مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات

كتاب الصَّلَاة
اتَّفقُوا على أَن الصَّلَوَات الْخمس فَرَائض
وَاتَّفَقُوا على أَن صَلَاة الصُّبْح للخائف والآمن رَكْعَتَانِ فِي السّفر والحضر
وعَلى أَن صَلَاة الْمغرب للخائف والآمن فِي السّفر والحضر ثَلَاث رَكْعَات
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 289:
أبو حنيفة يقول: إذا انقطع دمها لأكثرِ الحيض، أو مرَّ عليها وقت صلاةٍ جازَ وطؤُها وإن لم تغتسل ولم تتوضأ ولم تغسل فرجها.

(1/24)


وَاتَّفَقُوا على أَن صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء للمقيم الآمن أَربع رَكْعَات
وَاتَّفَقُوا على أَن من حج أو اعْتَمر أو جَاهد الْمُشْركين أَو كَانَت مُدَّة سَفَره ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا فصلى الظّهْر وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ فقد أدّى مَا عَلَيْهِ
وَاخْتلفُوا فِي الْعَتَمَة روينَا عَن ابْن عَبَّاس فِي حَدِيث شعبه ما يدل على انه كَانَ لَا يقصرها
وَلم يتفقوا فِي أقل صَلَاة الْخَوْف على شَيْء يُمكن ضَبطه لَان جمَاعَة من التَّابِعين يرَوْنَ الْفَرْض فِي صَلَاة الْخَوْف يُجزئ بتكبيرة وَاحِدَة فَقَط وَأَبُو حنيفَة لَا يرى التَّكْبِير فرضا وان أقل فرض ذَلِك عِنْده رَكْعَتَانِ وان لم يكن فيهمَا تَكْبِير أصلا
وَاتَّفَقُوا أَن الصَّلَاة لَا تسْقط وَلَا يحل تَأْخِيرهَا عمدا عَن وَقتهَا عَن الْبَالِغ الْعَاقِل بِعُذْر أصلا وَأَنَّهَا تُؤدِّي على حسب طَاقَة الْمَرْء من جُلُوس أَو اضطجاع بإيماء أَو كَيْفَمَا أمكنه (1)
وَاتَّفَقُوا أَن من أدْرك الإمام وَقد رفع رَأسه من الرُّكُوع واعتدل وَرفع كل من وَرَاءه رؤوسهم واعتدلوا قيَاما فقد فَاتَتْهُ الرَّكْعَة وَأَنه لَا يعْتد بتينك السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أدْرك
وَاتَّفَقُوا أَن من جَاءَ والإمام قد مضى من صلَاته شَيْء قل أَو كثر وَلم يبْق إلا السَّلَام فانه مَأْمُور بِالدُّخُولِ مَعَه وموافقته على تِلْكَ الْحَال الَّتِي يجده عَلَيْهَا مَا لم يجْزم
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 289:
النزاع معروف في صور:
منها: حال المسايفة: فأبو حنيفة يوجب التأخير، وأحمد في إحدى الروايتين يجوزه. ومنها: المحبوس في مصر.
ومنها: عادم الماء والتراب: فمذهب أبي حنيفة، وأحدُ القولين في مذهب مالك أنه لا يصلي، رواه مَعنٌ عن مالك، وهو قول أصبغ، وحكي ذلك قولا للشافعي، ورواية عن أحمد.
وهؤلاء في الإعادة لهم قولان، هما روايتان في مذهب مالك وأحمد، والقضاء قول أبي حنيفة.

(1/25)


