المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب المكاتب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز للسيّد أن يكاتب عبده
الكافر. وعند
(2/155)
الْإِمَامِيَّة لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وَأَحْمَد وكافّة العلماء لا يجب على
السيّد أن يكاتب عبده، وإن سأله الكتابة. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار
والضحاك وأَبِي حَنِيفَةَ وداود يجب عليه أن يكاتبه. واختاره أبو بكر من
الحنابلة، وحكاه عن أَحْمَد أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح كتابة الصبي والمجنون. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ تصح كتابة الصبي المميّز.
(2/156)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وَمَالِك وعمرو بن دينار أن المراد بقوله عز وجل (إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الاكتساب والأمانة وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر
وعَطَاء ومجاهد أن المراد به الاكتساب خاصة. وعند الحسن البصري
والثَّوْرِيّ أنه الأمانة والدِّين خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم الكسب والأمانة في العبد لم تكره
مكاتبته. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وسليمان
ومَسْرُوق إذا عدم الكسب كرهت مكاتبته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر من الحنابلة لا يصح أن يجعل
العبد المطلق عوضًا فى الكتابة. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح الكتابة حتى يتلفظ بالعتق أو
النية. وعند أبي إِسْحَاق من الشَّافِعِيَّة إن كان فقيهًا لم يحتج إلى نية
العتق، وإن لم يكن فقيهًا احتاج إليها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تفتقر إلى ذلك، وهذا الخلاف جميعه جارٍ
في لفظ التدبير، هل هو صريح أو كتابة يحتاج إلى النية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عبد بين شريكين فكاتبه أحدهما في
نصيبه منه بغير إذن شريكه لم تصح الكتابة. وعند الحكم وابن أبي ليلى
والعنبري والحسن بن صالح وَأَحْمَد يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه بإذن شريكه فقَوْلَانِ:
أحدهما: لا تصح، واختاره الْمُزَنِي، والثاني: تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ،
إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: يتضمَّن إذنه أن يؤدي مال الكتابة من جميع كسبه
ولا يرجع الإذن في شيء منه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا أذن له صار
جميعه مكاتبًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك في رِوَايَة لا تصح
الكتابة الحالة ولا تصح إلا
(2/157)
مؤجّلاً، وأقله نجمان، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة أبو طالب والداعي عن يَحْيَى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح الكتابة الحالة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز شرط خيار الثلاث في الكتابة.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يكاتب أمته، ويستثني ما في
بطنها. وعند النَّخَعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يكاتب نصف عبده. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يجعل العمل المطلق عوضًا في
الكتابة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه على خدمة شهر ودينار، وشرط أن
يكون الدينار قبل الشهر لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب ثلاثة أعبد على عوض واحد لم يجز
ذلك. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز.
وهو قول أيضًا للشافعي، فعلى هذا يكون المسمّى مقسومًا عليهم على قدر
قيمتهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا تصح كتابة الأعبد على عوض واحد،
فأدى واحد منهم ما يخصه عتق، ولا يصير كل واحد منهم ضامنًا عن الباقين. وإن
شرط في العقد أن يضمن كل واحد منهم عن الباقين فسدت الكتابة، وبه قال
أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، لكن أَحْمَد يقول: إذا حكمنا ببطلان الشرط
لم تبطل الكتابة به. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يصير كل واحد منهم ضامنًا
عن الباقين، ولا يعتق واحد منهم إلا بأداء جميع المال. وإذا شرط في العقد
أن يضمن كل واحد منهم عن الباقين لم يفسد العقد. وعند مالك أيضًا إذا امتنع
أحدهم عن اكتساب وهو مكتسب أجبره الباقون على الاكتساب، وإذا أعتق السيّد
أحدهم وهو مكتسب لم ينفذ عتقه، وإن لم يكن مكتسبًا نفذ عتقه. وعند مالك
أيضًا إذا جنى واحد منهم لزم الباقين أن يضمنوا معه أرش جنايته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للولي أن يكاتب عبد المُولَّى عليه
ولا يعتقه على مال،
(2/158)
وسواء كان الولي أبًا أو جدًا أو حاكمًا.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد للولي أن يكاتب عبد المُولَّى
عليه، وراد أَحْمَد له عتقه على مالٍ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب حاضرًا أو غائبًا فقبل الحاضر
عن الغائب لم تصح الكتابة في حق الغائب، وفي حق الحاضر قَوْلَانِ. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ تصح في حق الغائب، ويكون المال على الحاضر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب اثنان عبْدًا وَجَبَ أن يكون
العوض بينهما على قدر ملكيهما، ولا يجوز أن يتفاضلا في العوض مع تساوى
الملكين، ولا يتساويا في العوض مع اختلاف الملكين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد يجوز ذلك كله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن أبي ليلى
وابن شُبْرُمَةَ والبتي ومالك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث بن سعد أن المكاتب
عبْد ما بقي عليه من كتابته درهم، حتى إذا شرط السيّد على مكاتبه أنه متى
بقي عليه من مال الكتابة شيء رَجَعَ رقيقًا صح الشرط. ولو شرط عليه أنه إذا
بقي عليه شيء عتق منه بقدر ما أدى وبقي باقيه رقيقًا لم يصح الشرط. وإن
أطلق ولم يشرط شيئًا وأدى البعض كان رقيقًا، ولا يعتق منه بقدر ما أدى.
