الموسوعة الفقهية الدرر السنية

الحدود
• * أقسام الحدود:.
• * حكمة مشروعية الحدود:.
• * حدود الله:.
• * الفرق بين القصاص والحدود:.
• * من يقام عليه الحد:.
• * فضل الستر على النفس والغير:.
• * حكم الشفاعة في الحدود:.
• * حكم الصلاة على المقتول:.
• 1 - حد الزنى.
• 2 - حد القذف.
• 3 - حد الخمر.
• 4 - حد السرقة.
• 5 - حد قطاع الطريق.
• 6 - حد أهل البغي.


* أقسام الحدود:
الحدود في الإسلام ستة، وهي:
حد الزنى، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، وقطاع الطريق، وأهل البغي، ولكل جريمة من هذه الجرائم عقوبة محددة شرعاً.


* حكمة مشروعية الحدود:
أمر الله عز وجل بعبادته وطاعته، وفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحدَّ حدوداً لمصالح عباده، ووعد على الالتزام بشرعه الجنة، وعلى مخالفته النار، فإذا جمحت نفس الإنسان وقارفت الذنب فتح الله لها باب التوبة والاستغفار.
لكنها إذا أصرت على معصية الله وأبت إلا أن تغشى حماه، وتتجاوز حدوده كالتعدي على أموال الناس وأعراضهم فلا بد من كبح جماحها بإقامة حدود الله تعالى؛ ليتحقق للأمة الأمن والطمأنينة، والحدود كلها رحمة من الله تعالى، ونعمة على الجميع.
* حياة الإنسان قوامها حفظ الضرورات الخمس، وإقامة الحدود تحمي تلك الضرورات، وتحافظ عليها، فبالقصاص تُصان الأنفس، وبإقامة حد السرقة تُصان الأموال، وبإقامة حد الزنى والقذف تُصان الأعراض، وبإقامة حد السكر تُصان العقول، وبإقامة حد الحرابة يُصان الأمن والمال والأنفس والأعراض، وبإقامة الحدود كلها يصان الدين كله.
* الحدود زواجر عن المعاصي، وجوابر لمن أقيمت عليه، تطهره من دنس الجريمة وإثمها، وتردع غيره عن الوقوع فيما وقع فيه.


* حدود الله:
هي محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها كالزنى، والسرقة ونحوهما، وحدوده ما حدَّه وقدَّره كالمواريث، والحدود المقدرة الرادعة عن محارم الله كحد الزنى والقذف ونحوهما مما حده الشرع لا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان.


* الفرق بين القصاص والحدود:
جرائم القصاص الحق فيها لأولياء القتيل، والمجني عليه نفسه إن كان حياً من حيث استيفاء القصاص، أو العفو، والإمام منفذ لطلبهم.
أما الحدود: فأمرها إلى الحاكم، فلا يجوز إسقاطها بعد أن تصل إليه، وكذلك جرائم القصاص قد يعفى عنها ببدل كالدية، أو يُعفى عنها بلا مقابل، أما الحدود فلا يجوز العفو عنها ولا الشفاعة فيها مطلقاً بعوض أو بدون عوض.


