موسوعة
الفقه الإسلامي 2 - باب الأطعمة
- الطعام: هو كل ما يؤكل.
- معرفة أصول أبواب الأحكام:
معرفة أصول أبواب الأحكام من أهم المسائل لطالب العلم.
فهي تسهل على الإنسان معرفة المسائل وأحكامها.
فإذا عرف الإنسان في كل باب ما هو الأصل فيه .. ثم عرف دليل هذا الأصل ..
ثم عرف ما يستثنى من هذا الأصل .. ثم عرف دليل الاستثناء .. وأحوال
الاستثناء .. لم يشكل عليه شيء في الفقه بإذن الله عز وجل.
- مقدار الحلال والحرام من الأطعمة:
أوسع الأشياء في الطيب والحل هي الحبوب والثمار، وما أحله الله من الطيبات
أكثر مما حرم.
وما حرمه الله عز وجل من الطعام حرمه لسبب عارض، أو لسبب ملازم للمحرم.
فالميتة فيها الضرر والخبث، وهذا الضرر والخبث ملازم للميتة، فهي حرام
أبداً، ولا تحل إلا لمضطر يخاف الهلاك.
والسبب العارض كمنع الأكل في نهار رمضان، وتحريم صيد البر على المُحْرم
ونحو ذلك.
1 - قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} [البقرة: 29].
(4/283)
2 - وقال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي
مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ
رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} [الأنعام: 145].
- الأصل في الحل والتحريم:
الأصل في الحل الطيب، وعدم الضرر.
والأصل في التحريم الخبث، وحصول الضرر.
فالطيب ما جمع وصفين: الطهارة والمنفعة، وانتفاء الضرر.
فلا يكون الطعام طيباً حتى يكون طاهراً، نافعاً، لا ضرر فيه كالتمر، والسمك
ونحوهما.
والضرر له حالتان:
الأولى: أن يكون المأكول مضراً لعموم الناس كالسم، فإنه ضار مهلك.
الثانية: أن يكون الضرر خاصاً بالشخص، مثل بعض الأطعمة التي تضر بعض الناس.
فهذه يجب اتقاؤها؛ منعاً للضرر عن النفس.
فالطعام طيب وحلال، لكن لا يجوز تناوله لصفة متعلقة بهذا الآكل يناله الضرر
بسببها؛ حفظاً لصحته.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
2 - وقال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ... [البقرة: 195].
(4/284)
- أثر الطعام على الإنسان:
الطعام يتغذى به الإنسان، وينعكس أثره على أخلاقه وسلوكه.
فالأطعمة الطيبة يكون أثرها على الإنسان طيباً ونافعاً كالثمار والحبوب
كالقمح والأرز، واللحوم كلحوم الغنم والطيور ونحوها.
والأطعمة الخبيثة يكون أثرها على الإنسان خبيثاً وضاراً كالميتة والسموم،
وكل ما لم يذكر اسم الله عليه من الحيوان، ولحوم السباع ونحوها؛ لما فيها
من صفة العدوان، وخبث اللحم.
ولهذا أمرنا الله عز وجل بالأكل من الطيبات، واجتناب ما سواها.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ (172)} [البقرة: 172].
2 - وقال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ
وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ}
[المائدة: 3].
- حكم الأطعمة:
الأصل في جميع الأطعمة الحل إلا النجس، والضار، والخبيث، والمسكر، والمخدر،
وملك الغير.
فالنجس كله خبيث وضار، فهو محرم.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
(4/285)
والمسكر والمخدر ضار بالأبدان والعقول، فهو
محرم.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا
يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ
الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90 - 91].
وكل ضار يحرم أكله كالسم والتراب ونحوهما.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
- حكم أكل طعام المتباريين:
المتباريان: هما المتفاخران بالضيافة رياء وسمعة.
فيحرم إجابة دعوتهما، وأكل طعامهما.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «المُتَبارِيَينِ لَا يُجَابَانِ وَلَا يُؤكَلُ
طَعَامَهُمَا». أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» برقم (5805).
(4/286)
1 - أقسام الأطعمة
المباحة
- تنقسم الأطعمة إلى قسمين، وهي:
الأطعمة المباحة .. والأطعمة المحرمة.
- أنواع الأطعمة المباحة:
الطعام الذي يباح أكله أربعة أنواع:
طعام من النبات .. وطعام من الحيوان .. وطعام من الجامدات .. وطعام من
المائعات.
الأول: الطعام من النبات، وهو أنواع كثيرة مختلفة لا يحصيها إلا الله:
وهو أوسع أنواع الأطعمة، وقد عُرف منها حتى الآن ما يزيد على أربعين مليون
جنس ونوع.
وهي أنواع من جهة الطبيعة .. وأنواع من جهة حكم الشريعة.
1 - منها الحبوب كالبر والأرز، والشعير والدخن ونحوها.
2 - ومنها الثمار كالتمور بأنواعها، والفواكه بأنواعها كالعنب، والرمان،
والتين، والزيتون ونحوها.
3 - ومنها البقوليات كالحمص، والعدس، والفول، واللوبيا ونحوها.
4 - ومنها الخضار كالخس، والجرجير، والخيار، والبصل ونحوها.
وكل جنس تحته أنواع لا يحصيها إلا الخلاق العليم.
فالنباتات أمم، وقبائل، وشعوب، وجميع الحيوان بالنسبة إليها كالذرة
بالنسبة للجبل، وكالقطرة بالنسبة للبحر.
(4/287)
الثاني: الحيوانات التي يباح أكلها نوعان:
1 - حيوانات البر: وهذه قسمان:
1 - الدواب: كبهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم ونحوها كالغزلان
والأرانب.
2 - الطيور: كالدجاج والحمام والعصافير ونحوها.
والحيوانات والطيور لا يحصيها إلا الله عز وجل، وقد عُرف منها ما يزيد على
مليون نوع وجنس.
وهي أمم، وقبائل، وشعوب، لا يعلم عددها ولا يحصيها إلا الذي خلقها، وتكفل
بأرزاقها، خلقها الله لتسبح بحمده، وتدل على كمال قدرته، إلى جانب منافع
خلقه.
1 - قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى
اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي
كِتَابٍ مُبِينٍ (6)} ... [هود: 6].
2 - وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)}
[النور: 41].
2 - حيوانات البحر: وهي كل ما يعيش في البحار والأنهار.
جميع حيوانات البحر حلال، وهي أنواع لا يعلم قدرها وأجناسها إلا الذي
خلقها، وقدَّر أرزاقها.
الثالث: الأطعمة الجامدة: وهي جميع الأطعمة الجامدة غير السائلة، من كل
طعام طيب، لا ضرر فيه، ولا إسكار.
الرابع: الأطعمة المائعة: وهي كل طعام سائل طبيعياً كالعسل، أو مُصَنَّعاً
كالزيوت
النباتية ونحوها.
(4/288)
فيباح أكل كل طعام إذا جمع ثلاثة أوصاف:
أن يكون طيباً .. وأن يكون لا ضرر فيه .. وأن يكون غير مسكر .. سواء كان
نباتياً، أو حيوانيا، أو جامداً، أو مائعاً.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ
حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} [البقرة: 168].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)} ...
[النحل: 13].
3 - وقال الله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ
وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)} [النحل: 5].
4 - وقال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
(96)} [المائدة: 96].
5 - وقال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ
لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف:32].
- أجناس الأطعمة المباحة:
الأطعمة المباحة أربعة أصناف:
1 - الأطعمة النباتية: وهي ثلاثة أجناس:
الأول: الحبوب والبقول: وهي أنواع كثيرة لا يحصيها إلا الله عز وجل، ومنها:
1 - البر، والحنطة، والدخن، والشعير، والذرة.
وأجود أنواعه حنطة البر، والنخالة أكثر فائدة، وأسرع هضماً، وأكل الخبز
(4/289)
دفعة واحدة يسبب عسر الهضم، والإمساك
الشديد.
وأجود أنواع الخبز أحسنها اختماراً وعجناً، وخبز التنور أجود أصنافه، ثم
خبز الفرن، ثم خبز المَلَّة.
والليِّن منه أكثر تلييناً وغذاءً وترطيباً، وأسرع انحداراً، واليابس
بخلافه.
وخبز الحنطة يسمِّن سريعاً، وخبز الشعير أقل غذاء من خبز الحنطة.
2 - الأرز: وهو من أكثر الأغذية نفعاً بعد الحنطة، يشد البطن، ويقوي
المعدة، ويسمن البدن.
وأحمده ما طبخ بألبان البقر، وله تأثير في خصب البدن، وكثرة المني، وتصفية
اللون، يفيد من تصلب الشرايين، يزيل التوتر، خافض لضغط الدم.
3 - الفول: مفيد لغذاء المخ، وتقوية العظام، وجودة الدم.
وطبخ الفول مع قشره أكثر فائدة، وأكله بدون قشره يخفف من التهاب الأمعاء،
ويسهل عسر الهضم.
واليابس من الفول أحسن تغذية، وأسهل هضماً.
4 - العدس: وهو من أكثر الأغذية تقوية للدم والأعصاب، مقاوم لحالات الضعف
والهزال وفقر الدم والإمساك، ويقوي عضلات الصدر والبطن.
ومن أصيب بعسر الهضم، أو أمراض في المعدة أو الأمعاء، فلا يكثر من العدس ذو
القشر، وإدمانه يظلم البصر، ويعسر البول، ويسبب الأورام.
5 - الحمص: يساعد في إزالة متاعب الكلى، وأمراض الكبد.
6 - الحِلْبة: إذا طبخت بالماء ليّنت الحلق والصدر والبطن، وتسكِّن السعال،
والربو، وعسر الهضم، وتزيد في الباءة، وإذا أكلت مطبوخة بالتمر أو العسل
(4/290)
أو التين على الريق حللت البلغم اللزج
العارض في الصدر والمعدة، ونفعت من السعال، وهي نافعة من الحصر، مطلقة
للبطن، مسهلة للإمساك.
7 - الفستق: مفيد للكبد، ومضاد للتسمم، مقو للجماع، يساعد في إدرار الحليب
من المرأة المرضع.
8 - اللوز: يزيد من حدة البصر، ويساعد في علاج فقر الدم، مغذٍ للمخ، مقو
للنخاع الشوكي والجهاز العصبي، ويساعد في تنقية المجاري البولية، وأكله
محمَّصاً يساعد في هضم الطعام، وزيته من أنفع الزيوت.
9 - الفول السوداني: نافع في علاج الإمساك والمغص، والتهاب الكبد والأمعاء،
وعلاج الإرهاق الشديد.
