مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة

الباب الخامس
النكاح وتوابعه
ويشتمل على ما يلي:
1 - كتاب النكاح
2 - كتاب الطلاق
3 - الرجعة
4 - الخلع
5 - الإيلاء
6 - الظهار
7 - اللعان
8 - العدة
9 - الرضاع
10 - الحضانة
11 - النفقات
(الأطعمة والأشربة والذكاة والصيد)

(1/795)


1 - كتاب النكاح
أحكام النكاح

- فقه الزواج:
الزواج والزوجية سنة من سنن الله تعالى في الخلق، وهي عامة مطلقة في عالم الحيوان وعالم النبات.
أما الإنسان: فإن الله لم يجعله كغيره من العوالم المطلقة الغرائز، بل وضع له النظام الملائم لسيادته، والذي يحفظ شرفه، ويصون كرامته، وذلك بالنكاح الشرعي الذي يجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالاً كريماً، قائماً على الرضا، وعلى الإيجاب والقبول، والأُنس والمحبة.
وبذلك أَشبع الغريزة بالطريق السليم، وحَفظ النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون مطية لكل راكب.

- فضل الزواج:
النكاح من آكد سنن المرسلين، ومن السنن التي رَغَّبَ فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
1 - قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم/21].
2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد/ 38].
3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجد شيئاً فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066)، واللفظ له، ومسلم برقم (1400).

(1/797)


- النكاح: هو عقد شرعي يقتضي حِلّ استمتاع كل من الزوجين بالآخر.

- حكمة مشروعية الزواج:
1 - الزواج بيئة صالحة تؤدي إلى بناء وترابط الأسرة، وإعفاف النفس، وصيانتها عن الحرام، وهو سكن وطمأنينة؛ لما يحصل به من الألفة، والمودة، والانبساط بين الزوجين.
2 - الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل، مع المحافظة على الأنساب التي يحصل بها التعارف والتعاون والتآلف والتناصر.
3 - الزواج أحسن وسيلة لإرواء الغريزة الجنسية، وقضاء الوطر، مع السلامة من الأمراض.
4 - والزواج يحصل به تكوين الأسرة الصالحة التي هي نواة المجتمع، فالزوج يكد ويكتسب وينفق ويعول، والزوجة تربي الأطفال وتدبر المنزل وتنظم المعيشة، وبهذا تستقيم أحوال المجتمع.
5 - وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال.

- حكم النكاح:
للنكاح خمسة أحكام:
1 - النكاح سنة لمن له شهوة ولا يخاف الزنى؛ لاشتماله على مصالح كثيرة للرجال والنساء، والأمة جمعاء.
2 - يجب النكاح على مَنْ يخاف على نفسه الوقوع في الزنى إذا لم يتزوج، وينبغي للزوجين أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حَرَّمَ الله عز وجل، فتكتب مباضعتهما صدقة لهما.
3 - يباح النكاح لغني لا شهوة له من أجل مصلحة الزوجة.
4 - يكره النكاح لفقير لا شهوة له؛ لعدم حاجته.

(1/798)


5 - يحرم النكاح لمن عنده زوجة، وخاف عدم العدل بينهن.

- اختيار الزوجة:
يُسن لمن أراد الزواج أن يتزوج المرأة الودود الولود البكر، ذات الدين والعفاف.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».
متفق عليه (1).

- أفضل النساء:
أفضل النساء المرأة الصالحة التي تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره، وتفعل ما أمرها الله به، وتجتنب ما نهى الله عنه.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ». أخرجه مسلم (2).

- حكمة تعدد الزوجات:
1 - أباح الله عز وجل للرجل أن يتزوج بأربع نساء لا يزيد عليها، بشرط أن يكون عنده قدرة بدنية، وقدرة مالية، وقدرة على العدل بينهن، لما في ذلك من المصالح الكثيرة من عفة فرجه، وإعفاف من يتزوجهن، والإحسان إليهن، وتكثير النسل الذي تكثر به الأمة، ويكثر به مَنْ يعبد الله وحده، فإنْ خاف أن لا يعدل بينهن فليس له أن يتزوج إلا واحدة، أو ما ملكت يمينه، وملك اليمين لا يجب عليه القسم لها.
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5090)، واللفظ له، ومسلم برقم (1466).
(2) أخرجه مسلم برقم (1467).

(1/799)


وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)} [النساء/3].
2 - ولما أباح العليم الحكيم تعدد الزوجات نهى أن يكون ذلك بين الأقارب الذين تجمعهم نسب قريبة جداً كالجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها؛ لما يجر من قطيعة الرحم، ويولد العداوة بين الأقارب، فإن الغيرة بين الضَّرَّات شديدة جداً.

- ما يفعله إذا أراد خطبة المرأة:
يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها بلا خلوة، ولا يصافحها، أو يمس بدنها، ولا ينشر ما رأى منها، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك، فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تنظر إليها ثم تصفها له.
- المرأة إذا توفي عنها زوجها ثم تزوجت بعده فهي لآخر أزواجها يوم القيامة.
- حكم الخطبة على خطبة أخيه:
يحرم تبادل الصور في الخطبة وغيرها، ويحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك، أو يأذن له، أو يُرد الأول، فإن خطب على خطبة الأول صح العقد لكنه آثم وعاصٍ للهِ ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
- يجب على ولي المرأة أن يتحرى لنكاحها الرجل الصالح، ولا بأس أن يعرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير والصلاح بقصد الزواج.
- حكم خطبة المعتدة:
1 - يحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة، والمبانة، ويجوز التعريض كقوله: إني في مثلك راغب، وتجيبه: ما يُرغب عنك ونحو ذلك.
2 - يباح التصريح والتعريض في خطبة المعتدة لزوجها الذي طلقها طلاقاً بائناً دون الثلاث كرجعية، ويحرم التصريح والتعريض من غير زوج لمطلقة رجعية في عدتها، والمبانة بثلاث من زوجها.

(1/800)


- أركان عقد النكاح:
أركان عقد النكاح ثلاثة:
1 - وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالرضاع، واختلاف الدين ونحوهما.
2 - حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو مَنْ يقوم مقامه بأن يقول: زَوَّجتك، أو أنكحتك، أو ملَّكتك فلانة ونحوه.
3 - حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو مَنْ يقوم مقامه، بأن يقول: قَبِلت هذا النكاح ونحوه، فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح.

- حكم استئذان المرأة في الزواج:
يجب على ولي المرأة المكلفة أن يستأذنها قبل الزواج بكراً كانت أو ثيباً، ولا يجوز له إجبارها على مَنْ تَكْرَه، فإن عقد عليها وهي غير راضية فلها فسخ العقد.
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: «أَنْ تَسْكُتَ». متفق عليه (1).
2 - وعن خنساء بنت خدام الأنصارية رضي الله عنها: أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهُ. أخرجه البخاري (2).
- يجوز للأب تزويج من دون تسع سنين بكفئها ولو بلا إذنها ولا رضاها.
- يحرم على الرجل لبس خاتم الذهب الذي يسمى خاتم الخطبة، فهذا مع كونه تشبهاً بالكفار فهو محرم شرعاً.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5136)، ومسلم برقم (1419).
(2) أخرجه البخاري برقم (5138).

(1/801)


- حكم خطبة النكاح:
يستحب أن يخطب العاقد قبل العقد بخطبة الحاجة كما تقدم في خطبة الجمعة وهي في النكاح وغيره «إن الحمد للهِ نحمده ونستعينه ... الخ» ثم يتلو الآيات الواردة، ثم يعقد بينهما ويُشهد على ذلك رجلين.

- حكم التهنئة بالنكاح:
تستحب التهنئة بالنكاح، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رَفَّأَ قال: «بَارَكَ الله لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيرٍ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
- يجوز للإنسان بعد العقد أن يجتمع بزوجته ويخلو بها ويستمتع بها؛ لأنها زوجته، ويحرم ذلك قبل العقد ولو بعد الخطبة.

- وقت العقد على المرأة:
يجوز عقد النكاح على المرأة في حال الطهر وحال الحيض، أما الطلاق فيحرم حال الحيض، ويجوز حال الطهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
- شروط النكاح:
يشترط لصحة النكاح ما يلي:
1 - تعيين الزوجين.
2 - رضا الزوجين.
3 - الولي، فلا يجوز نكاح امرأة إلا بولي.
4 - أن يكون النكاح على مهر.
5 - خلو الزوجين من الموانع بأن لا يكون بهما أو بأحدهما ما يمنع التزويج من نسب، أو سبب كرضاع، واختلاف دين ونحوهما.
_________
(1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2130)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1905)، وهذا لفظه.

(1/802)


- شروط الولي:
يشترط أن يكون الولي ذكراً، حراً، بالغاً عاقلاً، رشيداً، ويشترط الاتفاق في الدين، وللسلطان تزويج كافرة لا ولي لها.
والولي: هو أبو المرأة، وهو أحق بتزويجها، ثم وصيُّه في النكاح، ثم جدها لأب، ثم ابنها، ثم أخوها، ثم عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان.
- حكم الإشهاد على عقد النكاح:
يسن الإشهاد على عقد النكاح بشاهدين عدلين مكلفين.
وإذا كان النكاح معلناً مشهوداً عليه من اثنين فهذا كماله، وإن كان معلناً بدون شاهدين أو مشهوداً عليه بدون إعلان فهو صحيح.
- إذا عضل الأقرب من الأولياء، أو لم يكن أهلاً، أو غاب ولم تمكن مراجعته إلا بمشقة زَوَّج مَنْ بعده في الولاية.
- حكم النكاح بدون ولي:
النكاح بدون ولي فاسد يجب فسخه عند حاكم، أو الطلاق من الزوج، وإن وطئها بنكاح فاسد فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها.
- الكفاءة المعتبرة في النكاح:
الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي في الدين والحرية، فإذا زوَّج الولي عفيفة بفاجر، أو حرة بعبد فالنكاح صحيح، وللمرأة الخيار في البقاء أو فسخ النكاح.

- مقاصد الجماع:
مقاصد الجماع ثلاثة، وهي:
حفظ النسل .. وإخراج الماء الذي يضر احتباسه .. وقضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة، وهذه الأخيرة تنفرد وتبلغ كمالها في الجنة.

(1/803)


- ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته:
1 - يسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يلاطفها، ويضع يده على مقدمة رأسها ويسمي الله تعالى، ويدعو بالبركة، ثم يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبلْتهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبلْتهَا عَلَيْهِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
2 - وتسن التسمية عند الوطء وقول ما ورد: «بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً». متفق عليه (2).
3 - يجوز للزوج أن يأتي زوجته في قبلها من أي جهة شاء، من أمامها أو من خلفها، ويحرم إتيانها في دبرها.
4 - يحرم على الزوجين الوطء بمرأى أحد، وإفشاء الأسرار الزوجية المتعلقة بالوقاع بينهما.

- حكم اغتسال الزوج والزوجة معاً:
إذا وطئ الرجل زوجته وأراد العَوْد سن له أن يتوضأ وضوءه للصلاة فهو أنشط لِلْعَوْدِ، والغسل أفضل، ويجوز لهما أن يغتسلا معاً في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه في حمام في دارهما.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل في القدح، وهو الفرق وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد، قال قتيبة: قال سفيان: والفرق ثلاثة آصع. متفق عليه (3).
- ويستحب ألّا يناما جنبين إلا إذا توضئا.
_________
(1) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (2160) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2252).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6388)، واللفظ له، ومسلم برقم (1434).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (250)، ومسلم برقم (319) واللفظ له.

(1/804)


المحرمات في النكاح
- يشترط في المرأة التي يريد الزوج أن يعقد عليها أن تكون غير محرَّمة عليه.
- المحرمات من النساء قسمان:
1 - محرمات إلى الأبد وهن ثلاثة أقسام:
1 - محرمات بالنسب وهن: الأم وإن علت، والبنت وإن سفلت، والأخت، والخالة، والعمة، وبنت الأخ، وبنت الأخت.
2 - محرمات بالرضاع، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حَرُمَت من النسب حَرُمَ مثلها من الرضاع إلا أم أخيه، وأخت ابنه من الرضاع فلا تحرم.
والرضاع المحرِّم: خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين.
3 - محرمات بالمصاهرة، وهن: أم الزوجة، وبنت الزوجة من غيره إذا دخل بأمها، وزوجة الأب، وزوجة الابن، وتحرم الملاعنة على الملاعن.
فالمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع سبع مثلهن، والمحرمات بالمصاهرة أربع.
قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)} ... [النساء/23].
- أسباب التحريم المؤبد هي: النسب، والرضاع، والمصاهرة.

