موسوعة الفقه الإسلامي

6 - الخلع
- الخلع: هو فراق الزوج زوجته بعوض يأخذه منها أو من غيرها، بألفاظ مخصوصة.
- حكمة مشروعية الخلع:
إذا عُدمت المحبة بين الزوجين، وحلت محلها الكراهة، وكثرت المشاكل، وزاد الشر، وكثر الخلاف، وظهرت العيوب من الزوجين أو أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً، ورخص في علاج يريح الطرفين.
فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق.
وإن كان ذلك من قِبَل الزوجة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي زوجها ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر ليفارقها.
وقد شرع الله الخلع للمرأة في مقابلة الطلاق للرجل، وجعله طريقاً للخلاص من الخلاف.
- فائدة الخلع:
فائدة الخلع تخليص الزوجة من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها، وعقد جديد.
فإذا كانت الحال غير مستقيمة، وكرهت المرأة زوجها، وكرهت العيش معه لأسباب خَلقية، أو خُلقية، أو دينية، أو صحية لكبر، أو ضعف، أو مرض ونحو ذلك، أو خشيت ألا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه

(4/226)


بعوض تفتدي به نفسها منه.
- حكم الخلع:
يجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه.
ويباح للمرأة الخلع إذا كرهت خلق زوجها، أو خافت إثماً بترك حقه، وإن كان يحبها فيسن صبرها عليه، وعدم فراقها إياه.
ويستحب للزوج أن يجيب زوجته إلى الخلع إذا كانت الزوجة تتأذى ببقائها معه.
ويجب الخلع إذا رأى من زوجته ما يدعوه إلى فراقها، من ظهور فاحشة، أو ترك فرض من صلاة، أو صوم ونحو ذلك.
ويحرم الخلع مع استقامة حال الزوجين، وعدم وجود خلاف وشقاق بينهما.
ويحرم ولا يصح إنْ عضلها وضارّها بالتضييق عليها، أو منعها حقوقها، لتفتدي نفسها بالخلع منه.
1 - قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229].
1 - وقال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} [النساء: 4].
3 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ امْرَأةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أكْرَهُ

(4/227)


الكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ: نَعَمْ، قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أخرجه البخاري (1).
- حكم عَضْل الزوجة:
إذا كره الزوج امرأته، ورغب عنها لسبب من الأسباب المقبولة، فله أن يمسكها بمعروف، أو يفارقها بإحسان، ويستحب له الصبر عليها إن كانت ديِّنة، ولا يجوز له حبسها والإضرار بها لتفتدي منه بمال، فإن فعل فهو آثم، وعليه أن يرد ما أخذه منها أو بدله.
ويحرم على الزوج أن يؤذي زوجته بمنع بعض حقوقها، حتى تضجر وتختلع نفسها، إلا إذا أتت بفاحشة مبينة، فله مخالعتها، ولا إثم عليه.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} ... [النساء: 19].
2 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)} [البقرة: 231].
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». أخرجه مسلم (2).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5273).
(2) أخرجه مسلم برقم (1469).

(4/228)


- أسباب الخلع:
1 - يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها لسوء عشرته، أو سوء خلقه، أو دمامته، أو خافت إثماً بترك حقه، ونحو ذلك، ويستحب للزوج في مثل هذه الحالات إجابة زوجته إلى الخلع.
2 - إذا كرهت المرأة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإن لم يستجب للنصح ولم يستقم فإنه يجب عليها أن تسعى لفراقه.
وإذا فعل بعض المحرمات، ولم يجبرها على فعل محرم، فلا يجب عليها أن تختلع منه، وعليها أن تسعى في نصحه وتقويمه.
- وقت الخلع:
يجوز الخلع في أي وقت، حال الطهر، وحال الحيض؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل دفع الضرر الذي يلحق المرأة بطول العدة.
والخلع شرع لإزالة الضرر الذي يلحق المرأة بسوء العشرة، وهو أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولأن المرأة هي التي طلبت الفراق، واختلعت نفسها، ورضيت بالتطويل.
ولأن الله عز وجل قد أطلق وقت الخلع، ولم يقيده بزمن دون زمن.
قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229].
- ألفاظ الخلع:
يصح الخلع بكل لفظ يدل عليه، فيصح بلفظ الخلع، أو بلفظ مشتق منه، أو بلفظ يؤدي معناه، كأن يقول الزوج لزوجته:

(4/229)


