الوجيز
في فقه السنة والكتاب العزيز كتاب الطهارة
(1/21)
الطهارة: لغة: النظافة والنزاهة من
الأحداث. واصطلاحًا: رفع الحدث أو إزالة النجس (*).
1 - باب المياه:
كلّ ماء نزل من السماء أو خرج من الأرض فهو طهور:
لقول الله تعالى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (1).
ولقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل
ميتته" (2).
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في البئر: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء"
(3).
وهو باق على طهوريته وإن خالطه شيء طاهر مالم يخرج عن إطلاقه.
لقوله - صلى الله عليه وسلم - للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته: "اغسلنها
ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة
كافورا أو شيئًا من كافور" (4).
ولا يحكم بنجاسة الماء وإن وقعت فيه نجاسة إلا إذا تغير بها:
لحديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بُضاعة؟ وهي بئر
يُلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "
الماء طهور لا ينجسه شيء" (5).
2 - باب النجاسات:
النجاسات جمع نجاسة، وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة
__________
(*) المجموع شرح المهذب (79/ 1).
(1) الفرقان 48.
(2) صحيح: [ص. جه 309] ما (40/ 26)، د (83/ 152/ 1) " ت (69/ 47/ 1) جه (/
136/ 3861)، نس (1/ 176) ..
(3) و (5) صحيح: [الإرواء 14]، د (66، 67/ 126، 127/ 1)، ت (1/ 45/ 66)،نس
(174/ 1). قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (204/ 1): قال الطيبى: معنى
قوله: "يلقى فيها" أن البئر كانت بمسيل من بعض الأودية التي يحتمل أن ينزل
فيها أهل البادية، فتلقي تلك القاذورات بأفنية منارلهم، فيكسحها السيل
فليقيها في البئر، فعبر عنه القائل بوجه يوهم أن الالقاء من الناس لقلة
تدينهم، وهذا مما لا يجوّزه مسلم، فأنيّ يُظن ذلك بالذين هم أفضل القرون
وأزكاهم أهـ قلت (الباركفوري): كذلك قال غير واحد من أهل العلم، وهو الظاهر
المتعين. أهـ.
(4) متفق عليه: خ (1253/ 125/ 3)، م (939/ 646/ 2)
(1/23)
ويتحفظون عنه ويغسلون الثياب إذا أصابهم
كالعذرة والبول (1).
والأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، فمن زعم نجاسة عينٍ ما فعليه بالدليل
فإن نهض به فذلك، وإن عجز عنه أو جاء بما لا تقوم به الحجة فالواجب علينا
الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة (2)، لأن الحكم بالنجاسة حكم تكليفي
تعم به البلوى، فلا يحل إلا بعد قيام الحجة (3).
ومما قام الدليل على نجاسته:
1، 2 - بول الآدمي وغائطه:
أما الغائط فلحديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور" (4).
والأذى: كل ما تأذيت به من النجاسة والقذر والحجر والشوك وغير ذلك (5).
والمراد به في الحديث ... النجاسة كما هو واضح.
وأما البول فلحديث أنس: أن أعرابيا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه ولا تزرموه" (*). قال: فلما
فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه" (6).
3، 4 - المذي والودى:
أما المذى: فهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا
يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة (7).
وهو نجس، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل الذكر منه.
عن عليّ قال: كنت رجلًا مذاء، وكنت أستحيى أن أسال النبي - صلى الله عليه
وسلم - لمكان
__________
(1) الروضة الندية (12/ 1).
(2) السيل الجرار (31/ 1).
(3) صحيح: [ص. د 834] الروضة الندية (15/ 1).
(4) صحيح: [ص. د834] د (47/ 381/ 2).
(5) عون المعبود (44/ 2).
(6) متفق عليه: [م (284/ 236/ 1) واللفظ له، خ (6025/ 449/ 10)].
(*) لا تزرموه: لا تقطعوا بوله.
(7) شرح مسلم للنووي (3/ 213).
(1/24)
ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله
فقال: "يغسل ذكره ويتوضا" (1).
وأما الودي: فهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول (2).
وهو نجس.
عن ابن عباس قال: "المنى والودي والمذي، أما المنى فهو الذي منه الغسل
وأما الودي والمذي فقال: اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة" (3).
5 - روث ما لا يؤكل لحمه:
عن عبد الله قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتبرز، فقال:
"إئتني بثلاثة أحجار" فوجدت له حجرين وروثة حمار، فأمسك الحجرين وطرح
الروثة، وقال: "هى رجس" (4).
6 - دم الحيض:
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟ فقال: تحته ثم تقرصه (*)
بالماء ثم تنضحه، ثم تصلى فيه (5).
7 - لعاب الكلب:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "طهور إناء أحدكم
إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" (6).
8 - الميتة: وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية. لقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "إذا دبغ
__________
(1) متفق عليه: [م (303/ 247/ 1)، واللفظ له، خ (132/ 230/ 1) مختصرًا].
(2) فقه السنة (24/ 1).
(3) صحيح: [ص. د 190]، هق (115/ 1).
(4) صحيح: [ص. جه 253]، خز (70/ 39/ 1)، وهو عند غيره بدون لفظ (حمار)،
رواه: خ
(156/ 256/ 1)، نس (39/ 1) ت (17/ 13/ 1)، جه (44/ 1131/ 1).
(*) تقرصه: القرص: الأخذ بأطراف الأصابع.
(5) منفق عليه: [م (291/ 240/ 1) واللفظ له خ (307/ 410/ 1)].
(6) صحيح: [ص. ج3933، م (279 - 91 - 1/ 234).
(1/25)
الإهاب فقد طهر" (1) والأهاب جلد الميتة
ويستثنى من ذلك:
1 - ميتة السمك والجراد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فالحوت
والجراد. وأما الدمان فالكبد والطحال" (2).
2 - ميتة ما لا دم له سائل، كالذباب والنمل والنحل ونحو ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا
وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في إحدى جناحيه داء
وفي الآخر شفاء" (3).
3 - عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها، كل ذلك طاهر، وقوفًا على
الأصل وهو الطهارة، ولما رواه البخاري تعليقا (4) قال:
وقال الزهرى في عظام الموتى- نحو الفيل وغيره-: أدركت ناسيًا من سلف
العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا.
وقال حماد: لا بأس بريش الميتة.
كيفية تطهير النجاسة:
اعلم أن الشارع الذي عرّفنا كون هذه العين نجسة أو متنجسة عرّفنا أيضًا
كيفية تطهيرها، والواجب علينا اتباع قوله وامتثال أمره، فما ورد فيه الغسل
حتى لا يبقى منه لون ولا ريح ولا طعم كان ذلك هو تطهيره، وما ورد فيه الصب
أو الرشّ أو الحت أو المسح على الأرض أو مجرد المشي في أرضٍ طاهرةٍ كان ذلك
هو تطهيره واعلم أن الماء هو الأصل في تطهير النجاسات، لوصف الشارع له
__________
(1) صحيح: [ص. ج 511] م (366/ 277/ 1)، د (4105/ 181/ 11).
(2) صحيح: [ص. ج 210] أ (96/ 255/ 1)، هق (254/ 1).
(3) صحيح: [ص. ج837] خ (82/ 57/ 250/ 10)، جه (3505/ 1159/ 2).
(4) (1/ 342).
(1/26)
بقوله:"خلق الله الماء طهورا" (1). فلا
يعدل إلى غيره إلا إذا ثبت ذلك عن الشارع، وإلا فلا؛ لأنه عدول عن المعلوم
كونه طهورا إلى ما لم يعلم كونه طهورا، وذلك خروج عما تقتضيه المسالك
الشرعية (2).
إذا علمت هذا فإليك ما جاء به الشرع في صفة تطهير الأعيان النجسة أو
المتنجسة:
1 - تطهير جلد الميتة بالدباغ:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "أيما إهاب دُبغ فقد طهر" (3).
2 - تطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "طهور
إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" (4).
