الموسوعة الفقهية الدرر السنية

الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق
المبحث الأول: المبيت بمنى ليالي التشريق وما يلزم من تركه
المطلب الأول: حكم المبيت بمنى ليالي التشريق
المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق (1) واجب، وهو مذهب جمهور الفقهاء (2) من المالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
الأدلة:
1 - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (6).
2 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أفاض رسول الله من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق)) (7)
3 - أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رخص لعمه العباس أن يبيت في مكة ليالي التشريق من أجل السقاية)) (8).
وجه الدلالة:
أن كلمة (رخص) تدل على أن الأصل الوجوب؛ لأن الرخصة لا تقال إلا في مقابل أمر واجب وعزيمة (9).
4 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: ((لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة وكان يوكل بذلك رجالا لا يتركون أحدا من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه)) (10) (11).
مسألة: حكم المبيت بمنى ليلة الثالث عشر للمتعجِّل
_________
(1) [2788])) أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، قال ابن عبدالبر: (فأيام منى ثلاثة بإجماع، وهي أيام التشريق وهي الأيام المعدودات، فقف على ذلك) ((التمهيد)) (21/ 233)، وانظر: (12/ 129).
(2) قال ابن عبدالبر: (لا أعلم أحدا أرخص في المبيت عن منى ليالي منى للحاج إلا الحسن البصري، ورواية رواها عكرمة عن ابن عباس) ((التمهيد)) (17/ 262). وقال: (أجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه) ((التمهيد)) (17/ 263). وقال القرطبي: (ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ولمن ولي السقاية من آل العباس) ((الجامع لأحكام القرآن)) (3/ 7).
(3) [2790])) ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 375 - 376)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/ 138).
(4) [2791])) ((المجموع)) للنووي (8/ 247)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 505).
(5) [2792])) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 35،44)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 510،521).
(6) رواه مسلم (1297)
(7) رواه أبو داود (1973)، وأحمد (6/ 90) (24636)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 274)، وابن حبان (9/ 180) (3868)، والحاكم (1/ 651)، والبيهقي (5/ 148) (9941). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 141)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح إلا قوله: (حين صلى الظهر) فهو منكر.
(8) رواه البخاري (1634)، ومسلم (1315)
(9) [2796])) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 389 - 390)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 241).
(10) رواه مالك في ((الموطأ)) (3/ 595)، والبيهقي (5/ 153) (9972). قال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (17/ 263): (أحسن ما في هذا الباب)، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 185): (صح هذا عنه رضي الله عنه، وعن ابن عباس مثل هذا)، وصحح إسناده ابن حجر في ((الدراية)) (2/ 29).
(11) [2798])) قال ابن عبدالبر: (والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دماً؛ قياساً على سائر شعائر الحج ونسكه، وأحسن ما في هذا الباب ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة، وكان يوكل بذلك رجالاً لا يتركون أحداً من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه. وهذا يدل على أن المبيت من مؤكدات أمور الحج والله أعلم) ((التمهيد)) (17/ 263).


من تعجَّل فليس عليه سوى مبيت ليلتين فقط، ويسقط عنه المبيت ورمي الجمرة لليوم الثالث عشر.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ (1) فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
ثانياً: من السنة:
عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام منى ثلاثة: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه)) (2).
ثالثاً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك الماوردي (3)، وابن قدامة (4).
المطلب الثاني: حكم المتعجل إذا غربت عليه الشمس ثاني أيام التشريق
_________
(1) [2799])) قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أن أيام منى هي الأيام المعدودات التي ذكر الله عز وجل في قوله وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ *البقرة: 203* وهي أيام التشريق وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها ... وأيام منى هي أيام رمي الجمار بمنى، وهي واقعة بإجماع على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر) ((التمهيد)) (21/ 233). قال النووي: (وكذا نقل القاضي أبو الطيب والعبدري وخلائق، إجماع العلماء على أن المعدودات هي أيام التشريق) ((المجموع)) (8/ 381). وقال الجصاص: (لا خلاف بين أهل العلم، أن المعدودات أيام التشريق) ((أحكام القرآن)) (1/ 393). وقال ابن كثير: (والقول الأول هو المشهور، وعليه دل ظاهر الآية الكريمة، حيث قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 203* فدلَّ على ثلاثة بعد النحر) ((تفسير القرآن العظيم)) (1/ 561). قال ابن العربي: (ولو كان يوم النحر معدوداً منها لاقتضى مطلق هذا القول لمن نفر في يوم ثاني النحر أن ذلك جائز، ولا خلاف أن ذلك ليس له، فتبين أنه غير معدود فيها لا قرآناً ولا سنة، وهذا منتهى بديع) ((أحكام القرآن)) (1/ 270).
(2) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309) (18795)، وابن خزيمة (4/ 257) (2822)، وابن حبان (9/ 203) (3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638): (لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(3) قال الماوردي: (فإن نفر في اليوم الأول كان جائزا وسقط عنه المبيت بمنى في ليلته، وسقط عنه رمي الجمار من غده، وأصل ذلك الكتاب والسنة، وإجماع الأمة) ((الحاوي الكبير)) (4/ 199).
(4) قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على أن من أراد الخروج من منى شاخصا عن الحرم، غير مقيم بمكة، أن ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 401). قال شمس الدين ابن قدامة: (والمذهب جواز النفر في النفر الأول لكل أحد، وهو قول عامة العلماء؛ لقول الوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) قال عطاء: (هي للناس عامة) ((الشرح الكبير)) (3/ 483).


