المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب الديات
باب من تجب الدية بقتله وما تجب الديات من
الجنايات
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل سهمًا على حربي فأصابه وهو مسلم
ومات وجب فيه دية مسلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه شيء، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ القتل ثلاثة: عمد محض وخطأ محض وشبه عمد، وهو أن يقصد إلى
الضرب بما لا يقتل غالبًا كالعصا الصغير والحجر الصغير إما تأديب أو غير
تأديب، ويتعلَّق القصاص بالعمد المحض. وعند مالك فى إحدى الروايتين القتل
نوعان: عمد محض وخطأ محض، وأما شبه العمد فلا يُتصور عنده ولا تصح هذه
التسمية ويجب القود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره رجل رجلاً على قتل رجل وقلنا لا
يجب القود على المكره فللولي أن يقتل المكْرِه ويأخذ نصف الدية من
المكْرَه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دية على المكرَه بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صاح على صبي أو معتوه
وكان على رأس جبل فوقع ومات ضمن ديته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن ديته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهر السيف على صبي أو معتوه فزال
عقله وجب ضمانه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فزع رجلاً فأحدث فلا شيء عليه. وعند
أَحْمَد عليه ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بعث الإمام إلى امرأة
ذكرت عنده بسوء وكانت حاملاً فأسقطت جنينًا ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
يضمنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا تغفَّل بالغًا فصاح
به فسقط وهلك فلا ضمان
(2/362)
عليه. وعند أَحْمَد يضمنه، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ وبه قال أبو يوسف أنه إذا وضع رجل
حجرًا فى طريق المسلمين، ووضع اثنان حجرًا لحينه فعثر بهما عابر فمات كان
ضمانه بينهم أثلاثًا. وعند زفر يجب على واضع الحجر أولاً نصف الدية وعلى
الآخرين نصفها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر العبد بئرًا في طريق المسلمين أو
في ملك الغير فأعتقه سيّده فوقع فيها واقع فمات فإن الضمان يلزم العبد،
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يلزم السيّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حفر بئرًا في ملك مشترك بينه وبين
رجلين بغير إذنهما وتلف بها إنسان فجميع الدية على الحافر. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يجب عليه ثلثا الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد عليه نصفها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
حفر بئرًا في فناء داره ضمن ما هلك بها. وعند مالك لا يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فرش حصيرًا في المسجد
فعثر به إنسان فمات، أو علَّق فيه قنديلاً فسقط القنديل على رجل فمات. أو
حفرا بئرًا للمطر فمات بها إنسان لم يضمنه الذي فرش ولا الذي علق. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ إذا فعل ذلك من هو من أهل المحلة ضمن، وإن فعله من هو ليس
منهم فلا ضمان عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك في داره كلبًا عقورًا فدخلها
إنسان بغير إذنه فقتله الكلب لم يضمن. وإن دخل بإذنه فقَوْلَانِ: أحدهما:
لا يضمن. والثاني: يضمن. وبه قال مالك. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا بنى حائطًا في ملكه
مستويًا فمال إلى الطريق وأمكنه إزالته فلم يزله فوقع على إنسان فقتله لم
يضمنه. وعند مالك وابن أبي ليلى وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في
رِوَايَة يضمن، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحسن
والنَّخَعِيّ إن طالبه أحد من المسلمين بنقضه وأمكن نقضه فلم ينقضه لزمه
الضمان استحسانًا وإن لم يطالبه أحد بنقضه لم يضمنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سقط على إنسان فقتله لم يضمن في
القول القديم، وبه قال مالك، ويضمنه في القول الجديد وهو الصحيح، وبه قال
أبو حَنِيفَةَ.
(2/363)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا
في هذه المسألة يضمن ففي قدره قَوْلَانِ: أحدهما: نصف الدية. والثاني:
بالسقط، وسواء في ذلك أصابة الطرف الذي في الهواء أو الطرف الذي في الحائط،
وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أصابه الطرف الذي في الهواء ضمن جميع ديته، وإن
أصابه الطرف الذي في الحائط لم يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه دابة فأتلفت إنسانًا أو
مالاً بيدها أو رجلها أو ذنبها أو بالت في الطريق ضمنه، ولا فرق بين أن
يكون راكبها أو سائقها أو قائدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان سائقها ضمن
جميع ذلك، وإن كان قائدها أو راكبها لم يضمن ما تتلفه برجلها أو ذنبها،
ويضمن ما تتلفه بغير ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وزفر إذا اصطدم راكبان أو رجلان
فماتا وجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر ويسقط النصف، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم، وكذا المؤيد عن الهادي. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ يجب على كل واحد منهما كمال دية صاحبه، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة الداعي وأبو طالب عن الهادي. وروى عن علي كقول الشَّافِعِيّ
ومن وافقه، وروى عنه كقول أَبِي حَنِيفَةَ ومن وافقه، وكذا الخلاف في هذه
المسألة يجري فيما إذا تجاذب رجلان حبلاً فانقطع وسقطا ميتين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أحد المتصادمين حرًا والآخر
عبدًا وجب نصف قيمة العبد في مال الحر في أحد القولين، وعلى عاقلته في
الآخر، ويجب نصف دية الحر فى رقبة العبد وقد فاتت فينتقل ذلك إلى نصف قيمته
التي تلزم الحر. وعند الحكم وحماد يعقل الحر العبد ولا يعقل مولى العبد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قعد في المسجد فعثر به عابر فمات لم
يضمنه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن جلس لغير قربة ضمنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قطع رأس ميت فلا شيء
عليه سوى التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة عليه مائة دينار لبيت المال.