وعند الثَّوْرِيّ إذا أدَّى المكاتب النصف أو الثلث من كتابته فلا يرد إلى
الرق. وعند الشعبي وشريح وعبد الله إذا أدَّى الثلث فهو غريم. وعند عبد
الله أيضًا إذا أدَّى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم. وعند الْإِمَامِيَّة
إذا شرط عليه السيّد أنه إذا بقي عليه من مال الكتابة شيء رجع رقيقًا كان
الشرط صحيحًا، وإن شرط عليه أنه متى أدى البعض وبقى البعض عتق منه بقدر ما
أدّى صحّ الشرط، وبقى الباقي رقيقًا، وإن لم يشرط شيئًا من ذلك بل أطلق
وأدّى المكاتب البعض عتق منه بقدر ما أدى وبقي الباقي رقيقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت وَأَحْمَد وإِسْحَاق
والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين إذا مات المكاتب
وقد بقي عليه شيء من مال الكتابة مات رقيقًا، وكان جميع ما خلفه للمولى،
سواء خلَّف وفاءً بما عليه أو لم يخلف. وعند كافة الزَّيْدِيَّة يعتق منه
بقدر ما أدّى، ويورث عنه، ويبقى رقيقًا فيما لم يؤد ولا يورث عنه. وعند
عَطَاء وطاوس والنَّخَعِيّ والحسن بن صالح بن حيي وأَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِك إن خلَّف وفاءً بما عليه لم تنفسخ بالكتابة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ
يقول: إذا خلف وفاءً أدّى عنه مال الكتابة، وعتق في آخر جزء من أجزاء
حياته، وإن لم يخلف وفاءً حكم الحاكم بعجزه، وانفسخت الكتابة، وبهذا قال
أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد أيضًا. وَمَالِك يقول:
(2/159)
إن كان له ولد حر انفسخت الكتابة، وإن كان
مملوكًا للمكاتب دخل معه في الكتابة أجبر على دفع المال إن كان له مال، وإن
لم يكن له مال أجبر على الاكتساب والأداء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يملك المكاتب فسخ الكتابة متى شاء. وعند
بعض أصحابه ليس له ذلك، وقطع به المحاملي من أصحابه أيضًا. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ لا يملك إذا كان معه وفاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب الذمي عبده الكافر كتابة صحيحة
في شرعنا صحت وعتق المكاتب بأداء ما كوتب عليه، وإن كانت فاسدة في شرعنا
كما إذا كاتبه على خمر أو خنزير وما أشبهه فإن تقابضا قبل الْإِسْلَام نفذ
ذلك وعتق المكاتب، وإن لم يتقابضا قبل الْإِسْلَام وتقابضا بعده عتق
المكاتب بالصفة وثبت التراجع بينهما، كالكتابة الفاسدة بين المسلمين، وإن
تقابضا البعض في الْإِسْلَام والبعض قبله حُكم بفساد الكتابة وعتق المكاتب
بالصفة وثبت التراجع بينهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كاتبه على خمر ثم
أسلم لم يبطل العقد ويؤدى إليه قيمة الخمر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب الحربي عبده صحت الكتابة. وعند
مالك لا يملك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ملكه ناقص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كتابة المرتد في حال الردّة صحيحة على
أحد القولين، وبه قال أبو يوسف. والقول الثاني ليست بصحيحة، فإذا قلنا
بصحتها ثم قُتل على الردة بطلت، وبه قال أحمد. وعند مُحَمَّد هي بمثابة
كتابة المريض.
