المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب الحدود
باب حد الزنا
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء من الصحابة والتابعين لا يجب الحد على المكره. وعند بعض الشَّافِعِيَّة إن كان ذكرًا فعليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وابن الْمُبَارَك وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المحصن يرجم ولا يجلد. وعند الحسن وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة وداود يجلد ثم يرجم. واختاره ابن المنذر. ونقل الترمذي عن أحمد موافقة الشَّافِعِيّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء حد الثيب الرجم وحد البكر الجلد. وعند الخوارج من الشيعة حد البكر والثيب الجلد. وعند الشَّافِعِيّ وسائر الزَّيْدِيَّة الإحصان يفتقر إلى أربع شرائط: الحرية والبلوغ والعقل والوطء في نكاح صحيح. وعند أَبِي ثَورٍ إذا أحصن بالزوجة رجم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان أحد الواطئين كامل الشرائط والآخر ليس بكامل الشرائط ثبت الإحصان في حق الكامل منهما دون الآخر، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. فأمَّا إذا كان أحدهما دون البلوغ فقَوْلَانِ: أحدهما يثبت الإحصان في حق الكامل منهما دون الآخر، والثاني لا يثبت الإحصان في حق الكامل منهما. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا تحصن الأمة الحر ولا النصرانية المسلم. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ لا يحصن العبد الحرة. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يثبت الإحصان في حق كل واحد منهما إلا أن يكونا جميعًا كاملين. وعند أَبِي يُوسُفَ المسلم يحصن النصرانية ولا تحصنه، والنصراني يحصن النصرانية، واليهودي والنصراني يرجمان إذا زنيا بعد الإحصان. وعند الْأَوْزَاعِيّ الحرة تحصن بالعبد والأمة لا تحصنه، فإذا أعتق فلا ترجم عليه حتى ينكح غيرها،

(2/416)


والجارية التي لم تحصن الزوج، والغلام الذي لم يبلغ لم يحصن المرأة. إذا تزوج امرأة فإذا هي أخته من الرضاعة فهو إحصان. وعند الحسن زوج الكافرة لا يحصن، ولا الأمة ولا يحصل التحصين إلا بالحرة المسلمة، والمسلم يحصن المشركة، والمشركان يحصن أكل واحد منهما صاحبه. وعند اللَّيْث في الزوجين المملوكين لا يكونا محصنين حتى يدخل بها بعد عتقها، فإذا تزوج امرأة في عدتها فوطئها فهذا إحمصان، وفي النصرانيين لا يكونان محصنين حتى يدخل بها بعد إسلامها. وعند مالك: الأمة تحصن الحر وتحصن العبد ولا يحصن الأمة العبد. واليهودية والنصرانية يحصنان المسلم، والصبية تحصن الرجل، والمجنونة تحصن العاقل، ولا تحصن الصبي المرأة، ولا يحصن العبد الأمة، ولا يكونان محصنين حتى يطئها بعد عتقها. وإذا تزوجت الحرة حصينًا وهي لا تعلم ثم وطئها فعلمت به فلا يكون ذلك إحصانًا. وعند الْإِمَامِيَّة الإحصان أن يكون له زوجة أو ملك يمكن من وطئها متى شاء من غير حائل بعينه أو مرض منها أو حبس دونه، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة مسلمة أو ذمية. ونكاح الْمُتعة لا يحصن عندهم على أصح الأقوال. وعند مالك أيضًا إذا كان أحدهما كاملاً ثبت الإحصان في حقه دون الآخر، وإن كان أحدهما غير بالغ، فإن كان الواطئ غير بالغ لم يثبت الإحصان في حق الموطوءة، وإن كانت الموطوءة غير بالغة وكانت ممن يجامع مثلها ثبت الإحصان في حق الواطئ دونها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ المسلم ذمية ثبت الإحصان في حقهما. وعند عَطَاء ومجاهد والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يثبت الإحصان في حقه، وبنوه على أن الْإِسْلَام شرط فيه وسنذكره بعدها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكانة العلماء أن الحر البكر إذا زنى وجلد ثم عاد وجلد، ثم عاد، وجلد، ثم عاد وجلد في الرابعة أنه لا يقتل، وكذا العبد إذا زنى وجلد وتكرر ذلك منه ثمان مرات أنه لا يقتل في الثامنة وعند الْإِمَامِيَّة أن الحر يقتل في الرابعة، والعبد في المرة الثامنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الْإِسْلَام ليس شرط في إحصان الرجم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه الْإِسْلَام شرط في الإحصان، فلا يجب الرجم عندها على الذمي إذا زنى، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الشَّافِعِيّ يجب.

(2/417)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحصن ثم ارتد ثم عاد إلى الْإِسْلَام لم يبطل إحصانه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبطل إحصانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج عبد بأمة ثم أعتقها ووطئها بعد العتق ثبت الإحصان فى حقهما. وعند الْأَوْزَاعِيّ لم يثبت الإحصان في حقهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى مجنون بعاقلة وجب الحد عليها دونه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها وعليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبي ذر وغيرهم وغير واحد من فقهاء التابعين والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق البكر يجلد مائة ويغرَّب سنة وهو حد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحماد الحد هو الجلد والتغريب هو تعزير وليس بحد، وإنَّما هو إلى رأي الإمام. وعند مالك يغرَّب الرجل ولا تغرب المرأة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى العبد والأمة وجب على كل منهما خمسون جلدة، وسواء تزوجا أم لم يتزوجا. وعند ابن عباس وطاوس وأبي عبيد القاسم بن سلام إن لم يتزوجا فلا حد عليهما وإن تزوجا يحد كل واحد منهما إذا زنى خمسون جلدة. وعند داود إذا تزوجت الأمة ثم زنت وجب عليها خمسون جلدة، وإن لم تتزوج فرِوَايَتَانِ: إحداهما لا شيء عليها، والثانية حدها مائة، وأما إذا زنى العبد فيجب الرجم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب التغريب على المملوك قَوْلَانِ: أصحهما يجب، وبه قال أبو ثور وابن عمر، والباقي لا يجب، وبه قال مالك وَأَحْمَد وحماد وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء الذي يجب به الحد أن يغيِّب الحشفة في الفرج، فإن وجدت امرأة أجنبية مع رجل في لحاف واحد ولم يعلم منهما غير ذلك لم يجب عليهما الحد، وعند إِسْحَاق بن راهويه يجب عليهما الحد. وروى ذلك عن عمر وعلى. قال: ابن المنذر: ولا ثبت ذلك عنهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وجدت امرأة حاملًا لا زوج لها، سئلت عن الحمل، فإن اعترفت بالزنا حدت، وإن أنكرت لم تحد. وعند مالك وَأَحْمَد فى رِوَايَة عليها الحد.

(2/418)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أكره الرجل امرأة على الزنا وجب عليه الحد دونها ويجب عليه لها المهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. وعند الْإِمَامِيَّة تضرب عنقه محصنًا كان أو غير محصن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكره رجلاً على الزنا لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أكرهه السلطان والحاكم لم يجب عليه الحد، وإن أكرهه غيرهما وجب الحد استحسانًا. وعند مالك يجب عليه الحد، سواء كان المكره سلطانًا أو غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى صغير بكبيرة أو جاهل بالتحريم بعالمة، أو استدخلت ذكر أيم في فرجها وجب الحد على المرأة دون الرجل وعند أَبِي حَنِيفَةَ: الاعتبار بالرجل فإذا سقط عنه الحد لم يجب عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استأجر امرأة ليزني بها فزنى أو تزوج ذات رحم محرم كأمه أو أخته أو امرأة أبيه أو امرأة ابنه أو امرأة طلقها ثلاثًا، ولم تتزوج غيره. أو امرأة بعيدة في عدته أو تزوج خامسة فوطئها مع العلم بتحريمها وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ: لا يجب عليه الحد في جميع ذلك، ووافقه الثَّوْرِيّ في ذات الرحم المحرم. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد في ذات الرحم المحرم يحد إذا علم بتحريمها عليه. وعند مالك ذات الرحم المحرم ولا يلحقه النسب وإن لم تعلم هي ذلك، فإن علمت وهو لا يعلم لحقه الولد ووجب عليه الحد. وعند ابن شُبْرُمَةَ من أقرَّ أنه تزوج امرأة في عدتها وهو يعلم أنها محرمة يضرب دون الحد وكذلك الممتنع. وعند الْأَوْزَاعِيّ من تزوج المجوسية أو خامسة أو أختين وهو جاهل جلد مائة ولحقه الولد، وإن كان عالمًا رجم ولا يلحقه الولد. وعند الحسن بن حيي إذا تزوج امرأة في العدة وهو جاهل، أو ذات رحم محرم فوطئها حُدَّ. وعند الْإِمَامِيَّة أن من زنى بذات رحم محرمة ضربت عنقه محصنًا كان أو غير محصن. ومن عقد على واحدة منهن ووطئها استحق ضرب العنق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة إذا زنى بجارية ولده لم يجب عليه الحد. وعند داود يجب عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على الذمي حد الزنا. وعند مالك لا يجب عليه حد الزنا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى بجارية ثم اشتراها لم

(2/419)