بادراك الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد آخر
وَاتَّفَقُوا أَن من فعل مَا يَفْعَله الإمام من رُكُوع وَسُجُود وَقيام بعد أَن فعله الإمام لَا مَعَه وَلَا قبله فقد أصَاب
وَاتَّفَقُوا أَن اسْتِقْبَال الْقبْلَة لَهَا فرض لمن يعاينها أَو عرف دلائلها مَا لم يكن مُحَاربًا وَلَا خَائفًا
وَاتَّفَقُوا على أَن الْقيام فِيهَا فرض لمن لَا عِلّة بِهِ وَلَا خوف وَلَا يصلى خلف أمام جَالس وَلَا فِي سفينة
وَاتَّفَقُوا على أَن الرُّكُوع فِيهَا فرض وان السُّجُود سَجْدَتَانِ فِي كل فرض
وَاتَّفَقُوا أَن مَا بَين زَوَال الشَّمْس إلى كَون ظلّ كل شَيْء مثله بعد طرح ظلّ الزَّوَال وَقت الظّهْر
وَاخْتلفُوا فِي وَقت الْجُمُعَة فروينا عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ كل عيد للْمُسلمين فَهُوَ قبل الزَّوَال وَاخْتلفُوا فِي دُخُول وَقت الْعَصْر مِمَّا لَا سَبِيل إلى جمعه لِأَن أَبَا حنيفَة يَقُول لَا يدْخل وَقت الْعَصْر إلا إذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي حِينَئِذٍ يخرج وَقت الْعَصْر الْمَحْمُود
وَاتَّفَقُوا أَن الشَّمْس إذا غربت كلهَا فقد خرج وَقت الدُّخُول فِي الظّهْر وَالْعصر لغير من يَقْضِيهَا وَاتَّفَقُوا أَن الشَّمْس إذا غربت فانه وَقت لصَلَاة الْمغرب
وَاتَّفَقُوا أَن مغيب الشَّفق الأبيض الَّذِي هُوَ آخر الشفقين وَقت لصَلَاة الْعَتَمَة إلى انقضاء ثلث اللَّيْل الأول
وَاخْتلفُوا أَنه إذا طلع الْفجْر الْمُعْتَرض أخرج وَقت الدُّخُول فِي الْمغرب لغير من لَا يَقْضِيهَا أم لَا وروى عَن عَطاء أَن وَقت الْمغرب وَالْعَتَمَة حَتَّى النَّهَار
وَاتَّفَقُوا على أَن طُلُوع الْفجْر الْمَذْكُور إلى طُلُوع قرص الشَّمْس وَقت للدخول فِي صَلَاة الصُّبْح لغير من يَقْضِيهَا
وَاتَّفَقُوا أَن من بلغ أَو أسلم وَأمكنهُ الظّهْر وَقد بَقِي من آخر وَقت الْعَصْر على اخْتلَافهمْ فِي آخر مِقْدَار رَكْعَة فانه يُصَلِّي الْعَصْر وَالْمغْرب ثمَّ الْعَتَمَة أَنه قد أدّى مَا عَلَيْهِ

(1/26)


وَاتَّفَقُوا أَن من أذن بعد دُخُول الْوَقْت فَقَالَ الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا اله إلا الله مرَّتَيْنِ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ ثمَّ رفع فَقَالَ أشهد أَن لَا اله إلا الله مرَّتَيْنِ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ حَيّ على الصَّلَاة مرَّتَيْنِ حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ الله اكبر الله اكبر لَا اله إلا الله وَزَاد فِي صَلَاة الصُّبْح وَالْعَتَمَة الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ فقد أدّى الْأَذَان حَقه من الْكَلِمَات الَّتِي ذكرنا خاصة على أَنا قد روينَا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا الأذان ثَلَاث وانه كَانَ يَقُول فِي أَذَانه حَيّ على خير الْعَمَل
وَاتَّفَقُوا أَن قَول الله أكبر مرَّتَيْنِ أشهد أَن لَا اله إلا الله مرَّتَيْنِ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ حَيّ على الصَّلَاة مرَّتَيْنِ حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ لَا اله إلا الله مرّة وَاحِدَة يَنْبَغِي ذكره فِي الإقامة
وَاتَّفَقُوا انه إن كرر الله اكبر اشْهَدْ أَن لَا اله إلا الله اشْهَدْ أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ كل وَاحِدَة من الألفاظ الْمَذْكُورَة وفيهَا وَقد قَامَت الصَّلَاة مرَّتَيْنِ وَالله أكبر مرَّتَيْنِ بعد ذَلِك ثمَّ لَا اله إلا الله مرّة فقد أدّى الإقامة
وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة عمدا مَعَ غير الإمام فِي إصلاح الصَّلَاة وَفِي رد الإمام أَو مَا نابه وَبعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْقض الصَّلَاة إلا أننا روينَا عَن الشّعبِيّ فِي الصَّلَاة بني وان تكلم
وَاتَّفَقُوا أن الأكل والقهقهة وَالْعَمَل الطَّوِيل بِمَا لم يُؤمر بِهِ فِيهَا ينقضها إذا كَانَ تعمد ذَلِك كُله وَهُوَ ذَاكر لِأَنَّهُ فِي صَلَاة
وَاتَّفَقُوا أن الْمَرْأَة لَا تؤم الرِّجَال وهم يعلمُونَ أنها امْرَأَة فان فعلوا فصلاتهم فَاسِدَة بإجماع وروى عَن أشهب أَنه من ائتم بِامْرَأَة وَهُوَ لَا يدْرِي حَتَّى خرج