خالعتك على ألف ريال، أو يقول: فارقتك على كذا، أو فاديتك على كذا، أو فسختك على كذا، أو بعتك نفسك بكذا، أو طلقتك على كذا، ونحو ذلك مما يدل على الخلع بعوض تقبله المرأة.
- شروط صحة الخلع:
يشترط لصحة الخلع ما يلي:
1 - أهلية الزوج، فكل من لا يصح طلاقه لا يصح خلعه.
2 - أن يكون النكاح صحيحاً، سواء كان الخلع قبل الدخول أو بعده، ولو كانت مطلقة رجعية ما دامت في العدة.
3 - أن يصدر من الزوج بالصيغة المشروعة.
4 - الرضا والقبول من الزوجين.
5 - أن يكون الخلع على مال يصح تملكه، سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، من المرأة أو غيرها، وكل ما صح أن يكون مهراً صح أن يكون بدل الخلع.
- حكم التوكيل في الخلع:
يجوز لكل من الزوجين التوكيل في الخلع.
وكل من صح خلعه لنفسه جاز توكيله ووكالته، حراً كان أو عبداً، ذكراً أو أنثى؛ لأن كل واحد منهم يجوز أن يوجب الخلع، فيصح أن يكون وكيلاً وموكلاً فيه.
والخلع عقد معاوضة، فيجب على الوكيل أن يلتزم بما وُكِّل فيه، فإن خالف لم يُلزم الموكِّل بالخلع.

(4/230)


- مقدار العوض في الخلع:
كل ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع.
فإذا قالت: اخلعني بألف، ففعل، بانت، واستحقت الألف.
ويجوز للزوج أن يأخذ من زوجته مثل ما أعطاها من المهر، أو بعضه، وله أن يأخذ زيادة على ما أعطاها ما لم تكن الزيادة فاحشة ترهقها فتحرم.
والأَوْلى عدم أخذ الزيادة؛ لمنافاته المروءة.
1 - قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229].
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهْما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلا خُلُقٍ، إِلا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ فَفَارَقَهَا. أخرجه البخاري (1).
- أنواع العوض في الخلع:
يجوز أخذ العوض في الخلع سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، أو حقاً.
فالنقد: كالذهب، أو الفضة، أو الدراهم ونحوها.
والعين: كالدار، والسيارة، والمزرعة ونحوها.
والمنفعة: كأن ترضع ولده وتحضنه، أو يسكن دارها سنة مثلاً.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5276).

(4/231)


وإسقاط الحق: كأن تعفيه عن نفقة ولده الصغير، وتتحملها عنه.
- صفة الخلع:
الخلع فسخ بائن لا طلاق، سواء أوقعه بلفظ الفسخ، أو الطلاق، أو الخلع، أو الفداء أو غير ذلك.
فالخلع فسخ بأي لفظ كان ما دام أنه بعوض، لا ينقص به عدد الطلاق، فهو فرقة بائنة، وفسخ للنكاح، وليس من الطلقات الثلاث، إنما هو فسخ للنكاح لمصلحة المرأة، مقابل ما افتدت به، تَبِين به الزوجة، ولا رجعة فيه، وتعتد منه بحيضة، وتحل له بعقد جديد إن رضيت وإن خالعها عدة مرات.
وقد ذكر الله الطلاق والخلع في آية واحدة.
1 - قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229].
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهْما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلا خُلُقٍ، إِلا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ فَفَارَقَهَا. أخرجه البخاري (1).
- عدة المختلعة:
المختلعة تعتد بحيضة واحدة؛ لأنه لا رجعة لها، فتكفي حيضة للعلم ببراءة رحمها كالاستبراء.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5276).

(4/232)


عَنْ الرُّبَيِّع بنْت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ ثابتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَكَسَرَ يَدَهَا وَهِيَ جَمِيلَةُ بنْتُ عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَتَى أَخُوهَا يَشْتَكِيهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ثابتٍ فَقَالَ لَهُ: «خُذِ الَّذِي لَهَا عَلَيْكَ وَخَلِّ سَبيلَهَا». قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فَتَلْحَقَ بأَهْلِهَا. أخرجه الترمذي والنسائي (1).
- آثار الخلع:
يترتب على حصول الخلع ما يلي:
1 - تَبِين المرأة من زوجها، وتملك نفسها.
2 - بذل الزوجة العوض المتفق عليه.
3 - إنهاء العلاقة الزوجية.
4 - لا يلحق المختلعة طلاق؛ لأنها ليست زوجة.
5 - لا رجعة على المختلعة أثناء العدة؛ لأنها بائن.
- حكم الاختلاف في الخلع:
إذا اختلف الزوجان في جنس العوض، أو في مقداره، ولا بينة لواحد منهما، فالقول قول الزوجة مع يمينها؛ لأنها مدعىً عليها، والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر.
كأن يقول زوجها: خالعتك بألفين، فتقول: بل بألف، ولا بينة، فالقول قولها، والبينة شهادة مسْلِمَين عدلين.
وإن اختلف الزوجان في وقوع الخلع، فادعت الزوجة خلعاً، وأنكره الزوج ولا بينة له، صُدِّق بيمينه؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وعدم الخلع.
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1185)، وأخرجه النسائي برقم (3497) وهذا لفظه.