إذا غربت الشمس على المتعجل وهو بمنى لزمه المبيت والرمي من الغد، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وهو رواية عن أبي حنيفة (4)، وبه قال أكثر أهل العلم (5)، واختاره ابن المنذر (6)، وابن تيمية (7)، والشنقيطي (8)، وابن باز (9) (10).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 203].
وجه الدلالة:
أن اليوم اسم للنهار دون الليل، فيكون من أدركه الليل لم يتعجل في يومين فإن في للظرفية، ولا بد أن يكون أوسع من المظروف، وعليه فلا بد أن يكون الخروج في نفس اليومين (11).
ثانياً: عن عبدالرحمن بن يعمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)) (12).
ثالثاً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم::
1 - عن عمر رضي الله عنه قال: ((من أدركه المساء في اليوم الثاني بمنى فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس)) (13).
_________
(1) لكن الشرط عند المالكية هو نية الخروج من منى قبل الغروب، وفي ذلك يقول الدسوقي: (الحاصل أن المقتضي لوجوب بيات الليلة الثالثة وعدم وجوب بياتها قصد التعجيل وعدم قصده فإن قصد التعجيل فلا يلزمه بيات بها، وإن لم يقصد التعجيل لزمه البيات بها) ((مواهب الجليل)) (4/ 188)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 49)، وينظر: ((الذخيرة)) (3/ 281)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (12/ 224).
(2) ((المجموع)) للنووي (8/ 283).نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 310).
(3) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 401)، ((شرح منتهى الإرادات)) (1/ 591).
(4) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (2/ 34).
(5) ومنهم: عمر، وابن عمر وأبو الشعثاء وعطاء وطاوس وأبان بن عثمان والنخعي وأهل المدينة والثوري وأهل العراق وإسحاق. ((المجموع)) للنووي (8/ 283)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 401)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 476).
(6) ((المجموع)) للنووي (8/ 283).
(7) قال ابن تيمية: (إن شاء تعجل في اليوم الثاني بنفسه قبل غروب الشمس. كما قال تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 203*، فإذا غربت الشمس وهو بمنى أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث) ((مجموع الفتاوى)) (26/ 140، 141).
(8) قال الشنقيطي: (الأظهر عندي حجة الجمهور; لأن الله تعالى قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، ولم يقل في يومين وليلة) ((أضواء البيان)) (4/ 476).
(9) قال ابن باز: (من غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر، وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 386).
(10) ((المجموع)) للنووي (8/ 283).
(11) ((المجموع)) للنووي (8/ 283)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 591)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 361).
(12) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309) (18795)، وابن خزيمة (4/ 257) (2822)، وابن حبان (9/ 203) (3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638): (لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(13) ذكره ابن قدامة في ((المغني)) (3/ 401)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 284). وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 310)