(1/805)


- ضابط المحرمات من النسب:
جميع أقارب الرجل من النسب حرام عليه إلا بنات أعمامه، وبنات عماته، وبنات أخواله، وبنات خالاته، فهذه الأربع حلال له.
2 - محرمات إلى أمد محدد، وهن:
1 - يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها من نسب أو رضاع، فإذا ماتت أو طُلِّقت حَلَّت الأخرى بعد انتهاء العدة.
2 - المعتدة حتى تخرج من العدة.
3 - مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره.
4 - المُحْرِمَةُ بحج أو عمرة حتى تَحِلَّ.
5 - تحرم المسلمة على الكافر حتى يسلم.
6 - تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم حتى تسلم.
7 - زوجة الغير ومعتدته إلا ما ملكت يمينه.
8 - تحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها.
فهؤلاء النساء يحرمن جميعاً عليه حتى يزول السبب المانع.
9 - الخنثى المشكل حتى يتبين أمره.
- يحرم على الرجل أن يتزوج ابنته من الزنى، ويحرم على الأم تزوج ابنها من الزنى.
- لا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته؛ لأنه يملكها بملك اليمين، ومَنْ حَرُمَ وطؤها بعقد حَرُمَ بملك يمين إلا أمة كتابية فلا يجوز نكاحها، ويجوز وطؤها بملك اليمين، ولا يجوز وطء امرأة في الشرع إلا بنكاح، أو ملك يمين.
- حكم أم الولد:
أم الولد: هي الأَمَة التي حملت من سيدها وولدت له، يجوز وطؤها وخدمتها

(1/806)


وتأجيرها كالأَمَة، ولا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها كالحرة، وتعتد بحيضة واحدة يُعلم بها براءة رحمها.
- حكم الشروط التي لا تنافي العقد:
إذا شرطت المرأة أو وليها ألّا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو زيادة في مهرها ونحو ذلك مما لا ينافي العقد صح الشرط، فإن خالفه فلها الفسخ إن شاءت.
- حكم امرأة المفقود:
إذا تزوجت امرأة المفقود، فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول، وبعد الوطء له أخذها زوجة بالعقد الأول بدون طلاق الثاني، ويطؤها بعد إكمال عدتها، وله تركها معه ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني.
- حكم النكاح إذا كان أحد الزوجين لا يصلي:
1 - إذا كان زوج المرأة لا يصلي فلا يحل لها أن تبقى معه، ويحرم عليه وطؤها؛ لأن ترك الصلاة كفر، ولا ولاية لكافر على مسلمة، فإنْ تَرَكَتْها هي وجب فراقها إن لم تتب إلى الله تعالى؛ لأنها كافرة.
2 - إذا كانت الزوجة والزوج لا يصليان حين العقد فالعقد صحيح، أما إن كانت الزوجة تصلي حين العقد وزوجها لا يصلي، أو كانت الزوجة لا تصلي وزوجها يصلي وتزوجا ثم اهتديا فالواجب تجديد عقد النكاح؛ لأن أحدهما حين العقد كافر.
- نكاح المرأة في عدة أختها إن كان الطلاق رجعياً فباطل، وإن كانت العدة من طلاق بائن فهو محرم.

(1/807)


الشروط في النكاح
- الشروط في النكاح قسمان:
الأول: شروط صحيحة، مثل اشتراط زيادة المهر، أو ألا يخرجها من بلدها، أو ألا يتزوج عليها، أو يشترطها بكراً أو نسيبة.
الثاني: شروط فاسدة، وهي نوعان:
الأول: شروط فاسدة تبطل العقد، ومنها:
1 - نكاح الشغار:
وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليها على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ونحو ذلك، وهذا النكاح فاسد ومحرم، سواء سُمِّي فيه مهر أو لم يسم فيه شيء.
- إذا وقع مثل هذا النكاح فعلى كل واحد تجديد العقد دون شرط الأخرى، ويتم العقد بمهر جديد، وعقد جديد، كما سبق، والأخرى كذلك ولا حاجة إلى الطلاق.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. متفق عليه (1).
2 - نكاح المحلل:
وهو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثاً بشرط أنه متى حَلَّلها للأول طلقها، أو نوى التحليل بقلبه، أو اتفقا عليه قبل العقد.
وهذا النكاح فاسد ومحرم، ومَنْ فعله فهو ملعون، لقوله عليه الصلاة والسلام:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5112)، واللفظ له، ومسلم برقم (1415).

(1/808)


«لَعَنَ الله المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (1).
3 - نكاح المتعة:
وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة، أو أقل، أو أكثر، ويدفع لها مهراً فإذا انتهت المدة فارقها.
وهذا النكاح فاسد لا يجوز؛ لأنه يضر بالمرأة ويجعلها سلعة تنتقل من يد إلى يد، ويضر بالأولاد كذلك، حيث لا يجدون بيتاً يستقرون ويتربَّون فيه، فالمقصود به قضاء الشهوة لا النسل والتربية، وقد أُحلّ في أول الإسلام لفترة ثم حُرِّم إلى الأبد.
عن سبرة الجهني رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَومِ القِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيْلَهُ، وَلا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً». أخرجه مسلم (2).
- مَنْ تزوج بأربع نساء ثم عقد على خامسة فالعقد عليها فاسد، والنكاح باطل يجب إنهاؤه.

- حكم زواج المسلمة بغير المسلم:
يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم؛ لأنها أعلى منه بتوحيدها وإيمانها وعفَّتها، وإذا وقع هذا الزواج فهو فاسد ومحرم يجب إنهاؤه؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم أو مسلمة.
_________
(1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2076)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1119).
(2) أخرجه مسلم برقم (1406).

(1/809)


قال الله تعالى: ... {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة/221].
الثاني: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح، ومنها:
1 - إذا شرط الزوج في عقد النكاح إسقاط حق من حقوق المرأة كأن شرط ألّا مهر لها، أو لا نفقة لها، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها، أو أكثر، أو شرطت طلاق ضرتها فالنكاح صحيح، والشرط باطل.
2 - إذا شرطها الزوج مسلمة فبانت كتابية، أو شرطها بكراً فبانت ثيباً، أو شرط نفي عيب لا ينفسخ به النكاح كالعمى، والخرس ونحوهما فبانت بخلاف ما ذكر فالنكاح صحيح، وله الفسخ إن شاء.
3 - إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة فله الخيار إن كانت ممن تحل له، وإذا تزوجت المرأة رجلاً حراً فبان عبداً فلها الخيار في البقاء أو الفسخ.

(1/810)


العيوب في النكاح
- العيوب في النكاح نوعان:
1 - عيوب تمنع الوطء، ففي الرجل جَبّ ذكره، وقطع خصيتيه، وعِنَّته، وفي المرأة الرَّتَق والقَرَن والعَفَل.
فالرَّتَق: انسداد الفرج بأصل الخلقة، والقَرَن: انسداد طارئ في الفرج، والعَفَل: سائل في الفرج يمنع لذة الوطء.
2 - عيوب لا تمنع الاستمتاع ولكنها منفِّرة أو معدية في الرجل أو المرأة كالبرص والجنون والجذام والباسور والناسور وقروح سيَّالة في الفرج ونحو ذلك.
- مَنْ وجدت زوجها مجبوباً، أو بقي له ما لا يطأ به فلها الفسخ، فإن علمت ورضيت به قبل العقد أو رضيت به بعد الدخول سقط حقها في الفسخ.
- كل عيب يُنَفِّرُ الزوج الآخر منه كالبرص، والخرس، وعيوب في الفرج، وقروح سيَّالة، وجنون، وجذام، واستطلاق بول، وخصاء، وسل، وبخر الفم، وريح منكرة ونحوها يثبت لكل واحد من الزوجين الفسخ إن شاء، ومن رضي بالعيب وعقد النكاح فلا خيار له، وإن حدث العيب بعد العقد فللآخر الخيار.
- إذا تم الفسخ لأجل أحد هذه العيوب السابقة ونحوها، فإن كان الفسخ قبل الدخول، فلا مهر للمرأة، وإن كان الفسخ بعد الدخول فلها المهر المسمى في العقد، ويرجع الزوج ليأخذ المهر ممن غرّه، ولا يصح نكاح خنثى مشكل قبل تبيُّن أمره.
- إذا بان الزوج عقيماً ثبت الخيار للمرأة؛ لأن لها حقاً في الولد.
- العِنِّين: هو العاجز عن الإيلاج، ومَنْ وجدت زوجها عنِّيناً أُجِّل سنة منذ تحاكمه، فإن وطئ فيها وإلا فلها الفسخ، وإن رضيت به عنِّيناً قبل الدخول أو بعده سقط خيارها.

(1/811)


نكاح الكفار
- نكاح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حكمه كنكاح المسلمين فيما يجب به من مهر ونفقة ووقوع طلاق ونحوها، ويحرم عليهم من النساء مَنْ تحرم علينا.
- الكفار يُقَرّونَ على أنكحتهم الفاسدة بشرطين:
1 - أن يعتقدوا صحتها في دينهم.
2 - ألّا يترافعوا إلينا، فإن ترافعوا إلينا حكمنا عليهم بما أنزل الله علينا.
- صفة عقد نكاح الكفار:
إذا جاءنا الكفار قبل عقد النكاح بينهم عقدناه على حكمنا، بإيجاب، وقبول، وولي، وشاهدي عدل منا.
وإن جاؤا بعد عقد النكاح بينهم، فإن كانت المرأة خالية من موانع النكاح أقررناهم عليه، وإن كان بالمرأة مانع من موانع النكاح فرَّقنا بينهما.
- حكم مهر الكافرة:
مهر الكافرة: إن كانت قد سُمِّي لها مهر وقبضته، استقر صحيحاً كان أو فاسداً كخمر وخنزير، وإن لم تقبضه: فإن كان صحيحاً أخذته، وإن كان فاسداً أو لم يفرض لها مهر فلها مهر المثل صحيحاً.
- إذا أسلم الزوجان معاً، أو أسلم زوج كتابية بقيا على نكاحهما.
- إن أسلم زوج غير كتابية قبل الدخول بها بطل النكاح.
- إذا أسلمت المرأة الكافرة قبل دخول الكافر بها بطل النكاح؛ لأن المسلمة لا تحل لكافر.
- الحكم إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين:
إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد الدخول فالنكاح موقوف: فإذا أسلم الرجل، فإن أسلمت المرأة قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن أسلمت هي

(1/812)


وانقضت عدتها ولم يسلم هو فلها أن تنكح زوجاً غيره، وإن أحبت انتظرته، فإن أسلم كانت زوجته من غير تجديد نكاح ولا عقد ولا مهر، ولا تمكِّنه من نفسها حتى يسلم.
- حكم النكاح إذا ارتد أحد الزوجين:
إذا ارتد الزوجان أو أحدهما عن الإسلام، فإن كان قبل الدخول بطل النكاح، وإن كان بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة، فإن تاب فيها مَنْ ارتد فعلى نكاحهما، وإن لم يتب انفسخ النكاح بعد انقضاء العدة منذ وقت الردة.
- حالات الزوج إذا أسلم:
1 - إذا أسلم الزوج، فإن كان تحته كتابية فالنكاح باق، وإن كان تحته كافرة غير كتابية فإن أسلمت وإلا فارقها.
2 - إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن، أو كن كتابيات، اختار أربعاً وفارق الباقي.
3 - إذا أسلم الكافر وتحته أختان اختار منهما واحدة، وإن جمع بين امرأة وعمتها أو خالتها اختار واحدة، وكل مَنْ أسلم تجري عليه أحكام الإسلام في النكاح وغيره.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85].

(1/813)


الصداق
- الصداق: هو العوض الواجب على الزوج بعقد النكاح.
- فقه الصداق:
رفع الإسلام مكانة المرأة وأعطاها حقها في التملك، وفرض لها المهر إذا تزوجت، وجعله حقاً لها على الرجل يكرمها به؛ جبراً لخاطرها، وإشعاراً بقدرها، وعوضاً عن الاستمتاع بها، يُطَيِّب نفسها، ويرضيها بقوامة الرجل عليها.
قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} ... [النساء/4].
- حكم دفع المهر للمرأة:
المهر حق للمرأة، يجب على الرجل دفعه لها بما استحل من فرجها، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاها، ولأبيها خاصة أن يأخذ من صداقها ما لا يضرها، ولا تحتاج إليه، ولو لم تأذن.
- مقدار صداق المرأة:
1 - يسن تخفيف مهر المرأة، وخير الصداق أيسره، وكثرة الصداق قد يكون سبباً في بُغض الزوج لزوجته، ويحرم إذا بلغ حد الإسراف والمباهاة، وأثقل كاهل الزوج بالديون والمسألة، وتيسير المهرذريعة إلى كثرة النكاح المطلوب شرعاً.
عن أبي سلمة أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوْقِيةً وَنَشّاً، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا. قَالَتْ: نِصْفُ أُوْقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَزْوَاجِهِ. أخرجه مسلم (1).
2 - كانت مهور نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة درهم، تعادل اليوم (140) ريالاً سعودياً
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1426).

