المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب الأيمان
باب من يصح يمينه وما يصح به الْيَمِين
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح يمين الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ينعقد يمين المكرَه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ لغو الْيَمِين ما سبق اللسان من غير قصد أو قصد بأن يحلف باللَّهِ لا يفعل كذا فسبق لسانه وحلف باللَّهِ ليفعلنه، وسواء كان على الماضي أو المستقبل وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي َوَأَحْمَد في إحدى الروايتين لغو الْيَمِين هو الحلف على الماضي من غير أن يقصد الكذب، مثل أن يظن شيئًا فحلف عليه وبان خلافه، فإن قال ذلك في المستقبل لم يكن لغوًا بل يكون يمينًا منعقدة. وعند مالك لغو الْيَمِين هو الْيَمِين الغموس. وعند الحسن ومجاهد وقتادة وسليمان بن يسار والنَّخَعِيّ وَمَالِك في رِوَايَة لغو الْيَمِين هو أن يحلف على الشيء يرى أنه ما حلف عليه ولا يكون كذلك. وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لغو الْيَمِين هو الحلف على الماضي، سواء قصد أو سبق على لسانه، وعنه رِوَايَة ثالثة أن الجميع لغو. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أخرى أن لغو الْيَمِين وأنت غضبان. وعند سعيد بن جبير هو تحريم الحلال على ترك واجب لم ينعقد يمينه ولا يلزمه كفارة. وعند الزَّيْدِيَّة لغو الْيَمِين هو أن يقول: لا والله وبلى والله عند الغضب والشدة ولم يقصد عقد الْيَمِين على نفسه، أو حلف على شيء وهو يظن أنه صادق والأمر بخلافه. أما إذا ظن صدق نفسه وكان الأمر بخلافه فإنه لغو عند النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى، وعند القاسم منهم والشَّافِعِيّ هو يمين وليس بلغو.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ والحكم وعثمان البتي وَأَحْمَد في رِوَايَة الْيَمِين الغموس توجب الكفارة، وهي التي يحلف كاذبًا عامدًا. وعند الحسن وَمَالِك واللَّيْث

(2/296)


والثَّوْرِيّ وأبي حينفة وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وأبي عبيد وابن مسعود وسعيد بن المسيب وأصحاب الحديث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا كفارة عليه بها حتى قال سعيد بن المسيب: هي من الكبائر وهي أعظم من أن يكفر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْيَمِين على المستقبل خمسة أضرب: أحدها الْيَمِين عقدها طاعة والمقام عليها طاعة وحلها معصية، مثل أن يحلف ليصلين الصلاة الواجبة أو لا يشرب الخمر أو لا يزني. الثاني: يمين عقدها معصية والمقام عليها معصية وحلَّها طاعة كما إذا حلف أن لا يفعل ما يجب عليه أو ليفعلن ما حرم عليه. الثالث: يمين عقدها طاعة والمقام عليها طاعة وحلّها مكروه، كحلفه ليصلين النوافل أو ليصومن التطوع أو ليتصدقن بصدقة التطوع. الرابع: يمين عقدها مكروه والإقامة عليها مكروه وحلها طاعة كحلفه لا يفعل صلاة النافلة أو صوم التطوع أو صدقة التطوع. الخامسة: يمين عقدها مباح والمقام عليها مباح، كما إذا حلف أن لا يدخل هذه الدار ولا يسلك هذه الطريق. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ هل حلها أفضل أو المقام عليها أفضل؟ وجهان: أحدهما: المقام عليها أفضل، والثاني: حلها أفضل. فتحصلنا من مذهب الشَّافِعِيّ على أن الأيمان تنقسم إلى مكروه وغير مكره. وعند بعض الناس الأيمان كلها مكروه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الكفارة في الحنث في الْيَمِين سواء كان الحنث طاعة أو غير طاعة، ومن الناس من قال: إن كان الحنث طاعة لم يجب الكفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا حلف بالنبي أو بالكعبة وحنث لم تلزمه الكفارة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يكون يمينًا وعند أَحْمَد إذا حنث في الْيَمِين بالنبي وجب عليه الكفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك الحلف بالقبلة أو الملائكة أو جبريل أو ميكائيل أو واحد من الملائكة أو بحق الْإِسْلَام لا يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم يكون يمينًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَأَحْمَد في رِوَايَة وأبي عبيد إذا قال فعلت كذا أو كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الله أو من النبي أو من الْإِسْلَام أو مستحل للخمر أو للميتة لم يكن ذلك يمينًا. وتتعلق الكفارة بفعله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وبعض الصحابة والتابعين هي يمين تتعلق الكفارة بفعلها. وعند الحسن وطاوس والشعبي والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ إذا قال إن فعلت كذا وكذا فإنك

(2/297)


