الموسوعة
الفقهية الدرر السنية 23 - الوقف
• * حكمة مشروعية الوقف:.
• * حكم الوقف:.
• * شروط صحة الوقف:.
• * كيف يُكتب الوقف:.
• * أفضل أبواب الوقف:.
* حكمة مشروعية
الوقف:
يرغب من وسع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات،
ويكثروا من القربات فيجعلوا شيئاً من أموالهم العينية مما يبقى أصله وتستمر
منفعته وقفاً؛ خشية أن يؤول بعد الموت إلى من لا يحفظه ولا يصونه، لذا شرع
الله الوقف.
* حكم الوقف:
الوقف مستحب، وهو من أفضل الصدقات التي حث الله تعالى عليها، وأجل أعمال
القُرَب والبر والإحسان وأعمها وأكثرها فائدة، وهو من الأعمال التي لا
تنقطع بعد الموت.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات
الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به،
أو ولد صالح يدعُو له)). أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1631).
* شروط صحة الوقف:
1 - أن يكون في عين معلومة يُنتفع بها مع بقاء عينها.
2 - أن يكون على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء.
3 - أن يقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو شخص كزيد مثلاً، أو صنف
كالفقراء.
4 - أن يكون مُنَجَّزاً غير مؤقت ولا معلق إلا إذا علقه بموته.
5 - أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه.
* ينعقد الوقف بالقول كأن يقول: وَقَّفت، وحَبَّست، وسَبَّلت ونحوها. ويصح
بالفعل كمن بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه، أو مقبرة وأذن للناس بالدفن
فيها.
* يجب العمل بشرط الواقف في جمع، وتقديم، وترتيب ونحوها ما لم يخالف الشرع،
فإن أطلق ولم يشترط عُمل بالعادة والعرف ما لم يخالف الشرع، وإلا فهم سواء
في الاستحقاق.
* يشترط في العين الموقوفة المنفعة دائماً من عقار، وحيوان، وبستان، وسلاح،
وأثاث ونحوها، ويستحب أن يكون الوقف من أطيب المال وأحسنه.
* كيف يُكتب الوقف:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به؟ قال:
((إن شئت حبَّست أصلها وتصدقت بها)) فتصدق عمر أنه لا يُباع أصلها ولا يوهب
ولا يورث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل،
لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه.
متفق عليه (1).
* إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم، والتساوي بينهم، فإن لم يمكن
جاز التفضيل والاقتصار على بعضهم.
* إذا وقف على أولاده، ثم على المساكين، فهو لأولاده الذكور والإناث
وأولادهم وإن نزلوا للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان لبعضهم عيال، أو به
حاجة، أو عاجزاً عن الكسب، أو خص ذا الدين والصلاح بالوقف فلا بأس.
* إذا قال: هذا الوقف وقف على أبنائي أو بني فلان اختص بالذكور دون الإناث
إلا أن يكون الموقوف عليهم قبيلة كبني هاشم ونحوها فيدخل النساء مع الرجال.
* الوقف عقد لازم لا يجوز فسخه، ولا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولا يرهن،
فإن تعطلت منافعه بخراب أو غيره، أو عند ظهور مصلحة، جاز بيعه ويصرف ثمنه
في مثله كالمسجد تتعطل منافعه يباع وينقل لمسجد آخر حفظاً لمصلحة الوقف، ما
لم يترتب على ذلك مفسدة أو مضرة لأحد.
* يجوز تغيير صورة الوقف للمصلحة كجعل الدور حوانيت، والبساتين دوراً،
ونفقة الوقف من غلته ما لم يشترط من غيرها.
* إذا لم يعين الواقف ناظراً للوقف، فالنظر يكون للموقوف عليه إن كان
معيناً، وإن كان على جهة كالمساجد، أو من لا يمكن حصرهم كالمساكين، فالنظر
على الوقف للحاكم.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2772)، واللفظ له، ومسلم برقم (1632).
* أفضل أبواب الوقف:
ما عمت منفعته المسلمين في كل زمان ومكان، كالوقف على المساجد، وطلبة
العلم، والمجاهدين في سبيل الله عز وجل، والأقارب، وفقراء المسلمين
وضعفائهم ونحوهم.
* الوقف أصل ثابت يجوز دفعه إلى آخر يقوم بتعميره من ماله بنسبة معينة من
الريع.
* المواساة بالمال
على ثلاث مراتب:
1 - الأولى: أن تُنزِّل المحتاج منزلة عبدك فتعطيه ابتداء ولا تحوجه إلى
السؤال وهي أدناها.
