مختصر اختلاف العلماء

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم

[1] فِي المَاء الَّذِي خالطته نَجَاسَة

قَالَ أَصْحَابنَا يُفْسِدهُ والآبار والأواني سَوَاء وَكَذَلِكَ الْجنب والمحدث إِذا اغتسلا فِيهِ أفسداه وَكره الثَّوْريّ ولوغ الْكَلْب إِلَّا أَن يكون كثيرا وَلم يجد للكثير شَيْئا
وَقَالَ مَالك فِي بِئْر مُعينَة اغْتسل فِيهَا جنب إِن ذَلِك لَا يُفْسِدهَا وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَن الْجنب لَا يغْتَسل فِي المَاء الدَّائِم وَلَو اغْتسل فِيهِ لم يُنجسهُ إِذا كَانَ معينا
وَقَالَ فِي الْحِيَاض الَّتِي يستسقى مِنْهَا للدواب لَو اغْتسل فِيهَا جنب أفْسدهُ إِلَّا أَن يكون قد غسل قبل ذَلِك فرجه وَمَوْضِع الْأَذَى مِنْهُ فَلَا يكون بِهِ بَأْسا
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد دلّ على أَن مذْهبه فِي مياه الْآبَار أَن النَّجَاسَة لَا تلحقها فَإِنَّهَا فِي حكم مياه الْبحار إِلَّا أَنه كره الإغتسال فِيهَا لنهي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجنب عَن الإغتسال فِي المَاء الدَّائِم

(1/115)


وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفْسد المَاء بِالنَّجَاسَةِ إِلَّا أَن يكون تغير طعمه أَو رِيحه وَكره اللَّيْث للْجنب فِي أَن يغْتَسل فِي الْبِئْر
وَقَالَ ابْن صَالح لَا بَأْس بِأَن يغْتَسل الْجنب فِي المَاء الراكد الْكثير الْقَائِم فِي النَّهر والسبخة وَكره الْوضُوء بِالْمَاءِ للصَّلَاة إِذا كَانَ أقل من قدر الْكر
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم ينجس إِلَّا بِمَا غير طعمه أَو رِيحه أَو لَونه وَإِن كَانَ أقل من قُلَّتَيْنِ نجس بمخالطة النَّجَاسَة
وروى مَنْصُور بن زَاذَان عَن عَطاء فِي قصَّة الحبشي الَّذِي مَاتَ فِي زَمْزَم فَأمر ابْن الزبير بنزحه فَلم يَنْقَطِع وَذَلِكَ بِحَضْرَة بقايا الصَّحَابَة فَلم يخالفوه
وروى عَطاء بن السَّائِب عَن ميسرَة عَن عَليّ عَلَيْهِ الْكَرَامَة عَن بِئْر وَقعت فِيهَا فَأْرَة فَمَاتَتْ قَالَ ينْزح مَاؤُهَا حَتَّى يَغْلِبهُمْ وَالله أعلم
[2] فِيمَا يَمُوت فِي الْبِئْر

قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي الْبِئْر يَمُوت فِيهَا الجرذ ينْزح مِنْهَا أَرْبَعُونَ دلوا

(1/116)


وَقَالَ الشّعبِيّ فِي الطير أَرْبَعُونَ دلوا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الدَّجَاجَة أَرْبَعُونَ أَو خَمْسُونَ وَفِي الْفَأْرَة عشرُون أَو ثَلَاثُونَ وَقَالَ زفر فِي الْفَأْرَة وَالطير أَرْبَعُونَ
وَقَالَ مَالك فِي الدَّجَاجَة تَمُوت فِي الْبِئْر تنزف الى أَن تغلبهم وَيُصلي كل صَلَاة صلاهَا من تَوَضَّأ بِهِ مَا كَانَ فِي الْوَقْت
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْفَأْرَة والوزغة يَسْتَقِي مِنْهَا حَتَّى تطيب
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الوزعة يستقى مِنْهَا دلاء
وَحميد الرواسِي قَالَ لَا أعرف من قَول الْحسن بن صَالح فِيمَا يَقع فِي الْبِئْر مِمَّا ينجس أَن يستقى مِنْهَا أقل من أَرْبَعِينَ
قَالَ أَبُو جَعْفَر اتِّفَاق هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء أَنه يطهرها نزح بعض مَائِهَا يَمُوت فِيهَا مَا يَمُوت فِيهَا مِمَّا ذكرنَا قد حصل مِنْهُم [1 ب]
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَعبد الله بن وهب لَا ينجس المَاء بِمَوْت شَيْء من ذَلِك فِيهِ إِلَّا أَن يُغير طعمه أَو لَونه أَو رِيحه
وَقَالَ اللَّيْث ينجس الْبِئْر بِمَوْت الفأر فِيهِ وَلم يقدر فِي نزحه شَيْئا وَاعْتبر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْقلَّتَيْنِ
[3] فِي سُؤْر الْكَلْب

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث سُؤْر الْكَلْب نجس وليبتدوا بِغسْل الْإِنَاء مِنْهُ

(1/117)


وَقَالَ مَالك هُوَ طَاهِر وَيسْتَحب غسل الْإِنَاء إِذا ولغَ فِي المَاء وَإِن ولغَ فِي لبن أَو سمن فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَقَالَ فِي الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي الْكَلْب لَا أَدْرِي مَا حَقِيقَته وَضَعفه مرَارًا فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم
قَالَ وَكَانَ يرى الْكَلْب من أهل الْبَيْت
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ سُؤْر الْكَلْب فِي الْإِنَاء نجس وَفِي المستنقع لَيْسَ بِنَجس وَقَالَ يغسل الثَّوْب من لعاب الْكَلْب وَيغسل لحم الصَّيْد من لعابه
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ سُؤْر الْكَلْب نجس وَيغسل الْإِنَاء مِنْهُ سبعا أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ
وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو [حرَّة] عَن الْحسن إِذا ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء غسل سبع مَرَّات وَالثَّامِنَة بِالتُّرَابِ وَذهب فِيهِ الى مَا روى شُعْبَة عَن أبي التياح عَن مطرف بن عبد الله عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ
وروى هِشَام بن حسان وقرة بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسل سبع مَرَّات

(1/118)


وروى أَبُو نعيم عَن عبد السَّلَام بن حَرْب عَن عبد الْملك عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ فِي الْإِنَاء يلغ فِيهِ الْكَلْب أَو الهر قَالَ يغسل ثَلَاث مَرَّات
[4] فِي سُؤْر الهر

كرهه أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة
وَلم ير مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو يُوسُف وَالْحسن بن صَالح بِهِ بَأْسا
وَحَدِيث أبي قَتَادَة إبي قَتَادَة إِنَّمَا فِيهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا لَيست بنجسة إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات وَلم يذكر حكم سؤرها فِي كَرَاهَة وَلَا إِبَاحَة [و] الْإِبَاحَة الْمَذْكُورَة فِيهِ من قَول أبي قَتَادَة
وروى أَبُو عَاصِم عَن قُرَّة بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ طهُور الْإِنَاء إِذا ولغَ فِيهِ الهر أَن يغسل مرّة أَو مرَّتَيْنِ شكّ قُرَّة

(1/119)


وَقد روى هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد من قَول أبي هُرَيْرَة وَلَيْسَ قُرَّة بِدُونِ هِشَام بن حسان على أَنه قد كَانَ ابْن سِيرِين يُوقف أَحَادِيث أبي هُرَيْرَة فَإِذا سُئِلَ أَهِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدّثنَاهُ إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد
[2 أ] قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْهَرَوِيّ قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن عَتيق عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا حدث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فَقيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأما مَا حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْأَزْدِيّ قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس قَالَ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْحِيَاض الَّتِي بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَقَالُوا يَا رَسُول الله تردها السبَاع وَالْكلاب وَالْحمير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا مَا فِي بطونها وَمَا بَقِي فَهُوَ لنا طهُور فَإِنَّهُ حَدِيث لم يرد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَهُوَ ضَعِيف من جِهَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم

(1/120)


[5] فِي سُؤْر الْحمار والبغل

[قَالَ أَصْحَابنَا] لَا يجوز الْوضُوء بِهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يجزىء
6 - فِي سُؤْر الطير

قَالَ أَصْحَابنَا مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه مِنْهُ كره الْوضُوء بسؤرة ويجزىء وَمَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس بسؤره وَكره سُؤْر الدَّجَاجَة المخلاة
وَقَول مَالك مثله إِلَّا أَنه قَالَ فِي سُؤْر الطير الَّذِي يَأْكُل الْجِيَف إِذا تَوَضَّأ وَصلى يُعِيد فِي الْوَقْت فَإِن مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ
7 - فِي سُؤْر الْجنب وَالْحَائِض والمشرك

لَا بَأْس بِهِ عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَقَالَ الثَّوْريّ إِن تَوَضَّأ بِفضل وضوء إِنْسَان من حدث لم يجزه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يغْتَسل الرجل بِفضل غسل الْمَرْأَة إِلَّا أَن يتنازعا جَمِيعًا وَقَالَ يتَوَضَّأ بِفضل وضوء الْمَرْأَة إِذا لم يغنه عَنهُ
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بسؤر الْحَائِض وَالْجنب بِفضل وضوئهما إِذا لم يكن فِي أَيْدِيهِمَا نَجَاسَة وَلَا يتَوَضَّأ بسؤر النَّصْرَانِي وَلَا بِمَا أَدخل يَده فِيهِ

(1/121)


وَقَالَ الْحسن بن صَالح لَا بَأْس بسؤر الْجنب وَالْحَائِض سُؤْر شرابهما وَيكرهُ سُؤْر وضوئهما
8 - فِيمَا لَا دم لَهُ أَو يعِيش فِي المَاء فَيَمُوت فِيهِ

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفْسد المَاء
وَقَالَ مَالك مثله فِي الزنبور وَالْعَقْرَب والضفدع والسرطان
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ الضفدع لَا يفْسد المَاء يَمُوت فِيهِ
وَقَالَ الْحسن بن صَالح مَا لَا دم لَهُ لَا يفْسد المَاء يَمُوت فِيهِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الحكم وأصحابنا يفسدونه بالحكم
وَقَالَ الثَّوْريّ أكره مَا يَمُوت فِيهِ الضفدع
وَقَالَ الشَّافِعِي موت الذُّبَاب فِي المَاء يُفْسِدهُ
حَدِيث أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مقل الذُّبَاب فِي المَاء يُوجب أَن لَا يُنجسهُ

(1/122)


9 - فِي الْخمر يَقع فِي المَاء

قَالَ أَصْحَابنَا يُفْسِدهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك فِي الْخمر يُصِيب ثوب الرجل فَيصَلي فِيهِ وَهُوَ لَا يعلم أَنه يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ اللَّيْث فِي أحد قوليه يُعِيد وَفِي الآخر لَا يُعِيد
وَذكر اللَّيْث عَن ربيعَة أَن الْخمر لَيست بنجسة
وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ نجس
احْتج أَبُو جَعْفَر بنجاستها بِأَن تَحْرِيمهَا مُطلق كتحريم الْخِنْزِير فَكَانَت كَهُوَ فِي النَّجَاسَة
10 - فِي طَهَارَة البصاق

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ هُوَ طَاهِر
وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه كره أَن يدْخل سواكه فِي وضوئِهِ وَكره الْحسن بن حَيّ أَن يبصق الرجل فِي ثَوْبه
وروى شُعْبَة عَن حَمَّاد عَن عَمْرو بن عَطِيَّة عَن سلمَان إِذا حك أحدكُم جلده فَلَا يمسحه ببصاق فَإِنَّهُ غير طَاهِر
قَالَ شُعْبَة ثمَّ حَدَّثَنِيهِ بعد ذَلِك فَقَالَ عَن ربعي بن حِرَاش عَن سلمَان قَالَ فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم فَقَالَ يمسحه بِالْمَاءِ

(1/123)


وروى سُفْيَان عَن حَمَّاد عَن عَمْرو بن عَطِيَّة التَّيْمِيّ عَن سلمَان قَالَ إِذا حككت يدك فَلَا تبل يدك بالبصاق فَإِنَّهُ لَيْسَ بِطهُور
وروى دَاوُد الطَّائِي عَن جَعْفَر الْأَحْمَر عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصق فِي ثَوْبه ورد بعضه على بعض
وروى إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نخامة فِي الْقبْلَة فشق ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ ذَلِك فِي وَجهه فَقَامَ فحكه بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ
إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه فَلَا يبصق أحدكُم فِي قبلته وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه ثمَّ أَخذ طرف رِدَائه فبصق فِيهِ ثمَّ رد بعضه على بعض فَقَالَ أَو يفعل هَكَذَا
قَوْله تَحت قدمه يدل على طَهَارَته لِأَنَّهُ لَا يجوز للْمُصَلِّي أَن يقوم على نَجَاسَة
وَقَوله أَو فِي رِدَائه يدل أَيْضا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي رِدَاء نجس
وروى أَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه فِي البصاق فِي الثَّوْب ودلك بعضه بِبَعْض

(1/124)


وروى شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن ربعي عَن طَارق بن عبد الله الْمحَاربي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كنت فِي الصَّلَاة فَلَا تبزق تجاه وَجهك وَلَكِن ابزق عَن يسارك وَإِلَّا فتحت قدمك وَالله أعلم
11 - فِي لعاب مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه

كره أَصْحَابنَا لعاب مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع وَلم يجيزوا الْوضُوء بِهِ
قَالَ ربيعَة وَمَالك لَا بَأْس بلعاب الْحمار
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بلعاب الْحمار
وَقَالَ الشَّافِعِي لعاب الدَّوَابّ وعرقها طَاهِر قِيَاسا على بني آدم وَالله تَعَالَى أعلم
12 - فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ هُوَ نجس
وَقَالَ مَالك وَمُحَمّد بن الْحسن وَالثَّوْري وَاللَّيْث هُوَ طَاهِر

(1/125)


وَمَا رُوِيَ من إِبَاحَة شربه للعرنيين فللضرورة كَمَا أَبَاحَ للزبير وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لِبَاس الْحَرِير للضَّرُورَة
13 - فِي بَوْل الصَّبِي والصبية

قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ كبول الرجل وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس ببول الصَّبِي مَا دَامَ يشرب اللَّبن وَلَا يَأْكُل الطَّعَام
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بَوْل الصَّبِي لَيْسَ بِنَجس حَتَّى يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يبين لي فرق بَينه وَبَين الصبية وَلَو غسل كَانَ أحب إِلَيّ
وَرُوِيَ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن أم قيس بنت مُحصن أَنَّهَا أَتَت بِابْن لَهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْكُل الطَّعَام فأجلسه فِي حجره فَبَال على ثَوْبه فَدَعَا بِمَاء فنضحه وَلم يغسلهُ

(1/126)


قَالَ وَقد يُسمى الْغسْل نضحا وَقد يكون النَّضْح بملاقاة المَاء لَهُ من غير غسل
كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنِّي لأعْلم أَرضًا يُقَال لَهَا عمان ينضح بناحيتها الْبَحْر بهَا حَيّ من الْعَرَب لَو أَتَاهُم رَسُولي مَا رَمَوْهُ بِسَهْم وَلَا حجر
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّفْرِيق بَين بَوْل الْغُلَام وَالْجَارِيَة
رَوَاهُ أَبُو قَتَادَة عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ فِي الرَّضِيع يغسل بَوْل الْجَارِيَة وينضح بَوْل الْغُلَام
وَقد رُوِيَ سماك بن حَرْب عَن قَابُوس بن الْمخَارِق عَن لبانة بنت الْحَارِث أَن الْحُسَيْن بن عَليّ بَال على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت اعطني ثَوْبك أغسله فَقَالَ إِنَّمَا يغسل من الْأُنْثَى وينضح من بَوْل الذّكر
وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بالصبيان فيدعو لَهُم فَأتي بصبي مرّة فَبَال عَلَيْهِ فَقَالَ صبوا عَلَيْهِ المَاء صبا

(1/127)


وَرَوَاهُ مَالك عَن هِشَام بِإِسْنَاد مثله وروى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلهَا
وَحميد عَن الْحسن أَنه قَالَ فِي بَوْل الْجَارِيَة يغسل غسلا وَبَوْل الْغُلَام يتبع المَاء
14 - فِي الْوضُوء بِمَاء خالطه غَيره

قَالَ أَصْحَابنَا يجوز مَا لم يغلب عَلَيْهِ
قَالَ مَالك لَا يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ الَّذِي يبل فِيهِ الْخبز
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا تَوَضَّأ بزردج أَو بسناخ أَو بخل أَجزَأَهُ وَكَذَلِكَ كل شَيْء غير لَونه
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا بل فِيهِ خبْزًا أَو غَيره مِمَّا لَا يَقع عَلَيْهِ اسْم مَاء مُطلق حَتَّى يُضَاف إِلَى مَا خالطه وَخرج مِنْهُ فَلَا يجوز التَّطْهِير بِهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على جَوَاز الْوضُوء بِمَاء خالطه الطين وَكَذَلِكَ كل مَاء خالطه مَا لم يغلب عَلَيْهِ

(1/128)


15 - فِي نَبِيذ التَّمْر

وَالْوُضُوء بِهِ أجَازه أَبُو حنيفَة عِنْد عدم المَاء
وَقَالَ حميد بن عبد الرَّحْمَن الرواسِي يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم عِنْد عدم المَاء وَعند وجوده
وَقَالَ مُحَمَّد يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم عِنْد عدم المَاء
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ بِهِ
16 - فِي المَاء الْمُسْتَعْمل

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يتَوَضَّأ بِهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يتَوَضَّأ بِهِ إِذا وجد مَاء غَيره فَإِن لم يجد تَوَضَّأ بِهِ وَلم يتَيَمَّم
وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز الْوضُوء بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمل وَالله أعلم
17 - فِي دم السّمك وَغَيره

قَالَ أَصْحَابنَا دم السّمك طَاهِر وَكَذَلِكَ دم مَا لَيْسَ لَهُ دم يسيل نَحْو دم البق والذباب
وَقَالَ مَالك فِي دم البراغيث إِذا تفاحش غسله وَإِلَّا لم أر بِهِ بَأْسا

(1/129)


وَقَالَ يغسل دم الذُّبَاب وَدم السّمك وَقَالَ فِي دم الْحيض قَلِيله لَا تُعَاد مِنْهُ الصَّلَاة فِي الْوَقْت وَلَا غَيره وَكَثِيره تُعَاد مِنْهُ الصَّلَاة مَا دَامَت فِي الْوَقْت
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يفْسد الْوضُوء إِلَّا أَن يَقع فِيهِ نَجَاسَة من دم أَو بَوْل أَو غير ذَلِك فَعم الدِّمَاء كلهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْأَنْعَام 145 إِلَى قَوْله {أَو دَمًا مسفوحا} فَأخْبر أَن مَا بعد المسفوح فَهُوَ غير محرم
18 - فِي الأرواث
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد الأرواث كلهَا نَجِسَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَول الشَّافِعِي
وَقَالَ مَالك وَزفر وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري مَا أكل لَحْمه فروثه طَاهِر كبوله
قَالَ الثَّوْريّ فِي خرء الدَّجَاج لَيْسَ فِيهِ إِعَادَة وغسله أحسن وَالله أعلم
19 - إِذا مسح الروث من الْخُف وَصلى فِيهِ

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جف الروث فمسحه وَصلى فِيهِ أَجزَأَهُ وَالرّطب لَا يجْزِيه إِلَّا الْغسْل وَهُوَ قَول أبي يُوسُف

(1/130)


وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجزىء فِي الْيَابِس إِلَّا الْغسْل عِنْدهم جَمِيعًا
وَقَالَ مَالك فِي الْعذرَة إِذا وطىء عَلَيْهَا لَا يُصَلِّي حَتَّى يغسلهُ وَفِي الروث يُصَلِّي إِذا مَسحه وَإِن كَانَ رطبا
20 - فِي النَّجَاسَة فِي الثَّوْب وَالْبدن

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الدَّم والغدرة وَالْبَوْل إِن صلى وَفِيه مِقْدَار الدِّرْهَم جَازَت صلَاته
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الروث
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ مَالك وَزفر وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري مَا أكل لَحْمه فروثه طَاهِر كبوله
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه حَتَّى يكون كثيرا فَاحِشا وَقَالَ زفر فِي الْبَوْل قَلِيله وَكَثِيره يفْسد وَفِي الدَّم حَتَّى يكون أَكثر من قدر الدِّرْهَم
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الدَّم فِي الثَّوْب يُعِيد إِذا كَانَ مِقْدَار الدِّرْهَم فَإِن كَانَ أقل من ذَلِك لم يعد
وَكَانَ يرى الْإِعَادَة فِي الْجَسَد وَإِن كَانَ أقل من قدر دِرْهَم

(1/131)


وَقَالَ فِي الْبَوْل وَالْغَائِط والقيء يُعِيد فِي الْقَلِيل وَالْكثير وَإِن كَانَ فِي الثَّوْب
وَقَالَ مَالك فِي الدَّم الْيَسِير إِذا رَآهُ فِي ثَوْبه وَهُوَ فِي الصَّلَاة مضى فِيهَا وَفِي الْكثير يَنْزعهُ ويستأنف الصَّلَاة
وَإِن رأى بَعْدَمَا فرغ أعَاد مَا دَامَ فِي الْوَقْت
وَقَالَ فِي الْبَوْل والرجيع والمني وخرء الطير الَّذِي يَأْكُل الْجِيَف إِن ذكره وَهُوَ فِي الصَّلَاة أَنه فِي ثَوْبه قطعهَا واستقبلها
وَإِن صلى أعَاد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا ذهب الْوَقْت لم يعد
قَالَ ابْن الْقَاسِم والقيء عِنْد مَالك لَيْسَ بِنَجس إِلَّا أَن يكون الْقَيْء قد تغير فِي جَوْفه فَإِن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ نجس
وَقَالَ الثَّوْريّ يغسل الدَّم والروث وَلم يعرف قدر الدِّرْهَم
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْبَوْل فِي الثَّوْب إِذا لم يجد المَاء يُصَلِّي بِتَيَمُّم وَلَا يُعِيد إِذا وجد المَاء فَإِن وجد المَاء فِي الْوَقْت أعَاد
وَقَالَ فِي الْقَيْء يُصِيب الثَّوْب وَلَا يعلم بِهِ حَتَّى صلى قَالَ إِنَّمَا جَازَت الْإِعَادَة فِي الرجيع وَمَضَت صلَاته وَكَذَلِكَ فِي دم الْحيض لَا يُعِيد
وَقَالَ فِي الثَّوْب يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ
وَقَالَ اللَّيْث فِي الروث وَالدَّم وَبَوْل الدَّابَّة وَدم الْحيض والمني أعَاد فَاتَ الْوَقْت أَو لم يفت
وَقَالَ فِي الدَّم فِي الثَّوْب لَا يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا بعده
وَقَالَ سَمِعت النَّاس لَا يرَوْنَ فِي يسير الدَّم يُصَلِّي وَهُوَ فِي ثَوْبه بَأْسا ويرون أَن تُعَاد الصَّلَاة فِي الْوَقْت من الدَّم الْكثير والقيح مثل الدَّم

(1/132)


وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الدَّم والقيح إِذا كَانَ قَلِيلا كَدم البراغيث وَمَا يتعافاه النَّاس لم يعد وَيُعِيد فِي الْكثير
وَفِي الْبَوْل والعذرة وَالْخمر يُعِيد فِي الْقَلِيل وَالْكثير
21 - فِي نَجَاسَة الْمَنِيّ وطهارته

عِنْد أَصْحَابنَا جَمِيعًا وَهُوَ نجس ويجزىء فِيهِ الفرك
وَقَالَ مَالك هُوَ نجس وَلَا يجزىء فِيهِ الفرك
وَقَالَ الثَّوْريّ يفركه فَإِن لم يفركه أَجْزَأته صلَاته
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعِيد الصَّلَاة من الْمَنِيّ فِي الثَّوْب وَإِن كثر وَيُعِيدهَا من الْمَنِيّ فِي الْجَسَد وَإِن قل
وَكَانَ يُفْتِي مَعَ ذَلِك بفركه من الثَّوْب إِذا كَانَ يَابسا وبغسله إِذا كَانَ رطبا
وَقَالَ اللَّيْث هُوَ نجس وَيُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعده ويفرك من الثَّوْب بِالتُّرَابِ قبل أَن يُصَلِّي
وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ طَاهِر ويفركه فَإِن لم يفركه فَلَا بَأْس
22 - فِي الأَرْض تصيبها النَّجَاسَة

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا يَبِسَتْ وَذهب أَثَرهَا صلى فِيهَا وَكَذَلِكَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يتَيَمَّم مِنْهَا

(1/133)


وَقَالَ زفر وَمَالك لَا يُجزئهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ إِلَّا أَن مَالِكًا يَقُول لَا يُعِيد بعد الْوَقْت وَكَذَلِكَ قَالَ إِذا تيَمّم بِهِ
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا جف فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ حَتَّى يغسلهُ وَإِن صلى قبل ذَلِك لم يُجزئهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يصب عَلَيْهِ ذنُوب من مَاء وَإِن بَال اثْنَان لم يطهره إِلَّا ذنوبان فَإِن لم يذهب رِيحه وَلم ينشف الأَرْض لَا يطهر بِالْمَاءِ
23 - فِي مِقْدَار الطّهُور

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري صَاع فِي الْغسْل وَمد فِي الْوضُوء
وَلم يقدر مَالك وَالشَّافِعِيّ
24 - فِي نِيَّة الطَّهَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا يجزىء كل طَهَارَة بِمَاء بِغَيْر نِيَّة وَلَا يجزىء التَّيَمُّم إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء الْوضُوء بِغَيْر نِيَّة وَلم يحفظ عَنهُ فِي التَّيَمُّم شَيْء
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث لَا يجزىء الْوضُوء وَلَا الْغسْل وَلَا التَّيَمُّم إِلَّا بنية

(1/134)


وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يجزىء الْوضُوء وَالتَّيَمُّم جَمِيعًا بِغَيْر نِيَّة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل فِي التَّيَمُّم عَن غَيره
25 - فِي الْمَضْمَضَة والإستنشاق

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث هما فرض فِي الْجَنَابَة وَغير فرض فِي الْوضُوء
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيست بِفَرْض فِي الْجَنَابَة وَلَا فِي الْوضُوء
26 - فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ تَخْلِيل اللِّحْيَة لَيْسَ بِوَاجِب فِي الْوضُوء
وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ مَا بَال الْأَمْرَد يغسل ذقنه وَلَا يغسلهُ ذُو اللِّحْيَة
وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يرى تخليلها وَاجِبا كَهُوَ قبل نَبَات اللِّحْيَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر التَّيَمُّم وَاجِب فِيهِ مسح الْبشرَة قبل نَبَات اللِّحْيَة ثمَّ يسْقط بعْدهَا كَذَلِك الْوضُوء

(1/135)


27 - فِي عدد مسح الرَّأْس وَصفته

قَالَ أَصْحَابنَا الْمسْح مرّة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ الشَّافِعِي يمسح ثَلَاثًا
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن مسح ربع رَأسه أَجزَأَهُ وَيبدأ بِمقدم رَأسه الى مؤخره
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يبْدَأ بمؤخر رَأسه
وَقَالَ مَالك الْفَرْض مسح جَمِيع رَأسه وَإِن ترك شَيْئا مِنْهُ كَانَ كمن ترك غسل شَيْء من وَجهه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يمسح مقدم الرَّأْس
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْفَرْض مسح بعض الرَّأْس وَلم يحده
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتّفق الْجَمِيع على الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أَنه مُخَالف لغسل الرجلَيْن فِي اعْتِبَار عمومهما بِالْمَسْحِ وَالله أعلم
28 - فِي الْأُذُنَيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا هما من الرَّأْس يمسح مقدمهما ومؤخرهما مَعَ الرَّأْس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هما من الرَّأْس يمسح ظهورهما وبطونهما

(1/136)


وروى أَشهب عَن مَالك الأذنان من الرَّأْس وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم
وَزَاد فِيهِ ويمسحهما بِمَا سوى المَاء الَّذِي يمسح بِهِ الرَّأْس
قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِمَاء جَدِيد وهما سنة على حيالهما لَا من الْوَجْه وَلَا من الرَّأْس
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يغسل بَاطِن أُذُنَيْهِ مَعَ وَجهه وَيمْسَح ظاهرهما مَعَ رَأسه
29 - فِي مسح الْوضُوء بالمنديل

لم ير أَصْحَابنَا بِهِ بَأْسا وَكَذَلِكَ مَالك وَالثَّوْري والآوزاعي
وَكَانَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعجبهُ ذَلِك
30 - فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها
وَرُوِيَ عَن مَالك وَاللَّيْث أَنه لَا وَقت للمسح على الْخُفَّيْنِ إِذا لبس خفيه وَهُوَ طَاهِر يمسح مَا بدا لَهُ
قَالَ مَالك والمقيم وَالْمُسَافر فِي ذَلِك سَوَاء
وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه ضعف الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

(1/137)


31 - كَيْفيَّة الْمسْح
قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يمسح ظَاهر الْخُف دون بَاطِنه
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يمسح الظَّاهِر وَالْبَاطِن فَإِن مسح الظَّاهِر دون الْبَاطِن أَجزَأَهُ وَإِن مسح بَاطِنه دون ظَاهره لم يجزه
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الْوَلِيد بن مُسلم عَن ثَوْر بن يزِيد عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن كَاتب الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة عَن الْمُغيرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ أَعْلَاهُ وأسفله
وَذكر الْأَثْرَم أَنه سَأَلَ أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ أَحْمد ذكرته لعبد الرَّحْمَن بن مهْدي فَذكر عَن ابْن الْمُبَارك عَن ثَوْر قَالَ حدثت عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن كَاتب الْمُغيرَة وَلَيْسَ فِيهِ الْمُغيرَة فَبَطل هَذَا الحَدِيث
وروى عبد خير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على ظَاهر الْقَدَمَيْنِ
وروى ابْن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عُرْوَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح ظُهُور الْخُفَّيْنِ

(1/138)


32 - فِي خرق الْخُفَّيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ مَا ظهر من الرجل أقل من ثَلَاث أَصَابِع مسح وَلَا يمسح إِذا ظهر ثَلَاث
وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يمسح إِذا لم يظْهر مِنْهُ الْقدَم وَإِن ظهر لم يمسح وَكَذَلِكَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يمسح على الْخُف وعَلى مَا ظهر من الْقدَم
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يمسح على الْخُف إِذا كَانَ مَا ظهر مِنْهُ يغطيه الجورب وَإِن ظهر شَيْء من الْقدَم لم يمسح وَالله أعلم
33 - فِي الْمسْح على الجوربين

لَا يُجِيزهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَن يَكُونَا مجلدين
وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يجزىء وَإِن كَانَا مجلدين
وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ إِذا كَانَا ثخينين
وروى الْمُغيرَة وَأَبُو مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على جوربيه ونعليه وَالله أعلم

(1/139)


34 - فِيمَن يَنْقَضِي وَقت مَسحه أَو ينْزع الْخُف

عِنْد أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم
وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا نزع خفيه بعد الْمسْح صلى كَمَا هُوَ وَرُوِيَ نَحوه أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم وَالْحسن الْبَصْرِيّ
وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَيْضا أَنه يُعِيد وضوءه
وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ وَاللَّيْث إِذا خلع خفيه بعد الْمسْح أَنه إِن غسل رجلَيْهِ مكانهما أَجزَأَهُ وَإِن أخر غسلهمَا بعد نزع الْخُفَّيْنِ أعَاد الْوضُوء كُله
وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه يُعِيد الْوضُوء وَرُوِيَ عَنهُ أَنه يغسل رجلَيْهِ خَاصَّة وَقَالَ فِيمَن مسح على الْعِمَامَة ثمَّ نَزعهَا أَنه يمسح على رَأسه
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِنَّه يُعِيد الْوضُوء إِذا خلع خفيه بعد الْمسْح وَلم يفرق بَين أَن يتراخى الْغسْل أَو لم يتراخ وَالله أعلم
35 - فِيمَن نزع أحد خفيه

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يغسل رجلَيْهِ جَمِيعًا وَهِي رِوَايَة الْأَشْجَعِيّ وَأبي نعيم عَن الثَّوْريّ

(1/140)


وروى الْفرْيَابِيّ عَنهُ أَنه كَانَ بَعضهم يَقُول يغسل إِحْدَى رجلَيْهِ وَأي ذَلِك مَا فعل أَجزَأَهُ وروى الْمعَافى عَنهُ مثل ذَلِك
36 - فِيمَن نزع الْقدَم من الْخُف

روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا أخرج الْقدَم من الْخُف الى السَّاق فَعَلَيهِ الْوضُوء وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة مثله قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَكَذَلِكَ إِذا أخرج من نصف الْقدَم الى السَّاق
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة
قَالَ مَالك وَإِن كَانَ عقبه يخرج الى السَّاق والقدم كَمَا هِيَ فِي الْخُف فَلَا أرى عَلَيْهِ شَيْئا
وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ كَقَوْل أبي حنيفَة وروى الْفرْيَابِيّ عَنهُ أَنه إِذا أخرج صدر الْقدَم من مَوضِع الْخُف غسل قَدَمَيْهِ وَإِن بَقِي شَيْء فَلَيْسَ عَلَيْهِ وضوء
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ظهر من رجله بعض مَا عَلَيْهِ الْوضُوء انْتقض الْمسْح وَإِن لم يظْهر مِنْهَا شَيْء لم ينْتَقض الْمسْح
37 - فِي الْمسْح على الجرموقين

قَالَ أَصْحَابنَا وَأحد قولي مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ يمسح

(1/141)


على الجرموقين إِذا لبسهما فَوق الْخُفَّيْنِ قبل أَن يحدث
وَقَالَ مَالك فِي أحد قوليه وَالشَّافِعِيّ لَا يمسح
وروى الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مسح على الْعِمَامَة والجرموقين
وروى الْعَلَاء بن الْحَارِث عَن مَكْحُول عَن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة عَن بِلَال أَن النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمسح على الجوموقين والخمار
وروى ابْن وهب عَن مَكْحُول عَن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة عَن أبي جندل عَن بِلَال مثله
38 - فِيمَن نزع أحد جرموقيه

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يمسح على الْخُف وعَلى الجرموق الآخر
وَقَالَ زفر يمسح على الْخُف وَلَا يُعِيد على الجرموق الآخر

(1/142)


39 - فِيمَن مسح بإصبع

قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن مسح رَأسه أَو خفه بإصبع أَو إِصْبَعَيْنِ أَنه لَا يُجزئهُ حَتَّى يمسح بِثَلَاث أَصَابِع
وَقَالَ زفر وَالثَّوْري إِذا مسح بإصبع يُجزئهُ إِلَّا أَن زفرا قَالَ الرّبع
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْمسْح بِبَعْض الْيَد جَائِز
40 - فِيمَن غسل رجلَيْهِ وَلبس

قَالَ أَصْحَابنَا يُجزئهُ إِذا أكمل وضوءه بعد اللّبْس قبل الْحَدث وَكَذَلِكَ إِذا غسل إِحْدَى رجلَيْهِ وَلبس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يكون لبس خفيه بعد إِكْمَال الْوضُوء
وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَأَهْوَيْت إِلَى خفيه لأنزعهما فَقَالَ مَه أقرا الْخُفَّيْنِ فَإِنِّي أدخلت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وهما طاهرتان
وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أدخلت قَدَمَيْك الْخُفَّيْنِ وهما طاهرتان فامسح عَلَيْهِمَا

(1/143)


قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيجوز أَن يُقَال إِن رجلَيْهِ طاهرتان إِذا غسلهمَا وَإِن لم يكمل الطَّهَارَة كَمَا يُقَال صلى رَكْعَة وَإِن لم يتمم الصَّلَاة
41 - فِيمَن مسح ثمَّ سَافر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا سَافر بعد يَوْم وَلَيْلَة أَو لم يُسَافر نزع خفيه وَإِن سَافر قبل يَوْم وَلَيْلَة أتم مسح الْمُسَافِر وَإِن أَقَامَ الْمُسَافِر أتم مسح الْمُقِيم
قَالَ الشَّافِعِي إِذا مسح فِي الْحَضَر ثمَّ سَافر أتم مسح مُقيم وَلَو مسح مُسَافِرًا ثمَّ أَقَامَ أتم مسح مُقيم أَيْضا
42 - فِي عدد الْوضُوء

قَالَ أَصْحَابنَا سَائِر الْأَعْضَاء ثَلَاثًا إِلَّا مسح الرَّأْس فَإِنَّهُ مرّة وَاحِدَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِنَّه لم يقدر فِي الْوضُوء مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا لِأَن الله تَعَالَى لم يذكر عددا

(1/144)


وَقَالَ الشَّافِعِي ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالْمسح ثَلَاثًا أَيْضا
43 - فِي الْمسْح على الْعِمَامَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يمسح على عِمَامَة وَلَا خمار
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يمسح على الْعِمَامَة
44 - فِيمَن تَوَضَّأ ثمَّ جز رَأسه

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا يُعِيد عَلَيْهِ المَاء
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ يسْتَحبّ أَن يمر عَلَيْهِ المَاء
45 - فِي وَقت التَّيَمُّم

قَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فِي أول الْوَقْت
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يسْتَحبّ إِذا رجا وجود المَاء أَن يتَيَمَّم فِي آخر الْوَقْت وَهُوَ قَول الثَّوْريّ

(1/145)


وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم فِي أول الْوَقْت
46 - فِي التَّيَمُّم بالنورة وَالْحجر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد يُجزئهُ وَكَذَلِكَ غُبَار اللبد وَالثَّوْب
وَقَالَ مَالك يجوز التَّيَمُّم بالحصباء والجبل
وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز التَّيَمُّم بغبار الثَّوْب واللبد
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتَيَمَّم بالرمل
وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم بِالتُّرَابِ مِمَّا يعلق بِالْيَدِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجزىء التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ خَاصَّة وَلَا يجزىء بغبار الثَّوْب واللبد
47 - فِي كَيْفيَّة التَّيَمُّم

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ الى الْمرْفقين
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء ضَرْبَة وَاحِدَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَرُوِيَ نَحوه عَن عَطاء

(1/146)


وَقَالَ الزُّهْرِيّ يمسح يَدَيْهِ الى الْإِبِط
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يرو ذَلِك عَن أحد من الْمُتَقَدِّمين غير الزُّهْرِيّ
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ يتَيَمَّم بضربتين يمسح بِكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَجهه وذراعيه ومرفقيه
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يخبر أحد من أهل الْعلم غَيرهمَا أَنه يمسح بِكُل وَاحِدَة من الضربتين وَجهه وذراعيه
48 - من فعل صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّم وَاحِد
قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي مَا شَاءَ من الصَّلَوَات بِتَيَمُّم وَاحِد مَا لم يحدث أَو يجد المَاء
وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّم وَاحِد وَلَا يُصَلِّي نَافِلَة ومكتوبة بِتَيَمُّم وَاحِد إِلَّا أَن تكون نَافِلَة بعد مَكْتُوبَة
وَقَالَ إِن صلى رَكْعَتي الْفجْر بِتَيَمُّم أعَاد التَّيَمُّم للفجر
وَقَالَ شريك بن عبد الله يتَيَمَّم لكل صَلَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم لكل صَلَاة فرض وَيُصلي النَّافِلَة وَالْفَرْض وَصَلَاة الْجِنَازَة بِتَيَمُّم وَاحِد
49 - فِي الْمُتَيَمم يجد المَاء فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل

(1/147)


قَالَ مَالك واالشافعي يَبْنِي وَلَا يتَوَضَّأ فِي صَلَاة الْجِنَازَة
50 - فِيمَن خَافَ فَوت الْعِيد والجنازة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا خَافَ الْفَوْت تيَمّم وَصلى
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ التَّيَمُّم إِلَّا فِي السّفر إِذا عدم المَاء
وروى عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن عُمَيْر مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي الْجُهَيْم بن الْحَارِث بن الصمَّة الْأنْصَارِيّ قَالَ أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَحْو بِئْر جمل فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّلَام حَتَّى أقبل على الجدران فَمسح بِوَجْهِهِ وَيَديه ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام
فَتَيَمم لرد السَّلَام فِي الْمصر وَهُوَ فرض لخوف الْفَوات لِأَنَّهُ لَو فعل بعد التَّرَاخِي لم يكن جَوَابا
فَإِن قيل لم يكن الطَّهَارَة شرطا فِي صِحَة رد السَّلَام

(1/148)


قيل لَهُ رد بِطَهَارَة أفضل فقد ثَبت لهَذِهِ الطَّهَارَة حكم لولاه لم يَفْعَلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو لم يكن قد ثَبت حكم التَّيَمُّم فِي هَذِه الْحَال لما فعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكان لَا معنى لَهُ
51 - فِي الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري لَا يمر فِيهِ
وَقَالَ اللَّيْث لَا يمر فِيهِ إِلَّا أَن يكون بَابه الى الْمَسْجِد
وَقَالَ الشَّافِعِي يمر فِيهِ وَلَا يقْعد
وَعَن ابْن عَبَّاس لَا تدخل الْمَسْجِد وَأَنت جنب إِلَّا وَأَنت عَابِر سَبِيل
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا عابري سَبِيل} النِّسَاء 43 هُوَ الْمُسَافِر
52 - فِي إِبَاحَة وَطْء الْمَرْأَة فِي السّفر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا وَيتَيَمَّم للجنابة
وَقَالَ مَالك أكره أَن يَطَأهَا وَيتَيَمَّم للجنابة
وَقَالَ مَالك أكره أَن يَطَأهَا لِأَنَّهُ يدْخل على نَفسه مَا يلْزمه الْغسْل وَالله أعلم

(1/149)


53 - فِيمَن مَعَه من المَاء مَا لَا يَكْفِيهِ للْغسْل

قَالَ أَصْحَابنَا يتَيَمَّم وَلَا يسْتَعْمل المَاء فَإِن أحدث تَوَضَّأ بذلك إِذا كَفاهُ للْحَدَث
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يسْتَعْمل المَاء إِلَّا فِي الِابْتِدَاء وَيتَيَمَّم فَإِن أحدث بعد ذَلِك تيَمّم أَيْضا وَلم يسْتَعْمل ذَلِك المَاء
وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَعْمل ذَلِك المَاء لما يَكْفِيهِ من بدنه وَيتَيَمَّم أَيْضا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَصح الْجمع بَينهمَا كَمَا لَا يَصح الْجمع بَين بعض الرَّقَبَة وَبَعض الصّيام فِي الْكَفَّارَات
54 - إِذا نسي المَاء فِي رَحْله وَتيَمّم

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا بعده
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ يُعِيد
وَقَالَ مَالك يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعد الْوَقْت
55 - فِيمَن خَافَ الْبرد فِي الْمصر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ يتَيَمَّم
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ التَّيَمُّم فِي الْمصر
وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم وَيُعِيد

(1/150)


فِي الْمَحْبُوس فِي الْمصر

قَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يجد تُرَابا نظيفا لم يصل
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي وَيُعِيد وَإِن وجد تُرَابا نظيفا صلى فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَأعَاد
وَقَالَ زفر لَا يتَيَمَّم وَلَا يُصَلِّي وَإِن وجد تُرَابا نظيفا
وَقَالَ مَالك من خَافَ فَوَات الْوَقْت فِي الْمصر إِن ذهب إِلَى المَاء تيَمّم وَصلى
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ من لم يقدر على المَاء وَالتُّرَاب لم يصل وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ إِذا وجد المَاء وَقَالَ اللَّيْث إِذا خَافَ فَوت الْوَقْت إِن تَوَضَّأ صلى بِتَيَمُّم ثمَّ أعَاد الْوضُوء بعد الْوَقْت
قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ مَحْبُوسًا لَا يقدر على تُرَاب نظيف صلى وَأعَاد إِذا قدر
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ فِي قصَّة قلادة عَائِشَة أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين بَعثهمْ لطلب القلادة صلوا بِغَيْر تيَمّم وَلَا وضوء ثمَّ نزلت آيَة التَّيَمُّم
والفصل مِنْهُ بِأَن التَّيَمُّم لم يكن وَاجِبا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ نزل بعده
وَقد قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور

(1/151)


57 - فِي المحروق والمجروح

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ ذَلِك عَاما فِي جسده تيَمّم وَإِن كَانَ فِي الْأَقَل غسل مَا قدر عَلَيْهِ وَيمْسَح عَن الْبَاقِي إِن أمكنه وَإِلَّا تَركه وَهُوَ قَول مَالك
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ ذَلِك لماما فِي جسده تيَمّم
قَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يغسل مَا قدر على غسله وَيتَيَمَّم أَيْضا يجمع بَينهمَا
58 - فِي الْمسْح على الجبائر

قَالَ أَصْحَابنَا يمسح عَلَيْهِمَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن ترك الْمسْح عَلَيْهِمَا وَهُوَ لَا يضرّهُ أعَاد الصَّلَاة وَهُوَ قَول مَالك وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا مسح على الجبائر وَصلى أعَاد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ إِذا قدر على الْوضُوء وَالْقَوْل الآخر أَنه لَا يُعِيد
59 - فِي الْمُتَيَمم يؤم المتوضئين

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يؤم المتوضئين الْمُتَيَمم
قَالَ مُحَمَّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يؤم

(1/152)


60 - فِي وضوء الأقطع

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يغسل مَوضِع الْقطع من الْكَعْبَيْنِ وَمن الْمرْفقين
وَقَالَ زفر وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ غسله وَيسْتَحب مَسحه بِالْمَاءِ
61 - فِي تَرْتِيب الْوضُوء

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ إِن فعله غير مُرَتّب أَجزَأَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئهُ
62 - فِي تَفْرِيق الْوضُوء

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ
وَقَالَ ابْن ابي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث إِن تطاول أَو تشاغل بِعَمَل غَيره ابْتَدَأَ الْوضُوء من أَوله
قَالَ أَبُو جَعْفَر جفاف الْوضُوء لَيْسَ بِحَدَث فَلَا ينْقضه كَمَا أَن جفاف سَائِر الْأَعْضَاء لَا يبطل الطَّهَارَة
63 - فِي الشَّك فِي الْحَدث وَالْوُضُوء

قَالَ أَصْحَابنَا يَبْنِي على الأَصْل حَدثا كَانَ أَو طَهَارَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ

(1/153)


وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك إِذا تَوَضَّأ ثمَّ شكّ فِي الْحَدث يُعِيد الْوضُوء بِمَنْزِلَة من شكّ فِي الصَّلَاة فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا يلغي الشَّك وَإِن عرض لَهُ ذَلِك كثيرا فَهُوَ على وضوئِهِ
حَدِيث عباد بن تَمِيم عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الرجل يخيل إِلَيْهِ أَنه يجد الشَّيْء فِي الصَّلَاة قَالَ لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا وَلم يفرق بَين أول مرّة وَبَين من يعتاده ذَلِك
64 - فِي الشَّك فِي نَجَاسَة الثَّوْب

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ على طَهَارَة
وَقَالَ الثَّوْريّ أحب إِلَيّ أَن يغسلهُ
وَحكي عَن مَالك أَنه ينضحه بِالْمَاءِ
وَقد رُوِيَ عَن جَابر بن سَمُرَة فِي الرجل يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامع فِيهِ أَهله أَنه يُصَلِّي فِيهِ إِلَّا أَن يرى فِيهِ شَيْئا فيغسله وَلَا ينضحه فَإِن النَّضْح لَا يزِيدهُ إِلَّا شرا
وَقد رُوِيَ عَن عمر أَنه أَمر بنضحه وَالله أعلم

(1/154)


65 - فِي الصَّلَاة فِي ثِيَاب أهل الذِّمَّة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ إِلَّا الْإِزَار والسراويل
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي ثِيَاب الْمُشرك
وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِي ثِيَاب أهل الذِّمَّة الَّتِي يلبسونها وَمَا نسجوه فَلَا بَأْس
66 - فِي غسل النَّجَاسَة بِغَيْر المَاء

قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز غسلهَا بِغَيْر المَاء
وَقَالَ زفر وَمَالك وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا تطهر إِلَّا بِالْمَاءِ
67 - فِي مسح الرَّأْس ببلل فِي عُضْو غَيره

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ أَن يمسح رَأسه ببلل أَخذه من لحيته وَهُوَ قَول اللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يُجزئهُ
68 - فِي الْجنب ينغمس فِي المَاء وَلم يدلك بدنه

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ
وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ حَتَّى يتدلك

(1/155)


69 - فِي الْجنب يمس الْمُصحف

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يمس الْجنب وَلَا الْمُحدث الْمُصحف وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يَأْخُذهُ بعلاقة أَو غلاف
وَقَالَ مَالك لَا يَأْخُذهُ بعلاقة وَلَا على وسَادَة
وَقَالَ اللَّيْث لَا يحملهُ بعلاقة إِلَّا أَن يُرِيد نَقله من مَوضِع الى مَوضِع فَيَأْخذهُ بعلاقة
وَقَالُوا جَمِيعًا لَا بَأْس بِأَن يحمل خرجا فِيهِ مصحف
70 - فِيمَن وجد على فرَاشه منيا

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يغْتَسل وَإِن لم يذكر الإحتلام
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عَلَيْهِ غسل حَتَّى يستيقن الِاحْتِلَام
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن وجده حِين اسْتَيْقَظَ اغْتسل وَإِن وجده بَعْدَمَا يقوم وَيَمْشي فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَقَالَ الشَّافِعِي أحب إِلَيّ أَن يغْتَسل
71 - فِي الِاسْتِنْجَاء

قَالَ أَصْحَابنَا يستنجي بِثَلَاثَة أَحْجَار فَإِن لم ينق زَاد حَتَّى ينقي وان أنقاه حجر وَاحِد أَجزَأَهُ وَكَذَلِكَ غسله بِالْمَاءِ إِن أنقاه بِغسْلِهِ وَاحِدَة أَجزَأَهُ وَذَلِكَ فِي

(1/156)


الْمخْرج وَمَا عدا الْمخْرج فَإِنَّمَا يغسل بِالْمَاءِ حَكَاهُ عَن ابْن أبي عمرَان أَنه قَالَ أَصْحَابنَا
وَقَالَ مَالك تجوز صلَاته بعد الإستنجاء بالأحجار وَيغسل مَا هُنَاكَ فِيمَا يسْتَقْبل
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز بِثَلَاثَة أَحْجَار وَالْمَاء أطهر
وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز بالأحجار مَا لم يعد الْمخْرج فَإِن عدا الْمخْرج لم يجز إِلَّا المَاء
72 - فِي الْجِمَاع الَّذِي يُوجب الْغسْل

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا التقى الختانان وتوارت الْحَشَفَة وَجب الْغسْل
وَقَالَ مَالك إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان وَجب الْغسْل
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا غَابَتْ الْحَشَفَة فَأَما إِذا مَسّه وَهُوَ زاهق الى أَسْفَل وَلم تغب الْحَشَفَة فَلَا يجب الْغسْل
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا التقيا وَجب الْغسْل وَهُوَ أَن يتحاذيا بِأَن تغيب الْحَشَفَة قَالَ أَبُو جَعْفَر جَاءَت بِهِ الْآثَار على ثَلَاثَة أوجه
رُوِيَ عَن عَليّ ومعاذ أَنَّهُمَا قَالَا إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل وَذَلِكَ حِين سَأَلَ عمر عَن ذَلِك وَقَالَت وَالْأَنْصَار المَاء من المَاء

(1/157)


وَقَالَ سعيد بن الْمسيب قَالَ عمر وَعُثْمَان وَعَائِشَة إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان وَجب الْغسْل
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَيْضا إِذا التقى الختانان وَجب الْغسْل
قَالَ أَبُو جَعْفَر الأولى اعْتِبَار مماسة الختانين لَا محاذاته والالتقاء يحْتَمل الْمُحَاذَاة وَيحْتَمل المماسة كَقَوْلِه تَعَالَى {فَالتقى المَاء على أَمر قد قدر} الْقَمَر 12
73 - فِي غسل يَوْم الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري والاوزاعي وَالشَّافِعِيّ مُسْتَحبّ وَقَالَ مَالك من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة فِي أول نَهَاره وَهُوَ لَا يُرِيد غسل الْجُمُعَة فإنة لَا يجزىء عنة حَتَّى يغْتَسل لرواحة لَان رَسُول الله صلى الله علية وَسلم قَالَ فِي حَدِيث ابْن عمر (اذا جَاءَ احدكم الْجُمُعَة فليغتسل)
74 - فِي وَقت الْغسْل

قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اغْتسل بعد طُلُوع الْفجْر ثمَّ أحدث فَتَوَضَّأ فَشهد الْجُمُعَة لم يكن كمن شهد الْجُمُعَة على غسل

(1/158)


قَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ الْغسْل لليوم فَإِن اغْتسل بعد الْفجْر ثمَّ أحدث فصلى الْجُمُعَة بِوضُوء فَغسله تَامّ وَإِن كَانَ الْغسْل للصَّلَاة فَإِنَّمَا شهد الْجُمُعَة على وضوء
وَقَالَ مَالك إِذا أحدث بعد غسل الْجُمُعَة ثمَّ تَوَضَّأ وَشهد الْجُمُعَة أَجزَأَهُ غسله وَإِن اغْتسل أول نَهَاره لم يُجزئهُ عَن غسل الْجُمُعَة
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة من جَنَابَة أَو غَيرهَا اجزأه عَن غسل الْجُمُعَة فَهَذَا يدل على أَن مذْهبه أَن الْغسْل لليوم لَا للرواح الى الْجُمُعَة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْغسْل هُوَ للرواح الى الْجُمُعَة فَإِن اغْتسل لغيره بعد الْفجْر لم يُجزئهُ من الْجُمُعَة
وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون إِذا اغْتسل ثمَّ أحدث أَجزَأَهُ الْغسْل فَدلَّ أَن مذْهبه أَن الْغسْل لليوم
وَقد أختلف عَن اللَّيْث فحكي عَنهُ مَا يدل على أَن الْغسْل لليوم وَحكي عَنهُ مَا يدل على أَن الْغسْل للرواح الى الْجُمُعَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل محتلم الرواح الى الْجُمُعَة وعَلى كل من رَاح الى الْجُمُعَة الْغسْل فَهَذَا يدل على أَن الْغسْل للرواح
وَفِي حَدِيث جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغسْل وَاجِب على كل محتلم فِي كل أُسْبُوع يَوْمًا وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة

(1/159)


وَهَذَا يدل على أَن الْمَقْصُود بِهِ الْيَوْم لَا الرواح فَالْوَاجِب حمل الْأَخْبَار على أَن الْمَقْصُود الْجُمُعَة لَا الْيَوْم
فَإِن الْيَوْم إِنَّمَا ذكر لِأَن فِيهِ الْجُمُعَة حَتَّى تتفق مَعًا فِي الْأَخْبَار وَلِأَنَّهُم متفقون على أَنه لَو أَغْتَسِل يَوْم الْجُمُعَة بعد فَوَات الْجُمُعَة أَنه غير مُصِيب لغسل يَوْم الْجُمُعَة
فَدلَّ على أَن الْمَقْصد بِالْغسْلِ الى الرواح لَا إِلَى الْيَوْم
75 - فِي جلد الْميتَة إِذا دبغ وَالصُّوف والعظم

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري لَا بَأْس بِالِانْتِفَاعِ بذلك كُله وَبيعه جَائِز
وَقَالَ مَالك ينْتَفع بجلود الْميتَة فِي الْجُلُوس عَلَيْهَا وَلَا تبَاع وَلَا تصلى عَلَيْهَا وَلَا ينْتَفع بعظام الْميتَة وَلَا بَأْس بصوفها وشعرها وَلَا تكون ميتَة لِأَنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ فِي حَال الْحَيَاة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تبَاع جُلُود الْميتَة بعد الدّباغ وَينْتَفع بهَا وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ
وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِبيع جُلُود الْميتَة قبل الدّباغ إِذا ثَبت أَنَّهَا ميتَة لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي الأنتفاع بهَا وَقَالَ اللَّيْث لَا ينْتَفع بعصب الْميتَة وشعرها وصوفها

(1/160)


قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أحد من الْعلمَاء جَوَاز بيع جُلُود الْميتَة قبل الدّباغ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَينْتَفع بجلود الْميتَة بعد الدّباغ إِلَّا جلد الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَلَا ينْتَفع بِعظم الْميتَة وَلَا الشّعْر وَلَا الصُّوف
76 - فِي جُلُود السبَاع

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِيهَا إِذا كَانَت مذكاة أَو ميتَة مدبوغة
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بجلود السبَاع إِذا ذكيت وَكره جُلُود الْحمير المذكاة
وَكره الثَّوْريّ جُلُود الثعالب وَلم يرَوا بَأْسا بجلود الْحمير
وَقَالَ الشَّافِعِي يتَوَضَّأ فِي جُلُود الْميتَة وكل مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه إِذا دبغت إِلَّا جلد كلب أَو خِنْزِير
77 - فِي النَّجَاسَة تحرق بالنَّار

قَالَ أَصْحَابنَا فِي النَّجَاسَة إِذا أحرقت وَصَارَت رَمَادا فَهُوَ طَاهِر
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي النَّار لَا تطهر شَيْئا
وَقَالَ مَالك وَلَو طبخ قدرا بعظام الْميتَة لم يُؤْكَل مَا فِي الْقدر
78 - فِي الضحك فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن فِيهِ الْوضُوء
قَالَ عبيد الله وَلَو ضحك فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة أعَاد الْوضُوء
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا وضوء فِيهِ

(1/161)


وَقد رُوِيَ إِيجَاب الْوضُوء من القهقهة عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين
قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين أذكر وَنحن صبيان إِذا ضحكنا فِي الصَّلَاة أمرنَا أهلنا أَن نعيد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
79 - فِي مس الْمَرْأَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا وضوء فِيهِ
وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن مَسهَا بِشَهْوَة تلذذا فَعَلَيهِ الْوضُوء
وَقَالَ اللَّيْث إِن مَسهَا فَوق الثِّيَاب تلذذا فَعَلَيهِ الْوضُوء
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن قبل لشَهْوَة فَعَلَيهِ الْوضُوء وَإِن قبل لغير شَهْوَة فَلَا وضوء
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا مس جَسدهَا فَعَلَيهِ الْوضُوء بِشَهْوَة وَبِغير شَهْوَة
80 - فِي الْقَيْء

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي الْقَيْء كُله الْوضُوء إِذا مَلأ الْفَم إِلَّا البلغم
وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي البلغم أَيْضا الْوضُوء إِذا مَلأ الْفَم

(1/162)


وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَزفر فِي قَلِيل القلس وَكَثِيره الْوضُوء إِذا ظهر على اللِّسَان
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا وضوء فِيمَا يخرج من الْجوف من المَاء والمرارة الى الْفَم إِلَّا الطَّعَام فَإِن فِي قَلِيله الْوضُوء
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا وضوء فِي شَيْء من الْقَيْء
81 - فِي مس الذّكر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك لَا وضوء من مس الذّكر إِلَّا أَن مَالِكًا يستحبه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِيهِ الْوضُوء
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن من مس ذكره بساعده فَعَلَيهِ الْوضُوء وَقَالَ من مس ذكر الْبَهَائِم فَعَلَيهِ الْوضُوء
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وضوء من مس ذكر الْبَهَائِم
82 - فِي الدَّم السَّائِل

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن فِيهِ الْوضُوء

(1/163)


قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ دَمًا عبيطا فَفِيهِ الْوضُوء وَإِن كَانَ مثل مَاء اللَّحْم فَلَا وضوء فِيهِ
وَقَالَ مَالك لَا وضوء إِلَّا من حدث يخرج من قبل أَو دبر
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وضوء فِيمَا خرج من غير السَّبِيلَيْنِ
83 - فِي خُرُوج الدَّابَّة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري فِي الدُّود يخرج من الدبر الْوضُوء وَإِن خرج من الْجرْح فَلَا وضوء وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي
وَعَن الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن فِيهِ الْوضُوء إِذا خرج من الدبر وَالْأُخْرَى أَن لَا وضوء فِيهِ
وَقَالَ مَالك لَا وضوء فِيهِ وَإِن خرج من الدبر
84 - فِي الْوضُوء من النّوم

قَالَ أَصْحَابنَا لَا وضوء إِلَّا على من نَام مُضْطَجعا أَو متوركا
قَالَ أَبُو يُوسُف إِن تعمد النّوم فِي السُّجُود فَعَلَيهِ الْوضُوء
قَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لَا وضوء إِلَّا على من اضْطجع
قَالَ مَالك من نَام مُضْطَجعا أَو سَاجِدا فَليَتَوَضَّأ وَمن نَام جَالِسا فَلَا وضوء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يطول
قَالَ اللَّيْث إِذا تصنع جَالِسا فَعَلَيهِ الْوضُوء وَلَا وضوء على الْقَائِم والجالس إِذا غَلبه النّوم

(1/164)


وَقَالَ الشَّافِعِي على كل نَائِم الْوضُوء إِلَّا على الْجَالِس
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا وضوء من النّوم وَإِن تَوَضَّأ ففضل أَخذ بِهِ وَإِن ترك فَلَا حرج وَلم يذكر عَنهُ الْفَصْل بَين أَحْوَال النَّائِم
85 - فِي مسح النَّجَاسَة من السَّيْف

قَالَ أَبُو يُوسُف يطهره
وَقَالَ زفر لَا يطهره حَتَّى يغسلهُ
وَقَالَ مَالك كَقَوْل أبي يُوسُف
86 - فِي مِقْدَار الْحيض

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري أَقَله ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة
وَقَالَ مَالك لَا وَقت لقَلِيل الْحيض وَلَا لكثيره
وَقَالَ الشَّافِعِي أقل الْحيض يَوْم وَلَيْلَة وَأَكْثَره خَمْسَة عشرَة يَوْمًا
قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة الَّتِي سَأَلته أَنَّهَا تهراق الدَّم قَالَ لتنظر عدد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيض من الشَّهْر فلتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر ثمَّ لتغتسل وَتصلي

(1/165)


فأجابها بِذكر عدد الْأَيَّام والليالي من غير مَسْأَلَة لَهَا عَن مِقْدَار حَيْضهَا قبل ذَلِك وَأكْثر مَا تتتناوله عشرَة وَأقله ثَلَاثَة
87 - فِي مُدَّة النّفاس

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث أَكْثَره أَرْبَعُونَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقتدي بنسائها أمهاتها وَأَخَوَاتهَا فَإِن لم يكن لَهَا نسَاء فأكثره أَرْبَعُونَ
قَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ أَكْثَره سِتُّونَ ثمَّ رَجَعَ مَالك عَن هَذَا وَقَالَ يسْأَل عَن ذَلِك وَأهل الْمعرفَة
وَحكى اللَّيْث أَن من النَّاس من يَقُول سَبْعُونَ يَوْمًا
قَالَ عمر وَابْن عَبَّاس وَعُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وعامر بن عَمْرو وَأم سَلمَة أَكْثَره أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَإِن زَاد فَهُوَ اسْتِحَاضَة
وَلم يقل بالستين أحد من الصَّحَابَة وَإِنَّمَا قَالَه من بعدهمْ
88 - فِي الْمُسْتَحَاضَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري ترد الى أَيَّامهَا الْمَعْرُوفَة

(1/166)


وَكَانَ مَالك يَقُول تمسك عَن الصَّلَاة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَإِن انْقَطع وَإِلَّا صنعت مَا تصنع الْمُسْتَحَاضَة ثمَّ ترجع
وَقَالَ تستظهر ثَلَاثَة أَيَّام بعد حَيْضهَا ثمَّ تصلي وَترك قَوْله خَمْسَة عشر يَوْمًا
وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن تستظهر بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ بعد أَيَّام حَيْضهَا إِذا تطاول بهَا الدَّم فَقَالَ يجوز وَلم يؤقت وقتا للأستظهار
وَقَالَ اللَّيْث إِذا جَاوز الدَّم أَيَّام حَيْضهَا استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي
قَالَ وَقد بَلغنِي ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا مثل قَول مَالك الْأَخير
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن رَأَتْ دَمًا ثخينا محتدما فَتلك الْحَيْضَة تدع الصَّلَاة فَإِذا جاءها الدَّم الْأَحْمَر فَذَلِك الِاسْتِحَاضَة تَغْتَسِل وَتصلي وَلَا تستظهر بِثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لم يكن الدَّم بِالْوَصْفِ الَّذِي قُلْنَا تركت الصَّلَاة أَيَّام أقرائها ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي
89 - فِي الصُّفْرَة والكدرة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد هِيَ حيض وَمن أَيَّام الْحيض وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحسن
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا تكون الكدرة حيضا إِلَّا بعد الدَّم
وَقد رُوِيَ عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت كُنَّا لَا نعتد بالصفرة وَلَا بالكدرة بعد الطُّهْر شَيْئا

(1/167)


وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا لَا تصلي حَتَّى ترى الْبيَاض خَالِصا وَكَذَلِكَ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر
90 - فِي وضوء الْمُسْتَحَاضَة وَمن بِهِ سَلس الْبَوْل

قَالَ أَصْحَابنَا فِي ذَلِك وَفِي الرعاف الَّذِي لَا يَنْقَطِع وَنَحْوه أَنه يتَوَضَّأ لوقت كل صَلَاة
قَالَ مَالك لَيْسَ على وَاحِد من هَؤُلَاءِ وضوء واستحبه لَهُ
وَقَالَ فِي الَّذِي بِهِ سَلس إِن كَانَ من برد وَشبهه ودام بِهِ فَلَا وضوء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ من طول عزبة إِذا تذكر خرج مِنْهُ أَو كَانَ إِنَّمَا يخرج مِنْهُ الْمرة بعد الْمرة فَأرى أَن ينْصَرف وَيغسل مَا بِهِ وَيُعِيد الْوضُوء
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي جَمِيع ذَلِك الْوضُوء وَيجمع بَين الظّهْر وَالْعصر
وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة
91 - تتوضأ إِذا تقدم حَيْضهَا أَو تَأَخّر

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طهرت أَيَّامهَا وَرَأَتْ الدَّم بعد أَيَّامهَا فَهُوَ حيض

(1/168)


وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ بحيض
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَإِن تقدم حَيْضهَا فرأت الدَّم قبل أَيَّامهَا وطهرت أَيَّامهَا لم يكن حيضا عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى ترَاهُ مرَّتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَاللَّيْث يكون حيضا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وَقت للحيضة إِذا كَانَت ترى حيضا مُسْتَقِيمًا
قَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عِنْده للْحيض وَقت بِعَيْنِه إِذا كَانَ الْحيض وَالطُّهْر مُسْتَقِيمًا
92 - فِي مِقْدَار الطُّهْر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا
وَأما مَالك فَفِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنهُ لم يؤقت
فِي رِوَايَة عبد الْملك بن حبيب أَن الطُّهْر لَا يكون أقل من عشرَة أَيَّام
وَعند الْأَوْزَاعِيّ الطُّهْر الْمرة قبل ذَلِك
وَحكي الشَّافِعِي أَنه إِن علم أَن طهر الْمرة أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا القَوْل قَوْلهَا
وَحكي عَن ابْن أبي عمرَان عَن يحيى بن أَكْثَم أَن أقل الطُّهْر تِسْعَة

(1/169)


عشر يَوْمًا وَاحْتج بِأَن الله تَعَالَى جعل عدد كل حَيْضَة وطهر شهرا وَالْحيض فِي الْعَادة أقل من الطُّهْر فَلم يجز أَن يكون الْحيض خَمْسَة عشر فَوَجَبَ أَن يكون عشرَة حيضا وَبَاقِي الشَّهْر طهرا وَهُوَ تِسْعَة عشر لِأَن الشَّهْر لَا يكون تِسْعَة وَعشْرين
93 - فِي الْمَرْأَة ترى الدَّم فِي خلاله طهر