* من يقام عليه الحد:
لا يقام الحد إلا على بالغ، عاقل، متعمد، ذاكر، عالم بالتحريم، ملتزم لأحكام الإسلام من مسلم وذمي.
1 - عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)). أخرجه أحمد وأبو داود (1).
2 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)). أخرجه ابن ماجه (2).
3 - ولما نزلت: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة/286)، قال الله: (قد فعلت). أخرجه مسلم (3).
* يجوز تأخير إقامة الحد لعارض يترتب عليه مصلحة للإسلام كما في الغزو، أو يترتب عليه مصلحة للمحدود ذاته كما في تأخيره عنه لحر أو برد، أو مرض، أو لمصلحة من تعلق به كالحمل والرضيع ونحوهما.
* يتولى إقامة الحد إمام المسلمين، أو من ينيبه، بحضرة طائفة من المؤمنين، في مجامع الناس، ولا تقام الحدود في المساجد.
* يجوز إقامة الحدود والقصاص في مكة فالحرم لا يعيذ جانياً، فمن وجب عليه حد من حدود الله تعالى سواء كان جلداً أو حبساً أو قتلاً أقيم عليه الحد في الحرم وغيره.
* يكون الجلد بسوط لا جديد ولا خَلِق، ولا يُجرَّد المضروب من ملابسه، ويُفرَّق الضرب على بدنه، ويَتقي الوجه، والرأس، والفرج، والمقاتل، وتُشد على المرأة ثيابها.
* إذا اجتمعت حدود لله تعالى من جنس واحد بأن زنى مراراً، أو سرق مراراً تداخلت، فلا يُحد إلا مرة واحدة، وإن كانت من أجناس كبكر زنى وسرق وشرب الخمر فلا تتداخل، ويبدأ بالأخف، فيُجلد للشرب، ثم للزنى، ثم يُقطع.
* أشد الجلد في الحدود جلد الزنى، ثم جلد القذف، ثم جلد الشرب.
* من أقر بحد عند الإمام ولم يبينه فالسنة أن يستر عليه ولا يسأله عنه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً، فأقمه علي، قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله، إني أصبحت حداً، فأقم فيَّ كتاب الله، قال: ((أليس قد صليت معنا؟)). قال: نعم، قال: ((فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدك)). متفق عليه (4).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (940)، انظر الإرواء رقم (297). وأخرجه أبو داود برقم (4403)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (3703).
(2) صحيح/ أخرجه ابن ماجه برقم (2043)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1662).
(3) أخرجه مسلم برقم (126).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6823)، واللفظ له، ومسلم برقم (2764).


* فضل الستر على النفس والغير:
يستحب لمن أتى ذنباً أن يستر نفسه ويتوب إلى الله، ويستحب لمن علم به أن يستر عليه ما لم يعلن بفجوره حتى لا تشيع الفاحشة في الأمة.
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل أمتي مُعافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)). متفق عليه (1).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نَفَّس عن مؤمن كُربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسْلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)). أخرجه مسلم (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6069)، واللفظ له، ومسلم برقم (2990).
(2) أخرجه مسلم برقم (2699).


* حكم الشفاعة في الحدود:
يجب إقامة الحد على القريب والبعيد، والشريف والوضيع، وإذا بلغت الحدود الحاكم حَرُم أن يشفع في إسقاطها أحد، أو يعمل على تعطيلها، ويحرم على الحاكم قبول الشفاعة، ويجب عليه إقامة الحد إذا بلغه، ولا يجوز أخذ المال من الجاني ليسقط عنه الحد.
ومن أخذ المال من الزاني أو السارق أو الشارب ونحوهم ليعطل حدود الله فقد جمع بين فسادين عظيمين: تعطيل الحد، وأكل السحت، وترك الواجب، وفعل المحرم.
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) ثم قام فخطب فقال: ((يا أيها الناس إنما ضَلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6788)، واللفظ له، ومسلم برقم (1688).


* حكم الصلاة على المقتول:
المقتول قصاصاً أو حداً أو تعزيراً إن كان مسلماً يُغسَّل ويُصلى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين، والمقتول مرتداً كافر لا يُغسَّل ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، فيحفر له حفرة ويوارى فيها كالكافر.
* الجرائم لا يحسمها ويقي المجتمع من شرها إلا إقامة الحدود الشرعية على مرتكبيها، أما أخذ الغرامة المالية، أو سجنهم ونحو ذلك من العقوبات الوضعية فهو ظلم وضياع وزيادة شر.


1 - حد الزنى
• * حكم الزنى:.
• * أضرار الزنى:.
• * سبل الوقاية من الزنى:.
• * زنى الجوارح:.
• * عقوبة الزاني:.
• * يشترط لوجوب الحد في الزنى ثلاثة شروط:.
• * حكم من زنى بذات محرم:.
• * عمل قوم لوط:.
• * حكم عمل قوم لوط:.