2 - الثانية: أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك.
3 - الثالثة: وهي أعلاها أن تُؤثره على نفسك، وهذه مرتبة الصِّدِّيقين.
* الهبة: هي تمليك المال في الحياة لغيره بغير عوض، وفي معناها الهدية
والعطية.
* الصدقة: هي ما يعطى للفقراء والمحتاجين من مال طلباً للثواب من الله
تعالى.
* الهبة والصدقة كلاهما مستحب، وقد حث الإسلام على الهبة والهدية والعطية
والصدقة؛ لما فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، وتطهير
النفوس من رذيلة البخل والشح والطمع، وجَعَلَ لمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله
تعالى الأجر الجزيل والثواب العظيم.
* هدي النبي صلى
الله عليه وسلم في الإنفاق:
الله جواد كريم، يحب الجود والسخاء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان يقبل الهدية ويثيب عليها،
ويدعو إلى قبولها، ويرغب فيها، وكان أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، لا
يسأله أحد شيئا إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً، يعطي عطاء من لا يخشى
الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه.
وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه منه، إذا عرض له
محتاج آثره على نفسه، وكان ينوع في أصناف عطائه وصدقته، تارة بالهبة، وتارة
بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة يشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، وتارة
يقترض الشيء فيرد أكثر منه، وتارة يشتري الشيء ثم يعطي البائع الثمن
والسلعة جميعاً، ولذلك كان أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً
فصلوات الله وسلامه عليه.
* فضل الجود
والإحسان:
1 - قال الله تعالى (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا
تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ
يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة/272).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها
بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّهُ حتى تكون مثل الجبل)).
متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410)، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).
* حكم أخذ العطاء:
من جاءه مال أو شيء من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق
ساقه الله إليه، فإن شاء تموله وإن شاء تصدق به.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر
بن الخطاب العطاء فيقول له عُمر: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا
المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تُتبِعه نفسك)). متفق عليه
(1).
* تجوز الصدقة على المسلم وغيره من أهل الأديان.
* تنعقد الهبة بأي صيغة تفيد تمليك المال بلا عوض كوهبتك أو أهديتك أو
أعطيتك، وبكل معاطاة دالة عليها، وتجوز هبة كل عين يصح بيعها، ويكره ردها
وإن قلت.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7164)، ومسلم برقم (1045)، واللفظ له.
* كيف يعطي الإنسان
أولاده:
1 - يجوز للإنسان أن يعطي أولاده حال حياته، ويجب عليه التسوية بينهم على
حسب ميراثهم، فإن فضّل بعضهم على بعض سُوِّي برجوع أو زيادة.
2 - إذا أعطى الإنسان أحد أولاده لمعنى فيه من حاجة، أو زمانه، أو كثرة
أولاد، أو مرض، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه جاز التخصيص من أجل ذلك، ويحرم
ذلك على سبيل الأثرة.
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((أكُلَّ ولدك نَحَلْتَه مثل هذا؟)) فقال: لا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((فارجِعه)). متفق عليه (1).
* لا يجوز لواهب أن يرجع في هبته المقبوضة إلا الأب، ويجوز للأب أن يأخذ من
مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إلا
بنفقته الواجبة عليه.
* يستحب قبول الهدية والإثابة عليها مقابلة للجميل بمثله أو أفضل منه، فإن
لم يجد دعا له، وتجوز الهدية للمشرك وقبولها منه؛ تأليفاً لقلبه، وطمعاً في
إسلامه.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن
صُنِعَ إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)).
أخرجه الترمذي (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2586)، ومسلم برقم (1623)، واللفظ له.
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035)، صحيح سنن الترمذي رقم (1657).
* أفضل الصدقة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام
فقال: يارسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تَصدَّق وأنت صحيح شحيح
تخشى الفقر وتأمُل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا
ولفلان كذا وقد كان لفلان)). متفق عليه (1).
* من مرضه مخوف كالطاعون وذات الجَنْب ونحوهما فلا يلزم تبرعه لوارث بشيء
إلا بإجازة الورثة بعد الموت، كما لا يلزم تبرعه بما فوق الثلث لغير وارث
إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت.
* من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من
أبواب الربا.
* يجوز رد الهدية لسبب كأن يعلم أن المهدي صاحب منة، أو يعيِّرك بها، أو
يتحدث بها ونحو ذلك، ويجب رد الهدية إذا كانت مسروقة أو مغصوبة.