* * *
(2/364)
باب الديات
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت والمغيرة بن شعبة وأبي
موسى وعَطَاء ومُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد في إحدى الروايتين دية العمد
المحض وشبه العمد مغلظة، وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون حقة في
بطونها أولادها. وعند ابن مسعود والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي
حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في إحدى الراويتين وأكثر العلماء تجب
أرباعًا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس
وعشرون جذعة. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وعثمان ثلاث وثلاثون حقة وأربع
وثلاثون جذعة. وعند أَبِي ثَورٍ دية شبه العمد أخماس مخففة كدية الخطأ
عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود ومن التابعين عمر بن عبد
العزيز وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وَمَالِك واللَّيْث والثَّوْرِيّ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ دية الخطأ أخماس عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون
وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرن جذعة. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ
وأصحابه وابن مسعود في رِوَايَة عنه هي أخماس، إلا أنهم جعلوا مكان بني
اللبون بني مخاض. وبه قال أحمد. ونقل الترمذي موافقة إِسْحَاق لأحمد،
واختاره ابن المنذر. وعند علي رضي الله عنه والشعبي وإِسْحَاق والحسن
البصري أرباعًا خمسًا وعشرين جذعة وخمسًا وعشرين حقة وخمسًا وعشرين بنت
لبون وخمسًا وعشرين بنت مخاض. وعند عثمان وزيد أرباع فثلاثون حقة وثلاثون
بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون. وبه قال الحسن البصري في
رِوَايَة عنه. وعند مجاهد هي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وثلاثون بنات لبون
وعشر بنو لبون. وعند طاوس ثلاثون حقة وثلاثون بنت مخاض وثلاثون جذعة وعشرون
بنات لبون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن دية ولد الزنا كدية
غيره، وعند الْإِمَامِيَّة ديته ثمانمائة درهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن المسيب
وابن جبير وعَطَاء وطاوس ومجاهد وسليمان بن يسار وجابر بن زيد والزُّهْرِيّ
وقتادة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد
(2/365)
وإِسْحَاق دية الخطأ تتغلظ في ثلاثة مواضع:
في الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وفي البلد الحرام،
وفي قبل المحرم. وعند الحسن والشعبي وعمر ابن عبد العزيز والنَّخَعِيّ
وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تتغلظ بشيء من ذلك، هي مخففة في جميع
الأحوال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تغلظ الدية بالإحرام. وعند أَحْمَد
تتغلظ، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التغليظ بالدية إنما هو بالزيادة في السن
لا بالزيادة في العدد، ولا يجمع بين تغليظين. وعند أَحْمَد تتغلظ بزيادة
العدد ويجمع بين تغليظين، وعند ابن عَبَّاسٍ يجمع بين تغليظين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الذمي إذا قتل مسلمًا
عمدًا قتل به. وعند الْإِمَامِيَّة يدفع الذمي إلى أولياء المقتول فإن
اختاروا قتله تولاَّه السلطان، وإن اختاروا استرقاقه كان رقيقًا لهم، فإن
كان له مال كان لهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعورت الإبل أو وجدت إلا أنها لم تبع
بثمن المثل فقَوْلَانِ: القديم: يجب على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل
الورق اثنا عشر ألف درهم، وبه قال مالك وَأَحْمَد والقول الجديد إذا أعوزت
الإبل رجع إلى قيمتها بالغة ما بلغت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد أيضًا يجوز العدول عن الإبل إلى الدارهم
أو الدنانير مع وجودها ولا تتعين الإبل على الجاني حتى قال أبو حَنِيفَةَ:
للدية ثلاثة أصول: مائة من الإبل، وألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، فيجوز له
أن يدفع أيها شاء مع وجود الإبل ومع إعوازها، وعند الثَّوْرِيّ والحسن
البصري وابن أبي ليلى وزيد بن علي وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد
للدية ستة أصول: مائة من الإبل، أو ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، أو
مائتا بقرة أو ألفا شاة أو مائتا حلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
وعن أَحْمَد أيضًا في الحلل رِوَايَتَانِ، إلا أن أبا يوسف ومحمدًا
يقَوْلَانِ: هو مخير بين الستة أيها شاء دفع مع وجود الإبل ومع عدمها. وعند
الباقين لا يجوز العدول عن الإبل مع وجود غيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك دية المجوسي ثلثا عشر دية
المسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ديته
مثل دية المسلم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند عمر بن عبد العزيز ديته
كدية اليهودي والنصراني وهو نصف دية المسلم عنده. وعند الْإِمَامِيَّة دية
(2/366)
أهل الكتاب والمجوس الذكر منهم ثمانمائة
درهم والأنثى أربعمائة درهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من لم تبلغه الدعوة إذا قتله قاتل وجب
فيه الدية. وعند أبي حَنِيفَةَ لا دية فيه. واختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في
قدر ديته فالأصح أنه كدية المجوسي. ومنهم من أوجب دية مسلم، ومنهم من قال
إن تمسك بدين مبَّدل وجب فيه دية أهل ذلك الدين، وإن تمسَّك بدين لم يبدل
وجب فيه دية مسلم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وزيد
بن ثابت وكافة العلماء دية المرأة نصف دية الرجل. وعند أبي العالية والأصم
وابن علية ديتها مثل دية الرجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قوله الجديد في جراح المرأة نصف ما
يجب في جراح الرجل، وبه قال علي واللَّيْث بن سعد وابن أبي ليلى وابن
شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. وقال في القديم: تساوي
المرأة الرجل إلى ثلث الدية فإذا زاد الأرض على الثلث كانت على النصف من
الرجل، وبه قال ابن عمر ورَبِيعَة وَأَحْمَد في رِوَايَة. وعند ابن مسعود
وشريح وعمر في إحدى الروايتين تساوي المرأة الرجل إلى أن يبلغ أرشها خمس من
الإبل، فإذا بلغ ذلك كانت على النصف من الرجل. وعند زيد بن ثابت وسليمان بن
يسار تساويه إلى أن يبلغ أرشها خمس عشرة من الإبل فإذا بلغ ذلك كانت على