يسقط الحد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يسقط الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد من وطئ ذات رحم محرم الجلد إن كان بكرًا والرجم إن كان ثيبًا. وعند إِسْحَاق وكذا أَحْمَد في أصح الروايتين الرجم بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك أخته أو أمه من النسب أو الرضاع فوطئهما لم يجب عليه الحد في أشهر القولين. وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. ويجب في القول الآخر، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أباح الغير وطء جاريته فوطئها وجب عليه الحد إذا كان عالمًا بتحريم ذلك وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أباحت له زوجته جاريتها فوطئها لم يجب عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى رجل بجارية زوجته رجم إن كان محصنًا وجلد إن لم يكن محصنًا. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يجلد ولا يرجم. وعند الحسن وابن مسعود إذا استكرهها حُدَّ وإن طاوعته أمسكها وغرم لها مثلها. وعند النَّخَعِيّ يغرب ولا يجلد. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن كان ذلك بإذن زوجته جلد مائة ولم يرجم، وإن لم تأذن له زوجته رجم.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا زنى نفسه فوجهان واختار صاحب المعتمد أن حكمه حكم من أتى بهيمة. وعند رَبِيعَة والْإِمَامِيَّة عليه الحد. وعند الزُّهْرِيّ يجلد مائة ولا رجم عليه. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا إذا يلوط بغلام ميت وجب عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بجارية لأجنبي له عليها قصاص وجب عليه الحد دونها وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زنى بجارية مشترك بينه وبين غيره لم يجب عليه الحد سواء علم بتحريمه أو لم يعلم. وعند أَبِي ثَورٍ يجب عليه الحد.
مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا أقر أنه زنى بامرأة فجحدت وجب عليه الحد دونها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها ولا عليه. وعند مالك يجب عليه حد الزنى وحد القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وجد امرأة على فراشه فظنها زوجته أو أمته لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه الحدُّ.

(2/420)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في حد اللواط قَوْلَانِ: أحدهما حده القتل، بكرًا كان أو ثيبًا، وبه قال رَبِيعَة وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم والباقر والصادق. وعند أبي بكر وابن الزبير وخالد بن الوليد وعلى أنه يحرَّق بالنار. وعند على أيضًا أنه يرجم. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه يرجم. والثانية أنه ينظر أطول حائط في تلك القرية فيُرمى منه منكسًا، ثم يتبع بالحجارة. وعند أبي بكر أيضًا أنه يُرمى عليه حائط، والقول الثاني أن حده حد الزنى في الفرج فيجلد ويغرَّب إن كان بكرًا ويرجم إن كان ثيبًا، وهو الصحيح المشهور، وبه قال الحسن البصري وعَطَاء بن أبي رباح وعثمان البتي وأبو يوسف ومُحَمَّد وابن حُيي والنَّخَعِيّ وقتادة والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وَأَحْمَد في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة الهادي والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد فيه ويجب التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان ذلك فيما دون الدبر من الفخذين جلد الفاعل والمفعول به مائة جلدة، وإذا كانا بالغين عاقلين لا يراعى في جلدهما وجود الإحصان، وإنكان في الدبر فيجب فيه القتل من غير مراعاة الإحصان، ويتخير الإمام بين ضرب عنقه بالسيف وبين أن يلقى عليه جدارًا تتلف به نفسه، أو يلقيه من جدار أو جبل تتلف معه نفسه، أو يرميه بالأحجار حتى يموت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ساحقت المرأة المرأة لم يجب عليهما الحد. وعند مالك يجب على كل واحدة منهما الحد. وعند الْإِمَامِيَّة تجلد كل واحدة منهما مائة جلدة. مع فقد الإحصان ووجوده، فإن قامت البينة عليهما بتكرير هذا الفعل منهما وإصرارهما عليه كان للإمام قتلهما كما يفعل باللوطي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بهيمة ففي وجوب حده ثلاثة أقوال: أحدها لا يجب عليه الحد ويجب التعزير، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى ومحمد. والثاني يجب قتله بكرًا كان أو ثيبًا، وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يجب عليه الحد. والثالث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم إن كان في فرج المرأة فيجلد ويغرَّب إن كان بكرًا ويرجم إن كان ثيِّبًا. وعند الزُّهْرِيّ يجلد مائة محصنًا كان أو غير محصن. وعند جابر بن زيد عليه الحد إلا أن تكون البهيمة له. وعند الْإِمَامِيَّة يغرب ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تقتل البهيمة في أحد الوجوه، وبه قال أحمد، ولا تقتل فى الوجه الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك. وتذبح إن كانت مما يؤكل لحمها، ولا

(2/421)


تقتل إن كانت مما لا يؤكل لحمها في الوجه الثالث.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ذبحت البهيمة لم يجز أكلها في أحد الوجهين ويجوز في الوجه الآخر، وبه قال مالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ والحسن البصري وعثمان البتي وحماد وأبي بكر وعمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يثبت الزنا بإقراره مرة واحدة، واختاره ابن المنذر. وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق لا يثبت الزنا إلا بإقرار أربع مرات في أربعة مجالس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند ابن أبي ليلى وَأَحْمَد يثبت بإقرار أربع مرات في مجلس واحد، وبه قال أبو إِسْحَاق أيضًا إذا شهد أربعة على رجل بالزنا وهو محصن فصدقهم رجم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يرجم إلا أن يكذبهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ الأخرص أنه زنى وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد إذا أقر بالزنا ثم رجع عن إقراره وقال لم أزن قُبل رجوعه، ولا يستوفى منه الحد. وهو إحدى الروايتين عن مالك. وعند سعيد بن جبير والحسن وقتادة وابن أبي ليلى وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ وداود وَمَالِك وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى لا يُقبل رجوعه ويستوفى منه الحد.
* * *

(2/422)


باب إقامة الحد
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للإمام أن يحضر موضع الرجم ولا يلزمه الحضور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الحضور.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ثبت الزنا بالبينة لم يلزم البينة حضور الرجم، وإن حضروا لم يلزمهم البداية بالرجم، وكذا إذا حضر الإمام لم يلزمه البداية بالرجم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزم البينة الحضور، ويلزمهم البداية بالرجم، ثم الإمام، ثم الباقين، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وإن ثبت الزنا باعتراف الزاني لزم الإمام البداية بالرجم ثم الباقين، وبه قال أَحْمَد في الإقرار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل الطائفة التي تشهد إقامة الحد أربعة. وعند مجاهد وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ أقلها واحد. وعند عَطَاء وإِسْحَاق اثنان، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند الزُّهْرِيّ ثلاثة. وعند رَبِيعَة خمسة. وعند الحسن البصري عشرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من الصحابة ومن التابعين كالحسن والنَّخَعِيّ وعلقمة والأسود، ومن الفقهاء كمالك وإِسْحَاق وسفيان والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجوز للسيد إقامة حد الزنا وحد الشرب والقذف على مملوكه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يجوز للمولى إقامة الحد على مملوكه، وإنما يجوز له تقريره. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن كان في الزمان إمام لا يقيمه إلا الإمام، وإن لم يكن في الزمان إمام فإن المولى يملك إقامة الحد عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للسيد أن يعفو عن أمة وعبده إذا زنيا. وعند الحسن له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كانت الأمة ذات زوج فاستيفاء الحد عليها إلى سيدها. وعند أَحْمَد إلى الإمام.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي عبيدة بن الجراح وابن مسعود لا يجرَّد المحدود ويترك عليه ثوب واحد. وعند قتادة وطاوس والنَّخَعِيّ والشعبي وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ تترك عليه ثيابه. وعند الْأَوْزَاعِيّ الإمام بالخيار إن شاء جرَّده وإن شاء تركه بثيابه. وعند مالك يترك على المرأة ما يسترها ويواريها ويجرَّد الرجل. وعند عمر بن عبد العزيز

(2/423)


يجلد المقذوف مجرَّدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجرَّد إلا في حد القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجلد الرجل قائمًا والمرأة جالسة. وعند أَحْمَد وَمَالِك يجلد الرجل والمرأة وهما جالسان. وعند ابن أبي ليلى وأَبِي يُوسُفَ تجلد المرأة قائمة كالرجل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلى لا يرفع الجلاَّد يده بحيث يُرى إبطه. وعند عبد الملك بن مروان أنه يرفع يده حتى يرى بياض إبطه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يفرِّق الجلاد الضرب على جميع البدن ويتقي الوجه والفرج، وزاد أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد الرأس. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند مالك يضرب الظهر وما قاربه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستوفى الضرب في حد الزنا والقذف ويخفَّف في حد الشرب وعند الحسن والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق الضرب في حد الزنا أشدُّ من الضرب في حد القذف، والضرب في حد القذف أشدَّ من الضرب في حد الشرب. وعند مالك الضرب فى الحدود كلها سواء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا كان البكر مريضًا مرضًا يرجى زواله كالحمى وغيرها أُخِّر حتى يبرأ ولم يجلد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يعجل جلده. وإن كان يضر الخلق لا من علة لكنه يخيف الخلق، أو كان المرض لا يرجى زواله كالشلل والزمانة فإنه لا يحد حد الأقوياء، ولكن يضرب [بِإِثْكَالِ النَّخْلِ] وهو قضبانه فيجمع مائة شمراخ فيضرب بها دفعة واحدة، أو يضرب بأطراف الثياب والنعال. وعند مالك لا يضرب إلا بالسوط مائة مفرقة، فإن لم يمكن أُخِّر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجمع مائة سوط ويضرب بها دفعة واحدة. وعند أَحْمَد وكذا أَبِي حَنِيفَةَ لا يؤخر الحد على الإطلاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ترجم الحامل حتى تضع ويستفي الولد اللبن، فإن وجد من يرضع المولود رجمت، وإن لم يوجد لم ترجم حتى يوجد من يرضعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ترجم حتى تضع. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا ترجم حتى يفطم الولد بعد حولين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعمر وابن عمر المسافة التي يغرَّب إليها الزاني هي مسافة القصر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يجزئ ذلك إلى دون القصر. وعند الشعبي ينفيه من عمله إلى عمل غيره. وعند ابن أبي ليلى يُنفى عن البلد التي يحدَّ بها ولم يحده شيء. وعند مالك يغرَّب عامًا في بلدة يحبس فيها ليلاً ثم يرجع إلى البلد الذي نُفي