يهودي أو نصراني أو مجوسي فإن عليه الكفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أخزاه اللَّه أو قطع يده إن لم يفعل كذا فلا شيء عليه. وعند طاوس واللَّيْث عليه كفارة يمين. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا قال: عليه لعنه الله إن لم يفعل كذا فلم يفعله فعليه كفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف بعلم الله كان يمينًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون يمينًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بكلام الله أو بالقرآن كان يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف بحق الله ونوى به العبادات لم يكن يمينًا، وإن نوى ما يستحقه الله تعالى من الصفات أو أطلق ذلك كان يمينًا، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون يمينًا. وعند الزَّيْدِيَّة إذا حلف بذات الله أو بصفات ذاته تعالى أو بصفة مقتضاها غير الصفة الذاتية كان يمينًا، وإن حلف بصفات الفعل كالخالقية والرازقية لا يكون يمينًا إلا إذا أراد بذلك الله الخالق الرازق، وكذا لو قال برحمة اللَّه أو بعقابه أو بسمائه أو أرضه لا يكون يمينًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف بقدرة الله ونوى غير الْيَمِين لم يكن يمينًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ عهد اللَّه وميثاقه وأمانته وكفالته لم يكن يمينًا، إلا أن يريد به الْيَمِين. وعند الحسن وطاوس والشعبي والحارث العكلي وقتادة والحكم والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قال عليَّ عهد الله كان يمينًا. وعند مالك وَأَحْمَد وأبي يوسف تكون الجميع يمينًا. وعند الْإِمَامِيَّة إذا قال على عهد الله لا أفعل محرمًا وفعله، أو أن أفعل طاعة ولم يفعله، أو ذكر شيئًا مباحًا ليس بمعصية ثم خالف وجب عليه عتق رقبه أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا وهو يحنث من الثلاث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ عهد الله وميثاقه وأمانته وكفالته وأراد الْيَمِين كانت يمينًا واحدة، وإذا حلف لزمه كفارة واحدة. وعند مالك يلزمه بكل لفظة كفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال عليَّ يمين أو نذرت ولم يحلف لم يكن يمينًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون يمينًا استحسانًا. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة

(2/298)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أقسم لا فعلت كذا أو أقسمت لا أفعل كذا لم يكن يمينًا تكفّر، قصد به الْيَمِين أو لم يقصد، وكذا إذا قال أشهد أو أحلف. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يكون يمينًا. وعند مالك وإِسْحَاق إن قصد به الْيَمِين كان يمينًا، وإن لم يقصد به الْيَمِين لم يكن يمينًا، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبها قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أقسم باللَّه وأراد به الوعد لم يكن يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا قال لعمرو الله كان يمينًا إذا قصد به الْيَمِين، وإن أطلق لم يكن يمينًا، وكذا الحكم إذا قال وايم اللَّه لأفعلن كذا وكذا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ يكون يمينًا وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: الله أو اللَّه أو الله بكسر الهاء أو ضمها أو فتحها لأفعلن كذا لم يكن يمينًا، إلا أن يريد الْيَمِين. وعند أَحْمَد يكون يمينًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعمري لا يكون يمينًا. وعند الحسن تكون يمينًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أشهد باللَّهِ لم يكن يمينًا إلا أن يريد بذلك الْيَمِين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكون يمينًا أراد به الْيَمِين أو لم يرد، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال حلفت ولم يحلف لم يلزمه شيء. وعند الحسن والنَّخَعِيّ يلزمه الْيَمِين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أشهد لم يكن يمينًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ ورَبِيعَة يكون يمينًا. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن نوى به الْيَمِين كانت يمينًا وإلا فلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال سألتك باللَّه أو أقسمت عليك باللَّه لتفعلن كذا وكذا لم يكن يمينًا إذا لم يرد به الْيَمِين، أو أطلق فإن أراد به الْيَمِين كان يمينًا، فإن خالف المحلوف عليه ولم يفعل المحلوف عليه حنث ووجبت الكفارة على الحالف دون المحلوف عليه. وعند أَحْمَد يجب على المحلوف عليه دون الحالف. وعند ابن القاسم لا يكون يمينًا سواء أراد به الْيَمِين أو لم يرد.