* حكم الزنى:
الزنى محرم، وهو من أعظم الجرائم، وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وهو يتفاوت في الشناعة والقبح، فالزنى بذات زوج، والزنى بذات المحرم، والزنى بحليلة الجار من أعظم أنواعه.


* أضرار الزنى:
مفسدة الزنى من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وحفظ الحرمات، والزنى يجمع خلال الشر كلها، ويفتح على العبد أبواباً من المعاصي، ويولِّد الأمراض النفسية والقلبية، ويورث الفقر والمسكنة، ونفور العباد من الزناة، وسقوطهم من أعينهم، ويولد سيماء الفساد في وجه فاعله، ووحشته من الناس.
وللزنى عقوبة شديدة، فعقوبته في الدنيا: الحد الصارم بالرجم للمحصن، والجلد والتغريب لغير المحصن، وعقوبته في الآخرة إن لم يتب: الوعيد الشديد، حيث يُحشر الزناة والزواني عراة في تنور في نار جهنم.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان/68 - 70).
* المحصن:
هو من وطئ زوجته في قبلها بنكاح صحيح وهما حران مكلفان.


* سبل الوقاية من الزنى:
نظم الإسلام بالنكاح الشرعي أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية وحفظ النسل، ومَنَعَ أي تصرف في غير هذا الطريق المشروع فأمر بالحجاب، وغض البصر، ونهى عن ضرب النساء بالأرجل، والتبرج، والاختلاط، وإبداء الزينة، وخلو الرجل بالأجنبية، أو مصافحتها، كما نهى عن سفر المرأة بغير محرم، وذلك كله لئلا يقع كل من الرجل والمرأة في فاحشة الزنى.


* زنى الجوارح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجْلُ زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6243)، ومسلم برقم (2657)، واللفظ له.


* عقوبة الزاني:
1 - عقوبة الزاني المحصن: هي أن يرجم بالحجارة حتى يموت رجلاً كان أو امرأة، مسلماً أو كافراً.
2 - عقوبة الزاني غير المحصن: هي أن يُجلد مائة جلدة، ويغرَّب سنة رجلاً كان أو امرأة، والرقيق يُجلد خمسين جلدة، ولا يغرَّب رجلاً كان أو امرأة.
* إذا حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد فإنها تحد إن لم تَدَّع شبهة أو إكراهاً. ومن استكره امرأة على الزنى فعليه الحد دونها؛ لأنها معذورة ولها المهر.


* يشترط لوجوب الحد في الزنى ثلاثة شروط:
1 - تغييب حشفة أصلية كلها في قُبل امرأة حية.
2 - انتفاء الشبهة، فلا حد على من وطئ امرأة ظنها زوجته ونحوه.
3 - ثبوت الزنى:
1 - إما بالإقرار: بأن يُقر به من عُرف بالعقل مرة واحدة، ويقر به أربع مرات من كان متهماً في ضعف عقله، وفي كليهما يصرح بحقيقة الوطء، ويستمر على إقراره إلى إقامة الحد عليه.
2 - وإما بالشهادة: بأن يشهد عليه بالزنى أربعة رجال عدول مسلمين.
* يقام حد الزنى على الزاني مسلماً كان أو كافراً؛ لأنه حد ترتب على الزنى فوجب على الكافر كوجوب القود في القتل والقطع في السرقة.
* إذا زنى المحصن بغير المحصنة، فلكلٍّ حده من رجم، أو جلد وتغريب.
* إذا زنى الحر بأمة وعكسه بأن زنت حرة بعبد فلكل واحد حكمه في الحد.
* يقام الحد على الزاني إذا كان مكلفاً، مختاراً، عالماً بالتحريم، بعد ثبوته عند الحاكم بإقرار أو شهادة، مع انتفاء الشبهة.
* لا يحفر للمرجوم في الزنى رجلاً كان أو امرأة، لكن المرأة تُشد عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف.
* أيما امرأة حبلت من الزنى، أو اعترفت به فالإمام أول من يرجم، ثم الناس، فإن ثبت حد الزنى بشهادة أربعة شهود فهم أول من يرجم، ثم الإمام، ثم الناس.
* الجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، أما الجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام فهذا عذر، فمن يعلم أن الزنى حرام ولا يعلم أن حده الرجم أو الجلد فهذا لا يعذر بجهله، بل يقام عليه الحد وهكذا.
* إذا زنى رجل وهو متزوج فلا تحرم عليه زوجته، وكذا لو زنت المرأة لا تحرم على زوجها، لكنهما ارتكبا إثماً عظيماً، فعليهما التوبة والاستغفار.
1 - قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء/32).
2 - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: ((أن تجعل لله ندَّاً وهو خَلَقَك)) قال: قلت له إن ذلك لعظيم، قال قلت ثم أيّ؟ قال: ((ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك)) قلت ثم أيّ؟ قال: ((ثم أن تزاني حليلة جارك)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6811)، ومسلم برقم (86)، واللفظ له.


