مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات

كتاب الرَّضَاع والنفقات والحضانة
قد ذكرنَا مَا اخْتلفُوا عَلَيْهِ من الرَّضَاع الْمحرم فِي كتاب النِّكَاح
وَاتَّفَقُوا أَن من وهب الامرأة الَّتِي أَرْضَعَتْه عبدا أَو أمة فقد قضي ذمامها
وَاتَّفَقُوا أَن الْحر الَّذِي يقدر على المَال الْبَالِغ الْعَاقِل غير الْمَحْجُور عَلَيْهِ فَعَلَيهِ نَفَقَة زَوجته الَّتِي تزَوجهَا زواجا صَحِيحا إذا دخل بهَا وَهِي مِمَّن تُوطأ وَهِي غير ناشز وَسَوَاء كَانَ لَهَا مَال أَو لم يكن
وَاتَّفَقُوا أَن من كَانَ بِهَذِهِ الصّفة فَعَلَيهِ الْقيام برضاع وَلَده ان لم يكن للرضيع أم أَو لم يكن لأمه لبن وَلم يكن للرضيع مَال
وَاتَّفَقُوا على أَنه يلْزم الرجل الَّذِي هُوَ كَمَا ذكرنَا نَفَقَة وَلَده وَابْنَته اللَّذين لم يبلغَا وَلَا لَهما مَال حَتَّى يبلغَا
وَاتَّفَقُوا على أَن على الرجل الَّذِي هُوَ كَمَا ذكرنَا نَفَقَة أَبَوَيْهِ إذا كَانَا فقيرين زمنين

(1/79)


وَاتَّفَقُوا على أَنه يلْزم الرجل من النَّفَقَات الَّتِي ذكرنَا مَا يدْفع الْجُوع من قوت الْبَلَد الَّذِي هُوَ فِيهِ وَمن الْكسْوَة مَا يطرد الْبرد وَتجوز فِيهِ الصَّلَاة
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يلْزم أحدا أَن ينْفق على غَنِي غير الزَّوْجَة
وَاخْتلفُوا فِي الْفُقَرَاء من ذَوي الرَّحِم المورثين وَالْجِيرَان أتلزمهم نَفَقَتهم الْغَنِيّ والغنية من وراثهم وَذَوي رَحِمهم وجيرانهم أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن على الرجل الْحر وَالْمَرْأَة الْحرَّة نَفَقَة أمتهما وعبدهما وكسوتهما واسكانهما إذا لم يكن للرقيق صَنْعَة يكتسبان مِنْهَا
وَاتَّفَقُوا أَن ذَلِك يلْزم الصَّغِير والأحمق فِي أموالهما
وَاتَّفَقُوا أَن من لَزِمته نَفَقَة فقد لَزِمته كسْوَة الْمُنفق عَلَيْهِ واسكانه
وَاتَّفَقُوا أَن من كسا رَقِيقه مِمَّا يلبس وأطعمهم مِمَّا يَأْكُل أَي شَيْء كَانَ ذَلِك وَلم يكلفهم مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا لطم وَلَا ضرب وَلَا سبّ بِغَيْر حق فقد ادى مَا عَلَيْهِ
وَاتَّفَقُوا أَن من كَانَ لَهُ حَيَوَان من غير النَّاس فَحَرَام عَلَيْهِ أَن يجيعه أَو يكفله مَا لَا يُطيق أَو يقْتله عَبَثا
وَاتَّفَقُوا أَن من كسا من تلْزمهُ نَفَقَته من أبوين أَو زَوْجَة أَو ولد وَغَيرهم مِمَّا يشاكلهم ويشاكله وَأنْفق عَلَيْهِم كَذَلِك فقد أدّى مَا عَلَيْهِ
وَلم يتفقوا فِيمَن هُوَ أَحَق بحضانة الصَّغِير وَالصَّغِيرَة على شَيْء يُمكن جمعه فقد روى عَن شُرَيْح أَن الاب أَحَق من الام
وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَن الْعم أَحَق من الام

اللّعان
اتَّفقُوا على أَن الزَّوْج الصَّحِيح عقد الزواج الْحر الْمُسلم الْعَاقِل الْبَالِغ الَّذِي لَيْسَ بسكران ولامحدود فِي قذف ولاأخرس ولاأعمى إذا قذف بِصَرِيح الزِّنَا زَوجته الْعَاقِلَة الْبَالِغَة الْمسلمَة الْحرَّة الَّتِي لَيست محدودة فِي زنا وَلَا قذف وَلَا خرسى وقذفها وَهِي فِي عصمته بزنا ذكر أَنه رَآهُ مِنْهَا بعد نِكَاحه لَهَا مختارة للزِّنَا غير سكرى وَكَانَ الزَّوْج قد دخل بهَا وَوَطئهَا أَو لم يدْخل بهَا ثمَّ لم يَطَأهَا بعد مَا ذكر من اطِّلَاعه

(1/80)


