِسْحَاق المروزي من
الشَّافِعِيَّة هي العين المستوفى منفعتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يستأجر شخصًا ليبيع ثوبًا بعينه
ويشتري ثوبًا بعينه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد يجوز إجارة الأرض بطعام معلوم لا يخرج منها، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند مالك والحسن وطاوس وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة
لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجوز للرجل
إن استأجر إنسانًا ليحمل له طَعَامًا بثلثه أو بربعه، أو يطحنه بثلثه أو
بربعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. وعند ابن أبي ليلى
يجوز، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
(2/81)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ منافع
الغير المستأجرة تحدث على مالك المستأجر. وعند أبي حَنِيفَةَ تحدث على مالك
المؤجر، ولا يملكها المستأجر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره أجرة السمسار. وعند الثَّوْرِيّ
وحماد يكره ذلك. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجوز أن يجعل له في الألف شيئًا
معلومًا، فإن فعل ذلك فله أجرة المثل. ويجوز أن يستأجره شهرًا يبيع له
ويشترى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ نحو ما قال أبو ثور، إلا أنه قال: تكون له
أجرة المثل ولا يجاوز بها قدر ما سماه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز
إجارة المتاع من الشريك وغيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز من
غير الشريك، ومن الشريك رِوَايَتَانِ: أصحهما الجواز. وعند أَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد لا تجوز إجارة المشاع بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال: استأجرتك
لتخيط لي هذا الثوب يومًا لم يصح. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال آجرتك داري هذه
شهرًا، فلا بد من أن يقول من الآن أو من هذا الوقت، فإن أطلق ولم يقل ذلك
لم يصح العقد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح العقد
مع الإطلاق، ويحمل على عقيب العقد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال آجرتك داري شهر رجب وهو في جماد
لم تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
تصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكرى داره شهرًا لم يجز أن يكرى
الشهر الثاني من غير المكترى، وفي المكترى قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب. والثاني لا يجوز وبه قال أبو
حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن يَحْيَى، وكذا لو لم
تكن مكراه فأراد أن يكريها الشهر الثاني أو بعد أيام أو يومين أو يوم لم
يجز ذلك كله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك كله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال آجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم،
ولم يبين عدد الشهور لم يصح على المشهور من القولين، ويصح في الشهر الأول
على القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا
انقضى الشهر الأول كان لكل واحد منهما الفسخ، فإن لم يفسخا حتى مضى من
الشهر الثاني فليس لواحد منهما أن يفسخ. وعند أَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يلزم في الشهر الأول، ويلزم فيما بعده بالدخول.
(2/82)
وعند المالكية يجوز الإطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر جملاً ليحمل عليه محملاً فلا
بد أن يكون المحمل معلومًا بالمشاهدة، ولا يكفي فيه الصفة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز العقد عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعاليق التي يحتاج إليها في السفر، مثل
القدر والدلو والحبل والقربة والركوة إذا ذكرها المكترى وكانت معلومة له
إما بالمشاهدة أو الوصف صح، وإن أطلق لم يصح. وعند بعض الناس يصح استحسانًا
ويحمل على العرف. ولأصحاب الشَّافِعِيّ في ذلك طريقان: أحدهما لا يصح.