10 - الحبة السوداء: وهي الشونيز.
وهي نافعة من جميع الأمراض خاصة الباردة، مذهبة للنفاخ، نافعة من البرص،
فاتحة للسدد، مجففة لبلل المعدة ورطوبتها، وإذا دقَّت وعجنت بالعسل، وشربت
بالماء الحار أذابت الحصى في الكلى والمثانة.
وهي مدرة للحليب والبول والحيض، نافعة من البهاق، وضيق النفس، وشمها يذهب
الزكام، والمضمضة بها نافعة من وجع الأسنان، محللة للأورام الصلبة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ
كُلِّ دَاءٍ، إِلاَّ السَّامَ».
قال ابْنُ شِهَابٍ: وَالسَّامُ المَوْتُ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ،
الشُّونِيزُ. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5688) , واللفظ له، ومسلم برقم (2215).
(4/291)
الثاني: الثمار والفواكه: وهي أنواع كثيرة
منها:
1 - التمر: وهو فاكهة وغذاء، وحلوى، وشراب، ودواء.
مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباءة، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن
بما فيه من الجوهر الحار الرطب، منشط للذهن، مقو للأعصاب وأكله على الريق
يقتل الدود ويضعفه.
والبلح الأخضر: ينفع الفم واللثة والمعدة، رديء للصدر والرئة، يولد الرياح
والقراقر في البطن لا سيما مع شرب الماء، وتُدفع مضرته بأكله مع التمر أو
بالعسل أو بالزبد.
والبسر: ينشف الرطوبة، ويدبغ المعدة، ويحبس البطن، وينفع اللثة والفم،
وأنفعه ما كان هشاً وحلواً، وكثرة أكل البلح والبسر يسبب السدد في الأحشاء،
وأجود أنواعه البرحي، والحلوة والروثانة.
والتمور أنواع كثيرة مختلفة الألوان، والأحجام، والطعوم، والمنافع.
وأجود أنواعها العجوة، والسكري، والخلاص، والشقراء، وربيعة.
والرطب: يقوي المعدة الباردة، ويخصب البدن، ويزيد في الباءة، ويغذو غذاءً
جيداً، وهو من أعظم الفاكهة غذاءً للبدن وموافقة له.
- فضل التمور:
التمر من أجود الأغذية نفعاً، مفيد للصحة، وحرز من السم والسحر، وأفضله تمر
المدينة، خاصة العجوة.
1 - عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ
(4/292)
تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضرَّهُ فِي
ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلا سِحْرٌ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «إنّ فِي عَجْوَةِ العَالِيَةِ شِفَاءً، أَوْ إِنّهَا
تِرْيَاقٌ، أَوّلَ البُكْرَةِ». أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمّا
بَيْنَ لاَبَتَيْهَا، حِينَ يُصْبِحُ، لَمْ يَضُرّهُ سُمّ حَتّىَ
يُمْسِيَ». متفق عليه (3).
4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ، جِيَاعٌ
أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ أَوْ
جَاعَ أَهْلُهُ» قَالَهَا مَرّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثاً. أخرجه مسلم (4).
2 - التين: وأجود أنواعه الأخضر الناضج، ثم الأحمر، ثم الأسود.
يجلو رمل الكلى والمثانة، ويدر البول، ويغسل الكبد والطحال، ويغذي البدن،
وينقي المعدة من الأخلاط، وينفع من السعال المزمن، ويؤمِّن من السموم.
وهو أغذى من جميع الفواكه.
3 - الرمان: وهو أنواع كثيرة مختلفة الطعوم والألوان والأحجام.
مقو للمعدة، نافع للحلق والصدر والرئة، مدر للبول، يقطع الإسهال، ويمنع
القيء، ويطفئ حرارة الكبد، ويطهر الدم، ويشفي من عسر الهضم، ملين
للبطن.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5445) , واللفظ له، ومسلم برقم (2047).
(2) أخرجه مسلم برقم (2048).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5445)، ومسلم برقم (2047)، واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم برقم (2046).
(4/293)
4 - التفاح: وهو أنواع كثيرة مختلفة.
منشط للأمعاء، مزيل للإمساك، مفتت لحصى الكلى والمثانة والمرارة، يزيد من
إفراز اللعاب، ويخرج البلغم من الصدر، وينشط الكبد، ويحمي الأسنان من النخر
والتسوس.
وأكل التفاح يومياً يمنع من الشيخوخة المبكرة، وينظم عملية الهضم في المعدة
والأمعاء، ويحد من نسبة الكوليسترول في الدم، ويوقف ارتفاعه، ويؤدي إلى
الاستقرار في سكر الدم، ويحمي من تصلب الشرايين وفقر الدم.
5 - البرتقال: وهو أنواع كثيرة مختلفة.
يقوي العظام، ويحمي الأسنان من التسوس، ويقوي الكبد وينشط الدورة الدموية،
وينشط المعدة لإخراج الفضلات، ولا يناسب من به قرحة في المعدة أو الأمعاء.
6 - العنب: وهو أصناف كثيرة مختلفة الألوان، والأحجام، والطعوم.
وهو من أفضل الفواكه، وأكثرها منافع، وأجوده الكبار المائي، والأبيض أحمد
من الأسود، والبائت أفضل من المقطوف في يومه.
يؤكل رطباً، ويابساً، فاكهة، وقوتاً، وإداماً، وشراباً.
مقو للبدن، مطلق للبطن، يسمن ويغذي غذاءً حسناً، مدر للبول وهو أحد ملوك
الفواكه الثلاث، وهي: الرطب والتين والعنب.
والإكثار منه يصدع الرأس.
والزبيب منه مفيد في غذاء الجسم، وهو مقو ومنشط.
(4/294)
والعنب مفيد للمصاب بالهزال، وضعف العظام،
وداء المفاصل، واضطراب الكبد، والتسمم، والإمساك، وضغط الدم.
7 - الموز: وهو أنواع وأحجام مختلفة.
يحمي الجسم من فقر الدم، وضغط الدم، والأزمات القلبية، وأجود أكله في
الصيف؛ لأنه يعوض الجسم عن الأملاح التي فقدها.
وأجود أنواعه ما نضج تحت أشعة الشمس وبدأ في الحموضة، وهو يقوي العظام
والأظافر والأسنان، مفيد في علاج التهاب المفاصل، منشط للجهاز العصبي،
ويحمي من تعفنات الطعام في المعدة.
ومن أصيب بمرض السكر، أو إمساك مزمن، أو بمرض في كبده، أو في القولون، أو
الجهاز البولي، فإنه يمنع منه.
8 - الخوخ: وهو أنواع مختلفة الأحجام والألوان والطعوم.
منشط للمعدة، ومساعد على الهضم، ومدر للبول، مساعد على إزالة حصى المثانة،
مفيد لأمراض الكلى والتهاب المفاصل.
ويمنع منه من أصيب بالسكر وقرحة المعدة والأمعاء.
9 - الكمثرى: وهو أنواع وأحجام مختلفة.
منظف قوي للمعدة والأمعاء، والكمثرى تخفف من آلام المفاصل، وتفيد في علاج
الصرع، وفقر الدم، وضعف الجسم، وتخفف ضغط الدم، وأكلها لا يؤثر على مرضى
السكر.
10 - المشمش: وهو أنواع مختلفة.
مطفئ للعطش، مخفف للتسمم الغذائي، مقو للأعصاب، ومسهل للإمساك،
(4/295)
يساعد على تكوين العظام والأغشية المخاطية،
ينفع المصاب بفقر الدم.
11 - الأناناس: وهو أنواع مختلفة.
مهضم قوي، مدر للبول، مقاوم لفقر الدم، مقو للباءة، ويعتبر من الأغذية
الأساسية التي تساعد على نمو الأطفال.
12 - الشمام: وهو أنواع مختلفة الطعوم والأحجام والألوان.
وهو فاكهة لذيذة, وأكله على الريق يزيل الإمساك، والإكثار منه يحدث تعفناً
في المعدة، مدر للبول، منق للدم، مساعد في علاج أمراض الكلى.
13 - الجح: وهو أنواع مختلفة الأحجام والطعوم والألوان.
أكله قبل الطعام يغسل البطن غسلاً، وأكله على جوع فيه خطر على المعدة، مدر
للبول، ومسهل للإمساك، نافع للمصاب بالتهاب المفاصل.
14 - المنقا: وهو أنواع مختلفة الأحجام والطعوم.
ويحتوي على فوائد عظيمة، مولد للطاقة، مفيد للنمو، منشط للجسم.
15 - الأترج: يطيب النكهة، ويحلل الرياح، معين على الهضم، مسكن للخفقان
قاطع للبواسير، نافع من الإسهال، مقو للمعدة، مطفئ لحرارة الكبد، مسكن
للعطش، مزيل لرائحة الفم، مزيل للسموم، ملين للطبيعة، منظره يفرح، وقشره
طيب الرائحة، ولحمه فاكهة، وحمضه أدم، وحبه ترياق، وفيه دهن، ولكثرة منافعه
شبهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمن الذي يقرأ القرآن.
عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا
طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ. وَالَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ
كَالتَّمْرَةِ،
طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ
القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ،
(4/296)
رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ.
وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ،
طَعْمُهَا مُرٌّ وَلاَ رِيحَ لَهَا». متفق عليه (1).
الثالث: الخضار: وهي أنواع كثيرة منها:
1 - القرع: وهو أنواع وأحجام مختلفة.
منشط للقلب، مدر للبول، مزيل لعسر الهضم، نافع للالتهاب في المعدة.
2 - الكوسة: مطهرة للمعدة والأمعاء، مقاومة للتسمم.
3 - الباميا: مقاومة للإمساك، مهدأة للإلتهابات المعوية.
4 - البطاطس: أكله مسلوقاً بالماء مفيد في إزالة عسر الهضم، والمسلوق منه
أسهل هضماً من المقلي بالزيت، والمشوي بقشره أكثر فائدة.
وهو نافع للمصاب بقرحة المعدة، مزيل للحموضة.
5 - الباذنجان: بطيء الهضم، وأكله مع قشره يسهل الإمساك، والأبيض منه يزيد
السكر. والباذنجان لا يناسب من أصيب بالتهاب الكلى، أو المفاصل، أو الصرع،
أو عسر الهضم، وهو مخفف للكوليسترول في الدم.
6 - الملوخية: ملينة لأغشية المعدة والأمعاء، مكافحة للإمساك، مقوية للبصر،
مهدأة للأعصاب، منشطة لضربات القلب، مفيدة في علاج ضغط الدم المنخفض.
