المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب النكاح
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة: النكاح مستحب وليس بواجب. وعند داود: هو واجب في العمر مرة واحدة على الرجل والمرأة، فإذا كان الرجل خائفًا للعنت واجدًا لمهر حرة - وجب عليه التزويج بحرة أو التسري بأَمَةٍ، وإن كان عادمًا لمهر حرة وجب عليه التزويج بأَمَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الناس في النكاح على أربعة أضرب: ضرب تتوق نفسه إليه، ويجد أهبته من النفقة والمهر وما يحتاج إليه، فيستحب له أن يتزوج وضرب تتوق نفسه إليه، ولا يقدر على المهر والنفقة، فلا يستحب له ذلك. وضرب لا تتوق نفسه إليه، ويقدر على مؤنه، ويريد التخلي للعبادة؛ فلا يستحب له ذلك. وضرب لا تتوق نفسه إليه، ويقدر على مؤنه، ولا يريد التخلي للعبادة؛ وفي استحباب النكاح له قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: النكاح مستحب بكل حال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة وكافة الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يصح من الصبي والمجنون والسفيه بغير إذن وليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح نكاح الصبي المميز والسفيه، ويكون موقوفًا على إجازة الولي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: يجوز للحرِّ أن يجمع بين أربع زوجات حرائر، ولا يجوز أن يجمع بين أكثر من أربع، ويستحب أن لا يزيد على واحدة لا سيما في زماننا هذا! وعند القاسم بن إبراهيم وشيعته القاسمية: يحق له أن يجمع بين تسع حرائر، ولا يجوز أكثر من ذلك. وعند طائفة من الشيعة الْإِمَامِيَّة: يجوز له أن يتزوج أي عدد شاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف والحسن وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق واللَّيْث وفقهاء الكوفة وابن شُبْرُمَةَ وابن أبي ليلى وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأكثر

(2/195)


العلماء: لا يجوز للعبد أن يجمع بين أكثر من امرأتين، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند الْأَوْزَاعِيّ وداود وأَبِي ثَورٍ وأهل المدينة كالزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وسائر الزَّيْدِيَّة: يجوز له أن يجمع بين أربع كالحرِّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا أراد أن يتزوج امرأة فإنه يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها، بإذنها وبغير إذنها، ولا يجوز أن ينظر إلى ما هو عورة منها. وعند مالك - في رِوَايَة - لا يجوز له ذلك إلا بإذنها. وعند المغربي: لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها. وعند داود: له أن ينظر إلى جميع بدنها، إلا إلى فرجها، وحكى عنه: أنه ينظر إلى ما ينظر في ابتياع الأمة، وبه قال مالك في رِوَايَة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: أنه ينظر إلى وجهها وكفيها وربع الساق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة والحسن البصري وابن المسيب وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وشريح والنَّخَعِيّ وعمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك: لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، ولا تزوج غيرها، ولا يزوجها إلا وليها: إمّا مناسب، أو مولى، أو حاكم، فإن أذنت لغير وليها فزوجها؛ لم يصح نكاحها، سواء كانت: صغيرة أو كبيرة، بكرًا أو ثيبًا، نسيبة أو غير نسيبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والشعبي والْإِمَامِيَّة: إذا كانت بالغة عاقلة زوجت نفسها - بغير إذن وليها - بكفؤٍ، فإن وضعت نفسها في غير كفؤٍ كان لوليها فسخ النكاح. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد: الولي ليس بشرط في عقد النكاح، ولكنه يفتقر إليه؛ فإن عقدت نفسها بغير إذنه في غير كفؤٍ كان للولي فسخه، وإن كان فى كفؤٍ فعليه إجازته، فإن لم يجزه أجازه الحاكم. عند داود: إن كانت بكرًا زوجها، وإن كانت ثيبًا زوجت نفسها. واختلف النقل عن مالك: فنقل عنه صاحب اللسان والمعتمد: أنها إن كانت شريفة زوجها وليها، وإن كانت عامية زوجت نفسها. ونقل عنه الترمذي موافقة الشَّافِعِيّ. ومدار مذهب مالك: أنها لا تنكح نفسها ولا غيرها، وهل تأذن لغير وليها في نكاحها؟ فيه ثلاث روايات: أحدها: الجواز، والثانية المنع، والثالثة: يجوز إذا كانت غير شريفة، لا يعرف لها نسب. فمن هذا اختلف النقل عن مالك. وعند أَبِي ثَورٍ: لا يجوز لها أن تزوج نفسها إلا بإذن وليها، فإن أذن لها جاز، وبه قال أبو يوسف، غير أن عند أَبِي يُوسُفَ يقف على إجازة الولي. ونقل عن الشاشي: أنها إذا كانت ذات شرف وجمال أو مال يرغب في مثلها - لم يصح نكاحها إلا بولي، وإن

(2/196)


كانت بخلاف ذلك جاز أن يتولى نكاحها أجنبي برضاها، ولا تتولى بنفسها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا يجوز للمرأة أن تزوج معتقتها وأمتها، بل يزوجها ولي المرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وهو الأصح عندهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز، وبه قال أَحْمَد - في رِوَايَة - في الأمة خاصة. وعند مالك: توكل السيدة - في ذلك النكاح - رجلاً بالتزويج، ولا تلي النكاح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك - في رِوَايَة -: النكاح الموقوف على الإجازة لا يصح، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. سواء كان موقوفًا على إجازة الولي أو الزوج أو الزوجة. فالموقوف على إجازة الولي: أن يتزوج الرجل امرأة من رجل ليس بولى لها؛ فيكون موقوفًا على إجازة وليِّها، أو تزوج الأمة نفسها أو العبد نفسه بغير إذن السيِّد؛ ويكون موقوفًا على إجارة السيّد. وأما الموقوف على إجازة الزوج: فأن يزوِّج رجلٌ لرجل امرأةً بغير إذنه. ويكون موقوفًا على إجازة السيّد. وأما الموقوف على إجازة الزوجة: فإن تزوج امرأة - يشترط إذنها - بغير إذنها؛ ويكون موقوفًا على إجازتها. وبمذهب الشَّافِعِيّ فى جميع ذلك وجميع العقود الموقوفة قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: تصح هذه الأنكحة، فإن أجاز ذلك الموقوف على رضاه لزم، وإن ردَّه بطل. وبمذهب أَبِي حَنِيفَةَ في جميع ذلك وجميع العقود الموقوفة قال زيد ابن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك: يجوز أن يقف النكاح مدة قريبة، فإن طال الزمان بطل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يصح أن تُتوكَّل المرأة في قبول النكاح ولا إيجابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح أن تتوكَّل في قبوله أو في إيجابه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا دفع إلى عبده مالاً، وأذن له في التجارة، فاشترى العبد جارية فإن كان على المأذون له دين لم يزل ملك السيّد عن المال والجارية التي في يد العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: إذا كان الدين يستغرق ما في يده زال ملك السيّد عما في يد العبد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا اشترى العبدُ المأذون له في التجارة أمة - لم يملك تزويجها. وعند مالك: الأخ مقدَّم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا اجتمع الأخ من الأب والأم فهو الوليُّ دون الأخ من الأب

(2/197)


