المعاني
البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة كتاب السير
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ شرط
الجهاد الزاد والراحلة إذا كانت مسافة يقصر فيها الصلاة. وعند مالك لا
يشترط ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجهاد فرض من فروض الكفايات. وعند سعيد
بن المسيب هو من فروض الأعيان وعند بعض الشَّافِعِيَّة هو من فروض الأعيان
في أول الْإِسْلَام لقلة المسلمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب على المسلمين غزو الكفار، وبه قال
كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي
وسائر الزَّيْدِيَّة يجوز قتال الكفار وغزوهم بغير إذن الإمام. وعند الهادي
من الزَّيْدِيَّة لا يجوز قتالهم إلا مع الإمام أو النائب من قبله أو
بإذنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للرجل أن يجاهد من غير إذن أبويه أو
أحدهما. وعند بعض أصحاب الحديث له ذلك من غير إذن أبويه أو أحدهما، واختاره
ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أبواه مشركين جاز له أن يجاهد
بغير إذنهما. وعند الثَّوْرِيّ ليس له ذلك إلا بإذنهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لمن عليه دين حال أن يجاهد بغير إذن
من له الدين. وعند مالك يجوز لمن لا يقدر على قضاء الدين أن يجاهد بغير إذن
من له الدين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجوز له ذلك بغير إذن من له الدين.
مسألة: على قاعدة الشَّافِعِيّ في الدين إذا كان على رجل قصاص لصغير أو
غائب فليس له أن يجاهد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب.
وعند المؤيَّد منهم إن أوصى بإخراج الدية إن قتل فله الخروج إلى الجهاد،
وقيل: إن هذا هو الأصح من مذهب النَّاصِر.
(2/393)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي
حَنِيفَةَ من لم تبلغهم الدعوة لا يجوز قتالهم حتى يدعوا إلى الْإِسْلَام
ويعلموا به، وإن كان قد بلغتهم الدعوة استحب أن لا يقاتلوا حتى يدعوا إلى
الْإِسْلَام، ويجوز قتالهم من غير دعاء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر والقاسم. وعند مالك وعمر بن العزيز وإِسْحَاق وبعض الصحابة
والتابعين لا يغار عليهم ولا يقاتلوا حتى يدعوا إلى الْإِسْلَام، وبه قال
من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند أَحْمَد وبعض العلماء لا دعوة اليوم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق تجوز الغارة على
المشركين بالليل وتبييتهم وعند بعض العلماء يكره ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للإمام أن
يستعين بالمشركين على قتال المشركين. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي
حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صدر الْإِسْلَام جعل واحد من المسلمين
في مقابلة عشرة من الكفار، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ
اللَّهُ عَنْكُمْ) الآية. فجعل الواحد في مقابلة الاثنين. وعند ابن
عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ والثانية أنه لم يكن
واجبًا وإنما كان ندبًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لواحد من المسلمين أن يفر من
اثنين، وكذا إذا كان الكفار ضعف المسلمين إلا بشرطين: أن يكون متحرفًا
لقتال أو يتحيز إلى فئة. وعند الحسن وعكرمة والضحاك إنما كان ذلك في غزوة
بدر خاصة ولا يجب في غيرها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر الفقهاء لا يجوز
النيابة في الجهاد. وعند مالك يصح إذا كان يحصل ولم يكن الجهاد متعينًا على
النائب، وسواء تعيَّن ذلك على المستنيب أو لم يتعيَّن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقتل شيوخ المشركين والرهبان في أحد
القولين، وبه قال أحمد فى رِوَايَة. ولا يجوز في القول الثاني، وبه قال
مالك واللَّيْث والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأبو ثور وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تترَّس المشرك بالمسلم في حال الحرب
وله أن يرمي المشرك ويتوقى المسلم، فإن أصاب المسلم وجب عليه الكفارة
والدية في أحد القولين من الطرق، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا
تجب عليه الكفارة ولا الدية، وهو القول
(2/394)
الثاني للشافعي. وعند أَحْمَد تجب الكفارة
وفي الدية روايتان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يجوز تخريب بيوتهم وقطع
أشجارهم. وعند أبي بكر الصديق والْأَوْزَاعِيّ يكره ذلك وعند أَحْمَد إذا
لم يكن من ذلك بدٌّ جاز، وأما عبثًا فلا. وعند إِسْحَاق التحريق سنة إذا
كان أنكى فيهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد لا يجوز قتل
دواب المشركين ومواشيهم إذا حصلت في أيدينا لئلاَّ تصلهم. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح الأمان من العبد سواء كان مأذونًا له أم لا.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان مأذونًا له في القتال صح أمانه، وإن كان غير
مأذون له في القتال لم يصح أمانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الأمان من الصبي والمجنون. وعند
مالك وَأَحْمَد يصح أمان الصبي المراهق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رقع رجل في البئر فأمَّنه رجل من
الرعية لم يصح أمانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يصح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل من لم تبلغهم الدعوة وجب عليه
ضمانه. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجب عليه ضمانه. قال ابن القصَّار
المالكي: وهو قياس من قول مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وبعض الصحابة والتابعين
يكره قتل النساء والولدان. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض العلماء يرخَّص في
ذلك وفي البنات.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد
الأسير الحر البالغ العاقل الذي هو من أهل القتال للإمام أن يعمل فيه بما
فيه المصلحة من أربعة أشياء: من القتل أو الاسترقاق أو المن أو الفداء وعند
مالك يختار فيه بين ثلاثة أشياء: من القتل أو الاسترقاق أو الفداء بالنفس
دون المال وحكى ابن نصر من أصحابه عنه كمذهب الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يختار فيه بين شيئين: القتل أو الاسترقاق، ولا يجوز المن ولا
الفداء. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يختار فيه بين ثلاثة أشياء: من القتل
أو الاسترقاق أو الفداء بالنفس أو المال، وأما المنَّ فلا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادر شخص من المسلمين فقتل هذا
الأسير قبل أن يختار فيه
(2/395)
الإمام أحد هذه الأشياء الأربعة عزِّر
