حجة الله البالغة

 (من أَبْوَاب سياسة المدن)
اعْلَم أَنه يجب أَن يكون فِي جمَاعَة الْمُسلمين خَليفَة لمصَالح لَا تتمّ إِلَّا بِوُجُودِهِ، وَهِي كَثِيرَة جدا يجمعها صنفان:
أَحدهمَا مَا يرجع إِلَى سياسة الْمَدِينَة من ذب الْجنُود الَّتِي تغزوهم وتقهرهم، وكف الظَّالِم عَن الْمَظْلُوم، وَفصل القضايا، وَغير ذَلِك، وَقد شرحنا هَذِه الْحَاجَات من قبل.
وَثَانِيهمَا مَا يرجع إِلَى الْملَّة، وَذَلِكَ أَن تنويه دين الْإِسْلَام على سَائِر الْأَدْيَان لَا يتَصَوَّر إِلَّا بِأَن يكون فِي الْمُسلمين خَليفَة يُنكر على من خرج من الْملَّة، وارتكب مَا نصت على تَحْرِيمه أَو ترك مَا نصت على افتراضه أَشد الانكار، ويذل أهل سَائِر الْأَدْيَان وَيَأْخُذ مِنْهُم الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون، وَإِلَّا كَانُوا متساوين فِي الْمرتبَة لَا يظْهر فيهم رُجْحَان إِحْدَى الفزقتين على الْأُخْرَى، وَلم يكن كابح يكبحم عَن عدوانهم.
وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع تِلْكَ الْحَاجَات فِي أَبْوَاب أَرْبَعَة: بَاب الْمَظَالِم. وَبَاب الْحُدُود. وَبَاب الْقَضَاء. وَبَاب الْجِهَاد، ثمَّ وَقعت الْحَاجة إِلَى ضبط كليات هَذِه الْأَبْوَاب وَترك الجزئيات إِلَى رأى الْأَئِمَّة ووصيتهم بالمجاعة " خيرا، وَذَلِكَ لوجوه:
مِنْهَا أَن مُتَوَلِّي الْخلَافَة كثيرا مَا يكون جائرا ظَالِما يتبع هَوَاهُ، وَلَا يئبع الْحق، فيفسدهم، وَتَكون مفسدته عَلَيْهِم أَشد مِمَّا يُرْجَى من مصلحتهم، ويحتج فِيمَا يفعل أَنه تَابع للحق، وَأَنه رأى الْمصلحَة فِي ذَلِك، فَلَا بُد من كليات يُنكر على من خالفها، ويؤاخذ بهَا، وَيرجع احتجاجهم عَلَيْهَا إِلَيْهَا.
وَمِنْهَا أَن الْخَلِيفَة يجب أَن يصحح على النَّاس ظلم الظَّالِم، وَأَن الْعقُوبَة لَيست زَائِدَة على قدر الْحَاجة، ويصحح فِي فصل القضايا أَنه قضى بِالْحَقِّ، وَإِلَّا كَانَ سَببا لاختلافهم عَلَيْهِ، وَأَن يجد الَّذِي كَانَ الضَّرَر عَلَيْهِ وأوليائه فِي أنفسهم وحرا رَاجعا إِلَى غدر، ويضمروا عَلَيْهِ حقدا يرَوْنَ فِيهِ أَن الْحق بِأَيْدِيهِم وَذَلِكَ مفْسدَة شَدِيدَة.
وَمِنْهَا أَن كثيرا من النَّاس لَا يدركون مَا هُوَ الْحق فِي سياسة الْمَدِينَة، فيجتهدون، فيخطئون يَمِينا وَشمَالًا، فَمن صلب شَدِيد يرى الْبَالِغ فِي المزجرة قَلِيلا، وَمن سهل لين

(2/229)