والثاني يصح ويحمل على العرف. وهو الوسط. ومنهم من قال: لا يصح قولاً
واحدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع ثوبًا لإنسان ليبيعه له بقدر وما
زاد فله فإنه لا تصح الإجارة، ومتى باع صح البيع وله أجرة المثل. وعند ابن
سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عبَّاس يجوز ذلك، وقال أحمد: تشبه
المضاربة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أراد أن يكرى العين
المستأجرة قبل قبضها لم يجز. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر شخصًا ليحمل له متاعًا إلى
بلد فبلغ به طرف تلك البلد فللمكرى حط المتاع هنالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يلزمه أن يبلغ به إلى منزل المكترى فى ذلك البلد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجرت امرأة عبدًا لخدمة الخلوة لم
تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح الإجارة، والخدمة حرام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو استأجر امرأة أجنبية لخدمة الخلوة لم
تصح الإجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أجره ظهرًا على أن
يسلمه إليه بعد مدة لم تصح. وعند مالك إن قل الأجل جاز، وإن كثر لم يجز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن قلَّ إذا استأجره لحفر قبر فليس عليه
ردّ التراب إلى القبر بعد وضع الميت فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز
إجارة منفعة بمنفعة، سواء أكانت المنفعة جنسًا واحدًا أو جنسين. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا يجوز في الجنس الواحد، وهو إذا
(2/83)
أجَّر منفعة دار بمنفعة دار، أو منفعة عبد
بمنفعة عبد، ويجوز في الجنسين، وهو أن يؤاجر منفعة دار بمنفعة عبد، أو
منفعة عبد بمنفعة بهيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره إجارة الحلي
بأجرة من جنسه. وعند أحمد تكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استئجار طريق في دار إنسان إلى
داره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا فقد دراهم ولم تختلف قيمتها لم
يجز إبدالها في أحد الوجهين، وتجوز في الأجرة، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ لا يجوز استئجار الأجير بنفقته وكسوته، سواء أكان الأجير
مرضعة أو غيرها. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز في
المرضعة دون غيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أخذ الأجرة
على الحج والأذان. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت بين رجلين حنطة مشتركة بينهما
جاز لأحدهما أن يستأجر الآخر على طحن نصيبه منها، أو على عمله إلى موضع
آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأجرة في الإجارة تجب بنفس
العقد، فإن شرط تعجيلها تعجلت، وإن شرط تأجيلها تأجلت، وإن أطلق كانت
معجَّلة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تجب بالعقد ولا بالتسليم. والقياس عنده
يقتضي أن المكترى كلما قبض جزءًا من المنفعة وجب عليه تسليم ما في مقابلته
من الأجر، ولكن يشق ذلك فيجب عليه كلما مضى يوم من المدة تسليم ما في
مقابلته من الأجر. وعند مالك لا يستحق إلا بمضي المدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الأجير المشترك إذا عمل
بعض العمل، بأن خاط بعض الثوب استحق بقسطه من الأجر. وعند الزَّيْدِيَّة لا
يستحق ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قبض المستأجر العين
المستأجرة ومضى زمان يمكن أن يستوفى فيه منفعتها، أو عرض المؤاجر العين
المستأجرة على المستأجر فلم يقبضها
(2/84)
ومضى زمان قد كان يمكنه استيفاء المنفعة
فيه استقرت الأجرة المسماة على المستأجر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تستقر
عليه حتى يستوفى المنفعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا استأجر عينًا
إجارة فاسدة وقبضها، فإن انتفع بها وجب عليه أجرة المثل. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجب عليه أقل الأمرين من المسمى، أو أجرة المثل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا لم ينتفع
المستأجر بالعين المؤجرة إجارة فاسدة بعد قبضها وجب عليه أجرة المثل. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى منه كحلاً واستأجره ليكحله
فقَوْلَانِ، لأنه بيع وإجارة وعند المالكية إذا استأجره ليبني له حائطًا
والأجرة من عنده جاز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى دابة ليركبها يومًا، ركبها من
طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ أنه يركبها
من طلوع الشمس إلى غروبها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره أجرة الحاسب والقاسم والمعلم
والقاضي. وعند ابن عنبسة يكره ذلك. وعند إِسْحَاق أجرة الحاسب والقاسم
والقاضي أهون من التعليم. وروي عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلاً يحسب
حسابًا بين أهل السوق فنهاه أن يأخذ عليه أجرًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ والثَّوْرِيّ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز فسخ الإجارة بالأعذار بغير عيب
بعد لزومها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز فسخها بالأعذار، كما إذا استأجر
حمَّالاً ليحمل عليه. فمرض أو بدا له من الحجج، أو استأجر دكانًا ليبيع فيه
البز فهلك، أو اكترى دارًا في بلد ليسكنها فخرج من تلك البلد، وما أشبه
ذلك.