2 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: ((من غربت عليه الشمس في أوسط أيام التشريق وهو بمنى فلا ينفر حتى يرمي الجمار من الغد)) (1).
مسألة: إذا غربت الشمس قبل انفصاله من منى:
إذا غربت الشمس على المتعجل من منى وهو سائر فيها قبل انفصاله منها، فإنه يجوز له التعجل، نص على هذا فقهاء الشافعية (2)، واختاره ابن عثيمين إذا حبسه المسير (3)، لأن ذلك وقع بغير اختياره، ولما في تكليفه من حل الرحل والمتاع من المشقة عليه (4).
المطلب الثالث: بم يحصل المبيت؟
القدر الواجب لمبيت الحاج بمنى، هو أن يمكث أكثر الليل، وهو مذهب المالكية (5)، والشافعية في الأصح (6)، وذلك لأن مسمَّى المبيت لا يحصل إلا بمعظم الليل، كما لو حلف لا يبيت بمكان لم يحنث إلا بمعظم الليل (7).
المطلب الرابع: ما يلزم من ترك المبيت بمنى من غير أصحاب الأعذار
_________
(1) أخرجه مالك في ((الموطأ)) (3/ 596)؛ والبيهقي (5/ 152). قال النووي في ((المجموع)) (8/ 284): (ثابت عن عمر).
(2) قال النووي: (لو رحل فغربت الشمس وهو سائر في منى قبل انفصاله منها فله الاستمرار في السير، ولا يلزمه المبيت ولا الرمي، هذا هو المذهب، وبه قطع الجماهير) ((المجموع)) للنووي (8/ 250، 249)، ((مغني المحتاج)) (1/ 506).
(3) قال ابن عثيمين: (لو أن جماعة حلوا الخيام وحملوا العفش وركبوا، ولكن حبسهم المسير؛ لكثرة السيارات فغربت عليهم الشمس قبل الخروج من منى، فلهم أن يستمروا في الخروج، لأن هؤلاء حبسوا بغير اختيار منهم) ((الشرح الممتع)) (7/ 361)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 296).
(4) ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (3/ 310)، ((الشرح الممتع)) (7/ 361).
(5) [2820])) ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 49)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 815).
(6) [2821])) ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 505)، ((المجموع)) للنووي (8/ 247).
(7) [2822])) ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (3/ 309)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 163).


من بات ليلة واحدة في منى، وترك بقية الليالي منى فعليه أن يتصدق بما تيسَّر، وإن ترك مبيت ليلة الحادي عشر والثاني عشر فعليه دم، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد (1)، واختيار ابن باز (2)، وابن عثيمين (3).
المطلب الخامس: سقوط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل
يسقط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
الأدلة:
ابن عمر أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له (7).
_________
(1) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 36)، (3/ 323).
(2) قال ابن باز: (أمَّا تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته، وإن فدى عن ذلك كان أحوط لما فيه من الخروج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم يرى عليه دما بترك ليلة واحدة من ليلتي الحادي عشر والثاني عشر بغير عذر شرعي) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 386). وقال أيضاً: (من ترك المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر بلا عذر فعليه دم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 150).
(3) سُئل ابن عثيمين: والدتي عجوز ووكلتني برمي الجمار ولم تبت بمنى البارحة واليوم هي موجودة بمنى فهل عليها شيء لعدم مبيتها البارحة؟ فأجاب بقوله: (ليس عليها إلا أن تتصدق بأقل ما يسمَّى صدقة يعني بعشرة ريالات أو ثلاثة ريالات؛ لأنها لم تترك النسك كله فهي تركت ليلة من ليلتين هذا هو القول الراجح، وبعض العلماء يقول: عليها فدية، شاةٌ تُذبح وتوزع على الفقراء، لكن لا وجه لهذا) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 239). وقال أيضاً: (وأن تتصدقوا عن ترك المبيت ليلة الثاني عشر بمنى، ويكون ذلك بمكة يوزع على الفقراء) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 245). وقال ابن عثيمين أيضاً: (المبيت في منى ليالي أيام التشريق واجب، والواجب في تركه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 245).
(4) [2826])) ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 49)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 815).
(5) [2827])) ((المجموع)) للنووي (8/ 247)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 506).
(6) [2828])) ((الفروع)) لابن مفلح (6/ 61)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 497).
(7) رواه البخاري (1634)، ومسلم (1315)


وحديث مالك: رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر (1) (2)
المطلب السادس: حكم المبيت خارج منى بسب أعذار أخرى غير أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل
_________
(1) رواه أبو داود (1975)، والترمذي (955)، وابن ماجه (2481)، وأحمد (5/ 450) (23826)، ومالك في ((الموطأ)) (3/ 598)، والدارمي (2/ 86) (1897)، والحاكم (1/ 652)، والبيهقي (5/ 150) (9955). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 651)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1975)
(2) [2831])) قال ابن عبدالبر: (فغير جائز عند الجميع إلا للرعاء على ما في حديث أبي البداح هذا عن أبيه ولمن ولي السقاية من آل العباس، ولا خلاف بين العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن في حجته المبيت بمنى ليالي التشريق، وكذلك قال جماعة من أهل العلم، منهم مالك وغيره أن الرخصة في المبيت عن منى ليالي منى إنما ذلك للرعاء وللعباس وولده خاصة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاهم عليها وأذن لهم في المبيت بمكة من أجل شغلهم في السقاية، وكان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى بمكة، كما أرخص لرعاء الإبل في المبيت عن منى أيام منى في إبلهم من أجل حاجتهم إلى رعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن منى، فلا يجوز لأحد غيرهم ذلك من سائر الحاج) ((التمهيد)) (17/ 259).