قَالَ أَبُو يُوسُف لَا أعتبر طهرا أقل من خَمْسَة عشر وَجعله كَدم مُتَّصِل وَمُحَمّد اعْتبر مِقْدَار الدَّم طهر
وَقَالَ مَالك إِذا رَأَيْت يَوْمًا دَمًا وَيَوْما طهرا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ رَأَتْ دَمًا كَذَلِك فَإِنَّهُ يلغي أَيَّام الطُّهْر وَيضم أَيَّام الدَّم بعضه إِلَى بعض فَإِن دَامَ بهَا ذَلِك استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام على حَيْضهَا فَإِن رَأَتْ فِي خلال الْأَيَّام الِاسْتِظْهَار أَيْضا طهرا ألغاه حَتَّى يحصل ثَلَاثَة أَيَّام للاستظهار وَأَيَّام الطُّهْر تصلي وتصوم ويأتيها زَوجهَا وَيكون مَا جمع من أَيَّام الدَّم بعضه إِلَى بعض حَيْضَة وَاحِدَة وَلَا يعْتد بأيام الطُّهْر فِي عدَّة من طَلَاق فَإِذا استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام من أَيَّام الطُّهْر وَإِنَّمَا أمرت بِالْغسْلِ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ الدَّم لَا يرجع إِلَيْهَا وَحكى الرّبيع عَن الشَّافِعِي مثل ذَلِك
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا أَنه لَو انْقَطع سَاعَة وَنَحْوهَا أَنه كَدم مُتَّصِل فَكَذَلِك الْيَوْم واليومين لِأَن مَا بَين الدمين فِي الْيَوْم واليومين لَو كَانَ طهرا وَمَا قبله وَبعده حيضا لَكَانَ طهرا بَين حيضتين فَكَانَ يجب أَن يعْتد بِهِ من عدتهَا

(1/170)


94 - الْمُسْتَحَاضَة تتْرك الصَّلَاة جاهلة

قَالَ أَصْحَابنَا تقضيها
وَقَالَ مَالك لَا تقضيها وَلَو تركتهَا شهرا جاهلة
قَالَ مَالك وَإِذا انْقَطع دم الإستحاضة فَأحب ان تَغْتَسِل وَإِن كَانَت قد اغْتَسَلت عِنْد خُرُوجهَا من الْحيض
95 - فِي الْمَرْأَة إِذا كَانَ حَيْضهَا خمْسا فتحيض أَرْبعا

قَالَ أَصْحَابنَا تصلي الْيَوْم الْخَامِس وتصوم إِذا رَأَتْ فِيهِ الطُّهْر وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لزَوجهَا أَن يَطَأهَا
96 - فِي الْحَامِل ترى الدَّم

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَيْسَ بحيض
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تدع الصَّلَاة وَهُوَ حيض
97 - فِي النّفاس من الْوَلَد الأول

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف هُوَ من الْوَلَد الأول

(1/171)


وَقَالَ زفر وَمُحَمّد هُوَ من الآخر
احْتج لمُحَمد بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث ابْن عمر فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا من غير جماع أَو حَامِلا فَجعل الْحمل كُله موضعا للطَّلَاق فَدلَّ على أَن لَا نِفَاس لِأَن مَوضِع النّفاس لَيْسَ بِموضع الطَّلَاق
98 - فِي الْمَرْأَة ترى الدَّم اسْتمرّ بهَا

حكى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن حَيْضهَا عشر وطهرها عشرُون
قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَأْخُذ فِي الصَّلَاة الثَّلَاث أقل الْحيض وَفِي الْأزْوَاج بالعشرين وَلَا تقضي صوما عَلَيْهَا إِلَّا بعد الْعشْرَة وتصوم الْعشْر من رَمَضَان وتقضي سبعا
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ تقعد مثل أَيَّام نسائها
وَقَالَ مَالك تعقد مَا يقْعد نَحْوهَا فِي النِّسَاء من أنسابها والدتها وأترابها ثمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَة بعد ذَلِك
وَقَالَ الشَّافِعِي حَيْضهَا أقل مَا يكون يَوْم وَلَيْلَة
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الِابْتِدَاء حيض بِيَقِين فَلَا يخرج إِلَّا بِيَقِين كَمَا أَن شعْبَان بِيَقِين فَإِذا غم الْهلَال لم يخرج إِلَّا بِيَقِين وَكَذَلِكَ كل شهر غم فِيهِ الْهلَال
99 - فِي الْحَائِض هَل تقْرَأ

لَا تقْرَأ الْقُرْآن عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري حَائِض وَلَا نفسَاء وَلَا جنب

(1/172)


وَقَالَ مَالك تقْرَأ النُّفَسَاء وَالْحَائِض مَا شاءتا وَأما الْجنب فَلَا يقْرَأ إِلَّا الشَّيْء الْخَفِيف
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقْرَأ الْحَائِض الْقُرْآن إِذا رحلت وَإِذا ركبت
وَقَالَ اللَّيْث لَا يقْرَأ الْجنب إِلَّا عِنْد الفزعة يفزعها
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يمْنَع من قِرَاءَة الْقُرْآن إِلَّا جنب
100 - فِي الزَّوْجَة النَّصْرَانِيَّة تجبر على الأغتسال

عِنْد أَصْحَابنَا لَا يجبرها
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يجبرها على الإغتسال من الْحيض وَلَا يجبرها على غسل النَّجَاسَة
101 - فِيمَا يستباح من الْحَائِض

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَهُ مِنْهَا مَا فَوق المئزر
وَقَالَ الثَّوْريّ وَمُحَمّد يجْتَنب مَوضِع الدَّم
102 - فِيمَن وطأ امْرَأَته حَائِضًا

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ أَنه يسْتَغْفر الله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَحكى الْمُزنِيّ عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه كَانَ يَقُول فِي ذَلِك يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار

(1/173)


قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار
قَالَ أَحْمد مَا أحسن حَدِيث عبد الحميد عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَصَدَّق بِدِينَار أَو نصف دِينَار
103 - فِي دُخُول الْكَافِر الْمَسْجِد

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ حَرْبِيّا كَانَ أَو ذِمِّيا
وَقَالَ مَالك أرى أَن لَا يدْخل النَّصَارَى الْمَسْجِد فَقيل لَهُ الْمَسَاجِد كلهَا قَالَ نعم رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس أَن يبيت الْمُشرك فِي كل مَسْجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام
104 - فِي الْجنب ينَام ويعاود أَهله هَل يتَوَضَّأ قبل ذَلِك

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بذلك وَإِن أَرَادَ أَن يَأْكُل تمضمض وَغسل يَدَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ مَالك لَا ينَام حَتَّى يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ويعاود وَأَهله وَيَأْكُل قبل أَن يتَوَضَّأ إِلَّا أَن يكون فِي يَده قذر فيغسلها وَالْحَائِض تنام قبل أَن تتوضأ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْحَائِض وَالْجنب إِذا أَرَادَا أَن يطعما غسلا أَيْدِيهِمَا
وَعَن الزُّهْرِيّ أَن الْجنب يغسل يَدَيْهِ قبل أَن يطعم

(1/174)


قَالَ اللَّيْث لَا ينَام الْجنب حَتَّى يتَوَضَّأ رجلا كَانَ أَو امْرَأَة
وَرُوِيَ سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام وَهُوَ جنب وَلَا يمس مَاء
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا مُخْتَصر من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام أول اللَّيْل وَيَجِيء آخِره ثمَّ إِن كَانَت لَهُ حَاجَة قضى حَاجته ثمَّ ينَام قبل أَن يمس مَاء فَإِذا كَانَ عِنْد النداء الأول قَامَ فَأَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء وَإِن نَام جنبا تَوَضَّأ وضوء الرجل للصَّلَاة
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله قضى حَاجته ثمَّ ينَام قبل أَن يمس مَاء قبل أَن يغْتَسل لِئَلَّا يتضاد وَقد أخبر فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ إِذا كَانَ جنبا تَوَضَّأ ثمَّ نَام
وروى إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب تَوَضَّأ
وروى الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة
وروى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل وَهُوَ جنب غسل كفيه

(1/175)


وَأما معاودة الْجِمَاع فقد روى أَبُو عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله فَأَرَادَ أَن يعود فَليَتَوَضَّأ
وَلَيْسَ ذَلِك على الْإِيجَاب لِأَن أَبَا رَافع روى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف على نِسَائِهِ فَجعل يغْتَسل عِنْد كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله لَو جعلته وَاحِدًا فَقَالَ هَذَا أزكى وأطهر وَأطيب فَأخْبر أَنه اخْتِيَار لَا إِيجَاب وروى الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف على نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد وَرَوَاهُ أَيْضا قَتَادَة وثابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
105 - فِي الْبَوْل ينضح على الثَّوْب مثل رُؤُوس الإبر

قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ هَذَا بِشَيْء
وَقَالَ مَالك يغسل الثَّوْب من قَلِيل الْبَوْل وَكَثِيره
وَقَالَ الثَّوْريّ كَانُوا يرخصون فِي الْقَلِيل مِنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الدَّم والقيح إِذا كَانَ مثل دم البراغيث وَمَا يتعافاه النَّاس جَازَت الصَّلَاة وَالْبَوْل والعذرة وَالْخمر تُعَاد الصَّلَاة من قَلِيله وَكَثِيره
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِي الدَّم إِذا كَانَ لمْعَة مجتمعا وَجب غسله

(1/176)


106 - فِي الْمَنِيّ يخرج من غير شَهْوَة

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يضْرب على إليته فَيخرج من ذكره مني أَن عَلَيْهِ الْوضُوء
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جَامع ثمَّ اغْتسل ثمَّ خرج مِنْهُ شَيْء فَإِن كَانَ بعد الْبَوْل فَلَا غسل عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قبل فَعَلَيهِ الْغسْل
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عَلَيْهِ غسل بَال أَو لم يبل إِذا خرج بعد الدفقة الأولى
وَعَن مَالك وَالثَّوْري مثل قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجب الْغسْل بَال أَو لم يبل
107 - فِي غسل أحد الزَّوْجَيْنِ إِذا مَاتَ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ تغسله وَلَا يغسلهَا
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يغسل كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه إِذا طَلقهَا رَجْعِيًا ثمَّ مَاتَ
قَالَ أَصْحَابنَا تغسله مَا لم يكن الطَّلَاق بَائِنا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تغسله

(1/177)


108 - فِي الْمَرْأَة تَمُوت فِي السّفر وَلَيْسَ مَعهَا نسَاء

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ فيهم ذُو محرم يمموها وَإِن لم يكن فيهم ذُو محرم يمموها من وَرَاء الثَّوْب إِلَّا الْأمة فَإِنَّهَا تيَمّم بِغَيْر ثوب
وَأما إِذا مَاتَ الرجل بِحَضْرَة النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ ييممنه بِغَيْر ثوب إِذا كن من ذَوَات محارم وَإِن لم يكن فِيهِنَّ ذَوَات محرم ييممنه من وَرَاء الثَّوْب إِلَّا أَن تكون فِيهِنَّ أمة فَإِنَّهَا تيَمّمه بِغَيْر ثوب
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ مَعَ الرجل ذَوَات رحم محرم فَإِنَّهُنَّ يغسلنه ويسترنه وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تَمُوت وَمَعَهَا ذُو محرم مِنْهَا فَإِنَّهُ يغسلهَا من فَوق الثِّيَاب فَإِن لم يكن مَعَ الرجل إِلَّا أَجْنَبِيَّة يممته بِالتُّرَابِ فِي الْوَجْه والذراعين وَإِن مَاتَت امْرَأَة يممها الرجل الْأَجْنَبِيّ الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ
وَقَالَ الثَّوْريّ ييمم الرجل الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة الرجل وَلم يفرق بَين ذِي الرَّحِم الْمحرم وَلم يذكر التَّيَمُّم من وَرَاء الثَّوْب وَذَلِكَ إِذا لم يكن مَعَ الْمَرْأَة إِلَّا الرِّجَال وَلَا الرِّجَال إِلَّا النِّسَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ مَعهَا ذُو رحم محرم يغسلهَا من وَرَاء الثَّوْب كَمَا قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مَعَه ذَات رحم محرم فَإِن لم يكن إِلَّا أَجْنَبِي دفن كل وَاحِد مِنْهُمَا بِغَيْر غسل وَلَا تيَمّم
وَقَالَ اللَّيْث إِذا لم يكن مَعَ الرِّجَال إِلَّا النِّسَاء وَمَعَ الْمَرْأَة إِلَّا رجال فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يلف فِي ثِيَابه وَيُصلي عَلَيْهِ وَلَا يغسل وَلَا ييمم

(1/178)


109 - فِي قصّ أظفار الْمَيِّت وَحلق عانته

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُؤْخَذ من شعر الْمَيِّت وَلَا من أَظْفَاره وَكَذَلِكَ قَول مَالك
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقص أَظْفَاره لَا شَيْء غَيرهَا وتدفن الْأَظْفَار فِي غير حفرته
وروى أَبُو جَعْفَر عَن ابْن الْمُبَارك عَن سُفْيَان عَن خَالِد عَن أبي قلَابَة أَن سعد بن أبي وَقاص غسل مَيتا فحلق عانته
قَالَ سُفْيَان فَذكرت ذَلِك لحماد فَقَالَ أفيختن لَو كَانَ أقلف
110 - فِي الضحك فِي صَلَاة الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُعِيد الْوضُوء وَمن شدد يَقُول يتَيَمَّم
وَاسْتحبَّ عبد الله بن الْحسن أَن يتَوَضَّأ ويبتدىء
111 - فِي غسل الشَّهِيد

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِيمَن قتل شَهِيدا أَنه لَا يغسل
وَرُوِيَ عَن الْحسن وَسَعِيد وَأَحَدهمَا إِنَّمَا لم يغسل شُهَدَاء أحد لكثرتهم

(1/179)


والشغل عَن ذَلِك
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ على هَذَا القَوْل أحد من فُقَهَاء الْأَمْصَار غير عبيد الله بن الْحسن
وَرُوِيَ الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة أَن البني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقتلى أحد زملوهم بجراحهم فَإِنَّهُ لَيْسَ من كلم يكلم إِلَّا أَتَى يَوْم الْقِيَامَة لَونه لون الدَّم وريحه ريح الْمسك فَجعل الْعلَّة غير مَا ذكر هَؤُلَاءِ من الشّغل
112 - فِيمَن قَتله غير أهل الْحَرْب

قَالَ أَصْحَابنَا من قتل مَظْلُوما بحديدة لم يغسل
وَقَالَ مَالك يغسل إِلَّا من قَتله الْمُشْركُونَ وَيغسل من قَتله اللُّصُوص والبغاة
وَقَالَ الثَّوْريّ من قتل مَظْلُوما لَا يغسل وَمن أكره رجلا فَمَاتَ لم يغسل وَإِن قتل فِي قصاص لم يغسل فِي رِوَايَة الْمحَاربي وَغسل فِي رِوَايَة الْمعَافي
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ قَتِيل الْخَطَأ لَا يغسل
وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه يغسل إِلَّا من قَتله أهل الْحَرْب
وَفِي الآخر قَتِيل الْبُغَاة لَا يغسل

(1/180)


113 - فِي غسل الْمَيِّت

روى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة غسل الْمَيِّت وَلم يذكر فِيهِ أَنه يقْعد
وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن يقْعد بعد وضوئِهِ للصَّلَاة فليسنده إِلَيْهِ فيعصره وَإِن سَالَ مِنْهُ شَيْء غسله ثمَّ غسل سَائِر بدنه يبْدَأ بالأيمن
وَلم يحك مَالك فِي غسل الْمَيِّت شَيْئا وَقَالَ يعصر بطن الْمَيِّت عصرا خَفِيفا
وَقَالَ الثَّوْريّ مثل رِوَايَة بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف
وَسُئِلَ الثَّوْريّ عَن الْعَصْر بعد الغسلة الأولى أم قبلهَا
فَقَالَ يعصر بعد غسلة أحب إِلَيّ
قَالَ الشَّافِعِي يدْخل يَده فِي فِيهِ فيمرها على أَسْنَانه وَيدخل طرف إصبعه فِي مَنْخرَيْهِ بِشَيْء من مَاء فينقيه ويسرح رَأسه ولحيته تسريحا رَفِيقًا
وَحكى الْمُزنِيّ عَن الْحسن أَنه يعصره قبل أَن يوضئه
قَالَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَفِي حَدِيث غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عَليّ بن أبي طَالب أسْندهُ إِلَى صَدره وَالْتمس مِنْهُ مَا يلْتَمس من الْمَيِّت فَلم ير مِنْهُ مَا يرى من الْمَيِّت

(1/181)


114 - إِذا خرج مِنْهُ شَيْء بعد الْغسْل

قَالَ أَصْحَابنَا يغسل ذَلِك الْموضع وَلَا يُعَاد غسله وَهُوَ قَول الثَّوْريّ لَا بَأْس بِأَن يوضئه بِمَنْزِلَة الْحَدث
وَقَالَ الشَّافِعِي يُعَاد غسله
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْغسْل عبَادَة علينا وَقد فَعَلْنَاهُ فَسَقَطت الْعِبَادَة
فَإِن قيل فَإِن الَّذِي خرج طَهَارَته كالحي
قيل لَهُ لَا عبَادَة على الْمَيِّت إِنَّمَا هِيَ على الْأَحْيَاء فَإِذا فَعَلُوهَا سَقَطت
115 - فِي الأغتسال من غسل الْمَيِّت

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ غسل
وَقَالَ مَالك أحب إِلَيّ أَن يغْتَسل
قَالَ اللَّيْث غسل عَليّ بن أبي طَالب أَبَاهُ أَو بعض عمومته فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يغْتَسل وَكَانَ عَليّ يَأْمر بِالْغسْلِ من غسل الْمَيِّت
وَأما حَدِيث الْغسْل من غسل الْمَيِّت فَرَوَاهُ سُفْيَان عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن إِسْحَاق مولى زَائِدَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غسل مَيتا اغْتسل وَمن حمله تَوَضَّأ

(1/182)


وَإِسْحَاق هَذَا غير مَعْرُوف
وَقد رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَرُوِيَ أَيْضا عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وروى مُصعب بن شيبَة عَن طلق بن حبيب عَن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة وَمن الْحجامَة وَمن غسل الْمَيِّت وَيَوْم عَرَفَة
وروى شُعْبَة عَن يزِيد الرشك عَن معَاذَة سَأَلت عَائِشَة أيغتسل من غسل الْمَيِّت فَقَالَت لَا
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَسعد وَابْن عمر وَجَمَاعَة غَيرهم من الصَّحَابَة أَن لَا غسل على من غسل الْمَيِّت
وروى سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن نَاجِية بن كَعْب عَن عَليّ أَنه أَتَى

(1/183)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أَبَا طَالب مَاتَ فَقَالَ انْطلق فواره قَالَ فَقلت لَهُ مَاتَ مُشْركًا فَقَالَ انْطلق فواره
فَلَمَّا رجعت قَالَ اغْتسل
وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث غسل الْمَيِّت وَإِنَّمَا فِيهِ اذْهَبْ فواره
116 - فِي الْمُسلم يَمُوت لَهُ قرَابَة كَافِر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يغسلهُ ويتبعه ويدفنه
حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن الْحَارِث بن ربيعَة مَاتَت أمه نَصْرَانِيَّة فتبع جنازتها فِي رَهْط من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ مَالك لَا يغسل وَالِده إِذا مَاتَ كَافِرًا وَلَا يتبعهُ وَلَا يدْخلهُ قَبره إِلَّا أَن يخْشَى أَن يضيع فيواريه
وَقَالَ اللَّيْث يمشي أَمَام جنَازَته وَلَا يمشي فِي قَبره آخر كتاب الطَّهَارَة

(1/184)


= كتاب الصَّلَاة =
117 - فِي الْأَذَان على غير طَهَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا إِن أذن وَهُوَ على غير وضوء لم يعد وَيجزئهُ وَإِن أذن وَهُوَ جنب فَأحب إِلَيْنَا أَن يُعِيد
وَعَن إِبْرَاهِيم لَا بَأْس بِأَن يُؤذن الْمُحدث قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا بَأْس بِأَن يُؤذن الْجنب
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَعبد الله بن وهب يكره أَن يُؤذن على غير وضوء
إِلَّا أَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ إِن أحدث فِي أَذَانه مر عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء ويعجبني أَن يتَوَضَّأ قبل أَن يُقيم
وَقَالَ الشَّافِعِي يَنْبَغِي أَن يكون أَذَانه على طهر فَإِن أذن جنبا أَجزَأَهُ

(1/185)


118 - فِي الْمُؤَذّن يستدير

قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَقْبل بِالشَّهَادَةِ الْقبْلَة ويحول رَأسه يَمِينا وَشمَالًا بِالصَّلَاةِ والفلاح وَإِن اسْتَدَارَ فِي الصومعة فَحسن
وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ غير أَنه لم يذكر الإستدارة
وَسُئِلَ مَالك عَن الْمُؤَذّن يستدير فَأنكرهُ وَقَالَ لَا أرى ذَلِك وَرَوَاهُ ابْن الْقَاسِم سَمَاعا
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَبَلغنِي عَن مَالك أَنه قَالَ إِن كَانَ يُرِيد بالإستدارة الإسماع فَنعم وَإِلَّا فَلَا
وَقَالَ اللَّيْث لَا يبرح الْمُؤَذّن مقَامه الَّذِي أذن فِيهِ حَتَّى يفرغ من أَذَانه كُله
وَقَالَ الشَّافِعِي يلتوي فِي حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح يَمِينا وَشمَالًا وَلَا يزِيل قدماه
وروى سُفْيَان عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه أَنه رأى بِلَالًا أذن فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَجعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وَجعل يستدير
وَفِي حَدِيث آخر لِسُفْيَان عَن عون عَن أَبِيه عَن بِلَال أَنه كَانَ يَدُور فِي إِقَامَته
وَفِي حَدِيث آخر إِنِّي جعلت أتتبع فَاه هَاهُنَا وَهَاهُنَا بِالْأَذَانِ
وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن ابْن أبي جُحَيْفَة عَن

(1/186)


أَبِيه أَن بِلَالًا أذن بالبطحاء لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل إصبعية فِي أُذُنَيْهِ وَجعل يستدير
قَالَ أَبُو جَعْفَر حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن خُزَيْمَة قَالَ حَدثنَا حجاج بن الْمنْهَال عَن الْحجَّاج
119 - فِي الْأَذَان قبل طُلُوع الْفجْر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري لَا يُؤذن للفجر حَتَّى يطلع الْفجْر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُؤذن للفجر خَاصَّة قبل طُلُوع الْفجْر
شريك عَن عَليّ بن عَليّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ شيعنا عَلْقَمَة الى مَكَّة فَخرج بلَيْل فسمعنا مُؤذنًا يُؤذن بلَيْل فَقَالَ أما هَذَا فقد خَالف سنة أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَو كَانَ نَائِما لَكَانَ خيرا لَهُ فَإِذا طلع الْفجْر أذن
120 - فِي كَيْفيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة والتثويب

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الْأَذَان وَالْإِقَامَة مثنى مثنى وَيَقُول فِي أول أَذَانه وإقامته الله أكبر أَربع مَرَّات

(1/187)


قَالَ وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف أَنه يَقُول فِي أول الْأَذَان وَالْإِقَامَة الله أكبر مرَّتَيْنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى نَحْو ذَلِك أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج أَخْبرنِي عُثْمَان بن السَّائِب عَن أم عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقنه الْأَذَان فَقَالَ فِي أَوله الله أكبر مرَّتَيْنِ
قَالَ أَبُو يُوسُف سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن التثويب فَقَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن التثويب كَانَ فِي صَلَاة الْغَدَاة وَلم يكن فِي غَيرهَا وَكَانَ الصَّلَاة خير من النّوم فأحدث النَّاس حَيّ على الصَّلَاة مرَّتَيْنِ والفلاح مرَّتَيْنِ
قَالَ إِبْرَاهِيم ذَلِك حسن وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمعنى مَا ذكره إِبْرَاهِيم أَن الصَّلَاة خير من النّوم يَعْنِي فِي الْأَذَان لصَلَاة الْغَدَاة بَين حَيّ على الْفَلاح وَبَين الله أكبر الله أكبر
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي التثويب وَهُوَ قَوْله الصَّلَاة خير من النّوم فِي نفس الْأَذَان قعد قَوْله حَيّ على الْفَلاح قَالَ وبلغنا عَن أبي مَحْذُورَة وبلال أَنَّهُمَا كَانَا يقولانه
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الْفجْر وَفِي الْعشَاء
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد ذَلِك التثويب فِي غير الْفجْر عَن أحد من الْفُقَهَاء غَيره

(1/188)


وَاتفقَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ أَنه لَا تَرْجِيع فِي الْأَذَان
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يرجع
وَقَالُوا جَمِيعًا يفرد الْإِقَامَة
قَالَ مَالك يَقُول قد قَامَت الصَّلَاة مرّة وَاحِدَة
وَقَالَ الشَّافِعِي مرَّتَيْنِ
قَالَ مَالك وَاللَّيْث يَقُول فِي أَذَان الصُّبْح الصَّلَاة خير من النّوم
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم يَقُول وَقَالَ فِي الحَدِيث لَا يَقُول
121 - إِذا أذن وَأقَام غَيره

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ وَهُوَ قَول مَالك
وَقَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ من أذن فَهُوَ يُقيم
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم عَن عبيد الله بن الْحَارِث الصدائي قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ أَوَان الصُّبْح أَمرنِي فَأَذنت ثمَّ قَامَ الى الصَّلَاة فجَاء بِلَال ليقيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَخا صداء أذن وَمن أذن فَهُوَ يُقيم
وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد لَيْسَ بِالْقَوِيّ

(1/189)


وروى أَبُو العميس عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد عَن أَبِيه عَن جده حِين أرِي الْأَذَان أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا فَأذن ثمَّ أَمر عبد الله فَأَقَامَ
وَهَذَا الحَدِيث أحسن إِسْنَادًا من الأول وَالنَّظَر يدل عَلَيْهِ لِأَن الْإِقَامَة لَيست كبعض الْأَذَان لسُقُوط الْأَذَان فِي صَلَاة الْعَصْر بِعَرَفَات وَثُبُوت الْإِقَامَة فَدلَّ على أَنَّهَا غير مضمنة بِهِ فَجَاز أَن يتولاها غير من تولى الْأَذَان
122 - فِي صَلَاة الرجل وَحده هَل يُؤذن

قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يُؤذن وَيُقِيم فَإِن كَانَ فِي الْمصر واجتزأ بِأَذَان النَّاس وإقامتهم أَجزَأَهُ وَأما الْمُسَافِر فَيصَلي بِأَذَان وَإِقَامَة وأكره أَن يُصَلِّي بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يُصَلِّي فِي حضر وَلَا سفر بِإِقَامَة وَإِن أذن فَحسن وَأَن صلى بِغَيْر إِقَامَة عمدا فليستغفر وَلَا يجوز أَن يجتزىء بِإِقَامَة أهل الْمصر
قَالَ مَالك لَيْسَ الْأَذَان إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة ومساجد الْقَبَائِل والمواضع الَّتِي يجْتَمع فِيهَا الْأَئِمَّة فَأَما سوى ذَلِك من أهل الْمصر وَالسّفر فالإقامة تجزئهم
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن صلى بِغَيْر إِقَامَة يُعِيد فِي الْوَقْت فَإِذا ذهب الْوَقْت فقد مَضَت صلَاته إِلَّا أَن يكون أذن فَإِن كَانَ أذن أَجْزَأَ عَنهُ
وَقَالَ فِيمَن صلى وَحده تجزىء عَنهُ الْإِقَامَة وَالْأَذَان أفضل
قَالَ أَبُو جَعْفَر إيجابة إِعَادَة الصَّلَاة لترك الْإِقَامَة لم نجده لأحد من الْفُقَهَاء غَيره

(1/190)


وَقَالَ الشَّافِعِي لَا أحب أَن يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا وَحده إِلَّا بِأَذَان وَإِقَامَة
123 - فِي الْمُصَلِّي فِي مَسْجِد قد صلى فِيهِ أَهله
قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث
وَقَالَ اللَّيْث إِن أَقَامَ لنَفسِهِ لم أكرهه
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يُقيم لنَفسِهِ وَلَا تُجزئه إقامتهم
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَا أحب لأحد أَن يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا وَحده إِلَّا بِأَذَان وَإِقَامَة
وَحكى الرّبيع عَنهُ أَنه إِذا صلى فِي مَسْجِد قد أذن فِيهِ لتِلْك الصَّلَاة فالإقامة تُجزئه وَيجوز أَيْضا أَن يُصليهَا بِلَا وَلَا إِقَامَة وَيُقِيم أحب إِلَيّ
124 - فِي الصَّلَوَات الْفَوَائِت هَل تقضي بِأَذَان وَإِقَامَة

قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن فَاتَتْهُ صَلَاة وَاحِدَة أَن يُصليهَا بِأَذَان وَإِقَامَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْإِمْلَاء إِذا فَاتَتْهُ صلوَات فَإِن صَلَّاهُنَّ بِإِقَامَة إِقَامَة كَمَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق فسحن وَإِن أذن لكل وَاحِدَة فَحسن وَلم نجد خلافًا
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي كل وَاحِدَة بِإِقَامَة إِقَامَة
وَقَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِت أَذَان وَلَا إِقَامَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو سعيد فِي يَوْم الخَنْدَق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ لِلظهْرِ

(1/191)


ثمَّ أمره فَأَقَامَ للعشاء وَلم يذكر فِيهِ فَصلاهَا ثمَّ أمره فَأَقَامَ للعصر فَصلاهَا ثمَّ أمره فَأَقَامَ للمغرب الْأَذَان وَالْعشَاء كَانَت مفعولة فِي وَقتهَا غير فَائِتَة فَعلم أَن مُرَاده أَنه أَقَامَهَا بِمَا يَنْبَغِي أَن يُقَام لَهَا من الْأَذَان وَالْإِقَامَة
وَقد روى أَبُو قَتَادَة عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين فَاتَتْهُ صَلَاة الْفجْر فِي السّفر صلاهَا بِأَذَان وَإِقَامَة
125 - فِي الْمَرْأَة تصلي هَل تؤذن

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث لَيْسَ على النِّسَاء أَذَان وَلَا إِقَامَة
قَالَ مَالك وَإِن أَقَامَت الْمَرْأَة فَحسن
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمَرْأَة تصلي بِالنسَاء تؤذن إِذا شَاءَت أذانا وتقيم فأباح لَهَا ترك الْأَذَان إِذا صلت بِجَمَاعَة النِّسَاء
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحب للْمَرْأَة أَن تقيم فَإِن لم تفعل أجزأها
126 - فِي الجلسة بعد أَذَان الْمغرب

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أذن للمغرب أَقَامَ وَلم يجلس
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجلس بَينهمَا جلْسَة خَفِيفَة

(1/192)


127 - فِي الْمُصَلِّي يسمع الْأَذَان

قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أحد من أَصْحَابنَا فِيهِ مَنْصُوصا وَقد حدث ابْن أبي عمرَان عَن ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف فِيمَن أذن فِي صلَاته الى قَوْله أشهد أَن رَسُول الله وَلم يقل حَيّ على الصَّلَاة أَن صلَاته لَا تفْسد إِن أَرَادَ الْأَذَان
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول مُحَمَّد كَقَوْل أبي حنيفَة لِأَنَّهُ يَقُول فِيمَن يُجيب إنْسَانا وَهُوَ يُصَلِّي بِلَا إِلَه إِلَّا الله أَن صلَاته فَاسِدَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَن من قَوْلهم ان من سمع الْأَذَان فِي الصَّلَاة لَا يَقُول فِيهَا
وَقَالَ مَالك إِذا أذن وَأَنت فِي صَلَاة مَكْتُوبَة فَلَا تقل مثل مَا يَقُول وَإِذا كنت فِي نَافِلَة فَقل مثل مَا يَقُول التَّكْبِير وَالتَّشَهُّد
وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ وَيَقُول مَوضِع حَيّ على الصَّلَاة والفلاح لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا فرغ من الصَّلَاة قَالَه
قَالَ أَبُو جَعْفَر رد السَّلَام وتشميت الْعَاطِس يجب على غير الْمُصَلِّي لَا يجب على الْمُصَلِّي فَكَانَ الْأَذَان مثله
128 - فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة

آخر وَقت الظّهْر عِنْد أبي حنيفَة إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ
وروى الْحسن بن زِيَاد عَنهُ أَنه إِذا صَار ظلّ كل شي مثلَيْهِ

(1/193)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِلَى الْمثل
وَقَالَ مَالك وَقت الظّهْر وَالْعصر إِلَى غرُوب الشَّمْس
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَقت الْعَصْر من حِين يصير الظل مثلين
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ من حِين يصير الظل مثله
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لوقت صَلَاة الْمغرب أول وَآخر كَسَائِر الصَّلَوَات
وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ للمغرب إِلَّا وَقت وَاحِد
ثمَّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ آخر وَقتهَا أَن يغيب الشَّفق
وَقَالَ أَبُو حنيفَة الشَّفق الْبيَاض
وَقَالَ أَبُو يُوسُف الشَّفق الْحمرَة
وَقَالَ مَالك وَقت الْمغرب وَالْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أول وَقت الْعشَاء الْآخِرَة إِذا غَابَ الشَّفق
وَقَالَ أَصْحَابنَا الْمُسْتَحبّ إِلَى ثلث اللَّيْل وَيكرهُ تَأْخِيرهَا إِلَى بعد نصف اللَّيْل وَلَا يفوت إِلَّا بِطُلُوع الْفجْر
وَقَالَ الثَّوْريّ أول وَقت الْعشَاء إِذا سقط الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل وَالنّصف بعده وَذكر نَحوه عَن الْحسن بن حَيّ

(1/194)


وَأخر وَقت الْفجْر طُلُوع الشَّمْس عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ
وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ وَقت الإغلاس والنجوم بادية مشتكبة وَآخر وَقتهَا إِذا أَسْفر
وَقَالَ أَصْحَابنَا يسفر بِالْفَجْرِ فِي سَائِر الْأَوْقَات وَهُوَ أفضل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يُصَلِّيهمَا فِي آخر الْوَقْت
وَقَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي الظّهْر فِي الشتَاء فِي أول الْوَقْت ويؤخرها فِي الْحر حَتَّى يبرد
وَقَالَ مَالك يُصليهَا والفيء ذِرَاع
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُصليهَا فِي أول الْوَقْت
وَقَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي الْعَصْر فِي الصَّيف وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية
قَالَ جرير كَانَ سُفْيَان يُؤَخر الْعَصْر
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا فِي أَوَائِل أَوْقَاتهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي إِلَّا فِي شدَّة الْحر فَإِنَّهُ يبرد بِالظّهْرِ إِذا كَانَ إِمَامًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يُصَلِّي الظّهْر فِي السَّاعَة الثَّامِنَة وَالْعصر الْعَاشِرَة حِين يدْخل
واستجب أَصْحَابنَا وَالزهْرِيّ تَعْجِيل الْمغرب
وَقَالَ مَالك يعجلها الْمُقِيم وَلَا بَأْس للمسافرين أَن يمدوا الْميل وَنَحْوه عِنْد غرُوب الشَّمْس ثمَّ ينزلُوا ويصلوا
قَالَ أَصْحَابنَا الْمُسْتَحبّ من الْعشَاء تَأْخِيرهَا الى ثلث اللَّيْل
وَقَالَ الشَّافِعِي الْمُسْتَحبّ أول الْوَقْت وَهُوَ قَول مَالك

(1/195)


129 - فِي الشَّفق

قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَأَبُو حنيفَة هُوَ الْبيَاض
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ هُوَ الْحمرَة
130 - فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقت صَلَاة الْجُمُعَة هُوَ الظّهْر فَإِن فَاتَ وَقت الظّهْر لم تصلى الْجُمُعَة
وَقَالَ مَالك يُصليهَا إِلَى غرُوب الشَّمْس
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن دخل وَقت الْعَصْر وَقد بَقِي عَلَيْهِ من الْجُمُعَة سَجْدَة أَو الْقعدَة فَسدتْ وَيسْتَقْبل الظّهْر
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا خرج الْوَقْت قبل أَن يسلم أتمهَا ظهرا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ فعل الْجُمُعَة مَانِعا من قبل الظّهْر دون سَائِر فعل الصَّلَوَات دلّ على أَن الْجُمُعَة كالظهر فِي سَائِر الْأَيَّام فَثَبت أَن وَقتهَا وَقت الظّهْر
131 - فِي وَقت قيام الْمَأْمُوم الى الصَّلَاة

لم يخْتَلف أَصْحَابنَا أَنهم إِذا لم يكن الإِمَام مَعَهم فِي الْمَسْجِد لَا يقومُونَ فِي الصَّفّ إِلَّا إِذا قَالَ الْمُؤَذّن حَيّ على الْفَلاح عِنْد أبي حنيفَة

(1/196)


وَاتفقَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَالثَّوْري أَن الإِمَام يكبر قبل فرَاغ الْمُؤَذّن فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام وَكبر الْقَوْم
وَقَالَ زفر إِذا قَالَ الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة نَهَضَ الإِمَام فَقَامُوا فِي الصُّفُوف فَإِذا ثنى الْمُؤَذّن فَقَالَ قد قَامَت الصَّلَاة ثَانِيَة كبر الإِمَام وَالْقَوْم ثمَّ إِذا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله أَخذ الإِمَام فِي الْقِرَاءَة وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر الإِمَام حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة
ذكر أَبُو جَعْفَر مُحَمَّدًا مَعَ أبي يُوسُف وَهُوَ مَعَ أبي حنيفَة رَوَاهُ أَبُو جَعْفَر عَن أَحْمد بن عبد الله الْكِنْدِيّ عَن عَليّ بن سعيد عَن مُحَمَّد أحتج لمن قَالَ يكبر بعد فرَاغ الْمُؤَذّن بِحَدِيث الْبَراء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة مسح صدورنا وَقَالَ رصوا المناكب والأقدام فَإِن الله يحب فِي الصَّلَاة مَا يحب فِي الْقِتَال كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص
وَلِحَدِيث حميد عَن أنس أقبل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يكبر وَيدخل فِي الصَّلَاة فَقَالَ أقِيمُوا صفوفكم وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون لتعليم الْقيام لَا لِأَن من السّنة ترك التَّكْبِير حَتَّى يخرج من الْإِقَامَة

(1/197)


قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ لَيْسَ فِي الحَدِيث ذكر فرَاغ الْمُؤَذّن وَيحْتَمل أَن يكون قد كَانَ يَقُوله قبل فَرَاغه
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن أبي عُثْمَان عَن بِلَال قَالَ قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبقني بآمين وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يكبر قبل فَرَاغه
132 - مَتى يكبر الْمَأْمُوم

قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد وَعبيد الله بن الْحسن وَالثَّوْري يكبرُونَ مَعَ تَكْبِير الإِمَام
قَالَ مُحَمَّد فَإِن فرغ الْمَأْمُوم من تكبيره قبل فرَاغ الإِمَام لم يجزه
وَقَالَ الثَّوْريّ يُجزئهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر الْمَأْمُوم حَتَّى يفرغ الإِمَام من التَّكْبِير احْتج بِحَدِيث أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر الإِمَام فكبروا يدل على أَنهم يكبرُونَ مَعَه كَقَوْلِه وَإِذا ركع فاركعوا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَا يدل على أَن تكبيرهم يكون مَعًا لِأَنَّهُ يجوز أَن يَقُول ركع فلَان وَسجد إِذا صَار فِي حَال الرُّكُوع وَالسُّجُود وَإِن لم يفرغ مِنْهُ وَلَا يجوز أَن يُقَال كبر قبل فَرَاغه من التَّكْبِير حَتَّى يبتدئه
وَاحْتج أَيْضا لمن قَالَ يكبر بعده أَن الْمَأْمُوم إِذا أَمر أَن يدْخل فِي صَلَاة الإِمَام بِالتَّكْبِيرِ وَالْإِمَام إِنَّمَا يصير دَاخِلا فِيهَا بالفراغ من التَّكْبِير فَكيف يَصح دُخُول الْمَأْمُوم فِي صَلَاة لم يدْخل فِيهَا بعد

(1/198)


133 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الإقتتاح وَالرُّكُوع

قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي تَكْبِيرَة الإفتتاح
وَقَالَ مَالك لَا أعرف رفع الْيَدَيْنِ فِي شَيْء من تَكْبِيرَات الصَّلَاة لَا فِي خفض وَلَا رفع
قَالَ وافتتاح الصَّلَاة يرفع شَيْئا قَلِيلا إِن رفع
قَالَ ابْن الْقَاسِم وَرفع الْيَدَيْنِ عِنْد مَالك فِي كل شَيْء ضَعِيف هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَحكى ابْن وهب عَنهُ أَنه يرفع يَدَيْهِ للرُّكُوع وَبعد أَن يرفع رَأسه من الرُّكُوع روى عَنهُ أَشهب أَنه لَا يرفع إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى
وَقَالَ أَشهب عَنهُ أَيْضا إِن الإِمَام يرفع يَدَيْهِ إِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده
وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش مَا رَأَيْت فَقِيها يرفع يَدَيْهِ من غير التَّكْبِيرَة الأولى
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَابْن عمر أَنَّهُمَا كَانَا لَا يرفعان أَيْدِيهِمَا إِلَّا فِي افْتِتَاح الصَّلَاة
قَالَ الشَّافِعِي يرفع يَدَيْهِ لافتتاح الصَّلَاة وَإِذا كبر للرُّكُوع وَإِذا رفع رَأسه مِنْهُ وَلَا يرفع فِي شَيْء من السُّجُود وَفِي الْقيام مِنْهُ
وَقَالَ أَصْحَابنَا يرفع يَدَيْهِ للتكبيرة الأولى حَذْو أُذُنَيْهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يرفعهما حَذْو مَنْكِبَيْه

(1/199)


134 - فِي نظر الْمُصَلِّي الى ايْنَ يكون

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يسْتَحبّ أَن يكون نظرة الى مَوضِع سُجُوده
وَقَالَ مَالك يكون نظره أَمَام قبلته
وَقَالَ شريك بن عبد الله ينظر فِي الْقيام الى مَوضِع السُّجُود وَفِي الرُّكُوع الى قَدَمَيْهِ وَفِي السُّجُود الى أَنفه وَفِي قعوده الى حجره
135 - فِي ذكر الاستفتاح

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الى آخِره
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يَقُول مَعَه وجهت وَجْهي يبْدَأ بِأَيِّهِمَا شَاءَ
وَابْن الْقَاسِم كَانَ يَقُول لَا نرى أَن يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَلَا نعرفه
قَالَ وَلَا يَقُوله الإِمَام وَلَا الْمَأْمُوم وَلَا من يُصَلِّي وَحده
وَقَالَ الشَّافِعِي يَقُول وجهت وَجْهي
أَبُو سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا كبر يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك

(1/200)


وروى إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَالْأسود أَنَّهُمَا سمعا عمر كبر فَرفع صَوته وَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك ليتعلموا
136 - فِي التَّعَوُّذ فِي الصَّلَاة قبل الْقِرَاءَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يتَعَوَّذ قبل الْقِرَاءَة
وَقَالَ مَالك لَا يتَعَوَّذ فِي الْمَكْتُوبَة قبل الْقِرَاءَة ويتعوذ فِي قيام رَمَضَان إِذا قَرَأَ
وروى أَبُو سعيد وَجبير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَعَوَّذ فِي صلَاته قبل الْقِرَاءَة
137 - فِي قِرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يقْرَأ فِي كل رَكْعَة
وَقَالَ مَالك لَا يقْرَأ فِي الْمَكْتُوبَة سرا وَلَا جَهرا وَفِي النَّافِلَة إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك
وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يخفي

(1/201)


وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِن شَاءَ جهر وَإِن شَاءَ أخْفى
وَقَالَ الشَّافِعِي يجْهر بِهِ
138 - فِي وضع الْيَمين على الْيَسَار

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يضع يَمِينه على يسَاره
قَالَ أَصْحَابنَا تَحت السُّرَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي عِنْد الصَّدْر
وَقَالَ مَالك وضع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة إِنَّمَا يفعل فِي صَلَاة النَّوَافِل فِي طول الْقيام وَتَركه أحب إِلَيّ
وَقَالَ اللَّيْث يسدل الْيَمين فِي الصَّلَاة أحب إِلَيّ أَن لَا يُطِيل الْقيام فَلَا بَأْس أَن يضع يَده الْيُمْنَى على ذراعه الْيُسْرَى
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من شَاءَ فعل وَمن شَاءَ ترك
حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم الجحدري عَن عقبَة بن صهْبَان عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله عز وَجل {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ وضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة
139 - فِي الإِمَام هَل يَقُول آمين

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث يَقُولهَا الإِمَام ويقولها من خَلفه
وَقَالَ مَالك لَا يَقُولهَا الإِمَام ويقولها المأمومون وَإِن كَانَ وَحده قَالَهَا

(1/202)


وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه
140 - فِي مِقْدَار الْقِرَاءَة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يُطِيل الرَّكْعَة الأولى من صَلَاة الْفجْر على الثَّانِيَة وركعتا الظّهْر سَوَاء
وَقَالَ مُحَمَّد وَالثَّوْري يُطِيل الرَّكْعَة الأولى من الصَّلَوَات كلهَا على غَيرهَا
قَالَ وَلم نجد عَن مَالك فِي ذَلِك شَيْئا مَنْصُوصا إِلَّا أَن تَقْدِيره للْقِرَاءَة يدل على أَنه كَانَ يرى التَّسْوِيَة دون التَّفْصِيل
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحب أَن يقْرَأ الْمُصَلِّي بعد أم الْقُرْآن بِسُورَة فَإِن قَرَأَ بِبَعْض سُورَة أَجْزَأَ وَأحب إِلَيّ أَن يكون أقل مَا يقْرَأ مَعهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ قدر أقصر سور الْقُرْآن مثل إِنَّا أعطيناك وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ أم الْقُرْآن وَآيَة وَمَا زَاد فَهُوَ أحب إِلَيّ مَا لم يكن إِمَامًا فيقل
أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي قَتَادَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ يقْرَأ بِنَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي صَلَاة الظّهْر ويطيل فِي الأولى وَيقصر فِي الثَّانِيَة وَيفْعل ذَلِك فِي

(1/203)


صَلَاة الصُّبْح يُطِيل فِي الأولى وَيقصر فِي الثَّانِيَة
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم فِي الظّهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي كل رَكْعَة قدر ثَلَاثِينَ آيَة وَفِي الآخريين نصف ذَلِك وَكَانَ يقوم فِي الْعَصْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قدر خمس عشرَة آيَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر نصف ذَلِك فَدلَّ هَذَا الحَدِيث على التَّسْوِيَة بَين الْقُرَّاء فِي الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر
قَالَ وَهَذَا الْقيَاس الأخريتين لما تَسَاويا وَجب أَن يتساوى الأوليان
وَحَدِيث سعد حَيْثُ قَالَ لعمر أما أَنا فأمد فِي الْأَوليين وأحذف فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا آلو مَا اقتديت بِهِ من صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر ذَاك الظَّن بك وَذَلِكَ يدل على التَّسْوِيَة
141 - فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يقْرَأ فِيمَا

(1/204)


جهر وَلَا فِيمَا أسر
وَقَالَ مَالك يقْرَأ فِيمَا أسر وَلَا يقْرَأ فِيمَا جهر
وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِيمَا جهر وَفِيمَا أسر
فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ وَفِي الْبُوَيْطِيّ أَنه يقْرَأ فِيمَا أسر بِأم الْقُرْآن وَسورَة فِي الْأَوليين وام الْقُرْآن فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا جهر فِيهِ الإِمَام لَا يقْرَأ من خَلفه إِلَّا بِأم الْقُرْآن
وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ وَكَذَلِكَ يَقُول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى سُلَيْمَان بن حَيَّان قَالَ حَدثنَا ابْن عجلَان عَن زيد بن أسلم عَن ابي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا قَرَأَ فأنصتوا
وروى جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن أبي غلاب يُونُس بن جُبَير عَن حطَّان بن عبد الله الرقاشِي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ الإِمَام فأنصتوا

(1/205)


وروى الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ مثله
فَإِن قيل لَيْسَ يَقُول هَذَا الْكَلَام غير أبي خَالِد سُلَيْمَان بن حَيَّان فِي حَدِيث أبي مُوسَى
قيل لَهُ لم يخالفهم فِي ذَلِك أحد هُوَ أتقى مِنْهُم فزيادتهم مَقْبُولَة
وَقَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل من يَقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَجه صَحِيح إِذا قَرَأَ فأنصتوا فَقَالَ حَدِيث ابْن عجلَان الَّذِي يرويهِ أَبُو خَالِد والْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ جرير عَن التَّيْمِيّ وَقد زَعَمُوا أَن الْمُعْتَمِر رَوَاهُ
قلت نعم قد رَوَاهُ الْمُعْتَمِر
فَقَالَ فَأَي شَيْء تُرِيدُ فقد صحّح أَحْمد هذَيْن الْحَدِيثين
142 - فِي السدل فِي الصَّلَاة

كره أَصْحَابنَا السدل فِي الصَّلَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
قَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري والسدل أَن ترخي طرف ثَوْبك بَين يَديك كَمَا تصنع الْيَهُود
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز السدل فِي الصَّلَاة وَلَا فِي غَيرهَا فَأَما السدل لغير الْخُيَلَاء فِي الصَّلَاة فَهُوَ خَفِيف
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بالسدل فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا
143 - فِي عد الْآي

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد يكره عد الْآي فِي الصَّلَاة

(1/206)


وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لابأس بعد الْآي فِي الصَّلَاة
وَقَالَ الْمُعَلَّى عَن أبي يُوسُف لَا بَأْس بعد الْآي فِي التَّطَوُّع
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بعد الْآي بِيَدِهِ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ ابْن وهب عَنهُ
وروى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَنه لَا بَأْس بِهِ إِذا كَانَ الْمُصَلِّي لَا يحصي إِلَّا بذلك
وَقَالَ الشَّافِعِي تَركه أحب إِلَيّ
144 - فِيمَا تجزىء بِهِ الصَّلَاة من الْقِرَاءَة

قَالَ أَبُو حنيفَة أَقَله آيَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَقَله ثَلَاث آيَات أَو آيَة طَوِيلَة كآية الدّين
قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أسوغ الإجتهاد فِي مِقْدَار آيَة وَمِقْدَار كلمة مفهومة نَحْو الْحَمد لله وَلَا أسوغه فِي حرف لَا يكون كلَاما
وَقَالَ مَالك إِذا لم يقْرَأ أم الْقُرْآن فِي الرَّكْعَتَيْنِ أعَاد
وَقَالَ الشَّافِعِي أقل مَا يجزىء فَاتِحَة الْكتاب إِن أحْسنهَا فَإِن لم يحسن حمد الله وَكبر مَكَان الْقِرَاءَة لَا يُجزئهُ غَيره وَإِن كَانَ يحسن غير أم الْقُرْآن قَرَأَ سبع آيَات بعددها لَا يُجزئهُ دون ذَلِك وَإِن ترك من فَاتِحَة الْكتاب حرفا وَخرج من الصَّلَاة فَأَعَادَ
145 - فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة فِي الْمُصحف

قَالَ أَبُو حنيفَة صلَاته فَاسِدَة

(1/207)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يكره
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِهِ للْإِمَام فِي رَمَضَان
قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أجَازه بِحَدِيث عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه عَن عَائِشَة قَالَت أهْدى أَبُو الجهم بن حُذَيْفَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خميصة شامية لَهَا علم فَشهد بهَا الصَّلَاة فَلَمَّا انْصَرف قَالَ ردي هَذِه الخميصة إِلَى أبي جهم فَإِنِّي نظرت الى علمهَا فِي الصَّلَاة فكاد يفتنني
فَلَمَّا لم يفْسد نظره الى الخميصة صلَاته كَذَلِك النّظر إِلَى الْمُصحف فَيُقَال لَهُ إِن نَظِير ذَلِك أَن ينظر الى الْمُصحف من غير قِرَاءَة فَلَا وَنَظِير الْقِرَاءَة فِي الْمُصحف أَن ينظر الى كتاب فِيهِ حِسَاب أَو كَلَام غير الْقُرْآن فَيَأْخُذ بِقَلْبِه فَهَذَا مِمَّا لَا خلاف فِيهِ أَنه يفْسد صلَاته
وَقَالُوا إِن أَخذه مَا فِي الْمُصحف بِقَلْبِه كنطقه بِلِسَانِهِ وَلَو نطق بِالْقُرْآنِ لم يفْسد كَذَلِك أَخذه بِقَلْبِه وَلَو نطق بِالْحِسَابِ أفسد كَذَلِك أَخذه بِقَلْبِه
فَيُقَال لَهُ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ أَن يكون نظره إِلَى مَا فِي الْمُصحف وَأَخذه لَهُ بِقَلْبِه كنطقه بِلِسَانِهِ فَكَانَ يجب أَن يجزىء من تِلَاوَته وَهُوَ لَا يَقُول ذَلِك فَثَبت بذلك أَن صَلَاة غير متأمل غير الْقُرْآن إِذا أَخذه بِقَلْبِه إِنَّمَا بطلت لِأَن ذَلِك عمل كَسَائِر الْأَعْمَال المنافية للصَّلَاة فَوَجَبَ أَن يكون أَخذه الْقُرْآن بِقَلْبِه من الْمُصحف بنظره كعمله بِيَدِهِ يَكْتُبهُ إِيَّاه فَيفْسد صلَاته
146 - فِي الذّكر عِنْد تغير الْأَحْوَال بالمصلي

قَالَ أَصْحَابنَا ينحط للسُّجُود وَالرُّكُوع وَهُوَ يكبر وَكَذَلِكَ يرفع وَيذكر فِي

(1/208)


حَال الرّفْع وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِلَّا فِي الْقيام من الجلسة الأولى لَا يكبر فِي حَال الْقيام حَتَّى يستتم قَائِما
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ كَقَوْل أَصْحَابنَا
وروى عبد الله بن مَسْعُود قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبر فِي كل رفع وخفض
فَأخْبر أَن الذّكر كَانَ فِي حَال الرّفْع والخفض وَلما اتَّفقُوا فِي سَائِر الرّفْع والخفض أَن الذّكر مفعول فِيهِ وَجب أَن يكون كَذَلِك حَال الْقيام من الجلسة الأولى
147 - فِي تَسْبِيح الرُّكُوع وَالسُّجُود

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يَقُول فِي الرُّكُوع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي السُّجُود ثَلَاثًا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى
وَقَالَ الثَّوْريّ يسْتَحبّ للْإِمَام أَن يَقُولهَا خمْسا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود حَتَّى يدْرك الَّذِي خَلفه ثَلَاث تسبيحات
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الرُّكُوع إِذا أمكن وَلم يسبح فَهُوَ مجزىء عَنهُ وَكَانَ لَا يُوَقت تسبيحا
وَقَالَ مَالك فِي السُّجُود وَالرُّكُوع فِي قَول النَّاس فِي الرُّكُوع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَفِي السُّجُود سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى لَا أعرفهُ وَلم أجد فِيهِ دُعَاء مؤقتا
قَالَ وَلَكِن يُمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَيُمكن جَبهته من الأَرْض فِي السُّجُود وَلَيْسَ فِيهِ عِنْده حد

(1/209)


148 - فِي الإِمَام هَل يَقُول رَبنَا لَك الْحَمد

قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَقُول الإِمَام رَبنَا لَك الْحَمد إِنَّمَا يَقُول سمع الله لمن حَمده
وَقَالَ مَالك يَقُولهَا الْمَأْمُوم
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ يَقُولهَا الإِمَام أَيْضا
قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد أيوجب لَهُ الِاقْتِصَار على رَبنَا وَلَك الْحَمد
فَإِن قيل يَقُوله اتبَاعا للْإِمَام قيل لَهُ يلْزمه ذَلِك فِي كل ذكر لِأَنَّهُ لَا خلاف أَن الإِمَام يقْرَأ فِي الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَلَا يقْرَأ الْمَأْمُوم السُّورَة عِنْد الْجَمِيع

(1/210)


149 - فِي وضع الْيَدَيْنِ للسُّجُود

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سجد وضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ وَإِذا رفع رَأسه فَقَامَ رفه يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ
قَالَ الثَّوْريّ لتَضَع ركبتيك قبل يَديك
قَالَ مَالك يضع أَيهمَا شَاءَ قبل الآخر
قَالَ الشَّافِعِي يضع رُكْبَتَيْهِ ثمَّ يَدَيْهِ ثمَّ جَبهته ثمَّ أَنفه
وروى أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وَلَكِن ليضع يَدَيْهِ ثمَّ رُكْبَتَيْهِ
وروى وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سجد بَدَأَ بِوَضْع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ
الحَدِيث الأول يبطل الَّذِي ذكره مَالك
قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه يضع رَأسه بعد يَدَيْهِ وركبتيه ثمَّ يرفعهُ قبلهمَا ثمَّ لما كَانَت اليدان متقدمتين فِي الرّفْع فَوَجَبَ أَن تَكُونَا مؤخرتين فِي الْوَضع

(1/211)


150 - فِي كَيْفيَّة الْجُلُوس فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ ينصب الرجل الْيُمْنَى وَيقْعد على الرجل الْيُسْرَى هَذَا فِي الرجل وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا فِي الْجُلُوس فِي الرَّابِعَة من الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء فَإِنَّهُ إِذا قعد أماط رجلَيْهِ جَمِيعًا فأخرجهما عَن وركه الْيُمْنَى وأفضى بمقعدته الى الأَرْض وأضجع الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ الْقعدَة فِي صَلَاة الصُّبْح
وَقَالَ مَالك يُفْضِي بإليتيه إِلَى الأَرْض وَينصب رجله الْيُمْنَى ويثني رجله الْيُسْرَى
وَأما جُلُوس الْمَرْأَة فَإِن أَصْحَابنَا قَالُوا تقعد كأستر مَا يكون لَهَا
وَقَالَ الثَّوْريّ تسدل رِجْلَيْهَا من جَانب وَاحِد وَرَوَاهُ عَن إِبْرَاهِيم
وَقَالَ الشّعبِيّ تقعد كَيفَ تيَسّر عَلَيْهَا
وَكَانَ ابْن عمر يَأْمر نِسَاءَهُ أَن يجلسن فِي الرَّكْعَتَيْنِ والأربع متربعات
وَقَالَ مَالك جُلُوس الْمَرْأَة كجلوس الرجل
وَقَالَ الشَّافِعِي تقعد الْمَرْأَة كأستر مَا يكون لَهَا
فِي حَدِيث وَائِل بن حجر فَلَمَّا قعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للتَّشَهُّد فرش رجله الْيُسْرَى ثمَّ قعد عَلَيْهَا
وَفِي حَدِيث أبي السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قعد فِي الجلسة الأولى ثنى رجله الْيُسْرَى فَقعدَ عَلَيْهَا وَفِي الجلسة الْأَخِيرَة الَّتِي يكون فِيهَا السَّلَام أخرج

(1/212)


رجله الْيُسْرَى وَقعد متوركا على شقَّه الْأَيْسَر
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحَدِيث أبي حميد رَوَاهُ عبد الحميد بن جَعْفَر وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم
وَقد خُولِفَ فِي إِسْنَاده
151 - إِذا نَهَضَ من السُّجُود هَل يقْعد ثمَّ يقوم

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا رفع من السَّجْدَة جلس ثمَّ نَهَضَ مُعْتَمدًا بيدَيْهِ على الأَرْض حَتَّى يعتدل قَائِما
قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رفع من السَّجْدَة قَامَ وَلم يقْعد وَفِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث أَنه قعد ثمَّ قَامَ وَيجوز أَن يكون قعوده كَانَ لعِلَّة

(1/213)


وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي ثمَّ اسجد فاعتدل سَاجِدا ثمَّ قُم وَلم يَأْمُرهُ بالقعدة فَهُوَ أولى
وَقد اتَّفقُوا أَنه يرفع من السُّجُود بتكبير ثمَّ لَا يكبر تَكْبِيرَة أُخْرَى للْقِيَام فَلَو كَانَت الْقعدَة مسنونة لَكَانَ الأنتقال الى الْقيام بِالذكر كَسَائِر أَحْوَال الِانْتِقَال
152 - فِي كَيْفيَّة التَّشَهُّد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يتَشَهَّد بتشهد ابْن مَسْعُود
وَقَالَ مَالك أحب التَّشَهُّد الي تشهد عمر بن الْخطاب التَّحِيَّات لله الطَّيِّبَات لله الصَّلَوَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي إِلَى آخِره
قَالَ الشَّافِعِي بتشهد ابْن عَبَّاس التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته سَلام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين إِلَى آخِره
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ التَّشَهُّد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وُجُوه مُخْتَلفَة وَاتفقَ الْجَمِيع على أَنه لَا تَخْيِير فِيهَا وَأَن الْوَاجِب اتِّبَاع مَا صَحَّ وَلم ينْسَخ وَأما مَا اخْتَار مَالك فَإِن الزاكيات لم ترو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا رُوِيَ عَن عمر وَتشهد ابْن مَسْعُود الأولى لِأَن أَلْفَاظه مُتَّفق عَلَيْهَا فِي سَائِر مَا رُوِيَ وَلَيْسَت أَلْفَاظ تشهد ابْن عَبَّاس مُتَّفق عَلَيْهَا

(1/214)


153 - فِي الْقُنُوت فِي الْفجْر

قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري فِي رِوَايَة اللَّيْث لَا قنوت فِي الْفجْر
وَكَانَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ يرَوْنَ الْقُنُوت فِي الْفجْر قبل الرُّكُوع
قَالَ الشَّافِعِي بعد الرُّكُوع
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِن صلى خلف من يقنت سكت وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقنت يتبع الإِمَام
وَقَالَ الشَّافِعِي يقنت فِي الصَّلَوَات كلهَا عِنْد حَاجَة الْمُسلمين إِلَى الدُّعَاء
قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا قَالَ هَذَا القَوْل أحد غَيره وَلم يزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَاربًا للْمُشْرِكين إِلَى أَن توفاه الله وَلم يقنت فِي الصَّلَوَات لِأَنَّهُ لَو قنت فِيهِنَّ لاشتهر النَّقْل بِهِ
154 - فِي ذكر الْقُنُوت

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك لَيْسَ فِي الْقُنُوت دُعَاء مُؤَقّت
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يقنت باللهم اهدني فِيمَن هديت

(1/215)


وَقَالَ عبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي إِن قنت بالسورتين وَإِلَّا فَلَا يُصَلِّي خَلفه
155 - فِي الْقِرَاءَة الْأُخْرَيَيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ فِي فرض الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة وَيقْرَأ فِي الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب
قَالَ الثَّوْريّ وَأَن يسبح فِي الْأُخْرَيَيْنِ أحب إِلَيّ
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن ترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة أَو أخر قَوْله إِن صلَاته أَرْجُو أَن تكون جَائِزَة وَإِن ترك فِي رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ أعَاد الصَّلَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي ان ترك حرفا من أم الْقُرْآن فِي رَكْعَة من الصَّلَاة حَتَّى خرج مِنْهَا أعَاد
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي ذَلِك أَيْضا
فَروِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الْأَوليين من الظّهْر بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَلَا يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِشَيْء رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن رَافع

(1/216)


قَالَ الزُّهْرِيّ وَكَانَ جَابر بن عبد الله يقْرَأ فِي الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر بِأم الْقُرْآن وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن
وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن
وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن وَتقول إنَّهُمَا دُعَاء
156 - الْقِرَاءَة فِي الثَّالِثَة من الْمغرب يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب

قَالَ أَبُو جَعْفَر هِيَ عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري مَوضِع دُعَاء فعلى قِيَاس قَوْلهم لَا بَأْس أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} آل عمرَان 8
قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَيْسَ الْعَمَل عِنْدِي على أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا}
وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يُعجبهُ أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بِفَاتِحَة الْكتاب {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا}
قَالَ الشَّافِعِي لَا أكره أَن يقْرَأ فِيهَا بعد أم الْقُرْآن بِشَيْء من الْقُرْآن سواهَا
قَالَ الصنَابحِي صليت خلف أبي بكر الصّديق فَقَرَأَ فِي الثَّالِثَة بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} سرا

(1/217)


157 - فِي مَوضِع الدُّعَاء

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يزِيد فِي الْجُلُوس الأول على التَّشَهُّد شَيْئا وَيَدْعُو بعد التَّشَهُّد الآخر بِمَا شَاءَ
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة فِي أَولهَا وَفِي أوسطها وَآخِرهَا
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك يكره الدُّعَاء فِي الرُّكُوع وَلَا يرى بِهِ بَأْسا فِي السُّجُود وَلم يكره التَّسْبِيح فِي الرُّكُوع
خلف بن تَمِيم عَن الثَّوْريّ قَالَ إِذا زَاد على التَّشَهُّد فِي الرَّكْعَتَيْنِ اسْتقْبل الصَّلَاة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم مِمَّن نذكرهُ فِي كتَابنَا غير سُفْيَان
وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ لَا يزِيد الإِمَام فِي الْأَوليين على التَّشَهُّد
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَدْعُو بِمَا بدا لَهُ سَاجِدا فِي التَّطَوُّع
قَالَ الشَّافِعِي إِذا فرغ من التَّشَهُّد قَامَ فِي الآخر يَدْعُو بِأَقَلّ من التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/218)


158 - فِي فرض الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ الصَّلَاة جَائِزَة وتاركها مسيء وَكَذَلِكَ سَائِر الْعلمَاء سواهُم
وَالشَّافِعِيّ يُوجب الْإِعَادَة إِذا لم يصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخرهَا بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم وَقَالَ إِن صلى عَلَيْهِ قبل ذَلِك لم يجزه
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يقل بِهِ أحد من أهل الْعلم
159 - فِي التَّسْلِيم فِي آخر الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يسلم عَن يَمِينه السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَعَن يسَاره السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله
وروى ابْن وهب عَن مَالك أَن الإِمَام يسلم تِلْقَاء وَجهه السَّلَام عَلَيْكُم تَسْلِيمَة وَاحِدَة
وَقَالَ أَشهب سُئِلَ مَالك عَن التسليمة الْوَاحِدَة فِي الصَّلَاة فَقَالَ على ذَلِك كَانَ الْأَمر مَا كَانَت الْأَئِمَّة وَلَا غَيرهم يسلمونها إِلَّا وَاحِدَة وَإِنَّمَا حدث التسليمتان مُنْذُ كَانَت بَنو هَاشم
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ خلف الإِمَام فَإِنِّي أحب أَن أسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَالتَّسْلِيم خلف الإِمَام يسلمُونَ ثمَّ يردون عَلَيْهِ وَلَا أرى السَّلَام عَن أَيْمَانهم إِلَّا مجزيا عَنْهُم

(1/219)


وروى عَن سعيد بن الْمسيب أَن كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره ثمَّ يرد على الإِمَام
وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا صلى لنَفسِهِ فَلَا بَأْس بِأَن يسلم ثِنْتَيْنِ وَالْإِمَام تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه يتيامن قَلِيلا
وَالَّذِي حصل من مذْهبه أَن الإِمَام يسلم وَاحِدَة وَالْمَأْمُوم ثِنْتَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
وروى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَن الْمَأْمُوم يسلم عَن يَمِينه ثمَّ يرد على الإِمَام يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم
وَقَالَ اللَّيْث أدركنا الْأَئِمَّة وَالنَّاس وهم يسلمُونَ تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وُجُوههم السَّلَام عَلَيْكُم وَكَانَ اللَّيْث يبْدَأ بِالرَّدِّ على الإِمَام ثمَّ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره
وَقَالَ مَالك فِي الْمَسْبُوق لَا يقوم الى الْقَضَاء حَتَّى يفرغ الإِمَام من التسليمتين
وَقَالَ اللَّيْث لَا أرى عَلَيْهِ بَأْسا أَن يقوم بعد التسليمة الأولى وَلَا ينْتَظر الثَّانِيَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الدَّرَاورْدِي عَن مُصعب بن ثَابت عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن جَابر بن سعد عَن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمَة وَاحِدَة السَّلَام عَلَيْكُم

(1/220)


وَخَالف الدَّرَاورْدِي فِي ذَلِك من هُوَ أحفظ مِنْهُ ابْن الْمُبَارك وَمُحَمّد بن عَمْرو جَمِيعًا عَن مُصعب وبإسناده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره حَتَّى يرى بَيَاض خديه من هَا هُنَا وَمن هَا هُنَا
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث عَمْرو بن أبي سَلمَة قَالَ حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ حَدِيث واه الْإِسْنَاد لضعف رِوَايَة عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد كَذَا قَالَه يحيى بن معِين وَغَيره
وأصل الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن عَائِشَة مَوْقُوف
قد روى عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه وعلقمة عَن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر يسلمُونَ عَن أَيْمَانهم وَعَن شمائلهم فِي الصَّلَاة السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فِي رِوَايَة ابْن عمر وَأبي حميد السَّاعِدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/221)