(4/233)


7 - اللعان
- اللعان: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين، مقرونة بلعن من الزوج، وغضب من الزوجة.
- حكمة مشروعية اللعان:
إذا رأى الرجل زوجته تزني، ولم يمكنه إقامة البينة، أو قذفها بالزنا ولم تقر هي بذلك، فقد شرع الله عز وجل اللعان حلاً لمشكلته، وإزالة للحرج عنه؛ لئلا يلحقه العار بزناها، ويفسد فراشه، ويلحقه ولد غيره، ويأثم بسكوته عن الفاحشة في فراشه.
- حكم من قذف غير زوجته:
من قذف غير زوجته بفعل الفاحشة، ولم يستطع إقامة البينة، وهي أربعة شهود، وجب جلده ثمانين جلدة، ويعتبر فاسقاً، لا تقبل شهادته إلا إن تاب وأصلح. وأوجب الله ذلك كله صيانة لأعراض النساء، وحماية لهن من ظن السوء، ودفعاً للعار عنهن.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} ... [النور: 4 - 5].
- حكم اللعان:
إذا رمى الرجل زوجته بالزنا، ولم تقر هي بذلك، ولم يرجع عن رأيه، ولم تكن له بينة، فقد شرع الله لهما اللعان فيتلاعنان أمام القاضي، ثم يفرق بينهما أبداً.

(4/234)


1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} ... [النور: 6 - 9].
2 - وَعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «البَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَقَالَ هِلاَلٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} -فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ- {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ». فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ». أخرجه البخاري (1).
- أسباب اللعان:
يكون اللعان في صورتين:
رمي الزوج زوجته بالزنا .. أو نفي الحمل منه.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (4747).

(4/235)


فإذا حصل ذلك من الزوج فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يقيم البينة الشرعية على صحة دعواه، وهي أربعة شهود، فإذا أقام البينة أقيم على زوجته حد الزنا.
الثانية: إذا لم يكن له بينة، وأقرت هي بذلك، فيقام عليها حد الزنا.
الثالثة: إذا لم يكن للزوج بينة، ولم تقر الزوجة بالزنا، فيقام عليه حد القذف، إلا أن يسقط حد القذف باللعان.
فإذا قذف الرجل زوجته، وتعسر عليه إقامة البينة، فقد جعل الله له فرجاً ومخرجاً ثالثاً غير البينة والحد، بأن شرع اللعان بين الزوجين.
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} ... [النور: 4 - 5].
2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 6 - 9].
- شروط اللعان:
يشترط لصحة اللعان ما يلي:
1 - أن يكون بين زوجين مكلفين.
2 - أن يقذف زوجته بالزنا قبل الدخول أو بعده.
3 - أن تكذبه الزوجة فيما ادعاه.

(4/236)


4 - أن يكون بحضور القاضي أو نائبه.
- صفة اللعان:
1 - يسن للقاضي وعظ الزوجين قبل اللعان، فيرغِّبهما بتقوى الله، ويخوِّفهما عذاب الله، وأن يكون اللعان في المسجد بحضرة جماعة من الناس، وأن يؤدي المتلاعنان الشهادات والأيمان حال القيام.
2 - يبدأ القاضي بالزوج فيأمره أن يقول أربع مرات: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا، ويشير إليها.
ثم يزيد في الخامسة: {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور: 7].
3 - ثم يأمر القاضي الزوجة أن تقول أربع مرات: أشهد بالله إنه من الكاذبين فيما رماني به من الزنا.
ثم تزيد في الخامسة: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 9].
4 - إذا تم اللعان فرق القاضي بين الزوجين، فلا تحل لزوجها ولو بعد أن تنكح أزواجاً، وتعتد بحيضة.
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 6 - 9].
2 - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: أبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ! المُتَلاعِنَانِ، أيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قال: سُبْحَانَ اللهِ! نَعَمْ، إِنَّ أوَّلَ مَنْ سَألَ عَنْ ذَلِكَ فُلانُ ابْنُ فُلانٍ، قال: يَا رَسُولَ اللهِ! أرَأيْتَ أنْ لَوْ وَجَدَ أحَدُنَا

(4/237)


امْرَأتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قال: فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَألْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ. فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاءِ الآْيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ... }. فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأخْبَرَهُ أنَّ عَذَابَ الدُّنْيَاأهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآْخِرَةِ، قال: لا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأخْبَرَهَا أنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآْخِرَةِ، قَالَتْ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالخَامِسَةُ أنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرْأةِ فَشَهِدَتْ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ، وَالخَامِسَةُ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُتَلاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، أحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا». قال: مَالِي؟ قال: «لا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أبْعَدُ لَكَ». متفق عليه (2).
- وقت وقوع الفرقة في اللعان:
تقع الفرقة بين الزوجين إذا فرغا من اللعان، وتكون الفرقة على سبيل التأبيد، فلا يحل له نكاحها أبداً.
والفرقة الحاصلة باللعان فسخ لا طلاق؛ لأن التحريم بهذه الفرقة مؤبد،
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1493).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5312) , واللفظ له، ومسلم برقم (1493).

(4/238)


وليس للمرأة بعده نفقة ولا سكنى أثناء العدة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لاعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ وَامْرَأتِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. متفق عليه (1).
- آثار اللعان:
إذا تم اللعان ترتبت عليه الأحكام الآتية:
1 - سقوط حد القذف عن الزوج.
2 - سقوط حد الرجم عن الزوجة.
3 - الفرقة بين المتلاعنين.
4 - التحريم المؤبد بين المتلاعنين.
5 - انتفاء الولد عن الزوج إن وجد.
6 - لحوق الولد بالزوجة.
7 - سقوط النفقة والسكنى على المرأة أثناء العدة.
أما المحرمية فتبقى، فلا يجوز أن يزوج الملاعن بنته لمن نفي نسبه منه، لاحتمال كونه ابناً له.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللهُ، ثُمَّ قَضَى بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاَعِنَيْنِ. متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2748) , ومسلم برقم (1494)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4748) , واللفظ له، ومسلم برقم (1494).

(4/239)


- حكم النكول عن اللعان:
النكول عن اللعان إما أن يكون من الزوج أو من الزوجة.
فإن امتنع الزوج عن اللعان حُدّ حَدّ القذف، وإن امتنعت الزوجة حُدّت حَد الزنا؛ لأن اللعان بدل عن حد الزنا للمرأة، وبدل عن حد القذف للرجل، واللعان مسقط لهما، وإذا أكذب الزوج نفسه بعد اللعان حُدَّ حَدَّ القذف.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور: 6 - 9].
- ما يُسقط اللعان بعد وجوبه:
يَسقط اللعان بعد وجوبه بما يلي:
1 - طروء عارض من عوارض الأهلية كالجنون، أو الردة، أو الخرس.
2 - تصديق المرأة زوجها في القذف أو عفوها أو سكوتها.
3 - البينونة بالطلاق أو الفسخ أو الموت.
4 - تكذيب الزوج نفسه.

(4/240)


8 - العدة
- العدة: هي تربص المرأة مدة محددة شرعاً بسبب فرقة نكاح أو وفاة.
- حكمة مشروعية العدة:
شرع الله عز وجل العدة لتحقيق المصالح الآتية:
1 - التأكد من براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب.
2 - إتاحة الفرصة للمطلق أن يراجع زوجته إذا ندم، كما في الطلاق الرجعي.
3 - تعظيم شأن النكاح، وأنه لا ينعقد إلا بشروط، ولا ينفك إلا بتريث وانتظار.
4 - رعاية حق الزوج وأقاربه، وإظهار التأثر لفقده، وإبداء وفاء الزوجة لزوجها بعدم انتقالها لغيره إلا بعد مدة محددة.
5 - صيانة حق الحمل إن كانت المفارقة حاملاً.
- حكم العدة:
العدة واجبة على كل امرأة مات عنها زوجها قبل الدخول أو بعده، أو فارقها زوجها بعد الدخول بطلاق، أو خلع، أو فسخ.
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} ... [البقرة: 234].
2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ... [البقرة: 228].
3 - وقال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ

(4/241)


أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} [الطلاق: 4].
4 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)} [الأحزاب: 49].
- أقسام المعتدات:
الزوجات المعتدات ست:
الأولى: الزوجة الحامل:
وعدتها من وفاة، أو طلاق، أو فسخ، إلى وضع الحمل الذي تبيَّن فيه خلق إنسان، فإذا وضعت الحمل خرجت من العدة.
وأقل مدة الحمل ستة أشهر منذ نكاحها، وغالبها تسعة أشهر.
1 - قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} ... [الطلاق: 4].
2 - وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْهُ أنْ تَنْكِحَ، فَأذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ. أخرجه البخاري (1).
الثانية: المتوفى عنها زوجها:
إن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5320).

