الوجيز
في فقه السنة والكتاب العزيز كتاب الصلاة
(1/61)
الصلوات المفروضات خمس: الظهر والعصر،
والمغرب، والعشاء، والفجر.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "فرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم -
الصلوات ليلة أُسرِىَ به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسًا، ثم نودي يا محمد
إنه لا يُبَدَّل القول لديّ، وإن لك بهذه الخمس خمسين" (1).
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن أعرابيًا جاء إلى رسول - صلى الله
عليه وسلم - ثائر الرأس فقال: يا رسول الله، أخبرني ما فرض الله على من
الصلاة. قال: "الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا" (2).
منزلتها في الدين:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - "بُنى الإِسلام علي خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول
الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان" (3).
حكم تاركها:
أجمع المسلمون على أن من جحد فريضة الصلاة فقد كفر وخرج عن الإِسلام. لكنهم
اختلفوا فيمن ترك الصلاة مع اعتقاده وجوبها، وسبب الخلاف أحاديث جاءت عن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمى تارك الصلاة كافرًا، من غير تفريق
بين الجاحد والمتهاون، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن بين الرجل وبين
__________
(1) متفق عليه: ت (213/ 137/ 1) هكذا مختصرًا. وأخرجه مطولًا: خ (3887/
201/ 7) م (259/ 145/ 1)، نس (217/ 1).
(2) متفق عليه: خ (46/ 106/ 1)، م (11/ 40/ 1)، د (387/ 53/ 2)، نس (421/
1).
(3) متفق عليه: م (16 - 20 - 45/ 1) وهذا لفظه، خ (8/ 49/ 1)، ت (2736/
119/ 4)، نس (107/ 8).
(1/63)
الشرك والكفر ترك الصلاة" (1).
وعن بريدة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "العهد الذي
بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (2).
لكن الراجح من أقوال العلماء أن المراد بالكفر هنا الكفر الأصغر الذي لا
يخرج من الملة، جمعًا بين هذه الأحاديث وأحاديث أخر، منها:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قول: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئًا
استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس
له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" (3).
فلما رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر من لم يأت بهن إلى مشيئة
الله، علمنا أن تركهن دون الكفر والشرك، لقول الله تعالى {إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}
(4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن
أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع، فإنه كان له تطوع كملت الفريضة من
تطوعه، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك" (5).
وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يدرس
الإِسلام كما يدرس
وشي الثوب (*) حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على
__________
(1) صحيح: [ص. ج 2848]، م (82/ 88/ 1)، وهذا لفظه، د (4653/ 436/ 12)، ت
(2751/ 125/ 4)، جه (1078/ 342/ 1).
(2) صحيح: [ص. جه 884]، جه (1079/ 342/ 1)، نس (231/ 1)، ت (2756/ 125/ 4).
(3) صحيح: [ص. جه 1150]، ما (266/ 90)، أ (82/ 234/ 2)، د (421/ 93/ 2)، جه
(/ 449/ 14011) نس (230/ 1).
(4) النساء (48).
(5) صحيح: [ص. جه 1172]، جه (1425/ 458/1)، وهذا لفظه، ت (411/ 258/ 1)، نس
(232/ 1).
(*) وشي الثوب: ألوانه المختلطة.
(1/64)
كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ في ليلة، فلا يبقى
في الأرض منه آية. وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز. يقولون:
أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها". فقال له
صلة: ما تغنى عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك
ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة. ثم ردّها عليه ثلاثًا. كل ذلك يعرض عنه حذيفة.
ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار. ثلاثًا (1).
على من تجب؟:
تجب على كل مسلم بالغ عاقل:
عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن
ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتي يحتلم، وعن المجنون حتي يعقل"
(2).
ويجب على ولي الصبى أن يأمره بها وإن كانت غير واجبة عليه ليتعود المحافظة
عليها:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر
سنين، وفَرِّقوُا بينهم في المضاجع" (3).
المواقيت:
عن جابر بن عبد الله "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل عليه
السلام فقال له: قم فصلّه، فصلّى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر
فقال: قم فصلّه،
__________
(1) صحيح: [ص. جه 3273]، جه (4049/ 1344/2)
(2) صحيح: [ص. ج 3513]، د (4380/ 78/12)
(3) حسن: [ص. ج 5868]، د (491/ 162/ 2) وهذا لفظه، أ (84/ 237/ 2)، كم
(197/ 1).
(1/65)
فصلّى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم
جاءه المغرب فقال: قم فصلّه، فصلّى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء
فقال: قم فصلّه، فصلّى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر فقال قم فصلّه،
فصلّى الفجر حين برق الفجر، أو قال: سَطَعَ الفجر.
ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله،
ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلّى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم
جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل،
أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء، ثم جاء حين أسفر جدًا فقال: قم فصله، فصلى
الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت" (1).
قال الترمذي: قال محمَّد (يعني ابن إسماعيل البخاري): أصح شيء في المواقيت
حديث جابر:
1 - الظهر: وقته من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
2 - العصر: وقته من صيرورة الظل مثله إلى غروب الشمس.
3 - المغرب: وقته من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق: لقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق" (2).
4 - العشاء: وقتها من غياب الشفق إلى نصف الليل: لقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط" (2).
5 - الفجر: وقته من. طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس" (2).
__________
(1) صحيح: [الإرواء 250]، (90/ 241/ 2)، نس (263/ 1)، ت (150/ 101/ 1)،
بنحوه.
(2) حسن: [الإرواء268/ 1]، م (612 - 173 - 427/ 1) وهذا لفظه، د (392/ 67/
2)، نس (260/ 1).
(1/66)
الصلاة الوسطي ما هى؟
قال تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1).
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم
الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم
نارًا" (2).
استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة
الحر:
عن جابر بن سمرة قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى الظهر إذا
دحضت الشمس (*) " (3)
استحباب الأبراد بالظهر في شدة الحر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا
اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم" (4).
استحباب التبكير بالعصر:
عن أنس رضي الله عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى العصر
والشمس مرتفعة حيّة، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتي العواليِ (••) والشمس
مرتفعة" (5).
إثم من فاتته صلاة العصر:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذي
تفوته صلاة
__________
(1) البقرة (238).
(2) صحيح: [مختصرم 217]، م (627 - 205 - 437/ 1)
(•) رحضت الشمس: أي زالت ومالت عن وسط السماء إلى المغرب.
(3) صحيح: [الإرواء254]، م (618/ 432/ 1).
(4) متفق عليه: م (615/ 430/ 1) وهذا لفظه، خ (533/ 15/2)، د (398/ 75/ 2)،
ت (557/ 105/ 1) نس (248/ 1)، جه (677/ 222/ 1).
(• •) العوالى: أماكن بنواحى المدينة معروفة.
(5) متفق عليه: خ (250/ 28/ 2)، م (621/ 433/ 1)، د (400/ 77/ 2)، نس (252/
1)، جه (223/ 682/ 1).
(1/67)
العصر كأنما وُتِرَ أهله وماله (*) " (1)
عن بريدة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك صلاة
العصر فقد حبط عمله" (2).
إثم من أخرها إلى الاصفرار:
عن أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تلك صلاة
المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان قام فنقرها أربعًا
لا يذكر الله إلا قليلاًَ (3).
استحباب تعجيل المغرب وكراهة تأخيرها:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
تزال أمتي بخير أو على الفطرة مالم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم" (4).
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان
يصلى المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب" (5).
استحباب تأخير العشاء ما لم تكن مشقة:
عن عائشة قالت: "أعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى ذهب عامة
الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق
على أمتي" (6).
__________
(*) وُتر أهله وماله: أي نفص أهله وماله.
(1) متفق عليه: م (626/ 435 / 1)، خ (552/ 30/ 2)، د (410/ 84/ 2)، ت (175/
113/ 1)، نس (238/ 1)
(2) صحيح: [ص. نس 497]، خ (553/ 31/ 2)، نس (236/ 1).
(3) صحيح: [ص. د 399]، م (622/ 434/ 21)، وهذا لفظه، د (409/ 83/ 2)، ت
(160/ 107/ 1) نس (254/ 1).
(4) حسن صحيح: [ص. د 403]، د (414/ 87/ 2).
(5) متفق عليه: م (636/ 441/ 1)، ت (164/ 108/ 1)، خ (561/ 41/ 2)، بدون
لفظ "غربت الشمس"، د (413/ 87/ 2)، نحوه، جه (688/ 225/ 1) نحوه.
(6) صحيح: [مختصر م 223]، م (638 - 219 - 442/ 1).
(1/68)
كراهة النوم قبلها
والحديث بعدها لغير مصلحة:
عن أبي برزة رضي الله عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكره
النوم قبل العشاء والحديث بعدها (1):
عن أنس رضي الله عنه قال: نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى
كان شطر الليل يبلغه، فجاء فصلى لنا ثم خطبنا فقال: ألا إن الناس قد صلوا
ثم رقدوا، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة" (2).
استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها (وهو
التغليس):
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن (*)، ثم ينقلبن إلى بيوتهن
حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس" (3).
متى يكون مدركًا للوقت؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من
أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من
العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" (4). وليس هذا الحكم خاصًا بالصبح
والعصر وإنما هو عام في كل صلاة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من
أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (5).
__________
(1) متفق عليه: خ (568/ 49/ 2)، م (647 - 237 - 447/ 1)، د (394/ 69/2)، نس
(246/ 1).
(2) متفق عليه: خ (600/ 73/ 2)، هذا لفظه م (640/ 443/ 1)، نس (268/ 1).
(*) متلفعات بمروطهن: المروط الأكسة، والمعنى مغطَّيات لا يُرى منهن شىء.
(3) متفق عليه خ (578/ 54/ 1)، م (645/ 445/ 1)، د (219/ 91/ 4)، نس (271/
1)، ت (153/ 103/ 1)، جه (669/ 220/ 1).
(4) متفق عليه: خ (579/ 56/ 1)، م (608/ 424/ 1)، نس (273/ 1) نحوه.
(5) متفق عليه: خ (580/ 57/ 1)، م (607/ 423/ 1)، د (1108/ 471/ 3)، ت
(523/ 19/ 2)، نس (1/ 274)
(1/69)
قضاء الفوائت:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال نبى الله - صلى الله عليه وسلم - "من نسى
صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" (1).
هل يقضي من ترك الصلاة عمدًا حتى خرج وقتها؟
قال ابن حزم - رحمه الله - في المحلي (235/ 2):
إن الله تعالى جعل لكل صلاة فرض وقتًا محدود الطرفين، يدخل في حين محدود،
ويبطل في وقت محدود، فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها وبين من صلاها بعد
وقتها، لأن كليهما صلى في غير الوقت. وأيضًا فإن القضاء إيجاب شرع، والشرع
لا يجوز لغير الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان
القضاء واجبًا على العامد لترك الصلاة حتى يخرج وقتها لما أغفل الله تعالى
ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولا نسياه، ولا تعمدا اعناتنا بترك
بيانه، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (2). وكل شريعة لم يأت بها القرآن
والسنة فهي باطل. أهـ.
الأوقات التي نُهى عن الصلاة فيها:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ينهانا أن نصلى فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس
بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّف
الشمس (*) للغروب حتى تغرب" (3).
وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - علّة النهى عن الصلاة في هذه
الأوقات بقوله لعمرو بن
__________
(1) صحيح: [مختصر م 229]، م (684 - 315/ 477/ 1).
(2) مريمِ (64).
(*) تضيَّف الشمس: تميل للغروب.
(3) صحيح: [ص. جه 1233]، م (831/ 568/ 1)، د (3176/ 481/ 8)، ت (1035/ 247/
2) نس (275/ 1)، جه (1519/ 486/ 1).
(1/70)
عبسة: "صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة
حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرنى شيطان، وحينئذ
يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح،
ثم أقصر عن الصلاة، فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة
مشهودة محضورة حتى تصلى العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها
تغرب بين قرنى شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار" (1).
ويستثنى من هذا النهى زمان ومكان:
أما الزمان فعند الاستواء يوم الجمعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا
يغتسل رجل يوم الجمعة فيتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهن، أو يمس من
طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا
تكلم الإِمام، إلا غفر له، ما بينه وبين الجمعة الأخرى" (2).
فندبه إلى صلاة ما كتب له، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإِمام، ولهذا
قال غير واحد من السلف منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتبعه عليه
الإِمام أحمد بن حنبل: خروج الإِمام يمنع الصلاة، وخطبته تمنع الكلام،
فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإِمام لا انتصاف النهار.
وأما المكان: فمكة زادها الله تعالى تشريفًا وتعظيمًا، فلا تكره الصلاة
فيها في شيء من هذه الأوقات، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى آية ساعة من ليل أو
نهار" (3).
والصلاة المنهى عنها في هذه الأوقات هى صلاة التطوع المطلق الذي لا سبب
__________
(1) صحيح: [المشكاة 1042]، م (832/ 570/ 1).
(2) صحيح: [الترغيب689]، خ (883/ 370/ 2).
(3) صحيح: [ص. جه 1036]، جه (1254/ 398/ 1)، ت (869/ 178/ 2)، نس (223/ 5).
(1/71)
له، فيجوز في هذه الأوقات: قضاء الفوائت
فريضة كانت أونافله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -
"من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها، لاكفارة لها إلا ذلك" (1).
كما تجوز الصلاة عقيب الوضوء في أي وقت كان، لحديث أبي هريرة: أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الصبح: "يا بلال أخبرنى بأرجى عمل
عملته في الإِسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدىّ في الجنة! قال: ما عملت
عملا أرجى عندي: أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار الأصليت بذلك
الطهور ما كتبا لي أن أصلى" (2).
وتجوز تحية المسجد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد
فلا يجلس حتى يصلى ركعتين" (3).
النهي عن التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة
الصبح.
عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلى بعد طلوع الفجر فقال: يا
يسار، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج علينا ونحن نصلى هذه
الصلاة، فقال: "ليبلغ شاهدكم غائبكم، لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين" (4).
النهى عن التطوع إذا أقيمت الصلاة.
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا
صلاة إلا المكتوبة" (5).
__________
(1) متفق علبه: خ (597/ 70/ 2)، م (684/ 477/ 1)، د (438/ 113/ 2)، ورواه
بدون جملة "لا كفارة لها إلا ذلك": نس (293/ 1)، ت (187/ 114/ 1)، جه (696/
227/ 1).
(2) سبق.
(3) متفق عليه: خ (1163/ 48/ 3)، م (714/ 495/ 1)، د (463/ 133/ 2)، ت
(315/ 198، 1) جه (1013/ 324/ 1)، نس (53/ 2) ..
(4) صحيح: [ص. ج 5353]، د (1264/ 158/4)، ورواه الترمذي مختصرًا بلفظ: "لا
صلاة بعد الفجر إلا سجدتين". (417/ 262/ 1).
(5) صحيح: [ص. جه 945]، م (710/ 493/ 1)، ت (419/ 264/ 1)، د (1252/ 142/
4)، نس (116/ 2)، جه (1151/ 364/ 1).
(1/72)
المواضع التي نهى عن
الصلاة فيها:
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فضلت على الأنبياء
بستّ: أعطيت جوامع الكلم. ونصرت بالرعب. وأحلت لي الغنائم. وجعلت لي الأرض
طهورًا ومسجدًا. وأُرسلت إلى الخلق كافَة. وخُتم بي النّبيون" (1).
فالأرض كلها مسجد إلا ما استثنى في هذه
الأحاديث:
عن جندب بن عبد الله البجلى قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور
أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك"
(2).
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأرض
كلها مسجد إلا
المقبرة والحمّام" (3).
وعن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة
في مبارك الإبل فقال: "لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين". وسئل
عن الصلاة في مرابض الغنم. فقال: "صلوا فيها فإنها بركة" (4).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 257]، م (523/ 371/ 1).
(2) صحيح: [الإرواء 286]، م (532/ 377/ 1).
(3) صحيح: [ص. جه 606]، د (488/ 158/2)، جه (745/ 246/ 1)، ت (316/ 199/ 1)
(4) صحيح: [ص. ج 7351]، د (489/ 159/ 2).
(1/73)
الأذان
حكمه:
الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة (1)، وهو واجب:
عن مالك بن الحويرث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا حضرت الصلاة
فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكِم اكبركم" (2): فقد أمره - صلى الله عليه وسلم -
بالأذان والأمر للإيجاب كما هو معلوم.
ْوعن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن
يغزو بنا حتي يصبح وينظر، فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار
عليهم" (3).
فضله:
عن معاوية رضي الله عنه أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن
المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة" (4).
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصارى ثم
المازنى عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدرى قال له: "إنى أراك تحب الغنم
والبادية، فإذا كنت في غنمك أو بادتيك فاذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء،
فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة".
قال أبو سعيد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (5).
صفته:
عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أن يضرب بالناقوس وهُو لَه كاره لموافقته النصارى طاف بي من الليل
طائف وأنا نائم، رجلٌ
__________
(1) فقه السنة (1/ 94).
(2) متفق عليه: خ (631/ 111/ 2)، م (674/ 465/1).
(3) متفق عليه: خ (610/ 89 /2)، وهذا لفظه م (382/ 288/ 1) بمعناه.
(4) صحيح: [ص. ج 6645]، م (387/ 290/ 1)
(5) صحيح: [ص. نس 625]، خ (209/ 87/ 6)، نس (12/ 2).
(1/74)
عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله.
قال: فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به
إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت بلى. قال: تقول الله أكبر
الله أكبر. الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله
إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله. حيّ على
الصلاة، حى على الصلاة. حىّ على الفلاح، حىّ على الفلاح. الله أكبر الله
أكبر، لا إله إلا الله.
قال: ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة:
الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله،
حىّ على الصلاة حىّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر
الله أكبر، لا إله إلا الله.
قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه الرؤيا حق إن شاء الله، ثم
أمر بالتاذين. فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك" (1).
استحباب جمع المؤذن بين كل تكبيرتين في نفَس:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر. ثم
قال أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله .... الحديث
(2). ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين، وأن السامع
يجيبه كذلك (3).
__________
(1) حسن صحيح: [ص. د 469]، أ (244/ 14/ 3)، د (495/ 169/ 2)، ت (189/ 122/
1)، مختصرا جه (706/ 232/ 1).
(2) صحيح: [ص. د 527]، أ (385/ 289/ 1)، د (523/ 228/ 2).
(3) شرح النووي لمسلم (79/ 3).
(1/75)
استحباب الترجيع:
الترجيع: هو العود إلى الشهادتين مرتين برفع الصوت بعد قولهما مرتين بخفض
الصوت (1).
عن أبي محذورة رضي الله عنه أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - علمه هذا
الأذان:
"الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله. ثم يعود فيقول: أشهد
أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله،
أشهد أن محمدًا رسول الله. حىّ على الصلاة مرتين، حىّ على الفلاح مرتين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" (2).
التثويب في الأذان الأول للصبح:
عن أبي محذورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان: وفيه: حىّ على
الفلاح، حىّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في
الأولي من الصبح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" (3).
