خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

كتاب الأطعمة
الحديث الأول
عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - وأشار النعمان بأصبعيه إلى أذنيه -: ((إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحِمَى يوشك أن يقع فيه، ألاَ وإن لكل ملك حِمَى، ألاَ وأن حِمَى الله محارمه، ألاَ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألاَ وهي القلب)) .
الأصل في الأطعمة الحلُّ؛ لقول الله - تعالى -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ، وقال - عزَّ وجلَّ -: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ... } [الأعراف: 157] الآية، وقال - تعالى -: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1] .
وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء فقال: ((الحلال ما أحلَّ الله في كتابه، والحرام ما حرَّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم)) ؛ رواه ابن ماجه والترمذي.

(1/366)


قوله: ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن)) ؛ أي: بأدلتهما الظاهرة.
قوله: ((وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)) ، وللترمذي: ((لا يدري كثيرٌ من الناس أمِنَ الحلال هي أم من الحرام، ومفهومه أن معرفة حكمها ممكِن لكن للقليل من الناس.
قوله: ((فمَن اتَّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)) ؛ أي: مَن حذر منها فقد برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور
الدين ومراعاة المروءة، قال بعض العلماء: المكروه عقبة بين العبد والحرام فمَن استكثر من المكروه تطرَّق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمَن استكثر منه تطرَّق إلى المكروه.
قوله: ((ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) ، في رواية: ((فمَن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان له أترك، ومَن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حِمَى الله، مَن رتع حول الحِمَى يُوشِك أن يواقعه)) .
قوله: ((ألاَ وإن لكل ملك حِمَى، ألاَ وإن حِمَى الله محارمه)) قال الحافظ: كان ملوك العرب يحمون لمواشيهم أماكن مختصَّة يتوعَّدون مَن يرعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة، فمثَّل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما هو مشهور عندهم، فالخائف من العقوبة المراقب لرضا الملك يبعد عن ذلك الحمى؛ خشية أن تقع مواشيه في شيء منه، فبعده أسلم له ولو اشتدَّ حذره، وغير الخائف المراقب يقرب منه ويرعى من جوانبه، فلا يأمن أن تنفرد الفاذة فتقع فيه بغير اختياره أو بمحلِّ المكان الذي هو فيه، ويقع الخصب في الحمى فلا يملك نفسه أن يقع فيه، فالله - سبحانه وتعالى - هو الملك حقًّا وحماه محارمه.
قوله: ((ألاَ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألاَ وهي القلب)) (ألا) للتنبيه على صحة ما بعدها، والمضغة: القطعة من اللحم، وهي قدر ما يمضغ، وسمي القلب قلبًا لتقلُّبه في الأمور، وخصَّ القلب لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير تصلح الرعية، وبفساده تفسد، وفيه إشارة أن لطيب الكسب أثرًا في صلاح القلب، اهـ.
* * *

(1/367)


الحديث الثاني
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "أنفجنا أرنبًا بمرِّ الظَّهْرَان، فسعى القوم فلعبوا وأدركتها فأخذتها، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوركها وفخذها فقبله".
فيه جوازُ أكل الأرنب، وفيه أن آخِذ الصيد يملكه ولا يشاركه من أثاره معه، وفيه هدية الصيد وقبولها من الصائد وإهداء الشيء اليسير للكبير القدر إذا علم من حالة الرضا بذلك، وفيه أن وليَّ الصبي يتصرَّف فيما يملكه الصبي بالمصلحة، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "نحرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا فأكلناه"، وفي رواية: "ونحن في المدينة".
* * *
الحديث الرابع
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأَذِن في لحوم الخيل"، ولمسلم وحده قال: "أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحمار الأهلي".

(1/368)


قوله: "نحرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا فأكلناه"، وللدارقطني: "فأكلناه نحن وأهل بيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"، قال الحافظ: والذي يظهر أن الحكم في الخيل والبغال والحمير كان على البراءة الأصلية، فلمَّا نهاهم الشارع يوم خيبر عن الحمر والبغال خشي أن يظنوا أن الخيل كذلك لشبهها بها؛ فأَذِن في أكلها دون البغال والحمير.
* * *
الحديث الخامس
عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: "أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلمَّا كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلمَّا غلت بها القدور نادَى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن أكفِئُوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر الأهلية".
فيه أن الذكاة لا تطهر ما لا يحلُّ أكله، وأن كلَّ شيء تنجَّس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرَّة واحدة؛ لإطلاق الأمر بالغسل في بعض الروايات، قال القرطبي: قوله: ((فإنها رجس)) ، ظاهر في عود الضمير على الحمر؛ لأنها المتحدث عنها المأمور بإكفائها من القدور وغسلها، وهذا حكم المتنجِّس فيستفاد منه تحريم أكلها، وهو دالٌّ على تحريمها لعينها لا لمعنى خارج، اهـ.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: "حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني: يوم خيبر - لحوم الحمر الإنسية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير"؛ رواه أحمد والترمذي.
* * *
الحديث السادس
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة، فأتي بضب مَحنُوذ

