مختصر
الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة الباب التاسع
الجهاد في سبيل الله
ويشتمل على ما يلي:
1 - معنى الجهاد وحكمه وفضله
2 - أقسام الجهاد
3 - آداب الجهاد في الإسلام
4 - عقد الذمة
5 - عقد الهدنة
6 - الخلافة والإمارة
(1/1025)
1 - معنى الجهاد
وحكمه وفضله
- الجهاد في سبيل الله: هو بذل الطاقة والوسع في قتال الكفار ابتغاء وجه
الله
- وهو المراد هنا -.
- المجاهد في سبيل الله:
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل
فقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ
لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ
الله؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العُلْيَا فَهُوَ
فِي سَبِيلِ اللهِ». متفق عليه (1).
- حكمة مشروعية الجهاد:
1 - شرع الله الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين
كله للهِ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونشر الإسلام، وإقامة العدل،
ومنع الظلم والفساد، وحماية المسلمين، ورد كيد الأعداء وقمعهم.
2 - شرع الله الجهاد ابتلاءً واختباراً لعباده؛ ليتبين الصادق من الكاذب،
والمؤمن من المنافق، وليُعلم المجاهد والصابر، وليس قتال الكفار لإلزامهم
بالإسلام، ولكن لإلزامهم بالخضوع لأحكام الإسلام حتى يكون الدين كله للهِ.
3 - والجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، يُذهب الله به الهم والغم،
وتُنال به الدرجات العلى في الجنة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2810)، واللفظ له، ومسلم برقم (1904).
(1/1027)
- أهداف الجهاد في سبيل الله:
الهدف من القتال في الإسلام إزالة الكفر والشرك، وإخراج الناس من ظلمات
الكفر والشرك والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وقمع المعتدين، وإزالة الفتن،
وإعلاء كلمة الله، وإبلاغ دين الله، وإزاحة من يقوم في وجه تبليغه ونشره،
فإذا حصل ذلك بدون قتال لم يُحتج إلى القتال.
ولا يكون قتال من لم تبلغه الدعوة إلا بعد الدعوة إلى الإسلام، فإن أبوا
أمرهم الإمام بدفع الجزية، فإن أبوا استعان بالله وقاتلهم.
فإن كانوا قد بلغتهم الدعوة جاز قتالهم ابتداءً.
فالله خلق بني آدم لعبادته، فلا يجوز قتل أحد منهم إلا من عاند وأصر على
الكفر، أو ارتد، أو ظلم، أو اعتدى، أو منع الناس من الدخول في الإسلام، أو
آذى المسلمين، وما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوماً قط إلا
دعاهم إلى الإسلام.
- حكم الجهاد في سبيل الله:
الجهاد في سبيل الله فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.
ويجب الجهاد على كل مستطيع في الحالات الآتية:
1 - إذا حضر صف القتال.
2 - إذا استنفر الإمام الناس استنفاراً عاماً.
3 - إذا حَصَر بلده عدو.
4 - إذا احتيج إليه نفسه في القتال كطبيب وطيار ونحوهما.
(1/1028)
1 - قال الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا
وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}
[التوبة/41].
2 - وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا
يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
(36)} [التوبة/36].
- أحكام المجاهدين في سبيل الله:
الجهاد في سبيل الله: تارة يكون واجباً بالنفس والمال في حال القادر مالياً
وبدنياً.
وتارة يكون واجباً بالنفس دون المال في حال من لا مال له.
وتارة يكون واجباً بالمال دون النفس في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه.
1 - قال الله تعالى: ... {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا
عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة/193].
2 - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «جَاهِدُوا
المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». أخرجه
أبو داود والنسائي (1).
- فضل الجهاد في سبيل الله:
1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ
اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ
بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ
(21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
(22)} [التوبة/20 - 22].
_________
(1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2504)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم
(3096).
(1/1029)
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ
الله -وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ
الصَّائِمِ القَائِمِ، وَتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ
بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِماً
مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». متفق عليه (1).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»
قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (2).
- فضل من جهز غازياً أو خَلَفَهُ بخير:
عن زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ
غَازِياً فِي سَبِيلِ الله بِخَيرٍ فَقَدْ غَزَا». متفق عليه (3).
- عقوبة من ترك الجهاد في سبيل الله:
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ
لَمْ يَغْزُ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِياً، أَوْ يَخْلُفْ غَازِياً فِي
أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، أَصَابَهُ الله بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ
القِيَامَةِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2787)، واللفظ له، ومسلم برقم (1876).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26) واللفظ له، ومسلم برقم (83).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2843)، واللفظ له، ومسلم برقم (1895).
(4) حسن /أخرجه أبو داود برقم (2503)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(2762).
(1/1030)
- كيفية التهلكة:
الالقاء بالأيدي إلى التهلكة هو: الإقامة في البلاد، وإصلاح الأموال، وترك
الجهاد في سبيل الله.
فجمْع المال وإمساكه، والبخل عن إنفاقه في سبيل الله، والاشتغال به عن نصرة
الحق، هو التهلكة التي هي ترْك ما أمر الله به، أو فِعْل ما نهى الله عنه،
وهذا الدين لمن ذبّ عنه، لا لمن اشتغل عنه.
فترْك الجهاد في سبيل الله يولِّد مصيبتين:
فهو يوجب الذلة في الدنيا، بتسلط العدو، واستيلائه على بلاد المسلمين، ثم
صدهم عن دينهم، كما أنه يوجب العذاب الأليم في الآخرة.