تحفظ الجسم من الإصابة بفقر الدم، وتمنع تكوّن الحصى في المثانة والكلى.
7 - السبانخ: أنفعه ما قُطف في يومه، وكانت أوراقه خضراء، يمنع تكوّن حصى
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5020) , واللفظ له، ومسلم برقم (797).
(4/297)
المثانة والكلى، وشربه بالماء المطبوخ به
مفيد.
8 - الجزر: مقو للبصر، مهدئ من اضطراب القلب والأعصاب، نافع في علاج التهاب
الأعصاب، وفقر الدم، ومساعد في عملية الهضم، مدر للبول، وعلاج للإسهال،
يحمي اللثة من الإصابة بالأمراض.
9 - الخيار: منق للدم، مسكن للصداع، ينقي الجسم من السموم، وكثرة أكله تسبب
عسر الهضم، والسمنة، وهو بطئ الهضم.
10 - الطماطم: وهو أنواع مختلفة، مفيد في تقوية عظام الأطفال، وحمايتهم من
نزلات البرد، يقوي الباءة.
11 - الخس: منشط قوي للمعدة، مدر للبول، ومعالج للإمساك، ومهدئ للأعصاب
ومقو للبصر، ومفيد للدم، يدفئ الأجسام، جالب للنوم، ويتجنبه من أصيب
بالربو.
12 - الليمون: فاتح للشهية، مقاوم للسموم، نافع في علاج ضغط الدم، وتصلب
الشرايين، وعرق النساء، والآلام العصبية. وأكله مع قشره مقو للكبد، مفيد في
علاج الصداع، وضربات الشمس، وشربه مركّزاً يؤدي إلى تهييج الأغشية المخاطية
للمعدة والجهاز الهضمي، ويسبب قروحاً في المعدة.
13 - النعناع: منشط للقلب والدورة الدموية إذا شرب كالشاي، ملين للمعدة
والأمعاء، مزيل لحموضة المعدة، مقاوم لآفات المعدة، مخفف للضغط، وطارد
للديدان، ومدر للبول، ومهضم للطعام، مقو لعمل الكبد والبنكرياس، منشط
للجسم، مقاوم للزكام.
وكثرة شربه تسبب الصداع، وتقرح المعدة.
وأكل ورقه طازجاً مقو للمعدة، ومهضم، ومنشط للباءة، وللحصول على
(4/298)
فوائده ينصح بعدم غليه، وإنما يُسكب عليه
الماء الساخن.
14 - البقدونس: منشط للذاكرة والجهاز العصبي والتناسلي، مخفف لآلام المعدة،
ومدر للبول، فاتح للشهية، مقاوم للإسهال، مقو للبصر وللباءة، منظم للدورة.
15 - الفجل: مقو للعظام، ومطهر عام، ومدر للبول، وفاتح للشهية، وشرب عصيره
على الريق يعالج أحماض المعدة، وأمراض الكبد، ويفتت الحصى والرمال من
المثانة والكلى.
وهو مفيد في علاج فقر الدم، ومفيد للجلد والشعر.
16 - الجرجير: محرك لشهوة الجماع، منق للدم، مقو للشعر، مهضم للطعام، خافض
للسكر، مدر للبول، وعلاج للإمساك، منظف للمعدة، واق للأسنان، وهو عسير
الهضم فلا يكثر منه، لأنه يسبب إرباكاً للمعدة.
17 - الكراث: سهل الهضم، مثير للشهية، مجدد للنشاط، مدر للبول، مقاوم
للإرهاق، مفيد للدم، قاض على الإمساك، منشط للحبال الصوتية، مفيد لمن أصيب
بالربو والسعال والتهاب الأعصاب، مفيد في إخراج الحصى من الكلى والمثانة،
ومفيد من نزلات البرد، مقو للباءة.
18 - الفلفل: مدر للبول، ومانع للغازات، مقو للمعدة، محرك للشهوة، مقو
للباءة، مقاوم لنزلات البرد.
والإكثار منه يهيج الجهاز العصبي، ويفسد الدم، ويضعف المعدة.
والمصاب بالبواسير والتهاب الكلى والمثانة وقرحة المعدة لا يأكله.
19 - البصل: ينقي الدم، وينظم دورته، مدر للبول، مزيل للأرق، وتناوله
طازجاً مع الوجبات يخفض نسبة السكر، ويطرد الديدان التي في الأمعاء، ويقتل
(4/299)
الميكروبات في الفم والأمعاء، وينشط الكلى
على العمل، وتقشير البصل وتقطيعه وتركه مدة قبل أكله يضر الجسم، لأنه
يتأكسد بالهواء، وتصبح مكوناته سامة ضارة.
وأكله يومياً يزيد من نسبة الكوليسترول النافع في الدم، وينظم السكر في
الدم، ويخفف من تخثر الدم.
وأكله مشوياً يساعد في علاج إلتهابات القصبة الهوائية، كما يساعد في علاج
الربو والسعال والحبال الصوتية.
وأكله ممزوجاً بالعسل والتفاح يساعد في علاج أمراض المثانة والزحار البولي.
والبصل مقو للمعدة، يفتق الشهوة، ويهيج الباءة، ويحسِّن اللون، ويقطع
البلغم.
والمطبوخ منه كثير الغذاء ينفع من اليرقان والسعال، وخشونة الصدر.
والإكثار منه يورث الشقيقة، ويصدع الرأس، ويولد الرياح، ويظلم البصر، وكثرة
النسيان، وتغير رائحة الفم.
ورائحته تؤذي الجليس والملائكة، واماتته طبخاً تذهب بهذه المضرات منه.
20 - الثوم: مفيد في تغذية المخ، وتنشيط الذاكرة، مفيد للعظام، مقو للباءة،
ومقو للأعصاب، طارد للديدان، مانع لتخثر الدم.
وأكله يمنع من تجمع الكوليسترول، ويصفي الدم، وفي حالة الربو وضيق
التنفس يؤكل الثوم طازجاً.
والثوم النيء أسهل هضماً من المطبوخ.
(4/300)
والإكثار منه يسبب الإصابة بفقر الدم،
وتهيج الأمعاء، ويُمنع من أكله من أصيب بضعف في المعدة والهضم والكلى
والمثانة.
وأكله طازجاً يساعد في تخفيف الكوليسترول الضار في الدم، ويرفع مستوى
الكوليسترول المفيد.
عَنْ أَبِي أَيّوبَ الأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ، أَكَلَ
مِنْهُ وَبَعَثَ بِفَضْلِهِ إِلَيّ، وَإِنّهُ بَعَثَ إِلَيّ يَوْماً
بِفَضْلَةٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنّ فِيهَا ثُوماً، فَسَأَلْتُهُ:
أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: «لاَ، وَلََكِنّي أَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ رِيحِهِ».
قَالَ: فَإِنّي أَكْرَهُ مَا كَرِهْتَ. أخرجه مسلم (1).
21 - الزعتر: مقو للباءة، وعلاج للإسهال المزمن، موقف للغثيان، مخفف
للحموضة، وفاتح للشهية، مسكن لآلام الحلق والأنف والحنجرة، منظم للحيض،
مهضم للطعام، ماص للدهون.
22 - القرنفل: ويسمى المسمار، علاج للصداع والصرع، مهضم للطعام، مفيد
للقلب، معالج للإسهال.
23 - الكمون: فاتح للشهية، مساعد للهضم، ومدر لحليب المرأة، والمصاب بقرحة
المعدة لا يأكله.
24 - الزنجبيل: منشط للمعدة والقلب، مفيد في علاج عسر الهضم، مانع للمغص،
مقو للحبال الصوتية، ملين للبطن، معين على الجماع، محلل
للرياح في المعدة والأمعاء، مسخن للمعدة والكبد، منشف للبلغم، يزيد في
الحفظ، ويطيب النكهة، دافع لأضرار الأطعمة الغليظة الباردة.
25 - السلق: فيه برودة وتفتيح وتحليل، يفتح سدد الكبد والطحال، وهو قليل
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2053).
(4/301)
الغذاء، يحرق الدم، والإكثار منه يولد
القبض والنفاخ.
26 - الزعفران: مقو للباءة، مضاد للتشنج، مدخل للسرور، منبه للمعدة، مخفف
للغازات، مفيد للأمعاء والأعصاب، منشط للأجسام، والإكثار منه يصدع الرأس.
27 - الهيل: منبه مسخن، مقاوم للإسهال، يساعد على الهضم، ويخلص الكلى من
الحصى.
28 - القهوة: تزيد في النشاط الذهني، وهي مقوية للجهاز العصبي، وموقدة
لشهوة الجماع، ومنبهة للعقل.
وإذا تناولها الإنسان بكثرة تسببت في حصول التسمم، والنوم المتقطع، وضعف
الشهوة، وعدم انتظام ضربات القلب، والرجفة في اليدين، وبياض اللسان،
واضطراب الجهاز الهضمي.
29 - الشاي: منبه للذهن، يقي من نخر الأسنان والتسوس، مدر للبول، ومنظف
للمثانة، ويَحُدّ من نمو الجراثيم في المعدة والأمعاء، والأخضر أكثر فائدة
من الأحمر.
والشاي يحمي الأوردة والشرايين من التصلب، ويحمي القلب من الأمراض، وينشط
عضلته.
وشرب الشاي والقهوة بعد الطعام مباشرة خطأ؛ لأنه يتسبب في تأخير إفرازات
المعدة، ويؤخر عملية الهضم.
وشربه بكميات كثيرة يسبب الإمساك، والأرق، وخفقان القلب، واضطراب الأعصاب،
وارتفاع ضغط الدم، ويُمنع شربه وهو ساخن؛ لأنه يضر البلعوم، ولا يغلى الماء
والشاي معاً، بل يُسكب الماء الحار عليه ثم يُشرب.
(4/302)
30 - الكمأة: وهي أنواع مختلفة الأحجام
والألوان والمنافع، وهي ثمرة تشبه البطاطس إلا أنها لا أوراق لها، وماؤها
شفاء للعين.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْتُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «الكَمْأَةُ
مِنَ المَنّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ». متفق عليه (1).
31 - الكباث: وهو ثمر شجر الأراك، وأفضله الأسود.
عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجْنِي الكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «عَلَيْكُمْ بِالأسْوَدِ مِنْهُ،
فَإِنَّهُ أطْيَبُهُ». قالوا: أكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قال: «وَهَلْ مِنْ
نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَاهَا». متفق عليه (2).
32 - الملفوف: مطهر للأمعاء، مقو للدم، معالج للالتهابات، مساعد على النمو،
خافض لنسبة السكر في الدم، ومسهل للإمساك المزمن، ومدر للبول.