* * *
(2/85)
باب ما يلزم
المتكاريين وما يجوز لهما
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا
استأجر عينًا على عمل فاستوفاه، أو استأجرها مدة فمضت تلك المدة وهي في يده
لزم المكترى ردّها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والنَّاصِر. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة
المؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دارًا للسكنى خابيات للطعام
جاز. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دارًا لم يرها، ووصفت له
فقَوْلَانِ: كبيع العين الغائبة التي لم يرها أحد المتعاقدين. وعند أَبِي
ثَورٍ إن كانت كما وصفت صحت الإجارة، وإن لم تكن كما وصفت لم تصح الإجارة.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح العقد، ويكون له الخيار إذا رآهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي
يُوسُفَ إذا استأجر دارًا ليسكنها ثم تزوج، أو اشترى جارية فله أن يسكنها
معه. وعند أَبِي ثَورٍ ليس له أن يسكنها معه، وقال الهيمري من
الشَّافِعِيَّة: وهو القياس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
قبض المستأجر العين المستأجرة فله أن يكريها من المكرى ومن غيره، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا
يجوز له أن يكريها من المؤجر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ واللَّيْث وعثمان البتي
وَمَالِك في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إجارة المستأجر بمثل
الأجرة المستأجر به وبأقل منها وبأكثر. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز أن يؤجرها
بأكثر من ذلك إذا اختلف نوع الأجرة، بأن استأجر بدينار فله أن يؤجر بثلاثين
درهمًا، وله أن يؤجر بأكثر من قيمتها لدينار عن سائر العروض. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والحسن بن حُيي وَأَحْمَد في
رِوَايَة والْإِمَامِيَّة وَمَالِك وكذا اللَّيْث وعثمان البتي في إحدى
الروايتين يجوز بأكثر من الأجرة التي استأجر بها، إلا أن يكون قد أحدث فيها
عمارة فتكون الزيادة على الأجرة في مقابل العمارة، فإن فعل ذلك تصدق
بالفضل. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها به، إلا
أن يأذن
(2/86)
صاحبها، ولو خالف واستأجرها بأكثر مما
استأجرها به من غير إذن صاحبها وسلَّمها إلى المستأجر الثاني فتلفت في يده
فالأقرب أن لا ضمان عند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سائرهم يجب
الضمان عليه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر دابة مطلقًا لم يلزمه
المسير للرواح في أحد الوجهين. وملزمه في الثاني. وعند مالك إن كانت العادة
جارية بذلك لزمه، إلا أن يشترط، أو كان لا يطيق المشي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استدت البالوعة، أو احتاجت البئر إلى
تنقية كان ذلك على المكرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أن يكون ذلك على
المكترى. والاستحسان أن يكون ذلك على المكرى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر أرضًا ليغرسها مدة
معلومة، فغرسها ثم انقضت المدة واختار المستأجر تبعية الغراس في الأرض،
فصاحب الأرض بالخيار إن شاء طالبه بالقلع وضمن له ما ينقص بالقلع، وإن شاء
دفع إليه ثمن الغراس، وليس له إجباره على القلع من غير ضمان ما ينقص
بالقلع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ له مطالبته بالقلع من
غير أن يضمن له ما نقص بالقلع، واختاره الْمُزَنِي. وعند مالك المكرى
بالخيار بين أن يطالب بالقلع من غير ضمان، أو يدفع قيمته ليكون له، أو
يبقيه في الأرض ويكونان شريكين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تأخر انتهاء الزرع على
انتهاء المدة لشدة البرد، أو غير ذلك لم يلزمه نقله، وله تركه إلى أوان
الحصاد، وعليه أجرة المثل لتلك المدة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يلزمه قلعه،
إلا أن يختار رب المال تبقيته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أرضًا ليزرعها زرعًا، وسمى
ذلك الزرع كان له أن يزرع ما سواه وكل ما كان ضرره ضر ذلك الزرع، ولا
يتعيَّن عليه زرع بعينه، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند داود
وأهل الظاهر يتعين عليه الزرع الذي سمَّاه، وليس له أن يزرع غيره.