وليس من انغمس في صفوف العدو ملقياً بيده إلى التهلكة، بل هو ممن شرى نفسه
ابتغاء مرضاة الله، وجاهد في سبيل الله.
1 - قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة/195].
2 - وقال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} [البقرة/207].
3 - وعَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ
نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ
الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ
مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ،
فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا
مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ الله نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ
الْإِسْلَامَ قُلْنَا
(1/1031)
هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا
وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله
وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) فَالْإِلْقَاءُ
بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا
وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: فَلَمْ يَزَلْ
أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله حَتَّى دُفِنَ
بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- شروط وجوب الجهاد في سبيل الله:
الإسلام، والعقل، والبلوغ، والذكورية، والسلامة من الضرر كالمرض الشديد،
ووجود النفقة.
- حكم استئذان الوالدين في الجهاد:
1 - لا يجاهد المسلم تطوعاً إلا بإذن والديه المسلمين؛ لأن الجهاد فرض
كفاية إلا في حالات، وبر الوالدين فرض عين في كل حال، أما إذا وجب الجهاد
فيجاهد بلا إذنهما.
2 - كل تطوع فيه منفعة للإنسان ولا ضرر على والديه فيه فلا يحتاج إلى
إذنهما فيه كقيام الليل، وصيام التطوع ونحوهما، فإن كان فيه ضرر على
الوالدين، أو أحدهما كجهاد التطوع فلهما منعه، وعليه أن يمتنع؛ لأن طاعة
الوالدين واجبة، والتطوع ليس بواجب.
- الرباط: هو لزوم الثغر بين المسلمين والكفار.
- حكم حفظ حدود البلاد:
يجب على المسلمين أن يحفظوا حدودهم من الكفار، إما بعهد وأمان، وإما بسلاح
ورجال، حسب ما تقتضيه الحال.
_________
(1) صحيح /أخرجه أبو داود برقم (2512)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم
(2972).
(1/1032)
- فضل الرباط في سبيل الله:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا
... ». أخرجه البخاري (1).
- فضل الإنفاق في سبيل الله:
1 - قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة/261].
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ الله دَعَاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ
كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ: أَيْ فُلُ هَلُمَّ .. ». متفق عليه (2).
- فضل الغبار والصيام في سبيل الله:
1 - عن أبي عبس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ الله حَرَّمَهُ الله عَلَى
النَّارِ». أخرجه البخاري (3).
2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه
وسلم - يقول: «مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ
عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيْفاً». متفق عليه (4).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2892).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2841)، ومسلم برقم (1027).
(3) أخرجه البخاري برقم (907).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2840)، واللفظ له، ومسلم برقم (1153).
(1/1033)
- فضل من احتبس فرساً في سبيل الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ
احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله إيمَاناً بِالله، وَتَصْدِيقاً
بِوَعْدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ، وَرَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ فِي
مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري (1).
- فضل الغدوة والروحة في سبيل الله:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا
فِيهَا». متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2853).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2792)، ومسلم برقم (1880).
(1/1034)
2 - أقسام الجهاد
- أقسام الجهاد أربعة:
1 - جهاد النفس: وهو جهاد النفس على تعلم الدين، والعمل به، والدعوة إليه،
والصبر على الأذى فيه.
2 - جهاد الشيطان: وهو جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات
والشهوات.
3 - جهاد أصحاب الظلم والبدع والمنكرات: ويكون باليد إذا قدر، فإن عجز
فباللسان، فإن عجز فبالقلب، حسب الحال والمصلحة.
4 - جهاد الكفار والمنافقين: ويكون بالقلب، واللسان، والمال، والنفس -وهو
المقصود هنا-.
- درجات المجاهدين في سبيل الله في الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ...
إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ فِي
سَبِيلِ الله، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالأرْضِ، فَإذَا سَأَلْتُمُ الله فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ فَإنَّهُ
أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ،
وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ». أخرجه البخاري (1).
- أحوال الجهاد في سبيل الله:
للجهاد في سبيل الله أربع حالات:
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2790).
(1/1035)
1 - جهاد ضد الكفار والمشركين: وهو أمر
لازم لحفظ المسلمين من شرهم، ولنشر الإسلام بينهم، ويُخيرون فيه على
الترتيب بين الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال.
2 - جهاد ضد المرتدين عن الإسلام: ويُخيرون على الترتيب بين العودة إلى
الإسلام، أو القتال.
3 - جهاد ضد البغاة: وهم الذين يخرجون على إمام المسلمين ويثيرون الفتنة،
فإن رجعوا وإلا قُتلوا.
4 - جهاد ضد قطاع الطريق: ويخير الإمام فيهم بين قتلهم، أو صلبهم، أو تقطيع
أيديهم وأرجلهم من خِلاف، أو نفيهم من الأرض، وعقوبتهم حسب جريمتهم، حسب ما
يراه الإمام.
- حكم جهاد النساء:
يجوز عند الحاجة غزو النساء مع الرجال للخدمة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَغْزُوْ بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَهُ إذَا
غَزَا، فَيَسْقِينَ المَاءَ، وَيُدَاوِينَ الجَرْحَى. متفق عليه (1).
- يستحب تشييع الغزاة والدعاء لهم، والخروج لاستقبالهم عند العودة من
الغزو.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3811)، ومسلم برقم (1810) واللفظ له.