(2/424)


عنه. وعند إِسْحَاق كل نفي من مصر إلى مصر جاز. وعند أَبِي ثَورٍ لو نفي إلى قرية أخرى بينهما ميلا أو أقل أجزأ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل المرجوم ويصلي عليه إن كان مسلمًا. وعند الزُّهْرِيّ لا يغُسَّل ولا يصلَّى عليه. وعند مالك لا يصلي عليه الإمام الأعظم ويصلي عليه غيره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعمر وعلى يكره إقامة الحدود في المساجد. وعند ابن أبي ليلى والشعبي لا يكره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحفر للمرجوم ولا للمرجومة إذا ثبت الزنا بإقرارهما، ويحفر لهما إن ثبت بالبينة. وعند بعض أصحابه الإمام بالخيار إذا ثبت بالبينة. وعند قتادة وأَبِي ثَورٍ وعلي يحفر للمرجوم. وعند أَبِي يُوسُفَ يحفر للمرجومة. وعند أحمد لا يحفر للمرجومة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كمل عدد الشهود وجب الحد، سواء شهدوا في مجلس واحد، أو في مجالس متفرقة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن شهدوا متفرقين لم يثبت الزنا وكانوا قذفة. وعند أَحْمَد يعتبر المجلس الواحد ما دام الحاكم جالسًا إلى آخر النهار.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقادم العهد لا يمنع من قبول شهادة الشهود بالزنا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يمنع ولم يحده بحد. وحده أبو يوسف بشهر. وقال الحسن بن زياد: إن أبا حَنِيفَةَ حده بسنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة على إنسان بالزنا ثم ماتوا أو عادوا جاز للحاكم أن يحكم بشهادتهم ويجب الحد على المشهود عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يحكم بشهادتهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة ظاهرهم العدالة على رجل بالزنا، وقال المشهود عليه: هم عبيد والبينة عليه دونهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ البينة على المشهود دونه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شُهد عليه بالزنا بامرأة وله منها ولد وأنكر الوطء لم يرجم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يرجم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الكافر ثم أقرَّ أنه زنى في حال الكفر فلا حد عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الحد.

(2/425)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يثبت اللواط إلا بما ثبت به الزنا، وهو أربعة شهود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت بشاهدين، وبناه على أصله، وهو أنه لا يوجب الحد.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أنه زنى بامرأة مطاوعة، وشهد آخران أنه كأرهها لم تتم الشهادة في حق المرأة ولم يجب الحد عليها. وفي وجوب الحد على الرجل وجهان: أشهرهما أنه يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثاني لا يجب، وبه قال أبو يوسف ومحمد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكمل الزنا بأن شهد ثلاثة فإن الشهادة لم تتم على المشهود عليه. وفي حد الشهود قَوْلَانِ: أحدهما لا يحدُّون والثاني يحدون، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان أنه زنى في قميص أحمر، وشهد آخران أنه زنى بها في قميص أبيض لم يثبت الحد عليها ولا على المشهود. وعند أَحْمَد وأبي حَنِيفَةَ يجب الحد على الشهود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا فردًا لحاكم شهادة أحدهم بسبب ظاهر كالرق والفسق الظاهر، ففي وجوب الحد عليه ثلاثة أقوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كانوا فساقًا أو بعضهم لم يجب الحد عليهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا ثم رجع أحدهم وجب على الراجع الحدُّ، ولا يجب الحد على الثلاثة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب عليهم الحد. وعند أحمد فى رِوَايَة يجب الحد على الثلاثة دون الذي رجع، واختارها أبو بكر من الحنابلة أيضًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا وشهد أربع نسوة أنها عذراء لم يجب الحد عليها. وعند مالك يجب الحد عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شهد أربعة بالزنا وأضاف كل واحد منهم إلى راوية من زوايا البيت لم يجب الحد على المشهود عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجب الحد على المشهود عليه استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد اثنان أنه زنى بالبصرة وشهد اثنان أنه زنى بالكوفة لم تتم الشهادة على المشهود عليه، ويجب الحد على الشهود في أظهر القولين، وبه قال أحمد، واختاره الخرقي من أصحاب أَحْمَد أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحد الشهود وبه

(2/426)


قال أَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان فرجم ومات ثم رجعوا عن الشهادة ضمن شهود الإحصان ثلث الدية في أحد الوجوه، ولا يضمنان في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. ويضمنان في الثالث إن شهدا بالإحصان بعد شهود الزنا، ولا يضمنان إن شهدا قبل شهود الزنا. وعند زفر يضمنون نصف الدية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والهادي والمؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد ستة بالزنا ثم رجع ثلاثة منهم ضمنوا نصف الدية، وإن رجع اثنان لم يضمنا شيئًا. وعند بعض أصحابه يضمنان ثلث الدية. وعند أحمد وأَبِي حَنِيفَةَ إن رجع ثلاثة منهم لزمهم ربع الدية، وإن رجع اثنان لم يلزمهما شيء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا شهد أربعة بالزنا فجلده الإمام ثم بان أن بعض الشهود عبد أو كافر لزم الإمام أرش الضرب. وعند أبى حَنِيفَةَ لا يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شُهد عليهما بالزنا فقالا: نحن على زوجية لم يجب الحد عليهما. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي ثَورٍ عليهما الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد أربعة عليه بالزنا وهو محصن وحُبس لينظر في عدالة الشهود فقتله قاتل نُظر إن كان الشهود عدو، فلا شيء على القاتل، وإن لم يكونوا عدو، فعليه القود إن كان القتل عمدًا، والدية على عاقلته إن كان القتل خطأ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ على القاتل القود إن كان القتل عمدًا، وإن كان القتل خطأ فعليه الدية عُدلوا الشهود أم لم يعدّلوا إذا لم يقض الحاكم برجمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا شهد الزوج مع ثلاثة على زوجته بالزنا لم تقبل شهادة الزوج وله أن يلاعن ويحد الثلاثة في أصح القولين، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد. وهذا هو الأقرب من مذهب النَّاصِر الزيدي. وعند الحسن والشعبي والْأَوْزَاعِيّ وأبي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَبِي يُوسُفَ تقبل شهادته عليها، ويجب عليها حد الزنا، وبه قال الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في خطأ الإمام فيما يستوفيه من الحدود والقصاص قَوْلَانِ: أحدهما في بيت المال وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثاني على عاقلته. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين.
* * *

(2/427)


باب حد القذف
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حد العبد في القذف أربعون وعند عمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وداود وأبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم وقبيصة بن ذؤيب حده ثمانون.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الحد على الوالد وإن علا، ولا على الأم والجدة والجدّ بقذف الولد ولا ولد الولد وإن سفل. وعند مالك يكره له أن يحده، فإن حدَّه جاز. وعند عمر بن عبد العزيز وأَبِي ثَورٍ وابن المنذر يجب له الحدُّ عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا زنى المقذوف بعد القذف وقبل الحد سقط الحد على القاذف. وعند أَحْمَد والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود لا يسقط عنه حد القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة التعزير بالقذف لا يكون قذفًا إلا أن ينوي به القذف، سواء كان ذلك في حال الرضى أو في حال الخصومة والغضب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا يكون قذفًا وإن نوى به القذف. وعند مالك وإِسْحَاق وكذا أحمد فى أشهر الروايتين أنه يكون قذفًا في حال الغضب أو الخصومة. وعند عمر يكون قذفًا وإن لم ينو به القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا علم المقذوف أن القاذف صادق بما قدَّمه جازت له المرافعة إلى الحاكم وطلب إقامة الحد على القاذف، وبه قال كافة الزَّيْدِيَّة. وعند مالك لا يحل له المرافعة إلى الحاكم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قال له بالوطء وأراد به يفعل فعل قوم لوط فإنه يكون قذفًا وعليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون قذفًا، وبناه على أصله أنه لا يجب بفعله الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال رجل لامرأته أو لغيرها يا زانية، فقالت له يا زاني كان كل واحد منهما قاذفًا لصاحبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصير قصاصًا، ولا يجب على أحدهما حد.