فى أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والقول الثاني - وهو القديم -: هما سواء، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك وأبو ثور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الأخ لأم لا يزوج أخته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز له ذلك، فى إحدى الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الابن لا يزوج أمه إلا أن يكون من عصبتها أو حاكمًا أو مولى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: يجوز له أن يزوج أمه. واختلفوا في ترتيب ولايته: فعند مالك وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق: أنه مقدم على الأب. وعند مُحَمَّد وَأَحْمَدة الأب مقدَّم عليه. وعند أَحْمَد في الجد رِوَايَتَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: هما سواء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في ولاية الفاسق قَوْلَانِ: أصحهما عند الأكثرين: أنه لا ولاية له، وبه قال أَحْمَد وأصحهما عند جماعة منهم الغزالي: أن له ولاية. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: تصح ولايته بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا يصح تزويج الولي الأبعد مع حضور الأقرب. وعند مالك: يصح إذا لم يتشاحا إلا في الأب في حق البكر، فإن زوجها الأبعد من غير كفؤٍ - كان للأقرب الاعتراض عنده، وإن أذنت للأجنبي في تزويجها من غير كفؤٍ - ففيه رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: أن الأب مقدم على الجد في ولاية الصغيرة. وعند الْإِمَامِيَّة: الجدُّ مقدَّم عليه، فإن سبق الأب بالعقد لم يكن للجد الاعتراض عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كان الولي على مسافة تقصر فيها الصلاة - زوجها الحاكم، ولا تزول ولاية الغائب. وكذا إن كانت المسافة مما لا يقصر فيها الصلاة - عند بعض أصحابه؛ وبهذا قال زفر. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إن كانت الغيبة منقطعة زالت ولايته؛ وانتقلت إلى الأبعد، ولا يزوِّجها الحاكم، وإن كانت الغيبة غير منقطعة لم تزل ولايته. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في حد المنقطعة: فمنهم من قال: من الرقة إلى البصرة. ومنهم من قال: من بغداد إلى الرِّي، فقيل: بقدر مائة وخمسين فرسخًا. ومنهم من قال: هو الموضع الذي لا تجيء القافلة منه في السنة إلا مرةً واحدة. وعند محمد: إذا سافر من إقليم إلى إقليم، كمن سافر من الكوفة إلى

(2/198)


بغداد، فهي منقطعة. وإذا كان من إقليم واحد فهي غير منقطعة. وعند النَّاصِر ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وكذا المؤيَّد منهم - في رِوَايَة: - إذا كانت الغيبة منقطعة وعَضِلَهَا الولي - زوجها الأبعد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الغائب دون العاضِل. وعند المؤيَّد من الزَّيْدِيَّة: فى الغيبة: تنتقل إلى الأقرب، وفي العضل: إلى القاضي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: الصغيرة التي لم تبلغ لا يصح إذنها. وعند أحمد: إذا بلغت اليتيمة أو غيرها تسع سنين - صح إذنها في النكاح وغيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الأب والجد يملكان إجبار البكر الصغيرة، ومن سواهما لا يملك ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة: النَّاصِر، ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند مالك وَأَحْمَد: يملك ذلك الأب دون الجد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. وعند الحسن وعمر بن عبد العزيز وعَطَاء وطاوس - وقتادة وابن شُبْرُمَةَ والْأَوْزَاعِيّ: إذا زوَّج الصغيرة غيرُ الأب - ثبت لها الخيار إذا بلغت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة يملك تزويجها إجبارًا جميع العصبات والحاكم، إلا أنه إذا زوجها الأب والجد لا يثبت لها الخيار إذا بلغت، وإذا زوَّجها غيرهما ثبت لها الخيار إذا بلغت - في إحدى الروايتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وغيرهما من العلماء: لا يجوز إنكاح اليتيمة حتى تبلغ، ولا يجوز الخيار في النكاح. وعند بعض العلماء من التابعين وغيرهم يقف نكاحها على البلوغ، فإذا بلغت فلها الخيار في إجازته أو فسخه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق: إذا بلغت اليتيمة تسع سنين فزُوِّجت، فرضت؛ فالنكاح جائز، ولا خيار لها إذا أدركت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: ليس للمسلم ولاية في النكاح على ابنته الكافرة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك: له ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: سكوت البكر مع البكاء إذن، فإن صرخت مع البكاء لم يكن إذنًا - عند الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يكون السكوت مع البكاء إذنًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: للأب والجد إجبار البكر البالغة على النكاح، وإن أظهرت الكراهة. وعند مالك واللَّيْث: للأب إجبارها دون الجد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة وأَبِي ثَورٍ وأبي عبيد وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: ليس للجد إجبارها على النكاح. وعند أكثر أهل العلم

(2/199)


من أهل الكوفة وغيرهم أن الأب إذا زوَّج البكر، وهي بالغة، بغير أمرها، فلم ترض بتزويج الأب - فالنكاح مفسوخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء: البنت الصغيرة لا يجوز لأحد من الأولياء تزويجها قبل البلوغ، سواء كان الوليُّ أبًا أو جدًّا أو غيرهما، وبه قال من الحنابلة ابن حامد وابن بطة. وعند مالك: يملك الأب دون الجد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي بكر من الحنابلة: يجوز للأب والجد وغيرهما من الأولياء إجبارها على النكاح، والإجبار عندهم يختلف بصغر المنكوحة وكبرها. فعند الشَّافِعِيّ: - يختلف ببكارتها وثيوبتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن حامد من الحنابلة ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر: إذا ذهبت بكارتها بالزنا كان حكمها حكم الثيب بالوطء في النكاح في الإذن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: حكمها حكم البكر، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يكفي في تزويج العم والأخ ممات الأب - في أحد الوجهين، ويكفي ذلك في الوجه الثاني، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يصح التوكيل في النكاح من غير إشهاد. وعند الحسن بن صالح بن حيي، لا يصح إلا بحضرة شاهدين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ: إذا ادعى رجل أن فلانًا وكله في تزويج امرأة، فتزوجها، وضمن عنه المهر، ثم أنكر الموكل ذلك - كان القول قوله مع يمينه، وإذا حلف لا يلزمه النكاح ولا المهر، ولا يقع للوكيل، ولكن يلزمه نصف المهر، وعند محمد: يلزمه جميع المهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يصح التوكيل في النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لا يجوز للولي أن يزوج وليته من نفسه، ويتصور ذلك في ابن العم والمعتق والوكيل في إيجاب النكاح، بل يزوجها منه الحاكم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الحسن ورَبِيعَة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة: يجوز له ذلك، ويكفي أن يقول: زوَّجتها من نفسي. وعند أَحْمَد والمغيرة بن شعبة: له أن يزوجها منه، ولا يتولى ذلك في نفسه. وعند قتادة وعبيد الله بن الحسن العنبري: يجعل أمرها إلى أقرب الناس بعده فيزوجها منه، إلا أن

(2/200)