القاتل ولا ضمان عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يلزمه الضمان دية للعاملين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للإمام إذا استرقَّ السبي أن يبيعه
من الكفار. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز بيعه من أهل الذمة ولا يجوز بيعه من
أهل الحرب. وعند أَحْمَد لا يجوز بيعه من الكفار صغارًا كانوا أو كبارًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز استرقاق المعرَّب في أصح القولين،
والقديم لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز
استرقاق عبدة الأوثان. وعند أَحْمَد لا يجوز استرقاق من لا كتاب ولا شبهة
كتاب وعند الشَّافِعِيّ يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ سلب المقتول للقاتل سواء شرطه
الإمام أو لم يشرطه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة إن
شرط الإمام في أول القتال أن السلب للقاتل كان له، وإن لم يشترطه له لم يكن
له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استرقَّ الإمام قومًا ثم
أعتقهم ثم أقروا بنسب لشخص لم يقبل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقبل فيما يقبل
من المسلم وأهل الذمة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يستحب المبارزة إلا بإذن
الأمير. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يجوز بغير إذنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وبعض العلماء
من الصحابة وغيرهم وجميع الفقهاء لا يستحق القاتل السلب إلا بخمسة شروط: أن
يكون من أهل السهم في الغنيمة، فإن كان ممن لا سهم له كالمجدف والمرجف
والكافر إذا حضر عونًا للمسلمين فلا يستحق السلب. وإن يقتله والحرب قائمة،
سواء قتله مقبلاً أو مدبرًا، فإن انهزموا فقتله لم يستحق سلبه. وأن يغرِّر
القاتل بنفسه في قتله بأن يبارره فيقتله، أو يحمل على صف المشركين ويطرح
بنفسه عليه فيقتله، فإن رمى إلى صف المشركين وقتل قتيلاً لم يستحق سلبه.
وأن يكون المقتول ممتنعًا، فإن قتل أسيرًا لم يستحق سلبه. وأن يكفي
المسلمين شره بأن يكون المقتول حين قتله صحيحًا غير زمن، فإن قتل مقعدًا أو
زمنًا لا يقاتل فلا يستحق سلبه. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يستحق القاتل
السلب. وعند أَحْمَد وأكثر العلماء لا يستحق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
(2/396)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعد بن
أبي وقاص لا يخمس السلب. وعند ابن عباس يخمس. وعند علي بن أبي طالب وابن
عمر وإِسْحَاق إن كان كثيرا خمَّس، وإن كان قليلاً لم يخمَّس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحق القاتل السلب من أصل الغنيمة. وعند
مالك في إحدى الروايتين يستحقه من خمس الخمس، وهو سهم المصالح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أسلم الكافر قبل الأسر
عصم دمه وماله وأولاده الصغار، سواء خرج إلى دار الْإِسْلَام أو لم يخرج.
واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب الشامل والشاشي موافقة الشَّافِعِيّ،
ونقل عنه صاحب البيان أنه إذا لم يسلم فى دار الحرب حقن دمه وماله الذي في
دار الْإِسْلَام، وأما ماله الذي في دار الحرب فيغنم. واختلف النقل عن
أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا، فنقل عنه في الشامل والشاشي والنكت أن ما كان له في
الحرب يغنم، وأما غيره فإنه إن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم، وإن
كان في يد حربي غنم. ونقل عنه صاحب البيان أنه يحقن بالْإِسْلَام دمه وماله
الذي يده المشاهدة ثابتة عليه، وما كان وديعة له عند ذمي ويد الذمي عليه
فيغنم، وأما ما لم يكن يده المشاهدة ثابتة عليه، مثل الدور والدواب والعقار
والضياع فيغنم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم وله زوجة حامل لم يجز استرقاق
الحمل وكذا الزوجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز استرقاقها، وبه قال في
الزوجة بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد لا يجوز استرقاق الولد ويجوز
استرقاق الأم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سُبي صغير ومعه
أبواه أو أحدهما تبعه في الدين ولا يتبع السابي. وعند الْأَوْزَاعِيّ يتبع
السابي في الْإِسْلَام بكل حال، سواء كان معه أبواه أو أحدهما أو لم يكونا
معه. وعند أَحْمَد وفي إحدى الروايتين إن كان معه أبواه تبعهما ولم يتبع
السابي، وإن لم يكن معه أبواه أو كان معه أحدهما تبع السابي في
الْإِسْلَام. وعند مالك إن سُبي معه الأب تبعه في الدين دون السابي، وإن
سبيت معه الأم تبع الولد السابي دون الأم. وبناه على أصله وهو أن الولد
يتبع الأب في الْإِسْلَام دون الأم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد ويَحْيَى إذا كان الطفل قد مات أبواه أو
أحدهما في دار الحرب، أو عدم أبواه من غير موت لم يحكم بإسلام الطفل، مثل
أن يوجد لقيط في دار الحرب أو تعلق امرأة كافرة من زنا، أو
(2/397)
يختلط ولد مسلم بولد كافر ولم يتميز. وعند
أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يحكم بإسلام الطفل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
الداعي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبيت المرأة وولدها الصغير لم يجز
التفريق بينهما. وإلى أي سن لا يجوز التفريق بينهما؟ قَوْلَانِ: أحدهما
بلوغ الولد سبع سنين. والثاني إلى البلوغ. وعند مالك يحرم التفريق بينهما
إلا أن يسقط نسبه ويثبت. وعند اللَّيْث إلى أن يأكل بنفسه ويلبس. وقولهما
تريب من القول الأول للشافعي. وعند أَحْمَد يحرم التفريق بينهما أبدًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحرم التفريق بين الولد الصغير وأخيه
وخاله وعمه وعمته وخالته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعمر يحرم ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سببت الزوجة وحدها
انفسخ النكاح واخلتفا في العلة، فعند الشَّافِعِيّ العلة حدوث الرقِّ. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ العلة اختلاف الدارين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ إذا
سُبي الزوجان معًا انفسخ نكاحهما لحدوث الرقِّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد لا ينفسخ لعدم اختلاف الدارين. وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن لا
ينفسخ النكاح والثانية ينفسخ. والثالثة إن سبيت الزوجة أولاً انفسخ النكاح،
وإن سُبي قبلها لم ينفسخ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للجيش إذا دخلوا دار الحرب أن
يأكلوا الطعام والفواكه والعسل وغير ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث بن سعد وأَبِي
ثَورٍ وَأَحْمَد لا يجوز ذبح المأكول إلا للأكل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِك يجوز ذلك لغير الأكل.