يجوز المبيت خارج منى، لمن كان له عذر آخر غير السقاية والرعي، وتسقط عنه الفدية، والإثم، وذهب إلى ذلك الشافعية (1)، وبعض الحنابلة (2)، وهو اختيار ابن باز (3)، وابن عثيمين (4).
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل تنبيها على غيرهم, أو نقول: نص عليه لمعنى وُجِد في غيرهم , فوجب إلحاقه بهم (5).
المطلب السابع: حكم المبيت لمن لم يجد مكاناً مناسباً في منى
_________
(1) [2832])) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 199)، ((المجموع)) للنووي (8/ 246 - 248).
(2) [2833])) ((الفروع)) لابن مفلح (6/ 61)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 510).
(3) [2834])) قال ابن باز: (المبيت في منى يسقط عن أصحاب الأعذار كالسقاة والمريض الذي يشق عليه المبيت في منى، لكن يشرع لهم أن يحرصوا في بقية الأوقات على المكث بمنى مع الحجاج؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إذا تيسر ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 149). وقال أيضا: (يُرخَّص للسقاة والرعاة والعاملين على مصلحة الحجاج أن يتركوا المبيت في منى، ويؤخروا الرمي لليوم الثالث إلا يوم النحر، فالمشروع للجميع فعله وعدم تأخيره) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 149).
(4) [2835])) قال ابن عثيمين: (إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج، وهذا عمل عام، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج، ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود الإطفاء، وما أشبه ذلك، فهؤلاء ليس عليهم مبيت؛ لأن الناس في حاجة إليهم. وأما من بهم عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه، ذلك فهل يلحقون بهؤلاء؟ على قولين للعلماء: فمن العلماء من يقول: إنهم يُلحقون لوجود العذر. ومن العلماء من يقول: إنهم لا يلحقون؛ لأن عذر هؤلاء خاص، وعذر أولئك عام. والذي يظهر لي أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء كمثل إنسان مريض احتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشرة واثنتي عشرة فلا حرج عليه، ولا فدية لأن هذا عذر، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس رضي الله عنهما مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف، يعني ليس وجوبها بذلك الوجوب المحتَّم، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه، وإنما يتصدق بشيء يعني عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الحال) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 237 - 238). وقال أيضاً: (أهل السقاية أي: سقاية الحجاج من زمزم، والرعاية رعاية إبل الحجاج، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم؛ لأن بقاءها في منى فيه تضييق، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي، وقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل) ((الشرح الممتع)) (7/ 390 - 391).
(5) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 256).


من لم يجد مكاناً مناسباً (1) للمبيت في منى، اختلف فيه أهل العلم على قولين:
القول الأول: يجب عليه أن يبيت في أقرب مكان يلي منى، وهو قول ابن عثيمين (2).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
1 - قوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].
2 - قوله سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
ثانياً: القياس:
قياس امتلاء منى على امتلاء المسجد، فإن المسجد إذا امتلأ وجب على الناس أن يصلوا حوله لتتصل الصفوف حتى يكونوا جماعة واحدة والمبيت نظير هذا (3).
ثالثاً: المقصود من المبيت أن يكون الناس مجتمعين أمة واحدة، فالواجب أن يكون الإنسان عند آخر خيمة حتى يكون مع الحجيج (4).
القول الثاني: له أن يبيت خارج منى في مزدلفة أو العزيزية أو غيرهما، ولا شيء عليه، وهو قول ابن باز (5).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (6) [التغابن: 16]
ثانياً: من السنة:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (7).
والحاج إذا اجتهد في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها (8).
المبحث الثاني: ذكر الله عز وجل في أيام منى
يُسنُّ ذكر الله عز وجل في أيام منى.
الدليل:
عن نبيشة الهذلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)) (9).
_________
(1) على الحاج أن يجتهد في إيجاد مكان للمبيت في منى، فإن لم يجد مكاناً فلا يلزمه المبيت على الأرصفة والشوارع. قال ابن باز: (إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* ولا فدية عليه من جهة ترك المبيت في منى؛ لعدم قدرته عليه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362). وسئل عن المكان الذي يُجلس فيه، هل يكون على الأرصفة أو السيارة؟ فقال: (لا يجلس في مكان خطر، إن تيسر المكان المناسب وإلا يخرج) ((من شرح ابن باز لبلوغ المرام – منقول من كتاب النوزل في الحج)) لعلي الشلعان (ص: 460). وقال ابن عثيمين: (فالواجب على الإنسان أن يبحث عن مكان في منى قبل أن ينزل في مزدلفة، فإذا لم يجد مكاناً فلينزل في مزدلفة، ويبقى فيها، ولا يلزمه أن يذهب إلى منى يدور فيها بسيارته معظم الليل أو يجلس على الأرصفة بين السيارات، وقد يكون ذلك خطراً عليه فنقول: إذا لم تجد مكاناً في منى، فاجلس في مزدلفة، عند منتهى الخيام، ولا يلزمك شيء مادمت بحثت عن مكان ولم تجد، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 241).
(2) قال ابن عثيمين: (إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فلينزل حيث انتهت الخيام، أما إذا كان يجد مكاناً فإن الواجب أن يبيت فيها) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 240). وقال أيضا: (سئلت عن الحاج لا يجد مكاناً في منى هل يجزئه أن يبيت خارج منى؟ فأجبت: بأنه لا حرج عليه أن يبيت خارج منى، لكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج، لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ولكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج، كالجماعة إذا امتلأ المسجد يصفون عند نهاية الصفوف، ويكون لهم حكم المصلين داخل المسجد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 240).
(3) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 254).
(4) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 254).
(5) قال ابن باز: (المبيت في منى واجب من واجبات الحج، على كل حاج مع القدرة إلا السقاة والرعاة ومن في حكمهما، فمن عجز عن ذلك فلا شيء عليه؛ لقوله الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* وبذلك يعلم أن من لم يجد مكاناً في منى فله أن ينزل خارجها في مزدلفة والعزيزية أو غيرهما) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 363).
(6) قال ابن باز: (إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* ولا فدية عليه من جهة ترك المبيت في منى؛ لعدم قدرته عليه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362).
(7) رواه البخاري (7288)، ومسلم (1337)
(8) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362).
(9) [2845])) رواه مسلم (1141)


