المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب العدد
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت حاملاً بولدين فولدت أحدهما لم تنقض العدة. وعند عكرمة تنقضي عدتها بوضع أحدهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ألقت مضغة ولم تتصوَّر فيها خلقة آدمي إلا أن القوابل شهدت أنها لو بقيت تخلّقت وصارت ولدًا انقضت عدتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنقضي عدتها. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الجديد الخلوة لا توجب العدة، وسواء وطئها فيما دون الفرج أو لم يطئها، وفي القديم توجب العدة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد.
مسألة: لا خلاف أن أقل مدة الحمل التي يولد الولد فيها حيّا ويعيش ستة أشهر. واختلف العلماء في أكثر مدة الحمل فعند الشَّافِعِيّ أنها أربع سنين، وبه قال مالك في الرِوَايَة الثانية وصححه جماعة من أصحابه. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعثمان البتي وعائشة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وَمَالِك في الرِوَايَة الأخرى الثالثة أنها سنتان، واختاره الْمُزَنِي. وعند أبي عبيد أنه لا حد أكثرها. وعند الْإِمَامِيَّة أكثرها سنة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عمر وزيد بن ثابت وفقهاء المدينة السبعة والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في أظهر الروايتين أن الأقراء المذكورة في القرآن هي الأطهار. وعند الحسن وعبيد الله بن الحسن العنبري والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وابن شُبْرُمَةَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن مسعود وابن عبَّاس وأبي موسى الأشعري وَأَحْمَد في إحدى الروايتين أن الأقراء في الآية هي الحيض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فرغت المعتدة من الحيضة الثالثة انقضت عدتها ولا يعتبر في ذلك الغسل من الحيض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع دمها من الحيضة الثالثة لأكثر الحيض خرجت من العدة، وإن انقطع لأقله لم تخرج من العدة حتى تغتسل أو يمر عليها وقت

(2/317)


الصلاة، وعند أَحْمَد على الرِوَايَة التي تقول الأقراء الحيض لا تنقضي عدتها حتى تغتسل بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقامت بينة على القضاء في شهر لا يقبل. وعند أَحْمَد يقبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقبل إقرار المرأة إذا كانت من ذوات الأقراء بانقضاء عدتها في اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد في هذه المسألة إنما يحصل الخلاف بينهم في أقل الحيض فعندهما ثلاثة أيام وعنده يوم وليلة، فهما يبنيان على أصلهما، وهو يبنى على أصله والخلاف بين الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ فهو يعتبر أكثر الحيض عنده وأقل الطهر وعند زفر لا يقبل قولها في أقل من أربعة وسبعين يومًا. وعند الْإِمَامِيَّة لا يقبل قولها في أقل من ستة وعشرين يومًا ولحظة. وعند أَحْمَد لا يقبل قولها فى أقل من تسعة وعشرين يومًا ولحظة إذا أقامت على ذلك بينة امرأة تشهد أنها حاضت فيقبل ذلك لتسعة وعشرين يومًا ولحظة ولا يقبل بمجرد دعواها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحاضة تعتد بالأقراء، وأقراؤها الزمان الذي يحكم فيه بالاستحاضة، فإن كانت ناسية للعدد ذاكرة للوقت بأن تذكر أنها تحيض في أول كل شهر فأقل ما تنقضي به عدتها شهران ولحظتان بأن يطلقها وقد بقي من الشهر لحظة ويمضي عليها شهران ولحظة في الثالث. وإن كانت ناسية للوقت والعدد جميعًا، فإن قلنا تحيض من أول كل شهر يومًا وليلة فإذا طلقها قبل أن يهل الهلال انقضت عدتها إذا أهلَّ الهلال الثالث غير الشهر الذي طلقها فيه، وإن قلنا لا حيض لها بيقين ولا طهر لها بيقين فإن طلَّقها وقد بقي من الشهر أكثره احتسب لها قرءًا وأتت بشهرين آخرين حتى تتم عدتها، وإن كان قد بقي نصفه لم يحتسب لها به شيء وأتت بثلاثة أشهر. وعند عكرمة وقتادة عدة المستحاضة ثلاثة أشهر. وعند سعيد بن المسيب ومالك عدتها سنة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كانت أقراؤها مستقيمة فأقراؤها، وإن اختلطت عليها فعدتها سنة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ عدتها الأقراء إذا كانت أيامها معلومة، وإن كانت مجهولة فعدتها ثلاثة أشهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها وقد انقطع دمها لغير عارض فقَوْلَانِ: القديم تمكث إلى أن تعلم براءة رحمها ثم تعتد بالشهور، وبه قال عمر وَمَالِك وَأَحْمَد والحسن، والقول الجديد تمكث إلى الإياس من الحيض ثم تعتد بالشهور، وبه قال علي بن أبي

