مختصر
الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة الباب العاشر
الدعوة إلى الله
وتشتمل على ما يلي:
1 - كمال دين الإسلام
2 - حكمة خلق الإنسان
3 - عموم دين الإسلام
4 - الدعوة إلى الله
5 - وجوب الدعوة إلى الله
6 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل
(1/1067)
1 - كمال دين
الإسلام
- فقه السنن الكونية:
الإسلام هو الدين الكامل الذي أكرم الله به البشرية، وبالإسلام تتحقق سعادة
الإنسان في الدنيا والآخرة، فالله عزَّ وجل خلق هذا الكون العظيم ليدل على
عظمته وقدرته وكمال علمه، وجعل لكل مخلوق فيه سنة يسير عليها، وبها يتحقق
مراد الله منه.
فلكل شيء سنة لا تتبدل إلا بأمر الله وحده: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
[الفتح/23].
فالشمسُ لها سنة، والقمرُ له سنة، والليلُ له سنة، والنهار له سنة، والنبات
له سنة، والحيوان له سنة، والرياح لها سنة، والمياه لها سنة، والكواكب لها
سنة، والبحار لها سنة، والجبال لها سنة، وهكذا: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي
لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ
فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)} [يس/40].
- فقه السنن الشرعية:
والإنسان أيضاً مخلوق من مخلوقات الله، محتاج إلى سنة يسير عليها في جميع
أحواله؛ ليسعد في الدنيا والآخرة، وهذه السنة هي الدين الذي أكرمه الله به
ورضيه له، ولا يقبل منه غيره، وسعادته وشقاوته مرتبطة بمدى تمسكه به، أو
إعراضه عنه، وهو مختار في قبوله أو رده.
1 - قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ
فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/29].
2 - وقال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}
[البقرة/38 - 39].
(1/1069)
- فضل الله على البشرية:
ولما خلق الله الإنسان سَخَّر له ما في السماوات وما في الأرض، وأنزل عليه
الكتب، وأرسل إليه الرسل، وزوَّده بآلات العلم والمعرفة كالسمع والبصر
والعقل، وشرفه بعبادة الله وحده لا شريك له.
1 - قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان/20].
2 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ
لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل/78].
3 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36].
- أعظم النعم:
امتن الله على عباده بنعم كثيرة لا تُحصى أهمها.
نعمة الإيجاد .. ونعمة الإمداد .. ونعمة الهداية.
وأعظم هذه النعم وأجلها نعمة الإسلام الذي أرسل الله به محمداً - صلى الله
عليه وسلم - إلى الناس كافة.
والإسلام دين الحق والعدل والإحسان وهو دين كامل شامل دائم:
يُنظم علاقة الإنسان مع ربه بعبادته وتوحيده وشكره، والتوجه إليه في جميع
أموره، والخوف منه، والتوكل عليه، والذل له، والمحبة له، والتقرب إليه،
والاستعانة به، وطلب مرضاته، وسبل الوصول إلى جنته، وكيفية النجاة من غضبه
وعقابه.
- وينظم علاقة الإنسان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطاعته،
ومحبته، واتباع سنته، وتصديق ما جاء به، والاقتداء به، وألّا يُعبد الله
إلا بما شرع.
- وينظم علاقة الإنسان مع غيره، كالأم والأب، والزوجة والأولاد، والأقارب
(1/1070)
والجيران، والعالم والجاهل، والمسلم
والكافر، والحاكم والمحكوم وغيرهم.
- وينظم معاملات الإنسان المالية بكسب الحلال، وتجنب الغش، والسماحة في
البيع والشراء، والإنفاق في وجوه الخير، وتحري الصدق، وتجنب الربا والكذب،
وكيفية توزيع الصدقات، وتقسيم المواريث ونحوها.
- وينظم الإسلام حياة الإنسان الزوجية، وتربية الأولاد، وصيانة الأسرة من
الفساد، وينظم حياة الرجل والمرأة، في حال السراء والضراء، والغنى والفقر،
والصحة والمرض، والأمن والخوف، والحضر والسفر.
- وينظم الإسلام سائر العلاقات على جسور متينة من الحب في الله، والبغض في
الله، ويدعو إلى مكارم الأخلاق وجميل الصفات كالكرم والجود، والحياء
والعفة، والصدق والبر، والعدل والإحسان، والرحمة والشفقة ونحوها.
- وينهى الإسلام عن كل شر وفساد، وظلم وطغيان، كالشرك بالله، والقتل بغير
حق، والزنى، والكذب، والكبر، والنفاق، والسرقة، والغيبة، وأكل أموال الناس
بالباطل، والربا، والخمر، والسحر، والرياء ونحو ذلك.
- وينظم بعد ذلك كله حياة الإنسان في الآخرة، وأنها مبنية على حياته في
الدنيا، فمن جاء بالإيمان والأعمال الصالحة دخل الجنة، وسعد برؤية ربه
سبحانه، وتمتع بما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب
بشر، خالدين فيها أبداً، ومن جاء بالكفر والمعاصي دخل النار، يخلد فيها
الكافر، ويعذب فيها العاصي بقدر ذنوبه، أو يغفر الله له.
1 - قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3].
2 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا
مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران/164].
3 - وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ
مُبِينٌ (15)
(1/1071)
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ
رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)}
[المائدة/15 - 16].
4 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ
حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
[النساء/13 - 14].
- وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ثم يعود غريباً كما بدأ.
1 - عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«إنَّ الله زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا
وَإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ... ».
أخرجه مسلم (1).
2 - وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ
وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ الله بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إلا
أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بذلِّ ذلِيلٍ،
عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بهِ الإسْلامَ، وَذلًّا يُذِلُّ اللهُ بهِ الكُفْرَ».
أخرجه أحمد والحاكم (2).
3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ،
وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ فِي
جُحْرِهَا». أخرجه مسلم وأحمد (3).
وفي لفظ لأحمد بعد «كَمَا بَدَأَ»: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قيل: ومَنْ
الغرباء؟ قال: «النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ».
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2889).
(2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (17082)، وهذا لفظه، وأخرجه الحاكم برقم (8326)،
انظر السلسلة الصحيحة رقم (3).
(3) أخرجه مسلم برقم (146)، واللفظ له، وأخرجه أحمد برقم (3784).
(1/1072)
- سبيل الفوز والنجاة:
أكمل الله لنا الدين، وأتم به النعمة، ورضي الإسلام لنا ديناً.
فمن قَبِلَهُ سعد في الدنيا، ودخل الجنة يوم القيامة، ومن أعرض عنه شقي في
الدنيا، ودخل النار يوم القيامة، ولن يقبل الله من أحد ديناً غير الإسلام.
1 - قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل
عمران/85].
3 - وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى
الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا
يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأَمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ،
ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ بهِ، إلا كَانَ مِنْ
أصْحَابِ النَّارِ». أخرجه مسلم (1).
- فقه حركات الإنسان:
كل ما في الدنيا عَرَض قليل عاجل، ولا قيمة للدنيا بالنسبة لما في الآخرة،
وكل ما يفعله الإنسان في الدنيا فأثره راجع إلى نفسه.
فإن كان شراَ فهو يجني شراً على نفسه، وإن كان خيراً فهو يجلب الخير لنفسه
كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ
أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا
وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء/7].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (153).
(1/1073)
وجميع حركات الإنسان في الدنيا إنما يبني
بها مسكنه الذي سيصل إليه يوم القيامة، ويخلد فيه.
فالإنسان مقبلاً ومدبراً، قائماً وقاعداً، متكلماً وسامعاً، معطياً
ومانعاً، داعياً ومعلماً، مقيماً أو مسافراً، إنما يبني بهذه الحركات
المختلفة منزله ومقره النهائي في الآخرة.
فالمؤمن يبني به قصراً من قصور الجنة يخلد فيه، والكافر يبني به سجناً من
سجون جهنم يخلد فيه.
فليس للإنسان في الآخرة إلا ما جناه في الدنيا، ولا حصاد له إلا مِنْ
زَرْعِه الذي زَرَعه كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ
وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)}
[فصلت/46].
(1/1074)
2 - حكمة خلق
الإنسان
1 - خلق الله هذا الكون للدلالة على كمال قدرته وعلمه، وكل شيء فيه يسبح
بحمده عز وجل، وإذا عرف الإنسان ذلك أقبل على عبادة ربه، وحقق مراد الله
منه، وشارك باقي المخلوقات في عبادة الله.
قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ
الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12].
2 - خلق الله الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له.
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ
يُطْعِمُونِ (57)} [الذاريات/56 - 57].
- المراحل والدور التي يمرّ بها الإنسان:
خلق الله الإنسان وجعله يمر بمراحل، وأزمنة، وأمكنة، وأحوال، وينتهي
بالخلود، إما في الجنة أو النار.
وهذه المراحل هي:
1 - بطن الأم: وهي أول مرحلة يمر بها الإنسان، وأول دار يسكنها، وإقامته
فيها تسعة أشهر، تزيد أو تنقص، هيأ الله له في هذه الظلمات بقدرته وعلمه
وحكمته ما يحتاجه من الطعام والشراب، وما يناسبه من السكن والمأوى، وهو في
هذه المرحلة غير مكلف، والحكمة من وجوده هنا أمران:
تكميل الأعضاء والجوارح، ثم يخرج إلى الدنيا بعد كمال خلقه ظاهراً وباطناً.