مسألة: في مذهب الشَّافِعِيِّ إذا خرج المجاهد إلى دار الْإِسْلَام ومعه
بقية من الطعام فطريقان: الأولى قَوْلَانِ. أحدهما يلزمه رده إلى المغنم.
والثاني أحق به. والطريقة الثانية إن كان كثيرًا وجب رده إلى المغنم، وإن
كان قليلًا فعلى القولين. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان قبل
القسمة رده إلى المغنم، وإن كان بعدها باعه وتصدق بثمنه. وعند أَحْمَد يرد
اليسير وفي الكثير رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أن مكة حرسها
الله تعالى فتحت صلحًا وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ فتحت عنوة.
(2/398)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ إذا سرق بعض الغانمين من الغنيمة نصابًا لم يجب عليه القطع
ولا يحرق عليه متاعه ولا يحرم سهمه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق
والْأَوْزَاعِيّ يحرق عليه رَحلَهُ إلا المصحف والحيوان والسلاح. وعند بعض
الناس يحرم سهمه. وعند مالك يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وأكثر الفقهاء إذا وطئ رجل من الغانمين جارية من الغنيمة قبل القسمة لم يجب
عليه الحد ويجب عليه المهر. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك في
رِوَايَة يجب عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحبلها بهذا الوطء انعقد
الولد حرًا ولحقه نسبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلحقه نسبه، ويكون مملوكًا
للغانمين وعليه المهر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ تجب الحدود في دار الحرب على من وجد منه أسبابها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تستوفى الحدود في دار الحرب. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا تستوفى في الحدود في دار الحرب، بل بعد الرجوع إلى
دار الْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل مسلم مسلمًا في دار الحرب وجب
عليه بقتله ما يجب بقتله في دار الْإِسْلَام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان
المقتول حربيًا أسلم ولم يخرج إلى دار الْإِسْلَام أو كان أسيرًا فلا قود
على قاتله ولا دية بل تجب الكفارة عليه، وإن كان تاجرًا ففيه الكفارة
والدية.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ
إذا دخل نفسان من المسلمين دار الحرب فقتل أحدهما الآخر عمدًا فعليه
القصاص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه
لا قصاص إذا لم يكن هناك إمام وتجب الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
الهادى.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مسلمان دار الحرب فقتل
أحدهما الآخر خطأ فطرق مشهورة حاصلها عند التفصيل عشر طرق: إن عينه حال
الرمي وعلم إسلامه فطريقان: يجب قولاً واحدًا، وقَوْلَانِ. وإن لم يعلم
إسلامه ولم يعينه فطريقان: لا يجب قولاً واحدًا وقَوْلَانِ. وإن علم ولم
يعين فثلاث طرق: يجب ولا يجب، وقَوْلَانِ. وإن عيَّن ولم يعلم فثلاث طرق
أيضًا: لا يجب، ويجب وقَوْلَانِ. وعند
(2/399)
أَحْمَد إن لم يعلم إسلامه لم تجب الدية
وتجب الكفارة، وإن علمه وجبت الدية. وعنده رِوَايَة أخرى تجب الدية علمه أو
لم يعلمه، وبه قال مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب الدية علم بإسلامه أو لم
يعلم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل ثم أسلم في دار الحرب ولم يهاجر
إلينا لزمه الدية والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تلزمه الكفارة دون الدية.