(1/814)


تقريباً، ومهور بناته أربعمائة درهم، تعادل اليوم (110) ريالات سعودية تقريباً، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، مع مراعاة اختلاف الأزمان، وتغير قيمة السلع والأثمان.
3 - تجوز الزيادة في المهر بلا إسراف؛ لأن الأصل الجواز.
قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)} [النساء/20].
- أنواع المهر:
كل ما صح ثمناً صح مهراً وإن قل، ولا حَدَّ لأكثره، وإن كان معسراً جاز أن يجعل صداقها منفعة كتعليم قرآن أو خدمة ونحوهما، ويجوز أن يعتق الرجل أمته ويجعل عتقها صداقاً لها وتكون زوجته.
- وقت دفع المهر:
يستحب تعجيل الصداق كله، ويجوز تأجيله، أو تعجيل البعض وتأجيل البعض الآخر، وإذا لم يُسمَّ المهر في العقد صح العقد ووجب مهر المثل، وإن تراضيا ولو على قليل صح.
- إذا زَوَّجَ رجل ابنته بمهر مثلها، أو أقل، أو أكثر صح، وتَملك المرأة صداقها بالعقد، ويستقر كاملاً بالدخول والخلوة.
- حكم من مات زوجها ولم يفرض لها صداقاً:
إذا توفي الزوج بعد العقد، وقبل الدخول، ولم يفرض لها صداقاً، فلها مثل صداق نسائها، وعليها العدة، ولها الميراث.
- يجب مهر المثل لمن وُطِئت في نكاح باطل كالخامسة، والمعتدة، والموطوءة بشبهة ونحو ذلك.
- إذا اختلف الزوجان في قدر الصداق أو عينه فقول الزوج مع يمينه، وإن اختلفا في قبضه فقول الزوجة ما لم تكن بينة لأحدهما.
-

(1/815)


إعلان النكاح
1 - يسن إعلان النكاح، وضرب الجواري عليه بالدف وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال والمفاتن وذكر الفجور ونحوه.
عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ». أخرجه البخاري (1).
2 - لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها، ولا يجوز دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات وغيرهن.
3 - يحرم في الزواج وغيره الإسراف في الطعام والشراب واللباس وغيرها.
قال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} ... ] الأعراف /31 [.
4 - لا يجوز الغناء الذي يصف مفاتن النساء وشعورهن، ويحرم استعمال آلات اللهو كعود ومزمار وموسيقى في الزواج وغيره، ويحرم استئجار مغنين ومغنيات للغناء في الزواج وغيره.
عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ لحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً فَيُبَيِّتُهُمُ الله وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». أخرجه البخاري معلقاً ووصله أبو داود (2).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5162).
(2) صحيح/أخرجه البخاري معلقاً برقم (5590) واللفظ له، ووصله أبو داود برقم (4039)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (91).

(1/816)


- حكم التصوير في النكاح وغيره:
1 - يحرم التصوير لكل ذي روح، وهو من الكبائر، ويحرم تعليق الصور على الجدران، مجسمة أو غير مجسمة، لها ظل أو لا ظل لها، يدوية أو فوتغرافية، ولا يجوز من التصوير إلا ما كان لضرورة كالطب والتعرف على المجرمين ونحو ذلك، فيجوز للحاجة.
2 - يحرم تصوير حفل الزفاف رجالاً أو نساء أو كلاهما، وأشد منه وأقبح تصويره بالفيديو، وأقبح منه بيعه في الأسواق وعرضه على الناس، ومن أباح التصوير للناس من غير حاجة وحسَّنه لهم فعليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». متفق عليه (1).

- ما يحرم على المرأة فعله:
يحرم على النساء نتف الحواجب، ولبس الباروكة، ووصل الشعر، والوشم، والنمص، ووشر الأسنان، ورقص النساء مع الرجال، وإطالة الأظفار أكثر من أربعين يوماً؛ لمخالفتها الفطرة، ولبس ملابس الرجال، وثياب الشهرة والاختيال، وما فيه إسراف، والسفور، والتعري، والاختلاط بالرجال في المناسبات.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5951)، واللفظ له، ومسلم برقم (2108).

(1/817)


- ما يجوز للرجال والنساء:
1 - يجوز للرجل إزالة شعر جسده من الظهر والصدر والساقين والفخذين إذا لم يضر بدنه، ولم يقصد التشبه بالنساء.
2 - يجوز للنساء لبس الذهب والحرير، ويحرم ذلك على الرجال، ويجوز صبغ أظافر النساء بما لا يمنع وصول الماء كالحناء ونحوه، وإزالة شعر نبت في الوجه في غير موضعه.
ويحرم التشبه بالكافرات، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
- حكم تشبه المرأة بالكافرات:
لا يجوز للمرأة لبس البنطلون؛ لأنه يبين تفاصيل البدن، ولما فيه من التشبه بالرجال والكافرات، ويحرم عليها صبغ الشعر بالألوان المزرية؛ لما فيه من الشهرة، والتشبه بالكافرات، أما صبغ الشيب فيسن بالحناء والكتم، ويجوز صبغ الشعر بلونه الخلقي سواء كان أسوداً أو أصفراً.
ولبس الكعب العالي محرم؛ لما فيه من التشبه بالكافرات، ولأنه من التبرج الذي نهى الله عنه، وتُمنع المرأة من النقاب والبرقع؛ لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز وقد حصل.

(1/818)


وليمة العرس
- وليمة العرس: هي طعام العرس خاصة لاجتماع الزوجين.
- وقت الوليمة:
تكون الوليمة عند العقد، أو بعده، أو عند الدخول، أو بعده، حسب أعراف الناس وعاداتهم، في الليل أو النهار.
- حكم الوليمة:
1 - تجب الوليمة للعرس على الزوج، وتُسن بشاة أو أكثر، حسب اليسر والعسر، ويحرم الإسراف في الوليمة وغيرها.
2 - يسن أن يدعو للوليمة الصالحين فقراء كانوا أم أغنياء، وتجوز بأي طعام حلال، ويحرم أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء.
3 - يستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة بأموالهم في إعداد الوليمة للعرس.
عن انس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: «فَبَارَكَ الله لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.» متفق عليه (1).
- حكم إجابة دعوة العرس:
تجب إجابة الدعوة إذا كان الداعي مسلماً، وإذا عيَّنه بالدعوة، وكان في اليوم الأول، ولم يكن له عذر، ولم يكن ثَمّ منكر لا يقدر على تغييره، ولم يكن عليه ضرر.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5155)، ومسلم برقم (1427)، واللفظ له.

(1/819)


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِماً فَلْيصلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ». أخرجه مسلم (1).
- ما يقوله من حضر الوليمة:
يستحب لمن حضر الوليمة وأجاب الدعوة أن يدعو لصاحبها عند الفراغ بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنه:
1 - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُم». أخرجه مسلم (2).
2 - «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَأسْقِ مَنْ سَقَانِي». أخرجه مسلم (3).
3 - «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الملائِكَة». أخرجه أبو داود وابن ماجه (4).
- يستحب للزوج صبيحة بنائه بأهله أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره، ويسلم عليهم ويدعو لهم، وأن يقابلوه بالمثل فيسلمون عليه ويدعون له.
- حكم الأكل من طعام الوليمة:
يستحب الأكل من طعام الوليمة ولا يجب، ومَنْ صومه واجب حضر ودعا وانصرف، والمتنفل في الصيام إذا دُعي يستحب أن يفطر لجبر قلب أخيه المسلم وإدخال السرور عليه.
- إذا دخل المسلم على قوم سلَّم عليهم، وجلس حيث ينتهي به المجلس، وسيد
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1431).
(2) أخرجه مسلم برقم (2042).
(3) أخرجه مسلم برقم (2055).
(4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3854)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1747).

(1/820)


المجالس قبالة القبلة، فإذا أراد أن يخرج سلّم.
- حكم حضور الوليمة التي فيها منكر:
إذ علم أن في الوليمة منكراً يقدر على تغييره حضر وغيَّره، وإن لم يقدر فلا يلزمه الحضور، وإن حضر ثم علم به أزاله، وإلا يقدر انصرف، وإن علم بالمنكر ولم يره أو يسمعه خُيِّر بين البقاء والانصراف.

- ما يفعله إذا رأى امرأة فأعجبته:
عن جابر رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَأى امْرَأةً، فَأتَى امْرَأتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ: «إنَّ المَرْأةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإذَا أبْصَرَ أحَدُكُمُ امْرَأةً فَلْيَأْتِ أهْلَهُ، فَإنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ». أخرجه مسلم (1).
- إكرام الوجيه والعالم بالطعام:
عن سهل بن سعد قال: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ العَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إيَّاهُ. متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1403).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5176)، واللفظ له، ومسلم برقم (2006).

(1/821)


الحقوق الزوجية
- للزواج آداب وحقوق على الطرفين: وهي أن يقوم كل واحد من الزوجين بما لصاحبه من حقوق، ويراعي ما له من واجبات، لتتحقق السعادة، ويصفو العيش، وتهنأ الأسرة.
قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} [البقرة/228].

- حقوق الزوجة على زوجها:
1 - على الزوج القيام بالإنفاق على زوجته وأولاده، وما يتبعه من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، حسن العشرة، حسن الصحبة، يعاشر زوجته باللطف واللين والبشاشة، يحلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل الأذى منها، ويعتني بعلاجها إن مرضت، ويعينها في خدمة بيتها، ويأمرها بفعل الواجبات، وترك المحرمات، يعلمها الدين إن جهلت أو أهملت، ولا يكلِّفها ما لا تطيق، ولا يَحْرِمها ما تطلب من الممكن المباح، ويحفظ كرامة أهلها ولا يمنعها عنهم.
2 - وله أن يستمتع بزوجته الاستمتاع المباح في أي وقت، وعلى أي حال ما لم يضرّ بها الاستمتاع أو يشغلها عن واجب.
3 - وعليه أن يُطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يُقَبِّح، ولا يهجر إلا في الفراش.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « .. وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5186)، واللفظ له، ومسلم برقم (1468).

(1/822)


- حقوق الزوج على زوجته:
على الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها، وإصلاح بيته، وتدبير منزله، وتربية أولاده، والنصح له.
وأن تحفظ زوجها في نفسها وماله وبيته، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة، وتتزين له، وأن تجلَّه وتوقِّره وتعاشره بالحسنى، وتهيئ له أسباب الراحة، وتُدخل على نفسه السرور؛ ليجد في بيته السعادة والانشراح.
وأن تطيعه في غير معصية الله، وتتجنب ما يُغضبه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تفشي له سراً، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، ولا تُدخل بيته إلا من يحب، وأن تحافظ على كرامة أهله، وتعينه ما أمكن عند مرضه، أو عجزه.
- وبهذا نعلم أن المرأة في بيتها تؤدي لزوجها ومجتمعها أعمالاً كبيرة لا تقل عن عمل الرجل خارج البيت، فالذين يريدون إخراجها من بيتها ومكان عملها لتشارك الرجال في أعمالهم وتزاحمهم قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا ضلالاً بعيداً، وأضلوا غيرهم ففسدت مجتمعاتهم.
- يحرم مطل كل واحد من الزوجين بما يلزمه للآخر، والتكره لبذله، والمن والأذى.
- حكم وطء المرأة وقت الحيض:
1 - يحرم على الرجل وطء المرأة وهي حائض حتى تطهر، فإن وطئها فقد ارتكب إثماً عظيماً، وعليه التوبة والاستغفار.
2 - يحرم وطء المرأة في المحيض والدبر، ولا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها، والدبر: محل الأذى والقذر.
3 - إذا طهرت المرأة من الحيض وانقطع الدم عنها جاز لزوجها وطؤها بعد أن تغتسل.
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة/222].

(1/823)


- للزوج إجبار زوجته على غسل حيض، ونجاسة، وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره.
- سر الشبه والإنجاب:
1 - إذا جامع الرجل زوجته، فإن سبق ماؤه كان الشبه له، وإن سبق ماؤها كان الشبه لها.
2 - وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَر بإذن الله تعالى، وإن علا ماء المرأة أَنْثَى بإذن الله تعالى.
- حكم العزل:
يجوز للرجل أن يعزل ماءه عن المرأة، وترك العزل أولى؛ لأنه يُفَوِّت لذة المرأة، ويُفَوِّت تكثير النسل وهو من مقاصد النكاح.
- حكم إلقاء النطفة:
يباح لعذر أو حاجة إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح، بشرط إذن الزوج، وعدم تضرر الزوجة، ولا يجوز إسقاطه خوفاً من كثرة الأولاد، أو عجزاً عن معيشته، أو تربيته.
- حكم جمع الزوجات في البيت الواحد:
يحرم على الزوج جمع زوجتين فأكثر في منزل واحد إلا برضاهما، وليس له السفر بإحداهن إلا بقرعة، ومَنْ كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل.

- صفة العدل بين الزوجات:
يجب على الزوج العدل بين زوجاته في القسم، وفي المبيت، والنفقة، والسكن، والمعاملة، أما الجماع فلا يجب، فإن أمكن فهو المستحب، ولا جناح عليه في الميل القلبي؛ لأنه لا يملكه.
قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا

(1/824)


كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129)} [النساء/ 129].
- ما يفعله إذا تزوج ثانية:
1 - السنة إذا تزوج الرجل بكراً وعنده غيرها أن يقيم عندها سبعاً ثم يقسم، وإن تزوج ثيباً أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، وإن أحبت سبعاً فعل وقضى مثله للبواقي، ثم قسم بعد ذلك ليلة لكل واحدة.
عن أم سلمة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثاً وَقَالَ: «إنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي». أخرجه مسلم (1).
2 - الزوجة البكر غريبة على الزوج، وغريبة على فراق أهلها فاحتاجت لزيادة الإيناس وإزالة الوحشة بخلاف الثيّب.
- أحكام القَسْم بين الزوجات:
مَنْ وهبت يومها لضرتها بإذن زوجها، أَوْ لَهُ فجعله لأخرى جاز.
ويجوز لمن له عدة زوجات أن يدخل على المرأة التي ليس لها ذلك اليوم ويدنو منها لكن بدون جماع ويتفقد أحوالها، فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبة النوبة فخصها بالليل.
وإذا سافرت المرأة بلا إذن زوجها، أو أبت السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه فلا قَسْم لها ولا نفقة؛ لأنها عاصية كالناشز.
- وقت القَسْم:
القَسْم بالليل لمن معاشه بالنهار، ومن معاشه بالليل فقَسْمه في النهار.
ويقسم للطاهر والحائض، وإن اتفق معها أنه لا يقسم للحائض أو المريضة جاز، ويقسم للكبيرة والصغيرة، ومن أسقطت حقها لم يقسم لها إن شاء.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1460).