2 - دار الدنيا: وهي أوسع داراً من بطن الأم، والإقامة فيها أكثر مدة من
بطن الأم، هيأ الله له في هذه الدار كل ما يحتاجه، وزوده بالعقل والسمع
والبصر، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمره بطاعته، ونهاه عن
معصيته، ووعده على الطاعة الجنة، وعلى المعصية النار، والحكمة من وجوده هنا
أمران:
تكميل الإيمان بالله، وتكميل الأعمال الصالحة التي جعلها الله سبباً لدخول
(1/1075)
الجنة، ثم يخرج مع عمله إلى الدار التي
تليها.
3 - دار البرزخ في القبر، وهو أول منازل الآخرة، يبقى فيه الإنسان حتى
يكتمل موت الخلائق وتقوم الساعة، وإقامته فيه غالباً أكثر من إقامته في دار
الدنيا، والأنس أو البؤس فيه أوسع وأكمل من دار الدنيا، وهو بحسب العمل:
إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، يبدأ فيه الجزاء، ثم ينتقل
منه إلى دار الخلود إما في الجنة أو النار.
4 - الدار الآخرة: وفيها الإقامة المطلقة، والنعيم المطلق للمؤمنين، وتكميل
شهواتهم، فمن أكمل في الدنيا ما يُحب الله من الإيمان، والأخلاق، والأعمال،
أكمل الله له يوم القيامة ما يحب، مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر
على قلب بشر.
وإن لم يأت بالإيمان والأعمال الصالحة فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وكلما خرج
المؤمن من دار زَهد فيما كان عليه أولا، حتى يستقر المؤمن في الجنة.
- حكمة خلق المخلوقات:
خلق الله جميع المخلوقات لحكم عظيمة أهمها:
1 - عبادة الله جل جلاله كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ
وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو
الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات/56 - 58].
2 - إعلام الخلق بكمال قدرته، وإحاطة علمه بكل شيء، ليطيعوه ويعبدوه كما
قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ
مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عِلْمًا (12)} [الطلاق/12].
3 - إقامة البراهين العظيمة على أن الله وحده هو المستحق للعبادة وحده دون
سواه
(1/1076)
كما قال سبحانه: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا
لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا
رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً
وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} [ق/6 - 8].
4 - ابتلاء الخلق بالأمر والنهي؛ ليختبرهم من يطيعه ومن يعصيه، وليبلوهم
أيهم أحسن عملاً كما قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ
مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ
هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} [هود/7].
5 - جزاء العباد في الآخرة بحسب أعمالهم في الدنيا كما قال سبحانه:
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى (31)} [النجم/31].
6 - بيان عظمة رحمة الله وفضله وإحسانه بخلق أرزاق الخلق، ليسهل على العباد
عبادة ربهم إذا رأوا فضله وإحسانه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ
مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)} [الروم/40].
7 - دخول الجنة، والقرب من الله يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ
مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر/54 - 55].
- كمال نعيم القلب:
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على سائر المخلوقات، وجعل لكل عضو
من أعضاء الإنسان كمالاً إن لم يحصل له فهو في قلق واضطراب وألم، فجعل كمال
العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق، وإذا
(1/1077)
عدمت هذه الأعضاء القوى التي بها كمالها
حصل الألم والنقص.
وكذلك جعل الله كمال القلب، ونعيمه، وسروره، ولذته، وطمأنينته في معرفة
ربه، ومحبته، والأنس به، والشوق إليه، والعمل بما يرضيه.
فإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور،
والأذن التي فقدت السمع، والقلب السليم يبصر الحق كما تبصر العين الشمس.
- فقه الدنيا والآخرة:
جعل الله لكل شيء زينة ومقصداً، فالنباتات لها زينة، وهي الأغصان والأوراق
والأزهار، ولكن المقصد الحبوب والثمار، والثياب لها زينة، والمقصد ستر
العورة، وكذلك الدنيا زينة، وكل ما عليها زينة، والمقصد الإيمان والأعمال
الصالحة.
والدنيا زينة، والمقصد الآخرة، وكل من نسي المقصد تعلق بالزينة، والأنبياء
عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم يشتغلون بالمقاصد، وأهل الدنيا يشتغلون
بالزينات واللهو واللعب.
والله أمرنا أن نأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، ونعمل للآخرة بقدر الطاقة.
وإذا تعارضت في حياتنا الأشياء والزينات مع المقصد وهو عبادة الله وحده لا
شريك له، وطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قَدَّمنا ما يحب
الله، وهو عبادته وطاعته، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والجهاد في
سبيله، ونشر دينه.
1 - قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا
لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)} [الكهف/7].
2 - وقال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ
يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ
عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)
(1/1078)
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد/20 - 21].
3 - وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ
تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي
سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة/24].
- قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة:
بَيَّن الله ورسوله قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة
بياناً شافياً كافياً كما يلي:
1 - قيمة الدنيا الذاتية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {وَمَا هَذِهِ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت/ 64].
2 - قيمة الدنيا الزمنية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ
الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي
الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)} [التوبة/ 38].
3 - قيمة الدنيا بالوزن: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لَوْ
كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى
كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ ماءٍ». أخرجه الترمذي (1).
4 - قيمة الدنيا بالكيل: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
«وَالله ما الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ
إصْبَعَهُ هَذِهِ (وأشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ) فِي اليَمِّ
فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعْ؟». أخرجه مسلم (2).
5 - قيمة الدنيا بالمساحة: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
«مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
أخرجه البخاري (3).
_________
(1) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2320).
(2) أخرجه مسلم برقم (2858).
(3) أخرجه البخاري برقم (3250).
(1/1079)
6 - قيمة الدنيا بالدراهم: مَرَّ النبي -
صلى الله عليه وسلم - بِجَدْيٍ أسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأخَذَ
بِأذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنَّ هَذا لَهُ
بدِرْهَمٍ؟».فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ
بِهِ؟ قَالَ: «أتُحِبُّونَ أنهُ لَكُمْ؟».
قَالُوا: وَالله لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لأنَّهُ أسَكُّ،
فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَالله! لَلدُّنيَا أهْوَنُ عَلَى
الله مِنْ هَذا عَلَيْكُمْ». أخرجه مسلم (1).
- أصل السعادة والشقاوة:
جعل الله عز وجل سعادة الإنسان وشقاءه بحسب ما يصدر منه من الإيمان
والأعمال الصالحة، أو ضدها من الكفر والأعمال السيئة.
فمن آمن وقام بما أمره الله ورسوله به من الأعمال الصالحة، سعد في الدنيا،
ثم زادت سعادته عند الموت بملائكة تبشره بما يسرُّه، ثم تزداد سعادته إذا
أُدخل القبر، ثم تزداد في الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها إذا أُدخل الجنة.
وهكذا إذا كفر الإنسان، وساءت أعماله، شقي وساءت أحواله في الدنيا، ثم
تزداد عند الموت، ثم تزداد في القبر، ثم تزداد عند الحشر، ثم تزيد وتبلغ
كمالها في النار.
ومن تنوعت أعماله المرضية للهِ المحبوبة له في الدنيا تنوعت الأقسام التي
يتلذذ بها في الجنة، وكثرت بحسب كثرة أعماله.
ومن تنوعت أعماله المسخوطة للهِ المبغوضة له في هذه الدار تنوعت الأقسام
التي يتألم بها في النار، وكثرت بحسب كثرة أعماله.
1 - قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ
رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ
كَذَلِكَ أَتَتْكَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2957).
(1/1080)
آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ
بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} [طه/124
- 127].
- من ترك ما ينفعه ابتلي بما يضرّه:
سنة الله جارية على أن كل من ترك ما ينفعه مع الإمكان ابتلي بالاشتغال بما
يضره وحُرِم الأول.
فالمشركون لما زهدوا في عبادة الرحمن .. ابتلوا بعبادة الأوثان، ولما
استكبروا عن الانقياد للرسل .. ابتلوا بالانقياد لكل مارج العقل والدين،
ولما تركوا اتباع الكتب المنزلة لهداية الناس .. ابتلوا باتباع أرذل الكتب
وأخسها وأضرها للعقول، ولما تركوا إنفاق أموالهم في طاعة الرحمن .. ابتلوا
بإنفاقها في طاعة النفس والشيطان.
ومن أطاع الله ورسوله، وترك ما تهواه نفسه من الشهوات للهِ تعالى، عوَّضه
الله من محبته، وعبادته، والأنس به، والإنابة إليه ما يفوق لذات الدنيا
كلها.
(1/1081)
3 - عموم دين
الإسلام
الإسلام هدىً ورحمة للعالمين، امتن الله به على خلقه أجمعين، وأرسل به سيد
المرسلين، وخاتم النبيين، وشرَّف أمته بالدعوة إلىه إلى يوم الدين.
1 - فالله رب الناس، ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ
بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس/1].