2 - الأطعمة الحيوانية المباحة، نوعان:
حيوانات البر .. وحيوانات البحر.
وحيوانات البر والبحر أنواع كثيرة لا يحصيها إلا الذي خلقها، وعلم أنواعها،
وقدَّر أقواتها، والأصل فيها الحل.
وحيوانات البر المباحة نوعان:
الأول: الحيوانات: وهي أجناس مختلفة، ومنها:
1 - بهيمة الأنعام وهي: الإبل، والبقر، والغنم.
فالإبل: لحمها من ألذ اللحوم وأطيبها وأقواها غذاءً، وأجوده لحم الذكر
الصغير
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5708) , ومسلم برقم (2049)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3406) , واللفظ له، ومسلم برقم (2050).
(4/303)
الذي يرعى في البر.
ولحم الإبل فيه قوة غير محمودة، ولهذا وجب الوضوء من أكله.
وأفضل أجزاء الحيوان، وألذه، وأطيبه الجزء الأقرب للرأس، وكل ما علا أخف
على المعدة، وأبعد عن المواد الدهنية، وأفضله العنق، ثم الذراع، ثم الظهر،
ومقدم الحيوان أفضل وأجود من مؤخرته.
واللحم المشوي أفضل من اللحم المسلوق، والأبيض أجود تغذية، وأخف ضرراً من
الأحمر والأسود.
والإكثار من تناول اللحوم يسبب تصلب الشرايين، وزيادة الكوليسترول في الدم.
والبقر: وهو من أعدل الأغذية، ولحم العجل السمين من أحسن الأغذية، وأطيبها،
وأحمدها، وإذا انهضم غذى غذاءً قوياً.
والبقر الكبير لحمه عسر الهضم، بطيء الانحدار، يولد دماً سوداوياً، ولا
يصلح إلا لأهل الكد والتعب، ويورث إدمانه الأمراض السوداوية كالبهق والجرب
والجذام، وهذا لمن لم يعتده.
والغنم: لحم الضأن جيده الحولي، يولد الدم المحمود، يقوي الذهن والحفظ،
نافع لأصحاب المرة السوداء.
وأجوده لحم الذكر، فهو ألذ وأخف وأنفع، وأفضل اللحم عائذه بالعظم،
والمقدم من الحيوان سوى الرأس أفضل من المؤخر.
ولحم العنق جيد، لذيذ، سريع الهضم، ولحم الذراع أخف اللحم وألذه وأطيبه
وأبعده عن الأذى، ولحم الظهر خفيف سهل الهضم، ولحم الهرم رديء، ولحم الذكر
أفضل من لحم النعاج.
(4/304)
ولحم الماعز أجوده الحولي، وهو من الأغذية
المعتدلة، شديد اليبس، عسر الهضم.
ولحم الجدي جيد الغذاء، ملين للطبع، وسهل الهضم، وهو ألطف من لحم الجمل،
وأحسنه بعيد العهد بالولادة.
ولحوم الحيوانات البرية الصغيرة أكثر فائدة من الجبلية.
وإدمان أكل اللحم يولد الحامض البولي الذي يولد الحصى في الكلى والمثانة،
والإكثار من اللحوم والشحوم يسبب ضغط الدم.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ
غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا
يُرِيدُ (1)} ... [المائدة: 1].
2 - وقال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ
لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)} [غافر: 79].
2 - ما يماثل بهيمة الأنعام كالظبا والغزال، وحمار الوحش، وبقر الوحش
والضبع والزرافة، وسائر الوحش كله حلال إلا ما له ناب يفترس به فيحرم.
3 - الأصل في جميع حيوانات البر الإباحة إلا ما خصه الدليل بالتحريم، فيجوز
أكل الخيل والأرنب والضب وغيره.
ولحم الغزال أصلح الصيد، وأحمده لحماً، نافع للأبدان خاصة الحولي منه،
وبعده الأرنب.
ولحم الظبي مجفف للبدن، صالح للأبدان الرطبة، وهو أفضل لحوم الوحش.
ولحم الأرنب يعقل البطن، ويدر البول، ويفتت الحصى، وأطيبها وركها،
(4/305)
ولحمها المشوي أكثر تغذية.
ولحم حمار الوحش كثير التغذية، مولد للدم الغليظ الأسود، نافع من الرياح
المرخية للكلى.
ولحوم الأجنة حلال، وهي غير محمودة؛ لاحتقان الدم فيها.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} [الأنعام: 145].
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلّ ذِي نَابٍ مِنَ السّبَاعِ، وَعَنْ كُلّ
ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطّيْرِ. أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ،
وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ. متفق عليه (2).
4 - وَعَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: نَحَرْنَا فَرَساً عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأكَلْنَاهُ. متفق عليه (3).
5 - وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ دَخَلَ مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ مَيْمُونَةَ،
فَأتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ: أخْبِرُوا رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يُرِيدُ أنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ
ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أحَرَامٌ هُوَ يَا
رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «لا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأرْضِ قَوْمِي،
فَأجِدُنِي أعَافُهُ». قال خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأكَلْتُهُ،
وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ. متفق
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1934).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5520) , واللفظ له، ومسلم برقم (1941).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5519) , واللفظ له، ومسلم برقم (1942).
(4/306)
عليه (1).
6 - وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أنْفَجْنَا أرْنَباً بِمَرِّ
الظَّهْرَانِ، فَسَعَى القَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأدْرَكْتُهَا فَأخَذْتُهَا،
فَأتَيْتُ بِهَا أبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَرِكِهَا أوْ فَخِذَيْهَا، قال:
فَخِذَيْهَا لا شَكَّ فِيهِ، فَقَبِلَهُ. قُلْتُ: وَأكَلَ مِنْهُ؟ قال:
وَأكَلَ مِنْهُ. متفق عليه (2).
الثاني: الطيور: وهي أجناس كثيرة مختلفة منها:
1 - الدجاج: أفضل أنواع الطيور لحماً، سريع الهضم، خفيف على المعدة، مقو
للجسم، موسع لمجاري الأوعية الدموية.
يزيد في الدماغ والمني ويصفي الصوت، ويحسِّن اللون، ويقوي العقل، ويولد
دماً جيداً، ويلين الطبع، ولحم الديك أسخن مزاجاً.
عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أبُو مُوسَى أكْرَمَ هَذَا الحَيَّ
مِنْ جَرْمٍ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَتَغَدَّى دَجَاجاً،
وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَدَعَاهُ إِلَى الغَدَاءِ، فَقَالَ:
إِنِّي رَأيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئاً فَقَذِرْتُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ
فَإِنِّي رَأيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُهُ. متفق عليه
(3).
2 - الحَجَل: لحمه سريع الهضم، مولد للدم الجيد.
3 - الدرّاج: خفيف لطيف، سريع الهضم، مولد للدم المعتدل، والإكثار منه يحد
البصر.
4 - البط: لحمه عسر الهضم، كثير الفضول، غير موافق للمعدة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5537) , واللفظ له، ومسلم برقم (1943).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2572) , واللفظ له، ومسلم برقم (1953).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4385) , واللفظ له، ومسلم برقم (1649).
(4/307)
5 - الأوز: رديء الغذاء، معتدل الفضول.
6 - الحبارى: عسر الهضم، نافع من التعب.
7 - السماني: نافع للمفاصل، ويضر بالكبد الحار.
8 - العصفور: وهو أنواع كثيرة، ينفع المفاصل، ويزيد في الباءة، ومرقه يلين
الطبع.
9 - الحمام: ولحمه جيد للكلى، يزيد في الدم، وهو أخف لحماً، وأحمد غذاءً،
معين على الجماع، نافع من الخدر والسكتة والرعشة.
10 - القطا: ولحمه يولد السوداء، ويحبس الطبع، وينفع من الاستسقاء، وتغذيته
غير محمودة.
11 - الجراد: قليل الغذاء، نافع من عسر البول والبواسير إذا تبخر به.
وأكله ضار لأصحاب الصرع، ورديء الخلط، وإدامة أكله تورث الهزال.
ولحوم الطير أسرع انهضاماً من المواشي، وأسرعها انهضاماً أقلها غذاء، وهي
الرقاب والأجنحة.
والمداومة على أكل اللحوم بأنواعها تورث الأمراض الدموية، والحُمِّيَّات
الحادة، والأمراض الامتلائية.
1 - قال الله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)} [الواقعة:
21].
2 - وقال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
(96)} [المائدة: 96].
3 - وَعَنْ أبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ
(4/308)
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ
غَزَوَاتٍ أوْ سِتّاً، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ. متفق عليه (1).
- البيض:
غني جداً بالأملاح المعدنية، ويحتوي على نسبة عالية من الدهون التي تزيد
الكوليسترول، نافع للحلق والسعال وقروح الرئة، والكلى والمثانة، مسكن
للألم، مقو للقلب، مسهل لخشونة الحلق، يولد دماً صحيحاً محموداً، ويسرع
الانحدار من المعدة.
وهو من الأغذية النافعة، والأدوية المطلقة.
الثاني: حيوانات البحر:
حيوانات البحر كلها حلال، سواء اصطيد، أو وجد ميتاً فيه، أو على ظهره، أو
على ساحله، ولم يتعفن وهي كل ما لا يعيش إلا في البحر كالسمك والحوت
والروبيان وغيرها.
والأسماك مفيدة للجسم، وهي أنواع كثيرة لا يحصيها إلا الذي خلقها.
وأجود الأسماك ما لذ طعمه، وطاب ريحه، ورق قشره، ولم يكن صلب اللحم، وكان
في ماء نهر عذب جار، يتغذى بالنبات لا بالأقذار.
والسمك البحري فاضل محمود لطيف، والسمك الكبير بارد رطب، عسر الهضم، يولد
بلغماً كثيراً.
والسمك يخصب البدن، ويزيد في المني، ويصلح الأمزجة الحارة، منشط للقلب،
ومخفف للكوليسترول في الدم، ومفيد لنمو العظام، وأجود ما في السمك ما قرب
من مؤخرها، وكان حولياً سميناً.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5495) , واللفظ له، ومسلم برقم (1952).
(4/309)
والسمك وزيوته يقلل من الإصابة بالقولون،
وضغط الدم.
وسمك البحار أفضل من أسماك الأنهار، والسمين الكبير الحولي أجود غذاء من
الصغير الضعيف.
1 - قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
(96)} [المائدة: 96].
2 - وَعَنْ عَبداللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا
المَيْتَتَانِ: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالكَبِدُ
وَالطِّحَالُ». أخرجه أحمد وابن ماجه (1).