(1/825)


- صفة قدوم الغائب:
يسن للزوج الغائب أن لا يفاجئ أهله بقدومه، بل يعلمهم بوقت قدومه لتستقبله زوجته على أحسن هيئة، وتمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة.

- حكم مصافحة المرأة الأجنبية:
المرأة الأجنبية التي تحرم مصافحتها أو الخلوة بها هي: من ليست زوجة، ولا محرماً للرجل.
والمَحْرم: من يحرم عليه نكاحها على التأبيد إما بالقرابة، أو بالرضاع، أو بالمصاهرة.
لا يجوز لإخوان الزوج، أو أعمامه، أو أخواله، أو بني عمه أن يصافحوا زوجات إخوانهم، أو أعمامهم، أو أخوالهم، أو بني عمهم كسائر الأجنبيات؛ لأن الأخ ليس محرماً لزوجة أخيه وكذا مَنْ سبق.
ولا يجوز لأحد أن يصافح أجنبية منه، وأشد منه أن يُقَبِّلها، سواء كانت شابة أو عجوزاً، وسواء كان المصافح شاباً أو شيخاً كبيراً، بحائل أو بغير حائل لقوله عليه الصلاة السلام: «إنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءَ». أخرجه النسائي وابن ماجه (1).
ويحرم على المرأة المسلمة مصافحة الأجانب عنها، ويحرم ركوبها في السيارة وحدها مع الأجنبي وحده كالسائق.
- حكم من دعاها زوجها للجماع فأبت:
يحرم على المرأة إذا دعاها زوجها إلى الفراش أن تمتنع منه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ». متفق عليه (2).
_________
(1) صحيح/أخرجه النسائي برقم (4181)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2874).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5194)، واللفظ له، ومسلم برقم (1436).

(1/826)


- حكم سفر المرأة بلا محرم:
يحرم على المرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كانت في سيارة، أو طائرة، أو سفينة، أو قطار، أو غير ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». متفق عليه (1).

- صفة الحجاب الشرعي:
1 - أن يكون حجاب المرأة ساتراً لجميع بدنها، ثخيناً لا يشفّ عمّا تحته، فضفاضاً غير ضيّق، غير مزيّن يستدعي أنظار الرجال، وغير مطيّب، وألّا يكون لباس شُهرة، وألّا يشبه لباس الرجال والكافرات، وألّا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير.
2 - الحجاب الشرعي واجب على كل مسلمة بالغة، وهو أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه كالوجه، والكفين، والشعر، والعنق، والقدم، والساق، والذراع ونحو ذلك، لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب/53].
3 - لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال الأجانب في الوظائف والمدارس والمستشفيات وغيرها، كما يحرم عليها التبرج وإظهار مفاتنها وإبراز محاسنها لغير زوجها؛ لما في ذلك من أسباب الفتنة.
4 - يجب على المرأة أن تحتجب ممن ليس بمحرم لها كزوج أختها، وأبناء عمها، وأبناء خالها ونحوهم؛ لأنهم ليسوا بمحارم لها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862)، واللفظ له، ومسلم برقم (1341).

(1/827)


أحكام الحمل
- حكم تناول ما يمنع الحمل:
1 - النسل نعمة كبرى مَنّ الله بها على عباده، حث الإسلام عليها ورغَّب فيها، فلا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق.
قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} [الإسراء/31].
2 - يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهو ما يعرف بالإعقام، إلا لضرر محقق.
3 - يجوز للمرأة برضا زوجها تناول ما يمنع الحمل لضرر محقق كأن تكون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو مريضة يضرها أن تحمل كل سنة، فلا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره إذا رضي الزوجان بذلك، وكان بوسيلة مشروعة لا ضرر فيها على المرأة، وقرر ذلك طبيب ثقة.
- حكم الإنجاب بالتلقيح:
1 - إذا حملت الزوجة من مائين أجنبيين، أو من بيضتها وماء أجنبي فهذا حمل سفاح محرم شرعاً.
2 - إذا حملت الزوجة من ماء زوجها بعد انتهاء عقد الزوجية بوفاة أو طلاق فهذا محرم.
3 - إذا كان الماء من الزوجين، والرحم أجنبي مستعار فهذا محرم أيضاً.
4 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم زوجة له أخرى بتلقيح داخلي أو خارجي فهذا محرم.
5 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم الزوجة ذات البويضة بتلقيح داخلي أو

(1/828)


خارجي في أنبوب ثم ينقل إلى رحم الزوجة نفسها، فهذا يَحُفُّ به عدد من المخاطر والمحاذير فيباح للمضطر، والضرورة تقدَّر بقدرها، وعلى المكلف إذا ابتلي بهذا سؤال مَنْ يثق بدينه وعلمه.
- الذكر والأنثى إذا كملت أعضاء خلقهما لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقاب؛ لأنها تغيير لخلق الله وهو محرم.
- من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فَيُنظر: فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته بالجراحة أو الهرمونات.
- حمل المرأة:
1 - تفرز المرأة بأمر الله كل شهر بويضة، فإذا جاء موعد القدر، ولقح الحيوان المنوي تلك البويضة اتحدت النطفتان، وحملت المرأة، وهي نطفة الأمشاج.
2 - أكثر ما تلد النساء مولوداً واحداً كل سنة، وقد تلد توأمين ذكرين، أو أنثيين، أو ذكراً وأنثى، وقد تلد ثلاثة أو أكثر.
والتوائم نوعان:
أحدهما: يحدث من حيوان منوي واحد وبيضتين يكون منهما توأمان متشابهان تمام التشابه.
والثاني: توأم غير متشابه وذلك يحدث بأمر الله من حيوانين منويين يلقحان بيضتين كل واحد يلقح بيضة والله أعلم.
1 - قال الله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} [الإنسان/2].
2 - وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى/49 - 50].

(1/829)


النشوز وعلاجه
- النشوز: هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها.
- النفوس مجبولة على عدم الرغبة في بذل ما عليها، والحرص على الحق الذي لها، ومما يسهِّل الصلح قلع هذا الخلق الدنيء واستبداله بضده وهو السماحة ببذل الحق الذي عليك، والقناعة ببعض الحق الذي لك، وبذلك تصلح الأمور.
- حكم النشوز:
النشوز هو العصيان، وهو محرم؛ لما فيه من الظلم ومنع الحقوق.
والنشوز يكون من الزوجة بمعصية زوجها فيما يجب عليها.
ويكون النشوز من الرجل إذا منعها حقها وما يجب لها.
وإذا أحست المرأة من زوجها نفوراً أو إعراضاً، وخافت أن يفارقها فلها أن تُسقط عنه حقها، أو بعضه، من مبيت، أو نفقة، أو كسوة، أو غيرها، وله أن يقبل منها ذلك ولا جناح عليهما، وهذا أفضل من الفرقة والمنازعة والمخاصمة كل يوم.
قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)} [النساء/128].
- صفة علاج المرأة الناشز:
1 - إذا ظهر من المرأة أمارات النشوز كأن لا تجيبه إلى الفراش، أو الاستمتاع، أو تجيبه متبرِّمة، أو متكرِّهة وعظها وخوَّفها بالله عز وجل، وأدبها بالأسهل فالأسهل، فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام.
فإن أصرت ضربها ضرباً غير مبرح عشرة أسواط فأقل، ولا يضرب الوجه، ولا

(1/830)


يُقبِّح، فإن حصل المقصود بما سبق وأطاعت المرأة ترك معاتبتها على ما مضى.
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} [النساء/ 34].
1 - إذا ادعى كل من الزوجين ظلم الآخر له، وأصرت المرأة على نشوزها، وترفُّعها، وسوء عشرتها، وتعذر الإصلاح بينهما بعث الحاكم حَكَماً من أهلها وحَكَماً من أهل الزوج، ويفعلان الأصلح من جمع أو تفريق، بعوض أو بدون عوض.
2 - فإن لم يتفق الحكمان، أو لم يوجدا، وتعذَّرت العِشرة بالمعروف بين الزوجين، نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً، بعوض أو بدون عوض، لإزالة الضرر والحرج.
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} ... [النساء/35].

(1/831)


2 - كتاب الطلاق
أحكام الطلاق
- الطلاق: هو حَلُّ قيد النكاح أو بعضه.

- حكمة مشروعيته:
شرع الله النكاح لإقامة الحياة الزوجية المستقرة، المبنية على المحبة والمودة بين الزوجين، وإعفاف كل منهما صاحبه، وتحصيل النسل، وقضاء الوطر.
وإذا اختلت هذه المصالح وفسدت النوايا بسبب سوء خلق أحد الزوجين، أو تنافرت الطباع، أو ساءت العشرة بينهما أو نحوها من الأسباب التي تؤدي إلى الشقاق المستمر الذي تصعب معه العشرة الزوجية، فإذا وصل الأمر إلى هذه الحال فقد شرع الله عز وجل رحمة بالزوجين فرجاً بالطلاق.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق/1].

- من يملك الطلاق:
1 - الطلاق مِنْ حق الرجل وحده؛ لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها المال، وهو أكثر تريثاً وصبراً وتفكيراً بعقله لا بعواطفه.
2 - أما المرأة فهي أسرع غضباً، وأقل احتمالاً، وأقصر رؤيةً، وليس عليها من تبعات الطلاق مثل ما على الزوج، ولو كان الطلاق بيد كل من الزوجين، لتضاعفت حالات الطلاق لأتفه الأسباب.
3 - الطلاق بيد الرجال، فالحر يملك ثلاث تطليقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك تطليقتين.

(1/832)


- من يقع منه الطلاق:
يقع الطلاق من كل بالغ عاقل مختار، ولا يقع الطلاق من مكره، ولا سكران لا يعقل ما يقول، ولا غضبان لا يدري ما يقول، كما لا يقع الطلاق من المخطئ، والغافل، والناسي، والمجنون ونحوهم.

- حكم الطلاق:
يُباح الطلاق للحاجة كسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها.
ويحرم الطلاق لغير حاجة، بأن كانت حياة الزوجين مستقرة.
ويستحب الطلاق للضرورة كما لو تضررت الزوجة في البقاء معه، أو كرهت زوجها ونحو ذلك.
ويجب الطلاق على الزوج إذا كانت امرأته لا تصلي، أو كانت غير نزيهة في عرضها ما لم تتب وتقبل النصح.
- الأحوال التي يحرم فيها الطلاق:
يحرم على الزوج أن يطلق زوجته حال الحيض، وفي طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، وأن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد أو بمجلس واحد.
- يصح وقوع الطلاق من الزوج أو وكيله، ويطلق الوكيل واحدة ومتى شاء إلا أن يعين له وقتاً وعدداً.

- صيغ الطلاق:
ينقسم الطلاق من حيث اللفظ إلى قسمين:
1 - الطلاق الصريح: ويكون بالألفاظ التي لا تحتمل إلا الطلاق ولا تحتمل غيره كطلقتك، أو أنت طالق، أو أنت مطلقة، أو عليَّ الطلاق ونحو ذلك.
2 - الطلاق بالكناية: وهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره كقوله: أنت بائن، أو الحقي بأهلك ونحوها.

(1/833)


- يقع الطلاق باللفظ الصريح لظهور معناه، أما الكناية فلا يقع بها الطلاق إلا بنية مقارنة للفظ.
- إذا قال لزوجته (أنت علي حرام) فهو بحسب نيته، يكون طلاقاً إن نواه، ويكون يميناً فيها كفارة يمين إن نواه، ويكون ظهاراً فيه كفارة ظهار إن نواه.
- يقع الطلاق من جاد وهازل؛ صيانة لعقد النكاح من اللعب والاحتيال.
- صور الطلاق:
الطلاق إما أن يكون مُنَجَّزاً، أو مُضافاً، أو مُعلَّقاً كما يلي:
1 - الطلاق المنجز: أن يقول للزوجة أنت طالق، أو طلقتك ونحوها، وهذا الطلاق يقع في الحال؛ لأنه لم يقيد بشيء.
2 - الطلاق المضاف: أن يقول لزوجته مثلاً أنت طالق غداً، أو رأس الشهر، وهذا الطلاق لا يقع إلا بعد حلول الأجل الذي حدده.
3 - الطلاق المعلق: وهو ما جعل الزوج حصول الطلاق فيه معلقاً على شرط وهو قسمان:
1 - إن كان يقصد بطلاقه الحمل على الفعل أو الترك، أو الحظ أو المنع، أو تأكيد الخبر ونحو ذلك كقوله: إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، يقصد منعها فهذا لا يقع، ويجب فيه كفارة يمين إذا خالفت.
والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
2 - أن يقصد إيقاع الطلاق عند حصول الشرط كقوله: إن أعطيتيني كذا، فأنت طالق مثلاً، وهذا الطلاق يقع عند حصول المعلق عليه.
- حكم الشك في الطلاق:
الأصل بقاء ما كان على ما كان، فالأصل بقاء النكاح، فلا يزول إلا بيقين.