* حكم من زنى بذات محرم:
من زنى بذات محرم كأخته وبنته وامرأة أبيه ونحوهم وهو عالم بتحريم ذلك وجب قتله.
عن البراء رضي الله عنه قال: أصبت عمي ومعه رايةٌ فقلت أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله. أخرجه الترمذي والنسائي (1).
_________
(1) صحيح، أخرجه الترمذي برقم (1362)، صحيح سنن الترمذي رقم (1098). وأخرجه النسائي برقم (3332)، وهذا لفظه، صحيح سنن النسائي رقم (3124).


* عمل قوم لوط:
هو فعل الفاحشة في الدبر، والاستغناء بالرجال عن النساء، وهو من أكبر الجرائم المفسدة للخُلُق والفطرة، وعقوبته أغلظ من عقوبة الزنى؛ لغلظ حرمته، وهو شذوذ جنسي خطير يسبب الأمراض النفسية والبدنية الخطيرة، وقد خسف الله بمن فعله، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، ولهم النار يوم القيامة.
قال الله تعالى (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (الأعراف/80 - 84).


* حكم عمل قوم لوط:
عمل قوم لوط محرم، وعقوبته: أن يقتل الفاعل والمفعول به محصناً أو غير محصن بما يراه الإمام من قتل بالسيف، أو رجم بالحجارة ونحوهما لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)). أخرجه أبو داود والترمذي (1).
* السحاق:
هو إتيان المرأة المرأة، وهو محرم، وفيه التعزير.
* الاستمناء باليد أو نحوها حرام، وفي الصوم وقاية منه.
1 - قال الله تعالى مبيناً ما يباح للإنسان: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (2) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ) (المؤمنون/5 - 7).
2 - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)). متفق عليه (5).
* من وقع على بهيمة عُزِّر بما يراه الإمام، وتُذبح البهيمة.
_________
(1) صحيح / أخرجه أبو داود برقم (4462)، صحيح سنن أبي داود رقم (3745). وأخرجه الترمذي برقم (1456)، صحيح سنن الترمذي رقم (1177).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066)، ومسلم برقم (1400)، واللفظ له.


2 - حد القذف
• * حكمة مشروعية حد القذف:.
• * حكم القذف:.
• * ألفاظ القذف:.
• * يشترط لوجوب حد القذف ما يلي:.


* حكمة مشروعية حد القذف:
حث الإسلام على حفظ الأعراض عما يدنسها ويشينها، وأمر بالكف عن أعراض الأبرياء، وحرم الوقوع في أعراضهم بغير حق؛ صيانة للأعراض وحماية لها من التلوث.
وبعض النفوس تُقدِم على ما حَرَّم الله من قذف، وتدنيس أعراض المسلمين لنوايا مختلفة، ولما كانت النوايا من الأمور الخفية كُلِّفَ القاذف أن يأتي بما يثبت قوله بأربعة شهداء، فإن لم يفعل أقيم عليه حد القذف ثمانين جلدة.