قال الأمير الصنعانى في سبل السلام (120/ 1): قال ابن رسلان:
فشرعية التثويب إنما هى في الأذان الأول للفجر لأنه لإيقاظ النائم، وأما
الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة. أهـ.
استحباب الأذان في أول الوقت وتقديمه عليه في
الفجر خاصة:
عن جابر بن سمرة قال: "كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم، ثم لا يقيم
حتى يخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام حين يراه" (4).
__________
(1) المصدر السابق (81/ 3).
(2) صحيح: [مختصر م 191]، م (379/ 287 /1).
(3) صحيح: [ص. نس 628]، نس (7/ 2).
(4) صحيح: [ص. د 503] أ (283/ 35/ 3) وهذا لفظه، م (606/ 423/ 1)، د (533/
241/ 2) بنحوه
ومعنى "لا يَخْرُمُ" لا يترك شيئًا من ألفاظه، ذكره الشوكاني في "نيل
الأوطار" (31/ 2).
(1/76)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم
مكتوم" (1).
وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكمة من تقديم الأذان في الفجر على
الوقت بقوله: "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن، أو قال ينادى
بليل ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم" (2).
ما يقال عند سماع الأذان والإقامة:
يستحب لمن سمع الأذان والإقامة أن يقول مثل ما يقول المؤذن:
عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتم النداء
فقولوا مثل ما يقول المؤذن" (3).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر،
ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال
أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حى على
الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول
ولا قوة إلا بالله، ثم قال الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر،
ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة" (4).
فمن قال مثل ما يقول المؤذن، أو قال عند الحيعلتين: لا حول ولا قوة إلا
بالله، أو جمع بين الحيعلة والحوقلة فقد أصاب إن شاء الله.
فهذا فرغ المؤذن من الأذان أو الإقامة، وأجابه السامع قال بعد الفراغ ما
يأتي
__________
(1) متفق عليه: خ (622/ 104/ 2)، م (1092 - 38 - 768/ 2).
(2) متفق عليه: خ (621/ 103/ 2)، م (1093/ 768/ 2)، د (233/ 472/ 6).
(3) متفق عليه: خ (611/ 90/ 2)، م (383/ 288/ 1)، د (518/ 224/ 2)، ت (208/
134/ 1)، جه (720/ 238/ 1)، نس (23/ 2).
(4) سبق ص 69.
(1/77)
في الحديثين: عن عبد الله بن عمرو: أنه سمع
النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول،
ثم صلوا علىّ، فإنه من صلى علىّ صلاة صلى الله بها عليه عشرا، ثم سلوا الله
لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجو
أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة (1).
وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من قال حين يسمع
النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة
والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتى يوم القيامة"
(2).
فائدة:
يستحب للمسلم الإكثار من الدعاء بين الأذان والإقامة فإن الدعاء حينئذ
مستجاب:
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة" (3).
ما يستحب للمؤذن (4):
يستحب للمؤذن أن يتصف بالصفات الآتية:
1 - أن يبتغي بأذانه وجه الله، فلا يأخذ عليه أجرًا، فعن عثمان بن أبي
العاص قال: قلت يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: "أنت إمامهم، واقتد
بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا" (5).
2 - أن يكون طاهرًا من المحدثين، لما مرّ فيما يستحب له الوضوء.
__________
(1) صحيح: [مختصر م 198]، م (384/ 288/ 1)، د (519/ 225/ 2)، ت (3694/ 247/
5)، نس (2/ 25).
(2) صحيح: [الإرواء 243]، خ (614/ 94/ 2)، د (525/ 231/ 2)، ت (211/ 136/
1)، نس (27/ 2) جه (722/ 239/1).
(3) صحيح: [ص. د 489]، ت (212/ 137/ 1)، د (517/ 224/ 2).
(4) فقه السنة (99/ 1).
(5) صحيح: [ص. د 497]، د (527/ 234/ 2)، نس (23/ 2)، جه (714/ 236)، الجملة
الأخيرة منه.
(1/78)
3 - أن يكو الن قائمًا مستقبل القبلة، قال
ابن المنذر: الإجماع على أن القيام في الأذان من السنة لأنه أبلغ فيسماع،
وأن من السنة أن يستقبل القبلة بالأذان. ذلك أن مؤذنى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كانوا يؤذنون مستقبلى القبلة.
4 - أن يلتفت برأسه وعنقه يمينًا عند قوله: حىّ على الصلاة، وشمالا عند
قوله: حىّ على الفلاح.
عن أبي جحيفة "أنه رأى بلالًا يؤذن، قال: فجعلت أتتبع فاه ها هنا وههنا
بالأذان (1).
5 - أن يدخل إصبعيه في أذنيه، لقول أبي جحيفة: "رأيت بلالًا يؤذن ويدور،
ويُتبع فاه ها هنا وها هنا، وإصبعاه في أذنيه" (2).
6 - أن يرفع صوته بالنداء: لقوله - صلى الله عليه وسلم - "فإنه لا يسمع مدى
صوت المؤذن جنُّ ولا إنس ولا شىء إلا شهد له يوم القيامة" (3).
كم بين الأذان والإقامة؟
وينبغي الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يتسع للتأهب للصلاة وحضورها، لأن
الأذان إنما شرع لهذا، وإلا ضاعت الفائدة منه.
قال ابن بطال: (4) لا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين.
النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان:
__________
(1) متفق عليه: خ (634/ 114/ 2)، م (503/ 360/ 1)، د (516/ 219/ 2)، ت
(126/ 197)، نس (2/ 12).، أما تحويل الصدر فلا أصل له في السنة ألبتة، ولا
ذكر له في شيء من الأحاديث الواردة في تحويل العنق". أهـ من تمام المنة
(150).
(2) صحيح: [ص. ت 164]، ت (197/ 126/ 1) وقال: حديث حسن صحيح. وعليه العمل
عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان. أهـ.
(3) صحيح: [ص. نس 625]، خ (609/ 87/ 2)، نس (12/ 2).
(4) ذكره الحافظ في الفتح (106/ 2).
(1/79)
عن أبي الشعثاء قال: كنا قعودا في المسجد
مع أبي هريرة، فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره
حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله
عليه وسلم - (1).
الأذان والإقامة للفائتة:
من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم، لما رواه أبو
داود في قصة نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن صلاة الفجر في
السفر، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا فأذن وأقام" (2).
فإن تعددت الفوائت أذّن أذانًا واحدًا وأقام لكل صلاة، لحديث ابن مسعود
قال:
"إن المشركين شغلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صلوات يوم
الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذن، ثم أقام فصلى
الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء"
(3).
شروط صحة الصلاة:
يشترط لصحة الصلاة ما يلي:
1 - العلم بدخول الوقت، لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (4).
فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها ولا بعد خروجه إلا لعذر.
__________
(1) صحيح: [مختصر م 249]، م (655/ 453/1)، نس (29/ 2)، د (532/ 240/ 2)، ت
(1/ 31/ 204) وعند الأخيرين تعين الوقت بأنه العصر.
(2) صحيح: [ص. د 420]، د (432/ 106/2).
(3) صحيح: [ص. نس 638]، ت (179/ 115/ 1)، نس (279/ 1).
(4) النساء (103).
(1/80)
2 - الطهارة من الحدثين، لقولى تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا
فَاطَّهَّرُوا} (1). ولحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"لا يقبل الله صلاة بغير طهور" (2).
3 - طهارة الثوب والبدن والمكان الذي يصلى فيه:
أما طهارهّ الثوب، فلقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (3). ولقوله -
صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما،
فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض ثم ليصلّ فيهما" (4).
وأما طهارة البدن، فلقول - صلى الله عليه وسلم - لعلىّ وقد سأله عن المذى
"توضأ واغسل ذكرك" (5).
وقال للمستحاضة: "اغسلي عنك الدم وصلى" (6).
وأما طهارة المكان: فلقوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه وقد بال
الأعرابي في المسجد: "أريقوا على بوله سجلا من ماء" (7).
فائدة:
من صلى وعليه نجاسة لا يدرى بها فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وإن علم بها
أثناء الصلاة: فإن أمكنه إزالتها بأن كانت في نعليه أو في ثوب زائد على ما
يستر العورة أزالها وأتم صلاته، وإن لم يمكن إزالتها صلى ولا إعادة عليه:
لحديث أبي سعيد أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فخلع نعليه، فخلع الناس
نعالهم، فلما انصرف قال: "لم خلعتم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: "إن
جبريل
__________
(1) المائدة (6)
(2) سبق ص 31.
(3) المدثر (4).
(4) سبق ص 22.
(5) سبق ص 19.
(6) متفق عليه: خ (331/ 428 و 42/ 1)، م (333/ 261/ 1)، ت (125/ 82/ 1)، جه
(621/ 203/ 1) نس (184/ 1).
(7) سبق ص 22.
(1/81)
أتاني فأخبرني أن بهما خبثًا، فإذا جاء
أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض ثم
ليصلّ فيهما" (1).
4 - ستر العورة: لقولى تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ
كُلِّ مَسْجِدٍ} (2) أي استروا عوراتكم، وكانوا يطوفون بالبيت عراة.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" (3).
وعورة الرجل ما بين سرته وركبته، كما جاء بذلك الحديث عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده مرفوعًا "ما بين السرة والركبة عورة" (4).
وعن جرهد الأسلمى قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلىّ بردة
وقد انكشفت فخذي، فقال: "غط فخذك فإن الفخذ عورة" (5).
والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة:
لقوله - صلى الله عليه وسلم - "المرأة عورة" (6). وقوله "لا يقبل الله صلاة
حائض إلا بخمار" (7).
5 - استقبال القبلة: لقولى تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (8).
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسىء صلاته: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ
الوضوء ثم استقبل القبلة ... الحديث" (9).
ويجوز ترك الاستقبال في شدة الخوف وفي النافلة في السفر على الراحلة:
__________
(1) د (636/ 353/ 2).
(2) الأعراف (31).
(3) صحيح: [ص. جه 534] د (627/ 345/ 2)، ت (375/ 234/ 1)، جه (655/ 215/
1).
(4) حسن: [الإرواء 271] رواه الدارقطني وأحمد وأبو داود
(5) صحيح لغيره: [الإرواء 269]، ت (2948/ 197/ 4)، د (3995/ 52/ 11). انظر
كلام ابن القيم رحمه الله عن هذه المسألة في تهذيب السنن (6/ 17).
(6) صحيح: [ص. ج 6690]، ت (1183/ 319/ 2).
(7) صحيح: [ص. جه 534]، د (627/ 345/ 2)، ت (375/ 234/ 1)،، جه (655/ 215/
1).
(8) البقرة (150).
(9) متفق عليه: خ (6251/ 36/ 11)، م (397/ 298/ 1). .
(1/82)
قال الله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ
فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (1). قال ابن عمر: مستقبلى القبلة وغير
مستقبليها، قال نافع: لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - (2).
وعن ابن عمر قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبح على راحلته
قِبَلَ أي وجه توجه، ويوتر عليها غير أنه لا يصلّى عليها المكتوبة" (3).
فائدة:
من تحرّى القبلة فصلى إلى الجهة التي ظنها، ثم تبين له خطؤه فلا إعادة
عليه: عن عامر بن ربيعة قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر
في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا
ذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (4).
6 - النية: وهي أن ينوي الصلاة التي قام إليها ويعيّنها بقلبه، كفرض الظهر
أو العصر، أو سنتهما مثلًا (5)، ولا يشرع التلفظ بها، لأن النبي - صلى الله
عليه وسلم - لم يتلفظ بها، وإنما كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى
الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا تلفظ بالنية البتة، ولا
قال أصلى لله، صلاة كذا، مستقبل القبلة، أربع ركعات إماما، أو مأمومًا، ولا
قال: أداء، ولا قضاء، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع، لم ينقل عنه أحد قط
بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل، لفظة واحدة منها البتة، ولا عن
أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة. أهـ (6).
__________
(1) البقرة (239).
(2) صحيح: ما (442/ 126)، خ (4535/ 199/ 8).
(3) متفق عليه: م (700 - 39 - 487/ 1)، خ تعليقًا (1098/ 575/ 1).
(4) حسن: [ص. جه 835]، ت (343/ 216/ 1)، جه (1020/ 326/ 1)، بنحوه، وكذا:
هق (11/ 2).
(5) تلخيص صفة الصلاة للألبانى ص 12.
(6) زاد المعاد (51/ 1).
(1/83)
صفة الصلاة
(1)
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة استقبل الكعبة
قائمًا قريبًا من السترة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال
بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بقوله: الله أكبر، وكان يرفع
يديه مع التكبير، ثم يضع اليمنى على اليسرى فوق صدره، ثم يرمي ببصره نحو
الأرض. ثم يستفتح القراءة بأدعية كثيرة متنوعة، يحمد الله تعالى فيها
ويمجده ويثنى عليه. ثم يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم. ثم يقرأ بسم
الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بها، ثم يقرأ الفاتحة ويقطعها آية آية. فإذا
انتهى من الفاتحة قال: آمين، ويجهر ويمد بها صوته. ثم يقرأ بعد الفاتحة
سورة غيرها وكان يطيلها أحيانًا، ويقصرها أحيانًا.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالقراءة في صلاة الصبح وفي الركعتين
الأوليين من المغرب والعشاء ويسرّ بها في الظهر والعصر والثالثة من المغرب
والأخريين من العشاء.
وكان يجهر بها أيضًا في صلاة الجمعة والعيدين، والاستسقاء، والكسوف.
وكان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأوليين قدر النصف، قدر خمس عشرة
آية، وربما اقتصر فيهما على الفاتحة.
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من القراءة سكت سكتة، ثم رفع يديه
وكبر وركع. وكان يضع كفيه على ركبتيه، ويفرج بين أصابعه، ويمكن يديه من
ركبتيه كأنه قابض عليهما.
وكان يجافي مرفقيه عن جنبيه، ويبسط ظهره ويسوّيه، حتى لو صب عليه الماء
لاستقر.
وكان يطمئن في ركوعه، ويقول: سبحان ربى العظيم ثلاثا. وكان يقول في هذا
الركن أنواعا من الأذكار والأدعية، تارة بهذا، وتارة بهذا. وكان ينهى عن
قراءة القرآن في الركوع والسجود.
__________
(1) ملخصة من كتاب: صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للألبانى.
(1/84)
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يرفع صلبه
من الركوع قائلا: سمع الله لمن حمده، وكان يرفع يديه عند هذا الاعتدال،
ويقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، وكان تارة يزيد على ذلك. ثم كان يكبر
ويهوى ساجدا، ويضع يديه على الأرض قبل ركبته، وكان يعتمد على كفّيه
ويبسطهما، ويضم أصابعهما ويوجههما قبل القبلة، وكان يجعلهما حذو منكبيه،
وأحيانا حذو أذنيه، ويمكن أنفه وجبهته من الأرض وكان يقول: أمرت أن أسجد
على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين والركبتين وأطراف
القدمين. وكان يقول: "لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين"
وكان يطمئن في سجوده، ويقول: سبحان ربي الأعلى. ثلاثا. وكان يقول أنواعا من
الأذكار والأدعية، تارة هذا، وتارة هذا. وكان يأمر بالاجتهاد والإكثار من
الدعاء في هذا الركن. ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يرفع رأسه مكبرا، ثم
يفرش رجله اليسرى فيقعد عليها مطمئنا؛ وكان ينصب رجله اليمنى ويستقبل
بأصابعها القبلة. وكان يقول: اللهم اغفر لي وارحمنى، واجبرني وارفعني،
واهدني، وعافنى، وارزقني. ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية كالأولى، ثم يرفع
رأسه مكبرا. ثم يستوى قاعدا على رجله اليسرى معتدلا، حتى يرجع كل عظم إلى
موضعه، ثم ينهض معتمدا على الأرض إلى الركعة الثانية. وكان يصنع فيها مثل
ما يصنع في الأولى، إلا أنه كان يجعلها أقصر من الأولى.
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يجلس للتشهد بعد الفراغ من الركعة الثانية،
فإذا كانت الصلاة ركعتين جلس مفترشا، كما كان يجلس بين السجدتين، وكذلك
يجلس في التشهد الأول من الثلاثية والرباعية، وكان إذا قعد في التشهد وضع
كفه اليمني على فخذه اليمنى، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وكان يبسط
اليسرى، ويقبض اليمنى، ويشير بالسبابة ويرمى ببصره إليها، وكان إذا رفع
أصبعه يحركها يدعو بها ويقول: "لهى أشد على الشيطان من الحديد. يعني
السبابة".
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في كل ركعتين التحية، وكان يصلى على
نفسه في التشهد الأول وغيره، وشرع ذلك لأمته. وكان - صلى الله عليه وسلم -
يدعو فى صلاته بأدعية متنوعة.
(1/85)
ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن
يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك، وكان أحيانا يزيد في
التسليمة الأولى "وبركاته".
أركان الصلاة:
للصلاة فرائض وأركان تتركب منها حقيقتها، حتى إذا تخلف فرض منها لا تتحقق
ولا يعتد بها شرعًا، وهذه الأركان هي:
1 - تكبيرة الإحرام: عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها
التسليم" (1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
للمسيء صلاته: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" (2).
2 - القيام في الفرض للقادر عليه، قال الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ} (3).
وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلى قائمًا. وأمر بذلك عمران بن حصين، فقال
له:
"صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب" (4).
3 - قراءة الفاتحة في كل ركعة: عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"
(5). وقد أمر النبي المسىء صلاته بالقراءة ثم قال: "ثم افعل ذلك في صلاتك
كلها" (6).
4، 5 - الركوع والطمأنينة فيه، لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .... } الآية (7).
__________
(1) حسن صحيح: [ص. جه 222]، ت (3/ 5/ 1)، د (61/ 88/ 1)، جه (275/ 101/ 1).
(2) سبق 76.
(3) البقرة (238).
(4) صحيح: [ص. ج 3778]، خ (1117/ 587/ 2)، د (939/ 233/ 3)، ت (369/ 231/
1).
(5) متفق عليه: خ (756/ 236/ 2)، م (394/ 295/ 1)، ت (247/ 156/ 1)، نس
(137/ 3)، جه (1/ 273/ 837)، د (807/ 42/ 3) بزيادة "فصاعدًا". وليست
لغيره.
(6) سبق 76.
(7) الحج (77).
(1/86)
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء
صلاته: "ثم اركع حتى تطمئن راكعا" (1).
6، 7 - الاعتدال بعد الركوع والطمأنينة فيه:
عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تجزى صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في
الركوع والسجود" (2) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته:
"ثم ارفع حتى تعتدل قائما" (3).
8، 9 - السجود والطمأنينة فيه، لقولى تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .... } (4).
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيىء صلاته: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا،
ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا" (5).
أعضاء السجود: عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت
أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين،
والركبتين، وأطراف القدمين" (6).
وعن ابن عباس أيضا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة
لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب جبينه" (7).
10، 11 - الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم
-:
"لا تجزى صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود" (8).
__________
(1) سبق ص 76.
(2) و (8) صحيح: [ص. جه 710]، نس (183/ 2)، ت (264/ 165/ 1)، د (840/ 93/
3)، جه (1/ 282/ 870).
(3) سبق ص 76.