(1/369)


فأهوى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل، فقلت: تأكله؟ هو ضب، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فلم يأكل، فقلت: يا رسول الله، أحرام هو؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) ، قال خالد: فاجتررته فأكلته والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر".
قولها: "فقلت: تأكله؟ هو ضب" ولمسلم: "قالت ميمونة: إنه لحم ضب، فكفَّ يده"، وفي حديث ابن عمر: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الضب لست آكله ولا أحرمه)) .
قوله: ((إنه لم يكن بأرض قومي)) ؛ أي: قريش؛ يعني: لم يكن بأرض مكة وما حولها، ولا يمنع ذلك أن تكون موجودة بسائر بلاد الحجاز، وفي الحديث
جواز أكل الضب، وفي حديث ابن عمر: ((كلوا وأطعموا فإنه حلال)) ، وفيه أن مطلق النفرة وعدم الاستطابة لا يستلزم التحريم، وفيه أن الطباع تختلف في النفور عن بعض المأكولات، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤاكِل أصحابه ويأكل اللحم حيث تيسَّر، وأنه كان لا يعلم من المغيبات إلا ما أعلمه الله - تعالى - وفيه فضيلة ميمونة أم المؤمنين وصدق فراستها - رضي الله عنها - والله أعلم.
* * *
الحديث السابع
عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبغ غزوات نأكل الجراد".
الحديث دليلٌ على جواز أكل الجراد، وأنه حلال، ويجوز أكله بغير تذكية؛ لحديث ابن عمر رفعه: ((أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد

(1/370)


والطحال)) ؛ رواه أحمد.
قال الحافظ: ونقل النووي الإجماع على حلِّ أكل الجراد، لكن فصَّل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز وجراد الأندلس؛ فقال في جراد الأندلس: لا يؤكل؛ لأنه ضرر محض، وهذا إن ثبت أنه يضرُّ أكله بأن يكون فيه سمية تخصُّه دون غيره من جراد البلاد تعيَّن استثناؤه، والله اعلم.
* * *
الحديث الثامن
عن زَهْدَم بن مُضَرِّب الجرمي قال: "كنَّا عند أبي موسى الأشعري فدعا بمائدة وعليها لحم دجاج، فدخل رجل من بني تيم الله أحمر شبيه بالموالي، فقال له: هلمَّ، فتلكأ، فقال له: هلمَّ؛ فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل منه".
قوله: "شبيه بالموالي"؛ أي: العجم.
قوله: "فقال له هلمَّ، فتلكَّأ"؛ أي: تردَّد وتوقَّف، وفي رواية: "قال: إني رأيته يأكل شيئًا فذرته فحلفت أن لا أكله".
وفي الحديث جواز أكل الدجاج، واستثنى بعضهم الجلالة، وهي ما تأكل الأقذار، وعن ابن عمر: أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثًا؛ أخرجه ابن أبي شيبة، وله عن جابر: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجلالة أن يؤكل لحمها ويشرب لبنها"، اهـ، والمعتبر في جواز أكل الجلالة زوال رائحة النجاسة بعد أن تعلف بالشيء الطاهر، والله أعلم.
* * *
الحديث التاسع
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يمسح يده حتى يَلعقها أو يُلعقها)) .