3 - تطهير الثوب إذا أصابه دم الحيض:
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع؟ فقال:
"تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه" (5).
وإن بقى بعد ذلك أثره فلا بأس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله، ليس لي
إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه؟ قال فهذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلى فيه
"قالت يا رسول الله: إن لم يخرج أْثره؟ قال: "يكفيك الماء ولا يضرك أثره"
(6).
__________
(1) و (2) السيل الجرار (48،42/ 1) بتصرف. واعلم أن قوله "خلق الله الماة
طهورا" قال الحافظ في التلخيص
(14/ 1): لم أجده هكذا، وقد تقدم في حديث أبي سعيد بلفظ "إن الماء طهور لا
ينجسه شيء" أهـ
(3) صحيح: [ص. جه 2907] أ (49/ 230/ 1)، ت (1782/ 135/ 3)، جه (3609/ 1193/
3)، نس (173/ 7)
(4) سبق ص 19
(5) سبق 19
(6) صحيح: [ص. د 351] د (361/ 26/ 2)، هق (2/ 408).
(1/27)
4 - تطهير ذيل ثوب المرأة:
عن أم ولدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أمَّ سلمة زوجَ النبي
- صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان
القذر؟ فقالت أم سلمة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يطهره ما بعده"
(1).
5 - تطهير الثوب من بول الصبي الرضيع:
عن أبي السمح خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال النبي - صلى الله
عليه وسلم -:
"يُغسل من بول الجارية، ويُرش من بول الغلام" (2).
6 - تطهير الثوب من المذي:
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدّة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال
فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنما يجزيك من ذلك
الوضوء" فقلت: يا رسول الله: كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ
كفًا من ماء فتنضح به ثوبك، حيث ترى أنه قد أصاب منه" (3).
7 - تطهير أسفل النعل:
عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا جاء
أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأي خبثًا فليمسه بالأرض ثم
ليصل فيهما" (4).
8 - تطهير الأرض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فب الذي المسجد، فتناوله الناس،
فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوه، وهَريقوا على بوله سَجْلًا
(*) من ماء -أو ذنوبا من ماء- فإنما بعثتم مُيسَرَّين ولم تبعثوا
مُعَسرَّين (5).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 430]، ما (44/ 27)، د (379/ 44/ 2)، ت (143/ 95/ 1)، جه
(531/ 177/ 1)
(2) صحيح: [ص. نس 293]، د (372/ 36/ 2)، نس (158/ 1).
(3) حسن: [ص. جه 409]، د (207/ 358/2)، ت (115/ 76/ 1)، جه (506/ 169/ 1).
(4) صحيح: [صِ. د 605]، د (636/ 353/ 2)
(*) سجلاَ أو ذنوبًا: الدَّلو العظيمة.
(5) متفق عليه: [الأرواء171]، خ (220/ 323/ 1)، نس (48 و 49/ 1)، ورواه
مطولًا: د (376/ 39/ 2)،
ت (147/ 99/ 1).
(1/28)
وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
بذلك استعجالا لطهارة الأرض، فلو تركت حتى جفت وذهب أثر النجاسة طهرت لحديث
ابن عمر رضي الله عنهما قال:
كانت الكلاب تبول في المسجد وتقبل وتدبر زمان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فلم يكونوا
يرشون شيئًا" (1).
سنن الفطرة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"خمس من الفطرة: الاستحداد (2) والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم
الأظفار" (3).
وعن زكري ابن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن
الزبير عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عشرٌ من
الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار،
وغسل البراجم (4)، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء -يعني
الاستنجاء- قال زكريا قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة" (5).
الختان:
والختان واجب في حق الرجال والنساء؛ لأنه من شعائر الإِسلام، وقد قال النبي
- صلى الله عليه وسلم - لرجل أسلم: "ألْقِ عنك شعرَ الكفر واختتن" (6).
وهو من ملة إبراهيم: عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة" (7) وقد قال الله
لنبيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) صحيح: [ص. د 368]، خ تعليقا (174/ 278/ 1)، د (378/ 42/ 2).
(2) الاستحداد: هو حلق العانة، سمى استحدادًا لاستعمال الحديدة وهي الموسى،
ويكون بالحلق والقص والنتف وغير ذلك أهـ.
(3) متفق عليه: خ (5889/ 334/ 10)، م (257/ 221/1)، د (4180/ 252/ 11)، ت
(2905/ 184/ 4)، نس (14/ 1)، جه (292/ 107/ 1).
(4) البراجم: جمع برجمة، وهي عقد الأصابع ومفاصلها كلها. أهـ.
(5) حسن: [مختصرم 1182] م (261/ 223/ 1)، د (52/ 79/ 1)، ت (2906/ 184/ 4)،
نس (126/ 8)، جه (293/ 108/ 1).
(6) حسن: [ص. ج 1251]، د (352/ 20/ 2)، هق (172/ 1).
(7) متفق عليه: خ (6298/ 88/11)، م (370/ 1839/ 4).
(1/29)
{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (1).
ويستحب أن يكون الختان في اليوم السابع للمولود:
لحديث حابر: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين وختنهما
لسبعة أيام (2).
وعن ابن عباس قال: سبعة من السنة في الصبى يوم السابع: يسمى ويختن (3)
الحديث. والحديثان وإن كان في كل منهما ضعف لكن أحد الحديثين يقوى الآخر،
إذ مخرجهما مختلف وليس فيهما متهم (4).
إعفاء اللحية:
إعفاء اللحية واجب، وحلقها حرام، لأنه تغيير لخلق الله، وهو من عمل الشيطان
القائل {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (5).
وفي حلقها تشبه بالنساء، وقد "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المتشبهين من الرجال بالنساء" (6).
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعفائها، والأمر للوجوب كما هو
معلوم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"جُزُّوا الشوارب، وأرخوا اللحي، خالفوا المجوس" (7).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب" (8).
__________
(1) النحل (123).
(2) طغ (891/ 122/ 2). [تمام المنه 68].
(3) طس (562/ 334/ 1). [تمام المنة 68].
(4) تمام المنة (68).
(5) النساء (119).
(6) صحيح: [ص. ج 5100]، خ (5885/ 332/10)، ت (2935/ 194/ 4).
(7) صحيح: [مختصرم 181]، م (260/ 222/ 1)
(8) متفق عليه: خ (5892/ 349/ 10)، م (259 - 54 - 222/ 1).
(1/30)
السواك:
السواك مستحب في كل حال، ويتأكد
استحبابه:
1 - عند الوضوء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"لولا أن أشق على
أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء" (1).
2 - عند الصلاة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن
أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" (2).
3 - عند قراءة القرآن:
عن علي رضي الله عنه قال: أمَرنا بالسواك وقال: "إن العبد إذا قام يصلي
أتاه ملك فقام خلفه يستمع القرآن ويدنو، فلا يزال يستمع ويدنو حتى يضع فاه
على فيه، فلا يقرأ آية إلا كانت في جوف الملك" (3).
4 - عند دخول البيت:
عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة قلت: بأى شيء كان يبدأ النبي -
صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك (4).
5 - عند القيام من الليل:
عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام
ليتهجد يشوص (*) فاه بالسواك (5).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 5316]، أ (171/ 294/ 1).
(2) متفق عليه: م (252/ 220/ 1)، خ (887/ 374/ 2)، ت (22/ 18/ 1)، نس 121/
1)، إلا أن لفظ
البخاري "مع كل صلاة".
(3) صحيح لغيره: [الصحيحة 1213]، هق (1/ 38).
(4) صحيح: [ص. جه 235]، م (253/ 220/ 1)، د (58/ 86/ 1)، جه (290/ 106/ 1)،
نس (13/ 1).
(*) بشوص: يستاك.
(5) متفق عليه: م (255/ 220/ 1)، وهذا لفظه، خ (245/ 356/ 1)، د (54/ 83/
1)، نس (1/ 8)،
ولفظ الثلاثة "إذا قام من الليل"
(1/31)
كراهة نتف الشيب:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شيبة في الإِسلام إلا كانت له نورًا
يوم القيامة" (1).