(1/834)


فمن شك في طلاق أو شرطه لم يلزمه، وإن شك في عدده فطلقة.
ومن أوقع الطلاق مع الشك فقد ارتكب ثلاثة محاذير:
التفريق بين الزوجين .. إحلال هذه المرأة لغير زوجها وهي في عصمته .. حرمانها من النفقة والميراث إذا مات.
- حكم طلاق من لم يسم لها مهراً:
إذا طُلِّقت مَنْ لم يسم لها مهر قبل الدخول وجبت المتعة على الزوج، على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، وإن طُلِّقت مَنْ لم يسم لها مهر بعد الدخول فلها مهراً المثل من غير متعة.
قال الله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة/236].
- حكم طلاق من فرض لها المهر:
إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول أو الخلوة وقد فرض لها صداقاً فلها نصفه إلا أن تعفو أو يعفو وليها، وإن كانت الفرقة من قِبَلها سقط حقها كله. وإن كانت الفرقة بعد الدخول لزم الزوج المهر كله.
قال الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)} [البقرة/237].
- إذا افترق الزوجان في نكاح فاسد قبل الدخول فلا مهر ولا متعة، وبعد الدخول يجب لها المهر المسمى بما استحل من فرجها.

(1/835)


الطلاق السني والبدعي
- صور الطلاق السني:
1 - الطلاق السني: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي ثلاثة قروء.
فإذا انقضت العدة ولم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن راجعها في العدة فهي زوجته.
- وإن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين.
- ثم إن طلقها الثالثة كما سبق بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح، وهذا الطلاق بهذه الصفة وهذا الترتيب سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت.
2 - ومن الطلاق السني: أن يطلق الزوج زوجته بعدما يتبين حملها طلقة واحدة، وإن كانت زوجته ممن لا تحيض كالآيسة طلقها أي وقت شاء.
قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ... }.
ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} [البقرة/229 - 230].
- فإذا تم الطلاق وحصلت الفرقة فيسن للزوج أن يُمَتِّعها بما يناسب حاله وحالها جبراً لخاطرها، وأداء لبعض حقوقها كما قال سبحانه: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} ... [البقرة/241].
- الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع، وهو نوعان:

(1/836)


1 - بدعي في الوقت: كأن يطلقها في حيض، أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها.
وهذا الطلاق حرام ويقع، وفاعله آثم، ويجب عليه أن يراجعها منه إن لم تكن الثالثة.
وإذا راجع الحائض أو النفساء أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها، ومن طلقها في طهر جامعها فيه أمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها.
1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر
للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً أَوْ حَامِلاً». متفق عليه (1).
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيْضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ أَوْ يُمْسِكُ». متفق عليه (2).
2 - بدعي في العدد: كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
وهذا الطلاق محرم ويقع، وفاعله آثم، لكن الطلاق ثلاثاً بكلمة أو كلمات في طهر واحد لا يقع إلا واحدة مع الإثم.
- إذا كانت المرأة لا تحيض لصغر أو إياس، أو غير مدخول بها، فلا سنة ولا بدعة في الطلاق هنا، فيطلقها متى شاء.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5251)، ومسلم برقم (1471) (5) واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5251)، ومسلم برقم (1471) (6) واللفظ له.

(1/837)


الطلاق الرجعي والبائن
1 - الطلاق الرجعي: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة، وله مراجعتها إن رغب ما دامت في العدة، فإن راجعها ثم طلقها الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي في الحالتين زوجته ما دامت في العدة، يرثها وترثه، ولها النفقة والسكنى.
- أين تعتد المطلقة الرجعية:
يجب على المطلقة طلاقاً رجعياً وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، بعد الدخول أو الخلوة أن تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها.
ويستحب لها أن تتزين له ترغيباً له في مراجعتها، ولا يجوز للزوج إخراجها من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها.
2 - الطلاق البائن: هو الطلاق الذي تنفصل به الزوجة عن زوجها نهائياً.
وهذا الطلاق قسمان:
1 - بائن بينونة صغرى:
وهو الطلاق دون الثلاث، فإذا طلق زوجته كما سبق طلقة واحدة ثم انتهت عدتها ولم يراجعها فهذا يسمى طلاقاً بائناً بينونة صغرى.
ومن حقه كغيره أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره، وكذا لو طلقها الطلقة الثانية ولم يراجعها في العدة بانت منه، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره.
2 - بائن بينونة كبرى:
وهو الطلاق المكمل للثلاث، فإذا طلقها الطلقة الثالثة انفصلت عنه نهائياً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الدوام، ودخل الثاني بها

(1/838)


ووطئها بعد العدة، فإن طلقها الثاني وفرغت من العدة جاز لزوجها الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين كغيره.
- أين تعتد المطلقة البائن ثلاثاً:
المطلقة ثلاثاً تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى، ولا تخرج من بيت أهلها إلا لحاجة.
- إذا شك الزوج في الطلاق أو شرطه فالأصل بقاء النكاح حتى يجزم بزواله.
- إذا قال الزوج لزوجته (أمرك بيدك) ملكت طلاق نفسها ثلاثاً على السنة إلا أن ينوي الزوج واحدة.

- متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟
يجوز للمرأة طلب الطلاق أمام القاضي إذا تضررت تضرراً لا تستطيع الحياة في ظله، كما في هذه الصور:
1 - إذا قَصَّر الزوج في النفقة.
2 - إذا أضر الزوج بزوجته إضراراً لا تستطيع معه دوام العشرة مثل سبها، أو ضربها، أو إيذائها بما لا تطيقه، أو إكراهها على منكر ونحو ذلك.
3 - إذا تضررت بغيبة زوجها وخافت على نفسها الفتنة.
4 - إذا حُبس زوجها مدة طويلة وتضررت بفراقه.
5 - إذا رأت المرأة بزوجها عيباً مستحكماً كالعقم، أو عدم القدرة على الوطء، أو مرضاً خطيراً منفِّراً ونحو ذلك.
- يحرم على المرأة أن تسأل زوجها طلاق ضرتها لتنفرد به.
- إذا قال لزوجته إن حضت فأنت طالق طلقت بأول حيض متيقن.

(1/839)


- أنواع البينونة:
بينونة المرأة من زوجها لها ثلاث حالات هي:
بينونة فسخ النكاح .. وبينونة طلاق على عوض - وهو الخلع - .. وبينونة طلاق تم به العدد، وهو بعد الطلقة الثالثة.
- متى يقع الطلاق بائناً؟:
يقع الطلاق بائناً إذا كان على عوض .. أو كان قبل الدخول .. أو كان مكمِّلاً للثلاث.
- حكم الطلاق المعلق:
إذا قال لزوجته: إن ولدت ذكراً فأنت طالق طلقة، وإن ولدت أنثى فأنت طالق طلقتين، فولدت ذكراً ثم أنثى، طلقت بالأول، ثم بانت بالثاني.
- حكم الطلاق في النفاس:
يجوز أن يطلق الرجل زوجته في النفاس؛ لأن النفاس لا يحسب من العدة، فتشرع في العدة مباشرة، بخلاف الحيض؛ لأنها لا تَشْرع في عدتها مباشرة.

(1/840)


3 - الرجعة
- الرجعة: إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد في زمن العدة.
- حكمة مشروعية الرجعة:
قد يقع الطلاق في حالة غضب واندفاع، وقد يصدر بدون تدبر وتَرَوٍّ وتصور لعاقبة الطلاق وما يترتب عليه من المضار والمفاسد، لذا شرع الله تعالى الرجعة للحياة الزوجية، وهي حق من حقوق الزوج وحده كالطلاق.
- من محاسن الإسلام جواز الطلاق، وجواز الرجعة، فإذا تنافرت النفوس، واستحالت الحياة الزوجية جاز الطلاق.
وإذا تحسنت العلاقات، وعادت المياه إلى مجاريها جازت الرجعة، فلله الحمد والمنة.
قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة/228].
- حكم الزوجة الرجعية:
المرأة الرجعية زوجة لها، حكم الزوجات، فتعتد في بيت زوجها، وتجب لها النفقة، ويلزمها طاعته، ويجوز لها أن تكشف له وجهها، وأن تتطيب له، وأن تخرج معه، وتأكل معه، وتفعل كل ما يجوز للزوجة مع زوجها إلا في القَسْم فلا قَسْم لها؛ لأنها انفصلت عنه.
ولا يجوز للرجعية أن تخرج من بيت زوجها وتعتد في بيت أهلها إلا لعذر مبيح.

(1/841)


1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق/1].
2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} [البقرة/228].
- شروط صحة الرجعة:
1 - أن تكون المطلقة مدخولاً بها.
2 - أن يكون الطلاق دون ما يملك من العدد كالطلاق دون الثلاث.
3 - أن يكون بلا عوض، فإن كان على عوض فهي بائن.
4 - أن تكون الرجعة في العدة من نكاح صحيح.
- ما تحصل به الرجعة:
تحصل الرجعة بالقول كقوله: راجعت امرأتي، أو أمسكتها ونحوهما.
وتحصل بالفعل كالوطء إذا نوى به الرجعة.
- حكم الإشهاد على الطلاق والرجعة:
يسن الإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة بشاهدين، ويصح الطلاق والرجعة من غير إشهاد، والمطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة، وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة.
- لا تفتقر الرجعة إلى ولي، ولا صداق، ولا رضا المرأة، ولا علمها.
-

(1/842)


4 - الخلع
- الخلع: هو فراق الزوج زوجته بعوض يُدفع له.
- حكمة مشروعيته:
إذا عُدمت المحبة بين الزوجين، وحَلّ محلها الكراهة والبغضاء، ووجدت المشاكل، وظهرت العيوب من الزوجين أو من أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً.
فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق، وإن كان من قِبَل المرأة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي الزوج ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر؛ ليفارقها، والخلع قد يكون بطلب من الزوج أو الزوجة أو وليها.
1 - قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة/229].
2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيْقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقْبَلِ الحَدِيْقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أخرجه البخاري (1).
- موجبات الخلع:
1 - يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها إما لسوء عشرته، أو سوء خُلقه، أو دمامته، أو خافت إثماً بترك حقه، ويستحب للزوج إجابتها إلى الخلع حيث أبيح.
2 - إذا كرهت الزوجة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإذا لم يمكن تقويمه وجب عليها أن تسعى لمفارقته، وإذا فعل بعض المحرمات ولم يجبرها
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5273).

(1/843)


على فعل محرم فلا يجب عليها أن تختلع، وأيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
- حكم عضل الزوجة:
يحرم على الزوج عضل زوجته ليأخذ منها الصداق إلا إذا أتت بفاحشة مبينة فلا يحرم.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} [النساء/19].
- حكم الخلع:
الخلع فسخ، سواء وقع بلفظ (الخلع، أو الفسخ، أو الفداء)، وإن وقع بلفظ الطلاق أو كنايته مع نيته فهو طلاق، ولا يملك رجعتها بعده، وله أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بعد العدة إذا لم يسبقه من عدد الطلاق ما يصير به ثلاثاً.
- وقت الخلع:
يجوز الخلع في كل وقت في الطهر والحيض، وتعتد المختلعة بحيضة واحدة، ويجوز للزوج أن يتزوج مَنْ خالعها برضاها بعقد ومهر جديدين بعد العدة.
- مال الخلع:
كل ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع، فإذا قالت اخلعني بألف ففعل بانت واستحق الألف، ولا ينبغي أن يأخذ منها أكثر مما أصدقها.

(1/844)


5 - الإيلاء
- الإيلاء: هو حلف زوج قادر على الوطء بالله عز وجل، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قُبُلها أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر.
- حكمة إباحة الإيلاء:
الإيلاء فيه تأديب للنساء العاصيات الناشزات على أزواجهن، فأبيح منه بقدر الحاجة وهو أربعة أشهر فما دونها، وأما ما زاد على ذلك فهو حرام وظلم وجور؛ لأنه حلف على ترك واجب عليه.
- حكمة تحديد مدة الإيلاء:
كان الرجل في الجاهلية إذا كان لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوج بها غيره يحلف أن لا يمس امرأته أبداً أو السنة والسنتين بقصد الإضرار بها، فيتركها معلقة لا هي زوجة، ولا هي مطلقة، فأراد الله عز وجل أن يضع حداً لهذا الجور، فحدده بأربعة أشهر، وأبطل ما فوقها؛ دفعاً للضرر.
- صفة الإيلاء:
إذا حلف ألّا يقرب زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر صار مولياً، فإن وطئها في الأربعة أشهر انتهى الإيلاء ولزمته كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام)، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يجامعها فللزوجة أن تطالبه بالوطء، فإن وطئ فلا شيء عليه إلا كفارة يمين.
فإن أبى طالبته بالطلاق، فإن أبى طلق عليه الحاكم طلقة واحدة منعاً للضرر عن الزوجة، وإن ترك وطء زوجته إضراراً بها طالبناه بالرجوع، فإن لم يرجع طلق عليه الحاكم.
قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} [البقرة /226 - 227].