قتادة يقول: إذا كره أن لا يزوجها من نفسه جاز.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: الصحيح لا يجوز للجد أن يزوج بنت ابنه بابن ابنه، ليتولى الطرفين إيجابًا وقبولاً، وفيه وجه آخر: أنه يجوز، وبه قالت الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا غاب رجل عن امرأته، فجاءها رجل يذكر أن زوجها طلَّقها طلاقًا بانت به دون الثلاث. وأنه وكله في استئناف العقد عليها بألف، فعقد عليها، وضمن الوكيل ذلك، ثم قدم الزوج، وأنكر ذلك - فالقول قوله مع يمينه، والنكاح الأول بحاله، وترجع الزوجة على الوكيل بالألف، وبه قال مالك وزفر ومحمد َوَأَحْمَد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا ترجع الزوجة بذلك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا رضيت المنكوحة بأقل من مهر المثل لم يكن للأولياء الاعتراض عليها، وبه قال الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لهم الاعتراض عليها، فإن زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها، أو زوجها واحد منهم بذلك - ألزموا الزوج مهر مثلها، ولم يكن لهم فسخ النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا زوَّج الأب أو الجد الصغيرة بدون مهر مثلها كان لها مهر المثل. وكذلك إذا زوَّج ابنه الصغير بأكبر من مهر المثل ردّ إلى مهر المثل. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد: يلزمه ما سماه في الصورتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: ليس للأب قبض مهر ابنته البالغة الرشيدة. وعند أكثر العلماء: يجوز ذلك استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد - في رِوَايَة -: الكفاءة ليست شرطًا في صحة النكاح، فإذا زوجت بغير كفؤٍ برضاها ورضا سائر الأولياء - صح النكاح. وعند سفيان وَأَحْمَد وعبد الملك بن الْمَاجِشُون: هي شرط في صحة النكاح، فلا يصح هذا النكاح المذكور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء: الكفاءة معتبرة. وعند بعض الفقهاء: لا تعتبر.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إذا زوَّج الأب أو الجد من غير كُفؤٍ برضاها، أو زوّجها أحد الأولياء بغير كُفؤٍ برضاها من غير رضا سائر الأولياء - ففي صحة النكاح ثلاث صور: منهم من قال: قَوْلَانِ، ومنهم من قال: يبطل قولاً واحدًا، والثالث: يفرق بين علم الوليّ بالكفاءة وعدمها. فإذا قلنا: يصح النكاح، وكانت صغيرة - ثبت لها الخيار

(2/201)


إذا بلغت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا خيار لها، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح النكاح، وليس لبقية الأولياء الاعتراض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ: لبقية الأولياء الاعتراض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: العرب ليسوا بأكفاء لقريش. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ: فنقل عنه صاحب "البيان": أنهم أكفاء لهم، ونقل عنه صاحب "الشامل": أنهم ليسوا بكفائهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: سائر قريش لبسوا بأكفاء لبني هاشم وبني الطلب، وبنو هاشم وبنو المطلب أكفاء لبعضهم البعض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: قريش بعضهم أكفاء لبعض، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا تزوجت قرشية بمولى برضاها ورضي الأولياء صح. وعند مالك: لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - في رِوَايَة -: شرائط الكفاءة ستة: الدين، والنسب، والحرية، والسلامة من العيوب المثبتة للخيار، والصنعة، واليسار - على قول -. وعند مالك وعمر بن عبد العزيز وابن سِيرِينَ وحماد وعبد بن عمير: الكفاءة: الدين وحده، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند أحمد: الكفاءة: الدين، والنسب، وهذا هو الصحيح عند الزَّيْدِيَّة. وعنه رِوَايَة أخرى: أن الكفاءة: هي الدين، والصنعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: الكفاءة: الدين، والنسب والحرية، واليسار. وعند مالك أيضًا: أن الكفاءة: الدين، والحرية، والسلامة من العيوب المثبتة للخيار. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ: الكفاءة فى: الدين، والنسب، والمال، وهي إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ. وعند محمد: الدين ليس بشرط في الكفاءة، إلا أن يكون يسكر، ويخرج متظاهرًا، ويسخر منه الصبيان، ويولعوا به. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في الصنعة: فمنهم من قال: إنما لم يعتبرها على عادة العرب، فإنها كانت تفعلها لأنفسها ولا تفعلها لغيرها، وأما الآن فيه معتبرة. ومنهم من قال: لم يعتبرها بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: من له أب في الْإِسْلَام كُفُؤٌ لمن له أبوان فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: ليس بكُفُؤ له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وشريح والحسن البصري والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

(2/202)


وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا كان للمرأة وليَّان، فأذنت لكل واحد منهما أن يزوجها، ولم تعين الزوج، فزوَّجها كل واحد منهما من رجل، وعلم السابق منهما - فنكاح الأول صحيح، والثاني باطل، سواء دخلا بها أو دخل بها أحدهما. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلافًا في ذلك. وإن وقع العقدان معًا كان النكاح باطلاً. وعند عمر وعَطَاء والزُّهْرِيّ ومالك: إذا لم يطئها أحدهما، أو وطئاها معًا، أو وطئها الأوّل دون الثاني - فهي للأول، وإن وطئها الثاني دون الأول فالنكاح للثاني دون الأوَّل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا ادَّعى كل واحد منهما علمها بالسابق، فاعترفت لهما - بطل النكاحين. وإن أقرّت بالسبق لأحدهما ففي حلفها للآخر قَوْلَانِ. فإن اعترفت للثاني لم تنزع من الأول، فإن مات الأول: سُلّمَتَ إلى الثاني، واعتدَّت عن الأول. وإن نكلت ردّت الْيَمِين على الثاني، فإذا حلف - وقلنا: حلفه كالإقرار - كان الأول إقرار، ومع الثاني ما يجري مجرى الإقرار. وعند ابن عَبَّاسٍ: يستوفيان فيكونان كإقرارين وقعا في دفعة واحدة. وعند غيره: نكاح الأول بحاله، ويجب على الثاني مهر المثل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا زوّج الوليَّان، ولم يعلم أيُّهما زُوّج أولًا فالنكاح باطل. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ: يجبر الحاكم الزوجين على أن يطلق كل واحد منهما، فإن لم يفعلا فرَّق الحاكم بينهما، وفرقة الحاكم طلقة. وعند شريح وعمر بن عبد العزيز وحماد: تُخيَّر المرأة بين الزوجين، فأيُّهما اختارته فهي زوجته. وعند أَحْمَد - في إحدى الروايتين -: يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة فهي له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: هل يُجبِرُ السّيدُ عبدَه البالغ على النكاح؟ قَوْلَانِ: القديم: يجبره، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد: لا يجبره، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا طلب العبد النكاح من سيّده أجبر عليه - في أحد القولين - وبه قال أحمد. والثاني: لا يجبر عليه وهو الأصح. وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأكثر العلماء.

(2/203)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوّج العبد بغير إذن وليه لم يصح نكاحه. وعند أبي حَنِيفَةَ: يصح، ويكون موقوفًا على إجازة السيّد. وعند مالك: ينعقد، وللسيّد فسخه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق: إذا تزوج العبد بغير إذن سيّده، ووطئ - وجب عليه مهر المثل. وعند أَحْمَد - في إحدى الروايتين -: يجب عليه خمس المسمى إذا لم يرد على قيمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ والحسن البصري وابن المسيب والنَّخَعِيّ والشعبي والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: لا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين ذكرين عدلين. وعند ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن وداود وأهل الظاهر والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد - فى رِوَايَة -: لا يفتقر النكاح إلى الشهادة. وبه قال مالك والزُّهْرِيّ، إلا أنهما قالا: من شرطه أن لا يتواصوا بكتمانه، فإن تواصوا به لم يصح وإن حضره شهود!.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا عقد النكاح سرًا بشاهدين صح ذلك. وعند مالك: لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم: لا يصح النكاح حتى يشهد الشاهدان معًا عند عقد النكاح. وعند مالك وبعض أهل المدينة: إذا شهد واحد بعد واحد جاز إذا أعلنوا النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا ينعقد النكاح بشهادة فاسقين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: بنعقد بشهادتهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: لا ينعقد النكاح بشهادة عدوين أو شهادة رجل وامرأتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وكذا أَحْمَد - في رِوَايَة -: ينعقد بذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يجوز للمسلم أن يتزوح الكتابية من وليها الكافر إذا كان عدلاً فى دينه، ولا يصح إلا بحضرة شاهدين عدلَين مسلمَينِ. وعند أحمد: لا يصح أن يتزوجها إلا من وليها المسلم، وشهادة مسلمَينِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح أن يتزوجها من وليّها الكافر، ويصح أن يكون بشهادة كافرينِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كتب رجل إلى رجل: زوّجني ابنتك، فقرأه الولي أو غيره بحضرة شاهدين، فقال الولي: زوَّجتُه - لم يصح النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد: يصح.