(1/27)


الْوَقْت ثمَّ علم فَصلَاته تَامَّة وَكَذَا من ائتم بِكَافِر (1) وَقد قَالَ قوم من أهل الظَّاهِر أن الْكَافِر إذا ابْتَدَأَ الصَّلَاة بِقوم مُسلمين فانه إسلام مِنْهُ يقتل إن رَاجع الْكفْر
وَاتَّفَقُوا أَن القهقهة تبطل الصَّلَاة على أننا روينَا عَن الشّعبِيّ من ضحك فِي الصَّلَاة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَاخْتلفُوا فِي التبسم والأنين والنفخ وَفِي الْقِرَاءَة فِي الْمُصحف وَفِي الِاعْتِمَاد على الْيَد فِيهَا وَفِي زجر الصَّبِي يخَاف عَلَيْهِ أَن يهوى ودفاع الظَّالِم والإصلاح بَين المتقاتلين والمتضاربين وَفِي عد الْآي فِي الصَّلَاة
وَاخْتلفُوا فِي شرب المَاء قصدا فِي صَلَاة التَّطَوُّع أينقضها أم لَا وَفِي مُرُور الْكَلْب والسنور وَالْحمار وَالْكَافِر وَالْمَرْأَة بَين يَدي الْمُصَلِّي أتنقض صلَاته أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن أَقرَأ الْقَوْم إذا كَانَ فَاضلا فِي دينه ومعتقده سَالم الأعضاء كلهَا صَحِيح الْجِسْم فصيحا صَحِيح النّسَب حرا لَا يَأْخُذ على الصَّلَاة أجرا فَقِيها وَلم يكن أَعْرَابِيًا يؤم مُهَاجِرين وَلَا أعجميا يؤم عربا وَلَا متيمما يؤم متوضئين فان الصَّلَاة وَرَاءه جَائِزَة
وَاتَّفَقُوا على أَن من تحول عَن الْقبْلَة عمدا لغير قتال أَو لغير غسل حدث غَالب أَو بنسيان الْوضُوء لَهُ أَو لغير غسل رُعَاف أَو لغير مَا افْترض على الْمَرْء من أمر بِمَعْرُوف أَو إصلاح بَين النَّاس أَو إطفاء نَار أَو إمساك شَيْء فَائت من مَاله أو لغير إكراه فان صلَاته فَاسِدَة
وَاتَّفَقُوا أَن ستر الْعَوْرَة فِيهَا لمن قدر على ثوب مُبَاح لِبَاسه لَهُ فرض
وَاتَّفَقُوا على أَن من لبس ثوبا طَاهِرا مُبَاحا لِبَاسه كثيفا وَاحِدًا فَغطّى سرته
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 290:
ائتمام الرجال الأميين بالمرأة القارئة في قيام رمضان يجوز في المشهور عن أحمد، وفي سائر التطوع روايتان.