(1/371)


قوله: ((يَلعَقها)) ؛ أي: هو ((أو يُلعِقها)) ؛ يعني: غيره ممَّا لا يتقذَّر ذلك؛ من زوجة، أو خادم، أو ولد، ولمسلم عن جابر: ((إذا سقطت لقمة أحدكم فليُمِط ما أصابها من أذًى وليأكلها، ولا يمسح يده حتى يَلعَقها أو يُلعِقها؛ فإنه لا يدري في أيِّ طعامه البركة)) .
وفي الحديث ردٌّ على مَن كره لعق الأصابع، نعم لو فعله في أثناء الأكل كره؛ لأنه يعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه.
قال الخطابي: عاب قوم أفسد عقلهم الترفُّه، فزعموا أن لعق الأصابع مستقبَح، كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي علق بالأصابع والصفحة جزء ممَّا أكلوه، وفيه استحباب مسح اليد بعد الطعام، وعن أبي هريرة رفَعَه: ((مَن بات وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء، فلا يلومنَّ إلا نفسه)) ، وفيه المحافظة على عدم إهمال شيء من فضل الله كالمأكول والمشروب.
* * *
باب الصيد
الحديث الأول
عن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وفي أرض صيدٍ، أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمُعَلَّم وبكلبي المعلم، فما يصلح لي؟ قال: ((أمَّا ما ذكرت من آنية أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فَكُلْ، وما صدت بكلبك المُعَلَّم فذكرت اسم الله عليه فَكُلْ، وما صدت بكلبك غير المُعَلَّم فأدركت ذكاته فَكُلْ)) .

(1/372)


الأصل في إباحة الصيد الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ، وقال - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] ، وقال - تعالى -: {يسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [المائدة: 4] ، "مكلبين"؛ أي: مؤدبين، قال ابن عباس: إن أكل الكلب فقد أفسده إنما أمسك على نفسه، والله يقول: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ} فتضرب وتعلم حتى تترك، وقال عطاء: إن شرب الدم ولم يأكل فَكُلْ، وفسَّر مجاهد الجوارح بالكلاب والطيور، وهو قول الجمهور.
قوله: "إنا بأرض قوم أهل كتاب"؛ يعني: بالشام، ولأبي داود: "نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر"، فقال الحديث.
وعن جابر قال: كنَّا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصيب من آنية المشركين فنستمتع بها فلا يعيب ذلك علينا"؛ أخرجه أبو داود، وفي رواية البزار: "فنغسلها ونأكل فيها".
قوله: ((وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليك فَكُلْ)) قال ابن بطال: أجمعوا على أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه جاز أكله، ولو لم يدرِ هل مات بالجرح أو من سقوطه في الهواء أو من وقوعه على الأرض، وأجمعوا على أنه لو وقع على جبل مثلاً فتردَّى منه فمات لا يُؤكَل، وأن السهم إذا لم ينفذ مقاتله لا يُؤكَل إلاَّ إذا أدرك ذكاته.
وقال ابن التين: إذا قطع من الصيد ما لا يتوهَّم حياته بعده فكأنه أنفذه بتلك الضربة فقامت مقام التذكية وهذا مشهور مذهب مالك وغيره، وقال البخاري وقال الحسن وإبراهيم: إذا ضرب صيدًا فبان منه يد أو رجل لا تأكل الذي بان وكل سائره، وقال إبراهيم: إذا ضربت عنقه أو وسطه فَكُلْ.
وفيه مشروعية التسمية عند الصيد، وذهب جمهور العلماء إلى جواز أكله لِمَن تركها سهوًا لا عمدًا.
قوله: ((وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فَكُلْ)) ، قال ابن دقيق العيد: ولم يتعرَّض في الحديث للتعليم المشترط، والفقهاء تكلَّموا فيه وجعلوا المعلَّم ما ينزجر بالانزجار وينبغث بالإشلاء، ولهم نظر في غير

(1/373)


ذلك من الصفات، والقاعدة أن ما رتَّب عليه الشرع حكمًا ولم يحدَّ فيه حدًّا رجع فيه إلى العرف اهـ.
قوله: ((وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فَكُلْ)) في حلِّ ما صِيدَ بالكلب المعلَّم ولو لم يزكَّ، وتحريم ما صِيدَ بغير المعلَّم إذا لم يذك، ولأبي داود: وأفتني في قوسي، قال: ((كل ما ردَّت عليك قوسك ذكيًّا أو غير ذكي)) ، قال: وإن تغيَّب عنِّي؟ قال: ((وإن تغيَّب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثر غير سهمك)) .
قوله: ((يصل)) ؛ أي: ينتن، وقال ابن عباس في قوله - تعالى -: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ، قال: ((فما أدركته من هذا يتحرَّك له ذنَب أو تطرَّف له عين فاذبح واذكر اسم الله عليه فهو حلال)) ، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن همام بن الحارث عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله، فقال: ((إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فَكُلْ ما أمسك عليك)) ، قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها)) ، قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب، فقال: ((إذا رميت بالمعراض فخزق فَكُلْه، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله)) ، وحديث الشعبي عن عدي نحوه، وفيه: ((إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على غيره)) ، وفيه ((إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله،

