المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب العتق
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يحتاج اللفظ الصريح في العتق إلى القصد إليه. وعند الْإِمَامِيَّة يحتاج إلى ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح العتق مع الغضب الشديد الذي لا يملك معه الاختيار. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح العتق على جهة الْيَمِين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن العتق يصح، وإن لم يقصد به وجه القربة، حتى لو قصد به وجه الإضرار وقع. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع إلا إذا قصد به وجه الله والقربة إليه، ولم يقصد به غير ذلك من الوجوه، مثل الإضرار، أو ما يخالف القربة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يصح العتق من السكران على أصح الطريقين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لرقيقه: أنت لله، ونوى العتق عتق. وعند أبي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين لا يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد إذا قال: كل عبد لي حر عتق عبده المأذون له

(2/146)


فى التجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم يكن على المأذون دين ونواه عتق، وإن لم يكن له نية لكن عليه دين لم يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لأمته: طلقتك، أو أنت طالق ونوى العتق عتقت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تعتق وإن نوى، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده: لا سبيل لي عليك، أو لا ملك لي عليك، ونوى به العتق عتق. وعند الزَّيْدِيَّة لا يعتق في الأولى، ويعتق في الثانية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال: آخر عبد اشتريته فهو حر، فاشترى عبدًا، ثم اشترى عبدًا آخر، ثم مات فإن الثاني يعتق وقت الشراء، وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد يعتق قبل موت المولى بلا فصل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأهل المدينة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عبد بين نفسين، فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان معسرًا بقيمة باقيه عتق نصيبه ورق نصيب شريكه. وإن كان موسرًا بقيمة نصيب شريكه سرى عتقه إلى نصيب شريكه، وعتق عليه، وقوم عليه نصيب شريكه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسرى، وإنما يستحق إعتاق نصيب الشريك، فإن كان المعتق معسرًا كان المالك للنصيب مخيرًا بين شيئين، بين أن يعتق نصيب نفسه ويكون الولاء منهما، وبين أن يستسعى العبد في قيمة نصيبه، فإذا أدَّاه عتق عليه وكان الولاء بينه وبين شريكه، وإن كان المعتق موسرًا كان شريكه مخيَّرًا بين ثلاثة أشياء: بين أن يعتق نصيبه، وبين أن يستسعى العبد في قيمة نصيبه ويكون الولاء بينهما فى هذين، وبين أن يضمن شريكه المعتق قيمة نصيبه، ويكون جميع الولاء للشريك المعتق، ثم يرجع المعتق في سعاية العبد بما كرمه من قيمته. وعند زفر وبشر المريسي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أنه تجب السعاية على العبد لشريك مولاه موسرًا كان المولى أو معسرًا، استأذن شريكه في عتقه أم لا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن أعتقه بإذن شريكه فلا ضمان لشريكه بحال، وإن أعتقه بغير إذن شريكه فعليه الضمان إن كان موسرًا، وإن كان معسرًا سعى العبد للشريك. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأبي يوسف ومُحَمَّد يسري العتق في الحال بكل حال، فإن كان المعتق موسرًا غرم قيمة نصيب شريكه، وإن كان معسرًا استسعى العبد في قيمة نصيبه. وقال ابن المنذر وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ: فإذا استسعى العبد في نصف قيمته، ثم أيسر المعتق رجع عليه بنصف القيمة. وعند رَبِيعَة لا يعتق نصيب الشريك بحال إلا أن يرضى الشريك. وعند

(2/147)


