المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب الجنايات
باب تحريم القتل ومن يجب عليه القصاص ومن لا يجب
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من قتل مؤمنًا متعمدًا بغير حق فسق واستوجب النار إلا أن يتوب ولا يخلد في النار. وعند ابن عَبَّاسٍ وزيد بن ثابت والضحاك بن مزاحم أنه يخلد في النار ولا تقبل توبته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وكافة العلماء يقتل الذكر بالأنثى، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة أَحْمَد بن عيسى والمؤيَّد. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يقتل بها. وعند عَطَاء وعلي بن أبي طالب والْإِمَامِيَّة يكون ولي المرأة بالخيار بين أن يأخذ دمها ومن أن يقتل الرجل بها ويدفع إلى وليه نصف الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى وأبو طالب والداعي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم أن المرأة تقتل بالرجل ولا يؤخذ من مالها زيادة على ديتها. وعند عثمان البتي يؤخذ من مالها الولي المقتول بقدر ديتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت والحسن البصري وعَطَاء وعكرمة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل المسلم بالكافر سواء كان ذميًا أو مستأمنًا أو معاهدًا. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يقتل المسلم بالذمي ولا يقتل المستأمن، وهو المشهور عن أَبِي يُوسُفَ، وروى عن أبي يوسف أنة يقتل بالمستأمن. وعند الْإِمَامِيَّة أن من كان معتادًا لقتل أهل الذمة مدمنًا لذلك كان للسلطان أن يقتله بمن قتل منهم إذا اختار ذلك ولي الدم ويلزم أولياء الدم فضل ما بين دية المسلم والذمي.

(2/347)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الكافر كافرًا ثم أسلم القاتل، أو جرح الكافر كافرًا فمات المجروح، ثم أسلم الجارح قتل به. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يقتل به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعلي وزيد بن ثابت وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق وابن الزبير وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل الحر بالعبد، سواء كان عبده أو عبد غيره. وعند داود يقتل بهما. وعند النَّخَعِيّ يقتل به سواء كان عبده أو عبد غيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن المسيب وقتادة والشعبي والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يقتل بعبد غيره ولا يقتل بعبد نفسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قُتل عبد مكاتب وجب القصاص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن خلَّف وفاءً وله وارث غير المولى لم يجب عليه القصاص وإن لم يخلف وفاءً وجب القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ ورَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقتل الوالد بالولد، وعند عثمان البتي وداود يقتل به. وعند مالك إن رماه بالسيف وقتله لم يقد به، وإن أضجعه وذبحه اقتيد به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رمى سهمًا إلى ذمي فأسلم ثم أصابه السهم، أو رمى إلى مرتد فأسلم ثم أصابه السهم، أو رمى إلى عبد فأعتق ثم أصابه السهم لم يجب عليه القود في المسائل، ويجب عليه دية حر مسلم. وإن رمى إلى مسلم ثم ارتد ثم أصابه السهم فلا ضمان عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار بحالة الرمي، فإذا رمى إلى مرتد فأسلم ثم أصابه السهم فلا ضمان عليه، وإذا رمى إلى عبد فأعتق ثم أصابه السهم وجب عليه الضمان لمولاه، وإذا رمى مسلم فارتد ثم أصابه وجبت الدية لورثته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجمهور العلماء إذا قتل جماعة رجلاً فرضي أولياء القتيل بالدية وجب دية واحدة بدلاً عن المقتول، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند يَحْيَى بن الحسين يجب على كل واحد من القاتلين دية كاملة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ والمغيرة وابن المسيب وزيد بن علي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعَطَاء والحسن وسائر الزَّيْدِيَّة، وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تقتل الجماعة بالواحد، إلا أن مُحَمَّد بن الحسن قال: ليس هذا بقياس وإنما صرنا إليه من طريق الأثر والسنة. وعند ابن الزبير ومعاذ بن جبل والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ وحبيب بن أبي ثابت وعبد الملك بن مروان وأهل الظاهر لا

(2/348)