* حكم القذف:
القذف محرم، وهو من الكبائر، وقد أوجب الله على القاذف عقوبات غليظة في الدنيا والآخرة.
1 - قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) (النور/4).
2 - قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور/23).
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)). متفق عليه (1).
* حد القذف:
ثمانون جلدة للحر، وأربعون جلدة للعبد.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766)، واللفظ له، ومسلم برقم (89).


* ألفاظ القذف:
1 - القذف الصريح: كأن يقول: يا زاني، يا لوطي، يا عاهر، يا منيوكة ونحوها.
2 - الكناية: أن يقول ما يحتمل القذف وغيره، كقوله: يا قحبة، يا فاجرة ونحوهما، فإن قصد الرمي بالزنى حد للقذف، وإن لم يقصده لم يحد وعُزر.


* يشترط لوجوب حد القذف ما يلي:
1 - أن يكون القاذف مكلفاً مختاراً ليس والداً للمقذوف.
2 - أن يكون المقذوف مسلماً مكلفاً حراً عفيفاً يجامع مثله.
3 - أن يطالب المقذوف بالحد.
4 - أن يقذفه بالزنى الموجب للحد، ولم يثبت قذفه.
* يثبت حد القذف إذا أقر القاذف على نفسه، أو شهد عليه رجلان عدلان بالقذف.
* يسقط حد القذف إذا اعترف المقذوف بالزنى، أو قامت عليه البينة بالزنى، أو قذف الرجل زوجته ولاعنها.
* إذا ثبت حد القذف ترتب عليه: الجلد، عدم قبول شهادة القاذف إلا بعد التوبة، الحكم عليه بالفسق حتى يتوب.
* إذا قذف غيره بغير الزنى أو اللواط وهو كاذب فقد ارتكب محرماً، ولا يحد حد القذف، ولكن يعزر بما يراه الحاكم ملائماً لما حصل منه.
* مثال القذف بغير الزنى: أن يرميه بالكفر، أو النفاق، أو السكر، أو السرقة، أو الخيانة ونحو ذلك.
* تحصل توبة القاذف بالاستغفار، والندم، والعزم على أن لا يعود، وأن يكذب نفسه فيما رمى غيره به.


3 - حد الخمر
• * حكمة تحريم الخمر:.
• * يثبت حد الخمر بأحد أمرين:.
• * عقوبة شارب الخمر:.
• * حكم المخدرات.
• * حكم المفترات:.


* حكمة تحريم الخمر:
الخمر أم الخبائث، ويحرم تعاطيها بأي صورة كانت، شرباً، أو بيعاً، أو شراء، أو تصنيعاً، أو أي خدمة تؤدي إلى شربها، وهي تغطي عقل شاربها فيتصرف تصرفات تضر البدن والروح، والمال والولد، والعرض والشرف، والفرد والمجتمع، وهي تزيد في ضغط الدم، وتسبب له ولأولاده البله والجنون والشلل والميل إلى الإجرام.
والسكر لذة ونشوة يغيب معها العقل الذي يحصل به التمييز، فلا يعلم صاحبه ما يقول، ومن أجل ذلك حرمها الإسلام وشرع عقوبة رادعة لمتعاطيها.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) (المائدة/90 - 91).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مُؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6772)، واللفظ له، ومسلم برقم (57).


* يثبت حد الخمر بأحد أمرين:
1 - إقرار شاربها بأنه شرب الخمر.
2 - شهادة شاهدين عدلين.


* عقوبة شارب الخمر:
1 - إذا شرب المسلم الخمر مختاراً عالماً أن كثيره يسكر فعليه الحد أربعون جلدة، وللإمام أن يبلغ به الثمانين تعزيراً إن رأى انهماك الناس في الشراب.
2 - من شرب الخمر في المرة الأولى جُلد حد الخمر، فإن شرب ثانية جُلد، فإن شرب ثالثة جُلد، فإن شرب رابعة فللإمام حبسه أو قتله تعزيراً؛ صيانة للعباد، وردعاً للفساد.
3 - من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب لم يشربها في الآخرة وإن أُدخل الجنة، ولا يدخل الجنة مدمن خمر، ومن شربها وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، وإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، ومن كرر شربها سقاه الله يوم القيامة من عصارة أهل النار.
* يجوز للإمام التعزير بكسر أواني الخمر وتحريق أمكنة الخمارين بحسب المصلحة فيما يراه رادعاً وزاجراً عن شربها.