(2/318)


طالب وابن مسعود وعَطَاء وجابر بن زيد والشعبي والنَّخَعِيّ وطاوس والزُّهْرِيّ وأبو الزناد وأبو حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي والثَّوْرِيّ وأبو عبيد. وعند سعيد بن المسيب إذا كانت تحيض في الأشهر، مرة فعدتها سنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم فهل تعتبر براءة رحمها في الظاهر وبراءته قطعًا؟ قَوْلَانِ: أحدهما تعتبر براءته في الظاهر وهو أن تمكث تسعة أشهر، وبه قال عمر وَمَالِك وَأَحْمَد. والثاني يعتبر براءة رحمها قطعًا، وهو أن تمكث أربع سنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في أثناء الشهر كأنه طلقها وقد مضت خمسة أيام منه فإنها تعتد بما بقي من الشهر، ثم تعتد بالشهرين بعده بالأهلة، فإن كان الشهر الأول تامًا اعتدت من الشهر الرابع خمسة أيام، وإن كان الشهر الأول ناقصًا اعتدت من الرابع ستة أيام وتلفق الساعات، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تعتد شهرين بالهلال وتحتسب بقية الأول بقدر ما فاتها من الأول تامًا كان أو ناقصًا. ويحصل الخلاف بينه وبين الشَّافِعِيّ فيما إذا كان الأول ناقصًا وكان قد طلقها وقد مضى منه خمس فإنها تعتد عند أَبِي حَنِيفَةَ من الرابع خمسًا. وعند الشَّافِعِيّ ستًا، وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ لا تلفق الساعات وإنما تلفق الأيام، فإذا طلقها بالنهار احتسب من أول الليل، وإذا طلقها بالليل احتسب من أول النهار. وعند أبي مُحَمَّد عبد الرحمن ابن بنت الشَّافِعِيّ إذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت بثلاثة أشهر بالعدد، وهي رِوَايَة أيضًا عن أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في طهر قد جامعها فيه اعتدت بنفسه قرءًا. وعند أبي عبيد القاسم بن سلام لا تعتد به قرءًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا بلغت الصبية سنًا تحيض فيه النساء، بأن بلغت خمس عشرة سنة أو عشرين سنة ولم تحض فعدتها بالشهور، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَحْمَد تقعد مدة الحمل في الغالب ثم تعتد بعده بثلاثة أشهر، وعند الكرخي من الحنفية وأبي عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة عدتها بالأقراء ولا تعتد بالشهور ما لم يأت عليها ستون سنة. وعند الْإِمَامِيَّة أن الآيسة إذا كانت في سن من لا تحيض لا عدة عليها إذا طلقت، وكذا من لم تبلغ الحيض إذا لم يكن مثلها تحيض لا عده عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وكافة الزَّيْدِيَّة إذا لم تكن الأمة من ذوات الأقراء اعتدت بشهرين في أحد الأقوال، وبه قال

(2/319)


الزُّهْرِيّ وإِسْحَاق، وبثلاثة أشهر في القول الثاني، وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري ورَبِيعَة وَمَالِك وأبو ثور وداود في رِوَايَة وسائر الزَّيْدِيَّة، وشهر ونصف في القول الثالث، وبه قال سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وعَطَاء والشعبي والثَّوْرِيّ وداود وأبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي. وعند أَحْمَد ثلاث روايات كالأقوال الثلاثة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المعتدة إذا انقضت عدتها ثم ارتابت لم يصح نكاحها. وعند بعض أصحابه يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات المسلم عن ذمية اعتدت بالشهور. وعند مالك فى إحدى الروايتين عدتها بالاستبراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتقت الأمة في أثناء العدة فثلاثة أقوال: أحدها تنتقل إلى عدة الحرة بائنة كانت أو رجعية، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ وقتادة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثاني تكمل عدة أمة، به قال مالك وأبو ثور، واختاره الْمُزَنِي. والثالث إن كانت رجعية انتقلت إلى عدة الحرة، وإن كانت بائنة كملت عدة أمة، وبه قال الحسن والشعبي والضحاك والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند سائر الزَّيْدِيَّة عدتها فى الابتداء كعدة الحرة عندهم فلا معنى للانتقال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأمة إذا مات عنها زوجها، ثم أعتقت في أثناء العدة فقَوْلَانِ: أحدهما تنتقل إلى عدة الحرة، والثاني تكمل عدة الأمة، وبه قال النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب عدة الوفاة من غير دخول. وعند ابن عَبَّاسٍ أنها لا تجب من غير دخول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء عده المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً أربعة أشهر وعشرة أيام. وعند الاوزاعي تعتد بأربعة أشهر وتسعة أيام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقضت أربعة أشهر وعشر فقد انقضت عدتها، سواء حاضت فيها أو لم تحض. وعند مالك إذا كانت عادتها أن تحيض فى كل شهر لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة في الأشهر، فإن تأخر حيضها لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة.