(1/845)


6 - الظهار
- الظهار: هو تشبيه زوجته أو بعضها بكل أو ببعض مَنْ تحرم عليه أبداً كقوله: أنت عليّ كأمي، أو كظهر أختي ونحو ذلك.
- حكمة إبطال الظهار:
كان الرجل في الجاهلية يغضب على امرأته لأمر من الأمور ثم يقول: (أنت عليَّ كظهر أمي) فتطلق منه.
فلما جاء الإسلام أنقذ المرأة من هذا الحرج، وبيَّن أن الظهار منكر من القول وزور؛ لأنه قائم على غير أصل، فالزوجة ليست أماً حتى تكون محرمة كالأم، وأبطل هذا الحكم، وجعل الظهار محرِّماً للمرأة حتى يكفِّر زوجها عمَّا حصل منه كفارة الظهار.
- حكم الظهار:
1 - حكم الظهار: حرام، وقد ذم الله المظاهرين بقوله: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [المجادلة/2].
2 - إذا ظاهر الرجل من امرأته وأراد أن يطأها حَرُم عليه وطؤها حتى يكفر كفارة الظهار.
- صور الظهار:
1 - يكون الظهار مُنَجَّزاً كقوله: (أنتِ عليَّ كظهر أمي).
2 - ويكون معلقاً كقوله: (إذا دخل رمضان فأنتِ عليَّ كظهر أمي).
3 - ويكون مؤقتاً كقوله: (أنت علي كظهر أمي في شهر شعبان مثلاً) فإن خرج الشهر ولم يطأها فيه زال الظهار، وإن وطئها في شعبان فعليه كفارة الظهار.

(1/846)


- إذا ظاهر الزوج من زوجته أخرج الكفارة قبل الوطء، فإن وطئ قبل إخراجها أثِم وعليه إخراجها.
- حكم كفارة الظهار:
كفارة الظهار تجب بالترتيب الآتي:
1 - عتق رقبة مؤمنة.
2 - فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع الفطر في العيدين، والحيض ونحوهما.
3 - فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً من قوت بلده، كل مسكين نصف صاع (كيلو وعشرين جراماً) تقريباً، وإن غدَّى المساكين أو عشَّاهم كفى.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)} [المجادلة/3 - 4].
- الله رؤوف بعباده حيث جعل إطعام الفقراء والمساكين كفارة للذنوب، وماحية للآثام.
- إذا قال لزوجته: إذا ذهبت إلى مكان كذا فأنت علي كظهر أمي: فإن قصد بذلك تحريمها عليه فهو مظاهر، ولا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار.
وإن قصد به منعها من هذا الفعل ولم يقصد تحريمها فلا تحرم عليه، ويجب عليه كفارة يمين ثم ينحل يمينه.
- إذا ظاهر من نسائه بكلمة واحدة لزمه كفارة واحدة، وإن ظاهر منهن بكلمات لزمه لكل واحدة كفارة.
-

(1/847)


7 - اللعان
- اللعان: هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين، مقرونة بلعن من الزوج، وغضب من الزوجة، عند الحاكم أو نائبه.
- حكمة مشروعيته:
إذا رأى الرجل امرأته تزني ولم يمكنه إقامة البينة، أو قذفها بالزنى ولم تقر هي بذلك، وحتى لا يلحقه العار بزناها ويفسد فراشه، أو يلحقه ولد غيره، شرع الله عز وجل اللعان حلًّا لمشكلته، وإزالة للحرج عنه، ويستحب وعظهما وتخويفهما بالله قبل اللعان.
- إذا نكل الزوج وامتنع عن الأيمان فعليه حد القذف ثمانين جلدة، وإذا نكلت الزوجة وأقرت بالزنى أقيم عليها الحد وهو الرجم.
- حكم من قذف غير زوجته:
مَنْ قذف غير زوجته بفعل الفاحشة ولم يستطع إقامة البينة (أربعة شهود) يشهدون بصحة ما قال وجب جلده ثمانين جلدة، ويعتبر فاسقاً لا تقبل شهادته إلا إن تاب وأصلح.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} [النور/4 - 5].
- شروط اللعان:
يشترط لصحة اللعان ما يلي:
1 - أن يكون بين زوجين مكلفين، عند الإمام أو نائبه.
2 - أن يتقدمه قذف الزوج امرأته بالزنى.
3 - أن تكذبه الزوجة وتستمر في تكذيبه إلى انقضاء اللعان.

(1/848)


- صفة اللعان:
إذا قذف الرجل زوجته بالزنى ولم يقم البينة فعليه حد القذف، ولا يسقط عنه حد القذف إلا باللعان.
وصفة اللعان كما يلي:
1 - يبدأ الزوج فيقول أربع مرات: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنى) يشير إليها إن كانت حاضرة، ويسميها إن كانت غائبة، ثم يزيد في الخامسة: {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور/7].
2 - ثم تقول الزوجة أربعاً: (أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى)، ثم تزيد في الخامسة: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور/9].
- يُسن وعظ كل واحد من المتلاعنين عند الشروع في اللعان، ووضع اليد على فم الرجل عند الخامسة، ويقال له: (اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب).
وكذلك يفعل مع المرأة، لكن لا يضع يده على فمها، والسنة أن يكون اللعان بحضرة الإمام أو نائبه، وأن يتلاعنان قياماً بحضرة جماعة من الناس.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور/6 - 9].
- إذا تم اللعان ثبتت خمسة أحكام:
1 - سقوط حد القذف عن الزوج.
2 - سقوط حد الرجم عن الزوجة.
3 - الفرقة بين المتلاعنين.
4 - التحريم المؤبد بينهما.
5 - انتفاء الولد إن وجد عن الزوج ولحوقه بالمرأة.
- المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق في مدة العدة نفقة ولا سكنى.
-

(1/849)


8 - العدة
- العدة: تربص محدود شرعاً بسبب فرقة نكاح شرعي.
فالعدة: هي المدة التي تَنتظر فيها المرأة، وتمتنع عن الزواج بعد وفاة زوجها، أو فراقه لها.
- حكم العدة:
العدة واجبة على كل امرأة فارقها زوجها أو مات عنها بعد خلوته بها، سواء كانت الفرقة بطلاق، أو خلع، أو فسخ؛ لتعرف براءة رحمها بوضع حمل، أو مضي أقراء، أو أشهر.
- حكمة مشروعية العدة:
1 - التأكد من براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب.
2 - إتاحة الفرصة للمطلق أن يراجع امرأته إذا ندم كما في الطلاق الرجعي.
3 - تعظيم شأن النكاح وأنه لا ينعقد إلا بشروط، ولا ينفك إلا بانتظار وتريُّث.
4 - احترام المعاشرة بين الزوجين، فلا تنتقل لآخر إلا بعد انتظار وإمهال.
5 - صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة حاملاً.
ففي العدة أربعة حقوق: حق الله، وحق الزوج، وحق الزوجة، وحق الولد.
- أحكام العدة:
المرأة إذا طُلقت قبل الدخول فلا عدة عليها، وإن طُلقت بعد الدخول فعليها العدة، أما المتوفى عنها زوجها قبل الدخول أو بعده فعليها العدة أربعة أشهر وعشرا؛ وفاء للزوج، ومراعاة لحقه، ولها الميراث.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)} [الأحزاب/49].

(1/850)


2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} [البقرة/234].
- أصناف المعتدات:
المعتدات ست:
1 - الحامل: وعدتها من موت، أو طلاق، أو فسخ إلى وضع الحمل الذي تبيَّن فيه خلق إنسان، وأقل مدة الحمل ستة أشهر منذ نكاحها، وغالبه تسعة أشهر.
قال الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق/4].
2 - المتوفَّى عنها زوجها: إن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل، وإن لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي هذه المدة يتبين الحمل من عدمه.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة/234].
3 - المفارقة لزوجها في الحياة بطلاق بلا حمل، وهي ذات الأقراء وهي الحِيَض فعدتها ثلاثة قروء كاملة، أما المفارقة لزوجها بخلع، أو فسخ فتعتد بحيضة واحدة، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة/ 228].
4 - مَنْ فارقها زوجها حياً ولم تحض لصغر، أو إياس، فعدتها ثلاثة أشهر.
قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ... } [الطلاق/4].
5 - مَنْ ارتفع حيضها ولم تدر ما سبب رفعه، فعدتها سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة.

(1/851)


6 - امرأة المفقود: وهو مَنْ انقطع خبره، فلم تعلم حياته ولا موته، فتنتظر زوجته قدومه، أو تَبَيُّن أمره في مدة يضربها الحاكم للاحتياط في شأنه، فإذا تمت تلك المدة ولم يأت، حَكَمَ الحاكم بوفاته، ثم اعتدت زوجته أربعة أشهر وعشرا عدة وفاة من وقت الحكم، ولها أن تتزوج بعد العدة إن شاءت.
- عدة الأمة المطلقة ذات الحيض قرءان، والآيسة والصغيرة شهران، والحامل بوضع الحمل.
- عدة غير الزوجة:
1 - إذا ملك الرجل أمة توطأ فلا يحل له أن يجامعها حتى يستبرئها:
إن كانت حاملاً بوضع الحمل، والتي تحيض بحيضة، والآيسة والصغيرة بمضي شهر.
2 - الموطوءة بشبهة، أو زنى، أو بنكاح فاسد، أو مختلعة تعتد بحيضة واحدة لمعرفة براءة رحمها، وإذا مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت وابتدأت عدة وفاة منذ مات.
- حكم الإحداد:
يلزم الإحداد مدة العدة كل متوفَّى عنها زوجها.
الإحداد: لزوم بيت زوجها واجتناب ما يدعو إلى جماعها من الزينة والطيب، ولباس زينة، وحناء، وحلي، وكحل ونحوه، وإن تركت الإحداد أثمت وتستغفر الله وتتوب إليه.
عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَلا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَلا تَكْتَحِلُ وَلا تَمَسُّ طِيباً إلا إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ».
متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5342)، ومسلم في كتاب الطلاق برقم (938)، واللفظ له.

(1/852)


- مدة الإحداد:
يجوز الإحداد على غير زوج ثلاثة أيام، أما الإحداد على الزوج المتوفي عنها فإنه تابع للعدة أربعة أشهر وعشرا، وأما الحامل المتوفى عنها زوجها فإذا وضعت حملها سقط وجوب الإحداد عنها.
- مكان العدة:
1 - تجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فإن تحولت خوفاً، أو قهراً، أو بحق، انتقلت حيث شاءت، ولها الخروج من بيتها إن احتاجت لذلك، وتنقضي العدة بمضي الزمان حيث كانت.
2 - المعتدة من طلاق رجعي تكون في بيت زوجها، ولها النفقة والسكنى؛ لأنها زوجة، ولا يجوز إخراجها من بيت زوجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة من أقوال، أو أفعال يتضرر بها أهل البيت.
3 - المعتدة من طلاق بائن لها النفقة إن كانت حاملاً حتى تضع حملها، وإن كانت غير حامل فلا نفقة لها ولا سكنى.
وتعتد المطلقة البائن والمفسوخة والمختلعة في بيت أهلها.
- ما يجوز للمحادة فعله:
يجوز للمرأة المحد ما يلي:
النظافة .. والاغتسال .. وتسريح الشعر .. ولبس الثياب المعتادة .. والخروج لحاجتها محتشمة .. وتكليم الرجال من غير ريبة.

(1/853)


9 - الرضاع
- الرضاع: هو مص مَنْ دون الحولين لبناً ثاب عن حمل أو شربه ونحوه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: «لا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِيَ ابْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».
متفق عليه (1).
- المحرم من الرضاع:
المحرم من الرضاع خمس رضعات في الحولين:
إذا أرضعت المرأة الطفل خمس رضعات قبل استكمال الحولين صار ولدها وولد زوجها، ومحارم الزوج محارمه، ومحارم المرضعة محارم للمرتضع، وأولادهما إخوانه.
أما أبوي المرتضع وأصولهما وفروعهما فلا تنتشر الحرمة عليهم، فيجوز لإخوته من الرضاع أن يتزوجوا بأخواته من النسب وبالعكس.
- حد الرضعة:
أن يمص الثدي ثم يتركه باختياره من غير عارض فذلك رضعة، أو انتقل من ثدي لآخر فذلك رضعة، فإن عاد فثنتان، ويُرجع في ذلك إلى العرف، والأفضل أن يرضعه حسنة الخَلق والخُلق والدين.
- ما يثبت به الرضاع:
يثبت الرضاع بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو بشهادة امرأة واحدة، مرضيَّة في دينها، سواء كانت المرضعة أو غيرها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2645) واللفظ له، ومسلم برقم (1447).

