شرح بلوغ المرام عبد الكريم الخضير

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: بلوغ المرام - كتاب الأيمان والنذور (2)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه: بلوغ المرام في تتمة كتاب الأيمان والنذور:
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) متفق عليه.
وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كفارة النذر كفارة يمين)) رواه مسلم، وزاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) وصححه.
ولأبي داود: من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- مرفوعاً: ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)) وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه.
وللبخاري: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ((ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)).
ولمسلم: من حديث عمران -رضي الله تعالى عنه-: ((لا وفاء لنذر في معصية)).
وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله تعالى حافية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لتمش ولتركب)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وللخمسة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)).
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: استفتى سعد بن عبادة -رضي الله تعالى عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: ((اقضه عنها)) متفق عليه.


وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله تعالى عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله، فقال: ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) قال: لا، قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) فقال: لا، فقال: ((أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك ابن آدم)) رواه أبو داود والطبراني، واللفظ له، وهو صحيح الإسناد، وله شاهد من حديث كردم عند أحمد.
وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((فشأنك إذاً)) رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي)) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
((ومسجدي هذا)).
سم رعاك الله.
((ومسجدي هذا))
أحسن الله إليك.
((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: ((فأوف بنذرك)) متفق عليه، وزاد البخاري في رواية: فاعتكف ليلة.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فأحاديث الدرس كلها في النذر، وأما ما يتعلق بالأيمان فقد انتهى.
أول أحاديث النذر ما ذكره الحافظ من حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النذر" النذر أن يلزم الإنسان نفسه بشيء لم يوجب عليه في أصل الشرع.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- نهى عن النذر، والله -جل وعلا- مدح الذين يوفون بالنذر، الوسيلة منهي عنها، والغاية مطلوبة.


"نهى عن النذر" فقال جمع من أهل العلم: إن هذا باب من العلم غريب، إذا أن الوسائل في الأصل لها أحكام الغايات، فإذا كانت الغاية مطلوبة صارت الوسيلة مطلوبة، والمقرر عند أهل العلم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإذا كان النذر الوفاء به واجباً كانت وسيلته واجبة؛ لأنه لا يتم إلا به، لكن هذا الباب على خلاف غيره من الأبواب، الوسيلة ممنوعة.
"نهى عن النذر" على خلاف بين أهل العلم في مقتضى النهي هل هو التحريم أو الكراهة؟ الأصل في النهي التحريم، لكن صرف عند جمهور أهل العلم عن التحريم إلى الكراهة بلزوم الوفاء به، إذ لو كان النهي فيه للتحريم لصار لاغياً، لصار مقتضاه لاغياً، وفي الحقيقة مقتضاه ليس بلاغي، بل يجب الوفاء به في بعض الصور، وبعض الصور لا يجوز الوفاء به، وبينهما صور مترددة بين الوفاء وبين الكفارة على ما سيأتي.
من أهل العلم كالنووي رأى اطراد هذا الباب مع غيره من الأبواب، فقال: إن النذر مستحب، لماذا؟ لأن غايته واجبة، فأقل الأحوال أن يكون مستحب، وهذا الكلام ليس له حظ من النظر، مع ثبوت النهي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنهي كما يقرر أهل العلم أقل أحواله الكراهة.
"نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير)) " لا يأتي بخير، لا يغير من القضاء شيئاً، إذا نذر إن شفى الله مريضه أن يفعل كذا لن يغير من قدر الله شيئاً، لن يشفى مريضه بسبب النذر، إن رد الله غائبه أن يفعل كذا لن يغير مما قضى الله شيئاً، ولن يرد الله غائبه بسبب نذره.


((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس لا تجود نفسه أن يتصدق حتى ينذر، ويلزم نفسه بذلك، إن حصل كذا، أو لله عليه كذا دون تعليق، لله علي أن أتصدق بكذا، وكثير من الناس في أثناء الشهر تجده يقول: لله علي إذا استلمت الراتب أتصدق بمائة بمائتين بألف، هذا يستخرج به من البخيل؛ لأنه في الأصل ما يتصدق إلا بمثل هذه الطريقة، ثم بعد ذلك ما النتيجة؟ لو ترك الأمر من دون نذر، ومن دون عهد مع الله -جل وعلا- ولم يتصدق الأمر سهل إلا إذا كان واجب، وجبت عليه الصدقة، لكن ماذا عما لو قال: لله عليه أن أخرج كذا من راتبي ثم بعد ذلك ما فعل؟ {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [(75) سورة التوبة] النتيجة؟ {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [(77) سورة التوبة] ... أنت في سعة يا أخي لست بملزوم، أنت لست بملزم أن تقول مثل هذا الكلام، لكن بعض الناس ما يملك، ما يستطيع أن يتصدق ابتداءً، يخرج أحب الأشياء إليه إلى قلبه، ويبذله طائعاً مختاراً هذا صعب عليه، فهو إذاً بخيل ((وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس يصعب عليه فعل الواجب، أو ترك المحظور، فيقول: لله علي إن فاتتني الصلاة أن أتصدق بكذا، ولله علي إن اغتبت أحداً أن أتصدق بكذا، وهذا فعله بعض السلف، قال: لله عليه إن اغتبت أن أتصدق بكذا، قال: فهانت علي الغيبة، سهل، المقابل موجود؛ لأنه واجد غني، يقول: ثم عدل عن هذا إلى قوله: لله علي إن اغتبت أحداً أن أصوم يوماً، يقول: فتركت الغيبة، الصيام صعب، ما هو مثل بذل المال، وإن كان بعض الناس إذا كان ليس ذا جدة، وقد مرن نفسه على الصيام، الصيام أسهل عليه، وبعض الناس ممن اتصف بالشح الصيام أسهل عليه على كل حال، صيام الدهر أسهل من إنفاق درهم عند بعض الناس، والعكس عند بعضهم، لكن ماذا عما لو أكد الأمر الشرعي بالتزامه بنذر أو عهد أو نحوهما مما يلزم به نفسه، ما يلزمه الوفاء به، إن فاتتني ركعة أن أتصدق بعشرة، فاتتني ركعتان أتصدق بعشرين وهكذا، ثم بعد ذلك الحساب في آخر اليوم بعد صلاة العشاء، صلاة الفجر ماذا فاته؟ صلاة الظهر؟ ثم يجمع خمس ركعات في اليوم، يعني يتصدق