(2/320)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سلمة بن عبدالرحمن وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الحامل المتوفى عنها زوجها إذا كان الحمل يلحقه اعتدت به حرة كانت أو أمة سواء تأخر عن مضي الشهور أو تقدم. وعند علي بن أبي طالب وابن عبَّاس والْإِمَامِيَّة تعتد بأقصى الأجلين من الأشهر والحمل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا مات الصبي الذي لا يولد لمثله وله زوجة فإنها تعتد عنه بالشهور، سواء كانت حائلاً أو حاملاً، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا مات وبها حمل ظاهر اعتدت عنه بوضعه، وإن ظهر بها الحمل بعد موته لم تعتد به عنه، وهكذا قال في البالغ إذا تزوج امرأة ووطئها ثم طلقها وأتت بولد دون ستة أشهر من حين عقد النكاح، فإن كان الحمل بها ظاهرًا وقت الطلاق لم تعتد بوضعه عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقها في حال المرض وانقضت عدتها بالأقراء ثم مات الزوج لم تلزمها العدة. وعند أَحْمَد تعتد على الوفاة، وبناه على أصله أنها ترث. وعند الشَّافِعِيّ لا ترث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلق في كل قرء طلقة احتسبت العدة من الطلاق الأول وعند خلاس بن عمرو تحسب العدة من الطلاق الثالث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ المطلقة ثلاثًا في حال المرض تعتد بعدة الطلاق ولا تنتقل إلى عدة الوفاة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ تعتد بأقصى الأجلين من أربعة أشهر وعشرًا استكمال فيها ثلاث حيضات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أن عدة المختلعة عدة المطلقة، وروى ذلك عن علي وعند أبان وعثمان وإِسْحَاق في رِوَايَة وابن المنذر وابن عمر وبعض العلماء من الصحابة وغيرهم عدتها حيضة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الرجل إذا تزوج امرأة ولها ولد من غيره فبموت الولد أنه لا يعتزل امرأته. وعند علي وعمر والصعب بن جثامة والحسن والحسين بن علي والحسن البصري والنَّخَعِيّ وعمارة بن عمير وَأَحْمَد وأبي عبيد أنه يعتزلها حتى تحيض حيضتين، واختاره ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحامل إذا وضعت انقضت عدتها حال وضع الحمل. وعند حماد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق لا تنقضي به عدتها حتى تطهر من النفاس.