(2/428)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومحمد، وَأَحْمَد، والمالكية إذا قال لرجل يا زاني كان صريحًا فى القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وابن حامد من الحنابلة لا يكون قذفًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال زنا في الجبل لم يكن قذفًا. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يكون قذفًا.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قال زنات ولم يذكر الجبل فوجهان: أحدهما أنه لا يكون قذفًا إلا بالنية، وبه قال أبو يوسف ومحمد، والثاني أنه إن كان من أهل اللغة فليس بقذف. وإن كان من العامية فهو قذف، وبه قال ابن حامد من الحنابلة. وعند أبي حَنِيفَةَ هو قذف صريح بكل حال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لرجل أو امرأة زنى دبرك كان صريحًا في القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون ذلك قذفًا. بناه على أصله أن الحد لا يجب بالوطء في الدبر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: زنى بدنك أو جسدك أو شعرك أو عيناك أو يداك لم يجب به الحد في أحد القولين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قال: زنى بدنك وجسدك وجب به الحد، وبه قال: أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن أبي ليلى وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأكثر العلماء إذا قال لعرني يا ليطى وأراد به ليس بعرني وجب عليه حد القذف. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب عليه الحد وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد القذف أو التعزير حق للمقذوف لا يستوفى إلا بمطالبته ويسقط بعفوه وإبرائه، وإن مات قبل الاستيفاء أو العفو ورث عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي حد القذف للَّهِ لا حق للمقذوف فيه، فلا يسقط بعفوه ولا إبرائه ولا يورث عنه. ووافق أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ أنه لا يستوفى إلا بمطالبة الوارث. وعند الحسن البصري هو من حقوق الله تعالى لا يسقط بالعفو ولا يقف استيفاؤه على مطالبة الآدمي به. وعند أَبِي يُوسُفَ هو مشترك لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو. وعند مالك هو حق مشترك لا يجب إلا بالمطالبة، ويجوز العفو عنه قبل الرفع إلى الإمام ولا يحق بعد الترافع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف زوجته وأمها وجب عليه لكل واحدة منهما حد، وله إسقاط حد زوجته باللعان. وليس له إسقاط حد أمها باللعان، وإذا حد للأم لم يسقط

(2/429)


حق الزوجة، وإذا لاعن الزوجة لم يسقط حد الأم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط حد الأم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها: لم أجدك عذراء فلا حد عليه. وعند سعيد بن المسيب يجلد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف رجل امرأة رجل وقال له الرجل: صدقت، فإن نوى بتصديقه القذف كان قذفًا، وإن لم ينو به القذف لم يكن قذفًا. وعند أَبِي ثَورٍ يكون قذفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون قذفًا بكل حال. وبناه على أصله أن القذف لا يكون إلا بتصريح اللفظ ولا يثبت بالكناية. وعند أَحْمَد الحد على الأول خاصة وعند زفر عليهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف امرأته ثم لاعنها فأجابت لعانه، ثم قذفها أجنبي بالزنا الذي قذفها به الزوج حد لها، إلا أن يقيم البينة على زناها فلا يحد لها بحد. وعند أبي حَنِيفَةَ إن لاعنها وتقرر حملها وكان الحمل حيًا حُدَّ الأجنبي، وإن لم ينف حملها أو نفاه ولكن مات الولد لم يحد لها الأجنبي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها رأيتك تزنين حال الإحصان في كفرك لم يجب عليه الحد وعند مالك عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف جماعة بكلمة واحدة وجب عليه حد واحد في القول القديم، وبه قال ابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومالك، ووجب عليه لكل واحد منهم حد في القول الجديد، وبه قال الحسن وأبو ثور وَأَحْمَد في رِوَايَة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان بكلمات واحدة حُدَّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب حد واحد. وعند أَحْمَد أيضًا إن جاءوا مجتمعين فحد واحد، وإن جاءوا متفرقين فحدود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال له يا ابن الزانيين وكانا ميتين، فإن كانا محصنين ثبت له الحد على القاذف، والحد على سبيل الإرث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يثبت له الحد ابتداء، لأن الميت لا يثبت له الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال له يا زاني، ثم أقام البينة أنه زنى فى حال كفره لم يُحدُّ. وعند مالك يُحدُّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الحد على قذف يهوديًا أو نصرانيًا أو يهودية أو

(2/430)


نصرانية. وعند سعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ وابن أبي ليلى إذا قذف نصرانية ولها ولد مسلم وجب عليه الحد. وعند بعض الناس إذا كانت تحت مسلم لزمه الحدُّ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لعبده لست لأبويك، وأبواه حران مسلمان قد ماتا لم يجب عليه الحد. وعند أَبِي ثَورٍ عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قال أشهدني فلان أو أخبرني، أو يقول بأنك زنيت، فإنه لا حد عليه ولا يلزمه إقامة البينة على ذلك. وعند مالك يلزمه إلا أن يقيم البينة على ما ادَّعاه من إخبار من أخبره بذلك فتنتقل المطالبة إليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قذف أجنبيًا فحد له، ثم قذفه ثانيًا بذلك القذف لم يحد له. وعند ابن القاسم من المالكية يحدُّ له.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج مجوسي بأمه أو أخته ثم أسلامًا وفُرق بينهما، فإن قذفه قاذف فعليه الحد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا حدَّ عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادُّعى عليه القذف وأنكر ولم يكن للمدَّعي بينة، فالقول قول المدَّعى عليه فيحلف ويبرأ. وعند الشعبي والثَّوْرِيّ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ لا يحلف المدَّعى عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ادَّعى القاذف أن بينته غائبة أمهل ثلاثة أيام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المزيد عن الهادي. وعند القاسم والهادي منهم أنه يمهل مدة يمكنه فيها المجيء بشهوده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسلم إذا سبَّ أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سبها الذمي ثم أسلم ثم تاب قبلت توبته. وعند أَحْمَد وَمَالِك في الأولى لا تقبل توبته، وفي الثانية رِوَايَتَانِ: إحداهما تقبل، والثانية لا تقبل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب الحد على قاذف العبد. وعند داود يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قذف من لم يحكم ببلوغه، إلا أنه يصح منه المجامعة فلا حد عليه. وعند أَحْمَد عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قال لامرأة: زنيت، فقالت: بك زنيت لم يكن قذفًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو قذف.

(2/431)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكون ذلك إقرار حتى لا يسقط حد القذف به إذا وجب. وعند أَحْمَد هو إقرار منها ويسقط به حد القذف على القاذف ويوجب الحد عليها إذا تكرَّر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجب على ذمّي أو مرتد حد القذف، ثم لحقا بدار الحرب، ثم عادا لم يسقط الحد عنهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط.
* * *

(2/432)


باب قطع السرقة
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا قطع على المختلس والمنتهب والجاحد والخائن، وبه قال عمر وعلى في المختلس. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يجب عليهم القطع. وعند إياس ابن معاوية يجب القطع على المختلس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق العبد من مال غير سيّده وجب عليه القطع، سواء كان آبقًا من سيّده أم لا. وعند سعيد بن العاص وابن عباس ومروان وأَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع إذا كان آبقًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر، وعائشة ومالك واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وعامة العلماء تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا. ويقوم غير الذهب بالذهب، إلا أن عند مالك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ تقطع أيضًا في ثلاثة دراهم والثلاثة الدراهم والربع الدينار أصلان يقوَّم بهما غيرهما. وعند داود وشيعته والخوارج تقطع في القليل والكثير، واختاره ابن بنت الشَّافِعِيّ، وبه قال الحسن البصري في رِوَايَة. وعند عثمان البتي تقطع في سرقة درهم من دراهم الْإِسْلَام، ولا تقطع بما دون ذلك. وعند أبي هريرة وأبي سعيد الخدري تقطع سرقة أربعة دراهم ولا تقطع بما دونها.، وعند سليمان بن يسار وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ تقطع سرقة خمسة دراهم ولا تقطع بما دونها. وعند عَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وابن مسعود، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر تقطع في سرقة عشرة دراهم مضروبة وهي قيمة الدينار عندهم، وتقوَّم سائر الأشياء بالدراهم. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إذا سرق عشرة دراهم قطع، وإن لم تبلغ قيمتها دينارًا. وعند ابن الزبير تقطع في نصف دينار، وبه قال الحسن البصري في رِوَايَة ثالثة. واختلف النقل عن النَّخَعِيّ، فنقل عنه صاحب الشامل والشاشي أنه لا تقطع اليد إلا في أربعين درهمًا. ونقل عنه صاحب البيان أنها تقطع في خمسة دراهم.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا سرق نصابًا من التبر ففي وجوب القطع وجهان: أحدهما تقطع، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والثاني لا تقطع، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب القطع بسرقة الثمار الرطبة

(2/433)


