الموسوعة
الفقهية الدرر السنية * حكمة مشروعية
الخيار:
الخيار في البيع من محاسن الإسلام، إذ قد يقع البيع بغتة من غير تفكير ولا
تأمل ولا نظر في القيمة فيندم المتبايعان أو أحدهما، من أجل ذلك أعطى
الإسلام فرصة للتروي تسمى الخيار يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما
تناسب كلا منهما من إمضاء البيع أو فسخه.
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((البيعان بالخيار ما لما يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا
بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2079)، واللفظ له، ومسلم برقم (1532).
* أقسام الخيار:
للخيار عدة أقسام ومنها:
1 - خيار المجلس: ويثبت في البيع والصلح والإجارة وغيرها من المعاوضات التي
يقصد منها المال، وهو حق للمتبايعين معاً، ومدته من حين العقد إلى التفرق
بالأبدان، وإن أسقطاه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، فإذا تفرقا
لزم البيع، وتحرم الفرقة من المجلس خشية أن يستقيله.
2 - خيار الشرط: بأن يشترط المتبايعان أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة
فيصح ولو طالت، ومدته من حين العقد إلى أن تنتهي المدة المشروطة، وإذا مضت
مدة الخيار ولم يفسخ المشترط المبيع لزم البيع، وإن قطعا الخيار أثناء
المدة بطل؛ لأن الحق لهما.
3 - خيار اختلاف المتبايعين: كما لو اختلفا في قدر الثمن، أو عين البيع، أو
صفته، ولم تكن بينة فالقول قول البائع مع يمينه، ويخير المشتري بين القبول
أو الفسخ.
4 - خيار العيب: وهو ما ينقص قيمة المبيع، فإذا اشترى سلعة ووجد بها عيباً
فهو بالخيار، إما أن يردها ويأخذ الثمن، أو يمسكها ويأخذ أرش العيب، فتقوّم
السلعة سليمة ثم تقوّم معيبة ويأخذ الفرق بينهما، وإن اختلفا عند من حدث
العيب كعرج، وفساد طعام فقول بائع مع يمينه، أو يترادان.
5 - خيار الغبن: وهو أن يغبن البائع أو المشتري في السلعة غبناً يخرج عن
العادة والعرف، وهو محرم، فإذا غُبن فهو بالخيار بين الإمساك والفسخ، كمن
انخدع بمن يتلقى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان
يجهل القيمة ولا يحسن المماكسة في البيع فله الخيار.
6 - خيار التدليس: وهو أن يظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية
منه، مثل إبقاء اللبن في الضرع عند البيع ليوهمه بكثرة اللبن ونحو ذلك،
وهذا الفعل محرم، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، فإذا
حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن.
7 - خيار الإخبار بالثمن متى بان خلاف الواقع أو بان أقل مما أخبر به،
فللمشتري الخيار بين الإمساك وأخذ الفرق، أو الفسخ، كما لو اشترى قلماً
بمائة، فجاءه رجل وقال: بعنيه برأس ماله، فقال: رأس ماله مائة وخمسون،
فباعه عليه، ثم تبين كذب البائع فللمشتري الخيار، ويثبت هذا الخيار في
التولية والشركة والمرابحة والمواضعة، ولا بد في جميعها من معرفة البائع
والمشتري رأس المال.
8 - إذا ظهر أن المشتري معسر أو مماطل فللبائع الفسخ إن شاء حفاظاً على
ماله.
* خطر الغش:
الغش محرم في كل شيء، ومع كل أحد، وفي أي معاملة، فهو محرم في المعاملات
كلها، ومحرم في الأعمال المهنية، ومحرم في الصناعات، ومحرم في العقود
والبيوع وغيرها؛ لما فيه من الكذب والخداع، ولما يسببه من التشاحن
والتناحر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حمل
علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا)). أخرجه مسلم (1).
* الإقالة: هي فسخ العقد ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له، وتجوز بأقل أو
أكثر منه.
* الإقالة سنة للنادم من بائع ومشتر، وهي سنة في حق المقيل، مباحة في حق
المستقيل، وتشرع إذا ندم أحد المتبايعين، أو زالت حاجته بالسلعة، أو لم
يقدر على الثمن ونحو ذلك.
* الإقالة من معروف المسلم على أخيه إذا احتاج إليها، رغب فيها النبي صلى
الله عليه وسلم بقوله: ((من أقال مسلماً أقاله الله عثرته يوم القيامة)).