تغيير الشيب بالحناء والكتم (*) ونحوهما وتحريم
السواد:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم" (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن اليهود والنصاري لا يصبغون فخالفوهم" (3).
وعن جابر رضي الله عنه قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته
كالثغامة بياضا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "غيروا هذا بشيء
واجتنبوا السواد" (4).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة
الجنة" (5).
آداب الخلاء
1 - يستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من
الخبث والخبائث، وذلك لحديث علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال:
"ستر ما بين الجنَّ وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول بسم الله"
(6).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 7463]، د (4184/ 256/ 11)، نس (136/ 8).
(*) الكتم: نبت يخلط بالوسمة يختضب به، والوسمة شجرة يختضب بورقها.
(2) صحيح: [ص. ج 1546]، د (4187/ 259/ 11)، ت (1806/ 345/ 1)، جه (3622/
1196/ 2)،
واللفظ له، نس (139/ 8).
(3) متفق عليه: خ (5899/ 354/ 10)، م (2103/ 1663/ 3)، د (4185/ 257/ 11)،
نس (137/ 8).
(4) صحيح: [ص. ج 4170]، م (2102 - 69 - 3663/ 3)، د (4186/ 258/ 11)، نس
(8/ 138)، جه
(3624/ 1197/ 2) بنحوه.
(5) صحيح: [ص. ج 8153]، د (4194/ 266/ 11)، نس (8/ 138).
(6) صحيح: [ص. ج 3611]، ت (603/ 59/ 2)، وهذا لفظه، جه (1/ 109/ 297)
وعنده" إذا دخل الكنيف" بدلا من "إذًا دخل الخلاء".
(1/32)
ولحديث أنس رضي الله عنه قال:
" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني
أعوذ بك من الخبث والخبائث" (1).
2 - ويستحب إذا خرج أن يقول: غفرانك، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان
النبي - صلى الله عليه وسلم -إذا خرج من الخلاء قال غفرانك" (2).
3 - ويستحب أن يقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج، وذلك لكون
التيامن فيما هو شريف، والتياسر فيما هو غير شريف، وقد ورد ما يدل عليه في
الجملة (3).
4 - وإذا كان في الفضاء استحب له الإبعاد حتي لا يُرى:
عن جابر رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
سفر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي البراز (*) حتى يتغيب
فلا يُرى" (4).
5 - ويستحب أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض:
عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد
الحاجةَ لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" (5).
6 - ولا يجور استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء ولا في البنيان:
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها, ولكن شرقوا أوغربوا"
(6).
__________
(1) منفق عليه: خ (142/ 242/ 1)، م (375/ 283/ 1)، د (4/ 21/ 1)، جه (298/
109/ 1) , ت (6/ 7/ 1)، نس (20/ 1).
(2) صحيح: [ص. ج 4714]، د (30/ 52/ 1)، ت (7/ 7/ 1)، جه (300/ 110/ 1).
(3) السيل الجرار (64/ 1).
(4) صحيح: [ص. جه 268]، جه (335/ 121/ 1)، د (2/ 19/ 1)، بنحوه.
(*) البراز: الفضاء.
(5) صحيح: [ص. ج 4652]، د (14/ 31/ 1)، ت (14/ 11/ 1)، من حديث أنس.
(6) صحيح: [مختصرم 109]، [ص. د 7].
(1/33)
قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض
قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله تعالى (1).
7 - ويحرم التخلى في طريق الناس وفي ظلّهم:
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "اتقوا اللاعنَيْن،
قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلي في طريق الناس أوفي
ظلهم" (2).
8 - ويكره أن يبول في مستحمه:
عن حميد الحميري قال: لقيت رجلًا صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما
صحبه أبو هريرة
قال:
"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في
مغتسله" (3).
9 - ويحرم البول في الماء الراكد:
عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى أن يبال الذي الماء
الراكد" (4).
10 - ويجوز البول قائما والقعود أفضل:
عن حذيفة رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى سباطة
قوم فبال قائما، فتنحيت فقال ادنه، فدنوت حتى قمت عند عقبيه، فتوضأ ومسح
على خفيه" (5)
إنما قلنا القعود أفضل لأنه الغالب من فعله - صلى الله عليه وسلم - حتى
قالت عائشة رضي الله
عنها:
"من حدثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فلا تصدقوه، ما
كان يبول إلا جالسًا (6).
وقولها هذا لا ينفي ما جاء عن حذيفة؛ لأنها أخبرت عما رأت، وأخبر
__________
(1) متفق عليه: خ (394/ 498/ 1)، م (264/ 224/ 1)، ت (8/ 8/ 1).
(2) صحيح: [ص. ج 110]، د (25/ 47/ 1)، م (269/ 226/ 1)، ولفظه "اللعانين
قالوا: وما اللعانان".
(3) صحيح: [ص. نس 232]، نس (130/ 1)، د (28/ 50/ 1).
(4) صحيح: [ص. ج 6814]، م (281/ 235/ 1)، نس (34/ 1).
(5) متفق علبه: م (273/ 228/ 1)، ت (13/ 11/ 1)، خ (225/ 329/ 1)، نس (19/
1)، د (23/ 44/ 1)،
جه (305/ 111/ 1).
(6) صحيح: [ص. نس 29]، نس (26/ 1)، ت (12/ 10/ 1) ولفظه "إلا قاعدًا".
(1/34)
حذيفة عما رأى، ومعلوم أن المثبت مقدم على
النافي لأن معه زيادة علم.
11 - ويجب الاستنزاه من البول:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بقبرين
فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من
بوله، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة" (1).
12 - ولا يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يستنجى بها:
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يستنج بيمينه" (2).
13 - وبجوز الاستنجاء بالماء أو بالأحجار وما في معناها والماء أفضل:
عن أنس رضي الله عنه قال: كان. رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل
الخلاء، فاحمل أنا وغلام نحوى إداوة (*) من ماء وعنزة (**)، فيستنجى
بالماء" (3).
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال "إذا
ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فَلْيَستطِبْ بها فإنها
تَجزِيء عنه" (4).
14 - ولا يجور الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار:
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قيل له: "قد علمكم نبيكم - صلى الله
عليه وسلم - كل شيء حتى الخراءة!
فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجى باليمين،
__________
(1) متفق عليه: خ (216/ 317/ 1)، م (292/ 240/ 1)، ت (70/ 47/1) د (20/ 40/
1)، نس (28/ 1).
(2) صحيح: [ص. جه 250]، جه (310/ 113/ 1)، هذا لفظه، ورواه: خ (154/ 254/
1)، م (267/ 225/1)، د (31/ 53/ 1)، ت (15/ 12/ 1)، نس (25/ 1) مطولًا
ومختصرًا.
(3) متفق عليه: خ (152/ 252/ 1)، م (227/ 271/ 1)، نس (42/ 1) وليس عنده
ذكر "العنزه".
(*) إداوة: اناء صغير من جلد
(**) وعنزة: عصا أقصر من الرمح لها سنان.
(4) صحيح: [ص. نس 43]، نس (42/ 1)، د (40/ 61/ 1)
(1/35)
أو أن نستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن
نستنجى برجيع (*) أو بعظم" (1).
15 - ولا يجوز الاستجمار بالعظم والروث:
عن جابر رضي الله عنه قال: إنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسح
بعظم أو ببعر" (2)
باب الآنية
ويجوز استعمال الأواني كلها إلا آنية الذهب والفضة، فإنه يحرم الأكل والشرب
فيهما خاصة، دون سائر الاستعمال.
عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تلبسوا الحرير والديباج، فإنها لهم
في الدنيا ولكم في الآخرة" (3).
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله قال: "الذي يشرب في إناء الفضة
إنما يجرجر (**) في بطنه نار جهنم" رواه البخاري ومسلم (4). ولمسلم: "إن
الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب ... ".