(1/1036)
3 - آداب الجهاد في
الإسلام
- من آداب الجهاد في الإسلام:
عدم الغدر، عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ الكبار والرهبان إذا لم
يقاتلوا، فإن قاتلوا أو حَرَّضوا أو كان لهم رأي وتدبير قُتلوا.
ومنها البُعد عن العُجب والبطر والرياء، وعدم تمني لقاء العدو، وعدم تحريق
الآدمي والحيوان بالنار.
ومنها عرض الإسلام على العدو، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا حَلَّ قتالهم.
ومنها الصبر والإخلاص، واجتناب المعاصي، والدعاء وطلب النصر والتأييد من
الله عز وجل، ومنه: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ
السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ».
متفق عليه (1).
- ما يقوله المسلم إذا خاف العدو:
1 - «اللَّهُمَّ اكفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ». أخرجه مسلم (2).
2 - «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ
شُرُورِهِمْ». أخرجه أحمد
وأبو داود (3).
- واجبات الإمام في الجهاد:
يجب على الإمام أو من ينوب عنه أن يتفقد جيشه وأسلحته عند المسير إلى
العدو، ويمنع المخذِّل والمرجف، وكل من لا يصلح للجهاد، ولا يستعين بكافر
إلا لضرورة، ويُعد الزاد، ويسير بالجيش برفق، ويطلب لهم أحسن المنازل،
ويمنع الجيش من الفساد والمعاصي، ويحدثهم بما يقوي نفوسهم ويرغبهم في
الشهادة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2966)، ومسلم برقم (1742).
(2) أخرجه مسلم برقم (3005).
(3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (19958)، وأخرجه أبو داود برقم (1537).
(1/1037)
ويأمرهم بالصبر والاحتساب، ويقسم الجيش،
ويُعيِّن عليهم العرفاء والحراس، ويبث العيون على العدو، ويُنفِّل من يرى
من الجيش أو السرية كالربع بعد الخمس في الذهاب، والثلث بعد الخمس في
الرجوع، ويشاور في أمر الجهاد أهل الدين والرأي.
- ما يجب على المجاهدين في سبيل الله:
يلزم الجيش طاعة الإمام أو نائبه في غير معصية الله، والصبر معه، ولا يجوز
الغزو إلا بإذنه إلا أن يفاجئهم عدو يخافون شرَّه وأذاه فلهم أن يدافعوا عن
أنفسهم، وإن دعا كافر إلى البِراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة
مبارزته بإذن الأمير.
ومن خرج مجاهداً في سبيل الله فمات بسلاحه فله أجره مرتين.
- حكم الخدعة في الجهاد:
إذا أراد الإمام غزو بلدة أو قبيلة في الشمال مثلاً أظهر أنه يريد جهة
الجنوب مثلاً، فالحرب خدعة.
وفي هذا الفعل فائدتان:
الأولى: أن خسائر الأرواح والأموال تقل بين الطرفين فتحل الرحمة محل
القسوة.
الثانية: توفير طاقة جيش المسلمين من رجال وعتاد لمعركة لا تجدي فيها
الخدعة.
عن كعب رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -
قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا. متفق عليه
(1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2948)، واللفظ له، ومسلم برقم (2769).
(1/1038)
- وقت القتال:
عن النعمان بن مقرِّن رضي الله عنه قال: شَهِدْتُ رَسُولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - إذَا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ
القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ
النَّصَرُ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- إذا فاجأ العدو المسلمين وأغار عليهم فيجب رده وصده في أي وقت أغار فيه.
- متى ينزل نصر الله؟
كتب الله على نفسه النصر لأوليائه، ولكنه ربط هذا النصر بأمور:
1 - كمال حقيقة الإيمان في قلوب المجاهدين في سبيل الله:
قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
[الروم/47].
2 - استيفاء مقتضيات الإيمان، وهي الأعمال الصالحة في حياتهم:
قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ
أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [الحج/40
- 41].
3 - استكمال العدة التي في طاقتهم:
قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}
[الأنفال/60].
4 - بذل الجهد الذي في وسعهم:
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} ... [العنكبوت/69].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ
فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
_________
(1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2655)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم
(1613).
(1/1039)
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال/45 - 46].
وبذلك تكون معهم معية الله، وينزل عليهم نصر الله كما نزل على الأنبياء
والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه رضي الله عنهم في غزواتهم.
- أثر اليقين والصبر في العمل:
إذا قام المسلم بالحق، وكان قيامه بالله ولله، لم يقم له شيء، ولو كادته
السماوات والأرض ومن فيهن لكفاه الله مؤنتها، وإنما يؤتى العبد من تفريطه
أو تقصيره في هذه الأمور الثلاثة أو في بعضها.
فمن قام في باطل لم يُنصر، وإن نُصر فلا عاقبة له، وهو مذموم مخذول.
وإن قام في حق لكن لم يقم للهِ، وإنما قام لطلب الحمد والشكر من الناس فهذا
لا ينصر؛ لأن النصر لمن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا، وإن نُصر فبحسب ما
معه من الصبر والحق، وإن قام بالحق مستعيناً بغير الله فهو مخذول.
فالصبر منصور أبداً، فإن كان الصابر محقاً كانت له العاقبة، وإن كان مبطلاً
لم تكن له عاقبة.
قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة/ 24].