* * *
(2/87)
باب ما يوجب فسخ
الإجارة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا استأجر عبدًا أو دابة
فقبضها المستأجر، ثم ماتت قبل أن يمضي شيء من المدة انفسخت الإجارة وسقطت
الأبخرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنفسخ وتستقر الأجرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان البتي وَمَالِك وإِسْحَاق
وَأَحْمَد لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين، ولا بموت أحدهما. وعند
الثَّوْرِيّ واللَّيْث وأَبِي حَنِيفَةَ تنفسخ بموتهما، أو بموت أحدهما.
وعند بعض أهل العراق لوارث الميت الخيار في الفسخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح بيع المستأجر من المستأجر في أصح
القولين، وبه قال مالك. والثاني لا يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، ويقف
على إجارة المستأجر فإن أجاز صح، وإن ردّ بطل. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة إن
باعها لضرورة صح، وإن كان لغير ضرورة لم يصح. وعند أبي طالب منهم ينعقد
البيع مع الكراهة، ولكن لا يتم لتعذُّر التسليم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أجر داره شهرًا وسلمها إلى المستأجر
نصف شهر، ثم غصبه عليها وحال بينه وبينها في النصف الآخر استحق عليه أجرة
ما سكن. وعند أَحْمَد لا يستحق أجر ما سكن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز للرجل أن
يستأجر زوجته لإرضاع ولده. وعند أَحْمَد يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أجرت نفسها ثم تزوجت لم يكن للزوج
فسخ الإجارة. وكذا إذا أجر عبده، ثم أعتقه لم يثبت للعبد الخيار في فسخ
الإجارة. وهل يرجع على سيّده بأجرة المثل في المدة؟ قَوْلَانِ: وكذا إذا
أجر الصبي وليه، ثم بلغ قبل انقضاء المدة، فإنه ليس له الفسخ. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يثبت له خيار الفسخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبرأ المؤجر المستأجر من الأجرة قبل
قبضها صح. وعند أبي يوسف لا يبرأ من الأجرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره ليكحله في المدة ولم تبرأ
عينه استحق الأجرة. وعند مالك لا يستحق الأجرة إذا لم تبرأ عينه.
(2/88)
باب تضمين المستأجر
والأجير
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا اكترى دابة للركوب أو الحمل، فضربها الضرب المعتاد في سير
مثلها، أو كبحها باللجام حسب العادة فلا ضمان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يجب عليه الضمان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى ظهرًا من الجنر إلى عدن فركبه
إلى عدن، ثم ركبه من عدن إلى أبير فإن عليه الأجرة المسماة، وعليه أجرة
المثل بركوبه من عدن إلى أبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه أجرة المثل
لما زاد بناءً على أصله أن النافع لا تضمن بالغصب. وعند مالك إذا جاوز بها
إلى مسافة بعيدة، مثل إن اكتراها إلى واسط فركبها إلى البصرة فصاحبها
بالخيار بين أن يطالبه بأجرة المثل وبين أن يطالبه بقيمتها يوم التعدي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجب
ضمان الظهر على المكترى من حين جاور من عدن إلى أبير، وإن ردّه من أبير إلى
عدن لا يزول عنه الضمان حتى يرده إلى يد مالكه أو وكيله. وعند مُحَمَّد
وزفر يزول عنه الضمان.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا تلفت العين في يد الأجير الشترك بغير تفريط،
فهل يضمن؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجب عليه الضمان، وبه قال مالك وابن أبي ليلى
وعمر وعلى. وأصحهما لا يجب، وبه قال عَطَاء وطاوس وزفر وَأَحْمَد وإِسْحَاق
والمزني. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعبيد الله بن الحسن إن تلفت العين
بأمر ظاهر كالحريق والنهب فلا ضمان عليه، وإن تلفت بغير ذلك ضمن. وعند مالك
الصناع خاصة يضمنون إذا انفردوا بالعمل دون الأجرة، فإن قامت بينة لهم سقط
الضمان. وعند الْإِمَامِيَّة الصنَّاع ضامنون للمتاع، إلا أن يظهر هلاكه،
أو يشتهر، أو تقوم بينة بذلك، وهم أيضًا ضامنون لما جبته أيديهم على المتاع
بتعد وغير تعد، وسواء كان الصانع مشترك أو غير مشترك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن تلفت بفعله ضمنها وإن كان الفعل
مأذونًا فيه، وإن تلفت بغير فعله فلا ضمان عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا
يضمن القصَّار الحريق، ويضمن الأجير المشترك إذا لم يشرط أنه لا ضمان عليه.