(2/321)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر الفقهاء إذا مات أو طلق وهو غائب حسبت العدة من حين الموت أو الطلاق علمت بالموت والطلاق أو لم تعلم بهما حتى انقضت عدتها فقد انقضت، فإن علمت قبل انقضاء مدة العدة أتمت عدتها من حين الطلاق والموت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن على والمزيد والقاسم وأبي عبد الله الداعي. وعند علي بن أبي طالب والحسن البصري وقتادة وعَطَاء الخراساني وخلاس وداود تحتسب العدة من حين بلغها الخبر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند عمر بن عبد العزيز والشعبي وابن المسيب إن ثبت ذلك بالبينة احتسبت العدة من حين الموت أو الطلاق، وإن ثبت ذلك بالسماع أو الخبر كان ابتداؤه من حين بلغها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غاب غيبة منقطعة وانقطع خبره ولم يعرف موضعه ففي زوجته قَوْلَانِ: الجديد ليس لها أن تتزوج بكل حال وتصبر حتى يتيقن موته أو طلاقه، وبه قال علي بن أبي طالب وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد في رِوَايَة، وهو الصحيح. والقديم أنها تصبر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا. ثم تحل للأزواج، وبه قال عمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذه الغيبة تثبت بالفسخ سواء فقد بين الصفين أو فقد بين أهله نهارًا أو كان في مركب فيهلك قوم وسلم آخرون، أو غير ذلك وبهذا قال مالك. وعند أَحْمَد تحيض بالفقد بين الصفين أو بفقده من أهله نهارًا أو كان في مركب فيهلك قوم ويسلم آخرون لا غير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يفتقر ضرب المدة وإباحتها للأزواج إلى حكم حاكم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعنده رِوَايَة أخرى أن ذلك لا يفتقر إلى حكم حاكم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بالقديم فهل تقع الفرقة ظاهرًا أو باطنا قَوْلَانِ: أحدهما يقع ظاهرًا، والثاني ظاهرًا وباطنًا. وعلى هذا إذا قدم الزوج الأول فهل ترد إليه؟ اختلف فيه أصحاب الشَّافِعِيّ فقال بعضهم: إن قلنا تقع ظاهرًا ردت إليه سواء تزوجت أم لا، دخل بها أم لا، وإن قلنا تقع ظاهرًا وباطنًا لم ترد إلى الأول بكل حال. وقال بعضهم: إن تزوجت لم ترد إلى الأول، وإن لم تتزوج ردت إلى الأول. وعند أَحْمَد إن لم يكن دخل بها الثاني فنكاحه باطل، وإن دخل بها الثاني فالأول بالخيار بين إمساكها

(2/322)


بالعقد الأول ودفع صداق الثاني إليه ومن تركها على نكاح الثاني وأخذ الصداق الذي أصابها منه. وعند مالك إن كان الثاني دخل بها فهي زوجته، وإن لم يكن دخل بها فهي للأول من غير تخيير، وبناه على أصله في نكاح الوليين، وإن كان الثاني إذا دخل بها ثبت نكاحه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك هذا المنقطع لا يجوز قسمة ماله. وعند أَحْمَد يجوز.
* * *

(2/323)


باب مقام المعتدة والمكان الذي تعتد فيه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر وعائشة وفقهاء المدينة وعلماء الأمصار يجب للمطلقة البائن الحائل على الزوج السكنى دون النفقة. وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن وعكرمة وأَبِي ثَورٍ والشعبي لها السكنى وعند شريح والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعبد الله لها النفقة والسكنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتوفى عنها زوجها هل تجب لها السكنى في مدة عدتها فيه قَوْلَانِ أصحهما تجب لها السكنى، وبه قال عمر وابن عمر وابن مسعود وأم سلمة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والثاني لا تجب لها السكنى، وبه قال على وابن عبَّاس وعائشة والحسن وعَطَاء وجابر بن عبد الله وجابر بن زيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المبتوتة إذا ظهر بها حمل فقَوْلَانِ: أحدهما ينفق عليها من حين ظهر حملها إلى أن تضع، وبه قال قتادة والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان والْأَوْزَاعِيّ ومالك. والثاني لا يجب عليه أن ينفق عليها في الحال فإذا وضعت لزمه أن يدفع إليها جميع النفقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أنفق عليها وهي تحسب أن بها حملاً ثم بان لا حمل لم يرجع عليها بشيء. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وأبي عبيد يرجع عليها بما أنفق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب نفقة الحامل المختلعة. وعند الحسن وعَطَاء لا تجب لها النفقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا نفقة لها ولا سكنى. ونقل الترمذي عن الثَّوْرِيّ أنه يجب لها السكنى والنفقة. وعند الشعبي وأبي العالية والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لها النفقة والسكنى. ونقل الترمذي عن الشعبي أنه يقول: لا سكنى لها ولا نفقة. وعند الحسن وحماد لا نفقة لها إلا أن يشرط ذلك على زوجها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله الحامل المتوفى عنها زوجها لا تجب لها النفقة. وعند شريح وابن سِيرِينَ والشعبي والنَّخَعِيّ وأبي العالية وخلاس بن

(2/324)