كالرطب والعنب والتين والتفاح وما أشبهها أو سرقة البقول والرياحين والطعام الرطب كالشواء والطبيخ والهريسة إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقة شيء من ذلك بحال. وعند الثَّوْرِيّ إن كان مما يبقى يومًا أو يومين وأكثر مثل الفواكه وجب القطع بسرقتها، وإن كان مما لا يبقى كالشواء والهريسة وما أشبهها لم يجب به القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سرق من الثمار على رءوس النخل والشجر في الحرر فأخرجه من الحرر قطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع عليه إذا سرق بعد اجتناء الثمرة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك يجب القطع بما كان أصله على الإباحة كالصيود، والطيور، والأخشاب والحشيش والقار والنفط وغير ذلك إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق لا يجب القطع في شيء من ذلك، إلا أن يكون ساجًا أو أبنوسًا أو صندلاً أو عودًا أو قناء أو كان معمولاً من الأخشاب كالأبواب وغيرها، كذا نقل في المعتمد والشاشي وبلغة المستعجل ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ، واقتضاه نقل الشيخ أبي إِسْحَاق في النكت عنه، ولم ينقل صاحب البيان والفوراني عن أَبِي حَنِيفَةَ إلا استثناء الساج لا غير وكلهم لم يذكروا الخلاف إلا عن أبي حَنِيفَةَ وحده، إلا صاحب المعتمد فإنه أضاف إليه أَحْمَد وإِسْحَاق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القطع بسرقة القرون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقتها معمولة كانت أم غير معمولة. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا كانت معمولة وجب القطع بسرقتها كالخشب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القطع بسرقة المصحف وسائر الكتب إذا بلغت قيمتها نصابًا، أو كان عليها حلية تبلغ ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع بسرقة المصحف ولا الكتب، ولو كان عليها حُلي يساوي نصابًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وزيد بن علي إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب فلا قطع على واحد منهم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد، وهو الصحيح عند النَّاصِر. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة الهادي والنَّاصِر يجب القطع على جميعهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا انفرد كل واحد منهم بالإخراج اعتبر كل واحد

(2/434)


منهما، فإن بلغ نصابًا قطع، وإن لم تبلغ نصابًا لم تقطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجمع جميع ما أخذوه ويضم بعضه إلى بعض، فإن بلغ ما يخص كل واحد منهم نصابًا قطعوا، وإن لم يبلغ ما يخص كل واحد منهم نصابًا لم يقطعوا. ويتصور الخلاف معه في فصلين أحدهما: أن يخرج أحدهما أقل من النصاب، والآخر أكثر من النصاب، فيقطعان عنده. وعند الشَّافِعِيّ وَمَالِك لا يقطع الذي أخرج دون النصاب، ويقطع الذي أخرج أكثر من النصاب. وعند مالك في رِوَايَة أيضًا إن كان ما حملوه في دفعة نقلاً لا يقدر أحدهم على حمله قطعوا، وإن كان يقدر أحدهم على ما يحمله لم يقطعوا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نقب جماعة حررًا ودخلوا فأخرج بعضهم المال ولم يخرج الباقون شيئًا، فإن بلغت قيمة ما أخرجه كل واحد منهم نصابًا وجب عليه القطع ولم يجب على الذين لم يخرجوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القياس أن لا يجب القطع إلا على المخرج، فإن كان ما أخرجه بعضهم يبلغ قيمة ما نصب كل واحد منهم نصابًا قطعوا كلهم استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القطع فيما سُرق من غير حرز. وعند داود وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ الحرز يختلف باختلاف المال المحرَّز، وقد يكون الحرز حرزًا لبعض الأموال دون بعض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما كان حرزًا لشيء من الأموال كان حرزًا لجميع الأموال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق غزلاً أو حوالقًا أو رزمة وهناك حافظ وجب القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دخل الحرز وجمع المتاع ولم يخرجه لم يقطع. وعند داود يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة، وابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري، والنَّخَعِيّ، ورَبِيعَة، وحماد، ومالك، وأَبِي يُوسُفَ، وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نبش قبرًا وأخذ منه الكفن قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ لا تقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق من الحمام قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع.

(2/435)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الإبل مقطرة وهي سائرة، فحرزها أن يكون سائقها ينظر إليها وبلغها صوته إذا زجرها، أو يكون قائدها إذا التفت رآها ويبلغها صوته. وشرطه أن يكثر الإلتفات إليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تكون محرزة إذا كان معها قائد إلا التي زمامها بيده. وما سواها فليس بحرز.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق المعاليق التي تكون على الحمل وتساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق من الإبل ما يساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن سرق الحمل والجمل لم تقطع. وإن فتق الحمل وأخذ منه متاعًا قطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقَّب الحرز وأدخل يده في النقب فأخرج منه نصابًا قطع، وإن لم يدخل بنفسه وكذا إذا أدخل محجنًا وأخذ المتاع به إلى خارج الحرز قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع إلا أن يكون النقب صغيرًا لا يمكنه الدخول فيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شقَّ الثوب في الحرز، أو ذبح الشاة ضمن بذلك ما نقص من قيمة الثوب والشاة، فإن أخرجهما من الحرز وقيمتهما بعد الإخراج نصابًا أوجب القطع، وإن لم يبلغا فلا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تقطع في الشاة، لأن الأشياء الرطبة لا يجب القطع بسرقتها عنده، وفي الثوب إن خرق طولاً لم يجب عليه القطع، لأنه بالخيار إن شاء دفع قيمته ويملكه فيكون قد أخرجه وجميعه ملكه، وإن خرقه عرضًا وجب عليه القطع إذا كانت قيمته نصابًا بعد الخرق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ نقص قيمة المَسْرُوق بعد الإخراج من الحرز لا يسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا سرق فضة فضربها دراهم أو ذهبًا فضربه دنانير وجب القطع وردُّ العين. وعند أَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد يجب القطع ولا يلزمه ردّ العين. وبنى ذلك على أصلهما فيمن غصب فضة فضربها دراهم، أو ذهبًا فضربها دنانير أنه يسقط حق صاحبها منها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج نصابًا من الحرز ثم رده إليه لم يسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نقب اثنان حرزًا ودخل أحدهما وأخذ

(2/436)


متاعًا وناوله الآخر قُطع المخرِج، وكذا لو رمى بالمتاع إليه قطع الرامى به أو أدخل الخارج يده إلى الحرز فأخرج المتاع ثم رده إلى الحرز وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع على واحد منهما في هذه المسائل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب اثنان الحرز ودخل أحدهما وقرَّب المتاع إلى النقب وأدخل الخارج يده فأخرجه وجب القطع على الخارج دون الداخل. وعند أبى حَنِيفَةَ لا قطع على واحد منهما. وعند أَحْمَد يجب القطع عليهما جميعًا. وعند ابن نصر المالكي الخارج يقطع وفي الداخل احتمال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب اثنان الحرز ودخل أحدهما وربط المتاع بحبل فجرَّه الخارج وأخرجه وجب القطع على الخارج دون الداخل. وعند مالك يجب القطع عليهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق التمر المعلَّق فلا قطع عليه وعليه غرامة مثله. وعند أَحْمَد يجب عليه غرامة مثليه. وعند أَبِي ثَورٍ تقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الدار فيها حجر لكل واحد منها باب يغلَّق، فسرق سارق الحجر وأخرجه إلى الدار وجب عليه القطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا قطع عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق الضيف من البيت الذي أحرز وأقفل دونه وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا قطع عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن علي إذا سرق ما ليس مال كالكلب والخنزير، والخمر يقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند عَطَاء إن سرق الخمر والخنزير من الذمي قطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة، يَحْيَى، وكذا نقول في الصليب إذا كان على جهته يساوي نصابًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وشريح لا يجب القطع بسرقة الكلب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجب القطع بسرقتها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى والمؤيَّد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق إناءً يساوي نصابًا فيه خمر أو بول وجب عليه القطع. وعند أبى حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا قطع عليه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق صليبًا أو طنبورًا أو مزمارًا تساوي مفصلة نصابًا قطع.

(2/437)


وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا قطع عليه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إذا سرق عبدًا من حرز وهو نائم وجب عليه القطع، وإن كان مستيقظًا، فإن كان صغيرًا لا يعقل أو كبيرًا أعجميًا لا يفهم ولا يميز بين سيّده وغيره في الطاعة، أو مجنونًا وجب القطع. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يقطع بسرقة الآدمي بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق حرًا صغيرًا لم يجب القطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي وأبو طالب: وعند الحسن والشعبي ومالك وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب عليه القطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أنصار الهادي والداعي.
مسألة: عند أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وهو الأصح إذا سرق حرًا صغيرًا وعليه حلى تبلغ نصابًا لم تقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة تقطع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق مسلم من مال بيت المال أو من الغنيمة وهو من أهلها لم يقطع. وعند مالك وَأَحْمَد وحماد وأَبِي ثَورٍ يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذ سرق من ستارة الكعبة المعلَّقة عليها ما يساوي نصابًا قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع الوالد بسرقة مال ولده وإن سفل من قبل البنين أو البنات، وكذا الولد لا يقطع بسرقة مال والده وإن علا، وسواء في ذلك الأجداد من قبل الأب أو من قبل الأم، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد. وعند أَبِي ثَورٍ يقطع كل واحد منهما بسرقة مال الآخر. وعند مالك يقطع الولد بسرتة مال الوالد ولا يقطع الوالد بسرقة مال الولد. وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق من مال ذي رحمه غير الوالدين والأولاد، بأن سرق من مال أخيه أو ابن أخيه، أو ابن أخته، أو عمه ومن أشبههم وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا سرق من مال ذي رحم يحرم له كالأخ أو ابن الأخ والعم والخال ومن أشبههم لم يجب عليه القطع. وإن سرق من مال ابن العم أو ابن الخال ومن