(2/299)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق، أو هي عليَّ كظهر أمي، أو عبدي حر، أو مالي صدقة وحنث لزمه ما التزمه. وعند الْإِمَامِيَّة ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا ينعقد بذلك شيء.
مسألة: عند جماعة من الشَّافِعِيَّة والحنفية إذا حلف بالمصحف لا كفارة عليه. وعند مالك وَأَحْمَد عليه كفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف ما يلبس ثيابه وكان له أثواب فلبس بعضها لم يحنث حتى يلبس الجميع، وكذا إذا كان له عشر جواز فحلف لا يطؤهن فوطئ إحداهن لم يحنث حتى يطأهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن يَحْيَى. وعند النَّاصِر منهم والأخوين عن يَحْيَى أنه يحنث بلبس البعض ووطء البعض.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاستثناء في الْيَمِين ليس بواجب، وهو أن يقول عقب يمينه: إن شاء الله. وعند بعض الناس أنه واجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الاستثناء إلا أن يكون متصلاً بالكلام من غير فصل، إلا أن يكون انقطع نفسه، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء والحسن البصري وطاوس يصح الاستثناء ما دام في المجلس. وعند عَطَاء أيضًا أن له ذلك قدر حلب ناقة عزيزة. وعند قتادة له ذلك ما لم يقم من مقامه أو يتكلم. وعند ابن عباس أنه يصح الاستثناء إلى سنة، وروى عنه أبدًا، وقيل إنه رجع عن ذلك. وعند مجاهد الاستثناء بعد سنين. وعند سعيد بن جبير يصح الاستثناء بعد أربعة أشهر.
* * *

(2/300)


جامع الأيمان
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان ساكنًا في دار فحلف أن لا يسكنها، فإن أمكنه الخروج منها وأقام أي زمان كان حنث. وعند مالك إن أقام دون اليوم والليلة لم يحنث، وإن أقام يومًا وليلة حنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج من الدار في الحال لم يحنث، وإن وقف لنقل القماش حنث. وعند زفر يحنث وإن انتقل في الحال، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أقام لنقل القماش والرحل لم يحنث، وإن أقام لغير القماش والرحل حنث، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج من الدار عقيب الْيَمِين وترك رحله فيها لم يحنث، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث إلا أن ينقل أهله وماله. وعند مالك يعتبر نقل عياله دون ماله. وعند مُحَمَّد إن ترك من رحله فيها ما يمكن سكناها معه حنث، وإن ترك من رحله ما لم يمكن سكناها معه لم يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يساكن فلانًا وكانا في دار فيها حجر وكان كل واحد منهما في حجرة لم يحنث. وعند مالك يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال والله لا ساكنت فلانًا في هذه الدار فاقتسماها وجعلا بينهما حائطًا وبابًا وسكن كل واحد منهما فيما حصل له لم يحنث. وعند أبي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل دارًا فرقى حتى حصل على سطحها ولم ينزل إليها والسطح غير محجز لم يحنث. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا دخل دار زيد هذه فباعها ثم دخلها حنث، وكذا لو قال: لا كلمت عبد زيد هذا فباعه فكلمه حنث. وكذا لو قال: لا كلمت زوجة فلان هذه فطلقها ثم كلمها حنث، وبه قال في الدار من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يحنث في الدار والعبد

(2/301)


ويحنث في الزوجة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن يَحْيَى. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يحنث في الزوجة والعبد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل دار زيد فدخل دارًا سكنها بإجارة أو إعارة ولم يملكها لم يحنث. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا حلف لا دخلت هذه الدار فانهدمت وزال بناؤها فدخلها لم يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، وكذا إذا حلف لا يدخل هذا البيت أو بيتًا فدخله بعد هدمه لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث إذا حلف لا دخلت هذه الدار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ولا يحنث إذا حلف مطلقًا أو على البيت. وعند أَحْمَد إذا عين الدار والبيت حنث بدخولهما بعد انهدامهما، وإذا أطلق الدار والبيت لم يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا ركب هذه الدابة وهو راكبها، أو لا لبس هذا الثوب وهو لابسه فاستدام الركوب واللبس حنث، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة، وعند أَبِي ثَورٍ لا يحنث إلا أن يبتدئ الركوب واللبس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا وضع قدمه في دار فلان فدخلها راكبًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يخرج من بيته فخرج إلى الدار لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخلن هذه الدار وهو فيها فاستدام المقام فيها حنث في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وكافة الزَّيْدِيَّة، ولم يحنث في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو ثور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يدخل بيتًا فدخل دهليز الدار أو صفتها أو صحنها لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث، وبه قال القاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل المسجد أو البيت الحرام أو دخل بيتًا في الحمام أو بيعة أو كنيسة لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث بدخول المسجد أو بيت الحمام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا أو جاهلاً في حينه قَوْلَانِ: أحدهما: لا يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، والثاني: يحنث وبه قال سائر

(2/302)