(4) الحج 77
(5) سبق ص 76.
(6) متفق عليه: خ (812/ 297/ 2)، م (490 - 230/ 354/ 1)، نس (209/ 2).
(7) صحيح: قط (3/ 348/ 1). ذكره الألباني في (صفة الصلاة) ص 123.
(1/87)
ولأمره - صلى الله عليه وسلم - المسيء
صلاته بذلك، كما مرّ في السجود.
12 - التشهد الأخير: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نقول قبل أن يفرض
علينا التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا هكذا, ولكن قولوا: التحيات لله ... "
(1).
فائدة:
أصح صيغ التشهد ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال:
"علمنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد كفىّ بين كفيّه، كما
يعلمني السورة من القرآن التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها
النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن
لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" (2).
فائدة أخرى:
قوله "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" قال الحافظ في الفتح (2/
314):
وقد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضى المغايرة بين زمانه - صلى
الله عليه وسلم - فيقال بلفظ الخطاب، وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة، ففى
الاستئذان من صحيح البخاري من طريق أبي معمر عن ابن مسعود بعد أن ساق حديث
التشهد قال: "وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا السلام، يعني على النبي" كذا
وقع في البخاري، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه, والسراج والجوزقى وأبو نعيم
الأصبهاني، والبيهقي من طرق متعددة إلى أبي نعيم شيخ البخاري، فيه بلفظ
"فلما قبض قلنا: السلام على النبي "بحذف لفظ يعني". وكذلك رواه أبو بكر بن
أبي شيبة عن أبي نعيم.
قال السبكى في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده:
إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي - صلى الله
عليه وسلم -
__________
(1) صحيح: [الارواء 319]، نس (40/ 3)، قط (4/ 350/ 1)، هق (138/ 2).
(2) متفق عليه: خ (6265/ 56/ 11)، م (402/ 301 / 1).
(1/88)
غير واجب، فيقال:
السلام على النبي. قلت (القائل الحافظ): قد صح بلا ريب، وقد وجدت له
متابعًا قويًا قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء أن الصحابة
كانوا يقولون والنبي - صلى الله عليه وسلم - حىّ: السلام عليك أيها النبي،
فلما مات قالوا: السلام على النبيّ، وهذا إسناد صحيح. أهـ.
قال الألباني في صفة الصلاة (126): "ولا بد أن يكون ذلك بتوقيف منه - صلى
الله عليه وسلم -، ويؤيده أن عائشة رضي الله عنها كذلك كانت تعلمهم التشهد
في الصلاة: "السلام علي النبي" رواه السراج في مسنده (ج 9/ 1/ 2) والمخلص
فى "الفوائد" (ج 11/ 54/1)، بسندين صحيحين عنها. أهـ.
13 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد الأخير: لحديث
فضالة بن عبيد الأنصارى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا
يصلى، لم يحمد الله ولم يمجده، ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -
وانصرف. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجل هذا" فدعاه وقال له
ولغيره:
"إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه، وليصل علي النبي - صلى
الله عليه وسلم -، ثم يدعو بما شاء" (1).
وعن أبي مسعود قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - ونحن عنده فقال: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف
نصلى عليك إذا نحن صلينا عليك في صلواتنا, صلى الله عليك؟ قال: فصمت حتى
أحببنا أن الرجل لم يسأله, ثم قال:
"إذا أنتم صليتم عليّ فقدلوا: اللهم صل علي محمد النّبي الأمي وعلى آل محمد
... الحديث" (2).
__________
(1) صحيح الإسناد: [صفة الصلاة 182 ط. مكتبة المعارف]، ت (3546/ 180/ 5)، د
(4/ 354/ 1468)
(2) إسناده حسن: خز (711/ 351 و 352/ 1).
(1/89)
فائدة: أفضل صيغ الصلاة على النبي - صلى
الله عليه وسلم - ما رواه كعب بن عجرة قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا أو
عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى
آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1).
14 - السلام: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مفتاح الصلاة الطهور،
وتحريمها التكبير،
وتحليلها التسليم" (2).
واجبات الصلاة:
1 - تكبيرات الانتقال، وقول سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا
قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن
حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، ثم يكبر
حين يهوى، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع
رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين
بعد الجلوس" (3). وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتمونى
أصلى" (4).
وقد أمر بذلك المسيء صلاته فقال: "إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ
فيضع الوضوء -يعني مواضعه- ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثنى عليه، ويقرأ
بما شاء من القرآن ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مَفاصِلَه، ثم
يقول: سمع الله لمن حمده، حتى يستوي قائمًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد
__________
(1) متفق عليه: خ (6357/ 152/ 11)، م (406/ 305/ 1)، د (963/ 264/ 3)، ت
(482/ 301/ 1)، جه (904/ 293/ 1)، نس (3/ 47).
(2) سبق ص 80.
(3) متفق عليه: خ (289/ 272/ 2)، م (392 - 28 - /293/ 1)، نس (233/ 2).
(4) صحيح: [الارواء 262]، خ (631/ 111/ 2).
(1/90)
حتى تطمئن مَفاصِلَه، ثم يقول الله أكبر،
ويرفع رأسه حتى يستوى قاعدًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن
مَفاصِلَة، .. ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته" (1).
2 - التشهد الأول: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن محمدًا - صلى الله
عليه وسلم - قال: "إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات
والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل" (2).
وقد أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته فقال: "فإذا جلست في
وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد" (3).
3 - ويجب عليه إذا قام إلى الصلاة أن يتخذ سترة بين يديه، تمنع المرور
أمامه، وتكف بصره عما وراءها:
عن سهل بن أبي حثمة: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا صلى
أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها, لا يقطع الشيطان عليه صلاته" (4).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصل إلا إلى
سترة، ولا تدع أحدًا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله، فإن معه القرين" (5).
وتتحقق السترة بالجدار والاسطوانة والعصا المغروزة والراحلة يعرضها فيصلى
إليها، وأقل ما يجزئ مثل مؤخرة الرحل (*)، لحديث موسي بن طلحة عن أبيه
__________
(1) صحيح: [ص. د 763]، د (842/ 99 و 100/ 3).
(2) صحيح: [الارواء336]، نس (238/ 2).
(3) صحيح: [ص. د 766]، د (845/ 102/ 3).
(4) صحيح: [ص. نس 722]، كم (251/ 1). وهذا لفظه، ورواه: د (681/ 388/ 2)،
نس (62/ 2)، بلفظ: إذا صلى أحدكم إلى سترة ... إلخ.
(5) صحيح: [صفة الصلاة 62] خز (800/ 9/ 2).
(*) مؤخر الرحل: الخشبة التي يستند إليها الراكب.
(1/91)
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل
فليصل، ولا يبال من مر وراء ذلك" (1).
دنو المصلى من السترة:
عن بلال: "أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة
أذرع" (2).
وعن سهل بن سعد قال: "كان بين مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين
الجدار ممر الشاة" (3).
فإذا اتخذ السترة فلا يدع شيئًا يمر بينه وبين السترة:
عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى فمرت شاة بين
يديه، فساعاها إلى القبلة حتى ألزق بطنه بالقبلة" (4).
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان
أحدكم يصلى فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبي
فليقاتله فإنما هو شيطان" (5).
وإذا لم يتخذ سترة فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود:
عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "إذا قام أحدكم يصلى، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل. فإذا
لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب
الأسود" قلت: يا أبا ذر! ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب
الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتنى
فقال: "الكلب الأسود شيطان" (6).
__________
(1) صحيح: [مختصرم 339]، م (1/ 358/ 499)، ت (1/ 210/ 334)، د (2/ 380/
671) بنحوه.
(2) صحيح: [صفة الصلاة 62]، خ (506/ 579/ 1).
(3) متفق عليه: خ (496/ 574/ 1)، م (508/ 364/ 1)، د (389/ 682/ 2) بنحوه.
(4) صحيح: [صفة الصلاة 64]، خز (827/ 20/ 2).
(5) صحيح: [مختصر م 338]، م (505/ 362/1).
(6) صحيح: [ص. ج 719]، م (510/ 365/ 1)، نس (2/ 63)، ت (337/ 212/ 1)، د
(688/ 394/ 2)
(1/92)
تحريم المرور بين
يدي المصلى:
عن أبي جهيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم المارّ
بين يدي المصلى
ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه" (1).
سترة الإِمام سترة للمأموم:
عن ابن عباس قال: "أقبلت راكبًا على أتان. وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى بالناس بمنى. فمررت بين يدي الصف.
فنزلت فأرسلت الأتان ترتع. ودخلت في الصف. فلم ينكر ذلك علي أحد" (2).
سنن الصلاة:
وسننها قسمان: قولية وفعلية:
فأما القولية فهي:
1 - دعاء الاستفتاح، وأفضله، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة،
فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمى، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما
تقول؟ قال: أقول: "اللهم باعد بيني وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق
والمغرب، اللهم نَقنَّى من خطاياى كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَنَس،
اللهم اغسلنى من خطاياى بالثلج والماء والبَرَد" (3).
__________
(1) متفق عليه: خ (510/ 584/ 1)، م (507/ 363/ 1)، د (687/ 393/ 2)، ت
(235/ 210/ 1)، نس (66/ 2)، جه (945/ 304/ 1).
(2) متفق عليه: م (504/ 361/ 1)، د (701/ 402/ 2)، خ (493/ 571/ 1)،
بزيادة: "بمنى إلى غير جدار" وهي لا تنفى غير الجدار، لما هو معروف من
عادته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلى في الفضاء إلا والعنزة
أمامه.
(3) متفق عليه: خ (744/ 227 / 2)، م (598/ 419 / 1)،جه (805/ 264/ 1)، د
(766/ 485/ 2).
(1/93)
2 - الاستعاذة: قال الله تعالى: {فَإِذَا
قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
(98)} (1).
وعن أبي سعيد الخدرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا قام إلى
الصلاة استفتح ثم
يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"
(2).
3 - التأمين: عن وائل بن حجر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذا قرأ ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته (3): وعن أبي هريرة أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمّن الإِمام فَأمّنوا، فإن من وافق
تامينه تأمين الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" (4)
4 - القراءة بعد الفاتحة: عن أبي قتادة قال: "كان النبي - صلى الله عليه
وسلم - يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين،
يُطوّل في الأولى ويُقصّر في الثانية، ويُسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في
العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يُطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح
ويُقصر في الثانية" (5).
وعنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين الأوليين من
الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، ويسمعنا الآية أحيانا، ويقرأ في
الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب" (6).
وتسنّ القراءة في الأخريين أحيانا: لحديث أبي سعيد "أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر
ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية، أو قال: نصف ذلك، وفي العصر في
الركعتين الأوليين في
__________
(1) النحل (98).
(2) صحيح: [الارواء 342]، د (760/ 476/ 2)، ت (242/ 153/ 1).
(3) صحيح: [صفة الصلاة 82]، د) 920/ 205/ 3)، ت (248/ 157/ 1).
(4) متفق عليه: م (410/ 307/ 1)، خ (780/ 262/ 2)، نس (144/ 2)، د (924/
211 / 3)، ت (1/ 158/ 250)، جه (851/ 277/ 1).
(5) صحيح: [ص. نس 932]، خ (759/ 243 / 2).
(6) صحيح: [مختصرم 286]، م (421 - 155 - / 333/ 1).
(1/94)
كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي
الأخريين قدر نصف ذلك" (1).
والسنة أن يجهر بالقراءة في صلاة الصبح وفي الأوليين من المغرب والعشاء وأن
يسرّ بها في الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء.
5 - التسبيح في الركوع والسجود:
عن حذيفة قال: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول في ركوعه:
سبحان ربي
العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى" (2).
وعن عتبة بن عامر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال:
سبحان ربي العظيم وبحمده، ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده،
ثلاثًا" (3).
6 - الزيادة في الاعتدال من الركوع على قول: ربنا ولك الحمد، بإحدى هذه
الزيادات: ملء السموات وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد (4).
فإن شاء اقتصر على هذه الزيادة وإن شاء أتمها بقوله:
أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت،
ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (5).
ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرا طيبًا مباركا عليه، كما يحب ربنا ويرضى (6).
7 - الدعاء بين السجدتين:
عن حذيفة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: رب اغفر
لي، رب اغفر لي" (7).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 287]، م (452 - 157 - 1/ 334).
(2) صحيح: [ص. نس 1001]، نس (190/ 2) د (857/ 123/ 3)، ت (261/ 164/ 1).
(3) صحيح: [صفة الصلاة 127]، د (856/ 121/ 3)، هق (86/ 2).
(4) و (5) صحيح: [مختصر م 296]، م (478، 477/ 347/ 1)، د (832/ 82/ 3)، نس
(199/ 2).
(6) صحيح: [صفة الصلاة 119].
(7) صحيح: [ص. جه 731]، جه (897/ 289/ 1).
(1/95)
وعن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمنى، واجبرنى واهدنى
واررقنى" (1).
8 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد الأول لفعله - صلى
الله عليه وسلم - ذلك:
عن عائشة قالت: كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكه وطهوره،
فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ثم يصلى تسع ركعات
لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربه ويصلى على نبيه، ثم ينهض ولا
يسلم، ثم يصلى التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربه ويصلى على نبيه - صلى الله عليه
وسلم - ويدعو، ثم يسلم ... " (2).
9 - الدعاء بعد التشهد الأول والثانى سواء:
أما بعد الأول: فعن ابن مسعود قال: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير
أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع ربه عز وجل" (3).
وأما بعد الثاني: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم،
ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال" (4).
10 - التسليمة الثانية: لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمتين،
كما جاء عن ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه
وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله،
__________
(1) صحيح: [ص. جه 732]، ت (283/ 175/ 1)، د (835/ 87/ 3)، جه (898/ 290/
1).
تنبيه: عند أبي داود "وعافنى" بدلا من "واجبرنى" وعند ابن ماجه "وارفعنى"
بدلًا من "واهدنى" ويستحب الجمع بينها كلها فيزيد "وعافنى وارفعنى".
(2) صحيح: [مختصر م 390]، م (746/ 512/ 1).
(3) سبق ص 85.
(4) صحيح: [مختصر م 306]، [ص. جه 741] م (588/ 412 / 1)، د (968/ 273/ 3)،
(909/ 294/ 1).
(1/96)
والسلام عليكم ورحمة الله، حتى يُري بياض
خده" (1). وربما اقتصر على تسليمة واحدة، كما جاء عن عائشة: "أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل
إلى الشق الأيمن شيئًا" (2).
السنن الفعلية:
1 - رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع والرفع منه، وعند القيام
من التشهد الأول: عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان
يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من
الركوع رفعهما كذلك أيضًا" (3).
وعن نافع: "أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع
يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع
يديه. ورفع ذلك إلى نبى الله - صلى الله عليه وسلم -" (4).
ويسنُّ رفعهما أحيانا عند كل خفض ورفع: لحديث مالك بن الحويرث: "أنه رأى
النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من
الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، حتى يحاذى بهما فروع أذنيه"
(5).
2 - وضع اليمين على الشمال فوق الصدر:
عن سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه
اليسرى في الصلاة". قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى النبي - صلى
الله عليه وسلم - (6).
__________
(1) صحيح: [ص. د 878]، د (983/ 288/ 3)، نس (62/ 3)، جه (914/ 296/ 1)، ت
(1/ 181/ 294) بدون الجملة الأخيرة.
(2) صحيح: [ص. ت 242]، ت (295/ 182/ 1).
(3) متفق عليه: خ (218/ 735 / 2)، م (390 - 22 - /1/ 292)، ت (255/ 161/
1)، نس (122/ 2).
(4) صحيح: [ص. د 663]، خ (739/ 222/ 2)، د (727/ 439/ 2).
(5) صحيح: [ص. نس 1040]، نس (206/ 2)، أ (493/ 167/ 3).
(6) صحيح: [مختصرخ 402]، خ (740/ 224/ 2)، ما (376/ 111).
(1/97)
وعن وائل بن حجر قال: "صليت مع رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ووضع يده اليمني على يده اليسرى على صدره" (1).
3 - النظر إلى موضع السجود:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها" (2).
4 - أن يفعل في ركوعه ما تضمنته هذه الأحاديث من الهيئات:
عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع لم يُشْخص
رأسه ولم يُصَوبه (*) ولكن بين ذلك" (3). وعن أبي حميد في وصفه لصلاة
النبيَ - صلى الله عليه وسلم - قال "وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر
(4) ظهره" (5). وعن وائل بن حجر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا
ركع فرّج أصابعه" (6).
وعن أبي حميد: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركع فوضع يديه على
ركبتيه كانه قابض عليهما، ووتر يديه (**) فنحاهما عن جنبيه" (7).
5 - تقديم اليدين على الركبتين في السجود:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سجد أحدكم
فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه" (8).
__________
(1) صحيح: [الارواء 352]، خز (479/ 243/ 1).
(2) صحيح: [صفة الصلاة 69]، كم (479/ 1).
(*) لم بُشِخِص رأسه ولم يصّوبه: الخشبة التي يستند إليها الراكب.
(3) صحيح: [صفة الصلاة 111]، م (498/ 357/ 1)، د (768/ 489/ 2).
(4) قال ابن حجر قوله (ثم هصر ظهره) بالهاء والصاد المهملة المفتوحتن أي
ثناه في استواء من غير تقويس ذكره الخطابي (الفتح 2/ 308 ط. دار المعرفة).
(5) صحيح: [صفة الصلاة 110]، خ (828/ 305/2) , د (717/ 2 / 427).
(6) صحيح: [صفة الصلاة 110]، خز (594/ 301/ 1).
(**) وتريديه: عوجهما من التوتير وهو جعل الوتر على القوس.
(7) صحيح: [ص. ت 214]، د (720/ 429/ 2)، ت (259/ 163 / 1).
(8) صحيح: [ص. د 746]، د (825/ 70/ 3)، نس (207/ 2)، أ (656/ 276/ 3).
(1/98)
6 - أن يفعل في سجوده ما تضمنته هذه
الأحاديث من الهيئات:
عن أبي حميد في وصفه صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإذا سجد وضع
يديه غير مفترش ولا قابضهما: واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة" (1).
وعن البراء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سجدت فضع كفيك
وارفع مرفقيك، (2).
وعن عبد الله بن مالك ابن بحينة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا
صلى فرّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" (3).
وعن عائشة قالت: "فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معي على
فراشي، فوجدته ساجدا راصًّا عقبيه، مستقبلا بأطراف أصابعه القبلة" (4).
وعن وائل بن حجر قال: "أتيت المدينة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -" فذكر بعض الحديث وقال: ثم هوى، فسجد، فصار رأسه بين كفيه
.. " (5).
وعن وائل بن حجر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد ضم أصابعه"
(6).
وعن البراء قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد فوضع يديه
بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة" (7).
7 - أن يكون جلوسه بين السجدتين على الهيئة التي تضمنتها الأحاديث الآتية:
عن عائشة قالت: "وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمني" (8).
وعن ابن عمر قال: "من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها
القبلة، والجلوس على اليسرى" (9).
__________
(1) صحيح: [ص. د 672]، خ (828/ 305/ 2)، د (718/ 427/ 2).