عثمان البتي لا يعتق نصيب الشريك بحال. وعند الْإِمَامِيَّة يعتق نصيب المعتق، فإن كان موسرًا طولب بشراء حصة شريكه، فإذا اشتراها عتق جميع العبد. وإن كان المعتق معسرًا استسعى العبد في باقي ثمنه، فإن أدَّاها عتق جميعه، فإن عجز العبد عن التكسب والسعاية كان بعضه حرًا وبعضه رقيقًا، وخدم مالكه بحساب رقه، ويتصرف لنفسه بحساب ما عتق منه. وأجرى الْإِمَامِيَّة هذا الحكم في تدبير نصيبه من العبد المشترك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ متى يعتق نصيب الشريك؟ فيه ثلاثة أقوال: أصحها: يعتق بنفس اللفظ، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ. والثاني: يعتق في حالة واحدة بدفع القيمة، وبه قال مالك. والثالث أنه مراعى، فإن أدّى القيمة تبيَّنا أن العتق وقع في الحال، وإن لم يؤد القيمة تبيَّنا أن العتق لم يقع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الشريك نصيبه من العبد قبل أن يدفع القيمة إليه لم يصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، وبه قال ابن أبي هريرة من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، فمتى باعه عتق في الحال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى إذا باعه استقاله، فإن أقاله وإلا ابتاعه، ثم أعتقه. وعند الآخرين أن ذلك مستحب لا على سبيل الوجوب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة الهادي أنه إذا باعه بيعًا فاسدًا عتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق مسلم عبدًا كافرًا يلحق بدار الحرب، وظهر المسلمون على دار الحرب لم يكن لهم أن يسترقوه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لهم ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان عبد بين ثلاثة أنفس لأحدهم نصفه، وللآخر ثلثه، وللآخر سدسه، فأعتق صاحب النصف والسدس في حالة واحدة سرى إلى نصيب الثالث، وضمناه بالسوية. وعند مالك في إحدى الروايتين يضمنا على قدر الإملاك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق في مرضه المخوّف عبدًا اعتبر من ثلثه. وعند مَسْرُوق يعتبر من رأس المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قال لعبده: أنت حر وعليك ألف عتق العبد ولم يلزمه شيء، وإذا قال لعبده: أنت حرٌّ على ألفٍ، فقبل العبد عتق

(2/148)


وعليه الألف، وإن لم يقبل لم يعتق. وعند أَحْمَد يعتق في المسألتين جميعًا، ولا شيء عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا جعل العوض في خدمته شهر، ثم مات قبل كمال المدة فعليه قيمة ما بقي من الخدمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يؤخذ العبد بما بقي من الشهر من قيمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لعبده: أنت حرٌّ كيف شئت عتق في الحال. وعند أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد لا يعتق حتى يشاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في إحدى الروايتين إذا أعتق شركًا في عبد في مرض موته، عتق نصيبه من ثلث تركته، وقوّم عليه نصيب شريكه إن احتمله الثلث، وإن لم يحتمله عتق منه بقدر ما يحتمله. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين لا يقوَّم عليه نصيب شريكه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا قال لأمته: إذا ولدت ولدًا فهو حر فولدت ولدًا حيًا عتق، وإن ولدت ولدًا آخر بعده لم يعتق. وإن ولدت ولدًا ميتًا انحلت الصفة به، فإذا ولدت حيًا لم يعتق هذا الحي الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يعتق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عَلَّق عتق عبده بعضو من أعضائه كيدٍ أو رجلٍ أو غير ذلك، بأن قال: يدك، أو رجلك، أو سائر أعضائك حر عتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا كان العضو يعبر به عن الجملة كالرأس والفرج وقع العتق، وإلاَّ لم يقع. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقع العتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من أعتق عبدًا كافرًا نفذ عتقه. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينقذ عتقه. والخلاف المذكور بين هؤلاء الأئمة فيما ذكر في العتق في هذه المسألة جاز فى نظيره في باب التدبير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا كان عبده مقيدًا فحلف سيّده بعتقه أنّ فى قيده عشرة أرطال، وحَلف بعتقه أنه لا يحلّه، ولا أحد من الناس، فشهد شاهدان عند الحاكم أن قيد العبد فيه خمسة أرطال، فحكم الحاكم بعتقه وَحَلَّ القيد فوجد فيه عشرة أرطال، فإن العبد يعتق، ولا يغرم الحاكم ولا الشهود شيئًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب

(2/149)