وعند مالك إن كان عمدًا لزمه القود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أبق عبد لمسلم ولحق
بدار الحرب لم يملكوه بالأخذ. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد يملكوه بالأخذ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعبادة بن الصامت وسعد بن أبي
وقاص وإحدى الروايتين عن عمر ورَبِيعَة إذا غلب المشركون على أموال
المسلمين وأخذ شيئًا منها لم يملكوه بذلك. وعند الزُّهْرِيّ وعمرو بن دينار
إذا حازه المشركون إلى دار الحرب ملكوه، فإذا ظهر المسلمون وغنموه فهو
للغانمين سواء كان قبل القسمة أو بعدها. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك
وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا حازه
المشركون إلى دار الحرب ملكوه، فإذا ظهر المسلمون عليهم وغنموه، فإن وجده
صاحبه قبل القسمة فهو أحق به بلا شيء، وإن وجده قبل القسمة فهو أحق به
بالقيمة فترد إلى من وقع في سهمه. وعند أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه لا حق له
فيه بعد القسمة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا أسلم هذا الكافر الذي حصل
في يده فإنه أحق من صاحبه، وإن دخل مسلم دار الشرك متلصِّصًا وسرق ذلك
المال فصاحبه أحق بالقيمة وإن ملكه عن مسلم يتبع فصاحبه أحق به ويرد الثمن
على المشتري، وإن ملكه مسلم منه بهبة فصاحبه أحق بقيمته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد المسلم مكاتبه
في الغنيمة فله أخذه. وعند أَحْمَد الحكم فيه كسائر أمواله.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل دار الحرب متلصِّصًا وسرق
أموالهم فهي غنيمة مخمسة. وعند جماعة من الشَّافِعِيَّة هي للآخذ ولا
تخمَّس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد وأبو
طالب عن الهادي وعند النَّاصِر منهم أنها تخمَّس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسر المشركون رجلاً من المسلمين
فأطلقوه وشرطوا أنه إذا
(2/400)
وصل دار الْإِسْلَام بعث إليهم مالاً
اتفقوا عليه، فإن لم ينفذه إليهم عاد إليهم لم يلزمه حمل الفداء ولا الرجوع
إليهم، ويستحب له أن يحمل الفداء إليهم. وعند الزُّهْرِيّ وأبي هريرة
والْأَوْزَاعِيّ يلزمه الوفاء بالشرطين معًا. وعند الثَّوْرِيّ والحسن
والنَّخَعِيّ يلزمه أن يبعث إليهم الفداء دون الرجوع، وبه قال أكثر
الشَّافِعِيَّة.
* * *
(2/401)
باب الأنفال
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال أمير الجيش قبل التقاء الفريقين
من أخذ شيئًا فهو له لم يصح في أصح القولين، ويصح في الثاني، وبه قال أبو
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأكثر العلماء.
* * *
(2/402)
باب قسم الغنيمة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزبير وبلال وأنس إذا كان في الغنيمة
أرض وعقار قُسَّم بين الغانمين كما تقسم سائر الأموال. وعند عمر ومعاذ وعلي
والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك الإمام مخير فيها بين القسمة وبين الوقف على
المسلمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يتخير فيها بين القسمة وبين الوقف
وبين أن يُقرَّ عليها ويضرب عليهم الخراج فيصير حقًّا على رقبة الأرض لا
يسقط بالْإِسْلَام. وعند مالك تصير وقفًا على المسلمين بنفس الاغتنام. وعند
أَحْمَد للإمام أن يفعل فيها ما يرى فيه الصلاح إما في القسمة أو في
الإنفاق على جماعة المسلمين وما عدا ذلك. وعنده أيضًا كمذهب مالك
والشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غزت سرية من المسلمين دار الحرب بغير
إذن الإمام فغنمت مالاً خمِّس. وعند بعض أصحابه لا تخمَّس. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ إن كان لهم منعة خمس، وإن لم تكن لهم منعة لم تخمس. وعند أَبِي
يُوسُفَ إن كانوا تسعة أو أكثر خمس، وإن كانوا أقل لم تخمس. وعند الحسن
البصري يؤخذ منهم جميع ما غنموا عقوبة لهم حيث غزوا بغير إذن الإمام. وعند
الْأَوْزَاعِيّ الإمام بالخيار بين أن يخمسه وبين أن لا يخمِّسه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز
قسمة الغنيمة في دار الحرب ويكره تأخيرها إذا لم يكن ثم عذر، وبه قال كافة
الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره له قسمتها في دار الحرب مع
التمكن من القسمة فيها، فإن قسمها حالاً صحت القسمة إلا أن يحتاج الغانمون
إلى شيء من الغنيمة مثل الثياب وغيرها فلا يكره قسمتها في دار الحرب، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الصحيح عنده. وعند مالك تعجل قسمة
الأموال في دار الحرب ويؤخَّر قسمة السبي إلى دار الْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
غزت طائفة يسيرة بغير إذن الإمام وغنمت خمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تخمَّس. وعند أَحْمَد في رِوَايَة ثالثة
يحرمونها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل واحد من المسلمين دار الحرب فأخذ
منها شيئًا مباحًا كالعبد والحر لم تخمَّس وينفرد به الآخذ. وعند أَحْمَد
وأَبِي حَنِيفَةَ تخمَّس، وإن لم يكن له منعة لم تخمس.
(2/403)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر
وعلي والحسن وابن سِيرِينَ وعمر بن عبد العزيز ومالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق
وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ وأهل المدينة والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى
وأهل الشام واللَّيْث وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من
الصحابة وغيرهم يسهم للفارس ثلاثة أسهم وسهمان لفرسه، وللراجل سهم، وبه قال
سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسهم له سهمان سهم له وسهم
لفرسه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للإمام أن يفضِّل بعض الغانمين على
بعض لا فارسًا على فارس ولا راجلاً على راجل، ولا يعطي من لم يحضر الوقعة.
وعند مالك يجوز له أن يفضل بعض الغانمين على بعض ويعطي من لم يشهد الوقعة.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يفضل بعض الغانمين على بعض، وليس له أن يعطي من
لم يشهد الوقعة. وعند أحمد فى جواز تفضيل بعض الغانمين على بعض
رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يسهم للفرس
العربي والبرذون والمقرف والهجين. وللشافعي أيضًا قول أنه لا يسهم للبرذون
والهجين. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يسهم للبرذون ويسهم للمقرف والهجين سهمًا
واحدًا. وعند الزَّيْدِيَّة يسهم للبرذون سهم واحد له وسهم لراكبه. وعند
أَحْمَد منهم للعربي سهمين ولغيره سهمًا واحدًا. وهي إحدى الروايتين عن
أَبِي يُوسُفَ، والأخرى كقول الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يسهم إلا لفرس
واحد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد
وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يسهم له لفرسين، وبه قال زيد بن على، ومن
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب فرسًا وحضر به الحرب أيسهم للفرس
وفيمن يستحقه قَوْلَانِ: أحدهما للغاصب والثاني لصاحب الفرس، وبه قال أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر بفرس فعاد الفرس إلى أن تنقضي
الحرب ثم ظهر به لم يسهم له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسهم له، وبه قال بعض
الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا
دخل دار الحرب ولا فرس معه ثم اشترى فرسًا أو اتهبه أو استأجره أو استعاره
وحضر به القتال فانقضت الحرب وهو معه أسهم له ولفرسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ
الاعتبار بدخول دار الحرب، فمتى دخل دار الحرب وهو فارس ثم نفق فرسه أو
باعه أو وهبه وما أشبهه أسهم له ولفرسه، وإن دخل دار الحرب ولا فرس معه ثم
حصل له فرس لم يسهم للفرس.