قال مسلم: "وليس في حديث أحد منهم ذكر الأكل والذهب إلا في حديث ابن مسهر.
أهـ.
قال الألباني: فهذه الزيادة شاذة من جهة الرواية، وإن كانت صحيحة في المعنى
من حيث الدراية، لأن الأكل والذهب أعظم وأخطر من الشرب والفضة كما هو ظاهر.
أهـ (5).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 255]، م (223/ 262/ 1)، ت (16/ 13 / 1)، د (7/ 24/ 1)، جه
(316/ 115/ 1)، نس (38/ 1).
(*) برجيع: الرجيع: الروث والعذرة.
(**) يُجرجر: الجرجرة: صوت الماء في الجوف.
(2) صحيح: [ص. ج 6827]، م (263/ 224/ 1)، د (38/ 60/ 1).
(3) متفق عليه: خ (5633/ 96/ 10)، م (2067/ 1637/3)، ت (1939/ 199/ 3/ 1)،
د (3705/ 189/10)، جه (3414/ 1130/ 2)، بدون النهي عن الحرير والديباج، نس
(198/ 8).
(4) متفق عليه: خ (5634/ 96/ 10)، م (2065/ 1634/ 3)، جه (3413/ 1130/2).
(5) الارواء (69/ 1).
(1/36)
الطهارة للصلاة
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"لا تقبل صلاة بغير طهور" (1).
والطهارة نوعان: طهارة بالماء، وطهارة بالصعيد.
أولًا: الطهارة بالماء: الوضوء والغسل.
الوضوء
صفته:
عن حُمران مولى عثمان أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ: فغسل
كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده
اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم
غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال:
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئى هذا ثم قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - "من توضأ نحو وضوئى هذا ثم قام فركع ركعتين لا
يحدث فيهما نفسه غفرله ما تقدم من ذنبه". قال ابن شهاب: وكان علماؤنا
يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة (2).
شروط صحته:
أ- النية: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" (3)
ولا يشرع التلفظ بها لعدم ثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) صحيح: [مختصرم 104]، م (224/ 204/ 1)، ت (1/ 3/ 1).
(2) متفق عليه: م (226/ 204/ 1)، وهذا لفظه خ (164/ 266 / 1)، د (106/ 180/
1)، نس (64/ 1).
(3) متفق عليه: البخاري (1/ 9/ 1)، مسلم (1907/ 1515/ 3)، د (2186/ 284/
6)، ت (/ِ 3/ 100
1698)، جه (/ 4227/ 1413/ 2)، نس (59/ 1).
(1/37)
2 - التسمية: لقوله - صلى الله عليه وسلم
-: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم
يذكر اسم الله عليه" (1).
3 - الموالاة: لحديث خالد بن معدان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى
رجلاًَ يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي -
صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء والصلاة" (2).
فرائضه:
1 - 2 - غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق.
3 - غسل اليدين إلى المرفقين (3).
4 - 5 - مسح الرأس كله، والأذنان من الرأس.
6 - غسل الرجلين إلى الكعبين.
لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ....... }
(4).
أما كون المضمضة والاستنشاق من الوجه فتجبان فلأن الله سبحانه قد أمر في
كتابه العزيز بغسل الوجه، وقد ثبت مداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - على
ذلك في كل وضوء، ورواه جميع من روى وضوءه - صلى الله عليه وسلم - وبين
صفته، فافاد ذلك أن غسل الوجه المأمور به في القرآن هو مع المضمضة
والاستنشاق (5).
__________
(1) حسن: [ص. جه 320]، د (101/ 174/ 1)، جه (399/ 140/ 1).
(2) صحيح: [ص. د 161] ,د (173/ 296/1).
(3) قال الشافعي في الأم (25/ 1): ولا يجزى في غسل اليدين أبدا إلا أن يؤتي
على ما بين أطراف الأصابع إلى أن تغسل المرافق، ولا يجزي إلا أن يؤتي
بالغسل على ظاهر اليدين وباطنهما وحروفهما حتى بنقضى غسلهما، إن ترك من هذا
شيء وأن قل لم يجز أهـ
(4) المائدة (6).
(5) السيل الجراد (81/ 1).
(1/38)
وقد ورد الأمر بهما في قوله - صلى الله
عليه وسلم -:
"إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر" (1).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" (2).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأت فمضمض" (3).
وأما وجوب استيعاب الرأس بالمسح فلأن الأمر بالمسح في القرآن مجمل، فيرجع
في بيانه إلى السنة، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - استوعب مسح رأسه وفي هذا دليل على وجوب تكميل مسح الرأس.
فإن قيل: قد ثبت من حديث المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح
بناصيته وعلى العمامة؟
فالجواب: إنما اقتصر على مسح الناصية لأنه كمل مسح بقية الرأس على العمامة،
ونحن نقول بذلك، وليس فيه دليل على جواز الاقتصار على مسح الناصية أو بعض
الرأس من غير تكميل على العمامة (4).
فالحاصل أنه يجب استيعاب الرأس بالمسح، والماسح إن شاء مسح على الرأس فقط،
أو على العمامة فقط، أو على الرأس والعمامة، فالكل صحيح ثابت.
وأما كون الأذنين من الرأس فيجب مسحهما، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -
"الأذنان من الرأس" (5).
7 - تخليل اللحية: لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به
لحيته وقال: "هكذا أمرني ربى عَزَّ وَجَلَّ" (6).
8 - تخليل أصابع اليدين والرجلين:
__________
(1) صحيح: [ص. ج 443]، د (140/ 234/ 1)، نس (66/ 1).
(2) و (3) صحيح: [ص. د 129، 131]، د (142, 144/ 236 /1).
(4) تفسير ابن كثير (24/ 2) بتصرف.
(5) صحيح: [ص. جه 357]، جه (443/ 152/ 1).
(6) صحيح: [الإرواء92]، د (145/ 243/ 1)، هق (54/ 1).
(1/39)
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أسبغ
الوضوء، وخلل بين الأصابع، ويالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" (1).
سننهُ:
1 - السواك: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" (2).
2 - غسل الكفين ثلاثًا في أوّل الوضوء، لما ثبت عن عثمان رضي الله عنه في
حكايته لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه غسل كفيه ثلاثًا (3).
3 - الجمع بين المضمضة والاستنشاق ثلاثًا بغرفة، لما في حديث عبد الله بن
زيد رضي الله عنه بني تعليمه لوضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
تمضمض واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثًا (4).
4 - المبالغة فيهما لغير الصائم: لقوله - صلى الله عليه وسلم - وبالغ في
الاستنشاق إلا أن تكون صائما" (5).
5 - تقديم اليمنى على اليسرى: لحديث عائشة رضي الله عنها:
"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن في تنعله (*) وترجله
(**) وطهوره وفي شأنه كله" (6).
ولما في حديث عثمان في حكايته لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه غسل
اليمنى ثم اليسرى.
6 - الدلك: لحديث عبد الله بن زيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى
بثلثى مُدّ فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه" (7).
__________
(1) سبق ص 33.
(2) سبق ص 25.
(3) سبق ص 31.
(4) في م: [مختصرم 125] , م (235/ 210/ 1).
(5) سبق ص,33
(*) تنعْله: لبس نعله.
(**) ترجّله: ترجيل شعره أي تسريحه ..
(6) متفق عليه: خ (168/ 269/ 1)، م (268/ 226/ 1) (4122/ 199/11) نس (1/
78)
(7) إسناده صحيح: [ص. خز 118/ 62/ 1].
(1/40)
7 - تثليث الغسل: لحديث عثمان أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا. وقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم -
توضأ مرة مرة ومرتين مرتين (1).
ويستحب تكرار مسح الرأس أحيانًا: "لما صح عن عثمان أنه توضأ فمسح رأسه
ثلاثًا وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ هكذا" (2).