(1/854)


- آثار الرضاع:
1 - إذا أرضعت امرأة طفلاً سواء كانت بكراً أو ثيباً صار ولدها في تحريم النكاح، وإباحة النظر، والخلوة، وفي المحرمية، دون وجوب النفقة والولاية والإرث.
2 - لبن البهيمة لا يحرِّم كلبن المرأة، فلو رضع طفلان من بهيمة لم ينشر الحرمة بينهما، ونقل الدم من رجل إلى امرأة أو العكس ليس برضاع، فلا ينشر الحرمة بينهما.
3 - إذا شك أحد في وجود الرضاع، أو شك في كماله خمس رضعات، وليس هناك بينة فلا تحريم؛ لأن الأصل عدم الرضاع.
- حكم إرضاع الكبير:
الرضاع المحرِّم خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإن دعت الحاجة إلى إرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله البيت ويشق الاحتجاب عنه جاز.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي أرَى فِي وَجْهِ أبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ (وَهُوَ حَلِيفُهُ). فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أرْضِعِيهِ». قَالَتْ: وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ؟ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ».
زَادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4000)، ومسلم برقم (1453) واللفظ له.

(1/855)


10 - الحضانة
- الحضانة: هي حفظ صغير أو معتوه عما يضره، وتربيته والقيام بما يصلحه حتى يستقل بنفسه.
- الولاية على الطفل نوعان:
نوع يقدم فيه الأب على الأم، وهي ولاية المال والنكاح.
ونوع تقدم فيه الأم على الأب، وهي ولاية الحضانة والرضاع.
- الأحق بالحضانة:
1 - الحضانة من محاسن الإسلام وعنايته بالأطفال، فإذا افترق الأبوان، وبينهما ولد فالأحق بالحضانة الأم؛ لأنها أرفق بالصغير، وأصبر عليه، وأرحم به، وأعرف بتربيته وحمله وتنويمه.
2 - الحضانة حق للحاضن لا حقٌّ عليه، فمن أراد أن يتخلى عنها فله ذلك، وتنتقل إلى مَنْ بعده.
ويقدَّم في الحضانة الأقرب مطلقاً، وإن تساويا في القرب قُدمت الأنثى، فأم وأب: تقدم الأنثى وهي الأم.
وإن كانا ذكرين أو أنثيين فإنه يقرع بينهما إذا كانا في جهة واحدة.
فأم وجد: تقدم الأم؛ لأنها أقرب.
وأب وجدة: يقدم الأب؛ لأنه أقرب.
وأم وأب: تقدم الأم؛ لأنهما تساويا في القرب، فتقدم الأنثى.
وجد وجدة: تقدم الجدة، والخال والخالة: تقدم الخالة.
وجدة من جهة الأب، وجدة من جهة الأم، تقدم الجدة من جهة الأب، فإن

(1/856)


كانا في جهة واحدة فقرعة .. وهكذا.
- سقوط الحضانة:
إذا امتنع مَنْ له الحضانة، أو كان غير أهل، أو لم تتحقق مصلحة الطفل انتقلت إلى مَنْ بعده، وإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة وانتقل إلى من بعدها إلا أن يرضى زوجها بالحضانة.
- أين يكون المحضون بعد التمييز:
1 - إذا بلغ الغلام سبع سنين عاقلاً خُيِّر بين أبويه فكان مع مَنْ اختار منهما، ولا يُقر محضون بيد من لا يصونه ولا يصلحه، ولا حضانة لكافر على مسلم.
2 - الأنثى تكون عند أمها حتى يتسلمها زوجها؛ لأن الأم أشفق من غيرها حتى الأب؛ لأن الأب سيخرج لمصالحه، وتبقى البنت في البيت محرومة من أمها.
3 - يكون الذكر بعد رشده حيث شاء.
- نفقة الحضانة:
نفقة المحضون على أبيه، فإن كان الأب معسراً أُنفق على المحضون من ماله، فإن لم يكن له مال فعلى أبيه نفقته، ولا تسقط عنه إلا بأداء أو إبراء.

(1/857)


11 - النفقات
- النفقات: هي كفاية مَنْ يمونه طعاماً وكسوة وسكنى وما يتبع ذلك.
وأسباب وجوب النفقة ثلاثة:
الزوجية .. والقرابة .. والملك.
- فضل النفقة:
1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}
[البقرة/ 274].
2 - وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». متفق عليه (1).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، أَوْ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ».
متفق عليه (2).
- أحوال الإنفاق على الزوجة:
1 - نفقة الزوجة واجبة على زوجها من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن ونحو ذلك بما يصلح لمثلها، وذلك يختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة، وحال الزوجين وعاداتهما.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ ... -وَفِيهِ- «فَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاءِ، فَإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ الله، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله ... وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ». أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5351) واللفظ له، ومسلم برقم (1002).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5353) واللفظ له، ومسلم برقم (2982).
(3) أخرجه مسلم برقم (1218).

(1/858)


2 - يجب على الزوج نفقة زوجته المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها، لكن لا قسم لها، وإذا حصل بين الزوجين نزاع فالمعتبر في النفقة حال الزوج.
قال الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق/7].
3 - الزوجة البائن بفسخ أو طلاق لها النفقة إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها ولا سكنى.
4 - لا نفقة ولا سكنى لمتوفى عنها زوجها، فإن كانت حاملاً وجبت نفقتها من نصيب الحمل من التركة، فإن لم يكن فعلى وارثه الموسر.
5 - إذا نشزت المرأة أو حُبست عنه سقطت نفقتها إلا أن تكون حاملاً.
- حقوق زوجة الغائب:
1 - إذا غاب الزوج ولم ينفق على زوجته لزمته نفقة ما مضى.
2 - إذا أعسر الزوج بالنفقة، أو الكسوة، أو السكن، أو غاب ولم يدع للزوجة نفقة وتعذَّر أخذها من ماله فلها الفسخ إن شاءت بإذن الحاكم.
- حكم النفقة على الآباء والأولاد والأقارب:
تجب النفقة لأبويه وإن علوا حتى ذوي الأرحام منهم، وتقدم الأم على الأب في البر والنفقة، وتجب لولده وإن سفل، حتى ذوي الأرحام منهم إن كان المنفِق غنياً والمنفَق عليه فقيراً، والوالد تجب عليه نفقة ولده كاملة ينفرد بها.
1 - قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... } [البقرة/233].
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ الله مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5971)، ومسلم برقم (2548) واللفظ له.

(1/859)


- شروط النفقة على القريب:
1 - تجب النفقة على كل من يرثه المنفق بفرض أو تعصيب.
2 - يشترط لوجوب النفقة على القريب من غير الأصول والفروع ما يلي:
أن يكون المنفِق وارثاً للمنفَق عليه، فقر المنفَق عليه، غنى المنفِق، عدم اختلاف الدين.
- حقوق المملوك:
يجب على السيد نفقة رقيقه المملوك، وإن طلب نكاحاً زوَّجه سيده أو باعه، وإن طلبته أمة خُيِّر سيدها بين وطئها، أو تزويجها، أو بيعها.
- حكم النفقة على البهائم:
تجب النفقة على ما يملكه الإنسان من البهائم والطيور ونحوها، فيقوم بإطعامها وسقيها وما يصلحها، ولا يحمِّلها ما تعجز عنه، فإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها، أو إجارتها، أو ذبحها إن كانت مما يؤكل، ولا يجوز ذبحها للإراحة كالمريضة والكبيرة ونحوها، وعليه أن يقوم بما يلزمها.
- أحوال المنفق:
للمنفق حالتان:
1 - إن كان المنفق قليل المال وجب عليه أن يبدأ بالنفقات الواجبة من الزوجة، والفروع، والأصول، والمماليك فيبدأ بنفسه أولاً، ثم من تجب نفقتهم مع العسر واليسر وهم: الزوجة، والمماليك، والبهائم.
ثم مَنْ تجب نفقتهم ولو لم يرثهم المنفق من الأصول، كالأم والأب، والفروع كالأولاد، ثم نفقة الحواشي إن كان المنفق يرثهم بفرض أو تعصيب.
2 - أما إن كان المنفق غنياً فينفق على الجميع، ويعطي كل ذي حق حقه.

(1/860)


- حكم الصندوق الخيري:
الصندوق الخيري: هو أن يضع مجموعة من الناس صندوقاً يجمعون فيه ما تطيب به نفوسهم من المال، يؤخذ من كل واحد حسبما يتفقون عليه.
ويكون مال الصندوق معداً للجوائح والنكبات التي تصيب الواحد منهم.
فهذا العمل مشروع، وهو من التعاون على البر والتقوى، وفيه مواساة أهل المصائب.
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2486)، ومسلم برقم (2500).

(1/861)


الأطعمة والأشربة
- الأطعمة: هي كل ما يؤكل ويُشرب.
- حكم الأطعمة والأشربة:
الأصل في المنافع والطيبات الحل، والأصل في المضار والخبائث الحرمة. وجميع الأعيان الأصل فيها الحل والإباحة للمؤمنين إلا ما ثبت النهي عنه، أو بان فيه مفسدة ظاهرة متحققة.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} [البقرة/29].
1 - فكل ما فيه منفعة للروح والبدن من مأكول، ومشروب، وملبوس فقد أحله الله عز وجل؛ ليستعين به العبد على طاعة الله سبحانه.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} [البقرة/168].
2 - وكل ما فيه ضرر أو مضرته أكثر من منفعته فالله قد حرمه فقد أحلّ الله لنا الطيبات من كل شيء، وحرم علينا الخبائث، كما أخبر الله تعالى عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف/157].

- أثر الطعام على الإنسان:
الطعام يتغذى به الإنسان، وينعكس أثره على أخلاقه وسلوكه، فالأطعمة الطيبة يكون أثرها طيباً على الإنسان، والأطعمة الخبيثة بضد ذلك، ولذلك أمر الله العباد بالأكل من الطيبات ونهاهم عن الخبائث.

(1/862)


- الأصل في الأطعمة والأشربة:
الأطعمة والأشربة الأصل فيها الحل للمؤمنين دون الكفار.
فيباح كل طعام أو شراب طاهر لا مضرة فيه من لحم، وحب، وثمر، وعسل، ولبن، وتمر ونحوها من الطيبات.
أما الكفار: فالأطعمة والأشربة وسائر المنافع عليهم حرام.
فكل كافر لا يرفع لقمة إلى فمه، ولا يشرب جرعة من ماء، ولا يلبس ثوباً، ولا يركب مركباً، ولا يسكن داراً ونحو ذلك من نعم الله إلا عوقب عليه يوم القيامة.
قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف/32].
ولا يحل نجس كالميتة والدم المسفوح، ولا ما فيه مضرة كالسم، والخمر، والمخدرات، والتبغ، والقات ونحوها؛ لأنها خبيثة مضرة بدنياً، ومالياً، وعقلياً.
1 - قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة/3].
2 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء/29].

- ما يفعله من دُعي إلى الطعام:
1 - السنة إذا دخل المسلم على أخيه المسلم فأطعمه من طعامه فليأكل ولا يسأله عنه، وإن سقاه من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه.

(1/863)


2 - المتباريان وهما المتفاخران في الضيافة رياء وسمعة وفخراً لا يجابان، ولا يؤكل طعامهما.

- أنواع الأطعمة والأشربة:
الأطعمة والأشربة الأصل فيها الإباحة، وهي ثلاثة أنواع:
حيوانات .. ونباتات .. وسوائل.
1 - فالنباتات سواء كانت حباً كالأرز والبر، أو خضاراً كالقرع والملفوف، أو فاكهة كالموز والبرتقال ونحو ذلك كلها حلال.
2 - والحيوانات البرية والبحرية والطيور كلها حلال إلا ما استثني.
3 - والسوائل كالماء، والحليب، والعسل، كلها حلال.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} [البقرة/29].

- فضل التمور:
التمر من أجود الأغذية، وبيت لا تمر فيه جياع أهله، وهو حرز من السم والسحر، وأفضله تمر المدينة، خاصة العجوة.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلا سِحْرٌ». متفق عليه (1).
- فوائد التمر:
التمر مقو للكبد، ملين للطبع، خافض للضغط، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن، غني بالمواد السكرية، وأكله على الريق يقتل الدود، فهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وحلوى.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5445) واللفظ له، ومسلم برقم (2047).

(1/864)


- مَنْ أكل تمراً عتيقاً فله أن يفتشه ويخرج السوس منه.
- كل حيوان محرم الأكل فهو نجس، ويستثنى من ذلك ثلاثة:
الآدمي، ما لا نفس له سائلة كالحشرات إلا ما تولد من النجاسات كالصراصير فهو نجس حياً وميتاً، ما يشق التحرز منه كالهرة والحمار، ويستثنى من ذلك الكلب.

- المحرم من الحيوانات والطيور:
هو كل ما نص الشرع على خبثه كالحمار الأهلي والخنزير.
أو نص على جنسه ككل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.
أو كان خبثه معروفاً كالفأرة والحشرات.
أو كان خبثه عارضاً كالجَلَّالة التي تتغذى بالنجاسة.
أو أمر الشارع بقتله كالحية والعقرب، أو نهى عن قتله كالهدهد والصُّرَد والضفدع والنملة والنحلة ونحوها.
أو كان معروفاً بأكل الجيف كالنسر والرَّخم والغراب.
أو كان متولداً بين حلال وحرام كالبغل فهو من أنثى خيل نزا عليها حمار.
أو لكونه ميتةً أو فسقاً وهو ما لم يُذكر اسم الله عليه.
أو لم يأذن الشرع في تناوله كالمغصوب والمسروق.

- أنواع السباع المحرمة:
يحرم أكل كل ما له ناب من السباع يفترس به كالأسد، والنمر، والذئب، والفيل، والفهد، والكلب، والثعلب، والخنزير، وابن آوى، والسِّنَّور، والتمساح، والسلحفاة والقنفذ والقرد ونحوها، إلا الضبع فحلال.