160 - فِي وجوب السَّلَام

قَالَ اصحابنا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ بِفَرْض
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ هُوَ فرض تَركه يفْسد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَو سجد للسَّهْو بعد السَّلَام ثمَّ سجد وَسلم عَن يَمِينه ثمَّ ضحك قبل أَن يسلم الْأُخْرَى أَنه يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد ذَلِك عَن أحد مِمَّن يذهب إِلَى التسليمتين أَن الثَّانِيَة من فرائضها غَيره
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن مُحَمَّد بن الحنيفة عَن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وإحرامها التَّكْبِير وإحلالها التَّسْلِيم
قَالَ أَبُو جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل هَذَا ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ
وَقد روى عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا قعد مِقْدَار التَّشَهُّد فقد تمت صلَاته
وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ

(1/222)


161 - فِي صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار

قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِن شِئْت رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا أَو سِتا أَو ثمانيا
قَالَ الثَّوْريّ وَكم شِئْت بعد أَن تقعد فِي كل رَكْعَتَيْنِ
وَقد رُوِيَ عَن الْحسن بن حَيّ مثل قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى يَقْتَضِي التسليمة فِي كل ثِنْتَيْنِ أَلا ترى أَنه لَا يُقَال صَلَاة الظّهْر مثنى مثنى لما كَانَت الأوليان مضمنتين بالأخريين
162 - فِي الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر

الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة رُبمَا قَرَأت فِي رَكْعَتي الْفجْر حزبي من الْقُرْآن
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيهِ عَن أبي حنيفَة وَلَا عَن أحد من أَصْحَابه

(1/223)


وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه قَالَ أما أَنا فَلَا أَزِيد على أم الْقُرْآن وَحدهَا لقَوْل عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُخَفف رَكْعَتي الْفجْر حَتَّى أَقُول أَقرَأ فيهمَا بِأم الْقُرْآن أم لَا
وَذكر عَنهُ ابْن الْقَاسِم أَيْضا أَنه يقْرَأ فِي كل رَكْعَة مِنْهَا بِأم الْقُرْآن وَسورَة من قصار الْمفصل
وَإِن قَرَأَ بِأم الْقُرْآن وَحدهَا فِي كل رَكْعَة أَجْزَأَ وَذكر عَنهُ ابْن وهب فِي رِوَايَة أَنه لَا يقْرَأ فيهمَا بِأم الْقُرْآن
وَقَالَ الثَّوْريّ يُخَفف فَإِن فَاتَهُ شَيْء من اللَّيْل فَلَا بَأْس بِأَن يطول
وَقَالَ الشَّافِعِي يُخَفف
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت
163 - فِي وجوب الْوتر

قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ وَاجِب
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد سنة مُؤَكدَة لَيْسَ لأحد تَركهَا وَلَيْسَ بِوَاجِب

(1/224)


وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث سنة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بِفَرْض
164 - فِي الْوتر على الرَّاحِلَة فِي السّفر

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصليه على الرَّاحِلَة
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي على الرَّاحِلَة أَي وَجه تَوَجَّهت ويوتر عَلَيْهَا غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة
وروى نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته ويوتر بِالْأَرْضِ
وَعَن مُجَاهِد أَن ابْن عمر كَانَ يُوتر بِالْأَرْضِ
165 - فِي كَيْفيَّة الْوتر

قَالَ أَصْحَابنَا ثَلَاث لَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ ويقنت قبل الرُّكُوع وَيرْفَع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِير ثمَّ يرسلهما
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه رفعهما فِي الْقُنُوت

(1/225)


وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْوتر ثَلَاث يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ
وروى ابْن وهب عَنهُ إِن أوتر بِوَاحِدَة أَجزَأَهُ
وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَنه قَالَ مَا أقنت فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره وروى ابْن وهب عَنهُ لَيْسَ فِي الْوتر قنوت وَلَا رفع يَد
وَقَالَ الثَّوْريّ الْوتر ثَلَاث يقنت قبل الرُّكُوع فَإِن شِئْت أوترت بِرَكْعَة وَإِن شِئْت بِثَلَاث وَإِن شِئْت بِخمْس وَإِن شِئْت بِسبع وَإِن شِئْت بتسع وَإِن شِئْت بِإِحْدَى عشرَة وَلَا تسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ
وَالَّذِي أجمع عَلَيْهِ من الْوتر أَنه ثَلَاث
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تجوز الْوتر بِوَاحِدَة وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت ثمَّ يرسلهما
وَقَالَ اللَّيْث أحب إِلَيّ أَن يُوتر بِثَلَاث وَإِن أوتر بِوَاحِدَة أَجزَأَهُ وَلَا قنوت فِيهِ إِلَّا فِي النّصْف الثَّانِي من رَمَضَان وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت فِي الْوتر
وَقَالَ اللَّيْث أَنا أسلم فِي رَكْعَتي الْوتر
وَقَالَ الشَّافِعِي وَالَّذِي أخْتَار أَن أُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يُوتر بِوَاحِدَة وَلَا قنوت فِيهِ إِلَّا فِي رَمَضَان فِي النّصْف الآخر
قَالَ أَبُو جَعْفَر الأولى أَن يكون الْقُنُوت قبل الرُّكُوع لِأَن الذّكر الْمسنون فِي الرَّكْعَة الأولى وَهُوَ ذكر الإستفتاح قبل الرُّكُوع وَلَا يرفع يَدَيْهِ كَمَا لَا يرفع فِي الدُّعَاء بعد التَّشَهُّد
166 - فِيمَا يصلح أَن يدعى بِهِ فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا يدعى فِيهَا بِكُل شَيْء من الْقُرْآن وَمَا يشبه الدُّعَاء وَلَا يشبه الحَدِيث

(1/226)


وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس بِأَن يدعى فِي الصَّلَاة على ظَالِم
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا بَأْس بِأَن يَدْعُو بِجَمِيعِ حَوَائِجه فِي الْمَكْتُوبَة حوائج دُنْيَاهُ وآخرته فِي الْقيام وَالسُّجُود وَالْجُلُوس وَكَرِهَهُ فِي الرُّكُوع
قَالَ مَالك وَبَلغنِي عَن عُرْوَة أَنه قَالَ لأدعو الله بحوائجي كلهَا فِي الصَّلَاة حَتَّى بالملح
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يُسَمِّي وَأَهله فِي الْمَكْتُوبَة أَو يَدْعُو لَهُ بعد التَّشَهُّد الْأَخير
وَقَالَ الشَّافِعِي يَدْعُو بِكُل مَا دعِي الله بِهِ وَرغب فِيهِ إِلَيْهِ أَو دعِي بِهِ لأحد أَو عَلَيْهِ سمى أَو لم يسم وَإِنَّمَا يقطعهَا مَا خُوطِبَ بِهِ آدَمِيّ من كَلَام النَّاس
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذكر التَّشَهُّد ثمَّ ليختر من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ
وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وتلاوة الْقُرْآن
167 - فِيمَن أَحَق بِالْإِمَامَةِ

قَالَ أَصْحَابنَا يؤم أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بِالسنةِ فَإِن اسْتَووا فأكبرهم سنا وَإِن كَانَ غَيره أَقرَأ وهما فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأورعهم

(1/227)


قَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا قيل أقرؤهم لِلْقُرْآنِ لأَنهم كَانُوا فِي ذَلِك الزَّمَان أقرؤهم أفقههم
وَقَالَ مَالك يؤمهم أعلمهم إِذا كَانَت حَاله حَسَنَة قَالَ وَإِن للسن حَقًا فَقيل لَهُم أكبرهم سنا أَكْثَرهم قُرْآنًا قَالَ لَا قد يقْرَأ من لَا يكون فِيهِ خير
وَقَالَ الثَّوْريّ يؤمهم أقرؤهم فَإِن كَانُوا سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ فَإِن كَانُوا فِي ذَلِك سَوَاء فأقدمهم هِجْرَة فَإِن كَانُوا فِي ذَلِك سَوَاء فأكبرهم سنا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يؤمهم أفقههم فِي دين الله
وَقَالَ اللَّيْث يؤمهم أفضلهم وَخَيرهمْ
وَقَالَ اللَّيْث فِي قوم اجْتَمعُوا فِي مَكَان فَكَانَ جَمِيعهم رَضِي وقراءتهم وَاحِدَة فَإِنَّهُ عَسى أَن يكون أحْسنهم خلقا
وَقَالَ الشَّافِعِي يؤمهم أقرؤهم وأفقههم فَإِن لم يجْتَمع ذَلِك يقدم أفقههم إِذا كَانَ يقْرَأ مَا يَكْتَفِي بِهِ الصَّلَاة فَحسن وَإِن قدم أقرؤهم إِذا علم مَا يلْزمه فَحسن وَيقدم هَذَانِ على من أسن مِنْهُمَا فَإِن اسْتَووا أمّهم أسنهم فَإِن اسْتَووا فَقدم ذُو النّسَب فَحسن
أَبُو قبيل عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا وَيرْحَم صَغِيرنَا وَيعرف لعالمنا
روى ابْن الْمُبَارك عَن خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبركَة مَعَ أكابركم

(1/228)


168 - فِي مَوضِع الإِمَام وَالْمَأْمُوم

كره أَصْحَابنَا أَن يُصَلِّي الإِمَام على دكان وَأَصْحَابه على الأَرْض
قَالَ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَنه إِذا كَانَ مَوضِع الإِمَام أرفع بِمِقْدَار قامة فَهُوَ الْمَكْرُوه وَإِن كَانَ أقل فَلَيْسَ بمكروه وَلم يذكر فِيهِ خلافًا
وَقَالَ مَالك أكره أَن يكون مَوضِع الإِمَام أرفع فَإِن فعل فَعَلَيْهِم الْإِعَادَة وَإِن خرج الْوَقْت إِلَّا أَن يكون على دكان يسير الِارْتفَاع
وَكره الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ أَن يكون مَكَان الإِمَام أرفع وَلم يكرههُ اللَّيْث
قَالَ الشَّافِعِي إِذا أَرَادَ أَن يعلم من يأتم بِهِ فَلَا بَأْس ليقتدي بِهِ من وَرَاءه وَيسْجد على الأَرْض
عَن سهل بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عمل لَهُ الْمِنْبَر ثَلَاث دَرَجَات جلس عَلَيْهِ وَكبر فَكبر النَّاس خَلفه ثمَّ ركع على الْمِنْبَر ثمَّ رفع فَنزل الْقَهْقَرِي فَسجدَ فِي أصل الْمِنْبَر ثمَّ عَاد حَتَّى فرغ من صلَاته فَصنعَ كَمَا صنع فِي الرَّكْعَة الأولى فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا صنعت هَذَا لتأتموا بِي ولتعلموا صَلَاتي
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَصحح الْحَدِيثين فِي الْكَرَاهَة وَفِي الْإِبَاحَة أَن الْمِنْبَر لم يكن بِمِقْدَار قامة

(1/229)


وَحَدِيث سلمَان على مَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ
169 - فِيمَن اقْتدى بِالْإِمَامِ فِي سطح الْمَسْجِد

قَالَ أَصْحَابنَا صلَاته جَائِزَة إِذا لم يكن قُدَّام الإِمَام
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا بَأْس بِهِ غير الْجُمُعَة فَإِن صلى الْجُمُعَة كَذَلِك أعَاد وَإِن خرج الْوَقْت
وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس يصلوا الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ فَوق ظهر الْمَسْجِد وَفِي الدّور على الدكاكين وَفِي الطّرق إِذا كَانَت طَاهِرَة وَإِذا اتَّصَلت الصُّفُوف وَرَأى النَّاس بَعضهم بَعْضًا حِين يصلونَ بِصَلَاة الإِمَام
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن صلى رجل فِي طرف الْمَسْجِد وَالْإِمَام فِي طرفه وَلم يتَّصل الصُّفُوف أَو فَوق ظهر الْمَسْجِد أَجزَأَهُ
وروى عَن أبي هُرَيْرَة أَنه صلى يَوْم الْجُمُعَة فَوق ظهر الْمَسْجِد بِصَلَاة الإِمَام فِي الْمَسْجِد
رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة أَنه صلى مَعَه كَذَلِك
170 - فِي أم الْوَلَد تصلي بِغَيْر قناع

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تصلي بِغَيْر قناع
وَقَالَ مَالك فِي أم الْوَلَد إِن صلت بِغَيْر قناع فَأحب إِلَيّ أَن يُعِيد مَا دَامَت فِي الْوَقْت وَلست أرَاهُ وَاجِبا عَلَيْهَا كوجوبه على الْحرَّة

(1/230)


وَقَالَ مَالك فِي الْأمة تصلي بِغَيْر قناع إِن ذَلِك سنتها وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة والمدبرة وَالْمُعتق بَعْضهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الْأمة وَأم الْوَلَد أَنه فِي سَائِر أَحْكَامهَا لَا فرق بَينهمَا
171 - فِي الْمَرْأَة تحضر الْجَمَاعَة

ذكر أَبُو جَعْفَر عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن النِّسَاء كَانَ يرخص لَهُنَّ فِي الْخُرُوج إِلَى الْعِيدَيْنِ فَأَما الْيَوْم فَإِنِّي أكرهه قَالَ وأكره لَهُنَّ شُهُود الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فِي جمَاعَة وأرخص للعجوز الْكَبِيرَة أَن تشهد الْعشَاء وَالْفَجْر فَأَما غير ذَلِك فَلَا
قَالَ وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة أَنه قَالَ خُرُوج النِّسَاء فِي الْعِيدَيْنِ حسن وَلم يكن يرى خروجهن فِي شَيْء من الصَّلَوَات مَا خلا الْعِيدَيْنِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس أَن تخرج الْعَجُوز فِي الصَّلَوَات كلهَا وأكره ذَلِك للشابة
وَقَالَ مَالك لَا يمْنَع النِّسَاء الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد وَأما الإستسقاء وَالْعِيدَيْنِ فَإِنِّي لَا أرى بَأْسا أَن تخرج كل أمْرَأَة متجالة هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم
وَقَالَ عَنهُ أَشهب إِن المتجالة تخرج إِلَى الْمَسْجِد وَلَا تكْثر التَّرَدُّد والشابة تخرج إِلَى الْمَسْجِد الْمرة بعد الْمرة وَكَذَلِكَ فِي الْجَنَائِز يخْتَلف فِي ذَلِك أَمر الْعَجُوز والشابة فِي جنائز أَهلهَا وقراباتها
وَقَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ للْمَرْأَة خير من بَيتهَا وَإِن كَانَت عجوزا

(1/231)


قَالَ الثَّوْريّ قَالَ عبد الله الْمَرْأَة عَورَة وَأقرب مَا تكون إِلَى الله تَعَالَى فِي قَعْر بَيتهَا فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان
وروى ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ ائذنوا للنِّسَاء بِاللَّيْلِ يَعْنِي إِلَى الْمَسْجِد
قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ على أَن النَّهَار بِخِلَافِهِ
وروت أم عَطِيَّة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج الْحيض وَذَوَات الْخُدُور يَوْم الْعِيد فيعتزلن الْحيض ويشهدن دَعْوَة الْمُسلمين فَقَالَت امْرَأَة فَإِن لم يكن لِأَحَدِنَا جِلْبَاب قَالَ فلتعرها أُخْتهَا جلبابا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك والمسلمون قَلِيل فَأَرَادَ التكثير بحضورهن إرهابا لِلْعَدو وَالْيَوْم فَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك
172 - فِي السُّجُود على كور الْعِمَامَة

قَالَ أَصْحَابنَا يجوز وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ مَالك أكرهه وَيجوز
وَالْحسن بن حَيّ يُعجبهُ السُّجُود على الْجَبْهَة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز

(1/232)


قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة آرَاب
وَلَو سجد على رُكْبَتَيْهِ وَيَديه وَرجلَيْهِ وَهِي مستورة جَازَ السُّجُود على الْجَبْهَة وَهِي مستورة
173 - فِي الصَّلَاة على الطنافس

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِهِ
وَكره مَالك السُّجُود على الطنافس وَبسط الشّعْر والأدم وَكَانَ يَقُول لَا بَأْس بِأَن يقوم عَلَيْهَا ويركع عَلَيْهَا وَلَا يسْجد عَلَيْهَا وَلَا يضع كفيه عَلَيْهَا وَلَا يرى بَأْسا بالحصباء وَمَا أشبههَا مِمَّا تنْبت الأَرْض
174 - فِي الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَة الْفَرْض وَالنَّقْل
وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِيهَا الْفَرْض وَلَا الْوتر وَلَا رَكعَتَا الطّواف وَلَا رَكعَتَا الْفجْر وَيُصلي التَّطَوُّع

(1/233)


قَالَ أَصْحَابنَا وَإِن لم يكن بَين يَدَيْهِ مَا يستره من بِنَاء الْكَعْبَة أَجزَأَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ إِنَّمَا أَمر النَّاس أَن يصلوا إِلَى الْكَعْبَة وَلم يؤمروا أَن يصلوا فِيهَا
175 - هَل يرْكَع الْمَأْمُوم دون الصَّفّ

قَالَ مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة يكره للْوَاحِد أَن يرْكَع دون الصَّفّ ثمَّ يتَقَدَّم وَلَا يكره ذَلِك للْجَمَاعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا بَأْس أَن يرْكَع الرجل وَحده دونهَا الصَّفّ وَيَمْشي إِلَى الصَّفّ إِذا كَانَ قَرِيبا قدر مَا يلْحق
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عجلَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم الصَّلَاة فَلَا يرْكَع دون الصَّفّ حَتَّى يَأْخُذ مَكَانَهُ من الصَّفّ
176 - فِي الْمُنْفَرد خلف الصَّفّ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بذلك وَكره أَن يجذب إِلَيْهِ رجلا

(1/234)


وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ من صلى خلف الصَّفّ وَحده أعَاد
قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي بَيت أم سليم فأقامني واليتيم وَرَاءه وَأقَام أم سليم خلفنا
قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا لَا حجَّة فِيهِ على أَن الإِمَام إِذا لم يكن مَعَه إِلَّا رجل وَاحِد قَامَ عَن يَمِينه وَلَو كَانَ بدله امْرَأَة قَامَت خَلفه
177 - فِيمَن لم يكن بَين يَدَيْهِ ستْرَة هَل يخط

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث الْخط لَيْسَ بِشَيْء
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ السَّوْط بعرضه أحب إِلَيّ من الْخط
وَقَالَ الشَّافِعِي يخط بَين يَدَيْهِ فِي الصَّحرَاء
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث الْعَدوي عَن جده سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا فَإِن لم يكن مَعَه شَيْء فلينصب عَصا فَإِن لم يكن مَعَه عَصا فليخطط خطا ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر أَبُو عَمْرو بن مُحَمَّد هَذَا وجده مَجْهُولَانِ لَيْسَ لَهما ذكر فِي غير هَذَا الحَدِيث

(1/235)


178 - فِي الصَّلَاة نصف النَّهَار

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ لَا يصلى نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة خَاصَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي مثل ذَلِك
وَقَالَ مَالك لَا أكره الصَّلَاة وسط النَّهَار إِذا اسْتَوَت الشَّمْس فِي وسط النَّهَار السَّمَاء لَا فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَا فِي غَيره وَلَا أعرف هَذَا النَّهْي وَمَا أدْركْت أهل الْفضل وَالْعِبَادَة إِلَّا وهم يهجرون وَيصلونَ نصف النَّهَار
وروى زُهَيْر بن مُحَمَّد وَمَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي عبد الله الصنَابحِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا ثمَّ إِذا اسْتَوَت قارنها فَإِذا زَالَت فَارقهَا فَإِذا دنت للغروب قارنها فَإِذا غربت فَارقهَا وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي تِلْكَ السَّاعَات
قَالَ زُهَيْر فِيهِ عَن الصنَابحِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
179 - فِيمَن صلى قُدَّام الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِي رِوَايَة الْبُوَيْطِيّ لَا يُجزئهُ
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يُجزئهُ

(1/236)


180 - فِي السُّجُود على ظهر رجل

قَالَ أَصْحَابنَا يُجزئهُ والاستحباب التَّأْخِير حَتَّى يرفع الرجل رَأسه فَيسْجد بِالْأَرْضِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ أَنه يُجزئهُ
وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ وَيُعِيد
وَرُوِيَ عَن عمر من آذاه الخشن فليسجد على ثَوْبه أَو يسْجد على ظهر أَخِيه وَلَا مُخَالف لَهُ من الصَّحَابَة
181 - فِي الإقتداء بِالصَّبِيِّ

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَكَرِهَهُ الثَّوْريّ وَلم يذكر الْجَوَاز
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يجزئهم
182 - فِيمَن بَينه وَبَين الإِمَام طَرِيق أَو نهر

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يكون الصُّفُوف مُتَّصِلَة فِي الطَّرِيق وَهَذَا قَول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس إِذا كَانَ النَّهر صَغِيرا وَإِن كَانَ بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيق فَلَا بَأْس
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صلى قرب الْمَسْجِد وقربه مَا يعرفهُ النَّاس من أَن يتَّصل بِالْمَسْجِدِ فَيصَلي مُنْقَطِعًا عَن الْمَسْجِد أَو فنائه قدر مِائَتي ذِرَاع أَو ثَلَاثمِائَة

(1/237)


ذِرَاع أَو نَحْو ذَلِك فَإِذا جَاوز ذَلِك لم يجز وَكَذَلِكَ الصَّحرَاء والسفينة وَالْإِمَام فِي الْأُخْرَى وَلَو أجزت أبعد من هَذَا أجزت أَن يُصَلِّي على ميل
وَمذهب عَطاء أَن يُصَلِّي بِصَلَاة الإِمَام من عَملهَا وَلَا أَقُول بِهَذَا
183 - فِي سُجُود الْقُرْآن

قَالَ أَصْحَابنَا أَربع عشرَة فِيهَا الأولى من الْحَج
وَقَالَ الثَّوْريّ قَالَ مَالك أجمع النَّاس على أَن عزائم سُجُود الْقُرْآن إِحْدَى عشرَة سَجْدَة لَيْسَ فِي الْمفصل مِنْهَا شَيْء آلمص والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج أَولهَا وَالْفرْقَان والهدهد وآلم تَنْزِيل وص وحم تَنْزِيل قَوْله {إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} فصلت 37
وَقَالَ اللَّيْث اسْتحبَّ أَن يسْجد فِي سُجُود الْقُرْآن كُله وَسُجُود الْمفصل مَوضِع السُّجُود من حم السَّجْدَة {إِيَّاه تَعْبدُونَ}
وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع عشرَة سَجْدَة سوى سَجْدَة ص فَإِنَّهَا سَجْدَة شكر
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه سجد من الْحَج سَجْدَتَيْنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سجد فِي ص
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي سَجْدَة حم أَسجد بأجزأ الْآيَتَيْنِ كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا

(1/238)


وروى زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْجد فِي النَّجْم
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود سجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّجْم
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة سجدنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}
184 - فِي السَّامع للسجدة

قَالَ أَصْحَابنَا يسجدها السَّامع سَوَاء كَانَ التَّالِي رجلا أَو امْرَأَة
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَرَأَ السَّجْدَة من لَا يكون لَك إِمَامًا من رجل أَو امْرَأَة أَو صبي وَأَنت تسمعه فَلَيْسَ عَلَيْك السُّجُود وَإِن سجد التَّالِي فَلَيْسَ على السَّامع أَن يسجدها إِلَّا أَن يكون جلس إِلَيْهِ
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِنَّمَا تجب السَّجْدَة على الرجل يقْرَأ على الْقَوْم يكونُونَ مَعَ الرجل يأتمون بِهِ فَإِذا سجد سجدوا مَعَه وَلَيْسَ على من سمع سَجْدَة من إِنْسَان قَرَأَهَا لَيْسَ لَهُ بِإِمَام أَن يسجدها بقرَاءَته تِلْكَ السَّجْدَة
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل يسمع السَّجْدَة من الْمَرْأَة قَالَ يَقْرَأها هُوَ وَيسْجد

(1/239)


وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَا معنى لَهُ وَقد ذكر عَن مَالك مَا يشبه هَذَا
قَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِيمَن قَرَأَ سَجْدَة فِي صَلَاة نَافِلَة فَكبر ثمَّ نسي أَن يسجدها حَتَّى ركع
قَالَ أحب أَن يَقْرَأها فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة ثمَّ يسجدها وَهَذَا فِي النَّافِلَة فَأَما فِي الْفَرِيضَة فَلَا يَقْرَأها وَإِن قَرَأَهَا وَلم يسْجد ثمَّ ذكر فِي الثَّانِيَة لم يعد قرَاءَتهَا مرّة أُخْرَى
وَقَالَ اللَّيْث إِذا سمع السَّجْدَة من غُلَام سجدها
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ من سمع رجلا قَرَأَ فِي غير الصَّلَاة سَجْدَة فَإِن كَانَ جَالِسا إِلَيْهِ يستمع الْقِرَاءَة فَسجدَ فليسجد مَعَه فَإِن لم يسْجد وَأحب المستمع أَن يسْجد فليسجد
185 - فِي وجوب السَّجْدَة

قَالَ أَصْحَابنَا سَجْدَة التِّلَاوَة وَاجِبَة
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك لَا يُوجِبهَا قَالَ وَلَا أحب للقارىء تَركهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَيست بواجبة
وَقَالَ اللَّيْث إِنَّمَا السَّجْدَة على من جلس إِلَيْهَا واستمع لَهَا

(1/240)


186 - فِي سُجُود التِّلَاوَة فِي الْوَقْت الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهِ

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسجدها عِنْد الطُّلُوع والزوال والغروب وَيسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر
قَالَ زفر إِن سجد عِنْد الطُّلُوع والغروب أَو نصف النَّهَار أَجزَأَهُ إِذا تَلَاهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِن كَانَ تَلَاهَا قبل ذَلِك أَجزَأَهُ أَيْضا وَقد أَسَاءَ
وَقَالَ مَالك لَا يسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر كَمَا لَا يُصَلِّي وَذَلِكَ فِي رِوَايَة ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ يسْجد فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ مَا لم تَتَغَيَّر الشَّمْس أَو تسفر فَإِذا أسفرت أَو أصفرت الشَّمْس لم يسْجد
وَقَالَ الثَّوْريّ يُؤَخر السَّجْدَة بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر فَأَما الطّواف والجنازة فَلَا بَأْس بذلك مَا دَامَت فِي وَقت
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يسْجد فِي الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة
وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث بن سعد
وَقَالَ الشَّافِعِي يسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر
187 - إِذا ركع عَن سُجُود التِّلَاوَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ إِن شَاءَ ركع بهَا فتجزئه من السَّجْدَة
وَقَالَ مَالك لَا يرْكَع بهَا فِي صَلَاة غَيرهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عبد الله فِي

(1/241)


الرجل يقْرَأ فِي الصَّلَاة بِسُورَة آخرهَا سَجْدَة قَالَ إِن شَاءَ ركع وَإِن شَاءَ سجد ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ وَسجد
قَالَ أَبُو جَعْفَر وجدنَا فِي الصَّلَاة خضوعين الرُّكُوع وَالسُّجُود
فَكَانَ السُّجُود مَفْعُولا عِنْد التِّلَاوَة فَالْقِيَاس أَن يكون الآخر مثله
قَالَ الله تَعَالَى {وخر رَاكِعا} ص 24
وَسجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ص وَسُئِلَ عَنْهَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده} الْأَنْعَام 90 وَقد كَانَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بالأقتداء بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ على أَن اقتداءه كَانَ بِهِ فِي الخضوع الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَثَبت أَن الرُّكُوع وَالسُّجُود سَوَاء فِي الحكم عِنْد التِّلَاوَة وَإِن كَانَ المُرَاد الخضوع بِأحد هذَيْن الْفِعْلَيْنِ
188 - فِي سنة السُّجُود للتلاوة

قَالَ أَصْحَابنَا يكبر إِذا سجد وَإِذا رفع وَلَا تَسْلِيم فِيهَا
وَقَالَ مَالك إِذا تَلَاهَا فِي صلَاته كبر إِذا سجد وَإِذا رفع وَإِذا قَرَأَهَا فِي غير صَلَاة فَكَانَ يضعف التَّكْبِير قبل السُّجُود وَبعده
ثمَّ قَالَ أرى أَن يكبر وَكَانَ لَا يرى السَّلَام بعْدهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر وَيرْفَع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَلَيْسَ فِيهِ تشهد وَتَسْلِيم

(1/242)


وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي الْأَحْوَص وَأبي قلَابَة وَابْن سِيرِين أَنهم كَانُوا يسلمُونَ إِذا رفعوا من سُجُود التِّلَاوَة
وَعَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم أَنه لَا يسلم
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن تَالِيهَا فِي الصَّلَاة لَا يسلم فَإِنَّهُ بعد رفع رَأسه مِنْهَا يعود إِلَى حَاله قبل ذَلِك كَذَلِك فِي غير الصَّلَاة
189 - فِي سُجُود الشُّكْر

أَبُو حنيفَة لَا يرى بِهِ بَأْسا
وَمَالك يكرههُ
وَقَالَ مُحَمَّد وَاللَّيْث لَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي أحب سُجُود الشُّكْر
وروى أَبُو بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جَاءَهُ شَيْء يسره خر سَاجِدا لله تَعَالَى
وروى أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه سجدوا لله حِين وجدوا المخدج إِلَيْهِ
وَكَعب بن مَالك لما بشر بِالتَّوْبَةِ سجد

(1/243)


وَقَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا} السَّجْدَة 15 فمدحهم على ذَلِك تعظيمهم إِيَّاه بِالسُّجُود عِنْد ذكر آيَات رَبهم
190 - فِي الإِمَام هَل يقْرَأ فِي الصَّلَاة سَجْدَة التِّلَاوَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقْرَأ سَجْدَة تِلَاوَة فِي صَلَاة لَا جهر فِيهَا
وَقَالَ مَالك أكرهه فِيمَا يجْهر وَفِيمَا لَا يجْهر
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس أَن يقْرَأ الإِمَام فِي الْمَكْتُوبَة سَجْدَة
وَقد رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ يَوْم الْجُمُعَة فِي صَلَاة الصُّبْح آلم تَنْزِيل و {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} فَهَذَا مِمَّا يجْهر فِيهِ
وروى يزِيد بن هَارُون عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي مجلز قَالَ وَلم أسمعهُ مِنْهُ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي صَلَاة الظّهْر فَرَأى أَصْحَابه أَنه قد قَرَأَ تَنْزِيل السَّجْدَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يعلم فِي هَذَا الْبَاب غير هَذَا الحَدِيث وَقد فسد بِمَا ذكر سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهِ أَنه لم يسمعهُ من أبي مجلز
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِذا لم يجْهر فَلَو قَرَأَ سَجْدَة وَسجد لم يدر النَّاس لما سجد للتلاوة فِي الصَّلَاة أَو فِي غَيرهَا أَو سُجُود وشكر فيسجدون من غير علم مِنْهُم لما سجدوا لَهُ

(1/244)


191 - فِي كَيْفيَّة قِرَاءَة الْمُنْفَرد

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا صلى وَحده فَأَسْمع أُذُنَيْهِ أَو رفع ذَلِك أَو خفض ذَلِك فِي نَفسه أَجزَأَهُ والجهر أفضل وَذَلِكَ فِي الصَّلَاة الَّتِي يجْهر فِيهَا الإِمَام
وَقَالَ مَالك الْمُنْفَرد بجهر وَيسمع نَفسه وَفَوق ذَلِك قَلِيلا وَالْمَرْأَة تسمع نَفسهَا وَلَيْسَ شَأْن النِّسَاء فِي هَذَا الْجَهْر
وَكَانَ مَالك لَا يرى مَا قَرَأَ بِهِ الرجل فِي الصَّلَاة فِي نَفسه مَا لم يُحَرك بِهِ لِسَانه
وَقَالَ الثَّوْريّ الإِمَام يسمع من خَلفه وَالْمُنْفَرد يسمع أُذُنَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن صلى فِي بَيته صَلَاة اللَّيْل إِن شَاءَ جهر وَإِن شَاءَ أسره وَمن فَاتَهُ بعض صَلَاة الإِمَام فِيمَا يجْهر فِيهِ فَيقوم فيقضيه أَنه يسمع أُذُنَيْهِ فَقَط
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس للمنفرد الْإخْفَاء لِاتِّفَاق الْجَمِيع أَنه فِي الْجَهْر دون الإِمَام وَأَنه لَا يجْهر كَمَا يجْهر الإِمَام
192 - فِيمَن أدْرك الإِمَام قَاعِدا

قَالَ أَصْحَابنَا يكبر تَكْبِيرَة الإفتتاح ثمَّ أُخْرَى يقْعد بهَا فَإِذا نَهَضَ الإِمَام قَامَ مَعَه بتكبيرة
وَقَالَ مَالك إِذا أدْركهُ سَاجِدا كبر لإحرامه وللسجود وَيقوم إِذا فرغ الإِمَام بتكبيرة قَالَ وَلَو أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة وفاتته ثَلَاث نَهَضَ بِغَيْر تَكْبِير

(1/245)


لِأَن الإِمَام حَبسه وَقد كبر هُوَ حِين رفع رَأسه من السُّجُود وَإِذا أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ يقْضِي بتكبيرة لِأَن جُلُوسه فِي وسط صلَاته
وَقَالَ الثَّوْريّ إِن أدْركهُ رَاكِعا أَو سَاجِدا كبر للْإِحْرَام ثمَّ أُخْرَى للرُّكُوع أَو السُّجُود وَإِن أدْركهُ سَاجِدا كبر لإحرامه وَجلسَ وَلم يكبر للجلوس
وَقَالَ اللَّيْث إِذا أدْركهُ جَالِسا كبر ثمَّ جلس
وَقَالَ الشَّافِعِي من دخل الْمَسْجِد فَوجدَ الإِمَام جَالِسا فِي آخر صلَاته فليحرم قَائِما وليجلس مَعَه وَلم يذكر تَكْبِيرا وَإِذا سلم الإِمَام قَامَ بِلَا تَكْبِير وَإِن أدْركهُ فِي اثْنَتَيْنِ جلس مَعَه كَذَلِك ثمَّ ينْهض بتكبير
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا أدْركهُ رَاكِعا أَو سَاجِدا أَنه ينْتَقل من الْقيام الى الرُّكُوع وَالسُّجُود بتكبير كَذَلِك الى الْقعُود حَتَّى يكون قعوده تاليا للتكبير كالركوع
193 - فِي مصلي الْفَرْض إِذا اقْتدى بالمتنفل

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ
وَقَالَ مَالك لَا أحب ذَلِك وَكَرِهَهُ الثَّوْريّ
وَقَالَ الشَّافِعِي يُجزئهُ
194 - فِي الصَّلَاة خلف الْجنب وَنَحْوه

قَالَ أَصْحَابنَا يُعِيد وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ ابْن شبْرمَة من قَرَأَ خَلفه أَجزَأَهُ وَمن لم يقْرَأ أعَاد

(1/246)


وَقَالَ مَالك يُعِيد وَلَا يعيدون واذا ذكر ذَلِك فِي صلَاته قدم رجلا فَبنى بهم وانتقضت صلَاته وَلم تنْتَقض صلَاتهم وَقَالَ فِي الإِمَام إِذا ذكر وَهُوَ يُصَلِّي صَلَاة مَكْتُوبَة انتقضت صلَاتهم وَصلَاته وَلم يَجعله مثل من صلى على غير وضوء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم أَيْضا عَن مَالك فِيمَن صلى بِقوم وَهُوَ جنب وَهُوَ يعلم بذلك مُتَعَمدا إِنَّهُم يعيدون الصَّلَاة
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يعيدون
وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن ائتم بِكَافِر ثمَّ علم أعَاد وَلم يكن هَذَا إسلاما مِنْهُ
قَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي يَهُودِيّ صلى بِقوم وهم لَا يَشْعُرُونَ أَنه يَهُودِيّ أَنه يكون مُسلما بِصَلَاتِهِ بهم فَإِن أَبى ذَلِك استتبته وَاحْتج بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاتنَا وَإِذا صلى خلف جنب جَازَت صلَاته
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو اقْتدى بِهِ مَعَ الْعلم بِحَالهِ لم تجزه صلَاته كَذَلِك إِذا لم يعلم وَكَذَلِكَ حَال الْجَهْل كَمَا لم يخْتَلف حكم الْعلم وَالْجهل فِي يقينه
195 - فِي صَلَاة الْعُرْيَان

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يُصَلِّي قَاعِدا بِالْإِيمَاءِ وَإِن كَانُوا جمَاعَة صلوا وحدانا فَإِن صلوا جمَاعَة قعد الإِمَام وسط الصَّفّ وصلوا بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ يصلونَ قيَاما بركوع وَسُجُود وَإِن قعدوا لم يجزهم
وَقَالَ مَالك يصلونَ قيَاما أفرادا يتباعد بَعضهم من بعض وَيصلونَ قيَاما

(1/247)


فَإِن كَانُوا فِي ليل مظلم لَا ينظر بَعضهم بَعْضًا صلوا جمَاعَة ويقدمهم إمَامهمْ
وَقَالَ اللَّيْث إِن كَانَ وَحده صلى قَائِما يرْكَع وَيسْجد وَإِن كَانُوا جمَاعَة صلوا قعُودا يَرْكَعُونَ ويسجدون وَيكون الإِمَام فِي وَسطهمْ فِي الصَّفّ مَعَهم
196 - فِيمَن فَاتَتْهُ صَلَاة الْفجْر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ يُصَلِّي الْفجْر
قَالَ مَالك يُصَلِّي صَلَاة الصُّبْح وَلَا يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر
قَالَ ابْن وهب وَسُئِلَ مَالك هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نَام عَن الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس ركع رَكْعَتي الْفجْر فَقَالَ مَا علمت
197 - فِي الإِمَام يسمع خَفق نعال من يُرِيد صلَاته

قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا ابْن أبي عمرَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن الإِمَام إِذا سمع خَفق النِّعَال من خَلفه وَهُوَ رَاكِع أينتظر أَصْحَابهَا قَالَ لَا يفعل وَإِن فعل فَصلَاته فَاسِدَة قَالَ وأخشى عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة من غير هَذِه الْجِهَة أَعنِي فِي إِعَادَة الصَّلَاة
وَذكر الْمُعَلَّى بن مَنْصُور قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلت أَبَا حنيفَة عَن ذَلِك قَالَ لَا ينتظرهم

(1/248)


قَالَ أكره أَن يدْخل فِي صلَاته مَا لَيْسَ مِنْهَا وأخشى أَن يكون انْتِظَاره الْقَوْم عَظِيما لِأَنَّهُ يُشْرك فِي صلَاته غير الله
وَقَالَ مَالك لَا ينتظره وَلَو انْتظر هَذَا انْتظر آخر ثمَّ آخر وَكَذَلِكَ
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ينتظره ولتكن صلَاته خَالِصَة لله تَعَالَى
قَالَ وروى الْكَرَابِيسِي عَنهُ أَنه لَا بَأْس بانتظاره
وروى عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء وَهُوَ حَامِل أحد ابنيه الْحسن أَو الْحُسَيْن فَوضع الْغُلَام عِنْد قدمه الْيُمْنَى فَسجدَ بَين ظهراني صلَاته سَجْدَة أطالها فَرفعت رَأْسِي من بَين النَّاس فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساجد وَإِذا الْغُلَام رَاكب ظَهره فعدت فسجدت فَلَمَّا صلى قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّك سجدت بَين ظهراني صَلَاتك سَجْدَة أطلتها ألشيء أمرت بِهِ أم كَانَ يُوحى إِلَيْك قَالَ كل ذَلِك لم يكن وَلَكِن ابْني ارتحلني فَكرِهت أَن أعجله حَتَّى يقْضِي مني حَاجته
وروى أَبُو هُرَيْرَة وَأنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع صَوت صبي وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَخفف
وَكَانَ فِي الصَّلَاة الأولى انْتِظَاره آتيه فِي الصَّلَاة حَتَّى قضى حَاجته مِنْهُ
وَفِي الْآخِرَة تخفيفه الصَّلَاة لبكاء الصَّبِي فَدلَّ أَن فَاعل هَذَا وَشبهه

(1/249)


لَا يخرج بِهِ من الصَّلَاة وَلَا خلاف أَن الإِمَام يجوز لَهُ أَن ينْتَظر حُضُور الْجَمَاعَة مَا لم يخْش فَوَات الْوَقْت قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة
198 - فِي رد السَّلَام فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا تفْسد صلَاته إِذا رده بِكَلَام وَإِن رده بِإِشَارَة فقد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يرد حَتَّى يُصَلِّي فَإِذا صلى رد السَّلَام
قَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يسلم على الْمُصَلِّي وَيرد الْمُصَلِّي بِالْإِشَارَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يُشِير بِهِ فِي الصَّلَاة وروى عَن صُهَيْب مَرَرْت برَسُول الله صلى الله عله وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسلمت عَلَيْهِ فَرد إِلَيّ إِشَارَة
روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى قبَاء فَجَاءَهُ الْأَنْصَار يسلمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ
وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ إِشَارَة وَقَالَ كُنَّا نرد السَّلَام فِي الصَّلَاة فنهينا عَن ذَلِك
وَلم يذكر فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي الصَّلَاة حِين رد بِإِشَارَة

(1/250)


وَقَوله كُنَّا نرد السَّلَام فِي الصَّلَاة فنهينا عَن ذَلِك يَقْتَضِي ظَاهِرَة النَّهْي عَن سَائِر وُجُوه الرَّد
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود سلمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرد عَليّ وَقَالَ إِن فِي الصَّلَاة شغلا
قَالَ وَيحْتَمل أَن تكون إِشَارَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى من سلم عَلَيْهِ على وَجه النَّهْي لَهُم عَن السَّلَام عَلَيْهِ
وروى أَبُو الزبير عَن جَابر كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَبَعَثَنِي فِي حَاجَة فَانْطَلَقت إِلَيْهَا ثمَّ رجعت إِلَيْهِ وَهُوَ على رَاحِلَته فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ فِي الصَّلَاة بِإِشَارَة وَلَا غَيرهَا
وَقَالَ عَطاء سَأَلت جَابِرا عَن الرجل يسلم عَليّ وَأَنا أُصَلِّي قَالَ لَا ترد عَلَيْهِ حَتَّى تقضي صَلَاتك
وَقَالَ سُفْيَان عَن جَابر قَالَ مَا أحب أَن أسلم على الرجل وَهُوَ يُصَلِّي وَلَو سلم عَليّ لرددت عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي بعد الصَّلَاة
199 - فِي إِعَادَة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا صلى فِيهِ أَهله لم يعد الْجَمَاعَة فِيهِ وَإِن كَانَ مَسْجِدا على الطَّرِيق صلى فِيهِ

(1/251)


قوم جمَاعَة ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَلَا بَأْس بِأَن يصلوا جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث لَا تُعَاد الْجَمَاعَة فِي تِلْكَ الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الَّذِي على الطَّرِيق غير من صلى فِيهِ قوم جمَاعَة ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَلَا بَأْس بِأَن يصلوا جمَاعَة فِي الصَّحرَاء ويجمعون فِيهِ صَلَاة أُخْرَى
وَقَالَ بعض أهل الحَدِيث يُعَاد فِي الْمَسْجِد الَّذِي لَهُ إِمَام ومؤذن
وَاحْتَجُّوا بِمَا روى وهيب بن خَالِد قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان الْأسود النَّاجِي قَالَ حَدثنَا أَبُو المتَوَكل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يُصَلِّي وَحده فَقَالَ أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا يُصَلِّي مَعَه
قَالَ وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يذكر أَنه كَانَ فِي مَسْجِد قد صلى فِيهِ أَهله
وَفِي إِسْنَاده سُلَيْمَان النَّاجِي وَهُوَ غير مَعْرُوف
قَالَ وَقد رووا فِيهِ أَيْضا حَدِيثا فِي حَدِيث يحيى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن زحر عَن الْقَاسِم قَالَ وَهَذَا الْإِسْنَاد وَلَا تقوم الْحجَّة بِمثلِهِ
قَالَ وَلَو جَازَت إِعَادَة الْجَمَاعَة لدعي النَّاس إِلَيْهَا بِالْأَذَانِ وَلَا خلاف أَنه لَا يُعَاد الْأَذَان وَالْإِقَامَة
200 - فِي الصَّلَاة بعد طُلُوع الْفجْر

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُصَلِّي تَطَوّعا بعد طُلُوع الْفجْر إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر

(1/252)


وَقَالَ مَالك إِذا غلبته عينه ففاته رُكُوعه وَحزبه الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فأرجو أَن يكون خَفِيفا أَن يصليه بعد طُلُوع الْفجْر وَأما غير ذَلِك فَلَا يُعجبنِي أَن يُصَلِّي بعد انفجار الصُّبْح إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر
لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَا يُصَلِّي تَطَوّعا مُبْتَدأ لَيْسَ هُوَ حزبه الْفَائِت فَالْقِيَاس أَن يكون مَا فَاتَهُ من حزبه مثله لِأَنَّهُ تطوع كَالصَّلَاةِ بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر لم يخْتَلف فِيهِ حزبه الْفَائِت والمبتدأ
وَقد رُوِيَ كَرَاهَة ذَلِك عَن أبن عمر
201 - إِذا ركع فِي بَيته رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد هَل يُصَلِّي لدُخُوله

قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر فِي بَيته ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد وَلم تقم الصَّلَاة أَنه لَا يرْكَع لدُخُول الْمَسْجِد وَيجْلس
وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة أَشهب يرْكَع أحب إِلَيّ
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ أحب إِلَيّ أَن يقْعد
202 - فِيمَا يجزىء من السُّجُود

قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِن سجد على أَنفه أَو على جَبهته أَجزَأَهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يسْجد على جَبهته لم يجزه
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن لم يلصق أَنفه بِالْأَرْضِ لم يجزه

(1/253)


روى عَامر بن سعد عَن أَبِيه قَالَ أَمر العَبْد أَن يسْجد على سَبْعَة آرَاب وَجهه وكفيه وركبتيه وقدميه أَيهمَا لم يَقع فَهَذَا ينقص
وروى اللَّيْث قَالَ حَدثنِي ابْن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب
أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا سجد العَبْد سجد مَعَه سَبْعَة آرَاب وَجهه وَكَفاهُ وَركبَتَاهُ وَقَدمَاهُ فَأجَاز السُّجُود بِوَضْع الْوَجْه أَي مَوضِع كَانَ مِنْهُ
وروى ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد على سبع يَدَيْهِ وركبتيه وأطراف أَصَابِعه وجبهته
وروى ابْن جريج عَن ابْن طَاوس بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ الْجَبْهَة وَالْأنف
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن عمر وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد على سَبْعَة أعظم
فَقُلْنَا إِن الْآرَاب الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث الأول هِيَ الْعِظَام الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث والجبهة عظم وَمَا يسْجد من طرف الْأنف لَيْسَ بِعظم
203 - فِي كف الثِّيَاب

قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يكف ثَوْبه وَلَا شعره فِي الصَّلَاة
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ يعْمل عملا قبل ذَلِك فشمر كميه أَو جمع شعره

(1/254)


أَو كَانَ ذَلِك هَيئته ولباسه فَلَا بَأْس أَن يُصَلِّي كَذَلِك وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا خير فِيهِ
204 - إِذا فرغ الإِمَام هَل يقْعد

قَالَ أَصْحَابنَا كل صَلَاة بعْدهَا نَافِلَة مسنونة فَإِنَّهُ لَا يقْعد وَيقوم إِلَى النَّافِلَة وَمَا لَيْسَ بعْدهَا نَافِلَة كالفجر وَالْعصر فَإِن شَاءَ قَامَ وَإِن شَاءَ ترك بعد
وَقَالَ مُحَمَّد ينْتَقل فِي الصَّلَوَات كلهَا ليتَحَقَّق الْمَأْمُوم أَنه لم يبْق عَلَيْهِ شَيْء من الصَّلَاة من سُجُود وسهو وَلَا غَيره
وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق أَنه كَانَ إِذا سلم فِي الصَّلَاة كَأَنَّهُ على الرضف حَتَّى ينْتَقل
وَقَالَ مَالك يقوم وَلَا يقْعد فِي الصَّلَاة كلهَا إِلَّا إِذا كَانَ إِمَام مَسْجِد الْجَمَاعَة وَإِن كَانَ إِمَامًا فِي سفر لَيْسَ بِإِمَام جمَاعَة فَإِن شَاءَ نحى وَإِن شَاءَ أَقَامَ
وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم أَو ينحرف
وَقَالَ الشَّافِعِي يقوم إِلَّا أَن يكون مَعَه نسَاء لينصرفن
205 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْقَاعِد

روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَزفر أَنه يجلس كجلوس الصَّلَاة فِي التَّشَهُّد وَكَذَلِكَ يرْكَع وَيسْجد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يكون فِي حَال قِيَامه متربعا وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع وَيسْجد ضم

(1/255)


رجلَيْهِ كَمَا يجلس فِي الصَّلَاة وَكَذَلِكَ الموميء يجلس فِي حَال قِيَامه متربعا وَفِي رُكُوعه وَسُجُوده كجلوس التَّشَهُّد
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذِه الرِّوَايَة عَن أبي يُوسُف فِي جُلُوسه متربعا فِي الْقيام وَترك التربع فِي حَال الرُّكُوع
وَالْمَشْهُور من قَوْله وَقَول مُحَمَّد أَنه يكون متربعا فِي حَال الرُّكُوع
وروى ابْن عبد الحكم عَن مَالك أَنه يتربع فِي حَال قِيَامه وركوعه فَإِذا أَرَادَ السُّجُود تهيء للسُّجُود فَسجدَ وَذَلِكَ على قدر مَا يُطيق
وَقَالَ الثَّوْريّ يتربع فِي حَال الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع ويثني رجلَيْهِ فِي حَال السُّجُود فَيسْجد
وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث
وَقَالَ الشَّافِعِي يجلس فِي صلَاته كجلوس التَّشَهُّد
فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ والبويطي يُصَلِّي متربعا فِي مَوضِع الْقيام
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن أم سلمى أَنَّهَا صلت متربعة من رمد كَانَ بهَا
وَعَن أبن مَسْعُود لِأَن اجْلِسْ على رضفين أحب إِلَيّ من أَن اتربع فِي الصَّلَاة
206 - فِي صَلَاة المومىء

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صلى مُضْطَجعا تكون رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَوَجهه

(1/256)


مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي على جنبه وَوَجهه الى الْقبْلَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقَاعِد يسْتَقْبل بِوَجْهِهِ الْقبْلَة كَذَلِك المضطجع
207 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة فِي مَسْجده

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِن شَاءَ صلى فِي هَذَا الْمَسْجِد وَإِن شَاءَ فِي مَسْجِد آخر يُصَلِّي فِيهِ الْجَمَاعَة
إِلَّا أَن مَالِكًا قَالَ إِلَّا أَن يكون فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَا يخرجُوا ويصلوا وحدانا لِأَن هذَيْن المسجدين أعظم اجرا مِمَّن صلى فِي الْجَمَاعَة
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا فاتتك الصَّلَاة فِي جمَاعَة فِي مَسْجِد قَوْمك فصل فِي مَسْجِد قَوْمك وَلَا تتبع الْمَسَاجِد وَإِن فرطت فِيهِ أتيت مَسْجِدا آخر قَالَ مَعْنَاهُ أَنه إِذا خرج يُرِيد الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد قومه راجيا لذَلِك فَسبق بِهِ فَلهُ ثَوَاب الْجَمَاعَة فَلَا معنى لطلبه الْجَمَاعَة فِي غير مَسْجِد قومه فَإِن فرط فِي الْخُرُوج الى مَسْجِد قومه لم يكن لَهُ ثَوَاب جمَاعَة فَالْأولى بِهِ أَن يطْلب الْجَمَاعَة حَيْثُ كَانَت حَتَّى يكْتب لَهُ ثَوَاب الْجَمَاعَة
وَاحْتج لمَالِك بِأَن صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل على صَلَاة الْفَذ بِخمْس وَعشْرين دَرَجَة كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام

(1/257)


وَمَسْجِد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أفضل من صَلَاة فِي غَيرهمَا فَلذَلِك لم يدركهما بِفضل الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد غَيرهمَا
208 - فِيمَن افْتتح الصَّلَاة بِغَيْر الله أكبر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِذا افْتتح الصَّلَاة بالتهليل والتحميد وَنَحْوه أَنه يُجزئهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ إِذا كَانَ يحسن التَّكْبِير
قَالَ مَالك لَا يجزىء من الْإِحْرَام للصَّلَاة إِلَّا الله اكبر وَلَا من السَّلَام من الصَّلَاة إِلَّا السَّلَام عَلَيْكُم
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء إِلَّا الله أكبر وَالله الْأَكْبَر
209 - فِيمَن أدْرك الإِمَام رَاكِعا فَلم يرْكَع

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا أدْركهُ رَاكِعا وَأمكنهُ الرُّكُوع فَلم يكبر حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه أَنه لَا يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي رِوَايَة اللَّيْث وَزفر يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الْحسن بن زِيَاد
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أدْركهُ وَهُوَ رَاكِع فَكبر وتشاغل حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه لم يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَإِذا أدْركهُ وَهُوَ رَاكِع ثمَّ غَلبه النّوم حَتَّى رفع الإِمَام

(1/258)


رَأسه وَقد أدْرك مَعَه مَا لَو ينم ركع مُتَمَكنًا مَعَ الإِمَام اتبعهُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَة
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر إِذا أدْرك الإِمَام وَهُوَ رَاكِع فَكبر قبل أَن يرفع الإِمَام رَأسه فقد أدْرك الرَّكْعَة
وَقد رُوِيَ عَن عمر وَابْن مَسْعُود إِذا رفع أحدكُم رَأسه قبل الإِمَام فليضع رَأسه ثمَّ ليمكث بِقدر مَا رفع قبله فَأمره بِقَضَاء مَا ترك من السُّجُود بعد رفع رَأسه
210 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة فتطوع قبل الْمَكْتُوبَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا أَتَى الْمَسْجِد قد صلي فِيهِ فَلَا بَأْس بِأَن يتَطَوَّع قبل الْمَكْتُوبَة إِذا كَانَ فِي وَقت
وَقَالَ الثَّوْريّ أبدأ بالمكتوبة ثمَّ أتطوع إِن شِئْت وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن اللَّيْث فِي ذَلِك وَفِي كل وَاجِب من صَلَاة أَو صِيَام أَو نذر فَإِنَّهُ يبْدَأ بِالْوَاجِبِ قبل النَّقْل
وَرُوِيَ عَنهُ أَنه إِن أدْرك الإِمَام فِي قيام رَمَضَان وَلم يكن صلى الْعشَاء أَنه يُصَلِّي مَعَهم فَإِذا فرغ صلى الْعشَاء وَإِن علم أَنهم فِي الْقيام قبل أَن يدْخل الْمَسْجِد فَوجدَ مَكَانا طَاهِرا فَليصل الْعشَاء ثمَّ ليدْخل مَعَهم فِي الْقيام
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يبْدَأ بالفريضة وَلَا يتَطَوَّع حَتَّى يفرغ من الْفَرِيضَة فَإِن كَانَ الظّهْر فرغ مِنْهَا وَمن الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ يُصَلِّي الْأَرْبَع الَّتِي لم يصلها قبل الظّهْر

(1/259)


قضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر فِي حَال الْفَوات
211 - فِي الْقِرَاءَة بِالْفَارِسِيَّةِ

قَالَ أَبُو حنيفَة يُجزئهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ إِذا كَانَ يحسن الْقِرَاءَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ التَّكْبِير
وَقَالَ مَالك أكره أَن يحلف الرجل بالعجمية
212 - فِيمَن مَعَه ثوب نجس لَا يجد غَيره

قَالَ روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه إِن شَاءَ صلى عُريَانا وَإِن شَاءَ صلى فِي الثَّوْب وَلم يفرق بَين مقادير النَّجَاسَات الَّتِي فِيهِ
وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَ فِيهِ دم أَكثر من قدر الدِّرْهَم لم يجزه أَن يُصَلِّي عُريَانا يومىء وَإِن شَاءَ صلى فِي الثَّوْب

(1/260)


وَقَالَ مُحَمَّد لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يُصَلِّي فِي الثَّوْب
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يُصَلِّي فِي الثَّوْب النَّجس وَإِن أصَاب ثوبا غَيره أعَاد فِي الْوَقْت وَلم يعد ان مضى الْوَقْت وَإِن كَانَ مَعَه ثوب حَرِير صلى فِيهِ دون الثَّوْب النَّجس وَيُعِيد فِي الْوَقْت إِن وجد غَيره
وَقَالَ الثَّوْريّ يُصَلِّي فِي الثَّوْب النَّجس أحب إِلَيّ من أَن يُصَلِّي عُريَانا وَإِن كَانَ مملوءا دَمًا
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُصَلِّي فِيهِ وَيجزئهُ الصَّلَاة عُريَانا إِذا كَانَ ثَوْبه غير طَاهِر
213 - فِي النَّجَاسَة مَوضِع الْقَدَمَيْنِ أَو السُّجُود

بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَ فِي مَوضِع قَدَمَيْهِ بَوْل أَكثر من قدر الدِّرْهَم فَصلَاته فَاسِدَة وَلَا تفْسد عَلَيْهِ فِي مَوضِع السُّجُود
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُعِيد تِلْكَ السَّجْدَة فَإِن لم يفعل حَتَّى خرج من الصَّلَاة فَسدتْ صلَاته وروى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف أَيْضا
وَقَالَ زفر صلَاته فَاسِدَة فِي مَوضِع الْقيام وَمَوْضِع السُّجُود الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَيجزئهُ صلَاته عِنْدهم
وَقَالَ مَالك يُعِيد الصَّلَاة فِي الْوَقْت وَإِن لم يكن إِلَّا فِي مَوضِع الْكَفَّيْنِ وَحده أَو مَوضِع الْجَبْهَة أَو الْقَدَمَيْنِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُجزئهُ مَا لم يكن مقَامه أَو شَيْء من مساجده على القذر

(1/261)


وَقَالَ الشَّافِعِي يُعِيد إِن صلى وَفِي مَوضِع سُجُوده أَو رُكْبَتَيْهِ شَيْء من أَبْوَال الْإِبِل أَو أبعارها
قَالَ أَبُو جَعْفَر السُّجُود على مَوضِع النَّجَاسَة كلا سُجُود فَيفْسد إِذا خرج مِنْهَا وَإِذا وضع رُكْبَتَيْهِ على النَّجَاسَة كَانَ بِمَنْزِلَة من لم يَضَعهَا وَلَا يفْسد
214 - فِي الْحَائِض تطهر فِي آخر الْوَقْت

روى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فِي الأَصْل
إِذا طهرت فِي آخر وَقت الظّهْر فاغتسلت وفرغت قبل خُرُوج الْوَقْت صلت وَإِن أخرت الْغسْل فَإِن عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي الظّهْر وَإِن لم يُمكنهَا الْغسْل حَتَّى يذهب الْوَقْت لم يكن عَلَيْهَا قَضَاء الصَّلَاة وَلم يذكر خلافًا وَلَا فرقا بَين قَلِيل الْحيض وَبَين كَثِيره
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد فِي نوادره
وَلم يذكر خلافًا أَنَّهَا إِذا كَانَت أَيَّامهَا عشرا فَانْقَطع الدَّم قبل طُلُوع الْفجْر فِي وَقت لَا يقدر على الْغسْل حَتَّى يطلع الْفجْر أَنَّهَا تَصُوم وَلَا تقضي وتغتسل وَتصلي الْعشَاء الْآخِرَة وَلَا يملك زَوجهَا رَجعتهَا
وَلَو كَانَت أَيَّامهَا خمْسا فَانْقَطع الدَّم قبل طُلُوع الْفجْر فِي وَقت لَا يقدر على الْغسْل حَتَّى يطلع الْفجْر فَإِنَّهَا تَصُوم وتقضي وتغتسل وَلَا تصلي الْعشَاء وَزوجهَا يملك الرّجْعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس
وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره

(1/262)


فِي امْرَأَة تطهرت من حَيْضهَا فِي وَقت صَلَاة وَلم يبْق عَلَيْهَا فِي الْوَقْت إِلَّا قدر مَا تدخل فِي الصَّلَاة فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاء تِلْكَ الصَّلَاة وَلم نجد فِيهِ خلافًا
وَذكر مُحَمَّد بن خَالِد عَن أَصْحَابه الحرانيين فِي اخْتِلَاف زفر وَأبي يُوسُف
فِي الْمَرْأَة تحيض قبل غرُوب الشَّمْس وَلم تصل الْعَصْر فِي مِقْدَار مَا لَو أَرَادَت أَن تصلي الْعَصْر لم يفرغ مِنْهَا حَتَّى تغيب الشَّمْس
قَالَ كَانَ قَول زفر إِن عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة
وَقَالَ يَعْقُوب لَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة
وَقَالَ مَالك إِذا طهرت قبل غرُوب الشَّمْس فاشتغلت بِالْغسْلِ فَلم تزل مجتهدة حَتَّى غربت الشَّمْس لَا أرى أَن تصلي شَيْئا من صَلَاة النَّهَار
وَقَالَ فِي الطاهرة تنسى الظّهْر وَالْعصر حَتَّى تصفر الشَّمْس ثمَّ تحيض فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا فَإِن لم تَحض حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فعلَيْهَا الْقَضَاء ناسية كَانَت أَو متعمدة
وَقَالَ مَالك إِذا رَأَتْ الطُّهْر عِنْد غرُوب الشَّمْس فَأرى أَن تَغْتَسِل ثمَّ تصلي فَإِن فرغت فِي غسلهَا قبل غرُوب الشَّمْس فَإِن كَانَ فِيمَا أدْركْت مَا تصلي الظّهْر وركعة من الْعَصْر فلتصل الظّهْر وَالْعصر فَإِن كَانَ الَّذِي بَقِي من النَّهَار لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قدر صَلَاة وَاحِدَة وَهِي الْعَصْر فلتصلها وَإِن لم يكن بَقِي من النَّهَار إِلَّا قدر رَكْعَة وَاحِدَة فلتصل تِلْكَ الرَّكْعَة ثمَّ تقضي مَا بَقِي من تِلْكَ الصَّلَاة
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا طهرت من آخر النَّهَار فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْعَصْر وان صلت الظّهْر مَعهَا فَهُوَ أحب إِلَيّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا طهرت قبل مغيب الشَّمْس صلت الظّهْر وَالْعصر وَإِن طهرت قبل طُلُوع الْفجْر صلت الْمغرب وَالْعشَاء
وَقَالَ اللَّيْث إِذا بَقِي من الْوَقْت مَا يُمكنهَا أَن تصلي الْعشَاء فعلَيْهَا وَإِن لم تدْرك مِنْهُ إِلَّا مِقْدَار مَا تصلي الْعشَاء فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْمغرب

(1/263)


وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا طهرت قبل مغيب الشَّمْس بِرَكْعَة أعادت الظّهْر وَالْعصر وَكَذَلِكَ قبل الْفجْر بِرَكْعَة أعادت الْمغرب وَالْعشَاء وَاحْتج بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك
قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون ذَلِك قبل النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا فَينْسَخ بِالنَّهْي
وَقد رُوِيَ عَن شُعْبَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح قبل طُلُوع الشَّمْس فقد أدْرك الصَّلَاة وَمن أدْرك رَكْعَتَيْنِ من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الصَّلَاة
فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث رَكْعَتَيْنِ فَلم يجز لَهُ اعْتِبَار الرَّكْعَة دونهمَا
215 - فِي الْمغمى عَلَيْهِ هَل يقْضِي

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أُغمي عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة قضى وَإِن كَانَ أَكثر لم يقْض
وَقَالَ مَالك من أُغمي عَلَيْهِ فِي وَقت صَلَاة فَلم يفق حَتَّى ذهبت وَقتهَا

(1/264)


ظهرا كَانَت أَو عصرا وَالْعصر وَقتهَا إِلَى مغيب الشَّمْس فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمغرب وَالْعشَاء وقتهما اللَّيْل كُله
وَقَالَ عبد الله بن عبد الحكم عَن مَالك وَإِذا طهرت وَقد بَقِي من الْوَقْت مَا تَغْتَسِل أَو تصلي خمس رَكْعَات فعلَيْهَا قبل الْفجْر أَربع رَكْعَات صلت الْمغرب وَالْعشَاء وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك صلت الْعشَاء وَإِن بَقِي عَلَيْهَا قبل الْفجْر مِقْدَار رَكْعَة قبل طُلُوع الشَّمْس صلت الصُّبْح وَإِذا أَفَاق الْمغمى عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا وصفت لَك فِي الْحَائِض
وَقَول اللَّيْث كَذَلِك
وروى قبيصَة عَن سُفْيَان فِيمَن أغمى عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ وليلتين ثمَّ أَفَاق بعد طُلُوع الشَّمْس فَأحب إِلَيّ أَن يقْضِي
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أُغمي عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ أَفَاق قبل مغيب الشَّفق فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر وَإِن أَفَاق قبل طُلُوع الْفجْر صلى الْمغرب وَالْعشَاء
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أُغمي عَلَيْهِ خمس صلوَات فَمَا دونهن قضى ذَلِك كُله إِذا أَفَاق وَإِن أُغمي عَلَيْهِ أَيَّامًا قضى خمس صلوَات ينظر حِين أَفَاق فَيَقْضِي مَا عَلَيْهِ
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يقْضِي الْمغمى عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ وَإِن طَال بِمَنْزِلَة النَّائِم وَلَيْسَ كَالْمَجْنُونِ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَفَاق الْمغمى عَلَيْهِ وَقد بَقِي عَلَيْهِ من النَّهَار قدر مَا يكبر تَكْبِيرَة وَاحِدَة أعَاد الظّهْر وَالْعصر وَإِذا أَفَاق وَقد بَقِي عَلَيْهِ من اللَّيْل قبل أَن يطلع الْفجْر قدر تَكْبِيرَة قضى الْمغرب وَالْعشَاء

(1/265)


قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَنه لَو جن قبل دُخُول وَقت الصَّلَاة فَلم يفق حَتَّى خرج الْوَقْت أَنه لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَو لم يجن ونام كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاء والمغمى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَا يفِيق بالتنبيه
216 - فِي محاذاة الْمَرْأَة فِي الصَّلَاة

قَالَ اصحابنا إِذا اشْتَركَا فِي صَلَاة وَاحِدَة أفسدت عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يفْسد عَلَيْهِ
217 - فِي دُخُول الْمَرْأَة فِي صَلَاة الرجل من غير نِيَّة لإمامتها

قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر لَا يَصح دُخُولهَا فِي صلَاته إِلَّا أَن ينويها
وَقَالَ مَالك وَزفر وَالشَّافِعِيّ يَصح
218 - فِي الْحَدث فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا فِي سَائِر الْأَحْدَاث إِذا سبقه فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يتَوَضَّأ وَيَبْنِي وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى
وَقَالَ ابْن شبْرمَة ينْتَقض صلَاته فَإِن كَانَ إِمَامًا قدم رجلا فَيصَلي بَقِيَّة صلَاته فَإِن لم يفعل فصلى كل وَاحِد مِنْهُم مَا عَلَيْهِ أَجزَأَهُ وَالْإِمَام يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل
وَقَالَ مَالك إِذا رعف فِي أول صلَاته قبل أَن يرْكَع وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ يغسل الدَّم عَنهُ وَيرجع فَيُعِيد الْإِقَامَة وَالتَّكْبِير وَالْقِرَاءَة وَمن أَصَابَهُ فِي وسط

(1/266)