بخمسين ريال، يعني هذا بخيل لا يتصدق إلا إذا التزم، فوجب عليه ما التزم به، لكن ما الباعث؟ هل نقول في مثل هذا مثل ما قيل فيمن قال: إن شفى الله مريضي تصدقت بكذا؟ هذا ما الذي بعثه على أن يقول أو يلتزم بهذا الالتزام؟ إنما هو الحرص على العبادة، والحرص على ترك المحرم، إن اغتبت أحداً تصدقت بكذا، فأمره يختلف عن من قال: إن شفى الله مريضي لا سيما إذا كان يظن أن مثل هذا النذر له أثر في النتائج في القضاء والقدر، وحينئذٍ يقال له: ((إنه لا يأتي بخير)).
وعلى كل حال الإنسان ما دام في سعة من أمره لا يليق به أن يضيق على نفسه، ولو كان هذا في أمور الطاعة، لكن لو عند المحاسبة في آخر النهار أراد أن يكفر عما فاته من غير التزام، قال: فاتني من صلاة الصبح ركعة، ومن صلاة الظهر ركعة، ومن صلاة العصر ما فاتني شيء، من المغرب ركعة، ومن العشاء ركعتين، صار عنده أربع ركعات، قال: هذه أربعين ريال صدقة لعلها تكفر، مع أنه ما ارتكب ذنب، لكنه خلاف الأولى بلا شك، والناس مقامات، بعضهم يفعل هذا إذا فاتته تكبيرة الإحرام، وبعضهم تفوته الصلاة كاملة، وبعضهم يفوته الوقت ولا يحرك عنده ساكناً، نعم إذا كان من هذا الباب فلا مانع من غير أن يلزم نفسه، أما إذا أوجب على نفسه ما لم يجب عليه في أصل الشرع، ثم ضيق على نفسه بسببه؛ لأن بعض الناس ينذر نذور لا يستطيع الوفاء بها، امرأة نذرت إن شفى الله زوجها، أن تصوم شهرين، وتذبح بدنة، وزوجها مريض بالكلى، تبرعت له بكلية فشفاه الله، وشرعت في الصيام وذبحت البدنة كانت النهاية بعد أن عافاه الله أن تزوج ثانية، تكمل الصيام وإلا ما تكمل؟ ما تستطيع أن تكمل الصيام؛ لأنها صامت من أجله، ثم هذه الخاتمة، هذه النتيجة، فالإنسان ما دام في سعة من أمره لا يلزم نفسه بشيء، ثم في النهاية يعجز عنه، وسيأتي أنه لا نذر فيما لا يطيقه ابن آدم، وهل نقول لمثل هذه المرأة: إن مثل هذا لا يطاق؟ صامت شهر وبقي شهر، يعني إذا نظرنا إلى قدرتها تستطيع الصيام، لكن الحال التي تعيشها ومن أجله تصوم، وهذه هي الخاتمة! قد لا تطيق مثل هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .


هذا يقال قبل، لكن هي نذرت وانتهى، على كل حال الإنسان ما دام في سعة فليس له أن يضيق على نفسه، قال: ((إنه لا يأتي)) ... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يجب عليها هي التي ألزمت نفسها، طيب ماذا عما لو طلقها؟ أشد من كونه يتزوج عليها، هو أمسكها ما دام مريض، ويوم إن الله شفاه قال: ما لي بها لازم، وقد تبرعت له بكلية وذبحت البدنة وصامت شهر، وبقي شهر، يلزمها أن تفي بالنذر؟ ومن الذي ألزمها؟ وقد التزمت به، وهو نذر طاعة، لكنه إنما يستخرج به من البخل.
قال -رحمه الله-: "وعن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كفارة النذر كفارة يمين)) " ومقتضى الإطلاق في هذا الحديث أن من نذر أي نذر سواءً كان طاعة وإلا معصية، وإلا مقدور عليه، وإلا يطاق أو لا يطاق أنه مخير، يكفر كفارة يمين، ويخرج من نذره، هذا مقتضى الإطلاق، إطلاق رواية مسلم، لكن "زاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) " نذر نَذْر مطلق، قال: لله علي، من غير تقييد، فإذا لم يسمه يكفر كفارة يمين، وإذا سمى شيئاً معيناً فلا يخلو: إما أن يكون طاعة مقدور عليها، فهذا يجب الوفاء به، أو طاعة لا تطاق ولا يقدر عليها، هذا يكفر كفارة يمين، أو نذر معصية هل يكفر أو لا يكفر؟ على خلاف بين أهل العلم هل ينعقد نذر المعصية أو لا ينعقد؟ على ما سيأتي.
"وزاد الترمذي فيه: ((إذا لم يسم)) وصححه" أما إذا سمي وكان طاعة مقدوراً عليها فلا بد من أن يفي بنذره.
"ولأبي داود من حديث ابن عباس" ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لله علي طاعة مثلاً أن أتقرب إليه بأي طاعة، ما سمى لا صيام ولا صلاة، ولا ... ، أو أتصدق بشيء من المال، أما أنه لو تصدق بأقل ما يطلق عليه الشيء كفاه، لكن إذا لم يحدد ما نذره فإنه يكفيه أن يخرج منه بكفارة اليمين، أما إذا سماه فلا يخلو: إما أن يكون طاعة، وهذه الطاعة إما أن تكون مقدوراً عليها أو لا، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.