تقتل الجماعة بالواحد، بل للولي أن يختار واحدًا منهم ويقتله ويأخذ من الباقين حصتهم من الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند رَبِيعَة وداود يسقط القصاص وينتقل إلى الدية وعند الْإِمَامِيَّة يتخير أولياء المقتول بين أمرين: أحدهما أن يقتلوا القاتلين كلهم ويردوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول أولياء المقتولين. والأمر الثاني أن يختاروا واحدًا منهم فيقتلوه، ويؤدي من لم يقتل ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب قسطهم من الدية، فإن اختاره أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القاتلين بحسب عددهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قتل رجلان رجلاً فعفا ولي الدم عن أحدهما فله قتل الثاني، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أنه ليس له قتل الثاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا اشترك الأب والأجنبي في قتل الابن وجب القصاص على الأجنبي أو اشترك الحر والعبد في قتل العبد وجب القصاص على العبد، وإن اشترك المسلم والكافر في قتل الكافر وجب القصاص على الكافر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ سقوط القصاص على أحد الشريكين يسقط القصاص عن الآخر، فإذا شارك الأب الأجنبي في قتل الابن لم يجب على الأجنبي القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل المرتد الذمي ففي القود قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب. والثاني يجب، وبه قال أحمد.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في عمد الصبي والمجنون هل هو عمد أو خطأ؟ على قولين: أحدهما أنه عمد، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة والثاني أنه خطأ، وبه قال أبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر السيّد عبده بقتل إنسان فقتله، فإن كان العبد فصيحًا عاقلاً قتل العبد وعوقب السيّد، وإن كان أعجميًا قتل السيّد وعند مالك وقتادة يقتلان جميعًا، وعند الحكم وحماد يقتل العبد. وعند أَحْمَد وعلي وأبي هريرة يقتل السيّد ويسجن العبد. وعند أَحْمَد أيضًا يضرب العبد.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قتل محصن محصنًا بغير إذن الإمام ففي وجوب القود عليه وجهان: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. والثاني أنه يجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد والهادي.

(2/349)


باب ما يجب به القصاص من الجنايات
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ القتل بالمثقل يوجب القود، وهو أن يضربه بغير محدد من الحجر والخشب، أو يرمى عليه حائطًا أو سقفًا وما أشبهه. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ والحسن البصري ومَسْرُوق وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجب القصاص بالمثقل، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يوجب القصاص إذا قتله بالنار. وعند عَطَاء وطاوس وسعيد بن المسيب لا عمد إلا بسلاح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خنقه بيده أو بحبل أو منديل حتى مات وجب عليه القود، والولي بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء عفا. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كان قد تكرر منه الخنق انحتم قتله كالمحارب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس حرًا مغيرا فلسعته عقرب أو لدغته حية ومات لم يضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يضمنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أمسك إنسانًا ليقتله آخر فقتله وجب القود على القاتل دون الممسك. وعند اللَّيْث وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة هما شريكان في القتل فيجب عليهما القود. وعند رَبِيعَة يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت. ويقرب من ذلك ما قال الْإِمَامِيَّة في ثلاثة أحدهم قاتل والثاني ممسك والثالث عينًا لهم حتى فرغوا أنه يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت وتسمل عين الناظر لهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سحر الساحر إنسانًا ومات المسحور سئل الساحر عن سحره، فإن قال هو يقتل غالبًا وجب عليه القود، وإن قال: قد يقتل والغالب السلامة فهو عمد خطأ تجب فيه دية مغلظة في الحال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه القود، وبناه على أصله وهو أن القود لا يجب إلا إذا قتل المحدد، فإن تكرر منه ذلك قتل حد السعية في الأرض بالفساد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال الساحر: قتلت بسحري جماعة ولم يعين أحدًا لم يقتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقتل حدًّا.