يرى الْقَلِيل كثيرا، وَمن أذن إمعة يرى كل مَا أنهى إِلَيْهِ الْمُدعى حَقًا، وَمن متمنع كؤود يظنّ بِالنَّاسِ ظنونا فَاسِدَة، وَلَا يُمكن الِاسْتِقْصَاء، فانه كالتكليف بالمحال، فَيجب أَن تكون الْأُصُول مضبوطة، فان اخْتلَافهمْ فِي الْفُرُوع أخف من اخْتلَافهمْ فِي الْأُصُول.
وَمِنْهَا أَن القوانين إِذا كَانَت ناشئة من الشَّرْع كَانَت بِمَنْزِلَة الصَّلَاة وَالصِّيَام فِي كَونهَا قربَة إِلَى الْحق، وَالسّنة تذكر الْحق عِنْد الْقَوْم، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يُمكن أَن يُفَوض الْأَمر بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى أولي أنفس شهوية أَو سبعية، وَلَا يُمكن معرفَة الْعِصْمَة وَالْحِفْظ عَن الْجَوَاز فِي الْخُلَفَاء والمصالح الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي التشريع وَضبط الْمَقَادِير كلهَا متأتيه هَهُنَا، وَالله أعلم.
(الْخلَافَة)
اعْلَم أَنه يشْتَرط فِي الْخَلِيفَة أَن يكون عَاقِلا بَالغا حرا ذكرا شجاعا ذَا رَأْي وَسمع وبصر ونطق، وَمِمَّنْ سلم النَّاس شرفه وَشرف قومه، وَلَا يستنكفون عَن طَاعَته، قد عرف مِنْهُ أَنه يتبع الْحق فِي سياسة الْمَدِينَة، هَذَا كُله يدل عَلَيْهِ الْعقل، وَاجْتمعت أُمَم بني آدم على تبَاعد بلدانهم وَاخْتِلَاف أديانهم على اشْتِرَاطهَا، وَلما رَأَوْا أَن هَذِه الْأُمُور لَا تتمّ الْمصلحَة الْمَقْصُودَة من نصب الْخَلِيفَة إِلَّا بهَا، وَإِذا وَقع شَيْء من إهمال هَذِه رَأَوْهُ خلاف مَا يَنْبَغِي، وَكَرِهَهُ قُلُوبهم، وسكتوا على غيظ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَارس لما ولوا عَلَيْهِ امْرَأَة. " لن يفلح قوم ولوا عَلَيْهِم امْرَأَة ".
والمملة المصطفوية اعْتبرت فِي خلَافَة النُّبُوَّة أمورا أُخْرَى:
مِنْهَا الْإِسْلَام، وَالْعلم، وَالْعَدَالَة، وَذَلِكَ لِأَن الْمصَالح الملية لَا تتمّ بِدُونِهَا ضَرُورَة اجْمَعْ الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى:
{وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} .
وَمِنْهَا كَونه من قُرَيْش، قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الْأَئِمَّة من قُرَيْش "

(2/230)