* من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدي
والمهدى إليه، وهي من الرشوة الملعون آخذها ومعطيها، وإن أهداه هدية ليكف
ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ، وجاز
للدافع أن يدفعها إليه اتقاء لشره، وحفظاً لحق الدافع.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419)، واللفظ له، ومسلم برقم (1032).
* الأولى بأخذ
الصدقة:
خير الصدقة وأفضلها ما كان عن ظهر غنى، وأن يبدأ بمن يعول، لقوله عليه
الصلاة والسلام: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فَضَلَ شيء فلأهلك، فإن
فَضَلَ عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فَضَلَ عن ذي قرابتك شيء فهكذا
وهكذا)). يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك. أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (997).
* فضل النفقة في
وجوه البر:
الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والنفقة في سبيل الله بسبعمائة حسنة،
والله يضاعف لمن يشاء، ويتفاوت ذلك بحسب حال المنفق ونيته، وإيمانه،
وإخلاصه، وإحسانه، وانشراح صدره، وسروره بذلك، وبحسب قدر النفقة، ونفعها،
ووقوعها موقعها، وبحسب طيب المنفَق منه، وسلامته، وطهارته، وكيفية إنفاقه.
1 - قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة/261).
2 - قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/274).
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة
ضعف)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (42)، ومسلم برقم (129)، واللفظ له.
25 - الوصية
• * حكمة مشروعية الوصية:.
• * حكم الوصية:.
• * وجوه الوصية:.
• * نص الوصية:.
• * تبطل الوصية بما يلي:.
* حكمة مشروعية
الوصية:
شرع الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الوصية لطفاً بعباده
ورحمة بهم حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر
التي تعود على الفقراء والمحتاجين بالخير والفضل، ويعود على الموصي بالثواب
والأجر في وقت حيل بينه وبين العمل.
قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ
إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ
بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة/180).
* حكم الوصية:
1 - الوصية مستحبة لمن له مال كثير ووارثه غير محتاج، فيوصي بشيء من ماله
لا يتجاوز الثلث يُصرف في وجوه البر والإحسان ليصل إليه ثوابه بعد موته.
2 - وتجب الوصية على من في ذمته دين لله تعالى، أو لآدمي، أو عنده أمانة
لغيره فيكتبها ويبينها؛ لئلا تضيع الحقوق، أو ترك مالاً كثيراً فيلزمه أن
يوصي لأقاربه غير الوارثين بما لا يزيد على الثلث.
3 - الوصية المحرمة كأن يوصي لأحد الورثة كابنه الأكبر أو زوجته بمال من
بين سائر الورثة.
* تسن الوصية لمن له وارث بالخمس أو الربع إن ترك خيراً وهو المال الكثير
عرفاً، والخمس أفضل، وتجوز الوصية بالثلث لغير وارث، وتكره وصية فقير ورثته
محتاجون، وتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له، ولا تجوز الوصية لأجنبي لمن
له وارث بأكثر من الثلث، ولا تجوز الوصية لوارث، وإن أوصى لأمه وأبيه وأخيه
ونحوهم بحجة أو أضحية وهم أحياء جاز؛ لأن هذا من باب البر والإحسان إليهم
بالثواب لا من باب الوصية التي يقصد بها التمليك.
* يشترط في الموصى إليه بالتصرف أن يكون مسلماً، عاقلاً، مميزاً، حسن
التصرف فيما أوصي إليه فيه رجلاً كان أو امرأة.
* تصح الوصية من البالغ الرشيد، ومن الصبي العاقل، والسفيه بالمال ونحوهم.
* تصح الوصية بلفظ مسموع من الموصي، أو خطه، ويستحب أن يكتب وصيته، ويُشهد
عليها؛ قطعاً للنزاع.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق
امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)). متفق
عليه (1).
* يجوز الرجوع في الوصية ونقصها وزيادتها، فإذا مات استقرت.
* تصح الوصية لمن يصح تملكه من مسلم وكافر معين بكل شيء فيه نفع مباح، وتصح
للمساجد، والقناطر، ودور العلم ونحو ذلك.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2738)، واللفظ له، ومسلم برقم (1627).
* وجوه الوصية:
الوصية تكون بالتصرف المعلوم بعد الموت كأن يزوج بناته وينظر لصغاره، أو
يفرق ثلثه، وهي مندوب إليها وقربة يثاب عليها من قدر عليها.
وتكون الوصية بالتبرع بالمال كأن يوصي بخمس ماله للفقراء أو أهل العلم أو
المجاهدين في سبيل الله، أو لبناء مسجد، أو حفر بئر ماء للشرب ونحو ذلك.