وعند الحسن بن حُيى من أخذ الأجرة فهو ضامن تبرأ أو لم يتبرأ. ومن أعطى
الأجرة فلا ضمان عليه وإن شرط، ولا يضمن الأجير المشترك من عدو أو موت.
وعند اللَّيْث بن
(2/89)
سعد الصنَّاع كلهم ضامنون لما أفسدوا أو
هلك عندهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر ثوبًا ليلبسه، أو دابة
ليركبها جاز أن يلبس الثوب ويركب الدابة غيره إذا كان في مثل حاله. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يلبس غيره، ولا يركب الدابة غيره
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم إلى حائك غزلاً لينسج له ثوبًا
طوله عشرة أذرع وعرضه أربعة، فنسجه دون الطول والعرض المذكورين استحق من
الأجرة بحصة ما عمل من المسمى، وإن نسجه أكثر مما قدر له لم يستحق زيادة
على المسمى. وعند محمد ابن الحسن إن جابه أطول أو أقصر من ذلك فصاحب الثوب
بالخيار بين أن يأخذ الثوب ويعطيه بحسابه من الأجرة، وبين أن لا يأخذ الثوب
ويطالبه بمثل غزله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره لينسج له غزلا ثوبًا صفيقًا
فنسجه رقيقًا كان له أجرة المثل، وإن استأجره لينسجه رقيقًا فنسجه صفيقًا
فله المسمى، ولا شيء له للزيادة فى العمل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن قيمة
الغزل في الحالين والثوب له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جحد النسَّاج الغزل، ثم نسجه ثوبًا
فالثوب لمالك الغزل، ولا شيء للأجير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الثوب للنسَّاج،
وعليه قيمة الغزل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا
ضمان على من استؤجر على حمل شيء فتلفت بغير تفريط، طَعَامًا أو غيره. وعند
مالك يضمن الطعام دون غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع القصَّار ثوبًا إلى غير صاحبه
فقطعه المدفوع إليه يظن أنه ثوبه، فإذا جاء صاحب الثوب فإنه يأخذ ثوبه وأرش
ما نقص من أيهما شاء، من القصَّار أو من القاطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو
بالخيار، إن شاء ضمَّن القاطع قيمة الثوب ويرجع القصَّار بما ضمنه على
القاطع، وإن شاء ضمَّن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب، ويرجع القاطع على
القصَّار بثوبه، وهذا مبناه على أصله وهو إذا كان قد تلفت معظم منفعة الثوب
كان صاحب الثوب بالخيار بين أن يضمنه جميع القيمة ويسلم إليه الثوب، وبين
أن يأخذ الثوب ويطالبه بأرش ما نقص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر رجلاً ليحمل إلى رجل كتابًا
ويرد الجواب، فأوصل الأجير الكتاب إلى المكتوب إليه، فمات المكتوب إليه قبل
ردّ الجواب فللأجير من الأجر
(2/90)
بقدر ذهابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء
له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره ليحمل له الكتاب إلى رجل ولم
يقل وبرد الجواب فلم يجد الأجير المكتوب إليه استحق الأخير الأجرة. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
إذا قال استأجرتك لتخيط هذا الثوب، فإن خطته روميًا فلك درهم، وإن خطته
فارسيًا فلك نصف درهم لم تصح الإجارة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد تصح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وزفر وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا قال إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غدًا فلك
نصف درهم فالعقد فاسد، فإن خاطه كان له أجرة المثل، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الشرط الأول جائز، والثاني
فاسد، فإن خاطه في اليوم الأول استحق الدرهم، وإن خاطه في اليوم الثاني
استحق أجرة المثل، لا يزاد على درهم ولا ينقص عن نصف درهم. وعند أَبِي
يُوسُفَ ومحمد الشرطان جائزان، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وسائر
الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفسد الأجير الإحرام في الحج بالوطء