2 - والله ملك الناس، ليس لهم ملك سواه، كما قال سبحانه: {مَلِكِ النَّاسِ
(2)} [الناس/2].
3 - والله إله الناس، ليس لهم إله سواه، كما قال سبحانه: {إِلَهِ النَّاسِ
(3)} [الناس/3].
4 - وأنزل الله القرآن هدىً للناس، كما قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة/185].
5 - وأرسل الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - كافةً للناس، كما قال
سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا
وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/ 28].
6 - وأمرنا الله بالتوجه إلى الكعبة وهي أول بيت وضع للناس، يصلّون إليه،
ويحجون إليه، كما قال سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ
بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ
كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران 96 -
97].
7 - وذَكَر الله عز وجل أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.
1 - قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ} [آل عمران/110].
2 - وعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ
نَّبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أَلَا إنَّكُمْ تُوفُونَ
سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُمْ خَيْرُهَا وَأكْرَمُهَا عَلَى الله عَزَّ
وَجَلَّ».
أخرجه أحمد والترمذي (1).
_________
(1) حسن/أخرجه أحمد برقم (20282)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3001).
(1/1082)
8 - والدعوة إلى الله وإبلاغ الدين في
مشارق الأرض ومغاربها واجب على كل المسلمين لكل الناس؛ حتى تكون كلمة الله
هي العليا، ويكون الدين كله للهِ.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى
بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
2 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ
لِلْمُتَّقِينَ (138)} [آل عمران/ 138].
3 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ
وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].
9 - والله عز وجل دعا الناس إلى عبادته وحده لا شريك له، ومعرفة أسمائه
وصفاته وأفعاله، وشرَّفنا بدعوة الناس إلى ذلك، فأول نداء في القرآن موجه
إلى الناس ليؤمنوا بالله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا
النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا
لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة/21 - 22].
10 - والله عز وجل رب العالمين ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ... [الفاتحة/2].
11 - وقد أرسل الله عز وجل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - نذيراً
للعالمين، ورحمة لهم، إلى يوم الدين.
1 - قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى
عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ... [الفرقان/1].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
(107)} [الأنبياء/107].
- حكم من دان بغير الإسلام:
كل من دان بغير الاسلام فهو كافر، سواء كان من اليهود، أو النصارى، أو
المجوس أو غيرهم.
فاليهود كفار؛ لأنهم قتلوا الأنبياء، وكذبوا بعيسى - صلى الله عليه وسلم -،
والنصارى كفار؛ لأنهم
(1/1083)
قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وكذبوا محمداً -
صلى الله عليه وسلم -.
والتوراة والإنجيل كتب سماوية، لكنها حُرِّفت وبُدلِّت، ثم نسخ الله العمل
بهما بالقرآن.
واليهود والنصارى بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم مغضوب عليهم؛
لأنهم عرفوا الحق وتركوه، فباؤا بغضب على غضب، وكل من لم يكفِّر اليهود
والنصارى وكل من عَبَد غير الله فهو كافر؛ فيجب علينا أن نُكفِّر كل من
كفَّره الله عز وجل، ومن كفَّره الله فهو كافر، ومن لم يكفِّره الله فليس
بكافر.
ومن لم يكفِّر من كفَّر الله كهؤلاء استلزم ذلك أن يقبل الله دينه، وهذا
يستلزم تكذيب قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ
دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(85)} [آل عمران/85].
وقد كفَّر الله في القرآن اليهود والنصارى وكل من عَبَد غير الله.
1 - قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ
وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ
قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)} [التوبة/30].
2 - وقال الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا
قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
(135)} [البقرة/135].
3 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ
يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} [المائدة/73].
فيجب علينا دعوة جميع الكفار إلى الإسلام مَنْ كانوا، وحيث كانوا.
4 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ
وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].
(1/1084)
4 - فضل الدعوة إلى
الله
- حاجة الأمة للدين كحاجة الجسد إلى الروح، فكما أنه إذا فُقدت الروح فسد
الجسد، فكذلك الأمة إذا فقدت الدين فسدت دنياهم وأخراهم.
- فضل الله بإرسال الرسل:
1 - الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء، ومن رحمته بعباده أن أرسل إليهم الرسل،
وأنزل عليهم الكتب، يُعَرِّفونهم بربهم، وخالقهم، ورازقهم، ويبينون لهم ما
يرضيه، ويدعونهم إلى طاعته وعبادته وحده لا شريك له، وما أعد الله من
الثواب لمن أطاعه، ومن العقاب لمن عصاه: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل/36].
2 - وكلما ضعف الإيمان ووقع الناس في الشرك أرسل الله رسولاً يدعوهم إلى
التوحيد وعبادة الله وحده، وتتابع إرسال الرسل.
وكان كل رسول يُبعث إلى قومه خاصة، حتى ختم الله النبوة والرسالة بخاتم
الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
- اصطفى الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وأرسله بالهدى ودين
الحق إلى الناس كافة، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد
في سبيل الله، وترك الأمة على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا
هالك.
- وظيفة الأنبياء والرسل:
لما كان عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء والمرسلين وآخرهم، وأمته أفضل
الأمم وآخرها، وأعطاها الله عز وجل وظيفة الأنبياء والرسل.
فقد قام - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله، في أرض معلومة وهي جزيرة
العرب، وفي زمن معلوم وقدره ثلاث وعشرون سنة، شاملاً بدعوته ما استطاع من
أهل عصره، مبتدئاً بدعوة أهله، ثم عشيرته الأقربين، ثم قومه، ثم أهل مكة
وما حولها، ثم العرب قاطبة، ثم الناس كافة، مبيناً أنه رسول الله إلى الناس
كافة، وأنه رحمة
(1/1085)
للعالمين، فدخل الناس في دين الله أفواجاً.
1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ
بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}
[سبأ/28].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
(107)} [الأنبياء/107].
- أسباب الهداية:
الناس دخلوا في الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - متأثرين
بأسباب كثيرة أهمها:
1 - الدعوة باللسان كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وخديجة
وعلياً وغيرهم فأسلموا رضي الله عنهم.
2 - التعليم كما اهتدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه متأثراً بالقرآن الذي
سمعه وقرأه في منزل أخته فاطمة مع زوجها سعيد بن زيد وخباب بن الأرت وكانوا
يتدارسون القرآن، وكما أسلم أُسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما في
حلقة التعليم التي أقامها مصعب بن عمير رضي الله عنه في المدينة.
3 - العبادة كما أسلمت هند بنت عتبة لما رأت المسلمين يُصَلُّون عام الفتح
في المسجد الحرام، وكما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه في المسجد
النبوي متأثراً بالعبادة وغيرها.
4 - الإنفاق والإكرام كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح
صفوان بن أمية ومعاوية رضي الله عنهم وغيرهم أموالاً فأسلموا، وكما أعطى
رجلاً غنماً بين جبلين فأسلم، وبإسلامه أسلم قومه.
5 - حسن الأخلاق، والإحسان، والإيثار، والمواساة، والصدق.
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4].
- دعوة البشرية واجب الأمة:
ولما أعطى الله عز وجل هذه الأمة وأكرمها بوظيفة الأنبياء والرسل وهي
الدعوة إلى الله فقد أبقى الله من البلاد والعباد ما يكون ميداناً لدعوتها
في
(1/1086)
مشارق الأرض ومغاربها، إلى أن تقوم الساعة.
وقد اجتهد عليه الصلاة والسلام على أصحابه رضي الله عنهم حتى جاء فيهم
أمران: إقامة الدين في حياتهم، وفي حياة الناس، وعلموا أن بقية البلاد
والعباد مسؤولية أمته إلى قيام الساعة، وأن المسلم محاسب على ترك المقصد
الانفرادي وهو العبادة، ومحاسب على ترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة، ثم
توفاه الله عز وجل.
1 - قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ} [آل عمران/110].
2 - وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} ... [آل عمران/104].
3 - وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى
بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
- البصيرة في ثلاثة: العلم قبل الدعوة، واللين مع الدعوة، والصبر بعد
الدعوة.
- وقد تلقى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وسائل وأساليب الدعوة،
وتحملوا مسؤولية الدعوة بعده عليه الصلاة والسلام، فَضَحَّوا براحتهم
وشهواتهم، وتركوا ديارهم، وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم لنشر الدين في
العالم.
فساروا دعاة إلى الله عز وجل، يحملون (لا إله إلا الله) لتدخل كل بيت في
مشارق الأرض ومغاربها، في الشام والعراق .. وفي مصر وشمال أفريقيا .. وفي
روسيا وما وراء النهر .. وفي غيرها.
وفُتحت هذه البلاد .. وانتشر فيها الإسلام .. وحل فيها التوحيد بدل الشرك
.. والإيمان بدل الكفر .. وظهر فيها من العلماء والدعاة .. والعُبَّاد
والزُّهَّاد .. والصالحين والمجاهدين ما تَقرُّ به عين كل مسلم.
أولئك خير القرون .. أولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك الذين
(1/1087)
صدقوا ما عاهدوا الله عليه:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}
[التوبة/100].