قال -رحمه الله-: "ولأبي داود من حديث ابن عباس مرفوعاً" مرفوعاً يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- " ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) " وهذا يشهد لرواية الترمذي السابقة ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) وفي خبر ابن عباس وحديث عقبة ما يقيد إطلاق رواية مسلم، وأن الذي يكفر كفارة يمين إذا لم يسم.
((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر معصية، إن عاد مريضي فلله عليه أن ينام يوماً كاملاً مثلاً بما في ذلك أوقات الصلاة، إن شفى الله مريضه أو عاد غائبه أن يشرب خمر مثلاً، أو غير ذلك من المعاصي، إن شفى الله مريضي أو عاد غائبي أو تزوج بفلانة، أو تزوجت بفلان أن تقطع رحمها، أو يقطع رحمه، هذه كلها معاصي لا يجوز الوفاء بها، لا يجوز الوفاء لكن هل يكفر أو لا يكفر؟ في خبر ابن عباس: ((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) إسناده صحيح إلى ابن عباس، لكن هل هو من قوله أو مما يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ مسألة اختلف فيها أهل العلم، لكن الحفاظ رجحوا وقفه، وأنه من قول ابن عباس، من اجتهاده.
((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر المعصية هل ينعقد أو لا ينعقد؟ محل خلاف بين أهل العلم، فإذا قلنا: إنه لا ينعقد لا شيء عليه، وإذا قيل: إنه منعقد، وهو الذي ألزم نفسه بغير لازم عليه أن يكفر كفارة يمين، لا سيما وأن مفاد هذا النذر مفاد اليمين، مفاده الحث أو المنع كما قيل فيمن قال لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، ومراده بذلك المنع من الخروج يكفر كفارة يمين على ما اختاره شيخ الإسلام، وهو المفتى به؛ لأن القصد منه الحث أو المنع، فإذا كان القصد من هذا النذر الحث أو المنع فكفارته كفارة يمين، ومن قال: إن نذر المعصية لا ينعقد فإنه لا كفارة فيه.
((ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)) نذر لا يطيقه، لو نذر أن يصعد إلى السطح بغير سلم، هذا لا يطيقه ولا يستطيعه، نذر أن يحج هذا العام حجتين، يستطيع وإلا ما يستطيع؟ ما يستطيع، فهذا كفارته كفارة يمين على قول ابن عباس -رضي الله عنه-.


قال الحافظ: "وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه" والقول في هذه المسألة "تعارض الوقف مع الرفع" فيها أربعة أقوال لأهل العلم، منهم من يقول: الحكم لمن رفع؛ لأن معه زيادة علم، غاية من وقف أنه قصر في رفعه، والذي رفعه معه زيادة علم على من وقف، ومنهم من يقول: الحكم لمن وقف؛ لأنه هو المتيقن، والرفع مشكوك فيه، منهم من رجح بالكثرة، قال: إذا كان أكثر الرواة على الرفع فهو مرفوع، وإن كان الأكثر على الوقف فهو موقوف، ومنهم من رجح بالأحفظ، إذا كان الذي رفعه أحفظ ممن وقفه فله الحكم، أو العكس، ومثله تعارض الوصل والإرسال، وهذه مسألة كررناها مراراً على أن الأئمة الكبار الحفاظ من المتقدمين لا يحكمون بحكم عام مطرد في مثل هذه المسائل، بل الحكم فيها للقرائن، التي ترجحه القرائن فهو الراجح، سواءً كان الرفع أو الوقف، أو الوصل أو الإرسال.
يقول: ما القول الراجح في انعقاد نذر المعصية من عدمه؟
إذا خلت المسألة من الدليل ولم يبق فيها إلا رأي ابن عباس فرأيه أرجح من رأي غيره، فيكفر كفارة يمين.
قال: "وللبخاري من حديث عائشة: ((ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) " إذا نذر أن ينام يوماً كاملاً، أو نذر أن يشرب الخمر لا يجوز له أن يفي بهذا النذر، لا يجوز له بحال أن يفي بهذا النذر؛ لأن المعصية محرمة في أصل الشرع، فلا يبيح نذره ما حرم بأصل الشرع، لكن يبقى أن هذا النذر هل هو منعقد أو غير منعقد؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، ولو خرج من نذره بكفارة يمين لكان أحوط، لا سيما وأن مفاد هذا النذر والمراد منه والمقصود منه الحث أو المنع، فيكون حكمه حكم اليمين، كما قيل بمثله في الطلاق.
"ولمسلم: من حديث عمران -رضي الله تعالى عنه-: ((لا وفاء لنذر في معصية)) " ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) لا يجوز له أن يعصي؛ لأنه قد يتحيل على ارتكاب المعصية بالنذر، يقول: هذا أمر ألتزمته على نفسي، والله مدح الموفين بالنذر، يقال له: لا، ما وجب بأصل الشرع أقوى وأولى مما أوجبه الإنسان على نفسه، إذا نذر أن يعصي الله فلا يجوز له أن يعصي.


قال: "وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية" تمشي حافية، تمشي يعني لا تركب إلى بيت الله إلى مكة إلى الكعبة حافية، مشي على الأقدام، وحافية، وحاسرة الرأس، الله -جل وعلا- غني عن تعذيب الإنسان نفسه، الذي نذر أن يضحى في الحج ولا يستظل، وبقي في الشمس حتى أغمي عليه، إن الله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه غني، فلا وفاء لمثل هذا النذر.
نذر أن يقوم الليل كله، نذر أن يقرأ القرآن كل يوم مرة أو مرتين، هذا تعذيب للإنسان، والله -جل وعلا- غني عن مثل هذا، لا سيما فيما لا يطاق؛ لأن بعض الناس يطيق أن يقرأ القرآن في كل يوم، وذكر عن الشافعي وغيره أنه يقرأه مرتين، لكن إذا كان .. ، إذا قسمنا الوقت أربعة وعشرين ساعة على ست ساعات اللي هي مقدار قراءة القرآن، إذا نذر أن يقرأ القرآن أربع مرات في اليوم مثلاً، أو حتى ثلاث مرات، مثل هذا لا يطيقه الإنسان، إلا بالطرق التي تذكر عن بعض المبتدعة أنه باللحظة يقرأ القرآن، بقلبه يقرأ القرآن، يمكن أن يقرأ القرآن في أقل من ساعة، هذه ليست بطريقة شرعية، هذا نذر معصية، إذا كان مراده أن يقرأ القرآن على هذه الكيفية، لكن إذا أراد أن يقرأه بالطريقة المعتبرة المعروفة باللفظ، فإنه لا يستطيع أن يقرأ القرآن في أقل من ست ساعات.


"نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله" المشي ليس بعبادة مقصودة، نعم رتب عليه ثواب؛ لأنه وسيلة إلى عبادة، فالإنسان من يخرج من بيته إلى أن يرجع إذا قصد العبادة، ولا ينهزه للخروج من بيته إلا العبادة مأجور على هذا المشي، له بكل خطوة إذا مشى إلى الصلاة حسنة، ويحط عنه بكل خطوة خطيئة، لكنه ليس بمقصود لذاته، المشي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو وسيلة إلى المقصود، وهي الصلاة أو الحج أو الجهاد، أو صلة الرحم، أو ما أشبه ذلك، ولذا لو أن إنساناً مشى، قال: أنا أريد أن أصل الميقات وأرجع، يؤجر على هذا المشي؟ لا يؤجر عليه، أو يصل إلى باب المسجد ويرجع، ما له أجر، إنما الأجر من أجل أن يصلي، ولو قال: أذهب إلى الطريق الأبعد لتكثر الخطى، فاستدار على الحي ثم دخل المسجد، نقول: ليس لك من الأجر إلا بقدر ما يوصلك إلى المسجد؛ لأن المشي ليس بمقصود لذاته، فالقدر الزائد عليه ليس بشرعي، كونه يمشي من أجل المحافظة على صحته، أو المحافظة على زونه كما يقولون، هذا أمر آخر، لكن المقصود المشي الذي يرتب عليه الثواب، إذا كان تابع لعبادة له أجر، إذا كانت العبادة ليست بحاجة إلى هذا المشي فإنه لا أجر فيه، هذه نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية، يختلف أهل العلم في الحج ماشياً أو راكباً، أيهما أفضل؟ من نظر إلى حجه -عليه الصلاة والسلام- قال: الركوب أفضل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج راكباً، ومن نظر إلى تقديم المشي {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فقدم المشي على الركوب، رجح المشي على الركوب، لكن ما في هذا الحديث "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية" حافية غير منتعلة، ولا لبست الخف، هذا تعذيب من تعذيب الإنسان لنفسه، والله -جل وعلا- عن هذا غني، والله -جل وعلا- لا يصنع بشقاء أختك شيئاً.


أيضاً نذرت أن تمشي حافية حاسرة عن رأسها، هذه معصية لا يجوز الوفاء به، ولذا قال: "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لتمش ولتركب)) " يعني تمشي أحياناً، وتركب أحياناً، وماذا عما لو ركبت الطريق كله، وقد نذرت أن تمشي مع قدرتها على المشي؟ المراوحة بين الركوب والمشي، يعني كونها تمشي بعض الطريق، قد يقال: إنها وفت بنذرها، نذرت أن تمشي ومشت، لكن الغاية إلى بيت الله، فالمشي إلى بيت الله، فاللفظ لا يتحقق إلا أن يكون المشي من بيتها إلى بيت الله، هنا قال: ((فلتمش ولتركب)) ومن غير نذر الراكب قد يحتاج إلى المشي؛ لأن طول الركوب ممل حتى على السيارات المريحة، والمراكب الفخمة، تجد الإنسان أحياناً يقف ويمشي خطوات يرتاح من كثرة الجلوس.
قال: " ((لتمش ولتركب)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولأحمد والأربعة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً)) " الله -جل وعلا- غني عن أن يعذب الإنسان نفسه.


كلف الجن والإنس بعبادته، ومعلوم أن التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة أحياناً، وإن كان الدين يسر، لكن فيه تكاليف، فيه ما لا تهواه النفوس، حفت الجنة بالمكاره، لكن هل هذا لأن الله بحاجة إلى صلاة المرء أو إلى صيامه، أو إلى قيامه، أو إلى جهاده، ليس بحاجة، وإنما هو من أجل مصلحة الإنسان نفسه، العبادات والتكاليف إنما شرعت من أجل الإنسان نفسه ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً)) والعكس ((ما نقص من ملكي شيئاً)) لكن هذه التكاليف .. ؛ لأنه قد يقول قائل: هذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، ألا يمكن أن يقول قائل: إن الله عن تعذيب الرسول نفسه لغني؟ يمكن أن يقال، لكن هذه تكاليف، هذه لها أصول شرعية، مأمور بها، ما تدخل في مثل هذا الذي ابتدعه الإنسان من تلقاء نفسه، ونجد بعض المبتدعة يخرجون عما حده الله، وعما شرعه، يتعدون ما أوجب الله عليهم، الله -جل وعلا- عن تعذيبهم أنفسهم غني، لكن الذي له أصل في الشرع ما يقال فيه مثل هذا، وإن كان فيه مشقة على النفس، وهذه المشقة في الظاهر، وعند من لم يعتد هذا الأمر، وإلا فالرسول -عليه الصلاة والسلام- يرتاح بهذه الصلاة التي تفطرت قدماه فيها، وهي في الحقيقة ليست بمشقة ولا كلفة، والدين يسر، وهو يتلذذ بمثل هذا الفعل.
صيام الهواجر الأيام الشديدة الحر، يعني من الناحية النظرية الإنسان الذي لم يعتد مثل هذا الأمر يقول: كيف؟ هذا تعذيب، انتظر يا أخي حتى يعتدل الجو، لكنه يتلذذ بهذا، وكم من شخص من سلف هذه الأمة بكى عند موته، ما الذي أبكاه؟ لأنه أفقد المال والأهل؟ لا، يبكي على صيام الهواجر، وقيام الليالي الشاتية، هل نقول: هذا تعذيب؟ أبداً؛ لأن هذا مشروع جاء الشرع به، لكن ما لم يأت به شرع، ويكلف الإنسان هذا الله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه لغني.