- حكم الفرار من الزحف:
إذا التقى الجيشان فيحرم الفرار من الزحف إلا في حالتين:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ
يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا
إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)} [الأنفال/15 - 16].
(1/1040)
- أصناف الشهداء في سبيل الله:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ،
وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ». متفق عليه (1).
2 - وعن جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: « ... الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى القَتْلِ فِي سَبِيلِ الله عَزَّ
وَجَلَّ: المَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالمَبْطُونُ شَهِيدٌ، والغَرِيقُ شَهِيدٌ،
وَصَاحِبُ الهَدْمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الجَنْبِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ
الحَرَقِ شَهِيدٌ، وَالمَرْأَةُ تَمُوْتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ». أخرجه أبو
داود والنسائي (2).
3 - وعن سعيدِ بنِ زَيْد رضي الله عنه قالَ: سَمعْتُ رسُولَ الله - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ قُتلَ دُونَ مالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمنْ
قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَن قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ
شَهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دونَ أهلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». أخرجه أبو داود
والترمذي (3).
- فضل الشهادة في سبيل الله:
1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ
بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
(171)} [آل عمران/169 - 171].
2 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا
أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الدُّنْيَا وَلَهُ
مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إلا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ
إلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ
الكَرَامَةِ». متفق عليه (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2829)، واللفظ له، ومسلم برقم (1914).
(2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (3111)، وأخرجه النسائي برقم (1846)، وهذا
لفظه.
(3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4772)، وأخرجه الترمذي برقم (1421)، وهذا
لفظه.
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2817)، واللفظ له، ومسلم برقم (1877).
(1/1041)
- كرامات الشهيد في سبيل الله:
أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، لها قناديل معلَّقة بالعرش، تسرح من الجنة
حيث شاءت، وللشهيد عند الله خصال.
عن المقدام رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنّ
لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عزّ وجلّ خِصَالاً: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ
دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُحلَّى عليْه
حُلَّةَ الإيمان، ويُزوَّج اثنتين وسبعين زوجَة من الحورِ العينِ،
وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ،، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ،
ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقار الياقوتةُ منْهُ خيرٌ من الدُّنيا وما
فيها، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبِهِ». أخرجه سعيد
بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان (1).
- من جُرح جرحاً في سبيل الله جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح
المسك، عليه طابع الشهداء، والشهادة في سبيل الله تعالى تكفر الذنوب كلها
إلا الدَّيْن.
- حكم من حوصر وحده:
من خشي الأسر من المسلمين ولا طاقة له بعدوه، فله أن يسلم نفسه، وله أن
يقاتل حتى يُقتل أو يَغلب.
- حكم من هاجم العدو وحده:
من ألقى نفسه في أرض العدو، أو اقتحم في جيوش الكفار المعتدين بقصد التنكيل
بالأعداء، وزرع الرعب في قلوبهم خاصة مع اليهود المعتدين، ثم قُتل، فقد نال
أجر الشهداء الصابرين، والمجاهدين الصادقين، وهو أقل خسارة، وأكثر نكاية
بالأعداء.
_________
(1) صحيح/ أخرجه سعيد بن منصور برقم (2562)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم
(3949)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (3213).
(1/1042)
- حكم المقتول في سبيل الله:
المقتول في سبيل الله يسمى شهيداً؛ لأنه أشهد الله والناس على صدق إيمانه،
وأثبت باستشهاده أن هذا الدين حق.
والشهيد في الحقيقة حي لا ميت، وقد نهى الله المؤمنين أن يقولوا للشهيد إنه
ميت؛ لئلا يظن الإنسان أن الشهيد يموت، فيفر من الجهاد خوفاً من الموت،
ولئلا ينكل الناس عن الجهاد، لفرار النفوس من الموت طبعاً.
1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}
[آل عمران/169].
2 - وقال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}
[البقرة/154].
- أقسام الأسرى:
أسرى الحرب قسمان:
1 - النساء والأطفال: يُسترقّون بمجرد السبي.
2 - الرجال المقاتلون: يُخيَّر الإمام فيهم بين إطلاقهم بلا فداء، أو
مفاداتهم، أو قتلهم، أو استرقاقهم حسب المصلحة.
- صفة قسمة الغنيمة:
الغنيمة لمن شهد الوقعة من أهل القتال، فيُخرج الخمس ويُقسم: سهم للهِ
ولرسوله يُصرف في مصالح المسلمين، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم
للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
ثم باقي الغنيمة وهو أربعة أخماس يقسم بين الغانمين، (للراجل) سهم،
(وللفارس) ثلاثة أسهم، ويحرم الغلول من الغنيمة، وللإمام تأديب الغال حسب
المصلحة بما يناسب، وما أُخذ من مال مشرك بغير قتال كجزية وخراج
(1/1043)
ونحوهما ففيء يصرف في مصالح المسلمين.
والفيء: هو ما أُخِذ من مال الكفار بحق من غير قتال.
1 - قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)} [الأنفال/41].
2 - وقال الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7].
- حكم تنفيل بعض المجاهدين:
يجوز لأمير الجيش أن يُنَفِّل بعض المجاهدين بشيء من الغنيمة إن رأى فيه
مصلحة تنفع المسلمين، وإن لم ير مصلحة لم يُنَفِّل.
- حكم الغنيمة:
1 - يشارك الجيش سراياه فيما غنمت، ويشاركونه فيما غنم، ومن قَتل قتيلاً في
حالة الحرب فله سَلَبه.