صلَاته فليبن مَا مضى وَلَوْلَا خلاف من مضى لَكَانَ الْكَلَام وَابْتِدَاء الصَّلَاة أعجب إِلَيّ
وَقَالَ مَالك لَا يَبْنِي فِي الْقَيْء وَلَا يَبْنِي أحد إِلَّا فِي الرعاف
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ حَدثهُ من رُعَاف أَو قيء تَوَضَّأ وَبني حَدثهُ من بَوْل أَو ريح أَو ضحك أعَاد الْوضُوء وَالصَّلَاة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن كَانَ حَدثهُ من قيء أَو ريح تَوَضَّأ واستقبل وَإِن كَانَ من رُعَاف تَوَضَّأ وَبنى وَكَذَلِكَ دم غير الرعاف
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يسْتَأْنف وَفِي الْأُخْرَى يَبْنِي
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَيْء والرعاف الْوضُوء وَالْبناء فِي حَدِيث عَائِشَة
وروى عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَن أحدث فِي صلَاته من بَوْل أَو قيء

(1/267)


أَو رُعَاف أَو غَائِط أَنه يتَوَضَّأ وَيَبْنِي
وَعَن عمر أَنه تَوَضَّأ من الرعاف وَبنى
وَعَن ابْن عمر وعلقمة مثله
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم لهَؤُلَاء مُخَالفا من الصَّحَابَة إِلَّا شَيْئا يرْوى عَن الْمسور بن مخرمَة فَإِنَّهُ قَالَ يبتدىء صلَاته
219 - فِي غسل مَوضِع الْحجامَة

قَالَ أَبُو جَعْفَر سَائِر الْفُقَهَاء يغسلهُ
وَقَالَ اللَّيْث بن سعد لَا بَأْس يمسحه ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يغسلهُ
220 - فِي اسْتِخْلَاف الإِمَام عِنْد الْحَدث

قَالَ أَصْحَابنَا إِن لم يقدم وَاحِد مِنْهُم حَتَّى خرج الإِمَام من الْمَسْجِد بطلت صَلَاة الْقَوْم وَإِن تقدم وَاحِد مِنْهُم قبل خُرُوجه لم تبطل وَبنى على صَلَاة الأول
وَقَالَ مَالك يجوز أَن يقدم آخر وَإِن تكلم لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي وَإِن لم يتَكَلَّم
وَقَالَ الشَّافِعِي يصلونَ فُرَادَى وَإِن أمّهم أحدهم أجزأهم
فَلم يَخْتَلِفُوا أَن الإِمَام الْمُحدث إِن يقدم على أَنه بعد الْحَدث على حكم إِمَامَته وَبعد خُرُوجه من الْمَسْجِد لَا يجوز أَن يبْقى على حكم الْإِمَامَة فَإِنَّهُ

(1/268)


لَا يَصح الِاقْتِدَاء بِهِ
221 - فِيمَن ظن أَنه أحدث فَانْصَرف

قَالَ أَصْحَابنَا أَن خرج من الْمَسْجِد بطلت صلَاته وَإِن لم يكن خرج عَاد فَبنى
وَقَالَ مَالك يسْتَقْبل وَلَا يَبْنِي
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ظن أَنه أحدث أَو أَنه على غير وضوء فاستخلف ثمَّ خرج فَعلم أَنه على وضوء أَن صلَاته تَامَّة إِن رَجَعَ وَبنى وَأما الْقَوْم فأرجو أَن يجزئهم وَأَن يستقبلوا أحب إِلَيّ
222 - فِيمَن تكلم أَو سلم سَاهِيا فِي صلَاته

قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد إِذا سلم سَاهِيا لم تفْسد صلَاته
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن تكلم سَاهِيا فَسدتْ
قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ ابْن أبي عمرَان يَقُول فِي السَّلَام تفْسد أَيْضا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ من سلم أَو تكلم سَاهِيا بنى

(1/269)


وروى عَن الثَّوْريّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا إِن كَلَام النَّاس يفْسد وَالْأُخْرَى أَنه لَا يفْسد
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سلم نَاسِيا وَانْصَرف ثمَّ ذكر فَإِنَّهُ يقْضِي مَا بَقِي من صلَاته وَإِن دخل فِي التَّطَوُّع ثمَّ ذكر ألغى التَّطَوُّع إِذا لم يكن ركع وَيَقْضِي بَقِيَّة الْفَرْض فَإِن أحدث اسْتَأْنف الصَّلَاة
وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه إِن لم يذكر مَا ترك حَتَّى أحدث أَو تَوَضَّأ قضى مَا ترك وَإِن ذكرهَا وَهُوَ طَاهِر فَلم يقضها حَتَّى بَال اسْتَأْنف
قَالَ الْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَا تفْسد الصَّلَاة نَاسِيا
قَالَ الْحسن فَإِن دخل فِي صَلَاة أُخْرَى كَانَ قطعا للأولى
وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يسهو عَن بعض صلَاته فيذكر ذَلِك بَعْدَمَا انْصَرف إِلَى منزله أَو إِلَى السُّوق أَو بعد صَلَاة أُخْرَى
قَالَ كُنَّا نرى أَنه يَبْنِي على مَا صلى وَإِن تبَاعد ذَلِك ثمَّ يسْجد للسَّهْو مَا لم ينْتَقض وضوء تِلْكَ الصَّلَاة لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي بعد الْحَدث
223 - فِي اخْتِلَاف حَال الإِمَام وَالْمَأْمُوم فِي الْعذر

وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يَقْتَدِي الْقَائِم بالقاعد
وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري لَا يجزئهم وَيجزئهُ

(1/270)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف مُحَمَّد لَا يَقْتَدِي من يرْكَع وَيسْجد قَاعِدا أَو قَائِما بالمومىء
وَقَالَ زفر يَقْتَدِي بِهِ
224 - إِذا زَالَ الْعذر فِي الصَّلَاة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِيمَن صلى بإيماء رَكْعَة ثمَّ صَحَّ أَن يسْتَقْبل وَلَو كَانَ قَاعِدا يرْكَع وَيسْجد ثمَّ صَحَّ بنى فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَلَا يَبْنِي فِي قَول مُحَمَّد
وَقَالَ زفر يَبْنِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
قَالَ وروى زفر عَن أبي حنيفَة فِي المومىء أَنه يَبْنِي وَلم يذكر خلافًا
وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا صَار إِلَى حَال لَا يقدر فِيهَا على الْقيام وَلَا على السُّجُود أَنه يسْتَقْبل
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَبْنِي
225 - فِيمَن لم يصل رَكْعَتي الْفجْر وَأدْركَ الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا إِن خشِي أَن تفوته الركعتان مَعَ الإِمَام دخل مَعَه وَإِن رجا أَن يدْرك رَكْعَة صلى رَكْعَتي الْفجْر خَارج الْمَسْجِد ثمَّ يدْخل مَعَ الإِمَام
وَقَالَ إِذا كَانَ دخل الْمَسْجِد فَلْيدْخلْ مَعَ الإِمَام

(1/271)


وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ دخل الْمَسْجِد فَلْيدْخلْ مَعَ الإِمَام وَلَا يركعهما وَإِن لم يدْخل الْمَسْجِد فَإِن لم يخف أَن يفوتهُ الإِمَام بالركعة فليركع خَارج الْمَسْجِد وَلَا يركعهما فِي شَيْء من أفنية الْمَسْجِد الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَة اللاصقة بِالْمَسْجِدِ وَإِن خَافَ أَن تفوته الرَّكْعَة مَعَ الإِمَام فَليصل مَعَه
وَقَالَ الثَّوْريّ إِن خشِي فَوت رَكْعَة دخل مَعَه وَلم يصلهمَا وَإِن كَانَ قد دخل الْمَسْجِد
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا دخل الْمَسْجِد يركعهما إِلَّا أَن يُوقن أَنه إِن قعد فَاتَتْهُ الرَّكْعَة الْآخِرَة فَأَما الرَّكْعَة الأولى فليركع وَإِن فَاتَتْهُ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أَخذ الْمُقِيم فِي الْإِقَامَة فَلَا تطوع إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر
وَقَالَ الشَّافِعِي من دخل الْمَسْجِد وأقيمت صَلَاة الصُّبْح فَلْيدْخلْ مَعَ النَّاس وَلَا يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر
وروى شُعْبَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة
وروى أَبُو عَاصِم عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
وروى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مجمع الْأنْصَارِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله

(1/272)


وروى سعيد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا
قَالَ سعيد فِي آخِره فَقلت لِسُفْيَان مَرْفُوع قَالَ نعم
وروى حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد جَمِيعًا عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا
وَرُوِيَ عبد الله بن مَسْعُود أَنه دخل الْمَسْجِد وَقد اقيمت الصَّلَاة فصلى إِلَى اسطوانة فِي الْمَسْجِد رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ دخل فِي الصَّلَاة بِمحضر من حُذَيْفَة وَأبي مُوسَى
قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا حَمَّاد عَن ابْن معبد قَالَ حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حَفْص بن عَاصِم عَن مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ أُقِيمَت صَلَاة الْفجْر فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فَقَامَ عَلَيْهِ لاث بِهِ النَّاس فَقَالَ أتصليها أَرْبعا ثَلَاث مَرَّات
قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون النَّهْي لِأَنَّهُ جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من الْفَرْض وَالنَّفْل فِي مَوضِع كَمَا نهي من صلى الْجُمُعَة أَن تصلى بعْدهَا تَطَوّعا فِي مقَام حَتَّى يتَقَدَّم أَو يتَكَلَّم
226 - فِيمَن فَاتَتْهُ رَكعَتَا الْفجْر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يفضيها
وَقَالَ مُحَمَّد أحب أَن يَقْضِيهَا إِذا طلعت الشَّمْس

(1/273)


وَقَالَ مَالك أَنا أحب أَن يركعهما بعد طُلُوع الشَّمْس
وَقَالَ الشَّافِعِي يركعهما بعد طُلُوع الشَّمْس فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ
وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَنهُ بعد طُلُوع الشَّمْس
وَاحْتج من اخْتَار قبل طُلُوع الشَّمْس بِحَدِيث قيس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر قبل طُلُوع الشَّمْس فَلم يُنكره
قَالَ أَبُو جَعْفَر هُوَ حَدِيث مَقْطُوع لِأَنَّهُ فِي كتب اللَّيْث مَقْطُوع على يحيى بن سعيد
ويروي عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن قيس جد يحيى بن سعيد وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم لم يكن سمع قيسا
227 - فِي سَجْدَتي السَّهْو

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري بعد السَّلَام
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ نُقْصَانا فَقبل السَّلَام وَإِن كَانَ لزِيَادَة فَبعد السَّلَام
قَالَ وَلَا اخْتِلَاف عَن مَالك أَنه إِذا كَانَ لزِيَادَة ونقصان أَنه قبل السَّلَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ قبل السَّلَام

(1/274)


228 - هَل فِي سُجُود السَّهْو تشهد

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري يتَشَهَّد بعدهمَا وَهُوَ قَول مَكْحُول
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ فِيهَا تشهد
229 - فِيمَا يُوجب سُجُود السَّهْو

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَامَ فِيمَا يقْعد أَو قعد فِيمَا يُقَام أَو سلم سَاهِيا فِي وسط الصَّلَاة أَو ترك قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب أَو أَخّرهَا أَو التَّشَهُّد أَو الْقُنُوت أَو تَكْبِير الْعِيدَيْنِ أَو كَانَ إِمَامًا فجهر فِيمَا يُخَافت أَو خَافت فِيمَا يجْهر فَعَلَيهِ سُجُود السَّهْو وَلَيْسَ فِي تَكْبِير الرّفْع والخفض وَالتَّسْبِيح وَشَيْء من الذّكر سوى مَا ذكرنَا
وَقَالَ مَالك إِذا جلس فِي مَوضِع الْقيام أَو قَامَ فِي مَوضِع الْجُلُوس أَو سلم سَاهِيا أَو نسي التَّشَهُّد أَو ذكر الله تَعَالَى بعد التَّشَهُّد أَو ترك تَكْبِير الرّفْع أَو الْخَفْض أَو نسي تَكْبِيرَة وَاحِدَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن نسي أَكثر سجد
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا نسي الْقِرَاءَة فِي الْأَوليين أَو قَامَ فِيمَا يجلس أَو جلس فِيمَا يُقَام أَو جهر أَو خَافت فِيمَا يجْهر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن سَهَا عَن التَّشَهُّد سجد
وَقَالَ اللَّيْث إِذا ترك التَّشَهُّد نَاسِيا وَهُوَ جَالس سجد للسَّهْو وَإِن أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَعَلَيهِ السُّجُود وَلَو كَانَ مَكَان الله أكبر سمع الله لمن حَمده لم يكن عَلَيْهِ سُجُود

(1/275)


وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي من سَهَا عَنهُ فِي تَكْبِيرَة سوى تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح أَو جهر فِيمَا يسر فِيهِ أَو أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَلَا سُجُود عَلَيْهِ إِلَّا فِي عمل الْبدن فَإِذا نسي آمين وتسبيح الرُّكُوع وَالسُّجُود فَلَا سُجُود عَلَيْهِ
230 - فِي الإِمَام إِذا سَهَا وَلم يسْجد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يسْجد من خَلفه
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يسْجد من خَلفه
231 - فِيمَن سَهَا عَن سَجْدَتي السَّهْو

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو فنسي أَن يسْجد حَتَّى تكلم سقط عَنهُ
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا وَجب سُجُود السَّهْو قبل السَّلَام فَسَهَا عَنهُ فَإِن كَانَ ذَلِك قَرِيبا فليسجدهما وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن تبَاعد ذَلِك وانتقض وضوءه فليعد الصَّلَاة
قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فَإِن كَانَ عَلَيْهِ سُجُود السهود بعد السَّلَام لم يفْسد عَلَيْهِ فَإِذا فرغ مِمَّا هُوَ فِيهِ سجد للسَّهْو الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ
قَالَ وَكَانَ مَالك يَقُول سجدتا السَّهْو ليستا من الصَّلَاة
وَقَالَ اللَّيْث إِذا سَهَا عَن سُجُود السَّهْو فَلم يذكرهُ إِلَّا وَهُوَ فِي آخر رَكْعَة فِي الْعَصْر مَعَ الإِمَام وَهُوَ مِمَّا يفعل قبل السَّلَام فَإِنَّهُ إِذا سلم الإِمَام فَليصل الصَّلَاة الَّتِي كَانَ سَهَا فِيهَا ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يُعِيد صَلَاة الْعَصْر

(1/276)


قَالَ وَإِن كَانَ سَهْوه ذَلِك بعد السَّلَام بِأَنَّهُ مَا سجدهما قطّ وَيُعِيد الصَّلَاة
وَقَالَ الثَّوْريّ وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو بعد الْكَلَام إِذا ذكر سَهْوه وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا نسي سَجْدَتي السَّهْو بَعْدَمَا تكلم وَقَامَ سجدهما
وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن ذكر سَجْدَتي السَّهْو بعد أَن سلم قَرِيبا أعادهما وَإِن تطاول لم يعد
232 - فِي الشاك فِي صلَاته

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ أول مَا شكّ اسْتقْبل وَإِن لَقِي ذَلِك غير مرّة تحرى
وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه يتحَرَّى
وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَنه يَبْنِي على الْيَقِين
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتحَرَّى وَإِن نَام فِي صلَاته وَلَا يدْرِي كم صلى اسْتَأْنف صلَاته
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يتحَرَّى
وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ هَذَا نسي وَلَا يزَال الشَّك سجد سَجْدَتي السَّهْو وَإِن لم يكن يلْزمه قبل اسْتَأْنف تِلْكَ الرَّكْعَة لسجدتيها وَسجد للسَّهْو وَإِن لم يكن يلْزمه

(1/277)


233 - فِيمَن سَهَا مرَارًا

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سَهَا عَن التشهدين كليهمَا فَذكر بَعْدَمَا سلم قبل أَن ينْصَرف فَإِنَّهُ يسْجد سَجْدَتَيْنِ ويتشهد وَإِن هُوَ لم يذكر ذَلِك حَتَّى ينْصَرف فليسجد أَربع سَجدَات
234 - إِذا سَهَا عَن تَكْبِيرَة الإفتتاح

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يُعِيد صلَاته
وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه يُعِيد صلَاته من أَولهَا
وروى ابْن وهب عَن مَالك فِي الإِمَام ترك تَكْبِيرَة الإفتتاح حَتَّى يفرغ أَنه يُعِيد وَيُعِيد من خَلفه وَإِن كَانَ من خَلفه قد كبر
وَقَالَ وَسُئِلَ مَالك عَن رجل دخل مَعَ الإِمَام فِي صَلَاة فنسي تَكْبِيرَة الإفتتاح وَتَكْبِيرَة الرُّكُوع حَتَّى صلى رَكْعَة ثمَّ ذكر أَنه لم يكن كبر عِنْد الإفتتاح وَلَا عِنْد الرُّكُوع وَكبر فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة
قَالَ يبتدىء صلَاته أحب إِلَيّ وَلَو سَهَا عَن الإِمَام عَن تَكْبِيرَة الإفتتاح وَكبر للرُّكُوع أَجزَأَهُ إِذا نوى بهَا تَكْبِيرَة افْتِتَاح الصَّلَاة
وَقَالَ مَالك فِي الَّذِي يُصَلِّي لنَفسِهِ فَيتْرك تَكْبِيرَة الإفتتاح وَتَكْبِيرَة الرُّكُوع وَهُوَ مَعَ إِمَام أَو وَحده ثمَّ ذكر فَإِن كَانَ مَعَ الإِمَام كبر إِذا ذكر وَإِن لم يذكر حَتَّى ينْصَرف فقد أَجْزَأت عَنهُ صلَاته وَإِن كَانَ وَحده ألْقى مَا قبل ذَلِك ثمَّ اسْتقْبل التَّكْبِير وَإِن لم يذكر حَتَّى ينْصَرف أعَاد الصَّلَاة

(1/278)


وَقَالَ اللَّيْث قَالَ ربيعَة إِذا سَهَا عَن تَكْبِيرَة الْإِحْرَام أعَاد صلَاته
قَالَ وَكَانَ يحيى بن سعيد يرى أَنه إِذا كبر تَكْبِيرَة الرُّكُوع أَن صلَاته مجزئة عَنهُ وَقَالَ ذَلِك ابْن شهَاب
وَقَالَ اللَّيْث فَإِن لم يكبر تَكْبِيرَة الرُّكُوع وَلَا تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِلَّا أَن يفْطن لذَلِك فَكبر تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيعتد بهَا ويلغي مَا كَانَ قبلهَا
235 - فِي الرجل يُصَلِّي الظّهْر خمْسا

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ لم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى وَتشهد وَسلم وَيسْجد للسَّهْو واستقبل الظّهْر
وَإِن كَانَ قعد فِي الرَّابِعَة كَذَلِك يفعل وأجزأته وَإِن لم يضف إِلَيْهَا أُخْرَى وَسلم فِي الْخَامِسَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ زفر إِن قطع على الْخَامِسَة قضى رَكْعَتَيْنِ فَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة
قَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد يسْجد سَجْدَتَيْنِ فِي الْخَامِسَة وَهُوَ جَالس بعد أَن يسلم
وَقَالَ مَالك لَا يضيف إِلَيْهَا وَيسْجد للسَّهْو
وَقَالَ الثَّوْريّ إِن لم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد اسْتقْبل وَإِن كَانَ قد قعد قدر التَّشَهُّد أَجزَأَهُ وَسجد للسَّهْو
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يبْق عَلَيْهِ فِي الرَّابِعَة إِلَّا التَّسْلِيم فَزَاد رَكْعَة جَاهِلا أَنه يُعِيد الصَّلَاة وَإِن فعل ذَلِك نَاسِيا أَجْزَأته صلَاته وَسجد للسَّهْو

(1/279)


وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ذكر وَهُوَ فِي الْخَامِسَة وَقد وَصلهَا بِسَجْدَة أَو لم يسْجد قعد فِي الرَّابِعَة أَو لم يقْعد فَإِنَّهُ يجلس للرابعة ويتشهد وَيسْجد للسَّهْو
وروى إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر خمْسا فَقيل لَهُ أَزِيد فِي الصَّلَاة قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ صليت خمْسا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَلَيْسَ فِيهِ أَنه كَانَ قعد فِي الرَّابِعَة أَو لم يقْعد
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا يزِيد بن سِنَان قَالَ حَدثنَا أَبُو عَاصِم قَالَ أخبرنَا ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مرّة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر خمْسا فَلم يقْعد فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو
قَالَ مُحَمَّد بن مرّة مَجْهُول لَا يعرف
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
إِذا صلى أحدكُم فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليبن على الْيَقِين ويدع الشَّك فَإِن كَانَت صلَاته نقصت فقد أتمهَا وَكَانَت السجدتان ترغمان الشَّيْطَان وَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَ مَا زَاد والسجدتان لَهُ نَافِلَة

(1/280)


وَلم يفرق بَين قعوده فِي الرَّابِعَة وَبَين تَركه فَدلَّ على أَنه لَا فرق بَين أَن يقْعد أَو لَا يقْعد
قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فليبن على الْيَقِين ويدع الشَّك قد اقْتضى الْقعُود فِي الرَّابِعَة لِأَنَّهُ لَا يكون ثَابتا على الْيَقِين إِلَّا كَذَلِك
236 - فِيمَن سَهَا عَن سَجْدَة أَو أَكثر مِنْهَا

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا أَتَى فِي كل رَكْعَة مِنْهَا السَّجْدَة وَترك بَاقِي السَّجْدَة وأتى الى آخر صلَاته فسجدهن وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن لم يقْعد فِي الرَّكْعَة بِسَجْدَة حَتَّى ركع فالركوع الثَّانِي لَغْو لَا يعْتد بِهِ
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا ترك من الرَّكْعَة سَجْدَة وَاحِدَة لم يعْتد بالركعة الثَّانِيَة مَا لم يسْجد تِلْكَ السَّجْدَة وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي رجل صلى أَربع رَكْعَات وسها أَن يسْجد لشَيْء مِنْهَا ثمَّ ذكر وَهُوَ جَالس فِي الرَّابِعَة أَنه لَا يسْجد ثَمَانِي سَجدَات وَيسْجد للسَّهْو وتجزئه صلَاته قَالَ فَإِن فعل ذَلِك جَاهِلا مُتَعَمدا فَإِذا ركع الثَّانِيَة قبل أَن يسْجد للأولى فَسدتْ صلَاته واستقبل

(1/281)


237 - فِي سَهْو الْمَأْمُوم

قَالَ أَصْحَابنَا من سَهَا خلف الإِمَام لَا يسْجد للسَّهْو
وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ اللَّيْث إِن تكلم سَاهِيا قبل سَلام الإِمَام فَلَا سُجُود عَلَيْهِ بعد سَلام الإِمَام
238 - فِي الْمَسْبُوق إِذا لم يدْرك سَهْو الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يتبع فِي سُجُود السَّهْو فَإِذا فرغ قضى مَا سبق بِهِ
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ سُجُود الإِمَام بعد السَّلَام لم يُتَابِعه الْمَسْبُوق وَلكنه يسْجد لنَفسِهِ إِذا قضى مَا سبق بِهِ
وَإِن كَانَ سُجُوده قبل السَّلَام تَابعه فِيهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يسْجد بعد الْقَضَاء
239 - إِذا جهر فِيمَا يُخَافت أَو خَافت فِيمَا يجْهر

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ سَاهِيا وَكَانَ إِمَامًا سجد للسَّهْو وَإِن كَانَ وَحده فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن فعله عَامِدًا فقد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة

(1/282)


وَقَالَ ابْن أبي ليلى يُعِيد بهم الصَّلَاة إِذا كَانَ إِمَامًا
وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو وَحده مَأْمُوما كَانَ أَو إِمَامًا إِلَّا أَن يكون نسيا خَفِيفا
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا جهر الإِمَام فِيمَا يُخَافت جَاهِلا أَجزَأَهُ وأجزأ من خَلفه وَلَيْسَ عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو وَإِن فعله سَاهِيا أجزأهم أَيْضا وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو وَإِن خَافت فِيمَا يجْهر فِيهِ جَاهِلا أَجزَأَهُ وَلم يجز من خَلفه وَلَا سَهْو عَلَيْهِ وَإِن فعله سَاهِيا أَجزَأَهُ وَلم يجز من خَلفه وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو وَإِن خَافت فِيمَا يجْهر فِيهِ فَلم يسمع أحدا مِمَّن خَلفه غير رجلَيْنِ أجزأهم كلهم إِذا سمع قِرَاءَته رجلَانِ خَلفه وَإِن سمع وَاحِد لم يجز
وَقَالَ اللَّيْث إِذا أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَعَلَيهِ سُجُود السَّهْو
240 - فِيمَن نسي رَكْعَة من صَلَاة وَلَا يدْرِي أَيَّة صَلَاة هِيَ

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُعِيد صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة
وَقَالَ زفر يُصَلِّي أَربع رَكْعَات يَنْوِي بهَا الظّهْر الَّتِي عَلَيْهِ وَيقْعد فِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يتحَرَّى فَإِن لم يكن مَعَه تحر صلى خمس صلوَات
وَقَالَ مُحَمَّد فِيمَا ذكره ابْن أبي عمرَان عَن أَصْحَاب مُحَمَّد

(1/283)


أَنه يُصَلِّي ثَلَاث صلوَات يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ سوى الْفجْر إِن كَانَت عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات بِإِقَامَة
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُعِيد خمس صلوَات فَإِن لم يدر أَفِي سفر كَانَ أَو فِي حضر أعَاد خمس صلوَات مُسَافِرًا وَخمْس صلوَات حَاضرا إِلَّا الْمغرب وَالْفَجْر فَإِنَّهُمَا فِي السّفر والحضر سَوَاء
وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل ينسى فِي الظّهْر وَالْعصر رَكْعَة لَا يدْرِي من أَيَّتهمَا نسي قَالَ إِن كَانَ وضوؤه لم ينْتَقض صلى رَكْعَة لِلظهْرِ وركعة للعصر وَسجد سَجْدَتي السَّهْو لركعة الظّهْر وَسجد سَجْدَتي السَّهْو لركعة الْعَصْر وَإِن كَانَ وضوؤه قد انْتقض صلى الظّهْر ثمَّ الْعَصْر
قَالَ أَبُو جَعْفَر يُعِيد خمس صلوَات تَارِكًا الْقيَاس لِأَنَّهُ يُجزئهُ أَن يَنْوِي مَا عَلَيْهِ من الصَّلَاة من بعيد كَمَا جَاءَ فِي قَضَاء رَمَضَان وَفِي الزَّكَاة وَإِن لم يعلم من أَي حول وككفارة رَمَضَان وَالْحج وَإِن لم يعلم من أَي حجَّة
241 - فِيمَن نسي صَلَاة الْوتر حَتَّى صلى الصُّبْح

قَالَ أَصْحَابنَا يَقْضِيه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه قَالَ إِذا طلعت الشَّمْس فَإِن شَاءَ قضى وَإِن شَاءَ لم يقْض

(1/284)


وَقَالَ مَالك يصليه قبل صَلَاة الْفجْر فَإِن لم يفعل حَتَّى طلعت الشَّمْس فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَقْضِيه مَتى ذكره فِي يَوْمه حَتَّى يُصَلِّي عشَاء الْآخِرَة فَإِن لم يذكرهُ حَتَّى صلى الْعشَاء الْآخِرَة فَلَا يَقْضِيه بعد طُلُوع الْفجْر
وَقَالَ الشَّافِعِي من نسي الْوتر حَتَّى صلى الصُّبْح أَنه لَا يُعِيد
242 - فِي تَرْتِيب الْفَوَائِت

قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ وَاجِب فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة إِذا كَانَ فِي الْوَقْت سَعَة للفائتة وَصَلَاة الْوَقْت فَإِن زَاد على الْيَوْم وَاللَّيْلَة لم يجب التَّرْتِيب وَالنِّسْيَان يسْقط التَّرْتِيب
وَقَالَ مَالك يجب التَّرْتِيب وَإِن نسي الْفَائِتَة
إِلَّا أَن يَقُول إِن كَانَت الْفَوَائِت كَثِيرَة بَدَأَ بِصَلَاة الْوَقْت ثمَّ صلى مَا كَانَ نسي وَإِن كَانَت الْفَوَائِت خمْسا ثمَّ ذكرهن قبل صَلَاة الصُّبْح صَلَّاهُنَّ قبل الصُّبْح وَإِن صلى الصُّبْح ثمَّ ذكر صلوَات صلى مَا نسي فَإِذا فرغ أعَاد الصُّبْح مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِن فَاتَ الْوَقْت لم يعد
وَقَالَ الثَّوْريّ يُوجب التَّرْتِيب إِلَّا أَنه لم يرو عَنهُ الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير لِأَنَّهُ صلى رَكْعَة من الْعَصْر ثمَّ ذكر أَنه سُئِلَ عَمَّن صلى الظّهْر على غير وضوء أَنه يشفع بِرَكْعَة ثمَّ يُصَلِّي فيستقبل الظّهْر ثمَّ الْعَصْر
وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ إِسْقَاط وجوب التَّرْتِيب وَفِي الْأُخْرَى إثْبَاته
وَقَالَ اللَّيْث إِذا ذكرهَا وَهُوَ فِي صَلَاة وَقد صلى رَكْعَة فَإِن كَانَ مَعَ الإِمَام فَليصل مَعَه حَتَّى إِذا سلم صلى الَّتِي نسي ثمَّ أعَاد الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا مَعَ

(1/285)


الإِمَام وَإِن كَانَ صلى رَكْعَة أتم إِلَيْهَا أُخْرَى وَسلم وَأعَاد مَا نسي ثمَّ أعَاد هَذِه وَإِن ذكرهَا فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة أتم الصَّلَاة ثمَّ أعَاد الصَّلَاة الَّتِي نسي وَهَذِه الَّتِي ذكرهَا فِيهَا
وَقَالَ إِذا ذكر الصُّبْح وَهُوَ مَعَ الإِمَام فِي الْجُمُعَة فَإِذا فرغ الإِمَام فَليصل الصُّبْح ثمَّ يُعِيد الظّهْر أَرْبعا فَإِن لم يذكر الصُّبْح إِلَّا بعد صَلَاة الإِمَام صلى الصُّبْح وَلَا يُعِيد الظّهْر لِأَنَّهُ يخرج من الْوَقْت وَلَو نسي الظّهْر فَذكرهَا بَعْدَمَا فرغ من الْعَصْر فَإِنَّهُ يُعِيد الظّهْر وَالْعصر وَلَو ذكره بعد الْمغرب أَو بعد يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُعِيد الَّتِي نسي فَقَط لِأَنَّهُ قد خرج من الْوَقْت
وَقَالَ فِيمَن نسي صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة إِنَّه يبْدَأ بِمَا بَدَأَ الله تَعَالَى بِهِ الأول فَالْأول ثمَّ الَّذِي حضر وقته وَإِن كَانَ الَّذِي نسي صلوَات كَثِيرَة صلى مَا حضر وقته ثمَّ صلى مَا نسي
وَقَالَ الْحسن إِذا صلى صلوَات بِغَيْر وضوء أَو نَام عَنْهُن قضى الأولى فَالْأولى وَإِن جَاءَ وَقت صَلَاة تَركهَا وَصلى مَا قبلهَا وَإِن فَاتَهُ وَقتهَا حَتَّى يبلغهَا وَإِن كَانَ تَوَضَّأ بِمَا يُجِيزهُ بعض النَّاس وَبَعْضهمْ يُوجب الْإِعَادَة كَالَّذي يتَوَضَّأ من بِئْر تَمُوت فِيهَا الدَّابَّة أَو يُصَلِّي وَفِي ثَوْبه الدَّم الْكثير فَإِنَّهُ يقْضِي الأولى فَالْأولى فَإِذا جَاءَ وَقت صَلَاة صلاهَا حَتَّى يحضر فِي الْجَمَاعَة وَلَا يؤخرها إِلَى آخر الْوَقْت ثمَّ يُصَلِّي بعد ذَلِك مَا بَقِي عَلَيْهِ مِمَّا يقْضِي
وَقَالَ إِن نسي الفائته جَازَت مَا بعْدهَا مَا لم يذكرهَا قبل قعودة قبل التَّشَهُّد فَإِنَّهُ إِن ذكرهَا قبل ذَلِك قضى الْفَائِتَة ثمَّ هَذِه
وَقَالَ الشَّافِعِي الإختيار أَن يبْدَأ بالفائتة فَإِن لم يفعل وَبَدَأَ بِصَلَاة الْوَقْت أَجزَأَهُ وَلَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر من نسي صَلَاة فَلم يذكرهَا إِلَّا وَرَاء الإِمَام فَإِذا سلم الإِمَام فَليصل الَّتِي نسي ثمَّ ليصل بعْدهَا

(1/286)


الصَّلَاة الْأُخْرَى
وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خلَافَة
243 - فِيمَن ذكر الْوتر وَهُوَ فِي الْفجْر

قَالَ أَبُو حنيفَة الْفجْر فَاسِدَة إِلَّا أَن يكون فِي آخر الْوَقْت
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يفْسد الْفجْر
وَقَالَ مَالك إِن ذكرهَا وَهُوَ خلف لَا يقطع الإِمَام ويمضي وَالَّذِي يَأْخُذ بِهِ فِي خَاصَّة نَفسه أَن يقطع وَإِن كَانَ خلف الإِمَام وَهَذَا أحب إِلَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يمْضِي فِي صلَاته ثمَّ يقْضِي الْوتر بعد طُلُوع الشَّمْس وَإِن لم يقضه فَلَا حرج
244 - فِي الْفَوَائِت هَل تقضى فِي جمَاعَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ تقضى فِي جمَاعَة وَلَيْسَ فِيهِ عَن مَالك رِوَايَة
وَيَقُول أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن تقضى جمَاعَة
وَقَالَ اللَّيْث يقضون فُرَادَى
245 - تحرى فَأَخْطَأَ الْقبْلَة وَصلى

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُعِيد وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ

(1/287)


وَقَالَ مَالك وَعبد الْعَزِيز الْمَاجشون وَالْأَوْزَاعِيّ يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعد الْوَقْت
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صلى إِلَى الشرق ثمَّ رأى الْقبْلَة إِلَى الْمغرب اسْتَأْنف فَإِن كَانَ شرقا ثمَّ رأى أَنه منحرف وَتلك جِهَة وَاحِدَة كَانَ عَلَيْهِ أَن ينحرف ويعتد بِمَا مضى
246 - فِيمَن قَامَ إِلَى الْقَضَاء قبل فرَاغ الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَرَأَ بعد قعُود الإِمَام مِقْدَار التَّشَهُّد مَا يجزىء بِهِ الصَّلَاة فَصلَاته جَائِزَة وَإِن لم يكن كَذَلِك فَصلَاته فَاسِدَة
وَقَالَ مَالك إِذا صلى رَكْعَة وسجدتين ثمَّ سلم الإِمَام لم يعْتد بِمَا صلى قبل سَلام الإِمَام وَلَو ركع وَلم يسْجد قبل أَن يسلم رَجَعَ فَقَرَأَ وابتدأ الْقِرَاءَة من أَولهَا ثمَّ أتم صلَاته وَسجد للسَّهْو قبل السَّلَام
وَقَالَ قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ إِذا ظن أَن الإِمَام قد سلم فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يجلس وَلَا يحْتَسب بهما وَلَا سَهْو عَلَيْهِ
وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يعْتد بِمَا صلى قبل السَّلَام ويقضيه وَلَا سَهْو عَلَيْهِ
247 - فِيمَن أوتر وَهُوَ يرى أَنه قد صلى الْعشَاء

قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن صلى الْعشَاء على غير وضوء أَنه لَا يُعِيد الْوتر

(1/288)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ أَنه يُعِيد
248 - فِيمَن أغفأ خلف الإِمَام فَتَوَضَّأ وَقد صلى الإِمَام بعض صلَاته

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِي النَّائِم خلف الإِمَام والمحدث إِذا جَاءَ وَقد صلى الإِمَام بعض صلَاته أَنه يبْدَأ بِالْأولَى فَالْأولى وَلَا يتبع الإِمَام حَتَّى يبلغ مَا يصليه
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن تبع الإِمَام ثمَّ قضى مَا ترك أَجزَأَهُ
وَقَالَ زفر لَا يُجزئهُ أَن يبْدَأ بآخر صلَاته قبل أَولهَا
قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا نعس أَو سَهَا حَتَّى سجد الإِمَام إِن ظن أَنه يُدْرِكهُ قبل أَن يرفع رَأسه من السُّجُود فليركع وليجلس وَإِلَّا فَلَا يعْتد بهَا وليركع إِذا فرغ من الصَّلَاة
وَقَالَ مَالك من أدْرك الرَّكْعَة يَوْم الْجُمُعَة فزحمه النَّاس بَعْدَمَا ركع فَلم يقدر على السُّجُود حَتَّى فرغ الإِمَام أَنه يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا وَإِن زحمه النَّاس يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا ركع الإِمَام فَلم يقدر حَتَّى ركع الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَلَا أرى أَن يسْجد وليركع مَعَ الإِمَام هَذِه الرَّكْعَة الثَّانِيَة ويلغي الأولى ويضيف إِلَيْهَا أُخْرَى
قَالَ فَإِن زحمه النَّاس بَعْدَمَا ركع الإِمَام وَقد ركع مَعَه رَكْعَة فَلم يقدر

(1/289)


على أَن يسْجد مَعَه حَتَّى سجد الإِمَام وَقَامَ فليتبعه مَا لم يرْكَع الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يسهو مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَائِم فِي صلَاته حَتَّى يسْجد الإِمَام وَيقوم فِي الثَّانِيَة قَالَ يتبعهُ فِيمَا سبقه مَا لم يرفع رَأسه من السَّجْدَة الثَّانِيَة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل نعس مَعَ امام فى صَلَاة الصُّبْح فَلم يعلم حَتَّى ركع الامام قَالَ يتبعهُ وان لم يعلم حَتَّى اسْتَوَى قَائِما فَإِنَّهُ يمْضِي مَعَه فَإِذا سلم الإِمَام يقْضِي ركعته الأولى
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا نَام خلف الإِمَام حَتَّى صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يبْدَأ بِمَا صلى الإِمَام الأول فَالْأول حَتَّى يدْرك الإِمَام وَلَو كَانَ أحدث ثمَّ جَاءَ وَقد صلى الإِمَام رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ صلى مَعَه مَا أدْرك ثمَّ يقْضِي مَا سبقه الإِمَام وبقراءة
قَالَ إِذا خرج يتَوَضَّأ فَلَيْسَ مَعَ الإِمَام إِن أفسد صلَاته لم تفْسد عَلَيْهِ والنائم لَا يخرج من صَلَاة الإِمَام لِأَنَّهُ يفْسد عَلَيْهِ مَا يفْسد على الإِمَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا رعف خلف الإِمَام فِي الْمَكْتُوبَة يو الْجُمُعَة فَإِنَّهُ إِذا جَاءَ صلى مَعَه مَا أدْرك ثمَّ يقْضِي الرَّكْعَة الَّتِي رعف فِيهَا بسجدتيها
وَقَالَ فِي الرجل يسهو مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَائِم فِي صلَاته حَتَّى سجد الإِمَام وَيقوم فِي الثَّانِيَة فَإِنَّهُ يرْكَع وَيسْجد ثمَّ يتبع الإِمَام مَا لم يرفع الإِمَام رَأسه من الرُّكُوع من الثَّانِيَة فَإِذا لم يدْرك حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَليصل مَعَ الإِمَام مَا بقى من الصَّلَاة ثمَّ يُعِيد تِلْكَ الرَّكْعَة بِسَجْدَة وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يتبع الإِمَام ثمَّ يقْضِي مَا سبقه

(1/290)


وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا زحم فَلم يقدر على السُّجُود حَتَّى قضى الإِمَام سُجُوده سجد وَتبع الإِمَام إِذا قَامَ واعتد بهَا فَإِن كَانَ ذَلِك فِي الأولى فَلم يُمكنهُ السُّجُود حَتَّى ركع الإِمَام فِي الثَّانِيَة لم يكن لَهُ أَن يسْجد لركعته الأولى إِلَّا أَن يخرج من إِمَامَته
قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن من فَاتَهُ رُكُوع أَو سُجُود مَعَ إِمَامه وَقد كَانَ دخل مَعَ إِمَامه فِي أول صلَاته ثمَّ قدر على أَن يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ من ذَلِك قبل دُخُول إِمَامه فِي الرَّكْعَة الَّتِي تتلو هَذِه أَنه يَأْتِي بِمَا تَركه وَلَا يُؤَخِّرهُ إِلَى خُرُوجه من صَلَاة الإِمَام وَكَذَلِكَ إِذا دخل مَعَ الإِمَام فِي الرَّكْعَة الَّتِي تلِي هَذِه
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول زفر الَّذِي ذكرنَا هُوَ الْقيَاس فِي إِفْسَاد صلَاته إِذا تبع الإِمَام وَترك مَا قبله لاتفاقهم على أَن الْمَسْبُوق وَلَو نوى أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام مَا سبقه بِهِ دون مَا هُوَ فِيهِ فَسدتْ صلَاته
قَالَ أَبُو بكر هما مفترقان من قبل أَن يدْرك أول الصَّلَاة تَابع الإِمَام فِي الْحَالين بَدَأَ بالفائت أَو بِصَلَاة الإِمَام وَأكْثر مَا فِيهِ ترك التَّرْتِيب وَذَلِكَ لَا يفْسد عِنْدهم والمسبوق إِذا دخل فِي صَلَاة الإِمَام أَو نوى قَضَاء الْفَوَائِت فَهُوَ مُنْفَرد فِيهَا بِفِعْلِهِ وَمن انْفَرد عَن صَلَاة الإِمَام بعد دُخُوله فِيهَا قبل فرَاغ الإِمَام مِنْهَا فَسدتْ صلَاته
249 - فِي الرجل يحدث فِي رُكُوعه أَو سُجُوده

قَالَ أَصْحَابنَا يُعِيد مَا أحدث فِيهِ وَلَا يعْتد بِهِ
وَقَالَ مَالك من رعف بَعْدَمَا ركع أَو بَعْدَمَا رفع رَأسه من رُكُوعه وَسجد سَجْدَة وَاحِدَة من الرَّكْعَة رَجَعَ فَغسل عَنهُ الدَّم وألغى الرَّكْعَة وسجدتيها وأستأنف قِرَاءَة تِلْكَ الرَّكْعَة من أَولهَا

(1/291)


250 - فِي الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقت وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بِعَرَفَة والمزدلفة
وَقَالَ مَالك يجمع الْمَرِيض فِي الْمَطَر والظلمة وَلَا يجمع فِي السّفر إِلَّا أَن يجد بِهِ السّير فَيصَلي الظّهْر فِي آخر وَقتهَا وَالْعصر فِي أول وَقتهَا وَالْمغْرب فِي آخر وَقتهَا وَالْعشَاء فِي أول وَقتهَا إِلَّا أَن يرتحل بعد الزَّوَال فَيجمع بَينهمَا فِي تِلْكَ السَّاعَة فِي المنهل قبل أَن يرتحل وَالْمغْرب فِي آخر وَقت الْمغرب وَالْعشَاء بَعْدَمَا يغيب الشَّفق
وَلم يذكر فِي الْمغرب وَالْعشَاء كَمَا ذكر فِي الظّهْر وَالْعصر عِنْد الرحيل من المنهل
وَقَالَ اللَّيْث يجمع الْمَرِيض والمبطون بَين الصَّلَاتَيْنِ الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء وَلَا يجمع فِي السّفر إِلَّا إِن ارتحل وجد بِهِ السّير
وَقَالَ الشَّافِعِي يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر إِذا نوى الْجمع عِنْد الأولى والمطر مثل السّفر فِي جَوَاز الْجمع

(1/292)


251 - فِيمَن أدْرك الصَّلَاة هَل فعله أول الصَّلَاة أَو آخرهَا

قَالَ ذكر مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِن الَّذِي يَقْضِيه أول صلَاته وَكَذَلِكَ يقْرَأ فِيهَا وَلم يجد خلافًا
وَقَالَ مَالك يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الَّتِي أدْرك الإِمَام فِيهَا بِأم الْقُرْآن وَسورَة فِي كل رَكْعَة
وَقَالَ الثَّوْريّ يصنع فِيمَا يقْضِي مثل مَا يصنع الإِمَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا أدْرك من صَلَاة الإِمَام فَهُوَ أول صلَاته
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ أول صَلَاة الإِمَام أول صَلَاتك وَآخر صَلَاة الإِمَام آخر صَلَاتك إِذا فاتك بعض الصَّلَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي مَا أدْرك من الصَّلَاة فَهُوَ أول صلَاته
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فاقضوا يدل على أَن الَّذِي يصليه مَعَ الإِمَام هُوَ الَّذِي يصليه الإِمَام
قَالَ وَلَو كَانَ مَا يَفْعَله الإِمَام أول صلَاته لاستحال أَن يكون قَاضِيا لشَيْء فَائت لِأَن الَّذِي يُصَلِّي فِي مَوْضِعه لَيْسَ بفائت وَفِي إِجْمَاعهم أَنه يقْضِي بَقِيَّة

(1/293)


صلَاته كَمَا وَردت السّنة دَلِيل على أَن الَّذِي يَقْضِيه فَائت وَأَن الَّذِي صلى مَعَ الإِمَام لَيْسَ مدْركا للفائت
فَإِن قيل فَلم يَأْمُرهُ إِذا قضى الْفَائِت بالتشهد وَقد قعده قبل ذَلِك عدل فِي مَوْضِعه
قيل لَهُ لِأَنَّهُ لم يفعل التَّسْلِيم وَمن سنة التَّسْلِيم أَن يكون عقيب التَّشَهُّد
252 - فِيمَن صَار من الرُّكُوع إِلَى السُّجُود

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد يُجزئهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول مَالك
قَالَ ابْن وهب عَن مَالك يلغي تِلْكَ الرَّكْعَة وَلَا يعدها من صلَاته إِذا لم يرجع صلبه
وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَنهُ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع ثمَّ يهوي سَاجِدا قبل أَن يعتدل أَنه يُجزئهُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يرفع رَأسه من الرُّكُوع لم يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة حَتَّى يقوم فيعتدل صلبه قَائِما
وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر عَن

(1/294)


أبي معمر عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَا تجزىء صَلَاة لَا يُقيم فِيهَا الرجل صلبه إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع وَالسُّجُود
وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي
ثمَّ ارْفَعْ واعتدل قَائِما ثمَّ اسجد فاعتدل سَاجِدا ثمَّ اجْلِسْ فاطمئن جَالِسا ثمَّ اسجد فَإِذا صليت صَلَاتك على هَذَا فقد أتممتها وَمَا أنقصت من ذَلِك فَإِنَّمَا تنقص من صَلَاتك
قَالَ أَبُو بكر جعله إِيَّاهَا نَاقِصَة يدل على الْجَوَاز
253 - فِيمَن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَقَرَأَ بغَيْرهَا

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يُجزئهُ وَقد أَسَاءَ إِن تعمد ذَلِك
وَقَالَ مَالك إِن ترك قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب فِي الْأَوليين وَقَرَأَ بغَيْرهَا فَإِنَّهُ يُعِيد صلَاته
وَقَالَ إِن نسي أم الْقُرْآن فِي رَكْعَة فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَن يلغي تِلْكَ الرَّكْعَة

(1/295)


وَيُعِيدهَا وَلَو سجد سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَام رَجَوْت أَن تجزىء عَنهُ ركعته هَذِه
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن ترك من أم الْقُرْآن حرفا وَهُوَ فِي الرَّكْعَة رَجَعَ إِلَيْهَا وأتمها وَإِن لم يذكر حَتَّى خرج من الصَّلَاة وتطاول أعَاد
254 - فِي ترك الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة

إِذا قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة جَازَت صلَاته فِي قَول أَصْحَابنَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَإِن لم يقْرَأ فِي ثَلَاث رَكْعَات بطلت صلَاته
وَقَالَ مَالك فِيمَن لم يقْرَأ فِي صلَاته أَنه يُعِيدهَا وَإِن ذهب الْوَقْت
وروى شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَن عمر قَالَ لَهُ رجل إِنِّي صليت صَلَاة لم أَقرَأ فِيهَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ عمر أَلَيْسَ قد أتممت الرُّكُوع وَالسُّجُود
قَالَ بلَى قَالَ تمت صَلَاتك
قَالَ شُعْبَة حَدثنِي عبيد الله بن عمر الْعمريّ قَالَ قلت لمُحَمد بن إِبْرَاهِيم مِمَّن سَمِعت هَذَا الحَدِيث قَالَ من أبي سَلمَة عَن عمر

(1/296)


255 - فِيمَن صلى فِي بَيته الْفَرْض ثمَّ أدْرك الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي مَعَه الْفجْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَيُصلي مَعَه الْعشَاء
وروى ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام من كَانَ قد صلى فِي بَيته صَلَاة الْمغرب فَإِنَّهُ إِذا أَعَادَهَا صَارَت شفعا
قَالَ فَإِذا لم يدْرك مَعَ الإِمَام فِي هَذِه الصَّلَاة رَكْعَة فَإِن صلَاته الأولى تُجزئه وَكَذَلِكَ إِذا أحدث فِي هَذِه يَعْنِي الَّتِي دخل فِيهَا فَصلَاته فِي بَيته هِيَ صلَاته
وَقد بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا
قَالَ مَالك وَإِذا وجدهم فِي آخر الصَّلَاة جُلُوسًا فَلَا يدْخل مَعَهم وليقم على صلَاته الَّتِي صلى فِي بَيته
قَالَ وَهَذَا لَا يدْرِي أَي هَاتين الصَّلَاتَيْنِ هِيَ الْفَرِيضَة وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى أَيَّتهمَا شَاءَ
قَالَ مَالك كل من صلى فِي جمَاعَة وَإِن لم يكن إِلَّا وَاحِدًا فَلَا يُعِيد

(1/297)


تِلْكَ الصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة وَإِن أُقِيمَت وَهُوَ فِي الْمَسْجِد خرج وَلم يصل مَعَهم
وَقَالَ الثَّوْريّ يُعِيد الصَّلَاة كلهَا مَعَ الإِمَام فِي الْجَمَاعَة إِلَّا الْمغرب وَالْفَجْر
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ فِي الْمَسْجِد وَقد أَخذ الْمُؤَذّن فِي الْإِقَامَة لم يخرج حَتَّى يُصَلِّي وَذَلِكَ فِي سَائِر الصَّلَوَات وَإِن كَانَ قد صلاهَا وَإِن أذن وَلم يَأْخُذ الْإِقَامَة لَا يخرج إِلَّا فِي الْفجْر وَالْعصر وَإِذا صلى مَعَ الإِمَام فالفريضة هِيَ الأولى
وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الرجل الَّذِي قد صلى مرّة مَعَ الْجَمَاعَة كل صَلَاة فَالْأولى فَرِيضَة وَالثَّانيَِة سنة تطوع
وروى بسر بن محجن الديلِي عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ فَجَلَست وَلم أقِم الصَّلَاة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لي أَلَسْت مُسلما قلت بلَى قَالَ فَمَا مَنعك أَن تصلي مَعنا فَقلت قد كنت صليت مَعَ أَهلِي فَقَالَ صل مَعَ النَّاس وَإِن كنت قد صليت مَعَ أهلك
فَفِي هَذَا الحَدِيث الْأَمر بِاتِّبَاع الإِمَام فِي غير تعْيين الصَّلَاة
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الصَّامِت عَن أبي ذَر قَالَ
أَوْصَانِي خليلي أَن أُصَلِّي الصَّلَوَات لوَقْتهَا وَإِن أدْركْت الإِمَام وَقد سَبَقَك

(1/298)


فقد أجزأتك وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَة
وَفِي حَدِيث يزِيد بن الْأسود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِذا صليتما فِي رحالكما ثمَّ أتيتما النَّاس وهم يصلونَ فَصَليَا مَعَهم فَإِنَّهَا لَكمَا نَافِلَة
فَأخْبر أَن الثَّانِيَة نَافِلَة والنافلة مَنْهِيّ عَنْهَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر وَإِن يكون وترا
256 - فِي الْفَتْح على الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يفتح على الإِمَام
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن فتح عَلَيْهِ لم تفْسد صلَاته
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس أَن يفتح على الإِمَام
وروى خَليفَة بن حُصَيْن عَن أبي نصر وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن أدينة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ تردد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آيَة فِي صَلَاة فَلَمَّا قضى الصَّلَاة نظر فِي وُجُوه الْقَوْم فَقَالَ مَا صلى مَعكُمْ أبي بن كَعْب

(1/299)


فَرَأى الْقَوْم إِنَّمَا تفقده ليفتح عَلَيْهِ
وروى أَبُو إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ كرم الله وَجهه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفتح على الإِمَام
وَهَذَا يفْسد مَا روى عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ
أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ إِذا استطعمكم الإِمَام فأطعموه يَعْنِي الْفَتْح على الإِمَام
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نابكم شَيْء فِي صَلَاتكُمْ فَسَبحُوا
فَلَمَّا كَانَ تسبيحه لما ينوبه مُبَاحا ففتحه على الإِمَام أَحْرَى أَن يكون مُبَاحا

(1/300)


257 - فِي النفخ فِي الصَّلَاة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري إِذا كَانَ يسمع يقطع الصَّلَاة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَعبيد الله بن الْحسن لَا يقطع ويكرهونه
عَطاء ب السَّائِب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِالنَّاسِ فَنفخ فِي آخر سُجُوده وَقَالَ رب أَلا تعدني أَن لَا تُعَذبهُمْ وَأَنت فيهم
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا خلاف أَن النفخ فِي الصَّلَاة مَكْرُوه وعَلى أَن النفخ الْمَذْكُور فِي هَذِه الصَّلَاة مَنْسُوخ كَمَا نسخ الْكَلَام فِي الصَّلَاة
258 - فِيمَن صلى وَهُوَ حاقن

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن يكره أَن يُصَلِّي وَهُوَ حاقن وَصلَاته جَائِزَة إِن لم يتْرك شَيْئا من فروضها

(1/301)


وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا خَافَ أَن يسْبقهُ الْبَوْل قدم رجلا وَانْصَرف
قَالَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو شغل قلبه بِشَيْء من أَمر دُنْيَاهُ لم يسْتَحبّ لَهُ الْإِعَادَة فَكَذَلِك إِذا شغله الْبَوْل
259 - فِي الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَالْحمام ومعاطن الْإِبِل

قَالَ أَصْحَابنَا يكره قبْلَة الْمَسْجِد فِي حمام أَو مَقْبرَة أَو مخرج وَأَن يُصَلِّي على قَارِعَة الطَّرِيق
قَالَ وَلَا خلاف عِنْدهم أَن الصَّلَاة فِي معاطن الْإِبِل جَائِزَة وَأَنه إِنَّمَا يكره خوف العطب بهَا
وَقَالَ الثَّوْريّ أكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَلَا يُعِيد
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَالْحمام وعَلى قَارِعَة الطَّرِيق وأكره الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل وَإِن طرح عَلَيْهَا ثوبا وَيُصلي فِي مراح الْغنم وَالْبَقر
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُصَلِّي فِي معاطن الْإِبِل فَإِن صلى وَلَيْسَ فِيهَا نَجَاسَة أَجزَأَهُ
وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأَرْض كلهَا مَسْجِد إِلَّا الْحمام والمقبرة
وروى وائلة بن الْأَسْقَع عَن أبي مرْثَد الغنوي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا

(1/302)


وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل وأباح فِي مرابض الْغنم وَهَذَا لخوف العطب لِأَنَّهُ لَو كَانَ لأجل النَّجَاسَة لم يفرق بَينهمَا
260 - مَتى يقوم الْمَسْبُوق الى الْقَضَاء

روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم
إِذا سلم الإِمَام فَلَا يَتَحَرَّك الرجل حَتَّى ينْتَقل الإِمَام إِلَّا أَن يكون الإِمَام لَا يفقه
وَقَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ لأَنا لَا نَدْرِي لَعَلَّ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو فَإِذا كَانَ مِمَّن يفقه أَمر الصَّلَاة فَلَا بَأْس بالإنتقال وَذَلِكَ فِيمَن فَاتَهُ شَيْء من الصَّلَاة وَمن لم يفته لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون على إِمَامه شَيْء يجب عَلَيْهِ إِتْيَانه بِهِ
وَقَالَ مَالك يقوم الْمَسْبُوق لقَضَاء مَا عَلَيْهِ بعد سَلام الإِمَام قبل أَن يقوم فَإِن كَانَ الإِمَام نوى تسليمتين ينتظره حَتَّى يفرغ من سَلَامه كُله
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يقوم أحد قبل قيام الإِمَام إِلَّا أَن يقوم رجل فِي قَضَاء مَا سبقه بِهِ الإِمَام
وَقَالَ الشَّافِعِي يثب الإِمَام سَاعَة يسلم إِلَّا أَن يكون مَعَه نسَاء فَيثبت لينصرفن قبل الرِّجَال

(1/303)


261 - فِيمَن يسلم فِي دَار الْحَرْب وَلَا يعلم أَن عَلَيْهِ صَلَاة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ زفر عَلَيْهِ الْقَضَاء فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام وَإِن كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام فَعَلَيهِ الْقَضَاء فِي قَوْلهم
وَقَالَ مَالك فِي الْمُسْتَحَاضَة تتْرك الصَّلَاة شهرا وَنَحْو ذَلِك جاهلة لَا تعلم أَن عَلَيْهَا الْغسْل أَنه لَا شَيْء عَلَيْهَا وَتَسْتَغْفِر الله تَعَالَى وَلَا قَضَاء عَلَيْهَا
وَقَالَ الثَّوْريّ فِيمَن تحتلم وتجهل وجوب الْغسْل فَيصير كَذَلِك إِذا عَاد أَو عشرَة حَتَّى
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أسلم فَلم يقم إِلَّا يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ قذف أَو سرق أَو سكر أَو زنى أَنه يضْرب فِي الزِّنَا مُحصنا أَو غير مُحصن مائَة جلدَة ويدرأ مَا سوى ذَلِك حَتَّى يعرف حُدُود الْإِسْلَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} الْإِسْرَاء 15 وَلم يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعَاوِيَة بن الحكم بِإِعَادَة الصَّلَاة لِأَن الْحجَّة لم تكن قَامَت عَلَيْهِ بِتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة فِي حَال حظر الْكَلَام لأَنهم إِن أَنْكَرُوا عَلَيْهِ فِي الصَّلَاة وسكتوه
262 - فِيمَن بِعَيْنيهِ عِلّة يُصَلِّي مُسْتَلْقِيا لصلاح عَيْنَيْهِ

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نزع المَاء من عَيْنَيْهِ وَأمر أَن يستلقي أَيَّامًا على ظَهره فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ

(1/304)


وَقَالَ مَالك أكره أَن يفعل ذَلِك
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد روى عَمْرو بن دِينَار عَن أبن عَبَّاس أَنه سَأَلَ بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا هُرَيْرَة وَغَيره من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلهم كَرهُوا ذَلِك لَهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو خَافَ أَن يسْجد أَن ينزل المَاء فِي عَيْنَيْهِ أَنه يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ فَكَذَلِك فِي علاج عَيْنَيْهِ
263 - فِي الْمَرْأَة تؤم النِّسَاء

كرهه أَصْحَابنَا وَمَالك
وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن أمتهن قَامَت فِي وسط الصَّفّ ويؤمهن بَعضهنَّ أحب إِلَيّ من أَن يصلين وحدانا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يؤمهن بَعضهنَّ وَتقوم فِي وسط الصَّفّ
قَالَ أَبُو جَعْفَر الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة فرض على الرِّجَال إِلَّا أَنه إِذا قَامَ بِهِ بَعضهم سَقَطت عَن البَاقِينَ وَالنِّسَاء لَا فرض عَلَيْهِنَّ فِي حُضُور الْجَمَاعَة وَإِنَّمَا هِيَ رخصَة أَو مكرمَة فَلَا يصلين جمَاعَة إِذْ لَا فَضِيلَة فِيهَا لَهُنَّ
264
- فِي الْعَوْرَة مَا هِيَ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ

(1/305)


مَا دون السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة عَورَة
وَقَالَ ابْن أبي ذِئْب الْعَوْرَة من الرجل الْقبل والدبر دون غَيرهمَا
وَقَالَ مَالك السُّرَّة لَيست بِعَوْرَة وأكره للرجل أَن يكْشف فَخذه بِحَضْرَة زَوجته
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن عَطاء بن يسَار وَسليمَان بن يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مُضْطَجعا فِي بَيته كاشفا عَن فَخذه فَاسْتَأْذن أَبُو بكر ثمَّ عمر فَأذن لَهما على تِلْكَ الْحَال ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسوى ثِيَابه فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ
أَلا أستحي مِمَّن تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة وَقد رَوَاهُ من هُوَ فَوْقه بِخِلَاف ذَلِك
وروى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن يحيى بن سعيد عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَسُول الله لابس مِرْطًا لأم الْمُؤمنِينَ ثمَّ أَسْتَأْذن عمر وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَاسْتَوَى جَالِسا وَقَالَ لعَائِشَة اجمعي عَلَيْك ثِيَابك فَلَمَّا خرج قلت لَهُ فَقَالَ إِن عُثْمَان رجل كثير الْحيَاء وَلَو أَذِنت لَهُ على تِلْكَ الْحَال خشيت أَن لَا يبلغ إِلَيّ فِي حَاجته

(1/306)


وَقد روى عَليّ وَابْن عَبَّاس وَمُحَمّد بن جحش وجرهد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفَخْذ عَورَة
265 - فِي قدم الْمَرْأَة هَل هِيَ عَورَة

قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري قدم الْمَرْأَة لَيست بِعَوْرَة وَإِن صلت وقدمها مكشوفة لم تفْسد صلَاتهَا
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث تستر قدمهَا فِي الصَّلَاة
قَالَ مَالك فَإِن لم تفعل أعادت الصَّلَاة مَا دَامَت فِي الْوَقْت
وَقَالَ الشَّافِعِي مَا عدا كفيها عَورَة
وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا كَانَت تَأمر النِّسَاء بتغطية الْقدَم فِي الصَّلَاة
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} النُّور 31 الْوَجْه والكفان
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود الثِّيَاب والقرط والدملوج والخلخال والقلادة

(1/307)


266 - فِي كَيْفيَّة الإقعاء

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك يكره الإقعاء فِي الصَّلَاة
حُكيَ عَن أبي عبيد إِن جُلُوس الرجل على أليته ناصبا فَخذيهِ كَالْكَلْبِ تَفْسِير أَصْحَاب الحَدِيث أَن يضع أليته على عَقِبَيْهِ بَين السَّجْدَتَيْنِ
وَقد روى أَبُو إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَا تقعين على عقبيك فِي الصَّلَاة
أَبُو هُرَيْرَة نهاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أقعي فِي صَلَاتي إقعاء الْكَلْب
وروى الْأَعْمَش عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ رَأَيْت العبادلة يقعون فِي الصَّلَاة عبد الله بن الْعَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن الزبير
وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لعذر

(1/308)


وَقد ذكر حبيب بن أبي ثَابت أَن ابْن عمر كَانَ يقعي بَعْدَمَا كبر
267 - فِي الأنين فِي الصَّلَاة

قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ من خوف الله لم يقطع وَإِن كَانَ من وجع قطع
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن صلَاته تَامَّة فِي ذَلِك كُله لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مَرِيض أَو ضَعِيف من الأنين فِي الصَّلَاة
وَقَالَ مَالك الأنين لَا يقطع صَلَاة الْمَرِيض ونكرهه للصحيح وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ
قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَهُ عجا يقطع
268 - فِي التَّسْبِيح فِي الصَّلَاة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كَانَ التَّسْبِيح جَوَابا قطع الصَّلَاة وَإِن كَانَ من

(1/309)


مُرُور الْمَار بَين يَدَيْهِ لم يقطع
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع وَإِن كَانَ جَوَابا
وَقَالَ مَالك أرى التَّسْبِيح لمن نابه فِي الصَّلَاة للرِّجَال وَالنِّسَاء وَكَانَ لَا يرى التصفيق للنِّسَاء ويضعفه
وَقَالَ الثَّوْريّ أكره التنحنح فِي الصَّلَاة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا نادته أمه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يسبح التَّسْبِيح والتصفيق للنِّسَاء سنة
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذن الرجل فِي صلَاته التَّسْبِيح وَإِذن الْمَرْأَة لتسبيح التصفيق
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن التنحنح للْحَاجة إِلَى إِنْسَان لَا يقطع كَا لتسبيح والتصفيق
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا نابه شَيْء فِي صلَاته سبح وتصفق النِّسَاء
عبد الله بن نجي عَن عَليّ كَانَ لي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مدخلات كنت إِذا دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي تنحنح
أَبُو حَازِم عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نابه فِي صلَاته شَيْء فليسبح فَإِنَّهُ إِذا سبح الْتفت إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء

(1/310)


269 - فِيمَن دخل فِي صَلَاة تطوع ثمَّ قطع

قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن دخل فِي صِيَام تطوع وَصَلَاة تطوع فأفسده أَو عرض فِيهِ مَا يُفْسِدهُ فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ إِذا أفطر
وَقَالَ مَالك إِذا أفْسدهُ هُوَ فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ مَا أخرجه مِنْهُ فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا دخل فِي صَلَاة فَأَقل مَا يلْزمه رَكْعَتَانِ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أفسد مَا دخل فِيهِ تَطَوّعا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ
وَقَالَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَج وَالْعمْرَة إِذا أفسد أَنه يلْزمه الْقَضَاء
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كسر أَو عرج فقد حل وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل
وَمَعْنَاهُ قد حل لَهُ أَن يحل مَا يحل بِهِ الْمحصر كَمَا يُقَال للْمَرْأَة إِذا انْقَضتْ عدتهَا قد حلت للرِّجَال وَالْمعْنَى تَزْوِيج مُسْتَقْبل
وَقَالَ الله تَعَالَى {فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} الْبَقَرَة 230
على معنى يَتَزَوَّجهَا فَيحل لَهُ
وَقد روى أنس بن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر أَنه سَأَلَهُمَا فَقَالَ صمت يَوْم عَرَفَة فجهدني الصَّوْم فأفطرت فَقَالَا اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ

(1/311)


270 - فِيمَن افْتتح الصَّلَاة قَائِما ثمَّ قعد

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يجوز أَن يقْعد
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي قَائِما وَلَا يجلس
271 - فِي عدد قيام رَمَضَان

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يقومُونَ بِعشْرين رَكْعَة سوى الْوتر
وَقَالَ مَالك تسع وَثَلَاثُونَ رَكْعَة بالوتر سِتّ وَثَلَاثُونَ وَالْوتر
وَقَالَ هَذَا الْأَمر الْقَدِيم الَّذِي لم يزل النَّاس عَلَيْهِ
عَن السَّائِب بن يزِيد أَنهم كَانُوا يقومُونَ فِي رَمَضَان بِعشْرين رَكْعَة وَأَنَّهُمْ كَانُوا يعتمدون على العصي فِي زمن عمر بن الْخطاب
الْحسن بن حَيّ عَن عَمْرو بن قيس عَن أبي الْحَسْنَاء أَن عَليّ بن أبي طَالب أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بهم فِي شهر رَمَضَان بِعشْرين رَكْعَة

(1/312)


272 - الْقيام مَعَ النَّاس افضل أَو التفرد

روى الْمُعَلَّى عَن أبي يُوسُف قَالَ من قدر أَن يُصَلِّي فِي بَيته كَمَا يُصَلِّي مَعَ الإِمَام فِي رَمَضَان فَأحب إِلَيّ أَن يُصَلِّي فِي الْبَيْت وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك
وَقَالَ مَالك كَانَ ربيعَة وَغير وَاحِد من عُلَمَائِنَا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس قَالَ مَالك وَأَنا أفعل ذَلِك وَمَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا فِي بَيته
وَقَالَ الشَّافِعِي صَلَاة الْمُنْفَرد فِي قيام رَمَضَان أحب إِلَيّ
وَقَالَ اللَّيْث لَو أَن النَّاس فِي رَمَضَان قَامُوا لأَنْفُسِهِمْ ولأهليهم كلهم حَتَّى يتْرك الْمَسْجِد لَا يقوم فِيهِ أحد كَانَ يَنْبَغِي أَن يخرجُوا من بُيُوتهم إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى يقومُوا فِيهِ لِأَن قيام النَّاس فِي شهر رَمَضَان من الْأَمر الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَركه وَهُوَ مِمَّا سنّ عمر بن الْخطاب للْمُسلمين وجمعهم عَلَيْهِ