- تقديم أعمال الدين على أعمال الدنيا:
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم لما قدموا أوامر الجهد
والدعوة على أوامر الكسب والمباحات نقصت في حياتهم الأموال والأشياء، لكن
بالمقابل زاد الإيمان وزادت الأعمال الصالحة، وظهرت حقيقة الأخلاق، وكثرت
الفتوحات.
وأكثر المسلمين اليوم لما قدموا أوامر الكسب على أوامر الجهد والدعوة زادت
الأموال والأشياء، وبالمقابل نقص الإيمان ونقصت الأعمال، فجاء في حياتهم
أمران: الاهتمام بجمع الأموال كاليهود، والاهتمام بتكميل الشهوات كالنصارى.
فلما تغير المقصد قوي جانب الدنيا والبدن، وضعف جانب الدين والروح، وصار
الجهد للدنيا لا للدين، وصار الدين كاليتيم يطوف على الناس لا يجد من
يكفله؛ لأنهم مشغولون عنه بدنياهم وشهواتهم.
- بقاء الإسلام إلى يوم القيامة:
هذا الدين باق إلى يوم القيامة، يقوم به طائفة من أمة محمد - صلى الله عليه
وسلم - حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون، وهم الطائفة المنصورة.
عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بأَمْرِ الله، لا
يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يأْتِيَ أَمْرُ الله
وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (71)، ومسلم في كتاب الإمارة برقم
(1037) واللفظ له.
(1/1088)
- فضل الدعوة
إلى الله تعالى:
كل من آمن وقام بالعبادة والدعوة إلى الله فالله عز وجل يكرمه بأشياء
أهمها: أن الله يعزه وإن لم تكن عنده أسباب العزة كبلال وسلمان رضي الله
عنهما. ويجعل أعمال الدين كلها محبوبة لديه يقوم بها ويدعو إليها.
ويجعل الله له محبة في قلوب الخلق.
ويطوي بساط الباطل من حوله.
ويؤيده بنصرة غيبية من عنده.
ويستجيب دعاءه، ويجعل له هيبة في قلوب الناس.
ويعطيه من الأجر مثل أجور من دعاه واهتدى بسببه، ويرزقه الاستقامة
والهداية، ويجعله سبباً لهداية البشرية.
1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33].
2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/69].
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«مَنْ دَعَا إلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ
تَبعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ دَعَا إلَى
ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبعَهُ، لا
يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثامِهِمْ شَيْئاً». أخرجه مسلم (1).
4 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر: « .. انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ،
حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثمَّ ادْعُهُمْ إلَى الإسْلامِ،
وَأَخْبرْهُمْ بمَا يَجبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ، فَوَالله
لأَنْ يَهْدِيَ الله
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2674).
(1/1089)
بكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ
أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». متفق عليه (1).
- طرق الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله واجبة على الأمة، كل بحسبه من الرجال والنساء.
والدعوة إلى الله تكون بطريقين:
الأول: طريق الليْن: وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح
الأدلة والبراهين بأحسن أسلوب وألطفه.
وهذا الطريق هو المطلوب المشروع بداية ونهاية.
قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ
رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125].
الثاني: طريق القوة والشدة: وهو الجهاد في سبيل الله.
فإذا لم يستجب الكفار للدعوة، تَعيَّن طريق القوة بالجهاد في سبيل الله،
حتى يُعبد الله وحده، وتقام حدوده، ويكون الدين كله لله، وتزول الفتن.
فالجهاد في سبيل الله لا يكون إلا بعد إقامة الحجة بالدعوة إلى الله.
1 - قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا
عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة/193].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ
الْمَصِيرُ (9)} [التحريم/9].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4210)، ومسلم برقم (2406).
(1/1090)
- أقسام الناس
في العمل:
الناس في العمل قسمان:
منهم من اجتهد على الدنيا ثم راح وتركها، ومنهم من اجتهد على الآخرة ثم مات
فوجدها وهم المؤمنون.
والذين اجتهدوا على الآخرة قسمان أيضاً:
1 - من اشتغل بالعبادة فقط انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم
يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا
مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ
بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». أخرجه مسلم (1).
2 - ومن اشتغل بالعبادة، والدعوة إلى الله، وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله
فعمله مستمر؛ لأن كل من اهتدى بسببه فله مثل أجره إلى يوم القيامة.
1 - قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا
وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ
دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ
فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ
عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)} [التوبة/19 - 22].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى
اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}
[فصلت/33].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1631).
(1/1091)
5 - حكم الدعوة إلى
الله
- أهمية الدعوة إلى الله:
الله عز وجل ذكر الأحكام كلها مجملة في القرآن الكريم، وفصَّلها النبي -
صلى الله عليه وسلم - في السنة، ولكنه سبحانه فصَّل جهد الدعوة في القرآن
الكريم تفصيلاً شافياً كافياً كاملاً، لم يفصِّل عبادات الأنبياء، لا صلاة
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، ولا حج آدم - صلى الله عليه وسلم -، ولا
صيام داود - صلى الله عليه وسلم -، لكنه أخبر بها إجمالاً.
فالله سبحانه لم يبين قصة عابد واحد في القرآن، ولكنه بيَّن في القرآن
بالتفصيل دعوة الأنبياء إلى الله، وما حصل لهم من الأذى والتكذيب، وصبرهم
ورحمتهم لأممهم، ونصرهم، وحسن عاقبتهم.
ففصَّل قصة موسى - صلى الله عليه وسلم - في تسعة وعشرين جزءاً من القرآن،
وبيّن سبحانه بالتفصيل دعوة الأنبياء لأممهم فذكر قصة نوح، وإبراهيم،
وموسى، وعيسى، وهود، وصالح، وشعيب، ولوط، ويوسف وغيرهم عليهم الصلاة
والسلام؛ لأن هذه الأمة مبعوثة بالدعوة إلى الله وقدوتها الأنبياء عليهم
الصلاة والسلام.
- وقت بداية الدعوة:
الدعوة إلى الله من أول يوم:
هناك فاصل زمني طويل بين الإيمان ونزول الأحكام، وليس هناك فاصل بين
الإيمان والدعوة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة كالأنبياء للدعوة إلى الله.
وكان كل نبي يُعلِّم أمته بعد الإيمان الأحكام، ولكن الله عز وجل بعد بعثة
محمد - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُعلِّم أمته بعد الإيمان الدعوة إلى
الدين، ثم علَّمهم فيما بعد أحكام الدين في المدينة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة
كالأنبياء لنشر الدين في العالم.
- حكم الدعوة إلى الله:
الله عز وجل اختار هذه الأمة واجتباها من بين سائر الأمم، وكَرَّمها
وشَرَّفها بهذا
(1/1092)
الدين والدعوة إليه، فالدعوة إلى الله
واجبة على كل مسلم ومسلمة، كل حسب قدرته وعلمه، والدعوة إلى الله مسؤولية
الأمة، وحاجة الأمة.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى
بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
وهذا النص عام، مطلق في الزمان: ليلاً ونهاراً .. ومطلق في المكان: شمالاً
وجنوباً .. وشرقاً وغرباً .. ومطلق في الجنس: العرب والعجم .. ومطلق في
النوع: الرجال، والنساء .. ومطلق في السن: الكبار والصغار .. ومطلق في
اللون: الأبيض والأسود .. ومطلق في الطبقات: السادة والعبيد .. والأغنياء
والفقراء.
فالدعوة لهؤلاء واجبة؛ لأنهم من الناس، وهذا الدين لكل الناس .. والدعوة من
هؤلاء إذا أسلموا واجبة؛ لأنهم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -
وأتباعه.
2 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ
وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].
3 - وقال عليه الصلاة والسلام يوم النحر في حجة الوداع مخاطباً جميع مَنْ
آمن به من أصحابه عرباً وعجماً .. رجالاً ونساء .. أبيضهم وأسودهم .. غنيهم
وفقيرهم .. سادتهم ومماليكهم: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإنَّ
الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ». متفق
عليه (1).
4 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ
وَلا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري (2).
5 - وببذل الجهد لإعلاء كلمة الله ونشرها تحصل لنا الهداية، كما قال
سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/ 69].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (67)، واللفظ له، ومسلم برقم (1679).
(2) أخرجه البخاري برقم (3461).
(1/1093)
- حقيقة المجاهدة تكون:
بإتمام العمل، والتضحية بكل شيء من أجله، والاستقامة عليه حتى الممات.
وأغلى شيء في خزائن الله هو الهداية، لا يعطيها الله إلا لخواص خلقه،
ممن طلبها وجاهد في سبيل تحصيلها، ممن علم الله أنه أهل لها، وهم
المؤمنون، ولذلك أمرنا الله عز وجل أن نطلبها منه كل يوم سبع عشرة مرة
في الصلوات المفروضة، كما قال سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة/6 - 7].
- بذل الجهد لإعلاء كلمة الله:
بذل الجهد لإعلاء كلمة الله له ثلاث
مراحل:
1 - جهد على الكافر لعله يهتدي، كما قال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا
أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)}
[السجدة/3].
2 - جهد على العاصي ليكون مطيعاً، وعلى الغافل ليكون ذاكراً، كما قال
سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران/104].
3 - جهد على الصالح ليكون مصلحاً، وعلى الذاكر ليكون مذكِّراً.