(1/28)


وركبته وَمَا بَينهمَا وَطرح مِنْهُ على عَاتِقه أَن صلَاته فِيهِ تُجزئه
وَاتَّفَقُوا على أَن الْفرج والدبر عَورَة
وَاتَّفَقُوا أَن الفكرة فِي أُمُور الدُّنْيَا لَا تفْسد الصَّلَاة (1)
وَاتَّفَقُوا على أَن شعر الْحرَّة وجسمها حَشا وَجههَا ويدها عَورَة
وَاخْتلفُوا فِي الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ حَتَّى أظفارهما أعورة هِيَ أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن الْأمة إن سترت فِي صلَاتهَا شعرهَا وَجَمِيع جَسدهَا فقد أدَّت صلَاتهَا وَقد روينَا عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا لَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن تصلي إلا وَفِي عُنُقهَا قلادة أَو خيط أَو سير أَو شَيْء
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز الصَّلَاة فِي كل مَكَان مَا لم يكن جَوف الْكَعْبَة أَو الْحجر أَو ظهر الْكَعْبَة أَو معاطن الْإِبِل أَو مَكَانا فِيهِ نَجَاسَة أَو حَماما أَو مَقْبرَة أَو إلى قبر أَو عَلَيْهِ أَو مَكَانا مَغْصُوبًا يقدر على مُفَارقَته أَو مَكَانا يستهزأ فِيهِ بالإسلام أَو مَسْجِدا لِضِرَار أَو بِلَاد ثَمُود لمن لم يدخلهَا باكيا (2)
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز الصَّلَاة فِي كل ثوب مَا لم يكن حَرِيرًا أَو فِيهِ حَرِير أَو مَغْصُوبًا أَو معصفرا أَو فِيهِ نَجَاسَة أَو جلد ميتَة أَو ثوب مُشْتَرك
وَاتَّفَقُوا على أَن مَا عدا الْكَلْب وَالْمَرْأَة وَالْحمار والهر والمشرك لَا يقطع الصَّلَاة
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 290:
إذا كانت هي الأغلب ففيها نزاعٌ معروف، والبطلان اختيار أبي عبد الله بن حامد، وأبي حامد الغزالي.

(2) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 290:
الصلاة في المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق لا تصح في المشهور عند كثير من أصحاب أحمد، بل أكثرهم.
والصلاة في الحش كذلك عند جمهورهم، وإن صلى في مكان طاهر منه.

(1/29)


وَاتَّفَقُوا أَن مَا مر من ذَلِك كُله وَرَاء الستْرَة وَهِي ارْتِفَاع قدر آخِرَة الرحل وَفِي حلَّة الرمْح أَنه لَا يقطع الصَّلَاة
وَاتَّفَقُوا على أَن من قرب من سترته مَا بَين ممر الشَّاة إلى ثَلَاثَة أَذْرع فقد أدّى مَا عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا على كَرَاهِيَة الْمُرُور بَين الْمُصَلِّي وسترته وان فَاعل ذَلِك آثم
وَاتَّفَقُوا على أَن من استنجى بِمَا يجوز الِاسْتِنْجَاء بِهِ على الْوتر من ثَلَاثَة أشخاص مُخْتَلفَة الأجرام فَصَاعِدا حَتَّى ينقي مَا هُنَالك ثمَّ تَوَضَّأ بِمَاء كَمَا ذكرنَا وَفِي إناء كَمَا وَصفنَا وضُوءًا كَمَا نعتنا ثمَّ لم يَأْتِ شَيْئا مِمَّا ذكرنَا أَن مَا عداهُ لَا ينْقض الْوضُوء وَلَا مس شَيْئا من جلده بريقه وَعَلِيهِ ثوب كَمَا شرطنا قَامَ فِي جمَاعَة وَنوى فِي تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ كَمَا حددنا وَهِي راضية بِهِ فِي مَكَان مسَاوٍ لوقوفهم لَيْسَ أَعلَى مِنْهُ ووقف أمامهم بِغَيْر محرات فَكبر وَنوى فِي تكبيره وَقبل تَكْبِير مُتَّصِلا بتكبيرة تِلْكَ الصَّلَاة الَّتِي يصلى بِعَينهَا فَقَالَ الله أكبر وَرفع يَدَيْهِ وتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَقَرَأَ بِأم الْقُرْآن يفتتحها بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ قَرَأَ سُورَة وجهر حَيْثُ يَنْبَغِي الْجَهْر وَأسر حَيْثُ يَنْبَغِي الاسرار ثمَّ كبر وَركع فاطمأن فِي رُكُوعه حَتَّى اسْتَقَرَّتْ أعضاؤه كلهَا وَقَالَ وَهُوَ رَاكِع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَلم يقْرَأ شَيْئا من الْقُرْآن فِي حَال رُكُوعه ثمَّ قَالَ سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد ثمَّ اطْمَأَن قَائِما حَتَّى اعتدلت اعضاؤه كلهَا ثمَّ كبر وخر سَاجِدا وجافي يَدَيْهِ عَن ذِرَاعَيْهِ وفخذيه وَوضع جَبهته وَأَنْفه مكشوفين وَيَديه وَرجلَيْهِ (1) على مَا هُوَ عَلَيْهِ قَائِم مِمَّا يحل افتراشه فِي الصَّلَاة وَهُوَ نَحْو مَا يحل لِبَاسه وَقَالَ فِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الأعلى ثَلَاثًا واطمأنت أعضاؤه كلهَا وَلم يقْرَأ فِي سُجُوده شَيْئا من الْقُرْآن ثمَّ كبر وَجلسَ معتدلا ثمَّ كبر وَسجد أُخْرَى كَالَّتِي وَصفنَا وَلَا فرق فِي كل مَا قُلْنَا فِيهَا ثمَّ قَامَ مكبرا ثمَّ عمل هَكَذَا فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فان كَانَت صَلَاة غير الصُّبْح جلس بعد الثَّانِيَة وَتشهد وَلَا نقدر على إجماع فِيمَا يفعل فِي الْجُلُوس فَقَالَ الشّعبِيّ لَا يزِيد على التَّشَهُّد وَقَالَ الشَّافِعِي وَيُصلي على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله ثمَّ يعود فَيقوم ثمَّ قَامَ مكبرا يفعل كَمَا قُلْنَا فِي الرَّكْعَة الأولى فِي كل مَا قُلْنَا فِيهَا من
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 8:
قال (أي ابن حزم) : واتفقوا على أن وضعَ الرأس في الأرض والرجلين في السجود فرضٌ.
قلت (أي ابن تيمية) : المنقول عن أبي حنيفة: أنه لا يجب السجود إلا على الوجه، وهو قول الشافعي، ورواية عن أحمد. ويقتضي هذا أنه لو سجد على يديه ووجهه وركبتيه أجزأه.

