عمدة
الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم كتابُ الطَّلاقِ
(1/217)
323 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما، ((أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ
ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَغَيَّظَ
مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ:
لِيُرَاجِعْهَا , ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ , ثُمَّ تَحِيضَ
فَتَطْهُرَ , فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ
أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ , كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ)) .
وَفِي لَفْظٍ: ((حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً , سِوَى
حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا)) . [ص:218]
وَفِي لَفْظٍ ((فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا , وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ
كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)) .
فَتَغَيَّظَ مِنْهُ: ظهر عليه الغيظ.
قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا: قبل أَن يجامعها.
(1/217)
324 - عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
((أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ , وَهُوَ
غَائِبٌ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((طَلَّقَهَا ثَلاثاً - فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ
بِشَعِيرٍ , فَسَخِطَتْهُ. فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ
شَيْءٍ: فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ
ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ)) وَفِي لَفْظٍ:
((وَلا سُكْنَى - فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ,
ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي , اعْتَدِّي عِنْدَ
ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى , تَضَعِينَ ثِيَابَكَ ,
فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ:
أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي ,
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ:
فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ: فَصُعْلُوكٌ لا
مَالَ لَهُ , انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَكَرِهَتْهُ ثُمَّ [ص:219]
قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَنَكَحَتْهُ. فَجَعَلَ اللَّهُ
فِيهِ خَيْراً , وَاغْتَبَطَتْ بِهِ)) .
طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ: طلقها طلاقاً بائناً لارجعة فيه.
فَسَخِطَتْهُ: السخط هو عدم الرضا.
تَعْتَد: تقضي عِدَّتها.
يَغْشَاهَا أَصْحَابِي: يترددون عليها لصلاحِها. وفضلِها.
آذِنِينِي: أَعلميني.
عَاتِقه: العاتق: مابين العُنُقِ والمِنْكَبِ.
صُعْلُوك: فقير.
اغْتَبَطَتْ بِهِ: سُرَّتْ بِهِ.
(1/218)
بابُ العِدَّةِ
(1/219)
العِدَّةُ: هي اسمٌ للمدةِ التي تنتظرُ
فيها المرأة وتمتنع عنِ الزواجِ بعد وفاة زوجها أَوطلاقِهِ لها.
(1/219)
325 - عَنْ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ
أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ
بْنِ لُؤَيٍّ , وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً - فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ , وَهِيَ حَامِلٌ. فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ
حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ , فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا:
تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ
بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا: مَا لِي
أَرَاك مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ لِلنِّكَاحِ , وَاَللَّهِ مَا
أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ.
قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي [ص:220] ذَلِكَ: جَمَعْتُ عَلَيَّ
ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ , فَأَتَيْتُ رَسُولَ - صلى الله عليه وسلم -
فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ
وَضَعْتُ حَمْلِي , وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إنْ بَدَا لِي)) .
وقالَ ابنُ شِهابٍ: ولاأَرى بَأْساً أَنْ تَتَزَوَّجَ حينَ وضَعَتْ، وإِنْ
كَانَتْ في دَمِها، غَيْرَ أَنَّهُ لايَقْرَبُها زَوْجُها حتَّى تَطْهُرَ.
فَلَمْ تَنْشَبْ: فلم تلبثْ.
فَلَمَّا تَعَلَّتْ: أَي لمَّا طَهُرَتْ من دمها.
تَجَمَّلَتْ: تزينت وتهيأَت.
321 - عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: ((تُوُفِّيَ حَمِيمٌ
لأُمِّ حَبِيبَةَ , فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ , فَمَسَحَتْ بِذِرَاعَيْهَا ,
فَقَالَتْ: إنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا ; لأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ , إلاَّ
عَلَى زَوْجٍ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)) . [ص:221] الحميمُ:
القرابةُ.
حَمِيمٌ: قريبٌ لها وهو أَبوها أَبو سفيان - رضي الله عنه -.
بِصُفْرَةٍ: بطيبٍ.
أَنْ تُحِدَّ: منع المُعْتَدَّةِ نفسَها الزِّينةَ وبدنَها الطِيبَ.
(1/219)
327 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تُحِدُّ
امْرَأَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَوْقَ ثَلاثٍ , إلا عَلَى زَوْجٍ: أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْراً , وَلا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلاَّ ثَوْبَ
عَصْبٍ. وَلا تَكْتَحِلُ. وَلا تَمَسُّ طِيباً , إلاَّ إذَا طَهُرَتْ:
نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ)) .
العَصبُ: ثيابٌ منَ اليَمَنِ فيها بياضٌ وسوادٌ.
والنُبْذَةُ: الشيءُ اليسيرُ. والقُسْطُ: العُودُ أَوْنوعٌ منَ الطيبِ
تُبَخَّرُ بِهِ النُّفَساءُ.
والأَظْفارُ: جِنْسٌ منَ الطِيبِ لاواحِدَ لَهُ منْ لَفظِهِ. وقيلَ: هوَ
عِطْرٌ أَسودُ، القِطْعَةُ منه تُشْبِهُ الظُفُرَ.
(1/221)
328 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا
زَوْجُهَا , وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا - مَرَّتَيْنِ , أَوْ [ص:222] ثَلاثَاً
- ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. وَقَدْ كَانَتْ
إحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ
الْحَوْلِ)) .
فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا
زَوْجُهَا: دَخَلَتْ حِفْشاً , وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا , وَلَمْ
تَمَسَّ طِيباً وَلا شَيْئاً حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ , ثُمَّ تُؤْتَى
بِدَابَّةٍ - حِمَارٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ شَاةٍ - فَتَفْتَضَّ بِهِ.
فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إلاَّ مَاتَ. ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى
بَعْرَةً , فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ
أَوْ غَيْرِهِ)) .
الْحَوْلِ: العام.
الحِفْشُ: البيتُ الصغيرُ.
تَفْتَضَّ: تُدْلِكُ بِهِ جَسَدَها.
(1/221)
|