عمرو وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وعلي وابن مسعود وابن عمر تجب لها النفقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر زوجته بالانتقال من دار إلى دار فانتقلت إليها ثم طلقها أو مات عنها وجب عليها الاعتداد في الثانية، والاعتبار بانتقالها ببدنها دون قماشها وخدمها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار ببدنها وقماشها ومتاعها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها في السفر غير سفر النقلة، ثم طلقها أو مات عنها وقد فارقت المنزل والبنيان فهي بالخيار إن شاءت رجعت إلى منزلها واعتدت، وإن شاءت مضت في سفرها إلى مقصدها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند أَحْمَد إن كان بينها وبين منزلها مسافة لا تقصر فيها الصلاة أو أكثر، وبينها وبين مقصدها كذلك فهي بالخيار بين الرجوع والمقام والذهاب ولا يلزمها المقام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان بينها وبين منزلها أقل من مسافة ثلاثة أيام لزمها الرجوع إلى منزلها، وإن كان مسافة ثلاثة أيام لزمها المضي إليه والاعتداد فيه، وإن كانت مسافة ثلاثة أيام وإن كان موضعها موضع إقامة لزمها الاعتداد فيه، وإن لم يكن موضع إقامة كان لها المضي إلى مقصدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا عليها أن تقيم إلى أن تنقضي عدتها ولا تخرج ولا ترجع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أذن لها في الحج والعمرة فأحرمت ثم طلقها، فإن كان الوقت ضيقًا مضت في الحج، وإن كان الوقت واسعًا فهي بالخيار إن شاءت قامت حتى تنقضي العدة وتخرج إلى الحج وإن شاءت خرجت إلى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمها أن تقيم وتقضي العدة وإن فاتها الحج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان المعتدة ليس لها الخروج للحج والعمرة إذا لم يتقدم الإحرام على العدة وعند عَطَاء وطاوس وعائشة وابن عَبَّاسٍ لها أن تخرج إلى العمرة والحج. وعند الحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق تحج المرأة في عدتها من الطلاق. وعند مالك ترد ما لم تحرم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبرت المرأة بموت زوجها وهي في منزلها لزمها أن تخرج إلى منزله وتعتد فيه. وعند سعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ لا تبرح حتى تنقضي عدتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا ندَّت المعتدة على أهل زوجها وآذتهم بلسانها

(2/325)


جار نقلها من البيت الذي طلقت فيه إلى أقرب المواضع إليه. وعند الحسن وابن مسعود لا يجوز إخراجها إلا أن تُربَّى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم أنه لا يجوز للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها. وعند بعض العلماء من الصحابة وغيرهم لها أن تعتد حيث شاءت وإن لم تعتد في بيت زوجها، قال الترمذي: والقول الأول أصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المبتوتة تلزمها العدة في بيت زوجها. وعند أحمد لا يلزمها ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمطلقة المبتوتة الخروج نهارًا لقصد الحاجة في قوله الجديد، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وهو قول قديم للشافعي.
* * *

(2/326)


باب الإحداد
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وكافة العلماء من الصحابة ومن بعدهم أن المتوفى عنها زوجها يجب عليها الإحداد. وعند الحسن البصري والشعبي لا إحداد عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المبتوتة لا إحداد عليها في القول الجديد، وبه قال عَطَاء ورَبِيعَة والْإِمَامِيَّة وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين فيهما، وبه قال أيضًا من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن يَحْيَى. وفي القول القديم عليها الإحداد، وبه قال سعيد بن المسيب وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وأبو ثور والْمُزَنِي، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك وَأَحْمَد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب الإحداد على الذمية إذا كان زوجها مسلمًا، وكذا الصغيرة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجب عليها الإحداد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان زوج الذمية ذميًا لزمها العدة والإحداد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا عده عليها ولا إحداد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على المحدة لبس الحلي ذهبًا كان أو فضة. وعند عَطَاء يحرم عليها الذهب دون الفضة. وعنه أيضًا لا يكره لها لبس الفضة إذا مات وهو عليها وليس لها أن تبتدئ لبسه.
* * *

(2/327)