وسلبه: ما عليه من لباس، وما معه من سلاح، ومركب، ومال.
2 - لا يُسهم من الغنيمة إلا لمن فيه أربعة شروط: البلوغ، والعقل، والحرية،
والذكورية، فإن اختل شرط رضخ له ولم يُسهم.
- حكم وطء المسبيات:
النساء المسبيات ينفسخ نكاحهن بمجرد السبي، ولا يجوز وطؤهن إلا بعد قسمتهن
ثم تُستبرأ الحامل بوضع الحمل، وغير ذات الحمل بحيضة.
إذا غنم المسلمون أرضاً من عدوهم عنوة خُيِّر الإمام بين قسمها على
(1/1044)
المسلمين، أو وقفها عليهم، ويضرب عليها
خراجاً مستمراً ممن هي في يده.
تجوز مكافأة الكافر على إحسانه للمسلمين بما تيسر؛ وفاءً لجميله.
- حكم نقل الأعضاء من إنسان إلى آخر:
1 - إذا احتاج حي من مجاهد وغيره إلى نقل عضو أو جزء من إنسان حي.
فإن كان النقل يؤدي إلى ضرر بالغ بتفويت أصل الانتفاع أو جُلِّه كقطع يد،
أو رجل، أو كِلْية فهذا محرم؛ لأنه تهديد لحياة متيقنة بعملية ظنية موهومة.
وإن كان النقل يؤدي إلى الموت كنزع القلب، أو الرئة فهذا قتل للنفس، وهو من
أشد المحرمات.
2 - نقل عضو أو جزء من إنسان ميت إلى حي، فإن كانت مصلحة الحي ضرورية تتوقف
حياته عليها كنقل القلب، أو الرئة، أو الكِلْية فهذا يجوز عند الضرورة إذا
أذن الميت قبل وفاته، ورضي المنقول إليه، وانحصر التداوي به، وقام بذلك
طبيب ماهر.
(1/1045)
4 - عقد الذمة
- عقد الذمة: هو إقرار الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام
الملة، ويعقده الإمام أو نائبه.
- أهل الذمة: هم: أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، والمجوس يعاملون معاملة
أهل الكتاب في شيء، ويبقون على الأصل في شيء آخر، فتؤخذ منهم الجزية، ولا
تنكح نساؤهم، ولا تؤكل ذبائحهم.
وأما المشركون فإنه لا ذمة لهم عند الله ولا عند رسوله ولا عند المؤمنين،
فالمشرك يُعْرَض عليه الإسلام فإما أن يسلم، وإما أن يُقتل؛ لأن الإسلام لا
يقر الشرك ولا الوثنية.
أما أهل الكتاب فيخيرون بين ثلاثة أمور: الإسلام، أو الجزية، أو القتال.
- مقدار الجزية:
يفرضها الإمام أو نائبه، حسب العسر واليسر، من الذهب أوالفضة أو النقود،
وغيرها من الأشياء المباحة كالثياب والحديد والمواشي ونحوها، ولا جزية على
صبي، ولا امرأة، ولا عبد، ولا فقير، ولا مجنون، ولا أعمى، ولا راهب.
- إذا بذل أهل الذمة ما عليهم من الجزية، أو الخراج، أو الدية، أو الدَّين،
أو غير ذلك، من ثمن ما نعتقد تحريمه ولا يعتقدون تحريمه كالخمر والخنزير
جاز قبوله منهم.
- أحكام أهل الذمة:
إذا أدى أهل الذمة الجزية لنا وَجب قبولها، وحَرم قتالهم، وإن أسلم منهم
أحد سقطت عنه، ونُظهر لهم عند استلام الجزية القوة، ونستلمها من أيديهم وهم
صاغرون.
وتجوز عيادتهم وتعزيتهم والإحسان إليهم؛ تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في
إسلامهم.
(1/1046)
1 - قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ
مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ
وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة/29].
2 - وقال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/8].
- فضل مَنْ أسلم من أهل الكتاب:
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«ثَلاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ
بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَالعَبْدُ
المَمْلُوكُ إذَا أَدَّى حَقَّ الله تَعَالَى، وَحَقَّ مَوَالِيهِ،
وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا،
وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا
فَلَهُ أَجْرَانِ». متفق عليه (1).
- حكم أهل الذمة بالإسلام:
يجب على الإمام أخذ أهل الذمة بحكم الإسلام في النفس، والمال، والعرض،
وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه كالزنى، لا فيما يعتقدون حله
كالخمر والخنزير فلا يعاقبون عليه، لكن يُمنعون من إظهاره.
- حكم تميز أهل الذمة عن المسلمين:
يلزم أهل الذمة التميز عن المسلمين في الحياة وفي الممات؛ لئلا يغتر بهم
الناس، فيلبسون ويركبون الأدنى ليتميزوا، ويجوز دخولهم المسجد إن رُجي
إسلامهم إلا المسجد الحرام فلا يدخله مشرك.
- صفة معاملة أهل الذمة:
لا يجوز تصدير أهل الذمة في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بُداءتهم
بالسلام، فإن سلَّموا وجب الرد عليهم بقولنا (وعليكم).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (97)، واللفظ له، ومسلم برقم (154).
(1/1047)
ولا يجوز تهنئتهم بأعيادهم، ويُمنعون من
بناء الكنائس والبِيَع والمعابد، ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس، وجهر
بكتابهم، ومن تعلية بنيان على مسلم ونحو ذلك.