النصف. وعند عمر وسعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ وعمر بن عبد العزيز وعروة بن
الزبير وقتادة وإِسْحَاق وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تساوي
المرأة الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت ذلك كانت على النصف، وبه قال زيد بن
ثابت في رِوَايَة عنه. وعند الحسن البصري تساوي المرأة الرجل إلى نصف
الدية، فإذا زاد على ذلك كانت على النصف من الرجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الغرة
التي تجب بإسقاط الجنين عبد أو أمة قيمتها نصف عشر دية الأب أو عشر دية
الأم. وعند النَّاصِر والباقر والصادق أن الواجب في ذلك مائة دينار، أو
خمسمائة درهم أو عشر من الإبل. وعند حبيب بن أبي ثابت قيمتها أربعمائة
درهم، وعند طاوس ومجاهد وعروة بن الزبير الغرة عبد أو أمة أو فرص. وعند ابن
سِيرِينَ وهي عبد أو أمة أو مائة شاة، وعند الشعبي مائة من الغنم. وعند عبد
الملك بن مروان عشرون دينارًا، فإذا كان مضغة فأربعون دينارًا، وإن كان
عظمًا فستون دينارًا، فإذا كان العظم قد كسى لحمًا فثمانون دينارًا فإذا تم
خلقه
(2/367)
ونبت شعره مائة دينار. وعند الْإِمَامِيَّة
تجب في العلقة أربعون دينارًا، وفي النطفة عشرون دينارًا، وفي المضغة ستون
دينارًا، وفي العظم المكسي لحمًا ثمانون دينارًا، فإن ألقته حيًا لم تنفخ
فيه الروح فمائة دينار. وعند قتادة إذا كان مضغة فثلثا غرة، وإذا كان علقة
فثلث غرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من أفزع رجلاً وهو
مخالط لزوجته حتى عزل الماء عنها لأجل إفزاعه إيَّاه لا شيء عليه. وعند
الْإِمَامِيَّة عليه عشر دية الجنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب بطن امرأة فماتت ولم يخرج الجنين
ضمنها ولم يضمن الجنين. وعند الزُّهْرِيّ إذا سكنت الحركة التي تجد في
بطنها وجب عليه ضمان الجنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ألقت ما لم يبنْ فيه خلق آدمي، وقال
القوابل إنه مبتدأ خلق آدمي ولو ترك لتصور وهو المضغة ففي وجوب الكفارة
والغرة والاستيلاد قَوْلَانِ: أحدهما: لا شيء عليه. والثاني: فيه غرة، وبه
قاله مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ فيه حكومة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضرب بطن امرأة فماتت ثم
خرج الجنين منها بعد موتها ضمن الأم بديتها وضمن الجنين بالغرة، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والنَّاصِر. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يضمن الجنين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم
ويَحْيَى والمؤيَّد وهو الصحيح عند النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب بطنها فأخرج الجنين رأسه وماتت
ولم يخرج الباقي وجب عليه ضمان الجنين. وعند مالك لا يجب عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا ضرب بطن امرأة وألقت جنينًا ولم يصرخ ولكنه تنفس أو شرب
اللبن أو علمت حياته بشيء من ذلك ثم مات عقيبه، أو بقي سالمًا إلى أن مات
وجبت فيه دية كاملة. وعند الْمُزَنِي إن ولدته حيًا لدون ستة أشهر لم تجب
فيه الدية ووجبت فيه الغرة. وعند مالك والزُّهْرِيّ إذا لم يستهل بالصراخ
لم تجب فيه الدية ووجبت فيه الغرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتلت المرأة وفي بطنها جنين وجبت
ديتها ولم تجب الغرة. وعند الزُّهْرِيّ تجب الدية والغرة.
(2/368)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ الغرة الواجبة في الجنين الحر ترثها وعند اللَّيْث بن سعد لا
تورث عنه وإنما تكون لأمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جنين البهيمة إذا ألقته حيًا ثم مات
قيمته مع ضمان أمه، وإن ألقته ميتًا فلا شيء عليه، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الهادي منهم إذا ألقته ميتًا فنصف عشر
قيمته.
* * *
(2/369)
باب أروش الجنايات
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ
وإِسْحَاق وأكثر الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة الواجب في الموضحة خمس من
الإبل، وسواء كانت في الرأس أو في الوجه أعلاه أو أسفله، وسواء كانت صغيرة
أو كبيرة. وعند سعيد بن المسيب إن كانت في الوجه فالواجب فيها عشر من
الإبل. وعند مالك إن كانت في الأنف وفي اللحى الأسفل فيها حكومة عدل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ تجب في الهاشمة عشر من الإبل. واختلف أصحاب مالك، فقال ابن
نصر: تجب فيها خمس من الإبل وحكومة فى كسر العظم. وقال الأبهري تجب فيها
خمس عشرة من الإبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم
في الجائفة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى جوف حتى في جوف إحليل الذكر إلى
مجرى البول. وعند مَكْحُول إن تعمدها وجب فيها ثلثا الدية، وإن لم يتعمدها
وجب فيها ثلث الدية. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا خرق جلد الإحليل
ولم تخرقه إلى مجرى البول ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا رماه بسهم فأنفذه فهي
جائفتان فتجب ثلثا الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي جائفة واحدة، وبه قال
بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في المأمومة ثلث الدية وعند مَكْحُول إن
تعمدها وجب فيها ثلثا الدية، وإن لم يتعمدها وجب فيها ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك
والْأَوْزَاعِيّ في الحارضة والدامغة والدامية والباضعة والمتلاحمة
والسمحاق الحكومة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم تجب في
الحارضة والدامية والباضعة والمتلاحمة دية مقدرة. وعنده أيضًا هو والباقر
والصادق والهادي في السمحاق أربعة أبعرة. وعند زيد بن ثابت في الدامغة نصف
بعير، وفي الدامية بعير وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة،
وفي السمحاق أربعة أبعرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ما دون الموضحة لا يبلغ به
أرش الموضحة وعند الخرقي
(2/370)
من الحنابلة يبلغ به أرشها ولا يراد عليه.
وعند مالك يبلغ ويراد أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر علماء الزَّيْدِيَّة وغيرهم ليس في
الموضحة فيما عدا الرأس والوجه مقدر وإنما هو حكومة. وعند النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة في الموضحة في الصدر والظهر أو الكتف خمسة وعشرون دينارًا.