8 - الترتيب: لأنه الغالب في وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما
حكاه من حكى وضوءه - صلى الله عليه وسلم -، لكنه قد صح عن المقدام بن معد
يكرب "أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فتوضأ فغسل كفيه
ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعمِه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنثر
ثلاثًا، ثم مسح برأسه وأذنيه ... الحديث (3).
9 - الدعاء بعده: لقوله - صلى الله عليه وسلم - ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ
الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" (4) زاد
الترمذي (5):
"اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين".
وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فقال: سبحانك
اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رقّ
(*)، ثم طبع بطابع فلا يكسر إلى يوم القيامة" (6).
10 - صلاة ركعتين بعده: لقول عثمان بعد أن علمهم صفة وضوء رسول الله
__________
(1) حسن صحيح: [ص. د 124]، خ (258/ 158/ 1) من حديث عبد الله بن زيد ورواه:
د (136/ 230/ 1)، ت (43/ 31/ 1) من حديث أبي هريرة.
(2) حسن صحيح: [ص. د 101]، د (110/ 188/1).
(3) صحيح: [ص. د 112] م، د (121/ 211/ 1).
(4) صحيح: [مختصرم 143]، م (234/ 209/ 1).
(5) صحيح: [ص. ت 48]، ت (55/ 83/ 1).
(*) رق: الصحيفة البيضاء.
(6) صحيح: [الترغيب 220]، كم (564/ 1). ولم يصح في الدعاء، أثناء الوضوه
شيء. أهـ.
(1/41)
- صلى الله عليه وسلم -: رأيت النبي - صلى
الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما
تقدم من ذنبه" (1).
وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الصبح:
"يا بلال أخبرني بأرجي عمل عملته في الإِسلام فإني سمعت دفّ نعليك (*) بين
يديّ في الجنة؟ قال: ما عملت عملًا أرجى عندي: أني لم أطهر طهورًا في ساعة
من ليل أو نهار الأصليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلى" (2).
نواقضه:
1 - ما خرج من السبيلين "القبل والدبر" من بول أو غائط أو ريح:
لقول الله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (3)
وهوكناية عن قضاء
الحاجة.
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث
حتى يتوضأ، فقال
رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط (4).
كما ينقضه خروج المذي والودى:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المني والودي والمذي، أما المنى فهو الذي
منه الغسل، وأما الودي والمذي فقال: اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك
للصلاة (5).
__________
(1) سبق ص 31.
(*) دف نعليْك: الدف: الدبيب، وهو السّير الليّن.
(2) متفق عليه: خ (1149/ 34/ 3)، م (2458/ 4/ 1910).
(3) المائدة (6).
(4) متفق عليه: خ (135/ 234/ 1)، هق (117/ 1)، أ (352/ 75/ 2)، وأصل الحديث
عند غيرهم
بدون الزيادة: م (225/ 204/ 1)، د (60/ 87/ 1)، ت (76/ 150/ 1).
(5) سبق ص 19 ..
(1/42)
2 - النوم المستغرق: الذي لا يبقى معه
إدراك، سواء كان ممكنا مقعدته من الأرض أم لا، لحديث صفوان بن عسال قال:
"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع
خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم (1) "
فسوّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين النوم والبول والغائط.
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العين
وِكاء السَّه، فمن نام فليتوضأ" (2).
والوكاء بكسر الواو - الخيط الذي يربط به الخريطة.
والسّه: بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة الدبر.
والمعني: اليقظة وكاء الدبر أي حافظة ما فيه من الخروج؛ لأنه ما دام
مستيقظا أحسّ بما يخرج منه (3).
3 - زوال العقل بسكر أو مرض؛ لأن الذهول عند هذه الأسباب أبلغ من النوم.
4 - مس الفرج من غير حائل إذا كان بشهوة: لقوله - صلى الله عليه وسلم - "من
مس ذكره فليتوضأ" (4).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - "هل هو إلا بضعة منك" (5)، فهو بضعة منك إن
لم يقترن بالمس شهوة؛ لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر
من الجسم، بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر؛ لأنه
لا يقترن عادة بشهوة، وهذا أمر بّين كما ترى (6).
__________
(1) حسن: [ص. نس 123]، ت (69/ 65/ 1)، نس (84/ 1).
(2) حسن،: [ص. جه 386]، جه (477/ 161/ 1)، د (200/ 347/ 1) نحوه.
(3) نيل الأوطار (242/ 1).
(4) صحيح: [ص. جه 388]، د (179/ 307/ 1)، جه (479/ 161/ 1)، نى (100/ 1)، ت
(82/ 55/ 1)، بزيادة "فلا يصل ... ".
(5) صحيح: [ص. جه 392]، د (180/ 312/1)، جه (483/ 163/1) ,نس (100/ 1) ,ت
(85/ 56/ 1)
(6) تمام المنة (103).
(1/43)
5 - أكل لحم الإبل: لحديث البراء بن عازب
رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"توضئوا من لحوم الإبل، ولا توضئوا من لحوم الغنم" (1).
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ: قال: أأتوضأ من
لحوم الإبل؟ قال: نعم توضأ من لحوم الإبل" (2).
ما يجب له الوضوء (ما يحرم على المحدث):
1 - الصلاة: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ
إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... الآية} (3).
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" (4).
2 - الطواف بالبيت: لقوله - صلى الله عليه وسلم - "الطواف بالبيت صلاة، إلا
أن الله أحل فيه الكلام" (5).
ما يستحب له الوضوء:
1 - ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ: لحديث المهاجر بن قنفد "أنه سَلَّم على النبي
- صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ، فرد عليه وقال:
"إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة" (6).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 401]، د (182/ 315/ 1)، ت (81/ 54/ 1)، جه (494/ 166/ 1)،
مختصرًا.
(2) صحيح: [مختصرم 146]، م (360/ 275/ 1).
(3) المائدة (6).
(4) سبق ص 31.
(5) صحيح: [ص. ج 3954]، ت (967/ 217/ 2)
(6) صحيح: [ص. جه 280]، د (17/ 34/ 1)، جه (350/ 126/ 1)، نس (37/ 1) وليس
عنده المرفوع.
(1/44)
2 - النوم: لما رواه البراء بن عازب رضي
الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ
وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك،
ووجهت وجهى إليك، وفوّضت أمرى إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك،،
لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم اَمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي
أرسلت. فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به" (1).
3 - الجنب: إذا أراد أن يأكل أو يشرب، أو ينام، أو يعاود الجماع:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان
جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة" (2).
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للجنب
إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة" (3).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتى
أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ" (4):
4 - قبل الغسل سواء كان واجبًا أم مستحبًا:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا
اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم
يتوضأ وضوءه للصلاة (5).
5 - أكل ما مسته النار: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يقول: " توضأوا مما مست النار" (6). وهو محمول على
الاستحباب، لحديث عمرو بن أمية الضمري قال:
__________
(1) متفق عليه: خ (6311/ 109/ 11)، م (2710/ 2081/ 4)
(2) صحيح: [مختصرم 162]، م (305 - 22 - 248/ 1)، نس (138/ 1)، د (221/ 374/
1).
(3) صحيح: د (222/ 375/ 1).
(4) صحيح: [ص. ج 263]، م (308/ 249/ 1)، د (217/ 371/ 1)، ت (141/ 94/ 1)،
نس (142/ 1)
(5) صحيح: [مختصر م 155]، م (316/ 253/ 1).
(6) صحيح: [مختصر م 147]، م (352/ 272/ 1)، نس (105/ 1).
(1/45)
رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز من
كتف شاة، فأكل منها، فدعى إلى الصلاة، فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ
(1).
6 - لكل صلاة: لحديث بريدة رضي الله عنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه
وسلم - يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلى
الصلوات بوضوء واحد. فقال له عمر: يا رسول الله إنك فعلت شيئا لم تكن
تفعله. فقال: عمدًا فعلته يا عمر" (2).
7 - عند كل حدث: لحديث بريدة رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يومًا فدعا بلالًا فقال: يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة، إنى
دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك (*) أمامى؟ فقال بلال: يا رسول الله، ما
أذّنت قط إلا صليت ركعتين، ولا أصابنى حدث قط إلا توضأت عنده فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - لهذا (3).