(2) صحيح: [صفة الصلاة 126]، م (494/ 356/ 1).
(3) متفق عليه: خ (807/ 294/ 2)، م (495/ 356/ 1)، نس (212/ 2).
(4) صحيح: [صفة الصلاة 126]، خز (654/ 328/ 1)، هق (116/ 2).
(5) صحيح الإسناد: خز (641/ 323/ 1).
(6) صحيح: [صفة الصلاة 123]، خز (642/ 324/ 1)، هق (112/ 2).
(7) صحيح الإسناد: [صفة الصلاة 123]، هق (113/ 2).
(8) صحيح: [مختصر م 302]، م (498/ 357/ 1)، د (768/ 489/ 2).
(9) صحيح: [ص. نس 1109]، نس (236/ 2).
(1/99)
وعن طاوس قال: قلنا لابن عباس في الإقعاء
على القدمين، فقال: هى السنة. فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال ابن
عباس: بل هى سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - (1).
8 - أن لا ينهض من السجود حتى يستوى جالسا:
عن أبي قلابة قال: أخبرنا مالك بن الحويرث الليثى "أنه رأى النبي - صلى
الله عليه وسلم - يصلى، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي
قاعدًا" (2).
9 - أن يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة:
عن أيوب عن أبي قلابة قال: "جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا،
فقال: إنى لأصلى بكم وما أريد الصلاة، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي -
صلى الله عليه وسلم - يصلى. قال أيوب: فقلت لأبي قلابة وكيف كانت صلاته؟
قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة. قال أيوب: وكان ذلك الشيخ
يتم التكبير، وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم
قام" (3).
10 - أن يكون جلوسه في التشهدين على ما جاء في هذه الأحاديث:
عن أبي حميد أنه قال في وصفه صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا جلس
في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة
قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" (4).
وعن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصلاة
وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلى
الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى" (5).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 303]، م (536/ 380/ 1)، د (830/ 79/ 3)، ت (282/ 175/
1).
(2) صحيح: [مختصر خ 437]، خ (823/ 302/ 2)، د (829/ 78/ 3).
(3) صحيح: [مختصر خ 437]، خ (824/ 303/ 2)، هق (123/ 2)، فع (116/ 1) وقال:
وبهذا نأخذ، فنأمر من قام من سجود أو جلوس في الصلاة أن يعتمد على الأرض
بيديه معًا اتباعًا للسنة، فإن ذلك أشبه للتواضع وأعون للمصلى على الصلاة
وأحرى أن لا ينقلب ولا يكاد ينقلب، وأى قيام قامه سوى هذا كرهته له ولا
إعادة فيه عليه ولا سجود سهو. أهـ الأم (117/ 1).
(4) صحيح: [مختصر خ 448] , خ (828/ 305/ 2).
(5) صحيح: [ص. د 851] , م (580 - 116 - / 408/ 1)، د (972/ 277/ 3).
(1/100)
وعن نافع قال: كان عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه وأتبعها
بصره، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لهى أشد على الشيطان
من الحديد" يعني السبابة (1).
الأذكار والأدعية المشروعة بعد الصلاة:
1 - عن ثوبان: قال "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من
صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال
والإكرام". قال الوليد: فقلت للأوزاعى: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر
الله. أستغفر الله (2).
2 - عن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهوعلى كل شيء قدير، لا
حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله
الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره
الكافرون. وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلل بهن دبر كل
صلاة (3).
3 - وعن وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: "لا
إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد *"
(4).
4 - وعن كعب بن عجرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "معقبات لا
يخيب قائلهن
__________
(1) حسن: [صفة الصلاة 140]، أ (721/ 15/ 4).
(2) صحيح: [ص. جه 756]، م (591/ 414/ 1)، ت (299/ 184/ 1)، نس (68/ 3)، د
(4/ 377/ 1499)، جه (928/ 300/ 1).
(3) صحيح: [ص. نس 1272]، م (594/ 415/ 1)، د (1493/ 372/ 4)، نس (70/ 30).
(4) متفق عليه: خ (844/ 325/ 2)، م (593/ 414/ 1)، د (1491/ 371/ 4).
(*) الجاه والحظ والغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الجدّ جُّده إذا لم يكن له
عمل صالح.
(1/101)
- أو فاعلهن -: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث
وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، في دبر كل صلاة" (1).
وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سبح الله في دبر
كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبّر الله ثلاثًا
وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت
مثل زبد البحر" (2) (*).
5 - وعن معاذ بن جبل قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بيدى
فقال لي: يا معاذ والله إني لأحبك. فقلت: بأبي أنت وأمى، والله إنى لأحبك.
قال: يا معاذ إني أوصيك لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعنى على ذكرك
وشكرك وحسن عبادتك" (3).
6 - عن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من قرأ آية الكرسى
دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت" (4). زاد محمَّد
بن إبراهيم في حديثه "وقل هو الله أحد".
7 - وعن عقبة بن عامر قال: "أمرنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة" (5).
8 - عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا صلى الصبح
حين يسلم:
"اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا" (6).
__________
(1) صحيح: [ص. نس 1278]، م (596/ 418/ 1)، ت (3473/ 144/ 5)، نس (75/ 3).
(*) تنبيه: وقد ورد في ذكر العدد ما يفيد كونه: عشرًا عشرًا (أ)، وإحدى
عشرة إحدى عشرة (ب)، وخمسًا وعشرين خمسًا وعشرين يزاد فيها التهليل (جـ).
فعلى المصلى أن يأتي بهذا العدد تارة، وبذاك أخرى. أهـ.-
(أ) خ (6329/ 132/ 11). (ب) م (595 - 143/ 417/ 1). (جـ) نس (76/ 3) [ص. نس
1279]
(2) صحيح: [مختصر م 314]، م (597/ 418/ 1).
(3) صحيح: [ص. ج 7969]، د (1508/ 384/ 4)، نس (53/ 3).
(4) صحيح: [ص. ج 6464]، طب (7532/ 134/ 8).
(5) صحيح: [ص. نس 1268]، د (1509/ 385/ 4)، نس (68/ 3).
(6) صحيح: [ص. جه 753]، جه (925/ 298/ 1)، أ (776/ 55/ 4).
(1/102)
ما يكره فعله في
الصلاة:
1 - العبث بالثوب أو بالبدن لغير الحاجة:
عن مُعَيْقيب "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يسوّى التراب
حيث يسجد، قال: إن كنت فاعلًا فواحدة" (1).
2 - الاختصار، وهو أن يضع المصلي يده على خاصرته:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهي أن يصلى الرجل مختصرًا" (2)
3 - رفع البصر إلى السماء:
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لينتهين أقوام عن
رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لَتُخَطَفَنَّ
أبصَارُهُم" (3).
4 - الالتفات لغير حاجة:
عن عائشة قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في
الصلاة، فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" (4).
5 - النظر إلى ما يلهي:
عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في خميصة لها أعلام، فقال:
"شغلتنى
__________
(1) متفق عليه: خ (1207/ 79/ 3)، م (546 - 49 - 388/ 1)، د (934/ 223/ 3)،
ت (1/ 235/ 377)، جه (1026/ 327/ 1)، نس (7/ 3).
(2) متفق عليه: خ (1220/ 88/ 3)، م (545/ 387/ 1)، د (94/ 223/ 3)، ت (381/
237/ 1)، نس (127/ 2).
(3) صحيح: [مختصر 343]، م (429/ 321/ 1)، نس (39/ 3) والاختصار في الصلاة،
وضع اليد في الخاصرة.
(4) صحيح: [ص. ج 7047]، خ (751/ 234/ 2)، د (897/ 178/ 3)، نس (8/ 3).
(1/103)
أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم، وأتونى
بأنبجانيه (1).
6 - السدل وتغطية الفم:
عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في
الصلاة، وأن يغطى الرجل فاه" (2).
قال شمس الحق في عون المعبود (347/ 2): قال الخطابي: السدل إرسال الثوب حتى
يصيب الأرض.
وقال في النيل: قال أبو عبيدة في غريبه: السدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن
يضم جانبيه بين يديه، فإن ضمه فليس بسدل. وقال صاحب النهاية: هو أن يلتحف
بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك. قال: وهذا مطرد في القميص
وغيره من الثياب. قال: وقيل هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن
يمينه وشماله من غير أن بجعلهما على كتفيه. وقال الجوهري: سدل ثوبه يسدله
بالضم سدلًا، أي أرخاه. ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني إن
كان السدل مشتركًا بينها، وحمل المشترك على جميع معانيه هو المذهب القوى.
أهـ.
7 - التثاؤب:
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التثاؤب في الصلاة من
الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع" (3).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 2066]، خ (752/ 234/ 2)، م (556/ 391/ 1)، د (901/ 182/
3)، نس (72/ 2)، جه (3550/ 1176/ 2). والأنبجانية بفتح الهمزه وسكون النون
وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة: كساء غليظ لا علم له
يقال كبش انبجاني إذا كان ملتفا كثير الصوف وكساء انبجانى كذلك. الفتح
(482/ 1).
(2) حسن: [ص. جه 966]، د (629/ 347/ 2)، ت (376/ 234/ 1)، الجملة الأولى
فقط. جه (966/ 310/ 1) الجملة الثانية فقط.
(3) صحيح: [ص. ج 3013]، ت (368/ 230/ 1) , خز (920/ 61/2).
(1/104)
8 - البصاق جهة القبلة أو عن يمينه:
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم إذا قام
يصلى فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه، فلا يبصقنّ قبل وجهه ولا عن يمينه.
وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا" ثم
طوى ثوبه بعضه على بعض (1).
9 - تشبيك الأصابع:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأ أحدكم
في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتي يرجع، فلا يقل هكذا "وشبك بين
أصابعه" (2).
10 - كف الشعر والثوب:
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن
أسجد على سبعة، لا أكف شعرًا ولا ثوبًا" (3).
11 - تقديم ركبتيه على يديه في السجود:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سجد أحدكم
فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه" (4).
__________
(1) صحيح: م (3008/ 2303/ 4)، د (477/ 144/ 2).
(2) صحيح: [ص. ج 445]، كم (206/ 1).
(3) سبق ص 81.
(4) سبق ص 92.
(1/105)
12 - بسط اليدين في السجود:
عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط
أحدكم ذراعيه
انبساط الكلب" (1).
13 - الصلاة بحضرة الطعام أو وهو يدافع الأخبثين:
عن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا صلاة بحضرة
الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان" (2).
14 - مسابقة الإِمام:
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أما يخشى أحدكم إذا
رفع رأسه قبل الإِمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة
حمار" (3).
__________
(1) متفق عليه: خ (822/ 301/ 2)، م (493/ 355/1)، ت (275/ 172/ 1)، د (883/
166/ 3)، جه (892/ 288/ 1)، نس (212/ 2) بنحوه.
(2) صحيح: [ص. ج 7509]، م (560/ 393/ 1) , د (89/ 160/ 1).
(3) متفق عليه: خ (691/ 182/ 2) وهذا لفظه، م (427/ 320/ 1)، د (609/ 330/
2)، نس (69/ 2)، جه (961/ 308/ 1).
(1/106)
ما يباح فعله في
الصلاة:
1 - المشى للحاجة:
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى في البيت،
والباب عليه مغلق، فجئت فاستفتحت فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مصلاه، ووصفت أن
الباب في القبلة" (1).
2 - حمل الصبى:
عن أبي قتادة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى وهو حامل
أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبى العاص بن
الربيع، فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها" (2).
3 - قتل الأسودين:
عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الأسودين في
الصلاة، العقرب
والحية" (3).
4 - الالتفات والإشارة المفهمة للحاجة:
عن جابر قال: "اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو
قاعد، فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا" (4).
5 - البصاق في ثوبه أو إخراج منديله من جيبه، لما مر في حديث (5) جابر في
النهى عن البصاق جهة القبلة.
__________
(1) حسن: [ص. نس 1151]، ت (598/ 56/ 2)، د (910/ 190/ 3)، نس (11/ 3).
(2) متفق عليه: خ (516/ 590/ 1)، م (543/ 385/ 1)، د (904/ 185/ 3)، نس
(45/ 2).
(3) صحيح: [ص. ج 1147]، خز (869/ 41/ 2).
(4) صحيح: [ص. نس 1145]، م (413/ 309/ 1)، نس (9/ 3)، د (588/ 313/ 2).
(5) سبق ص 99.
(1/107)
6 - الإشارة بردّ السلام على من سلّم عليه:
عن عبد الله بن عمر قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قباء
يصلي فيه. فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلى. قال: فقلت لبلال: كيف رأيت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو
يصلى؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون كفه، وجعل بطنه أسفل،
وجعل ظهره إلى فوق (1).
7 - تسبيح الرجال وتصفيق النساء للأمر يحدث في الصلاة:
عن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "يا أيها الناس مالكم
حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه
شيء في صلاته فليقل سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله،
إلا التفت ... " (2).
8 - الفتح على الإِمام:
عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة فقرأ فيها فلبس
عليه، فلما انصرف قال لأبىّ: أصليت معنا؟ قال: نعم. قال: فما منعك"؟ (3).
9 - غمز رِجْل النائم:
عن عائشة قالت: كنت أمدّ رجلى في قبلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو
يصلى، فإذا سجد غمزنى فرفعتها، فهذا قام مددتها" (4).
__________
(1) حسن صحيح: [ص. د 820]، د (915/ 195/ 3).
(2) متفق عليه: خ (1234/ 107/ 3)، م (421/ 316/ 1)، د (928/ 316/ 3).
(3) صحيح: [ص. د 803]، د (894/ 175/ 3).
(4) متفق عليه: خ (1209/ 80/ 3) وهذا لفظ، م (512 - 272 - / 367/ 1) بنحوه.
(1/108)
10 - مقاتلة من أراد المرور بين يدي
المصلى:
عن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صلى أحدكم
إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحوه فإن
أبي فليقاتله فإنما هو شيطان" (1).
11 - البكاء:
عن علي قال: "ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا
إلا نائم، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلى ويبكى حتى
أصبح" (2).
ما يبطل الصلاة:
1 - تيقن الحدث:
عن عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينفتل -أو لا
ينصرف- حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" (3).
2 - ترك ركن من الأركان أو شرط من الشروط عمدا وبدون عذر:
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسىء صلاته "إرجح فصل فإنك لم تصل"
(4). ولأمره - صلى الله عليه وسلم - لمن رأى في ظهر قدمه لمعة أن يعيد
الوضوء والصلاة (5).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 638]، م (505 - 259 - 362/ 1).
(2) إسناده صحيح: أ (225/ 36/ 21)، خز (899/ 52/ 2).
(3) متفق عليه: خ (137/ 237/ 1)، م (361/ 276/ 1)، د (174/ 299/ 1)، جه
(513/ 171/ 1)، نس (99/ 1).
(4) متفق عليه: خ (793/ 276 و 277/ 2)، م (397/ 298/ 1)، د (841/ 93 - 96/
3)، ت (301/ 185 - 186/ 1) نس (125/ 2).
(5) سبق ص 32.
(1/109)
3 - الأكل والشرب عمدا:
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا
إن عليه الإعادة (1)، وكذا في صلاة التطوع عند الجمهور؛ لأن ما أبطل الفرض
يبطل التطوع.
4 - الكلام عمدا لغير مصلحة الصلاة:
عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى
جنبه في الصلاة، حتي نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فامرنا بالسكوت
ونهينا عن الكلام (2).
5 - الضحك:
ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصلاة بالضحك (3)
6 - مرور المرأة البالغة، أو الحمار، أو الكلب الأسود، بين يدي المصلى دون
موضع سجوده:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قام أحدكم يصلى، فإنه يستره إذا كان
بين يديه مثل آخرة الرّحل. فهذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع
صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" (4).
__________
(1) و (3) الإجماع (40).
(2) متفق عليه: م (539/ 383/ 1)، ت (4003/ 252/ 1)، د (936/ 227/ 3)، خ
(1200/ 72 /3) (18/ 3)، وليس عند الأخيرتين "ونهينا عن الكلام".
(4) سبق
(1/110)
صلاة التطوع
فضلها:
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أول ما يحاسب به
العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد
خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيئًا قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل
لعبدى من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك"
(1).
استحباب كونها في البيت:
عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قضى أحدكم الصلاة
في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته
نورًا" (2).
وعن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بالصلاة في
بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" (3).
أنواعها:
صلاة التطوع قسمان: مطلقة، ومقيدة:
فالمقيدة هى المعروفة بالسنن الرواتب، قبل الصلاة وبعدها، وهي قسمان:
مؤكدة، وغير مؤكدة:
فالمؤكدة عشر ركعات:
عن ابن عمر قال: حفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين
قبل الظهر،
__________
(1) صحيح: [ص. نس 451، 452]، ت (411/ 258 / 1)، نس (232/ 1).
(2) صحيح: [مختصر م 375]، م (778/ 239 / 1).
(3) متفق عليه: خ (6113/ 517/ 10)، م (781/ 539/1)، د (1434/ 321/ 4)، نس
(398/ 3).
(1/111)
وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب،
وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي
- صلى الله عليه وسلم - فيها، فحدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع
الفجر صلى ركعتين (1).
وعن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع
أربعًا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة" (2).
وغير المؤكدة: ركعتان قبل صلاة العصر والمغرب والعشاء:
عن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بين كل أذانيْن
صلاة، بين كل أذانيْن صلاة، ثم قال في الثالثة "لمن شاء" (3).
وتستحب المحافظة على أربع قبل العصر:
عن عليّ قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى قبل العصر أربع
ركعات، يفصل يينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين
والمؤمنين (4).
وعن ابن عمر عن النبي قال: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا" (5).
ما جاء في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -
في بعض هذه الصلوات:
عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نعمت السورتان
يُقرا بهما في ركعتين قبل الفجر قل هو الله أحد، وقيل يا أيها الكافرون"
(6).
وعن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتى الفجر قل
يا أيها الكافرون
__________
(1) صحيح: [الارواء 440]، خ (80، 1181/ 58/ 3)، وهذا لفظه، ت (431/ 271/
1)، بنحوه.
(2) صحيح: [ص. نس 1658]، خ (1182/ 58/ 3)، د (1240/ 134/ 4)،نس (251/ 3).
(3) متفق عليه: خ (627/ 110/2). م (838/ 573/ 1)، د (1269/ 162/ 4)، ت
(185/ 120/ 1) نس (28/ 2) جه (1162/ 368/ 1).
(4) حسن: [ص. ت 353]، ت (427/ 269 / 1).
(5) حسن: [ص. ت 354]، ت (428/ 270/ 1)، د (1257/ 149/ 4).
(6) صحيح: [ص. جه 944]، خز (1114/ 163/ 2)، أ (987/ 225/4) جه (1150/ 363/
1)
(1/112)
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) وعن ابن
عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتى الفجر في
الأولى منهما قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا الآية التي في البقرة، وفي
الآخرة منهما: آمنا بالله وشهد بانا مسلمون" (2). وعن ابن مسعود قال: ما
أحصى ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين بعد
المغرب وفي الركعتين قبل الفجر بـ "قل يا أيها الكافرون" و" قل هو الله
أحد" (3).