* * *
(2/160)
باب ما يملكه
المكاتب وما لا يملكه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صحة هبة المكاتب لعين من أعيان المال
قَوْلَانِ: أحدهما: يصح، وبه قال أحمد. والثاني: لا يصح، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للمكاتب أن يشتري من يعتق عليه
كوالده أو ولده بغير إذن سيّده. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه
يجوز له شراؤهما ولا يجوز له بيعهما. وقال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه فيمن
عداهما ممن يعتق عليه برحمٍ كالأخ والعم ويجوز له بيعهم. وعندَهُ وصاحبيه
أيضًا يجوز أن يشتري من يعتق عليه بإذن سيّده، وإذا اشتراه دخل في كتابته،
وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمكاتب أن يعتق ولا يكاتب بغير
إذن سيّده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يكاتب ولا يعتق. وعند أَحْمَد
يجوز له أن يكاتب ويعتق على مال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن السيّد للمكاتب في العتق أو
الكتابة وقلنا يصح ذلك فأعتق وأدَّى المكاتب عتق، وفي ولائه قَوْلَانِ:
أحدهما: يكون للسيد؟ والثاني: يكون موقوفًا بين السيّد والمكاتب، فإن أدَّى
المكاتب المال عتق ويكون ولاؤه له، وإن عجز ورجع إلى الرق كان ولاؤه
للسيّد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. وعند أَحْمَد يكون ولاء الثاني
للسيّد الأول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا شرط على مكاتبه أن
لا يأخذ الصدقة فالشرط ساقط. وعند مالك وَأَحْمَد الشرط لازم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا وطئ السيّد مكاتبته
أثم وعصى ولا حد عليه سواء علم بالتحريم أم لا. وعند الحسن البصري
والزُّهْرِيّ يجب عليه الحدّ إذا علم تحريم وطئها. وعند الزُّهْرِيّ أيضًا
يجلد مائة بكرًا كان أو ثيبًا. وعند قتادة يجلد مائة سوط إلا سوطًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شرط في
الكتابة وطء المكاتبة لم يصح الشرط ولا العقد. وعند مالك يصح العقد ويبطل
الشرط. وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد يصح العقد والشرط جميعًا. وعند بعض
الناس، للسيّد أن يطأ مكاتبته من غير شرط في
(2/161)
الأوقات التي لا يشغلها بالوطء عن السعي
فيما هي فيه. وعند اللَّيْث إن طاوعته تبطل كتابتها وعادت إلى الرق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها في هذا العقد الفاسد وكانا
جاهلين بالتحريم لم يجب عليه الحد. وعند بعض أصحابه إن طاوعته لم يجب عليه
المهر، وإن أكرهها وجب عليه المهر. وعند مالك لا مهر عليه بكل حال. وعند
الْأَوْزَاعِيّ إن كاتب بكرًا فعليه عشر قيمتها، وإن كاتب ثيبًا فعليه نصف
العشر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ولد
المكاتبة من زوج أو زنا مملوك لا يسري إليه عقد الكتابة. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يسري إليه عقد الكتابة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولد ولد المكاتبة حكمه حكم ولد المكاتبة.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتبع أمه ولا يتبع جدته. وعند أيى يوسف ومُحَمَّد ولد
البنت يكون داخلاً في كتابة جدته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ السيّد المكاتبة فحملت صارت أم
ولد له، ولا تبطل كتابتها. وعند الحكم بن عُتيبة تبطل كتابتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يملك المكاتب تزويج أمته بغير إذن
السيّد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ يملك ذلك، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للسيّد في ذمّة المكاتب دين من
غير مال الكتابة كثمن مبيع أو أرش جناية فباعه على أجنبي لم يصح، وبه قال
أبو حَنِيفَةَ. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط السيّد على المكاتبة أن يكون ما
تلده مملوكًا له فيبنى على القولين، فإن قلنا: إن ما تلده مملوكًا له جاز
الشرط، وإن قلنا: يكون موقوفًا على كتابتها يعتق بعتقها ويرق برقها لم يصح
الشرط وتفسد الكتابة. وعند عَطَاء وابن جريج يصح الشرط. وعند الثَّوْرِيّ
يبطل الشرط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود الإيتاء واجب في
الكتابة، وهو أن يدفع السيّد إلى المكاتب من مال الكتابة شيئًا أو يبرأه
منه وليس ذلك بمقدَّر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ هو مستحب وليس بواجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ الإيتاء مقدَّر ويجري فيه
ما يقع عليه الاسم من
(2/162)
قليل وكثير. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد قدره
ربع الكتابة، واستحسنه الثَّوْرِيّ. وروى عن على أيضًا. وعند قتادة قدره
عشر كتابته. وعند أسيد بن حضير سدس كتابته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل للمكاتب أن يسافر السفر الطويل أو
القصير؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما: ليس له ذلك، والثاني: له ذلك، وبه قال مالك
وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح تزويج المكاتب بغير إذن سيّده.