(2/438)


أشبههما وجب عليه القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق العبد من مال سيّده لم يقطع. وعند أَبِي ثَورٍ وداود يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر ما هو محرَّز عنه ففي قطعه ثلاثة أقوال: أحدها لا يقطعان، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني تقطعان، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق. والثالث يقطع الزوج ولا تقطع الزوجة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب رجلان حرز الرجل ودخلا وأخذا نصابين أحدهما ولد صاحب الحرز، أو والده. أو نقب صبي وبالغ حرزًا وأخذا نصابين وجب القطع على الأجنبي والبالغ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لم يجب عليهما القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب رجل من رجل نصابًا وأحرزه في حرز له وسرقه سارق من ملك الحرر فإنه لا قطع على الغاصب، وليس للغاصب مطالبة السارق برد العين المغصوبة إليه قبل أن يطالبه المالك بردها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له المطالبة بردها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استأجر بيتًا وجعل فيه متاعه فنقب المؤجر البيت وأخذ المتاع قطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار بيتًا وجعل فيه متاعًا فنقبه المعير وأخذ المتاع وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وهب المَسْرُوق منه السارق ما سرقه لم يسقط القطع عنه، سواء كان ذلك قبل الترافع إلى الحاكم أو بعده. وكذا إذا باعه منه إلا أن يكون ذلك قبل الحكم به فيسقط القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط القطع، سواء كان قبل الترافع إلى الحاكم أو بعده. وعند قوم من أصحاب الحديث وأبي يوسف وابن أبي ليلى إن وهبها منه قبل الترافع سقط القطع، وإن وهبها منه بعد الترافع لم يسقط القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن علي وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تثبت السرقة والقطع والغرم بالإقرار مرة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وزفر وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يثبت القطع إلا بالإقرار مرتين، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة.

(2/439)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أقرَّ بالسرقة ثم رجع عن إقراره سقط عنه القطع. وعند ابن أبي ليلى وداود لا يسقط عنه القطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا أقرَّ بالسرقة أو تبيَّنت عليه ببيّنة والمَسْرُوق منه غائب لم يقطع حتى يحضر المَسْرُوق منه ويطالب بالمَسْرُوق، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند ابن أبي ليلى وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة يقطع، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد والهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقب مراح الغنم وأخرجه من الحرز وبلغ قيمته نصابًا وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. وبناه على أصله وهو أن الأشياء الرطبة لا توجب القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا سرق المغصوب من الغاصب لم يجب عليه القطع. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب، به قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأحمد إذا سرق المَسْرُوق من السارق لم يقطع. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق منديلاً لا يساوي نصابًا وفي طرفه ربع دينار لم يعلم به وجب عليه القطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه القطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع الظرَّار سواء ظر من داخل الكم أو من خارج الكم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق ومُحَمَّد إن ظر من خارج الكم لم يقطع، وإن ظرَّ من داخله قطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ادَّعى السارق أن المَسْرُوق له يجب عليه القطع. وعند مالك يجب عليه القطع. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يقبل منه إذا لم يكن معروفًا بالسرقة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق ممن له عليه دين بقدر حقه وهو باذل له قطع. وعند الشعبي وأَبِي ثَورٍ لا يقطع. وحكاه أيضًا أبو ثور عن الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قال: أردت أن يكون رهنًا بحقي لم يقطع وإن لم يقل ذلك قطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان لرجل على رجل دين، فسرق رب الدين من ماله لم يقطع وإن كان خلاف جنس حقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان من جنس حقه لم يقطع،

(2/440)


وإن لم يكن من جنس حقه قطع. وعند النَّاصِر والهادي من الزَّيْدِيَّة يقطع وإن كان من جنس حقه.
مسألة: الذي يقتضيه مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا قامت البينة عليه أنه سرق فادَّعى السارق أن رب المنزل أمره بالدخول لم يقطع. وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق واحد فردَّ السرقة على أهلها ثم رفع إلى الإمام قطع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في العين ما ينقص به قيمتها كقطع الثوب وغير ذلك وجب ردّ العين وأرش النقص ويقطع وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان أحدث بها ما لا يقطع حق المالك عنها ردّ العين ولا يضمن النقص إذا قطعت يده، وإن كان مما يقطع حق المالك منها كخرق الثوب وخياطته إذا قطع لم يجب ردّ العين ويسقط حق المالك فيها. وإن كانت زيادة في العين مثل أن صبغه أحمرًا أو أصفرًا لم يجب ردّ العين إذا قطع. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يرد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق ثم قطع يد إنسان، خُيّر المقطوع يده فإن اختار القصاص اقتص له ودخل فيه حد السرقة، وإن اختار الدية أخذ الدية وقطع في السرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقتص له ويسقط حق السرقة. وعند مالك يقطع في السرقة ولا شيء للمقطوع يده.
مسألة: ليس للشافعي نص في الشفاعة في الحد قبل بلوغ ذلك الإمام، والذي يقتضيه مذهبه أنه لا بأس بذلك، وروى ذلك عن الزبير بن العوام وابن عَبَّاسٍ وعمار ابن ياسر وكره ذلك ابن عمر. وعند مالك إن لم يكن معروفًا بأذية الناس فلا بأس بالشفاعة، وإن كان معروفًا بالشر فلا يشفع له.
مسألة: الذي يجيء على مذهب الشَّافِعِيّ أنه إذا دخل رجل دار رجل فقتله صاحب الدار، وادَّعى القاتل أنه دخل ليسرق، وأنه لم يتمكن من إخراجه إلا بذلك أنه لا تقبل دعواه ذلك ويجب عليه القود، وإن لم يعرف بها وجب عليه القود.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر العبد بسرقة تقتضي القطع وكذبه المولى لزمه القطع. وعَند أَحْمَد والْمُزَنِي وابن جرير الطبري. وأَبِي يُوسُفَ وزفر لا يقبل إقراره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقرَّ العبد بسرقة مال في يده قطع، وسُلّم المال إلى المولى في

(2/441)


أحد القولين، وبه قال أبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسلَّم المال إلى المَسْرُوق منه صدقه المقرَّ له يثبت القطع دون المال، وكذا عند أَحْمَد لو أقر بسرقة مال قد تلف لم يثبت المال به بعد العتق وبقطع في الحال. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وكذا الداعي منهم عن الهادي أنه لا يقبل إقراره وإن صدقه المقر له ويكون المال للمولى ولا يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع المسلم بسرقة مال المستأمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقطع.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقطع المستأمن بسرقة مال المسلم في أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد ولا يقطع في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت أصابع يد السارق ساقطة قطع ما بقي من الكف. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيَّد عن الهادي. وعند أبي طالب منهم عن الهادي أنه لا يقطع إلا إذا علا الكف أصبع أو أصبعين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء إذا سرق ثانيًا بعد أن قطعت يده اليمنى قطعت رجله اليسرى. وعند عَطَاء تقطع يده اليسرى.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي بكر وعمر تقطع من السارق في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلي رضي اللَّه عنه، وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا تقطع في الثالثة ولا في الرابعة بل يحبس. وروى عن علي أيضًا أنه قال: إني استحيي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ولا رجل يمشي بها. وعند الْإِمَامِيَّة إذا سرق النصاب من حرز مثله قطعت يمينه، فإن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى، فإن سرق ثالثة بعد قطع رجله اليسرى خلد في الحبس إلى أن يموت، أو يرى الإمام رأيه، فإن سرق رابعة في الحبس ما هو نصاب ضربت عنقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق خامسة عُزّر وحبس ولا يقتل. وعند عثمان بن عفان، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعمر بن عبد العزيز يقتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تقطع اليد من الكوع والرجل من مفصل الساق والقدم. وعند قوم من السلف والروافض والْإِمَامِيَّة وعلي في إحدى الروايتين عنه تقطع الأصابع دون الكف والإبهام، وتقطع الرجل من مفصل الشراك ويترك له ما يمشي

(2/442)