* حكم المخدرات
المخدرات داء عضال تسبب الشرور والأمراض، ويحرم تعاطيها، وتهريبها وترويجها، والتجارة فيها، وللإمام عقوبة من فعل ذلك بما يحقق المصلحة من قتل، أو جلد، أو سجن، أو غرامة؛ قطعا لدابر الشر والفساد، وحفظاً للأنفس والأموال والأعراض والعقول.
* ولخطر المخدرات العظيم، وضررها المهلك، أفتى بعض كبار العلماء بما يلي:
1 - مهرب المخدرات عقوبته القتل؛ لعظيم ضرره وشره.
2 - مروج المخدرات بالبيع، والشراء، أو التصنيع، أو الاستيراد، أو الإهداء في المرة الأولى يعزر تعزيراً بليغاً بالحبس، أو الجلد، أو المال، أو بها كلها حسب رأي الحاكم، وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره عن الأمة حتى ولو كان ذلك بالقتل؛ لأنه بفعله هذا من المفسدين في الأرض.


* حكم المفترات:
المفترات تسبب الفتور والخدر في البدن كالدخان، والجراك، والقات، ونحوها مما لا يصل إلى حد الإسكار، ولا يغيب العقل، وهي محرمة لا يجوز تعاطيها لضررها الصحي، والبدني، والمالي، والعقلي.
* عقوبة تعاطي المفترات عقوبة تعزيرية يقدرها الحاكم حسب ما يحقق المصلحة.


4 - حد السرقة
• * حكمة مشروعية حد السرقة:.
• * عقوبة السارق:.
• * حد السرقة:.
• * نصاب السرقة:.


* حكمة مشروعية حد السرقة:
صان الله الأموال بإيجاب قطع يد السارق، فإن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، وفي قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بسرقة أموال الناس، وتطهير للسارق من ذنبه، وإرساء لقواعد الأمن والطمأنينة في المجتمع، وحفظ لأموال الأمة.


* عقوبة السارق:
1 - قال الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة/38 - 39).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)). متفق عليه (1).
* يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية:
1 - أن يكون السارق مكلفاً (وهو البالغ العاقل)، مختاراً، مسلماً كان أو ذمياً.
2 - أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو أو خمر ونحوهما.
3 - أن يبلغ المال المسروق نصاباً، وهو ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عرض قيمته ربع دينار فصاعداً.
4 - أن يكون أخذ المال على وجه الخفية والاستتار، فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاختلاس والاغتصاب والانتهاب ونحوها، ففيها التعزير.
5 - أن يأخذ المال من حرزه ويخرجه منه.
والحرز: ما تحفظ فيه الأموال، وتختلف بحسب العادة والعرف، وحرز كل مال بحسبه، فحرز الأموال في الدور والبنوك والدكاكين، والمراح للغنم وهكذا.
6 - انتفاء الشبهة عن السارق، فلا يُقطع بالسرقة من مال والديه وإن علوا، ولا من مال ولده وإن سفل، ولا يُقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر، وكذا من سرق في مجاعة.
7 - مطالبة المسروق منه بماله.
8 - ثبوت السرقة بأحد أمرين:
1 - الإقرار بالسرقة على نفسه مرتين.
2 - الشهادة، بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6799)، واللفظ له، ومسلم برقم (1687).


* حد السرقة:
1 - السارق عليه حقان: حق خاص، وهو المسروق إن وجد، أو مثله أو قيمته إن كان تالفاً، وعليه حق عام هو حق الله تعالى، وهو قطع يده إن كملت الشروط، أو تعزيره إن لم تكمل الشروط.
2 - إذا وجب القطع قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت بغمسها بزيت مغلي أو بما يقطع الدم، وعليه رد ما أخذ من مال أو بدله لمالكه، وتحرم الشفاعة في حد السرقة بعد بلوغه الحاكم.
3 - إذا عاد السارق مرة أخرى قُطعت رجله اليسرى من منتصف ظهر القدم، فإن عاد حبس وعزر حتى يتوب ولا يُقطع.
* تقطع يد الطَّرَّار وهو الذي يبطُّ الجيب أو غيره، ويأخذ منه المال خفية إن بلغ ما أخذه نصاباً؛ لأنه سارق. من حرز.