1 - قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ
(2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر/1 - 3].
2 - وقال الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)}
[الغاشية/21].
- ولما علم الصحابة رضي الله عنهم وجوب الدعوة إلى الله، وفضل الدعوة
إلى الله، تسابقوا في ميادين الدعوة، والتعليم، والجهاد من أجل إعلاء
كلمة الله، ونشرها في العالم، يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،
وفي قلوبهم الرحمة والشفقة على الناس، وشواهد ذلك معلومة في كتب الحديث
والسير.
(1/1094)
قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ
عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125].
- وجوب الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله واجبة على كل أحد بحسب علمه وقدرته.
والمسلمون قسمان:
1 - عالم يبين الحق بنفسه، ويدعو الناس إلى اتباعه كما قال مؤمن آل
فرعون: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ
سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)}
[غافر/ 38 - 39].
2 - مسلم لكنه غير عالم، فهذا يأمر الناس ويدعوهم إلى اتباع الرسل
والعلماء كما قال الله عن صاحب يس: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ
رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)
اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)}
[يس/ 20 - 21].
فالكل يقوم بالدعوة إلى الله، ليعبد الله وحده لا شريك له.
العالم يبين الحق بنفسه .. وغير العالم يرشد الناس إلى اتباع العلماء
الذين هم أعرف الخلق بالله.
- وظيفة الأمة:
الدعوة إلى الله وظيفة كل الأمة، أما الفتاوى في مسائل الأحكام، فَمَنْ
علم حكماً أفتى به، ومن جهله دل المستفتي على العلماء الذين اختصهم
الله بمزيد من العلم والفقه، والفهم والحفظ، والدال على الخير كفاعله،
وكان الصحابة رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى فيما بينهم، والمفتون فيهم
محدودون كالخلفاء الراشدين ومعاذ، وزيد بن ثابت، وابن مسعود وابن عباس
وغيرهم رضي الله عنهم.
فالفتوى ليست مباحة لكل أحد، أما الدعوة فكل يدعو إلى الله بحسب ما
عنده من العلم، وأقله آية.
(1/1095)
فالدعوة تنتج المهتدين، والتعليم ينتج
المفتين، لكنه لخواص الأمة، وكل منهما مطلوب شرعاً، الدعوة من عموم
المسلمين، والإفتاء من خواص المسلمين وهم العلماء.
فالعلماء والفقهاء هم أهل الفتوى، كما قال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل/43].
والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة كلها كل بحسب علمه
وقدرته وبصيرته، وقد قام بها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من
أول يوم قبل نزول أحكام الصلاة والزكاة والصيام وغيرها، وهذه الأمة
مزاجها التضحيات والجهد لإعلاء كلمة الله، وحسن العمل ودوامه.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التوبة/71].
- عقوبة ترك الدعوة إلى الله:
1 - أول ما خرج من حياة الأمة: جهد الدعوة .. ثم التضحية .. ثم حياة
البساطة.
فقد اجتهد الأعداء على هذه الصفات حتى أخرجوها من حياة الأمة، فانقلب
الحال، وصار الجهد والتضحية للدنيا، وصار الإنسان يسعى ليعيش
بالرفاهية، وصار المجتمع يستنكر الزنى والربا وشرب الخمر، ولا يستنكر
ترك الدعوة إلى الله وخروجها من حياة الأمة.
2 - كانت العبادة والدعوة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
على كل الأمة، ثم صارت العبادة في الأمة، والدعوة على بعض أفراد الأمة،
فحلَّت بالأمة المصائب والعقوبات، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح
به أولها.
(1/1096)
- حكمة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر:
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حِكم ثلاث:
الأولى: رجاء انتفاع المأمور بما يوعظ به كما قال سبحانه: {وَذَكِّرْ
فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} [الذاريات/55].
الثانية: الخروج من عهدة التقصير الذي يسبب العقوبة.
1 - قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ
بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ
عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)}
[المائدة/78 - 79].
2 - وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ
قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا
قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)}
[الأعراف/164].
الثالثة: إقامة الحجة على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نيابة عن رسل الله كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ
بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}
[النساء/165].
- واجب المسلم والمسلمة:
على كل مسلم ومسلمة واجبان:
الواجب الأول: العمل بالدين، بعبادة الله وحده لا شريك له، وطاعة الله
ورسوله، وفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه.
1 - قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا} [النساء/36].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
(20)} [الأنفال/20].
(1/1097)
الواجب الثاني: الدعوة إلى الله، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر.
1 - قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران/104].
2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً». أخرجه البخاري (1).
3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ
بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ». أخرجه مسلم (2).
- فقه الخسران في الشرع:
الخسران في الشرع هو غبن الإنسان في حظوظه من ربه عز وجل.
وهذا هو الخسران المبين.
فمن خسر ربه .. وخسر دينه .. وخسر وقته .. وخسر عمره .. وخسر الجنة ..
فلا أحد أشد خسارة منه.
وكل إنسان خاسر في الدنيا والآخرة إلا من اتصف بأربع صفات هي:
الإيمان بالله .. والعمل الصالح .. والتواصي بالحق .. والتواصي بالصبر.
قال الله تعالى {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر/1 - 3].
وقد أعطى الله كل إنسان أعظم رأس مال في الدنيا، وهو عمر الإنسان
بأيامه ولياليه، وأمره بالاتجار معه في رأس هذا المال؛ ليسعد في دنياه
وآخرته.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (3461).
(2) أخرجه مسلم برقم (49).
(1/1098)
والناس في تحريك رأس هذا المال صنفان:
1 - العاقل يحرك رأس هذا المال، ويتّجر به مع ربه الكريم الذي يعطيه
على الحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، الى ما لا يعلمه إلا الله من
الحسنات.
فأوقاته تارة في عبادة .. وتارة في دعوة .. وتارة في تعليم .. وتارة في
إصلاح وإحسان.
2 - الأحمق، وهو الذي يلعب برأس هذا المال بإنفاق أوقاته في مساخط
الله.
- فقه الاستفادة من الأوقات:
الله عز وجل اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ووعدهم على ذلك الجنة،
فعلى المسلم أن يقضي وقته على الكيفية التي قضاها رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فيؤدي فرائض الله عز وجل، ويمتثل أمر ربه في كل حال من
أحواله كل يوم ... عند الوضوء، وعند الأكل، وعند النوم، وفي سائر
أحواله، ويصرف جزءاً يسيراً من وقته في أمور الكسب والمعاش.
وجُلَّ وقته يدعو الناس إلى الله كي يعبدوه ويوحدوه، فإذا فرغ، أو لم
يتيسر له من يدعوه، تزوَّد من العلم، أو عَلَّم غيره من المسلمين أحكام
الدين.
فإذا فرغ، أو لم يتيسر له من يعلمه، أو يتعلم منه اشتغل بخدمة إخوانه
المسلمين، وقضاء حاجاتهم، والتعاون على البر والتقوى.
فإذا فرغ، أو لم يتيسر له أن يقوم بذلك اشتغل بنوافل العبادات كالسنن
المطلقة، وتلاوة القرآن، والأذكار ونحوها من القُرَب والأعمال الصالحة،
وهكذا يُقدم ما نفعه أعم للناس في كل حال.
- أصناف المدعوين وكيفية دعوتهم:
الناس مختلفون، وبحسب اختلافهم، واختلاف مداركهم، وأعمالهم، تختلف
(1/1099)
أحكام دعوتهم كما يلي:
1 - من عنده نقص في الإيمان وجهل بالأحكام:
نصبر على أذاه وندعوه، ونعلِّمه بالرفق التام واللين، والإرشاد بلطف،
كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الأعرابي.
عن أنس رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ مَعَ
رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَ أعْرَابِيٌّ، فَقَامَ
يَبُولُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ أصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله
عليه وسلم -: مَهْ مَهْ. قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم
-: «لا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ». فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ.
ثُمَّ إنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ:
«إنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ
وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ،
وَالصَّلاةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ». أوْ كَمَا قال رَسُولُ الله -
صلى الله عليه وسلم -، قال: فَأمَرَ رَجُلاً مِنَ القَوْمِ، فَجَاءَ
بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَنَّهُ عَلَيْهِ. متفق عليه (1).
2 - من عنده نقص في الإيمان وعلم بالأحكام:
فهذا يدعى بالحكمة والموعظة الحسنة ويدعى له؛ ليزيد إيمانه فيطيع ربه،
ويتوب من معصيته.
عَنْ أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إنَّ فَتىً شَابّاً أَتَى
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله،
ائْذَنْ ِلي بِالزِّنَى، فَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ،
قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا،
قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟» قَالَ: لَا وَالله
جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ
لأُمَّهَاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟».
قَالَ: لَا وَالله يَا رَسُولَ الله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ:
«وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ
لأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلا
النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ
لِعَمَّتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ:
«وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ
لِخَالَتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (219)، ومسلم برقم (285) واللفظ له.
(1/1100)
جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلَا
النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ»، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ
عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ،
وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». قال: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الفَتَى
يَلْتَفِتُ إلَى شَيْءٍ. أخرجه أحمد (1).