الزَّيْدِيَّة، ويتحلل الْيَمِين بذلك بلا خلاف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يدخل بيتًا من شعر أو صوف أو أدم حنث حضريًا كان أو بدويًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ان كان حضريًا لم يحنث، وإن كان بدويًا حنث، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يركب دابة عبد زيد فركب دابة جعلها زيد برسم عبده لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد حنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد أَحْمَد الأزرقي عن أبي طالب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا ركب دابة زيد فركب دابة جعلها زيد برسم عبده حنث، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَبِي ثَورٍ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فطحنت وخبزت وأكل لم يحنث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث، وبه قال ابن سريج من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل من لحم هذا الجمل فصار كبشًا، أو حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شابًا، أو لا يكلم هذا الشاب فصار شيخًا لم يحنث فى الأكل من لحمه وبكلامه شابًا وشيخًا في أحد الوجهين، ويحنث في الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل اللحم حنث بأكل لحم الأنعام والظبي، ولا يحنث بأكل لحم السمك. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ يحنث بأكل لحم السمك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل لحمًا فأكل لحمًا حرامًا كلحم الخنزير والحيوان الذي لا يؤكل لم يحنث في أحد الوجهين، ويحنث في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الكبد أو الطحال أو الكرش لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وزيد بن علي يحنث، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحنث بأكل اللحم النيئ والمطبوخ. وعند مالك لا يحنث

(2/303)


بأكل النيئ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل شحمًا فأكل اللحم الأبيض الذي يكون على الظهر والجنب لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث، وبه قال القفال من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم لم يحنث. وعند مالك يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل الرؤس حنث بأكل رؤس الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل رؤس الإبل في يمينه في إحدى الروايتين. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يتعلَّق يمينه إلا برؤس الغنم خاصة. وعند مالك وَأَحْمَد بحنث بأكل جميع الرؤس من السمك والطير وغير ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل لبنًا فأكل زبدًا لم يحنث. وعند النَّخَعِيّ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا حلف لا يأكل سمنًا حنث بأكل الزبد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند يَحْيَى منهم لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يأكل أدمًا فأكل لحمًا أو جبنًا أو بيضًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رطبًا أو عنبًا أو رمانًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يأكل رطبًا فأكل موضع الرطب من المنصف حنث وعند أكل موضع البسر منه لم يحنث، وإن أكل الجميع حنث. وعند أبي يوسف لا يحنث في ذلك كله، وبه قال من الشَّافِعِيَّة الإصطخري وأبو علي الطبري. وعند أَبِي ثَورٍ إن كان الغالب عليه الرطب فهو رطب، وإن كان الغالب عليه البسر فهو بسر. وعند أَحْمَد إذا حلف لا يأكل رطبًا فأكل مزنبًا حنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا شربت من دجلة أو من الفرات فشرب من دجلة أو من الفرات حنث، سواء كرع في ذلك أو أخذه بيده أو نأنأ وشرب منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث إلا أن يكرع فيه. قال أهل

(2/304)


اللغة: يقال كرع في الماء إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا نأنأ. وعند الشَّافِعِيّ إذا شرب من نهر أخذ من دجلة أو من الفرات حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب من ماء أخذ منها حنث. وعند أَبِي يُوسُفَ في إحدى الروايتين لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، أو ليقتلن فلانًا وهو ميت لم ينعقد يمينه ولا يلزمه شيء. وعند أَبِي يُوسُفَ يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك كقول الشَّافِعِيّ في الأولى. وعند أَحْمَد في الثانية إن كان لا يعلم بموته لم يحنث، وإن كان يعلم حنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وعند مالك لا يحنث في الصورتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل هذا الدقيق فاستفه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخبز الدقيق المحلوف عليه وأكله لم يحنث. وعند أبي حَنِيفَةَ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا شم الورد والبنفسج فشم وردهما وهو أخضر حنث، وإن شم دهنهما لم يحنث، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحنث، كذا نقله عنهما صاحب الشاشي والبيان، ونقل صاحب الشامل والمعتمد أن أَحْمَد خالف في دهن الورد والبنفسج معًا، وأن أبا حَنِيفَةَ خالف في البنفسج ووافق في الورد، وكذا لم ينقل في النكت خلاف أَبِي حَنِيفَةَ إلا في دهن البنفسج لا غير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا لبس حليًا فلبس خاتمًا من فضة أو ذهب حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلفت المرأة لا تلبس الحلي فلبست اللؤلؤ والجوهر وحده حنثت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يلبس ثوب رجل منَّ به عليه فوهبه له أو باعه منه ولبسه أو ما منَّ عليه بما يطعمه أو بما يسقيه، فقال والله لا شربت له ماء من عطش فأكل له خبزًا أو لبس له ثوبًا أو شرب ماءً من غير عطش، أو منت عليه زوجته بالغزل فقال: والله لا لبست ثوبًا من غزلك فباع غزلها واشترى بثمنه

(2/305)