الوتر:
حكمه وفضله:
الوتر سنة مؤكدة، حث عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورغب فيه:
عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله وتر يحب
الوتر" (4).
وعن علي قال: إن الوتر ليس بحتم: ولا كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أوتر ثم قال: "يا أهل القرآن أوْتِروا فإن الله وتر
يحب الوتر" (5).
وقته:
يجوز الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وهو في الثلث الأخير من
الليل أفضل: عن عائشة قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر" (6).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 360]، م (726/ 502/ 1)، د (1243/ 135/ 4)، نس (156/ 2)،
جه (1148/ 363/ 1).
(2) صحيح: [ص. نس 905]، م (727/ 502/ 1)، نس (155/ 2)، د (1246/ 137/ 4).
(3) حسن صحيح: [ص. ت 355]، ت (429/ 270/ 1).
(4) متفق عليه: خ (6410/ 214/ 11)، م (2677/ 2062/ 4).
(5) صحيح: [ص. جه 1959] جه (1169/ 370/ 1)، ت (452/ 282/ 1)، نس (228 و
229/ 3) في حديثين. د (1403/ 291/ 4) المرفوع فقط ..
(6) متفق عليه: م (1745/ 512 / 1) وهذا ل فظه، خ (996/ 486/ 2) مختصرًا، نس
(230/ 3)، د (4/ 312/ 1422)، ت (456/ 284/ 1)، بزيادة في آخره عنده وعند
أبي داود.
(1/113)
ويستحب تعجيل الوتر أول الليل لمن خشى أن
لا يستيقظ آخره، كما يستحب تأخيره إلى آخر الليل لمن ظن أنه يستيقظ آخره.
عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: "متي توتر"؟
قال: أوتر قبل أن أنام. فقال لعمر "متى توتر"؟ قال: أنام ثم أوتر، قال:
فقال لأبي بكر: " أخذت بالحزم أو بالوثيقة" وقال لعمر "أخذت بالقوة" (1).
وعن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى وأنا راقدة معترضة
على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظنى فاوترت" (2).
عدد ركعات الوتر وصفته:
أقل الوتر ركعة: عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشى أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد
صلّى" (3).
ويجوز أن يوتر بثلاث أو خمس أو سبع أو تسع:
عن عائشة قالت: "ماكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا
في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلى أربعًا فلا تسال عن حسنهن وطولهن، ثم
يصلى أربعًا فلا تسال عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى ثلاثًا" (4).
وعنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث
عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" (5).
وعنها قالت: "كنا نعد له - صلى الله عليه وسلم - سواكه وطهوره، فيبعثه الله
ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ، ويصلى تسع ركعات لا يجلس فيها إلا
في الثامنة،
__________
(1) حسن صحيح: [ص. جه 988]، خز (1084/ 145/ 2)، د (1421/ 311/ 4)، جه
(1202/ 379/ 1).
(2) متفق عليه: خ (997/ 487/ 2)، م (744/ 511/ 1).
(3) متفق علبه: خ (990/ 477/ 2)، م (749/ 516/ 1)، نس (227/ 3)، ت (435/
273/ 1) بنحوه وفيه زيادة.
(4) متفق عليه: خ (1147/ 33/ 1)، م (738/ 509/ 1)، د (1327/ 218/ 4)، ت
(437/ 274/ 1).
(5) صحيح: [مختصر م 382]، م (737/ 508/ 1)، د (1324/ 216/ 4)، ت (457/ 285/
1) بزيادة في آخره.
(1/114)
فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا
يسلم، ثم يقوم فيصلى التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم
تسليما يسمعنا، ثم يصلى ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدي عشرة ركعة
يابنى، فلما أسن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ اللحم أوتر بسبع،
وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني" (1).
فإن أوتر بثلاث قرأ فيهن ما هو مذكور في هذا الحديث:
عن ابن عباس قال: "كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقيل
يا أيها الكافرون، وقيل هو الله أحد، في ركعة ركعة" (2).
القنوت في الوتر:
عن الحسن بن علي قال: علمنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن
في الوتر:
"اللهم اهدنى فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت، وتولنى فيمن توليت، وبارك لي
فيما أعطيت، وقنى شرّ ما قضيت، فإنك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من
واليت، تباركت ربنا وتعاليت" (3).
والسنة في هذا القنوت أن يكون قبل الركوع، لحديث أُبيّ بن كعب: "أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في الوتر قبل الركوع" (4). ولا يشرع
القنوت في الفريضة إلا في النازلة، ولا يخص به صلاة دون صلاة، ويجعله بعد
الركوع. عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع" (5).
__________
(1) صححيح: [ص. نس 1510]، م (746/ 512/ 1)، د (1328/ 219/ 4)، نس (199/ 3).
(2) صحيح: [ص. نس 1607]، ت (461/ 288/ 1)، نس (236/ 3) بزيادة في أوله.
(3) صحيح: [ص. نس 1647]، د (1412/ 300/ 4)، ت (463/ 289/ 1)، جه (1178/
372/ 1)،
نس (248/ 3).
(4) صحيح: [ص. د 1266]، د (1414/ 352/ 4).
(5) صحيح: [ص. ج 4655]، خ (4560/ 226/ 8).
(1/115)
أما القنوت في الفجر أبدًا فبدعة
كما صرح بذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عن أبي مالك
الأشجعي، سعد بن طارق، قال: "قلت لأبي: يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلى ها هنا بالكوفة، نحوًا من
خمس سنين، فكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث (1).
"ومن المحال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في كل غداة بعد
اعتداله من الركوع يقول: "اللهم اهدني فيمن هديت، وتولنى فيمن توليت" إلخ
ويرفع بذلك صوته، ويؤمن عليه أصحابه دائما إلى أن فارق الدنيا، ثم لا يكون
ذلك معلوما عند الأمة، بل يضيعه أكثر أمته، وجمهور أصحابه، بل كلهم، حتى
يقول من يقول منهم: إنه محدث: كما قال سعد بن طارق الأشجعى" (2).
قيام الليل
قيام الليل سنة مستحبة، وهو من أهم خصائص المتقين، قال الله تعالى:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ
رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ} (3).
وعن أبي مالك الأشعرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن في الجنة
غرفا يُرَى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم
الطعام، وألان الكلام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام" (4).
__________
(1) صحيح: [الإرواء435]، أ (3/ 472 و 6/ 394)، جه (1241/ 393/ 1).
(2) زاد المعاد (271/ 1).
(3) الذاربات 15 - 19.
(4) حسن: [ص. ج 2123].
(1/116)
ويتأكد استحبابه في رمضان
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام
رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة فيقول: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر
له ما تقدم من ذنبه" (1).
عدد ركعاته:
أقله ركعة، واكثره إحدى عشرة، لما مرّ من قول عائشة، "ما كان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" (2).
مشروعية الجماعة في قيام رمضان:
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات ليلة
في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فأكثر الناس، ثم اجتمعوا من
الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعنى من الخروج إليكم إلا
أنى خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان (3).
وعن عبد الرحمن بن القارئ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع (4) متفرقون، يصلى الرجل
لنفسه، ويصلى الرجل فيصلى بصلاته الرهط. فقال عمر: إنى أرى لو جمعت هؤلاء
على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أُبىّ بن كعب. ثم خرجت معه
ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمتِ البدعة
__________
(1) متفق عليه: م (759 - 174 - / 523/ 1)، خ (2009/ 250/ 4)، المرفوع فقط،
د (1358/ 345/ 4)،
ت (805/ 151/ 2)، نس (156/ 4).
(2) سبق ص 108.
(3) متفق عليه: م (761/ 524/ 1)، خ (1129/ 10/3)، د (1360/ 247/ 4).
(4) أوزاع بسكون الواو بعدها زاى أي جماعة متفرفون وقوله في الرواية
(متفرقون) تأكيد لفظى (فتح البارى 4 ص 297).
(1/117)
هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي
يقومون -يريد آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله" (1).
استحباب صلاة الرجل بأهله في غير رمضان:
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أيقظ الرجل
أهله من الليل فصليا- أو صلى ركعتين جميعًا- كتبا من الذاكرين الله كثيرًا
والذاكرات" (2).
قضاء قيام الليل:
عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتته الصلاة من
الليل من وَجَع أو غيره، صلى من النهار ثنتى عشرة ركعة" (3).
وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من نام عن
حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له
كأنما قرأه من الليل" (4).
كراهة ترك قيام الليل لمن اعتاده:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل" (5).
__________
(1) صحيح [مختصر خ 986]، ما (247/ 85)، خ (2010/ 250/4).
(2) صحيح: [ص. جه 1098]، د (1295/ 194/ 4)، جه (1335/ 423/ 1).
(3) صحيح: [ص. ج 4756]، م (746 - 140 - / 515/ 1).
(4) صحيح: [ص. جه 1104]، م (747/ 515/ 1)، ت (578/ 47/ 2)، د (1299/ 197/
4)، نس (3/ 259)، جه (1343/ 426/ 1).
(5) متفق عليه: خ (1152/ 37/1)، م (1159 - 185 - / 814/ 2).
(1/118)
صلاة الضحى (صلاة
الأوابين)
مشروعيتها:
عن أبي هريرة قال: "أوصانى خليلى - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: بصيام
ثلاثة أيام في كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن انام" (1).
فضلها:
عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يصبح على كل
سُلاَمَى (*) من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة
صدقة، وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، ويجزى من
ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" (2).
عدد ركعاتها:
أقلها اثنتان، لما سبق من الأحاديث. وأكثرها ثمان:
عن أم هانئ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم فتح مكة اغتسل في
بيتها فصلى ثمان ركعات" (3).
أفضل أوقاتها:
عن زيد بن أرقم قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم
يصلون الضحى فقال: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال (4) من الضحى" (5).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 367]، م (721/ 499/ 1)، د (1419/ 310/4).
(*) سُلامى: واحدة السلاميات، وهي مفاصل الأصابع.
(2) صحيح: [مختصر م 364]، م (720/ 499/ 1)، د (1271/ 164/ 4).
(3) متفق عليه: خ (1176/ 51/3)، م (336 - 71 - /226/ 1)، د (1277/ 170/ 4)،
ت (1/ 295/ 472)، نس (126/ 1).
(4) قال الإمام النووى: يقال رمض يرمض كعلم يعلم والرمضاء: الرمل الذي
اشتدت حرارته بالشمس، أي حيث يحترق أخفاف الفصال -وهي الصغار من أولاد
الإبل جمع فصيل- من شدة حر الرمل والاواب: المطيع وقيل: الراجع إلى الطاعة.
أ. هـ صحيح مسلم شرح النووى (30/ 6).
(5) صحيح: [مختصر م 368]، م (748 - 144 - / 516/ 1).
(1/119)
الصلاة عقيب الطهور
(سنة الوضوء):
عن أبي هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الصبح:
"يا بلال أخبرنى بأرجى عمل عملته في الإِسلام، فإنى سمعت دف نعليك بين يدي
في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل
أو نهار الأصليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلى" (1).
صلاة الاستخارة:
يستحب لكل من همّ بأمران يستخير الله تعالى فيه كما جاء في هذا الحديث: عن
جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور
كلها كالسورة من القرآن: "إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير
الفريضة، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من
فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم، ولا أعلم، وأنت علام الغيوب اللهم
إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في دينى ومعاشى وعاقبة أمرى -أو قال: في
عاجل أمرى وآجله- فاقدره لي. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في دينى
ومعاشى وعاقبة أمري -أو قال: في عاجل أمرى وآجله- فاصرفه عني واصرفنى عنه،
واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّنى به. ويسمى حاجته" (2).
صلاة الكسوف:
إذا خسف القمر وكسفت الشمس استحب أن ينادى: الصلاة جامعة.
عن عبد الله بن عمرو قال "لما كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - نودى: إن الصلاة جامعة" (3).
__________
(1) سبق ص 36.
(2) صحيح: [ص. جه 1136]، خ (6382/ 183 / 11)، د (1524/ 396/4)، ت (2478/
298/ 1)، جه (1383/ 440/ 1)، نس (80/ 6).
(3) متفق عليه: خ (1045/ 533/ 2)، م (910/ 627 / 2)، نس (136/ 3).
(1/120)
فهذا اجتمع الناس في المسجد صلّى بهم
الإِمام ركعتين على نحو ما جاء في هذا الحديث: عن عائشة قالت: "خسفتِ
الشمسُ في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج إلى المسجد، فَصَفَّ
الناسُ وراءه، فكبر، فاقترأَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة
طويلة، ثم كبر، فركع ركوعا طويلًا، ثم قال: سمع الله لمن حمده، فقام ولم
يسجد، وقرأ قراءة طويلة، هى أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر وركع ركوعًا
طويلًا، وهو أدنى من الركوع الأول، ثم قال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك
الحمد ثم سجد، ثم قال في الركعة الآخرة مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات في
أربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف" (1).
الخطبة بعد الصلاة:
يسنّ للإمام إذا سلم من الصلاة أن يخطب الناس، فيعظهم ويذكرهم، ويحثهم على
العمل الصالح. عن عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم خسفت
الشمس ... ثم ذكرت صفة الصلاة قالت ثم سلم -وقد تجلت الشمس- فخطب الناس
فقال في كسوف الشمس والقمر إنهما آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد
ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة (2).
وعن أسماء قالت: "لقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتاقة (*) في
كسوف الشمس" (3).
وعن أبي موسى قال: خسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعًا،
يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط
يفعله، وقال: هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن
يخوّف الله بها عباده، فهذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه
واستغفاره" (4).
__________
(1) و (2) متفق عليه: خ (1046/ 533/ 2)، م (901 - 3 - 619/ 2/)، د (1168/
46/ 4)، نس (130/ 3).
(*) العتاقة: المراد إعتاق العبيد المملوكين.
(3) صحيح: [مختصر خ 118] خ (1045/ 543/ 2).
(4) متفق عليه: خ (1059/ 545/ 2) م (912/ 628/ 2)، نس (3/ 153).
(1/121)
وظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -
"فافزعوا ... " إلخ الوجوب، فتكون صلاة الكسوف فرض كفاية، كما قال أبو
عوانة في صحيحه (398/ 2): "بيان وجوب صلاة الكسوف". ثم ساق بعض الأحاديث
الصحيحة في الأمر بها. وهو ظاهر صنيع ابن خزيمة في صحيحه" فإنه قال فيه
(38/ 2).
"باب الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر ... " وذكر أيضًا بعض الأحاديث
في الأمر بها.
قال الحافظ في الفتح (2/ 527): "فالجمهور على أنها سنة مؤكدة، وصرح أبو
عوانة في صحيحه بوجوبها ولم أره لغيره، إلا ما حكى عن مالك أنه أجراها مجرى
الجمعة، ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها، وكذا نقل بعض مصنفى
الحنفية أنها واجبة" (1).
صلاة الاستسقاء:
إذا انقطع المطر وأجدبت البلاد استحب الخروج إلى المصلى للاستسقاء، فيصلى
بهم الإِمام ركعتين، ويكثر من الدعاء والاستغفار، ويحول رداءه، فيجعل
اليمين على الشمال:
عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال: خرج النبي - صلى الله عليه
وسلم - إلى المصلى يستسقى، واستقبل القبلة فصلى ركعتين، وقلب رداءه، قال
سفيان فأخبرنى المسعودي عن أبي بكر قال: جعل اليمين على الشمال (2).
وعنه قال: "رأيت النبى - صلى الله عليه وسلم - لما خرج يستسقى، قال: فحول
إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه ثم صلى لنا ركعتين، جهر
فيهما بالقراءة" (3).
__________
(1) تمام المنة (261) بتصرف يسير.
(2) متفق عليه: خ (1027/ 515/ 2)، وهذا لفظه، م (894 - 2 - 611/ 2)، د
(1149/ 24/ 4)، ت (553/ 34/ 2)، نس (155/ 3) بنحوه.
(3) صحيح: [ص. د 1029]، خ (1025/ 514/ 2)، وهذا لفظه (894 - 4 - 611/ 2)،
وليس عنده الجهر د (26/ 1150/ 4).
(1/122)
سجود التلاوة:
قال ابن حزم في "المحلى": (105/ 5)، (106/ 5):
في القرآن أربع عشرة سجدة، أولها في آخر ختمة سورة الأعراف، ثم في الرعد،
ثم في النحل، ثم في سبحان، ثم في كهيعص، ثم في الحج في الأولى، وليس قرب
آخرها سجدة، ثم في الفرقان، ثم في النمل، ثم في آلم تنزيل، ثم في ص، ثم في
حم فصلت، ثم في والنجم في آخرها، ثم في إذا السماء انشقت عند قوله تعالى:
(لا يسجدون) ثم في اقرأ باسم ربك في آخرها.
حكم السجود:
قال: وليس السجود فرضا لكنه فضل، ويسجد لها في الصلاة الفريضة والتطوع، وفي
غير الصلاة في كل وقت، وعند طلوع الشمس وغروبها واستوائها إلى القبلة وإلى
غير القبلة، وعلى طهارة وعلى غير طهارة. أهـ.
قلت: أما كونه فضلا لا فرضا فلأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قرأ "والنجم" فسجد فيها (1).
وقرأها عليه زيد بن ثابت فلم يسجد فيها (2). لبيان الجواز. كما ذكره الحافظ
في الفتح (555/ 2) قال ابن حزم: (111/ 5):
وأما سجودها على غير وضوء وإلى غير القبلة كيف ما يمكن فلأنها ليست صلاة،
وقد قال عليه السلام: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" (3). فما كان أقل من
ركعتين فليس صلاة، إلا أن يأتى نص بأنه صلاة، كركعة الخوف، والوتر، وصلاة
الجنازة ولا نص في أن سجدة التلاوة صلاة. أهـ.
__________
(1) متفق عليه: خ (1070/ 21/ 335)، م (576/ 405 / 1)، د (1393/ 282/ 4)، نس
(160/ 2).
(2) متفق عليه: خ (1073/ 554/2)، م (577/ 406/1)، نس (160/ 2)، د (1391/
280 / 4)، ت (573/ 44/ 2).
(3) صحيح: [ص. د 1151]، د (1281/ 173/ 4)، ت (594/ 54/ 2)،جه (1322/ 419/
1) , نس (227/ 3).
(1/123)
فضله:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا قرأ ابن آدم
السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى يقول: ياويله، أمر بالسجود فسجد فله الجنة،
وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار" (1).
ما يقول إذا سجد:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول
في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مرارا: "سجد وجهى للذي خلقه وشق سمعه
وبصره بحوله وقوته" (2).
وعن عليّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد قال: "اللهم لك
سجدت، وبك أمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره، تبارك
الله أحسن الخالقين" (3).
وعن ابن عباس قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فقال:
إني رأيت البارحة فيما يرى النائم، كأني أصلى إلى أصل شجرة، فقرأت السجدة
فسجدتُ، فسجدت الشجرة لسجودى. فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرًا،
واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا.
قال ابن عباس: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ السجدة فسجد فسمعته
يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة (4).
__________
(1) صحيح: [مختصر م 369]، م (81/ 87/ 1).
(2) صحيح: [ص. د 1255]، د (1401/ 289/ 4)، ت (577/ 47 / 5)، نس (222/ 2).