والموضحات كلها مقدَّرة الأرش. وعند عَطَاء الخراساني في الموضحة فيما عدا
الرأس والوجه خمسة وعشرون دينارًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا جنى عليه فانصبَّ
منيُّه من رأس الإحليل، أو جنى على امرأة فألقت نطفة أو علقة فعليه التعزير
لا غير، وبه قال زيد بن ثابت وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر والباقر
والصادق منهم في انصباب المني عشرة دنانير، وفي النطفة عشرون دينارًا، وفي
العلقة أربعون دينارًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ والنَّخَعِيّ
والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تجب في غير الأعور نصف الدية. وعند
عمر وعثمان وعبد الله بن عمر وابن عَبَّاسٍ والزُّهْرِيّ وقتادة وعبد الملك
بن مروان وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب في غير الأعور كمال
الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي إذا قلع الأعور عين الصحيح فعليه
القود. وعند عَطَاء وسعيد بن المسيب وَأَحْمَد لا قود عليه وعليه دية
كاملة، ووافقهم في ترك الدية الزُّهْرِيّ واللَّيْث وإِسْحَاق وروى ذلك عن
عمر وعثمان وابن عمر. وعند الحسن والنَّخَعِيّ إن شاء اقتص منه وأعطاه نصف
الدية: وعند مالك إن شاء اقتص منه وتركه أعمى وإن شاء أخذ منه دية كاملة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا خلع أجفانه الأربعة لزمه دية. وعند مالك فيها حكومة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الواحد من الأجفان ربع الدية، وفي
الاثنين نصفها، وفي الثلاثة ثلاثة أرباعها، وعند الشعبي في الأعلين ثلث
الدية، وفي الأسفلين ثلثا الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة تجب في العين القاتمة وهي التي ذهب ضؤها وبقيت حدقتها الحكومة.
وعند أبي بكر وعمر وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تجب ديتهما وهي
ثلث دية. وعند مجاهد تجب نصف ديتها. وعند سعيد ابن المسيب تجب عشر ديتها.
وعند زيد بن ثابت تجب فيها مائة دينار. وعند عمر بن
(2/371)
عبد العزيز يجب فيها خمسمائة دينار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع أهداب العينين ولم يقد فعليه
الحكومة. وعند أبي حَنِيفَةَ تجب فيهما الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإحدى
الروايتين عن مالك وعامة الفقهاء تجب في الأذنين دية وفي إحداهما نصفها وبه
قال سائر الزَّيْدِيَّة وعند مالك في الرِوَايَة الثانية لا تجب فيها إلا
الحكومة وحكاه الخراسانيون من الشَّافِعِيَّة قولاً عن الشَّافِعِيّ، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن يَحْيَى. وعند أبي بكر تجب في الأذن خمس
عشرة من الإبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعلي وابن مسعود في إحدى
الشفتين نصف الدية سواء في ذلك العليا أو السفلى. وعند زيد بن ثابت وسعيد
بن المسيب والزُّهْرِيّ في العليا ثلث الدية وفي السفلى ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ في المارن - وهو ما لان
من الأذن والأنف - الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند
يَحْيَى منهم لا تجب الدية كاملة إلا إذا قطع الأنف كله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة في لسان الأخرس الحكومة. وعند النَّخَعِيّ فيه الدية. وعند قتادة
وَأَحْمَد في رِوَايَة فيه ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ في
لسان الصغير الذي لا يتكلم لصغره الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دية فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عباس ومعاوية الواجب في كل سن
خمس من الإبل الثنايا والأضراس والرباعيات لا فضل لبعضها على بعض. وعند عمر
في كل سن خمس من الإبل، وفي الأضراس بعير بعير، وروى عنه أنه كان يجعل في
الضواحك خمسًا من الإبل، وفي الأضراس بعيرين بعيرين. وعند عَطَاء في
الثنيتين والرباعيتين والناتئين خمس خمس، وفي الباقي بعيران بعيران.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة إذا ضرب سنّة فاسودت ولم تذهب منفعتها ففيها الحكومة. وعند زيد بن
ثابت وسعيد بن المسيب والحسن والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ وعبد الملك بن
مروان والنَّخَعِيّ وشريح وَمَالِك والثَّوْرِيّ واللَّيْث بن سعد وعبد
العزيز بن سلمة وأَبِي حَنِيفَةَ تجب فيها الدية، ونقله بعضهم عن أَحْمَد
وأكثر
(2/372)
العلماء وعند عمر وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب
فيها ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنّه فردّه في مكانه وثبت كان
عليه قلعه، فإن لم يفعل أجبره عليه السلطان. وعند عَطَاء بن أبي رباح
وعَطَاء الخراساني لا بأس بذلك. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا
يجب عليه قلعها. وعند مالك إذا ردّها إلى مكانها ودواها وثبتت لم يكن له
قلعها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنّه فأخذ ديته ثم نبت لم يلزمه
ردّ الدية، وعند أبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يرد ما اقتص، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه ردّ ما أخذ إلا قدر
حكومة الألم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وكذا الخلاف عند
الزَّيْدِيَّة وأَبِي حَنِيفَةَ فيما إذا حلق لحيته وأخذ ديتها ثم نبتت
لحيته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على سن كبير فأخذ الدية ثم نبت
فقَوْلَانِ: أحدهما: يرد ما أخذ. والثاني هو الصحيح: لا يرد شيئًا. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد خمسمائة درهم ولا يحط عنه مقدار حكومة الألم
بقلع السن الأولى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند النَّاصِر
ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يحط عنه مقدار حكومة الألم بقلع السن الأولى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلع سنًا زائدة ففيها حكومة. وعند
زيد بن ثابت فيها دية السن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الدية الواجبة
بقطع اليدين هو إذا قطعها من الكوع واسم اليد يقع على ذلك، فإن قطعها من
الذراع أو من المرفق أو المنكب وجب فيما زاد على ذلك حكومة مضافة إلى
الدية. وعند أَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وَأَحْمَد لا تجب فيه شيء وتتبع الدية.