* نصاب السرقة:
ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض يساويه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)). متفق عليه (1).
* إذا اعترف السارق بالسرقة ولم توجد معه فيشرع للقاضي تلقينه الرجوع عن اعترافه، فإن أصر ولم يرجع عن إقراره قطع، وإذا اعترف السارق بالسرقة ثم رجع فلا قطع؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
* من سرق من بيت المال فإنه يُعزر وتغرم غرامة مثلية ولا يُقطع، ومثله من سرق من الغنيمة أو الخمس.
* ويجب القطع على جاحد العارية إذ هو داخل في اسم السرقة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها .... أخرجه مسلم (2).
* من تمام توبة السارق ضمان المسروق لربه إذا كان تالفاً، فإن كان موسراً دفعه لصاحبه، وإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة، وإن كانت العين المسروقة موجودة بعينها فردها لصاحبها شرط لصحة توبته.
* من وجب عليه حد سرقة أو زنى أو شرب خمر فتاب منه قبل ثبوته عند حاكم سقط عنه، ولا يشرع له كشف نفسه بعد أن ستره الله، لكن عليه رد ما أخذ من مال
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6789)، واللفظ له، ومسلم برقم (1684).
(2) أخرجه مسلم برقم (1688).


5 - حد قطاع الطريق
• * حكم الحرابة:.
• * عقوبة قطاع الطريق:.
• * يشترط لوجوب الحد على قطع الطريق ما يلي:.
• * حكم الزنديق:.


* حكم الحرابة:
الحرابة من أعظم الجرائم، ولذا كانت عقوبتها من أقسى العقوبات.


* عقوبة قطاع الطريق:
1 - إذا قَتلوا وأخذوا المال قُتلوا وصُلِبوا.
2 - إذا قَتلوا ولم يأخذوا المال قُتلوا ولم يُصلبوا.
3 - إذا أخذوا المال ولم يَقتلوا قُطع من كل واحد منهم يده اليمنى ورجله اليسرى.
4 - إذا لم يقتلوا ولم يأخذوا المال لكن أخافوا السبيل نُفوا من الأرض، وللإمام أن يجتهد في شأنهم بما يراه رادعاً لهم ولغيرهم؛ قطعاً لدابر الشر والفساد.
1 - قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة/33 - 34).
2 - عن أنس رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عُكْلٍ، فأسلموا، فاجتَوَوا المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا، فارتدّوا وقتلوا رُعاتها، واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم، فأُتي بهم، فقَطَعَ أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ أعينهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6802)، واللفظ له، ومسلم برقم (1671).


* يشترط لوجوب الحد على قطع الطريق ما يلي:
1 - أن يكون قاطع الطريق- ويسمى المحارب- مكلفاً، مسلماً أو ذمياً، ذكراً أو أنثى.
2 - أن يكون المال الذي أخذه محترماً.
3 - أن يأخذ المال من حرز قليلاً كان أو كثيراً.
4 - ثبوت قطع الطريق منه بإقرار أو شاهدي عدل.
5 - انتفاء الشبهة كما ذكر في السرقة.
* من تاب من قطاع الطريق قبل أن يُقدر عليه سقط عنه ما كان لله من نفي، وقطع، وصلب، وتحتُّم قتل، وأُخذ بما للآدميين من نفس، وطرف، ومال إلا أن يعفى له عنها، وإن قُبض عليه قبل التوبة أُقيم عليه حد الحرابة.
* من صال على نفسه أو أهله أو ماله آدمي أو بهيمة دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك، ولا ضمان عليه، فإن قتل المعتدى عليه فهو شهيد.
* الزنديق: هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر.