وَالسَّبَب الْمُقْتَضِي لهَذَا أَن الْحق الَّذِي أظهره الله على لِسَان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَاءَ بِلِسَان قُرَيْش وَفِي عاداتهم، وَكَانَ أَكثر مَا تعين من الْمَقَادِير وَالْحُدُود مَا هُوَ عِنْدهم، وَكَانَ الْمعد لكثير من الْأَحْكَام مَا هُوَ فيهم، فهم أقوم بِهِ وَأكْثر النَّاس تمسكا بذلك، وَأَيْضًا فَإِن قُريْشًا قوم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحزبه، وَلَا فَخر لَهُم إِلَّا بعلو دين مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقد اجْتمع فيهم حمية دينيه وحمية نسبيه، فَكَانُوا مَظَنَّة الْقيام
بالشرائع والتمسك بهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يجب أَن يكون الْخَلِيفَة مِمَّن لَا يستنكف النَّاس من طَاعَته لجلالة نسبه وحسبه، فَإِن من نسب لَهُ يرَاهُ النَّاس حَقِيرًا ذليلا، وان يكون مِمَّن عرف مِنْهُم الرياسات والشرف، ومارس قومه جمع الرِّجَال وَنصب الْقِتَال، وَأَن يكون قومه أقوياء يحمونه، وينصرونه، ويبذلون دونه الْأَنْفس، وَلم تَجْتَمِع هَذِه الْأُمُور إِلَّا فِي قُرَيْش لَا سِيمَا بعد مَا بعث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنبهَ بِهِ أَمر قُرَيْش.
وَقد أَشَارَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ إِلَى هَذِه فَقَالَ: وَلنْ يعرف هَذَا الْأَمر إِلَّا بِقُرَيْش هم أَوسط الْعَرَب دَارا الخ.
وَإِنَّمَا لم يشْتَرط كَونه هاشميا مثلا لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا أَلا يَقع النَّاس فِي الشَّك، فيقولوا إِنَّمَا أَرَادَ ملك أهل بَيته كَسَائِر الْمُلُوك فَيكون سَببا للارتداد ولهذه الْعلَّة لم يُعْط النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِفْتَاح لعباس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ.
وَالثَّانِي أَن المهم فِي الْخلَافَة رضَا النَّاس بِهِ واجتماعهم عَلَيْهِ وتوقيرهم إِيَّاه وَأَن يُقيم الْحُدُود، ويناضل دون الْملَّة، وَينفذ الأحكم، واجتماع هَذِه الْأُمُور لَا يكون إِلَّا فِي وَاحِد بعد وَاحِد، وَفِي اشْتِرَاط أَن تكون من قَبيلَة خَاصَّة تضييق وحرج فَرُبمَا لم يكن فِي هَذِه الْقَبِيلَة من تَجْتَمِع فِيهِ الشُّرُوط، وَكَانَ فِي غَيرهَا، ولهذه الْعلَّة ذهب الْفُقَهَاء إِلَى الْمَنْع عَن اشْتِرَاط كَون الْمُسلم فِيهِ من قَرْيَة صَغِيرَة وجوزوا كَونه من قَرْيَة كَبِيرَة.
وتنعقد الْخلَافَة بِوُجُوه: بيعَة أهل الْحل وَالْعقد من الْعلمَاء والرؤساء وأمراء الأجناد مِمَّن يكون لَهُ رأى ونصيحة للْمُسلمين، كَمَا انْعَقَدت خلَافَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ.
وَبِأَن يُوصي الْخَلِيفَة النَّاس بِهِ، كَمَا انْعَقَدت خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ
أَو يَجْعَل شُورَى بَين قوم، كَمَا كَانَ انْعِقَاد خلَافَة عُثْمَان، بل عَليّ أَيْضا رَضِي الله عَنْهُمَا،

(2/231)


أَو اسْتِيلَاء رجل جَامع للشروط على النَّاس وتسلطه عَلَيْهِم، كَسَائِر الْخُلَفَاء بعد خلَافَة النُّبُوَّة، ثمَّ إِن إستوى من لم يجمع الشُّرُوط لَا يَنْبَغِي أَن يُبَادر إِلَى الْمُخَالفَة. لِأَن خلعه لَا يتَصَوَّر غَالِبا إِلَّا بحروب ومضايقات، وفيهَا من الْمفْسدَة اشد مِمَّا يُرْجَى من الْمصلحَة، وَسُئِلَ رَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُم فَقيل: أَفلا ننابذهم؟ قَالَ: " لَا مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاة " وَقَالَ: " إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا عنْدكُمْ من الله فِيهِ برهَان "
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِذا كفر الْخَلِيفَة بانكار ضرورى من ضروريات الدّين حل قِتَاله بل وَجب وَإِلَّا لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فَاتَت مصلحَة نَصبه، يل يخَاف مفسدته على الْقَوْم، فَصَارَ قِتَاله من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" السّمع وَالطَّاعَة على الْمَرْء الْمُسلم فِيمَا أحب، وَكره، مَا لم يؤمو بِمَعْصِيَة، فَإِذا أَمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة "
أَقُول لما كَانَ الإِمَام مَنْصُوبًا لنوعين من الْمصَالح اللَّذين بهما انتظام الْملَّة والمدن. وَإِنَّمَا بعث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأجلهما والامام نَائِبه ومنفذ أمره - كَانَت طَاعَته طَاعَة رَسُول الله، ومعصيته مَعْصِيّة رَسُول الله إِلَّا أَن يَأْمر بالمعصية، فَحِينَئِذٍ ظهر أَن طَاعَته لَيْسَ بِطَاعَة الله، وَأَنه لَيْسَ نَائِب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلذَلِك قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام. " وَمن يطع الْأَمِير فقد أَطَاعَنِي وَمن عصى الْأَمِير فقد عَصَانِي ".
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنَّمَا الامام جنَّة يُقَاتل من وَرَائه، وَيَتَّقِي بِهِ، فان أَمر بتقوى الله، وَهدى فان لَهُ بذلك أجرا، وَإِن قَالَ بِغَيْرِهِ فان عَلَيْهِ مِنْهُ ".
أَقُول إِنَّمَا جعله بِمَنْزِلَة الْجنَّة لِأَنَّهُ سَبَب اجْتِمَاع كلمة الْمُسلمين والذب عَنْهُم.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من رأى من أميره شَيْئا يكرههُ فليصير، فانه لَيْسَ أحد يُفَارق الْجَمَاعَة شبْرًا فَيَمُوت إِلَّا مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة ".
أَقُول وَذَلِكَ لِأَن الْإِسْلَام إِنَّمَا امتاز من الْجَاهِلِيَّة بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ من الْمصَالح، والخليفة نَائِب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهمَا، فَإِذا فَارق منفذهما ومقيمهما أشبه الْجَاهِلِيَّة.