"ولأحمد والأربعة فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر)) " يعني تغطي رأسها ووجهها؛ لأن هذا نذر معصية " ((مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)) " لأنها نذرت نذراً فيه معصية، وكفارته حينئذٍ كفارة يمين على ما تقدم في كلام ابن عباس، فلم تستطع الوفاء، أو لم تستطع حكماً، هي تستطيع فعلاً أن تمشي، وتمشي حافية وغير مختمرة، بالنسبة للفعل تستطيع، لكنها حكماً ممنوعة من مثل هذا، فالاستطاعة ليست بالنظر إليها وإلى قدرتها، وإنما هي بالنسبة إلى الحكم الشرعي، فالممنوع شرعاً حكمه حكم الممنوع حساً، ولذا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صل فإنك لم تصل)) قد يقول: إنه صلى ركع وسجد وقام وقعد ((فإنك لم تصل)) يعني ما فعلت شيء، قد يقول قائل: إن صورة الصلاة موجودة، لكن المقصود الصلاة المعتبرة شرعاً، ومثل هذه الصلاة يصح نفيها؛ لأن وجودها كعدمها، وقدرتها واستطاعتها هنا وجودها مثل عدمها؛ لأنها ممنوعة شرعاً.
((لتصم ثلاثة أيام)) إذا قلنا كفارة يمين، فكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب، تخيير في الخصال الثلاث، ثم ترتيب مع الصيام، إذا لم تستطع تصوم، ولعله عرف من حالها أنها لا تستطيع العتق ولا الإطعام ولا الكسوة فأمرها بالصيام ((لتصم ثلاثة أيام)) على أن هذه الرواية حسنها الترمذي، وهي عند الإمام أحمد والأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، لكن حسنها الترمذي، وفي تحسين الترمذي كلام لأهل العلم، قد ينازع فيه.
جاء في بعض الروايات، قال: ((فلتركب ولتهدي بدنة)) والرواية سندها جيد عند أبي داود، لكن الإمام البخاري قال: "لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء" "لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء".
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-" ...
ولذا رواية الصحيح ما فيها شيء لا صيام ولا إهداء.


"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: ((اقضه عنها)) " سعد بن عبادة أمه ماتت وقد نذرت أن تتصدق، بعض الروايات: أن تعتق، فأمره أن يقضي هذا النذر، ومثله لو كان المنذور صوماً ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ومثله الصدقة كما هنا، سواءً كانت بالمال أو بالعتق.
((اقضه عنها)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، فهل يجب على ولي الميت أن يصوم عن ميته الذي عليه نذر صيام؟ أولاً: المرجح أن هذا في صوم النذر، لا فيما أوجب الله عليه، هو الذي رجحه شيخ الإسلام وابن القيم كما جاء في بعض رواياته: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) ولا يصام عن الميت الصيام الذي وجب في أصل الشرع، وإنما يصام عنه إذا ألزم نفسه به بنذر على ما تقدم، في كتاب الصيام.
((اقضه عنها)) هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب، وبعض أهل العلم يحمله على الاستحباب؛ لأن هذا السائل محسن فكيف يلزم بغير لازم؟ ومنهم من يفرق بينما إذا كان للميت الذي نذر أن يتصدق أو يصوم إن كانت له تركة يمكن أن يتصدق منها، فإنه يلزم الوفاء، وإلا يبقى على الاستحباب، إن صام عنه وليه أجر، وسقط عنه عن ميته ما التزمه على نفسه، وإلا لا تزر وازرة وزر أخرى.
قال: "وعن ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله" هل ينحر في هذا المكان المعين أم لا؟ فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام-، في هذا ما يدل على أن المفتي عليه أن يستفصل من السائل، عليه أن يستفصل، ويتثبت من السائل قبل الجواب "فسأله: فقال: ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) " هل كان في السابق ما يلزم أن يكون الآن ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) والوثن أعم من الصنم، يعني سواءً كان مصوراً أو غير مصور، الشجر أوثان، القبور أوثان ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)).


" ((هل كان فيها وثن يعبد؟ )) قال: لا، قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) " أماكن عباداتهم واجتماعاتهم التي يجتمعون فيها اجتماعات دورية مرتبة، هذه يجب أن تزال، ولا يجوز إحياؤها بحال.
قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) أنت إذا ذبحت في المكان الذي كان فيه وثن أحييت ذكرى هذا المكان، إذا كان فيها محل يجتمع فيه الكفار من أي طائفة تكون، وذبحت فيه أحييت ذكرى ما كانوا يفعلونه، ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) يترددون على هذا المكان في وقت معين على نمط معين، هذا هو العيد، لا يجوز أن تحيا مثل هذه الأماكن، وأحياؤها مساهمة في إعادة الوثنية من جديد.
" ((هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ )) فقال: لا، فقال: ((أوف بنذرك)) " يعني بعد أن تأكد أنه ليس هناك ما يمت إلى الجاهلية وإلى أهلها بأدنى صلة ((أوف بنذرك)) الآن تأكدنا أنه ما في إشكال.
((أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم)) وقطيعة الرحم من المعصية، لكن التنصيص عليها إذا حلف ألا يدخل بيت أمه أو بيت والده، أو بيت أخيه، أو نذر ألا يفعل، فإنه لا يجوز له الوفاء بهذا النذر، والتنصيص على قطعية الرحم لأهميتها، من باب عطف الخاص على العام؛ للاهتمام بشأن الخاص، والعناية به، وإلا يدخل في المعصية، من أعظم المعاصي قطيعة الرحم.
((ولا فيما لا يملك ابن آدم)) نذر أن يعتق عبد فلان، هذا لا يملكه، فلا يجوز لا يستطيع الوفاء به، وحينئذٍ نذره إما أن يلغى باعتبار أنه لم ينعقد على قول، أو أنه يكفر عن هذا النذر كفارة يمين على ما تقدم.
" ((ولا فيما لا يملك ابن آدم)) رواه أبو داود والطبراني، واللفظ له، وهو صحيح الإسناد، وله شاهد من حديث كردم عند الإمام أحمد".