انقلب الإحرام إلى الأجير، وعليه أن يمضي في فاسده ويلزمه بدنة، ويلزمه
القضاء. وعند المزني لا ينقلب إلى الأجير، بل يمضي فيه الأجير على
المستأجر، ولا يجب القضاء على أحدهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالحج عن اثنين وقع عن نفسه،
وكذا إذا أحرم عن أبويه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إن أحرم عن أبويه
صح، وكان له أن يجعله عن أيهما شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا استأجره
اثنان للحج عنهما، فأحرم عن أحدهما لا بعينه انعقد إحرامه وله أن يصرفه إلى
أيهما شاء قبل التلبس بشيء من أفعال الحج. وعند أَبِي يُوسُفَ تقع عن نفسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الأجير في الحج بعد قطع بعض
المسافة والإحرام ولم يفعل شيئًا من أفعال الحج، ففي استحقاقه شيئًا من
الأجر قَوْلَانِ: أحدهما لا يستحق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وهو
الصحيح عند يَحْيَى، وبه أبو حَنِيفَةَ.
(2/91)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات
بعد أن فعل بعض الأركان استحق بقدر ما فعل، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن
الزَّيْدِيَّة الداعي والنَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز البناء على فعل الأجير الأول على
القول الجديد الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وله ذلك في القول القديم، وبه
قال أبو يوسف ومحمد وسائر الزَّيْدِيَّة.
* * *
(2/92)
باب اختلاف
المتكاريين
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى خياط ثوبًا فقطعه قباء، ثم
اختلفا فقال ربُّ الثوب: أذنت لك أن تقطعه قميصًا ولم آذن لك أن تقطعه
قباء، وقال الخياط: بل أذنت لي أن أقطعه قباء، ولم تأذن لي بقطعه قميصًا،
ففيه ثلاثة أقوال: أحدها يتحالفان. والثاني القول قول الخياط، وبه قال ابن
أبي ليلى وَمَالِك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى.
والثالث القول قول رب المال، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة
المؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ إذا دفع إلى خياط وقال له
إن كان يقطع لي قميصًا فأقطعه فقال هو لا يقطع، فلم يقطع فلا شيء عليه.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن قيمة الثوب، ثم قال أبو حَنِيفَةَ: ولو قال
للخياط انظر إلى هذا الثوب، هل يكفيني قميصًا؟ فقال نعم، فقال اقطعه، فقطعه
فإذا هو لم يكفيه لم يضمن، قال الشَّافِعِيّ: وهذه مناقضة لأنه لا فرق بين
المسألتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن المكرى للمكترى بالعمارة، ثم
اختلفا في قدر الإنفاق فالقول قول المكرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القول قول
المكترى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يدفع إلى الحائك غزلاً على أن
يعمل منه ثوبًا على أن يكون له منه ثلثه أو ربعه. وعند عَطَاء وقتادة
والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ ويعلي بن حكيم َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز ذلك.
وعند ابن سِيرِينَ لا بأس بالثلث ودرهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع ثوبًا إلى صباغ ليصبغه فصبغه، ثم
اختلفا. وقال صاحب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، وقال الصباغ: أمرتني أن
أصبغه أصفر، فالقول قول رب الثوب. وعند مالك القول قول الصباغ، إلا أن يدعي
ما لا يستعمل مثله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلفا في قدر المدة والمسافة
والأجرة تحالفا، وفسخ الحاكم بينهما إن كان قبل مضي المدة، وإن كان بعد
مضيها فله أجر المثل وسقط المسمَّى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان ذلك قبل
مضي شيء من المدة تحالفا، وإن كان بعد انقضاء المدة كان القول للمستأجر.