باب اجتماع العدتين
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزَّيْدِيَّة إذا تزوجت المرأة في عدتها ووطئها الثاني وكان جاهلاً بالتحريم لزمها لكل واحد منهما عدة ولا يتداخلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتداخلان ويكفيها عدة واحدة عنهما. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والأخرى كقول أَبِي حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك على القول بتقدم التداخل لو اجتمعا وجب عليها إكمال العدة من الزوج الأول ثم تعتد من الثاني. وعند الشعبي وكافة الزَّيْدِيَّة تعتد أولاً من الثاني ثم تعتد من الأول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نكحت في العدة ودخل بها في الثاني لم تحرم عليه بعد انقضاء العدة في القول الجديد، وبه قال علي وأبو حَنِيفَةَ، وتحرم على التأبيد في القول القديم، وبه قال عمر ومالك. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وقد مضى ذكر ذلك في كتاب النكاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا للثاني أن ينكحها جاز له ذلك إذا انقضت عدتها من الأول. وعند أَحْمَد لا يجوز حتى تنقضي عدتها منهما جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج في العدة ووطئها الثاني انقطعت عدتها حتى يفرَّق بينهما. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا تنقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر والزَّيْدِيَّة إذا خالعها بعد الدخول ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول فإنها تبني على عدتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تستأنف العدة. وعند داود لا يلزمها البناء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من تزوج امرأة ولها زوج لا يعلم بذلك لم يصح نكاحه ولا يلزمه أن يتصدق بشيء. وعند الْإِمَامِيَّة عليه أن يفارقها ويتصدق بخمسة دراهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج الرجل امرأة ثم دخل بها ثم طلقها ومضى عليها قرءًا. وقرءان ثم راجعها انقعطت العدة، وإن وطئها بعد الرجعة ثم طلقها وجب عليها

(2/328)


استئناف العدة، وإن طلقها قبل أن يطئها فقَوْلَانِ: أحدهما تبني على العدة الأولى وهو القديم، وبه قال مالك وعَطَاء وهو الأولى على مذهب الزَّيْدِيَّة حتى قال أبو ثابت منهم: الصحيح من المذهب أنه إذا راجعها قولاً لا يقع الطلاق الثاني ما لم يخالعها، والثاني تستأنف وهو الجديد، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وصاحباه والزُّهْرِيّ وطاوس وحماد وأبو قلابة والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما وهو الأصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. وعند داود لا يجب عليها عدة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة عليها الاعتداد ولا تلحقها التطليقة الثانية حتى يراجعها بالفعل ويطلقها الثانية بعد ما حاضت حيضة عقيب الأولى واغتسلت.
* * *

(2/329)


باب استبراء الأمة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن مسعود وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا ملك الرجل أمة بابتياع أو هبة أو ميراث أو غنيمة لم يحل له وطئها حتى يستبرئها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، بكرًا أو ثيبًا، يوطأ مثلها أو لم يؤطأ ممن تحمل مثلها أو لا تحمل. وعند ابن عمر وداود وشيعته إن كانت بكرًا فلا يجب عليه استبراؤها، وإن كانت ثيبًا وجب عليه استبراؤها. وعند اللَّيْث بن سعد إن كانت ممن تحمل مثلها لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها، وإن كانت ممن لا تحمل مثلها فإنه يجوز له وطؤها قبل الاستبراء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن تكون المستبرأة في يد المستبرئ سواء كانت جميلة أو قبيحة. وعند مالك إن كانت جميلة لم تترك في يد المستبرئ وإنما تترك في يد عدل، وإن كانت قبيحة كانت في يد المستبرئ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ملكها ببيع أو قضية فوضعت أو حاضت قبل القبض فوجهان أحدهما لا تعتد به، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، والثاني تعتد به، وبه قال أحمد. وعند مالك إن حاضت في يد البائع أقل الحيض وبقي أكثره في يد المشتري اعتدت به، وإن مضى أكثره في يد البائع وبقي أكثره في يد المشتري لم تعتد به حتى تستأنف الاستبراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للسيد الاستمتاع بالجارية المشتراة في ما عدا الوطء قبل الاستبراء على الصحيح، وبه قال عبد اللَّه بن عمر وبعض الزَّيْدِيَّة، والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي والهادي من الزَّيْدِيَّة، وصححه بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا باع أمته ثم تقابلا لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها، سواء قبضها المشتري أو لم يقبضها. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يلزمه الاستبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن تقابلا بعد قبض المشتري لها فلا يجوز للبائع وطؤها حتى يستبرئها، وإن لم يقبضها فالقياس أنه يستبرئها، ولكن جوَّزنا له أن لا يستبرئها استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أمة فارتفع حيضها لغير عارض فحكمها في التربص

(2/330)