(2/232)


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَا من عبد يسترعيه الله رعية، فَلم يحطهَا بنصيحة إِلَّا لم يجد رَائِحَة الْجنَّة " أَقُول لما كَانَ نصب الْخَلِيفَة لمصَالح وَجب أَن يُؤمر الْخَلِيفَة بايفاء هَذِه الْمصَالح، كَمَا أَمر النَّاس أَن ينقادوا لَهُ، لتتم الْمصَالح من الْجَانِبَيْنِ.
ثمَّ إِن الامام لما كَانَ لَا يَسْتَطِيع بِنَفسِهِ أَن يُبَاشر جباية الصَّدقَات وَأخذ العشور وَفصل الْقَضَاء فِي كل نَاحيَة وَجب بعث الْعمَّال والقضاة، وَلما كَانَ أُولَئِكَ مشغولين بِأَمْر من مصَالح الْعَامَّة وَجب أَن تكون كفايتهم فِي بَيت المَال، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لما اسْتخْلف
لقد علم قومِي أَن حرفتي لم تكن تعجز عَن مؤونة أَهلِي وشغلت بِأَمْر الْمُسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هَذَا المَال، ويحترف للْمُسلمين فِيهِ.
ثمَّ وَجب أَن يُؤمر الْعَامِل بالتيسير، وَينْهى عَن الْغلُول والرشوة، وَأَن يُؤمر الْقَوْم بالانقياد لَهُ لتتم الْمصلحَة الْمَقْصُودَة، وَهَذَا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن رجَالًا يتخوضون فِي مَال الله بِغَيْر حق فَلهم النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فَمَا أَخذ بعد ذَلِك فَهُوَ غلُول " وَلعن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الراشي والمرتشي، والسر فِي ذَلِك أَنه يُنَافِي الْمصلحَة الْمَقْصُودَة وَيفتح بَاب الْمَفَاسِد.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تسْتَعْمل من طلب الْعَمَل " أَقُول وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَلما يخلوا طلبه من دَاعِيَة نفسانية، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إِذْ جَاءَكُم الْعَامِل فليصدر وَهُوَ عَنْكُم رَاض "
ثمَّ وَجب أَن يقدر الْقدر الَّذِي يعْطى الْعمَّال فِي عَمَلهم لِئَلَّا يُجَاوِزهُ الامام، فيفرد، أَو يفرط، وَلَا يعدوه الْعَامِل بِنَفسِهِ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كَانَ لنا عَاملا فليكتسب زَوْجَة، فان لم يكن لَهُ خَادِم فليكتسب خَادِمًا , فَإِن لم يكن لَهُ مسكن فليكتسب مسكنا.
فاذا بعث الامام الْعَامِل فِي صدقَات سنة فليجعل لَهُ فِيهَا مَا يَكْفِي مُؤْنَته، ويفضل فضل بِقدر بِهِ على حَاجَة من هَذِه الْحَوَائِج، فان الزَّائِد لَا حد لَهُ، والمؤنة بِدُونِ زِيَادَة لَا يتعانى لَهَا الْعَامِل، وَلَا يرغب فِيهَا

(2/233)