على الشهود قيمة العبد، وبناه على أصلهِ أن حكم الحاكم ينفذ في الباطن، وإن كانوا شهود زور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان له أعبد، فأعتق واحدًا منهم لا يعينه، وكان له أن يعيّن العتق في أيهم شاء. وعند أَحْمَد يقرع بين العبيد، فمن خرجت عليه القرعة عتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عقد العتاق قبل الملك بأن قال: كل عبد أملكه فهو حر لم تنعقد هذه الصفة، ولا يعتق ما يملكه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل في ذلك ما يملكه بعد عتقه. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يعتق ما يملكه بعد الحريّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة العلماء إذا ملك أحد والديه وإن علا، أو أحد ولده وإن سفل عتق عليه. وعند داود لا يعتق عليه بالملك أحد ممن ذكر، ولا من غيرهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود إذا ملك سوى الوالدين والمولدين من سائر القرابة لم يعتق عليه. وعند مالك يعتق عليه الإخوة والأخوات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يعتق عليه كل ذي رحم محرم بالنسب، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء إذا ولدت المرأة ولدًا من الزنا، ثم ملكه الزاني بها لم يعتق عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى له بمن يعتق عليه، أو وهب له، أو قدر على شرائه استحبّ له أن يقبل الوَصِيَّة أو الهبة، أو يشتريه ليعتق عليه. ولا يجب عليه ذلك. وعند بعض الناس يجب عليه قبول الوَصِيَّة أو الهبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لعبده الذي هو أكبر منه سنًا هو ابني لم يعتق عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق عليه ولا يثبت نسبه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى نصف والده أو نصف ولده عتق عليه ما اشتراه وقوّم عليه نصيب شريكه ان كان موسرًا وعتق جميعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق جميعه، ولا يغرم لشريكه شيئًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قال لأمتيه إحداكما حرة، فوطئ إحداهما كان تعيينًا للعتق في الأخرى، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من

(2/150)


الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى لا يكون تعيينًا للعتق في الأخرى، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال لملوكه أنت حر إن شاء اللَّه تعالى لم يعتق عدلاً كان أو فاسقًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يعتق إن كان فاسقًا، وإن كان عدلاً عتق، وهو الأصح عند النَّاصِر منهم أيضًا.
* * *

(2/151)


باب القرعة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وابن سِيرِينَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتق ستة أعبد في مرضه المخوَّف في حالة واحدة ولا مال له غيرهم، ولم يجز الورثة فإنهم يجزَّأون ثلاثة أجزاء، جزءًا للعتق، وجزأين للرق، فيقرع بينهما فمن خرجت عليه قرعة الرق عتق، ورق الأربعة الباقون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقرع بينهم، بل يعتق من كل واحد منهم ثلاثة، ويستسعى كل واحد منهم في قيمة باقيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح عتق الحربي لعبده الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم باعه، ثم اشتراه، ودخل الدار لم يعتق في أحد القولين، وإن وجدت الصفة بعد زوال ملكه لم يعتق قولًا واحدًا. وعند أَحْمَد عكس ذلك، وهو أنه إذا باعه وعاد إلى ملكه عادت الْيَمِين رِوَايَة واحدة. وإن وجدت الصفة ففي عود الْيَمِين رِوَايَتَانِ، وأظهرهما العود، والأخرى لا يعود، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال في صحته لعبده إن دخلت الدار فأنت حر، فدخل الدار في مرضه الذي مات فيه عتق من رأس المال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق من ثلثه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عتق عبده في المرض وعليه دين يستغرقه لم ينفذ العتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفذ العتق، ويستسعى العبد بقيمة الدين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أعتق ثلاثة مملوكين له في مرض موته ولا مال له غيرهم، ثم مات أحدهم قبل موت السيّد، أقرع بين الجميع ويخرج أحدهم بالقرعة. وعند مالك يقرع بين الحيين، ويجعل كأنَّ له غيرهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لعبده أنت حر وهذه البهيمة، أو قال: أحدهما حر عتق عبده. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يعتق.
ً* * *