(2/204)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا قال الولي: اشهدوا أني زوجت ابنتي من فلان؛ فبلغه؛ فقال: قبلت - لم ينعقد النكاح. وعند أَحْمَد - في رِوَايَة - وأبي يوسف: يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وعامة الفقهاء: الخطبة مستحبة، وليست بواجبة. وعند داود: هي واجبة وشرط في صحة النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وابن المسيب ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد: لا ينعقد النكاح بغير لفظ التزويج والإنكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: ينعقد بكل لفظ يتضمن التمليك في حال الحياة: كالبيع، والتمليك، والهبة، والصدقة، وفي لفظ الإجارة عنه رِوَايَتَانِ، ولا ينعقد بلفظ الإباحة والتحليل. وعند مالك: إن ذكر المهر مع الألفاظ التي تقتضي التمليك انعقد بها النكاح، وإن لم يذكر المهر لم ينعقد بها النكاح.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إذا قال الولي: زوجتك فلانة، أو أنكحتك فلانة، فقال الزوج قبلت، ولم يقل: تزوجها، ولا إنكاحها - فثلاث طرق: أحدها: ينعقد النكاح قولًا واحدًا. والتالية: قَوْلَانِ: أحدهما: ينعقد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني: لا ينعقد، وهو الصحيح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا قالت المرأة: وهبت نفسي من فلان، أو قال الولي: زوجت وليتي من فلان، فبلغ الزوج ذلك، فقبل - لم يصح النكاح. وعند أَبِي يُوسُفَ: يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا قال: زوجني ابنتك، فقال الوليُّ: زوجتك - صحَّ، ولا يفتقر الزوج إلى أن يقول: قد قبلت نكاحها. وإن قال: بعني هذه السلعة بكذا، فقال: بعتك - انعقد البيع، على الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ. وعند أبي حَنِيفَةَ: لا ينعقد حتى يقول: اشتريت أو ما يقوم مقامه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: هل يصح أن يعقد النكاح بالعجمية؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يصح. والثاني: يصح. والثالث: إن كان يحسن العربية لم يصح بالعجمية، وإن لم يحسن صحَّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصحُّ، وإن كان يحسن العربيَّة. وعند أحمد: لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: إذا قال الأب: زوجت ولدي الصغير بالأمس -

(2/205)


صدق، وكذا الوكيل، وكذا السيّد في حق عبده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يصدَّق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: لا يجوز لذوي الأرحام كالأمّ والخالة أن يعقدن النكاح على الصغيرة، ولا يخيرنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لهن ذلك.
* * *

(2/206)


باب ما يحرم من النكاح
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه: إذا اشتبهت المزوَّجة بالأجنبية أو المطلَّقة ثلاثًا بالزوجة أو المعتقة بالمملوكة لم يجز التحري في ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند الداعي ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة: يجوز التحرّي في ذلك، وهو رِوَايَة عن النَّاصِر أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وكافة العلماء: أن الرجل إذا عقد على امرأة حرمت عليه كلُّ أمٍّ لها: حقيقة أو مجازًا، من جهة النسب والرضاع، سواء دخل بها أو لم يدخل. وعند علي - رضي اللَّه عنه - ومجاهد: لا تحرم إلا بالدخول بالبنت كالرَّبيبة. وعند زيد بن ثابت: تحرم بالدخول أو بالموت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء: لا تحرم المرأة بالعقد على أمّها حتى يدخل بها، فإذا دخل بها حرمت عليه على التأبيد، سواء كانت في حجره أو لم تكن فى حجره. وعند علي - رضي الله عنه - وداود: لا تحرم عليه إلا إذا كانت في حجره. وعند زيد بن ثابت: تحرم عليه بالدخول بأمها أو بموتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوَّج امرأة وابنتها، ثم مات، ولم يعلم السابق منهما - وقف الميراث والمهر حتى يتبين السابق منهما. وعند أحمد: يقرع بينهما، فمن خرجت قرعته حكم بسبقه منهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: المهر والميراث بينهما نصفان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يعلم بينهم خلاف: أنه يحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها: الحقيقة والمجاز، من الرضاع والنسب. ويحرم عليه الجمع بين المرأة وخالتها: الحقيقة والمجاز، من الرضاع والنسب. وعند الخوارج والروافض والْإِمَامِيَّة - من الشيعة -: أنه لا يحرم ذلك، لكن الْإِمَامِيَّة يشترطون أن يستأذنهما أو ترضيا به. وعند الْإِمَامِيَّة: يجوز أن يتزوج العمة وعنده بنت أخيها، وإن لم ترض بنت الأخ، وكذا يجوز عندهم أن يعقد على الخالة وعنده بنت أختها، من غير رضى بنت الأخت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وبنت زوجها من غيره. وعند ابن أبي ليلى: لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: إذا أبان زوجته

(2/207)


جاز له أن يتزوج بأختها أو عمتها أو خالتها أو أربع سواها في عدتها. وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ ومجاهد وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن عباس: لا يصح ذلك قبل انقضاء العدَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد: إذا أعتق أمَّ ولده جاز له أن يتزوج بأختها في مدة الاستبراء. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ: لا يجوز حتى ينقضي الاستبراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ: إذا جامع صبية لا يشتهى مثلها - لم يثبت تحريم المصاهرة. وعند أَبِي يُوسُفَ: يثبت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد: إذا كان له أمة يطؤها، فَوَطِئَ أختها حرمتا عليه جميعًا حتى يحرم إحداهما ببيع أو نحوه. فإن لحقت إحداهما بدار الحرب أبيحت له الأخرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا تباح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا تزوّج وثنيّ وثنية، ودخل بها ثم أسلم، وأقامت على الشرك؛ فتزوج أختها أو أربعًا سواها - لم يصح. وعند الْمُزَنِي: يكون نكاحهن موقوفًا، فإن أسلمت قبل انقضاء عدتها تبيَّن أن نكاحهن غير صحيح، وإن لم تسلم حتى انقضت عدتها صحَّ نكاحهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء: لا يجوز للرجل الجمع بين الأختين بملك الْيَمِين في الوطء، ولا بين المملوكة وبين عمتها أو خالتها بالملك في الوطء. وعند داود وأهل الظاهر: يجوز، وهي إحدى الروايتين عن أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا وطئ واحدة ممن ذكرنا حلَّ له وَطْؤُها، وصارت فراشًا له، ولا يحل له وطء أختها ولا عمتها ولا خالتها حتى يحرم الموطوءة: ببيع أو هبة أو عتق أو كتابة أو نكاح. وعند قتادة: إذا اشترى الموطوءة حلَّ له وطاء الأخرى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: إذا وطئ أمته، ثم تزوَّج بأختها أو عمتها أو خالتها - صحَّ النكاح، وحل وطء المنكوحة قبل أن يحرّم المملوكة، وحرم عليه وطء المملوكة. وعند أَحْمَد - في رِوَايَة -: لا يصح النكاح، وهو قول مالك - في إحدى الروايتين -. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يصح النكاح، ولا يحل له وطئها حتى يحرّم المملوكة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا نظر إلى أمته بشهوة لم يتعلَّق به تحريم المصاهرة. وعند ابن عمر وابن عمرو بن العاص: أنه يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فتحرم أمها وبنتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الاستمتاع فيما دون الفرج بشهوة: باللمس أو القبلة - هل