(4/242)


وإن لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام منذ وفاته، سواء كان ذلك قبل الدخول، أو بعده؛ رعاية لحق الزوج، واستبراءً للرحم.
1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} ... [البقرة: 234].
2 - وَعَن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا. متفق عليه (1).
الثالثة: المفارقة لزوجها في الحياة من ذوات الأقراء:
فإن كان الفراق بطلاق فعدتها ثلاثة قروء، وهو الحيض بعد الطهر ثلاث مرات.
وإن كان الفراق بخلع، أو فسخ اعتدت بحيضة واحدة تُعلم بها براءة رحمها من الحمل.
1 - قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ... [البقرة: 228].
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةَ ثابتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَّتَهَا حَيْضَةً. أخرجه أبو داود والترمذي (2).
3 - وَعَنِ الرُّبَيِّعِ بنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4909) , واللفظ له، ومسلم برقم (1485).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2229) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1185).

(4/243)


- صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بحَيْضَةٍ. أخرجه الترمذي وابن ماجه (1).
الرابعة: المفارقة لزوجها وهي صغيرة، أو آيسة، أو لم تحض:
فمن أيست من الحيض لكبر ونحوه، أو كانت صغيرة لم يأتها الحيض، أو كانت بالغة لم يأتها الحيض بالكلية، أو مستحاضة لا تميِّز، فعدتها ثلاثة أشهر، كل شهر مقابل حيضة.
1 - قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} [الطلاق: 4].
2 - وَعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي لا أطْهُرُ، أفَأدَعُ الصَّلاةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلاةَ، فَإذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي». متفق عليه (2).
الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدر ما سببه:
فمن فارقها زوجها وهي تحيض، ثم ارتفع حيضها ولم تدر سببه، فإن عاد الحيض اعتدت به، وإن لم يعد فهذه عدتها سنة من انقطاع الحيض، تسعة أشهر للحمل، ثم تعتد بثلاثة أشهر كالآيسة.
السادسة: امرأة المفقود:
المفقود: هو من انقطع خبره، فلم تُعلم حياته، ولا موته.
فهذا تنتظر زوجته قدومه، أو تبيُّن أمره، في مدة يضربها الحاكم للاحتياط في
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1185) , وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2058).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (306) , واللفظ له، ومسلم برقم (333).

(4/244)


شأنه، وذلك يختلف باختلاف الأحوال، والزمان، والمكان.
فإذا تمت المدة ولم يأت، حَكَم الحاكم بوفاته، ثم اعتدت زوجته أربعة أشهر وعشراً عدة وفاة من وقت الحكم.
- عدة غير الزوجة:
1 - إذا ملك الرجل أمة توطأ فلا يحل له أن يجامعها حتى يستبرأها إن كانت حاملاً بوضع الحمل .. والتي تحيض بحيضة .. والآيسة والصغيرة بمضي شهر.
2 - الموطوءة بشبهة، أو زنا، أو بنكاح فاسد، أو المختلعة، أو المفسوخة، كل واحدة من هؤلاء تعتد بحيضة واحدة؛ لمعرفة براءة رحمها من الحمل.
1 - قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} [الطلاق: 4].
- حكم عدة الكتابية:
تجب العدة على المرأة الكتابية إذا كانت زوجة لمسلم، لأجل حق الزوج والولد، منعاً من اختلاط الأنساب.
وإن كانت الكتابية زوجة لمثلها فتجب عليها العدة كذلك.
- أنواع العدة:
العدة ثلاثة أنواع:
عدة بالأقراء .. وعدة بالأشهر .. وعدة بوضع الحمل.
وعدة الطلاق ثلاثة أنواع:

(4/245)


ثلاثة قروء لمن تحيض .. وضع حمل الحامل .. ثلاثة أشهر لليائسة، والصغيرة، والتي لم تحض.
وعدة الوفاة نوعان:
الحامل بوضع الحمل .. وغير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام.
- مكان العدة:
الزوجات من حيث مكان العدة ثلاثة أقسام:
1 - المتوفي عنها زوجها:
تجب عليها عدة الوفاة في منزلها حال حياة زوجها.
فإن تحولت خوفاً، أو قهراً، أو بحق، انتقلت حيث شاءت في مكان تأمن فيه على نفسها.
وتنقضي العدة بمضي الزمان حيث كانت.
2 - المطلقة الرجعية:
تعتد المطلقة الرجعية في بيت زوجها، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، ولها النفقة والسكنى مدة العدة.
ولا يجوز إخراجها من بيت زوجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة من أقوال، أو أفعال يتضرر بها أهل البيت.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق: 1].