(2/152)


باب المدبَّر
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يصح من السيّد تدبير عبده، سواء قصد السيّد القربة أم لا، وسواء كان في حال الغضب أو السكر، أو على جهة الْيَمِين. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح إلا مع القصد إليه والاختيار له، ولا يقع مع الغضب أو الإكراه، أو السكر، أو على جهة الْيَمِين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وابن المسيب والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأبي حَنِيفَةَ وأصحابه والْأَوْزَاعِيّ والحسن بن حُيي يعتبر عتق المدبَّر من الثلث. وعند ابن مسعود وسعيد بن جبير ومَسْرُوق والنَّخَعِيّ وداود وزفر واللَّيْث بن سعد وشريح يعتبر من رأس المال. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان التدبير واجبًا فهو من رأس المال، وإن كان تطوعًا فهو من الثلث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صحّة تدبير الصبي المميز ووصيته قَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي. والثاني يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دبَّر أحد الشريكين نصيبه لم يسر إلى نصيب شريكه في أحد القولين، ويسرى في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند الْإِمَامِيَّة الحكم فيه كالحكم فيما ذكروه في عتق نصيبه من العبد المشترك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان عبد بين شريكين فدبَّراه فأعتق أحدهما نصيبه فهل يسري إلى نصيب شريكه قَوْلَانِ: أحدهما يسري والثاني لا يسري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وبناه على أصله أنه لا يباع.
مسألة: عند الشَّافِعِيِّ وعائشة وعمر بن عبد العزيز وطاوس ومجاهد وإِسْحَاق

(2/153)


وعثمان البتّي وإحدى الروايتين عن أَحْمَد يجوز بيع المدبَّر وهبته ووقفه، سواء كان التدبير مطلقًا أو مقيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيعه إذا كان مطلقًا، ويجوز إذا كان مقيًّدًا. وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أنه لا يجوز بيعه سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا، وبه قال ابن أبي ليلى وسائر أهل الكوفة والحسن بن حُيي. وعند مالك لا يجوز بيعه مطلقًا كان أو مقيدًا في حال الحياة ويجوز بعد الموت في الدين، فإن لم يكن عليه دين فهو كسائر العطايا يعتبر من الثلث، حتى قال مالك: إذا باع المدبرة فأعتقها فالعتق جائز، وينتقض التبدير والولاء للمعتق. وكذلك إن وطئها فحملت منه صارت أم ولد وبطل التدبير. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يباع المدبَّر إلا من نفسه، أو من رجل يعجَّل عتقه ووَلاؤه لمن اشتراه ما دام الأول حَيًا، فإذا مات الأول رجع الولاء إلى ورثته. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان التدبير تطوعًا أو تبرعًا جاز بيعه بكل حالٍ في دين أو غيره، وإن كان التدبير واجبًا بأن نذره فقال: إن برئتُ من مرضي، أو قدم غائبي دبَّرت، فوجد ذلك لم يجز بيعه. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يجوز بيعه في الدين خاصة.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في ولد المدبَّرة إذا حدث بعد التدبير على قولَيْن: أحدهما يتبعها في العتق، وبه قال عمر وابن عمر وابن مسعود وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني لا يتبعها، وبه قال جابر ابن زيد واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل حربي إلى دار الْإِسْلَام بأمان ومعه عبد فدبَّره، ثم أسلم العبد، وعاد الحربي إلى دار الحرب لم يكن له رده إلى دار الحرب. وهل يجبر على بيعه؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجبر على بيعه، والثاني لا يجبر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ على أصله أن المدبّر لا يجوز بيعه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو قال: إذا شئت فأنت حر إذا متُّ كان تدبيرًا معتبرًا بالمشيئة، والمشيئة على الفور. وهل يعتبر في الفور مشيئة الترك أو مشيئة التخيير؟ وجهان: أحدهما: مشيئة الفور، والثاني: مشيئة المجلس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز للسيّد تدبير عبده الكافر. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز.
* * *

(2/154)