* حكم الزنديق:
الزنديق محارب لله ورسوله، ومحاربة الزنديق للإسلام بلسانه أعظم من محاربة قاطع الطريق بيده وسنانه، فإن فتنة هذا في الأموال والأبدان، وفتنة الزنديق في القلوب والإيمان، فإن تاب قبل القُدرة عليه فتقبل توبته ويحقن دمه، وأما بعد القدرة عليه فلا تقبل توبته بل يقتل حداً من غير استتابة.


6 - حد أهل البغي
• * كيفية معاملة البغاة:.
• * حكم الخروج على إمام المسلمين:.
• * ما يجب على إمام المسلمين:.
• * يجب على الأمة طاعة الإمام في غير معصية الله عز وجل:.
• * توبة من ارتكب جريمة توجب حداً:.


* كيفية معاملة البغاة:
1 - إذا خرج البغاة على الإمام فعليه أن يراسلهم، ويسألهم ما تنقمون منه، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها.
فإن رجعوا وإلا وعظهم وخَوَّفهم القتال، فإن أصروا قاتلهم، وعلى رعيته معونته حتى يندفع شرهم وتطفأ فتنتهم.
2 - إذا قاتلهم الإمام فلا يقتلهم بما يعم كالقذائف المدمرة، ولا يجوز قتل ذريتهم ومُدبِرهم وجريحهم ومن ترك القتال منهم.
ومن أُسِر منهم حُبس حتى تخمد الفتنة، ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.
3 - بعد انقضاء القتال وخمود الفتنة ما تلف من أموالهم حال الحرب فهو هدر، ومن قتل منهم فهو غير مضمون، وهم لا يضمنون مالاً ولا أنفساً تلفت حال القتال.
* إذا اقتتلت طائفتان لعصبية أو رئاسة فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى.
1 - قال الله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات/9).
2 - عن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أتاكم وأمرُكُم جميعٌ، على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)). أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1852).


* حكم الخروج على إمام المسلمين:
1 - نصب الإمام من أعظم واجبات الدين، وتحرم معصيته والخروج عليه ولو جار وظلم، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان، سواء ثبتت إمامته بإجماع المسلمين، أو بعهد من الإمام الذي قبله، أو باجتهاد أهل الحل والعقد، أو بقهره للناس حتى أذعنوا له ودعوه إماماً، ولا يُعزل بفسقه، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان.
2 - الخارجون عن طاعة الإمام إما أن يكونوا قطاع طريق، أو يكونوا بغاة، أو يكونوا خوارج وهم الذي يُكفِّرون بالذنب، ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم، وهؤلاء فسقة يجوز قتالهم ابتداء. فهؤلاء الثلاثة خارجون عن طاعة الإمام، من مات منهم مات على طريق أهل الجاهلية.


* ما يجب على إمام المسلمين:
1 - إمام المسلمين يجب أن يكون من الرجال لا من النساء، فلن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة.
ويلزم الإمام حماية بلاد الإسلام، وحفظ الدين، وتنفيذ أحكام الله، وإقامة الحدود، وتحصين الثغور، وجباية الصدقات، والحكم بالعدل، وجهاد الأعداء، والدعوة إلى الله، ونشر الإسلام.
2 - يجب على الإمام أن ينصح لرعيته، ولا يشق عليهم، وأن يرفق بهم في سائر أحوالهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7151)، ومسلم برقم (142)، واللفظ له.


* يجب على الأمة طاعة الإمام في غير معصية الله عز وجل:
1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء/59).
2 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2955)، ومسلم برقم (1839)، واللفظ له.


* توبة من ارتكب جريمة توجب حداً:
إن كانت توبته بعد القدرة عليه فهذه التوبة لا تسقط الحد.
وإن كانت توبة مرتكب الجريمة الحديَّة قبل القدرة عليه فتقبل توبته، وتُسقط عنه الحد، رحمة من رب العالمين برفع العقاب عن المذنبين التائبين.
1 - قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة/33 - 34).
2 - قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأعراف/153).