(2/350)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد شاهدان على رجل مما يوجب القتل وقتل ثم رجعا عن الشهادة وقالا تعمدنا قتله بالشهادة وجب عليهما القود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قود عليهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أنا أحسن السحر ولا أفعله فلا شيء عليه. وعند مالك يكون كافرًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القود على المكره وعلى المكره في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد، ولا يجب في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد والحسن، ومن الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يقتل واحد منهما. وعند زفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد يقتل المأمور خاصة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا قال: اقتلني فقتله، أو اقطع يدي فقطعها لا يجب القصاص ولا الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجب القصاص وتجب الدية. وعند زفر وكافة الزَّيْدِيَّة يجب القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا أكره شخص شخصًا على إتلاف مال الغير فالضمان على المباشر للإتلاف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الضمان على المكره دون المباشر.
* * *

(2/351)


باب القصاص في الجروح والأعضاء
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس جرى بينهما القصاص في الأطراف. فيقطع الحر بالحر والعبد بالعبد والذكر بالذكر والأنثى بالأنثى والذكر بالأنثى والأنثى بالذكر، ويقطع الناقص بالكامل كالعبد مع الحر والكافر مع المسلم. وهكذا نقل في المعتمد والشامل والنكت والشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع العبد بالعبد بحال. ونقل في البيان عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يقطع العبد بالعبد إذا اختلفت قيمتهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجري القصاص في الأطراف بين مختلفي البدل، فلا يقطع الحر بالعبد، ولا العبد بالحر، ولا الرجل بالمرأة، ولا المرأة بالرجل، ولا العبد بالعبد. ووافقه حماد في الرجل والمرأة والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ في العبد. وعند كافة الزَّيْدِيَّة لا قصاص بين العبد والأمة فيما دون النفس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد وعلي وزيد بن علي وأكثر العلماء تقطع الجماعة بالواحد وتوضح الجماعة بالواحد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي والهادي. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي لا يقتص منهم بل ينتقل حق المجني عليه إلى البدل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تؤخذ الصحيحة بالشلَّاء. وعند داود تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاَّء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز أخذ الشلاَّء بالشلاَّء وجهان: أحدهما يجوز. والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان يد الجاني ذات أربع أصابع، ويد المجني عليه ذات خمسة أصابع فالمجني عليه بالخيار إن شاء عفا وأخذ نصف الدية وإن شاء قطع اليد وأخذ أرش الأصبع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة هو بالخيار إن شاء عفا وأخذ نصف الدية وإن شاء قطعها ولا شيء عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يؤخذ أذن الصحيح بإذن الأصم. وعند مالك لا يؤخذ أذن الصحيح بإذن الأصم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أنملة عليا من سبابة رجل، وقطع الأنملة الوسطى من

(2/352)


ذلك الأصبع من رجل فإن جاء المجني عليهما قطعت العليا لصاحب العليا وقطعت الوسطى لصاحب الوسطى. وإن جاء صاحب ال وسطى أولاً وطلب القصاص لم يكن له ذلك، ويكون بالخيار من أن يأخذ دية الأنملة وبين أن يصبر إلا أن يقتص صاحب العليا أو يسقط بكمله. وكذا إذا عفا صاحب العليا عن القود. أو لم يقطع الأنملة العليا من إنسان لكن قطع الأنملة الوسطى من رجل وجاء صاحب الوسطى يطلب القصاص وللجاني الأنملة العليا والوسطى، فللمجني عليه أن يصبر أن تقطع العليا أو تسقط ثم يقطع من الوسطى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قصاص له في الوسطى، وإذا زالت العليا لم يكن له أن يستوفي القصاص في الوسطى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قطع أصبعًا فشُلَّت بجنبها أخرى وجب القصاص في المقطوع، والأرش في التي شلت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القصاص فى المقطوعة ويجب الأرش فيهما جميعًا. وعند أَحْمَد أيضًا يجب القصاص فيهما جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضح رأسه فذهب ضوء عينه وجب القصاص في ضوء العين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القصاص في ضوء العين وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جنى على أصبع فتآكلت إلى جنبها أخرى وسقطت وجب أيضًا القصاص في الثانية. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا قطع أصبع رجل فتآكلت الكف وسقطت لم يسقط القود في الأصبع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القصاص في الأصبع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في ذكر الخصي والعنين. وعند مالك وَأَحْمَد لا يجب القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع ذكر الفحل بذكر الخصي والعنين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القصاص في الشفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع سن من ثغر فنبت مكانها سن فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يسقط القصاص. والثاني: يكون النابت بدل السن ويسقط القصاص، وبه قال أبو

(2/353)


حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما كان من الأعضاء منقسمًا إلى يمين ويسار كالعينين والأذنين واليدين والرجلين لا يجوز أخذ الْيَمِين منه باليسار ولا اليسار منه بالْيَمِين. وعند ابن شُبْرُمَةَ يجوز. وعند ابن سِيرِينَ إذا قطع يمين شخص ولا يمين له قطعت يسراه، وإن قطع يساره ولا يسار له قطعت يمينه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ، إذا قطع يد رجل ثم قتله قطعت يده ثم قتل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين يقتل ولا تقطع يده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل واحد جماعة قتل واحد منهم وأخذ الباقون الدية. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يقتل بجماعتهم، فإن بادر واحد منهم وقتله يسقط حق الباقين، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد إن طلب الكل بالقصاص قتل بجماعتهم، وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم الدية قتل لمن طلب القصاص وأخذ الباقون الدية. وعند عثمان البتي يقتل بجماعتهم ثم يعطون دية باقيهم فيقتسمونها بينهم، مثل أن يقتل عشرة فإنه يقتل ويعطون تسع ديات وتقسم من العشرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يمين رجلين قطعت يمينه لأحدهما وأخذت نصف الدية للآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقطع لهما ويؤخذ منه نصف الدية وتقسم بينهما. وعند كافة الزَّيْدِيَّة تقطع يمينه لهما ويغرم الدية لهما جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا قطع يد إنسان وقتل آخر قطعت يده للمقطوع ثم قتل للمقتول، سواء تقدم قطع اليد أو تأخر. وعند مالك يقتل للمقتول ولا تقطع يده للمقتول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطع يده من الكوع ثم قطعها آخر من المرفق ومات فهما قاتلان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القاتل هو الثاني دون الأول، وعلى الأول القصاص فيها دون النفس. وعند مالك إن عاش بعد الجنايتين حتى أكل وشرب ثم مات أقسم الولي على أيهما شاء أنه قتله. وإن وجد ذلك في الأولى دون الثانية فالثاني هو القاتل، وإن لم يوجد ذلك في واحد منهما حتى مات فالقصاص عليهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل طرف رجل ثم قطع آخر طرف الجاني ظلمًا أو ذهب بآفة انتقل حق المجني عليه إلى البدل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط حقه.

(2/354)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس فيما دون الموضحة قصاص. وعند مالك وأصحاب الرأي يجب فيهما القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلى ليس في المأمومة قصاص. وعند ابن الزبير فيها القصاص، وأنكر الناس عليه ذلك وقال عَطَاء: ما علمنا أن أحدًا قاد فيها قبل ابن الزبير.
* * *

(2/355)


باب استيفاء القصاص
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأكثر الفقهاء من ورث المال ورث القصاص. وعند مالك والزُّهْرِيّ يرثه العصبات خاصة من الرجال، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند ابن شُبْرُمَةَ واللَّيْث بن سعد وَمَالِك أيضًا يرثه من يرث بنسب دون سبب، وفي قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من ورث المال ورث الدية ويقضي من الدية ديون المقتول وينفذ منها وصاياه. وعند أَبِي ثَورٍ لا يقضي دينه ولا تنفذ وصيته من ديته. وعند الحسن البصري لا يرث الزوج والزوجة ولا الإخوة من الأم شيئًا من الإرث.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا كان القصاص لصبي أو مجنون لم يكن لوليه الاستيفاء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للأب والجد أن يستوفيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وابن أبي ليلى وكذا أَحْمَد في رِوَايَة إذا كان القصاص لصغير وكبير أو لعاقل ومجنون لم يجز للكبير والعاقل استيفاء القصاص حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون ويأذن في الاستيفاء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ واللَّيْث وحماد والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للكبير والعاقل الاستيفاء قبل بلوغ الصغير وإفاقة المجنون، إلا أن أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ اختلفوا فيما يستوفيه فمنهم من قال يستوفي حقه وحق الصغير والمجنون، ومنهم من قال يستوفي حقه ويسقط حق الصغير والمجنون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أقرَّ شخص بأنه قتل فلانًا عمدًا، وأقرَّ آخر أنه الذي قتله خطأ أنه يجب القود على من أقر بالعمد والدية على من أقر بالخطأ. وعند الْإِمَامِيَّة الولي مخيَّر بين أخذ المقر بالعمد وبين أخذ المقر بالخطأ، وليس له أن يقتلهما جميعًا، ولا يلزمهما الدية جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أحد الوليين بغير إذن الولي الآخر ولم يكن قد عفا عنه فقَوْلَانِ: أحدهما: يجب عليه القود. والثاني: لا يجب، وهو الأصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.