وبنى ذلك على أصله في المبيع إذا كان قائمًا تحالفا وإن كان تالفًا فالقول
قول المشتري.
(2/93)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع
المريد أرضه وبذره إلى رجل يزرعها على ما يخرج من الزرع يكون بينهما، فخرج
الزرع وقتل المريد، فإنه يبني ذلك على زوال ملك المريد وعدمه، فإن قلنا
يزول، انتقل ذلك بعينه إلى بيت المال فيئًا. وعند أَبِي ثَورٍ جميع ما يخرج
من ذلك الزرع يكون فيئًا، وعلى الإمام ردّ كراء العامل. وعند أَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد هو بين العامل وورثة المريد على ما شرطا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
جميع ما يخرج من الزرع للزارع، وعليه ما نقص من الأرض ومثل البذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أرضًا بياضًا وفيها نخلات على
أن يكون ثمر النخلات للمكترى لم يصح ذلك. وعند مالك يصح إذا كانت النخلات
الثلث فما دون الثلثين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زرع أرض غيره بغير إذنه قلع زرعه،
وإن لم يقلع حتى استحصد فالزرع له وعليه أجرة مثله. وعند أَحْمَد إن كان
الزرع قائمًا أخذه صاحب الأرض وردّ عليه نفقته، وإن حصد الزرع كان الزرع
للزارع، وعليه أجرة المثل لصاحب الأرض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يستأجر مراعي أرض ليرعى فيها
دوابه. وعند مالك لا بأس بذلك إذا كانت مدة معلومة، وطابت مراعيه وبلغت أن
ترعى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجره لحفر بئر عشرة أذرع، وبقي
الباقي ومات، قُوِّم ما حفره، وما بقي فتقسَّط الأجرة المسامة على قيمة
الجميع، فما قابل المحفور فهو الذي يستحقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تضاعف
الأذرع المعقود عليها بعدد مسافتها، ثم تقسَّم الأجرة على ما اجتمع منها،
فيجعل الذراع الأول ذراعًا واحدًا، ويجعل الذراع الثاني ذراعين، لأن نقل
التراب يكون من ذراعين، والثالث ثلاثة أذرع، والرابع أربعة أذرع، والخامس
خمسة أذرع، فتجتمع مجموع ذلك خمسة عشر درهمًا، فإن كان قد حفر ذراعًا استحق
درهمًا، وإن حفر ذراعين استحق درهمين. وعند بعض المحققين من الشَّافِعِيَّة
المذهب هو ما بين مذهب الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ، فتقسَّط الأجرة على
الحفر والنقل، فما قابل الحفر يقسَّم على عدد الأذرع، وما قابل النقل
يقسَّم على ما تنتهي إليه مسافة الأذرع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قلة المدة المعقود عليها الإجارة
ثلاثة أقوال: أحدها يزاد على سنة، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
والثاني لا يصح. والثالث لا يزاد على ثلاثين سنة.