(3) صحيح: [ص. جه 866]، م (771/ 534/ 1)، جه (1054/ 335/ 1)، د (746/ 463/
2) , ت (3481/ 149/ 5).
(4) صحيح: [ص. جه 865]، ت (576/ 46/ 2)، جه (1053/ 334/ 1).
(1/124)
سجود الشكر:
يستحب لمن وردت عليه نعمة، أو دفعت عنه نقمة، أو بُشّر بما يسره أن يخرّ
ساجدا، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
عن أبي بكرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه أمر يسره أو
يُسرُّ به، خرّ ساجدًا شكرًا لله تبارك وتعالى (1).
وحكمه حكم سجود التلاوة.
سجود السهو:
" ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسهو في الصلاة، وصح عنه أنه
قال: "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكرونى" (2).
وقد شرع لأمته في ذلك أحكامًا نلخصها فيما يلي (3):
1 - إذا قام من ركعتى الفريضة: (إذا ترك التشهد الأول):
عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال: "صلى لنا رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه. فلما
قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبّر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلم"
(4).
وعن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قام
أحدكم من
__________
(1) حسن: [ص. جه 1143]، جه (1394/ 446/ 1)، وهذا لفظه، د (2757/ 462/ 7)، ت
(1626/ 69/ 3).
(2) صحيح: [ص. ج 2339]، [الإرواء 339].
(3) فقه السنة (190/ 1).
(4) متفق عليه: خ (1224/ 92/ 3)، م (570/ 399/ 1)، د (19/ 3)، د (1021/
347/ 3)، ت (389/ 242/ 1)، جه (1206/ 381/ 1).
(1/125)
الركعتين: فلم يستَتِمَّ قائما فليجلس،
فإذا استتمَّ قائما فلا يجلس ويسجد سجدتى السهو" (1).
2 - إذا صلى خمسًا:
عن عبد الله رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر
خمسًا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟ قال: صليت خمسًا، فسجد
سجدتين بعد ما سلّم" (2).
3 - إذا سلّم في ركعتين أو ثلاث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من
اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم. فقام رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فصلي اثنتين أخريين، ثم سلّم، ثم كبّر فسجد
مثل سجوده أو أطول، ثم رفع" (3).
وعن عمران بن حصين: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلم
في ثلاث ركعات ثم دخل منزله. فقام إليه رجل يقال له الخرباق، وكان في يديه
طول. فقال: يا رسول الله فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى
إلى الناس. فقال: "أصدق هذا؟ " قالوا: نعم. فصلى ركعة: ثم سلم. ثم سجد
سجدتين. ثم سلم" (4).
__________
(1) صحيح: [الارواء 2/ 109 - 110]، د (1023/ 350/ 3)، جه (1208/ 381/ 1).
ومما ينبغي التنبيه إليه أنه ليس في الحديث التفريق بين أن يكون إلى القيام
أقرب فيقوم، أو إلى الجلوس فيجلس، وإنما كما هو ظاهر "فإن ذكر قبل أن يستوى
قائما فليجلس". وإن كان قريبا من القيام.
(2) متفق عليه: خ (1226/ 93/ 3)، م (572 - 91 - / 401/ 1)، د (1006/ 325/
3)، ت (390/ 243/1) جه (1205/ 380/ 1)، ن (31/ 3).
(3) متفق عليه: خ (1228/ 98/ 3)، م (573/ 403/ 1)، د (995/ 311/ 3)، ت
(397/ 247 /1)، ن (30/ 3) جه (1214/ 383/ 1).
(4) صحيح: [ص. جه 1001]، م (574/ 404/ 1)، د (1005/ 323/ 3)، ن (26/ 3)، جه
(1215/ 384/ 1).
(1/126)
4 - إذا لم يدّركم صلى؟
عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله: صلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - (قال إبراهيم: زاد أو نقص) (*) فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث
في الصلاة شىء؟ قال: "وماذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا. قال: فثنى رجليه،
واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إنه لو
حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر، أنسى كما تنسون. فإذا
نسيت فذكرونى وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه. ثم ليسجد
سجدتين" (1).
والتحرى يكون بأن "يتذكر ما قرأ به في الصلاة، فيذكر أنه قرأ بسورتين في
ركعتين، فيعلم أنه صلى ركعتين لا ركعة، وقد يذكر أنه تشهد التشهد الأول،
فيعلم أنه صلى اثنتين لا واحدة، وأنه صلى ثلاثًا لا اثنتين، وقد يذكر أنه
قرأ الفاتحة وحدها في ركعة ثم في ركعة فيعلم أنه صلى أربعًا لا ثلاثًا،
وهكذا، فإذا تحرى الذي هو أقرب إلى الصواب، أزال الشك، ولا فرق في هذا بين
أن يكون إمامًا أو منفردًا (2).
فإذا تحرى ولم يترجح عنده شيء بني على اليقين وهو الأقل، كما في الحديث:
عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شك
أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك وليبن على
ما استيقن.
ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى
إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان" (3).
__________
(*) شك إبراهيم، والصحيح أنه راد. ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول" (541/
5).
(1) متفق عليه: خ (401/ 503/ 1)، م (572/ 400/ 1) د (1007/ 326/ 3)، ن (31/
3)، جه (1211/ 382/ 1).
(2) مجموع الفتاوى ابن تيمية (13/ 23).
(3) صحيح: [ص. خ 632]، م (571/ 400/ 1)، د (1011/ 330/ 3)، ن (27/ 3).
(1/127)
حكم سجود السهو:
سجود السهو واجب، لأمره - صلى الله عليه وسلم - به، كما في الأحاديث
السابقة، ولمواظبته عليه كلما نسى، ولم يخل به مرة واحدة.
محله:
" أظهر الأقوال الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحرى، والشك مع
البناء على اليقين ... فإن هذا مع ما فيه من استعمال النصوص كلها: فيه
الفرق المعقول.
وذلك أنه إذا كان في نقص، كترك التشهد الأول احتاجت الصلاة إلى جبر، وجبرها
يكون قبل السلام لتتم به الصلاة، فإن السلام هو تحليل من الصلاة.
وإذا كان من زيادة كركعة - لم يجمع في الصلاة بين زيادتين، بل يكون السجود
بعد السلام, لأنه إرغام للشيطان، بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته،
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل السجدتين كركعة.
وكذلك إذ شك وتحرى فإنه أتم صلاته، وإنما السجدتان لترغيم الشيطان، فيكون
بعد السلام ... وكذلك إذا سلم وقد بقى عليه بعض صلاته ثم اكملها فقد أتمها،
والسلام منها زيادة، والسجود في ذلك بعد السلام لأنه إرغام للشيطان.
وأما إذا شك ولم يتبين له الراجح، فهنا إما أن يكون صلى أربعًا أو خمسًا،
فإن كان صلى خمسًا فالسجدتان يشفعان له صلاته، ليكون كانه قد صلى ستًا لا
خمسًا، وهذا إنما يكون قبل السلام.
وهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث، لا يترك منها
حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص، وإلحاق ما ليس بمنصوص
بما يشبهه من المنصوص" (1).
__________
(1) مجموع الفتاوي (24/ 23).
(1/128)
سجود السهو لترك شيء
من السنن:
من ترك سنة ناسيا سجد للسهو، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل سهو
سجدتان" (1) وهو سنة، لا يكون واجبا لئلا يزيد الفرع على أصله (2).
صلاة الجماعة
حكمها:
صلاة الجماعة فرض عين على كل مصلِّ إلا من عذر:
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده،
لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم
الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. والذي نفسي بيده، لو يعلم
أحدهم أنه يجد عرقا (*) سمينا أو مرماتين (**) حسنتين لشهد العشاء" (3).
وعن أبي هريرة قال: " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، رجلٌ أعمى فقال يا
رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - أن يرخص له فيصلى في بيته، فرخّص له، فلما ولى دعاه فقال: هل
تسمع النداء بالصلاة؟ فقال نعم. قال: فأجب" (4).
وعن عبد الله قال: من سرّه أن يلقى الله غدا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء
الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن
الهدي، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة
نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم
__________
(1) حسن: [ص. د 917]، د (1025/ 357/3)، جه (1219/ 385/ 1).
(2) السيل الجرار (275/ 1).
(*) عَرْقًا: العرق: العظم بما عليه من بقايا اللحم.
(**) مرماتيْن: المرماة: ما بيْن ظلفَىِ الشاة.
(3) متفق عليه: خ (644/ 125/ 2)، وهذا لفظه م (651/ 451/ 1)، بنحوه. د
(544/ 251/ 2)، جه (791/ 259/ 1)، وليس عندهما الجملة الأخيرة، نس (107/
2)، بلفظ البخاري.
(4) صحيح: [مختصر م 320]، م (653/ 452/ 1)، نس (109/ 2).
(1/129)
يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله
له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا
وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين
الرجلين حتى يقام في الصف (1).
وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سمع النداء فلم
يأته، فلا صلاة له، إلا من عذر" (2).
فضلها:
عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الجماعة تفضل"
صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" (3) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -: "صلاة الرجل في الجماعة تضعّف على صلاته في بيته وفي
سوقه خمسًا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى
المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه
بها خطيئة، فهذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام في مصلاه: اللهم صلّ
عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة" (4).
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غدا إلى المسجد
وراح أعّد الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح" (5).
__________
(1) صحيح: [ص. جه 631]، م (654 - 257 - / 453/ 1)، نس (108/ 2)، د (546/
254/ 2)، جه (777/ 255/ 1).
(2) صحيح: [ص. جه 645]، جه (793/ 260/ 1)، كم (245/ 1)، هق (174/ 3).
(3) متفق عليه: خ (645/ 131/ 2)، م (650/ 450/ 1)، ت (215/ 138/ 1)، ت
(103/ 2)، جه (789/ 259/ 1).
(4) متفق عليه: خ (647/ 131/ 2)، م (649/ 459/ 1)، د (555/ 265/ 2).
(5) متفق عليه: خ (662/ 148/ 2)، م (669/ 463/ 1).
(1/130)
هل تشهد النساء
الجماعة؟
يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنّبْن ما يثير
الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب (1).
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا نساءكم
المساجد، وبيوتهن خير لهن" (2).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة
أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة" (3).
وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد
الله، لكن وليخرجن وهن تفلات (*) " (4).
بيوتهن خير لهن:
المرأة وإن جاز لها الخروج إلى المسجد إلا أن صلاتها في بيتها أفضل:
عن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقالت: يا رسول الله .. إني أحب الصلاة معك. فقال - صلى الله عليه وسلم -:
"قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك،
وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك
في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدى" (5).
آداب المشى إلى المسجد:
عن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع
جلبة (**) رجال، فلما صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال:
فلا تفعلوا، إذا
__________
(1) فقه السنة (193/ 1).
(2) صحيح: [ص. د 530]، د (563/ 274/ 2)، أ (1333/ 195/ 5).
(3) صحيح: [ص. ج 2702]، م (444/ 328 / 1)، د (4157/ 231/ 11)، نس (154/ 8).
(*) تفلات: غير متطيبات.
(4) حسن صحيح: [ص. د 529]، د (561/ 273/ 2)، أ (1328/ 193/ 5).
(5) حسن: أ (1337/ 198/ 5)، خز (1689/ 95/ 3).
(**) جلبة: أصوات مرتفعة، وضجّة مختلطة.
(1/131)
أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم
فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (1).
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتم الإقامة
فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا
وما فاتكم فأتموا" (2).
وعن كعب بن عجرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا توضأ
أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدًا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في
صلاة" (3).
ما يقول إذا خرج من بيته:
وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال -يعني إذا خرج
من بيته- بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له:
هُديت وكُفيت ووُقيت، وتنحى عنه الشيطان" (4).
وعن ابن عباس أنه رقد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فوصف صلاته
بالليل، ثم قال-: فأذن المؤذن، فخرج إلى الصلاة وهو يقول: "اللهم اجعل في
قلبي نورا وفي لساني نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل
من خلفي نورا، ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا، اللهم
أعطنى نورا" (5).
ما يقول عند دخول المسجد:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان
إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من
الشيطان الرجيم" (6).
__________
(1) متفق عليه: خ (635/ 116/ 2)، م (603/ 421/ 1).
(2) متفق عليه: خ (636/ 117/ 2)، وهذا لفظه، م (602/ 420/ 1)، د (568/
205/1)، ت (326/ 205/ 1) نس (114/ 2)، جه (775/ 255/ 1).
(3) صحيح: [ص. ت 316]، ت. (384/ 239/ 1)، د (558/ 268/ 2).
(4) صحيح: [ص. ج 6419] , د (5073/ 437/ 13)، ت (3486/ 154/ 5).
(5) صحيح: [مختصر م 379]، م (763 - 191 - 530/ 1)، د (1340/ 230/ 4).
(6) صحيح: [ص. د 441]، د (462/ 132/ 2).
(1/132)
وعن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد يقول:
"بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفرلي ذنوبي وافتح لي أبواب
رحمتك" وإذا خرج قال: "بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي
ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" (1).
تحية المسجد:
فإذا دخل المسجد وجب عليه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس فعن أبي قتادة قال:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى
يصلى ركعتين" (2).
وإنما قلت بالوجوب لظاهر الأمر الذي ليس هناك من القرائن ما يصرفه عن
ظاهره، إلا حديث طلحة بن عبيد الله: أن أعرابيا جاء إلى رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - ثائر الرأس فقال: يا رسول الله، أخبرني ما فرض الله عليّ
من الصلاة. قال: "الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا ... " (3).
"وفي جعل هذا الحديث دليلا على عدم وجوب ما ذكر نظر عندي. لأن ما وقع في
مبادئ التعاليم لا يصح التعلق به في صرف ما ورد بعده، وإلا لزم قصر واجبات
الشريعة بأسرها على الخمس المذكورة، وإنه خرق للإجماع، وإبطال لجمهور
الشريعة. فالحق أنه يؤخذ بالدليل المتأخر إذا ورد موردًا صحيحا، ويعمل بما
يقتضيه من وجوب أو ندب أو نحوهما، وفي المسألة خلاف، وهذا أرجح القولين"
(4).
ويؤكد الوجوب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بها:
__________
(1) صحيح: [ص. جه 625]، جه (771/ 253/ 1)، ت (313/ 197/ 1).
(2) سبق ص 66.
(3) سبق ص 57.
(4) نيل الأوطار (364/ 1).
(1/133)
وإن كان الإِمام يخطب:
عن جابر بن عبد الله قال: "جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب
الناس يوم الجمعة، فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا. قال: قم فاركع" (1).
"فلو كانت التحية تترك في حالٍ من الأحوال لتركت الآن لأنه قعد وهي مشروعة
قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها, ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع
خطبته وكلّمه، وأمره أن يصلى التحيّة، فلولا شدّة الاهتمام بالتحية في جميع
الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام" (2).
إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة:
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا
صلاة إلا المكتوبة" (3).
وعن مالك بن بحينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا وقد أقيمت
الصلاة يصلى
ركعتين، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاث (*) به الناس،
وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آلصبح أربعًا؟! آلصبح أربعًا؟!
" (4).
فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام مع الإِمام:
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من صلى لله أربعين يوما
في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من
النفاق" (5).
__________
(1) متفق عليه: خ (930/ 407/ 2)، م (875/ 596/ 2)، د (1102/ 464/ 4)، ت
(508/ 10/2) , جه (1112/ 353 /1)، نس (107/ 3).
(2) صحيح: مسلم بشرح النووى (226/ 5).
(3) صحيح: [مختصر م 263]، م (710/ 493/ 1)، د (1252/ 142 أو 143/ 4)، ت
(419/ 264/ 1) جه (1151/ 364/ 1)، نس (116/ 2).
(*) لاث: دار به ولاذ به.
(4) متفق عليه: خ (663/ 148/ 2)، وهذا لفظه، م (711/ 493/ 1)
(5) حسن: [ص. ت 200]، ت (241/ 152/ 1).
(1/134)
من جاء وقد فرغ الإِمام:
عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجلًا من الأنصار الموتُ، فقال: إني محدثكم
حديثا ما أحدثكموه إلا احتسابًا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة، لم يرفع قدمه
اليمنى إلا كتب الله عَزَّ وَجَلَّ له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط
الله عز وجل عنه سيئة، فليقرّب أحدكم أو ليبعّد، فإن أتى المسجد فصلى في
جماعة غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضا وبقى بَعْضٌ صَلَّى ما أدرك
وأتم ما بَقِىَ، كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك"
(1).
وعن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فأحسن
وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله عَزَّ وَجَلَّ مثل أجر من
صلاها وحضرها, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا" (2).
الدخول مع الإِمام على أي حال كان:
عن علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإِمام" (3).
متى يعتد بالركعة؟:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جئتم إلى
الصلاة ونحن سجود فاسجدوا, ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة ففد أدرك
الصلاة" (4).
__________
(1) صحيح: [ص. د 527]، د (559/ 270/ 2).
(2) صحيح: [ص. د 528]، د (560/ 272/ 2)، نس (111/ 2).
(3) صحيح: [ص. ت 484]، [ص. ج 261]، ت (588/ 51/ 2).
(4) صحيح: [ص. ج 468]، د (875/ 145/ 3).
(1/135)
من ركع دون الصف:
عن أبي بكرة "أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع فركع
قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "زادك
الله حرصًا ولا تَعُد" (1).
عن عطاء أنه سمع ابن الزبير على المنبر يقول: إذا دخل أحدكم المسجد والناس
ركوع، فليركع، حتى يدخل ثم يدب راكعًا حتى يدخل في الصف، فإن ذلك السنة
(2).
وعن زيد بن وهب قال: "خرجت مع عبد الله -يعني ابن مسعود- من داره إلى
المسجد، فلما توسطنا المسجد ركع الإِمام فكبر عبد الله وركع وركعت معه، ثم
مشينا حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القوم رءوسهم، فلما قضى الإِمام الصلاة
قمت وأنا أرى أني لم أدرك، فأخذ عبد الله بيدى وأجلسنى، ثم قال: إنك قد
أدركت" (3).
ما يؤمر به الإِمام من التخفيف:
عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم للناس
فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، فماذا صلى لنفسه فليطول ما شاء"
(4).
إطالة الإِمام الركعة الأولى:
عن أبي سعيد قال: "لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضى
حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركعة
الأولى، مما يطولها" (5).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 3565]، خ (783/ 267/ 2)، د (67069/ 378/ 2)، نس (118/ 2).
(2) صحيح الإسناد: [الصحيحة 229].
(3) صحيح: [الصحيحة 52/ 2] هق (90/ 2).
(4) متفق عليه: خ (703/ 199/ 2)، وهذا لفظه، م (467/ 341/ 1)، د (236/ 150/
1)، نس (94/ 2).
(5) صحيح: [ص. نس 930]، م (454/ 335/ 1)، نس (164/ 2).
(1/136)
وجوب متابعة الإِمام وحرمة مسابقته:
عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به
فإذا كبّر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا ... " (1).
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما يخشى أحدكم إذا
رفع رأسه قبل الإِمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة
حمار" (2).