(2/356)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا عن قاتل وليه أو قبل منه الدية ثم قتله وجب عليه القود. وعند مالك يؤخذ منه الدية ولا يقتل. وعند عمر بن عبد العزيز الحكم في ذلك للسلطان فيما يراه بعد العفو.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أحد الوارثين بعد عفو الآخر فقَوْلَانِ: أحدهما: يجب عليه القود. والثاني: لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. وعند أَبِي ثَورٍ إن لم يعلم بالعفو فلا قود عليه، وإن علم فعليه القود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا عن القاتل فلا شيء عليه. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث يضرب ويحبس سنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يوجد من يتطوع بالاستيفاء بغير عوض استؤجر من يستوفي له القصاص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تصح الإجارة على القصاص في النفس وتصح في الطرف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في أجرة من يستوفي القصاص ويقيم الحدود طريقان: الأول قَوْلَانِ: أصحهما على المقتص منه وعلى المحدود. والثاني: تجب أجرة القصاص فى الطرف قبل الاندمال. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز، وبنوه على أصولهم أن السراية إذا سرت إلى النفس سقط حكم القصاص في الطرف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اقتص من الجاني في الطرف قبل الاندمال ثم سرت الجناية على المجني عليه إلى عضو آخر واندمل كانت السراية مضمونة بالدية. وعند أَحْمَد لا تكون مضمونة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرقه أو غرَّقه أو رماه بحجر أو من شاهق فمات، أو ضربه بخشبة أو حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات فللولي أن يقتص منه بهذه الأشياء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ لا يجب القصاص فى هذه الأشياء إلا في التحريق بالنار، ولا يجوز أن يقتص فيها إلا بالسيف. وعند أحمد فى رِوَايَة لا يقتص إلا بالسيف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى عليه جناية يجب فيها القصاص بأن أوضح رأسه، أو قطع يده أو رجله من المفصل فمات فلولي المجني عليه أن يوضح رأسه أو يقطع يده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ذلك.

(2/357)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعمر وعلي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن سراية القصاص غير مضمونة. وعند عَطَاء وطاوس وعمرو بن دينار والحارث العكلي والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وحماد هي مضمونة على المقتص، إلا أن حمادًا يقول: يحط منها دية جرحه. وعند الزُّهْرِيّ والشعبي دية المقتص منه على عاقلة المقتص له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات من عليه القود وجب لولي المقتول الدية في تركة القاتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسقط حقه ولا شيء له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع يد رجل ثم عاد وقتله كان لوليه أن يقطع يده ثم يقتله. وعند أَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ليس له إلا القتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قطع يد رجل فسرى القطع إلى نفسه فمات كان للولي أن يقطع يده، فإن مات وإلا قتله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد ليس له إلا القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من وجب عليه قتل بقصاص أو كفر أو زنا والتجأ إلى الحرم قتل ولم يمنع الحرم منه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ لا يستوفى منه القصاص ولا الرجم في الحرم، ولكن لا يبايع ولا يشارى ولا يكلم حتى يخرج من الحرم وليستوفى منه القصاص منه القصاص والحد. وعند أَحْمَد يمنع من استيفاء القصاص في النفس والطرف وسائر الحدود.
* * *

(2/358)