(1/313)


وَقَالَ اللَّيْث فَأَما إِذا كَانَت الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد فَلَا بَأْس أَن يقوم الرجل فِي بَيته أَو لأهل بَيته
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وكل من اخْتَار التفرد فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك على أَن لَا يقطع مَعَه الْقيام فِي الْمَسَاجِد فَأَما التفرد الَّذِي يقطع مَعَه الْقيام فِي الْمَسَاجِد فَلَا
وَقد قَالَ قوم إِن الْجَمَاعَة فِي ذَلِك أفضل مِنْهُم عِيسَى بن أبان وبكار بن قُتَيْبَة والمزني وَأحمد بن أبي عمرَان
وَاحْتج ابْن أبي عمرَان بِحَدِيث أبي ذَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج لما بَقِي سبع من الشَّهْر فصلى بهم حَتَّى مضى ثلث اللَّيْل ثمَّ لم يصل بهم السَّادِسَة ثمَّ خرج اللَّيْلَة الْخَامِسَة فصلى بِنَا حَتَّى مضى شطر اللَّيْل فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لَو نفلتنا فَقَالَ إِن الْقَوْم إِذا صلوا مَعَ الإِمَام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُم قيام تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ خرج اللَّيْلَة الثَّالِثَة فصلى بِنَا حَتَّى خشينا أَن يفوتنا الْفَلاح يَعْنِي السّحُور

(1/314)


وَاحْتج آخَرُونَ بِحَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن أبي النَّضر عَن بشر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجر حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير فصلى فِيهَا رَسُول الله ليَالِي حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس ثمَّ فقدوا صَوته فظنوا أَنه قد نَام فَجعل بَعضهم يَتَنَحْنَح ليخرج إِلَيْهِم فَقَالَ مَا زَالَ بكم الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم مُنْذُ اللَّيْلَة حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم قيام اللَّيْل وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ فصلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة
فَأخْبر أَن التَّطَوُّع فِي الْبَيْت أفضل مِنْهُ فِي الْمَسْجِد لَا سِيمَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجده
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَالقَاسِم وَسَالم وَنَافِع إِنَّهُم كَانُوا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أَجمعُوا أَنه لَا يجوز للنَّاس تَعْطِيل الْمَسَاجِد عَن قيام رَمَضَان وَكَانَ هَذَا الْقيام وَاجِبا على الْكِفَايَة فَمن فعله كَانَ أفضل مِمَّن أنفرد بِهِ كالفروض الَّتِي هِيَ الْكِفَايَة من فعلهَا أسقط فرضا وَكَانَ فعلهَا أفضل من تَركهَا كَذَلِك مَا ذكرنَا
273 - فِي الْحَال الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا التَّطَوُّع على الرَّاحِلَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجوز التَّطَوُّع على الرَّاحِلَة خَارج الْمصر فِي السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة أَو لَا تقصر

(1/315)


وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا يتَطَوَّع على الرَّاحِلَة إِلَّا فِي سفر تقصر فِي مثله الصَّلَاة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُصَلِّي فِي الْمصر على الدَّابَّة بِالْإِيمَاءِ لحَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أنس بن مَالك أَنه صلى على حمَار فِي أَزِقَّة الْمَدِينَة يومىء إِيمَاء
274 - فِي قتل الْقمل فِي الصَّلَاة

قَالَ ذكر مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن أبي رزين عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه أَخذ قملة فِي الصَّلَاة فدقها ثمَّ قَالَ {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} المرسلات 25 26
قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ لَا نرى بدفن القملة وقتلها فِي الصَّلَاة بَأْسا وَلم يحك خلافًا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة
وَقَالَ مَالك لَا يَقْتُلهَا فِي الْمَسْجِد وَلَا يَطْرَحهَا لَا يدفنها فِيهِ فِي الصَّلَاة وَفِي غير الْمَسْجِد لَا بَأْس بِأَن يَطْرَحهَا وَلَا يَقْتُلهَا فِي الصَّلَاة

(1/316)


قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن قتل قملة أَو حلمة أَو عقربا فِي الصَّلَاة فَصلَاته تَامَّة
قَالَ اللَّيْث أكره قتل الْقمل فِي الْمَسْجِد وَتركهَا فِي الصَّلَاة أحب إِلَيّ وَلَو قَتلهَا لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو حك بدنه لم يكره كَذَلِك أَخذ القملة وطرحها
275 - فِي النّوم قبل الْعشَاء

روى عَن أبي حنيفَة حَدِيثا إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك عَن مُجَاهِد قَالَ لِأَن أصليها وحدي أحب إِلَيّ من أَن أَنَام قبلهَا ثمَّ أصليها فِي جمَاعَة
قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ وَكره النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء وَلم نجد خلافًا
وَقَالَ مَالك أكره النّوم قبلهَا والْحَدِيث بعْدهَا
وَقَالَ الثَّوْريّ مَا يُعجبنِي النّوم قبلهَا
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول عمر بن الْخطاب فِيمَن رقد بعد الْمغرب فَلَا أرقد الله عينه إِنَّمَا ذَلِك بعد ثلث اللَّيْل
سيار بن سَلامَة عَن أبي بَرزَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يحب النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء وَلَا الحَدِيث بعْدهَا وَكَانَ يُؤَخر الْعشَاء الْآخِرَة إِلَى ثلث اللَّيْل
وروى أَنه مَا كَانَت من نومَة أحب إِلَى عَليّ من نَومه قبل الْعشَاء

(1/317)


وَكَانَ ابْن عمر يرقد قبل الْعشَاء الْآخِرَة ويوكل من يوقظه
قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل الْكَرَاهَة على أَنَّهَا بعد دُخُول وَقت الْعشَاء وَالْإِبَاحَة قبل دُخُول وَقتهَا
276 - فِي الْأُمِّي يُصَلِّي بِمن يقْرَأ

قَالَ أَبُو حنيفَة صلَاتهم جَمِيعًا فَاسِدَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد صَلَاة الإِمَام وَمن لم يقْرَأ تَامَّة
وَقَالَ مَالك فِي إِمَام أم أُمِّيين وقراء ثمَّ جَاءَ بَعْدَمَا قَرَأَ قراء فَدَخَلُوا فِي صلَاته أَنه يُعِيد الْقِرَاءَة وَلَا يُعِيد الأميون الَّذين خَلفه وَلَو صلى أُمِّي لنَفسِهِ وَهُوَ يجد قَارِئًا يُصَلِّي بِهِ يُعِيد أبدا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت أَبَا خازم يَقُول جَوَاب ابي حنيفَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على أَن الْأُمِّي لَا يُصَلِّي وَحده وَهُوَ يقدر أَن يُصَلِّي خلف من يقْرَأ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي ثمَّ اقْرَأ إِن كَانَ مَعَك قُرْآن وَإِن لم يكن مَعَك قُرْآن فهلل وَسبح وَاحْمَدْ الله وَلم يقل لَهُ صل خلف قارىء
277 - فِي إِمَامَة ولد الزِّنَا

قَالَ أَصْحَابنَا غَيره أحب إِلَيْنَا

(1/318)


وَقَالَ مَالك أكره أَن يكون ولد الزِّنَا إِمَامًا لَهُم وشهادته جَائِزَة فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يجوز وَهُوَ قَول اللَّيْث
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يؤمهم ولد الزِّنَا
قَالَ الشَّافِعِي أكره أَن ينصب من لَا يعرف والداه إِمَامًا ويجزىء من خَلفه
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ يؤم الْقَوْم اقرؤهم لكتاب الله إِلَى آخر الحَدِيث وَلم يذكر النّسَب وَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَة قَالَ {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} الْبَقَرَة 282 فالجمع بَينهمَا سَوَاء
278 - فِي الْمُرْتَد هَل عَلَيْهِ قَضَاء مَا ترك من الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء مَا ترك من الصَّلَاة أَو من الزَّكَاة
قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام وَإِن كَانَ قد حج قبل الرِّدَّة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء حج وَلَا صَلَاة وَلَا صَوْم
وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ مَا ترك من صَلَاة أَو زَكَاة

(1/319)


279 - فِي النَّصْرَانِي يُصَلِّي بالمسلين هَل يكون بذلك مُسلما

قَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن وَلم يذكر خلافًا بَين أَصْحَابه فِي نَصْرَانِيّ رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي إِذا كَانَ فِي مَسْجِد من مَسَاجِد الْمُسلمين فَهُوَ مُسلم وَإِن كَانَ فِي غير مَسْجِد لم يكن بذلك مُسلما وَلَو أذن فِي مئذنة أَو حَيْثُ يُؤذن الْمُسلمُونَ فِي الصَّلَاة فَهُوَ إِسْلَام وَإِن كَانَ حَيْثُ لَا يُؤذن للصَّلَاة فَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ بِإِسْلَام وَإِن رَأَيْنَاهُ متجردا كَمَا يتجرد الْمُسلمُونَ فِي إحرامهم وَطَاف بِالْبَيْتِ فَذَلِك إِسْلَام وَإِن رَأَيْنَاهُ كَذَلِك فِي سوق أَو غَيره فَلَيْسَ بِإِسْلَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى ابْن سَمَّاعَة أَيْضا عَن مُحَمَّد أَنه إِذا قَامَ مقَام الإِمَام بِالنَّاسِ فِي الصَّلَاة كَانَ بذلك مُسلما
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي نَصْرَانِيّ سَافر مَعَ مُسلمين فَأمهمْ ثمَّ عرفُوا أَنهم يعيدون ويعاقب وَإِن كَانَت امْرَأَة مسلمة مَضَت صلَاتهم
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن ائتم بِكَافِر ثمَّ علم أعَاد وَلم يكن هَذَا إسلاما مِنْهُ وَيُعَزر
قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد حِين غزا قوما فِي خثعم فَاعْتَصمُوا بِالسُّجُود فَقَتلهُمْ فوداهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنصْف الدِّيَة

(1/320)


فِي تغميض الْمُصَلِّي عَيْنَيْهِ

قَالَ أَبُو جَعْفَر عِنْد أَصْحَابنَا مَكْرُوه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
قَالَ الثَّوْريّ لِأَن الْيَهُود تَفْعَلهُ وَهُوَ قَول اللَّيْث فِي الْمَكْتُوبَة والنافلة
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِهِ فِي الْمَكْتُوبَة والنافلة
قَالَ أَبُو جَعْفَر يكره قبض الْيَدَيْنِ وَكَذَلِكَ تغميض الْعَينَيْنِ وَأَيْضًا الْمُسْتَحبّ للْمُصَلِّي تَفْرِيق أَعْضَائِهِ لَا ضمهَا أَلا ترى أَنه يُؤمر بمجافاة يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ
281 - فِي الصَّلَاة بسترة الْمُحدث

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري لَا بَأْس بِهِ وَرُوِيَ نَحوه عَن الزُّهْرِيّ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَيسْتر الْمُصَلِّي فِي صلَاته نَحوا من عظم الذِّرَاع وَلَا يستر بِامْرَأَة وَلَا دَابَّة
وَعَن عَائِشَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ

(1/321)


282 - فِي صَلَاة الطّواف بعد الْفجْر واالعصر

كرهها أَصْحَابنَا وَمَالك حَتَّى تطلع الشَّمْس وَحَتَّى تغرب وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِهِ
وَرُوِيَ عَن عمر ومعاذ بن عفراء أَنَّهُمَا لم يصليا بعد الطُّلُوع
283 - فِي كَيْفيَّة تَكْبِير التَّشْرِيق وَوَقته

قَالَ أَبُو حنيفَة من صَلَاة الْفجْر يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من يَوْم النَّحْر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري إِلَى عصر آخر أَيَّام التَّشْرِيق يَقُول الله أكبر الله أكبر مرَّتَيْنِ إِلَى آخِره
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ من صَلَاة الظّهْر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْفجْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق يكبر ثَلَاثًا
وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعبد الله فِي صفة التَّكْبِير كَقَوْل أَصْحَابنَا يكبر مرَّتَيْنِ فِي أَوله
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت أَفعَال الْحَج مُتَعَلقَة بِيَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَجب أَن يكون التَّكْبِير مَفْعُولا فِيهَا كلهَا

(1/322)


284 - فِيمَن يجب عَلَيْهِ التَّكْبِير

قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ على المقيمين فِي الْجَمَاعَات المكتوبات فِي الْأَمْصَار وَلَيْسَ على النِّسَاء وَلَا على الْمُسَافِرين إِلَّا أَن يصلوا مَعَ المقيمين
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ على كل مصلي فرض الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْمُنْفَرد فِي الْجَمَاعَة
وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه لَيْسَ على الْمَرْأَة
285 - فِي الْمَسْبُوق هَل يكبر مَعَ الإِمَام

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر مَعَ الإِمَام وَلكنه يقْضِي الْفَائِت ثمَّ يكبر إِذا فرغ
وَقَالَ ابْن أبي ليلى يكبر مَعَ الإِمَام ثمَّ يقوم فَيَقْضِي
286 - إِذا قَامَ بعد الصَّلَاة أَو أحدث هَل يكبر

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نسي الإِمَام التَّكْبِير حَتَّى خرج من الْمَسْجِد لم يكن عَلَيْهِ تَكْبِير وَلَو ذكر فِي الْمَسْجِد عَاد إِلَى مَكَانَهُ فَكبر وَإِن أحدث قبل أَن يتَكَلَّم بَعْدَمَا سلم مُتَعَمدا فَلَا تَكْبِير عَلَيْهِ فَإِن سبقه كبر فِي مَكَانَهُ وَيكبر من خَلفه فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا

(1/323)


وَقَالَ مَالك إِذا قَامَ الإِمَام وتباعد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قَرِيبا قعد وَكبر وَإِن ذهب وَلم يكبر كبر الْقَوْم
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَامَ من مَجْلِسه فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يعود وَيكبر مَاشِيا أَو فِي مجْلِس إِن صَار إِلَيْهِ وَلَا يدع من خَلفه التَّكْبِير وَتَركه هُوَ
287 - فِيمَن نسي صَلَاة أَيَّام التَّشْرِيق فقضاها فِي غير أَيَّام التَّشْرِيق

قَالَ أَصْحَابنَا وَلم يكبر أَيْضا
قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ إِذا فَاتَتْهُ صَلَاة أَيَّام التَّشْرِيق فقضاها فِي غَيرهَا كبر
وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر خلف الْفَرَائِض والنوافل
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكبر للصَّلَاة الْفَائِتَة من صَلَاة اللَّيْل أَنه يَقْضِيهَا بِالنَّهَارِ ويجهر فِيهَا وَلَيْسَ كرمي الْجمار لِأَنَّهُ مَخْصُوص بِوَقْت الصَّلَاة الَّتِي يكبر عقبيها لَيست مَخْصُوصَة بِوَقْت
288 - فِيمَن يَسْتَطِيع الْقيام وَلَا يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة يُصَلِّي قَاعِدا يومىء إِيمَاء
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يُصَلِّي قَائِما ويومىء بِالرُّكُوعِ فَإِذا بلغ

(1/324)


مَوضِع السُّجُود جلس فَأومى وَرُوِيَ نَحوه عَن مَالك وَاللَّيْث
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا صلت متربعة من رمد كَانَ بهَا والرمد لَا يمْنَع الْقيام
وَمن جملَة النّظر أَن الْعَاجِز عَن بعض رَقَبَة الظِّهَار أَو بعض الصّيام كالعاجز عَن جمعه كَذَلِك الْعَاجِز عَن بعض أَفعَال الصَّلَاة كالعاجز عَن جمعيه
289 - فِي وَقت الْأَذَان بِعَرَفَة

قَالَ أَصْحَابنَا يُؤذن إِذا صعد الإِمَام الْمِنْبَر وَيجْلس كَالْجُمُعَةِ
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يُؤذن قبل خُرُوج الإِمَام كَمَا يُؤذن لِلظهْرِ
وَقَالَ مَالك إِن شَاءَ أذن وَالْإِمَام يخْطب وَإِن شَاءَ بَعْدَمَا يفرغ من خطبَته
وَقَالَ الشَّافِعِي يخْطب الإِمَام الْخطْبَة الأولى فَإِذا جلس أَخذ الْمُؤَذّن فِي الْأَذَان وَأخذ هُوَ فِي الْكَلَام وخفف الْكَلَام الآخر حَتَّى ينزل لفراغ الْمُؤَذّن من الْأَذَان
وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ وحاتم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاح حِين زَالَت الشَّمْس فَوقف بِعَرَفَة فَخَطب النَّاس على نَاقَته قَالَ عَليّ بن مُحَمَّد وَأذن الْمُؤَذّن الظّهْر ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر وَلم يعد الْخطْبَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا رُوِيَ فِيهِ أثر فَلَا يَنْبَغِي الْخُرُوج عَنهُ

(1/325)


290 - فِي كَيْفيَّة الْجمع بِعَرَفَة والمزدلفة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يجمع بِعَرَفَة بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وبالمزدلفة بِأَذَان وَإِقَامَة وَإِن تطوع بَينهمَا أَقَامَ الْعشَاء إِقَامَة أُخْرَى
وَقَالَ مَالك يُصَلِّي بِعَرَفَة كل وَاحِدَة من الصَّلَاتَيْنِ بِأَذَان وَإِقَامَة وَكَذَلِكَ الْمزْدَلِفَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يجمع بِعَرَفَة بِأَذَان وَإِقَامَتَيْنِ وَيجمع بِالْمُزْدَلِفَةِ بإقامتين
291 - فِيمَن فَاتَهُ الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَة هَل يجمع وَحده

قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ إِذا لم يجمع مَعَ الإِمَام صلى كل وَاحِدَة لوَقْتهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجمع وَحده بَين الصَّلَاتَيْنِ
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة مثل قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد من غير مُخَالف من الصَّحَابَة
291 - فِيمَن صلى الْمغرب من الْحَاج دون الْمزْدَلِفَة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري لَا تُجزئه

(1/326)


وَقَالَ مَالك إِن كَانَت بِهِ عِلّة أَو بدابته أَجزَأَهُ وَإِن لم يكن بِهِ عِلّة لم تُجزئه وَيُعِيد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ تُجزئه
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أدْرك نصف اللَّيْل قبل أَن يَأْتِي الْمزْدَلِفَة صلاهما دون الْمزْدَلِفَة
292 - فِي تَحْسِين الصَّوْت بِالْقُرْآنِ

قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَسْتَمِعُون الْقُرْآن بالألحان
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا على أَن اللّحن لَا يكون فِيهِ زِيَادَة هجاء الْحُرُوف
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم سُئِلَ مَالك عَن الألحان فِي الصَّلَاة
فَقَالَ لَا يُعجبنِي وَأعظم القَوْل فِيهِ وَإِنَّمَا هَذَا غناء يتغنون بِهِ ليأخذوا الدَّرَاهِم عَلَيْهِ
وَقَالَ ابْن وهب سُئِلَ مَالك عَن النَّفر فِي الْمَسْجِد يَقُولُونَ لرجل حسن الصَّوْت اقْرَأ علينا يُرِيدُونَ حسن صَوته فكره ذَلِك وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ يشبه الْغناء فَقيل لَهُ أَرَأَيْت الَّذِي قَالَ عمر بن الْخطاب لأبي مُوسَى ذكرنَا رَبنَا قَالَ إِن من الْأَحَادِيث أَحَادِيث سمعناها وَأَنا أنفيها وَالله مَا سَمِعت هَذَا قبل هَذَا الْمجْلس وَقِرَاءَة الْقُرْآن بالألحان
قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا الْبَراء بن عمرَان قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سعيد

(1/327)


التِّرْمِذِيّ يَقُول أَنا قَرَأت لحنا عِنْد يحيى بن سعيد فَصعِقَ فَكَانَ وَفَاته مِنْهُ
وَقَالَ ابْن أبي عمرَان قد ذكرت ذَلِك لأبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب فَقَالَ أَنا حضرت ذَلِك مِنْهُ وَمن يحيى بن سعيد
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِهِ
عبد الله بن الْمُغَفَّل رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة قَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك} الْفَتْح 1 فَرجع فِي قِرَاءَته وقرأه عبد الله بن الْمُغَفَّل فَرجع قَالَ أَبُو إِيَاس لَوْلَا أَن يجْتَمع عَليّ النَّاس لقرأت بذلك اللّحن الَّذِي قَرَأَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وروى سُفْيَان عَن الْأَعْمَش وَمَنْصُور عَن طَلْحَة بن مصرف عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة عَن الْبَراء قَالَ زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ

(1/328)


وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة عَن الْأَعْمَش بِإِسْنَادِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
وَالزهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذن الله لشَيْء مَا أذن لنَبِيّ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ
وَابْن أبي مليكَة عَن ابْن أبي نهيك عَن أبي لبَابَة عَن عبد الْمُنْذر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَقلت لِابْنِ أبي مليكَة فَإِن لم يكن لَهُ صَوت وَلم يحسن قَالَ حسنه مَا اسْتَطَعْت
فِي الْمَسْجِد يكون فَوْقه أَو تَحْتَهُ بَيت

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جعل فِي وسط دَاره مَسْجِدا أَو بَيْتا لَهُ مَسْجِدا أَو فَوْقه بَيْتا لَهُ آخر أَو تَحْتَهُ أَنه لَا يكون مَسْجِدا وَله أَن يَبِيعهُ
وَقَالَ مُحَمَّد فِي ذَلِك كُله هُوَ مَسْجِد وَلَا يَبِيعهُ وَلَا يُورث
قَالَ أَبُو جَعْفَر وقفنا على قَول أبي يُوسُف كَقَوْل مُحَمَّد وَقَالَ مَالك كَذَلِك
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة
294 - فِي الْموضع الَّذِي تجوز فِيهِ الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعبيد الله بن الْحسن لَا جُمُعَة إِلَّا فِي مصر

(1/329)


جَامع لَا تصح الْجُمُعَة فِي السوَاد
وَقَالَ مَالك تصح الْجُمُعَة فِي كل قَرْيَة فِيهَا بيُوت مُتَّصِلَة وأسواق مُتَّصِلَة يقدمُونَ رجلا يخْطب وَيُصلي بهم الْجُمُعَة وَإِن لم يكن لَهُم إِمَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا جُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة مَعَ الإِمَام
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَت قَرْيَة مجتمعة الْبناء والمنازل وَكَانَ أَهلهَا لَا يظعنون عَنْهَا إِلَّا ظعن حَاجَة وهم أَرْبَعُونَ رجلا أحرارا بالغين غير مغلوب على عقلهم وَجَبت عَلَيْهِم الْجُمُعَة
وَرُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه لَا جُمُعَة وَلَا تَشْرِيق إِلَّا فِي مصر جَامع
وَلَا يرْوى عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه
295 - فِي عدد من تصح مِنْهُ الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث ثَلَاثَة سوى الإِمَام
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف اثْنَان سوى الإِمَام وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ إِذا لم يحضر الإِمَام إِلَّا رجل وَاحِد خطب عَلَيْهِ وَصلى بِهِ الْجُمُعَة
وَلم نجد فِيهِ عَن مَالك شَيْئا
وَاعْتبر الشَّافِعِي أَرْبَعِينَ رجلا
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجمع الصَّحِيح ثَلَاثَة لاتفاقهم أَنهم يقومُونَ خلف الإِمَام

(1/330)


والاثنان مُخْتَلف فِي حكمهمَا فَقَالَ يكون أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره وَقَالَ آخَرُونَ خَلفه
فَوَجَبَ اعْتِبَار الثَّلَاثَة الْمُتَّفق على كَونهم جمعا بِمَنْزِلَة من فَوْقهمَا
296 - فِي الْجُمُعَة خلف العَبْد وَالْمُسَافر

قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تجوز الْجُمُعَة خلفهمَا
وَقَالَ زفر لَا يجزىء الإِمَام والمأمومين
وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي العَبْد الْجُمُعَة بِالنَّاسِ فَإِن فعل أعادوا لِأَنَّهُ لَا جُمُعَة عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يعجني الإِمَام أَن يقدم الْمُسَافِر فِي الْجُمُعَة وَإِن شهد الْخطْبَة قبل أَن يدْخل مَعَه فِي الصَّلَاة لِأَن الْمُسَافِر لَيْسَ عَلَيْهِ جُمُعَة وَإِن شهد الْجُمُعَة حَتَّى يدْخل فِيهَا
297 - فِي الْجُمُعَة فِي موضِعين من الْمصر

قَالَ مُحَمَّد يجمع فِي موضِعين وَلم نجد خلافًا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ الْمصر جانبين كبغداد تجوز وَإِن لم يكن كَذَلِك لم تجز
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا صلى الْخَلِيفَة فِي قصره بحشمه الْجُمُعَة لم تجز إِلَّا أَن يفتح الْبَاب وَيَأْذَن للنَّاس فِي الصَّلَاة مَعَه فَتجوز صلَاتهم إِن صلوها قبل صَلَاة أهل الْمَسْجِد وَإِن صلوها بعد لم تجز فِي قَول أبي يُوسُف وَتجوز فِي قَول مُحَمَّد لِأَنَّهُ يُجِيز الْجُمُعَة فِي موضِعين

(1/331)


وَذكر أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد أَنه إِذا خرج الْأَمِير إِلَى الْجَبانَة للأستقساء فصلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة وَهُوَ على غلوة فِي مصر وَصلى خَلِيفَته فِي الْجَامِع أَنه تجزئهما جَمِيعًا
وَقَالَ مَالك لَا تجوز الْجُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجِد الْجَامِع وَإِن اسْتخْلف الإِمَام من يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَة وَصلى وَهُوَ فِي الْعَسْكَر الْجُمُعَة لم تجزه
قَالَ الشَّافِعِي لَا يجمع فِي مصر وَإِن عظم إِلَّا فِي مَسْجِد وَاحِد
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه صلى الْعِيد بِالنَّاسِ بالجبانة واستخلف رجلا يُصَلِّي بضعفة النَّاس فِي الْمَسْجِد
وَلَا يُقَال ذَلِك من طَرِيق الرَّأْي وَقد حَضَره الصَّحَابَة فَلم يخالفوه
فَإِن قيل روى شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان سَمِعت أَبَا قيس يحدث عَن هزيل أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بضعفة النَّاس فِي الْمَسْجِد يَوْم فطر أَو يَوْم أضحى وَأمره أَن يُصَلِّي أَرْبعا
قَالَ لِأَن النَّاس إِنَّمَا يَحْتَاجُونَ يَوْم الْعِيد إِلَى السُّلْطَان لأجل صَلَاة الْعِيد لَا لغَيْرهَا من التَّطَوُّع وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على أَن التَّطَوُّع لَا يجمع فِي

(1/332)


الْمَسَاجِد إِلَّا فِي شهر رَمَضَان وَلَو جَازَ ذَلِك لَكَانَ يَوْم الْعِيد وَغَيره فِي ذَلِك سَوَاء
وَمُحَمّد بن النُّعْمَان هَذَا لَا يعرف أَيْضا وَيدل على هَذَا تأييد مَا ذكرنَا مَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ إِذا انْصَرف إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فأدلج فَأخْبر أَن الصَّلَاة كَانَت معهودة فِي مسجدين
قَالَ وَقَول مَالك إِن الْجُمُعَة لمن صلى فِي الْجَامِع لَا معنى بِهِ لِأَن صِحَّتهَا إِنَّمَا تتَعَلَّق بِالْإِمَامِ والمصر لَا بِالْمَسْجِدِ لِأَن للْإِمَام أَن ينْقل الْجَامِع إِلَى حَيْثُ يرَاهُ
298 - إِذا صلى الإِمَام فِي الْخطْبَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ أَصْحَابنَا يستمع النَّاس وينصتون وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث الشَّافِعِي
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن الإِمَام إِذا قَرَأَ فِي خطبَته {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْأَحْزَاب 56 أَنه يَنْبَغِي للنَّاس أَن يصلوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْحَال
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى الإِمَام على النَّبِي سكت حَتَّى يصلوا النَّاس فَإِن لم يسكت أنصت النَّاس وأمنوا على دُعَائِهِ
299 - فِيمَا يقْرَأ بِهِ فِي الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا بِمَا قَرَأَ فَحسن وَيكرهُ أَن يؤقت فِي ذَلِك شَيْئا من الْقُرْآن نَفسه

(1/333)


وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يتَعَمَّد أَن يقْرَأ فِي الْجُمُعَة السُّور الَّتِي جَاءَت فِي الْأَحَادِيث وَلكنه يتَعَمَّد أَحْيَانًا ويدع أَحْيَانًا
وَقَالَ مَالك أحب أَن يقْرَأ بهل أَتَاك حَدِيث الغاشية مَعَ سُورَة الْجُمُعَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِي الأولى بِسُورَة الْجُمُعَة وَفِي الثَّانِيَة إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ
وروى النُّعْمَان بن بشير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة وَفِي الْعِيد بِسُورَة الْجُمُعَة وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية
وروى ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ
فَثَبت أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه مرّة وَهَذِه مرّة وَأَنه لَا تَوْقِيت فِيهِ
300 - فِي التخطي الْمَكْرُوه يَوْم الْجُمُعَة

قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء قَالَ مَالك لَا بَأْس بالتخطي بعد خُرُوج الإِمَام
وَقَالَ مُحَمَّد أرَاهُ قبل خُرُوج الإِمَام وَلَا أرَاهُ بعده وَلم نجد خلافًا بَين أَصْحَابه
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يكره التخطي إِذا قعد الإِمَام على الْمِنْبَر وَلَا بَأْس بِهِ قبل ذَلِك إِذا كَانَ بَين يَدَيْهِ فرج وَكره الثَّوْريّ التخطي

(1/334)


قَالَ الْأَوْزَاعِيّ التخطي الَّذِي جَاءَ فِيهِ القَوْل إِنَّمَا هُوَ الإِمَام يخْطب فكره لهَذَا أَن يفرق بَين اثْنَيْنِ
قَالَ الشَّافِعِي أكره تخطي رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة قبل دُخُول الإِمَام وَبعده لما فِيهِ من سوء الْأَدَب
قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة اسْتنَّ وَمَسّ من طيب إِن كَانَ عِنْده وَلبس أحسن ثِيَابه ثمَّ خرج حَتَّى يَأْتِي الْمَسْجِد فَلم يتخط رِقَاب النَّاس وأنصت إِذا خرج الإِمَام كَانَ كَفَّارَة لما بَينهَا وَبَين الْجُمُعَة الَّتِي قبلهَا
وَفِي حَدِيث سلمَان ثمَّ رَاح فَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ
301 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْخطْبَة وَبَعض صَلَاة الْجُمُعَة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا أدركهم فِي التَّشَهُّد صلى رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر أَرْبعا
قَالَ ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه قَالَ يُصَلِّي أَرْبعا وَيقْعد فِي الثِّنْتَيْنِ الْأَوليين قدر التَّشَهُّد فَإِن لم يقْعد أَمرته أَن يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا
وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي أَرْبعا لِأَن مَالِكًا قَالَ إِذا قَامَ يكبر تَكْبِيرَة أُخْرَى

(1/335)


وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أدْرك الإِمَام جَالِسا لم يسلم صلى أَرْبعا سوى الظّهْر وَأحب إِلَيّ أَن يستفتح الصَّلَاة
وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن سَلمَة إِذا أدْرك الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَعِنْده أَن الإِمَام قد خطب قَائِما يُصَلِّي إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسلم فَإِن أخبرهُ النَّاس أَن الإِمَام لم يخْطب وَأَنه صلى أَرْبعا صلى رَكْعَتَيْنِ وَسجد سَجْدَتي السَّهْو
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي الرجل تفوته الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة أَنه يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو لم يشْهد الْخطْبَة ثمَّ أحدث فَذهب يتَوَضَّأ ثمَّ جَاءَ فَأدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة أَنه يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فَوَات الرَّكْعَة لَا يمنعهُ فعل الْجُمُعَة كَانَت الْخطْبَة أَحْرَى بذلك فَدلَّ على بطلَان قَول عَطاء
قُلْنَا اتّفق الْبَاقُونَ أَنه إِذا أقبل إِلَى الْجُمُعَة وَعلم أَن الإِمَام قَاعد فِيهَا للتَّشَهُّد أَنه يَأْتِيهَا فاستحال أَنه يَأْتِيهَا وَلَا يدْخل مَعَه وَثَبت لُزُوم دُخُوله مَعَه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى مَا فَاتَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ
302 - فِيمَن كَانَ خَارج الْمصر هَل عَلَيْهِ إتْيَان الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا الْجُمُعَة على من كَانَ بِالْمِصْرِ وَلَيْسَ على من كَانَ خَارج الْمصر الْجُمُعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث من كَانَ بَينه وَبَين الْمصر ثَلَاثَة أَمْيَال فَعَلَيهِ الْجُمُعَة

(1/336)


303 - فِيمَن أدْرك الإِمَام فِي الْخطْبَة هَل يرْكَع

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث يقْعد وَلَا يرْكَع
وَقَالَ الشَّافِعِي يرْكَع
وَاحْتج بِحَدِيث جَابر وَأبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا دخل وَهُوَ يخْطب أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا فِي حَال كَانَ الْكَلَام مُبَاحا فِي حَال الْخطْبَة لِأَنَّهُ ذكر فِي حَدِيث أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِالصَّدَقَةِ فَأعْطى رجلا مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا كَانَت الْجُمُعَة الْأُخْرَى طرح الرجل بِأحد ثوبيه فصاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَقَالَ خُذْهُ ثمَّ قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا جَاءَ تِلْكَ الْجُمُعَة وَذكر الحَدِيث
وَلم نعلم خلافًا أَن مثل هَذَا الْكَلَام مَحْظُور فِي الْخطْبَة
ثمَّ قد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قلت لصاحبك يَوْم الْجُمُعَة انصت وَالْإِمَام يخْطب فقد لغوت
وَقَالَ رجل لأي شَيْء نزلت هَذِه السُّورَة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ أَي الرجلَيْن مَالك فِي صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق فَجعل الْمَسْأَلَة عَن تَارِيخ نزُول السُّورَة لَغوا

(1/337)


وروى عبد الله بن بسر أَن رجلا جَاءَ يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْلِسْ فقد آذيت وأثمت يرويهِ عبد الله بن وهب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أبي الزَّاهِرِيَّة عَن عبد الله بن بسر
304 - فِي الْوَقْت الَّذِي يكره فِيهِ الْكَلَام يَوْم الْجُمُعَة

قَالَ أَبُو حنيفَة خُرُوج الإِمَام يقطع الصَّلَاة وَالْكَلَام جَمِيعًا وَيكرهُ الْكَلَام مَا بَين فَرَاغه من الْخطْبَة ودخوله فِي الصَّلَاة
وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بالْكلَام قبل أَن يَأْخُذ فِي الْخطْبَة
وَقَالَ الثَّوْريّ خُرُوجه يقطع الصَّلَاة وَكَلَامه يقطع الْكَلَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنهم كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب يَوْم الْجُمُعَة يصلونَ حَتَّى يخرج عمر فَإِذا خرج أَو جلس على الْمِنْبَر وَأذن الْمُؤَذّن جَلَسُوا يتحدثون حَتَّى إِذا سكت

(1/338)


الْمُؤَذّن وَقَامَ عمر سكتوا فَلم يتَكَلَّم أحد
وَحدث مَالك عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن مَالك بن أبي عَامر أبي أنس أَن عُثْمَان كَانَ يَقُول فِي خطبَته وَمَا يدع ذَلِك إِذا قَامَ الإِمَام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَاسْتَمعُوا وأنصتوا فَإِن للمنصت الَّذِي لَا يسمع من الْحَظ مثل مَا للمنصت السَّامع
قَالَ وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن منقذ قَالَ حَدثنَا المقريء قَالَ حَدثنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنَا ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُبمَا نزل عَن الْمِنْبَر وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة فَيعرض لَهُ الرجل فيحدثه حَدِيثا طَويلا ثمَّ يتَقَدَّم إِلَى الصَّلَاة
305 - فِي تشميت الْعَاطِس فِي الْخطْبَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يرد لَا يرد السَّلَام وَلَا يشمت الْعَاطِس
وَقَالَ مَالك لَا يشمت وَكَذَلِكَ الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس برد السَّلَام وتشميت الْعَاطِس

(1/339)


قَالَ لما كَانَ مَأْمُورا بالإنصات كَالصَّلَاةِ لم يشمت كَمَا لَا يشمت فِي الصَّلَاة
فَإِن قيل رد السَّلَام فرض والصمت سنة
قَالَ أَبُو جَعْفَر الصمت فرض لِأَن الْخطْبَة فرض إِنَّمَا تصح بالخاطب والمخطوب عَلَيْهِم كَمَا يَفْعَلهَا الْخَاطِب فرضا فَكَذَلِك المستمع فرض عَلَيْهِ ذَلِك
306 - من لَا يحضر الْجُمُعَة هَل يصلونَ جمَاعَة الظّهْر فِي الْمصر

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي الظّهْر جمَاعَة فِي الْمصر يَوْم الْجُمُعَة سَوَاء كَانُوا مرضى أَو محبسين وَهُوَ قَول الْحسن وَالثَّوْري
وَقَالَ مَالك يصلونَ جمَاعَة
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يصلونَ جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث فِي مَسْجِد أَو غَيره
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يُصَلِّي الظّهْر جمَاعَة فِي غير مَسْجِد أَو فِي الجبان
307 - فِيمَن اقْتدى بِالْإِمَامِ خَارج الْمَسْجِد

قَالَ أَصْحَابنَا من اقْتدى بِالْإِمَامِ وَلَيْسَ بَينه وَبَينه طَرِيق أَو طَرِيق اتَّصَلت بِهِ الصُّفُوف فَصلَاته جَائِزَة وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث

(1/340)


وَقَالَ مَالك يُصَلِّي حول الْمَسْجِد فِي أفنية الدّور والحوانيت سَوَاء كَانَت الصُّفُوف مُتَّصِلَة أَو لم تكن وَإِن كَانَ بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيق فَأَما دَار أَو حَانُوت فَلَا يدْخل إِلَّا بِإِذن فَلَا يَنْبَغِي أَن يُصَلِّي فِيهَا بِصَلَاة الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة أَو قريب من الْمَسْجِد لِأَنَّهَا لَيست فِي الْمَسْجِد
وَقَالَ لَا بَأْس أَن يُصَلِّي غير الْجُمُعَة فِي الدّور والحوانيت إِذا كَانَ بَين الدّور وَبَين الْمَسْجِد كوى يرَوْنَ مِنْهَا مَا يصنع النَّاس
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن صلى بالرحبة أَو طَرِيق مُتَّصِل بِالْمَسْجِدِ أَو برحبته وصفوف مُتَّصِلَة أَو مُنْقَطِعَة فصلاتهم مجزئة إِذا عقلوا صَلَاة الإِمَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي سَائِر الصَّلَوَات أَن حكمهَا فِي الدّور كهي فِي الْمَسْجِد فَوَجَبَ أَن يكون كَذَلِك الْجُمُعَة
308 - فِي التَّطَوُّع بعد الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي بعْدهَا أَرْبعا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر سِتا
وَقَالَ الثَّوْريّ إِن صليت أَرْبعا أَو سِتا فَحسن
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُصَلِّي أَرْبعا
وَقَالَ مَالك يَنْبَغِي للْإِمَام إِذا سلم من الْجُمُعَة أَن يدْخل منزله وَلَا يرْكَع فِي الْمَسْجِد لما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ ينْصَرف بعد الْجُمُعَة وَلم يرْكَع فِي الْمَسْجِد

(1/341)


قَالَ وَمن خَلفه أَيْضا إِذا سلمُوا فَأحب أَن ينصرفوا وَلَا يركعوا فِي الْمَسْجِد وَإِن ركعوا فَذَلِك وَاسع
وَقَالَ الشَّافِعِي مَا أَكثر الْمُصَلِّي من التَّطَوُّع بعد التَّطَوُّع بعد الْجُمُعَة فَهُوَ أحب إِلَيّ
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه رأى رجلا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْجُمُعَة فَدفعهُ وَقَالَ أَتُصَلِّي الْجُمُعَة أَرْبعا
قَالَ وَكَانَ ابْن عمر يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيته وَيَقُول هَكَذَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك على نَحْو مَا رُوِيَ عَن عمر لَا يُصَلِّي بعد صَلَاة مثلهَا
وَقد رُوِيَ السَّائِب بن يزِيد عَن مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن لَا توصل صَلَاة بِصَلَاة حَتَّى يخرج أَو يتَكَلَّم
فأباح هَذَا الحَدِيث فعل صَلَاة بعْدهَا إِذا جعل بَينهمَا فاصلا من كَلَام أَو خُرُوج
وَقد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا
وَقد روى عَن عَطاء قَالَ صليت مَعَ ابْن عمر يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا سلم قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ فصلى أَرْبعا ثمَّ انْصَرف

(1/342)


وَتَصْحِيح الْحَدِيثين أَنه فعل الأولى قبل أَن يبلغهُ حَدِيث مُعَاوِيَة ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ
وَقد روى إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ قدم عبد الله فَكَانَ يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة أَرْبعا فَقدم بعده عَليّ فَكَانَ يُصَلِّي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ وأربعا فأعجبنا فعل عَليّ واخترناه
309 - فِي الْخَلِيفَة إِذا كَانَ مُسَافِرًا هَل يجمع

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ فِي مصر يجزئهم
وَقَالَ زفر لَا يُجزئهُ وَلَا يجزئهم
وَقَالَ مَالك إِذا مر بقرية تجمع فِي مثلهَا جمع بهم
وَقَالَ الشَّافِعِي يُجزئهُ ويجزئهم
310 - فِي الْجمع بمنى

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف تجمع بمنى من لَهُ ولَايَة الصَّلَاة هُنَاكَ

(1/343)


وَقَالَ مُحَمَّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجمع
311 - إِذا قعد على الْمِنْبَر هَل يسلم

قَالَ أَبُو حنيفَة خُرُوج الإِمَام يقطع الْكَلَام وَهَذَا يدل على أَنه يمنعهُ السَّلَام
وَقَالَ مَالك لَا يسلم وَأنْكرهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتَوَى قَائِما على الْمِنْبَر سلم وَذكر فِيهِ حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك شَيْء صَحِيح وَرُوِيَ فِيهِ أَحَادِيث ضِعَاف
وَالْقِيَاس يمْنَع مِنْهُ لِأَنَّهُ إِذا تقدم للْإِمَامَة لَا يسلم والمؤذن إِذا أشرف على النَّاس لَا يسلم فَكَذَلِك إِذا صعد على الْمِنْبَر
312 - فِي أقل مَا يجزىء من الْخطْبَة

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا خطب بتسبيحة أَجزَأَهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يُجزئهُ حَتَّى يكون كلَاما يُسمى خطبه

(1/344)


وَقَالَ مَالك من سبح أَو هلل وَلم يخْطب فَإِنَّهُ يُعِيد مَا لم يصل وَإِن صلى فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا التبست عَلَيْهِ الْخطْبَة فَإِن كَانَ تشهد أَمر الْمُؤَذّن فَليقمْ الصَّلَاة وَيصلونَ الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِي أقل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم خطْبَة الْجُمُعَة فِي الْخطْبَتَيْنِ جَمِيعًا أَن يحمد الله تَعَالَى وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويوصي بتقوى الله وَيَدْعُو إِلَى الْآخِرَة فَإِن لم يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا صلى الظّهْر أَرْبعا
قَالَ أَبُو جَعْفَر إِن لم يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا لم تجزه الْجُمُعَة
خلاف الْإِجْمَاع مَا قَالَ بِهِ غَيره
وَلما كَانَ لَو خطب خطبتين قَاعِدا جَازَت الْجُمُعَة وَلم يَقع بَينهمَا فصل كَذَلِك يجوز إِذا قَامَ مَوضِع الْقعُود
313 - فِي الْجُمُعَة بِغَيْر سُلْطَان

قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجزىء
وَذكر عَن مُحَمَّد أَن أهل مصر لَو مَاتَ وإليهم جَازَ أَن يقدموا رجلا يُصَلِّي بهم الْجُمُعَة حَتَّى يقدم عَلَيْهِم وَالِي
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ قَالَ شهِدت الْعِيد مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعُثْمَان مَحْصُور فجَاء فصلى ثمَّ انْصَرف فَخَطب
وَهَذَا أصل من أَن كل سَبَب يخلف الإِمَام عَن الْحُضُور إِذْ على الْمُسلمين إِقَامَة رجل يقوم بِهِ وَهَذَا كَمَا فعل الْمُسلمُونَ يَوْم مُؤْتَة لما قتل الْأُمَرَاء

(1/345)


اجْتَمعُوا على خَالِد بن الْوَلِيد
وَأَيْضًا فَإِن المتغلب وَالْخَارِج على الإِمَام تجوز الْجُمُعَة خَلفه فَمن كَانَ فِي طَاعَة الإِمَام أَحْرَى بجوازها خَلفه
314 - إِذا أحدث الإِمَام فَقدم الْقَوْم رجلا

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قد دخل فِي الصَّلَاة بنى على الْجُمُعَة وَإِن لم يكن دخل فِيهَا بِأَن تقدم بِإِذن الإِمَام أَو قدم صَاحب شرطة أَو القَاضِي جَازَ وَإِن كَانَ غير ذَلِك صلوا الظّهْر
وَقَالَ مَالك يُجزئهُ ويجزئهم كَسَائِر الصَّلَوَات
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أحدث الإِمَام فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَتقدم رجل بأَمْره أَو بِغَيْرِهِ أمره وَقد كَانَ دخل مَعَ الإِمَام قبل حَدثهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ وَإِن لم يكن أدْرك مَعَه التَّكْبِير صلوها ظهرا لِأَنَّهُ كَانَ مبتدئا
قَالَ الْمُزنِيّ يشبه هَذَا إِذا كَانَ إِحْرَامه بعد حدث الإِمَام
315 - فِي الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ هَل يجزىء أَحدهمَا عَن الآخر

قَالَ أَصْحَابنَا الأول سنة وَالْآخر فرض يشهدهما وَلَا يجزىء أَحدهمَا عَن الآخر وَهُوَ قَول مَالك

(1/346)


وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يجزىء أَحدهمَا عَن صَاحبه وَالْأَفْضَل أَن يجمعهما وَإِن اكْتفى بالعيد وَصلى الظّهْر فِي بَيته كَانَ ذَلِك وَاسِعًا لَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن ترك الْعِيد مجمعا على حُصُول الْجُمُعَة كَانَ ذَلِك وَاسِعًا
روى شُعْبَة عَن الْمُغيرَة عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهمَا شِئْتُم أجزأكم
وروى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّا مجمعون فَمن شَاءَ أَن يجمع فليجمع وَمن شَاءَ أَن يرجع فَليرْجع
فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث إِبَاحَة الرُّجُوع وَفِي الأول الْأُخْرَى
وروى عُثْمَان أَنه قَالَ فِي مَسْأَلَة من أحب من أهل الْعَالِيَة أَن ينْتَظر الْجُمُعَة فلينتظرها وَمن أحب أَن يرجع فَليرْجع فقد أَذِنت لَهُ
فخض أهل الْعَالِيَة لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِم جُمُعَة
وَقَالَ الله تَعَالَى {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} الْجُمُعَة 9 وَلم يخصص يَوْم عيد من غَيره

(1/347)


316 - إِذا نفر النَّاس عَنهُ بعد الدُّخُول فِي الْجُمُعَة

قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ سجد فِي الرَّكْعَة الأولى سَجْدَة بنى عَلَيْهَا وَإِن لم يسْجد من الأولى حَتَّى نفروا عَنهُ يسْتَقْبل الظّهْر أَرْبعا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا افْتتح الْجُمُعَة وهم مَعَه ثمَّ نفروا عَنهُ صلى الْجُمُعَة
وَقَالَ الْحسن عَن زفر صلَاته فَاسِدَة وَكَذَلِكَ لَو نفروا عَنهُ بَعْدَمَا صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ مَا لم يتَشَهَّد أَن صلَاته فَاسِدَة وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد
قَالَ وروى عَمْرو بن خَالِد عَن أَصْحَابه الحروريين عَن زفر أَنهم إِذا نفروا عَنهُ بَعْدَمَا صلى رَكْعَة بنى على الْجُمُعَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يسْتَقْبل الظّهْر أَرْبعا
قَالَ وَقَالَ زفر لَو نفروا بَعْدَمَا افْتتح الصَّلَاة بنى على الْجُمُعَة أَيْضا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا لم يبْق مَعَه إِلَّا الْوَاحِد والإثنان وَهُوَ فِي خطبَته أَو بَعْدَمَا فرغ مِنْهَا أَنهم إِن لم يرجِعوا إِلَيْهِ فَيصَلي بهم الْجُمُعَة صلى أَرْبعا
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا دخل فِي الْجُمُعَة بِجَمَاعَة ثمَّ انْفَضُّوا عَنهُ فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه إِن بَقِي مَعَه اثْنَان حَتَّى تكون صلَاته جمَاعَة أجزأتهم الْجُمُعَة وَالْقَوْل الآخر لَا تجزئهم حَتَّى يكون مَعَه أَرْبَعُونَ

(1/348)


قَالَ أَبُو جَعْفَر شَرط صِحَة الْجُمُعَة الإِمَام والمأمومين فَلَمَّا كَانَ الْمَأْمُوم تصح بِهِ الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام وَلم يدْرك جَمِيعهَا كَذَلِك يَنْبَغِي أَن تصح للْإِمَام مُشَاركَة الْمَأْمُومين فِي بعض صلَاته
317 - فِيمَن صلى الظّهْر فِي بَيته ثمَّ يَأْتِي الْجُمُعَة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يَأْتِ الْجُمُعَة أَجْزَأته وَإِن أَتَى الْجُمُعَة انتقضت عِنْد أبي حنيفَة بالسعي إِلَيْهَا
وَعِنْدَهُمَا حَتَّى يدْخل فِي الْجُمُعَة
وَقَالَ زفر وَالثَّوْري وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ الظّهْر إِلَّا بعد فرَاغ الإِمَام من الْجُمُعَة
318 - فِي السّفر يَوْم الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ قبل الزَّوَال وَبعده إِذا كَانَ يخرج من مصره قبل خُرُوج وَقت الظّهْر حَكَاهُ مُحَمَّد فِي السّير من غير خلاف
وَقَالَ مَالك أحب لَهُ أَن لَا يخرج بعد طُلُوع الْفجْر وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِحرَام وَبعد الزَّوَال لَا يَنْبَغِي أَن يُسَافر حَتَّى يُصَلِّي الْجُمُعَة
وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يكون السّفر يَوْم الْجُمُعَة حَتَّى يُصَلِّي بهم
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الحكم بن عتيبة عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه عبد الله بن رَوَاحَة

(1/349)


وجعفرا وَزيد بن حَارِثَة فَتخلف عبد الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَالَ فراح مُنْطَلقًا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى سُفْيَان عَن الثَّوْريّ عَن الْأسود بن قيس عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَا تحبس الْجُمُعَة عَن سفرة
وَلَا يعرف عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَجَمِيع الْفُقَهَاء يبيحون السّفر لَيْلَة الْجُمُعَة إِلَّا إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ إِذا أرد السّفر يَوْم الْخَمِيس فليسافر غدْوَة إِلَى أَن يرفع النَّهَار فَإِذا أَقَامَ إِلَى الْعشي فَلَا يخرج حَتَّى يُصَلِّي الْجُمُعَة
وَرُوِيَ عَن الْحسن وَابْن سِيرِين قَالَا لَا بَأْس بِالسَّفرِ يَوْم الْجُمُعَة مَا لم يحضر الْجُمُعَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمَا ذَكرْنَاهُ عَن مُحَمَّد أَن لَهُ أَن يُسَافر إِذا كَانَ يخرج من الْمصر قبل خُرُوج وَقت الظّهْر فَإِنَّمَا ذهب فِيهِ إِلَى أَن فرض الْوَقْت إِنَّمَا يتَعَلَّق بآخر الْوَقْت فَإِذا كَانَ مُسَافِرًا من غير آخر الْوَقْت لم يكن من أهل فرض الْجُمُعَة

(1/350)


319 - فِي الإِمَام يقدم من لم يشْهد الْخطْبَة

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قد دخل يؤم الْجُمُعَة وَإِن لم يكن دخل فِيهَا صلى الظّهْر أَرْبعا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ إِذا أحدث بَعْدَمَا صلى رَكْعَة
وَقَالَ مَالك إِذا أحرم الإِمَام وَمن خَلفه ثمَّ أحدث فَقدم رجلا لم يدْرك مَعَه الْإِحْرَام فَيحرم هَذَا الرجل بَعْدَمَا أحرم أَن صلَاتهم منتقضة لَا تجوز لأَنهم بِمَنْزِلَة من يحرم بِصَلَاتِهِ قبل الإِمَام وَلَا يُصَلِّي هَذَا الْمُسْتَخْلف يَوْم الْجُمُعَة لِأَنَّهُ لَا يُصليهَا الْمُنْفَرد
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أحدث الإِمَام قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة فَقدم رجلا لم يشْهد الْخطْبَة أَنه أرج وَإِن فعل ذَلِك وَإِن فعل ذَلِك أَرْجُو أَن تجزئهم صلَاتهم
وَحكى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَنه إِن اسْتخْلف رجلا لم يشْهد الْخطْبَة أجزأهم وَيجب أَن يقوم من حضر الْجُمُعَة
وَقَالَ اللَّيْث إِذا أحدث بعد الْفَرَاغ من الْخطْبَة فَقدم رجلا لم يشْهد الْخطْبَة صلى رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِن أحدث فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَتقدم رجل بأَمْره أَو بِغَيْر أمره وَقد كَانَ دخل مَعَ الإِمَام قبل حَدثهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ وَإِن لم يكن أدْرك مَعَه التَّكْبِير صلوها ظهرا لِأَنَّهُ صَار مبتدئا
وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ لَا يؤم فِي يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا من شهد الْخطْبَة أَو صلى رَكْعَة

(1/351)


بسجدتيها مَعَ الإِمَام فَأَما من أحرم مَعَه وَلم يصل رَكْعَة وَلم يدْرك الْخطْبَة فَلَا يؤم فِيهَا فَإِن أم صلى أَرْبعا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما جَازَ لَهُ أَن يقدم من شهد الْجُمُعَة لغير عذر وَلم يكن بِمَنْزِلَة الصَّلَاة إِذا دخل فِيهَا أَنه لَا يقدم غَيره لغير عذر علمنَا أَن الْخطْبَة متضمنة للْإِمَام الْجُمُعَة فَإِذا فعلهَا صحت الصَّلَاة فَجَاز أَن يقدم للصَّلَاة من لم يشهدها
320 - فِيمَن أحدث خلف الإِمَام فِي الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تَوَضَّأ وَقد فرغ الإِمَام فَإِن شَاءَ أتم الْجُمُعَة فِي بَيته وَإِن شَاءَ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِد فأتمها
وَقَالَ مَالك لَا يبْنى على الْجُمُعَة إِلَّا فِي الْمَسْجِد لِأَن الْجُمُعَة لَا تكون إِلَّا فِيهِ
وَقَالَ اللَّيْث أستحب لَهُ الرُّجُوع إِلَى الْمَسْجِد فِي سَائِر الصَّلَوَات حَيْثُ تيَسّر
قَالَ أَبُو جَعْفَر صِحَة الْجُمُعَة مُتَعَلقَة بِالْمِصْرِ لَا بِالْمَسْجِدِ لِأَن الْمَسْجِد لَو خرب خرابا يمْنَع الصَّلَاة فِيهِ لم يبطل بذلك حكم الْجُمُعَة عَن أهل الْمصر وَلَو خرب الْمصر حَتَّى صَار صحراء وَبَقِي الْمَسْجِد لم يصل فِيهِ فَجَائِز للمحدث أَن يَبْنِي على الْجُمُعَة فِي بَيته
321 - فِي الْمَرِيض وَالْمُسَافر يصليان الظّهْر ثمَّ زَالَ الْعذر هَل يصليان الْجُمُعَة

قَالَ أَصْحَابنَا إِن شهد الْجُمُعَة بعد ذَلِك كَانَت الْجُمُعَة هِيَ الْفَرْض

(1/352)


وانتقضت الظّهْر
وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ أَن يشهدها وَإِن شَهِدَهَا لم تكن جُمُعَة وَهُوَ قَول الْحسن
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يُصَلِّي الْجُمُعَة كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الظّهْر وَاجِبَة يَوْم الْجُمُعَة كوجوبها فِي سَائِر الْأَيَّام سَوَاء غير أَن من كَانَ بَالغا غير مَعْذُور أسقطها بِفعل الْجُمُعَة
وَقَالَ زفر فرض الْوَقْت هُوَ الْجُمُعَة فَإِذا صلى الظّهْر كَانَ منتظرا بِهِ مَا يكون مِنْهُ فِي الْجُمُعَة على مَا قَالَ أَبُو حنيفَة
322 - فِي الْأَمِير إِذا خطب للْجُمُعَة ثمَّ قدم عَلَيْهِ أَمِير آخر

قَالَ أَصْحَابنَا إِن اكْتفى الثَّانِي بِخطْبَة الأول صلى الظّهْر أَرْبعا وَإِن أَعَادَهَا صلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يجتزىء بِخطْبَة الأول وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ لِأَن الْخطْبَة للصَّلَاة وَقد فعلت
323 - فِيمَن ابتلع شَيْئا فِي صلَاته

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ بَين أَسْنَانه شَيْء فابتلعه أَو قلس من ملْء فَمه ثمَّ رَجَعَ وَدخل جَوْفه لم يقطع صلَاته
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ بَين أَسْنَانه شَيْء فابتلعه لم يقطع صلَاته وَإِن ابتلع شَيْئا من طَعَام يجده فِي حلقه وَهُوَ مثل الْحبَّة وَمَا أشبههَا لم يقطع

(1/353)


وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابتلع طَعَاما يجده فِي حلقه يُعِيد صلَاته
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ بَين أَسْنَانه فازدرده لم يقطع صلَاته إِذا كَانَ مَوضِع الرِّيق لَا يملكهُ بِلَا مضغ فَإِن مضغه قطع صلَاته
324 - فِي الْكَلَام بعد صَلَاة الْفجْر

قَالَ أَصْحَابنَا يكره الْكَلَام بعد طُلُوع الْفجْر إِلَى أَن يُصَلِّي الْفجْر الْأَخير
وَقَالَ مَالك لَا يكره قبل صَلَاة الْفجْر وَإِنَّمَا يكره بعْدهَا إِلَى طُلُوع الشَّمْس
سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْفجْر يقْعد فِي مَجْلِسه حَتَّى تطلع الشَّمْس
325 - فِي الصَّلَاة فِي السَّفِينَة

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت سائرة يُصَلِّي قَاعِدا فِيهَا إِن شَاءَ وَإِن كَانَت موثقة إِلَى الشط لَا يُصَلِّي قَاعِدا إِلَّا أَن لَا يقدر على الْقيام
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز أَن يُصَلِّي قَاعِدا إِلَّا أَن لَا يقدر على الْقيام
وَرُوِيَ عَن أنس كَقَوْل أبي حنيفَة من غير خلاف عَن أحد من الصَّحَابَة
وروى أَبُو يُوسُف عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن مُجَاهِد قَالَ كُنَّا مَعَ جُنَادَة ابْن أبي أُميَّة فِي الْبَحْر وَكُنَّا نصلي قعُودا ونتحرى الْقبْلَة فِي السَّفِينَة
فهذان رجلَانِ من الصَّحَابَة قد قَالَا مثل قَول أبي حنيفَة من غير خلاف

(1/354)


فَإِن قيل رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم أَبُو سعيد أَنهم صلوا قيَاما
قيل لَهُ يحْتَمل أَن يَكُونُوا فَعَلُوهَا قيَاما وَإِن لم تكن وَاجِبَة كَذَلِك وَيحْتَمل أَن تكون السَّفِينَة غير سائرة
وَأَيْضًا قد خُولِفَ بَين الصَّلَاة فِي السَّفِينَة وَبَينهَا على الأَرْض لَا يُصَلِّي وَهِي سائرة كَمَا يُصَلِّي على الدَّابَّة فَجَاز ترك الْقيام
326 - فِي مِقْدَار السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ مَالك ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا فَإِن لم تكن فِيهَا ثَلَاثَة أَمْيَال فمسيرة يَوْم وَلَيْلَة للقفل وَهُوَ قَول اللَّيْث
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَوْم تَامّ
وَقَالَ الشَّافِعِي سِتَّة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالهاشمي

(1/355)


وَرُوِيَ عَن ابْن عمر ثَلَاثَة أَيَّام
عَن ابْن عَبَّاس يَوْم وَلَيْلَة
327 - فِي العَاصِي هَل يقصر

قَالَ أَصْحَابنَا يقصر الْمُسَافِر عَاصِيا كَانَ أَو مُطيعًا وَهَذَا قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ مَالك إِن خرج إِلَى الصَّيْد وَهُوَ معاشه قصر
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا سَافر فِي مَعْصِيّة لَا يقصر وَلَا يمسح مسح السّفر
328 - فِي الملاح هَل يقصر فِي سفينته

قَالَ أَصْحَابنَا يقصر إِذا كَانَ فِي سفر حَتَّى يصير إِلَى قريته فَيتم وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ فِيهَا أَهله وقراره يقصر إِذا أكراها حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ أكراها فَإِذا انْتهى أتم الصَّلَاة
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت السَّفِينَة بَيته وَلَيْسَ لَهُ منزل غَيرهَا فَهُوَ فِيهَا بِمَنْزِلَة الْمُقِيم يتم فَإِن السّفر هُوَ النقلَة والملاح غير منتقل بسفينته فَهُوَ كَغَيْرِهِ

(1/356)


329 - فِي الْمُسَافِر يدْخل فِي صَلَاة الْمُقِيم

قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي صَلَاة الْمُقِيم وَإِن أدْركهُ فِي التَّشَهُّد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ مَالك إِذا لم يدْرك مَعَه رَكْعَة صلى رَكْعَتَيْنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما صَحَّ لَهُ الدُّخُول فِي آخر صلَاته وَيلْزمهُ سَهْوه وانْتهى عَنهُ سَهْو نَفسه لأجل إِمَامه كَذَلِك يلْزمه حكم إِقَامَته فِي الْإِتْمَام
330 - فِي قصر الصَّلَاة بمنى وعرفة

قَالَ أَصْحَابنَا أهل مَكَّة يتمون الصَّلَاة بمنى وعرفة
وَقَالَ الشَّافِعِي يقصرون وَإِن كَانَ سَاكِنا مُقيما بمنى أتم وَمن كَانَ سَاكِنا بِعَرَفَات أتم الصَّلَاة بِعَرَفَات وَقصر بمنى
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ الْحَج مُوجبا للقصر لِأَن أهل منى وعرفات إِذا كَانُوا حجاجا أَتموا وَلَيْسَ هُوَ مُتَعَلقا بالموضع لهَذِهِ الْعلَّة وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلق بِالسَّفرِ وَأهل مَكَّة مقيمون هُنَاكَ فَلَا يقصرون وَلما كَانَ الْمُقِيم لَا يقصر لَو خرج إِلَى منى كَذَلِك الْحَاج
وَقَالَ عَطاء وَمُجاهد لَيْسَ على أهل مَكَّة قصر فِي الْحَج

(1/357)


331 - فِي الْمُسَافِر يُصَلِّي أَرْبعا

قَالَ أَصْحَابنَا إِن قعد فِي الثِّنْتَيْنِ قدر التَّشَهُّد مَضَت صلَاته وَإِن لم يقْعد فَصلَاته فَاسِدَة
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قعد فِي الثِّنْتَيْنِ لم يعد
وَقَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان إِذا صلى أَرْبعا مُتَعَمدا أعَاد إِذا كَانَ ذَلِك مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير وَإِذا طَال ذَلِك فِي سَفَره وَكثر لم يعد
قَالَ الْحسن إِذا افْتتح الصَّلَاة على أَنه يُصَلِّي أَرْبعا اسْتقْبل الصَّلَاة حَتَّى يبتدئها بِالنِّيَّةِ على رَكْعَتَيْنِ وَإِن صلى رَكْعَتَيْنِ وَتشهد ثمَّ بدا لَهُ أَن يتم فصلى أَرْبعا أعَاد وَإِن نوى أَن يُصَلِّي أَرْبعا بَعْدَمَا افْتتح الصَّلَاة على رَكْعَتَيْنِ ثمَّ بدا لَهُ فَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَجْزَأته صلَاته
وَقَالَ مَالك إِذا صلى الْمُسَافِر أَرْبعا فَإِنَّهُ يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ
قَالَ وَلَو أَن مُسَافِرًا افْتتح الْمَكْتُوبَة يَنْوِي أَرْبعا فَلَمَّا صلى رَكْعَتَيْنِ بدا لَهُ فَسلم أَنه لَا تُجزئه
وَلَو صلى مُسَافر بمسافرين فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبحُوا بِهِ فَلم يرجع فَإِنَّهُم يَقْعُدُونَ ويتشهدون وَلَا يتبعونه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي الْمُسَافِر رَكْعَتَيْنِ فَإِن قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وصلاها فَإِنَّهُ يلغيها وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو
وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ للْمُسَافِر أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن يَنْوِي الْقصر مَعَ الْإِحْرَام فَإِن أحرم وَلم ينْو الْقصر كَانَ على أصل فَرْضه أَرْبعا

(1/358)


332 - فِي مُدَّة الْإِقَامَة

قَالَ ابْن عمر وأصحابنا وَالثَّوْري إِذا نوى إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَإِن كَانَ أقل قصر
قَالَ سعيد بن الْمسيب وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا نوى الْإِقَامَة أَرْبَعَة أتم
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا نوى الْإِقَامَة ثَلَاثَة عشر أتم إِن نوى أقل قصر
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ أَن مر الْمُسَافِر بمصره الَّذِي فِيهِ أَهله وَهُوَ منطلق مَاض فِي سَفَره قصر فِيهِ الصَّلَاة مَا لم يقم عشرا فَإِن أَقَامَ بِهِ عشرا أَو بِغَيْرِهِ من سَفَره أتم الصَّلَاة
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عَبَّاس وَجَابِر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح مَكَّة صَبِيحَة الرَّابِعَة من ذِي الْحجَّة فَكَانَ مقَامه إِلَى وَقت خُرُوجه أَكثر من أَربع وَقد كَانَ يقصر الصَّلَاة
فَدلَّ على سُقُوط الِاعْتِبَار بالأربع
وَقد روى أَبُو حنيفَة عَن عمر بن ذَر عَن ابْن عَبَّاس عَن ابْن عمر قَالَ إِذا قدمت من بَيت بلدك وَأَنت مُسَافر وَفِي نَفسك أَن تقيم بهَا خمس عشرَة لَيْلَة فأكمل الصَّلَاة بهَا وَإِن كنت لَا تَدْرِي مَتى تظعن فاقصرها وَلم يرو عَن أحد من السّلف خِلَافه

(1/359)


فَإِن قيل قد رُوِيَ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن سعيد بن الْمسيب
من أجمع على أَربع وَهُوَ مُسَافر أتم الصَّلَاة
قيل لَهُ قد روى عَن هِشَام عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ إِذا اقام الْمُسَافِر خمس عشرَة أتم الصَّلَاة وَمَا دون ذَلِك فليقصر
333 - فِي الْإِقَامَة فِي دَار الْحَرْب

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْجَيْش يدْخلُونَ إِلَى دَار الْحَرْب فيحاصرون مَدِينَة ويعزمون على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا أَنهم يقصرون
وَحكى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة إِذا نوى الْمُسَافِر الْمقَام فِي بَريَّة خَمْسَة عشر قصر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ مُقيم
وَقَالَ مَالك فِي الْحَرْب مثل قَول أَصْحَابنَا وَكَذَلِكَ اللَّيْث
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَقَامَ بِبَلَد لتأهب الْحَرْب قصر فِي مثل الْمدَّة الَّتِي قصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة بعد الْفَتْح سبع عشرَة أَو ثَمَانِي عشرَة لِأَنَّهُ كَانَ متأهبا للحرب

(1/360)