على مَا اطلع وَلم يطلقهَا بعد قذفه لَهَا وَلَا مَاتَت وَلَا ولدت وَلَا اتَّضَح نِكَاحهَا فان اللّعان بَينهمَا وَاجِب
وَاخْتلفُوا فِيمَن قذف زَوجته كَمَا ذكرنَا وَهِي حَامِل وانتفى من حملهَا بِمَا لَا سَبِيل إلى ضم إجماع فِيهِ لَان أَبَا حنيفَة يَقُول لَا يُلَاعن أصلا حَتَّى تضع وَقَالَ آخَرُونَ لَا لعان بعد الْوَضع وإنما يلاعنها قبل أَن تضع
وَاتَّفَقُوا أَنه ان قَالَ فِي اللّعان يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر فِي الْجَامِع بِحَضْرَة الْحَاكِم الْوَاجِب نَفاذ حكمه بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة اني لصَادِق فِيمَا رميت بِهِ فُلَانَة زَوْجَتي هَذِه وَيُشِير اليها وَهِي حَاضِرَة من الزِّنَا وَأَن حملهَا هَذَا مَا هُوَ مني ثمَّ كرر ذَلِك أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَ الْخَامِسَة وعَلى لعنة الله ان كنت من الْكَاذِبين فقد التعن وَسقط عَنهُ حد الْقَذْف
وَاتَّفَقُوا أَن الزَّوْجَة ان قَالَت بعد ذَلِك بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة ان فلَانا زَوجي هَذَا فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا لَكَاذِب وكررت ذَلِك أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَت فِي الْخَامِسَة وَعلي غضب الله ان كَانَ من الصَّادِقين أَنَّهَا قد التعنت وَلَا حد عَلَيْهَا وَأَن الْوَلَد قد انتفي حِينَئِذٍ عَنهُ فِي الْفرْقَة فِيهَا ان التعنا وان لم تلتعن هِيَ أَو لم يلتعن أَو قَذفهَا وَلم يلتعن وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا لَا سَبِيل إلى ضم إجماع فِيهِ
وَاتَّفَقُوا أَن الْحَاكِم إذا أَمر بَين الرَّابِعَة وَالْخَامِسَة من يضع يَده على أفمامهما أَو ينهاهما عَن اللجاج ويذكرهما الله عز وَجل فقد أصَاب

الظِّهَار
مَا اتَّفقُوا فِي كَيْفيَّة الظِّهَار على شَيْء يُمكن ضَبطه لَان قَتَادَة وَالْحسن وَالزهْرِيّ وَغَيرهم يَقُولُونَ لَا كَفَّارَة على مظَاهر حَتَّى يطَأ التي ظَاهر مِنْهَا وَأَبُو يُوسُف يَقُول لَا كَفَّارَة بعد جِمَاعهَا
وَلَكنهُمْ اتَّفقُوا على أَن الْحر الْوَاجِد لرقبة مُؤمنَة سليمَة بَالِغَة لَيست مِمَّن تعْتق

(1/81)


عَلَيْهِ أَن ملكهَا وَلَا هِيَ المكاتبين وَلَا من المدبرين وَلَا أم ولد وَلَا فيهاشرك لَا يُجزئهُ صَوْم وَلَا اطعام
وَاتَّفَقُوا أَن من عجز عَن رَقَبَة أَي رَقَبَة كَانَت فَلَا يُجزئهُ الا الصَّوْم
وَاتَّفَقُوا أَنه ان كفر وَهُوَ فِي حَال عَجزه بِصَوْم شَهْرَيْن من أول الهلالين إلى آخرهما متصلين لَا يَعْتَرِضهُ شهر رَمَضَان وَلَا يَوْم لَا يجوز صِيَامه وَلَا مرض وَلَا سفر أفطر فِيهِ أَنه قد ادى مَا عَلَيْهِ
وَاخْتلفُوا ان وجد رَقَبَة قبل الصَّوْم أَو قبل تَمَامه بِمَا لَا سَبِيل إلى ضم إجماع جَازَ فِيهِ
وَاتَّفَقُوا انه ان لم يقدر على رَقَبَة وَلَا على صِيَام كَمَا ذكرنَا فَكفر فِي حَال عَجزه عَن كلا الامرين باطعام سِتِّينَ مِسْكينا مُسلمين آكلين متغايري الْأَشْخَاص مَدين مَدين فيهمَا أربعة أَرْطَال من بر لكل مِسْكين فقد أدّى مَا عَلَيْهِ
وَاتَّفَقُوا أَنه ان لم يمس بِشَيْء من جِسْمه كُله شَيْئا من جسمها كُله حَتَّى يكفر أَنه قد ادى مَا عَلَيْهِ
وَاتَّفَقُوا انه ان ظَاهر من امته أو ظَاهَرت زَوجته مِنْهُ على اخْتلَافهمْ فِي كَيْفيَّة الظِّهَار فَكفر وكفرت الْمَرْأَة المظاهرة ان وَطأهَا لَهَا حَلَال
وَاتَّفَقُوا ان من لم يحرم امْرَأَته وَلَا مثلهَا بِشَيْء من كل مَا يحرم على الْمُسلم من أَي شَيْء كَانَ وَلَا تَمَادى فِي ايلائه انه غير مظَاهر

اخْتِلَاف الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاع الْبَيْت
اتَّفقُوا ان الزَّوْجَيْنِ نعني الزَّوْج وَالزَّوْجَة الْحَيَّيْنِ إذا اخْتلفَا فِي مَتَاع الْبَيْت فتداعياه ان الثِّيَاب الَّتِي تلبسها الْمَرْأَة على نَفسهَا حِين الْخُصُومَة ولسنا نعني الَّتِي تشاكلها لَكِن الَّتِي على جسمها ورأسها فانها لَهَا بعد يَمِينهَا وَأَن ثِيَاب الزَّوْج الَّتِي عَلَيْهِ أيضا كَذَلِك لَهُ بعد يَمِينه
وَاخْتلفُوا فِيمَا سوى ذَلِك بِمَا لَا سَبِيل إلى ضم إجماع فِيهِ
وَاتَّفَقُوا على أَن من أَقَامَ بَيِّنَة فِي شَيْء انه يقْضى لَهُ بِهِ إذا حلف أَيْضا مَعَ بَينته

(1/82)