ثوبًا ولبسه فإنه لا يحنث بجميع ذلك كله، وإن كان قصد بيمينه قطع منته. وعند مالك َوَأَحْمَد إذا قصد قطع منته بيمينه في ذلك كله لا يجوز له أن يأكل له خبزًا ولا يلبس له ثوبًا ولا ينتفع بشيء من ماله، فإن نقل شيئًا من ذلك حنث بيمينه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يضرب زوجته فعضها أو نتف شعرها أو خنقها لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يضربها فلكمها أو لطمها أو رفسها فوجهان: أحدهما: يحنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني: لا يحنث، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف ليضربن عبده مائة سوط فأخذ عودًا فيه مائة شمراخ فضربه بها دفعة واحدة وعلم أنها أصابته برَّ في يمينه، وإن لم يعلم لم يبرَّ، وإن شك لم يحنث في الحكم. وعند مالك وَأَحْمَد لا يبرُّ ويحتاج إلى أن يضربه مائة ضربة منفردة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يحنث عند الشك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضربه برَّ في يمينه، سواء حصل بالضرب الإيلام أو لم يحصل به الإيلام. وعند مالك لا يبرّ إلا أن يحصل به الإيلام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا حلف لا يهب له أو لا يعيره فوهب له وأعاره أو أرقبه أو أعمره فلم يقبل الموهوب له ولا المعمر ولا المرقب ولا المعار لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث بمجرد الإيجاب، وبه قال أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف لا يهب له فتصدق عليه بصدقة تطوع حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث، سواء قرأ في الصلاة أو خارجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ إن قرأ في غير الصلاة حنث.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يتكلم فكبر أو سبح فوجهان: أحدهما: يحنث والثاني لا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في الصلاة لم يحنث، وإن كان خارجها حنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف لا يصلي فأحرم بالصلاة حنث، وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يحنث إلا بالركوع، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يحنث

(2/306)


إلا بالفراغ منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث حتى يسجد سجدة. وعند كافة الزَّيْدِيَّة إذا قال لا أصلي صلاة التطوع لم يحنث ما لم يصلِ ركعتين، وكذا عندهم في الصوم إذا قال: لا أصوم حنث بصوم ساعة، وإن قال: لا أصوم التطوع لم يحنث إلا بصوم يوم كامل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يقرأ القرآن كان يمينًا واحدة، وعند الحسن البصري وابن مسعود عليه بكل آية يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف بالقرآن لا كفارة عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فأمَّ قومًا والمحلوف عليه في جملتهم فسلم من الصلاة، فإن صيَّره سنة لم يحنث، وكذا إذا انقطع على أصح القولين. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فكلمه متصلاً بالْيَمِين حنث. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يحنث باليسير منه، كقوله اذهب أو ابعد أو قم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لآخر كلِّم زيدًا اليوم فقال: والله لا كلمته، أو حلف لا دخل هذه الدار فإن يمينه تنعقد على التأبيد: إلا أن ينوي اليوم، فإن كان يمينه بالطلاق أو بالعتاق أو في الإيلاء لم يقبل منه في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى، وإن كانت يمينه باللَّه تعالى قبل ظاهرًا وباطنًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقبل منه ذلك. وعند أصحابه تنعقد يمينه على اليوم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يسكن أو لا يدخل دارًا لزيد فاشترى زيد بعد ذلك دارًا فدخلها أو سكنها حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يكلم فلانًا فكتب إليه أو أرسل إليه رسولاً أو أشار إليه حنث في قوله القديم، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ولا يحنث في قوله الجديد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره الْمُزَنِي. وعند مالك في الرسول والإشارة رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه ما تزوج ولا صلى وكان قد تزوج تزويجًا فاسدًا أو صلى صلاة فاسدة لم يحنث. وعند مالك ومُحَمَّد بن الحسن يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف أن لا يبيع أو لا يتزوج حنث بالصحيح منهما دون الفاسد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في مسألة البيع. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحنث بفسادهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بفساد البيع دون فساد النكاح، وبه قال

(2/307)


سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يضرب أو لا يتزوج أو لا يطلق فأمر غيره بذلك لم يحنث. وفي قول له أنه إذا كان الحالف سلطانًا لا يتولى البيع أو الشراء أو الضرب من غيره ففعل ذلك حنث. وإن أمر غيره فناكح له أو طلَّق عنه لم يحنث. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ إذا وكل في ذلك حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وكَّل في ذلك لم يحنث في مسألة الشراء ويحنث في مسألة التزويج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال إن لم أحج العام فعبدي حر وادَّعى الحج وأقام العبد بينة أنه كان يوم النحر بالكوفة عتق العبد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده وعبد غيره أو لعبده والبهيمة أحدكما حر فإنه لا يعتق واحد منهما. وعند أَحْمَد يعتق عبده ويتعيق العتق في الباقي منهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يتسرَّى لم يحنث حتى يحصن الأمة يطأها في الفرج وينزل فيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث إذا حصنها ووطئها وإن لم ينزل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مالك وَأَحْمَد يحنث بمجرد الوطء وإن لم ينزل، وبه قال أيضًا بعض الشَّافِعِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يحنث إذا وطئها وأنزل فيها وإن لم يحصنها عن الخروج.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه لا مال له وله شيء من النقود أو العروض أو العقار أو غير ذلك مما لا تجب الزكاة في عينه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث إلا أن يكون له مال تجب الزكاة في عينه استحسانًا. وعند مالك المال هو الذهب والفضة. وكذا الخلاف بين الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ فيمن قال إن شفى الله مريضي فعليَّ للَّهِ أن أتصدق بمالي، فعند الشَّافِعِيَّة عليه أن يتصدق بجميع ماله إذا شفى الله مريضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يتصدق إلا بماله الزكاتي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا حلف أنه لا مال له وله دين حال حنث، وكذا يحنث في أحد الوجهين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث بالدين حالاً كان أو مؤجلاً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أنه لا يرى منكرًا إلا رفعه إلى القاضي ولم يكن له نية أن يرفع إليه في ولايته فرفع إليه بعد العزل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