(1/374)


فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله؛ فإن أخْذ الكلب ذكاته)) ، وفيه: ((إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه)) ، وفيه: ((وإن غاب عنك يومًا أو يومين)) ، وفي رواية: ((اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فَكُلْ إن شئت، وإن وجدته غريقًا في الماء فلا تأكل؛ فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك؟)) .
قوله: قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها)) فيه أنه لا يحلُّ أكل ما شارَكَه في اصطياده كلب آخر؛ لقوله: ((فإنما سمَّيت على كلبك ولم تسمِّ على غيره)) فإن تحقَّق أن الذين أرسله من أهل الذكاة حلَّ، وهو للأوَّل منهما.
قوله: "فإني أرمي بالمعراض الصيد" المعراض سهمٌ لا ريش له ولا نصل، وقيل: عصا رأسها محدَّد، وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يرمي الصائد بها، فما أصاب بحدِّه فهو ذكي فيُؤكَل، وما أصاب بغير حدِّه فهو وقيذ، وقال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة، البندقة تتَّخذ من طين وتيبس فيرمى بها، وأمَّا البنادق المعروفة الآن فحكمها حكم السهام.
قال الحافظ: والحاصل أن السهم وما في معناه إذا أصاب الصيد بحدِّه حل وكانت تلك ذكاته، وإذا أصابه بعرضه لم يحلَّ؛ لأنه في معنى الخشبة الثقيلة والحجر ونحو ذلك من المثقل.
قوله: ((فإن أكل فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه)) فيه تحريم الصيد الذي أكل الكلب منه ولو كان معلمًا، وهو قول الجمهور؛ لقوله - تعالى -: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ، واستدلَّ الجمهور بقوله: ((كل ما أمسك عليك)) بأنه لو أرسل كلبه على صيدٍ فاصطاد غيره حلَّ، قال بعض العلماء: يعفى عن معض الكلب ولو كان نجسًا.
قوله: ((فإنَّ أخذ الكلب ذكاته)) فيه جواز أكل ما أمسكه الكلب المعلم ولو لم يذبح، فلو قتل الصيد بظفره أو نابه حلَّ، وكذا لو لم يقتله الكلب، لكن تركه وبه رمق ولم يبقَ

(1/375)


زمن يمكن صاحبه فيه لحاق ذبحه فمات حلَّ؛ لعموم قوله: ((فإن أخْذَ الكلب ذكاته)) فإنه وجده حيًّا حياة مستقرَّة وأدرك ذكاته لم يحلَّ إلا بالتذكية؛ لقوله: ((فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه)) .
قوله: ((وإن غاب عنك يومًا أو يومين فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فَكُلْ إن شئت)) مفهومه أنه إن وجد فيه أثرًا غير سهمه لا يأكل، وللترمذي والنسائي: ((إذا وجدت سهمك فيه ولم تجد به أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فَكُلْ منه)) .
قوله: وفي رواية: ((اليومين والثلاثة)) وعند مسلم في حديث أبي ثعلبة: ((إذا رميت سهمك فغاب عنك فأدركته فَكُلْ ما لم ينتن)) ، واستدلَّ به على أن الرامي لو أخَّر طلب الصيد عقب الرمي إلى أن يجده أنه يحلُّ، وعن أبي حنيفة: إن أخر
ساعة فلم يطلب لم يحلَّ، وإن أتبعه عقب الرمي فوجده ميتًا حلَّ، وعن الشافعي: لا بُدَّ أن يتبعه.
قوله: ((وإن وجدته غريقًا في الماء فلا تأكل؛ فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك)) قال الحافظ: وقد صرَّح الرافعي بأن محلَّه لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح، فإن انتهى إليها بقطع الحلقوم مثلاً فقد تمَّت ذكاته، اهـ، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان)) ، قال سالم: "وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول: أو كلب حرثٍ، وكان صاحب حرثٍ".
قوله: "وكان صاحب حرث" أراد بذلك الإشارة إلى تثبيت رواية أبي هريرة، وأن سبب حفظه لهذه الزيادة أنه كان صاحب زرع، وعن السائب ابن يزيد: "أنه سمع سفيان بن أبي زهير رجلاً من أزدشنوءة، وكان من أصحاب النبي - صلى الله

(1/376)


عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن اقتنى كلبًا لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا نقص من عمله كل يوم قيراط)) ، قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: إي، ورب هذا المسجد"؛ رواه البخاري.
قال ابن عبد البر: في هذا الحديث إباحة اتخاذ الكلاب للصيد والماشية وكذلك الزرع، وكراهة اتخاذها لغير ذلك، إلاَّ أنه يدخل في معنى الصيد وغيره ممَّا ذكر اتِّخاذها لجلب المنافع ودفع المضار قياسًا، فتتمخَّض كراهة اتِّخاذها لغير حاجة؛ لما فيه من ترويع الناس، وامتناع دخول الملائكة للبيت الذي هو فيه.
قوله: ((فإنه ينقص من أجره كل يومٍ قيراطان)) وفي حديث أبي هريرة: ((فإنه ينقص من عمله كلَّ يومٍ قيراط)) قيل: المراد بالنقص أن الإثم الحاصل
باتِّخاذه يوازي قدر قيراط أو قيراطين من عمله، وقيل: نقصان القيراطين باعتبار كثرة الأضرار باتخاذها، ونقص القيراط باعتبار قلته، وقيل: يحتمل أن تكون العقوبة تقع بعدم التوفيق للعمل بمقدار قيراط ممَّا كان يعمله من الخير لو لم يتَّخذ الكلب، وقيل: يسبب النقصان امتناع الملائكة من دخول بيته، أو ما يلحق المارِّين من الأذى أو عقوبة لمخالفة النهي، أو لولوغها في الأواني عند غفلة صاحبها.
وفي الحديث دليلٌ على تكثير الأعمال الصالحة والتحذير من العمل بما ينقصها، وفيه بيان لطف الله - تعالى - بخلقه في إباحة ما لهم به نفع وتبليغ نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لهم أمور معاشهم ومعادهم، وفيه ترجيح المصلحة الراجحة على المفسدة لوقوع استثناء ما ينتفع به ممَّا حرم اتخاذه، والله أعلم.
* * *
الحديث الرابع
عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: "كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُلَيفة من تهامة، فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلاً وغنمًا، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم فعجلوا

(1/377)


وذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور فأُكفِئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير، فندَّ منها بعير فطلبوه فأعياهم، وكان في القوم خيل يسيرة، فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله، فقال: ((إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ندَّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) ، قال: قلت: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مدًى، أفنذبح بالقصب؟ قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك؛ أمَّا السن فعظم، وأمَّا الظفر فمُدَى الحبشة)) .
قوله: "فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور فأُكفِئت" عامَلَهم - صلى الله عليه وسلم - من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم عقوبةً وزجرًا لهم.
قوله: "ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير" هذه قسمة تعديل بالقيمة، ولا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي كما في حديث جابر عند مسلم: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منَّا في بدنة".
قوله: "فندَّ منها بعير"؛ أي: شرد وهرب نافرًا.
قوله: ((إن لهذه البهائم أوابد)) جمع آبدة، يُقال: أبدت؛ أي: نفرت.
قوله: ((فما ندَّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) ، وللطبراني: ((فاصنعوا به ذلك وكلوه)) ، وفيه جواز أكل ما رُمِي بالسهم وجُرِح في أيِّ موضع كان من جسده، بشرط أن يكون وحشيًّا أو متوحشًا.
قال البخاري: وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم ممَّا في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردَّى في بئرٍ من حيث قدرت عليه فذكِّه، ورأى ذلك عليٌّ وابن عمر عائشة، اهـ.
قال الحافظ: وقد نقله ابن المنذر وغيره

(1/378)