قالوا كما في رواية أبي داود: إن هذا له سبب، أن هذا الذي نذر، نذر إن ولد له ولد ذكر أن ينحر إبلاً في ذلك المكان، لكن لو ذبح في غير هذا المكان، مع قدرته أن يصل إلى ذلك المكان، هذا المكان لا يخلو إما أن يتطلب شد رحل وسفر أو لا، والذبح عبادة، تقرب إلى الله -جل وعلا-، كالصلاة، فإن كان يحتاج إلى شد رحل فلا يجوز حينئذٍ أن يشد الرحل إلا لو نذر أن يذبح بمكة مثلاً، أو بالمدينة، أو التي تشد إليها الرحال، أو نذر أن يصلي في كذا أو كذا على ما سيأتي في الحديث الذي يليه.
قال: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((صل ها هنا)) فسأله، فقال: ((فشأنك إذاً)) " لأن بيت المقدس مما يجوز شد الرحل إليه، لكن إذا نذر أن يصلي في مكان غير المساجد الثلاثة فإنه يصلي في أي مكان، في مكانه ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) إذا نذر أن يصلي في المسجد الحرام لا بديل له، لا بد أن يصلي في المسجد الحرام، نذر أن يصلي في المسجد النبوي عليه أن يصلي في المسجد النبوي، أو في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل منه، وإذا نذر أن يصلي في بيت المقدس كما هنا يصلي في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي؛ لأنهما أفضل منه.
"فسأله" هذا مصر إلا أن يذهب إلى بيت المقدس ((شأنك إذاً)) لأن بيت المقدس مما يجوز شد الرحل إليه، ((فشأنك إذاً)) (إذاً) هذه تنوين وإلا نون؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقولون؟
طالب:. . . . . . . . .
النطق واحد، لكن كيف تكتب بنون؟ حينئذٍ تكتبها بنون وإلا بكسرتين؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
تنوين، ((فشأنك إذاً)) نون وإلا تنوين؟ ويش عندكم مكتوب تنوين وإلا نون؟
طالب:. . . . . . . . .
نسختك ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
وأنت؟
طالب:. . . . . . . . .
نون ساكنة عندنا كذا.
المبرد يقول: وددت أن أكوي يد من يكتب (إذاً) بالنون، أو (حينئذٍ) أو (وقتئذٍ) وهنا كتبت بالنون؟ والخلاف موجود، كما قال الإخوان موجود عند أئمة اللغة، هل تكتب بالنون الساكنة أو بالتنوين؟
"رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم".


يعني مثل هذه العبارة: "وددت أن أكوي" لا شك أنه تحمس وتشدد فيما يراه، يعني مثلما قالوا: من منع أبان فهو أتان، يعني منعه من الصرف، مع أن ابن مالك الإمام المشهود له بالمعرفة والخبرة يمنعه من الصرف، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
أبان، مثل عثمان، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أصلية وإلا زائدة؟ هل هو من الإباء أو من الإبانة؟ إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
أبان يعني قطع، هاه؟ إذا كانت أصلية فهو مصروف، وإذا كانت زائدة فهو ممنوع من الصرف.
قال بعد ذلك: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) " عندكم ((هذا)) وإلا ما فيه؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) " الإشارة هذه إلى مسجده -عليه الصلاة والسلام- في وقته، ومن يمنع إلحاق المزيد في المسجد في فضل المسجد، ومضاعفة المسجد يستند إلى الإشارة، حينما أشار: ((مسجدي هذا)) فعلى هذا التوسعة القديمة والجديدة بعد عصره -عليه الصلاة والسلام- ليس حكمها حكم المسجد؛ لوجود هذه الإشارة، لذلك وجودها مؤثر، هذا الذي جعلني أقول: هل هي موجودة عندكم وإلا غير موجودة؟ هي في الأصل موجودة، واستدل بها أهل العلم على هذا، لكن الأكثر على أن المزيد في حكم الأصل، وأن المضاعفة كما هي في الأصل في مسجده -عليه الصلاة والسلام- فيما أضيف إليه؛ لأن الحكم واحد.
هذا الحديث تقدم، سبق شرحه في باب الاعتكاف، وإيراده هنا من قبل المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما لو نذر أن يصلي في أي مسجد أي بقعة هل يلزمه الوفاء؟ بل هل يجوز له أن يشد الرحل ليتمم، ويأتي بما نذر به، أو أنه لا يجوز له أن يشد الرحل إلى أي مكان كان إلا إلى المساجد الثلاثة المذكورة.


((إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام)) بعض الناس يرغب في المضاعفات الموجودة في المسجد الحرام، ويرى رأي جمهور أهل العلم في أن المضاعفة في مكة كلها، الحرم كله حرم، بحدوده المعروفة، ولا تختص المضاعفة بالمسجد، ثم يقول: أنا أريد أن أذهب إلى مكة لأصلي في مسجد بطرف مكة، لكنه في الحرم، ويشد الرحل لا إلى المسجد نفسه، وإنما يقول: مكة كلها مسجد، والمضاعفة موجودة على قول الجمهور، يجوز له أن يشد الرحل إلى أي مسجد غير المسجد الحرام في مكة؟ التنصيص مسجد الحرام، يعني على الخلاف، من يرى أن الحرم كله مسجد {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] يعني إخراج المسلمين من قبل الكفار هل حصل من المسجد أو من مكة؟ من مكة، فالجمهور على أن مكة كلها مسجد، والمضاعفة موجودة، وعلى هذا يشد الرحل إلى أي مسجد في مكة، ومن خص ذلك بالمسجد، مسجد الكعبة قال: لا يجوز له أن يشد الرحل إلا إلى المسجد نفسه.
مسجد الأقصى ((مسجد الأقصى، ومسجدي هذا)) هذا ترتيب بالواو، العطف بالواو لا يقتضي الترتيب، وإلا فمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من المسجد الأقصى، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بألف صلاة، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وعلى هذا لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى على ما تقدم له أن يصلي في المسجد النبوي، وله من باب أولى أن يصلي في المسجد الحرام، ولا عكس.