(2/404)
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة العلماء لا يسهم للصبيان والنساء
والعبيد والمشركين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يسهم للنساء والصبيان والمشركين.
وعند الزُّهْرِيّ وكذا أَحْمَد في إحدى الروايتين يسهم للمشركين. وعند مالك
يسهم للصبي المراهق إذا أطاق القتال.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ التجار الذين يدخلون مع الغزاة
كالبقالين والخبَّازين وغيرهم فيهم ثلاث طرق: أحدها إن قاتلوهم أسهم لهم
قولاً واحدًا، وإن لم يقاتلوا فقَوْلَانِ: والثانية إن لم يقاتلوا لم يسهم
لهم قولاً واحدًا، وإن قاتلوا فقَوْلَانِ. والثالثة فيهم قَوْلَانِ سواء
قاتلوا أو لم يقاتلوا. وعنده يسهم للأجراء وللتجار إذا حضروا الوقعة. وعند
مالك وأَبِي حَنِيفَةَ إن قاتلوا أسهم لهم وإن لم يقاتلوا لم يسهم لهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات الغازي بعد تقضّى
الحرب انتقل حقه إلى ورثته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط ولا ينتقل إلى
ورثته، إلا أن يكون قد قسم في دار الحرب أو أحرز في دار الْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر
الْعُلَمَاءِ الأسير إذا أفلت من أيدي المشركين ولحق بجيش المسلمين، أو لحق
بجيش المسلمين مدد فهل يشاركوا لهم في الغنيمة؟ نظر إن لحقوا بهم قبل
انقضاء القتال شاركوهم قطعًا، وإن كان بعد انقضاء القتال وحيازة الغنيمة لم
يشاركوهم قطعًا، وإن كان بعد انقضاء القتال وقبل حيازة الغنيمة ففي
المشاركة قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لحقوا قبل تقضى الحرب وقبل
قسمة الغنيمة وهم في دار الحرب شاركوهم إلا الأسارى فإنهم لا يشاركوهم.
ونقل صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة أن الأسير إذا أفلت من أيدي المشركين
قبل تقضِّى الحرب إن قاتل أسهم له وإن لم يقاتل لم يسهم له في أحد القولين،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ. ويسهم له في القول الثاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا خرج الأمير بالجيش من
البلد ثم أنفذ سرية بعد خروج الجيش من البلد، أو غنم الجيش فإن الجيش
والسرية يتشاركان فيما غنمًا. وعند الحسن البصري لا يتشاركان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النفل من خمس الخمس. وعند أَحْمَد
وإِسْحَاق وابن المسيب هو من بعد الخمس. وعند مالك النفل من أصله على وجه
الاجتهاد من الإمام في أول المغنم وآخره.
* * *
(2/405)
باب قسم الخمس
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقسَّم الخمس على خمسة أسهم
سهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى،
وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. وعند أبي العالية الرياحي يقسم على ستة
أسهم سهم لِلَّهِ تعالى يصرف في رتاج الكعبة وزينتها، وخمسة أسهم تصرف على
ما ذكره الشَّافِعِيّ. وعند مالك الخمس موكول إلى اجتهاد الإمام يصرفه حيث
يرى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الخمس تقسَّم على ثلاثة أسهم، سهم لليتامى، وسهم
للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، ويسقط سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -
بموته. وأما سهم ذوي القربى فقد كان لذوي القربى الذين كانوا في عهد النبي
- صلى الله عليه وسلم - فقد سقط بموتهم لأنه كان لهم بالنصرة. وقال بعض
الْإِمَامِيَّة أصحابه كان يفرقه عليهم بمعنى الفقر أو المسكنة لا على جهة
استحقاقهم له بالقرابة ويسقط بموتهم. وعند الْإِمَامِيَّة أن الخمس واجب في
جميع المغانم والمكاسب وما استخرج من المعادن والكنوز وما فضل من أرباح
الثمارات والزراعات والصناعات بعد المؤنة والكفاية في طول السنة على اقتصاد
موجهات قسمته هو أن يقسم هذا الخمس على ستة أسهم: ثلاثة منها للإمام القائم
مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي سهم اللَّه وسهم رسوله وسهم ذوي
القربى. ومنهم من لا يخص الإمام بسهم ذوي القربى ويجعله لجميع قرابة الرسول
عليه السلام من بني هاشم، فأمَّا الثلاثة الأسهم الباقية فهي ليتامى النبي
- صلى الله عليه وسلم - ومساكينهم وأبناء سبيلهم، ولا يتعداهم إلى غيرهم
ممن استحق هذه الأوصاف، ويقولون: إذا غنم المسلمون شيئًا من دار الكفر
بالسيف قسم الإمام القسمة على خمسة أسهم يجعل أربعة منها من قاتل على ذلك
وجعل السهم الخامس على ستة أسهم، ثلاثة منها له عليه السلام، وثلاثة
للأصناف الثلاثة من أهله من أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم
يكن يملكه في حياته، وإنَّما كان صدقة ينفق منه على أهله وبصرف الباقي في
مصالح المسلمين، فيصرف بعد موته في مصالح المسلمين. وعند بعض الناس كان
يملكه، فيكون بعد موته للإمام يصرفه في نفقته وعياله إذ هو خليفة الرسول -
صلى الله عليه وسلم -، وينفق منه على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -
وعلي بناته. وعند بعض الناس يصرف إلى باقي الأصناف المذكورين في الآية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يقسَّم سهم ذوي القربى بينهم
للذكر سهمان وللأنثى سهم. وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ يسوَّى بينهم.