(2/308)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال والله لا كلمت فلانًا زمانًا أو دهرًا أو وقتًا أو حينًا أو حقبًا أو مدة قريبة أو بعيدة بزيادتي زمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الحين شهرًا، والحقب ثمانون يومًا، والمدة القريبة دون الشهر، والبعيدة شهر. وعند مالك سنة. والحقب أربعون عامًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يستخدم فلانًا فخدمه المحلوف عليه والحالف ساكت لم يستدعه للخدمة لم يحنث الحالف، سواء كان المحلوف عليه عبده أو عبد غيره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان المحلوف عليه عبد للحالف حنث الحالف. وعند أحمد يحنث بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف على فعلين تعلقت الْيَمِين بهما إثباتًا كان أو نفيًا، مثل أن يقول: والله لأكلمنَّ هذين الرجلين، أو لآكلنَّ هذين الرغيفين فلا يبرأ إلا بكلامهما جميعًا أو بأكلهما جميعًا، وكذا إذا قال: والله لا كلمت هذين الرجلين أو لا أكلت هذين الرغيفين لم يحنث. وعند مالك وَأَحْمَد إذا كانت الْيَمِين على النفي تعلقت بالبعض، فمتى أكل بعض الرغيفين أو بعض الرغيف حنث في يمينه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف أن لا يشرب ماء هذه الإداوة أو ماء هذا الكوز وما أشبه ذلك لم يحنث في يمينه إلا بشرب جميعه. وعند مالك وَأَحْمَد يحنث بشرب بعضه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا شربت ماء هذا النهر لم يحنث بشرب بعضه في أحد الوجهين، ويحثث في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل طَعَامًا اشتراه زيد فاشترى زيد وعمرو طَعَامًا صفقة واحدة، أو اشترى أحدهما نصفه مشاعًا في عقد ثم اشترى الآخر نصفه مشاعًا فى عقد. وأكل منه الحالف لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث فى الطعام وفيما إذا حلف على الثوب هكذا أو الطبيخ والدار فإنه يحنث، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل من طعام اشتراه زيد فأكل من طعام ورثه زيد أو بالهبة لم يحنث. وعند مالك يحنث.

(2/309)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل طَعَامًا اشتراه زيد أو لا يلبس ثوبًا اشتراه زيد فأكل الحالف طَعَامًا اشتراه زيد ولبس ثوبًا اشتراه زيد حنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند يَحْيَى منهم لا يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بالطعام ولا يحنث في الثوب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غدًا فأكله في يومه أو بعضه حنث. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز فأهريق قبل العقد بغير اختياره لم يحنث. وكذا إذا حلف ليضربن عبده في غد فمات العبد قبل الغد لم يحنث. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ يحنث في المسألتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط الْيَمِين، وبناه على أصله أن الْيَمِين المؤقتة لا تنعقد في الحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه عند رأس الشهر لزمه أن يقضيه عند أول جزء من الشهر، فإن أخَّر ذلك مع الإمكان حنث، وعند مالك رأس الشهر يتناول أول ليلة من الشهر ويومها، فإن قضاه في الليلة الأولى واليوم الأول لم يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه إلى حين لم يحنث بتأخير القضاء، ولو أخَّره عمره وقضاه في آخره برَّ في يمينه. وعند مجاهد وَمَالِك والحكم وحماد الحين سنة فإن أخر القضاء عن السنة حنث. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فنقل صاحب المعتمد والشاشي أن الحين ستة أشهر، وبه قالت الْإِمَامِيَّة والزَّيْدِيَّة. وكذا نقله فى النكت عن أَبِي حَنِيفَةَ. ونقله هكذا عن أَحْمَد صاحب الدر الشفَّاف، ونقل صاحب البيان عنهما أن الحين شهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضين حقه مدة قريبة أو بعيدة أو حقب فليس ذلك بمقدَّر ولا يحنث حتى يفوته القضاء بالموت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ الحقب ثمانون سنة، والقريبة دون الشهر، والبعيدة شهر، وعند مالك الحقب أربعون سنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال: والله لأقضينك حقك فدفع إليه عوضه لم يبرّ، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يبرُّ، إلا أن مالكًا يقول: إذا كان العوض أقل من قيمته مثل حقه فإنه لا يبرُّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينَّ حقه غدًا فمات صاحب الحق قبل مجيء