8 - من القىء: لحديث معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قاء فأفطر فتوضأ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له،
فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه (4).
9 - من حمل الميت: لقوله - صلى الله عليه وسلم - "من غسّل ميتا فليغتسل،
ومن حمله فليتوضأ" (5)
__________
(1) صحيح: [مختصر 148]، م (355 - 93 - 274/ 1) وهذا الفظه، خ (208/ 311/ 1)
ويحتز أي يقطع بالسكين ..
(2) صحيح: [مختصرم 142]، م (277/ 232/ 1)، د (171/ 292/ 1)، ت (61/ 42/ 1)،
نس (86/ 1).
(*) خشخشتك: الخشخشة: حركة لها صوت.
(3) صحيح: [ص. ج 7894] ت (3772/ 282/ 5)
(4) صحيح الإسناد: [تمام المنة ص 111]، ت (87/ 58/ 1)، د (2364/ 8/ 7)،
وليس فيه "فتوضأ".
(5) صحيح: [الجنائز 53]، (486/ 145/ 2)، حب (751/ 191)، هق (300/ 1)، ت
(998/ 231/ 2)، بمعناه "وظاهر الأمر يفيد الوجوب، وإنما لم نقل به لحديث
ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس عليكم في غسل ميتكم
غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" رواه: كم
(386/ 1)، هق (398/ 3). أهـ بتصرف من أحكام الجنائز للألبانى (ص 53).
(1/46)
المسح على الخفين
قال الإِمام النووى - رحمه الله - في شرح مسلم (164/ 3):
أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر،
سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازمة بيتها والزّمن الذي لا
يمشي، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج، ولا يعتد بخلافهم.
قال الحسن البصري - رحمه الله -: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على
الخفين. أهـ
وأحسن ما يحتج به لجواز المسح ما رواه مسلم عن الأعمش عن إبراهيم عن همام
قال: بال جرير ثم توضأ ومسح على خفيه. فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم توضأ ومسح على خفية. قال الأعمش:
قال إبراهيم كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة
(1).
قال النووي: (2) معناه: أن الله تعالى قال في سورة المائدة (فاغسلوا وجوهكم
وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين). فلو كان إسلام
جرير متقدما على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخًا بآية
المائدة، فلما كان إسلامه متأخرًا علمنا أن حديثه يعمل به، وهو مبيّن أن
المراد بالآية غير صاحب الخف، فتكون السنه مخصصة للآية. والله أعلم.
شروطه:
يشترط لجواز المسح أن يلبس الخفين على وضوء:
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
ذات ليلة في
__________
(1) صحيح: [مختصر م 136]، م (272/ 227/ 1)، ت (93/ 63/ 1)
(2) شرح مسلم (164/ 3).
(1/47)
مسير، فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه
وذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت
لأنزع خفيه فقال: "دعهما فإنى أدخلتهما طاهرتين" (1) فمسح عليهما.
مدة المسح:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- ثلاثة أيام
ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم (2).
محل المسح وصفته:
المحل المشروع مسحه ظهر الخف، لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لو كان
الدّين بالرأى لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - مسح على ظاهر خفيه (3). والواجب في المسح ما يطلق
عليه اسم المسح.
المسح على الجوربين والنعلين:
وكما يجوز المسح على الخفين فإنه يجوز على الجوربين والنعلين، لحديث
المغيرة بن شعبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الجوربين
والنعلين (4). وعن عبيد بن جريج قال: قيل لابن عمر: رأيناك تفعل شيئًا لم
نر أحدًا يفعله غيرك، قال: وما هو؟ قالوا: رأيناك تلبس هذه النعال السبتية.
قال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبسها ويتوضأ فيها ويمسح
عليها.
__________
(1) متفق عليه: م (274 - 79 - 230/ 1)، خ (206/ 309/ 1) مختصرا. د (151/
256/ 1).
(2) صحيح: [مختصرم 139]، م (276/ 232/ 1)، نس (84/ 1).
(3) صحيح: [الإرواء 103]، د (162/ 278/ 1).
(4) صحيح: [الارواء 101]، د (159/ 269/ 1)، ت (99/ 67/ 1)؟ جه (559/ 185/
1).
(1/48)
ما يبطل المسح:
يبطل المسح بأحد هذه الثلاثة:
1 - انقضاء المدة: لأن المسح موقت كما علمت، فلا يجوز الزيادة على المدة
المقررة.
2 - الجنابة: لحديث صفوان: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا
إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من
غائط وبول ونوم" (1).
3 - نزع الممسوح عليه من الرجلين: لأنه إذا نزعهما ثم لبسهما لم يكن أدخل
رجليه طاهرتين.
فائدة: انقضاء المدة ونزع الممسوح عليه يبطلان المسح وحده، فلا يجوز المسح
حتى يتوضأ ويغسل رجليه ثم يلبس، لكنه إذا كان متوضئًا حين نَزعِ الممسوح
عليه أو انقضاء المدة فإنه باق على وضوئه يصلى به ما شاء حتى يحدث.
فائدة: من لبس جوربين على طهارة، ثم مسح عليهما، ونزع الأعلى بعد المسح جاز
له إتمام المدة بالمسح على الأسفل؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين
أما إذا لبس جوربا واحدا ومسح عليه، ثم لبس عليه غيره لم يمسح عليه؛ لأنه
لم يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين (2).
__________
(1) حسن: [الارواء 104]، ت (96/ 65/ 1)، نس (84/ 1).
(2) هكذا أخبرنى العلامة الألباني -حفظه الله-.
(1/49)
الغسل
موجباته:
1 - خروج المنى في اليقظة أو في النوم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنما
الماء من الماء" (1)
وعن أم سلمة أن أم سليم قالت: "يا رسول الله، إن الله لا يستحى من الحق،
فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء" (2). وتشترط
الشهوة في اليقظة دون النوم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حذفت
الماء فاغتسل من الجنابة، فهذا لم تكن حاذفًا فلا تغتسل" (3). قال
الشوكانى: (4) الحذف هو الرمى، وهو لا يكون بهذه الصفة إلا لشهوة، ولهذا
قال المصنف: وفيه تنبيه على أن ما يخرج لغير شهوة إما لمرض أو أبردة لا
يوجب الغسل".
ومن احتلم ولم يجد الماء فلا غسل عليه، ومن وجد الماء ولم يذكر احتلامًا
فعليه الغسل عن عائشة قالت: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما؟ فقال: يغتسل. وعن الرجل يرى أنه قد
احتلم ولا يجد البلل؟ فقال: لا غسل عليه" (5).
2 - الجماع وإن لم ينزل: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل" (6).
3 - إسلام الكافر: عن قيس بن عاصم "أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه
وسلم - أن يغتسل بماء وسدر" (7).
4 - انقطاع الحيض والنفاس: لحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال لفاطمة بنت
__________
(1) صحيح: [مختصرم 151]، م (343/ 269/ 1)، د (214/ 366/ 1).
(2) متفق عليه: خ (130/ 228/1)، م (313/ 251/ 1)، ت (122/ 80/ 1)
(3) إسناده حسن صحيح: [الإرواء 162/ 1]، أ (82/ 247/ 1).
(4) نيل الأوطار (275/ 1).
(5) صحيح: [ص. د 216]، ت (113/ 74/ 1)، د (233/ 399/ 1).
(6) صحيح: [مختصر م 152]، م (348/ 271/ 1).
(7) صحيح: [الإرواه 128]، نس (109/ 1)، ت (602/ 58/ 2)، د (351/ 19/ 2).
(1/50)
أبي حبيش "إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة،
وإذا أدبرت فاغتسلى وصلى" (1). والنفاس كالحيض بالإجماع.
5 - يوم الجمعة: عن أبي سعيد الخدرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: "غُسل الجمعة واجب على كل مُحتلم" (2).