(1/30)


قِرَاءَة سُورَة مَعَ أم الْقُرْآن وتعوذ وبسملة وَغير ذَلِك فان كَانَت غير الْمغرب وَالصُّبْح فركعتان كَمَا قُلْنَا وَلَا فرق حَتَّى إذا جلس فِي آخر صلَاته تشهد التَّشَهُّد الْمَرْوِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيق ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ثمَّ يُصَلِّي على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة المروية عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام إذ سَأَلَهُ بشير ابْن سعد الأنصاري ثمَّ سلم عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله تسليمتين السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله السَّلَام عَلَيْكُم وَهُوَ فِي مَوضِع لَيْسَ من الْمَوَاضِع الَّتِي ذكرنَا أَن مَا عداهُ مُبَاح الصَّلَاة عَلَيْهِ وَلم ينْفخ وَلَا بَكَى وَلَا ضحك وَلَا تَبَسم وَلَا الْتفت وَلَا سَهَا وَلَا تخنصر وَلَا كفت شعرًا وَلَا ثوبا وَلَا فرقع أَصَابِعه وَلَا شبكها ولامر أَمَامه شَيْء مِمَّا ذكرنَا أَن مَا عداهُ مُتَّفق عَلَيْهِ أَنه لَا يقطع الصَّلَاة وَلَا صلت إلى جنبه امْرَأَة وَلَا دَعَا بِغَيْر مَا يشبه الْقُرْآن فِيهَا وَلَا تختم فِي ابهام أَو سبابة أَو وسطى وَلَا قَالَ الْحَمد لله فِي عطاس ان كَانَ مِنْهُ وَلَا سبح مرِيدا مُخَاطبَة انسان فقد أدّى الصَّلَاة وأتمها كَمَا أَمر على اننا روينَا عَن عَطاء كَرَاهِيَة السُّجُود على غير التُّرَاب والبطحاء والحصى
واتفقواعلى أَن من فعل كَمَا ذكرنَا وَهُوَ مُنْفَرد وَلم يجد من يؤمه وَلَا من يأتم بِهِ أَو كَانَ مَعْذُورًا فِي صلَاته مُنْفَردا وَقت تِلْكَ الصَّلَاة قَائِم بعد أَو كَانَ قد نَسِيَهَا أَو قَامَ عَنْهَا وان خرج وَقتهَا مَا لم يكن بعد صَلَاة الصُّبْح إلى ابيضاض الشَّمْس أَو حِين استوائها أَو بعد الْعَصْر إلى غُرُوبهَا وَلم يكن عبدا آبقا فقد ادى صلَاته كَمَا أَمر وَلَا سَبِيل إلى إجماع جَازَ فِي الْمَأْمُوم أصلا
وَاتَّفَقُوا على أَن من قرأوهو فِي الصَّلَاة سَجْدَة من سَجدَات الْقُرْآن فَخر لَهَا سَاجِدا ثمَّ عَاد إلى صلَاته أَن صلَاته لَا تنْتَقض
وَاتَّفَقُوا أَنه ان سجد فِيهَا عَامِدًا ذَاكِرًا لأنه فِي صَلَاة غير السُّجُود الْمَأْمُور بِهِ وَغير هَذَا السُّجُود وَغير سُجُود السَّهْو فان صلَاته تفْسد
وَاتَّفَقُوا انه لَيْسَ فِي الْقُرْآن أَكثر من خمس عشرَة سَجْدَة
وَاتَّفَقُوا مِنْهَا على عشر وَاخْتلفُوا فِي الَّتِي فِي ص وَفِي الْآخِرَة الَّتِي فِي الْحَج وَفِي