334 - إِذا نوى الْإِقَامَة بعد الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا فرغ الْمُسَافِر من صلَاته وَسلم ثمَّ نوى الْإِقَامَة وَهُوَ فِي الْوَقْت لم يتم وَلم يعد الصَّلَاة
قَالَ مَالك إِن أعَاد فَهُوَ حسن وَأحب إِلَيّ أَن يُعِيد
335 - فِيمَن نوى الْإِقَامَة فِي الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُتمهَا أَرْبعا
وَقَالَ مَالك إِذا صلى رَكْعَة ثمَّ بدا لَهُ الْإِقَامَة يضيف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى ويجعلها نَافِلَة ثمَّ يبتدىء صَلَاة مُقيم
قَالَ أَبُو جَعْفَر نِيَّة الْإِقَامَة تلْزم الْإِتْمَام فَلَا تفْسد الصَّلَاة كعتق الْأمة فِي الصَّلَاة تلزمها تَغْطِيَة الرَّأْس وَلَا تفْسد صلَاتهَا
336 - فِي مُسَافر صلى بمقيمين

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى مُسَافر بمقيمين فَسلم قَامَ المقيمون يتمون وحدانا بِغَيْر إِمَام
وَقَالَ مَالك أحب أَن يقدموا رجلا مِنْهُم فَيصَلي بهم وَفِي ذَلِك سَعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ أَبُو جَعْفَر صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَهْل مَكَّة رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَتموا صَلَاتكُمْ

(1/361)


فَإنَّا قوم سفر وَقد فعل عمر مثل ذَلِك بعده وَلم يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصر المقيمين أَن يجمع بَينهم فِيمَا بَقِي
337 - فِي الْمُسَافِر يُصَلِّي رَكْعَة ثمَّ يحدث فَيقدم الْقَوْم مُقيما

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صلى مُسَافر بمسافرين ومقيمين فأحدث بَعْدَمَا صلى رَكْعَة وَقدم مُقيما فَإِنَّهُ يتم صَلَاة الأول ثمَّ يتَأَخَّر وَيقدم مُسَافِرًا يسلم وَيسلم المسافرون وَيُقِيم المقيمون فيقضون وحدانا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ مَالك يُصَلِّي الْمُقِيم تَمام صَلَاة الأول ثمَّ يُشِير إِلَى من خَلفه بِالْجُلُوسِ ثمَّ يقوم وَحده فَيتم أَرْبعا ثمَّ يقْعد ويتشهد وَيسلم وَيقوم من خَلفه من المقيمين فيتمون لأَنْفُسِهِمْ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يتمون كلهم الصَّلَاة مَعَ الْمُقِيم الْمُقدم
قَالَ أَبُو جَعْفَر الثَّانِي خَليفَة الأول يفعل مَا كَانَ على الأول فعله أَلا ترى أَنه لَو قدمه بَعْدَمَا صلى رَكْعَة وَإِنَّمَا أدْركهُ فِي الثَّانِيَة أَنه يقْعد إِذا صلى رَكْعَة لِأَن على الأول أَن يجلس وَإِن كَانَ وَحده لم يقْعد وَكَانَ حكم هَذِه الصَّلَاة حكم صَلَاة الإِمَام الأول فَلذَلِك كَانَ على مَا قَالَ

(1/362)


338 - من سَافر قبل دُخُول الْوَقْت

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خرج من مصر قبل خُرُوج الْوَقْت صلى رَكْعَتَيْنِ وَإِن قدم الْمصر قبل خُرُوج الْوَقْت أتم
وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِن جَاوز أَبْيَات الْمصر وَلم يبْق عَلَيْهِ من الْوَقْت إِلَّا مِقْدَار مَا يُصَلِّي رَكْعَة فَإِنَّهُ مفرط وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْعَصْر أَرْبعا وَإِن قدم من سفر فَدخل مصره وَلم يبْق من الْوَقْت إِلَّا قدر رَكْعَة أتم الصَّلَاة أجد لَهُ فِي ذَلِك تأليفه
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا خرج من الْوَقْت شَيْء قصر وَإِن قدم وَقد بَقِي من الْوَقْت شَيْء أتم
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت وَقت الصَّلَاة وقتا خَاصّا لسَائِر النَّاس وَجب أَن يكون وُجُوبهَا مُتَعَلقا بِوُجُود الْوَقْت وَلَوْلَا ذَلِك لما جَازَ فعلهَا قبل آخر الْوَقْت كَمَا لَو صلى قبل دُخُوله
339 - فِي الْمُسَافِر يدْخل فِي صَلَاة مُقيم يقطعهَا

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطعهَا صلى صَلَاة مُسَافر
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُقيم وَإِن قطعهَا

(1/363)


قَالَ أَبُو جَعْفَر دُخُوله لم يَجعله مُقيما وَإِنَّمَا يلْزمه الْإِتْمَام على وَجه الإتباع أَلا ترى أَن صَلَاة أُخْرَى إِذا صلاهَا لنَفسِهِ قصر فَإِذا قطع صلَاته بَطل حكم الإتباع وَهُوَ مُسَافر فَيصَلي صَلَاة مُسَافر
340 - فِيمَن قدم الْمصر الَّذِي سَافر إِلَيْهِ وَلم ينْو إِقَامَة وَلَيْسَ بمنزله

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر مَا لم يعزم على الْإِقَامَة
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أَقَامَ فِيهِ بِغَيْر خوف أَرْبَعَة أَيَّام أتم
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يقل بِهَذَا القَوْل أحد غَيره
وَقد رُوِيَ عَن سعد وَابْن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أَنه يقصر أبدا من غير تَوْقِيت رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي عَن زَائِدَة بن عُمَيْر الطَّائِي عَنهُ
وروى عَاصِم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه يقصر مَا بَينه وَبَين تِسْعَة عشر يَوْمًا فَإِذا أَقَامَ أَكثر من ذَلِك صلى أَرْبعا
وروى سُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِذا أَقمت عشرا فَأَتمَّ الصَّلَاة
وروى ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر إِذا أَقمت اثْنَي عشر يَوْمًا

(1/364)


فَأَتمَّ الصَّلَاة وروى عَنهُ غَيره أَنه يقصر فِي غير تَوْقِيت
وَهَذِه الْأَقْوَال كلهَا خلاف قَول الشَّافِعِي
341 - فِيمَن نسي صَلَاة السّفر حَتَّى أَقَامَ أَو صَلَاة الْمُقِيم حَتَّى سَافر

قَالَ أَصْحَابنَا من فَاتَتْهُ صَلَاة فِي السّفر ثمَّ أَقَامَ بعد خُرُوج الْوَقْت قصر وَإِن سَافر بعد خُرُوج الْوَقْت وَقد فَاتَتْهُ الصَّلَاة أتم وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُقيم فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا
وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رِوَايَة أُخْرَى إِذا تَركهَا فِي السّفر صلى صَلَاة سفر
342 - فِي الصَّلَاة فِي حَال الْقِتَال

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري يُصَلِّي بإيماء وَإِن لم يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود من الْقِتَال كبر بدل كل رَكْعَة تَكْبِيرَة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس أَن يضْرب فِي الصَّلَاة الضَّرْبَة ويطعن الطعنة وَإِن تَابع الطعْن وَالضَّرْب أَو عمل عملا يطول بطلت صلَاته

(1/365)


343 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْخَوْف

قَالَ أَصْحَابنَا تقوم طَائِفَة مَعَ الإِمَام فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين وينصرفون ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَيصَلي بهم رَكْعَتَيْنِ وسجدتين ويسلمون وحدانا بِغَيْر قِرَاءَة وينصرفون ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فيقضون رَكْعَة بِغَيْر قِرَاءَة
وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ الْعَدو بَينهم وَبَين الْقبْلَة جعل النَّاس طائفتين وَيُكَبِّرُونَ ويركعون جَمِيعًا وَكَذَلِكَ الإِمَام والصف الأول وَيقوم الصَّفّ الآخر فِي وُجُوه الْعَدو فَإِذا قَامُوا من السُّجُود سجد الصَّفّ الْمُؤخر فَإِذا فرغوا من سجودهم قَامُوا وَتقدم الصَّفّ الآخر وَتَأَخر الصَّفّ الأول فَيصَلي بهم الإِمَام فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى كَذَلِك
فَإِن كَانَ الْعَدو فِي دبر الْقبْلَة قَامَ الإِمَام وصف مَعَه مُسْتَقْبل الْقبْلَة والصف الآخر مُسْتَقْبل الْعَدو فيكبر وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا ويركع ويركعون جَمِيعًا ثمَّ يسْجد الصَّفّ الَّذِي مَعَ الإِمَام سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يَنْقَلِبُون فيكونون مستقبلي الْعَدو ثمَّ يَجِيء الْآخرُونَ فيسجدون وَيُصلي بهم الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيركعون جَمِيعًا وَيسْجد مَعَه الصَّفّ الَّذِي مَعَه ثمَّ يَنْقَلِبُون إِلَى الْعَدو فِي الْقبْلَة
وَيَقُول أبي حنيفَة إِذا كَانَ الْعَدو فِي غير الْقبْلَة فَروِيَ عَن الثَّوْريّ مثل قَول أبي حنيفَة وَرُوِيَ أَيْضا مثل قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ إِن فعلت ذَلِك فَجَائِز
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه لَا تصلى بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِإِمَام وَاحِد وَإِنَّمَا تصلى بإمامين كَسَائِر الصَّلَوَات

(1/366)


وَقَالَ مَالك يتَقَدَّم الإِمَام بطَائفَة وَطَائِفَة بِإِزَاءِ الْعَدو فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين وَيقوم قَائِما وتتم الطَّائِفَة الَّتِي لم تصل فَيقومُونَ مكانهم وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم ثمَّ يقومُونَ فيتمون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الَّتِي بقيت
قَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك يَقُول لَا يسلم الإِمَام حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الْأُخْرَى لأنفسها ثمَّ يسلم بهم لحَدِيث يزِيد بن رُومَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث الْقَاسِم وَفِيه أَن الإِمَام يسلم ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الثَّانِيَة فيقضون
وَقَالَ الشَّافِعِي مثل قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ إِن الإِمَام لَا يسلم حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الثَّانِيَة لأنفسها ثمَّ يسلم بهم
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثل قَول أَصْحَابنَا إِلَّا أَنه قَالَ الطَّائِفَة الثَّانِيَة إِذا صلت مَعَ الإِمَام وَسلم الإِمَام قَضَت لأنفسها الرَّكْعَة الَّتِي لم يصلوها مَعَ الإِمَام ثمَّ تَنْصَرِف وتجيء الطَّائِفَة الأولى فتقضي بَقِيَّة صلَاتهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {ولتأت طَائِفَة أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا مَعَك} النِّسَاء 102 فَأخْبر أَنهم يدْخلُونَ فِيهَا دُخُولا مُخْتَلفا وَمَا ذهب إِلَيْهِ مَالك من ذَلِك فَإِنَّهُ ذهب إِلَيْهِ لحَدِيث رَوَاهُ عَن يزِيد بن رُومَان عَن صَالح بن خَوات عَمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر فِيهِ أَن الطَّائِفَة الأولى صلت الرَّكْعَة الثَّانِيَة قبل أَن يُصليهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَهَذَا لم يروه إِلَّا يزِيد بن رُومَان وَقد خُولِفَ فِيهِ

(1/367)


فروى شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن صَالح بن خَوات عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم صَلَاة الْخَوْف فَصف صفا خَلفه وَصفا مصافا لِلْعَدو فصلى بهم رَكْعَة
فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن الطَّائِفَة الأولى تقض الرَّكْعَة الثَّانِيَة إِلَّا بعد خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلَاته
وَهَذَا أولى لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ
وَقَالَ إِنِّي امْرُؤ قد بدنت فَلَا تبادروني بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود
وَفِي حَدِيث مَالك عَن يزِيد بن رُومَان أَن تِلْكَ الصَّلَاة إِنَّمَا كَانَت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذَات الرّقاع وَقد روى يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذَات الرّقاع فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/368)


أَرْبعا وكل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ فاضطرب حَدِيث يزِيد بن رُومَان اضطرابا شَدِيدا
فَإِن قيل يجوز فِي صَلَاة الْخَوْف انصراف الطَّائِفَة الأولى عَن الصَّلَاة قبل الإِمَام كَمَا جَازَ الْمُضِيّ
قيل لَهُ الْمُنْفَرد إِذا كَانَ مُنْهَزِمًا يُصَلِّي سائرا بإتفاق فَكَانَ لما ذكرنَا أصل مُتَّفق عَلَيْهِ من نَظَائِره وَلَيْسَ للفراغ من الصَّلَاة قبل الإِمَام نَظِير فِي أصل
344 - فِي كَيْفيَّة الْمغرب فِي الْخَوْف

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي بالطائفة الأولى رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن مَالِكًا واالشافعي قَالَا يقوم الإِمَام قَائِما حَتَّى يتموا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ يُصَلِّي بالطائفة الثَّانِيَة رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسلم الإِمَام وَتقوم الطَّائِفَة الثَّانِيَة فيقضون رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن شَاءَ الإِمَام ثَبت جَالِسا حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الأولى لأَنْفُسِهِمْ وَإِن شَاءَ قَامَ قَائِما وَيسلم الإِمَام بهم بعد الطَّائِفَة الثَّانِيَة
وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم صف خَلفه وصف موازي الْعَدو فَيصَلي بهم رَكْعَة ثمَّ يذهبون إِلَى مقَام أُولَئِكَ وَيَجِيء هَؤُلَاءِ فَيصَلي بهم رَكْعَة ويجسلون فَإِذا قَامَ ذهب هَؤُلَاءِ إِلَى مصَاف أُولَئِكَ وَجَاء أُولَئِكَ فركعوا وسجدوا وَالْإِمَام قَائِم لِأَن قِرَاءَة الإِمَام لَهُم قِرَاءَة وجلسوا ثمَّ قَامُوا يصلونَ مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الثَّالِثَة فَإِذا جَلَسُوا وَسلم الإِمَام ذَهَبُوا إِلَى مصَاف أُولَئِكَ وَجَاء الْآخرُونَ فصلوا رَكْعَتَيْنِ
ذهب الثَّوْريّ إِلَى أَن عَلَيْهِ التَّعْدِيل بَين الطَّائِفَتَيْنِ فَيصَلي لكل وَاحِدَة

(1/369)


رَكْعَة وَقد ترك هَذَا الْمَعْنى حِين جعل الطَّائِفَة الأولى أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الأولى الثَّالِثَة والطائفة الثَّانِيَة إِنَّمَا صلت الرَّكْعَة الثَّانِيَة مَعَه
وَقَالَ الثَّوْريّ إِنَّه إِذا كَانَ مُقيما فصلى بهم الظّهْر أَنه يُصَلِّي بِالْأولَى رَكْعَتَيْنِ وبالثانية رَكْعَتَيْنِ فَلم يقسم الصَّلَاة بَينهم على أَن يُصَلِّي كل طَائِفَة مَعَه رَكْعَة على حيالها وَمذهب الثَّوْريّ فِي هَذَا مُخَالف لِلْأُصُولِ من وَجه آخر وَذَلِكَ أَنه أَمر الإِمَام بِأَن يقوم بِهِ قَائِما حَتَّى تفرغ الطَّائِفَة الأولى من الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَهَذَا مُخَالف لِلْأُصُولِ على نَحْو مَا ذكرنَا فِي حَدِيث يزِيد بن رُومَان
345 - فِيمَن صلى فِي الْخَوْف بعض صلَاته رَاكِبًا وَبَعضهَا نازلا

قَالَ أَبُو حنيفَة فِي المتطوع إِذا صلى رَكْعَة رَاكِبًا وَهُوَ يومىء ثمَّ نزل بنى وَإِن صلى رَكْعَة نازلا ثمَّ ركب اسْتقْبل وَلم يذكر مُحَمَّد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلافًا
وَقَالَ مَالك إِن صلى آمنا رَكْعَة ثمَّ خَافَ ركب وَبنى وَإِن صلى رَاكِبًا رَكْعَة وَهُوَ خَائِف ثمَّ أَمن نزل وَبنى وَإِن صلى رَاكِبًا رَكْعَة وَهُوَ خَائِف ثمَّ صلى أُخْرَى رَاكِبًا فَهُوَ حسن
وَقَالَ الثَّوْريّ إِن دخل فِي الصَّلَاة رَاكِبًا ثمَّ نزل فَأحب أَن يُعِيد فَإِن لم يتقلب وَجهه عَن جِهَته لم يكن عَلَيْهِ إِعَادَة لِأَن النُّزُول خَفِيف وَإِن كَانَ نازلا فَركب أفسد لِأَن الرّكُوب عمل أَكثر من النُّزُول

(1/370)


346 - فِي أهل الْقرى هَل يصلونَ صَلَاة الْعِيد

قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ الْأَمْصَار والمدائن
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي أهل الْبَادِيَة لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي بهم وَاحِد مِنْهُم فِي الْعِيد رَكْعَتَيْنِ يجْهر فيهمَا بِالْقِرَاءَةِ وَيكبر سبعا وخمسا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ ويعظهم وَهُوَ جَالس وَلَا يرفع صَوته فِي قِرَاءَته
وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الرجل وَالْمَرْأَة صَلَاة الْعِيد
347 - صَلَاة الْعِيد فِي مسجدين

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي الإِمَام فِي الْجَبانَة ويخلف رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَسْجِد وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِي موضِعين وَلَا يصلونَ فِي مَسْجِدهمْ وَلَكِن يخرجُون كَمَا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
348 - فِيمَن تفوته صَلَاة الْعِيد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِن شَاءَ صلى لنَفسِهِ رَكْعَتَيْنِ وَإِن شَاءَ أَرْبعا وَإِن شَاءَ لم يفعل

(1/371)


وَقَالَ مَالك فِي النِّسَاء إِذا لم يشهدن فِي صَلَاة الْعِيد أَنَّهُنَّ إِن صلين فليصلين مثل صَلَاة الإِمَام يكبرن كَمَا يكبر الإِمَام وَلَا يجمع بِهن الصَّلَاة أحد يصلين أفرادا وان تركن ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ شَيْء وَيسْتَحب لَهُنَّ فعلهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد من النِّسَاء وغيرهن فَإِنَّهُنَّ يقضينها فِي بُيُوتهنَّ وَلَيْسَ بِلَازِم
وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ على النِّسَاء أَن يصلين فِي بُيُوتهنَّ صَلَاة الْعِيد وَإِن فعلن فَحسن قَالَ وَمن جَاءَ وَقد صلى الإِمَام صلى رَكْعَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الْعِيد الْمُنْفَرد فِي بَيته وَالْمُسَافر وَالْعَبْد وَالْمَرْأَة
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي رجل فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد لَيْسَ عَلَيْهِ صَلَاة فِي الْمصلى وَلَا فِي بَيته وَلَا أرى بَأْسا أَن يُصَلِّي إِن شَاءَ فِي بَيته وَإِن شَاءَ فِي الْمصلى يكبر سبعا وخمسا وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن
349 - فِي مَوضِع التَّعَوُّذ والإستفتاح فِي الْعِيد

قَالَ أَصْحَابنَا يستفتح بعد التَّكْبِيرَة الأولى
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يتَعَوَّذ عقيب الاستفتاح ثمَّ يكبر
وَقَالَ مُحَمَّد يُؤَخر التَّعَوُّذ إِلَى بعد التَّكْبِيرَة
وَمَالك لَا يرى التَّعَوُّذ وَلَا الاستفتاح فِي سَائِر الصَّلَوَات
وَقَالَ الثَّوْريّ يستفتح بعد التَّكْبِيرَة الأولى وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي وَلم يذكرَا مَوضِع التَّعَوُّذ

(1/372)


وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يستفتح بَعْدَمَا يفرغ من التَّكْبِير كُله وَإِن أَرَادَ أَن يقْرَأ فَيَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إِلَى آخِره ثمَّ يتَعَوَّذ ثمَّ يقْرَأ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الإستفتاح مسنونا فِي سَائِر الصَّلَوَات عقيب التَّحْرِيمَة الَّتِي يكبرها فِي صلب الصَّلَاة كَانَ كَذَلِك فِي صَلَاة الْعِيد
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الإستفتاح قبل تَكْبِير الْعِيد والتعوذ بعد لِأَن التَّعَوُّذ للْقِرَاءَة أَلا ترى أَن الْمَأْمُوم يستفتح وَلَا يتَعَوَّذ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَة عَلَيْهِ
350 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْعِيد

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري يرفع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِير الأول وَفِي الزَّوَائِد وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من تَكْبِيرَات الْعِيد وَهُوَ قَول مَالك
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يرفع يَدَيْهِ فِي تَكْبِير صَلَاة الْعِيد
351 - فِيمَا يقْرَأ بِهِ فِي صَلَاة الْعِيد

قَالَ أَصْحَابنَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فيهمَا بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وَمَا قَرَأَ من شَيْء أَجزَأَهُ
وَقَالَ مَالك يقْرَأ بالشمس وَضُحَاهَا وبسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وَنَحْوهَا

(1/373)


وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية
روى سَمُرَة بن جُنْدُب مثله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وروى أَبُو رَاقِد اللَّيْثِيّ سَأَلَهُ عمر بن الْخطاب عَمَّا كَانَ يقْرَأ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفطر فَقَالَ كَانَ يقْرَأ بقاف واقتربت السَّاعَة وَهَذَا يدل على أَنه لَا تَوْقِيت فِي الْقِرَاءَة
352 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْعِيد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري خمس فِي الأولى وَأَرْبع فِي الْأَخِيرَة ويوالي بَين الْقِرَاءَتَيْن
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ سبع فِي الأولى وَخمْس فِي الْأَخِيرَة وَيبدأ فيهمَا جَمِيعًا بِالتَّكْبِيرِ رُوِيَ مثله عَن أبي يُوسُف
وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَا يعْتد بتكبيرة الإفتتاح وَالرُّكُوع
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يكبر فِي الْفطر إِحْدَى عشرَة تَكْبِيرَة يكبر حِين يفْتَتح الصَّلَاة ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا ويركع بإحداهن ثمَّ يقوم فِي الثَّانِيَة يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا يرْكَع بإحداهن وَكَانَ يكبر وَاحِدَة يفْتَتح بهَا الصَّلَاة ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر تكبيرتين يرْكَع بِإِحْدَاهُمَا ثمَّ يقوم إِلَى الثَّانِيَة فَيقْرَأ ثمَّ يكبر تكبيرتين يرْكَع بِإِحْدَاهُمَا

(1/374)


وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يَأْخُذ بِهَذَا
وَرُوِيَ قَول أَصْحَابنَا عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَأبي مُوسَى وَأنس بن مَالك وَابْن الزبير
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس سبع فِي الأولى وَخمْس فِي الثَّانِيَة
وَرُوِيَ شُعْبَة عَن قَتَادَة وخَالِد الْحذاء عَن عبد الله بن الْحَارِث أَنه صلى خلف ابْن عَبَّاس فِي الْعِيد فَكبر أَرْبعا ثمَّ قَرَأَ فَرَكَعَ ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ ثمَّ كبر ثَلَاثًا ثمَّ كبر وَركع
وَلم يرو عَن أحد من الصَّحَابَة سبع وَخمْس مِمَّن لم يخْتَلف عَنهُ فِيهِ غير أبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ رُوِيَ ذَلِك فِي غير اخْتِلَاف عَنهُ فِيهِ
فَكَانَ مَا كبر هَؤُلَاءِ الْآخرُونَ أولى لِأَن فِيهِ زِيَادَة على مَا كبر أَبُو هُرَيْرَة
353 - فِيمَن فَاتَتْهُ رَكْعَة من صَلَاة الْعِيد

ذكر فِي الأَصْل أَنه إِذا قَامَ يقْضِي وَهُوَ وَالْإِمَام يريان تَكْبِير ابْن مَسْعُود

(1/375)


فَإِنَّهُ يفعل فِي الثَّانِيَة مثل مَا يَفْعَله ابْن مَسْعُود فِي الثَّانِيَة وَلم يذكر خلافًا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا ابْن أبي عمرَان عَن بكر الْعمي عَن هِلَال الرَّأْي عَن يُوسُف السَّمْتِي عَن أبي حنيفَة أَنه يفعل فِي الَّتِي يقْضِي مَا يفعل ابْن مَسْعُود فِي الأولى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي الرَّكْعَة الأولى لَا الثَّانِيَة
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري كَمَا كبر الإِمَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يكبر خمْسا فِي الَّتِي يقْضِي لِأَنَّهَا آخر صلَاته وَالَّتِي أدْرك مَعَ الإِمَام أول صلَاته فَإِذا كبر الإِمَام خمْسا فِي الْآخِرَة فليكبر هُوَ تكبيرتين قبل أَن يرْكَع
354 - فِيمَن سبقه الإِمَام قبل التَّكْبِير

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أدْرك الإِمَام فِي صَلَاة الْعِيد وَقد سبقه بِرَكْعَة يرى فِيهَا تَكْبِير ابْن عَبَّاس وَالْمَأْمُوم يرى تَكْبِير ابْن مَسْعُود فَإِنَّهُ يكبر فِيمَا يقْضِي تَكْبِير ابْن مَسْعُود
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَابْن حَيّ يكبر كَمَا كبر الإِمَام لِأَنَّهُ يقْضِي صَلَاة الإِمَام
وَقَالَ مَالك لَو أدْركهُ فِي الْجُلُوس كبر كَمَا يكبر الإِمَام أَيْضا
355 - هَل يكبر يَوْم الْعِيد فِي طَرِيق الْمصلى

قَالَ أَصْحَابنَا إِنَّه يكبر فِي طَرِيق الْأَضْحَى ويجهر فِي ذَهَابه إِلَى

(1/376)


الْمصلى وَلَا يكبر يَوْم الْفطر
وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يكبر فِي خُرُوجه إِلَى الْمصلى فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا
وَقَالَ مَالك يكبر فِي الْمصلى إِلَى أَن يخرج الإِمَام فَإِذا خرج الإِمَام قطع التَّكْبِير وَلَا يكبر إِذا رَجَعَ
وَقَالَ الشَّافِعِي يجب إِظْهَار التَّكْبِير لَيْلَة الْفطر وَلَيْلَة النَّحْر وَإِذا غدوا إِلَى الْمصلى حَتَّى يخرج الإِمَام وَفِي مَوضِع آخر حَتَّى يفْتَتح الإِمَام الصَّلَاة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن كبر يَوْم الْفطر تَأَول فِيهِ قَول الله تَعَالَى {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} الْبَقَرَة 185 وَرُوِيَ عَن زيد بن أسلم أَنه تَأَول ذَلِك على تَكْبِير يَوْم الْفطر
وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى يكبر وَيرْفَع بذلك صَوته حَتَّى يخرج إِلَى الْمصلى
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل قَوْله {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} تَعْظِيم الله تَعَالَى بالأفعال وبالأقوال كَقَوْلِه تَعَالَى {وَكبره تَكْبِيرا} الْإِسْرَاء 111
وَقد روى ابْن أبي ذِئْب عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ كنت أَقُود ابْن عَبَّاس إِلَى الْمصلى فَيسمع النَّاس يكبرُونَ فَيَقُول مَا شَأْن النَّاس أكبر الإِمَام فَأَقُول لَا فَيَقُول أمجانين النَّاس
فَأنْكر ابْن عَبَّاس التَّكْبِير فِي الطَّرِيق إِلَى الْمصلى وَهُوَ يدل على أَن المُرَاد عِنْده هُوَ التَّكْبِير الَّذِي يكبره الإِمَام فِي الْخطْبَة مِمَّا يَصح أَن يكبره النَّاس مَعَه
وَقد روى حَنش بن الْمُعْتَمِر عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه ركب بغلته يَوْم الْأَضْحَى فَلم يزل يكبر حَتَّى إِلَى الْجَبانَة
وروى عَن أبي قَتَادَة أَنه كَانَ يكبر يَوْم الْعِيد حَتَّى يبلغ الْمصلى

(1/377)


قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكبر فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا لِأَن صَلَاة الْعِيدَيْنِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي التَّكْبِير وَالْخطْبَة بعدهمَا وَسَائِر سُنَنهمَا كَذَلِك فِي سنة التَّكْبِير فِي الْخُرُوج إِلَيْهِمَا
قَالَ وَكَانَ أَبُو عمرَان يَحْكِي عَن أَصْحَابنَا جَمِيعًا أَن السّنة عِنْدهم فِي يَوْم الْفطر أَن يكبر فِي الطَّرِيق إِلَى الْمصلى حَتَّى يأتوه وَلم يكن يعرف عِنْدهم مَا حَكَاهُ الْمُعَلَّى
356 - إِذا أدْرك الإِمَام بعد التَّكْبِير

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا أدْركهُ فِي الرُّكُوع كبر وَركع وَكبر للعيد فِي الرُّكُوع مَا لم يرفع الإِمَام رَأسه
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يكبر للعيد فِي الرُّكُوع وَرُوِيَ مثله عَن هِلَال بن يحيى عَن يُوسُف السَّمْتِي عَن أبي حنيفَة
وَقَالَ مَالك إِذا نسي التَّكْبِير وَأدْركَ الرَّكْعَة فَلم يذكر ذَلِك حَتَّى ركع مضى وَلم يكبر مَا فَاتَهُ وَسجد سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَام
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سبقه الإِمَام بِالتَّكْبِيرِ وَأدْركَ الرَّكْعَة لم يقْض التَّكْبِير
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس لَا يكبر الإِمَام فِي الرُّكُوع لِأَن الإِمَام لَو لم يكبر حَتَّى ركع لم يكبر للرُّكُوع ويمضي فِي صلَاته كَذَلِك الْمَأْمُوم
357 - فِي التَّطَوُّع قبل صَلَاة الْعِيد أَو بعْدهَا

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يُصَلِّي قبل صَلَاة الْعِيد وَيُصلي بعْدهَا إِن شَاءَ

(1/378)


وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يُصَلِّي قبلهَا وَلَا بعْدهَا فِي الْمصلى وَيُصلي بعْدهَا فِي غير الْمصلى
وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي قبلهَا وَبعدهَا كَمَا يُصَلِّي الْجُمُعَة وَبعدهَا
وروى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم عيد فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا فَثَبت أَنه لَيْسَ كَالْجُمُعَةِ
واستخلف عَليّ كرم الله وَجهه أَبَا مَسْعُود فَخَطب أَبُو مَسْعُود النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس لَا صَلَاة قبل الإِمَام يَوْم الْعِيد
وَلم يرو عَن غَيره خِلَافه وعَلى أَن مثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ إِنَّمَا طَرِيقه التَّوْقِيف
358 - فِي صَلَاة الْكُسُوف هَل هِيَ فِي سَائِر النَّهَار

عَن أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي فِي الْأَوْقَات الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهَا
وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة ابْن وهب لَا يُصَلِّي للكسوف إِلَّا فِي حِين صَلَاة وَلَكِن إِن جَاءَ حِين صَلَاة وَالشَّمْس لم تنجل صلوا وَإِن انجلت قبل ذَلِك لم يصلوا
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا أرى أَن يُصَلِّي للكسوف بعد الزَّوَال وَإِنَّمَا سنتها أَن تصلي ضحى إِلَى زَوَال الشَّمْس
وَقَالَ اللَّيْث يُصَلِّي للكسوف نصف النَّهَار لِأَن نصف النَّهَار لَا يثبت لسرعة الشَّمْس

(1/379)


وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي نصف النَّهَار وَبعد الْعَصْر
وَقَالَ اللَّيْث حججْت سنة ثَلَاث عشرَة وعَلى الْمَوْسِم سُلَيْمَان بن هِشَام وبمكة عَطاء بن أبي رَبَاح وَابْن شهَاب وَابْن أبي مليكَة وَعِكْرِمَة بن خَالِد وَعَمْرو بن شُعَيْب وَقَتَادَة وَأَيوب بن مُوسَى وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة فكسفت الشَّمْس بعد الْعَصْر فَقَامُوا قيَاما يدعونَ الله فَقلت لأيوب بن مُوسَى مَا لَهُم لَا يصلونَ وَقد صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّهْي قد جَاءَ فِي الصَّلَاة بعد الْعَصْر فَلذَلِك لَا يصلونَ وَأَن النَّهْي يقطع الْأَمر
359 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْكُسُوف

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري رَكْعَتَانِ كَهَيئَةِ صَلَاتنَا ثمَّ الدُّعَاء حَتَّى ينجلي فَإِن صلوا جمَاعَة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجْهر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجْهر
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ أَربع رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَتسن الْقِرَاءَة وَيقْرَأ بَين كل ركوعين بِأم الْقُرْآن
قَالَ الشَّافِعِي وَنَحْو مِائَتي آيَة
روى ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركع ركوعين قبل السُّجُود فِي كل رَكْعَة

(1/380)


وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرْكَع ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ يسْجد رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة
وَرَوَاهُ سُفْيَان عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس أَنه ركع ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ سجد
وَالرِّوَايَة الأولى عَن عَائِشَة ويرويها مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس
وروى عبد الله بن عَمْرو وَسمرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف كَهَيئَةِ صَلَاتنَا
وروى سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف كَهَيئَةِ صَلَاتنَا
وروى سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف لم يسمع لَهُ صَوت
وروى سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جهر بِالْقِرَاءَةِ فِي كسوف الشَّمْس

(1/381)


وَرُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه جهر بهَا
360 - فِي كسوف الْقَمَر

قَالَ أَصْحَابنَا الصَّلَاة حَسَنَة وحدانا لَا يصلونَ جمَاعَة وَهُوَ قَول مَالك ويصليها الْمُنْفَرد كَهَيئَةِ صَلَاتنَا
وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون مثل ذَلِك
وَقَالَ اللَّيْث لَا يجمع فِيهَا وَيُصلي الرجل على نَحْو كسوف الشَّمْس
وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي فِي كسوف الْقَمَر كَمَا فعل فِي كسوف الشَّمْس فِي رَكْعَة رَكْعَتَيْنِ
وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَعُثْمَان بن عَفَّان
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة
وَخص مِنْهُ صَلَاة الْكُسُوف بِالْجَمَاعَة وَلم يصل فِي كسوف الْقَمَر فَهِيَ على أصل مَا كَانَت عَلَيْهِ
فَإِن قيل قد خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسوف الشَّمْس فَهَلا كَانَ من سننها الْخطْبَة قيل لَهُ لِأَن النَّاس قَالُوا إِن الشَّمْس كسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم بن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعلمهم أَنه لَيْسَ كَذَلِك وَكَانَت الْخطْبَة من أجل ذَلِك

(1/382)


361 - فِي الإستسقاء

قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الإستسقاء صَلَاة وَلَكِن يخرج الإِمَام فيدعو
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي الإِمَام بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يخْطب
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يخْطب خطبتين
قَالَ مَالك وَلَا يكبر فِيهَا تَكْبِير الْعِيد وَلَا يخرج الْمِنْبَر وَلَكِن يتَوَكَّأ الإِمَام على عَصا وَإِنَّمَا يكون الإستسقاء فِي ضحى النَّهَار لَا فِي غير ذَلِك
قَالَ أَبُو يُوسُف ويحول رِدَاءَهُ إِذا مضى صدر من خطبَته وَلَا تحول الْعَامَّة
وَقَالَ مَالك إِذا فرغ من خطبَته إستقبل الْقبْلَة وحول رِدَاءَهُ وحولت الْعَامَّة أرديتهم وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي
وَقَالَ الشَّافِعِي تَكْبِير الإستسقاء كتكبير الْعِيد
وَقَالَ اللَّيْث الْخطْبَة فِي الإستسقاء قبل الصَّلَاة ويخطب خطبيتين كَالْجُمُعَةِ ويحول الإِمَام رِدَاءَهُ وَلَا يحول النَّاس أرديتهم
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن هِشَام بن إِسْحَاق بن عبد الله بن كنانه عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي الإستسقاء متذللا متواضعا متضرعا حَتَّى أَتَى الْمصلى فَلم يخْطب كخطبتكم هَذِه وَلَكِن لم يزل فِي الدُّعَاء والتضرع وَالتَّكْبِير فصلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ

(1/383)


قَالَ أَبُو جَعْفَر هِشَام ابْن إِسْحَاق وَأَبوهُ غير مشهورين فِي الْعلم وَلَا يثبت برواياتهما حجَّة
وَقَوله كَصَلَاة الْعِيد يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ لَا فِي بَاب التَّكْبِير وَكَأن التَّشْبِيه وَاقِفًا من جِهَة الْعدَد لَا من جِهَة التَّكْبِير كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم} الْأَنْعَام 38
وَلم يكن المُرَاد أَنَّهَا أُمَم أمثالنا فِي النُّطْق والتعبد وَنَحْوهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا أُمَم كَمَا نَحن أُمَم
وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه عبد الله بن زيد أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا خرج يَسْتَسْقِي فحول إِلَى النَّاس ظَهره واستقبل الْقبْلَة يَدْعُو ثمَّ حول رِدَاءَهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَلم يذكر فِيهِ تَكْبِيرا
362 - فِي وَقت الصَّلَاة على الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصلى عَلَيْهَا عِنْد الطُّلُوع والغروب وَنصف النَّهَار وَيصلى فِي غَيرهَا من الْأَوْقَات وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة بعد الْعَصْر مَا لم تصفر الشَّمْس فَإِذا اصْفَرَّتْ لم يصل على الْجِنَازَة إِلَّا أَن يكون يخَاف عَلَيْهَا فَيصَلي عَلَيْهَا وَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة بعد الصُّبْح مَا لم تسفر فَإِذا أَسْفر فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا إِلَّا أَن يخَاف عَلَيْهَا هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم

(1/384)


وَذكر ابْن عبد الحكم عَنهُ أَن الصَّلَاة جَائِزَة فِي سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يصلى عَلَيْهَا إِلَّا فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة وَتكره الصَّلَاة عَلَيْهَا نصف النَّهَار وَحين تغيب الشَّمْس وَبعد الْفجْر قبل أَن تطلع الشَّمْس
وَقَالَ اللَّيْث لَا يصلى عَلَيْهَا فِي السَّاعَة الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يصلى عَلَيْهَا مَا دَامَ فِي الْوَقْت مِيقَات الْعَصْر فَإِذا ذهب عَنْهُم مِيقَات الْعَصْر لم يصلوا عَلَيْهَا حَتَّى تغرب الشَّمْس
وَقَالَ الشَّافِعِي يصلى على الْجَنَائِز فِي كل وَقت
363 - فِيمَن احق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت

قَالَ أَبُو حنيفَة إِمَام الْحَيّ أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت ثمَّ الْأَب
وَقَالَ أَبُو يُوسُف الصَّلَاة على الْمَيِّت إِلَى وليه
وَقَالَ مَالك الْأَخ أولى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ من الْجد لِأَنَّهُ أقعد بِالْمَيتِ
قَالَ مَالك وَالِي الْمصر أَو صَاحب الشرطة إِذا كَانَت الصَّلَاة إِلَيْهِ أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت من وليه وَالْقَاضِي إِذا كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي الصَّلَاة
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك وَاللَّيْث الابْن أَحَق بِالصَّلَاةِ على أمه من أَبِيهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْوَالِي أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت من وليه
وَكَانَ الْحسن يُعجبهُ تَقْدِيم الإِمَام على الْمَيِّت وَيَقُول هُوَ من السّنة
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن الإِمَام أَحَق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ من الْوَلِيّ

(1/385)


وَقَالَ الشَّافِعِي الْوَلِيّ أَحَق من الْوَالِي وَالْولَايَة للْعصبَةِ
روى الْأَعْمَش عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء عَن أَوْس بن ضمعج قَالَ سَمِعت أَبَا مَسْعُود الْأنْصَارِيّ يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يؤم الرجل فِي سُلْطَانه
وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ لَا يؤم أَمِير فِي إمارته
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما مَا حكيناه عَن أبي حنيفَة أَن إِمَام الْحَيّ أَحَق فَإِنَّهُ إِذا لم يحضر الصَّلَاة عَلَيْهِم وَالِي مصرهم فَإِذا حضر الْوَالِي فَالصَّلَاة إِلَيْهِ فِي قَوْله وَفِي قَول سَائِر أَصْحَابه
وَكَانَ ابْن أبي عمرَان يَقُول إِنَّمَا جعل الصَّلَاة إِلَى أَئِمَّة الْحَيّ فِي ذَلِك الْوَقْت لأَنهم كَانُوا لَا يقدمُونَ حِينَئِذٍ للصَّلَاة بهم فِي الْمَسْجِد إِلَّا من لَا يصلح لغيره مِنْهُم أَو يتقدمه لما هُوَ عَلَيْهِ من الْفضل وَقد زَالَ الْآن ذَلِك فَلَا اعْتِبَار بأئمة الْحَيّ فِيهِ
364 - أَيْن يقوم الْمُصَلِّي على الْمَيِّت

قَالَ أَصْحَابنَا يقوم بحذاء الصَّدْر من الرجل وَالْمَرْأَة وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع أَنه قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يرى أَن يقوم من الْجِنَازَة حِيَال الْوسط كَمَا يقوم الإِمَام وسطا من الْمَأْمُومين
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقوم من الْمَرْأَة وَسطهَا لِأَنَّهَا مستورة بالنعش وَمن

(1/386)


الرجل حِيَال صَدره لِأَنَّهُ إِن قَامَ وَسطه وَقع بَصَره على فرجه وَلَعَلَّ ذَلِك أَن يَبْدُو
وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم مِنْهَا بحذاء الصَّدْر
وَرُوِيَ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على امْرَأَة نفسَاء فَقَامَ عَلَيْهَا عِنْد وَسطهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم خلاف ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز خِلَافه
قَالَ أَبُو حنيفَة وَزعم زاعم أَن قيام الْمُصَلِّي على الْمَرْأَة بحذاء وَسطهَا لَعَلَّه أَنه لم يكن نعوش فَكَانَ يقوم بحذاء يَسْتُرهَا عَن الْقَوْم

(1/387)


وَاحْتج بِمَا روى يزِيد بن هَارُون عَن همام عَن أبي غَالب وَذكر حَدِيث أنس وقيامه وَسطهَا وَرِوَايَته ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو غَالب فَسَأَلت عَن قيام أنس على الْجِنَازَة فَقيل لي إِنَّمَا كَانَ ذَلِك قبل النعوش فَكَانَ الإِمَام يقوم عِنْد عجزها يَسْتُرهَا من الْقَوْم
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا محَال لِأَن النعوش قد اتَّخذت فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق وَكَانَ أول من اتَّخذت لَهُ فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَنَّهَا قَالَت لَهُم قبل وفاتها إِنِّي امْرَأَة ضئيلة يراني النَّاس بعد وفاتي فَقَالَت أم سَلمَة وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس إِنَّهَا رَأَتْ فِي أَرض الْحَبَشَة النعوش فَاتخذ لَهَا نعش فَحملت فِيهِ وَبقيت النَّاس على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا هَذَا
365 - فِي عدد تَكْبِير الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أَربع تَكْبِيرَات لَا يزِيد عَلَيْهِنَّ
وَكَانَ ابْن أبي ليلى يكبر خمْسا
وروى شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن زيد بن أَرقم أَنه كَانَ يُصَلِّي على جنائزنا فيكبر عَلَيْهَا أَرْبعا فَكبر يَوْمًا خمْسا فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ كبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا
وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك ثمَّ تَركه وَأَن الزِّيَادَة يمْضِي فِي الْمصلى عَلَيْهِ
وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/388)


نعى للنَّاس النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ ثمَّ خرج إِلَى الْمصلى فَصف بهم وَكبر عَلَيْهِ أَربع تَكْبِيرَات
قَالَ سعيد بن الْمسيب قَالَ عمر كل ذَلِك قد كَانَ خمس وَأَرْبع فَأمر عمر بِأَرْبَع
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فَمنهمْ من يَقُول كبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبعا وَمِنْهُم من يَقُول كبر خمْسا وَآخر يَقُول سبعا فَلَمَّا كَانَ عمر جمع الصَّحَابَة فَقَالَ لَهُم انْظُرُوا أمرا تجتمعون عَلَيْهِ فأجمع أَمرهم على أَربع تَكْبِيرَات مثل التَّكْبِير فِي الْفطر والأضحى
وَرُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وعَلى سَائِر النَّاس أَرْبعا
وروى عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَمَّن كبر خمْسا فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْء مَعْلُوم
وَقد يحْتَمل أَن يكون ذَلِك كَانَ مِنْهُ قبل اجْتِمَاع النَّاس على أَربع وَقد رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَربع
366 - إِذا كبر الإِمَام خمْسا

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا كبر الإِمَام خمْسا قطع الْمَأْمُوم بعد الْأَرْبَع وَسلم

(1/389)


وَقَالَ زفر يكبر مَعَ الإِمَام مَا كبر ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف إِلَى قَول زفر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي رِوَايَة وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لَا يكبر وَيسلم
وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن عمر وَلَا يكبر مَعَه الْخَامِسَة
367 - فِي الْجَنَائِز إِذا اجْتمعت

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِن كَانُوا رجَالًا فَإِن شَاءَ جعلهم وَاحِدًا خلف آخر وَإِن شَاءَ جعلهم صفا وَاحِدًا وَإِن كَانُوا رجَالًا وَنسَاء جعل الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالنِّسَاء مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِن الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَجْعَل النِّسَاء مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالرِّجَال مِمَّا يَلِي الْقبْلَة
وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة وَيحيى بن صبيح عَن عمار بن أبي عمار مولى الْحَارِث بن نَوْفَل أَنه شهد الصَّلَاة على أم كُلْثُوم بنت عَليّ امْرَأَة عمر وعَلى ابْن لَهَا يُقَال لَهُ زيد فوضعا جَمِيعًا فِي الْمصلى وَالْإِمَام يَوْمئِذٍ سعيد بن الْعَاصِ وَفِي النَّاس ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَابْن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو قَتَادَة وَنَحْو من ثَمَانِينَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ يحيى بن صبيح قَالَ عمار فأنكرت ذَلِك فَنَظَرت إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفر فَقلت مَا هَذَا فَقَالُوا هِيَ السّنة

(1/390)


يحيى بن صبيح ذكر ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة وَأَبا سعيد وَأَبا قَتَادَة وَالْبَاقُونَ حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة
368 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا ترفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْجِنَازَة إِلَّا فِي الأولى
وَرُوِيَ عَن مَالك وَالثَّوْري أَنه يرفع فِي التَّكْبِيرَات كلهَا
وَعَن اللَّيْث أَيْضا رِوَايَتَانِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يرفع فِي كل تَكْبِيرَة
وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه لَا يرفع فِي شَيْء مِنْهَا
فَإِن التَّكْبِير الأولى كتكبيرة الإفتتاح كَسَائِر الصَّلَوَات فَيَنْبَغِي أَن ترفع فِيهَا وَمَا بعْدهَا فِي حكم الأولى فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة لِأَنَّهُ من صلب الصَّلَاة فَالْقِيَاس أَن ترفع
369 - فِي ذكر الإستفتاح فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَالْقِرَاءَة فِيهَا

قَالَ أَصْحَابنَا يحمد الله ويثنى عَلَيْهِ بعد التَّكْبِيرَة الأولى ثمَّ يكبر الثَّانِيَة فَيصَلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبر الثَّالِثَة فَيشفع للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة ثمَّ يسلم وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء مُؤَقّت وَلَا يقْرَأ فِيهَا
وَقَالَ مَالك إِنَّمَا هُوَ الدُّعَاء وَلَيْسَ فِيهِ قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب فِيهَا بمعمول بِهِ ببلدنا

(1/391)


وَقَالَ الثَّوْريّ أستحب أَن يَقُول فِي أول تَكْبِيرَة سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ قَالَ الْحسن بن حَيّ ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبر الثَّالِثَة ثمَّ يَدْعُو للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر الْمُصَلِّي على الْمَيِّت ثمَّ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب ثمَّ يكبر الثَّانِيَة ويحمد الله ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ يكبر الثَّالِثَة وَيَدْعُو للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة
وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت فِي الثَّلَاث التَّكْبِيرَات بِفَاتِحَة الْكتاب
وروى شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن طَلْحَة بن عبد الله صليت إِلَى جنب ابْن عَبَّاس على جَنَازَة وَأَنا غُلَام فَسَمعته يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب قلت أَقرَأ بهَا قَالَ نعم إِنَّهَا بر وَسنة
وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن حنيف أَنه كَانَ يقْرَأ على الْمَيِّت بِأم الْقُرْآن إِذا صلى عَلَيْهِ

(1/392)


وَيحْتَمل أَن يكون قراءتهم لَهَا على وَجه الدُّعَاء لَا التِّلَاوَة كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّهَا بر وَقَوله إِنَّهَا سنة يَعْنِي الدُّعَاء بهَا سنة
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وفضالة بن عبيد وَأبي هُرَيْرَة أَنه لَا يقْرَأ بهَا
فَيحْتَمل أَن مَا روى ابْن عَبَّاس مَحْمُول على قرَاءَتهَا على وَجه الدُّعَاء وَلما لم تقْرَأ بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة دلّ على أَنه لَا يقْرَأ فِيمَا قبلهَا لِأَن كل تَكْبِيرَة قَائِمَة مقَام رَكْعَة وولما يتَشَهَّد فِي آخرهَا دلّ على أَنه لَا قِرَاءَة فِيهَا
370 - فِي كَيْفيَّة السَّلَام على الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره
وَقَالَ مَالك يسلم الإِمَام وَاحِدَة يسمع من يَلِيهِ وَيسلم من وَرَاءه وَاحِدَة فِي أنفسهم وَإِن أسمعوا من يليهم فَلَا بَأْس
قَالَ الثَّوْريّ يسلم عَن يَمِينه تَسْلِيمَة خَفِيفَة
قَالَ الْحسن بن حَيّ يسلم عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله ويخفيه وَلَا يجْهر بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي مثله ويجهر بِهِ
371 - فِي الرجل يكون مَعَه نسَاء لَا رجل مَعَهُنَّ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يصلين عَلَيْهِ جمَاعَة وَتقوم الإِمَام وسط الصَّفّ

(1/393)


وَقَالَ مَالك لَا يؤمهن وَاحِدَة مِنْهُنَّ ويصلين وَاحِدَة وَاحِدَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يصلين منفردات وَإِن أمتهن إِحْدَاهُنَّ فَلَا بَأْس
قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ مَعَه رجال صلوا عَلَيْهِ جمَاعَة كَذَلِك النِّسَاء
372 - فِي إِعَادَة الصَّلَاة على الْمَيِّت

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث إِذا صلي على الْمَيِّت ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَإِنَّهُ لَا تُعَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ
قَالَ ابْن الْقَاسِم فَقلت لمَالِك فَالْحَدِيث الَّذِي جَاءَ بِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة الَّتِي صلى عَلَيْهَا فِي قبرها فَقَالَ قد جَاءَ هَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل
وَقَالَ الشَّافِعِي من فَاتَتْهُ الصَّلَاة على الْجِنَازَة صلى على الْقَبْر
قَالَ أَبُو جَعْفَر يسْقط الْفَرْض بِالصَّلَاةِ الأولى إِذا صلى عَلَيْهِ الْوَلِيّ وَالثَّانيَِة لَو فعلت لم تكن فرضا فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ لأَنهم لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْوَلِيّ إِذا صلى عَلَيْهِ لم يجز لَهُ إِعَادَة الصَّلَاة عَلَيْهِ ثَانِيَة لسُقُوط الْفَرْض فَكَذَلِك غَيره من النَّاس إِلَّا أَن يكون الَّذِي صلى عَلَيْهِ نَائِبه لسُقُوط حق الْوَلِيّ لِأَن الْوَلِيّ كَانَ إِلَيْهِ فعل فرض الصَّلَاة على الْمَيِّت
وَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِعَادَة الصَّلَاة فَلِأَنَّهُ كَانَ إِلَيْهِ فعل فرض الصَّلَاة فَلم يكن يسْقط بِفعل غَيره وَقد كَانَ
قَالَ لَا يَمُوت مِنْكُم ميت مَا دمت بَين أظْهركُم إِلَّا أَن أَتَيْتُمُونِي بِهِ فَإِن صَلَاتي عَلَيْهِ رَحْمَة

(1/394)


373 - فِي الزَّوْج أَحَق بِالصَّلَاةِ أَو قرابتها

روى مُحَمَّد فِي الأَصْل عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن ابْن الْعم أَحَق من الزَّوْج
وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَن الْأَب أَحَق من الابْن إِن كَانَ من غير الزَّوْج فَإِن كَانَ من الزَّوْج فالأب أَحَق ثمَّ الزَّوْج
وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْمولى أَحَق من الزَّوْج
وَقَالَ ابْن أبي ليلى الزَّوْج أَحَق
وَقَالَ مَالك الْعصبَة أولى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا من الزَّوْج وَزوجهَا أولى بإدخالها فِي قبرها من عصبتها
وَقَالَ الثَّوْريّ إِمَام الْحَيّ أَحَق فَإِن تشاجروا فالزوج أَحَق من الْأَوْلِيَاء
وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَن الزَّوْج أَحَق من أَبِيهَا من غَيره
وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْأَب أولى من الزَّوْج ثمَّ الأبن ثمَّ الْأَخ
وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ للزَّوْج من ذَلِك شَيْء قد انْقَطع مَا بَينهمَا إِنَّمَا ذَلِك إِلَى الْأَوْلِيَاء
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِن كَانَ ابْنهَا من الزَّوْج فالزوج أولى وَإِن كَانَ من غَيره فالأبن أولى

(1/395)


وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ الْوَلِيّ أَحَق من الزَّوْج
وَقَالَ الْمُزنِيّ عَنهُ أولاهم بِغسْلِهِ أولاهم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ
وَرُوِيَ عَن أبي بكرَة أَن امْرَأَته مَاتَت فَقَالَ أولياؤها نَحن أَحَق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقَالَ لَسْتُم أَحَق ثمَّ تقدم فصلى عَلَيْهَا
وروى أَبُو يُوسُف عَن لَيْث بن أبي سليم عَن يزِيد بن أبي سُلَيْمَان عَن مَسْرُوق قَالَ كَانَ تَحت عمر بن الْخطاب امْرَأَة فَلَمَّا توفيت قَالَ عمر لوَلِيّهَا كُنَّا إِلَى الْيَوْم أَحَق بهَا مِنْك فَأَما الْيَوْم فَأَنت أَحَق بهَا منا
374 - فِيمَن فَاتَتْهُ بعض الصَّلَاة

قَالَ أَصْحَابنَا مَا أدْرك مَعَ الإِمَام فَإِذا سلم قضى مَا بَقِي عَلَيْهِ من التَّكْبِير مَا لم يرفع وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ
قَالَ الثَّوْريّ يقْضِي التَّكْبِير مُتَتَابِعًا وَلَا يَدْعُو فِيمَا بَين ذَلِك بِشَيْء
وَقَالَ اللَّيْث كَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول يقْضِي مَا فَاتَهُ وَكَانَ ربيعَة يَقُول لَا يقْضِي
وَقَالَ اللَّيْث يقْضِي
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يقْضِي مَا فَاتَهُ
375 - فِي الصَّلَاة على الشَّهِيد

قَالَ أَصْحَابنَا وَأهل الْعرَاق وَأهل الشَّام يُصَلِّي عَلَيْهِ

(1/396)


وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ
قَالَ روى جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل على قَتْلَى أحد
وَقَالَ أنس لم يصل إِلَّا على حَمْزَة وعَلى سَائِر شُهَدَاء أحد
وروى عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد صلَاته على الْمَيِّت
وروى ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج أخبر عِكْرِمَة بن خَالِد أَن عمار ابْن أبي عمار أخبرهُ عَن شَدَّاد بن الْهَاد أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أُهَاجِر مَعَك فأوصى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض أَصْحَابه فَلَمَّا كَانَت غَزْوَة غنم فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فقسم لَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّد مَا هَذَا
قَالَ قسمته لَك قَالَ مَا على هَذَا اتبعتك وَلَكِنِّي اتبعتك على أَن أرمى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِسَهْم فأموت فَأدْخل الْجنَّة
فَقَالَ إِن تصدق الله يصدقك فلبثوا قَلِيلا ثمَّ نهضوا إِلَى الْعَدو فَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل قد أَصَابَهُ سهم حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهوَ هُوَ قَالُوا نعم قَالَ صدق الله فَصدقهُ وكفنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جبته ثمَّ قدمه فصلى عَلَيْهِ
وَكَانَ مِمَّا ظهر من صلَاته فَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك خرج مُهَاجرا فِي سَبِيلك فَقتل شَهِيدا أَنا شَهِيد عَلَيْهِ

(1/397)


قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على حَمْزَة مَعَ غَيره من الشُّهَدَاء عشرَة عشرَة حَتَّى صلى عَلَيْهِ سبعين صَلَاة
ان هَذَا محَال لِأَن شُهَدَاء أحد لم يبلغُوا هَذِه الْعدة
قَالَ أَبُو جَعْفَر فَمَا يدْرِي من روى لَهُ أَن الصَّلَاة على حَمْزَة كملت سبعين صَلَاة حَتَّى استجادته الرِّوَايَة وَقد روى هَذِه الْقِصَّة ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير لَا يذكران فِيهِ سبعين وَلَا غَيرهَا وَمَا ذكره الشَّافِعِي غير مَوْجُود وَلَا ثَابت فَلم يسْتَحل رِوَايَة من روى أَنه صلى على حَمْزَة وَعَلَيْهِم
376 - إِذا سبقه الإِمَام بِبَعْض التَّكْبِير

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كبر تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ثمَّ جَاءَ رجل ليدْخل مَعَه فِي الصَّلَاة إِنَّه ينْتَظر حَتَّى يكبر الإِمَام فَإِذا كبر الإِمَام كبر مَعَه فَإِذا سلم قضى مَا بَقِي عَلَيْهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث واالشافعي يكبر وَلَا ينْتَظر الإِمَام
وروى أَشهب عَن مَالك مثله قَالَ كل تَكْبِيرَة فِيهَا قَائِمَة مقَام رَكْعَة وَمن

(1/398)


فَاتَتْهُ رَكْعَة خلف الإِمَام لَا يَقْضِيهَا إِلَّا بعد الْفَرَاغ
قَالَ أَبُو جَعْفَر كل تَكْبِيرَة مِنْهَا قَائِمَة مقَام رَكْعَة إِلَّا التَّكْبِيرَة الأولى فَإِنَّهَا لتحريمة الصَّلَاة فَيَنْبَغِي أَن يَفْعَلهَا
377 - فِي الْمَيِّت يُوجد بعضه

قَالَ أَصْحَابنَا إِن وجد مِنْهُ أقل من النّصْف أَو النّصْف سَوَاء لم يصل عَلَيْهِ وَإِن وجد أَكثر من النّصْف صلى عَلَيْهِ
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يُصَلِّي على يَد وَلَا رجل وَلَا رَأس وَيُصلي على الْبدن وَقَالَ ابْن الْقَاسِم مَعْنَاهُ عِنْدِي إِذا كَانَ الَّذِي بَقِي مِنْهُ أَكثر الْبدن
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَا يُصَلِّي على الْبدن وَالْبدن الصَّدْر فَمَا دونه إِلَى الْبَطن
وَقَالَ اللَّيْث يغسل مَا وجد مِنْهُ ويكفن وَيُصلي عَلَيْهِ ويدفن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
378 - فِيمَن قتل بقصاص أَو حد أَو قتل نَفسه

قَالَ أَصْحَابنَا يصلى على كل مقتول بِشَيْء كَانَ مِنْهُ مِمَّن ينتحل الْإِسْلَام غير الْبُغَاة فَإِنَّهُ لَا يصلى عَلَيْهِم وَيصلى على من قتل نَفسه
وَقَالَ مَالك يصلى على المرجوم وَقَالَ الَّذِي يقتل قودا أَو يجرح بِحكم السَّيْف فَيقْتل لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الإِمَام وَيُصلي عَلَيْهِ أَهله وَغَيرهم إِن شاؤوا

(1/399)


وَلَا يصلى على قَاتل نَفسه وَيُورث
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك من قَتله الإِمَام فِي قصاص أَو حد أَو رجم فَإِن الإِمَام لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُصلي عَلَيْهِ غَيره وَكَذَلِكَ قطاع الطَّرِيق
وَقَالَ الشَّافِعِي يصلى على جَمِيع ذَلِك إِلَّا من قَتله الْمُشْركُونَ فِي المعركة وَإِن قَتله مُشْرك متجرد فَلَيْسَ كَذَلِك
إِسْرَائِيل وَشريك عَن سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة أَن رجلا نحر نَفسه بمشقص فَلم يصل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون خُصُوصِيَّة لَهُ فِي منع الصَّلَاة لِأَنَّهُ مطَالب بِنَفسِهِ الَّتِي قَتلهَا وَلَا يقدر أحد من الدُّنْيَا على تَخْصِيصه مِنْهَا وَيُصلي عَلَيْهِ غَيره فَيكون الْأَئِمَّة بعده كَسَائِر النَّاس لخصوصية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك
كَمَا روى زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن الْأَشْجَعِيّ الَّذِي مَاتَ بِخَيْبَر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا على صَاحبكُم فنظروا فِي مَتَاعه فوجدوا خرزا من خرز يهود لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِ
لما كَانَ مطالبا بِهِ من الْغلُول فَأمر غَيره بهَا وَسَائِر المقتولين فَلَا فرق بَين صَلَاة الإِمَام وَصَلَاة غَيره والبغاء لَا يصلى عَلَيْهِم منابذتهم واجتنابهم فِي حياتهم فَكَذَلِك بعد الْمَوْت أَحْرَى لوُقُوع الْإِيَاس من تَوْبَتهمْ

(1/400)


379 - فِي التَّوَجُّه عِنْد الْمَوْت

قَالَ أَصْحَابنَا يُوَجه للْقبْلَة عِنْد الْمَوْت كَمَا يوضع فِي لحده
وَقَالَ مَالك يسْتَقْبل بالمريض الْقبْلَة إِلَّا أَن لَا يَسْتَطِيع أَن ينحرف على جنبه فَيجْعَل رِجْلَاهُ فِي الْقبْلَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يحرف الْمَيِّت إِلَى الْقبْلَة على جنبه وَإِن لم يقدر جعلت رِجْلَاهُ فِي الْقبْلَة
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يَجْعَل رَأسه من قبل الشمَال وَرجلَاهُ من قبل الْجنُوب وَهُوَ على شقَّه مُسْتَقْبل الْقبْلَة
380 - فِي تكفين الْمَوْتَى

قَالَ أَصْحَابنَا أدنى مَا تكفن فِيهِ الْمَرْأَة ثَلَاثَة أَثوَاب وَالسّنة خَمْسَة وَالرجل فِي ثَوْبَيْنِ
وَقَالَ مَالك أحب أَن لَا يُكفن الْمَيِّت فِي أقل من ثَلَاثَة أَثوَاب ويعمم
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَيْسَ فِي كفن الْمَيِّت عِمَامَة
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل ثَلَاثَة وَالْمَرْأَة فِي خَمْسَة وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ
قَالَ الشَّافِعِي أحب إِلَيّ أَن لَا يُجَاوز خَمْسَة أَثوَاب فِي كفن الرجل وَالثَّوْب يجزىء وَقَالَ أَيْضا يُكفن الرجل فِي ثَلَاثَة وَالْمَرْأَة فِي ثَلَاثَة
وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا

(1/401)


قَمِيص وَلَا عِمَامَة أدرج فِيهَا إدراجا رَوَاهُ مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة
381 - فِي تكفين الْمحرم

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يصنع بِهِ مَا يصنع بالحلال
وَقَالَ الثَّوْريّ أحب إِلَيّ أَن لَا يغطى رَأسه وَلَا يقرب طيبا
وقلا الشَّافِعِي لَا يُغطي رَأسه وَلَا يقرب طيبا
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة أَنه يصنع بِهِ مَا يصنع بالحلال
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْمحرم الَّذِي مَاتَ لَا تغطوا رَأسه وَفِي بَعْضهَا لَا تغطوا وَجهه وَلَا تقربوه طيبا
وروى ابْن وهب عَن ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله
382 - فِي الْمَرْأَة الَّتِي تَمُوت فِي بَطنهَا ولد حَيّ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يشق بَطنهَا وَيخرج

(1/402)


وروى عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كسر عظم الْمُؤمن مَيتا مثل كَسره حَيا
قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا غير حَال الضَّرُورَة لِأَن فِي الضَّرُورَة قد يجوز للْإنْسَان قطع يَد نَفسه بعلة فِيهَا
فَكَذَلِك مَا ذكرنَا ضَرُورَة فِي الْمَرْأَة
383 - فِي حمل الْجِنَازَة

قَالَ أَصْحَابنَا يبْدَأ بالأيمن الْمُقدم ثمَّ بالأيمن الْمُؤخر ثمَّ بالأيسر الْمُقدم ثمَّ بالأيسر الْمُؤخر وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك لَيْسَ فِيهِ شَيْء مُؤَقّت احْمِلْ من حَيْثُ شِئْت مَا شِئْت إِن شِئْت من قُدَّام وَإِن شِئْت من وَرَاء وَإِن شِئْت فأحمل بعض الجوانب ودع الْبَعْض وَقَول من يَقُول ابدأ بِالْيَمِينِ بِدعَة
قَالَ الثَّوْريّ ميامن الْجِنَازَة ميامنك أبدأ تبدأ بِالْيَدِ الْيُمْنَى ثمَّ بِالْيَدِ الْيُسْرَى ثمَّ بِالرجلِ الْيُسْرَى
وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ من السّنة حمل الْجِنَازَة بجوانب السرير الْأَرْبَع فَمَا زِدْت على ذَلِك فَهُوَ نَافِلَة
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر حمل جَوَانِب السرير الْأَرْبَع تبدأ بالميامن ثمَّ ينحى عَنْهَا

(1/403)


384 - فِي الْمَشْي خلف الْجِنَازَة أفضل أَو أمامها

قَالَ أَصْحَابنَا الْمَشْي خلفهَا أفضل
وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَشْي أمامها أفضل
روى ابْن عَيْنِيَّة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل أَصله عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك رَوَاهُ مَالك عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ يُونُس بن يزِيد وَعقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَو ثَبت مُتَّصِلا لما دلّ على الْأَفْضَل لِأَنَّهُ قد يجوز أَن يخْتَار الْأَدْنَى للتعليم كَمَا تَوَضَّأ مرّة للتعليم والتبيين وَالثَّلَاثَة أفضل
وَقد رُوِيَ نَافِع عَن ابْن عمر قلت كَيفَ الْمَشْي فِي الْجِنَازَة فَقَالَ أَلا ترى أَنِّي أَمْشِي خلفهَا
وَقد روى عَن عَليّ كرم الله وَجهه إِن فضل الْمَشْي خلفهَا على أمامها كفضل الْجَمَاعَة على صَلَاة الْفَذ

(1/404)


385 - فِي اتِّبَاع النِّسَاء الْجِنَازَة

قَالَ الثَّوْريّ اتِّبَاع النِّسَاء الْجِنَازَة بِدعَة
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن تشيع الْمَرْأَة جَنَازَة وَلَدهَا ووالدها وَمثل زَوجهَا وَأُخْتهَا إِذا كَانَ ذَلِك مِمَّا يعرف أَنه يخرج مثلهَا على مثله وَإِن كَانَت شَابة وَيكرهُ أَن تخرج على غير هَؤُلَاءِ
وروى عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فَاطِمَة فَقَالَ لَهَا من أَيْن أَقبلت فَقَالَت أَقبلت من وَرَاء جَنَازَة هَذَا الرجل فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بلغت الكدى قَالَت لَا وَكَيف أبلغهَا وَقد سَمِعت مِنْك مَا سَمِعت فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو بلغت الكدى مَا رَأَيْت الْجنَّة حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك فَلم يُنكر عَلَيْهَا اتِّبَاع الْجِنَازَة
وَعَن أم عَطِيَّة نهينَا عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز وَلم يعزم علينا
وَرَأى ابْن مَسْعُود نسْوَة فِي جَنَازَة فَقَالَ ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات إنكن مَا علمت لتفتن الْأَحْيَاء وتؤذين الْأَمْوَات

(1/405)