(2/208)


يتعلَّق به حرمة المصاهرة، وتحريم الربيبة على التأبيد؟ قَوْلَانِ: أحدهما: يتعلَّق به، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. والثاني: لا يتعلَّق به، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا نظر إلى فرجها بشهوة لم يتعلَّق به تحريم المصاهرة، ولا تحريم الربيبة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ: يتعلَّق به تحريم ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن المسيب وعروة بن الزبير والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ: إذا زنى الرجل بامرأة لم ينتشر بها تحريم المصاهرة. فلا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنى بها ولا أمها ولا ابنتها، ولا تحرم الزانية على آباء الزاني ولا أبنائه، وكذا إذا قبلها بشهوة حرامًا، أو لمسها، أو نظر إلى فرجها بشهوة حرامًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمران بن الحصين: يتعلَّق بالزنا تحريم المصاهرة، حتى قال أبو حَنِيفَةَ: إذا قبَّل امرأة بشهوة حرامًا، أو لمسها بشهوة، أو كشف عن وجهها. فنظر إليه - تعلق به تحريم المصاهرة.
مسألة: وإن قبَّل أم امرأته انفسخ نكاح امرأته، وإن قبَّل امرأة أبيه انفسخ نكاح الأب. وعند الْإِمَامِيَّة موافقة أَبِي حَنِيفَةَ في انتشار حرمة الزنا فقالوا: إذا زنى بعمته أو خالته حرمت عليه بنتاهما على التأبيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى بامرأة لم يحرم عليه أن يتزوجها، ولا يكره له ذلك. وعند قتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد لا يجوز له أن يتزوجها إلا أن يتوبا. وروي عن عائشة وابن مسعود والبراء بن عازب. أنهم قالوا لا يتناكح زانيين ما اجتمعا، وظاهر هذا لا يصح أن يعقد عليها. وعند علي رضى اللَّه عنه والحسن البصري والْإِمَامِيَّة يحرم على الزاني نكاحها على التأبيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من لاط بغلام لا يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فلا يحرم بذلك ابنته وأمه على اللائط. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة يتعلَّق بذلك تحريم المصاهرة، فيحرم على اللائط من ذكرنا، وزاد الْإِمَامِيَّة تحريم أخته على اللائط أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره أن يتزوج بابنته من الزنى ولا يحرم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز له

(2/209)


تزوجها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وقال المتأخرون من الحنفية وهو الأصح عندهم: ويحرم أيضًا هذه على أبي الزاني وأبنائه. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا استلحقها لحقته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ الوطء بالشبهة بأن رقت إليه غير امرأته فوطئها ظنًا منه أنها زوجته فإنه يوجب حرمة المصاهرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد بالله. وعند يَحْيَى منهم لا يوجب الحرمة ولا خلاف أن الوطء إذا كان عن شبهة ملك نكاحًا أو يمينًا فإنه يوجب حرمة المصاهرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا زنى رجل بزوجة رجل لم ينفسخ نكاحها. وعند علي بن أبي طالب. والحسن البصري والْإِمَامِيَّة ينفسخ نكاحها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يتزوج ببنت امرأة قد وطئها أبوه. وعند طاوس إن كانت قد ولدتها قبل أن يطئها أبوه جاز أن يتزوجها، وإن ولدتها بعد أن وطئها أبوه لم يجز أن يتزوجها. واختلف في ذلك عن مجاهد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الجمع بين بنات العم. وعند عَطَاء وجابر بن زيد وسعيد بن عبد العزيز يكره ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يفرق بين الزوجين إذا زنى أحدهما. وعند علي وجابر بن عبد الله والنَّخَعِيّ يفرق بينهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء يجوز نكاح حرائر أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ووطء إمائهم بملك الْيَمِين. وعند القاسم بن إبراهيم والْإِمَامِيَّة من الشيعة لا يجوز له ذلك إلا عند عدم المسلمات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره وطء الأمة الكتابية بملك الْيَمِين. وعند الحسن يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يجوز مناكحة المجوس ولا أكل ذبائحهم. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز ذلك. وعند إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة يجوز نكاح حرائرهم إذا قلنا إن لهم كتابًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن مسعود وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية والوثنية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: يجوز له نكاح الأمة الكتابية. وعند بعض الناس يجوز للعبد دون الحر.

(2/210)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد من ولد بين وثني وكتابية لا يحل له مناكحته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحل مناكحته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من ولد بين كتابي ووثنية في حلَّ مناكحته قَوْلَانِ: أحدهما لا يحل، وبه قال أحمد، والثاني يحل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وجابر والحسن وعَطَاء وطاوس وعمرو بن دينار والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للحر المسلم أن يتزوج الأمة إلا بشرطين: أن لا يقدر على صداق حرة وأن يخاف الزنا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا لم يكن تحته حرة حلَّ له نكاح الأمة، وإن لم يخف العنت سواء كان قادرًا على صداق حرة أو غير قادر. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ إذا خاف العنت حلَّ له نكاح الأمة وإن لم يعدم الطَّول. وعند عثمان البتي يجوز له أن يتزوج الأمة بكل حال كالحرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلى إذا تزوج الأمة عند عدم الطَّول وخوف العنت، ثم أيسر أو أمن العنت أو تزوج بحرة لم يبطل نكاح الأمة. وعند الْمُزَنِي إذا قدر على طول حرة انفسخ نكاح الأمة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن عَبَّاسٍ إذا تزوج الحرة انفسخ نكاح الأمة، وعند الزُّهْرِيّ وَمَالِك إذا لم تعلم الحرة بكون الأمة عنده ثبت لها الخيار. وعند النَّخَعِيّ إذا تزوج بحرة فارق الأمة إلا أن يكون له منها ولد فلا يفارقها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج الحر أمة حيث جاز له لم يجز له أن ينكح أخرى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والعكلي يجوز له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز نكاح الأمة على الحرة. وعند عَطَاء يجوز نكاحها على الحرة، فإذا اجتمعا كان للحرة ثلثي النفقة وللأمة الثلث. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه يجوز ويثبت للحرة الخيار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوج أمتين أو ثلاثًا أو أربعًا بعقد واحد لم يصح نكاح واحدة منهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والنَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك يصح نكاح الجميع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين حرة وأمة لا يصح نكاحهما في أحد القولين، وفى القول الثاني يصح نكاح الحرة دون الأمة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين.