3 - من عنده قوة في الإيمان وجهل بالأحكام:
فهذا يدعى مباشرة ببيان الحكم الشرعي، وبيان خطر اقتراف المعاصي،
وإزالة المنكر الذي وقع فيه.
عن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - رَأى خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ
فَطَرَحَهُ وَقَالَ: «يَعْمِدُ أحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِن نارٍ
فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ»، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ
رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ،
قَالَ: لا، وَالله لا آخُذُهُ أبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ الله -
صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (2).
4 - من عنده قوة في الإيمان وعلم بالأحكام:
فهذا ليس له عذر، يُنْكَر عليه بقوة، ويُعَامل معاملة أشد مما سبق؛
لئلا يكون قدوة لغيره في المعصية، كما اعتزل النبي - صلى الله عليه
وسلم - الثلاثة الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك خمسين ليلة، وأمر الناس
بهجرهم لما تركوا الخروج لغزوة تبوك مع كمال إيمانهم وعلمهم، ولا عذر
لهم، حتى تاب الله عليهم، وهم هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وكعب
ابن مالك رضي الله عنهم، والقصة مفصلة في الصحيحين (3).
قال الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى
إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ
إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة/118].
_________
(1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (22564)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (370).
(2) أخرجه مسلم برقم (2090).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4418)، ومسلم برقم (2769).
(1/1101)
5 - من عنده جهل بالإيمان وجهل بالأحكام:
يدعى إلى لا إله إلا الله، ويُعَرَّف بأسماء الله وصفاته، ووعده
ووعيده، وآلائه ونعمه، ويبين له عظمة الله وقدرته، وأن له الخلق
والأمر، فإذا استقر الإيمان في قلبه يُعَرَّف بالأحكام تدريجياً الصلاة
ثم الزكاة وهكذا.
عن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - لَمّا بَعَثَ مُعاذاً رَضِيَ الله عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ،
قال: «إنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أهْلِ كِتابٍ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ
ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ عِبَادَةُ الله، فَإذاَ عَرَفُوا الله،
فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي
يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإذَا فَعَلُوا، فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله
فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكاةً مِنْ أمْوَالِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى
فُقَرائِهِمْ، فَإذَا أطاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ
كَرَائِمَ أمْوَالِ النَّاسِ». متفق عليه (1).
- التدرج في الدعوة إلى الله:
الداعي إلى الله يَعْرض الإسلام على الكفار، فإذا امتنع الكافر الأصلي
من الدخول في الإسلام إلا بشرط ترك الصلاة أو الزكاة أو نحوهما، فهذا
نقبل منه إسلامه؛ لأن مصلحة أن يُسلم مع النقص الذي يرجى تكميله، أولى
من بقائه على الكفر المحض.
وكان صلى الله عليه وسلم يقبل مِنْ كل مَنْ جاء يريد الدخول في الإسلام
الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، فإذا ذاق حلاوة الدين، طابت نفسه بفعل
كل ما أمر الله ورسوله به.
فنؤلف قلب الكافر الأصلي على الإسلام، ونقنع بما رضي به؛ لأنه لم يفهم
الإسلام حقيقة، ولهذا يثقل عليه بعضه.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1458)، واللفظ له، ومسلم برقم
(19).
(1/1102)
فإذا دخل في الإسلام، وخالط المسلمين،
وتعلم الدين، قوي إيمانه، وذاق حلاوة الدين، وصار أشد حماساً وتمسكاً
به من بعض المسلمين كما هو مشاهد.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهما أَنَّ رَسُولَ الله - صلى
الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِي الله عَنْه عَلَى
الْيَمَنِ قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ
فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ الله فَإِذَا
عَرَفُوا الله فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ
خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا
فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ
أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا
فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». متفق عليه
(1).
2 - وعن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم: أنه أتى النبي - صلى الله
عليه وسلم - فأسلم على أن يصلي صلاتين فقَبِل منه. أخرجه أحمد (2).
3 - وعن وهب قال: سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطتْ على
النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع
النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يقول:
«سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا». أخرجه أبوداود
(3).
- أحوال الداعي إلى الله:
من يقوم بالدعوة إلى الله عز وجل فالله يُرَبِّيه ويبتليه بالسراء
والضراء، وسيجد من الناس من يؤيده وينصره، وسيجد من يطرده ويسخر به.
فالداعي تأتي عليه حالتان:
حالة إقبال الناس عليه كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في
المدينة، وحالة إدبارهم عنه كما
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1458)، واللفظ له، ومسلم برقم
(19).
(2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (20287).
(3) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (3025).
(1/1103)
حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في
الطائف، لأن الله يربيه أحياناً، ويربي به أحياناً.
وحالة الإقبال عليه أشد وأخطر، فقد يدخله الغرور، وتُعْرَض عليه
المناصب فإذا قَبِل هلك، إلا من رحم الله وحماه، وهي محاولة الشيطان
لسرقة الداعي من الدين، وشغله بالدنيا والأشياء والمناصب.
أما حالة الإدبار والإعراض عنه فهي أحسن وأشد وأقوى بالنسبة له، إذ
فيها يزداد توجه الداعي إلى الله، والإقبال عليه، والتعلق به، فتأتي
بسبب ذلك نصرة الله كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل
الطائف لما طردوه وآذوه دعا الله فأيّده الله بجبريل ومَلَك الجبال، ثم
يسّر له دخول مكة، ثم الإسراء والمعراج، ثم الهجرة إلى المدينة، ثم
ظهور الإسلام.
- الجمع بين الدعاء والدعوة:
النبي - صلى الله عليه وسلم - تارة يدعو على المشركين .. وتارة يدعو
لهم بالهداية.
فالأول: عند اشتداد شوكتهم، وشدة أذاهم كما دعا عليهم في غزوة الخندق
حين شغلوا المسلمين عن الصلاة.
عن علي رضي الله عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ
وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى
غَابَتْ الشَّمْسُ».
متفق عليه (1).
والثاني: عند رجاء إسلامهم، وتأليف قلوبهم لدين الله عز وجل.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ
وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ دَوْسًا قَدْ
كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ،
فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَائْتِ بِهِمْ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2931)، واللفظ له، ومسلم برقم
(627).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2937)، ومسلم برقم (2524)، واللفظ
له.
(1/1104)
- أصناف
القائمين بالدعوة:
القائمون بالدعوة الآن أصناف:
1 - منهم من تأثر بأخلاق الدعاة إلى الله عز وجل فهو يقوم بالدعوة،
وإذا حصل له مشكلة مع أحد الدعاة ترك الدعوة وعادى الدعاة.
فهذا صرفه الله؛ لنقص مقصده.
2 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأنه وجد فيها حل مشاكله، وتحقيق رغباته،
ولما حسنت أحواله، وزادت دنياه انشغل بها عن الدعوة.
فهذا صرفه الله؛ لأنه دخل في الدعوة بمقصد ناقص.
3 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأن فيها حسنات وأجوراً، فهو يريد تحصيل
الأجور، فمقصده لنفسه لا يبالي بغيره.
فهذا إذا وجد الحسنات في غير الدعوة أكثر وأسهل ترك الدعوة.
4 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأنها أَمْر الله عز وجل، فهو يقوم بالعبادة
لأنها أَمْر الله، ويقوم بالدعوة لأنها أَمْر الله.
فهذا مقصده كامل، وبسبب ذلك ثَبَّته الله، وأعانه، وفرَّغه لتنفيذ
أوامر الله، والدعوة إلى الله، فهذا بأشرف المنازل.
(1/1105)
6 - أصول من دعوة
الأنبياء والرسل
- مراتب دعوة الأنبياء:
بعث الله الأنبياء والرسل بثلاثة أشياء:
بالدعوة إلى الله .. وتعريف الطريق الموصل إليه .. وبيان حال الناس بعد
الوصول إليه ..
فالأول بيان التوحيد والإيمان، والثاني بيان الأحكام، والثالث بيان
اليوم الآخر، وما فيه من الثواب والعقاب، والجنة والنار.
فالدعوة إلى الله تكون بتعريف الناس بالله، وأسمائه وصفاته، وأفعاله،
وبيان عظمة الله وقدرته، وأنه وحده الخالق المالك المدبر للكون كله،
وما سواه مخلوق ليس بيده شيء، وأنه سبحانه المستحق للعبادة وحده دون
سواه، فهذه أول المراتب وأحسنها وأعلاها.
ثم يليها الدعوة لبيان اليوم الآخر بالوعظ والترغيب والترهيب ببيان
أوصاف الجنة، وأهوال النار، وغير ذلك مما يجري في عرصات القيامة.
ثم الدعوة إلى أحكام الدين وشرائعه ببيان الحلال والحرام، والواجبات
والحقوق، والآداب والسنن.
ففي مكة كانت الدعوة إلى الله وإلى اليوم الآخر، وبيان أحوال الرسل مع
أممهم، وفي المدينة أكمل الله الدين بالأحكام فتقبلها من آمن بالله
واليوم الآخر، وشَرِق بها الكافر والمنافق.