من أحق بالإمامة؟
عن أبي مسعود الأنصارى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم
القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن
كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم
سِلْمًا, ولا يؤمنّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته
(*) إلا بإذنه" (3).
وفي هذا الحديث أن صاحب الدار والإمام الراتب ونحوهما أحق بالإمامة من
غيرهما إلا أن ياذنا له، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يؤمنّ الرجلُ
الرجلَ في سلطانه ... ".
إمامة الصبى:
عن عمرو بن سلمة قال: "لما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر
أبي قومى بإسلامهم فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي - صلى الله عليه
وسلم - حقا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا،
فإذا
__________
(1) متفق عليه: م (411/ 308/ 1)، خ (689/ 173/ 2)، د (587/ 310/ 2)، ت (/
358/ 225/1)، نس (98/ 3)، جه (1238/ 392/ 1).
(2) متفق عليه: خ (691/ 182/ 2)، م (427/ 320/ 1)، د (609/ 330/ 2)، ت
(579/ 48/ 2)، نس (96/ 2) جه (961/ 308/ 1).
(*) تكرمته: موضع جلوسه فى بيته والمقعد الذي يخصّه.
(3) صحيح: [مختصر م 316]، م (673/ 465/ 1)، ت (235/ 149/ 1)، د (578/ 289/
2)، نس (76/ 2)، جه (980/ 313/ 1)، وعندهم "فإن كانوا في الهجرة سواء
فكثرهم سنًا" وهي رواية لمسلم.
(1/137)
حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم
قرآنا، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لا كنت أتلقى من الركبان،
فقدمونى بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين" (1).
اقتداء المفترض بالمتنفل وعكسه:
عن جابر "أن معاذ بن جبل كان يصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجع
فيؤم قومه" (2).
وعن يزيد بن الأسود: "أنه صلى مع رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام
شاب، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناجية المسجد، فدعا بهما، فجىء بهما
ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا،
فقال: لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإِمام ولم يصل فليصل
معه، فإنها له نافلة" (3).
اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه:
عن ابن عمر قال: صلى عمر بأهل مكة الظهر فسلم في ركعتين ثم قال: أتموا
صلاتكم يا أهل مكة فإنا قوم سَفْرٌ (4).
إذا اقتدى المسافر بالمقيم أتم:
عن موسى بن سلمة الهذلى قال: سألت ابن عباس: كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم
أصل مع الإِمام؟ فقال: ركعتين: سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (5).
__________
(1) صحيح: [ص. نس 761]، خ (4302/ 22/ 8)، د (581/ 293/ 2)، نس (80/ 2).
(2) صحيح.: [مختصر خ 387]، خ (700/ 192/ 2)، م (465/ 339/ 1)، د (776/
4/3)، نس (102/ 2).
(3) صحيح: [ص. د 538]، د (571/ 283/ 2)، ت (219/ 140/ 1)، نس (212/ 2).
(4) صحيح: [الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول 5/ 708]، مصنف عبد الرزاق
(4369).
(5) صحيح: [الارواء 571]، م (688/ 479/1)، نس (119/ 3).
(1/138)
وعن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر "المسافر
يدرك ركعتين من صلاة القوم -يعني المقيمين- أتجزيه الركعتان أو يصلى
بصلاتهم؟ فضحك وقال: يصلي بصلاتهم" (1).
اقتداء القادر علي القيام بالجالس وأنه يجلس
معه:
عن عائشة أنها قالت: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو
شاك (*)، فصلى جالسا وصلي وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما
انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا،
وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسًا" (2).
وعن أنس قال: "سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجُحِش (**)
شِقُّهُ الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلّى بنا قاعدا، فصلينا
وراءه قعودا، فلما قضى الصلاة قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فهذا كبر
فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده
فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون" (3).
المأموم الواحد يقوم عن يمين الإمام بحذائه
سواء:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بتّ في بيت خالتى ميمونة فصلى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام فجئت
فقمت عن يساره فجعلنى عن يمينه" (4).
__________
(1) صحيح الإسناد: [الارواء22]، هق (157/ 3).
(*) وهو شاك: الشاكى: المريض الذى يشكو ألمه ومرضه.
(2) متفق عليه: خ (688/ 173/ 2)، م (412/ 309/ 1)، د (591/ 315/ 2).
(**) فجُحِش: الجحش: هو أن يصيبه كالخدش فينسلخ منه جلده.
(3) سبق قريبا.
(4) صحيح: [الارواء 540]، [ص. جه 792]، خ (697/ 190/ 2)، وهذا لفظه، م
(763/ 525/ 1)، د (596/ 318/ 2)، ت (232/ 147/ 1)، نس (104/ 2)، جه (973/
312/ 1).
(1/139)
الاثنان فصاعدًا يقومان صفا خلف الإمام:
عن جابر قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي فجئت فقمت عن
يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فقام عن
يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بأيدينا جميعًا فدفعنا حتى
أقامنا خلفه" (1).
فإذا كان المأموم امرأة فإنها تقوم خلف الإمام:
عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى به وبأمه أو
خالته. قال: فأقامنى عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا" (2).
وجوب تسوية الصفوف
يجب على الإمام ألا يدخل في الصلاة حتى تستوى الصفوف، وأن يأمرهم بذلك، وأن
يلي التسوية بنفسه أو يأمر من يسويها:
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سوّوا صفوفكم فإن
تسوية الصف من تمام الصلاة" (3).
وعن أبي مسعود قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في
الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ... " (4).
وعن النعمان بن بشير قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوى
صفوفنا، حتى كأنما يُسَوِّى بها القِدَاحَ حتى رأى أَنَّا قد عَقَلْناَ عنه
ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلًا باديا صدره من الصف فقال: "عباد
الله، لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" (5).
__________
(1) صحيح: [الارواء 540]، م (660 - 269 - 458/ 1)، د (595/ 318/ 2)، جه
(975/ 312/ 1).
(2) متفق عليه: خ (700/ 192/ 2)، م (465/ 339/ 1)، د (776/ 4/ 3)، نس (102/
2).
(3) متفق عليه: م (433/ 324/ 1)، وهذا لفظه، خ (723/ 209/ 2)، د (654/ 367/
2)، جه (993/ 317/ 1).
(4) صحيح: [ص. ج 961]، م (432/ 323/ 1).
(5) صحيح: [ص. ج 3972]، م (436 - 128 - / 324/ 1) , د (649/ 363/2)، ت
(227/ 143/ 1)، نس (89/ 2)، جه (994/ 318/1) 0 القداح: بكسر القاف هي خشب
السهام حين تنحت وتبرى واحدها قدح بكسر القاف معناه يبالغ في تسويتها حتى
تفسير كأنما يقوم بها السهام لشدة استوائها واعتدالها (ص مسلم بشرح النووى
4/ 207 ط قرطبة).
(1/140)
ّوعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: "أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب وسُدُّوا الخلل ولينوا
بايدى إخوانكم، ولا تذروا فُرُجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع
صفا قطعه الله" (1).
وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُصُّوا صفوفكم،
وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده، إني لأرى الشيطان يدخل
من خلل الصف كأنها الحَذَفُ" (2)
كيف تُسوّى الصفوف؟
عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من
وراء ظهر - صلى الله عليه وسلم -، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه
بقدمه (3).
وقال النعمان بن بشير: "رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه" (4).
صفوف الرجال والنساء:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير صفوف الرجال
أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" (5).
فضيلة الصفوف الأول وميامن الصفوف:
عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن
الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول" (6).
وعنه رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- أحببنا أن نكون
__________
(1) صحيح: [ص. د 620]، د (652/ 365/ 2).
(2) صحيح: [ص. د 621]، د (653/ 366/ 2)، نس (92/ 2) والحذف غنم صغار سود.
(3) صحيح: [مختصر خ 393]، خ (725/ 211/ 2).
(4) صحيح: [مختصر خ 124 ص 184]، خ (2/ 211) تعليقًا.
(5) صحيح: [ص. ج 3310]، م (440/ 326/ 1)، د (664/ 374/ 2)، ت (434/ 143/
1)، نس (93/ 2) جه (1000/ 319/ 1) ..
(6) صحيح: [ص. د 618]، د (650/ 364/ 2)، نس (90/ 2)، وعنده "الصفوف
المتقدمة".
(1/141)
عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه قال: فسمعته.
يقول: "رب قنى عذابك يوم تبعث عبادك" (1).
من يقوم خلف الإمام؟!
عن أبي مسعود الأنصاري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"ليلينى منكم أولوا الأحلام والنهى (*) ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"
(2).
كراهة الصف بين السوارى:
عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: "كنا ننهى أن نصف بين السوارى على عهد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - ونُطْرَدُ عنها طردًا" (3).
وإنما هذا في حق الجماعة، أما المنفرد فلا بأس بصلاته بين العمودين إذا
اتخذ سترة.
عن ابن عمر قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت وأسامة بن زيد
وعثمان بن طلحة وبلال فأطال ثم خرج. كنت أول الناس دخل على أثره. فسالت
بلالا: أين صلى؟ قال: بين العمودين المقدمين" (4).
الأعذار في ترك الجماعة:
1 - البرد والمطر: عن نافع: "أن ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح،
ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول ألا صلوا في الرحال" (5).
__________
(1) صحيح: [الترغيب 500]، م (709/ 492 و 493/ 1).
(*) الأحلام والنُّهى: العقول والألباب.
(2) صحيح: [ص. د 626]، م (432/ 323/ 1)، د (660/ 371/ 2)، جه (976/ 312/
1)، نس (90/ 2).
(3) صحيح [ص. جه 821]، جه (1002/ 320/ 1)، كم (218/ 1)، هق (104/ 3).
(4) صحيح: [مختصر خ ص 139]، خ (504/ 578/ 1).
(5) متفق علبه: خ (666/ 156/ 2)، م (697/ 484/ 1)، د (1050/ 391/ 3)، نس
(15/ 2).
(1/142)
3 - حضور الطعام: عن ابن عمر قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدأوا
بالعَشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه". وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام
الصلاة فلا يأتيها حتي يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام" (1).
4 - مدافعة الأخبثين: عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- يقول: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين" (2).
صلاة المسافر:
والقصر واجب على المسافر في الظهر والعصر والعشاء:
قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا} (3).
عن يعلي بن أمية أنه سأل عمر بن الخطاب عن هذه الآية فقال: "إن خفتم أن
يفتنكم الذين كفروا" فقد آمن الناس، فقال عمر: عجبت مما عجبت منه فسألت
رسول الله عن ذلك فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" (4).
وعن ابن عباس قال: "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم -
في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة" (5).
وعن عمر قال: "صلاة السفر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، والفطر والأضحى
ركعتان، تمام غير قصر، على لسان محمَّد - صلى الله عليه وسلم -" (6).
وعن عائشة قالت: "الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر،
__________
(1) متفق عليه: خ (673/ 159/ 2)، م (459/ 392/ 1)، بدون الجملة الأخيرة، د
(3739/ 229/ 10).
(2) صحيح: [ص. ج 7509]، م (560/ 393/ 1)، د (89/ 160/ 1).
(3) النساء 101.
(4) صحيح: [ص. ج 3762]، م (686/ 478/1)، د (1187/ 64/ 4)، نس (116/ 3)، وجه
(1065/ 339/ 1)، ت (5025/ 309/ 4).
(5) صحيح: [ص. جه 876]، م (687/ 479/ 1)، د (1234/ 124/ 4)، نس (118/ 3)،
جه (1068/ 339/ 1)، بدون الجملة الأخيرة.
(6) صحيح: [ص. جه 871]، نس (183/ 3)، جه (1063/ 338/ 1).
(1/143)
وأتمت صلاة الحضر" (1).
وعن ابن عمر قال: صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر فلم يزد
على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه
الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتي قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد
على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله، "لقد كان لكم في رسول الله أسوة
حسنة" (2).
مسافة القصر:
اختلف العلماء في تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة اختلافا كثيرًا، حتى
نقل ابن المنذر وغيره في هذه المسألة أكثر من عشرين قولًا، والراجح "أنه
لاحد لذلك أصلًا، إلا ما سمى سفرًا في لغة العرب التي بها خاطبهم عليه
السلام، إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام
بيانه ألبتة، ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه، ولا اتفقوا على ترك نقل
تحديده في ذلك إلينا" (3).
الموضع الذي يقصر منه:
" ذهب جمهور العلماء إلى أن قصر الصلاة يشرع بمفارقة الحضر والخروج من
البلد وأن ذلك شرط، ولايُتمّ حتى يدخل أول بيوتها. قال ابن المنذر: ولا
أعلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه
من المدينة، وقال أنس: صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
بالمدينة أربعًا وبذى الحليفة ركعتين" (4).
__________
(1) متفق عليه: خ (1090/ 569/ 2)، م (685/ 478/ 1)، د (1186/ 63/ 4)، نس
(225/ 1).
(2) متفق عليه: م (689/ 479/1)، د (1211/ 90/ 4)، خ (1102/ 577/ 2)، نس
(123/ 3).
(3) المحلى (21/ 5).
(4) فقه السنة (240، 241/ 1)، وقول أنس رواه: خ (1089/ 569/ 2)، م (690/
480/ 1)، د (1190/ 69/ 4) ت (544/ 29/ 2)، نس (235/ 1) ,. والمراد بقوله
"بذى الحليفة ركعتين" يعني العصر، كما صرحت روايات غير البخاري.
(1/144)
المسافر إذا أقام لقضاء حاجة ولم يُجمع
إقامة يقصر حتى يخرج:
عن جابر قال: "أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يومًا يقصر
الصلاة" (1).
قال ابن القيم: ولم يقل - صلى الله عليه وسلم - للأمة لا يقصر الرجل الصلاة
إذا أقام أكثر من ذلك، ولكن اتفق إقامته هذه المدة (2).
فإن عزم الإقامة أتم بعد تسعة عشر، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أقام
النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر
قصرنا، وإن زدنا أتممنا" (3).
الجمع بين الصلاتين:
أسبابه:
1 - السفر: عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل
قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت
الشمس قبل أن يرتحل صلي الظهر ثم ركب" (4).
وعن معاذ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل
أن تزيغ الشمس، أخّر الظهر حتي يجمعها إلى العصر، يصليهما جميعًا، وإذا
ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل
المغرب أخّر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء
فصلاها مع المغرب" (5).
__________
(1) صحيح: [ص. د 1094]، د (1223/ 102/ 4).
(2) فقه السنة (241/ 1).
(3) صحيح: [الارواء 575]، خ (1080/ 561/ 2)، ت (547/ 31/ 2)، جه (1075/
341/ 1)، د (4/ 97/ 1218)، إلا أن قال: "سبع عشرة".
(4) متفق عليه: خ (1112/ 583/ 2)، م (704/ 489/ 1)، د (1206/ 58/ 4)، نس
(284/ 1).
(5) صحيح: [ص. د 1067]، أ (1236/ 120/ 5)، د (1196/ 75/ 4)، ت (551/ 33/
2).
(1/145)
وعنه: "أنهم خرجوا مع رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - عام تبوك، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين
الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال: فأخّر الصلاة يوما، ثم خرج فصلى الظهر
والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا" (1).
2 - المطر: عن نافع: "أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب
والعشاء في المطر جمع معهم".
وعن هشام بن عروة: أن أباه عروة وسعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في
الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين ولا ينكرون ذلك" (2).
وعن موسى بن عقبة: "أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء
الآخرة إذا كان المطر، وإن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد
الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك" (3).
وعن ابن عباس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر
جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر" (4). وعنه قال: "جمع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء
بالمدينة في غير خوف ولا مطر" (5). وهويُشعِر أن الجمع للمطر كان معروفا في
عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة فائدة من
نفي المطر كسبب مبرر للجمع" (6).
3 - الحاجة العارضة: عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- الظهر
__________
(1) صحيح: [ص. د 1065]، د (1194/ 72/ 4)، نس (284/ 1)، وأخرج مسلم وابن
ماجه الشطر الأول منه: م (706/ 490/ 1)، جه (1070/ 340/ 1).
(2) صححيح: [الإرواء 40/ 3]، ما (328/ 102).
(3) صححيح: [الإرواء 40/ 3]، هق (168، 169/ 3).
(4) صححيح: [ص. ج 1068].
(5) صحيح: [ص. ج 1070]، م (705/ 489/ 1)، نس (290/ 1)، د (1198/ 77/ 4)،
بزيادة في آخره.
(6) قاله الألباني في الإرواء (40/ 3).
(1/146)
والعصر جميعًا بالمدينة في غير خوف ولا
سفر". قال أبو الزبير فسألت سعيدا: لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما
سألتنى فقال: "أراد أن لا يحرج أحدا من أمته" (1).
وعنه قال: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب
والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟
قال: أراد أن لا يحرج أمته" (2).
قال الإِمام النووى - رحمه الله - في شرح مسلم (219/ 5):
"وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة،
وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشى
الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزى عن جماعة من أصحاب الحديث
واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس "أراد أن لا يحرج أمته، فلم
يعلّله بمرض ولا غيره. والله أعلم".
...
__________
(1) و (2) سبقا في الصفحة الماضية.
(1/147)
الجمعة
شهود الجمعة فرض عين على كل مسلم إلا خمسه: عبد مملوك، أو امرأة أو صبىِ،
أو مريض، أو مسافر قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ
اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ (9)} (1).
وعن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الجمعة حق واجب
على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبيّ أو مريض" (2).
وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المسافر جمعة"
(*).
الحث عليها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسل
ثم أتي الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلى معه غفر
له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام" (3).
وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى
الجمعة، ورمضان
إلى رمضان مكفراتٌ ما بينهن إذا اجُتنِبَت الكبائر" (4).
التحذير من التهاون بها:
عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول
على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ أو ليختمن الله
على قلوبهم ثم لَيكُونُن من الغَافِلِين" (5).
__________
(1) الجمعة (9).
(2) صحيح: [ص. د 942]، [ص. ج 3111]، د (1054/ 394/ 3)، قط (2/ 3/2)، هق (3/
172)، كم (288/ 1).
(*) قط (4/ 4/ 2).
(3) صحيح: [ص. ج 6062]، م (857/ 587/ 2).
(4) صحيح: [ص. ج 3875]، م (233 - 16 - 209/ 1)، ت (214/ 138/ 1)، وليس فيه
(ورمضان إلى رمضان).
(5) صحيح: [ص. ج 5480]، م (865/ 591/ 2)، نس (88/ 3). ودعهم: أي تركهم
ومعنى الختم الطبع والتغطية.
(1/148)
وعن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالناس،
ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" (1).
وعن أبي الجعد الضمرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك
ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه" (2).
وعن أسامة بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك ثلاث جمعات
من غير عذر كتب من المنافقين" (3).
وقتها:
وقتها وقت الظهر، وتجوز قبله:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى
الجمعة حين تميل الشمس" (4).
وعن جابر بن عبد الله أنه سئل: متى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يصلى الجمعة؟ قال: كان يصلى ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس"
(5).
الخطبة:
وهي واجبة، لمواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليها وعدم تركه لها أبدا، مع
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتمونى أصلى" (6).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 5142]، م (652/ 452/ 1).