(2/211)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للعبد أن يجمع بين أربع إماء، وإنما يجوز له اثنتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز له الجمع بين أربع إماء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند النَّاصِر وأبي طالب والمؤيَّد منهم لا يزيد على أمة وحرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن مسعود لا يجوز للعبد المسلم نكاح الأمة الكتابية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للعبد أن يتزوج بالأمة وعنده حرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز وطء الأمة المجوسية بملك الْيَمِين، ولا وطء إماء من لا يحل له من الكفار. وعند طاوس وأَبِي ثَورٍ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز نكاح الذمية على المسلمة ولا يكره. وعند ابن عباس يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح نكاح الحامل من الزنا. وعند رَبِيعَة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وزفر وأَبِي يُوسُفَ وابن سِيرِينَ وأبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجوز له وطئها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند مالك إن وطئها لزمه لها مهر المثل. وعند رَبِيعَة لا مهر عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز لها التزويج ما لم تضع حملها وتطهر من نفاسها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يصح نكاح الشغار، وهو أن يزوج الرجل وليته على أن يزوجه وليته ويكون بضع كل واحدة منهما صداقًا للأخرى ولا يسمى لها مهرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وعَطَاء بن أبي رباح وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه النكاح صحيح والمهر باطل فيجب مهر المثل. وعند أبي طالب والداعي من الزَّيْدِيَّة أنه إذا ذكر لكل واحد منهما مهرًا صح النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وجميع الصحابة والتابعين والفقهاء لا يصح نكاح الْمُتعة، وهو أن يتزوج رجل امرأة مدة معلومة أو مجهولة بأن يقول: زوجني ابنتك أيام الموسم أو شهرًا. وعند ابن عَبَّاسٍ يجوز وحكى عنه أنه رجع عنه. وعند ابن مسعود وابن جريج ومجاهد وعَطَاء والْإِمَامِيَّة من الشيعة. يجوز ذلك ولا يتعلَّق به أحكام النكاح من الطلاق والإيلاء والظهار واللعان والتوارث،

(2/212)


وادَّعت الْإِمَامِيَّة أن جابر بن عبد الله الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبا سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة وسعيد بن جبير كانوا يفتون بجواز نكاح المتعة، وممن قال بجوازه أيضًا زيد بن ثابت وأنس بن مالك ويعلي بن أمية ومعاوية وطاوس وجابر بن زيد. وعمرو ابن دينار. قال بعض العلماء: له شرطان زائدان على الشروط المعتبرة في نكاح الدوام: أحدهما تعيين الأجرة، والآخر تعيين الأجل، فإن ذكر الأجرة دون الأجل كان النكاح داِئمًا، وإن ذكر الأجل دون الأجرة كان النكاح فاسدًا، ذكره أبو الحسن بن علي بن يزيد فى كتابه المعروف بكتاب الأقضية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للرجل أن يتزوج بجارية ابنه من النسب. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا شرط في نكاح المحلل قبل النكاح أنه إذا أحلَّها للأول طلقها أو تزوجها ونوى في نفسه ذلك وعقد النكاح عقدًا مطلقًا كره ذلك وكان العقد صحيحًا. وعند مالك وأَبِي يُوسُفَ، والثَّوْرِيّ واللَّيْث وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وَأَحْمَد والحسن والنَّخَعِيّ ووكيع وقتادة وعمر وعثمان وابن عمر وغيرهم - رضي الله عنهم - لا يصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على أنه إذا وطئها طلقها فقَوْلَانِ: أحدهما لا يصح، وبه قال أحمد، والثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجها على أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما بطل النكاح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا شرط ذلك قبل العقد لم يفسد العقد وإن نواه. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة يفسد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي بن أبي طالب والثَّوْرِيّ وبعض أهل الكوفة أنه إذا شرط على الزوج أن لا تخرج زوجته من مصرها في نفس العقد أنه يفسد الشرط ويصح العقد. وعند أحمد. وإِسْحَاق وعمر بن الخطاب أنه يصح الشرط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء في حال الحيض من الزوج الثاني يحل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول. وعند عَطَاء وَمَالِك وداود وَأَحْمَد لا يحلها. وزاد أَحْمَد وطء الصائمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء في النكاح الفاسد لا يحصل به الإحلال للزوج الأول.

(2/213)


وعند الحكم يحصل به الإحلال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شرط الخيار في النكاح بطل النكاح. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على الأب الحد بوطء جارية ابنه. وعند داود يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعتدات ثلاث: رجعية فلا يجوز لغير زوجها التعريض بخطبتها ولا التصريح، وبائن لا يحل لزوجها فيجوز لغيره التعريض بخطبتها ولا يحق له التصريح بذلك، وبائن تحل للزوج فيما بعد فلا يجوز لغيره التصريح بخطبتها. وفي جواز التعريض قَوْلَانِ. وعند داود لا تحل الخطبة سرًا، وتحل علانية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عَرَّض بخطبة امرأة لا يحل له التعريض بخطبتها، أو صَرَّح بخطبتها ثم انقضت عدتها وتزوجها صح النكاح. وعند مالك يبينها بطلقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خطب رجل امرأة في الحالة التي لا يحل له خطبتها فيه وتزوجها صح ذلك. وعند داود لا يصح ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من زنى بامرأة وهي في عدة رجعية من زوج لم تحرم عليه بذلك. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه بذلك تحريمًا مؤبدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من عقد بامرأة في عدتها مع العلم بذلك لا يصح، فإذا انقضت عدتها كان له أن يتزوجها ولا تحرم عليه أبدًا. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه أبدًا وإن لم يطئها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة معتدة وهو لا يعلم ودخل بها فرّق بينهما، وفي تحريمها عليه مؤبدًا قَوْلَانِ: الجديد لا تحرم، وبه قال على وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وعامة العلماء، والقديم تحرم عليه مؤبدًا، وبه قالت الْإِمَامِيَّة وَمَالِك ومُحَمَّد والْأَوْزَاعِيّ، واللَّيْث وعمر - رضى اللَّه عنه - وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من طلق امرأته تسع طلقات كل ثلاث في عقد وهي تنكح غيره بعد كل ثلاث لا تحرم أبدًا. وعند الْإِمَامِيَّة تحرم عليه أبدًا.
* * *

(2/214)


باب الخيار في النكاح والرد بالعيب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر، وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي ثور النكاح يفسخ بالعيوب الخمسة ثلاثة يشترك فيها الزوجان: الجنون والجذام والبرص. والرتق والقرن يختص بالنساء. والجب والعنة يختص بالرجال. وعند داود لا يفسخ شيء من العيوب. وعند علي وابن مسعود، والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يفسخ النكاح بالعيوب، إلا أن أبا حَنِيفَةَ قال: إذا وجدت المرأة زوجها به جب أو عُنَّة كان لها الخيار، فإن اختارت الفراق فرق الحاكم بينهما بطلقة. وعند الحسن البصري وعَطَاء وابن أبي رباح يثبت الخيار للمرأة بالعتق دون الزوج. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أنه يفسخ بالجذام والبرص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء لا يثبت الخيار في فسخ النكاح بغير هذه العيوب فإذا وجد الرجل زوجته عمياء أو مقطوعة اليدين أو الرجلين أو شوهاء، أو وجدت المرأة زوجها كذلك لم يثبت به الخيار. وعند زاهر السرخسي إذا وجد الرجل امرأته بخراء أو عذيوطًا وهي التي تبدي الغائط عند جماعها ثبت له الخيار في فسخ النكاح، وبه قال علي بن أبي طالب رضى اللَّه عنه وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت الخيار بسبعة: عيوب الغرور والعتق والعنة، والعيوب الخمسة تعد واحدًا، والبخر والصنان والعذيوط، إلا أن مالكًا لم يجعل العتق عيبًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حدثت العيوب في أثناء النكاح بالمرأة ثبت للزوج خيار الفسخ فيها في قوله الجديد، وبه قال أحمد، ولم يثبت في القديم، وبه قال مالك. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وأبو طالب وموسى بن جعفر إذا حدث العيب بهما جميعًا أو بأحدهما. لكل واحد منهما الخيار. وعند المؤيَّد منهم لا خيار له.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو أرادت الحرة البالغة العاقلة أن تتزوج بمجذوم أو أبرص فهل للولي منعها، وجهان: أحدهما له ذلك، والثاني وبه قالت الزَّيْدِيَّة ليس له ذلك، فإن منعها صار عاضلاً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المعيبة قبل العلم بعيبها ثم علمه كان له فسخ نكاحها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو مذهب النَّاصِر ومذهب يَحْيَى. وعند أبي طالب