- القدوة في الدعوة إلى الله:
أمر الله عزوجل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهدي
مَنْ سبقه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام على وجه العموم،
وأمره باتباع ملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - على وجه الخصوص، وملة
إبراهيم هي التضحية بكل شيء من أجل الدين، بالنفس، والمال، والأرض،
والزوجة، والولد، وأمرنا الله سبحانه باتباع الرسول
(1/1106)
- صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء به في
جميع أحواله، إلا ما خصه الله به.
1 - قال الله تعالى بعد ذكر جملة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}
[الأنعام/90].
2 - وقال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}
[النحل/123].
3 - وقال الله تعالى لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)}
[الأحزاب/21].
- سيرة الأنبياء في الدعوة إلى الله:
أعمال الأنبياء، وأخلاق الأنبياء تؤخذ من سير الأنبياء.
فالأنبياء قطعوا المسافات في سبيل الدعوة إلى الله، واغبرَّت أقدامهم
في سبيل الله، وبذلوا أموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله، وعرق
جبينهم، وتشققت أقدامهم من أجل نصر دين الله، ابتلوا، وأوذوا، وهاجروا،
وأُخرجوا، وقاتلوا، وقُتلوا، وزُلزلوا، وطُردوا، وشُتموا، وعُيِّروا،
واتُّهموا، وضُربوا، فَرَحِمُوا، وصبروا، حتى نصرهم الله، وأنقذ بهم
الخلق من الكفر والنار.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا
عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ
الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام/34].
- أحوال الناس بعد الدعوة:
الناس بعد دعوة الأنبياء والرسل لهم إما أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا:
فمن آمن امتحنه الله عز وجل، وابتلاه بالسراء والضراء، ويعاديه الناس،
ويؤذونه؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق.
ومن لم يؤمن بهم عوقب بما يؤلمه أعظم وأدوم، فلا بد من حصول الألم لكل
نفس سواء آمنت أم كفرت، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا في
البداية، ثم تكون له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، والكافر تحصل
له النعمة
(1/1107)
الموهومة ابتداء، ثم يصير في الألم المؤبد.
1 - قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت/ 2 - 3].
2 - وقال الله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)} [آل عمران/ 196 - 197].
3 - وقال الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا
أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
(55)} [التوبة/55].
- أعمال الأنبياء والرسل وأتباعهم:
الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم كانوا يسيرون في الأرض،
ويحملون للناس التوحيد والإيمان والأعمال الصالحة، ويدعونهم إليها،
وكان أحب شيء لديهم الإيمان بالله والأعمال الصالحة، وكانت أشواقهم إلى
رؤية ربهم .. إلى رضوان الله .. إلى نعيم الجنة .. إلى قصور الجنة، وقد
جاهدوا، وبلَّغوا، وصبروا، فرضي الله عنهم ورضوا عنه.
وهذه صور من تربية الله لهم، وسيرتهم في مجال الدعوة إلى الله، ليقتدي
بها كل داع إلى الله عز وجل.
(1/1108)
أصول من دعوة
الأنبياء والرسل
- الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله، وعبادته وحده لا شريك له:
1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ
إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
(25)} ... [الأنبياء/25].
2 - وقال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ
(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
(4)} [الإخلاص/1 - 4].
3 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ... [النحل/36].
- إبلاغ دين الله إلى الناس والنصح لهم:
1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ
وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى
بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)} [الأحزاب/39].
2 - وقال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {أُبَلِّغُكُمْ
رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ (62)} [الأعراف/62].
3 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ
تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ} [المائدة/67].
- دعوة الناس وغشيانهم في البيوت والأسواق والقرى والأمصار:
1 - قال الله تعالى لموسى - صلى الله عليه وسلم -: {اذْهَبْ أَنْتَ
وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/42 - 44].
2 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزور الناس، ويَتْبَعهم في
منازلهم، يدعوهم إلى الله، ويعرض نفسه على القبائل، وكان يقول: «يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إلَهَ إلَّا الله تُفْلِحُوا». أخرجه
أحمد (1).
_________
(1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (16603).
(1/1109)
3 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة رضي الله عنه -وفيه-
حتَىَّ مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ،
وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوثَانِ وَاليَهُودِ ... فَسَلَّمَ
عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ،
فَدَعَاهُمْ إلَى الله، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ ... متفق عليه
(1).
- دوام الثناء على الله وذكره واستغفاره في جميع الأحوال:
1 - قال الله تعالى عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)} [إبراهيم/39].
2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. أخرجه مسلم (2).
3 - وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله
فِي اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ». أخرجه مسلم (3).
- الكتابة إلى ملوك الكفار بالدعوة إلى الله:
عن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ
إلَى كِسْرَى، وَإلَى قَيْصَرَ، وَإلَى النَّجَاشِي، وَإلَى كُلِّ
جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إلَى الله تَعَالَى. أخرجه مسلم (4).
- الدعوة إلى الله، وإلى الطريق الموصلة إليه، وما للمدعوين بعد القدوم
عليه في اليوم الآخر:
1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5663)، ومسلم برقم (1798) واللفظ
له.
(2) أخرجه مسلم برقم (373).
(3) أخرجه مسلم برقم (2702).
(4) أخرجه مسلم برقم (1774).
(1/1110)
2 - وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل/125].
3 - وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا
عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ
يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ
فِي السَّعِيرِ (7)} [الشورى/7].
- دعوة الناس بلغتهم:
قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ
قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي
مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)} [إبراهيم/4].
- التوازن بين العبادة والدعوة:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ
إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ
زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل/1 - 4].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ
(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ
فَاهْجُرْ (5)} [المدثر/1 - 5].
- ذكر أحوال الأمم مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
1 - قال الله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ
وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} [هود/120].
2 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي
الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي
بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ (111)} [يوسف/111].
3 - وقال الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
(176)} [الأعراف/176].
- مداراة الكفار عند الخوف والخطر:
1 - قال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ
أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
(1/1111)
فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا
أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)} [آل عمران/28].
2 - وقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ
مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ
وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل/106].
- الاستمرار بالدعوة إلى الله، وعدم الالتفات إلى المعارضين:
1 - قال الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ (96)} ... [الحجر/94 - 96].
2 - وقال الله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ
إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)} [القلم/44 - 45].
3 - وقال الله تعالى: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ
إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (87)} [القصص/87].
4 - وقال الله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ
جِهَادًا كَبِيرًا (52)} [الفرقان/52].
- الغلظة والشدة على الكفار والمنافقين المعاندين:
1 - قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة/73].
3 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا
الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التوبة/123].
(1/1112)
- عدم الحزن والأسف على من لم يقبل الدين:
1 - قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ
إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)} [الكهف/6].
2 - وقال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي
يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ
بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)} [الأنعام/33].
3 - وقال الله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)} [فاطر/8].
- البشارة والنذارة:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ
بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ
لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} [الأحزاب/45 - 47].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعام/48].
3 - وعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى
الله عليه وسلم - إذَا بَعَثَ أحَدًا مِنْ أصْحَابِهِ فِي بَعْضِ
أمْرِهِ، قال: «بَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلا
تُعَسِّرُوا».
أخرجه مسلم (1).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
وَالْأَغْلَالَ الَّتِي
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1732).
(1/1113)
كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا
بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ
مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف/157].
- ربط قلوب المؤمنين بربهم، ووعدهم بالجنة على ما عملوا:
1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: «يَا غُلامُ إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ الله
يَحْفَظْكَ، احْفَظِ الله تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ
الله، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ
الأُمَّةَ لَو اجْتَمَعْتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ
يَنْفَعُوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَلَوِ
اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلَّا
بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ
الصُّحُفُ». أخرجه أحمد والترمذي (1).
2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَمَا بَيْنَ
رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ». أخرجه البخاري (2).
- حسن الكلام مع الناس:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب/70 - 71].
2 - وقال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ
كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)} [الإسراء/53].
3 - وقال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى
(44)} [طه/43 - 44].
_________
(1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (2669)، وأخرجه الترمذي برقم (2516).
(2) أخرجه البخاري برقم (6474).
(1/1114)
- عدم سؤال الأجر على الدعوة:
1 - قال الله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا
سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى
اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)} [سبأ/47].
2 - وقال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ (109)} [الشعراء/109].
- الرحمة للخلق:
1 - قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107].
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: ادع على
المشركين قال: «إنِّي لَمْ أُبْعثْ لَعَّاناً، وَإنَّمَا بُعِثْتُ
رَحْمَةً». أخرجه مسلم (1).
- الرأفة والشفقة:
قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128].
- اللين والعفو والصفح:
1 - قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [آل
عمران/159].
2 - وقال الله تعالى لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام: {اذْهَبَا
إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/43 - 44].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2599).
(1/1115)
3 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه
وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف/199].
4 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَاصْفَحْ
عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزخرف/89].
- الصدق:
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} [الزمر/33].
2 - وقال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ
كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)} ... [مريم/41].
- الصبر:
1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا
وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ
الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام/34].
2 - وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا
يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} [الروم/60].
3 - وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)} [المعارج/5].
- الإخلاص:
1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)} [الزمر/2].
2 - وقال الله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (65)} [غافر/65].