وعند الثَّوْرِيّ يصح ويكون موقوفًا، فإن أدَّى كتابته جاز النكاح، وإن عجز
بطل النكاح. وعند الحسن بن صالح بن حُيي له أن يتزوج ويتسرَّى وليس للسيد
منعه من ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح للمكاتب أن يكاتب عبده بغير إذن
سيّده وعند أبي حَنِيفَةَ يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تصح كفالة المكاتب. وعند مالك تصح،
إلا أن للسيد إبطالها قبل عتقه، فإن لم يبطلها حتى عتق لزمت في حق العبد.
* * *
(2/163)
باب الأداء والعجز
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة وأم
سلمة وابن المسيب والحسن والزُّهْرِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وأصحابه لا يعتق المكاتب ولا شيء منه بالكتابة حتى يؤدي جميع
الكتابة. وعند ابن مسعود إذا أدَّى قيمته عتق وكان زعيمًا بالباقي بعد
عتقه. وعند علي رِوَايَتَانِ: إحداهما: أنه إذا أدّى نصف ما عليه عتق كله
وطولب بالباقي، والثانية: أنه يعتق منه بقدر ما يؤدّي. وعند شريح إذا أدّى
ثلث ما عليه عتق كله وأدّى الباقي في حال حريته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أبرأ أحد الوارثين
المكاتب من نصيبه برئ وعتق نصيبه، وكذا إذا أعتقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
يعتق إلا بأداء جميع مال الكتابة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب اثنان عندهما كتابة صحيحة فقبض
أحدهما أكثر من حصته بغير إذن شريكه لم يصح القبض وكان لشريكه أن يرجع بما
قبض من حصّته، وإن قبض ذلك بإذن شريكه ففي صحة القبض قَوْلَانِ: أحدهما: لا
يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي، والثاني: يصح قبضه وهو
الأصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وزفر إذا كاتبه على ألف
في نجمين إلى أجلين فجاءه بخمسمائة قبل المحل ثم قال خذ هذه على أن تبرئني
من الخمسمائة الأخرى ففعل، أو قال له السيّد: عجَّل لي خمسمائة حتى أبرئك
عن الباقي أو صالحني على خمسمائة معجلة لم يصح القبض ولا الصلح ولا الإبراء
ولا يعتق العبد بذلك. وعند أَحْمَد والنَّخَعِيّ ورَبِيعَة وعبد الله بن
هرم والزُّهْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلَّ نجم المكاتب
وعجز عما عليه كان للسيد فسخ الكتابة. وعند ابن أبي ليلى، والحكم والحسن بن
صالح وأَبِي يُوسُفَ ليس للسيد الفسخ حتى يتوالى عليه نجمان وعند الحسن
يستسعى بعد عجزه سنتين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يستسعى به شهرين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للمكاتب أن يعجز نفسه مع
القدرة على الأداء، وللسيّد تعجيزه إذا امتنع على الأداء ويرده إلى الرق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع نجوم الكتابة التي في ذمة
العبد. وعند مالك
(2/164)
يجوز. وهو قول للشافعي أيضًا. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجوز بيعها من المكاتب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز بيع رقبة المكاتب في قوله
الجديد، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ويجوز في قوله القديم، وبه قال عَطَاء
والنَّخَعِيّ وَأَحْمَد. وعند الزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وأَبِي يُوسُفَ يجوز
بإذن المكاتب ولا يجوز بغير إذنه. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال:
المكاتب أحق باشتراء كتابته ممن اشتراه إذا نوى أن يؤدي إلى سيّده الثمن
الذي بيع به. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره بيع المكاتب للخدمة ولا بأس ببيعه
للعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإذا أقرَّ المكاتب بجناية الخطإ لم تقبل
في الحال في أحد القولين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل في الحال. فإن عجز
تأخَّر إلى أن يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في قتل عبد المكاتب. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح ضمان مال الكتابة. وعند ابن أبي
ليلى والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق يجوز ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح أن يشترط المولى على المكاتب أن
يخدمه مدّة بعد العتق. وعند عَطَاء وابن شُبْرُمَةَ يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه إذا عجل المكاتب نجومة قبل محلها
نظر، فإن كان مما يخشى عليه التلف أو لنقله مؤنة لم يلزم السيّد قبوله، وإن
كان مما لا يخشى عليه التلف ولا لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير والصفر
والنحاس والرصاص وغير ذلك، فإن كان البلد آمنًا لزمه قبوله، وإن كان خائفًا
يخاف نهبه، فإن كان حال العقد آمنًا لم يلزمه قبوله، وإن كان حال العقد
مخوفًا فوجهان: أحدهما يلزمه قبوله، والثاني لا يلزمُه. وعند رَبِيعَة
والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يلزمه قبوله بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب وفي يده فضل من المال
فهو للمولى. وعند شريح ومَسْرُوق والنَّخَعِيّ يجعل السيّد ما أعطاه الناس
في الرقاب. وعند إِسْحَاق ما أعطى في حال الكتابة يرد على أربابه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب وعليه ديون قضيت الديون
مما في يده، فإن لم يكن في يده شيء أتبع بها إذا أعتق ولا يتعلَّق برقبته.
وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق
(2/165)
وأَبِي حَنِيفَةَ تتعلق الديون برقبته، فإن
شاء السيّد فداه وإلا سلمه للغرماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المكاتب كان للسيد فسخ الكتابة
بنفسه ولا يفتقر إلى الحاكم. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك لا يجوز عجزه إلا
عند السلطان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى المكاتب جناية توجب المال وعجز
بيع فيها إن لم يفده المولى في أحد القولين، وبه قال أحمد. والثاني: تبقى
كتابته موقوفة إن أدّى لزمت، وإن عجز بطلت حتى يعتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
يلزمه في الكتابة أن يستسعى فيها ولا تبطل كتابته، فإن عجز بطلت، سواء قضى
بها حاكم أو لم يقض. وعند الحسن والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ تتعلق برقبته.
وعند اللَّيْث إن كانت جنايته أكثر من كتابته أو مثلها بطلت كتابته وسلم
إلى المجني عليه، وإن كانت جنايته أقل من كتابته سعى فيها ولم تبطل كتابته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتبه على عوض فأفاد إليه العوض وعتق
ثم وجد السيّد بالعوض عيبًا كان له الرد بالعيب، وإذا ردّه بذلك بطل العتق
وعاد إلى الرق. وعند أَحْمَد لا يبطل العتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى الكافر العبد المسلم وقلنا إنه
يصح شراؤه وبجبر على إزالة ملكه وكاتبه فقَوْلَانِ: أحدهما: لا تصح
الكتابة، والثاني: تصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب عبده وله مال فماله لسيده. وعند
الحسن وعَطَاء وعمرو بن دينار وابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ وَمَالِك وسليمان
بن موسى هو للعبد. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن لم يستبقه فهو للمكاتب. وإن
استبقاه فهو للسيد.
* * *
(2/166)
باب الكتابة الفاسدة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب عبده كتابةً فاسدة ومات السيّد
بطلت الصفة، فإذا أدّى المكاتب إلى وارث السيّد لم يعتق. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان فساد
الكتابة لكون العوض خمرًا أو خنزيرًا عتق بأدائه إلى السيّد لوجود الصفة
ويرجع عليه السيّد بقيمة نفسه، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد
لا يرجع عليه بشيء.
* * *
(2/167)
باب اختلاف المولى
والمكاتب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اختلف
السيّد والمكاتب في قدر العوض أو الأجل والنجوم، ولا بينة لواحد منهما
تحالفا على النفي والإثبات كتحالف المتبايعين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أبي
قاسم القول قول المكاتب. وعن أَحْمَد ثلاث روايات: إحداهن: كقول
الشَّافِعِيّ، والثانية: كقول أَبِي حَنِيفَةَ، وبها قال أَكْثَر
الْعُلَمَاءِ، والثالثة: القول للسيّد، وبها قال الثَّوْرِيّ
والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات السيّد وخلف اثنين فادّعى العبد
أنه مكاتب فصدقه أحدهما وكذبه الآخر، ولم يكن للمكاتب بينة وحلف الذي كذبه
كان النصف الذي كذبه رقيقًا والنصف الذي صدقه مكاتبًا، ويكون كسبه بينهما،
وإن طلب أحدهما المهاياة لم يلزم الآخر إجابته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب
المهايأة فإذا طلب أحدهما المهايأة وامتنع الآخر أجبر الممتنع على
المهايأة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى المكاتب زوجته من
سيّده أو من غيره انفسخ نكاحها، وكذا إذا اشترت المكاتبة زوجها انفسخ
نكاحها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ النكاح في الصورتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا زوَّج الرجل ابنته من مكاتبه برضاها، ثم مات السيّد قبل
أن يعتق المكاتب، فإن لم ترث هذه من أبيها بأن كانت ذميّة أو قاتلة فالنكاح
بحاله، وإن ورثت من أبيها شيئًا انفسخ نكاحها لانتقال الملك في المكاتب إلى
الورثة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقل إلى الورثة ولا ينفسخ النكاح.
* * *
(2/168)
|