(2/406)
باب قسم الفيء
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجميع العلماء إنما كان للنبي - صلى الله
عليه وسلم - في حياته من الفيء القسمة وما صار إليه من فدك وأموال بنى
النضير فإنه لا ينتقل إلى ورثته. وكذلك جميع الأنبياء لا يورثون. قال
الشَّافِعِيّ ولا أعلم أن واحدًا من أهل العلم قال إن ذلك لورثتهم. وعند
قوم لا يعتد بخلافهم وهم الشيعة وأتباعهم أن الأنبياء وأن نبينا - صلى الله
عليه وسلم - ورثه زوجاته وابنته فاطمة دون عمه العبَّاس لأن فاطمة حجبته
عندهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي لا يعطى الفيء عبد. وعند أبي بكر
يعطى العبيد الذين يشتغلون بالجهاد ويخدمون السادة فيما يتعلَّق بالقتال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي يسوَّى بين أهل الفيء في العَطَاء
ولا يعطى العبد منه شيئًا. وعند أبي بكر يفاضل بينهم في العَطَاء ويعطى
العبيد أيضًا. وعند عمر يفاضل بينهم ولا يعطى العبيد شيئًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخرقي من الحنابلة مال الفيء يخمَّس
جميعه أو بعضه؟ قَوْلَانِ: وفي أربعة أخماسه قَوْلَانِ: أحدهما للغزاة
المرصدين للجهاد والثاني جميعه للمصالح ولا يخمَّس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ
ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هذا الخمس يصرف إلى من يصرف إليه خمس
الغنيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد مال الفيء لكافة المسلمين في
المصالح لا يخمَّس، والله أعلم.
* * *
(2/407)
باب الجزية
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا تؤخذ الجزية من عبدة
الأوثان وتؤخذ ممن لهم كتاب وهم اليهود والنصارى ومما له شبهه كتاب وهم
المجوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تؤخذ من كل مشرك إلا
من عبدة الأوثان من العرب. وعند مالك تؤخذ من كل مشرك إلا من مشركي قريش.
وعنه أنها تؤخذ منهم أيضًا. وعند أَبِي يُوسُفَ تؤخذ الجزية من العرب سواء
كانوا من أهل الكتاب أو من عبدة الأصنام. وعند الزَّيْدِيَّة لا يقبل من
مشركي العرب إلا السيف أو الْإِسْلَام دون الجزية، وتقبل الجزية من سائر
المشركين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا خلاف أن المجوس لا كتاب لهم الآن، وهل
كان لهم كتاب ثم رفع؟ قَوْلَانِ: أصحهما أنه كان لهم كتاب ثم رفع. والثاني
أنه لم يكن لهم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز إقرار المجوس بأخذ الجزية ولا تحل
مناكحتهم ولا أكل ذبيحتهم. وعند أَبِي ثَورٍ تحل مناكحتهم وأكل ذبائحهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أخذ الجزية من عبدة الأوثان من
العرب الذين دخلوا في دين اليهود والنصارى قبل نسخ دينهم بشريعة بعده وقبل
التبديل. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يجوز أخذ الجزية منهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أخذ الجزية من هؤلاء إن دخلوا في
دين اليهود والنصارى بعد النسخ بشريعة وبعده. وعند الْمُزَنِي يجوز. وكذا
تؤخذ الجزية ممن دخل فى دين بدل، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تنقص الجزية من دينار على كل
واحد ولا حد لأكثرها، سواء كان الذمي غنيًا أو فقيرًا. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تقسم على الطبقات، فيجب على الغني
في كل سنة ثمانية وأربعون درهمًا صرف اثني عشر درهمًا فيكون عليه أربعة
دنانير، وعلى المتوسط أربعة وعشرون درهمًا، وعلى الفقير المعتمل اثنا عشر
درهمًا. وعند مالك هي مقدَّرة، فإن كان من أهل الذهب فعليه فى كل سنة أربعة
دنانير، وإن كان من أهل الورق فاختلف النقل عنه، فنقل عنه
(2/408)
صاحب البيان أن الواجب عليه ثمانية وأربعون
درهمًا، ونقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد والدر الشفاف والمستعجل ونكت
الخوارزمي أن الواجب عليه أربعون درهمًا حتى أنه أوجب على الفقير عشرة
دراهم أو دنانير. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية ليست
بمقدرة، وإنما الواجب ما رآه الإمام باجتهاده من قليل وكثير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك الصدقة المأخوذة من نصارى العرب
لا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم. وعند أَحْمَد تؤخذ من نسائهم وصبيانهم واختلف
النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان موافقة أحمد، ونقل عنه
صاحب الشاشي والشيخ أبو إِسْحَاق فى النكت وصاحب الدر الشفاف أنه تؤخذ من
نسائهم ولا تؤخذ من صبيانهم.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه يجوز الزيادة على ما وظفه عمر
رضى الله عنه على نصارى العرب ولا يجوز النقص عنه. وعند مُحَمَّد بن الحسن
وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يجوز الزيادة والنقصان. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز
النقصان ولا يجوز الزيادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الجزية تجب بآخر الحول. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ تجب بأول الحول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا مات الذمي أو أسلم بعد
انقضاء الحول لم تسقط عنه الجزية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط بذلك. وعند
مالك لا تسقط بالموت وتسقط بالْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك ومُحَمَّد الجزية لا
تتداخل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا اجتمع عليه سنتان تداخل
ويثبت أحدهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أو أسلم في أثناء الحول
فقَوْلَانِ: أصحهما أنه تجب عليه بسقط ما مضى والثاني لا يجب عليه شيء، وبه
قال أبو حَنِيفَةَ.