ويحسن إكرامهم والإحسان إليهم بالقول والفعل رجاء إسلامهم.
قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/ 8].
- حكم القيام للقادم:
يجوز القيام للمسلم القادم إجلالاً له وإكراماً، أو إعانة.
ويجوز القيام إليه بالمشي خطوات إجلالاً وإكراماً له.
أما القيام على الشخص وهو جالس فلا يجوز إلا إذا كان في ذلك حماية له،
وإغاظة للمشركين كما فعل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين قام على رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وقريش تراسله في صلح الحديبية.
- متى ينتقض عهد الذمي:
1 - ينتقض عهد الذمي ويحل دمه وماله إذا أبى دفع الجزية، أو لم يلتزم أحكام
الإسلام، أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى، أو قطع طريق، أو تجسس على
المسلمين، أو ذكر الله أو ذكر رسوله أو كتابه أو شريعته بسوء.
2 - إذا انتقض عهد الذمي بما سبق صار حربياً، يُخير فيه الإمام بين القتل،
أو الاسترقاق، أو المنّ بدون شيء، أو الفداء حسب المصلحة.
- عقد الأمان:
يجوز تأمين الكافر لمدة محدودة حتى يبيع تجارته، أو يسمع كلام الله ويرجع
ونحو ذلك من كل مسلم، بالغ، عاقل، مختار، ما لم يُخش ضرره، ويصح من الإمام
لجميع المشركين.
(1/1048)
فإذا أُعطي الكافر العهد حَرُم قتله،
وأسره، وأذيته.
قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)} [التوبة/6].
- حكم بقاء الكفار في جزيرة العرب:
لا يجوز إقرار اليهود والنصارى وسائر الكفار في جزيرة العرب للسكنى، أما
على وجه العمل فيجوز للضرورة بشرط أن نأمن شرهم، ولا يوجد غيرهم.
1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ». متفق عليه (1).
2 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول:
«لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى
لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا.».
أخرجه مسلم (2).
- حكم دخول الكافر المسجد:
1 - لا يجوز للكفار دخول حرم مكة؛ لقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً
فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28].
2 - لا يجوز للكفار دخول مساجد الحل إلا بإذن مسلم لحاجة، أو مصلحة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3053)، ومسلم برقم (1637).
(2) أخرجه مسلم برقم (1767).
(1/1049)
- إثم من قتل معاهداً بغير جرم:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا
يُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامَاً».
أخرجه البخاري (1).
- حكم بناء الكنائس والبِيَع:
المساجد بيوت الإيمان، والكنائس والبِيَع بيوت الشرك والكفر، والأرض للهِ
عز وجل.
وقد أمر الله ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها للهِ، ونهى عن كل ما يُعبد
فيه غير الله.
لهذا يحرم بناء معابد الكفر والشرك؛ لما في بنائها من إقرار الباطل، واظهار
شعائر الكفر، والتعاون على الإثم والعدوان، وغش الخلق.
1 - قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل
عمران/85].
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (3166).
(1/1050)
5 - عقد الهدنة
- الهدنة: عقد الإمام أو نائبه على ترك قتال العدو مدة معلومة ولو طالت
بقدر الحاجة.
وهي لازمة، ويجوز عقدها للمصلحة، حيث جاز تأخير الجهاد لعذر كضعف المسلمين
ولو بمال منا، ويجوز عقدها بعوض وبغير عوض.
- يؤخذ المعاهدون بجنايتهم على مسلم من مال، وقود، وجلد.
- حكم الوفاء بالعهد:
يجب الوفاء بالعهد، ولا يجوز نقضه إلا إذا نقض العدو العهد، أو لم يستقيموا
لنا، أو خفنا منهم خيانة، فهنا انتقض العهد، ولا يلزمنا البقاء عليه.
ولنا إذا خفنا منهم خيانة أن نقاتلهم بعد إعلامهم بنبذ العهد.
1 - قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ
مَسْئُولًا (34)} [الإسراء/34].
2 - وقال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً
فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْخَائِنِينَ (58)} [الأنفال/58].
- الأحوال التي يجب فيها عقد الهدنة:
يجب عقد الهدنة في حالتين:
الأولى: إذا طلب العدو عقد الهدنة أجبناه؛ حقناً للدماء، ورغبة في السلم
كما صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - مشركي قريش على ترك الحرب عشر سنين
في الحديبية.
قال الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا
أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ
بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)} [الأنفال/61 - 62].
الثانية: عدم البدء بالقتال في الأشهر الحرم وهي: (ذو القعدة، وذو الحجة،
والمحرم، ورجب).
(1/1051)
فنعاهد العدو على ترك القتال في هذه
الأشهر، فإن قاتَلَنا فيها قاتلناه، دفاعاً عن ديننا وأنفسنا وديارنا.
قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ
شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا
فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا
يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
(36)} [التوبة/36].
(1/1052)
6 - الخلافة
والإمارة
أحكام الخليفة
- حكم نصب الخليفة:
نصب الإمام للمسلمين واجب؛ لحماية بيضة الإسلام، وتدبير أحوال المسلمين،
وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، والحكم بما أنزل الله، والأمر بالمعروف،
والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله.
قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} ...
[ص/26].
- أولو الأمر:
أولو الأمر: هم الأمراء والعلماء.
فالعلماء ولاة أمورنا في بيان شريعة الله .. والأمراء ولاة أمورنا في تنفيذ
شريعة الله، والحكم بما أنزل الله.