إلى سن الإياس حكم المعتدة. وعند أَحْمَد تستبرئ بعشرة أشهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ استبرائها عدة الوفاة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كاتب أمته فعجزت ورجعت إلى ملك سيدها أو ارتد السيّد أو الأمة، أو ارتد أو عاد إلى الْإِسْلَام أو زوَّج أمته وطلقها الزوج قبل الدخول لم يحل له وطؤها قبل استبرائها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحل له في جميع المسائل قبل الاستبراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي والمؤيَّد إذا أراد بيع أمته ولم يكن وطئها لم يجب عليه استبراؤها، وإن كان قد وطئها له استبراؤها ولا يجب عليه. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والحسن وابن سِيرِينَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى يجب على البائع والمشتري الاستبراء. وعند عثمان البتي يجب على البائع ولا يجب على المشتري. وعند الهادي من الزَّيْدِيَّة يبطل البيع بترك الاستبراء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ الرجل أمته ثم باعها قبل أن يستبرئها لم يجز للمشتري أن يزوجها حتى يستبرئها، وكذا إذا اشترى أمة ووطئها وأراد أن يزوجها لم يصح النكاح حتى يستبرئها، وكذا لو اشترى أمة من رجل واستبرأها ووطئها وباعها قبل الاستبراء فأعتقها المشتري قبل أن يستبرئها لم يجب له أن يتزوَّج قبل أن يستبرئها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في هذه الثلاث المسائل يجوز النكاح قبل الاستبراء. قال في الشامل والمعتمد والبيان والشاشي أن الرشيد ابتاع جارية فأراد وطأها في الحال فقيل له لا يجوز لك ذلك قبل الاستبراء، فتاقت نفسه إليها فسأل أبا يوسف عن ذلك فقال له أعتقها وتزوجها ففعل ذلك فعظم شأن أَبِي يُوسُفَ عنده بذلك. ونقل الغزالي في البسيط أن مسألة الرشيد مع أَبِي يُوسُفَ صورتها أن قال له أبو يوسف: يزوجها سيدها، ثم يستبرئها الرشيد من وجه، ثم يطلقها زوجها قبل الدخول فتحل للرشيد حينئذٍ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أمة يطؤها وأراد بيعها لم يلزمه الاستبراء، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أَحْمَد وَمَالِك يجب عليه الاستبراء، إلا أن مالكًا يقول: إن اتفقا على حيضة واحدة أجزأ عنهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعائشة والشعبي وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأكثر العلماء إذا أعتق أم ولده في حياته أو عتقت بموته لزمها أن تعتد بثلاثة أقراء، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وقالوا: لا يجب على المولى نفقتها أيضًا، وخصوا هذا بما إذا أعتقها في حياته. وعند عبد الله بن عمرو بن العاص وداود وإِسْحَاق في رِوَايَة إذا مات عنها

(2/331)


سيدها لزمها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ابتاع أمة من عبده التاجر وقد حاضت في يده لم يلزم الاستبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات سيد أم الولد وزوجها ولم يعلم أيهما مات أولًا فنظر، فإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام فما دون فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر من موت آخرهما، وإن كان ما بينهما أكثر من شهرين وخمسة أيام أو جهل بين موتهما فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر فيها حيضة، فتعتد بأقصى الأجلين من الشهور أو الحيضة. وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يعلم أيِّهما مات أولاً، فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشر بأحد الأجلين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ إذا كان بين موتهما شهران وأربعة أيام فما دون، وإن كان بين موتهما شهران وخمسة أيام فأكثر فعند أَبِي حَنِيفَةَ تعتد بأربعة أشهر وعشر لا حيض فيها. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تعتد بأربعة أشهر وعشر وفيها ثلاث حيض، وعند أبي ثور تعتد بشهرين وخمسة أيام عدة الإماء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اشترى أمة حائضًا فإنه لا يعتد بذلك الحيض عن الاستبراء وتحتاج إلى حيضة أخرى. وعند مالك تعتد بها إذا كانت في أولها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أم الولد إذا مات سيدها وهي حامل لم يجب لها النفقة. وعند الحسن يجب لها النفقة من أصل المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استبرأت أم الولد بحيضة حلت للزوج إذا انقطع دمها ولم تغتسل. وعند أَحْمَد لا تحل حتى تغتسل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى المكاتب من يعتق عليه واستبرأها ثم عجز لم يجزأ السيّد ذلك الاستبراء. وعند أَحْمَد يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه في الأم خاصة دون غيرها.
* * *

(2/332)