3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَأَلَ رَجُلٌ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
نَرْكَبُ البَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ المَاءِ فَإِنْ
تَوَضَّأْنَا بهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ البَحْرِ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ
مَيْتَتُهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (2).
4 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ،
وَأمِّرَ أبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعاً شَدِيداً، فَألْقَى البَحْرُ
حُوتاً مَيِّتاً لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأكَلْنَا
مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأخَذَ أبُو عُبَيْدَةَ عَظْماً مِنْ عِظَامِهِ،
فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. متفق عليه (3).
- أقسام الحيوانات البرية المباحة:
الحيوانات البرية تشمل الدواب والطيور.
والدواب تنقسم إلى قسمين:
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (5723) , وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(3218).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (83) , وأخرجه الترمذي برقم (69)، وهذا
لفظه.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5493) , واللفظ له، ومسلم برقم (1935).
(4/310)
أحدها: دواب مستأنسة: والمستأنس هو الأهلي
الذي يعيش يبن الناس كالإبل والبقر والغنم ونحوها.
الثاني: دواب متوحشة: وهي التي تفر من الإنسان إذا رأته كالظباء والوعول
والغزلان وحمار الوحش وبقرته ونحوها.
والطيور كذلك قسمان:
أحدها: طيور مستأنسة: كالحمام والدجاج والبط ونحوها مما يألف الناس.
الثاني: طيور متوحشة: وهي التي تفر من الإنسان إذا رأته كالحبارى والعصفور
والقماري والنعاج ونحوها.
فهذه كلها حلال أكلها.
- أقسام الحُمُر:
الحمر تنقسم إلى قسمين:
أحدها: حمار الوحش: وهو الحمار المخطط المعلم.
وهذا الحمار الوحشي حلال أَكْله، وقد أكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم
-.
الثاني: الحمار الأهلي: وهو الحمار الأهلي المعروف، ولونه أبيض أو أسود.
وهذا الحمار خبيث اللحم، محرم الأكل.
- أقسام السباع:
السباع المفترسة نوعان:
الأول: سباع مستأنسة: تعيش بين الناس، وتأنس بهم كالقط والكلب الأهلي،
والقرد ونحو ذلك.
الثاني: سباع متوحشة: تعتدي على الناس ولا تألفهم ولا يألفونها كالأسد
والنمر
(4/311)
والفهد والذئب والكلب ونحوها.
فهذه السباع بنوعيها يحرم أكلها؛ لما فيها من صفة العدوان، وخبث اللحم،
فإنها تأكل الجيف والنتن.
3 - الأطعمة الجامدة المباحة:
وهي كل طعام طاهر نافع لا مضرة فيه ولا إسكار.
مثل الأطعمة المركبة والمصنعة والطبيعية الجافة.
فكل ما لم يبين الله ولا رسوله تحريمه من المطاعم والمشارب، فهو حلال على
الأصل كالملح، والجبن، والتوابل، والمكرونة ونحوها.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ
لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} ... [الأعراف: 32].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ،
فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ
بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». متفق عليه (1).
4 - الأطعمة السائلة المباحة:
وهي كل طعام سائل طاهر نافع لا مضرة فيه ولا إسكار.
كالعسل والألبان، والعصيرات، والمربيات، والزيوت، والجيلاتين، والخل،
والآيس كريم، والقشطة ونحو ذلك من الأطعمة السائلة المركبة والمصنعة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7288) , واللفظ له، ومسلم برقم (1337).
(4/312)
- صفات الغذاء الحيواني الحلال:
الطعام الحيواني الحلال له صفات:
منها ما يتعلق بالمأكول .. ومنها ما يتعلق بالذبح .. ومنها ما يتعلق
بالذابح.
1 - فأما المأكول: فالأصل في الحيوانات الإباحة إلا ما حرمه الشرع، وما
حرمه الشرع محدود كالميتة، والدم، والخنزير، والحمار، وكل ذي ناب من
السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وما يتغذى بالنجاسات كالنسر والغراب، وما
تولد بين محرم وحلال كالبغل، والحيوانات السامة كالعقارب والحيات ونحوها،
وما قُطع من البهيمة وهي حية ونحو ذلك.
فكل ذلك حرام أكله وبيعه وشراؤه.
2 - وأما ما يتعلق بطريقة الذبح فالمأكولات الحيوانية نوعان:
الأول: ما يجوز أكله بدون تذكية: وهي جميع حيوانات البحر، والجراد.
الثاني: ما لا يجوز أكله إلا بعد تذكيته: وهو ما سوى ذلك من الحيوانات
والطيور البرية.
فهذه لا يجوز أكلها إلا بعد تذكيتها بآلة حادة من الحديد أو غيره، ولا تجوز
التذكية بالسن أو الظفر أو العظم.
فتذكى البقر والغنم من أعلى العنق، وتذكى الإبل من أسفل العنق.
والتذكية تكون بما يلي:
قطع الحلقوم مجرى النفس .. وقطع البلعوم مجرى الطعام .. وقطع الودجين مجرى
الدم، مع ذكر اسم الله عند الذبح.
(4/313)
3 - وأما ما يتعلق بالذابح:
فيشترط في المذكي أن يكون إنساناً مميزاً، عاقلاً، قاصداً الذبح، سواء كان
مسلماً أو كتابياً، وسواء كان رجلاً أو امرأة.
فيحرم أكل كل حيوان لم يذكر اسم الله عليه، أو ضُرب بالمسدس، أو بعصا، أو
صُعق بالتيار الكهربائي، أو غُطس بماء حار، أو خُنق بالغاز ونحوه ثم مات
قبل تذكيته الذكاة الشرعية.
ويحرم تعذيب الحيوان قبل ذبحه لإضعاف مقاومته بضربه، أو إتلاف الجملة
العصبية في المخ، أو سقيه البنج، أو خنقه بثاني أكسيد الكربون أو الغاز.
- أسباب المنع من بعض المأكولات:
الأطعمة كلها حلال، وقد حرم الإسلام بعضها لأسباب منها:
1 - حصول الضرر:
فلا يجوز لأحد إيقاع الضرر بنفسه أو بغيره.
فلا يأكل الإنسان فوق طاقته؛ لما فيه من الضرر والإسراف المنهي عنه.
ولا يتناول السم، ولا يأكل المأكولات والنباتات السامة؛ لما في ذلك من قتل
النفس.
ولا يأكل ما فيه مضرة كالطين والفحم والخشب؛ لما فيه من الضرر على الجسم.
ولا يأكل ما تستقذره الطباع كالروث والقمل والجعلان والبصاق والمخاط ونحو
ذلك.
(4/314)
2 - النجاسة:
فالمأكولات النجسة لا يجوز أكلها ولا التجارة فيها، وهي نوعان:
الأول: ما كانت نجاسته عينية كالميتة والدم ولحم الخنزير ونحوهما.
الثاني: ما كانت نجاسته بسبب مخالطته أو مجاورته النجاسات كالسمن الذي تموت
فيه الفأرة، والمائع الذي يتغير لونه بمخالطة الدم، والمأكولات التي
تشرَّبت النجاسة كاللحم المطبوخ بزيت الخنزير، والخبز المدهون بسمن
الخنزير، والثمار المخللة بالنجاسة ونحو ذلك.
3 - الإسكار:
فكل مشروب أو مأكول يُسكر كثيره فقليله حرام.
فيحرم كل ما يغطي العقل أكلاً أو شرباً أو تجارة، سواء كان خمراً أو حشيشاً
أو عرقاً أو مخدرات أو غيرها.
4 - ملكية الغير:
فيحرم التصرف في ملك الغير إلا بإذنه، سواء كان بالأكل أو الشرب أو البيع،
ويدخل في ذلك المسروق والمغصوب والمأخوذ ثمناً لسلعة محرمة أو عوضاً عن
تعامل محرم كالربا والقمار.
(4/315)
2 - أقسام الأطعمة
المحرمة
- أنواع الأطعمة المحرمة:
الأطعمة المحرمة: هي كل طعام خبيث ضار.
والأطعمة المحرمة تنقسم إلى أربعة أقسام:
المحرم من الحيوانات .. والمحرم من النباتات .. والمحرم من الجامدات ..
والمحرم من المائعات ..
القسم الأول: المحرم من الحيوانات:
المحرم من الأطعمة الحيوانية ثلاثة أصناف:
1 - الحيوانات البرية المحرمة، وهي أقسام:
الأول: كل ما له ناب من السباع يفترس به كالأسد، والنمر، والفهد، والذئب،
والكلب، والثعلب، والفيل، والدب، والقرد، والقط، وابن آوى ونحوها إلا الضبع
فحلال.
عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - نَهَى عَنْ أكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ. متفق عليه
(1).
الثاني: جميع الحيوانات السامة كالحيات، والأفاعي، والعقارب، والوزغ ونحو
ذلك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي
نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً،
وَمَنْ تَحَسَّى سُمّاً
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5530) , واللفظ له، ومسلم برقم (1932).
(4/316)
فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ
يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً،
وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ
بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا
أَبَداً». متفق عليه (1).
الثالث: جميع الحيوانات الخبيثة المستقذرة كالتي تأكل النجاسات، وفضلات
الإنسان والحيوان كالخنزير ونحوه.
قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} [الأنعام: 145].
الرابع: جميع الحيوانات المستخبثة كالفأرة، والقنفذ، والجرذان، والنيص
ونحوها.
1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ} ... [الأعراف: 157].
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ:
الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ
العَقُورُ». متفق عليه (2).
الخامس: الحمر الأهلية:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: نَهَى رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ
الأهْلِيَّةِ، وَرَخَّصَ فِي الخَيْلِ. متفق عليه (3).
السادس: كل ما تولَّد من مأكول وغير مأكول كالبغل فهو متولد من الخيل
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5778) , واللفظ له، ومسلم برقم (109).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3314) , واللفظ له، ومسلم برقم (1198).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4219) , واللفظ له، ومسلم برقم (1941).
(4/317)
والحمر الأهلية، والسمع فهو متولد من الذئب
والضبع.
عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ذبَحْنَا يَوْمَ
خَيْبَرَ الخَيْلَ وَالبغَالَ وَالحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - عَنِ البغَالِ وَالحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ
الخَيْلِ. أخرجه أحمد وأبو داود (1).
2 - الطيور البرية المحرمة، وهي أقسام:
الأول: كل ما له مخلب من الطير يصيد به كالصقر، والعقاب، والبازي، والنسر،
والشاهين.
عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - عَنْ كُلّ ذِي نَابٍ مِنَ السّبَاعِ، وَعَنْ كُلّ ذِي
مِخْلَبٍ مِنَ الطّيْرِ. أخرجه مسلم (2).