وعند ثعلب اليد التي تجب بقطعها الدية هي اليد من المنكب، وبه قال أبو عبيد
بن حربويه من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة
إذا ضرب رجل رجلاً عمدًا أو خطأ فقطع أنفه وشفتيه وأذهب عينيه ويده ورجله
ومات من ذلك لزمته دية واحدة، وإن عاش وكان بضربات مختلفة لزمه لكل جراحة
ديتها وأرشها، وكذا إن كان بضربة واحدة فإنه يلزمه لكل جراحة ديتها وأرشها.
وعند مالك إن كان بضربة واحدة ولم يمت لزمته دية واحدة، وإن كان خطأ وإن
كان عمدًا وجب لكل جراحة أرشها وديتها.
(2/373)
وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تجب
للجميع دية واحدة سواء كان ذلك عمدًا أو خطأً.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وعلي
وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وزيد ابن ثابت وعامة العلماء الأصابع كلها سواء
لكل أصبع عشر من الإبل. وعند عمر رِوَايَتَانِ: هذه إحداهما، والثانية هي
متفاضلة ففي الخنصر ست من الإبل وفي البنصر سبع، وفي الوسطى عشر، وفي
السبابة اثنتا عشرة، وفي الإبهام ثلاث عشرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وزيد بن ثابت لكل أصبع ثلاث أنامل
لكل أنمله ثلاثة أبعرة وثلث، وللإبهام أنملتان لكل أنمله خمس من الإبل.
وعند مالك في إحدى الروايتين للإبهام أيضًا ثلاث أنامل واحدة باطنة. وعند
النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تجب في كل أصبع مائة دينار، إلا الإبهام فإنها
إذا قطعت من الأصل وجب فيها ستة وستون دينار لأنها ثلاثة مفاصل ثلثها في
الكف، وعند سائر الزَّيْدِيَّة لها مفصلان في كل مفصل نصف الدية من غيرها
من الأصابع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في
رِوَايَة الواجب في اليد الشلَّاء حكومة وعند عمر ومجاهد وإِسْحَاق وأبي
بكر في إحدى الروايتين عن أَحْمَد تجب فيها ثلث ديتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر يده فجبرها وعادت صحيحة لزمه
حكومة وعند عمر يلزمه حقتان. وعند شريح يلزمه أجرة الطبيب وقدر ما شغله عن
ضيعته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى على الظفر فاسود وأعوز وجب فيه
حكومة. وعند ابن عبَّاس وَأَحْمَد وإِسْحَاق تجب فيه خمس دية الأصبع. وعند
مجاهد إذا أعوز فيه ناقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قطع الأصبع الزائدة الحكومة. وعند زيد
بن ثابت فيها ثلث دية الأصبع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطعت اليد وجب فيها نصف الدية. وعند
قتادة يجب فيها دينار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع الرجل من الساق أو الفخذ لزمه
الدية أو الحكومة. وعند قتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي
يُوسُفَ يلزمه الدية دون الحكومة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة يجب في ذكر الخصي
والصبي دية كاملة. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في الرِوَايَة
الأخرى تجب في ذلك الحكومة.
(2/374)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر
وعلي وزيد بن ثابت الواجب في قطع الأنثيين الدية، وفى إحداهما: نصفها، وبه
قال سائر العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم. وعند سعيد بن المسيب تجب في قطع
اليسرى ثلثا الدية، وفي قطع اليمنى ثلثها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع الذكر والأنثيين وجب فيهما
ديتان، سواء قطعهما دفعة واحدة، أو قطع إحداهما بعد الأخرى. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن قطعهما دفعة واحدة، أو قطع الذكر أولًا وجب فيهما ديتان، وإن
قطع الأنثيين أولًا وجب فيهما الدية وفي الذكر حكومة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قطع يدي الرجل حكومة. وعند أَحْمَد
وإِسْحَاق فيه دية كاملة. ومن الشَّافِعِيَّة من حكى هذا قولاً عن
الشَّافِعِيّ. وعند زيد بن ثابت تجب فيه ثمن الدية. وعند الزُّهْرِيّ في
حلمتي الرجل خمس من الإبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفضى زوجته بالوطء أو بغيره وجب عليه
الدية والمهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يلزمه المهر ولا تلزمه
الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره الأجنبية على الوطء وأفضاها
لزمه الحد ومهر المثل والدية للإفضاء، وإن استرسل البول وجب عليه الحكومة
مع دية الإفضاء. وعند زيد في الإفضاء الدية. وعند قتادة وابن عمر في
الإفضاء ثلث الدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن جريج والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد
لا يجب المهر، وأما الإفضاء فإن لم يستمسك البول فعليه الدية وإن استمسك
فعليه ثلثها. وعند حماد يحكم به ذو عدل. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة
مهر الثلث والحد وثلث الدية وإن استمسك البول. وعند سائر الزَّيْدِيَّة
عليه الحد ونصف المهر وثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاوعته على الزنا فأفضاها فلا مهر
لها ولا أرش بكارة إن كانت بكرًا، وعليه دية الإفضاء، وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وعمر وَأَحْمَد لا يلزمه المهر ولا دية الإفضاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وطئها بشبهة أو في عقد
فاسد فأفضاها وجب عليه المهر والدية، فإن استمسك البول وجب عليه الحكومة مع
ذلك، وإن كانت بكرًا ففي دخول أرش البكارة في الدية وجهان. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن استمسك البول فعليه المهر
(2/375)
وثلث الدية، وإن استرسل البول فعليه الدية
ودخل فيها المهر. وعند مُحَمَّد يجب المهر والدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقبض رجل امرأة بأصبعه أو بعود فعليه
أرش البكارة وإن أقبضت امرأة امرأة بيدها، فإن كانت أمة فعليها أرش ما نقضت
نزول البكارة، وإن كانت حرة فعليها حكومة. وعند ابن المنذر أن حكم الرجل
كذلك، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. وعند الزُّهْرِيّ وعلي
وشريح وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وعبد الملك ابن مروان عليها صداقها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وزيد بن ثابت وَمَالِك وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب في إتلاف شيء من الشعور الدية،
وإنَّما تجب الحكومة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد في شعر اللحية والرأس والحاجبين وأهداب العين