* تستحب الوصية للوالدين اللذين لا يرثان، وللأقارب الفقراء الذين لا
يرثون؛ لأنها عليهم صدقة وصلة.
* يجب أن تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصي مضارة الوارث حرم عليه ذلك
وهو آثم، ويحرم على الموصى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة، ويسن لمن علم
أن في الوصية جنفاً أو إثماً أن ينصح الموصي بالأحسن والأعدل، وينهاه عن
الجور والظلم، فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم ليحصل العدل والتراضي
وبراءة ذمة الميت.
قال الله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا
إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة/181 - 182).
* لا تصح الوصية ولا تجوز على جهة معصية، كالوصية لبناء الكنائس، وعمارة
الأضرحة، سواء كان الموصي مسلماً أو كافراً.
* الاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت، فلو أوصى لوارث فصار عند
الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحت الوصية، ولو أوصى لغير وارث فصار
عند الموت وارثاً، كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية ثم مات ابنه
فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة.
* إذا مات الإنسان يخرج من تركته الدين، ثم الوصية، ثم الميراث.
* يجوز أن يكون الموصى إليه واحداً أو أكثر، فإذا تعدد الأوصياء وحُدد لكل
واحد اختصاصه صح فيما خصه به، وإن أوصى إلى وصيين في شيء واحد كالنظر في
أمر أولاده، أو أمواله فليس لأحدهما التصرف منفرداً.
* يصح قبول الموصى إليه الوصية في حياة الموصي، وبعد موته، فإن امتنع عنها
قبل الموت أو بعده سقط حقه؛ لعدم قبوله.
* إذا أوصى الموصي بأن قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب ابني أو أي وارث فله مثل
نصيبه مضموماً إلى المسألة، وإن أوصى بجزء أو حظ أعطاه الورثة ما شاؤوا.
* إذا مات الإنسان بموضع لا حاكم فيه ولا وصي كالمفاوز والقفار، جاز لمن
حوله من المسلمين حوز تركته والتصرف فيها بما يحقق المصلحة.
* نص الوصية:
يستحب أن يكتب في صدر الوصية ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
كانوا يكتبون في صدور وصاياهم:
هذا ما أوصى به فلان ابن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله
يبعث من في القبور، وأوصى من ترك بعده من أهله أن يتقوا الله حق تقاته، وأن
يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى
به إبراهيم بنيه ويعقوب: (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ
الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة/132).
ثم يذكر ما يريد أن يوصي به. أخرجه البيهقي والدارقطني (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه البيهقي برقم (12463)، وأخرجه الدارقطني (4/ 154) انظر
إرواء الغليل رقم (1647).
* تبطل الوصية بما
يلي:
1 - إذا جُنَّ الموصَى له بالتصرف.
2 - إذا تلف الموصى به.
3 - إذا رجع الموصي عن الوصية.
4 - إذا ردها الموصى له.
5 - إذا مات الموصى له قبل موت الموصي.
6 - إذا قتل الموصى له الموصي.
7 - إذا انتهت مدة الوصية، أو انتهى العمل الذي عُهد إلى الوصي القيام به.
26 - العتق
• * حكمة مشروعيته:.
• * فضل العتق:.
* حكمة مشروعيته:
العتق من أعظم القرب المندوب إليها؛ لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل وغيره
من الذنوب، ولما فيه من تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق، وتمكينه من
التصرف في نفسه وماله حسب اختياره، وأفضل الرقاب أغلاها ثمناً وأنفسها عند
أهلها.
* يقع العتق من الجاد والهازل بكل لفظ يدل عليه كأنت حر، أو عتيق ونحوهما،
ومن ملك ذا رحم محرّم عَتُق عليه بالملك كأمه وأبيه ونحوهما، وأيما أمة
ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته.
* فضل العتق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيما رجل
أعتق امرءاً مسلماً استنقذ اللهُ بكل عضو منه عُضوا من النار)). متفق عليه
(1).
* المكاتبة: بيع السيد رقيقه نفسه بمال في ذمته، وتجب إذا دعا العبد الذي
فيه خير سيده إليها، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ
مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور/33).
* يجب على السيد أن يعين المكاتب بشيء من ماله كالربع، أو يضع عنه قدره
ونحوه، ويجوز بيع المكاتب، ومشتريه يقوم مقام مكاتبه، فإن أدى ما عليه عتق،
وإن عجز عاد رقيقاً.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2517)، واللفظ له، ومسلم برقم (1509).
|