الفصل الثاني: رمي الجمار أيام التشريق
تمهيد
يرمي الحاجُ في أيام التشريق: الجمرة الصغرى، ثم الجمرى الوسطى، ثم الجمرى الكبرى، كل جمرة بسبع حصيات، وذلك في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فبعد زوال الشمس)) (1).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالى أيام التشريق، يرمى الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع، ويرمى الثالثة ولا يقف عندها)) (2).
ثانياً: الإجماع:
نقله ابن عبدالبر (3)، وابن رشد (4).
المبحث الأول: وقت الرمي في أيام التشريق
المطلب الأول أول وقت الرمي في أيام التشريق:
_________
(1) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1746)، ومسلم (1299).
(2) رواه أبو داود (1973)، وأحمد (6/ 90) (24636)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 274)، وابن حبان (9/ 180) (3868)، والحاكم (1/ 651)، والبيهقي (5/ 148) (9941). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 141)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح إلا قوله: (حين صلى الظهر) فهو منكر.
(3) قال ابن عبدالبر: (أجمع العلماء على أن أيام التشريق كلها أيام رمي وهي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر) ((التمهيد)) (17/ 254).
(4) قال ابن رشد: (أجمعوا على أنه يعيد الرمي إذا لم تقع الحصاة في العقبة وأنه يرمي في كل يوم من أيام التشريق ثلاث جمار بواحد وعشرين حصاة كل جمرة منها بسبع) ((بداية المجتهد)) (1/ 353).


لا يصح الرمي في أيام التشريق قبل زوال الشمس (1)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وهو ظاهر المروي عن أبي حنفية في غير يوم النفر (5)، واختاره الكمال ابن الهمام (6)، والشنقيطي (7)،
_________
(1) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من رمي الجمار في أيام التشريق بعد زوال الشمس أن ذلك يجزئه) ((الإجماع)) (ص: 58). وقال ابن حزم: (اتفقوا أن ثلاثة أيام بعد يوم النحر هي أيام رمي الجمار، وأن من رماها فيها بعد الزوال أجزأه) ((مراتب الإجماع)) (ص: 46). وقال ابن عبدالبر: (وأما الجمار التي ترمى في أيام منى بعد يوم النحر فأجمع علماء المسلمين أن وقت الرمي في غير يوم النحر بعد زوال الشمس) وقال أيضاً: (أجمعوا أن وقت رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة التي هي أيام منى بعد يوم النحر وقت الرمي فيما بعد زوال الشمس إلى غروب الشمس) ((التمهيد)) (17/ 254). وينظر (7/ 272)، ((الاستذكار)) (4/ 353).
(2) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (1/ 376)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 545).
(3) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 194)، ((المجموع)) للنووي (8/ 235).
(4) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 399)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 589).
(5) الرواية الظاهرة عن أبي حنيفة أنه لا يجوز عنده الرمي قبل الزوال إلا من تعجل يوم النفر، فيكره له ذلك، وخالفه صاحباه، فلا يجوز الرمي عندهما إلا بعد الزوال في جميع الأيام. ((بدائع الصنائع)) (2/ 137)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و ((حاشية الشلبي)) (2/ 35).
(6) قال الكمال ابن الهمام: (لا شك أن المعتمد في تعيين الوقت للرمي في الأول من أول النهار وفيما بعده من بعد الزوال ليس إلا فعله - عليه الصلاة والسلام - وكذلك مع أنه غير معقول، فلا يدخل وقته قبل الوقت الذي فعله فيه عليه الصلاة والسلام، وإنما رمى عليه الصلاة والسلام في الرابع بعد الزوال فلا يرمي قبله، وبهذا الوجه يندفع المذكور لأبي حنيفة لو قرر بطريق القياس على اليوم الأول لا إذا قرر بطريق الدلالة، والله سبحانه وتعالى أعلم) ((فتح القدير)) (2/ 499).
(7) قال الشنقيطي: (بهذه النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تعلم أن قول عطاء، وطاوس بجواز الرمي في أيام التشريق قبل الزوال، وترخيص أبي حنيفة في الرمي يوم النفر قبل الزوال، وقول إسحاق: إن رمى قبل الزوال في اليوم الثالث أجزأه، كل ذلك خلاف التحقيق؛ لأنه مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه المعتضد بقوله: ((لتأخذوا عني مناسككم))، ولذلك خالف أبا حنيفة في ترخيصه المذكور صاحباه محمد، وأبو يوسف، ولم يرد في كتاب الله، ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يخالف ذلك، فالقول بالرمي قبل الزوال أيام التشريق لا مستند له البتة، مع مخالفته للسنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي لأحد أن يفعله، والعلم عند الله تعالى) ((أضواء البيان)) (4/ 464) ..