في كل واحد منها دية إذا لم تنبت هذه الشعور بعد إتلافها، وبه قال
النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سعيد بن المسيب والحسن وشريح وقتادة
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ في الضلع إذا كسر حكومة، وكذا في الزند والعضد
والذراع والفخذ. وعند أَحْمَد في الضلع بعير، وفي الزند والذراع والعضد
والفخذ في كل واحد منها بعيران.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ على المشهور من مذهبه أن الواجب في
الترقوة حكومة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وسائر الزَّيْدِيَّة،
واختاره الْمُزَنِي. وله قول آخر أن الواجب فيها جمل، وبه قال عمر وابن
المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند النَّاصِر والصادق من الزَّيْدِيَّة تجب
في الترقوة أربعون دينارًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب إنسانًا
حتى أحدث فعليه التعزير ولا قصاص ولا دية. وعند عثمان وَأَحْمَد وإِسْحَاق
ومروان بن الحكم أنه تجب ثلث الدية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضح رأسه فأذهب عقله لزمه أرش
الموضحة ودية العقل فى القول الجديد، وبه قال مالك وَأَحْمَد، وفي القول
القديم يدخل أرش الجناية، فإن قطع يديه ورجليه فذهب عقله دخل دية العقل في
دية الرجلين واليدين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوضحه فتناثر شعر رأسه ولحيته على
وجه لم ينبت لزمه أرش الموضحة مع حكومة الشعر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه
(2/376)
أرش الموضحة مع دية الشعر، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وكذا الخلاف فيما إذا حلق لحيته على وجه لا ينبت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لطم وجه فاحمر أو اخضر
أو اسود فلا شيء عليه سوى التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة عليه في الاحمرار
دينارًا ونصف، وفي الاخضرار والاسوداد ثلاثة دنانير، وأرشها في الجسد على
النصف من أرشها من في الوجه، وأرشها في الوجه بحساب ما ذكروه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا ضرب صدغ الرجل فلم
يستطع الالتفات يمينًا وشمالاً ولا خلفًا، أو رضَّ صدره وأثنى سقاه أو أثنى
الصدر والكتفان أو أثنى أحد الكتفين مع الساق الآخر ففي جميع ذلك الحكومة.
وعند النَّاصِر والصادق والباقر من الزَّيْدِيَّة في ضرب الصاع إذا لم
يستطع ما ذكر الدية. وفي رضّ الصدر وانثناء الساقين خمسمائة دينار، وفي
انثناء الصدر والكتفان ففيهما جميعًا ألف دينار، وفي انثناء أحد الكتفين
الآخر خمسمائة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قلع أصابع يد رجل
خطأ ثم قطع ما بقي من الكف خطأ قبل البدء وجب على عاقلته دية البرء لا غير،
وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك تجب دية الأصابع منفردة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل حر عبدًا أو أمة لغيره
وجب عليه قيمتها، سواء بلغت دية حر أو أكثر أو أقل، وسواء قتله عمدًا أو
خطأ، وسواء ضمنه باليد أو بالجناية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر
ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وزفر وزيد بن علي وَأَحْمَد في
رِوَايَة ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو العبَّاس وأبو طالب ويَحْيَى
أيضًا إن ضمن بالجناية ضمنه بقيمته بالغة ما لم تبلغ دية حر، وإن بلغت ذلك
أو أكثر نقص من دية الحر عشرة دراهم، وإن ضمن باليد ضمنه بقيمته بالغة ما
بلغت وإن زاد على دية الحر كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن المسيب وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ والخرقي من الحنابلة أطراف العبد مضمونة بالجناية من قيمته
فيجب بقطع يديه جميع قيمته وفي إحداهما نصف قيمته، وكذا جميع أطرافه. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. والثانية: ما
لا منفعة فيه كالأذنين واللحية والحاجبين فإن فيه ما نقص من قيمته.
والشَّافِعِيّ يوافقه على الحاجبين في العبد، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يخالف
الشَّافِعِيّ في الحاجبين
(2/377)
من الحر. وعند مالك وأبي بكر الخلَّال من
الحنابلة وَأَحْمَد في رِوَايَة يضمن بما نقص من قيمته إلا الموضحة
والمثقلة والمأمومة والجائفة فإنه يضمن بجزء قيمته. وعند مُحَمَّد بن الحسن
وداود وأهل الظاهر يضمن جميع أطرافه وجراحاته بما نقص من قيمته بكل حال.
وحكاه الخراسانيون من الشَّافِعِيَّة قولاً عن الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قطعت يد العبد ثم أعتق
ومات من السراية فهي مضمونة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن السراية وللسيد
قيمة اليد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويضمن يد حر ويكون للسيد منها نصف قيمته
وما بقي فلورثة العبد. وعند أَحْمَد يضمن بقيمته ويكون للسيّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت قيمة العبد تزيد على دية الحر
فأتلف منه ما يقابل كمال القيمة كاليدين ونحوهما ثم أعتق ومات وجب فيه دية
حر. وعند أَحْمَد يجب ضمان القيمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا قتل العبد
حرًا، أو عبدًا، أو جنى خطأ أو عمدًا واختار الولي الدية فسيد العبد
بالخيار إن شاء فداه وإن شاء سلمه إلى ولي الدم فيكون ملكًا له أو إلى
المجني عليه فيكون ملكًا له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وكذا أَحْمَد لا
يملك المجني عليه العبد بجناية العمد والحكم فيه كالحر إما القصاص وإلا
العفو على مال. وعند مالك يملك المجني عليه، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والحسن البصري وقتادة الواجب في جنين الأمة إذا كان
مملوكًا عشر قيمة أمه سواء كان ذكرًا أو أنثى. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن كان الجنين ذكرًا فنصف عشر قيمته، وإن كان أنثى وجب
فيه عشر قيمتها، فاعتبره بنفسه ولم يعتبره بأمه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
القاسم. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم يجب نصف عشر قيمته. وعند النَّخَعِيّ
فيه نصف عشر ثمن أمه. وعند سعيد بن المسيب يجب فيه عشرة دنانير. وعند حماد
الواجب فيه جمل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يد عبد ثم أعتق وسرت الجناية إلى
نفسه ومات لزمه دية حر للسيد منها نصف قيمته، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب
ما زاد على نصف القيمة.