- الجود والخدمة والتواضع:
1 - قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا
(1/1116)
سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ
(25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)
فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27)} [الذاريات/24 -
27].
2 - وقال الله تعالى عن موسى - صلى الله عليه وسلم - وقصته مع
المرأتين: {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى
يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا
ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ
إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} [القصص/23 - 24].
3 - وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -
يقول: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ
فَإنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُالله وَرَسُولُهُ». أخرجه
البخاري (1).
- الإعراض عن زينة الحياة الدنيا:
1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا
مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
[طه/131].
2 - وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ
عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}
[الكهف/28].
- الترغيب في الطاعات والترهيب من المعاصي:
قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ
عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء/13 - 14].
- المسارعة إلى فعل الخيرات:
قال الله تعالى عن زكريا - صلى الله عليه وسلم - وذريته: {إِنَّهُمْ
كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا
وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء/90].
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (3445).
(1/1117)
- المجاهدة بالمال والنفس لإعلاء كلمة
الله:
قال الله تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ
جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ
الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)} [التوبة/88].
- الجهاد في سبيل الله:
1 - قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ
الصَّابِرِينَ (146)} [آل عمران/146].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة/73].
- طلب العلم وتعليمه:
1 - قال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} [طه/114].
2 - وقال الله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ
تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)} [الكهف/66].
3 - وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ
رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} [الجمعة/2].
- تطهير النفس، وتقوية الروح والبدن بدوام العبادة وكثرة ذكر الله:
1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ
بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
(99)} [الحجر/97 - 99].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا
اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)}
[الأحزاب/41 - 42].
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا
أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ
(1/1118)
خَادِماً، وَشَكَتِ العَمَلَ فَقَالَ: «مَا
أَلْفَيْتِيهِ عِنْدَنَا» قال: «أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ
لَكِ مِنْ خَادِمٍ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ
ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَتُكَبِّرينَ أَرْبعاً وَثَلاثِينَ حِينَ
تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ». متفق عليه (1).
- الدعاء للمشركين بالهداية:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأصْحَابُهُ
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إنَّ دَوْساً قَدْ كَفَرَتْ وَأبَتْ،
فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ فَقَالَ:
«اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بهِمْ». متفق عليه (2).
2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كُنْتُ أدْعُو أمِّي إلَى
الإسْلامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأسْمَعَتْنِي
فِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا أكْرَه ... -وفيه-:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ... فَادْعُ الله أنْ يَهْدِيَ أمَّ أبِي
هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ
اهْدِ أمَّ أبِي هُرَيْرَةَ». أخرجه مسلم (3).
3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كَأنِّي أنْظُرُ إلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نبيّاً مِنَ الأنْبِيَاءِ،
ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ
وَيَقُولُ: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ».
متفق عليه (4).
- القيام بالدعوة في جميع الأوقات والأحوال:
1 - قال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {قَالَ رَبِّ
إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)} [نوح/5].
2 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دَعَانَا النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا
أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا
وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3113)، ومسلم برقم (2828) واللفظ
له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2937)، ومسلم برقم (2524) واللفظ
له.
(3) أخرجه مسلم برقم (2491).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2477)، واللفظ له، ومسلم برقم
(1792).
(1/1119)
وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ
الأَمْرَ أَهْلَهُ: «إلاَّ أَنْ تَرَوا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ
مِنَ الله فِيْهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه (1).
- الشورى:
1 - قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران/159].
2 - وقال الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى/38].
- قوة اليقين على الله والتوكل عليه:
1 - قال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ
أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي
الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا} [التوبة/40].
2 - وقال الله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ
مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي
سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ
الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
(63)} [الشعراء/61 - 63].
- الدعاء والفزع إلى الصلاة في جميع الأحوال:
1 - قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا
عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي
مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ
مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ
عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ
وَدُسُرٍ (13)} [القمر/9 - 13].
2 - وقال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ
لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ
(9)} [الأنفال/9].
3 - وقال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ
وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} [البقرة/45].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7055) (7056)، واللفظ له، ومسلم
برقم (1709).
(1/1120)
4 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كَانَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. أخرجه
أحمد وأبو داود (1).
- تقديم الشكوى والسؤال إلى الله في جميع الأحوال:
1 - قال الله تعالى عن يعقوب عليه الصلاة السلام: {قَالَ إِنَّمَا
أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا
لَا تَعْلَمُونَ (86)} [يوسف/86].
2 - وقال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي
مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ
أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى
لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء/83 - 84].
3 - وقال الله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا
تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}
[الأنبياء/89 - 90].
- لزوم البيئة الصالحة وهجر بيئة السوء:
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة/119].
2 - وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ
عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا
تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف/28].
3 - وقال الله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ
يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ
مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ (21)} [القصص/20 - 21].
_________
(1) حسن/أخرجه أحمد برقم (23688)، وأخرجه أبو داود برقم (1319).
(1/1121)
4 - وقال الله تعالى: {وَإِمَّا
يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)} [الأنعام/68].
- الاعتماد على الله، ونفي النفس، مع الأخذ بالأسباب المأمور والمأذون
بها شرعاً:
1 - قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا
ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ
لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا
إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} [الأعراف/188].
2 - وقال الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ
قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى
وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)} [الأنفال/ 17].
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
كان يقول: «لا إلَهَ إلا الله وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ
عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلا شَيْءَ بَعْدَهُ». متفق
عليه (1).
- امتثال أوامر الله وإن كانت على خلاف العقل:
كما صنع نوح - صلى الله عليه وسلم - السفينة على اليابسة، وترك إبراهيم
- صلى الله عليه وسلم - زوجته وولده بواد غير ذي زرع، وأُمر موسى - صلى
الله عليه وسلم - بأخذ الحية وضَرْبِ البحر امتثالاً لأمر الله ... عز
وجل.
1 - قال الله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ
مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا
فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)} [هود/38].
2 - وقال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي
بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا
لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ (37)} [إبراهيم/37].
3 - وقال الله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ
هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4114)، وأخرجه مسلم برقم (2724).
(1/1122)
وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ
فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (19)
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا
تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)} [طه 17 - 21].
4 - وقال الله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ
بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ
الْعَظِيمِ (63)} [الشعراء/63].
- تحمل الأذى والطرد في سبيل الدعوة إلى الله تعالى:
1 - قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ
مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا
إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)} [البقرة/214].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ
وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}
[إبراهيم/12].
3 - وقال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}
[الأنفال/30].
4 - وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يومِ أُحُدٍ؟ قَالَ:
«لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا
لَقِيتُ مِنْهُمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ
عَبْدِ يَالِيلَ بنِ عَبْدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا
أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ
أَسْتَفِقْ إلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ». متفق عليه (1).
5 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«لَقَدْ أُخِفْتُ فِي الله وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوْذِيتُ
فِي الله وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثُونَ
مِنْ بَيْنِ يَومٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ
ذو كَبِدٍ إلا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إبْطُ بِلالٍ». أخرجه الترمذي وابن
ماجه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3231)، واللفظ له، ومسلم برقم
(1795).
(2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2472)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(151).
(1/1123)
- الصبر على الاتهام والتعيير والاستهزاء:
1 - قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)}
[الذاريات/52].
2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ
فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ (10)} [الأنعام/10].
3 - وقال الله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ
افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ
الْأَوَّلُونَ (5)} [الأنبياء/5].
4 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ
بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
(99)} [الحجر/97 - 99].
- إظهار العزة والجَلَد أمام الكفار المعاندين:
1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)} [الأنعام/161].
2 - وقال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي
إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا
بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا
بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ
أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة/4].
3 - وقال الله تعالى عن السحرة لما آمنوا: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ
عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ
مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا
أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
(73)} [طه/72 - 73].
- التوكل على الله، والشجاعة والثبات أمام الأعداء وإن كثروا:
1 - قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي
(1/1124)
وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى
اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ
لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا
تُنْظِرُونِ (71)} [يونس/71].
2 - وقال الله تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام: {قَالَ إِنِّي
أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54)
مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ
إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ (56)}
[هود/54 - 56].
- الاستفادة من قدرة الله لكشف الكربات وقضاء الحاجات:
1 - قال الله تعالى: ... {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا
فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ
وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء/ 87 - 88].
2 - وقال الله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا
اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ
عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا
مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)}
[البقرة/60].
- العناية بذوي المكانة:
1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا
وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ
فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)} [غافر/23 - 24].
2 - وقال الله تعالى لموسى - صلى الله عليه وسلم -: {اذْهَبْ أَنْتَ
وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/42 - 44].
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«لَو آمَنَ بي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بِيَ اليَهُودُ». متفق
عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3941)، واللفظ له، ومسلم برقم
(2793).
(1/1125)
- الاستقامة على الدين ظاهراً وباطناً:
1 - قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ
وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)} [هود/112].
2 - وقال الله تعالى عن شعيب - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أُرِيدُ
أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا
الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}
[هود/ 88].
اللهم ارزقنا الاستقامة على الدين ظاهراً وباطناً، واغفر لنا ما قدمنا
وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم،
وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت.
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين.
(1/1126)
|