عن الجمهور.
قوله: "إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مدًى" جمع مدية وهي السكين، قيل: مراده أنهم يحتاجون إلى ذبح ما يأكلونه ليتَّقوا به على العدو إذا لقوه، فسأل عن الذي يجزئ في الذبح، وفيه إشارة إلى أن الذبح بالحديد كان متقررًا عندهم جوازه.
قوله: ((ما أنهر الدم)) ؛ أي: أساله وصبَّه بكثرة، ((وذكر اسم الله عليه فكلوه)) ، وللطبراني من حديث حذيفة رفعه: ((اذبحوا بكلِّ شيء فرى الأوداج، ما خلا السن والظفر)) وفيه اشتراط التسمية؛ لأنه علَّق الإذن بمجموع الأمرين وهما الإنهار والتسمية، فمَن تركها متعمِّدًا حرمت ذبيحته.
قال البخاري: وقال ابن عباس: مَن نسي فلا بأس، وقال - تعالى -: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] ، والناسي لا يسمَّى فاسقًا.
قوله: ((أمَّا السن فعظم)) ؛ أي: وكل عظم لا يحلُّ الذبح به.
قوله: ((وأمَّا الظفر فمُدَى الحبشة)) ؛ أي: وهم كفار، وقد نُهِيتم عن التشبُّه بهم، وقد قالوا: إن الحبشة تُدمِي مذابح الشاة بالظفر حتى تزهق نفسها خنقًا.
وفي الحديث من الفوائد أن للإمام عقوبة الرعية بما فيه إتلاف منفعة ونحوها إذا غلبت المصلحة الشرعية، وأن قسمة الغنيمة يجوز فيها التعديل والتقويم، ولا يشترط قسمة كلِّ شيء منها على حِدَة، وأن ما توحَّش من المستأنس يُعطَى حكم الوحشي وبالعكس، وجواز الذبح بما يحصل به المقصود سواء كان حديدًا أو حجرًا أو قصبًا أو خشبًا أو غيره، إلا السن والظفر، وفيه جواز عقر الحيوان النادِّ لِمَن عجز عن ذبحه؛ كالصيد البري والمتوحِّش من الإنسي ويكون جميع أجزائه مذبحًا فإذا أصيب فمات من الإصابة حلَّ، أمَّا المقدور عليه فلا يُباح إلا بالذبح أو النحر إجماعًا، وفيه التنبيه على أن تحريم الميتة لبقاء دمها فيها، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه إذا قطع الحلقوم والمريء والودجين وأسال الدم حصلت الذكاة وفيه منع الذبح بالسن والظفر متَّصلاً كان أو منفصلاً طاهرًا أو متنجسًا.
* * *

(1/379)


باب الأضاحي
الحديث الأول
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشَين أملحَين أقرنَين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما"، قال - رحمه الله -: الأملح الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض.
الأصل في مشروعية الأضحية الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - عزَّ وجلَّ -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قال بعض المفسِّرين: المراد به الأضحية بعد صلاة العيد.
وروى الترمذي: أن رجلاً سأل ابن عمر عن الأضحية فقال: "ضحَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بعده"، وقال البخاري: وقال ابن عمر: هي سنَّة ومعروف، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحرة في يوم عيد"؛ رواه الدارقطني.
قوله: "ضحَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشَين أملحَين أقرنَين" قال البخاري: ويُذكَر: سمينَين.
وقال يحيى بن سعيد: سمعت أبا أمامة قال: كنَّا نسمِّن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون، اهـ.
(الكبش) : فحل الضأن في أيِّ سن كان، وابتداؤه إذا أثنى، وعن أبي سلمة عن عائشة أو عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشَين عظيمَين سمينَين أقرنَين أملحَين موجوءَين، فذبح أحدهما عن محمد وآل محمد، والآخر عن أمَّته مَن شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ"؛ أخرجه عبد الرزاق؛ والوجاء: الخصاء، وفيه استحباب التضحية بالأقرن، وأنه أفضل من الأجمِّ مع الاتِّفاق على جواز التضحية بالأجمِّ، وفيه أن الذكر في الأضحية أفضل من الأنثى.

(1/380)


قال الماوردي: إن اجتمع حسن المنظر مع طيب المخبر في اللحم فهو أفضل، وإن انفردا فطيب المخبر أَوْلَى من حسن المنظر.
قوله: "ذبحهما بيده" فيه استحباب مباشرة المضحِّي الذبح بنفسه، وعن عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: ((بسم الله، اللهم تقبَّل من محمد وآل محمد ومن أمَّة محمد)) ، ثم ضحَّى؛ أخرجه مسلم.
قوله: "وسمى وكبَّر ووضع رجله على صفاحهما"، وفي رواية: "فرأيته واضعًا قدمه على صفاحهما يسمِّي ويكبر فذبحهما بيده".
وفيه استحباب التكبير مع التسمية، واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن، واتَّفقوا على أن إضجاعها يكون على الجانب الأيسر، فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها بيده اليسار.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: "ضحَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عيد بكبشَين، فقال حين وجههما: ((وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أُمِرت وأنا أوَّل المسلمين، اللهم منك ولك عن محمد وأمَّته)) ؛ رواه ابن ماجه، وبالله التوفيق.
* * *

(1/381)