وابن باز (1)، وابن عثيمين (2) (3).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((رمى النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال)) (4).
وجه الدلالة:
أن في الرمي قبل الزوال مخالفة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه، والذي اعتضد بقوله: ((لتأخذوا مناسككم)) (5)، كما أن فعله صلى الله عليه وسلم في المناسك وقع بياناً لمجمل الكتاب فيكون واجباً، فلا يخرج عن ذلك إلا بدليل (6).
2 - عن عائشة قالت: ((أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالى أيام التشريق يرمى الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع، ويرمى الثالثة ولا يقف عندها)) (7).
وجه الدلالة:
أن هذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرتقب الزوال ارتقاباً تامًّا، فبادر من حين زالت الشمس قبل أن يصلي الظهر (8).
3 - عن وبرة، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما، متى أرمي الجمار؟ قال: ((إذا رمى إمامك، فارمه))، فأعدت عليه المسألة، قال: ((كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا)) (9).
وجه الدلالة:
أنه أعلم السائل بما كانوا يفعلونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يتحينون ذلك مما يدل على تحتمه ولزومه (10).
_________
(1) قال ابن باز: (لا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة قبل الزوال ليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند أكثر أهل العلم، وهو الحق الذي لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني مناسككم))، فالواجب على المسلمين اتباعه في ذلك كما يلزم اتباعه في كل ما شرع الله وفي ترك كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا *الحشر: 7*، وقوله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ *الممتحنة: 6*، والآيات في هذا المعنى كثيرة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 300، 372). وقال أيضاً: (لا يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن لم يتعجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وقال: ((خذوا عني مناسككم))، ولأن العبادات توقيفية، لا يجوز فيها إلا ما أقره الشرع المطهر .. ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 143، 144).
(2) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 147).
(3) روي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه وبه قال والأوزاعي والثوري وأبو ثور. ((التمهيد)) (7/ 272)، ((الاستذكار)) (4/ 353)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 476).
(4) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1746)، ومسلم (1299).
(5) رواه مسلم (1297)
(6) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 464).
(7) رواه أبو داود (1973)، وأحمد (6/ 90) (24636)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 274)، وابن حبان (9/ 180) (3868)، والحاكم (1/ 651)، والبيهقي (5/ 148) (9941). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 141)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): (صحيح إلا قوله: "حين صلى الظهر" فهو منكر).
(8) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 147).
(9) رواه البخاري (1746)
(10) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 463).