(2) حسن صحيح: [ص 9230]، د (1039/ 377/ 3)، ت (498/ 5/ 2)، نس (88/ 3)، جه
(1125/ 357 /1).
(3) صحيح: [ص. ج 6144]، طب (422/ 170 /1).
(4) صحيح: [ص. د 960]، خ (904/ 386/ 2)، د (1071/ 427/ 3)، ت (501/ 7/ 2).
(5) صحيح: [الارواء 597]، م (858 - 29 - / 588/ 2).
(6) صحيح: [الإرواء262]، خ (631/ 111/ 2).
(1/149)
هديه - صلى الله
عليه وسلم - في الخطبة:
كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن طُولَ صلاة الرجل وقِصَرَ خطبته
مَئَّنِةٌ (*) من فِقْهِهِ، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان
لسحرا" (1).
وعن جابر بن سمرة قال: "كنت أصلي مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
الصلوات، فكانت صلاته قصدًا، وخطبته قصدًا (**) " (2).
وعن جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب
احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم" (3).
خطبة الحاجة:
كان - صلى الله عليه وسلم - يستفتح خطبه ومواعظه ودروسه بهذه الخطبة التي
عرفت باسم: خطبة الحاجة، وهذا نصها (4):
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (5).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكُم الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ منْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُون بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنًّ
اللهَ كَانَ عَلَيْكمْ رَقِيبًا} (6).
__________
(*) مئنّة: علامة.
(1) صحيح: [ص. ج 2100]، [الإرواء 618] م (869/ 594/ 2) قال النووى (مئنة من
فقهه) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة أي علامة.
(**) قصدًا: القصد: العدل والسواء.
(2) صحيح: [ص. ت 418]، م (886/ 591/ 2)، ت (505/ 9/ 2).
(3) صحيح: [ص. ج 4711]، [الأرواء 611] م (866/ 591/ 2)، ت (505/ 9/ 2).
(4) صحيح: [ص. نس 1331]، م (467/ 592/ 4)، نس (188/ 3).
(5) آل عمران 102.
(6) النساء. (1).
(1/150)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (1).
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمَّد - صلى الله
عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل
ضلالة في النار".
"ومن تأمل خطب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وخطب أصحابه وجدها كفيلة
ببيان الهدى والتوحيد وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية،-
والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي
تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة
الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما
يحببهم إليه، فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم. وكان - صلى الله عليه وسلم
- يكثر أن يخطب بالقرآن وسورة ق (2): قالت أم هشام بنت الحرث بن النعمان:
ما حفظت ق إلا من فِيّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممايخطب بها على
المنبر" (3).
وجوب الإنصاف وحرمة الكلام أثناء الخطبة:
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قلت لصاحبك
يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت (*) " (4).
بماذا تدرك الجمعة؟
صلاة الجمعة ركعتان في جماعة، فمن تخلف عن الجماعة ممن لا تجب عليه الجمعة
أو كان معذورا صلى الظهر أربع ركعات، ومن أدرك ركعة مع الإِمام فقد
__________
(1) الأحزاب (70، 71)
(2) زاد المعاد (116/ 1).
(3) متفق عليه: خ (934/ 414/ 2)، م (851/ 582/ 2)، نس (104/ 3)، جه (1110/
352/ 1)،
د (1099/ 460/ 3)، مختصرًا، ت (5111/ 12/ 2) بنحوه.
(*) لغوت: اللغو هو الكلام الباطل.
(4) صحيح: [ص. جه 911]، نس (112/ 3)، جه (1110/ 356/ 1)، بنحوه.
(1/151)
أدرك الجمعة عن أبي هريرة أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فقد أدرك الصلاة" (1).
الصلاة قبل الجمعة وبعدها:
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسل يوم الجمعة
ثم أتى الجمعة فصلى ما قدرله، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلى معه، غفر
له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام" (2).
فمن جاء قبل الجمعة فليصل ما شاء من غير حصر، حتي يخرج إمامه، أما ما يعرف
اليوم بسنة الجمعة القبلية فمما لا أصل له، فإن من المعلوم "أن النبي - صلى
الله عليه وسلم - كان إذا فرغ بلال من الأذان أخذ في الخطبة، ولم يقم أحد
يركع ركعتين البتة، ولم يكن إلا أذان واحد، فمتى كانوا يصلون السنة؟ " (3).
وأما بعدها فإن شاء صلى أربعًا أو اثنتين:
عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم
الجمعة فليصل بعدها أربعًا" (4).
وعن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلى بعد الجمعة حتى
ينصرف فيصلى ركعتين في بيته" (5).
__________
(1) صحيح: [الإرواء 622]، [ص. ج 5999] نس (112/ 3)، جه (1121/ 356/ 1)،
بنحوه.
(2) صحيح: [ص. ج 6062]، م (587/ 857/ 2).
(3) زاد المعاد (118/ 1).
(4) صحيح: [الإرواء 625]، [ص. ج 640]، م (882/ 600/ 2)، وهذا لفظه، د
(1118/ 481/ 3)، ت (522/ 17/ 2).
(5) متفق عليه: م (822 - 71 - / 600/ 2)، خ (937/ 425/ 2)، وليس عنده "في
بيته".
(1/152)
آداب يوم الجمعة:
يستحب لكل من أراد شهود الجمعة أن يعمل بما في هذه الأحاديث:
عن سلمان الفارسي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا يغتسل رجل يوم
الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم
يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلى ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإِمام،
إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" (1).
وعن أبي سعيد قال: "من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومسّ من طيب
إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له،
ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة
التي قبلها" (2).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان يوم
الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على قدر
منازلهم الأول فالأول، فهذا جلس الإِمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر،
ومثل المهجر (*) كمثل الذي يهدى بدنة (**) ثم كالذى يهدى بقرة، ثم كالذي
يهدى الكبش، ثم كالذى يهدى الدجاجة، ثم كالذى يهدى البيضة" (3).
ما يستحب من الأذكار والأدعية يوم الجمعة:
1 - الإكثار من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -:
عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أفضل
أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة،
فأكثروا عليّ من
__________
(1) صحيح: [ص. ج 7736]، خ (883/ 370/ 2).
(2) صحيح: [ص. ج 6066]، د (339/ 7/ 2).
(*) المهجّر: الذي يمشى إلى الصلاة في أول وقتها.
(**) بدنة: جمل.
(3) صحيح: [ص. ج: 775]، م (850/ 587/ 2)، نس (98/ 3)، جه (1092/ 347/
1).المُهَجِّر: المبكر وزنًا ومعنى
(1/153)
الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا:
يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت (*)؟ فقال: إن الله عَزَّ
وَجَلَّ حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" (1).
2 - قراءة سورة الكهف:
عن أبي سعيد الخدرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ سورة
الكهف في يوم الجمعة أضَاءَ له من النور ما بين الجمعتين" (2).
3 - الإكثار من الدعاء رجاء أن يصادف ساعة الإجابة:
عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يوم الجمعة
اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله عَزَّ وجل شيئًا إلا
آتاه، إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد صلاة العصر" (3).
الجمعة في المسجد الجامع:
عن عائشة قالت: "كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالى .. "
(4).
وعن الزهري: "أن أهل ذى الحليفة كانوا يجتمعون مع النبي - صلى الله عليه
وسلم -، وذلك على مسيرة ستة أميال من المدينة" (5).
وعن عطاء بن أبي رباح قال: "كان أهل منى يحضرون الجمعة بمكة" (6).
__________
(*) أرمت: بليت، والرّمة: العظم البالى.
(1) صحيح: [ص. جه 889]، د (1034/ 370/ 3)، جه (1085/ 345/ 1)، نس (91/ 3).
(2) صحيح: [الإرواء 626]، [ص. ج 6470]، كم (368/ 2)، هق (249/ 3).
(3) صحيح: رواه أبو داود والنسائي واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرط
مسلم [صحيح الترغب 705]، م (853/ 584/ 2).
(4) متفق عليه: د (1042/ 3/380) هكذا مختصرًا، وهو طرف من حديث طويل رواه:
خ (902/ 385/ 2)، م (847/ 581/ 2).
(5) و (6) هق (175/ 3).
(1/154)
قال الحافظ في التلخيص (55/ 2): " لم ينقل
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لأحد في إقامة الجمعة في شيء من مساجد
المدينة ولا في القرى التي قربها".
اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد (1):
إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد:
عن زيد بن أرقم قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد، ثم رخص في
الجمعة، فقال: "من شاء أن يصلى فليصل" (2).
ويستحب للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد:
عن أبي هريرة أنه - رضي الله عنه - قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن
شاء أجزأه من الجمعة وإنا مُجَمِّعون" (3).
* * *
__________
(1) فقه السنة (267/ 1).
(2) صحيح: [ص. جه 1082]، د (1057/ 407/ 3)، جه (1310/ 415/ 1).
(3) صحيح: [ص. جه 1083]، د (1060/ 410/ 3)، جه (1311/ 416/ 1) من حديث ابن
عباس.
(1/155)
صلاة العيدين
حكمها:
وصلاة العيدين واجبة على الرجال والنساء، لمواظبة النبي - صلى الله عليه
وسلم - عليها، وأمره بالخروج لها. عن أم عطية قالت: " أمِرْنا أن نُخرِجَ
العوَاتقَ (*) وذواتِ الخُدور (**) " (1).
وعن حفصة بنت سيرين قالت: كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد، فجاءت
امرأة فنزلت قصر بني خلف، فأتيتها، فحدثت أن زوج أختها غزا مع النبي - صلى
الله عليه وسلم - ثنتى عشرة غزوة، فكانت أختها معه في ست غزوات، فقالت:
فكنا نقوم على المرضى ونداوى الكلمى ( ... )، فقالت يا رسول الله، على
إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج؟ فقال: لتلبسها صاحبتها من
جلبابها، فليشهدن الخير ودعوة المؤمنين" (2).
وقتها:
عن يزيد بن خمير الرحبي قال: "خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاء الإِمام،
فقال: "إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح" (3).
__________
(*) العواتق: جمع عاتق، وهي المرأة المخدّرة إلى أن تدرك.
(**) الخدور: جمع خدر وهو الستر، وهو الموضع الذي تُصان فيه المرأة.
(1) متفق عليه: خ (974/ 463/ 2)، م (890/ 605/ 2)، د (1124/ 487/ 3)، ت
(537/ 25/ 2)، جه (1307/ 414/ 1)، نس (180/ 3). العواتق: جمع عاتق وهي
الجارية البالغة. والخدور: البيوت وقيل الخدر ستر يكون في ناحية البيت.
( ... ) الكلمى: الجرحى.
(2) متفق علبه: [المشكاة 1431]، خ (980/ 469/ 2).
(3) صحيح: [ص. د 1005]، د (1123/ 486/ 3)، جه (1317/ 418/ 1). وقوله: "وذلك
حين التسبيح" يريد ساعة ارتفاع الشمس، وانقضاء وقت الكراهة، ودخول وقت
السبحة وهي النافلة. انظر "عون المعبود" (486/ 3).
(1/156)
الخروج إلى المصلى:
ومن الأحاديث السابقة تعلم أن محل صلاة العيد هو الخلاء وليس المسجد، فقد
كان - صلى الله عليه وسلم - يخرج لها، وعمل بذلك من بعده.
هل يؤذن لها ويقام؟
عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم
الأضحى" (1).
وعن جابر: "أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإِمام ولا بعد ما يخرج
ولا إقامة ولا نداء ولا شىء، لا نداء يومئذ ولا إقامة" (2).
صفة الصلاة:
صلاة العيد ركعتان، يكبر فيهما ثنتى عشر تكبيرة، سبعًا في الأولى بعد
تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، وخمسًا في الثانية قبل القراءة:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر
في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا في الآخرة" (3).
وعن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في الفطر والأضحى
سبعًا وخمسًا، سوى تكبيرتى الركوع" (4).
القراءة فيها:
عن النعمان بن بشير: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في
العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية" (5).
__________
(1) متفق عليه: خ (960/ 451/ 2)، م (866/ 604/ 2).
(2) جزء من الحديث الذي قبله عند مسلم.
(3) صحيح: [ص. جه 1057]، [المشكاة 1441]، جه (1279/ 407/ 1).
(4) صحيح: [الأرواء 639]، [ص. جه 1058]، جه (1280/ 407/ 1)، د (37، 1138/
6، 7/ 4).
(5) صحيح: [الأرواء 644]، [ص. جه 1281]، م (878/ 598/ 2) د (1109/ 472/ 3)،
ت (531/ 22/ 2) نس (184/ 3)، جه (1281/ 408/ 1)، وليس عنده "وفي الجمعة".
(1/157)
وعن عبيد الله بن عبد الله قال: "خرج عمر
يوم العيد، فأرسل إلى أبي واقد الليثى: بأي شيء كان النبي - صلى الله عليه
وسلم - يقرأ في مثل هذا اليوم؟ قال: بقاف واقتربت" (1).
الخطبة بعدها:
عن ابن عباس قال: "شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي
بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة" (2).
الصلاة قبلها وبعدها:
عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفطر ركعتين، لم
يصل قبلها ولا بعدها" (3).
ما يستحب يوم العيد:
1 - الاغتسال: عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن الغسل فقال: "يوم الجمعة،
ويوم عرفة ويوم الفطر، ويوم الأضحى" (4).
2 - لبس أحسن الثياب: عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يلبس يوم العيد بردة حمراء" (5).
3 - الأكل يوم الفطر قبل الخروج: عن أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات" (6).
__________
(1) صحيح: [الأرواء ج 3/ 118]، [ص. جه 106]، م (891/ 607/ 2)، د (1142/ 15/
4)، (2/ 23/ 532)، نس (183/ 3)، جه (1282/ 408/ 1).
(2) صحيح: خ (692/ 453/ 2)، م (884/ 602/ 2).
(3) متفق عليه: خ (964/ 453/ 2)، م (884/ 606/ 2)، نس (193/ 3).
(4) سبق ص 47.
(5) إسناده جيد: [الصحيحة 1279]، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (201/ 2):
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات ..
(6) صحيح: [ص. ت 448]، خ (953/ 446/ 2)، ت (541/ 27/ 2).
(1/158)
4 - تأخير الأكل يوم الأضحى حتى يأكل من
أضحيته: عن أبي بريدة: أن رسول الله كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا
يطعم يوم النحر حتى يذبح" (1).
5 - مخالفة الطريق: عن جابر قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا
كان يوم عيد خالف الطريق" (2).
6 - تكبير في أيام العيدين:
قال الله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى
مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (3). وذلك في الفطر.
وفي الأضحى قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}
(4). وقال: {كَذَلِكَ سَخرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ َعَلَى مَا
هَدَاكمْ} (5).
ووقته في الفطر من حين يخرج إلى المصلى حتي يصلى:
قال ابن أبي شيبة (6): حدثنا يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب عن الزهرى: "أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتى
المصلى، وحتي يقضى الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير".
قال الألباني (7): وهذا سند صحيح مرسلًا. وقد روى من وجه آخر عن ابن
__________
(1) صحيح: [ص. ت 447]، خز (1426/ 341/ 2)، ت (540/ 27/ 2)، وعنده "حتى
يصلى".
(2) صحيح: [المشكاة 1434]، خ (986/ 472/ 2).
(3) البقرة (185).
(4) البقرة (203).
(5) الحج (37).
(6) صحيح: [الصحيحة 171]، (164/ 2).
(7) الإرواء (123/ 3).
(1/159)
عمر مرفوعًا، أخرجه البيهقي (3/ 279)، من
طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر:
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج في العيدين مع الفضل بن
عباس وعبد الله بن عباس وعلى وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد، وزيد بن
حارثة وأيمن بن أم أيمن رضي الله عنهم رافعًا صوته بالتهليل والتكبير،
فيأخذ طريق الحذائين حتى يأتى المصلى، وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى ياتى
منزله". وقال البيهقي: "هذا أمثل من الوجه المتقدم".
قلت: (الألباني): ورجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن عمر وهو العمرى
المكبر، قال الذهبي: "صدوق في حفظه شيء". ورمز له هو وغيره بأنه من رجال
مسلم، فمثله يستشهد به، فهو شاهد صالح لمرسل الزهرى، فالحديث صحيح عندي
موقوفًا ومرفوعًا والله أعلم أهـ.
ووقت التكبير في الأضحى من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، صح ذلك
عن علي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم (1).
وأما صيغة التكبير فالأمر فيها واسع، "وقد ثبت تشفيع التكبير عن ابن مسعود
رضي الله عنه أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا
الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أخرجه ابن أبي شيبة (167/ 2) وإسناده صحيح. ولكنه ذكره في مكان آخر بالسند
نفسه بتثليث التكبير، وكذلك رواه البيهقي (3/ 315) عن يحيى بن سعيد عن
الحكم وهو ابن فروح أبو بكار عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث التكبير وسنده
صحيح أيضًا" (2).
__________
(1) رواه عن علي ابن أبي شيبة (165/ 2) من طريقين، أحدهما جيد، ومن هذا
الوجه رواه البيهقي (3/ 314). ثم روى مثله عن ابن عباس. وسنده صحيح وروى
الحاكم (1/ 300)، عنه وعن ابن مسعود مثله. انظر الإرواء (125/ 3).
(2) الإرواء (125/ 3).
(1/160)
صلاة الخوف
قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ
فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ
فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ
أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ
وَأَسْلِحَتَهُمْ .... } الأيه (1).
صفتها:
قال الخطابي: صلاة الخوف أنواع، صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - في
أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في
الحراسة، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى. أهـ (2).
1 - عن ابن عمر قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف
بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في
مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي - صلى الله
عليه وسلم - ركعة ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قضى هؤلاء ركعة
وهؤلاء ركعة (3).
2 - عن سهل بن أبي حثمة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه
في الخوف فصفّهم خلفه صفين فصلّى بالذين يلونه ركعة، ثم قام فلم يزل قائمًا
حتى صلى الذين خلفهم ركعة، ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم
ركعة، ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة، ثم سلم" (4).
3 - عن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
صلاة الخوف فصفنا
__________
(1) النساء (102).
(2) شرح مسلم للنووى (126/ 6).
(3) متفق علبه: م (839/ 573/ 1)، وهذا لفظه، خ (942/ 429/ 2)، د (1230/
118/ 4)، ت (561/ 39/ 2)، نس (171/ 3).
(4) متفق عليه: م (841/ 575/ 1)، خ (4131/ 7/422)، بنحوه. نس (170/ 3) , ت
(562/ 40/ 2).
(1/161)
صفين: صف خلف رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - العدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
وكبّرنا جميعًا، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا
جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نَحْرِ
العدو (*)، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود وقام الصف الذي
يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتاخر الصف
المقدم،، ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه
من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان
مؤخرًا في الركعة الأولي وقام الصف المؤخر في نحور العدو، فلما قضى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر
بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعًا" (1).
* * *
__________
(*) في نحر العدو: أي في مقابلته ونحر كل شىء أوله.
(1) صحيح: واللفظ لمسلم [ص. نس 1456]، م (840/ 574/ 1)، نس (175/ 3).
(1/162)
|