الثاني: كل ما كان من الطيور مستخبثاً في نفسه كالخفاش ونحوه، أو كان
مستخبثاً لأكله الجيف كالرَّخَم والخطاف ونحوهما.
الثالث: الفواسق التي أمر الشرع بقتلها، وهي من الطيور الغراب والحِدَأة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ،
يَقْتُلُهُنَّ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأةُ، وَالعَقْرَبُ،
وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ». متفق عليه (3).
الرابع: كل ما نهى الشرع عن قتله بعينه كالهدهد والصُّرَد ونحوهما.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ النَّبيَّ - صلى
الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (14902) , وأخرجه أبو داود برقم (3789)، وهذا
لفظه.
(2) أخرجه مسلم برقم (1934).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3314) , واللفظ له، ومسلم برقم (1198).
(4/318)
الدَّوَاب النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ
وَالهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ. أخرجه أحمد وأبو داود (1).
3 - الحشرات:
وهي كل ما يدب على وجه الأرض أو يطير في السماء من الحشرات.
فجميع أصناف الحشرات يحرم أكلها؛ لأنها مستخبثة كالخنافس، والجعلان،
والصراصير، والبراغيث، والقمل، والذباب، والديدان، والبعوض ونحوها.
فكل هذه الحشرات مستخبثة مستقذرة تعافها النفوس، وينفر منها الطبع، فيحرم
أكلها لخبثها وضررها وقذارتها.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ} ... [الأعراف: 157].
- أنواع الأطعمة الضارة:
ما فيه ضرر من المطعومات ثلاثة أنواع:
أحدها: الحيوانات السامة: كالحيات، والسمك السام، والعقارب ونحو ذلك.
الثاني: النباتات السامة: كالخشخاش وهو شجر الأفيون، والبنج ولا يباح منه
إلا بقدر الضرورة للعمليات الجراحية.
الثالث: الجمادات السامة: كالزرنيخ ونحوه.
فهذه الأنواع السامة كلها محرمة؛ لأنها ضارة ومهلكة.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (3066) , وأخرجه أبو داود برقم (5267)، وهذا
لفظه.
(4/319)
رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
- حكم قتل الحيات:
الحيات تُقتل في الحال في الحل والحرم؛ لأنها خبيثة ضارة، إلا أن الحية
تُؤْذَن وتُنذر إذا كانت في العمران ثلاثة أيام، أو ثلاث مرات في يوم، ثم
إن بدت قتلها؛ لأنها شيطان في صورة حية.
وصفة الإنذار:
أن يقول لها: أحرِّج عليك بالله أن تخرجي، أو لا أراك بعد اليوم، أو لا
أراك بعد هذه المرة ونحو ذلك.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ
عَلَيْهِ: «وَالمُرْسَلاتِ». وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي
لأتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ
عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«اقْتُلُوهَا». فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقال النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم -: «وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا». متفق عليه
(1).
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْريّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ بِالمَدِينَةِ نَفَراً مِنَ
الجنّ قَدْ أَسْلَمُوا، فَمَنْ رَأَى شَيْئاً مِنْ هَذِه العَوَامِرِ
فَليُؤْذِنْهُ ثَلاَثَاً، فَإنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ،
فَإِنّهُ شَيْطَانٌ». أخرجه مسلم (2).
- ضابط المحرم من الحيوانات والطيور:
هو كل ما نص الشرع على خبثه كالحمار الأهلي والخنزير.
أو نص على جنسه ككل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير.
أو كان خبثه معروفاً كالفأرة والحشرات.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1830) , واللفظ له، ومسلم برقم (2234).
(2) أخرجه مسلم برقم (2236).
(4/320)
أو كان خبثه عارضاً كالجلاّلة التي تتغذى
بالنجاسة.
أو أمر الشارع بقلته كالحية والعقرب.
أو نهى الشارع عن قتله كالهدهد والصرد والضفدع، والنمل والنحل ونحوها.
أو كان معروفاً بأكل الجيف كالنسر والرخم والغراب.
أو كان متولداً بين حلال وحرام كالبغل فهو من أنثى خيل نزا عليها حمار.
أو كان ميتة أو فسقاً أُهِلّ لغير الله به، أو لم يُذكر اسم الله عليه.
أو لم يأذن الشرع في تناوله كالمغصوب والمسروق ونحوهما.
1 - قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ
تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3].
2 - وقال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} ... [الأنعام: 145].
- حكم طهارة الحيوان:
كل حيوان حلال الأكل فهو طاهر.
وكل حيوان محرم الأكل فهو نجس، ويستثنى من ذلك ثلاثة:
الآدمي فهو طاهر حياً وميتاً .. وما لا نفس له سائلة كالحشرات إلا ما تولد
من النجاسات فهو نجس حياً وميتاً كالصراصير ونحوها .. وما يشق التحرز منه
كالهرة والحمار، ويستثنى من ذلك الكلب.
(4/321)
- حكم أكل الجلاّلة:
الجلاّلة: هي الحيوان الذي أكثر أكله العذرة والنجاسات، سواء كان من الإبل،
أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج، أو الحمام أو غيرها حتى يتغير ريحها.
وقد ورد النهي عن أكل لحمها، وشرب لبنها، وركوبها بلا حائل، وأكل بيضها.
فإذا حبست بعيدة عن العذرة، وعلفت الطاهر زمناً، فطاب لحمها، وزالت
رائحتها، وذهب اسم الجلاّلة عنها حلّت، وجاز أكلها.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله
عليه وسلم - نَهَى عَنْ لَبَنِ الجَلاَّلَةِ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
2 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ الجَلاَّلَةِ وَأَلْبَانِهَا. أخرجه أبو
داود والترمذي (2).
3 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - عَنِ الجَلاَّلَةِ فِي الإبلِ أَنْ يُرْكَبَ
عَلَيْهَا. أخرجه أبو داود (3).
القسم الثاني: المحرم من الأطعمة النباتية:
المحرم من الأطعمة النباتية نوعان:
المسكرات والمخدرات .. والنباتات الخبيثة الضارة.
1 - المسكرات والمخدرات:
فكل طعام أو شراب تسبب في ذهاب العقل، أو تخديره، أو تفتير البدن، أو
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3786) , وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم
(1825).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3785) , وأخرجه الترمذي برقم (1824).
(3) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3787).
(4/322)
ترقيده، فهو محرم، قليلاً كان أو كثيراً،
سواء كان من الطعام أو غيره من المواد.
والمخدرات: مواد نباتية أو كيماوية تؤثر على العقل والبدن، وتصيب الجسم
بالفتور والخمول، وتشل نشاطه، وتغطي عقل الإنسان كالخمر.
وتعاطي المخدرات يؤدي إلى الانهيار النفسي، والضعف البدني، والخلل العقلي،
والإفلاس المالي، والمرض الجسدي والعقلي.
ولهذه الأخطار الجسيمة للمسكرات والمخدرات يحرم أكلها، وتعاطيها، وتناولها،
وترويجها، وبيعها، وشراؤها، وزراعتها، وتسويقها.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا
يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ
الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} ... [المائدة: 90 - 91].
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلّ مُسْكِرٍ
حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ
يُدْمِنُهَا، لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخرةِ». متفق عليه (1).
- أنواع المخدرات:
المخدرات نوعان:
الأول: المخدرات الطبيعية: وهي النباتات المخدرة كالحشيش، والأفيون، والقات
ونحوها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5575) , ومسلم برقم (2003)، واللفظ له.
(4/323)
الثاني: المخدرات المصنعة: وهي مواد
مستخلصة من المواد المخدرة الطبيعية، تجري عليها عمليات كيميائية لتصبح في
صورة أخرى أشد تركيزاً، وأقوى تأثيراً وتخديراً كالهروين، والمورفين،
والكوكايين.
ومنها العقاقير المصنعة من مواد كيميائية لها نفس تأثير المواد المخدرة،
تصنع على شكل حبوب أو كبسولات.
منها ما هو منبه كالكبتاجون ... ومنها ما هو منوم كالسيكنال .. ومنها ما هو
مهدي .. ومنها ما هو مهلوس.
نسأل الله السلامة والعافية من كل ذلك ومن كل شر وبلاء.
- حكم تناول المخدرات:
المخدرات بجميع أنواعها وأصنافها محرمة.
فيحرم تعاطيها بأي وجه من الوجوه، أكلاً، أو شرباً، أو شماً، أو تدخيناً،
أو حقناً أو غير ذلك؛ وذلك لضررها البالغ العظيم على الجسم والعقل .. ولما
يترتب عليها من آثار سيئة ومفاسد أشد من آثار المسكرات .. من إضاعة الأوقات
والأموال .. ومن إثارة العداوة والبغضاء .. ومن الصد عن ذكر الله وعن
الصلاة.
وما تسببه من كثير من الأمراض الصحية والنفسية والعقلية التي يصعب علاجها.
ولما تؤدي إليه من التهاون والتكاسل عن العبادات.
ولما تسببه من الفساد والسرقات، والوقوع في الجريمة، وتعطيل المصالح،
وإضاعة الأهل والأولاد، وإضاعة النفس، والدين، والعرض، والعقل،
(4/324)
والمال، والوقت، والدنيا والآخرة، وغير ذلك
من المصائب والشرور التي يجرها الشيطان لبني آدم، ويغرهم ويغريهم بها لنيل
المتعة والسعادة.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا
يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ
الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} ... [المائدة: 90 - 91].
2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ
عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
(6)} [فاطر: 6].
2 - النباتات الضارة:
فكل نبات ضار سام خبيث فهو حرام، لا يجوز أكله ولا تناوله ولا زراعته، ولا
التجارة فيه، وذلك مثل الزهور والأوراق السامة أو المخدِّرة كالتبغ الذي
تُصنع منه السجائر، ويحتوي على مادة النيكوتين التي يبلغ ضررها حد الإماتة
إذا تركزت في البدن، ومثل القات الذي غرّ به الشيطان كثيراً من الجهال،
وأضاع أوقاتهم وأموالهم، ومصالحهم، ودنياهم وأخراهم، وأفسد أبدانهم.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
2 - وقال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة: 195].
القسم الثالث: المحرم من الأطعمة الجامدة:
المحرم من الأطعمة الجامدة نوعان:
(4/325)
الأول: السموم المستخرجة من الجمادات،
والسموم الكيميائية.
فهذه كلها محرمة، ويحرم تناولها أكلاً أو شرباً أو شماً؛ لما فيها من
الأضرار القاتلة، والإلقاء بالنفس إلى التهلكة وهو محرم، وتحرم صناعتها
والتجارة فيها.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ
جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ
لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} ... [النساء: 93].