باب العفو عن القصاص
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في موجب قتل العمد على قولين: أحدهما الواجب أحد الأمرين من القصاص أو الدية ويتعين باختيار الولي، وبه قال أحمد. وعنه رِوَايَة أخرى كالقول الثاني فإذا عفا عن أحدهما تعيَّن الآخر وبهذا القول قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى والمؤيَّد. والقول الثاني: الواجب القود لا غير، إلا أن له أن يعفو على الدية بغير رضى الجاني فإن عفا مطلقًا سقط، وبه قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر أيضًا وزيد بن علي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الواجب القود وليس للولي أن يعفو على مال إلا أن يرضى الجاني وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما: هذا. والثانية يخير الولي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لولى المجني عليه أن يعفو عن القصاص. وعند مالك ليس له أن يعفو عن القتل وإنما ذلك إلى السلطان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن المسيب وعَطَاء والحسن وَأَحْمَد وإِسْحَاق للولي العفو عن القود إلى الدية سواء رضي القاتل به أو لم يرض. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يستحق الولي الدية إلا برضى القاتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح عفو كل من له سهم في القصاص. وعند الحسن وقتادة، والزُّهْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ واللَّيْث بن سعد والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك في رِوَايَة لا يصح عفو النساء عن القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لا وارث له عمدًا فللسلطان أن يقتص منه أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو بغير مال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يعفو بغير مال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل القاتل غير ولي المقتول فلولي المقتول الثاني القصاص ولولي المقتول الأول الدية من مال المقتول الثاني، فإن عفى ولي المقتول الثاني على مال وقبض الدية فإن لم يكن على المقتول الثاني دين قبضها ولي المقتول الأول منه، وإن كان عليه دين ضمت الدية إلى ماله وضرب ولي المقتول الأول مع الغرماء بالحصص. وعند الحسن والثَّوْرِيّ يقتص من القاتل الثاني ويبطل دم الأول. وعند قتادة وأبي هاشم لا يقتص من القاتل الثاني.

(2/359)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يد إنسان أو رجله أو قلع عينه فعفا المجني عليه عن القصاص فسرت الجناية إلى نفس المجني عليه لم يجب القصاص في النفس. وعند مالك يجب القصاص في النفس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عفا المجني عليه عن العين أو اليد أو الرجل ثم سرت الجناية إلى النفس، فإن كان على مال وجب له جميع الدية، وإن كان على غير مال وجب له نصف الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب له جميع الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد لا شيء على الجاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع أصبع رجل عمدًا فقال المجني عليه: عفوت عن هذه الجناية قودها وديتها واندمل الجرح ولم يسر إلى عضو ولا نفس سقط القود والدية. وعند الْمُزَنِي لا يصح العفو عن الأرش.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أصبعه عمدًا فعفا عن الجناية وما يحدث منها فسرت إلى النفس لم يجب القصاص في النفس ولا في الأصبع. وأما أرش الأصبع فيبنى على الوَصِيَّة للقاتل، فإن صححناها سقط أرشها واستوفى منه بقية الدية وإن لم نصححها لم يسقط الأرش واستوفى منه جميع الدية. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ في القديم أن العفو باطل، وبه قال أبو ثور. وعند الحسن وطاوس وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك يصح عفوه، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان خطأ صح العفو وكان من الثلث، وإن كان عمدًا فلا شيء للمقتول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا قطع يد رجل فسرى إلى نفسه فقطع الولي يد الجاني ثم عفا عنه وبرأ يلزمه ضمان في اليد، وكذا إذا قتل رجل رجلاً فبادر الولي فقطع يد الجاني ثم عفا عنه فإنه لا يلزمه ضمان اليد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه دية اليد. وعند أَحْمَد يلزمه دية اليد عفا عنه أو لم يعفُ. وعند مالك يجب عليه القصاص فى اليد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ لا قصاص في العظام. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء لا قصاص في العظام الباطنة وهي ما عدا الأسنان. وعند مالك يجب فيما ليست مجوفة كاليد والرجل، ولا يجب في المجوفة كالمأمومة والجائفة والمثقلة. وعند الحسن والنَّخَعِيّ والشعبي لا قصاص في العظام ما خلا الرأس. وعند أبي بكر بن

(2/360)


مُحَمَّد بن حزم وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسد وعمر بن عبد العزيز ومالك فى رِوَايَة يجب فيها القصاص.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس في اللطمة قصاص. وعند شريح والمغيرة بن عبد الله والشعبي والحكم وابن شُبْرُمَةَ وحماد وأبي بكر وعثمان وابن الزبير وخالد بن الوليد فيها القصاص.
* * *

(2/361)