ولا يستقيم الأمراء إلا بالعلماء، ولا يستقيم العلماء إلا بالأمراء.
فالأمراء عليهم أن يرجعوا إلى العلماء لمعرفة شريعة الله، والعلماء عليهم
أن ينصحوا الأمراء، ويعظوهم؛ ليطبقوا شريعة الله في عباد الله، وعلى
الأمراء أن يطيعوهم.
وعلينا طاعة الأمراء والعلماء في غير معصية الله.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ
(1/1053)
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى
اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59].
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المرْءِ المسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ
مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ
وَلَا طَاعَةَ». متفق عليه (1).
- صفة ثبوت ولاية الإمام:
تثبت ولاية الإمام بواحد مما يلي:
1 - أن يُختار بإجماع المسلمين، ويتم نصبه بمبايعة أهل العقد له من
العلماء، والصالحين، ووجوه الناس، وأعيانهم.
2 - أن تكون ولايته بنص الإمام الذي قبله.
3 - أن يُجعل الأمر شورى في عدد معين محصور من الأتقياء، ثم يتفقون على
أحدهم.
4 - أن يتولى على الناس قهراً بقوته حتى يذعنوا له، ويَدْعُوه إماماً،
فيلزم الرعية طاعته في غير معصية الله.
ويبقى خليفة كما بقي الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في الخلافة إلى أن
ماتوا.
ويبقى إمام المسلمين في الحكم مدة صلاحيته للإمامة حتى ينتهي أجله، أو يفقد
قدرته وطاقته، ليأمن المِلَق والنفاق.
- الخلافة في الأرض تُنال بالإيمان والأعمال الصالحة:
قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7144)، ومسلم برقم (1839)، واللفظ له.
(1/1054)
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} [النور/55].
- الخلافة في قريش، والناس تبع لقريش:
1 - عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: «إنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إلا
كَبَّهُ الله فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ».
أخرجه البخاري (1).
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«لايَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ».
متفق عليه (2).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
«النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ
لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ». متفق عليه (3).
- النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها:
1 - عن عبد الرحمن بن سمُرة رضي الله عنه قال: قال لي النبي - صلى الله
عليه وسلم -: «يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ بِن سَمُرَةَ لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ،
فَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلتَ إلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا
عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا .. ». متفق عليه (4).
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (7139).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3501)، واللفظ له، ومسلم برقم (1820).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3495)، ومسلم برقم (1818).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7147) واللفظ له، ومسلم برقم (1652).
(1/1055)
الإمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ
القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ».
أخرجه البخاري (1).
3 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -
أَنَا وَرَجُلانِ مِنْ قَومِي فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَينِ: أمِّرْنَا يَا
رَسُولَ الله، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: «إنَّا لا نُوَلِّي
هَذَا مَنْ سَأَلَهُ وَلا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ». متفق عليه (2).
- اجتناب الولايات، خاصة لمن كان فيه ضعف عن القيام بحقوقها:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب
بيده على منكبي ثم قال: «يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّك ضَعِيفٌ، وَإنَّهَا
أَمَانَةٌ، وَإنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إلا مَنْ
أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيهِ فِيهَا». أخرجه مسلم (3).
- فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر:
1 - قال الله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
(9)} [الحجرات/9].
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلا
ظِلُّهُ إمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ .. » متفق
عليه (4).
3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ
عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ،
الَّذِينَ
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (7148).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7149)، واللفظ له، ومسلم «في كتاب
الإمارة» برقم (1733).
(3) أخرجه مسلم برقم (1825).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423) واللفظ له، ومسلم برقم (1031).
(1/1056)
يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ
وَمَا وَلُوا». أخرجه مسلم (1).
4 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ
يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتهِ إلا حَرَّمَ الله عَلَيهِ
الجَنَّةَ». متفق عليه (2).
- الخلافة والإمامة للرجال دون النساء:
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: لَقَدْ نَفَعَنِي الله بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ
الجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَارِساً
مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَومٌ وَلَّوْا
أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».
أخرجه البخاري (3).
- وظيفة الخليفة:
1 - قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنِ احْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}
[المائدة/49].
2 - وقال الله تعالى لنبيه داود - صلى الله عليه وسلم -: {يَادَاوُودُ
إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ
بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص/26].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1827).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7150)، ومسلم برقم (142) واللفظ له.
(3) أخرجه البخاري برقم (7099).
(1/1057)
- كيف يبايع الناسُ الإمامَ:
1 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بَايَعْنَا رَسُولَ الله - صلى
الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ،
وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لا
نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالحَقِّ أَيْنَمَا
كُنَّا، لا نَخَافُ فِي الله لَومَةَ لائِمٍ -وفي رواية بعد - أَنْ لا
نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ- قَالَ: «إلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً
عِنْدَكُم مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه (1).
2 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِي فِيمَا
اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه (2).
- حكم من فَرَّق أمر المسلمين وهو مجتمع:
عن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيْدُ أَنْ
يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه
مسلم (3).
- الحكم إذا بويع لخليفتين:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: «إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَينِ، فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا». أخرجه
مسلم (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7056)، ومسلم في «كتاب الإمارة» برقم
(1709) واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7204)، واللفظ له، ومسلم برقم (56).
(3) أخرجه مسلم برقم (1852).
(4) أخرجه مسلم برقم (1853).