الثاني: كل ما يترتب على أكله ضرر بالإنسان كالتراب والطين والفحم والروث
ونحو ذلك مما يضر بالإنسان أكله.
القسم الرابع: المحرم من الأطعمة السائلة:
يحرم على المسلم تناول كل طعام مائع ضار، خبيث، نجس، مسكر أو مخدر أو قاتل،
وذلك لما فيه من الضرر البدني والعقلي والروحي والمالي، وتعطيل مصالح
الدنيا والآخرة، وتجاوز حدود الله بتناول واستحلال الخبائث التي حرمها الله
ورسوله.
1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ} ... [الأعراف: 157].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ
حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
[النساء: 14].
(4/326)
3 - أقسام الأطعمة
المختلطة بمحرم
- أقسام الأطعمة:
تنقسم الأطعمة بأنواعها إلى ثلاثة أقسام:
أطعمة مباحة .. وأطعمة محرمة .. وأطعمة مختلطة.
- أحكام الأطعمة المختلطة بمحرم:
إذا اختلط الطعام المباح بمحرم حرم أكله، سواء كان حيواناً أو طعاماً.
فالحيوان كالمتولد من حيوان مأكول وغير مأكول كالبغل المتولد من الحمير
والخيل، سواء كان التلقيح طبيعياً أو صناعياً.
والطعام كالأطعمة المباحة إذا أضيف إليها محرم، فإنها تحرم بسبب ذلك، ولا
يجوز أكلها.
- أنواع الأطعمة المختلطة بمحرم:
الأول: الزيوت والدهون:
وهي أنواع كثيرة، وتختلف أحكامها باختلاف أنواعها وأحوالها كما يلي:
1 - جميع الزيوت المستخرجة من النباتات أو ثمارها فهي حلال كزيت الزيتون،
وزيت الذرة، وزيت الخردل، وزيت الحبة السوداء، وزيت السمسم، وزيت الخروع
وغيرها.
فإذا كان الزيت مستخرج من نبات سام ثبت ضرره، أو كانت تلك الزيوت مختلطة
بنجاسة، أو بشيء محرم الأكل، فحينئذ تحرم بسبب ذلك.
2 - الدهون الحيوانية: وهي نوعان:
(4/327)
الأول: دهون الحيوانات المباح أكلها، سواء
كانت من حيوانات البر أو البحر، وسواء كانت من الحيوانات أو الطيور،
فالحيوانات البرية كدهن الإبل والبقر والغنم وغيرها كالأرانب والغزلان
ونحوها، والطيور كدهن الدجاج والحمام وغيرها.
فدهون هذه الحيوانات والطيور حكمها حكم لحمها:
فإن كانت تلك قد ذكيت الذكاة الشرعية فهي طاهرة مباحة، وإن كانت ميتة، أو
لم تذك الذكاة الشرعية فهي نجسة محرمة الأكل.
ودهون حيوانات البحر كلها حلال كلحومها.
1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ
عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى
أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ
لَمُشْرِكُونَ (121)} ... [الأنعام: 121].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى
عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ
يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)} [المائدة: 1].
الثاني: دهون الحيوانات غير مأكولة اللحم، كدهون الحمير والخنازير،
والكلاب، والسباع المفترسة، والطيور المفترسة ونحوها من الحيوانات والطيور
المحرمة الأكل، فهذه جميع لحومها ودهونها محرمة نجسة، فلا يجوز الانتفاع
بها لا في مأكول، ولا مشروب، ولا غيره كالصابون، ولا يحل أكل ما خلطت به من
الأطعمة أو الأشربة.
الثاني: الأجبان:
ويختلف حكم الجبن باختلاف مصدره وهو الحليب، واختلاف مصدر الأنفحة التي
تدخل في تصنيعه.
(4/328)
فالأجبان لها ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون الجبن مصنوع من لبن مأكول اللحم، والأنفحة المضافة إليه من
حيوان مباح الأكل، مذكىً ذكاة شرعية، ولم تخالطه نجاسة.
فهذا جبن مباح حلال الأكل.
الثانية: أن يكون الجبن مصنوع من لبن حيوان لا يجوز أكله كالخنزير والسباع
والحمير والميتة ونحوها.
فهذا جبن محرم الأكل؛ لأن مصدره محرم.
الثالثة: أن تكون الأنفحة الداخلة في تصنيع الجبن من حيوان محرم الأكل
كالميتة والخنزير ونحوها، أو غير مذكى ذكاة شرعية.
فهذه الأنفحة نجسة محرمة، وإذا أضيفت إلى الجبن حرم أكله، لاختلاطه بالمحرم
النجس.
الثالث: الجيلاتين:
الجيلاتين: مادة شفافة أو صفراء، لا طعم لها ولا رائحة.
وتستخلص من جلود وأعصاب وعظام الحيوانات، أو من بعض النباتات.
والجلي المستخدم في بعض الأطعمة والحلويات له حالتان:
الأولى: إن كان مصدر الجيلاتين من حيوان مأكول اللحم، مذكى ذكاة شرعية، أو
من نبات غير ضار ولا سام، فهذا حلال، وما أضيف إليه حلال.
الثانية: أن يكون مصدره من حيوان محرم الأكل كالميتة والخنزير، أو من حيوان
مباح ولكنه غير مذكىً ذكاة شرعية، فهذا محرم الأكل، وإذا أضيف إلى الأطعمة
حرمت؛ لاختلاط المباح بالمحرم.
(4/329)
الرابع: الأغذية السائلة:
وهي الأطعمة المركبة من أطعمة مختلفة، نباتية أو حيوانية أو مركبة منهما أو
من غيرهما.
فهذه حكمها حكم ما استخلصت منه، فإن كان حلالاً فيباح أكلها أو شربها أو
حقنها كما يباح أصلها، كالمغذي الذي يستخدم في إطعام المرضى الذين لا
يستطيعون الأكل، وإن كان مصدرها ضاراً أو ساماً أو محرماً فيحرم أكلها
والانتفاع بها، وإن كانت مركبة من حلال وحرام فهي محرمة.
الخامس: الأغذية الجامدة:
وهي الأطعمة المصنعة الجافة، التي تركب من مواد نباتية وحيوانية مختلفة.
فهذه إن كان مصدرها حلال فهي حلال، وإن كان مصدرها حرام فهي محرمة.
وإن كانت مركبة من حلال وحرام فيحرم أكلها والانتفاع بها.
عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (وَأَهْوَى النّعْمَانُ
بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) «إنّ الحَلاَلَ بَيّنٌ وَإنّ الحَرَامَ
بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ
النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ
حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى اللهُ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الجَسَدِ
مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا
فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52) , واللفظ له، ومسلم برقم (1599).
(4/330)
- ما يحل من الميتة والدم:
الميتة، والدم المسفوح، كلاهما حرام ولا يجوز أكله.
ويستثنى من الميتة: السمك والجراد، ومن الدم: الكبد والطحال.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا
المَيْتَتَانِ: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالكَبِدُ
وَالطِّحَالُ». أخرجه أحمد وابن ماجه (1).
- متى يباح أكل المحرم:
من اضطر إلى أكل طعام محرم غير السم حل له منه ما يسد رمقه.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
(172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(173)} ... [البقرة: 172 - 173].
- حكم أكل المضطر من الطعام المحرم:
المضطر: هو من ألجأته الضرورة إلى تناول المحرم.
فيباح للمضطر أن يتناول من الأطعمة والأشربة المحرمة غير السم إذا خشي
الضرر بعدم الأكل، ولم يجد غير هذا المحرم ما يدفع به جوعه.
فإن أيقن المضطر بالهلاك وجب عليه الأكل من المحرم بقدر ما يسد رمقه،
فإن امتنع ومات فهو آثم؛ لأنه تسبب في قتل نفسه، وهو قادر على إنقاذها بما
أحله الله له، وألقى بنفسه إلى التهلكة وهو منهي عنه.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (5723) , وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(3218).
(4/331)
1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ
بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا
إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} [البقرة: 173].
2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
3 - وقال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ (195)} ... [البقرة: 195].
- مقدار ما يباح للمضطر من الطعام المحرم:
الضرورة: أن يبلغ الجوع والعطش بالإنسان إلى حد أنه إذا لم يتناول المحرم
هلك، أو قارب الهلاك.
والمضطر له حالتان:
الأولى: أن تكون المجاعة عامة مستمرة.
ففي هذه الحالة يباح للمضطر الأكل من الطعام حتى الشبع، سواء كان ميتة أو
حيواناً محرم الأكل؛ لأن الضرورة لا يرجى زوالها، ولا يجوز له شرب السم؛
لأنه مهلك، أو قتل الآدمي من أجل أكله؛ لأنه لا يجوز له إبقاء نفسه بإتلاف
غيره.
الثانية: أن تكون الضرورة والمجاعة خاصة بإنسان مرت به، ويرجو زوالها بوجود
طعام مباح.
فهذا المضطر يباح له أن يأكل من الطعام المحرم بقدر ما يدفع عنه الجوع
والضرر؛ حفظاً للنفس من الموت، سواء كان في الحضر أو السفر، ومن غص ولم يجد
ما يدفع به الغصة إلا ماء نجساً أو محرماً فيباح له أن يشرب
(4/332)
بقدر ما يدفع الغصة.
1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ
وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} ... [البقرة: 173].
2 - وقال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ
اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ
بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)}
[الأنعام: 119].
- حكم أكل المضطر من طعام الغير:
لا يجوز لأحد أن يأكل من طعام غيره إلا بإذنه.
وإذا اضطر الإنسان إلى الطعام، ولم يجد إلا طعام غيره، فإنه يجوز له الأكل
منه ولو بغير إذنه، فيأكل بقدر ما يسد جوعه، ويدفع عنه الموت.
فإن كان صاحب الطعام مضطر إليه فهو أولى به من غيره.
ويجب على مالك الطعام أن يطعم المضطر إنقاذاً لحياته، كما يجب على المضطر
تعويض صاحب الطعام بثمنه متى تيسر له إن طلبه منه.
- ما يقدم أكله عند الضرورة:
إذا وجد المضطر إلى الطعام ميتة، وطعاماً لغيره، وصيداً لمُحْرِم، وخمراً،
وخنزيراً، وما لم يُذكر اسم الله عليه.
فهذا المضطر يقدم الأكل من طعام الغير ويعوضه بثمنه؛ لأنه مضطر إليه.
فإن لم يوجد طعام الغير وهو محرم، فله الأكل من صيد البر؛ لأنه مضطر إليه.