ثانياً: عن عبدالله بن عمر كان يقول: ((لا ترمى الجمار في الأيام الثلاثة حتى تزول الشمس)) (1) (2).
ثالثاً: أنه لو كان الرمي جائزاً قبل زوال الشمس لفعله النبيُّ عليه الصلاة والسلام، لما فيه مِنْ فعل العبادة في أول وقتها، ولما فيه من التيسير على العباد؛ فإن الرمي في الصباح أيسر على الأمة؛ لأنه بعد الزوال يشتد الحر، ويشق على الناس، فلا يمكن أن يختار النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأشد ويدع الأخف، فإنه ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً (3).
رابعاً: أن هذا بابٌ لا يعرف بالقياس، بل بالتوقيت من الشارع، فلا يجوز العدول عنه (4).
رابعاً: أنه كما لا يجزئ فعلُ الرمي في غير المكان الذي رمى فيه عليه الصلاة والسلام، فإنه لا يجزئ كذلك في غير الوقت الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم (5).
المطلب الثاني تأخير الرمي:
يصح تأخير رمي كل يوم إلى اليوم الثاني إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وكذا تأخير الرمي كله إلى اليوم الثالث عشر، ويرميه مرتبا: رمي اليوم الأول، ثم رمي اليوم الثاني، وهكذا، وهذا مذهب الشافعية (6)، والحنابلة (7)، واختاره الشنقيطي (8)، وابن باز (9).
الأدلة:
أولاً من السنة:
عن عاصم بن عدي العجلاني رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل، أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً)) وفي لفظ: ((رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغداة، ومن بعد الغداة ليومين، ثم يرمون يوم النفر)) (10).
وجه الدلالة:
أن إذن النبي صلى الله عليه وسلم في فعلها في وقت دليل على أن ذلك الوقت من أجزاء وقت تلك العبادة الموقتة; لأنه ليس من المعقول أن تكون هذه العبادة موقتة بوقت معين ينتهي بالإجماع في وقت معروف، ويأذن النبي صلى الله عليه وسلم في فعلها في زمن ليس من أجزاء وقتها المعين لها (11).
_________
(1) رواه مالك في ((الموطأ)) (3/ 598)
(2) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 353).
(3) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 147)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 353).
(4) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (/138)، ((حاشية الشلبي)) (2/ 35).
(5) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 499)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 545).
(6) ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 108)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/ 315).
(7) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 590)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 510).
(8) قال الشنقيطي: (التحقيق في هذه المسألة أن أيام التشريق كاليوم الواحد بالنسبة إلى الرمي، فمن رمى عن يوم منها في يوم آخر منها أجزأه، ولا شيء عليه، كما هو مذهب أحمد، ومشهور مذهب الشافعي، ومن وافقهما). وقال أيضاً: (التحقيق أن أيام الرمي كلها كاليوم الواحد، وأن من رمى عن يوم في الذي بعده، لا شيء عليه لإذن النبي صلى الله عليه وسلم للرعاء في ذلك، ولكن لا يجوز تأخير يوم إلى يوم آخر إلا لعذر، فهو وقت له، ولكنه كالوقت الضروري) ((أضواء البيان)) (4/ 468،470).
(9) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 145).
(10) رواه أبو داود (1975)، والترمذي (955)، وابن ماجه (2481)، وأحمد (5/ 450) (23826)، ومالك في ((الموطأ)) (3/ 598)، والدارمي (2/ 86) (1897)، والحاكم (1/ 652)، والبيهقي (5/ 150) (9955). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 651)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود))
(11) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 469).


ثانياً: أن أيام التشريق كلها وقت للرمي فإذا أخره عن أول وقته إلى آخره أجزأه، كتأخير وقوف بعرفة إلى آخر وقته (1).
ثالثاً: أنه لو كانت بقية الأيام غير صالحة للرمي لم يفترق الحال فيها بين المعذور وغيره كما في الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة (2).
رابعاً: القياس على الصلاة فإن فعلها في آخر وقتها الضروري هو أداء، أما القضاء في اصطلاح الفقهاء والأصوليين: فإنه لا يطلق إلا على ما فات وقته بالكلية (3).
المطلب الثالث: نهاية وقت الرمي:
ينتهي وقت الرمي أداء وقضاء بغروب شمس آخر يوم من أيام التشريق.
دليل ذلك:
الإجماع:
نقله ابن عبدالبر (4)، وابن رشد (5)، والنووي (6)، والقرطبي (7)، وابن تيمية (8)، وحكاه أبو العباس السروجي عن الأئمة (9).
المبحث الثاني: النفر الأول إذا رمى الجمار ثاني أيام التشريق
إذا رمى الحاجُ الجمارَ ثاني أيام التشريق (10)، فيجوز له أن ينفر إن أحب التعجل في الانصراف من منى، هذا هو النفر الأول، وبذلك يسقط عنه المبيت ورمي اليوم الأخير.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
ثانياً: من السنة:
_________
(1) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 590).
(2) ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/ 315).
(3) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 469).
(4) قال ابن عبدالبر: (أجمع العلماء على أن من فاته رمي ما أمر برميه من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر وهو الثالث من أيام التشريق، فقد فاته وقت الرمي، ولا سبيل له إلى الرمي أبداً، ولكن يجبره بالدم أو بالطعام على حسب ما للعلماء في ذلك من الأقاويل) ((التمهيد)) (17/ 255).
(5) قال ابن رشد: (أجمعوا على أن من لم يرم الجمار أيام التشريق حتى تغيب الشمس من آخرها أنه لا يرميها بعد) ((بداية المجتهد)) (1/ 353).
(6) ((المجموع)) للنووي (8/ 239).
(7) قال القرطبي: (لا سبيل عند الجميع إلى رمى ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر، وهو الثالث من أيام التشريق) ((تفسير القرطبي)) (3/ 7).
(8) قال ابن تيمية: (أما رمي الجمار فلا يجوز بعد أيام التشريق، لا نزاع نعلمه، بل على من تركها دم، ولا يجزئ رميُها بعد ذلك) ((نقد مراتب الإجماع)) (ص: 293).
(9) قال أبو العباس السروجي في ((الغاية)): (ويفوت الرمي بخروج أيام التشريق عند الأئمة وعن عطاء: يرميها ما لم يطلع الفجر من اليوم الرابع عشر فإن طلع الفجر، ولم يرق أراق دماً، كقول الجماعة، وفي الإسبيجابي: لا يرمي ليلة الرابع عشر لانقضاء وقته بغروب الشمس) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (2/ 35).
(10) وهو يوافق ثالث أيام منى؛ فإن المراد باليومين اللذين أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما هما ثاني وثالث العيد؛ لأن يوم العيد يوم الحج الأكبر، وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تلي يوم العيد،، وبه يظهر خطأ بعض الناس في تعجلهم يوم الحادي عشر. ((مجلة البحوث الإسلامية)) (13/ 88)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 386).


عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام منى ثلاثة: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)) (1).
ثالثاً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابن قدامة (2)، والماوردي (3).
المبحث الثالث: النفر الثاني إذا رمى الجمار ثالث أيام التشريق:
التأخير إلى ثالث أيام التشريق أفضل، فإذا رمى الحاج الجمار في اليوم الثالث من أيام التشريق بعد الزوال انصرف من منى إلى مكة، ويسمى النفر الثاني، وهو آخر أيام التشريق، وبه تنتهي مناسك منى.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
ثانياً: من السنة:
1 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة، إذا زالت الشمس)) (4).
2 - عن عبدالرحمن بن يعمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال: ((أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)) (5).
3 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ((صلى الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ورقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت، فطاف به)) (6).
4 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه كان إذا أقبل بات بذي طوى حتى إذا أصبح دخل، وإذا نفر مر بذي طوى، وبات بها حتى يصبح. وكان يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك)) (7).
وجه الدلالة من الحديثين:
_________
(1) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309) (18795)، وابن خزيمة (4/ 257) (2822)، وابن حبان (9/ 203) (3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي: ((حسن صحيح))، وقال الحاكم: (صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638): (لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(2) قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على أن من أراد الخروج من منى شاخصاً عن الحرم، غير مقيم بمكة، أن ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق.) ((المغني)) (3/ 401).
(3) قال الماوردي: (فإن نفر في اليوم الأول كان جائزاً وسقط عنه المبيت بمنى في ليلته، وسقط عنه رمي الجمار من غده، وأصل ذلك الكتاب والسنة، وإجماع الأمة) ((الحاوي الكبير)) (4/ 199).
(4) رواه أبو داود (1973)، وأحمد (6/ 90) (24636)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 274)، وابن حبان (9/ 180) (3868)، والحاكم (1/ 651)، والبيهقي (5/ 148) (9941). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 141)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): (صحيح إلا قوله: "حين صلى الظهر" فهو منكر).
(5) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309) (18795)، وابن خزيمة (4/ 257) (2822)، وابن حبان (9/ 203) (3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638): (لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(6) رواه البخاري (1764)
(7) رواه البخاري (1573)، ومسلم (1259)


أن ذلك إنما كان في ليلة الحصبة بعد النفر من منى.
ثالثاً: الإجماع: نقله الماوردي (1)، وابن حزم (2)، وابن عبدالبر (3)، والنووي (4).
رابعاً: أن المقام مقام كمال؛ أما التعجيل فهو رخصة، وفيه ترفه بترك بعض الأعمال (5).
_________
(1) قال الماوردي: (أصل ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة). ((الحاوي الكبير)) (4/ 199).
(2) قال ابن حزم: (الأيام المعدودات والمعلومات واحدة, وهي يوم النحر, وثلاثة أيام بعده لقول الله تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 1203*، والتعجيل المذكور والتأخير المذكور إنما هو بلا خلاف من أحد في أيام رمي الجمار) ((المحلى)) (7/ 275 رقم 914).
(3) قال ابن عبدالبر: (لا خلاف أن أيام منى ثلاثة أيام، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم) ((الاستذكار)) (4/ 339).
(4) قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب يجوز النفر في اليوم الثاني من التشريق، ويجوز في الثالث، وهذا مجمع عليه لقوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 203*) ((المجموع)) للنووي (8/ 249).
(5) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 199).