(2/215)


والداعي ليس له الفسخ وإنَّما له الطلاق، وبه قال يَحْيَى في كتاب الأحكام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فسخ النكاح بعد الدخول غرم المهر ورجع على من غرَّة في قوله القديم، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وعمر بن الخطاب ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، ولا يرجع به في قوله الجديد، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وعلي بن أبي طالب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند مالك أيضًا إن كان الولي محرمًا لها أو ممن يعلم ذلك منها غرم، وإن كان ممن لا يعلم ذلك. فإن لم يكن محرمًا كابن العم أو من العشيرة لم يغرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة العلماء أن العنة عيب تثبت للزوجة الخيار في فسخ النكاح. وعند الحكم بن عتيبة - بالتاء المثناة من فوق والياء المثناة من تحت والباء الموحدة - وداود وأهل الظاهر ليست بعيب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة يؤجل العنين سنة سواء كان حرًا أو عبدًا، فإن لم يطأ يثبت للمرأة الخيار. وعند الحارث بن رَبِيعَة يؤجل عشرة أشهر. وعند ابن المسيب يؤجل سنة إن كانت حديثة العهد، وخمسة أشهر إن كانت قديمة العهد. وعند الحكم بن عتيبة وداود يضرب له المدة ولا يثبت لها الخيار. وعند مالك يضرب للعبد نصف سنة. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يفرق الحاكم بينهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ومُحَمَّد وَأَحْمَد ابنا يَحْيَى وأبو طالب والداعي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا ادَّعى العنين أنه وطئها وهي ثيب وأنكرت ذلك فالقول قوله. وعند عَطَاء يريهم نطفته. وعند الْأَوْزَاعِيّ تشهده امرأتان ويترك بينهما ثوب ويجامع امرأته، فإذا قام عنها نظرنا إلى فرجها فإن كان فيه رطوبة الماء فقد صدق. وعند مالك مثل قول الْأَوْزَاعِيّ إلا أنه اقتصر على امرأة واحدة صالحة. وعند معاوية يزوج بامرأة ذات جمال صالحة ويدفع إليها المهر من بيت المال ويجمع بينه وبينها فإن أصابها فقد كذبت زوجته التي ادّعت عنته، وإن لم يصبها فقد صدقت، وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما: كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، والأخرى: يترك في بيت معها ويرينا ماءه في قطنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفرقة الواقعة بالعنة فسخ لا طلاق وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي طلقة بائنة.

(2/216)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة فوطئها ثم عجز عن وطئها لم يثبت لها الخيار ولا يحكم لها عليه بالعنة. وعند أَبِي ثَورٍ يضرب له المدة ويثبت لها الخيار. وعند مالك إذا كَفَّ الرجلُ عن الموافقة ولم يطئها من غير عذر ولا يمين رفعت أمرها إلى الحاكم ولا يتركه إلا بالوطء ويفرق بينهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ العنين في المدة، فإن ادَّعت المرأة بعد ذلك عجزه لم تسمع دعواها. وعند أَبِي ثَورٍ إذا ثبت عذره ضربت عليه المدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوجها على أنه عنين ثم سألت أن يؤجل كان لها ذلك ويثبت لها خيار الفسخ إذا ثبتت عنته على الجديد، وفي القديم لا خيار لها، وبه قال عَطَاء والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وابن القاسم وَأَحْمَد.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ إذا فسخت امرأة العنين النكاح فلا شيء لها. وعند سعيد بن المسيب وعَطَاء والنَّخَعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبي عبيد لها جميع المهر، وحكاه ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ في القديم. وروى عن عمر بن الخطاب والمغيرة بن سعيد. وعند شريح وأَبِي ثَورٍ لها نصف الصداق.
مسألة: إذا بان للزوج أنها زنت أو سرقت لم يثبت لها خيار الفسخ بذلك. وعند عَطَاء إذا علم بذلك قبل أن يجامعها فليس له شيء، ويحتمل هذا القول منه أن النكاح لم يصح ويحتمل أن يثبت للزوج الخيار في فسخ النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجدت المرأة زوجها عقيمًا لم يثبت لها الخيار. وعند الحسن البصري يثبت لها الخيار. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق ينبغى له أن يبين عسى أن تكون امرأته تريد الولد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج العبد بإذن مولاه حرة وشرط أنه حر فقَوْلَانِ: إحداهما أن النكاح باطل، والثاني يصح وثبت لها الخيار، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج امرأة على أنها حرة فخرجت أمة ففي صحة النكاح القَوْلَانِ الأولان، فإن قلنا إن النكاح صحيح فهل يثبت للزوج الخيار؟ طريقان: منهم من أثبته قولاً واحدًا، ومنهم من قال قَوْلَانِ: أحدهما يثبت وبه قال أحمد، والثاني لا يثبت وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حبلت المرأة من الزوج ووضعته حيًا فهو من حر

(2/217)


للشبهة سواء كان الزوج حرًا أو عبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الزوج عبدًا انعقد ولده عبدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويجب عليه قيمته يوم الوضع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يوم التراجع إلى القاضي. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: إحداهما يضمنه بمثله من العبيد، والثانية: بالقيمة، والثالث: الخيار إليه في أحد الأمرين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج عربي بأمة فأولاده منها أرقاء لسيد الأمة. وعند ابن المسيب والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وعمر لا يثبت الرق عليهم ويقوموا على الأب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان لرجل أمة مزوجة فباعها سيدها من غير زوجها صح بيعها ولا يكون طلاقًا بل النكاح بحاله. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وأبي بن كعب وأنس وجابر بن عبد اللَّه وسعيد بن المسيب ومجاهد يكون معها طلاقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعائشة وابن المسيب وسليمان بن يسار وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أعتقت الأمة وهي تحت حر لم يثبت لها الخيار في فسخ النكاح. وعند النَّخَعِيّ والشعبي وطاوس وابن سِيرِينَ ومجاهد وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يثبت لها الخيار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتقت الأمة تحت عبد ثبت لها خيار الفسخ وفي وقته ثلاثة أقوال: أصحها أنها بالخيار إلى أن يطئها باختيارها، وبه قال ابن عمر وحفصة وسليمان بن يسار وأبو قلابة ونافع والزُّهْرِيّ وقتادة وَمَالِك وَأَحْمَد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى على الصحيح عنده، والثاني: على الفور فإن أخرت مع الإمكان سقط خيارها، والثالث: إلى ثلاثة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا لمسها بطل خيارها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد المؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختارت الأمة الفسخ قبل الدخول لم يجب لها شيء. وعند قتادة لها نصف الصداق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الزوج قبل أن يختار سقط خيارها على أحد القولين، وبه قال أحمد، ولا يسقط في القول الثاني.
* * *