(1/865)


- أنواع الطيور المحرمة:
يحرم أكل كل ذي مخلب من الطير يصيد به كالعقاب، والبازي، والصقر، والشاهين، والباشق، والحدأة، والبومة ونحوها.
ويحرم ما يأكل الجيف والزبل من الطيور كالنسر، والغراب، والرخم، والهدهد، والخطاف ونحوها.

- الحلال من الحيوانات والطيور:
1 - حيوانات البر كلها مباحة إلا ما سبق ونحوه مما يلحق به، فيجوز أكل بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم، ويجوز أكل الحمر الوحشية، والخيل، والضبع، والضب، والبقر الوحشي، والظباء والريم، والأرانب، والزرافة، وسائر الوحش إلا ما له ناب يفترس به فيحرم.
2 - والطيور كلها مباحة إلا ما سبق ونحوه فيجوز أكلها كالدجاج، والبط، والأوز، والحمام، والنعام، والعصفور، والبلبل والطاووس واليمام ونحوها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ. أخرجه مسلم (1).
3 - حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في البحر كلها مباحة، صغيرها وكبيرها ولا يستثنى منها شيء فكلها حلال؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} ... [المائدة/96].

- ما يحرم أكله من الأطعمة:
1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام/ 121].
2 - وقال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1934).

(1/866)


وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ... [المائدة/3].
- ما قُطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة لا يجوز أكله.

- الحلال من الميتة والدم:
الميتة والدم المسفوح كلاهما حرام لا يجوز أكله، ويستثنى منهما ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِلُّه بقوله: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، أَمَّا المَيْتَتَانِ: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ». أخرجه أحمد وابن ماجه (1).

- حكم الأدهان المضافة إلى الأطعمة:
الأدهان والزيوت والجيلاتين المضافة إلى الأغذية والحلويات ونحوها إن كانت من نبات فهي حلال ما لم تختلط بنجاسة، وإن كانت من حيوان محرم كالخنزير والميتة فهي حرام، وإن كانت من حيوان مباح، فإن كانت ذكاته شرعية، ولم تختلط بنجاسة فهي حلال، وإلا فهي حرام.

- حكم أكل الجَلَّالة:
الجَلَّالة من بهيمة الأنعام أو الدجاج ونحوها هي التي أكثر علفها النجاسات، فيحرم ركوبها، وأكل لحمها، وشرب لبنها، وأكل بيضها، حتى تحبس، وتعلف الطاهر، ويغلب على الظن طهارتها.

- متى يباح أكل المحرم:
مَنْ اضطر إلى محرم غير السم حلَّ له منه ما يسد رمقه.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ
_________
(1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (5723)، وهذا لفظه، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1118)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3218).

(1/867)


فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} [البقرة/ 173].

- حكم الخمر:
1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». أخرجه مسلم (1).
2 - وعن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الخَمْرُ». أخرجه أحمد والترمذي (2).

- عقوبة شارب الخمر:
1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا، لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (3).
2 - عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إنَّ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ» قَالُوْا: يَا رَسُولَ الله: وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ». أخرجه مسلم (4).

- الملعونون في الخمر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالمُشْتَرِي لَهَا، وَالمُشْتَرَاةَ لَهُ. أخرجه الترمذي وابن ماجه (5).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2003).
(2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (125)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2801).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5575)، ومسلم برقم (2003)، واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم برقم (2002).
(5) حسن صحيح/أخرجه الترمذي برقم (1295)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3380).

(1/868)


- النبيذ هو الماء يلقى فيه تمر، أو زبيب، أو نحوهما؛ ليحلو به الماء، وتذهب ملوحته، وهو مباح يجوز شربه ما لم يغل، أو تأتي عليه ثلاثة أيام.

- حكم الأكل من مال غيره:
إذا مر محتاج بثمر بستان في شجر، أو متساقط عنه، ولا حائط عليه، ولا ناظر فله الأكل منه مجاناً من غير حمل.
ومن أخذ من غير حاجة فعليه غرامة مثليه والعقوبة.

- حكم الأكل والشرب في الأواني المحرمة:
يحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة أو المطلية بهما على الرجال والنساء على حد سواء، ولا يدخل الجنة جسد غُذِّي بالحرام، ولا يستجاب دعاؤه.
- السنة إذا وقع الذباب في الإناء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ فَإنَّ فِي إحْدَى جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الآخَرِ دَاءً». أخرجه البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5782).

(1/869)


الذكاة
- الذكاة: هي إنهار الدم من ذبيحة تحل.
وتكون الذكاة بذبح أو نحر الحيوان المأكول البري بقطع الحلقوم والمريء مع الودجين أو أحدهما، أو عقر الممتنع منه كالشارد ونحوه.

- كيفية الذكاة:
السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، بأن يطعنها بمحدد في لبتها، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، وذبح البقر والغنم ونحوهما بسكين مضجعة على جانبها الأيسر، فيضجع الشاة على الأرض، ويطأ برجله على عنقها، ويرفع رأسها ويذبحها، ثم يتركها ترفس؛ ليسهل خروج الدم منها. ويحرم اتخاذ البهائم غرضاً للرمي.
- ذكاة الجنين ذكاة أمه، فإن خرج حياً لم يحل أكله إلا بذبحه.
- من اضطر لأكل حيوان محرم ذَبَحه كما سبق ثم أكل حاجته منه.

- شروط صحة الذكاة:
يشترط لصحة الذكاة ما يلي:
1 - قصد التذكية.
2 - أهلية المذكي: بأن يكون عاقلاً مسلماً أو كتابياً، رجلاً كان أو امرأة، فلا تباح ذكاة سكران، ومجنون، وكافر غير كتابي.
3 - الآلة: فتباح الذكاة بكل محدد يهريق الدم إلا السن والظفر.
4 - إنهار الدم بقطع الحلقوم والمريء، وتمام الذبح: بقطعهما مع الودجين.

(1/870)


5 - أن يقول: «باسم الله» عند الذبح.
6 - ألّا يكون الصيد محرماً لحق الله كالصيد في الحرم، والصيد للمُحْرِم.

- أنواع الميتة:
كل ما مات بالخنق، أو بضرب الرأس، أو بالصعق الكهربائي، أو بالتغطيس في الماء الحار، أو بالغاز الخانق فهو حرام لا يجوز أكله، فإن الدم في هذه الحالات يحتقن باللحم فيضر الإنسان أكله، وأُزْهقت روحه على خلاف السنة، فهو كالميتة التي ماتت حتف نفسها.

- حكم ذبائح أهل الكتاب:
كل من دان بدين اليهود أو النصارى حَلَّ أكل ذبيحته، ولو كان عندهم تغيير وشرك ما داموا على دينهم.
1 - ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حلال يجوز أكلها لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة/5].
2 - إذا علم المسلم أن ذبائح أهل الكتاب ذبحت بغير الوجه الشرعي كالخنق، أو الصعق الكهربائي فلا يجوز أكلها، أما ذبائح الكفار من غير أهل الكتاب فلا يجوز أكلها مطلقاً.

- متى يأكل المسلم ذبيحة الكتابي:
إذا علم المسلم أن الكتابي ذكر اسم الله على الذبيحة جاز أكلها، وإن علم أنه لم يذكر اسم الله عليها فلا يحل له أكلها، وإن جهل الحال جاز أكلها؛ لأن الأصل حلها، ولا يجب أن يسأل أو يبحث كيف ذبحت، بل الأفضل عدم السؤال، وعدم البحث.
- لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة إلا الجراد والسمك، وكل ما

(1/871)


لا يعيش إلا في الماء فيؤكل بلا ذكاة.

- حكم أكل الصيد:
لا يجوز أكل حيوانات البر والطيور المباحة إلا بشرطين:
ذكاتها .. وذِكر اسم الله عليها.

- حكم ذبح الحيوان من أجل غيره:
مَنْ ذبح حيواناً مأكولاً من بهيمة الأنعام أو غيرها وتصدق به عن شخص ميت ليكون ثوابه للميت فلا بأس، وإن ذبحه تعظيماً لهذا الميت وتقرباً له كان مشركاً شركاً أكبر، ولا يحل له ولا لغيره أكله.

- صفة الإحسان في القتل والذبح:
1 - أن يذبح بآلة حادة ولا يذبح بآلة كالَّة فيعذب الحيوان، وألّا يذبح الحيوان وأليفه يراه فيرتاع الحيوان، وألّا يحد السكين بحضرة الحيوان، ولا يكسر عنق المذبوح أو يسلخه أو يقطع منه عضواً قبل أن تزهق روحه، وأن ينحر الإبل نحراً ويذبح غيرها من الحيوان.
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوْا القِتْلَةَ، وَإذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». أخرجه مسلم (1).
2 - يستحب أن يوجه الذبيحة نحو القبلة، وأن يضيف التكبير إلى التسمية.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1955).

(1/872)


فيقول: «بِاسْمِ الله وَالله أَكْبَرُ». أخرجه أبو داود والترمذي (1).

- حكم التسمية على الذبيحة والصيد:
يجب على المسلم عند الذكاة، أو الصيد أن يقول: (باسم الله).
والتسمية شرط لحل الحيوان، ولا تسقط التسمية لا سهواً، ولا جهلاً.
وإذا فُقدت التسمية لم تحل الذبيحة؛ لأن التسمية من الشروط الثبوتية كالوضوء للصلاة، فلا تسقط بالجهل أو النسيان، فمن ترك التسمية ناسياً أو جاهلاً
لا يأثم، لكن لا يجوز أكل ذبيحته؛ لأنه لم يذكر اسم الله عليها فتحرم، كما أن من صلى بغير وضوء أعاد الصلاة، فلا يلزم من رفع الإثم صحة العمل.
ومن ترك التسمية عمداً فهو آثم، ولا تحل ذبيحته.
قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} [الأنعام/121].
_________
(1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2810)، وأخرجه الترمذي برقم (1521).

(1/873)


الصيد
- الصيد: هو اقتناص حيوان حلال متوحش طبعاً، غير مملوك، ولا مقدور عليه، بآلة معتبرة، قاصداً له.

- حكم الصيد:
الصيد الأصل فيه الإباحة إلا في الحرم فيحرم، ويحرم صيد البر على المحرم.
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة/96].

- حالات الصيد:
الصيد بعد إصابته وإمساكه له حالتان:
الأولى: أن يدركه حياً حياة مستقرة فهذا لا بد من ذكاته الذكاة الشرعية.
الثانية: أن يدركه مقتولاً بالاصطياد أو حياً حياة غير مستقرة، فهذا يحل بشروط الصيد.

- شروط الصيد الحلال:
يشترط في الصيد الحلال ما يلي:
1 - أن يكون الصائد من أهل الذكاة مسلماً أو كتابياً، بالغاً أو مميزاً.
2 - الآلة، وهي نوعان:
1 - محدد يُسيل الدم غير السن والظفر.
2 - الجارحة من الكلاب أو الطيور فيباح ما قتلته إن كانت مُعَلَّمة كالكلب والصقر.

(1/874)


3 - أن يرسل الجارحة من كلب أو صقر قاصداً الصيد.
4 - التسمية عند الرمي أو إرسال الجارحة.
5 - أن يكون الصيد مأذوناً في صيده شرعاً، فصيد المحْرِم وصيد الحرم لا يحل بالاصطياد.

- ذكاة المعجوز عنه:
ذكاة ما عجز عنه من الصيد أو الحيوان بجرحه في أي موضع كان من بدنه، وقتل الحيوان بغير حق ولا انتفاع حرام.

- حكم اقتناء الكلاب:
يحرم اقتناء الكلب؛ لما يسببه من ترويع الناس، وامتناع دخول الملائكة، ولما فيه من النجاسة والقذارة، ونقص أجر مقتنيه كل يوم قيراطين إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فيجوز للحاجة والمصلحة.
- إذا صاد كلب الصيد، أو أمسك بفيه، فلا يلزم غسل الصيد سبع مرات؛ لأن صيد الكلب مبني على التيسير.
- إذا رمى بالمعراض كعصاً ونحوه فإن خزق الصيد جاز أكله، وإن أصابه بعرضه فمات فهو وقيذ لا يجوز أكله.

- حكم العبث بالصيد:
صيد الصيد لهواً وعبثاً كأن يصيده ويتركه لا يستفيد هو منه ولا غيره حرام؛ لما فيه من إضاعة المال، وإزهاق الأرواح من غير حاجة.

(1/875)


- الدم المسفوح الذي ينزف من الطيور أو الحيوانات عند صيدها أو ذبحها قبل أن تزهق روحها نجس، فيحرم الانتفاع به.
- ما صيد بآلة مسروقة أو مغصوبة حلال لكن الصائد آثم.
- لا يجوز أكل صيد أو ذبيحة تارك الصلاة مطلقاً؛ لأنه كافر.
- تحرم الإشارة بالسلاح نحو آدمي معصوم من جاد ومازح.

- حكم تسلي الأطفال بالطيور:
صيد الصيد أو أخذه من أجل أن يتسلى به الصغار جائز، لكن يجب مراقبة الصبي حتى لا يؤذي هذا الصيد، أو يهمله ولا يطعمه.

(1/876)