* * *
(2/378)
باب العاقلة وما
تحمله من الديات
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تحمل العاقلة دية
الخطأ. وعند أبي بكر الأصم وابن علية والخوارج لا تحمل العاقلة الدية بل
تكون في مال القاتل. وعند قتادة وعلقمة وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ
وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ والحارث العكلي دية الخطأ المحض على العاقلة،
ودية عمد الخطأ في مال القاتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تحمل العاقلة الدية وما دونها في أصح
القولين، وبه قال عثمان البتي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي
والمؤيَّد، ولا تحمل ما دون الدية في القول الآخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وصاحبيه والثَّوْرِيّ تحمل أرش الموضحة فما زاد ولا تحمل ما دون ذلك، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند سعيد بن المسيب وَمَالِك وعَطَاء
وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأكثر العلماء تحمل العاقلة نصف الدية ولا تحمل ما دون
ذلك، وهو قول قديم للشافعي. وعند الزُّهْرِيّ تحمل العاقلة ما فوق ثلث
الدية ولا تحمل ثلث الدية فما دونه.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في غرة الجنين هل تحملها العاقلة فيه
قَوْلَانِ: الجديد تحملها والقديم لا تحملها، وبه قال مالك.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في قيمة العبد إذا قتله الحر خطأ أو عمد
خطأ، أو جنى على طرفه خطأ أو عمد خطأ هل تحمله العاقلة؟ على قولين: أحدهما:
لا تحمله العاقلة، وبه قال مالك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور
وأبو يوسف ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والثاني: تحمله العاقلة، وبه قال
الزُّهْرِيّ والحكم وحماد وأبو حَنِيفَةَ ومحمد وسائر الزَّيْدِيَّة،
واختاره الْمُزَنِي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تحمل العاقلة بدل أطرافه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وأَبِي
حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ َوَأَحْمَد في رِوَايَة إذا قتل
شخص نفسه خطأ أو عمد خطأ، أو جنى على طرف نفسه خطأ أو عمد خطأ، كان ذلك
هدرًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تحمل العاقلة
ذلك، فإن كان طرفًا كان بدله له، وإن كان نفسًا كان لوارثه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تحمل العاقلة جناية العمد المحض سواء
كانت في النفس أو الطرف وجب فيها القصاص أو لا تجب. وعند مالك والحكم
وقتادة إن كانت لا قصاص فيها مثل الهاشمة والمنقلة والمأمومة حملتها
العاقلة إن كانت عمدًا.
(2/379)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جناية العمد المحض يجب أرشها حالاً في مال
الجاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ مؤجَّلاً في ثلاث سنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذاكان القتل عمدًا لا يجب به القود بحال
الوالد ولده والجائفة والمأمومة، وما دون الموضحة وجبت عليه الدية مغلَّظة
في مال حاله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب مؤجَّلة في ثلاث سنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دية عمد الخطأ مؤجَّلة على العاقلة في
ثلاث سنين. وعند ابن سِيرِينَ هي حالة في مال العاقل. وعند مالك
رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ. والثانية أن هذا النوع من العمد
المحض، ولا يعرف عمد الخطأ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدية تجب على العاقلة مؤجلة في ثلاث
سنين. وعند بعض الناس تجب حالة. وعند رَبِيعَة تجب مؤجَّلة في خمس سنين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تحمل
العاقلة الدية في ثلاث سنين من يوم القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ من يوم حكم الحاكم، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة المؤيَّد والهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ دية الجنين تقسم في ثلاث
سنين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقسم في سنتها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سية المرأة والذمي مؤجَّلة في ثلاث سنين
في أحد القولين، وبه قال أحمد. وفي القول الثاني دية الذمي في سنة والمرأة
في سنتين في الأولى ثلثاها وفي الثانية ما بقي، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. ولا
يتصور الخلاف معه في الذمي لأن عنده ديته كالمسلم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرّ بجناية الخطأ لزمته الدية في
ماله. وعند أَبِي ثَورٍ لا يلزمه شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تحمل العاقلة بدل الأموال. وعند
عَطَاء تحمل ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قطع يده خطأ ثم
قتله قبل البرء وجب دية واحدة على عاقلته. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة
تجب على عاقلته دية اليد والنفس جميعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة: العاقلة هم
العصبة ولا يدخل فيهم أبو الجاني ولا جده وإن علا، ولا ابنه ولا ابن ابنه
وإن سفل، وعند مالك العاقلة قرابة
(2/380)
الرجل من قبل أبيه. وادَّعى الترمذي أن هذا
أيضًا مذهب الشَّافِعِيّ. وعند مالك أيضًا وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يدخلون فيهم. وعند بعض العلماء أن الدية على الرجال
دون النساء والصبيان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يحمل العاقل مع العاقلة
شيئًا من الدية، وعند أبي حَنِيفَةَ وبعض المالكية هو كأحدهم. وعند بعض
المالكية هو مستحب وليس بواجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحمل المولى من أسفل وهو المنعم عليه
بالعتق عن المولى من أعلى في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد وأكثر العلماء،
ويحمل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والمالكية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعقل العديد، وهو الرجل القريب الذي
يدخل في قبيلة ويعد منهم، ولا يحمل الحليف، وهو أن يحالف رجل رجلاً على أن
ينصر أحدهما الآخر ويعقل أحدهما عن الآخر ويرث أحدهما الآخر. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ أن الحليف إذا لم يكن للقاتل قرابة من النسب فإنه يرث ويعقل،
ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ على أن العديد لا يعقل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن هل
الديوان من غير العصبات لا يعقلون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا حرث الإمام
الناس وجعلهم فرقًا يجب بذلك عريف فرقة، فإذا جنى واحد من أهل تلك الفرقة
خطأ أو عمد خطأ حمل أهل ديوانه من أهل فرقته عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد موافقة
أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان هناك رجل مجهول في النسب فانتسب
إلى قبيلة وأمكن صدقه وصادقوه على ذلك ثبت نسبه منهم وعقلوا عنه. ولو قال
جماعة من الناس سمعنا أنه ليس منهم وشهدوا بذلك لم ينتف نسبه بذلك. وعند
مالك ينتفى نسبه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يعقل
الذمي عن الذمي سواء كانا على ملة واحدة أو على ملتين كاليهودية
والنصرانية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يعقل ذمي عن ذمي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الفقير الذي لا يملك ما يكفيه
على الدوام لا يحمل العقل وإنما يحمل العقل الغني والمتوسط. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر
(2/381)
العلماء الفقير يحمل العقل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ما يجب
على الغني نصف دينار وعلى المتوسط ربع دينار، وعند أَبِي حَنِيفَةَ أكثر ما
يجعل على كل واحد من الموسر أو المتوسط أربعة دراهم ولا حد لأقله. وعند
مالك وَأَحْمَد يحمل كل واحد منهم قدر طاقته بحيث لا يضر به ولا يتعذَّر.