أركانه:
1 - النية: لحديث: "إنما الأعمال بالنيات" (3).
2 - تعميم البدن بالماء.
صفته المستحبة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا
اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه،
ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا
رأى أن قد استبرأ (*) حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم
غسل رجليه" (4)
فائدة: لا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك في
الغسل من الحيض.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسى
أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات ثم
تفيضين عليك الماء فتطهرين" (5).
__________
(1) متفق عليه: خ (320/ 420/ 1)، م (333/ 262/ 1)، د (279/ 466/ 1)، ت
(125/ 82/ 1) نس (186/ 1)، وألفاظهم غير البخاري "فاغسلى عنك الدم".
(2) متفق عليه: خ (879/ 2/ 357)، م (846/ 580/ 2)، د (337/ 4، 5/ 2)، ن
(93/ 3) جه (1089/ 346/ 1).
(*) استبرأ: أي استقصى وخَلصَ من عهد الغسل وبرىء.
(3) سبق ص 31.
(4) متفق عليه.
(5) صحيح: [الإرواء136]، م (330/ 259/ 1)، د (248/ 426/ 1)، نس (131/ 1)، ت
(105/ 71/ 1) جه (603/ 198/ 1).
(1/51)
وعن عائشة رضي الله عنها أن أسماء سألت
النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض، فقال: تأخذ إحداكن ماءها
وسدرتها، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا، حتى
تبلغ شئون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها. فقالت
أسماء: كيف تطهر بها؟ فقال: سبحان الله تطهرى بها. فقالت عائشة كأنها تخفى
ذلك: تتبعين بها أثر الدم.
وسألته عن غسل الجنابة. فقال تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور
ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تفيض عليها الماء (1).
فهذا الحديث صريح في التفريق بين غسل المرأة من المحيض وغسلها من الجنابة،
حيث اكد على الحائض أن تبالغ في التدليك الشديد والتطهير مالم يؤكد مثله في
غسلها من الجنابة، كما أن حديث أم سلمة دليل على عدم وجوب النقض في غسلها
من الجنابة (2).
والأصل نقض الشعر لتيقن وصول الماء إلى ما تحته، إلا أنه عُفى عنه في غسل
الجنابة لتكرره ووقوع المشقة الشديدة في نقضه، بخلاف غسل الحيض فإنه في
الشهر مرة (3).
فائدة: يجوز للزوجين أن يغتسلا معًا في مكان واحد، ينظر كل منهما إلى عورة
صاحبه لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله
عليه وسلم - من إناء واحد ونحن جنبان" (4).
الأغسال المستحبة:
1 - الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع "أن النبي - صلى الله عليه وسلم
- طاف ذات ليلة على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه. قال: فقلت يا رسول الله!
ألا تجعله واحدًا؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر" (5).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 172]، م (332 - 61 - / 261/ 1).
(2) و (3) تهذيب سق أبي داود لابن القيم (166/ 167/ 1) بتصرف.
(4) متفق عليه: م (321/ 256/ 1)، خ (263/ 374/ 1)، نس (129/ 1).
(5) حسن: [ص. جه 480]، د (216/ 370/ 1)،جه (590/ 194/ 1)
(1/52)
2 - اغتسال المستحاضة لكل صلاة، أو للظهر
والعصر جميعًا غسلًا، وللمغرب والعشاء جميعًا غسلًا، وللفجر غسلًا، لحديث
عائشة رضي الله عنها قالت: إن أمّ حبيبة استحيضت في عهد رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فأمرها بالغسل لكل صلاة ... الحديث (1)، وفي رواية عنها:
استحيضت امرأة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فامرت أن تعجّل
العصر وتؤخّر الظهر، وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتؤخّر المغرب وتعجّل
العشاء وتغتسل لهما غسلًا، وتغتسل لصلاة الصبح غسلًا (2).
3 - الاغتسال بعد الأِغماء: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ثَقُلَ رسولُ
الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصلّى الناس؟ فقلنا لا، هم ينتظرونك يا
رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب (*)، قالت: ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب
لينو (**) فأغمى عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا
رسول الله، فقال: ضعوا لي ماءً في المخضب، قالت: ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب
لينوء فأغمى عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا
رسول الله .. فذكرت إرساله إلى أبي بكر وتمام الحديث (3).
4 - الاغتسال من دفن المشرك: لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتى
النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبا طالب مات. فقال: "اذهب فواره"،
فلما واريته رجعت إليه فقال لي: "اغتسل" (4).
5 - الاغتسال للعيدين ويوم عرفة، لما رواه البيهقي من طريق الشافعي عن
زاذان قال: سأل رجل "عليًا" رضي الله عنه عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن
شئت، فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل؟ قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم
النحر، وبوم الفطر.
__________
(1) صحيح: [ص. د 269]، د (289/ 483/ 1).
(2) صحيح: [ص. د 273]، د (291/ 487/ 1)، نس (184/ 1).
(*) المخضب: الإناء الذي يغسل فيه الثياب من أي جنس كان.
(**) لينوء: لينهض بجهد.
(3) متفق عليه: م (418/ 311/ 1)، خ (687/ 172/ 1).
(4) صحيح الإسناد: [الجنائز 134]، نس (110/ 1)، د (3198/ 32/ 9).
(1/53)
6 - الغسل من غسل الميت، لقوله - صلى الله
عليه وسلم -: "من غسّل ميتًا فليغتسل" (1).
7 - الغسل للإحرام بالعمرة أو الحج، لحديث زيد بن ثابت "أنه رأى النبي -
صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل" (2).
8 - الغسل لدخول مكة: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يقدم مكة إلا
بات بذى طوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، ويذكر عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - أنه فعله (3).
ثانيًا- الطهارة بالصعيد (التيمم):
مشروعيته:
قال تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا
مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ ... } (5).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن
لم يجد الماء
عشر سنين" (6).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 1195]، جه (1463/ 470/ 1).
(2) حسن: [الأرواء 149]، ت (831/ 163/ 2).
(3) متفق عليه: م (1259 - 227 - 919/ 2) وهذا لفظه، خ (1573/ 435/ 3)، د (/
318/ 5 /1848)، ت (854/ 172/ 2).
(5) المائدة: 6.
(6) صحيح: [ص. د 322]، ت (124/ 81/ 1)، د (329/ 528/ 1)، نس (171/ 1)
بألفاظ متقاربة.
(1/54)
الأسباب المبيحة له:
يباح التيمم عند العجز عن استعمال الماء، لفقده أو خوف ضرر من استعماله
لمرض في الجسم أو شدة برد:
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنّا مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - في سفر، فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل، فقال: ما منعك أن تصلى
قال: أصابتني جنابة ولا ماء. فقال اغيض: "عليك بالصعيد فإنه يكفيك" (1).
وعن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجرٌ فشجّه في
رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك
رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا علي رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أُخبر بذلك، فقال: "قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم
يعلموا فإنما شفاء العىّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم". (2).
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه لما بُعث في غزوة ذات السلاسل قال:
احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلَك، فتيممت ثم
صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ذكروا ذلك له، فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقلت: ذكرت قول الله
تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِن اللهَ كَانَ بِكمْ رَحِيمًا}
فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا"
(3).
__________
(1) متفق عليه: خ (344/ 477/ 1)، م (682/ 474/ 1)، نس (1/ 171).
(2) حسن: [ص. د 326]، د (332/ 532/ 1) وفيه زيادة منكرة، وهي " .. ويعصر أو
يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده". قال شمس الحق في عون
المعبود (535/ 1): رواية الجمع بين التيمم والغسل ما رواها غير زبير بن
خُريق، وهو مع كونه غير قوى في الحديث قد خالف سائر من روى عن عطاء بن أبي
رباح، فرواية الجمع ببن التيمم والغسل رواية ضعيفة لا تثبت بها الأحكام.
اهـ وانتبه للفائدة المذكورة بعد صفحة ..
