عمدة
الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم كتابُ النِّكاحِ
(1/205)
307 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا
مَعْشَرَ الشَّبَابِ , مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَة فَلْيَتَزَوَّجْ
فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)) . [ص:206]
مَعْشَرَ الشَّبَابِ: المَعْشَرِ: همُ الطائفة الذين يشملهم وصف.
الْبَاءَة: الجِمَاع والقُدرة على مؤْنَةِ النكاح.
أَغَضُّ لِلْبَصَرِ: أَشَدُّ غضاً للبصرِ.
وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ: أَشَدُّ إِحصاناً للفَرْجِ.
وِجَاء: الوِجاء: الخِصاء، وذلك نظراً لأَنَّ الصَّوم يُضْعِف الشَّهوة
فَشُبِّهَ بالخِصاءِ.
(1/205)
308 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه -: ((أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَمَلِهِ فِي
السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: لا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَنَامُ عَلَى
فِرَاشٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ
اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا؟
لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ , وَأَتَزَوَّجُ
النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) .
309 - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((رَدَّ
[ص:207] رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ
مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا)) .
التَّبَتُّل: ترك النكاح اشتغالاً بعبادة الله تعالى.
(1/206)
310 - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي
سُفْيَانَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ ,
انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ , لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ , وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي
فِي خَيْرٍ أُخْتِي: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ
ذَلِكَ لا يَحِلُّ لِي. قَالَتْ: إنَّا نُحَدَّثُ أَنَّك تُرِيدُ أَنْ
تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قَالَتْ:
قُلْت: نَعَمْ , قَالَ: إنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي ,
مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ , أَرْضَعَتْنِي
وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلا [ص:208] تَعْرِضْنَ عَلِيَّ بَنَاتِكُنَّ
وَلا أَخَوَاتِكُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ: مَوْلاةٌ لأَبِي لَهَبٍ
أَعْتَقَهَا , فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا
مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ فَقَالَ لَهُ:
مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ خَيْراً ,
غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ)) .
الحِيبَةُ: بكسر الحاء: الحالةُ. أهـ
لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ: لستُ بمنفردةٍ بكَ.
رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي: الربيبة: بنتُ الزوجةِ.
311 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ
وَعَمَّتِهَا , وَلا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا)) .
(1/207)
312 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي
الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: [ص:209]
((إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ: مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ
الْفُرُوجَ)) .
(1/208)
313 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ
الشِّغَارِ)) . وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى
أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ , وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا الصَّدَاقُ.
(1/209)
314 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -
رضي الله عنه -: ((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ
الأَهْلِيَّةِ)) . [ص:210]
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ: هو أَن يتزوج الرَّجلُ المرأَة إِلى وقتٍ مُحَدَّدٍ.
(1/209)
315 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله
عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تُنْكَحُ
الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ , وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى
تُسْتَأْذَنَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ إذْنُهَا قَالَ:
أَنْ تَسْكُتَ)) .
الأَيِّم: هي من لازوج لها، وليستْ بِكْراً.
تُسْتَأْمَرَ: يُطلبُ الإِذن منها صريحاً في العقد عليها.
(1/210)
316 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ
فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي. فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ
أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لا , حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ,
وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ , قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ , وَخَالِدُ
بْنُ سَعِيدٍ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ , فَنَادَى أَبَا
بَكْرٍ: أَلا تَسْمَعُ إلَى هَذِهِ: مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)) . [ص:211]
فَبَتَّ طَلاقِي: طلقني طلاق البتَّة الذي لارجعة فيه.
هُدْبَة الثَّوْبِ: طرَف الثوبِ.
عُسَيْلَتَهُ: كناية عن الجماع، شبَّه لَذَّتَهُ بلذة العسل وحلاوتِهِ.
(1/210)
317 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه - قَالَ: ((مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى
الثَّيِّبِ: أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعاً ثُمَّ قَسَمَ. وَإِذَا تَزَوَّجَ
الثَّيِّبَ: أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثاً ثُمَّ قَسَمَ)) .
قَالَ أَبُو قِلابَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إنَّ أَنَساً رَفَعَهُ إلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)) .
قَسَمَ: القَسْمُ: هو المبيت عند كلِّ زوجةٍ في نوبَتِها.
(1/211)
318 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ((لَوْ أَنَّ
أَحَدَهُمْ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ
اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ , وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا
رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ , لَمْ
يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَداً)) .
(1/211)
319 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي
الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
((إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ:
الْحَمْوُ الْمَوْتُ)) . [ص:213]
ولِمُسْلِمٍ: عنْ أَبي الطَّاهِرِ عنِ ابنِ وَهْبٍ قالَ: " سَمِعْتُ
اللَّيثَ يقولُ: الحَمْوُ: أَخو الزَّوْجِ ومَاأَشْبَهَهُ منْ أَقاربِ
الزَّوْجِ، ابنِ عَمٍّ ونَحْوِهِ.
الْحَمْوُ الْمَوْتُ: يعني أَنَّ الخلوة بأَقاربِ الزَّوجِ مؤدية إِلى
الفتنة والهلاك في الدِّين، فجعَلَه كهلاك الموتِ
(1/212)
بابُ الصَّدَاقِ
(1/213)
320 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه - ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ
, وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا)) .
صَدَاقهَا: مهرها.
(1/213)
321 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ:
فَقَامَتْ طَوِيلاً، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , زَوِّجْنِيهَا
, إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ
تُصْدِقُهَا؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي إلا إزَارِي هَذَا. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إزَارَكَ إنْ أَعْطَيْتَهَا جَلَسْتَ وَلا
إزَارَ [ص:214] لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً قَالَ: مَا أَجِدْ. قَالَ:
الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ
شَيْئاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ مَعَكَ
شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى
الله عليه وسلم -: زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ)) .
(1/213)
322 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ. فَقَالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَهْيَمْ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً , فَقَالَ: مَا أَصْدَقْتَهَا؟ [ص:215]
قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ ,
أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ)) . [ص:217]
رَدْعُ زَعْفَرَانٍ: أَثر صُفْرَةِ الزَّعْفَرانِ.
مَهْيَمْ: مالك وماشأنك.
نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ: مقدارها خمسة دراهم من الذهب.
أَوْلِمْ: اصنع وليمة، وهي طعام العُرْسِ.
(1/214)
|