شد الرحال إلى المشاهد والقبور وغيرها مما يحصل معها من تعظيم للمقبورين والأولياء على حد زعمهم، وصرف أنواع العبادة لهم، هذا لا يحتاج إلى كلام، وأنه هو الشرك الأكبر الذي وقعت فيه هذه الأمور، ومع الأسف أن كثير من الرحلات سواءً كانت للحج أو لغيره، جل قصدهم الذهاب إلى هذه المشاهد، يعني من خلال الاستقراء، رحلات الحج بدون .. ، إلا القليل النادر، القليل النادر اللي يهتم فيها بالأمور الشرعية، وإلا أكثرهم إلى المزارات والمشاهد والجبال، وأماكن يدعى أن فلاناً الولي مر بها، أو أن فلاناً وطئها، أو هذا الجبل فيه قدم آدم، أو فيه قدم كذا، ولا شك أن هذا من أعظم ما أوقع الناس في الشرك، -نسأل الله السلامة والعافية- وهذا تقدم الكلام فيه في باب الاعتكاف، والشاهد منه أنه إذا نذر أن يصلي في أحد هذه المساجد يجوز له أن يفي بنذره، بل يلزمه إذا كان في المسجد الحرام لا بد أن يصلي في المسجد الحرام؛ لأنه لا بديل له، وأما إذا نذر أن يصلي في المسجد النبوي فله أن يصلي في المسجد الحرام لأنه أفضل.
قال بعد ذلك: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام" في الجاهلية، نذر عمر -رضي الله عنه- قبل أن يسلم أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام "قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فأوف بنذرك)) " النذر من الكافر هل ينعقد وإلا لا ينعقد؟ ينعقد وإلا ما ينعقد؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ينعقد مطلق وإلا ينعقد إن أسلم؟ يعني لو أن عمر سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يسلم، قال: نذرت أن أعتكف، هل يقول له: أوف بنذرك حال كفره؟ لا، لكن هذه مسألة فرع من مسألة كبرى عند أهل العلم، وهي أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لكن لا تصح منهم حال كفرهم، وهنا انعقد النذر، ولذلك قال له: ((أوف بنذرك)) لأنك مخاطب بالنذر؛ لأنه من فروع الشريعة، والآن أنت أهل لأن تفي بنذرك، فعليك أن تفي به، فقال: ((فأوف بنذرك)).


المسألة الثانية: اعتكف ليلة، الليلة ليست محلاً للصيام، يستدل بهذا الحديث من يقول: إنه لا يلزم أن يكون الاعتكاف مقروناً بالصيام، وبهذا قال الحنابلة والشافعية، وقال غيرهم: لا يصح إلا مع الصيام، باعتبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعرف عنه أنه اعتكف إلا صائماً.
طالب: أقل الاعتكاف رعاك الله.
ما يسمى اعتكاف شرعاً، يعني المكث الطويل هذا اعتكاف، لكن قول الفقهاء: "من دخل المسجد فلينو الاعتكاف ولو لحظة" هذا لا أصل له، ولا قيمة له، مجرد الجلوس العادي ينتظر صلاة هذا ليس باعتكاف، لا يطلق عليه اعتكاف لغة، فأقل ما يطلق عليه من المكث اعتكاف لزوم للمكان، لغة هذا أقل ما .. ؛ لأن هذا أمر تحديده متروك إلا من قرنه بالصيام، فقال: لا بد أن يكون يوماً من أوله إلى آخره، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يقول: أيهما أفضل سد فرجة في الصف الأول أم الانضمام لشخص صلى منفرداً في الصف الثاني؟
يعني يدخل اثنان فأحدهما يجد فرجة في الصف الأول، والثاني يبقى فذ، فهل يصف مع صاحبه ويحسن إليه، ويترك الفرجة في الصف الأول ليسدها من يأتي؟ ((من وصل صفاً وصله الله)) لكن الإحسان إلى أخيك المسلم، وجعله يدرك الصلاة لا شك أن فيه فضل، وفيه إيثار، والإيثار عند أهل العلم بالقرب مكروه على حسب حكم هذه القربة، لكن قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، وهنا إذا آثرت أخاك، وصففت معه، وتركت الصف الأول لا شك أنك فرطت فيما رتب على سد الفرجة، وعلى الصف الأول، لكنك جبرت خاطر أخيك وصححت صلاته، فمن هذه الحيثية لو حصل مثل هذا الإيثار كان محموداً.
يقول: رأيت أن طلبة العلم يعني بعض طلبة العلم يسمح لطلابه بتقبيل يديه بدون أن يمنعهم على أن منهم من قد لا يفعل ذلك مع والديه، فأثر ذلك في نفسي، فهل فعله صحيح؟ لأني لم أرَ كبار العلماء يسمحون لطلابهم ... إلى آخره؟