مسألة: اختلف أصحاب الشَّافِعِيّ في الذي يُجَن ويفيق هل تجب عليه الجزية؟
وقال بعضهم: إن أفاق في النصف الثاني من الحول واتصلت به الإفاقة حولاً
وجبت عليه. وقال بعضهم: إن كان في آخر الحول مفيقًا وجبت عليه. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ يعتبر أكثر الحول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفقير الذي ليس بمستعمل لا يجوز عقد
الذمة له من غير جزية فى أحد القولين، ويعقد له بغير جزية في القول الثاني،
وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
(2/409)
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الخراج المضروب على أراضي الكفار يسقط
بالْإِسْلَام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يسقط بالْإِسْلَام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز ضرب الخراج على أراضيهم، فإذا باع
صاحب الأرض هذه الأرض من مسلم صح البيع. وعند مالك لا يصح.
* * *
(2/410)
باب عقد الذمة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الصغار المذكور في الآية قَوْلَانِ:
أصحهما أنه نفس التزامهم بجريان أحكام المسلمين عليهم. والثاني أنه بجريان
أحكام الْإِسْلَام عليهم. وعند بعض العلماء: هو أن تؤخذ الجزية منهم وهم
قيام والآخذ جالس. وعند بعض العلماء هو أن تؤخذ الجزية منهم وهم قيام
باليسار ..
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يمنع أهل الذمة من لبس العمائم
والطيلسان. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يمنعون من ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكذا أَحْمَد في إحدى
الروايتين كل موضع أمروا على البيع والكنائس لا يجوز هدمها وإذا انهدمت جاز
بناؤها، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ: وعند ابن أبي هريرة والإصطخري من
الشَّافِعِيَّة لا يجوز بناؤها، وهي الرِوَايَة الأخرى عند أحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترافع أهل الذمة إلى حاكم المسلمين
وكانا من أهل ملة واحدة كيهوديين أو نصرانيين لزمه الحكم بينهما في أحد
القولين. وعند بعضهم لا يقام عليهم حد الربا بحال، وبه قال مالك وَأَحْمَد
وإِسْحَاق، ولا يلزمه في الآخر، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلَّد الإمام واحدًا من أهل الذمة
الحكم بينهم لم يلزمه حكمه وكان كالمتوسط بينهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينفذ
حكمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا امتنع الذمي من أداء الجزية كان
ناقضًا للعهد. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يكون ناقضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يمكَّن الذمي من استيطان الحجاز، وعند
أَبِي حَنِيفَةَ يمكَّن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا ذكر
الذمي كتاب الله تعالى بما لا ينبغي، أو شتم الرسول - صلى الله عليه وسلم
-، أو أوى غبنًا، أو قتل مسلمًا أو زنى بمسلمة، أو قطع الطريق على
المسلمين، أو وطئ مسلمة باسم نكاح أو فتن مسلمًا عن دينه انقضت ذمته. وعند
بعض أصحاب الشَّافِعِيّ إن شرط عليهم ذلك انقضت ذمتهم، وإن لم
(2/411)
يشترط عليهم ذلك لم تنتقض. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ لا تنتقض ذمتهم بكل حال وعند أحمد رِوَايَتَانِ: إحداهما تنتقض
ذمتهم شرط عليهم الإمام ذلك أو لم يشرط والثانية لا يكون ناقضا للعهد إلا
بالامتناع عن أداء الجزية. ومنع جريان أحكام الْإِسْلَام عليه.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ من سب النبي - صلى الله عليه وسلم -
من المسلمين صار كافرًا فيقتل للكفر. وعند الفارسي من أصحابه يقتل حدًّا.
وعند مالك في رِوَايَة القاسم عنه أن من شتم النبي - صلى الله عليه وسلم -
من المسلمين يقتل ولا يستتاب، ومن شتمه عليه السلام من اليهود والنصارى قتل
إلا أن يسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والزيد عن يَحْيَى. وعند
أبي حَنِيفَةَ لا يقتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند
الْإِمَامِيَّة ما هو قريب من قول مالك، فإنهم قالوا من سب النبي - صلى
الله عليه وسلم - من مسلم أو ذمي قتل في الحال. وعند الْأَوْزَاعِيّ وكذا
مالك في رِوَايَة من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - صار مرتدًّا، فإن تاب
عزر، وذلك بأن يضرب مائة ثم يترك فإذا برئ ضرب مائة وإن لم يتب قتل، وعند
اللَّيْث من سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلم ويهودي ونصراني لا
يناظر ولا يستتاب ويقتل في الحال، وفي هذا موافقة الْإِمَامِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رمى الذمي بمسلمة فإن لم يشرط
عليه عدم ذلك في عقد الذمة لم ينتقض العهد، وإن شرط عليه ذلك انتقض العهد
على الصحيح. وعند الْإِمَامِيَّة تضرب عنقه ويقام الحد على المسلمة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لأحد من الكفار دخول الحرم بحال.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز لهم دخوله، ولهم أن يقيموا مقام المسافر. ويجوز
لهم عند دخول الكعبة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يؤذن للمشرك في
دخول سائر المساجد. وعند مالك والمزني وَأَحْمَد لا يجوز.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أراد أهل الحرب الدخول إلى دار
الْإِسْلَام لتجارة لا يحتاج إليها المسلمون استحب للإمام أن يشرط عليهم
عشر أموالهم، وإن رأى أن يأذن لهم بغير عوض جاز، وإن أطلق فوجهان: أحدهما
يأخذ منهم العشر. والثاني لا يؤخذ منهم شيئًا. وعند مالك إن باعوا متاعهم
أخذ منهم، وإن لم يبيعوا لم يأخذ منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينظر الإمام
فإن كانوا يعشرون المسلمين إذا دخلوا إليهم عشروهم، وإن كانوا لا يعشرون
المسلمين لم يعتبروا. وعند أَحْمَد يؤخذ من الحربي العشر ومن الذمي نصف
العشر، سواء شرط عليهم أو لم يشرط.