(1/31)


الثَّلَاث اللواتي فِي الْمفصل وَاتَّفَقُوا على أَن الَّتِي فِي حم والم من عزائمها
وَاتَّفَقُوا على أَن قِرَاءَة الْقُرْآن لغير الْمُحدث وَالْجنب وَالْحَائِض وَفِيمَا عدا الْخَلَاء وَالْحمام حسن
وَاتَّفَقُوا على أَن من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا أَو سكر من خمر حَتَّى خرج وَقتهَا فَعَلَيهِ قَضَاؤُهَا أبدا
وَاتَّفَقُوا على أَن صَلَاة الْعِيدَيْنِ وكسوف الشَّمْس وَقيام ليَالِي رَمَضَان لَيست فرضا وَكَذَلِكَ التَّهَجُّد على غير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (1)
وَاتَّفَقُوا أَن كل صَلَاة مَا عدا الصَّلَوَات الْخمس وَعدا الْجَنَائِز وَالْوتر وَمَا نَذره الْمَرْء لَيست فرضا (2)
وَاتَّفَقُوا أَن الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وَالْغسْل الْمَفْرُوض وَالْوُضُوء لَهَا كل ذَلِك لَازم للْحرّ وَالْعَبْد وَالْأمة والحرة لُزُوما مستويا إذا بلغ كل من ذكرنَا وعقل وبلغه وجوب ذَلِك
وَاتَّفَقُوا على أَن مَا بعد صَلَاة الْعَتَمَة إلى طُلُوع الْفجْر آخر وَقت للوتر
وَاتَّفَقُوا أَن من صفاء الشَّمْس إلى زَوَالهَا وَقت لصَلَاة الْعِيدَيْنِ على أهل الأمصار
وَاتَّفَقُوا أَن صَلَاة الْعِيدَيْنِ رَكْعَتَانِ فِي الصَّحرَاء وَصَحَّ عَن عَليّ فِي الْجَامِع الْعِيد أَيْضا وَاخْتلفُوا إذا صليت فِي الْمصر فِي الْجَامِع فقوم قَالُوا رَكْعَتَانِ
وَاخْتلفُوا فِي الْكَلَام فِي الصَّلَاة فَقَالَت طَائِفَة بِجَوَازِهِ مَعَ الامام فِي اصلاح
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 291:
العيدان فرضٌ على الكفاية في ظاهر مذهب أحمد، وحكي عن أبي حنيفة: أنهما واجبان على الأعيان، وعن عبيدة السلماني: أنَّ قيامَ الليل واجبٌ كحلبِ شاةٍ، وهو قولٌ في مذهب أحمد.