(2/310)


الغد فقَوْلَانِ: أحدهما: يحنث، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني: لا يحنث، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ حلف ليقضينه دينه غدًا فأبرأه منه قبل مجيء الغد فقولا الخلاف في أن الإبراء يفتقر إلى القبول أم لا؟ فإن قلنا لا يفتقر كان في الحنث قَوْلَانِ، وإن قلنا يفتقر حنث قولاً واحدًا. وكذلك إذا قضاه قبل مجيء غد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يحنث. وكذلك إذا أعطاه حقه قبل مجيء غد. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء إذا حلف ليقضين حقه في غد فقضاه قبله لم يحنث، وكذا إن أبرأه، وكذا إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز في غد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليقضينه حقه زيوفًا أو شقوفًا لم يبر. وعند أبي حَنِيفَةَ يبر بالزيوف ولا يبر بالشقوف. قال أهل اللغة: الزيوف يقال درهم زائف ودراهم زُيِّف. وقد زافت الدراهم يزيف وزيَّفها الصائغ. والشقوف والشيف - بكسر الشين: اليقين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق، أو بغير إذني أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك فأنت طالق، فأذن لها بالخروج مرة واحدة برّ في يمينه، فإن خرجت بعد ذلك بغير إذنه حنث. ولم يخالف أبو حَنِيفَةَ في باقي الألفاظ الثلاثة بل قال: يبرَّ فيها بالإذن مرة واحدة. وعند أَحْمَد لا يبرُّ في الألفاظ كلها بالإذن مرة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أذن لها وهي لا تعلم فخرجت لم يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد يحنث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن لها. بحيث لا يسمع كان إذنًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لم يكن إذنًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه بيعًا فاسدًا لم يعتق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باعه بيعًا بشرط الخيار حنث. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يحنث.

(2/311)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يبيع فباع بشرط الخيار حنث. وعند ابن المواز إن شرط الخيار لنفسه لم يحنث ما دام له الخيار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا فارق غريمه حتى يستوفي حقه منه فأحاله به على غريم له ثم فارقه حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلَّم إليه دراهم زيوفًا حنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا لبست هذا القميص فاتزر به، أو ارتدى به لم يحنث. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يعطي فلانًا دينارًا فكساه ثوبًا، أو حلف لا أكسي فلانًا فأعطاه دينارًا لم يحنث. وعند مالك يحنث في المسألتين جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف يعتق كل مملوك له ثم حنث وكان له عبيد وإماء وأمهات أولاد ومدبرون ومكاتبون عتق الكل إلا المكاتبون. وعند أَبِي ثَورٍ وَمَالِك يعتق المكاتبون أيضًا. وعند جماعة من أصحاب الحديث وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعائشة وحفصة وأم سلمة أن عليه كفارة يمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا حلف لا يتكفل لفلان بمال فتكفل لم يحنث. وعند أَحْمَد يحنث. وبناه على أصله إذا تعذر تسليمه من المال. وعند مالك يحنث إن شرط البراءة من المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف ليأتين به البصرة فمات ولم يأت البصرة حنث. وعند أَبِي ثَورٍ لا يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يأكل خبزًا ولحمًا لا يحنث بأكل أحدهما، وكذا إذا حلف لا يكلم فلانًا وفلانًا لم يحنث بكلام أحدهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث بأكل أحدهما أو بكلام أحدهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا دخلت على فلان بيتًا فدخل عليه ساهيًا أو مكرهًا حنث في أحد القولين وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة ورَبِيعَة وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ولا يحنث في القول الثاني، وبه قال الزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: اثنتان كالقولين، والثالثة: يحنث بالْيَمِين باللَّه تعالى وبالظهار، ويحنث بالطلاق والعتاق،

(2/312)


وهو قول أبي عبيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا أكلت هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له عبدان فقال: إذا جاء عدي فأحدكما حر، فجاء عدي وقد مات أحدهما لم يتعين العتق في الثاني. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يعتق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا يشتري ثوبًا فاشترى كساءً أو طيلسانًا أو قباءً أو قميصًا لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فإذا اشترى بساطًا أو مسبحًا لم يحنث. وعند أَبِي ثَورٍ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى أكثر من نصف ثوب لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف لا بعت متاع زيد فوكَّل زيد في بيع متاعه فباعه الحالف لم يحنث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحنث.
* * *