* * *
(2/412)
باب الهدنة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر من الحنابلة إذا كان بالمسلمين
قوة لم يجز أن يهادن سنة، ويجوز أربعة أشهر. وفيما زاد على الأربعة الأشهر
إلى السنة قَوْلَانِ. وإذا كان بالمسلمين ضعف جازت المهادنة عشر سنين، ولا
تجوز أكثر من ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد هو إلى رأى الإمام
فيهادنهم على ما يراه من غير تقدير مدة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أغار أهل الحرب على أهل
الهدنة، وكذا إذا اشترى مسلم من أموالهم من دار الحرب فإنه يجب رده عليهم.
وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب رده عليهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أطلق عقد الهدنة فجاءت إلينا امرأة
مسلمة أو كافرة فأسلمت فجاء زوجها يطلبها لم يرد. وأما المهر فإن لم يكن
دفعه إليها فلا يرد إليه شيء، وإن دفعه فقَوْلَانِ: الجديد واختاره
الشَّافِعِيّ والْمُزَنِي لا يرد إليه شيء. وقال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد
وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب رده من سهم المصالح.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل حربي دار الْإِسْلَام وأسلم وله
أولاد صغار في دار الحرب حكم بإسلامهم ولم يجز سبيهم. وعند مالك وأَبِي
حَنِيفَةَ يجوز سبيهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم في دار الحرب وله عقار ومال، أو
دخل مسلم دار الحرب واشترى فيها عقارًا أو مالاً وظهر المسلمون على دار
الحرب لم يغنموا عقاره ولا ماله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغنمون عقاره، وغير
العقار إن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم، وإن كان في يد حربي يغنم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل الحربي إلينا بأمان ثم عاد إلى
دار الحرب وترك مالاً فإنه ينتقض الأمان في نفسه، ولا ينتقض في ماله، فإن
مات أو قتل انتقل المال إلى وارثه وبطل الأمان فيه وكان فيئًا في أحد
القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد، واختاره أبو إِسْحَاق من
الشَّافِعِيَّة، ولا يبطل في القول الثاني، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك
واختاره الْمُزَنِي. وعند أَبِي يُوسُفَ يكون ذلك المال لمن هو عنده من
المسلمين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الهادي ومُحَمَّد بن
عبد الله منهم: ماله يكون لورثته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد الحربي إذا أقرض مسلمًا مالاً
(2/413)
ثم لحق بدار الحرب فأسر أو قتل فالقرض
يملكه المقترض، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر
الزَّيْدِيَّة يؤخذ القرض ثم يرد إلى ورثة الحربي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا دخل المسلم دار الحرب
بأمان واقترض من حربي مالاً أو سرقه، أو كان أسيرًا فخلوه وأمنوه وسرق لهم
مالاً وخرج وجب عليه رده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن إذا أهدى
المشرك إلى الأمير أو إلى رجل من المسلمين هدية والحرب قائمة كانت غنيمة،
وإن أهدى إليه قبل أن يرتحلوا من دار الْإِسْلَام لم تكن غنيمة، بل ينفرد
بها المهدى إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون للمهدى إليه بكل حال، وبه قال
أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ندَّ بعير من دار الحرب
إلى دار الْإِسْلَام فهو لمن أخذه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ
ومُحَمَّد يكون فيئًا للمسلمين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا
دخل الحربي دار الْإِسْلَام بغير إذن فهو لمن أخذه، وبه قال من
الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون فيئًا للمسلمين، وبه
قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تزوجت المستأمنة في دار
الْإِسْلَام بذمي لم يلزمها المقام إذا رضي زوجها بخروجها. وعند أَبِي
حَنِيفَةَ تمنع من الخروج.
* * *
(2/414)
باب خراج السواد
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن سواد العراق فتحه عمر
رضي الله عنه عن عنوة. واختلفوا فيما بعد ذلك، فعند الشَّافِعِيّ أنه قسمه
بين الغانمين ثم استنزلهم عنه برضاهم فنزلوا عنه وردوه إلى أهله. وعند
الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لم يقسمه وإنَّما صار وقفًا بنفس الغنيمة. وعند
أَبِي حَنِيفَةَ لم يقسم وإنَّما أمر في أيدي أهله وهم المجوس وضرب عليهم
الجزية.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن أرض السواد وقف على
المسلمين وهي في أيدي المجوس بأجرة مجهولة القدر، يؤخذ منهم كل سنة شيء
معلوم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيّد وأبو طالب. وعند جماعة من
الشَّافِعِيَّة أنها في أيدي المجوس بتبع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة
النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيَّد وزيد بن علي. وعند ابن شُبْرُمَةَ لا يجوز
بيعها ولا هبتها ولا وقفها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى حزمة
الشعير درهمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ على جريب الشعير قفيز ودرهم وعلى جريب
الحنطة قفيز ودرهمان. وعند أَحْمَد من كل واحد منهما قفيز ودرهم.
* * *
(2/415)
|