(2) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 291:
في وجوب ركعتي الطواف نزاعٌ معروف، وقد ذُكر في وجوب المُعادَةِ مع إمام الحي وركعتي الفجر والكسوف.

(1/32)


الصَّلَاة وَقَالَت طَائِفَة ان الْكَلَام مَحْظُور حَتَّى فِي إفتاء الْمَأْمُوم الامام فِي الْقُرْآن إذا اخطأ وَقَالَ آخَرُونَ الْكَلَام عمدا ونسيانا يبطل الصَّلَاة
وَاتَّفَقُوا على أَن صَلَاة الظّهْر من يَوْم الْجُمُعَة فِي الْمصر الْجَامِع إذا أَمر بذلك الإِمَام الْوَاجِبَة طَاعَته وخطب الامام خطبتين قَائِما يجلس بَينهمَا جلْسَة وَكَانَ مِمَّن تجوز امامته وَحضر ذَلِك أَرْبَعُونَ رجلا فَصَاعِدا أَحْرَار مقيمون بالغون قد حَضَرُوا الْخطْبَة وَلم يلغ أحد مِنْهُم وَلَا شرب مَاء وَلَا زَالَ مِنْهُم أحد الا أَنهم اخْتلفُوا فِي الْوَقْت بِمَا لَا سَبِيل إلى جمعه إذ قد روينَا عَن شُعْبَة عَن الحكم عَن مُجَاهِد أَن كل عيد للْمُسلمين فَهُوَ قبل نصف النَّهَار وَرُوِيَ فِي الْجُمُعَة قبل الزَّوَال عَن أبي بكر وَغَيره الا أَنهم اجْمَعُوا على أَن الْجُمُعَة إذا جمعت على شُرُوطهَا رَكْعَتَانِ يجْهر فيهمَا
وَأَجْمعُوا ان من أسقط الجلسة الْوُسْطَى من صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعَتَمَة سَاهِيا أَن عَلَيْهِ سَجْدَتي السَّهْو (1)
وَاتَّفَقُوا أَن من أدْرك السَّهْو مَعَ امامه فانه يسْجد للسَّهْو وان لم يسه
ثمَّ اخْتلفُوا فِي كل من زَاد أَو نقص وفيمن أدْرك وترا من صَلَاة امامة وان لم يسه أيسجد للسَّهْو أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الصُّبْح والاوليين من الْمغرب وَالْعشَاء من جهر فيهمَا فقد أصَاب وَمن أسر فِي الْأُخْرَيَيْنِ من الْعَتَمَة وَفِي الثَّالِثَة من الْمغرب وَفِي جَمِيع الظّهْر وَالْعصر فقد أصَاب
وَلَيْسَ قولي فقد أصَاب مُوجب أَن من خَالف ذَلِك فَهُوَ عِنْدهم مُخطئ بل من خَالف ذَلِك مَوْقُوف على اخْتلَافهمْ فِيهِ
وَاتَّفَقُوا أَن النَّوَافِل من التَّهَجُّد والتطوع من شَاءَ جهر وَمن شَاءَ أسر
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 291:
الشافعي لا يوجب سجود السهو.

(1/33)


وَاتَّفَقُوا على اسْتِحْبَاب رَكْعَتَيْنِ بعد طُلُوع الْفجْر وَقبل صَلَاة الصُّبْح
وَأَجْمعُوا أَن التَّطَوُّع بِالصَّلَاةِ حسن مَا لم يكن بَين طُلُوع الْفجْر وابيضاض الشَّمْس بِغَيْر الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذكرنَا

كتاب الْجَنَائِز
اتَّفقُوا على أَن مواراة الْمُسلم فرض
وَاتَّفَقُوا على أَن غسله وَالصَّلَاة عَلَيْهِ ان كَانَ بَالغا وتكفينه مَا لم يكن شَهِيدا أَو مقتولا ظلما فِي قصاص فرض
وَاتَّفَقُوا أَن من صلى عَلَيْهِ بِوضُوء فقد أصَاب
وَاخْتلفُوا فِي الْكَفَن والحنوط أَمن الثُّلُث أم من رَأس المَال وفيمن صلى عَلَيْهِ بِلَا وضوء وَلَا تيَمّم ايجوز ذَلِك أم لَا