(4/246)


3 - المطلقة البائن:
تعتد كل مطلقة بائن، أو مختلعة، أو مفسوخة، في بيت أهلها.
ولها النفقة إن كانت حاملاً حتى تضع حملها، ولا نفقة لها ولا سكنى إن لم تكن حاملاً.
عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا البَتَّةَ، فَقَالَتْ: فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةً وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. أخرجه مسلم (1).
- أسباب وجوب العدة:
تجب العدة على الزوجة بواحد مما يلي:
وفاة الزوج .. الطلاق .. الخلع .. الفسخ.
- وقت ابتداء العدة:
1 - إذا كان الزواج صحيحاً فتبدأ العدة بعد الوفاة أو الطلاق أو الفسخ، وتنقضي العدة وإن جهلت الزوجة بالوفاة أو الطلاق، فلو طلق امرأته الحامل أو مات عنها، ولم يبلغها الخبر حتى وضعت، انقضت عدتها.
2 - إن كان الزواج فاسداً فمبدأ العدة من حين التفريق بين الزوجين.
3 - إن كان الوطء بشبهة فمبدأ العدة من آخر الوطآت التي علم بعدها أنها لا تحل له كمن تزوج بأخته من الرضاع.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1480).

(4/247)


- أحكام المعتدة:
تتعلق بالمعتدة الأحكام الآتية:
1 - تحريم الخطبة:
فلا يجوز لأحد خطبة المعتدة صراحة، سواء كانت مطلقة، أو متوفى عنها زوجها؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة، ولبقاء بعض آثار الزواج في المطلقة ثلاثاً أو بائناً أو متوفى عنها زوجها.
ولا يجوز التعريض بالخطبة في عدة الطلاق، ويجوز في عدة الوفاة، والبائن بينونة كبرى.
قال الله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)} [البقرة: 235].
2 - حرمة الزواج:
فلا يجوز لغير الزوج عقد النكاح على المعتدة حتى تنقضي عدتها؛ لبقاء الزوجية في الطلاق الرجعي، وبقاء بعض آثار الزواج في طلاق الثلاث والبائن.
وإذا تزوجت أثناء العدة من غير زوجها فالنكاح باطل، ومن حق زوجها أن يتزوجها بعد انتهاء العدة إلا في عدة الطلاق الثلاث فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
3 - حرمة الخروج من البيت:
لا يجوز للمعتدة الخروج من منزلها إلا لعذر، سواء كانت معتدة من طلاق

(4/248)


رجعي، أو بائن، أو مطلقة ثلاثاً، أو متوفى عنها زوجها.
ويجوز لكل معتدة الخروج من منزلها لضرورة أو عذر، كأن تخرج لحاجتها كطلب طعام أو دواء، أو تخاف على نفسها، أو خافت هدماً، أو غرقاً ونحو ذلك.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق: 1].
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأرَادَتْ أنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أنْ تَخْرُجَ، فَأتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أنْ تَصَدَّقِي أوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفاً». أخرجه مسلم (1).
4 - وجوب النفقة على الزوج:
فإن كانت المعتدة مطلقة رجعية وجبت لها النفقة والسكن؛ لأنها زوجة.
وإن كانت معتدة من طلاق بائن فتجب لها النفقة والسكن إن كانت حاملاً، وإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها ولا سكنى، وإن كانت معتدة من وفاة فلا نفقة لها؛ لانتهاء الزوجية بالموت، ويجب عليها السكن في بيت الزوجية مدة العدة.
1 - قال الله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)} [الطلاق: 6].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1483).

(4/249)


2 - وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثاً، فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُكْنَى وَلا نَفَقَةً. أخرجه مسلم (1).
5 - وجوب الإحداد:
فيجب الإحداد على كل زوجة توفي عنها زوجها في جميع مدة العدة، وهي أربعة أشهر وعشراً.
والإحداد: اجتناب المرأة كل ما يدعو إلى نكاحها من الزينة، والطيب، واللباس.
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَحِلُّ لامْرَأةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لا تَكْتَحِلُ وَلا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ». متفق عليه (2).
6 - ثبوت الإرث في العدة:
إذا مات أحد الزوجين قبل انقضاء عدة المطلقة طلاقاً رجعياً ورثه الآخر، لبقاء الزوجية أثناء العدة.
فإن كان الطلاق بائناً أو ثلاثاً، في حال الصحة، فمات أحد الزوجين في العدة لم يرثه الآخر، وإن كان هذا الطلاق في حال المرض برضاها فلا توارث بينهما، وإن كان بغير رضاها فإنها ترثه ويرثها، معاملة للمطلق بنقيض قصده.
7 - ثبوت نسب المولود في العدة:
يثبت للزوج ولد المطلقة الرجعية، والبائن، والمطلقة ثلاثاً، والمفسوخة،
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1480).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5342) , واللفظ له، ومسلم برقم (938).