(2/313)


باب كفارة الْيَمِين
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الكفارة تجب بشيئين الْيَمِين والحنث، وعند بعض أصحابه تجب بالْيَمِين لا غير، والحنث في وقت للكفارة، وعند سعيد بن جبير تجب الكفارة بالْيَمِين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب بالحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ والحسن البصري وابن سِيرِينَ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أراد التكفير بالمال استحب له التكفير بعد الحنث، فإن كفَّر قبل الحنث أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجزئه التكفير قبل الحنث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كرَّر الْيَمِين في الشيء الواحد مرارًا في مجلس واحد وفي مجالس مختلفة، فإن قصد تأكيد الْيَمِين الأولى أجزأته كفارة واحدة، وإن قصد التكرار أجزأته كفارة واحدة على أصح القولين، والثاني يلزمه كفارتان، وبه قال أكثرهم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعند ابن عمر والحسن وعروة والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد يجزئه كفارة واحدة. وعند أَبِي ثَورٍ إن أراد بتكرار الأيمان الْيَمِين الأولى فهو شيء واحد، وإن أراد بذلك التغليظ فلكل واحد كفارة. وعند قتادة وعمرو بن دينار إن كان في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس مختلفة فلكل يمين كفارة. وعند الحسن أيضًا إن لم يكن كفَّر عن الأول أجزأه كفارة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أراد أن يكفر بالصوم قبل الحنث لم يجزه. وعند مالك َوَأَحْمَد يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئ في الكفارة العمامة والإزار والسروايل والمقنعة، وعند مالك وَأَحْمَد لا يجزئ إلا ما يجزئ فيه الصلاة للرجل قدر ما يجزئه وللمرأة قدر ما يجزئها وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا تجزئ السراويل والعمامة. وعند أبي موسى الأشعري والحسن وابن سِيرِينَ لابد من ثوبين ثوبين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز دفع الطعام في الكفارات إلى الصبي الذي لم يطعم الطعام ويكون الدفع إلى وليه. وعند أَحْمَد لا يجزئ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يجب على قابض الكفارة أكلها بل

(2/314)


صرفها في سائر الأشياء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند الهادي منهم الصحيح وجوب الأقل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسا خمسة وأطعم خمسة لم يجزه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الصحيح عنده. وعند مالك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو العبَّاس والنَّاصِر أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب عليه أن يكفر بالمال وهو الإطعام والكسوة والعتق إلا قدر على ذلك فاضلاً عن كفايته على الدوام بحيث لا يجوز له أخذ الزكاة بالفقر والمسكنة، فإن لم يجد ذلك فاضلاً عن كفايته على الدوام انتقل إلى صوم ثلاثة أيام. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا قدر على قوت يومه وليلته أطعم ما فضل عنه. وعند أبي عبيد إذا كان عنده قوت يومه لنفسه وعياله وكسوة تكون كفايتهم ثم يكون بعد ذلك مالكًا لقدر الكفارة فهو واجد. وعند النَّخَعِيّ إذا كان عنده عشرون درهمًا فله أن يصوم. وعند عَطَاء الخراساني إذا كان عنده عشرون درهمًا أطعم، وإن كان دون العشرين صام. وعند بعض الناس إذا كان معه خمسون درهمًا وجب عليه الإطعام أو الكسوة، وإن كان دون الخمسين يصوم. وعند سعيد بن جبير إذا لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم فليكفر بها. وعند الحسن إذا ملك درهمًا وجبت عليه الكفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب التتابع في كفارة الْيَمِين في أصح القولين، وبه قال الحسن وعَطَاء وطاوس ومالك، ويجب في القول الآخر، وهو قول عكرمة ومجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره الْمُزَنِي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا: إن التتابع شرط في صوم كفارة الْيَمِين فإن الحيض إذا تخلله أبطل التتابع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يبطله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان له مال غائب لم يجز له العدول إلى الصوم وينتظر قدوم ماله حتى يكفّر بالمال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له العدول إلى الصوم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للعبد أن يكفَّر بالإطعام أو الكسوة بإذن سيّده على القول القديم، ولا يملك أن يكفر بالعتق بإذن سيّده. وعند أَحْمَد يملك أن يكفر بالعتق بإذن سيّده.

(2/315)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلف العبد بغير إذن سيّده وحنث بغير إذنه كان للسيد منعه من الطعام. وعند أَحْمَد ليس له منعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ من نصفه حر ونصفه عبد يكفر بالإطعام أو الكسوة إن كان في يده ما يكفِّر به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي فرضه الصوم، وبه قال من الشَّافِعِيَّة ابن سريج. وعند أَبِي ثَورٍ إن أذن له السيّد في التكفير بما في يده أجزأه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كفارة الْيَمِين تخرج من رأس المال، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنها من الثلث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب.
* * *

(2/316)