(2/218)


باب نكاح المشرك
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنكحة أهل الشرك صحيحة وطلاقهم واقع، فإذا نكح مشرك مشركة وطلقها ثلاثًا لم تحل له إلا بعد زوج، ولو نكح مسلم ذمية فطلقها ثلاثًا ثم نكحها ذمي ودخل بها وطلَّقها حلت للمسلم الذي طلّقها بعد انقضاء عدتها، فيتعلق بأنكحتهم سائر الأحكام التي تتعلق بالمسلمين. وعند مالك لا تصح أنكحتهم ولا يقع طلاقهم إلا أن يقرّون عليها بالْإِسْلَام، ووافقه في الطلاق الحسن وقتادة ورَبِيعَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق المسلم زوجته الذميَّة ثلاثًا فتزوجها ذمي ثم طلقها حلَّت للأول. وعند رَبِيعَة وَمَالِك لا تحل له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق إذا أسلم أحد الزوجين الوثنيين أو المجوسيين وأسلمت المرأة والزوج يهودي أو نصراني، أو لم يسلم الزوج، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح، وإن كان بعده وقف النكاح فإن أسلم الكافر منهما قبل انقضاء العدة أقرا على النكاح، وإن لم يسلم الكافر منهما حتى انقضت العدة بانت من وقت إسلام المسلم منهما، وسواء كان ذلك في دار الْإِسْلَام أو في دار الحرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أبي طالب منهم على ما ذكره أبو عبد الله الداعي عن حاصل مذهبهم أنه إذا كان قبل الدخول وقعت الفرقة في الحال، وإن كان بعد الدخول فلا تقع الفرقة إلا بأحد أمرين: إما يعرض الْإِسْلَام على الآخر وأما بانقضاء العدة إن فقد العرض، وإن مضت المدة وقعت الفرقة وتستأنف العدة وعند المؤيَّد منهم لا تستأنف العدة، وذكره منهم مُحَمَّد الفارسي في تعليقه. وعند مالك إن كانت هي المسلمة فالحكم كما قال الشَّافِعِيّ، وإن كان هو المسلم عرض عليها الْإِسْلَام في الحال فإن أسلمت وإلا انفسخ نكاحها. وعند أَبِي ثَورٍ وداود ان أسلم الزوج قبل الزوجة وقعت الفرقة بكل حال. وعند الحسن وطاوس ومجاهد وعكرمة وعمر بن عبد العزيز والحكم وقتادة تقع الفرقة بإسلام أيهما كان. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين ينفسخ النكاح في الحال وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانا في دار الحرب وكان ذلك بعد الدخول فالنكاح موقوف على انقضاء العدة كقول الشَّافِعِيّ، فإذا مضت ولم يجتمعا في الْإِسْلَام وقعت الفرقة وكان عليها استئناف العدة، وإن كانت مدخولًا بها وإن كانا في دار الْإِسْلَام سواء كان

(2/219)


قبل الدخول وبعده فإن النكاح لا ينفسخ بل يعرض الْإِسْلَام على المتأخر منهما فإن أسلم فهما على الزوجية وإن لم يسلم فرَّق الحاكم بينهما بطلقة، وإن لم يعرض الْإِسْلَام على المتأخر منهما وأقاما على الزوجية مدة طويلة فهما على النكاح.
مسألة: إذا أسلمت الكافرة قبل الدخول انفسخ نكاحها ولا مهر لها. وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب والمؤيَّد عن يَحْيَى، وقالوا: إذا أسلم الزوج وأبت هي على الْإِسْلَام كان لها نصف ما سمي لها. وعند قتادة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجب لها نصف الصداق، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر أيضًا وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أسلم الزوج ولم تسلم هي وكانت غير مدخول بها فلا مهر لها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تقع الفرقة بين الزوجين باختلاف داريهما، وإنما تقع باختلاف الدين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا اختلفت الدار بهما فعلاً وحكمًا انفسخ نكاحهما، كما إذا تزوج ذمي ذمية ثم نقض العهد ولحق بدار الحرب وأسلم أحد الحربيين ودخل دار الْإِسْلَام، أو عقد الأمان لنفسه ودخل دار الْإِسْلَام انفسخ نكاحهما، وإن اختلفت الدار بهما فعلاً لا حكمًا لم ينفسخ نكاحهما، كما إذا تزوج ذمي ذمية ثم خرج أحدهما إلى دار الحرب في تجارة ولم ينقض ذمته، أو دخل الحربي دار الْإِسْلَام ولم يعقد لنفسه ذمة ولا أمانًا. وإن اختلفت الدار بهما حكمًا لا فعلاً كما إذا أسلم أحد الحربيين وأقام في دار الحرب فلا ينفسخ نكاحهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الفرقة التي تحصل بين الزوجين باختلاف الدين فسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أسلم الزوج وامتنعت هي كانت فسخًا، وإن أسلمت الزوجة وامتنع هو كانت طلاقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومُحَمَّد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه في العدة أو كن كتابيات اختار منهن أربعًا وفارق البواقي، وسواء تزوجهن بعقد واحد أو بعقود مختلفة، وسواء اختار من نكحها أولاً أو آخرًا، إلا أن مالكًا يقول لا يرتفع النكاح في الباقيات إلا بطلاق. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يصح التخيير بحال، بل إن كان تزوجهن بعقد واحد بطل نكاح الجميع ولا يحل له واحدة منهن إلا بعقد مستأنف، وإن تزوجهن بعقود لزمه نكاح الأربع الأوائل وبطل نكاح من بعدهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم وتحته أربع إماء فإن كان على صفة يجوز أن ينكح

(2/220)


الأمة جاز له أن يختار منهن، وإن كان موسرًا لم يجز له أن يختار منهن واحدة بل ينفسخ نكاحهن. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز له أن يختار منهن واحدة وإن كان موسرًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ نكاحهما في الحال. وعند داود لا ينفسخ النكاح بالردة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك في رِوَايَة إذا ارتد أحد الزوجين بعد الدخول لم ينفسخ نكاحهما في الحال، ووقف على انقضاء العدة فإن عاد للإسلام قبل انقضاء العدة فهما على النكاح وإن لم يعد حتى انقضت العدة انفسخ نكاحهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند الحسن وعمر بن عبد العزيز والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك في الرِوَايَة الأخرى وأَبِي ثَورٍ وزفر وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينفسخ النكاح فى الحال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي وكذلك الداعي عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا ارتدا معًا فإن كان قبل الدخول انفسخ نكاحهما في الحال، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن رجعا إلى الْإِسْلَام قبل انقضائها فهما على النكاح، وإن انقضت قبل إسلامهما بانت منه بالردة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ العقد استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتقل اليهودي أو النصراني إلى دين يقر أهله عليه فقَوْلَانِ: أحدهما لا يقر عليه، والثاني يقر عليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سُبي الزوجان انفسخ نكاحهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينفسخ نكاحهما.
* * *

(2/221)