عليه. وعند الخوارج تقطع اليد من المنكب. وروى عنهم من المرافق أيضًا. وعند أبي ثور تقطع الرجل من شطر القدم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سرق ولا يمين له أو كانت وهي شلَّاء وقال أهل الخبرة أنها إذا قطعت لم تسد عروقها قطعت رجله اليسرى، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد عن الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سرق وله يد يمين كاملة الأصابع، وله يد يسار شلَّاء أو ناقصة الإبهام، أو ناقصة أصبعين من الأصابع الأربع، أو كانت شلاء لم تقطع يده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا سرق من رجل عينًا وقطعت يده فيها ثم ردت العين إلى مالكها فسرقها هذا السارق مرة ثانية قطعت رجله بها، وكذا إذا سرقها ثالثًا قطعت يده، وإن سرقها رابعًا قطعت رجله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا قطع بسرقة غير مرة لم يقطع بسرقتها مرة أخرى، سواء سرقها من مالكها الأول أو من غيره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري وحماد وإِسْحَاق وزفر وَأَحْمَد وعثمان البتي وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وداود القطع والغرم يجتمعان حتى إذا سرق نصابًا يجب فيه القطع، وتلف النصاب لزمه الغرم والقطع. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الثَّوْرِيّ وابن سرين والشعبي ومَكْحُول وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة الغرم والقطع لا يجتمعان. حتى إذا أثبت المَسْرُوق منه السرقة عند الحاكم، فإنه يقطعه ولا غرم عليه، وإن طالبه المَسْرُوق منه بالغرامة وغرم سقط عنه القطع. وإن أتلف النصاب بعد ما قطع غَرِمه عند أَبِي حَنِيفَةَ. ورواه عنه الحسن بن زياد. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يغرمه. وعند مالك يقطع بكل حال، فإن كان موسرًا غرم، وإن كان معسرًا فلا غرم عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا باع السارق ما سرقه وتلف عند المشتري فصاحبه بالخيار إن شاء طالب المشتري وإن شاء طالب السارق بالضمان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا ضمان على واحد منهما بعد التلف بناءً على أن الضمان والقطع لا يجتمعان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع يسار السارق عمدًا لم يجزئه عن الْيَمِين. وعند أبي

(2/443)


حَنِيفَةَ يجزئه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غلط القاطع فقطع يسار السارق لم يسقط القطع في أحد القولين، ويسقط في الآخر، ويجب على القاطع الدية دون القود. وعند مالك يجزئ ولا دية على القاطع.
* * *

(2/444)


باب حد قاطع الطريق
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية نزلت في حد قاطع الطريق. وعند بعض الناس والحسن نزلت في أهل الذمة إذا نقضوا الذمة ولحقوا بدار الحرب وأخافوا السبيل، وبه قال ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة عنه. وعند ابن عمر وأنس نزلت في المرتدين من العرنيين حين ارتدوا وقتلوا الرعاء واستاقوا إبل المسلمين فأنفذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جاء بهم وقطع أيديهم، وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الحرة حتى ماتوا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وقتادة وأبي مجلز وحماد واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحدود المذكورة في الآية في قطاع الطريق على الترتيب، إن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا وتحتم قتلهم ولا يدخله العفو. وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا. وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قتلوا ولم يأخذوا المال وجب عليهم القتل كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، وإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعوا كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه. وإن قتلوا وأخذوا المال فاختلف النقل عنه، فنقل عنه صاحب البيان والشاشي أن الإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم ويصلبهم، أو يصلبهم ويقطعهم، أو يقطعهم ويقتلهم ويصلبهم. والنفي عنده الحبس. ونقل عنه الفوراني وابن الصباغ، والشيخ أبو حامد. وصاحب الدر الشفاف أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والقطع دون الصلب، وبين القتل والصلب دون القطع، وبين الجمع بين الثلاثة. ونقل عنه صاحب المعتمد أن الإمام فيهم بالخيار بين القتل والصلب وبين القتل والقطع أو الاقتصار على القتل. وعند أَحْمَد إذا أخذوا المال وقتلوا فإنهم يقتلون ويصلبون ولا يقطعون. وعنده رِوَايَة أخرى أنهم يقطعون ويقتلون. وعند مالك أن هذه الأحكام المذكورة في الآية على التخيير دون الترتيب، وهي موكولة إلى اجتهاد الإمام، وله أن يقتلهم إذا رآه ونظر، وإن لم يكن قتلوا حبسهم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل ولم يأخذوا المال ولم يقتلوا عُزّروا وإن رأى الإمام أن يحبسهم حبسهم، والأولى غير بلدهم. وعند مالك ينظر الإمام فيهم فمن كان منهم ذا رأى قتله، ومن كان جلدًا ولا رأى له قطعه، ومن لم يكن ذا رأي ولا جلد حبسه. وعند سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد وعَطَاء والنَّخَعِيّ

(2/445)


والضحاك وداود إذا شهروا السلاح وأخافوا السبيل فالإمام فيهم بالخيار بين أربعة أشياء: بين القتل أو القطع للأيدي والأرجل أو الحبس.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخذ المحارب دون النصاب لم يقطع. وعند بعض أصحابه يقطع. وعند مالك إن رأى الإمام قطعه في ذلك قطعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد، واختاره أبو بكر من أصحابه حكم قطَّاع الطريق إذا أخذوا المال وقتلوا، أو أخذوا المال ولم يقتلوا، أو قتلوا ولم يأخذوا المال من المصر أو من البلد حكمهم إذا فعلوا ذلك في الصحراء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك قطاع الطريق الذين تتعلق بهم هذه الأحكام هو إن فعلوا ذلك على ثلاثة أميال من المصر فصاعدًا، فإن فعلوا ذلك على أقل من ثلاثة أميال، أو كانوا في المصر لم تتعلَّق بهم هذه الأحكام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق واختاره من الحنابلة الخرقي، وأبو حفص، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي لا تتعلَّق بهم هذه الأحكام إلا إذا كانوا في البرية، فأمَّا إذا كانوا في مصر أو قرية أو بين قريتين متقاربتين فلا تتعلق بهم هذه الأحكام وتوقف أَحْمَد في هذه المسألة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن مع قطَّاع الطريق سلاح لكن خرجوا بالعصا والحجارة فهم محاربون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليسوا محاربين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حد قاطع الطريق يختص بالمباشر دون المُعين والمكثر والمهيب، وإنما يجب على المُعين والمكثر والمهيب التعزير والحبس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر العلماء يجب على المكثر والمهيب والمعين ما يجب على الذي أعانه من القطع أو القتل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يتحتم الصلب في حق المحارب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان في قطَّاع الطريق امرأة فأخذت المال وقتلت وجب عليها حد قاطع الطريق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها ولا على من كان ردءًا لها، إلا أنه يوجب عليها القتل قصاصًا وهكذا ضمان المال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل المحارب ولم يأخذ المال وجب قتله قودًا لولي المقتول، ويتحتم قتله بحق اللَّه تعالى فلا يجوز للإمام تركه، فوجوب القتل حق للآدمي وانحتامه حق للَّهِ تعالى. وعند بعض الناس يتحتم القتل بل إن شاء الولي قتل وإن شاء عفا عنه.

(2/446)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحارب إذا قطع يد رجل وقتل آخر قطعت يده ثم قتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل الجرح في القتل، وكذا عنده إذا قطع يسار رجل وأخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يساره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الصلب المذكور في الآية يفعل بعد القتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعند الهادي وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. وعند بعض أصحابه يصلب حيًا ويترك حتى يموت. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك يصلب حيًا ثم يقتل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلب حيًا ثلاثًا ثم تبقج بطنه بالرمح حتى يموت. وعند أبي حَنِيفَةَ أيضًا إن شاء فعله قبل القتل، وإن شاء بعده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة النفي المذكور في القرآن هو أن يطلب ليقام عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي هو الحبس حتى يتوب إذا أخاف السبيل ولم يقتل، ولم يأخذ المال. وعند أَحْمَد النفي إذا قتلوا ولم يأخذوا المال أن يسروا في البلاد فلا يتركوا يقيموا في بلدة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة النفي الطرد والحبس سنة. وعند الهادي منهم أنه الطرد من بلده سنة. وعند مالك ينفى من بلد إلى بلد ويحبس في السجن ولا ينفى إلى بلد الكفر. وعند الشعبي ينفيه عن عمله. وعند الحسن يُنفى حيث لا يقدر عليه. وعند بعض الناس ينفى من بلد إلى بلد كالزاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استحق القتل أو القطع على المحارب قتل ولم يقطع، وبه قال أبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب عن الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقطع ثم يقتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيَّد عن الهادي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان في قطَّاع الطريق أب أو ابن للمقطوع عليه لم يسقط الحد عن الباقي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط الحد عن الباقي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل الأب ابنه في المحاربة قتل في أحد القولين، وبه قال مالك، ولا يقتل في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حبس المحدود في المحاربة مع القتل لم يسقط وعند أبي حَنِيفَةَ يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحدود المتعلقة بغير المحاربة مع القتل إذا فعلها المحارب وتاب قبل أن يصير في قبضة الإمام سقطت في أحد القولين، وبه قال أحمد، ولا تسقط في

(2/447)


القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فعلها في غير المحاربة وتاب وأصلح فإنها تسقط في أحد القولين ولا تسقط في الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ الحدود المختصة بالمحاربة إذا تاب عنها قبل القدرة عليه سقطت، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيَّد منهم.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الزنا والسرقة قُدِّم حد القذف على الزنا والسرقة. وفي حد الشرب وجهان: أحدهما يُقدم حد الشرب على حد القذف، والثاني يقدم حد القذف عليه، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يُقَدَّم حد القذف ويؤخر حد الشرب ويتخير في حد الزنا والشرب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد القذف وحد الرب لم يتداخلا. وعند مالك يتداخلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمعت عليه حدود قَتل، مثل أن قذف وزنى وسرق في غير المحاربة وأخذ المال في المحاربة وقتل في غير المحاربة، فإنه تُستوفى عليه الحدود كلها ولا تسقط بالقتل، فيبدأ بحد القذف ثم بحد الزنا، ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم القتل. وعند عَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ وحماد تسقط الحدود كلها ويكتفى بالقتل، وبه قال مالك إلا في حد القذف. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تسقط حقوق الله تعالى مع القتل ولا تسقط حقوق الآدمي.
* * *