المسألة في تقبيل اليدين صح فيها ثلاثة أحاديث، وأما تقبيل الرجل فهو ضعيف، أما تقبيل اليد فقد صح فيه ثلاثة أحاديث، وكون الإنسان لا يرضى بذلك لنفسه لا يعني أنه لا يجيزه، فكونه جائز شرعاً لا يعني أنه لا بد من فعله، وكونه واقع تحقيقاً لهذا الجواز لا يعني أن من رفض ذلك أنه لا يجيزه، وعلى كل حال لو تورع الإنسان عن ذلك هذا أولى، كما أن من شيوخنا الكبار لا يرضى بتقبيل رأسه فضلاً عن يده، هذا الأمر إليه.
ما حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة؟ وهل ينكر على من فعله؟ وهل للرجل أن يمنع أهله من حضورها؟
أنا لا أعرف أصلاً للدعاء عند ختم القرآن في صلاة ثنائية، يعني في التراويح، وإن رآه الإمام أحمد، وقال: كان أهل مكة يفعلونه، وقيل له: لو كان في الوتر؟ فقال: لا، في التراويح؛ ليكون لنا دعاءان، على كل حال هذا العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا أعرف ما يؤيد ذلك من السنة، لكن الحل في مثل هذا أن يجعل في الوتر، ينتهى من قراءة القرآن في الوتر، ويدعى بعد الركوع بدلاً من دعاء القنوت؛ ليوافق ختم القرآن، هذا له أصل حينئذٍ.
يقول: ادع لي أن يردني إلى دينه رداً جميلاً، وأن يزيدني علماً، وحفظاً لكتابه، واتباعاً لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فإن الفتن تتكالب علينا -نسأل الله السلامة والعافية-؟
هذا مطلوب لكل إنسان أن يدعو بهذا الدعاء له ولغيره.
هل يمكن الجمع في النوايا في الصلاة بالنسبة للسنن مثلاً والنوافل، وهل تجمع نية قضاء راتبة الصبح إذا أراد قضاءها في وقت الضحى، هل تجمع مع نية ركعتي الضحى؟ وهل تجمع الضحى مع نية قضاء الوتر مثلاً إذا نام عنه ليلاً وأراد قضاءه صباحاً؟ وهل تجمع نية صيام الست مثلاً مع صيام البيض؟ وجزيت خيراً.
القاعدة في مثل هذا أنه إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، ينصون على هذا، ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فإنها تدخل الصغرى في الكبرى.
يقول: هل يجوز الدخول بالصغيرة ولو لم تبلغ إذا كانت أهلاً لأن توطأ أم أن البلوغ مشترط في جواز الوطء؟ ولماذا أخر النبي -عليه الصلاة والسلام- الدخول بعائشة حتى بلغت تسع سنين؟


النبي -عليه الصلاة والسلام- عقد عليها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع، ومع ذلك كانت نضوة الخلقة بعد التسع، يعني قد لا تحتمل الوطء في ذلك الوقت؛ لأنها كانت خفيفة الوزن، وهي بنت تسع سنين، وكانت صغيرة، وكانت تلعب بالأرجوحة مع البنات، وهي بنت تسع سنين، ولا يلزم من العقد، أو من الدخول الوطء، بل الأمر مرده إلى تحمل ذلك وعدمه، والعقد على الصغيرة جائز، ولو كانت دون تسع، أو دون ست، يعني مجرد العقد، وأما الوطء فمع الإطاقة إذا أطاقت ذلك وإلا فلا.
يقول: هل يشترط في اليمين الغموس أن يقتطع بها مال امرئ مسلم، أم أن الحديث فسر اليمين الغموس ببعض ... ؟
لا شك أنه إذا كان يقتطع بها مال امرئ مسلم فالأمر أعظم وأشد، وإذا كان لا يقتطع بها مال امرئ مسلم، وهو فيها كاذب فكذبه مع اليمين أشد من كذبه دون يمين، لكن لا يصل إلى حد أن يقتطع به مال امرئ مسلم.
يقول: ما أفضل الشروح لكتاب بلوغ المرام؟
البلوغ له شروح كثيرة متقدمة ومطبوعة، وشروح حديثة بعضها مطبوع، وبعضها مسموع، وسبل السلام شرح مناسب ومتوسط ومختصر، وشرح متين على طريقة أهل العلم، على طريقة أهل العلم في التصنيف وانتقاء العبارات، ويبقى أن عليه ملاحظات ما يسلم، لكن مع ذلك هو من أفضل الشروح، وأما شروح المعاصرين فهي كثيرة جداً، كل المشايخ شرحوا البلوغ، وهي موجودة بعضها مطبوع، وبعضها مسموع.
هذه تقول: كيف التدرج في علم النحو في دراسة علم النحو؟ بماذا يبدأ بعد الأجرومية؟ وبماذا ينتهي؟
يعني الطريقة المألوفة عند أهل العلم أنه يبدأ بالأجرومية ثم القطر، قطر الندى، وبعضهم يقرأ في ملحة الإعراب بدل القطر، وبعضهم في كافية ابن الحاجب، وبعضهم في المفصل للزمخشري، وهذه الكتب الثلاثة لها شأن عند أهل العلم، لكنها في بلادنا غير معروفة لا الملحة ولا الكافية، ولا المفصل للزمخشري.


على كل حال الغاية في هذا الباب ألفية ابن مالك، فإذا قرأ الأجرومية، وحضر شرحها، وسمع وقرأ الشروح لا سيما شرح الكفراوي الذي يولد في طالب العلم ملكة إعرابية لا يترك شيئاً لا يعربه، شرح العشماوي فيه قواعد وضوابط في هذا العلم قد لا توجد عند غيره، وهو شرح مختصر، وهذان الشرحان معتمدان عند أهل العلم.
هناك شروح ميسرة ومبسطة لبعض المعاصرين، لكن هذان الشرحان لا يعدلهما شيء، ثم بعد ذلك إذا قرأ في القطر وشرحه، تأهل للنظر في الألفية، وإن ترك القطر وقرأ في كافية ابن الحاجب، لكن الخشية أن يشكل عليه شيء، فلا يجد من يحله له؛ لأن الكتاب إذا كان غير مطروق في البلد قد يعوز في فهمه بعض الجمل، أو بعض العبارات، ثم النتيجة لا يجد من يشرحه له، نعم الشروح موجودة ومتيسرة وكثيرة، والكافية صار لها حضوة عند أهل العلم، والكافيجي نسب إليها، محيي الدين الكافيجي نسب إليها؛ لأنه لزمها قراءة واقراءاً وتدريساً، فنسب إلى كافية ابن الحاجب، فلها حضور، ولها أيضاً شروح كبيرة ومطبوعة وقديمة جداً، طبع بعضها قبل مائتي سنة، من أوائل المطبوعات شروح الكافية، وكذلك الملحة للحريري، نظم سلس وسهل، ويجري على اللسان بسهولة جداً، ويقبله السمع، وهي أيضاً مشروحة من قبل الناظم نفسه الحريري، وأيضاً بحرق اليمني شرحها بشرح طيب.
هل مواقف الحرم المدني من المسجد علماً أنها. . . . . . . . .؟
ليست من المسجد، المواقف ليست من المسجد، والساحات التي فيها دورات المياه ليست من المسجد، فلا يصلى فيها إلا عند أن يضيق المسجد، وتتصل الصفوف، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.