(2/94)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا
يجوز العقد على أكثر من سنة فعقد بأجرة واحدة، ففي وجوب بيان قسط كل سنة
قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني لا بد
من بيان ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز الاستئجار
على الحجامة، وبه قال أحمد فى رِوَايَة. وعند أَحْمَد لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حمل الراكب معه أرطالاً من الزاد،
فهل له إبدال ما يأكله فى الطريق؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجوز، وبه قال أَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر دابة ليركبها جاز
أن يؤجرها لمن يساويه في الطول والقصر والسمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
يجوز إلا لمن يساويه في معرفة الركوب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أتلف
القصَّار أو الصباغ الثوب بعد إيقاع الصبغة فيه، فصاحبه بالخيار من أن
يضمنه إيَّاه بقيمته بالصبغ ويدبع إليه الأجرة، وبين أن لا يعطيه الأجرة،
ويضمنه إياه بقيمته قبل الصبغة. وعند زفر يضمِّنه إيَّاه مصبوغًا من غير
خيار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استأجر شخص جرَّة ماء من
الفرات إلى منزله فانكسرت في الطريق، فله من الأجرة بقدر ما عمل، وعليه
قيمتها موضع الكسر، إلا أن أَحْمَد يشترط أن يكون تعدى في كسرها. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء فعل هذا، وإن شاء ضمنه القيمة من الفرات ولا أجرة
له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
استأجر شيئًا سنة، فإن كان مستهلَّ شهر منها فهي محسوبة بالأهلَّة، وإن كان
في أثنائه فالصحيح أن الأول بالأيام، والثاني بالأهلة. وعند أَحْمَد
رِوَايَة أخرى أن الجميع بالأيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استأجر
بدراهم، ثم دفع عنها دنانير وتقابلا تصح بما تعاقدا عليه. وعند مالك بما
قبض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع عن تسليم العين المؤجرة في
أثناء المدة، ففيه قَوْلَانِ: أحدهما ينفسخ العقد في الماضي. والثاني لا
ينفسخ وينفسخ في المستقبل قولاً واحدًا. وعند أَحْمَد تسقط الأجرة فيما
مضى. وعند كثر العلماء لا تسقط.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى رجل ثوبًا فخاطه ولم
يذكر له أجرة، فأربعة
(2/95)
أوجه: أحدها تلزمه الأجرة، وبه قال
الْمُزَنِي وَأَحْمَد. والثاني إن قال له خطه لزمه. وإن بدأ الرجل وقال
أعطني لأخطه لم يلزمه. والثالث إن كان الصانع معروفًا بأخذ الأجرة على
الخياطة لزمه ذلك، وإن لم يكن معروفًا لم يلزمه. والرابع لا يلزمه بحال وهو
الصحيح.
* * *
(2/96)
باب الجعالة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ردّ عبدًا آبقًا، ولم يكن سيد العبد
شرط له العوض لم يستحق شيئًا، سواء ردَّه من موضع قريب أو ردَّه من بعيد،
وسواء أكان معروفًا بردِّ الضَّوَالِّ أم لا. وعند مالك إن كان معروفًا برد
الأباق استحق أجرة المثل، وإن لم يكن
(2/97)
معروفًا بذلك فلا شيء له. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ القياس أنه لا يستحق عليه الجعل، ولكن يعطى عليه جعلاً
استحسانًا. فإن ردّه من مسيرة ثلاثة أيام فما راد وهو يساوي أكثر من أربعين
درهمًا استحق أربعين درهمًا، وإن ردَّه من دون ثلاثة أيام استحق أجرة مثل
عمله، وإن رده من ثلاثة أيام وقيمة العبد أربعون درهمًا استحق أربعين
درهمًا إلا درهمًا، فإن كانت قيمته عشرة دراهم استحق عشرة دراهم إلا
درهمًا. وعند أبى يوسف ومُحَمَّد يعطى أربعين درهمًا بكل حال، حتى لو كانت
قيمته عشرة دراهم. وعند أَحْمَد مقدار الجعل دينارًا واثني عشر درهمًا،
سواء عنده في ذلك المسافة القصيرة والطويلة، وخارج المصر وداخله. وعنده في
رِوَايَة أخرى من داخل المصر عشرة دراهم، ومن خارجه أربعون درهمًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أبق لرجل عبد وهو بمكة، فحصل في يد
حاكم مصر فجعله في الضَّوَالِّ، فأقام صاحبه شاهدين عند حاكم مكة أن العبد
حصل في يد حاكم مصر له، فكتب حاكم مكة إلى حاكم مصر، فهل يجب تسليمه؟
قَوْلَانِ: أحدهما: يجب، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف إلا أن أبا يوسف قال:
يأخذ به كفيلاً. والثاني: لا يجب تسليمه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكون الجعل مقدَّرًا. وعند
مالك يتقدَّر بأجرة المثل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا مات العبد المردود
قبل تسليمه إلى مولاه لم يستحق الراد شيئًا. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ
إن كان الراد من ورثة المولى استحق الجعل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رده من المصر استحق
الجُعل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق شيئًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ما ينفقه على الآبق في
مدة ردَّه لا يحتسب به على مالكه. وعند أحمد: يحتسب به عليه.
* * *
(2/98)
|