(3) صحيح: [ص. د 323]، د (330/ 530/ 1)، أ (16/ 191/2)، كم (177/ 1).
(1/55)
ما هو الصعيد؟
قال في لسان العرب (1): الصعيد الأرض، وقيل: الأرض الطيبة، وقيل هو كل تراب
طيب وفي التنزيل: "فتيمموا صعيدا طيبا". قال أبو إسحاق: الصعيد وجه الأرض،
وعلى الإنسان أن يضرب بيديه وجه الأرض ولا يبالي أكان في الموضع تراب أو لم
يكن؛ لأن الصعيد ليس هو التراب، إنما هو وجه الأرض، ترابا كان أو غيره.
قال: ولو أن أرضا كانت كلها صخرًا لا تراب عليه ثم ضرب المتيمم يده على ذلك
الصخر لكان ذلك طهورًا إذا مسح به وجهه. أهـ.
صفة التيمم:
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: أجنبت فلم أصب ماء، فتمعكت (*) في
الصعيد وصليت، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنما كان
يكفيك هكذا. وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم
مسح بهما وجهه وكفيه" (2).
فائدة: الأصل في التيمم أنه قائم مقام الوضوء، فيباح به ما يباح بالوضوء،
ويجوز قبل دخول الوقت كما يجوز الوضوء، ويُصلى به ما شاء كما يصلى بالوضوء.
نواقضه:
ينقض التيمم ما ينقض الوضوء، وينقضه أيضًا وجود الماء لمن فقده، والقدرة
على استعماله لمن عجز عنه، وما مضى من صلاته فصحيح لا تلزمه إعادته.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس
معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت،
__________
(1) (254/ 3).
(*) فتمعكت: تمرغت.
(2) متفق عليه: خ (347/ 455/ 1)، م (368/ 280/ 1)، د (317/ 514/ 1)، نس
(166/ 1).
(1/56)
فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد
الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذى
لم يعد أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للذى توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين
(1).
فائدة: من كان به جرح قَدْ لَفّه، أو كسر قد جبره، فقد سقط عنه غسل ذاك
الموضع ولا يلزمه المسح عليه ولا التيمم له.
برهان ذلك قول الله تعالى: {لا يًكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}
(2). وقول ْالرسول - صلى الله عليه وسلم - "إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما
استطعتم" (3). فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء، وكان التعويض منه
شرعًا، والشرعُ لا يلزم إلا بقرآن أو سنة، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض
المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله، فسقط القول بذلك
(4).
جواز التيمم بالجدار (5):
عن ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى
الله عليه وسلم - حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصارى،
فقال أبو الجهيم: "أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جَمَلٍ
(6)، فلقيه رجل فسلّم عليه، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى
أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رَدَّ عليه السلام" (7).
__________
(1) صحيح: [ص. د 327]، د (334/ 536/ 1)، نس (213/ 1).
(2) البقرة (286).
(3) صحيح: [مختصر م 639]، م (1337/ 975/ 2)، نس (110/ 5).
(4) المحلى (74/ 2).
(5) من الطين كان أو من الحجر، مدهونًا بالزيت أو غير مدهون، أفتاني بذلك
شيخنا الألباني حفظه اللهْ وقال: {وما كان ربك نسيًا}.
(6) موضع بقرب المدينة.
(7) متفق عليه: خ (337/ 441/ 1)، م (369/ 281/ 1)، معلقا، د (325/ 521/ 1)،
ن (165/ 1).
(1/57)
أحكام الحيض والنفاس
الحيض هو الدم المعروف عند النساء، ولا حد في الشرع لأقله وأكثره، وإنما
يرجع فيه إلى العادة.
والنفاس هو الدم الخارج بسبب الولادة، وأكثره أربعون يومًا:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أربعين يوما" (1).
ومتى رأت الطهر قبل الأربعين اغتسلت وطهرت، وإن استمر بها الدم بعد
الأربعين اغتسلت لتمام الأربعين وطهرت.
ما يحرم بالحيض والنفاس
: يحرم على الحائض والنفساء ما يحرم على المحدث (*)، وتزيد عليه في تحريم
1 - الصوم: وتقضيه إذا طهرت:
عن معاذة قالت: "سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي
الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر
بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" (2).
2 - الوطء في الفرج، لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ
هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (3).
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" (4).
__________
(1) حسن صحيح: [ص. جه 530]، د (307/ 501/ 1)، ت (139/ 92/ 1)، جه (648/
213/1).
(*) انظر ص (29).
(2) متفق عليه: م (335/ 265/ 1)، وهذا لفظه، خ (321/ 421/ 1)، ت (130/
87/1)، د (/444/ 1/ 259)، جه (631/ 207/ 1).
(3) البقرة (222).
(4) صحيح: [ص. جه 527]، م (302/ 246/1)، د (255/ 439/ 1)، ت (4060/ 282/
4)، جه (/211/ 1/ 644)، نس (152/ 1).
(1/58)
حكم من أتى حائضَا:
قال الإمام النووي - رحمه الله- في شرح مسلم (204/ 3):
ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافرًا مرتدًا. ولو فعله إنسان
غير معتقد حله: فإن كان ناسيًا أو جاهلّا بوجود الحيض أو جاهلًا بتحريمه أو
مكرهًا فلا إثم عليه ولا كفارة. وان وطئها عامدًا عالمًا بالحيض والتحريم
مختارًا فقد ارتكب معصية كبيرة نص الشافعي على أنها كبيرة، وتجب عليه
التوبة، وفي وجوب الكفارة قولان. اهـ.
قلت: والقول الراجح وجوب الكفارة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو
نصف دينارًا (1).
والتخيير في الحديث راجع إلى التفريق بين أول الدم وآخره، لما روى عن ابن
عباس موقوفًا "إن أصابها في فور الدم تصدق بدينار، وإن كان في آخره فنصف
دينار" (2).
الاستحاضة:
هي دم يخرج في غير أوقات الحيض والنفاس أو متصلا بهما. فإن كان الأول
فواضح، وإن كان الثاني:
فإن كانت المرأة معتادة فما زاد على عادتها فهو استحاضة، لقوله - صلى الله
عليه وسلم - لأم حبيبة "امكثى قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلى"
(3).
وإن كانت مميزة بين الدمين فالحيض هو الأسود المعروف، وغيره استحاضة،
__________
(1) صحيح: [ص. جه 523]، د (261/ 445/ 1)، نس (153/ 1)، جه (640/ 210/ 1).
(2) صحيح موقوف: [ص. د 238]، د (262/ 249/ 1).
(3) صحيح: [الإرواء 202]، م (334 - 65 - 264/ 1).
(1/59)
لقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت
أبي حبيش: "إذا كان دم الحيض فإنه أسود معروف، فأمسكي عن الصلاة، فهذا كان
الآخر فتوضئ فإنما هو عرق" (1).
فإن بلغت مستحاضة ولا تستطيع التمييز رجعت إلى غالب عادة نسائها، لقوله -
صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش: "إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان،
فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله، ثم اغتسلي، حتي إذا رأيت أنك قد طهرت
واستنقيت فصلى أربعًا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين وأيامهن، وصومي، فإن ذلك
يجزيك، وكذلك فافعلى في كل شهر، كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن
وطهرهن" (2).
أحكام المستحاضة:
لا يحرم على المستحاضة شيء مما يحرم بالحيض، إلا أنه يلزمها الوضوء لكل
صلاة لقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش "ثم توضئ لكل صلاة"
(3).
ويسن لها الغسل لكل صلاة كما مر في الأغسال المستحبة.
* * *
__________
(1) صحيح: [الارواء 204]، نس (1/ 185)، د (283/ 470/ 1).
(2) حسن: [الإرواء 205]، د (284/ 475/ 1)، ت (1/ 83/ 128)، جه (627/ 205/
1) بمعناه.
(3) صحيح: [ص. جه 507]، د (195/ 490/1)، جه (624/ 204/1).
(1/60)
|