وحكى أبو ثور عن مالك أنه يجب على كل واحد منهما ربع دينار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات واحد منهم بعد الحول
وهو موسر لم يسقط عنه بل يجب قضاؤه من تركته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط
عنه بموته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقدَّم في العقل من العصبات
الأقرب والأقرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقسم على القريب والبعيد منهم ولا
يقدَّم القريب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض العاقلة في البلد وبعضهم
غائب في بلد آخر وهم درجة واحدة وفي الحاضرين سبعة فقَوْلَانِ: أحدهما أن
الحاكم يقسم الدية على الحاضرين دون الغائبين، وبه قال مالك. والثاني:
يقسّم الدية على الجميع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض العاقلة في البلد وبعضهم في
إقليم آخر لم يعقل عنه من ليس معه في البلد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعقل
الجميع الحاضر والغائب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والزَّيْدِيَّة إذا كان العاقل
بمكة وعاقلته بخراسان كانت الدية عليهم، فإن جعل قاضي مكة الدية على أهل
مكة ولم ينتظر الغائبين من عاقلته جاز. وعند سائر العلماء لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أهل الميراث لا يحملون في جملة
العاقلة من غير سبب، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعقلون عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنت أم الولد فإن أرش جنايتها على
السيّد فيفديها بأقل الأمرين من قيمتها أو الأرش، وعند النَّاصِر من
الزَّيْدِيَّة يفديها بالأرش بالغًا ما بلغ. وعند سائر الزَّيْدِيَّة
يفديها بقيمتها. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يكون في ذمتها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنت أم الولد ثانيًا لزم السيّد أن
يفديها أبدًا كلما جنت في أحد القولين، وبه قال مالك وفي القول لا يلزمه أن
يفديها إذا جنت ثانيًا بل شارك
(2/382)
الثاني المجني عليه أولاً إلا أن يكون قد
فداها في الجناية الأولى بأقل من قيمتها فيلزمه حينئذٍ بما قيمتها، وبه قال
أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما أن الجناية الثانية
كالجناية الأولى. والثانية تكون الجناية الثانية في ذمتها تتبع بها أعتقت،
وإذا لم يتخللها فداء وجبت قيمة واحدة بين الجميع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لا عاقلة له عقل عنه بيت
المال، وعند الحسن تكون جنايته على نفسه. وعند أَحْمَد تكون هدرًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة من اتخذ جسرًا أو
قنطرة على نهر في شارع أو أصلح جادة الطريق من غير إذن الإمام ونحوه ضمن ما
يحصل منه وتحمله العاقلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ضمان في ذلك.
* * *
(2/383)
باب اختلاف الجاني
وولي الدم
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رجل عضو رجل ثم اختلفا
فقال الجاني قطعته وهو أشل وقال المجني عليه قطعته وهو سليم فطريقان:
إحداهما قَوْلَانِ: أحدهما: القول قول الجاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
والثاني: قول المجني عليه، وبه قال أحمد. والثانية: إن اختلفا في الأعضاء
الظاهرة كاليد والرجل وما أشبههما فالقول قول الجاني، وإن اختلفا في
الأعضاء الباطنة فالقول قول المجني عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدَّ ملفوفًا نصفين ثم اختلف الجاني
والولي فقال الجاني كان ميتا، وقال الولي كان حيًّا فقَوْلَانِ: أحدهما
القول قول الولي. والثاني: وهو المنصوص القول قول الجاني، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ.
* * *
(2/384)
باب كفارة القتل
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ تجب الكفارة بقتل العمد،
وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والمؤيَّد والقاسم، وأشار إليه النَّاصِر.
وعند مالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي ثور لا تجب الكفارة
في قتل العمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، وكذا
الهادي أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل عبدًا لنفسه أو لغيره، أو قتل
ذميًا أو معاهدًا وجبت عليه الكفارة. وعند مالك لا كفارة في ذلك كله. وعند
الحسن لا تجب الكفارة في قتل الذمي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب عليه الكفارة في ماله بقتل نفسه.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه، وبه قال بعض الخراسانيين من
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر والزُّهْرِيّ
والنَّخَعِيّ والحسن والحكم إذا ضرب بطن امرأة فألقت من ضربته جنينًا ميتًا
وجب عليه الكفارة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا
يلزمه بذلك كفارة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الكفارة بالقتل بالمباشرة والأسباب،
كحفر البئر وغيره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب الكفارة بالقتل بالأسباب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القاتل صبيًا أو مجنونًا أو
كافرًا وجبت عليهم الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل جماعة واحدًا وجب على كل واحد
منهم كفارة. وعند عثمان البتي تجب كفارة واحدة، ونقله بعض الشَّافِعِيَّة
عن الشَّافِعِيّ قول آخر.
* * *
(2/385)
|