(1/1058)
- خيار الأئمة وشرارهم:
عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ،
وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ
أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ،
وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَفَلا
نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: «لا. مَا أَقَامُوا فِيكُمُ
الصَّلاةَ، وَإذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاتِكُمْ شَيْئاً تَكْرَهُونَهُ
فَاكْرَهُوا عَمَلُه، وَلا تَنْزِعُوا يَداً مِنْ طَاعَةٍ». أخرجه مسلم
(1).
- بطانة الإمام وأهل مشورته:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَا بَعَثَ الله مِنْ نَبِيٍّ وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيْفَةٍ إلا
كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ،
وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ
عَلَيْهِ، فَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله تَعَالَى». أخرجه البخاري (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1855).
(2) أخرجه البخاري برقم (7198).
(1/1059)
واجبات الخليفة
يجب على خليفة المسلمين ما يلي:
1 - إقامة الدين: وذلك بحفظه، والدعوة إليه، ودفع الشبه عنه، وتنفيذ أحكامه
وحدوده بالحكم بما أنزل الله بين الناس، والجهاد في سبيل الله.
1 - قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ
رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125].
2 - وقال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي
الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)}
[ص/26].
3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا
الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ
تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء/58].
2 - اختيار الأكْفاء للمناصب والولايات:
قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
(26)} [القصص/26].
3 - محاسبة الإمام عماله:
عن أبي حُميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأزْدِ يُقَالُ لَهُ ابنُ اللتْبِيَّةِ
عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ
لِي قَالَ: «فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ
فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
(1/1060)
لا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئاً إلَّا
جَاءَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إنْ كَانَ
بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ»
ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إبْطَيْهِ: «اللَّهُمَّ
هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» ثَلاثاً. متفق عليه (1).
4 - تفقد أحوال الرعية وتدبير أمورها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أَلا
كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ
الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... ».
متفق عليه (2).
5 - الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم:
1 - عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«الدِّيْنُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لمن؟ قال: «للهِ وَلِكَتَابِهِ
وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم
(3).
2 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: «مَا مِنْ أَمِيْرٍ يَلِي أَمْرَ المُسْلِمِين، ثُمَّ لا
يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ».
متفق عليه (4).
6 - مشاورة أهل الشورى في الأمور:
قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}
[آل عمران/159].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2597)، واللفظ له، ومسلم برقم (1832).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (893)، ومسلم برقم (1829) واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (55).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7150)، ومسلم برقم (142) واللفظ له.
(1/1061)
7 - رعاية مصالح الأمة الداخلية والخارجية:
قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128].
8 - أن يكون قدوة حسنة لرعيته:
1 - قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4].
2 - وقال الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}
[الفرقان/74].
3 - وقال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)}
[السجدة/24].
(1/1062)
واجبات الأمة
يجب على الأمة نحو إمام المسلمين ما يلي:
1 - طاعته في غير معصية الله:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59].
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيْمَا أَحَبَّ
وَكَرِهَ، إلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا
سَمْعَ وَلا طَاعَةَ». متفق عليه (1).
2 - المناصحة:
عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«الدِّيْنُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لمن؟ قال: «للهِ وَلِكَتَابِهِ
وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم
(2).
3 - نصرته ومؤازرته في الحق:
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2].
4 - عدم الغش والخيانة لولاة الأمر وغيرهم:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ
وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ
اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)} ... ] الأنفال/27 - 28 [.
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7144)، ومسلم برقم (1839) واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (55).
(3) أخرجه مسلم برقم (143).
(1/1063)
5 - لزوم الصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم:
1 - عن أُسيد بن حُضير رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلا
بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَلا تَسْتَعْمِلُنِي
كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً؟ فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي
أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ». متفق عليه (1).
2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ
مِنَ السُّلْطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه (2).
6 - طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق:
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ
يَسْأَلُونَ حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟
فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فِي
الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ،
فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا،
فَإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ». أخرجه
مسلم (3).
7 - لزوم جماعة المسلمين وإمامهم عند ظهور الفتن وفي كل حال:
1 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ
رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ
عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله
إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا الله بِهَذَا الخَيْرِ،
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقُلْتُ: هَلْ
بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟.
قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَومٌ
يَسْتَنُّونَ بِغَيرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ
مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟.
قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ
إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3792)، ومسلم برقم (1845) واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7053)، واللفظ له، ومسلم برقم (1849).
(3) أخرجه مسلم برقم (1846).
(1/1064)
رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ:
«نَعَمَ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَمَا تَرَى إنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟.
قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإمَامَهُمْ» فَقُلْتُ: فَإنْ
لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ
الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَو أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى
يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». متفق عليه (1).
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، مَاتَ
مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغضبُ
لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً،
فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ.
وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرهَا، وَلا
يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ
مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ». أخرجه مسلم (2).
3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ،
فَإنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَمَاتَ إلَّا مَاتَ مِيتَةً
جَاهِلِيَّةً». متفق عليه (3).
8 - الإنكار بالحكمة على الأمراء فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلَّوا:
عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ،
فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ
مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟
قَالَ: «لا. مَا صَلَّوا». أخرجه مسلم (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3606)، ومسلم برقم (1847) واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (1848).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7054)، واللفظ له، ومسلم برقم (1849).
(4) أخرجه مسلم برقم (1854).
(1/1065)
|