أخرجه أبو داود وابن ماجه (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (102).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3460)، صحيح سنن أبي داود رقم (2954).
وأخرجه ابن ماجه برقم (2199)، وهذا لفظه، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1786).
3 - السلم
• * شروط صحة السلم:.
• * مسائل تتعلق بالبيع والشراء:.
• 4 - بيع العربون:.
* شروط صحة السلم:
يشترط له شروط زائدة على شروط البيع لضبطه وهي: العلم بالمسلم به، والعلم
بالثمن، وقبضه في مجلس العقد، وأن يكون المسلم فيه في الذمة، وصفه صفة تنفي
عنه الجهالة، ذكر أجله ومكان حلوله.
* مسائل تتعلق
بالبيع والشراء:
1 - التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع، بحيث لا يظلم المالك ولا يرهق
المشتري.
* يحرم التسعير إذا تضمن ظلم الناس، أو إكراههم بغير حق بشيء لا يرضونه، أو
منعهم مما أباح الله لهم.
* يجوز التسعير إذا كانت لا تتم مصلحة الناس إلا به كأن يمتنع أصحاب السلع
من بيعها إلا بزيادة مع حاجة الناس إليها، فتسعر بقيمة المثل لا ضرر ولا
ضرار.
2 - الاحتكار: هو شراء السلع وحبسها لتقل بين الناس فيرتفع سعرها.
* الاحتكار حرام؛ لما فيه من الجشع والطمع والتضييق على الناس، ومن احتكر
فهو خاطئ.
3 - التورق: إذا احتاج الإنسان إلى نقد ولم يجد من يقرضه فيجوز أن يشتري
سلعة إلى أجل ثم يبيعها على غير الأول وينتفع بثمنها.
4 - بيع العربون:
هو بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع على أنه إن أخذ
السلعة احتسب المبلغ من ثمنها، وإن تركها فالمبلغ المدفوع للبائع الذي هو
العربون، وهذا البيع جائز إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدد.
4 - الربا
• * حكم الربا:.
• * عقوبة الربا:.
• * أقسام الربا:.
• * أحكام ربا الفضل:.
• * كيف يتخلص من الأموال الربوية:.
• * حكم بيع الصرف والأوراق المالية:.
* حكم الربا:
1 - الربا من كبائر الذنوب، وهو محرم في جميع الأديان السماوية؛ لما فيه من
الضرر العظيم، فهو يسبب العداوة بين الناس، ويؤدي إلى تضخم المال على حساب
سلب مال الفقير، وفيه ظلم للمحتاج، وتسلط الغني على الفقير، وإغلاق باب
الصدقة والإحسان، وقتل مشاعر الشفقة في الإنسان.
2 - والربا أكل لأموال الناس بالباطل، وفيه تعطيل للمكاسب والتجارة
والصناعات التي يحتاجها الناس، فالمرابي يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة
والمصالح التي ينتفع بها الناس، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره
إلى قلة، والربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه.
* عقوبة الربا:
الربا من أعظم الذنوب، وقد أعلن الله عز وجل الحرب على آكل الربا وموكله من
بين سائر الذنوب:
1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ
لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ
تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)
(البقرة/278 - 279).
2 - عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل
الربا، وموكله وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. أخرجه مسلم (1).
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتنبوا
السبع الموبقات)) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله،
والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم،
والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)). متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1598).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766)، واللفظ له، ومسلم برقم (89).
* أقسام الربا:
1 - ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل
كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة مثلاً.
* ومنه قلب الدين على المعسر، بأن يكون له مال مؤجل على رجل، فإذا حل الأجل
قال له: أتقضي أم تربي، فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في
المال، فيتضاعف المال في ذمة المدين، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه
الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، وهو أخطر أنواع الربا، لعظيم ضرره، وقد
اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض.
1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) (آل عمران/130).
2 - قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى
مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
(البقرة/280).
* ومنه ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما،
أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب، والبر بالبر ونحوهما، وكذا بيع جنس بآخر
من هذه الأجناس مؤجلاً.
2 - ربا الفضل: وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وهو
محرم، وقد نص الشرع على تحريمه في ستة أشياء، كما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير،
والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا
اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)). أخرجه مسلم (1).
* يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة: في الذهب والفضة
(الثمنية)، وفي الأربعة الباقية (الكيل والطعم) (أو الوزن والطعم).
* المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان أهل مكة، وما لم يوجد فيهما يرجع
فيه إلى العرف، وكل شيء حرم فيه ربا الفضل حرم فيه ربا النسيئة.
3 - ربا القرض: وصفته أن يقرض الإنسان أحداً شيئاً ويشترط عليه أن يرد أفضل
منه، أو يشترط عليه نفعاً ما، نحو أن يسكنه داره شهراً مثلاً، وهو حرام،
فإن لم يشترط وبذل المقترض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجر.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1587).
* أحكام ربا الفضل:
1 - إذا كان البيع في جنس واحد ربوي حرم فيه التفاضل والنساء كأن يبيع أحد
ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما، فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في
الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق البدلين في الجنس والعلة.
2 - إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس حرم
النساء وجاز التفاضل كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز
البيع مع التفاضل إذا كان القبض في الحال يداً بيد؛ لأنهما اختلفا في
الجنس، واتحدا في العلة.
3 - إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنساء
كأن يبيع طعاماً بفضة، أو طعاماً بذهب ونحوهما، فيجوز التفاضل والتأجيل؟
لاختلاف البدلين في الجنس والعلة.
4 - إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة كأن يبيع
بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحوهما فيجوز التفاضل والتأجيل.
* لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة،
فلا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم.
* لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً؛ لأجل الصنعة في
أحد العوضين، لكن يبيع ما معه بالدراهم ثم يشتري المصوغ.
* الفوائد التي تأخذها البنوك اليوم على القروض من الربا المحرم، والفوائد
التي تدفعها البنوك مقابل الإيداع ربا لا يحل لأحد أن ينتفع به بل يتخلص
منه.
* يجب على المسلمين إذا احتاجوا الإيداع والتحويل بواسطة البنوك الإسلامية،
فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها لكن بدون فائدة، والتحويل من
غيرها ما لم يخالف الشرع.
* يحرم على المسلمين العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا، والمال
الذي يأخذه العامل فيه سحت يعاقب عليه.
* كيف يتخلص من
الأموال الربوية:
الربا من أعظم الذنوب، وإذا منّ الله على المرابي وتاب إلى الله عز وجل وله
وعنده أموال مجتمعة من الربا ويريد التخلص منها فلا يخلو من حالين:
1 - أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه فهنا يأخذ رأس ماله ويترك ما
زاد عليه من الربا.
2 - أن تكون أموال الربا مقبوضة عنده فلا يردها على أصحابها ولا يأكلها؛
لأنها كسب خبيث، ولكن يتخلص منها بالتبرع بها، أو جعلها في مشاريع خيرية
تخلصاً منها.
* لا ربا في الحيوان ما دام حياً، وكذا كل معدود، فيجوز بيع البعير
بالبعيرين والثلاثة، فإذا صار موزوناً أو مكيلاً جرى فيه الربا، فلا يجوز
بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم الغنم، ويجوز بيع كيلو من لحم الغنم
بكيلوين من لحم البقر؛ لاختلاف الجنس إذا حصل التقابض في الحال.
* يجوز شراء الذهب للقنية، أو لقصد الربح كأن يشتريه حينما ينخفض سعره،
ويبيعه عندما يزيد سعره.
* حكم بيع الصرف
والأوراق المالية:
الصرف: هو بيع نقد بنقد سواء اتحد الجنس أو اختلف، وسواء كان النقد من
الذهب والفضة، أو من الأوراق النقدية المتعامل بها الآن فهي تأخذ حكم الذهب
والفضة لاشتراكهما في الثمنية.
* إذا باع نقداً بجنسه كذهب بذهب، أو ورق نقدي بجنسه كريال بريال ورقي أو
معدني وجب التساوي في المقدار والتقابض في المجلس.
* وإن باع نقداً بنقد من غير جنسه كذهب بفضة، أو ريالات ورقية سعودية
بدولارات أمريكية مثلاً جاز التفاضل في المقدار، ووجب التقابض في المجلس.
* إذا افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض صح العقد فيما قبض وبطل فيما
لم يقبض كأن يعطيه ديناراً ليصرفه بعشرة دراهم، فلم يجد إلا خمسة دراهم
فيصح العقد في نصف الدينار، ويبقى نصفه أمانة عند البائع.
|