وَعَن ابْن عمر أَمر بردهن
386 - كَيفَ يدْخل الْمَيِّت الْقَبْر

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسل وَلَكِن يدْخل من قبل الْقبْلَة
وَقَالَ اللَّيْث الرِّجَال يدْخلُونَ عندنَا الْمَيِّت فِي لحده من نَحْو رجلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَمر مَعْلُوم وَالشَّافِعِيّ يسل من قبل رَأسه
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يدْخل مِمَّا يَلِي الْقبْلَة من حَيْثُ يصلى عَلَيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيم وحَدثني من رأى أهل الْمَدِينَة فِي الزَّمن الأول يدْخلُونَ موتاهم من قبل الْقبْلَة وَإِن السل شَيْء أحدثه أهل الْمَدِينَة
وَزعم الشَّافِعِي أَن الثِّقَات من أَصْحَابهم أَخْبرُوهُ إِن قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَمِين الدَّاخِل لَا صق بالجدار والجدار الَّذِي للحد لجنبه قبْلَة الْبَيْت وَأَن لحده تَحت الْجِدَار فَكيف يدْخل مُعْتَرضًا واللحد لاصق بالجدار وَلَا يقف عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يُمكن إِلَّا أَن يسل
قَالَ أَبُو جَعْفَر قد ذكر الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه سَأَلَ عَائِشَة أَن تكشف لَهُ عَن قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكشفت لَهُ عَن ثَلَاثَة قُبُور لَا مشرفة وَلَا لاطية فَرَأَيْت قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقدما

(1/406)


قَالَ أَبُو جَعْفَر فَلَو كَانَ اللَّحْد تَحت الْجِدَار لما كَانَ الَّذِي رَآهُ الْقَاسِم بن مُحَمَّد قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَثَبت أَن قَبره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دون الْجِدَار من غير وقُوف على مَا بعده من الثَّلَاث
وَلما كَانَ الْمُسْتَحبّ للأحياء من الْجِهَات جِهَة الْقبْلَة على سَائِر الْجِهَات فِي الصَّلَاة وَالْجُلُوس كَانَ الْمُسْتَحبّ للأموات كَذَلِك وَمَا يستقبلون الْقبْلَة وَالْمَيِّت فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ كَذَلِك فِي إِدْخَال الْقَبْر
387 - فِيمَا يوضع على اللَّحْد

قَالَ أَصْحَابنَا الثَّوْريّ يسْتَحبّ اللَّبن والقصب وَيكرهُ الْآجر والخشب والجص
وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِالْحِجَارَةِ فِي اللَّحْد قَالَ وَسَأَلنَا عَن ذَلِك بعض أهل الْمَدِينَة فَقَالُوا مَا أَكثر لبننا فِي اللَّحْد إِلَّا الْحِجَارَة فِي تسنيم الْقَبْر
قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يسنم وَلَا يربع
وَقَالَ اللَّيْث بُنيان الْقُبُور لَيْسَ من حَال الْمُسلمين وَإِنَّمَا هُوَ من حَال النَّصَارَى وَقد أخبرنَا يزِيد بن أبي حبيب أَن الْمُسْتَحبّ أَن يُسَوِّي الْقَبْر فَلَا يكون عَلَيْهِ كثير تُرَاب
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ يسطح الْقَبْر على وَجه الأَرْض نَحوا من شبر
قَالَ وبلغنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سطح قبر ابْنه إِبْرَاهِيم فَإِن مَقْبرَة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار مسطحة قُبُورهم

(1/407)


وَاحْتج أَيْضا من قَالَ هَذَا الحَدِيث وَالقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه رأى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه لاطية بِالْأَرْضِ مبطوحة ببطحاء الْعَرَصَة الْحَمْرَاء
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل على تربيع وَلَا تسنيم لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون مبطوحة بالبطحاء وَهِي مسنمة
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَخْبرنِي من رأى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه مسنمة نَاشِزَة من الأَرْض عَلَيْهَا فلق من مدر بيض
388 - فِي الْجُلُوس على الْقَبْر

قَالَ أَصْحَابنَا يكره أَن يطَأ على قبر أَو يقْعد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم
وَقَالَ اللَّيْث يكره الصَّلَاة على الْقُبُور وَالْجُلُوس عَلَيْهَا والاتكاء عَلَيْهَا
وَقَالَ مَالك إِنَّمَا نهى عَن الْقعُود على الْقُبُور للمذاهب فِيمَا نرى
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن أبي مرْثَد الغنوي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تصلوا على الْقُبُور وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا وَلم يبين فِي هَذَا الْخَبَر مَا أَرَادَ بِالْجُلُوسِ
وَقد رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ إِنَّمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ

(1/408)


رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جلس على قبر يَبُول عَلَيْهِ أَو يتغوط فَكَأَنَّمَا جلس على جمر نَار
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة أَن زيد بن ثَابت قَالَ هَلُمَّ يَا ابْن أخي أخْبرك إِنَّمَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجُلُوس على الْقُبُور لحَدث غَائِط أَو بَوْل آخر كتاب الصَّلَاة

(1/409)


= أول كتاب الزَّكَاة =
389 - فِي صَدَقَة العوامل

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ فِي العوامل شَيْء
وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِيهَا صَدَقَة
390 - فِي أَخذ ابْن لبون عَن بنت مَخَاض

قَالَ أَصْحَابنَا يَأْخُذهُ بِالْقيمَةِ
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يَأْخُذ ابْن لبون ذكر عَن بنت مَخَاض إِذا

(1/411)


لم تُوجد مَخَاض وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا لم تُوجد بنت مَخَاض أَخذ مَكَانهَا ابْن لبون ذكر وَإِن كَانَت لبون أَو حقة أَو جَذَعَة كَانَ على رب المَال أَن يَأْتِيهِ بهَا
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا لم يُوجد فِيهَا بنت مَخَاض وَلَا ابْن لبون ذكر إِن رب الْإِبِل يَشْتَرِي للساعي بنت مَخَاض على مَا أحب أَو كره إِلَّا أَن يَشَاء ري الْإِبِل أَن يدْفع مِنْهَا مَا هُوَ خير من بنت مَخَاض فَلَيْسَ للمصدق أَن يرد ذَلِك وَإِن أَرَادَ رب المَال أَن يدْفع ابْن لبون ذكر إِذا لم يُوجد فِي المَال بنت مَخَاض وَلَا ابْن لبون فَذَلِك إِلَى السَّاعِي إِن أَرَادَ أَخذه وَإِلَّا ألزمهُ بنت مَخَاض وَلَيْسَ لَهُ أَن يمْتَنع من ذَلِك
391 - فِي الزِّيَادَة على الْعشْرين وَمِائَة

قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَقْبل الْفَرِيضَة بعد الْعشْرين وَمِائَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة وَاحِدَة فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ ثَلَاث بَنَات لبون وَإِن شَاءَ أَخذ حقتين قَالَ وَقَالَ ابْن شهَاب إِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون إِلَى أَن تبلغ ثَلَاثِينَ وَمِائَة فَيكون فِيهَا حقة وبنتا لبون
يتَّفق قَول ابْن شهَاب وَمَالك فِي هَذَا ويختلفان فِيمَا بَين وَاحِد وَعشْرين وَمِائَة إِلَى تسع وَعشْرين

(1/412)


وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ مَا زَاد على الْعشْرين فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون وَفِي كل خمسين حقة
392 - فِي الْبَقَرَة إِذا زَادَت على الْأَرْبَعين

قَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي الزِّيَادَة بِحِسَاب
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء فِي الزِّيَادَة حَتَّى تبلغ سِتِّينَ
وَقد روى أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك
393 - فِي فَرَائض الْغنم

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِي شَاة ومائتي شَاة ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَرْبَعمِائَة فَيكون فِيهَا أَربع شِيَاه
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت الْغنم ثَلَاثمِائَة وشَاة فَفِيهَا أَربع وَإِن كَانَت أَرْبَعمِائَة شَاة وشَاة فَفِيهَا خمس شِيَاه
الْحسن عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ فِي كل شَيْء زَاد على الثلاثمائة والأربعمائة شَاة قَالَ وَمَعْنَاهُ مَا ذكرنَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر سَائِر الْأَخْبَار المروية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك يُوجب مَا ذكرنَا عَن الْأَوَّلين دون قَول الْحسن

(1/413)


فِي معنى قَوْله لَا يجمع بَين متفرق

قَالَ أَبُو حنيفَة فِي معنى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يفرق بَين مُجْتَمع أَن يكون للرجل مائَة وَعِشْرُونَ شَاة فَيكون فِيهَا شَاة وَاحِدَة فَإِن فرقها الْمُصدق فَجَعلهَا أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ كَانَ فِيهَا ثَلَاث شِيَاه
وَمعنى قَوْله لَا يجمع بَين متفرق الرّجلَانِ يكون بَينهمَا أَرْبَعُونَ شَاة فَإِن جمعهَا كَانَت فِيهَا شَاة وَإِن فرقها لم يكن فِيهَا شَيْء
وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِذا قيل فِيهِ خشيَة الصَّدَقَة أَن يكون للرجل ثَمَانُون شَاة إِذا جَاءَ الْمُصدق قَالَ هِيَ بيني وَبَين إخوتي لكل وَاحِد من عشرُون أَو يكون لَهُ أَرْبَعُونَ وَلكُل وَاحِد من إخواته أَرْبَعُونَ أَرْبَعُونَ فَيَقُول هَذِه كلهَا لي وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فَهَذَا خشيَة الصَّدَقَة لِأَن الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ يخْشَى الصَّدَقَة وَأما إِذا لم يقل فِيهَا خشيَة الصَّدَقَة فقد يكون على هَذَا الْوَجْه وَيكون على وَجه أَن يَجِيء الْمُصدق إِلَى اخوة ثَلَاثَة لوَاحِد مِنْهُم عشرُون وَمِائَة فَيَقُول هَذِه بَيْنكُم لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة فَيَقُول الْمُصدق هَذِه لوَاحِد مِنْكُم
وَأما معنى قَوْله وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بِالسَّوِيَّةِ فَلَا خلاف بَين أَصْحَابنَا أَن المُرَاد بِهِ أَن يكون بَينهمَا مائَة وَعِشْرُونَ لوَاحِد ثَمَانُون وَلآخر أَرْبَعُونَ فَيَأْخُذ الْمُصدق من عرضهَا شَاة فَيرجع صَاحب الثَّمَانِينَ على صَاحب الْأَرْبَعين بِثلث شِيَاه
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا والفحل وَاحِدًا والدلو وَاحِدًا

(1/414)


فالرجلان خليطان وَلَا صَدَقَة على الخليطين حَتَّى يكون لوَاحِد مِنْهُمَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة فَحِينَئِذٍ تجب عَلَيْهَا الصَّدَقَة وان تراجعا بِالسَّوِيَّةِ على ألف بحصتها وعَلى الْأَرْبَعين بحصتها
وَقَوله لَا يجمع بَين متفرق أَن يكون لثَلَاثَة نفر لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ وَقد وَجَبت على كل وَاحِد مِنْهُم فِي غنمه الصَّدَقَة فَإِذا جَاءَهُم الْمُصدق جمعوها لِئَلَّا يكون عَلَيْهِم فِيهَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فنهوا عَن ذَلِك
وَقَوله لَا يفرق بَين مُجْتَمع أَن الخليطين يكون لكل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة فَيكون عَلَيْهِمَا فِي ذَلِك ثَلَاث شِيَاه فَإِذا أظلهما السَّاعِي فرقا غنمهما فَلم يكن على كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فَنهى عَن ذَلِك فَقيل لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين شَيْء متفرق خشيَة الصَّدَقَة
وَقَالَ الثَّوْريّ التَّفَرُّق بَين الْمُجْتَمع أَن يكون للرجل مائَة شاه فَيكون هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَلَا يَأْخُذ هَذِه من هَذِه وَلَا يجمع بَين متفرق أَن يكون للرجل أَرْبَعُونَ وَلآخر خَمْسُونَ فيخلطانها جَمِيعًا لِأَن يُؤْخَذ مِنْهَا مِنْهُمَا شَاة وَأَن يكون للرجل أَرْبَعُونَ شَاة فَيجْعَل هَاهُنَا عشْرين وَهَاهُنَا عشْرين
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَيكون النَّفر الثَّلَاثَة لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ فَإِنَّمَا فِيهَا شَاة فَلَا يَنْبَغِي للمصدق أَن يفرق حَتَّى يَأْخُذ مِنْهُم ثَلَاث شِيَاه
وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يَنْبَغِي للْقَوْم أَن يكون لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة على حِدة فَإِذا جَاءَ الْمُصدق جمعوها ليحسبوه
قَالَ وَإِذا كَانَ لهَذَا تسع وَعِشْرُونَ وَلِهَذَا تسع وَثَلَاثُونَ وَلِهَذَا عشرُون فَإِن كثرت فَلَا شَيْء مَا لم تبلغ الصَّدَقَة قَالَ وَإِذا كَانَ راعيهم وَاحِدًا ومحلهم

(1/415)


وَاحِدًا ومرعاهم وَاحِدًا وتفرق عَنْهُم المراح فهم خلطاء
قَالَ الْحسن بن حَيّ فِي ثَمَانِينَ شَاة بَين رجلَيْنِ أَن فِيهَا شَاتين
قَالَ اللَّيْث لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق خشيَة الصَّدَقَة وَإِذا كَانَ للرجل أَرْبَعُونَ شَاة فنقص مِنْهَا شَاة لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَقد فرق هَذَا مَا كَانَ مجتمعا تجب فِيهِ الصَّدَقَة وَإِذا كَانَت لَهُ ولرجل ثَمَانُون شَاة مُتَفَرِّقَة فَجمع غنم صَاحبه إِلَيْهِ لم يكن عَلَيْهَا إِلَّا شَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكونَانِ خليطين حَتَّى يريحا ويسرحا ويحلبا ويسقيا مَعًا فحولهما مختلطة فَإِذا كَانَا هَكَذَا صدقا صَدَقَة الْوَاحِد فِي كل حَال وَلَا يكونَانِ خليطين حَتَّى يحول عَلَيْهِمَا حول من يَوْم اختلطا
وَإِن تفَرقا فِي مراح أَو مسرح أَو فحول أَن يحول الْحول فليسا بخليطين ويتصدقان صَدَقَة الِاثْنَيْنِ وَهَكَذَا إِذا جَاءَنَا شَرِيكَيْنِ
وَمعنى قَوْله لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق خشيَة الصَّدَقَة لَا يفرق بَين ثَلَاثَة خلطاء فِي عشْرين وَمِائَة شَاة وَإِنَّمَا عَلَيْهِم شَاة لِأَنَّهَا إِذا فرقت كَانَ فِيهَا ثَلَاث شِيَاه
وَلَا يجمع بَين متفرق رجل لَهُ مائَة شَاة وشَاة وَرجل لَهُ مائَة شَاة وشَاة فَإِذا تركتا متفرقتين فَفِيهَا شَاتَان وَإِن جمعتا فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه
والخشية خشيَة السَّاعِي أَن تقل الصَّدَقَة وخشية رب المَال أَن تكْثر فَأمر أَن يقر كل وَاحِد على حياله
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْملك إِذا كَانَ لوَاحِد لَا يعْتَبر فِيهِ المراح والراعي والفحل والمسقى وَأَنه إِنَّمَا يعْتَبر الْملك حسب كَذَلِك إِذا كَانَ لجَماعَة يَنْبَغِي أَن يعْتَبر ملكهم لَا الْخلطَة

(1/416)


395 - فِي السخال مَعَ المسان

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ فِي أول الْحول أَرْبَعُونَ صغَارًا وكبارا كَذَلِك وَجَبت الصَّدَقَة وَإِن نقصت فِي الْحول
وَقَالَ مَالك فِي الرجل يكون لَهُ الْغنم لَا تجب فِيهَا الصَّدَقَة فَإِذا بلغت الْغنم بِأَوْلَادِهَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة لِأَن أَوْلَادهَا مِنْهَا
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يتم النّصاب بالسخال مَعَ الْأُمَّهَات فَيعْتَبر الْحول من يَوْم النّصاب فَإِن زَالَ وَقد زَاد فِيهَا سخلها حَتَّى بلغت سِتِّينَ فَذهب من الْأُمَّهَات قبل الْحول شَاة أَو أَكثر من ذَلِك اسْتقْبلت بهَا حولا كَمَا يفعل بِالدَّرَاهِمِ إِذا كَانَت لَك فأفدت إِلَيْهَا ثمَّ هلك من الأولى بَعْضهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يعْتد بالسخال إِلَّا أَن يكون من غنمه قبل الْحول وَيكون أصل الْغنم أَرْبَعِينَ فَإِذا لم تكن الْغنم مِمَّا فِيهِ الصَّدَقَة فَلَا يعْتد بالسخال
396 - فِي ذَات الْعَيْب هَل يعْتد بهَا

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يعْتد بالعجفاء والعمياء والعرجاء

(1/417)


وروى أَسد بن الْفُرَات عَن أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يعْتد بالعمياء
397 - فِي الْمَاشِيَة تَلد قبل أَن يَأْخُذ الْمُصدق صدقتها

قَالَ أَصْحَابنَا مَا ولدت بعد الْحول لَا يعْتد بِهِ للحول الْمَاضِي
وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا ولدت بعد الْحول قبل أَن يَأْخُذ الْمُصدق صدقتها عدهَا وَأَوْلَادهَا ثمَّ قبض صدقتها من كلهَا وَإِن ولدت بَعْدَمَا قبض الْمُصدق صدقتها فَلَا حق للمصدق فِي أَوْلَادهَا
وَقَالَ مَالك فِي الْغنم لَا يكون فِيهَا الصَّدَقَة فيتوالد قبل أَن يَأْتِيهِ الْمُصدق بِيَوْم وَاحِد إِن عَلَيْهِ إِذا بلغت الْغنم بِأَوْلَادِهَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا عِنْدِي فِي قَوْله فِيمَا كَانَ حَال عَلَيْهِ الْحول قبل ذَلِك لِأَن مَا لم يحل عَلَيْهِ الْحول فَإِن كمل عدده وجاءه الْمُصدق فَلَا صَدَقَة فِيهِ فِي قَوْله فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ ابْن وهب
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَو أَن رجلا كَانَت عِنْده غنم فحال عَلَيْهَا الْحول فذبح مِنْهَا وَأكل ثمَّ أَتَاهُ الْمُصدق بعد ذَلِك وَقد كَانَ حَال عَلَيْهَا الْحول قبل أَن يذبح أَنه لَا ينظر إِلَى مَا ذبح وَلَا إِلَى مَا أكل بعد الْحول وَإِنَّمَا يصدق الْمُصدق مَا وجد فِي يَدَيْهِ وَلَا يحاسبه بِشَيْء مِمَّا مَاتَ أَو ذبح فَأكل
وَقَالَ اللَّيْث لَا تكون الصَّدَقَة فِي الْغنم حَتَّى تتمّ أَرْبَعُونَ شَاة فَإِذا جَاءَ السَّاعِي وَعِنْده أَرْبَعُونَ فَعَلَيهِ شَاة فَإِن مَاتَت شَاة قبل أَن ينظر فِيهَا الْمُصدق

(1/418)


فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ صَدَقَة وَأما مَا ذبح السَّاعِي وَغَيره فَإنَّا نرَاهُ من يُصِيبهُ بَعْدَمَا جَاءَهُ الْمُصدق وَوَجَبَت الصَّدَقَة وَلَو ذَبحهَا لضيف نزل بِهِ قبل أَن يَأْتِي الْمُصدق بساعة لم يكن عَلَيْهِ صَدَقَة
وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَت لَهُ خَمْسَة دَنَانِير يعْمل بهَا حولا يصير عشْرين دِينَارا فَفِيهَا الزَّكَاة وَمثله فِي الْغنم يكون عشْرين شَاة فَلَا يَأْتِي الْحول حَتَّى يصير الْعشْرُونَ أَرْبَعِينَ فَإِن فِيهَا الزَّكَاة إِذا مر بِهِ السَّاعِي
398 - فِي الحملان

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَيْسَ فِي الحملان والفصلان والعجاجيل صَدَقَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِيهَا وَاحِدَة مِنْهَا وَمن شَاة إِذا كَانَت حملان أَو عجاجيل
وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي خمس فصلان الأول من وَاحِدَة مِنْهَا وَمن شَاة
وَقَالَ زفر وَمَالك فِيهَا مَا فِي الْكِبَار
399 - فِي بيع مَا وَجَبت فِيهِ الصَّدَقَة

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ الْمَاشِيَة بعد الْحول أَو بَاعَ الثَّمَرَة والمصدق ينظر إِلَيْهَا فَإِن كَانَا لم يفترقا فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ من البَائِع وَإِن شَاءَ من

(1/419)


المُشْتَرِي وَإِن كَانَ قد افْتَرقَا أَخذ من البَائِع وَلَا يَأْخُذ من المُشْتَرِي فَكَذَلِك الطَّعَام الَّذِي تخرجه الأَرْض
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا جَاءَ الْحول قبل فَبَاعَهَا مَجِيء الْمُصدق فَلَا زَكَاة عَلَيْهَا للمصدق وَلَكِن يُزكي الثَّمَرَة مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ الطَّعَام إِذا بَاعه قبل مَجِيء الْمُصدق ثمَّ جَاءَ الْمُصدق وَلم يَأْخُذ من المُشْتَرِي وَلكنه يَأْخُذ من البَائِع
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمَاشِيَة إِذا بَاعهَا بعد وجوب الزَّكَاة إِن الْمُصدق يتبع المُشْتَرِي ويأخذها مِمَّن وجدهَا فِي يَده
وَقَالَ فِي الزَّرْع إِذا بيع بَعْدَمَا استحصد أَن الزَّكَاة على البَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط على المُشْتَرِي
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعَ الْمَاشِيَة بعد الْحول فَفِيهَا قَولَانِ
أَحدهمَا أَن الْمُبْتَاع بِالْخِيَارِ بَين أَن يرد البيع بِنَقص الصَّدَقَة أَو يجز البيع بِالنَّقْصِ وَمن قَالَ بِهَذَا إِن أعْطى البَائِع الصَّدَقَة فَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لم ينقص من البيع شَيْء
وَالْقَوْل الثَّانِي إِن البيع فَاسد لِأَنَّهُ بَاعَ مَا يملك وَمَا لَا يملك وَإِن بَاعَ من خليطه وَفِي الزَّكَاة فَفِيهِ قَولَانِ
أَحدهمَا أَن يكون للْمُشْتَرِي الْخِيَار بَين أَن يَأْخُذ مَا جَازَ وَالصَّدَََقَة بِحِصَّتِهِ من الثّمن أَو الرَّد
وَالثَّانِي إِن شَاءَ أَخذ الْفضل من الصَّدَقَة بِجَمِيعِ الثّمن أَو الرَّد
وللسلطان أَخذ الْعشْر من الثَّمَرَة

(1/420)


400 - فِي صَدَقَة الْخَيل

قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت ذُكُورا وإناثا أَو إِنَاثًا وَهِي سَائِمَة فَفِيهَا صَدَقَة فِي كل فرس دِينَار وَإِن شَاءَ قَومهَا وَأعْطى عَن كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا صَدَقَة فِيهَا
401 - فِي هَلَاك المَال بعد وجوب الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا هلك المَال بعد وجوب الزَّكَاة سَقَطت وَإِن هلك بعضه زكى مَا بَقِي بِحِسَابِهِ وَإِن اسْتَهْلكهُ هُوَ ضمن
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت عِنْده مائَة دِينَار فَمضى حول وَلم يفرط فِي زَكَاتهَا حَتَّى ضَاعَت كلهَا إِلَّا تِسْعَة عشر دِينَارا أَنه لَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهَا قد رجعت إِلَى مَا لَا زَكَاة فِيهِ
وَقَالَ مَالك فِي الثِّمَار إِن فرط ضمن الصَّدَقَة وَإِن لم يفرط لم يضمن وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وَجَبت فِي مَاله الزَّكَاة فَأخر زَكَاته حَتَّى بلغت مائَة دِينَار ثمَّ تلف المَال إِلَّا مائَة دِينَار فَإِن تِلْكَ الْمِائَة زَكَاة فليخرجها
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا وَجَبت على الرجل الزَّكَاة رَوَاهُ عَنهُ وَكِيع
وَذكر حميد عَنهُ أَنه إِن فرط ضمن وَإِن لم يفرط لم يضمن
والتفريط أَن يحل غدْوَة فَيَقُول ادفعها عَشِيَّة فَإِذا أخرجهَا حِين حلت

(1/421)


فَذهب يَدْفَعهَا إِلَى أَهلهَا وَلم يفرط فَضَاعَت فقد أخرجت
وَقَالَ الشَّافِعِي لَو كَانَت لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة فأمكنه أَن يصدقها فَلم يفعل حَتَّى مَاتَت أَو مَاتَ بَعْضهَا فَعَلَيهِ شَاة وَلَو لم يُمكنهُ مَاتَت مِنْهَا شَاة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي من زَكَاته لِأَنَّهُ أقل من أَرْبَعِينَ شَاة
402 - فِيمَن يمر بالعاشر فَيَقُول عَليّ دين أَو نَحْو ذَلِك هَل يسْتَخْلف

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مر على عَاشر بِمَال فَقَالَ عَليّ دين وَإِنَّمَا أصبته مُنْذُ أشهر وَقد أدّيت الزَّكَاة إِلَى عَاشر آخر أَو قَالَ أديتها أَنا قَالَ إِذا حلف على ذَلِك صدقه وَفِي زَكَاة الْمَاشِيَة إِذا قَالَ قد أديتها أَنا يثني
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يسْتَحْلف
وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يسْتَحْلف إِذا قَالَ أعطيتهَا أَنا وَيقبل مِنْهُ
وروى يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن أَبِيه عَن جده
أَن النَّاس كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب لم يَكُونُوا يستحلفون فِي زَكَاة أَمْوَالهم وَمَا دفعُوا قبل مِنْهُم
وَقَالَ طَاوس لَا يسْتَحْلف الْمُصدق
403 - قي الْفَوَائِد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري تضم الْفَائِدَة فِي الْحول إِلَى النّصاب من جنسه فتزكى بحول الأَصْل

(1/422)


وَقَالَ مَالك يضم الْمُسْتَفَاد فِي الْحول من الْمَاشِيَة إِلَى نصابها وَلَا تضم الْفَائِدَة من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا بَاعَ العَبْد أَو الدَّار فَإِنَّهُ يُزكي الثّمن حَتَّى يَقع فِي يَده إِلَّا أَن يكون لَهُ شهر مَعْلُوم فيؤخر حَتَّى يُزَكِّيه فِيهَا الزَّكَاة فَيُعِيد إِلَيْهَا حَتَّى تتمّ فَقَالَ إِن كَانَ الَّذِي عِنْده نصف مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة يكثر حَتَّى يُفِيد وَإِن كَانَ دون النّصْف فَلَا شَيْء عَلَيْهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَهِي عِنْده
وَرُوِيَ نَحْو قَول الْأَوْزَاعِيّ فِي أَنه يُزكي عَن العَبْد حَتَّى يَبِيع وَرُوِيَ ابْن عَبَّاس وَعَن عمر خلاف ذَلِك
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ لَهُ مِائَتَان يملكهَا فَلَمَّا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم أَفَادَ مَالا فحال الْحول وهما عِنْده زكاهما جَمِيعًا وَإِذا حَال الْحول وَقد ذهب من المَال الأول شَيْء فَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي هَذَا الآخر شَيْء حَتَّى يسْتَقْبل بِهِ حولا من الْيَوْم الَّذِي أَفَادَ المَال الثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُزكي الثَّانِي بِالْأولِ فَإِذا لم يبْق من الأول مَا يكون فِيهِ الزَّكَاة لم يكن فِي الآخر زَكَاة إِلَّا بحوله
وَقَالَ اللَّيْث النّصاب من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَلَيْسَ النّصاب فِي الذَّهَب وَالْوَرق
وَقَالَ الشَّافِعِي يضم الْأَوْلَاد إِلَى الْأُمَّهَات وَلَا يضم غَيرهَا من الْفَوَائِد
404 - فِي زَكَاة الْمعز والضأن إِذا اجْتمعَا

قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة من الْمعز إِلَّا

(1/423)


الثني وَلَا من الضَّأْن إِلَّا الْجذع حَكَاهُ عَنهُ الْحسن بن زِيَاد
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض النَّاس عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْغنم إِذا اخْتلفت أصنافها إِن الْمُصدق يَأْخُذ من أَي الْأَصْنَاف شَاءَ
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْمعز أَكثر مِنْهَا وَإِن كَانَ الضَّأْن أَكثر أَخذ مِنْهَا وَإِن اسْتَويَا أَخذ من أَيهمَا شَاءَ
وَقَالَ الثَّوْريّ يُؤْخَذ من الأخس وَلَا يُؤْخَذ من الْأَفْضَل
قَالَ الشَّافِعِي الْقيَاس أَن يَأْخُذ من كل بِحِصَّتِهِ
405 - فِي الدّين هَل يمْنَع الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا يمْنَع الزَّكَاة بِقَدرِهِ وَيجْعَل فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وعروض التِّجَارَة فَإِن فضل كَانَ فِي السَّائِمَة وَلَا يَجْعَل فِي عبد الْخدمَة وَدَار السُّكْنَى إِلَّا إِذا فضل عَن ذَلِك وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي أَنه يمْنَع الزَّكَاة وَيجْعَل فِي الدَّرَاهِم دون خَادِم لغير التِّجَارَة
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الدّين لَا يمْنَع زَكَاة السَّائِمَة وَلَا عشر الأَرْض وَيمْنَع زَكَاة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَصدقَة الْفطر فِي الْعِيد
وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا كَانَ عِنْده من الْعرُوض مَا فِيهِ وَفَاء بِمَا عَلَيْهِ من الدّين فَإِنَّهُ يُزكي مَا فِي يَده من ناض مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الدّين يمْنَع الزَّكَاة وَلَا يمْنَع عشر الأَرْض
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ لَا يمْنَع الزَّكَاة
وَقَالَ زفر يمْنَع الزَّكَاة إِلَّا أَنه يَجْعَل فِيمَا فِي يَده من جنسه فَإِذا كَانَ

(1/424)


الدّين طَعَاما وَفِي يَده طَعَام لتِجَارَة أَو غَيرهَا وَله دَرَاهِم جعل الدّين فِي الطَّعَام دون الدَّرَاهِم
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَعَلِيهِ مثلهَا فاستعدى عَلَيْهِ السُّلْطَان قبل الْحول وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالدّينِ حَتَّى حَال الْحول أخرج زَكَاتهَا ثمَّ قضى غرماءه بقيتها وَلَو قضى عَلَيْهِ بِالدّينِ وَجعل لَهُم مَاله حَيْثُ وجدوه قبل الْحول ثمَّ حَال عَلَيْهِ الْحول قبل أَن يقبضهُ الْغُرَمَاء لم يكن عَلَيْهِ زَكَاة حَكَاهُ الْمُزنِيّ
406 - إِذا لم يؤد زَكَاة مَاله حَتَّى جَاءَ حول آخر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الزَّكَاة وَاجِبَة فِي الْعين يمْنَع بمقدارها وجوب الزَّكَاة فَإِذا اسْتهْلك المَال بعد الْوُجُوب فَصَارَت الزَّكَاة دينا ثمَّ أَفَادَ مَالا منع الزَّكَاة الَّتِي حصلت وجوب الزَّكَاة فِي مِقْدَار الزَّكَاة الْوَاجِبَة كَالدّين عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا صَار دينا لم يمْنَع
وَقَالَ زفر الزَّكَاة لَا تمنع الزَّكَاة دينا كَانَت أَو فِي الْعين
قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك تمنع وَكَذَلِكَ قَول عبيد الله بن الْحسن
فِي الزَّرْع الَّذِي مَاتَ صَاحبه قبل أَدَاء الْعشْر

قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن لمبارك عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يَمُوت وَقد وَجب فِي إبِله وبقره وغنمه الزَّكَاة فَيَجِيء الْمُصدق وَهِي أَيدي الْوَرَثَة قَالَ لَا يُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُم وَكَذَلِكَ عشر الزَّرْع لَا يُؤْخَذ لِأَنَّهُ قد صَار لغيره
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما مَا ذكر فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فمشهور عَن أبي حنيفَة

(1/425)


كَمَا ذكر لَا اخْتِلَاف عَنهُ فِيهِ وَأما مَا ذكره عَنهُ فِيمَا أخرجت الأَرْض فَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة إِلَّا من هَذِه الْجِهَة وَالْمَشْهُور عَنهُ خلاف ذَلِك الْمَشْهُور فِي قَول أبي حنيفَة فِي زَكَاة الْمَاشِيَة أَنَّهَا تسْقط بِالْمَوْتِ وَأما عشر الأَرْض فَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه لَا يسْقط بِالْمَوْتِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَن الْمَوْت يسْقط زَكَاة مَا وَجب فِي الدَّرَاهِم وَلَا يسْقط عشر الزَّرْع
قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا القَوْل الْمَشْهُور عَن أَصْحَابنَا فِي هذَيْن
وَرُوِيَ عَن مَالك فِي الزَّرْع إِن الْعشْر لَا يُبطلهُ الْمَوْت
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تبطل الزَّكَاة بِالْمَوْتِ بعد وُجُوبهَا
408 - فِي أهل الْبَغي يَأْخُذُونَ الصَّدقَات

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْخَوَارِج إِذا غلبوا على أَرض فَأخذُوا الزَّكَاة وَالْخَرَاج إِنَّه لَا يُعَاد عَلَيْهِم قَالَ أَصْحَابنَا وَيقسم فِيمَا بَينهم وَبَين الله أَن يُعِيدُوا وَقَالَ أَصْحَابنَا لَو مر رجل منا على عاشرهم فعشره فَإنَّا نثني عَلَيْهِم الصَّدَقَة لِأَنَّهُ أَتَاهُم طَائِعا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُعَاد عَلَيْهِ وَإِن أَتَاهُم
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يفرق حكم أدائهم إِلَى الْبُغَاة فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى وَفِي الْقَضَاء كالحدود إِن أقاموها لَا يُعَاد على من أُقِيمَت عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الْحُدُود لَا تجب فِيمَا عَلَيْهِ الْخَوَارِج لَو لم يقيموها ثمَّ ظهر أهل الْعدْل لم تقم على من أَتَى ذَلِك وَلم تفت فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى فإقامتها وَلَو وَجَبت عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَهُوَ فِي عَسْكَر الْخَوَارِج فَلم

(1/426)


يأخذوها حَتَّى ظهر الإِمَام عَلَيْهِم كَانَ من حَيْثُ وَجَبت عَلَيْهِ الصَّدَقَة يَعْنِي فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يُخرجهَا
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ ادفعها إِلَى من غلب وَقَالَ لَهُ حبَان أَو حَيَّان الشَّامي يجيئني مُصدق ابْن الزبير فَيَأْخُذ صَدَقَة مَال ويأتيني مُصدق نجدة فَيَأْخُذ قَالَ أَيهمَا أَعْطَيْت أَجْزَأَ عَنْك
409 - فِي زَكَاة مَال الْيَتِيم

قَالَ أَصْحَابنَا لَا زَكَاة فِي مَال الْيَتِيم
وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي أَمْوَالهم الزَّكَاة وَإِن أَدَّاهَا الْوَصِيّ عَنْهُم فَهُوَ ضَامِن
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري إِذا بلغ فادفع إِلَيْهِ مَاله وأعلمه مَا حل فِيهِ من الزَّكَاة فَإِن شَاءَ زَكَّاهُ وَإِن شَاءَ لم يزك
وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْوَصِيّ إِذا لم يؤد أَخذ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث فِي مَال الْيَتِيم الزَّكَاة
وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا أزكي مَال الْيَتِيم مَا كَانَ من ذهب أَو فضَّة وَلَكِن الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم
وَلَا خلاف بَينهم أَن الْعشْر يجب فِي أَرض الْيَتِيم
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْفرق أَن الزَّكَاة حق طَار على ملك ثَابت للْمَالِك قبل حُدُوث الْحق فَهُوَ طَهَارَة وَالزَّكَاة لَا تلْزم إِلَّا من تلْزمهُ الطَّهَارَة وَالزَّكَاة وَثَمَرَة النّخل وَالزَّرْع بحدوثها يجب الْحق فَلَا يملكهَا مَالِكهَا إِلَّا وَهُنَاكَ حق وَاجِب مَعَ حُدُوث الْملك فَيصير كالشريك فِيهِ فَلَا يَسْتَوِي فِيهِ حكم الصَّغِير وَالْكَبِير

(1/427)


410 - فِي زَكَاة المَال المغيب إِذا وجده

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصب المَال غَاصِب فجحده سِنِين وَلَا بَيِّنَة لَهُ أَو ضَاعَ مِنْهُ فِي مفازة أَو طَرِيق أَو دَفنه فِي صحراء فَلم يقف على مَوْضِعه ثمَّ وجده بعد سِنِين فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ لما مضى
وَقَالَ الثَّوْريّ وَزفر عَلَيْهِ الزَّكَاة لما مضى
وَقَالَ مَالك لَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاة إِلَّا لعام وَاحِد وَقَالَ اللَّيْث لَا زَكَاة عَلَيْهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه تجب وَالْآخر أَنه لَا تجب
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه قَالَ الصَّدَقَة تجب فِي الدّين الَّذِي لَو شِئْت تقاضيه من صَاحبه وعَلى من يَدعِيهِ حَيَاء ومصانعة
وَعَن ابْن عمر أَيّمَا دين كَانَ لَك ترجو قَضَاؤُهُ فَعَلَيْك فِيهِ الزَّكَاة كل عَام وَلَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه

(1/428)


411 - إِذا تلف بعض المَال فِي الْحول ثمَّ اسْتَفَادَ

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عِنْده نِصَاب فِي أول الْحول فَهَلَك بعضه ثمَّ اسْتَفَادَ فحال الْحول وَعِنْده نِصَاب فَعَلَيهِ الزَّكَاة وَلَو هلك المَال كُله ثمَّ اسْتَفَادَ نِصَابا اسْتَأْنف حولا بالمستفاد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا نقص عَن النّصاب فِي بعض الْحول اسْتقْبل حولا من حِين يملك تَمام النّصاب
412 - فِي الزِّيَادَة على النّصاب

قَالَ أَبُو حنيفَة لَا شَيْء فِيمَا زَاد على الْمِائَتَيْنِ حَتَّى تبلغ أَرْبَعِينَ وَفِيمَا زَاد على الْعشْرين مِثْقَالا حَتَّى تبلغ أَرْبَعَة مَثَاقِيل وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَرُوِيَ نَحوه عَن عمر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ فِيمَا زَاد بِحِسَابِهِ
413 - فِي زَكَاة الْحلِيّ

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ فِيهِ الزَّكَاة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا زَكَاة فِيهِ إِذا كَانَ للْمَرْأَة وَإِن كَانَ للرجل فَفِيهِ الزَّكَاة
وَقَالَ اللَّيْث مَا كَانَ يلبس ويعار فَلَا زَكَاة فِيهِ إِذا كَانَ للْمَرْأَة وَإِن كَانَ

(1/429)


للرجل فَفِيهِ الزَّكَاة وَمَا صنع ليحرز من الصَّدَقَة فَفِيهِ الصَّدَقَة
وَقَالَ مَالك وَإِن كَانَ للْبيع فَفِيهِ الزَّكَاة
414 - فِي ضم الذَّهَب وَالْوَرق

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فيكمل بِهِ النّصاب إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة قَالَ يضم بِالْقيمَةِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك يضم بالأجزاء
وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَشريك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يضم وَيعْتَبر فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا كَمَال النّصاب
415 - فِي الْمهْر وَنَحْوه إِذا قبض بعد الْحول

قَالَ أَبُو حنيفَة لَا زَكَاة على الْمَرْأَة فِي الْمهْر حَتَّى تقبض ويحول الْحول بعد الْقَبْض وَكَذَلِكَ الدِّيَة وَالْمِيرَاث
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْمهْر دينا فَلَا زَكَاة على الْمَرْأَة حَتَّى تقبض ثمَّ يحول الْحول بعد الْقَبْض وَكَذَلِكَ فِي الدِّيَة وَقَالَ إِذا كَانَ الْمهْر بِلَا سَائِمَة فقبضها بعد حول فعلَيْهَا الزَّكَاة لما مضى
وَقَالَ مَالك كل فَائِدَة أفادها رجل من كِتَابَة أَو دِيَة أَو مخارجة أَو غير ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول عِنْده من يَوْم يقبضهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْمهْر وَالْمِيرَاث وَمَا يستهلك من مَال وَإِن

(1/430)


لم يكن للتِّجَارَة وَفِي أُجْرَة دَار أَو عبد أَو غَيره الزَّكَاة للحول الْمَاضِي قبل الْقَبْض
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ اسْتهْلك لغير التِّجَارَة فَهُوَ كالمهر وَإِن كَانَ للتِّجَارَة فَإِذا قبض أَرْبَعِينَ بعد الْحول زَكَاة وَكَذَلِكَ البيع فِي ذَلِك إِن كَانَ البيع لغير التِّجَارَة فحتى يقبض ويحول الْحول وَإِن كَانَ للتِّجَارَة زكى للحول الْمَاضِي إِذا قبض أَرْبَعِينَ
وَقَالَ الثَّوْريّ يزكّى الْمهْر وَالْمِيرَاث وَأرش الْجراحَة لما مضى وَلَا يزكّى مَال الْكِتَابَة حَتَّى يقبض ويحول الْحول
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يزكّى الْمهْر
وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمِيرَاث إِذا لم يعلم بِهِ سِنِين أَنه يزكّى لسنة وَاحِدَة وَإِذا بَاعَ ثَمَرَة شَجَرَة ثمَّ قبض الثّمن بعد حول لم يزك لما مضى من السنين
416 - فِي زَكَاة العَبْد

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ مَال العَبْد لمَوْلَاهُ وزكاته على الْمولى
وَقَالَ مَالك لَا زَكَاة فِي مَال العَبْد على السَّيِّد وَلَا على العَبْد وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَلَا زَكَاة فِي مَال الْمكَاتب عِنْد جَمَاعَتهمْ
قَالَ أَبُو جَعْفَر العَبْد لَا يملك لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع ويستحيل إِثْبَات الْملك لاثْنَيْنِ فِي حَالَة وَاحِدَة

(1/431)


وَقَوله فَمَاله للْبَائِع إِخْبَار عَن تَحْقِيق الْملك لَا محَالة فَانْتفى ملك العَبْد وَصَارَت إِضَافَة الْملك إِلَيْهِ كإضافة الْبَاب إِلَى الدَّار والسرج إِلَى الدَّابَّة
417 - فِي زَكَاة الْعرُوض

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت الْعرُوض للتِّجَارَة فَإِذا بلغت قيمتهَا النّصاب فَفِيهَا الزَّكَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك إِنَّمَا يَبِيع الْعرض بِالْعرضِ فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى ينض مَاله وَإِن كَانَ يَبِيع بِالْعينِ وَالْعرض فَإِنَّهُ يُزكي وَإِن لم يكن مِمَّن يدْرِي التِّجَارَة فَاشْترى سلْعَة يُرِيد بيعهَا فبارت عَلَيْهِ فمضت أَحْوَال فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَإِذا بَاعَ زكى وَاحِدَة
وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابْتَاعَ مَتَاعا للتِّجَارَة فَبَقيَ عِنْده أحوالا ثمَّ بَاعه فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاة وَاحِدَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَابْن عمر زَكَاة عرُوض التِّجَارَة من غير خلاف
418 - فِي أَرض الْعشْر للتِّجَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ عشر الْخَارِج دون الزَّكَاة
وَقَالَ مَالك إِذا بَاعَ نخلا فيثمر النّخل فَيُؤْخَذ مِنْهُ الصَّدَقَة ثمَّ يَبِيع الْحَائِط بعد ذَلِك أَنه يُزكي ثمن الْحَائِط حِين بَاعه إِذا كَانَ قد حَال على الثّمن الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ الْحَائِط الْحول

(1/432)


وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم الأَرْض وَالنَّخْل وفيزكيهما مَعَ مَاله وَإِن كَانَ قد أدّى عشر الثّمن وَلم يزك الثَّمَرَة بعد مَا يعْطى مِنْهَا الْعشْر
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِن بلغ مَا أخرجت خَمْسَة أوسق زَكَاة الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَلم يتْرك الأَرْض وَإِن لم يبلغ خَمْسَة أوسق زكى الأَرْض مَعَ مَاله
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترى نخلا للتِّجَارَة أَو ورثهَا زكاها زَكَاة النّخل وَالزَّرْع وَلَو كَانَ مَكَان النّخل غراس لَا زَكَاة فِيهَا زكاها زَكَاة التِّجَارَة
419 - فِي الْبذر إِذا كَانَ للتِّجَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ فِيمَن عِنْده بذر للتِّجَارَة فزرعه فِي أَرض اسْتَأْجرهَا إِن عَلَيْهِ الْعشْر فِي الْخَارِج وَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهِ وَإِن بَقِي سِنِين
وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْعشْر فَإِذا بَاعَ الْحِنْطَة بعد حول فَعَلَيهِ الزَّكَاة يَوْم بَاعهَا
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعشْر فِيمَا أخرجت الأَرْض حَتَّى يحول الْحول على أصل مَاله فَيقوم زرعه ثمَّ يُزَكِّيه مَعَ مَاله فَإِن حَال الْحول وَهُوَ بذر فِي الأَرْض لم يخرج مِنْهُ شَيْء يكون لَهُ قِيمَته فَإِذا خرج زَكَّاهُ بِمَنْزِلَة المَال الناوي إِذا خرج زَكَّاهُ
420 - فِيمَن ورث عرُوضا فَنوى بهَا التِّجَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يكون للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيعهَا فَيكون بدلهَا للتِّجَارَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك فِي الْعرُوض فِي الْمِيرَاث وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيع ثمَّ

(1/433)


يسْتَقْبل حولا وَقَالَ إِن ورث حليا فَنوى بِهِ التِّجَارَة كَانَ للتِّجَارَة وَفرق بَينه وَبَين الْعرُوض
قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عِنْده عرُوض لغير التِّجَارَة فنواها للتِّجَارَة لم تكن للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيعهَا فَيكون الْبَدَل للتِّجَارَة وَإِن كَانَت عِنْده للتِّجَارَة فنواها لغير التِّجَارَة صَارَت لغير التِّجَارَة وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ
421 - فِي زَكَاة الدّين مَتى تُؤَدّى

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ الْأَدَاء حَتَّى يقبض سَوَاء كَانَ مَقْدُورًا على أَخذه أَو لم يكن
قَالَ ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ إِذا قدر على أَخذه فَعَلَيهِ زَكَاته قبل الْقَبْض
وَقَالَ مَالك لَا زَكَاة عَلَيْهِ قبل الْقَبْض فَإِذا قبض زكى لعام وَاحِد وَإِن كَانَ قد مَضَت عَلَيْهِ أَحْوَال
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي كل مَال زَكَاة إِلَّا أَن يعرض عَلَيْهِ المَال إِلَّا أَن يقبضهُ فيتوى عَلَيْهِ زَكَاته
422 - فِيمَن قبض بعض دينه

قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْقَرْض إِذا قبض عشْرين درهما بعد حول فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يقبض أَرْبَعِينَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُزكي الْقَلِيل وَالْكثير مِمَّا يقبض
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا يُزكي حَتَّى يقبض مِقْدَار النّصاب وَهُوَ مِائَتَا

(1/434)


دِرْهَم ثمَّ مَا قبض بعد ذَلِك من قَلِيل أَو كثير زَكَّاهُ
423 - فِي الْمُسْتَفَاد هَل يضم إِلَى الدّين

قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا أقْرض رجلا مِائَتي دِرْهَم فحال الْحول إِلَّا شهرا ثمَّ اسْتَفَادَ الطَّالِب ألف دِرْهَم فحال الْحول على الدّين فَإِنَّهُ فِي قَول مُحَمَّد يُزكي الْألف الَّتِي عِنْده وَإِن لم يَأْخُذ من الدّين أَرْبَعِينَ درهما
قَالَ ابْن سَمَّاعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء لَا يُزكي حَتَّى يخرج من الدّين شَيْء قل أَو كثر
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ عِنْده عشرُون دِينَارا وَله مِائَتَا دِينَار فحال الْحول على الدّين فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي الْعشْرين حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول وَإِن حَال الْحول على الْعشْرين ثمَّ اقْتضى من الدّين شَيْئا زكى مَا قبض لِأَنَّهُ عِنْده نِصَاب وَكَذَلِكَ إِن هَلَكت الْعشْرُونَ فَاقْتضى دِينَارا بعْدهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّيه
وَقَالَ الشَّافِعِي يُزكي الْعين الَّتِي فِي يَده وَإِن لم يكن نِصَابا وَإِنَّمَا يتم نِصَابا بِالدّينِ
424 - فِيمَن عِنْده أقل من النّصاب فيحول الْحول

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم وَأَقل من عشْرين مِثْقَال ذهب زَكَاة سَوَاء كَانَ النُّقْصَان قَلِيلا أَو كثيرا
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت المائتي دِرْهَم وَالْعِشْرين مِثْقَالا نَاقِصَة بَينه النُّقْصَان فَلَا زَكَاة فِيهَا فَإِن زَادَت حَتَّى تبلغ زيادتها مِائَتي دِرْهَم وافية أَو عشْرين مِثْقَالا وافية فَفِيهَا الزَّكَاة

(1/435)


وَإِن كَانَت تجوز بِجَوَاز الوازنة كَانَت فِيهَا الزَّكَاة دَنَانِير كَانَت أَو دَرَاهِم
425 - فِي الشَّرِيكَيْنِ فِي غير الْمَوَاشِي

قَالَ أَصْحَابنَا يعْتَبر ملك كل وَاحِد على حياله
وَقَالَ مَالك فِي الذَّهَب وَالْوَرق يكون بَين الشُّرَكَاء إِذا تعدت حِصَّته مِنْهُم عشرُون دِينَارا أَو مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الزَّكَاة وَإِن نقصت حِصَّته مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَإِذا بلغت حصصهم مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَكَانَ بَعضهم أقل نَصِيبا أَخذ من كل إِنْسَان بِقدر حِصَّته
وَقَالَ الشَّافِعِي يصدق الخلطاء صَدَقَة وَاحِدَة الْمَاشِيَة وَالزَّرْع وَالْوَرق وَالذَّهَب
426 - فِيمَن أخرج زَكَاته فَهَلَكت قبل ان يُؤَدِّي

قَالَ أَصْحَابنَا مَا ضَاعَ فِي يَده قبل أَن يُعْطِيهِ الْمَسَاكِين لم يجزه من الزَّكَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك إِن أخرجهَا حِين تجب عَلَيْهِ فَلَا أرى عَلَيْهِ شَيْئا وَيجزئهُ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُجزئهُ من الزَّكَاة إِن ضَاعَت فِي يَده وَلَا شَيْء عَلَيْهِ

(1/436)


427 - فِي زَكَاة ربح الْمضَارب

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمضَارب يُزكي نصِيبه من الرِّبْح إِذا حَال الْحول وَعِنْده نِصَاب فَإِن اشْترى جَارِيَة قيمتهَا أَلفَانِ وَرَأس المَال ألف زكى خَمْسمِائَة إِذا حَال الْحول ويزكي رب المَال أَلفَانِ وَخَمْسمِائة وَلَو اشْترى بِأَلف جاريتين قيمَة كل وَاحِدَة ألف زكى ربع المَال إِذا حَال الْحول ألفا وَخمْس وَلم يكن على الْمضَارب زَكَاة
وَقَالَ مَالك إِذا أَخذ الْمضَارب ربحه فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْفَائِدَة يسْتَقْبل بِمَا أَخذ سنة وَلَو عمل بِالْمَالِ سنة فربح كَانَ فِي المَال وَفِي الرِّبْح الزَّكَاة سَوَاء كَانَت حِصَّة المَال مِمَّا تجب فِي الزَّكَاة أَو مِمَّا لَا تجب قَالَ وَأما زَكَاة الْفطر فِي عبد الْمُضَاربَة فعلى رب المَال قَالَ وَلَو أَن الْعَامِل اشْترى بِمَال الْقَرَاض غنما فحال الْحول وَهِي عِنْد الْمُقَارض فَإِن الزَّكَاة على رب المَال فِي رَأس مَاله وَلَا يكون على الْعَامِل شَيْء
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يُزكي الْمضَارب الرِّبْح حَتَّى يقبضهُ ويحول عَلَيْهِ الْحول بعد أَخذه
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ رَأس المَال ألفا والسلعة تَسَاوِي أَلفَيْنِ فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يُزكي كلهَا لِأَنَّهَا ملك لرب المَال أبدا حَتَّى يسلم إِلَيْهِ رَأس مَاله
وَالثَّانِي أَن الزَّكَاة على رب المَال فِي ألف وَخَمْسمِائة وأوقفت الزَّكَاة فِي خَمْسمِائَة فَإِن حَال الْحول عَلَيْهَا من يَوْم صَارَت لِلْعَامِلِ زكاها لِأَنَّهُ خليط لَهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن للْمُضَارب أَن يُطَالب رب المَال بِالْقِسْمَةِ حَتَّى

(1/437)


يحصل لَهُ نصِيبه من الرِّبْح مُمَيّزا من ملكه صَحِيح الْملك يلْزمه فِيهِ الزَّكَاة
428 - فِي أَخذ الْبَدَل فِي الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا يجوزأداء الزَّكَاة بِالْقيمَةِ فَإِن أدّى عَن خَمْسَة جِيَاد خَمْسَة دونهَا فِي الْجَوْدَة أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يُؤَدِّي فضل مَا بَينهمَا
وَقَالَ زفر عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بغَيْرهَا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِن أعطَاهُ أَرْبَعَة وضحا عَن خَمْسَة عِلّة وَذَلِكَ قيمتهَا أَجزَأَهُ عَن أَرْبَعَة وَيُؤَدِّي درهما آخر
وَقَالَ زفر يجزىء الْأَرْبَعَة عَن الْخَمْسَة إِذا كَانَت مثل قيمتهَا
وَقَالَ مَالك يُعْطي عَن الدَّرَاهِم قيمتهَا ذَهَبا وَلَا يُعْطي عرُوضا قَالَ مَالك وَلَو أَن ساعيا أجبر قوما وَأخذ مِنْهُم دَرَاهِم بِقِيمَة مَا وَجب عَلَيْهِم أجزأهم
وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز إِعْطَاء الْعرُوض عَن الزَّكَاة إِذا كَانَت قيمَة ذَلِك وَأَن يُعْطِيهَا على وَجههَا أحب إِلَيّ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يخرج من كل مَال زَكَاته أحب إِلَيّ من أَن يُعْطي فِي الزَّكَاة شَيْئا من غَيرهَا مَكَانهَا
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة إِذا أدّى أَحدهمَا عَن الآخر أَجزَأَهُ وَإِن أعْطى عَن أَحدهمَا طَعَاما فَإِنِّي أخْتَار لَهُ أَن لَا يفعل وَلَا أزعم مَعَ ذَلِك أَنه لَا يجزىء

(1/438)


وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء ذهب عَن ورق وَلَا ورق عَن ذهب
قَالَ أَبُو جَعْفَر من يسْتَحق قبض الصَّدَقَة صنفان
إِمَّا الْمَسَاكِين وَإِمَّا الإِمَام وَالْإِمَام جَائِز لَهُ بيعهَا مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ كَمَا يَبِيع الْغَنَائِم وَكَذَلِكَ الْمِسْكِين إِن كَانَ هُوَ الْآخِذ فَجَائِز لَهُ أَخذ الْبَدَل عَنهُ كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ مَال جَازَ لَهُ أَخذ الْبَدَل عَنهُ
429 - فِي ارتجاع صدقته بِالْبيعِ

قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس لمن أخرج زَكَاته أَو كَفَّارَة يَمِينه أَن يَشْتَرِيهِ مِمَّن دَفعه إِلَيْهِ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ أكره ذَلِك وَكَذَلِكَ اللَّيْث
قَالَ الْحسن وَإِن ورثهَا وَجههَا فِي الْوَجْه الَّذِي كَانَ وَجههَا فِيهِ أول مرّة وَلَا يكره الْحسن ذَلِك فِي الْهِبَة
وَقَالَ الشَّافِعِي أكره للرجل شِرَاء صدقته وَلَا أفسخه وَقَالَ فِي كفار الْيَمين إِن تنزه عَن شِرَائهَا أحب إِلَيّ
وَذكر أَبُو جَعْفَر قصَّة الْفرس الَّتِي بَاعهَا عمر فَأَرَادَ شراءها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعد فِي صدقتك وَلَا تشترها قَالَ وَهَذَا أولى مِمَّا قَالَ من أَبَاحَهُ وَأما الْمِيرَاث فَمن وَرثهُ فَيحل لَهُ لحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أَعْطَيْت أُمِّي حديقة وَإِنَّهَا مَاتَت وَلم تتْرك وَارِثا غَيْرِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبت

(1/439)


صدقتك وَرجعت إِلَيْك حديقتك قَالَ وَهَذَا يُوجب أَن لَا يجب عَلَيْهِ فِي الْمِيرَاث أَن لَا يتَصَدَّق بِهِ
430 - فِيمَا يَأْخُذهُ الْعَاشِر

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مر على الْعَاشِر بنصاب فَإِنَّهُ يَأْخُذ مِنْهُ زَكَاة مَا مَعَه وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ زَكَاة مَا فِيهِ بَيته
وَقَالَ ابْن شبْرمَة مَا ظهر من مَال زكيته وَمَا لم يظْهر وَغَابَ عني لم أفتشه وَلم أطلبه
وَقَالَ مَالك أرى أَن آخذ من تجار الْمُسلمين إِذا اتَّجرُوا الزَّكَاة فِي بِلَادهمْ وَغير بِلَادهمْ من كَانَ عِنْده مَال تجب فِيهِ الصَّدَقَة وَيبْعَث الْوَالِي إِلَى من يَأْخُذ زَكَاة أَمْوَالهم الناض إِذا لم يتجروا ويسألهم عَن ذَلِك وَقد فعل أَبُو بكر كَانَ يَقُول للرجل إِذا أعطَاهُ عَطاء هَل عنْدك من مَال وَجَبت عَلَيْك فِيهِ الزَّكَاة فَإِن قَالَ نعم أَخذ من عطائه زَكَاة ذَلِك المَال وَإِن قَالَ لَا سلم إِلَيْهِ
وَكَانَ مَالك لَا يُعجبهُ أَن ينصب لهَذِهِ المكوس أحدا
وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْوَالِي عدلا لم يسع الرجل أَن يفرق زَكَاة مَاله الناض وَلَا غير ذَلِك وَلَكِن يدْفع زَكَاة مَاله الناض إِلَى الإِمَام وَأما مَا كَانَ من الْمَاشِيَة وَمَا أنبتت الأَرْض فَإِن الإِمَام يبْعَث فِي ذَلِك
وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَو كَانَ بَين رجلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاة ولأحدهما بِبَلَد آخر أَرْبَعُونَ شَاة أَخذ الْمُصدق من الشَّرِيكَيْنِ شَاة ثَلَاثَة أرباعها من صَاحب الْأَرْبَعين وربعها من الَّذِي لَهُ عشرُون لِأَنِّي أضم مَال كل رجل إِلَى مَاله

(1/440)


431 - فِيمَن يمر على الْعَاشِر بالفواكه

قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَأْخُذ الْعَاشِر من الْفَوَاكِه وَمَا يبْقى شَيْئا وَإِن كَانَ للتِّجَارَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ يُؤْخَذ مِنْهُ
432 - فِي هبة الدّين هَل يجزىء من الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ مُعسرا فَتصدق عَلَيْهِ أَو وهب لَهُ مَا عَلَيْهِ من الدّين سَقَطت زَكَاته وَإِن كَانَ من عَلَيْهِ ذَلِك غَنِيا لم يجزه وَلَا يجزىء عَن دين عَلَيْهِ لم يَهبهُ وَإِنَّمَا تسْقط عَن زَكَاة الْمَوْهُوب حسب
وَقَالَ ملك لَا يُعجبنِي ذَلِك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الثَّوْريّ يضمن زَكَاته
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا أرى أَن يفعل ذَلِك
وَقَالَ ابْن وهب سُئِلَ اللَّيْث عَن الرجل تحل عَلَيْهِ الزَّكَاة وَله على رجل مُحْتَاج مستوجب الصَّدَقَة دين فَيجْعَل دينه ذَلِك فِي زَكَاته لغريمه وَقَالَ اللَّيْث يضع عَنهُ من زَكَاته بعضه وَيقسم مَا سوى ذَلِك على أهل السهْمَان إِلَّا أَن تكون زَكَاة مَاله كَبِيرَة يعم السهْمَان ويستوجب مثل الَّذِي كَانَ قاسما لغيره فَيَضَع ذَلِك عَنهُ قَالَ إِلَّا أَن يكون الَّذِي عَلَيْهِ قد أيس مِنْهُ فَيَضَع عَنهُ بِقدر الَّذِي عَلَيْهِ من الدّين
قَالَ أَبُو جَعْفَر أجَاز صَدَقَة الدّين عَن مَاله الْعين وَلم نجد هَذَا عَن أحد

(1/441)


الْفُقَهَاء غير الْحسن الْبَصْرِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي لِأَنَّهُ يَجْعَل الدُّيُون المأمونة كالودائع
433 - فِيمَن يَمُوت وَعَلِيهِ زَكَاة مَاله

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك فِي رِوَايَة ابْن وهب وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ رِوَايَة وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث رِوَايَة وَعبيد الله بن الْحسن إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ زَكَاة مَاله إِن ورثته لَا يجبرون عَلَيْهِ وَلَا يلْزمهُم إخْرَاجهَا وَإِن فَعَلُوهُ فَهُوَ أفضل وَإِن وصّى الْمَيِّت بهَا فَهُوَ من الثُّلُث
وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يخرج من رَأس المَال وَلَا يكون من الثُّلُث وَلَو كَانَت لَهُ مَاشِيَة تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فَمَاتَتْ فجَاء السَّاعِي لم يَأْخُذ وَلَكِن على الْوَرَثَة أَن يقوموها وَلَيْسَت الْمَاشِيَة كالدنانير وَلَو وَجَبت فِيهَا الزَّكَاة ثمَّ مَاتَ لم يجب على الْوَرَثَة إخْرَاجهَا إِلَّا أَن يتطوعوا أَو يُوصي بِهِ الْمَيِّت فَإِن أوصى بِهِ كَانَ فِي ثلثه على الْوَصَايَا
وروى عَن الْأَوْزَاعِيّ أَن الزَّكَاة الْوَاجِبَة فِي الْحَيَاة تُؤْخَذ من مَال الْمَيِّت
وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمَرِيض يحل عَلَيْهِ الزَّكَاة فيريد إخْرَاجهَا فَإِنَّهُ يُخرجهَا من جملَة مَاله إِذا كَانَ الشَّهْر الَّذِي يخرج فِيهِ زَكَاته فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فَإِنَّهُ يبْدَأ بِدِينِهِ ثمَّ تكون الزَّكَاة بعد الدّين وَإِذا وصّى بِزَكَاة مَاله فَإِنَّهَا لَا تكون إِلَّا من الثُّلُث وَزَكَاة الْمَاشِيَة من راس المَال
وَقَالَ الشَّافِعِي يبْدَأ بِالزَّكَاةِ على الدّين ثمَّ يكون مَا بَقِي دين الْغُرَمَاء
434 - فِي الأَرْض تَسْقِي مرّة سيحا وَمرَّة بدالية

قَالَ أَصْحَابنَا ينظر إِلَى الْأَغْلَب فيزكي بِهِ وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا سواهُ

(1/442)


وَكَانَ بكار بن قتيبه ينظر إِلَى مَا سقيت بالنيل وَمَا سقيت بالسواقي فَيجْعَل زَكَاة كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِكْمَة وَلَا ينظر إِلَى الْأَغْلَب
وَقَالَ مَالك ينظر إِلَى مَا تمّ بِهِ الزَّرْع فيزكى عَلَيْهِ على الْعشْر أَو نصف الْعشْر فَأَي ذَلِك كَانَ أَكثر سقيه فَإِنَّهُ يُزكي عَلَيْهِ هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم
وروى ابْن وهب عَن مَالك أَنه إِذا اسقى نصف سنة بالعيون ثمَّ انْقَطَعت بَقِيَّة السّنة بالناضح فَإِن عَلَيْهِ نصف زَكَاته عشرا وَالنّصف الآخر نصف الْعشْر
وَقَالَ مرّة أُخْرَى زَكَاته بِالَّذِي تمت فِيهِ حَيَاته
وَقَالَ الشَّافِعِي يُزكي كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحِسَاب
قَالَ أَبُو جَعْفَر اتّفق الْجَمِيع على أَنه لَو سقَاهُ مَاء الْمَطَر يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ لَا إعتبار بِهِ وَلَا يكون لَهُ حِصَّته فَثَبت أَن الإعتبار بالأغلب
435 - فِي عشر الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة

قَالَ أَبُو حنيفَة الْعشْر على الْمُؤَجّر وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ الْعشْر على الْمُسْتَأْجر إِذا كَانَت أَرض عشر
436 - هَل يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَجْتَمِعَانِ

(1/443)


وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَشريك وَالشَّافِعِيّ إِذا كَانَت أَرض خراج فَعَلَيهِ الْعشْر فِي الْخَارِج وَالْخَرَاج فِي الأَرْض
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقطته السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالناضح نصف الْعشْر وَذَلِكَ إِخْبَار بِالْوَاجِبِ فِي كل مِنْهُمَا وَلَو وَجب الْخراج مَعَ ذَلِك لَكَانَ بعض الْوَاجِب لِأَن الْخراج قد يكون مشاطرة وَقد يكون قَفِيزا ودرهما وَأَيْضًا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها مَعْنَاهُ سيمنع
وَلَو كَانَ الْعشْر وَاجِبا فِيمَا زرع فِي أَرض الْخراج لإستمال أَن يكون الْخراج مَمْنُوعًا مِنْهُ وَالْعشر غير مَمْنُوع لِأَن من منع الْخراج بجحوده مَا عَلَيْهِ فِي ذمَّته كَانَ للعشر أمنع وَفِي تَركه ذكر الْعشْر دلَالَة على أَن لَا عشر فِي أَرض الْخراج
وَرُوِيَ أَن دهقانه نهر الْملك أسلمت فَكتب عمر أَن يُؤْخَذ مِنْهَا الْخراج إِن اخْتَارَتْ أرْضهَا
وَلَو كَانَ الْعشْر مَعَ ذَلِك وَاجِبا لما أخر وَلم يُخَالِفهُ أحد من الصَّحَابَة

(1/444)


437 - الزَّكَاة فِيمَا يلتقطه

قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم مُخَالفا فِي هَذَا أَن لَا زَكَاة فِيمَا يلتقطه من الزَّرْع غير الْأَوْزَاعِيّ فَإِنَّهُ قَالَ إِذا اجْتمع عِنْده خَمْسَة أوسق فعلَيْهَا الْعشْر فَإِنَّهَا غلَّة
وَقَالَ مَالك لَا شَيْء فِيهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو من أَن يكون مُبَاحا فِي الأَصْل لَا ملك عَلَيْهِ لأحد وَمَعْلُوم أَنه لم يكن ملكا قبل أَخذه قبل أَخذه فَكَذَلِك بعد أَخذه وَإِن كَانَ ملكا فأباحه مَالِكه فَهُوَ بِمَنْزِلَة من وهب ذَلِك لرجل فَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء
438 - إِذا أخرج الزَّرْع مرَارًا فِي السّنة هَل يضمه فِي كَمَال الأوساق أم لَا

قَالَ أَبُو جَعْفَر الَّذِي يدل عَلَيْهِ مَذْهَب أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَنه لَا يضيف مَا زرعه فِي هَذِه الأَرْض إِلَى مَا زرعه فِيهَا بعده أَو فِي غَيرهَا وَإِنَّمَا يضم مَا زرع فِي وَقت وَاحِد فيكمل بِهِ الأوساق
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يضم بعضه إِلَى بعض فَإِن زرع بعضه بعد حصاد الآخر

(1/445)


وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا زرع فِي السّنة ثَلَاث مَرَّات فِي ربيع وخريف وصيف فَفِيهَا أقاويل
مِنْهَا أَنه زرع وَاحِد إِذا زرع فِي سنة وَاحِدَة وَإِن أدْرك بعضه فِي غَيرهَا
وَمِنْهَا أَنه يضم مَا أدْرك فِي سنة وَاحِدَة وَمَا أدْرك فِي السّنة الْأُخْرَى ضم إِلَى مَا أدْرك فِي الْأُخْرَى
وَمِنْهَا أَنَّهَا مُخْتَلفَة لَا تضم
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه إِذا كَانَ بَين الزرعين أَكثر من حول أَنه لَا يضم فَوَجَبَ أَن لَا يضم فِي قَلِيل الْمدَّة أَيْضا
439 - فِيمَن بَاعَ زرعه

قَالَ أَبُو حنيفَة إِن بَاعه قصيلا فقصله المُشْتَرِي فالعشر على البَائِع وَإِن تَركه حَتَّى صَار حبا فَهُوَ على المُشْتَرِي
وَحكى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِيمَن بَاعَ قصيلا لَهُ قبل أَن يدْرك الْعشْر على البَائِع إِذا كَانَ ثمنه يبلغ خَمْسَة أوسق من أدون مَا يجب فِي مثله الْعشْر لِأَن أصل هَذَا فِيهِ الْعشْر
أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ نَخْلَة أسرا كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر
قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بعد هَذَا القَوْل خلاف هَذَا القَوْل
قَالَ إِن كَانَ الَّذِي بَاعَ من ذَلِك لَو تَركه يبلغ خَمْسَة أوسق فَعَلَيهِ الْعشْر إِذا بَاعه فَإِن كَانَ لَو تَركه لم يبلغ كَيْله خَمْسَة أوسق إِذا أدْركهُ فَلَا عشر عَلَيْهِ

(1/446)


وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ قد بدا صَلَاحه فالزكاة على البَائِع إِلَّا أَن يشترطها الْمُبْتَاع وَإِن لم يَبْدُو صَلَاحه فعلى الْمُبْتَاع
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ عنبه أَو زرعه قبل أَن يحصد فالزكاة فِي الثَّمر الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَإِن بَاعه قصيلا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا بَاعه بَعْدَمَا تؤمن العاهة فعلى البَائِع
وَقَالَ اللَّيْث يَأْخُذ الْمُصدق حَقه من الزَّرْع حَيْثُ وجده وَلَو بَاعَ الزَّرْع فالزكاة على البَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قطع ثَمَر نَخْلَة قبل أَن يحل بَيْعه لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ عشر قَالَ وَمن ملك ثَمَرَة نخل ملكا صَحِيحا قبل أَن يرى فِيهَا الصُّفْرَة أَو الْحمرَة فالزكاة على الآخر يزكيها حَيْثُ تزهي وَلَو اشْترى الثَّمَرَة بعد أَن يَبْدُو صَلَاحهَا فالعشر فِيهَا وَالْبيع مفسوخ
440 - فِيمَن لَهُ أرضان متفرقان هَل يضم

قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر
وَإِن كَانَتَا فِي مصرين قَالَا وَإِن كَانَت أَرض بَين رجلَيْنِ اعْتبر ملك كل وَاحِد على حِدة وَلَا تعْتَبر الشّركَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك فِي الشَّرِيكَيْنِ
وَقَالَ مَالك فِي الْمُسَاقَاة إِذا لم يخرج الْحَائِط إِلَّا خَمْسَة أوسق فالزكاة وَاجِبَة
وَلم يَجعله مثل الشَّرِيكَيْنِ وَقَوله فِي الْأَرْضين كَقَوْل أبي يُوسُف وَمُحَمّد

(1/447)


وَقَالَ الشَّافِعِي الزَّكَاة فِي الذَّهَب وَالْوَرق كالخلطاء فِي الْمَاشِيَة والحرث سَوَاء
441 - فِي الْعشْر فِي أَرض الْمكَاتب

قَالَ أَصْحَابنَا فِي أَرض الْمكَاتب الْعشْر
وَقَالَ مَالك لَا عشر فِي أَرض العَبْد وَالْمكَاتب وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ
وَقَالَ اللَّيْث إِذا ساقى الْمُسلم حَائِطا لِلنَّصْرَانِيِّ فالزكاة فِي الثَّمَرَة وَلَيْسَت فِي الْأَبدَان
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يصدق صَدَقَة الخلطاء أحد إِلَّا أَن يكون الخليطان مُسلمين قَائِما إِن خلط نَصْرَانِيّ مُسلما صَدَقَة الْمُنْفَرد
442 - فِي أَرض الْخراج أَو الْعشْر إِذا انْتقل الْملك فِيهَا

لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا إِذا كَانَت أَرض خراج فِي الأَصْل فَأسلم مَالِكهَا أَو بَاعهَا من مُسلم إِنَّهَا لَا ينْتَقل عَن الْخراج إِلَى الْعشْر
وَاخْتلفُوا فِي أَرض الْعشْر إِذا ملكهَا ذمِّي
فَقَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهِ الْخراج ثمَّ لَا ينْتَقل عَنهُ أبدا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ عشران فَإِن عَادَتْ إِلَى مُسلم فَعَلَيهِ عشر وَاحِد
وروى نَحوه عَن الْحسن وَعَطَاء وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن
وَقَالَ مُحَمَّد لَا ينْتَقل عَن الْعشْر إِلَى الْخراج بِملك الذِّمِّيّ إِيَّاهَا
وَقَالُوا جَمِيعًا فِي التغلبي إِذا اشْترى أَرض عشر فَعَلَيهِ عشران
وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي أَرض الْفَيْء وَأَرْض الصُّلْح إِذا أسلم صَاحبهَا

(1/448)


فَعَلَيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أرضه لَا يسْقطهُ إِسْلَامه وَإِنَّمَا جِزْيَة رَأسه
وَقَالَ مَالك فِي أَرض الصُّلْح أَن لصَاحِبهَا بيعهَا وَإِن أسلم سَقَطت عَنهُ جِزْيَة رَأسه وخارج أرضه وَله أرضه بِحَالهِ بعد إِسْلَامه بِغَيْر خراج قَالَ وَإِن اشْتَرَاهَا مُسلم فَلَا شَيْء على الْمُسلم فِيهَا وخراج الأَرْض كَمَا هُوَ على الذِّمِّيّ بعد البيع وَبيعه جَائِز
قَالَ وَمَا افْتتح عنْوَة فَإِنَّهُ يجوز بيع أرضه
قَالَ أَبُو جَعْفَر سَأَلت أَبَا خازم يذكر عَن مَالك بن أنس بِغَيْر إِسْنَاد ذكره فِي الْمُسلم يكون لَهُ أَرض عرش إِنَّه لَا يجوز بَيْعه من ذمِّي وإستحسنه أَبُو خازم إِنَّه لَو جَازَ بَيْعه بَطل الْعشْر الَّذِي هُوَ حق لله تَعَالَى فِي الْخَارِج مِنْهَا
وَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة عِنْد أَصْحَابنَا المصريين عِنْد مَالك
وَذكر أَحْمد بن حَنْبَل أَن مَالِكًا كَانَ يَقُول فِي أهل الذِّمَّة يمْنَعُونَ أَن يشتروا أَرض الْعشْر لأَنهم يذهبون بِالزَّكَاةِ إِذْ لَا زَكَاة عَلَيْهِم
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اشْترى الذِّمِّيّ أَرض عشر فَلَا خراج عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اسْلَمْ الذِّمِّيّ أدّى عَن أرضه مَا كَانَ يُؤَدِّيه قبل إِسْلَامه وَإِن اشْترى مُسلم أَرض خراج فَعَلَيهِ الْخراج وَالْعشر جَمِيعًا قَالَ وَمن أسلم من بني تغلب فأرضه أَرض عشر وَقَالَ فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرض عشر إِن كَانَ من بني تغلب فَعَلَيهِ الصَّدَقَة مضاعفة وَإِن كَانَ من غَيرهم من أهل الْعَهْد فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا خراج وَلَا عشر
وَقَالَ الشَّافِعِي من أسلم من أهل الذِّمَّة وضعت عَنهُ الْجِزْيَة فَإِن كَانَ من أهل الصُّلْح فَهُوَ أَحَق بأرضه وَمَا أسلم عَلَيْهِ لَهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَر اخْتلف حافظو قَول الشَّافِعِي فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرض عشر من مُسلم أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا زرع كَمَا لَو منحه مُسلم أَرضًا لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر

(1/449)


قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها يدل على أَنه إِذا وَجَبت لم يتَغَيَّر بإختلاف الْأَحْوَال فَلم يفرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ذَلِك
وروى عَن عمر فِي الَّذِي يسلم على أَرض الْخراج
وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ لَا تجْعَل لمُسلم فِي عُنُقك صغَارًا بشرَاء أَرض الْخراج
443 - فِيمَا يَأْكُلهُ من الثَّمَرَة هَل يحْسب عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمَالك وَالثَّوْري يحْسب عَلَيْهِ مَا أكله صَاحب الأَرْض
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا أكل صَاحب الأَرْض وَأطْعم جَاره وَصديقه أَخذ مِنْهُ عشر مَا بَقِي من الثلاثمائة الصَّاع الَّتِي فِيهَا الزَّكَاة لَا يُؤْخَذ مِنْهُ مِمَّا أكل أَو أطْعم فَلَو أكل الثلاثمائة الصَّاع أَو أطعمها لم يكن عَلَيْهِ عشر فَإِن بَقِي قَلِيل أَو كثير فَعَلَيهِ عشر مَا بَقِي أَو نصف الْعشْر
وَقَالَ اللَّيْث فِي زَكَاة الْحُبُوب بَدَأَ بهَا قبل النَّفَقَة وَمَا أكل من فريك هُوَ وَأَهله فَإِنَّهُ لَا يحْسب عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة الرطب الَّذِي يتْرك لأهل الْحَائِط يَأْكُلُون وَلَا يخرص عَلَيْهِم

(1/450)


وَقَالَ الشَّافِعِي يتْرك الخارص الْحَائِط مَا يَأْكُلهُ هُوَ وَأَهله لَا يخرصه عَلَيْهِ وَمن أكل من نخله وَهُوَ رطب لم يحْتَسب عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141 فأحتج لمن لم يحْتَسب الْمَأْكُول بِهَذِهِ الْآيَة وَيحْتَمل أَن يُرِيد إِبْرَاء حق الْجَمِيع الْمَأْكُول وَالْبَاقِي
وأحتجوا أَيْضا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالصَّلَاة إِذا خرصتم فدعوا الثُّلُث فَإِن لم تدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع
قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ مَا روى سهل بن أبي حثْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا حثْمَة خارصا فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أَبَا حثْمَة قد زَاد عَليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْن عمك يزْعم انك قد زِدْت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد تركت لَهُ قدر عرية أَهله وَمَا يطعم الْمَسَاكِين وَمَا يُصِيب الرّيح قَالَ قد زادك ابْن عمك وانصفك
والعرايا هِيَ الصَّدَقَة
فَأَما مَا يُؤْكَل رطبا فِي الْخرص فَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء ويخرص فِي الرطب تَمرا جافا وَالْعِنَب زبيبا فَإِذا بلغ خَمْسَة أوسق أَخذ مِنْهُ الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَإِن لم تبلغ خَمْسَة أوسق فِي الخرس لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء
وَقَالَ فِي آخر الْبَاب وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة فِي الْخرص لَا فِي الْمِقْدَار
وَقَالَ مَالك لَا يخرص من الثِّمَار إِلَّا النخيل وَالْأَعْنَاب فيخرص على

(1/451)


أَهله للتوسعة ثمَّ يخلى بَينهم وَبَين مَا يؤكلونه ثمَّ يؤدون الزَّكَاة على مَا يخرص عَلَيْهِم فَأَما مَا لَا يُؤْكَل رطبا إِنَّمَا يُؤْكَل بعد حصاد كالحبوب كلهَا فَإِنَّهَا لَا تخرص وَإِنَّمَا يخرص عَلَيْهِم فِيهِ الْأَمَانَة فَإِن أَصَابَت الثَّمَرَة جَائِحَة بعد الْخرص قبل أَن يجذوها أحاطت بالثمرة فَلَا شَيْء عَلَيْهِم فِيهِ وَإِن بَقِي من الثَّمَرَة مَا تبلغ خَمْسَة اوسق فَصَاعِدا أَخذ مِنْهُ
قَالَ مَالك إِذا خرصت الثَّمَرَة ثمَّ مَاتَ صَاحبهَا فَصَارَت للْوَرَثَة وَحِصَّة كل وَاحِد لَا تبلغ خَمْسَة أوسق فَفِيهَا الزَّكَاة لِأَنَّهَا إِذا خرصت فقد وَجَبت الصَّدَقَة فَإِن مَاتَ صَاحبهَا بعد مَا تزهى قبل أَن تخرص فَكَذَلِك أَيْضا فَإِن مَاتَ قبل الزهوا أعتبر مَالك كل وَاحِد من الْوَرَثَة أَن يكون لَهُ خَمْسَة أوسق
وَقَالَ الثَّوْريّ الْخرص غير مُسْتَعْمل وَإِنَّمَا على رب المَال أَن يُؤَدِّي عشر مَا يصير فِي يَده إِذا بلغ خَمْسَة أوسق
وَقَالَ اللَّيْث لَا يخرص إِلَّا الثَّمر وَالْعِنَب وَأَهله أُمَنَاء على مَا رَفَعُوهُ إِلَّا أَن يتهموا فينصب السُّلْطَان أُمَنَاء
قَالَ الشَّافِعِي يخرص النّخل وَالْعِنَب وَأَهله أُمَنَاء فِيهِ إِن إدعوا جَائِحَة قبل مِنْهُم فَإِن اتهموا استحلفوا
قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْخرص لَا يَجْعَل الثَّمر فِي ضَمَان أَهلهَا
وَحَدِيث عبد الله بن رَوَاحه فِي الْخرص فِيهِ أَنه كَانَ يخرصها عَلَيْهِم ثمَّ يضمنهم الشّطْر
فَدلَّ إتفاق الْفُقَهَاء على خِلَافه إِنَّه مَنْسُوخ

(1/452)


444 - فِي مِقْدَار مَا تخرجه الأَرْض وَمَا يجب فِيهِ الْعشْر

قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر فِي قَلِيل مَا تخرجه الأَرْض وَكَثِيره الْعشْر إِلَّا الْحَطب والقصب والحشيش وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء فِيمَا تخرجه الأَرْض إِلَّا مَا كَانَ لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة ثمَّ تجب فِيمَا تبلغ خَمْسَة أوسق وَلَا تجب فِيمَا دونه
وأعتبر مَالك وَابْن أبي ليلى وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ خَمْسَة أوسق
وَقَالَ مَالك الْحُبُوب الَّتِي فِيهَا الزَّكَاة الْحِنْطَة وَالشعِير والسلت والذرة والدخن والأرز والحمص والعدس والجلبان واللوبيا وَمَا أشبه ذَلِك من الْحُبُوب وَفِي الزَّيْتُون
وَقَالَ الثَّوْريّ وَابْن أبي ليلى لَيْسَ فِي شَيْء من الزَّرْع زَكَاة إِلَّا التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّمَا تجب فِيمَا ييبس ويقتات ويدخر مَأْكُولا وَلَا شَيْء فِي الزَّيْتُون لِأَنَّهُ إدام
قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان متشابها وَغير متشابه كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141
فأحتج الشَّافِعِي بِهَذِهِ الْآيَة فِي وجوب الزَّكَاة فِي الزَّرْع وَكَذَلِكَ مَالك فَدلَّ على أَن حكمهَا ثَابت عِنْدهم غير مَنْسُوخ فلزمهما إِيجَاب الزَّكَاة فِي الزَّيْتُون وَالرُّمَّان

(1/453)


445 - هَل تضم الْأَصْنَاف بَعْضهَا إِلَى بعض

قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَا تضم الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة بَعْضهَا إِلَى بعض فِي تَكْمِيل الْخَمْسَة أوسق
قَالَ مَالك يضم الْقَمْح وَالشعِير والسلت هَذِه الثَّلَاثَة الْأَشْيَاء يضم بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الصَّدَقَة والأرز إِلَى الدخن والقطاني والفول والعدس والحمص والجلبان وَمَا يعرفهُ النَّاس من القطاني فَإِذا بلغ جَمِيعه خَمْسَة أوسق أَخذ من كل وَاحِد بِحِصَّتِهِ
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يضم ذَلِك إِلَى غَيره على مَا حكيناه عَن مُحَمَّد بن الْحسن
وَذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث قَالَ السلت والذرة والدخن والأرز والقمح وَالشعِير صنف وَاحِد يضم بعضه إِلَى بعض وَيُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وَلَا يُبَاع صنف مِنْهُ بِالْآخرِ إِلَّا مثلا بِمثل يدا بيد
قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة
وَفِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة بيعوا الْبر بِالشَّعِيرِ يدا بيد كَيفَ شِئْتُم

(1/454)


446 - فِي مِقْدَار الصَّاع

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال بالعراقي
قَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَمَالك خَمْسَة أَرْطَال وَثلث
وَقَالَ شريك بن عبد الله أقل من ثَمَانِيَة أَرْطَال وَأكْثر من سَبْعَة
وَذكر عَن إِبْرَاهِيم ومُوسَى بن طَلْحَة أَن الْحَجَّاجِي صَاع عمر
447 - فِي تَعْجِيل الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة قبل الْحول بِمَا فِي يَده وَلما يستفيده فِي حوله وَبعده سِنِين وَإِذا كَانَ التَّعْجِيل فِي حَال حكم الْحول بَاقٍ فِيهِ
وَقَالَ زفر يجوز التَّعْجِيل عَمَّا فِي يَده وَلَا يجوز عَمَّا يستفيده
وَقَالَ أبن شبْرمَة يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة لِسنتَيْنِ
وَأَجَازَ أبن أبي ليلى وَالْحكم وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ تَعْجِيل الزَّكَاة قبل حُلُول الْحول
وَقَالَ مَالك لَا يجوز تَعْجِيلهَا قبل حُلُول الْحول إِلَّا بِشَيْء يسير
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة صَدَقَة الْفطر قبله بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ

(1/455)


قَالَ عبيد الله بن الْحسن يستحبون تَعْجِيل صَدَقَة الْفطر قبله بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ
قَالَ أَبُو جَعْفَر الزَّكَاة مُخَالفَة للصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْحج لِأَن هَذِه الْعِبَادَات مُؤَقَّتَة يَسْتَوِي النَّاس كلهم فِي وَقتهَا وَلَيْسَت الزَّكَاة محصورة بِوَقْت يتساوى النَّاس فِيهِ وَإِنَّمَا رخص لَهُ فِي التَّأْخِير فَإِذا عجله جَازَ كالديون المؤجلة إِذا عجلها
448 - مَا يجب فِي الْعَسَل

قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ فِيهِ الْعشْر إِن كَانَ فِي أَرض الْعشْر
وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء فِيهِ
قَالَ وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَعَن عمر
فَإِن قيل فقد رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كَانَ لَا يرى فِيهِ شَيْئا وَهُوَ كَانَ لَا يعْمل فِي ذَلِك إِلَّا بمشاورة عُلَمَاء عصره
قيل لَهُ قد رَجَعَ عَن ذَلِك وَأخذ مِنْهُ الْعشْر حِين كشف عَن ذَلِك
وَقد ثَبت عِنْده مَا رُوِيَ فِيهِ

(1/456)


وروى ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب انه قَالَ بَلغنِي أَن فِي الْعَسَل الْعشْر
قَالَ ابْن وهب أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث عَن يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة بذلك
وَقَالَ يحيى أَنه سمع من أدْرك يَقُول الْعشْر فِي كل عَام بذلك مَضَت السّنة
449 - فِي خمس الْمَعَادِن

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والنحاس والرصاص الْخمس
وَقَالَ أَبُو يُوسُف قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الزَّيْتُون شَيْء فَلم أزل بِهِ حَتَّى قَالَ فِيهِ الْخمس مثل الرصاص فبلغني بعد أَنه لَيْسَ كَذَلِك فلست أرى فِيهِ شَيْئا وَهُوَ كالقير والنفط
وَقَالَ مَالك لَا شَيْء فِيمَا يخرج من الْمَعَادِن من ذهب وَفِضة حَتَّى يكون عشْرين مِثْقَالا وَالْفِضَّة خمس أَوَاقٍ فَتجب فِيهَا الزَّكَاة مَكَانَهُ وَمَا زَاد بِحِسَابِهِ مَا دَامَ فِي الْمَعَادِن تسييل فَإِن انْقَطع ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك فَإِنَّهُ يبتدأ فِيهِ الزَّكَاة مَكَانَهُ
والمعدن بِمَنْزِلَة الزَّرْع لَا ينْتَظر بِهِ حول
وَإِن وجد الذَّهَب والقصة فِي الْمَعْدن فِي أَرض الْعَرَب والعجم سَوَاء
وَقَالَ فِي الْمَعْدن فِي أَرض الصُّلْح إِذا ظهر فَهُوَ لأَهْلهَا وَلَهُم أَن يمنعوا النَّاس أَن يعملوا فِيهَا وَلَهُم أَن يأذنوا لَهُم مَا يصالحون عَلَيْهِ وَالْخمس وَغَيره

(1/457)


وَفِيمَا أفْتَتح عنوه فَهُوَ إِلَى السُّلْطَان يصنع فِيهِ مَا شَاءَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي ذهب الْمَعْدن الْخمس وَفِي الْفضة الْخمس وَلَا شَيْء فِي غَيرهمَا
وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا يخرج من الْمَعَادِن لَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول بِمَنْزِلَة الْفَائِدَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَا حَكَاهُ الْمُزنِيّ
وَقَالَ اللَّيْث وَمَا لم يكن فِيهِ مؤنه فَفِيهِ الْخمس
قَالَ فَإِن احْتج موجبو الزَّكَاة بِحَدِيث ربيعَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع بِلَال بن الْحَارِث معادن الْقَبِيلَة فَتلك الْمَعَادِن لَا يُؤْخَذ مِنْهَا إِلَى الْيَوْم إِلَّا الزَّكَاة بِمَا روى أَبُو سعيد أَن عليا بعث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذهبة فِي تربَتهَا فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْأَقْرَع بن حَابِس وعيينه بن بدر وَزيد الْخَيل وعلقمة بن علاثه
وَقَالَ هَؤُلَاءِ من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَإِنَّمَا حَقهم فِي الصَّدَقَة
فَيُقَال أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أعْطى هَؤُلَاءِ من غَنَائِم حنين وهم الْمُؤَلّفَة
وعَلى أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن على الصَّدَقَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يسْتَعْمل على الصَّدَقَة أحدا من بني هَاشم

(1/458)


وَقَالَ هِيَ غسالة ذنُوب النَّاس فَدلَّ على أَنه كَانَ من خمس الْمَعَادِن
450 - فِي حكم الرِّكَاز

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي الرِّكَاز فِي الدَّار الَّذِي أحيط لصَاحب الخطة وَفِيه الْخمس وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ للَّذي وجده وَفِيه الْخمس للواجد وَإِن كَانَ وجده فِي فلاة فَهُوَ للواجد فِي قَوْلهم وَفِيه الْخمس وَله أَن يُعْطي الْخمس الْمَسَاكِين وَإِن كَانَ مُحْتَاجا جَازَ أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ
والركاز من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَغَيرهمَا مِمَّا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة
وَقَالَ مَالك الرِّكَاز فِي أَرض الْعَرَب للواجد وَفِيه الْخمس وَهُوَ مَا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة قَالَ وَمَا وجد من ذَلِك فِي أَرض الصُّلْح فَإِنَّهُ لأهل تِلْكَ الْبِلَاد وَلَا شَيْء للواجد وَمَا يُوجد فِي أَرض العنوة فَهُوَ لجَماعَة مُسْلِمِي تِلْكَ الْبِلَاد الَّتِي أفتتحها وَلَيْسَ لمن أَصَابَهُ دونهم فَيُؤْخَذ مِنْهُ الْخمس
وَكَانَ مَالك يَقُول فِي الْعرُوض والجوهر وَالْحَدِيد والرصاص وَنَحْوه

(1/459)


يُوجد ركازا إِن فِيهِ الْخمس ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أَدْرِي فِيهِ شَيْئا ثمَّ آخر مَا فارقناه عَلَيْهِ أَن قَالَ فِيهِ الْخمس
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرِّكَاز يُوجد فِي الدَّار أَنه للواجد وَفِيه الْخمس فَأكْثر وَمَا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي الرِّكَاز دفن الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهَا فِيهِ الْخمس وَسَوَاء وجده فِي أَرض عنوه أَو صلح بعد أَن لَا يكون فِي ملك أحد فَإِن وجده فِي ملك غَيره فَهُوَ لَهُ وَإِن إدعاه لِأَنَّهُ قد يجده ثمَّ يدفنه وَإِن لم يَدعه فَهُوَ للواجد وَفِيه الْخمس
قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق بَين الأَرْض المغنومة وَالصُّلْح وَغَيرهمَا لِأَن الْغَانِمين لم يملكُوا الرِّكَاز كَمَا أَن مَالك أَرض الْعَرَب لَا يملك مَا فِيهَا من الرِّكَاز وَإنَّهُ للواجد
فِي أَحْكَام بني تغلب

قَالَ أَصْحَابنَا يُضَاعف عَلَيْهِم الْحُقُوق الَّتِي تُؤْخَذ من الْمُسلمين من أَمْوَالهم
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ كَذَا وَقَالَ زفر لَا شَيْء على نسَاء بني تغلب فِي أَمْوَالهم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَلم يحفظ عَن مَالك فِي هَذَا شَيْء
وَقَالَ مَالك فِي النَّصْرَانِي إِذا أعْتقهُ الْمُسلم لَا جِزْيَة عَلَيْهِ وَلَو جعلت عَلَيْهِ

(1/460)


الْجِزْيَة لَكَانَ الْعتْق قد أضرّ بِهِ وَلم يَنْفَعهُ شَيْئا
وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن السفاح بن مطر عَن دَاوُد بن كرْدُوس عَن عبَادَة بن النُّعْمَان التغلبي أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بني تغلب قد علمت شوكتهم وَإِنَّهُم بأزاء الْعَدو فَإِن ظاهروا عَلَيْك الْعَدو اشتدت مؤنتهم فَإِن رَأَيْت أَن تعطيهم شَيْئا فَصَالحهُمْ على أَن لَا يغمسوا أحدا من أَوْلَادهم فِي النَّصْرَانِيَّة وتضاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة
قَالَ عبَادَة يَقُول قد فعلوا فَلَا عهد لَهُم
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذِه الرِّوَايَة مَشْهُورَة عَن الْكُوفِيّين مستفيضة يَسْتَغْنِي عَن طلب الْإِسْنَاد
452 - فِيمَا يسْتَخْرج من الْبَحْر

قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤ وَلَا فِي العنبر شَيْء وَهُوَ قَول مَالك وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث
وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي العنبر واللؤلؤ وكل حلية تخرج من الْبَحْر فَفِيهِ الْخمس
وروى سُفْيَان أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ يُخَمّس العنبر
قَالَ أَبُو يُوسُف حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار عَن

(1/461)


طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر بن الْخطاب اسْتعْمل يعلى بن منية على الْيمن فَكتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن عنبره وجدت على سَاحل الْبَحْر فَكتب إِلَيْهِ أَنَّهَا سلبة من سلب الله تَعَالَى فِيهَا وَفِي كل مَا يسْتَخْرج من حلية الْبَحْر الْخمس
قَالَ أبن عَبَّاس وَهَذَا رَأْي
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا لَا يثبت عَن عمر وَلَا عَن ابْن عَبَّاس بل قد روى سُفْيَان عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن العنبر هَل فِيهِ صَدَقَة فَقَالَ إِن كَانَ فِيهِ شَيْء فَفِيهِ الْخمس وروى سُفْيَان عَن عَمْرو عَن أذينة قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ العنبر بركاز إِنَّمَا هُوَ شَيْء دسره الْبَحْر
453 - فِي مِقْدَار مَا يعشر الْعَاشِر

قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ على أهل الذِّمَّة فِي أَمْوَالهم شَيْء إِلَّا مَا اخْتلفُوا بِهِ فِي تِجَارَتهمْ فَإِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ نصف الْعشْر إِذا كَانَ مَعَه مِائَتي دِرْهَم وَإِن أَخذ مِنْهُ لم يُؤْخَذ مِنْهُ إِلَى الْحول وَذَلِكَ إِذا كَانَ قد حَال عَلَيْهِ الْحول عِنْده وَيُؤْخَذ من الْمُسلم ربع الْعشْر زَكَاة مَاله الْوَاجِبَة وَمن الْحَرْبِيّ الْعشْر إِلَّا أَن يكون أهل الْحَرْب يَأْخُذُونَ منا أقل من ذَلِك فَيُؤْخَذ مِنْهُ مَا يَأْخُذُونَ منا فَإِن لم يَأْخُذُوا منا لم نَأْخُذ مِنْهُم

(1/462)


وَقَالَ مَالك فِي الذِّمِّيّ إِذا خرج بمتاع إِلَى الْمَدِينَة فَبَاعَهُ بِأَقَلّ من مِائَتي دِرْهَم فَإِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر وَيُؤْخَذ مِنْهُ مِمَّا قل أَو كثر وَالنَّصْرَانِيّ إِذا اتّجر فِي بِلَاده من أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَله وَلم يخرج مِنْهُ إِلَى غَيره لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء فَإِن خرج مِنْهُ إِلَى غَيره لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء حَتَّى يَبِيع وَإِن رد مَتَاعه وَلم يَبِعْهُ لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء وَإِن اشْترى فِي الْبَلَد الَّذِي يدْخلهُ بِمَال ناض مَعَه أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَإِن أَقَامَ عِنْدهم سِنِين بعد الَّذِي أخذُوا مِنْهُ يَبِيع وَيَشْتَرِي لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَيُؤْخَذ من عبيد أهل الذِّمَّة كَمَا يُؤْخَذ من ساداتهم
وروى الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ قَالَ إِذا مر الذِّمِّيّ بِشَيْء للتِّجَارَة فَخذ مِنْهُ نصف الْعشْر إِن كَانَ يبلغ مِائَتي دِرْهَم وَإِن أقل من ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وروى أَبُو أُسَامَة عَنهُ قَالَ يُؤْخَذ من الذِّمِّيّ من كل مائَة خَمْسَة دَرَاهِم فَإِن نقصت الدَّرَاهِم من الْمِائَة فَلَيْسَ عَلَيْهِم فِيهَا شَيْء وَيُؤْخَذ مِمَّن لَا ذمَّة لَهُ من أهل الْحَرْب من كل خمسين دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم فَإِن نقصت من الْخمسين لم يُؤْخَذ مِنْهُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي النَّصْرَانِي إِذا اتّجر بِمَالِه فِي غير افقه أَخذ مِنْهُ حق مَاله وَإِن أَقَامَ بتجارته لَا يخرج يَبِيع وَيَشْتَرِي لم يُؤْخَذ مِنْهُ فِيهِ زَكَاة إِنَّمَا عَلَيْهِ جزيته
وَقَول الْحسن بن حَيّ كَقَوْل أَصْحَابنَا فِي اعْتِبَار النّصاب والحول والمقدار فِي الْحَرْبِيّ وَالذِّمِّيّ وَالْمُسلم
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يتْرك أهل الْحَرْب أَن يدخلُوا دَار الْإِسْلَام إِلَّا بِأَمَان وَيشْتَرط أَن يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر أَو أقل أَو أَكثر وَإِن لم يكن عَلَيْهِم شَرط لم يُؤْخَذ مِنْهُم شَيْء سَوَاء كَانُوا يعشرُونَ الْمُسلمين أَو لَا يعشرُونَ أَو يخمسوهم وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم فِي السّنة إِلَّا مرّة كالجزية وَقَالَ يُؤْخَذ مِنْهُم مَا أَخذ عمر بن الْخطاب من الْمُسلم ربع الْعشْر وَمن الذِّمِّيّ نصف الْعشْر وَمن الْحَرْبِيّ الْعشْر اتبَاعا لعمر على مَا أَخذه

(1/463)


قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذهب مَالك فِي إِيجَابه الْعشْر كَامِلا على الذِّمِّيّ إِلَى مَا رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ كنت غُلَاما مَعَ عبد الله بن عتبَة على سوق فِي الْمَدِينَة فِي زمن عمر بن الْخطاب فَكَانَ يَأْخُذ من القبط الْعشْر
وَقد روى هَذَا الحَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب وَقَالَ فِيهِ كَانَ يَأْخُذ من أهل الذِّمَّة أَنْصَاف عشور أَمْوَالهم فَاخْتلف ملك وَمعمر فِي ذَلِك وَقد روى أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك عَن عمر أَنه كَانَ يُؤْخَذ من الْمُسلمين ربع الْعشْر وَمن أهل الذِّمَّة نصف الْعشْر وَمِمَّنْ لَا ذمَّة لَهُ الْعشْر قلت من لَا ذمَّة لَهُ قَالَ الرّوم كَانُوا يقدمُونَ من الشَّام
وروى شُعْبَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم عَن زِيَاد بن حدير أَن عمر بن الْخطاب أمره أَن يَأْخُذ من نَصَارَى بني تغلب الْعشْر وَمن نَصَارَى أهل الْكتاب نصف الْعشْر
فَثَبت بذلك مَا رَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب عَن عمر
وَقد روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يَأْخُذ من النبط من الْحِنْطَة وَالزَّيْت نصف الْعشْر يُرِيد بذلك أَن يكثر الْحمل إِلَى الْمَدِينَة ويأذ من القطنية الْعشْر
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون نبطا حربيين ليُوَافق سَائِر مَا رُوِيَ عَنهُ وَقد روى ابْن أبي ذِئْب عَن عبد الرَّحْمَن بن حمدَان أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَى أَيُّوب بن شُرَحْبِيل أَن خُذ من الْمُسلمين من كل أَرْبَعِينَ دِينَارا دِينَارا وَمن أهل الْكتاب من كل عشْرين دِينَارا دِينَارا إِذا كَانُوا يريدونها ثمَّ لَا تَأْخُذ

(1/464)


مِنْهُم شَيْئا إِلَى رَأس الْحول فَإِنِّي سَمِعت ذَلِك مِمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك
فَإِن قيل قد روى سُفْيَان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن حَرْب بن عبيد الله الثَّقَفِيّ عَن خَال لَهُ من بكر بن وَائِل قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن الْإِبِل وَالْغنم أعشرهن قَالَ إِنَّمَا العشور على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ على الْمُسلمين فَذكر العشور لَا تصافها
قيل لَهُ يحْتَمل الْيَهُود وَالنَّصَارَى من الْحَرْبِيين
قَالَ وَإِنَّمَا ذهب أَصْحَابنَا فِي اعْتِبَار مَا يُؤْخَذ من الْحَرْبِيّ بِمَا يَأْخُذُونَ منا بِمَا روى ابْن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح أَن عمر سَأَلَ الْمُسلمين الَّذين يدْخلُونَ أَرض الْحَبَشَة كَيفَ يصنعون بكم إِذا دَخَلْتُم أَرضهم قَالَ يَأْخُذُونَ منا عشر مَا بعنا قَالَ فَخُذُوا مِنْهُم مثل مَا يَأْخُذُونَ مِنْكُم
وروى روح بن عبَادَة عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن خَالِد عَن عبد الرَّحْمَن بن معقل عَن زِيَاد بن حدير قَالَ قلت من تعشرون
قَالَ مَا كُنَّا نَعْشِرُ معاهدا وَلَا مُسلما قلت من كُنْتُم تعشرون
قَالَ تجار أهل الْحَرْب كَمَا يعشرونا
وروى عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح قَالَ

(1/465)


قَالَ عمر كم يَأْخُذُونَ مِنْكُم قَالُوا الْعشْر قَالَ خُذُوا مِنْهُم كَمَا يَأْخُذُونَ مِنْكُم
فاستفاض ذَلِك عَن عمر وَظهر كظهور أَخذه من الْمُسلم وَالذِّمِّيّ من غير خلاف من أحد من الصَّحَابَة
454 - فِي وَقت وجوب صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا تجب بِطُلُوع الْفجْر من يَوْم الْفطر
وَقَالَ مَالك من أسلم يَوْم الْفطر فَعَلَيهِ صَدَقَة الْفطر وَكَذَلِكَ إِن ولد لَهُ ولد يَوْم الْفطر أَو ملك عبيدا فَإِن مَاتُوا بعد ذَلِك لم تسْقط عَنهُ صَدَقَة الْفطر وَإِن مَاتَ العَبْد لَيْلَة الْفطر قبل طُلُوع الْفجْر فعلى الْمولى صَدَقَة الْفطر عَنهُ وَإِن بَاعه يَوْم الْفطر فعلى البَائِع
وروى أَشهب عَن مَالك أَن الْفطْرَة تجب بغروب الشَّمْس من لَيْلَة الْفطر
وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ابْتَاعَ عبدا بعد هِلَال شَوَّال فالصدقة على الَّذِي بَاعه
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من أدْرك لَيْلَة الْفطر فَعَلَيهِ
وَقَالَ اللَّيْث فِي النَّصْرَانِي إِذا أسلم يَوْم الْفطر والمولود بعد صَلَاة الْفطر مثل قَول مَالك أَنه يُزكي زَكَاة الْفطر وَلَا يرَاهُ على النَّصْرَانِي وَاخْتَارَ إِذا أسلم فَقَالَ وَأحب إِلَى أَن يفعل
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا أفطر وَلَيْسَ يملك مَا يعْطى صَدَقَة الْفطر ثمَّ أيسر بعد ذَلِك اسْتحبَّ أَن يُعْطِيهَا مَا دَامَ النَّاس فِي وَقت مِنْهَا فَسَأَلته عَن وَقت ذَلِك فَرَأى الْوَقْت أَن يقسم مَا يجمع مِنْهُ حَيْثُ يجمع النَّاس صدقتهم
وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّمَا يجب على الرجل أَن يُزكي زَكَاة الْفطر عَمَّن كَانَ عِنْده

(1/466)


مِنْهُم فِي شَيْء من نَهَار أَو يَوْم من شهر رَمَضَان وَغَابَتْ الشَّمْس لَيْلَة شَوَّال فيزكي وَإِن مَاتَ من ليلته وَإِن ولد لَهُ بَعْدَمَا غَابَتْ الشَّمْس ولدا أَو ملك عبدا فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي ذَلِك
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بِزَكَاة الْفطر أَن تُؤَدّى قبل أَن يخرج النَّاس إِلَى الْمصلى فَدلَّ على أَن أول أَوْقَات أَدَائِهَا قبل صَلَاة الْفجْر لِأَن تَعْجِيل الْأَشْيَاء الَّتِي تفعل فِي أَوْقَات خَاصَّة أفضل من تَأْخِيرهَا فَإِن كَانَ مَا بعد رُؤْيَة هِلَال شَوَّال وقتا لآدائها لَكَانَ الْأَمر من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأدائها يكون فِيهِ لَا فِيمَا بعده فَوَجَبَ أَن يكون وَقت وُجُوبهَا طُلُوع الْفجْر من يَوْم الْفطر
فَإِن قيل فِي حَدِيث ابْن عمر فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر من رَمَضَان فَوَجَبَ أَن يكون الْوَقْت غرُوب الشَّمْس
قيل لَهُ المُرَاد الْفطر من الْوَقْت الَّذِي كَانَ يَصُوم فِيهِ كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صِيَام يَوْمَيْنِ يَوْم فطركم من صِيَامكُمْ وَيَوْم تَأْكُلُونَ فِيهِ من نسككم
وَلَيْسَ صَدَقَة الْفطر كَيَوْم النَّحْر لِأَن النَّحْر لآخره وَقت مَعْلُوم وَوُجُوب صَدَقَة الْفطر لَيْسَ لَهُ وَقت وَاحِد وَهُوَ طُلُوع الْفجْر فَلذَلِك اخْتلفَا

(1/467)


455 - فِي الْأَعْرَاب هَل عَلَيْهِم صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الْأَعْرَاب وَأهل الْأَمْصَار فِي ذَلِك سَوَاء
وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ على أهل العمود زَكَاة الْفطر
وَيجوز أَن يَقُول الْعمد أَصْحَاب المظال والأخصاص فَإِن رأى على أهل الْقرى أَن يلقوها فِي مَسْجِدهمْ وَيكون رجل مِنْهُم يقسمها على مساكينهم
قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأَعْرَاب وَغَيرهم فِي فرض الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحج سَوَاء كَذَلِك فِي صَدَقَة الْفطر
456 - فِي الْفَقِير هَل تجب عَلَيْهِ صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجب عَلَيْهِ
قَالَ روى مَالك أَن عَلَيْهِ صَدَقَة الْفطر لفقره فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن نَفسه
قَالَ الْحسن بن زِيَاد فِي الْفَقِير إِذا أَخذ صَدَقَة الْفطر أعْطى
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ عِنْده شَيْء أعْطى وَأخذ وَإِلَّا لم يسلم

(1/468)


وَقَالَ اللَّيْث من لم يكن عِنْده إِلَّا قوت يَوْمه فَلَيْسَ عَلَيْهِ
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا صَارَت فضلا عَن غذائه وعشائه فَعَلَيهِ أَن يُعْطي وَيَأْخُذ صَدَقَة الْفطر
وَقَالَ الشَّافِعِي من عِنْده قوته وقوت من يقوته يَوْمه وَمَا يُؤَدِّي زَكَاة الْفطر عَنهُ وعنهم فَعَلَيهِ أَن يُؤَدِّي فَإِن لم يكن عِنْده بعد الْقُوت إِلَّا مَا يُؤَدِّي عَن بَعضهم أدّى عَن بَعضهم وَإِن لم يكن عِنْده إِلَّا قوت يَوْم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
457 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن عبد العَبْد

قَالَ أَصْحَابنَا صَدَقَة الْفطر عَنْهُم جَمِيعًا على الْمولى
وَقَالَ مَالك الْأَمر الْمُجْتَمع عَلَيْهِ عندنَا أَنه لَيْسَ على الرجل فِي عبيد عبيده زَكَاة
وَقَالَ اللَّيْث يخرج عَن عبيد عبيده زَكَاة الْفطر فَلَا يُؤَدِّي عَن مَال عبد الزَّكَاة العَبْد لَا يملك
قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِثْبَات ملكه للْبَائِع دون العَبْد
فَإِن قيل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ عبدا وَله مَال قيل لَهُ كَقَوْلِه {لبيت العنكبوت} العنكبوت 41 وَقَوله {مَتَاعا لكم ولأنعامكم} عبس 32

(1/469)


وَلَيْسَت إِضَافَة ملك وَلَو كَانَ العَبْد يملك لما جَازَ للْمولى أَخذه مِنْهُ كَمَا لَو ملك الْبضْع وَالطَّلَاق لم يملكهُ الْمولى عَلَيْهِ
458 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن الْمكَاتب

قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن مكَاتبه
وَقَالَ مَالك على الْمولى أَن يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَلَا يُؤَدِّي الْمكَاتب عَن نَفسه
قَالَ نَافِع كَانَ ابْن عمر يُؤَدِّي عَن مَمْلُوكه وَلَا يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَلَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه وَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الإستحقاق كَسبه دون الْمولى وَيجوز أَن يعْطى الصَّدَقَة كَالْأَجْنَبِيِّ
وَيعْتَبر غنى الْمولى وَلَو كَانَ عبدا غير مكَاتب لم يُعْط الصَّدَقَة إِذا كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيا
459 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن الرَّهْن

قَالَ أَصْحَابنَا يُؤَدِّي الرَّاهِن إِذا كَانَ عِنْده وَفَاء بِالدّينِ وَفضل مِائَتي دِرْهَم وَإِن لم يكن عِنْده ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ
وَمذهب مَالك أَن عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي على الرَّاهِن أَن يُؤَدِّي

(1/470)


460 - فِي العَبْد الْغَصْب والآبق

قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْآبِق وَالْمَغْصُوب والمحجور لَيْسَ على الْمولى فِيهِ صَدَقَة الْفطر
روى أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة أَن عَلَيْهِ فِي الْآبِق صَدَقَة الْفطر
وَقَالَ زفر فِي الْمَغْصُوب صَدَقَة الْفطر
وَقَالَ مَالك إِن كَانَت غيبته قريبَة علمت حَيَاته أَو لم تعلم وَهُوَ يرتجي حَيَاته ورجعته فَإِنَّهُ يُزكي عَنهُ وَإِن كَانَت غيبته وإباقه قد طَال وأيس مِنْهُ فَلَا أرى أَن يُزكي عَنهُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا علم أَنه حَيّ أدّى عَنهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي يُؤَدِّي عَن الْمَغْصُوب وَالْغَائِب وَإِن لم يرج رجعتهم إِذا علم حياتهم
461 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي بيع الْخِيَار

قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ أَو المُشْتَرِي فَهِيَ على من يصير لَهُ العَبْد إِذا جَاءَ يَوْم الْفطر وَمُدَّة الْخِيَار بَاقِيَة
وَقَالَ زفر إِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فالصدقة على البَائِع فَسخه البَائِع أَو أَمْضَاهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع وأنفذ البيع فعلى البَائِع فَإِن كَانَ للْمُشْتَرِي فالزكاة على المُشْتَرِي وَإِن كَانَ الْخِيَار لَهما فعلى المُشْتَرِي

(1/471)


462 - فِي الْمَمْلُوك النَّصْرَانِي

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن عَبده الْكَافِر
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي إِلَّا عَن مُسلم
وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَعَطَاء وَعمر بن عبد الْعَزِيز أخرج صَدَقَة الْفطر عَن الْمَمْلُوك الْكَافِر
وروى عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فرسه صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر فِي الرَّقِيق فَلم يفرق بَين الْكَافِر وَالْمُسلم
463 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي مَال الصَّغِير عَنهُ

قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُؤَدِّي عَنهُ من مَال الصَّغِير إِلَّا أَن يتَطَوَّع بهَا من مَال نَفسه
وَقَالَ مُحَمَّد وَالثَّوْري وَزفر يُؤَدِّي الْأَب عَنهُ من مَاله نَفسه
قَالَ مُحَمَّد وَإِن أَدَّاهَا من مَال الصَّغِير ضمن

(1/472)


464 - فِيمَن يجب عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَنهُ

قَالَ أَصْحَابنَا يُؤَدِّي عَن وَلَده الصَّغِير وَعَبده وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن أَوْلَاده الْكِبَار
وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن ابْنَته مَا دَامَت فِي نَفَقَته حَتَّى إِذا تزوجت وَدخل بهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَنْهَا وعَلى الزَّوْج أَن يُؤَدِّي عَن امْرَأَته وَعَن خَادِم امْرَأَته الَّتِي لَا بُد لَهَا مِنْهُ وَيُؤَدِّي عَن أَبَوَيْهِ إِذا لَزِمته نفقتهما وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَن عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَمَّن تلْزمهُ نَفَقَته
وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن رَقِيق الْمَرْأَة وَلَا عَن أجِير إِذا كَانَت إِجَارَته مَعْلُومَة إِلَّا أَن يكون أجِير يضع يَده مَعَ يَده ويكسوه من غير إِجَارَة مَعْلُومَة ويزكي عَن أَبَوَيْهِ إِذا كَانَ يمونهما ويزكي عَن امْرَأَته
قَالَ أَبُو جَعْفَر الثَّابِت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه فرض صَدَقَة الْفطر عَن كل حر وَعبد وَذكر وَأُنْثَى صَغِير أَو كَبِير فقصر إِيجَابهَا عَلَيْهِم بِالْوَصْفِ الْمَذْكُور دون النَّفَقَة وَمَا وجدنَا شَيْئا من الْآثَار فِيهِ ذكر من يمونون إِلَّا شَيْئا حَدثنَا الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي عَن ابْن أبي يحيى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر على كل حر وَعبد ذكر وَأُنْثَى مِمَّن يمونون

(1/473)


وَمثله لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدُور على ابْن أبي يحيى
465 - فِي العَبْد بَين رجلَيْنِ

قَالَ أَصْحَابنَا فِي عبد بَين رجلَيْنِ لَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا فَإِذا كَانَ العبيد جمَاعَة لم يجز أَيْضا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَيجب فِي قَول مُحَمَّد
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي عبد بَين رجلَيْنِ على كل وَاحِد مِنْهُمَا بِقدر مَا يملك مِنْهُ فَإِن كَانَ نصفه حرا وَنصفه عبدا فعلى الْمُؤَدِّي أَن يُؤَدِّي عَن نصف العَبْد قَالَ مَالك وَلَيْسَ على العَبْد أَن يُؤَدِّي عَن نصفه الْحر
قَالَ أَبُو جَعْفَر أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة مقدرَة فَمن لم يجد الْمِقْدَار الْمَفْرُوض لم يدْخل فِي المخاطبة وَلم يجب عَلَيْهِ كَذَلِك إِذا لم يملك فِي الْمُوجب فِيهِ الْمِقْدَار الْمَذْكُور
466 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي عبيد التِّجَارَة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعبيد الله بن الْحسن لَيْسَ فِي عبيد التِّجَارَة صَدَقَة الْفطر

(1/474)


فِي مِقْدَار صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَبُو حنيفَة نصف صَاع من بر أَو دَقِيق أَو سويق أَو زبيب أَو صَاع من تمر أَو شعير
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الزَّبِيب بِمَنْزِلَة التَّمْر وَالشعِير وَمَا سوى ذَلِك يخرج بِالْقيمَةِ قيمَة مَا ذكرنَا من الْبر وَغَيره
وَقَالَ مَالك يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر مَا كَانَ جلّ عَيْش أهل ذَلِك الْبَلَد وَيُؤَدِّي من الْقَمْح وَالشعِير والسلت والذرة والدخن والأرز وَالزَّبِيب وَالتَّمْر والأقط وَلَا أرى لأهل مصر أَن يدفعوا إِلَّا الْقَمْح لِأَن ذَلِك جلّ عيشهم إِلَّا أَن يغلو سعرهم وَيكون عيشهم الشّعير وَيُعْطِي صَاعا من كل شَيْء وَلَا يُعْطي مَكَان ذَلِك عرضا من الْعرُوض
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُؤَدِّي كل إِنْسَان مَدين من قَمح بِمد هِشَام أَو أَرْبَعَة أَمْدَاد من التَّمْر أَو الشّعير والأقط
قَالَ الشَّافِعِي وَأي قوت كَانَ الْأَغْلَب على رجل أدّى مِنْهُ زَكَاة الْفطر إِن كَانَ حِنْطَة أَو ذرة أَو شَعِيرًا أَو تَمرا أَو زبيبا أدّى صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُؤَدِّي إِلَّا الْحبّ لَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سويقا وَلَا قيم ذَلِك وَإِن أدّى أهل الْبَادِيَة الأقط لم يبن لي أَن أرى عَلَيْهِم الْإِعَادَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كُنَّا نعطي زَكَاة الْفطر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاعا من تمر أَو شعير وَمن جَاءَ بِصَاع من زبيب قبل مِنْهُ وَمن جَاءَ بِصَاع من تمر قبل مِنْهُ وَكَذَلِكَ الشّعير وَقبُول الزَّبِيب

(1/475)


والأقط بِالْمَدِينَةِ على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدل على سُقُوط اعْتِبَار الْقُوت لِأَن ذَلِك لم يكن قوت أهل الْمَدِينَة
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب كَانَت الصَّدَقَة تُعْطى على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر نصف صَاع من حِنْطَة
وَعَن عمر وَابْن عَبَّاس نصف صَاع من حِنْطَة
468 - فِي تَعْجِيل صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز تَعْجِيلهَا قبل طُلُوع فجر يَوْم الْفطر
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ وَرُوِيَ عَن ابْن عمر مثله
وَقَالَ هِشَام الرَّازِيّ عَن الْحسن بن زِيَاد أَنه لَا يجوز تَعْجِيلهَا قبل يَوْم الْفطر كالأضحية

(1/476)


469 - فِيمَن أخر زَكَاة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث لَا يسْقط بِالتَّأْخِيرِ وَإِن كَانَ سِنِين
وَذكر هِشَام الرَّازِيّ عَن الْحسن بن زِيَاد أَنه إِن لم يؤدها قبل صَلَاة الْعِيد سَقَطت فَلم يجب أَدَاؤُهَا بعد ذَلِك كالأضحية إِذا مَضَت أَيَّام النَّحْر قبل أَن يُضحي
470 - فِي ذَوي الْقُرْبَى الَّذين تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة

قَالَ أَصْحَابنَا من تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة بَنو هَاشم وَهُوَ آل الْعَبَّاس وَآل عَليّ وَآل جَعْفَر وَآل عقيل وَولد الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَولد عبد الْمطلب جَمِيعًا ومواليهم وَإِنَّمَا تحرم عَلَيْهِم الصَّدقَات الْوَاجِبَة فَأَما التَّطَوُّع فَلَا بَأْس بِأَن يُعْطوا
وَقَالَ مَالك لَا تحل الصَّدَقَة لآل مُحَمَّد وَلَا بَأْس بِأَن يُعْطي مواليهم
وَإِنَّمَا تحرم على آل مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الزَّكَاة لَيْسَ التَّطَوُّع
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يَأْخُذ موَالِي بني هَاشم الصَّدَقَة وَلم يفرق بَين الفرص وَالنَّفْل فِي الرِّوَايَة
وَقَالَ الشَّافِعِي تحرم صَدَقَة الْفطر على بني هَاشم وَبني الْمطلب وَتجوز صَدَقَة التَّطَوُّع على كل أحد إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنعه أَن يَأْخُذ الصَّدَقَة

(1/477)


وَقَالَ إِن آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة وَإِن مولى الْقَوْم من أنفسهم
وَأخذ الْحسن بن عَليّ تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة فألقاها فِي فِيهِ فأخرجها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلعابها وَقَالَ إِنَّا آل مُحَمَّد لَا تحل لنا الصَّدَقَة
فَأَما بَنو الْمطلب وَبَنُو أُميَّة وَبَنُو نَوْفَل تحل لَهُم الصَّدَقَة
فَإِن قيل إِنَّهُم أجابوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دعاهم إِلَى الْإِسْلَام
قيل فَيَنْبَغِي أَن يخرج مِنْهَا إِلَى أبي لَهب وَبَعض آل الْحَارِث بن عبد الْمطلب من أهل بَيته لأَنهم لم يجيبوا وَيَنْبَغِي أَن تحرم على من ولد فِي الْإِسْلَام من بني أُميَّة لأَنهم لم يخالفوه فَهَذَا سَاقِط
فَإِن قيل أعْطى بني عبد الْمطلب مَعَ بني هَاشم وَحرم بني أُميَّة من سهم ذِي الْقُرْبَى فَكَذَلِك يدْخلُونَ فِي تَحْرِيم الصَّدَقَة
قيل لَهُ سهم الْخمس إِنَّمَا يسْتَحقّهُ خَاص مِنْهُم فَأثْبت ذَلِك بالإتفاق وَلم يثبت خصوصه تَحْرِيم الصَّدَقَة فِي آل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون بعض وَيحْتَمل أَن يكون موكلا إِلَى اخْتِيَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُعْطِيهِ
471 - فِي الْمِقْدَار الَّذِي تحرم بِهِ الصَّدَقَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا تحل الصَّدَقَة لمن لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَلَا بَأْس أَن يَأْخُذهَا من لَهُ أقل مِنْهَا
وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم يعْطى من الزَّكَاة من لَهُ أَرْبَعُونَ درهما
وَرُوِيَ غَيره عَن مَالك أَنه لَا يعْطى من لَهُ أَرْبَعُونَ درهما
وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يَأْخُذ من الزَّكَاة من لَهُ خَمْسُونَ درهما

(1/478)


وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن من لَا يكون عِنْده مَا يقيمه أَو يَكْفِيهِ سنة فَإِنَّهُ يعْطى من الصَّدَقَة
وَقَالَ الشَّافِعِي يعْطى من الصَّدَقَة على قدر حَاجته حَتَّى يُخرجهُ ذَلِك من حد الْفقر كَانَ ذَلِك تجب فِيهِ الزَّكَاة أَو لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَلَا أحد فِي ذَلِك حدا ذكره الْمُزنِيّ وَالربيع
وروى عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن رجل من مزينة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس وَهُوَ يَقُول من اسْتغنى أغناه الله وَمن استعف أعفه الله وَمن سَأَلَ النَّاس وَله عدل خمس أَوَاقٍ سَأَلَ إلحافا
فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث مِائَتي دِرْهَم وَهُوَ مُوَافق لقَوْل أَصْحَابنَا
وَقد روى أَرْبَعُونَ فِي غير هَذَا الحَدِيث
وروى فِي ذَلِك خَمْسُونَ ابْن مَسْعُود أَنه يكون فِي مَسْأَلته خدوش
وَفِي حَدِيث سهل بن الحنظلية من سَأَلَ النَّاس عَن ظهر غنى فَإِنَّمَا يستكثر من جمر جَهَنَّم قلت يَا رَسُول الله وَمَا ظهر غنى قَالَ أَن يعلم عِنْد أَهله مَا يغديهم أَو مَا يعشيهم

(1/479)


472 - فِيمَن لَا يجوز أَن يُعْطِيهِ الزَّكَاة من الْقَرَابَة

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُعْطي ولدا وَلَا والدا وَلَا امْرَأَة
وَقَالَ مَالك لَا يعْطى من الزَّكَاة من تلْزمهُ نَفَقَته وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ
وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا يُعْطي من الزَّكَاة قرَابَته الَّذين يرثونه إِنَّمَا يُعْطي من لَيْسَ يَرِثهُ وَلَيْسَ فِي عِيَاله
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يتخطى بِزَكَاة مَاله فُقَرَاء أَقَاربه إِذا لم يَكُونُوا من عِيَاله وَيتَصَدَّق على موَالِيه من غير زَكَاة مَاله
وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعْطي من الزَّكَاة من يجْبر على نَفَقَته
وَقَالَ اللَّيْث لَا يُعْطي الصَّدَقَة الْوَاجِبَة من يعول
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَيُعْطِي الرجل من الزَّكَاة من لَا تلْزمهُ نَفَقَته فِي قرَابَته وهم من عدا الْوَالِد وَالْولد وَالزَّوْجَة
473 - فِي الْمَرْأَة تُعْطِي زَوجهَا

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا تُعْطِي الْمَرْأَة زَوجهَا من زَكَاة المَال
وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ تعطيه
474 - فِي إِعْطَاء الذِّمِّيّ من الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ لَا يُعْطي الذِّمِّيّ من الزَّكَاة
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا لم تَجِد مُسلما أعْط الذِّمِّيّ قيل لَهُ فَإِنَّهُ

(1/480)


لَيْسَ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُسلم وَفِي مَوضِع آخر مُسلم فَكَأَنَّهُ ذهب إِلَى إعطائها للَّذين هم بَين ظهرانيهم
475 - فِي دفع جَمِيع الزَّكَاة إِلَى وَاحِد

قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز أَن يُعْطِيهَا مِسْكينا وَاحِدًا
وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن يُعْطي الرجل زَكَاة الْفطر على نَفسه وَعِيَاله مِسْكينا وَاحِدًا
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَأَقل مَا يُعْطي أهل السهْم سِهَام الزَّكَاة ثَلَاثَة فَإِن أعْطى اثْنَيْنِ وَلم يجد الثَّالِث ضمن ثلت سهم
روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما ظَاهر من امْرَأَته وَذكر فقره وَعجز عَن الْكَفَّارَة بِالْعِتْقِ وَالصِّيَام وَالصَّدَََقَة
انْطلق إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فمره يدْفع إِلَيْك صَدَقَاتهمْ فأطعم وسْقا سِتِّينَ مِسْكينا واستعن بسائره عَلَيْك وعَلى عِيَالك
فَجعل صَدَقَة فَخذ من الْأَنْصَار لرجل وَاحِد فَدلَّ على سُقُوط اعْتِبَار الْعدَد فِي صنف من أَصْنَاف أهل الزكوات
476 - فِي عتق الرَّقَبَة من الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجزىء الْعتْق من زَكَاة مَاله

(1/481)


وَقَالَ مَالك يجزىء عتق الرَّقَبَة من الزَّكَاة وَيكون ولاؤها لجَماعَة الْمُسلمين فَهَذَا قَول عبيد الله بن الْحسن
وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي قَول الله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} التَّوْبَة 60 أَنهم المكاتبون
هُوَ وَقَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك بن أنس لَا يُعْطي الْمكَاتب من الزَّكَاة شَيْئا وَلَا عبدا مُوسِرًا كَانَ مَوْلَاهُ وَلَا مُعسرا وَلَا يُعْطون من الْكَفَّارَات أَيْضا
قَالَ مَالك وَلَا يعْتق من الزَّكَاة إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة
477 - فِي وضع الزَّكَاة فِي صنف

قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري يجوز وَضعهَا فِي صنف وَاحِد على مَا يرى الإِمَام
وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا أرى أَن لَا يخلى مِنْهُ الْأَصْنَاف كلهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ سَهْمَان أَصْنَاف ثَمَانِيَة لَا ينْصَرف مِنْهُم سهم وَلَا شَيْء مِنْهُ عَن أَهله مَا كَانَ من أَهله أحد يسْتَحقّهُ
قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن حُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس قَالَ فِي أَيهَا وَضعته أجزأك وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة

(1/482)


478 - فِي السَّبِيل الْمَذْكُور فِي الْآيَة

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك {فِي سَبِيل الله} مَوَاضِع الْجِهَاد والرباط
قَالَ أَبُو يُوسُف {فِي سَبِيل الله} الْغُزَاة
وَقَالَ مُحَمَّد إِذا أوصى بِثلث مَاله فِي سَبِيل الله للْوَصِيّ أَن يَجعله فِي الْحَاج الْمُنْقَطع بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي سهم فِي سَبِيل الله يُعْطي مِنْهُ من أَرَادَ الْغَزْو من أهل الصَّدَقَة فَقِيرا كَانَ أَو غَنِيا وَلَا يُعْطي مِنْهُ غَيرهم إِلَّا أَن يحْتَاج للدَّفْع عَنْهُم فيعطاه من دفع عَنْهُم الْمُشْركين لِأَنَّهُ يدْفع عَن جمَاعَة أهل الْإِسْلَام
قَالَ أَبُو جَعْفَر رَوَت أم معقل الأشجعية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْحَج وَالْعمْرَة فِي سَبِيل الله
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَن الْحَج من سَبِيل الله
479 - هَل يُعْطي الذِّمِّيّ من صَدَقَة الْفطر

قَالَ أَصْحَابنَا يُعْطي أهل الذِّمَّة من سَائِر الصَّدقَات إِلَّا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه لَا يُعْطي الذِّمِّيّ صَدَقَة وَاجِبَة

(1/483)


وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُعْطي صَدَقَة الْفطر ذِمِّيا
قَالَ أَبُو جَعْفَر روى شريك عَن أبي إِسْحَاق قَالَ كَانَ أَصْحَاب عبد الله بن عَمْرو بن مهْدي وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل يجمعُونَ صَدَقَة الْفطر فيعطونها الرهبان وَلم يكن لَهُم مُخَالف من أمثالهم
480 - فِي الْأَفْضَل فِي الزَّكَاة أَن يتَوَلَّى أَو يتولاها غَيره

حكى أَبُو جَعْفَر عَن أَصْحَابنَا أَن الْأَفْضَل أَن يتولاها هُوَ وَلَا يتولاها غَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
وَحكى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ لَا أحب لأحد أَن يدْفع زَكَاة مَاله وَلَكِن يَدْفَعهَا إِلَى غَيره مِمَّن يَثِق يقسمها وَلَا يَقُول لَهُ فِي ذَلِك شَيْئا وَإِن الَّذِي يقسم يحمد على ذَلِك حَتَّى رُبمَا كَانَت فِي ذَلِك بالهدية والمكافأة والخدمة فَلَا يُعجبنِي أَن يقسمها هُوَ وَلَكِن ليولي ذَلِك غَيره فَإِن السِّرّ فِي هَذَا أفضل من الْعَلَانِيَة
وَقَالَ اللَّيْث لَو كَانَت الْوُلَاة تقسمها يَعْنِي الزَّكَاة مَا رَأينَا يجوز لأحد يقسمها حَتَّى يَدْفَعهَا إِلَى السُّلْطَان فيتولى السُّلْطَان قسمتهَا
قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا قسمهَا هُوَ على تَيَقّن مِمَّن يرى أَنه أهل وَإِذا وَليهَا غَيره فَلَيْسَ على تَيَقّن وَأَيْضًا فَإِذا تولاها هُوَ اسْتحق أجر التَّوْلِيَة لَهَا وَمَا يوليه غَيره إِنَّمَا يسْتَحق بِهِ ثَوَاب الْأَمر وثواب الْفِعْل أَكثر من ثَوَاب الْأَمر
481 - فِي مَوضِع إِخْرَاج الزَّكَاة

قَالَ أَصْحَابنَا تقسم صَدَقَة كل بلد من فقرائه وَلَا يُخرجهَا إِلَى غَيره

(1/484)


وروى عَليّ الرَّازِيّ عَن أبي سُلَيْمَان عَن ابْن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة لَا بَأْس بِأَن يبْعَث الزَّكَاة من بلد إِلَى بلد آخر إِلَى ذِي قرَابَته
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان فَحدثت بِهِ مُحَمَّد بن الْحسن فَقَالَ هَذَا أحسن وَلَيْسَ لنا فِي هَذَا سَماع عَن أبي حنيفَة
قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت ابْن أبي عمر ان يَقُول أخبرنَا أَصْحَابنَا عَن مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي سُلَيْمَان عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا يخرج الرجل زَكَاة من مدينته إِلَى مَدِينَة إِلَّا لذِي قرَابَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي زَكَاة الْفطر يُؤَدِّيهَا حَيْثُ هم وَعَن أَوْلَاده الصغار حَيْثُ هم
وَقَالَ مَالك لَا تنقل صَدَقَة المَال من بلد إِلَى بلد إِلَّا أَن يفضل فتنتقل إِلَى أقرب الْبلدَانِ إِلَيْهِم قَالَ وَلَو أَن رجلا من أهل مصر حلت زَكَاته عَلَيْهِ وَمَاله بِمصْر وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يقسم زَكَاته بِالْمَدِينَةِ وَيُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر حَيْثُ هُوَ
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا تنقل من بلد إِلَى بلد
وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن وَجَبت عَلَيْهِ زَكَاة مَاله وَهُوَ بِبَلَد غير بَلَده إِنَّه إِن كَانَ رجعته إِلَى بَلَده قريبَة فَإِنَّهُ يُؤَخر ذَلِك حَتَّى يقدم بَلَده فيؤديها وَلَو أَدَّاهَا حَيْثُ هُوَ رَجَوْت أَن يَجْزِي
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أخرجهَا إِلَى غير بَلَده لم يبن لي أَن عَلَيْهِ الْإِعَادَة
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ حَدِيث عدي بن حَاتِم أَنه نقل صَدَقَة طَيء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/485)


482 - فِيمَا يُعْطي مِسْكين وَاحِد من الزَّكَاة

قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يكره أَن يُعْطي إنْسَانا وَاحِدًا من الزَّكَاة مِائَتي دِرْهَم فَإِن أَعْطيته أجزأك وَلَا بَأْس أَن تعطيه أقل من مِائَتي دِرْهَم
وروى هِشَام عَن أبي يُوسُف فِي رجل لَهُ عَلَيْهِ مائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ درهما فَتصدق عَلَيْهِ بِدِرْهَمَيْنِ أَنه يقبل وَاحِدًا وَيرد وَاحِدًا فَفِي ذَلِك أَجزَأَهُ مِنْهُ أَن يقبل تَمام الْمِائَتَيْنِ وَكَرَاهَة أَن يقبل مَا فَوْقهَا
وَمَالك يرد الْأَمر فِيهِ إِلَى الإجتهاد من غير تَوْقِيت
وَقَالَ ابْن شبْرمَة كَقَوْل أبي حنيفَة
وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يعْطى من الزَّكَاة أَكثر من خمسين درهما إِلَّا أَن يكون غارما وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ
وَقَالَ اللَّيْث يُعْطي مِقْدَار مَا يبْتَاع بِهِ خَادِمًا إِذا كَانَ ذَا عِيَال وَالزَّكَاة كَبِيرَة لم يَجدوا غير مَا ترفع بِهِ الْحَاجة آخر كتاب الزَّكَاة تمّ بِحَمْد الله

(1/486)