(4/250)


والمتوفى عنها زوجها، ولا تنقضي عدتها إلا بوضع هذا الحمل.
8 - لحوق الطلاق في العدة:
إذا طلق الرجل زوجته طلقة واحدة، ثم اعتدت منه، ثم طلقها ثانية وثالثة، فيلحقها الطلاق إلى انقضاء العدة، فإذا خرجت من العدة بانت منه كما سبق.
- حالات الانتقال في العدة:
الأولى: الانتقال إلى عدة وفاة:
إذا مات الزوج في أثناء عدة زوجته التي طلقها طلاقاً رجعياً، انتقلت من عدتها بالأقراء أو الأشهر إلى عدة وفاة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لأن الرجعية زوجة.
فتسقط بقية عدة الطلاق، وتبدأ عدة الوفاة من موته.
وإن مات زوجها في أثناء عدتها من طلاق بائن، فتتم عدة الطلاق البائن؛ لأنها ليست بزوجة، ولا إحداد عليها، ولها النفقة إن كانت حاملاً منه.
الثانية: العدة بأبعد الأجلين:
إذا طلق الرجل زوجته في مرض الموت بقصد حرمانها من الميراث، ثم مات وهي في العدة، فإنها تنتقل من عدة الطلاق إلى العدة بأبعد الأجلين من عدة الوفاة، وعدة الطلاق.
فتتداخل العدتان لكونها مطلقة، ومتوفى عنها، ويُعمل بالأطول منهما من حين موته، كأن يموت زوج الرجعية في عدتها.
الثالثة: تحول العدة من الأشهر إلى الأقراء:

(4/251)


إذا طلقت الصغيرة، أو من بلغت سن الياس، ثم شرعت في العدة بالشهور، ثم حاضت قبل انتهاء العدة، بطلت الشهور، ولزمتها العدة بالأقراء، وهي ثلاث حيضات، لأن الأقراء هي الأصل، والشهور بدل عنها، فلا يُعمل بالبدل مع وجود الأصل، وإن انقضت عدتها بالأشهر ثم حاضت فقد تمت عدتها، ولا يلزمها استئناف العدة بالأقراء.
الرابعة: تحول العدة من الأقراء إلى وضع الحمل:
فإذا شرعت المطلقة في العدة بالأقراء، ثم ظهر بها حمل من زوجها، سقط حكم الأقراء، ولزمتها العدة بوضع الحمل.
الخامسة: الانتقال من الأقراء إلى الأشهر:
إذا طلق امرأته التي كانت تحيض، فحاضت مرة أو مرتين، ثم أيست، انتقلت عدتها من الأقراء إلى الأشهر.
فتعد سنة، تسعة أشهر للحمل من وقت الطلاق، ثم تعتد بعد ذلك عدة الآيسة ثلاثة أشهر.

(4/252)


1 - الإحداد
- الإحداد: هو اجتناب المرأة المتوفى عنها زوجها أثناء العدة كل ما يدعو إلى نكاحها من الطيب، والكحل، وثياب الزينة، والخروج من منزلها إلا لحاجة.
- حكمة مشروعية الإحداد:
أباح الإسلام للمرأة الإحداد، وذلك بمنعها مما كان مباحاً لها قبل وفاة زوجها؛ إظهاراً لحق الزوج على زوجته، وتأسفاً على ما فاتها من حق العشرة والصحبة، وفوات نعمة النكاح بموت العائل الذي كان يصونها ويرعى مصالحها.
وفي الإحداد سد لذريعة الطمع في الرجال، وطمعهم فيها بالزينة.
- حكم الإحداد:
يجب الإحداد مدة العدة على كل امرأة توفى عنها زوجها.
ويباح للمرأة الإحداد على القريب الميت كالأب، والأم، والأخ ثلاثة أيام فقط.
ويحرم الإحداد فوق ثلاثة أيام على ميت غير زوج.
ولا إحداد على المطلقة الرجعية أو البائن؛ لأن الرجعية زوجة، والبائن قد أغضبها بالطلاق، فلا تُلزم بالحزن على فراقه بالإحداد عليه، وإنما يحسن منها اجتناب الزينة؛ لئلا تجرها إلى الفساد.
عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ،

(4/253)


إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً». متفق عليه (1).
- مدة الإحداد:
يجب الإحداد على الزوجة المتوفى زوجها مدة العدة، أربعة أشهر وعشراً.
وأما الحامل المتوفى عنها زوجها فيسقط وجوب الإحداد عنها بوضع حملها.
ويجوز الإحداد على ميت غير زوج ثلاثة أيام فقط.
وإن تركت زوجة المتوفي الإحداد مدة العدة، فقد تمت العدة، وأثمت بترك الإحداد، فتستغفر الله.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} [البقرة: 234].
- الأشياء التي تجتنبها المحادة:
تجتنب المرأة المحادة أثناء عدتها ما يلي:
1 - الزينة في نفسها:
فلا تختضب، ولا تضع على وجهها شيئاً من وسائل التجميل.
ولا تلبس الحلي بجميع أنواعه كالقلائد، والخواتيم، والأساور ونحوها؛ لأن ذلك كله يزيد في حسن المرأة، ويدعو إلى مباشرتها.
2 - الطيب: سواء كان دهناً، أو عطراً، أو بخوراً، أو غيرها؛ لأن ذلك يحرك الشهوة، ويجر إلى المباشرة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1281) , واللفظ له، ومسلم برقم (1486).

(4/254)


3 - ثياب الزينة:
فيحرم على الزوجة المحادة لبس الثياب التي تلبسها النساء عادة للزينة والمناسبات من أي لون، وما عدا ذلك من ثياب نظيفة ليست للزينة فللمرأة لبسها وإن كانت ملونة.
4 - الكحل: فلا يجوز لها أن تكتحل بالإثمد، وهو كحل أسود؛ لأنه يزيد في حسن المرأة، وجمال عيونها.
ولها استعماله للدواء في الليل، خاصة عند الحاجة.
5 - الخروج من المنزل: فيجب عليها أن تعتد وتبيت في المنزل الذي مات زوجها وهي فيه، فإن جاءها الخبر في غير مسكنها رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه، ولا يجوز لها أن تتحول عنه إلا لعذر وحاجة.
ولها أن تخرج من بيتها لحاجتها نهاراً، وليس لها الخروج ليلاً إلا لضرورة كمراجعة طبيب ونحوه؛ لأن الليل مظنة الفساد.
عَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْراً، وَلا نَكْتَحِلَ، وَلا نَطَّيَّبَ، وَلا نَلْبَسَ ثَوْباً مَصْبُوغاً إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ، إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا، فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ. متفق عليه (1).
- ما يجوز للمعتدة فعله:
يجوز للمعتدة أن تكلم من جرت عادتها بتكليمه قبل موت زوجها، ويجوز لها استعمال الهاتف، وإجابة من يطرق الباب.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5341) , واللفظ له، ومسلم برقم (938).

(4/255)


ولها أن تغتسل وتنظف بدنها وثيابها، وتلبس ما شاءت من الثياب غير ثياب الزينة، وتسرح شعرها.
ويجوز لها أن تخرج إلى فناء منزلها، وحديقة بيتها، وأن تخرج لحاجتها محتشمة.
عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأرَادَتْ أنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أنْ تَخْرُجَ، فَأتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أنْ تَصَدَّقِي أوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفاً». أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1483).

(4/256)


2 - الاستبراء
- الاستبراء: تربصٌ يُقصد منه العلم ببراءة رحم المرأة من الولد.
- حكمة مشروعية الاستبراء:
يجب الاستبراء في ملك اليمين، والموطوءة بشبهة ونحوها، وذلك منعاً من اختلاط المياه، واشتباه الأنساب، ويحرم وطؤها قبل استبرائها.
- أنواع الاستبراء:
يحصل العلم ببراءة الرحم بما يلي:
1 - إن كانت الرقيقة حاملاً فبوضع حملها.
2 - إن كانت تحيض فاستبراؤها بحيضة واحدة.
3 - إن كانت صغيرة أو آيسة فبمضي شهر واحد من تملُّكها.
4 - إن كانت موطوءة بشبهة في زواج فاستبراؤها بحيضة واحدة، وإن كانت صغيرة أو آيسة فبمضي شهر واحد.
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: «لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلاَ غَيْرُ ذاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً». أخرجه أحمد وأبو داود (1).
- أسباب الاستبراء:
1 - ملك الأمة بسبي، أو شراء، أو هبة، أو إرث أو غير ذلك.
_________
(1) حسن/ أخرجه أحمد برقم (11596) , وأخرجه أبو داود برقم (2156)، وهذا لفظه.

(4/257)


2 - زوال ملك الأمة بعتق، أو بموت سيدها أو بغيرهما.
3 - الزنا، فإذا زنت المرأة، أو وطئت بشبهة، استبرأت.
ففي هذه الأحوال وأمثالها تُستبرأ المرأة لتُعلم براءة رحمها بحيضة واحدة، وبوضع الحمل للحامل، وبشهر للصغيرة والآيسة ومن لم تحض.

(4/258)