(2/448)


باب حد الخمر
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الخمر حرام بالإجماع، وما روى عن قدامة بن مظعون، وعمرو بن معديكرب أنهما قالا هي حلال فقد رجعا عن ذلك لما أعلمتهما الصحابة بتحريمها، ومن استحلَّها اليوم حكم بكفره.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعائشة وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والزَّيْدِيَّة، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ الخمر والأشربة المسكرة كعصير العنب المطبوخ، ونبيذ التمر، والزبيب، والذرة والشعير، وغير ذلك فيحرم قليلها وكثيرها، ويجب بشربها الحد. وهل يُسمَّى الجميع خمرًا؟ وجهان: أحدهما نعم. والثاني لا يسمى خمرًا إلا ما كان من عصير العنب خاصة. وعند أبي حَنِيفَةَ الأشربة أربعة أضرب: أحدها الخمر وهو عصير العنب الذي اشتدَّ وقذف زبده فيحرم قليله وكثيره، ويجب على شاربه الحد، ولم يشترط أبو يوسف ومُحَمَّد أن يقذف زبده، وقالا: إذا اشتد وعلا كان خمرًا. والثاني المطبوخ من عصير العنب، فإن ذهب أقل من ثلثه فهو حرام ولا حد على شاربه، إلا إذا سكر، فإن ذهب ثلثاه فهو حلال إلا ما أسكر منه، وإن طبخه عنبًا ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما أنه يجري مجرى عصيره، والمشهور أنه حلال، وإن لم يذهب ثلثاه. والثالث نقيع التمر والزبيب، فإن طبخ بالنار فهو مباح ولا حد على شاربه إلا إذا سكر فيحرم القدح الذي سكر وفيه الحد، وإن لم تمسه النار فهو حرام ولا حد على شاربه إلا إذا أسكره. والرابع نبيذ الحنطة والذرة والشعير والأرز والعسل ونحو ذلك فهي حلال طبخت أو لم تطبخ ما لم يُسكر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب النبيذ وجب عليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا إلا أن يسكر. وروى عن الحسن بن زياد أنه لا يُحدُّ وإن سكر منه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الخمر تحريمها متجدد. وعند الْإِمَامِيَّة أنها محرَّمة على لسان كل نبي وفي كل كتاب نزل، وأن تحريمها لم يكن متجددًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب نقيع التمر والزبيب وجب عليه الحد قليلًا كان أو كثيرًا، وكذلك سائر الأشربة المسكرة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد عليه ما لم يسكر. وعند ابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ لا يجلد السكران من النبيذ حدًّا. وعند أَبِي ثَورٍ إن شربه متأولًا

(2/449)


أو مقلدًا فلا حد عليه، وإن شربه وهو معتقد بتحريمه فعليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد المسكر المختلف في جواز شربه قليلاً جاز إراقته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيَّد منهم لا يريقه إلا الحاكم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه الذمي إذا شرب الخمر لا يحد بحال، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن بن زياد إذا خرج من داره إذاء للمسلمين حُدَّ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كل شراب مسكر لا يجوز بيعه وهو نجس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيعه إلا الخمر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز بيع نقيع التمر والزبيب، ويجوز ما سوى ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وَأَحْمَد في رِوَايَة حد الخمر في الحر أربعين، فإن رأي الإمام أن يبلغه ثمانين جاز وتكون الزيادة تعزيرًا لا حدًّا. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين حد الخمر ثمانون، ولا يجوز النقص عنه، واختاره ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء حد الخمر واجب. وعند قوم هو تأديب لا حد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد إذا أقرَّ أنه شرب الخمر وجب عليه الحد، وإن لم تظهر منه رائحة الخمر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه الحد إذا لم تظهر منه رائحة الخمر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شُمَّ منه رائحة الخمر أو تقيأها لم يجب عليه الحدُّ. وعند عثمان وابن مسعود رضي اللَّه عنهما أنه يجب عليه الحد. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا شهد اثنان أنها رائحة الخمر وجب الحد. وعند ابن الزبير إذا وجد رائحة الخمر من الدمن حُدَّ وإلاّ فلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أول السكر الذي يجب به الحد هو أن يغلب على عقله فى ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب أو يختلط كلامه المنظوم وينتج سره المكتوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي السكر هو أن لا يفرق بين الرجل والمرأة ولا يفرق السماء من الأرض. وعند أَبِي يُوسُفَ هو أن يكون الغالب عليه اختلاط العقل، وإذا استقرئ سورة لم يفهمها.

(2/450)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرب الخمر فمضى عليه زمان ولم يحد ولم يتب، فإن الحد لم يسقط عنه، وكذا سائر الحدود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط بتقادم العهد حد الشرب وحد الزنا دون حد القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الضرب في حد الشرب بالأيدي والنعال وأطراف الثياب. وعند أَحْمَد لا يضرب إلا بالسوط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع حد الزنا وحد القذف وحد الشرب، والقطع لأخذ المال في غير المحارية، والقطع لأخذ المال في المحاربة، والقتل في غير المحاربة، فإن هذه الحدود تقام عليه ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، فإذا اندملتا قتل قصاصًا. وعند ابن مسعود والنَّخَعِيّ يقتصر على القتل وحده.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وانعقد الإجماع عليه أن من شرب الحمر فحدَّ ثم عاد فحدَّ ثم عاد فحدَّ ثم عاد في الرابعة أنه يحد ولا يقتل. وعند الْإِمَامِيَّة يقتل في الثالثة ولا يحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من شرب النقاع لا يحد. وعند الْإِمَامِيَّة يحد حد شارب الخمر وتجري أحكامها مجرًا واحدًا.
* * *

(2/451)


باب التعزير
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التعزير غير مقدَّر، بل إن رأى الإمام أن يحبسه حبس، وإن رأى أن يجلده جلد ولا يبلغ به أدنى الحدود، فإن كان حرًا لم يبلغ به أربعين جلدة بل ينقص منها ولو جلدة، وإن كان عبدًا لم يبلغ به عشرين جلدة بل ينقص منها ولو جلدة، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة الداعي. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يبلغ بتعزير الحد عشرين جلدة. وعند أَبِي يُوسُفَ. وابن أبي ليلى يجوز أن يبلغ بالتعزير خمسًا وسبعين ولا يزاد عليه. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ له أن يضرب في التعزير أي عدد شاء على حسب ما يؤديه إليه اجتهاده. وعند أَحْمَد يختلف باختلاف سببه، فإن كان سببه وطئًا في الفرج، كوطء المشرك ووطء الأب جارية ابنه، ووطء جارية نفسه بعد أن زوجها، أو وطئ جارية زوجته بعد أن أذنت له، أو وطئ أجنبية في ما دون الفرج، فإنه لا يبلغ به أعلى الحدود فيعزر مائة إلا سوطًا ويسقط النفي. وما عدا ذلك يبالغ به أدنى الحدود كسرقة نصاب من غير حرز أو دونه من حرز أو قبَّل أجنبية أو خلا بها أو شتم إنسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكون الضرب في التعزير من ضربين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الضرب فى التعزير يكون أشد من الضرب في الزنا، ثم الضرب في الشرب دون الضرب في الزنا ثم الضرب في القذف. وعند الثَّوْرِيّ الضرب في القذف أشد من الضرب في الشرب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التعزير ليس بواجب. وعند بعض أصحابه أنه ليس بواجب إذ الحد يتعلَّق به حق آدمي، فإن تعلَّق به حق آدمي وجب. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحه إلا التعزير وجب التعزير، وإن غلب على ظنه أنه يصلحه الحد وغيره فلا يجب التعزير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عزَّر الإمام رجلاً فمات ضمنه الإمام. وعند أَحْمَد لا يضمن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن غلب على ظن الإمام أنه لا يصلحه إلا الضرب فضربه فمات لم يجب ضمانه. وإن غلب على ظنه أنه يصلحه الضرب وغيره فضربه ومات وجب ضمانه. وعند مالك: إذا عزره تعزيز مثله لم يضمن.

(2/452)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ضرب الزوج زوجته في النشور أو المعلِّم الصبي للتأديب فمات ضمن ديتهما وكانتا على عاقلتهما. وعند أَحْمَد لا يضمنان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ما يجب بخطأ الإمام يجب على عاقلته في أحد القولين، وفي بيت المال في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من جمع بين الرجال والنساء والرجال والغلمان للفجور وجب عليه التعزير. وعند الْإِمَامِيَّة يجلد خمسًا وسبعين جلدة وتحلق رأسه ويشهر في البلد الذي يفعل فيه ذلك. وتجلد المرأة أيضًا إذا جمعت بين الفاجرين. لكنها لا تحلق رأسها ولا تشهَّر.
* * *

(2/453)