فإن لم يوجد صيد البر أكل من الميتة؛ لأن الله أباحها للمضطر.
(4/333)
فإن لم توجد الميتة أكل من الخنزير؛ لأنه
مضطر إليه.
فإن لم يوجد شرب من الخمر؛ لأنه مضطر إليه.
يبدأ بالأخف فالأخف، وما ضرره أقل، وما ضرره لا يتعدى إلى غيره؛ لدفع
الهلاك عن نفسه.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ
تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا (29)} ... [النساء: 29].
2 - وقال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ
وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ
يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ
غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)} ...
[المائدة: 3].
- حالات الضرورة والحاجة:
1 - الأكل من ثمار البساتين:
من مر ببستان وهو محتاج للطعام، فله أن يستأذن ويأكل بقدر حاجته، فإن لم
يجد من يستأذنه أكل منه بلا إذن؛ لأنه مضطر، وعليه أن يدفع قيمة ما أكل.
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ دَخَلَ حَائِطاً فَلْيَأْكُلْ وَلاَ
يَتَّخِذ خُبْنَةً». أخرجه الترمذي (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1287).
(4/334)
2 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ
سُئِلَ عَنِ الثمَرِ المُعَلَّقِ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بفِيهِ مِنْ ذِي
حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ
بشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثلَيْهِ وَالعُقُوبَةُ، وَمَنْ
سَرَقَ مِنْهُ شَيْئاً بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الجَرِينُ فَبَلَغَ ثمَنَ
المِجَنِّ فَعَلَيْهِ القَطْعُ». أخرجه أبو داود والترمذي (1).
3 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ
- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَتَيْتَ عَلَى رَاعِي إِبِلٍ
فَنَادِ: يَا رَاعِيَ الإِْبِلِ ثَلاَثاً، فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلاَّ
فَاحْلُبْ وَاشْرَبْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ، وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى
حَائِطِ بُسْتَانٍ فَنَادِ: يَا صَاحِبَ الحَائِطِ ثَلاَثاً، فَإِنْ
أَجَابَكَ وَإِلاَّ فَكُلْ». أخرجه أحمد وابن ماجه (2).
2 - الأكل من الزرع:
إذا مر المضطر بزرع فله الأكل منه بإذن صاحبه، فإن لم يوجد أكل منه بلا
إذن، ويضمن لصاحبه قيمة ما أكل.
3 - حلب ماشية الغير:
فيجوز للمحتاج أن يحلب ويشرب من ماشية الغير بإذنه، فإن لم يوجد حلب وشرب
ما يحفظه من الهلاك، ولا يحمل معه منه شيئاً.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَحْلُبَنّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إلاّ
بِإِذْنِهِ، أَيُحِبّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ، فَتُكْسَرَ
خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ إنّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ
مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلاَ يَحْلُبَنّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ
أَحَدٍ إلاّ بِإِذْنِهِ». أخرجه مسلم (3).
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1710) , وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم
(1289).
(2) حسن/ أخرجه أحمد برقم (11159) , وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(2300).
(3) أخرجه مسلم برقم (1726).
(4/335)
- الحالات التي تحرم فيها بعض الأطعمة
المباحة:
الأصل في الأطعمة الحل والإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه.
وقد يعرض لبعض الأطعمة المباحة أحوال تجعلها محرمة ممنوعة الأكل.
ومن تلك الأحوال:
1 - الميتة: وهي كل حيوان أو طير مات، أو لم يذك الذكاة الشرعية.
- أنواع الميتة:
المنخنقة: وهي التي ماتت بالخنق .. والموقوذة: وهي التي ماتت بالضرب ..
والمتردية: وهي التي سقطت من علو فماتت .. والنطيحة: وهي التي نطحت بهيمة
أخرى فماتت .. وكل حيوان افترسه سبع فمات .. والمقتول بالصعق الكهربائي ..
والمقتول رمياً بالرصاص مع القدرة عليه .. وكل ما ذبح ولم يذكر اسم الله
عليه عمداً .. وكل ما ذكر عليه غير اسم الله .. وكل ما ذبح على الأضرحة أو
القبور .. وكل ما ذبح للجن أو الغائبين .. ويستثنى من الميتة ميتة البحر
والجراد، فهذه حلال أكلها.
2 - الجلاّلة: وهي التي أكثر أكلها النجاسات كالسمك الذي يتغذى على مياه
المجاري، وكل ما يتغذى على النجاسات من حيوان أو طير مباح الأكل.
فإذا أُطعمت الطاهر، وطاب أكلها، جاز أكل لحمها، والانتفاع بها.
3 - الطاهر إذا خالطته نجاسة كالماء أو اللبن إذا خالطته نجاسة.
قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ
رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} ... [الأنعام:
145].
(4/336)
4 - كل ما كان محرماً لحق الله تعالى
كالزكوات والكفارات، فهذه حق للفقراء، لا تحل للأغنياء.
5 - كل ما كان مأخوذاً بطريق محرم كالمغصوب والمسروق ونحوهما، والمأخوذ عن
طريق الرشوة والميسر.
وكل ما كان مكتسباً بمعاملات محرمة كالربا والغش ونحوهما.
6 - كل ما كان من الأموال ملكاً للآخرين، ولم يأذنوا بتناوله، فيحرم أكله؛
لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه.
7 - إذا اشتبه الحلال بالحرام مع العجز عن تمييز الحلال منهما، كما لو
اشتبهت الميتة بالمذكاة، والعصير بالخمر، أو الماء الطهور بالنجس، فيحرم
الجميع.
- حكم الأكل والشرب من طعام الكفار:
طعام الكفار أربعة أنواع:
أحدها: الأطعمة النباتية، أو المصنعة من مصدر نباتي.
فهذا النوع مباح الأكل، سواء كان الكفار أهل كتاب كاليهود والنصارى، أم غير
أهل كتاب كالهندوس والمجوس ونحوهم.
الثاني: أن يكون الطعام من حيوانات البحر كالأسماك، أو مصنعاً من حيوانات
البحر.
فهذا النوع مباح الأكل كذلك؛ لأن حيوانات البحر لا تحتاج إلى تذكية.
الثالث: أن يكون الطعام من لحوم الحيوانات البرية المباحة الأكل كالإبل
والبقر
والغنم ونحوها، أو من الطيور المباحة الأكل كالدجاج والحمام ونحوها، أو
يكون الطعام مصنَّعاً من تلك اللحوم.
(4/337)
فهذه اللحوم لها حالتان:
الأولى: أن تكون من بلاد كفارها أهل كتاب.
فإن علمنا أنهم يذكونها كتذكية المسلمين فهي مباحة الأكل.
وإن علمنا أنهم لا يذكونها، بل يقتلونها بالخنق، أو الصعق الكهربائي، أو
الضرب، أو غمسها في الماء الحار حتى تموت ونحو ذلك، فهذه ميتة لا يجوز
أكلها.
الثانية: أن تكون اللحوم من بلاد كفارها ليسوا أهل كتاب كالهندوس والملاحدة
والشيوعيين وأمثالهم من الكفار.
فهذه اللحوم محرمة؛ لأن ذبائح هؤلاء لا تحل للمسلمين، سواء ذكوها كالمسلمين
أو لم يذكوها.
الرابع: أن يكون الطعام من لحوم الحيوانات المحرمة الأكل كالخنزير، والحمار
الأهلي، والسباع كالأسد والفيل، والطيور المفترسة كالصقر والحدأة ونحوهما
من محرم الأكل كالميتة.
فهذه كلها محرمة لذاتها، فلا يحل أكلها ولو ذكيت الذكاة الشرعية.
قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} ... [الأنعام: 145].
- حكم أكل اللحوم المستوردة:
اللحوم المستوردة من خارج بلاد الإسلام يجوز أكلها بشرطين:
الأول: أن تكون من اللحوم التي أحل الله أكلها.
الثاني: أن تكون قد ذكيت الذكاة الشرعية.
(4/338)
فإن لم يتوفر فيها هذان الشرطان، فهي حرام
لا يحل أكلها، كأن تكون لا يحل أكلها كالخنزير والميتة، أو لم تذك الذكاة
الشرعية.
- حكم أكل ما قُطع من الحيوان الحي:
1 - المحرم أكله من الحيوانات والطيور محصور في عشرة أشياء منصوص عليها،
ويُلحق بهذه العشرة كل ما قُطع من الحي فهو ميتة لا يجوز أكله.
1 - قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ
تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ... [المائدة: 3].
2 - وعَنْ أَبي وَاقِدٍ اللَّيْثيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ
النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ
أَسْنِمَةَ الإبلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الغَنَمِ فَقَالَ: «مَا قُطِعَ
مِنَ البَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ». أخرجه أبو داود
والترمذي (1).
2 - يحرم أكل لحم الميتة، أما عظمها وقرنها وظفرها وجلدها وشعرها وريشها
فهو طاهر يحل للإنسان الانتفاع به إن شاء.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَجَدَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلاةٌ
لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم
-: «هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا». قالوا: إِنَّهَا
مَيْتَةٌ؟ قال: «إِنَّمَا حَرُمَ أكْلُهَا». متفق عليه (2).
- حكم الأكل والشرب في الأواني المحرمة:
يجوز الأكل والشرب في جميع الأواني إلا آنية الذهب والفضة.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2858) , وأخرجه الترمذي برقم (1480)، وهذا
لفظه.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1492) , واللفظ له، ومسلم برقم (363).
(4/339)
فيحرم على الرجال والنساء الأكل والشرب
بهما؛ لما في ذلك من الكبر، والفخر والخيلاء.
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ،
وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي
صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ».
متفق عليه (1).
- حكم أكل الميتة:
الميتة: هي كل حيوان أو طير بري مات بنفسه، أو بغير ذكاة شرعية.
والميتة حرام لا يجوز أكلها لخبثها، وضررها، ونجاستها.
ويستثنى من الميتة حالتان:
الأولى: استثناء نوع: وهي ميتة البحر، وما لا نفس له سائلة من ميتة البر
كالجراد.
فالأسماك كلها إذا أخرجت من البحر، أو جزر عنها البحر فماتت فهي طاهرة حلال
يجوز أكلها.
واللحم المنتن والمتعفن والمتفسخ لا يجوز أكله.
الثانية: استثناء في الأحوال: وهو إباحة أكل الميتة في حال الاضطرار، فيحل
للمرء أن يأكل ما يسد رمقه، ويحفظ له حياته.
قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} ... [الأنعام: 145].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5426) , واللفظ له، ومسلم برقم (2067).
(4/340)
|