عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم

كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

(1/249)


364 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ , لا تَسْأَلْ الإِمَارَةَ , فَإِنَّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِّلْتَ إلَيْهَا , وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا , وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا , فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ , وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ)) .

(1/249)


365 - عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنِّي وَاَللَّهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ , فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا إلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ , وَتَحَلَّلْتُهَا)) .

(1/250)


366 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ)) .

(1/250)


وَلِمُسْلِمٍ: ((فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُت)) .
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ عُمَرُ «فَوَاَللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْهَا , ذَاكِراً وَلا آثِراً»
(يعني: حاكياً عن غيري أَنه حلفَ بها) .
ذَاكِراً: عامداً.

(1/251)


367 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عليهما السلام: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً , تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ , فَلَمْ يَقُلْ , فَطَافَ بِهِنَّ , فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ: نِصْفَ إنْسَانٍ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ , وَكَانَ دَرَكاً لِحَاجَتِهِ)) . قولُهُ: (فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) يعني قالَ له المَلَكُ.
لأَطُوفَنَّ: المرادُ بذلكَ المجامعةُ.
دَرَكاً لِحَاجَتِهِ: أَدركها ووصل إِليها.

(1/251)


368 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ [ص:252] مُسْلِمٍ , هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ , لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)) . وَنَزَلَتْ: ((إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً)) إلَى آخِرِ الآيَةِ ".
يَمِين صَبْر: هي اليمينُ الغَموسُ، وهي اليمين التي أُلزم بها وحُبِسَ عليها، وكانت لازمة من جهةِ الحُكْمِ.
فَاجِرٌ: كاذبٌ.

(1/251)


369 - عَنْ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ، قُلْت: إذاً يَحْلِفُ وَلا يُبَالِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ , هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ , لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)) .

(1/252)


370 - عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ , وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ , كَاذِباً مُتَعَمِّداً , فَهُوَ كَمَا قَالَ , وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ)) [ص:253] وَفِي رِوَايَةٍ: ((وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ)) . وَفِي رِوَايَةٍ: ((مَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا , لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ قِلَّةً)) .

(1/252)


بَابُ النَّذْرِ

(1/253)


371 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً - وَفِي رِوَايَةٍ: يَوْماً - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ)) .

372 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ((أَنَّهُ [ص:254] نَهَى عَنْ النَّذْرِ , وَقَالَ: إنَّ النَّذْرَ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ. وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ)) .

(1/253)


373 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ حَافِيَةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ)) .

(1/254)


374 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: ((اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ , تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَاقْضِهِ عَنْهَا)) .

(1/254)


375 - عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ مِنْ تَوْبَتِي: أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي , صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)) .

(1/254)


بَابُ الْقَضَاءِ

(1/255)


376 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)) .
وَفِي لَفْظٍ ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) .
فَهُوَ رَدٌّ: أَي مردودٌ.

(1/255)


377 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ - امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ , لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ , إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ)) .

(1/255)


378 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ , فَخَرَجَ إلَيْهِمْ , فَقَالَ: أَلا إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ , وَإِنَّمَا يَأْتِينِي الْخَصْمُ , فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ , فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ , فَأَقْضِي لَهُ. فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ , فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا)) .
الجَلَبَة: اختلاطُ الأصواتِ.
أَبْلَغَ: أَفصَحَ.

(1/256)


379 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: ((كَتَبَ أَبِي - أَوْ كَتَبْتُ لَهُ - إلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ: أَنْ لا تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لايَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ)) .

(1/256)


380 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ - ثَلاثَاً - قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ , وَقَالَ: أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ , وَشَهَادَةُ الزُّورِ , فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ)) .

(1/257)


381 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَوْ [ص:258] يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ , وَلَكِنْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)) .

(1/257)