شرح عمدة الأحكام عبد الكريم الخضير

 

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (7)
الشيخ: عبد الكريم الخضير
وفيه أدعية وأذكار يحرص عليها طالب العلم، ويأتي بها، نعم.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يقول -رحمه الله تعالى-:


"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال" ما قال: "وعنه" والحديث عن أنس؛ لئلا يظن أن الضمير يعود إلى ثابت "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أخف يعني الصلاة، لا سيما الإمام يتعلق به أمران، أمر يتعلق بالصلاة فلا بد من إتمامها، لا بد من إتمام الصلاة، بأن يأتي بأركانها وواجباتها وسننها، وأمر يتعلق بالمأمومين، فلا يثقل عليهم ولا ينفرهم، واجتمع هذا في النبي -عليه الصلاة والسلام-، بعض الناس لا يستطيع التوفيق، فإما أن يشق على المأمومين، ويطبق جميع السنن والواجبات والأركان، أو يكون تخفيفه ملاحظته للمأمومين على حساب الصلاة، فلا بد من التوفيق بين هذين، الصلاة ركن الإسلام الأعظم، فتخفف من أجل فلان وعلان من المأمومين؟ نعم المأموم له حق ((وأيكم أم الناس فليخفف)) ((أفتان أنت يا معاذ؟ )) كل هذه تدل على أنه يخفف، لكن تخفيف نسبي، قد يقول قائل: إن العلاقة بين المأموم والإمام لها دخل كبير في الخفة، بعض الناس تصلي وراءه وبينك وبينه ود، لو تكون الصلاة ساعة خفيفة عندك، ملاحظ وإلا ما هو ملاحظ؟ وبعض الناس لو يقرأ أقصر السور صارت أثقل من الجبل عليك، لكن وأنت ماثل بين يدي الله -عز وجل- في هذه الصلاة، هل الملاحظ الإمام أو من مثلت بين يديه؟ الملاحظ الرب -جل وعلا-، فأنت بين يدي الله -جل وعلا-، وقفت بين يدي الرب الكريم، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه، وتمتثل أمره، فعليك أن تقبل على صلاتك، ولو كان بينك وبين الإمام ما بينك وبينه، إذا كانت إمامته صحيحة مالك علاقة، مع الأسف يلاحظ أن بعض الناس أنه قد يوجد أدنى خلاف فإما أن يترك الصلاة خلف هذا الإمام، ويعرض صلاته للفوات، أو يصلي معه صلاة هي مجرد أفعال، ليس للقلب منها نصيب، أنت تتعامل مع الله -جل وعلا-، لست تتعامل مع زيد أو عمرو من الناس، فليقبل الإنسان على صلاته، وليتعامل مع ربه، لا شك أن الألُفة مطلوبة بين المسلمين، ولا شرعت الجماعة إلا من أجل هذا، والإمام الذي يرى أن أكثر الناس ما يرغبون الصلاة وراءه يترك الإمامة، لا سيما إذا كان عدم رغبتهم به بحق، فقد يقول القائل: إن الباعث لمقالة


أنس: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أنه فيه الحب والود، وهذا يخفف الوقوف، وهذا شيء محسوس وملموس، لكن يجب أن يكون الباعث على الصلاة، والمنظور إليه في الصلاة من أولها إلى آخرها، الآمر بها وهو الله -جل وعلا-، أنت تؤدي الصلاة من أجله، تطلب رضاه وتخشى عقابه ولذلك صليت، كونك صليت وراء إمام بينك وبينه مشاحنات دنيوية، أو خلاف في منهج، ما عليك منه، نعم التخفيف على المأموم مطلوب ((أيكم أم الناس فليخفف)) وهذا التخفيف كما يقول أهل العلم ليس فيه حجة للنقارين، يعني تخفيف مع الإتيان بالأركان والواجبات والسنن؛ ليحافظ على صلاته؛ لتكون الصلاة مجزية، مسقطة للطلب، تترتب آثارها عليها، أنت تصلي صلاة لا يأمرك الفقهاء بإعادتها، لكن لا تترتب أثارها، ليس لك من أجرها شيء هذه مشكلة بعد، نعم قد تصلي صلاة بالأركان، لكن ليس لك عليها أجر ولا ثواب، والفقهاء يقولون: إن هذه صحيحة مجزئة، لكن القلب ما استفاد، والصلاة التي تؤدى على الوجه المأمور به هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي التي تكفر الصغائر، الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، رمضان إلى رمضان، العمرة إلى العمرة، هذه مكفرات، لكن المقصود بهذه العبادات التي أديت على الوجه الشرعي.


"ولا أتم صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نعم يتمكن من الركوع والسجود، قد يقرأ بطوال المفصل، قد يقرأ بأوساطه، قد يقرأ بقصاره، فالصلاة تامة، يسبح التسبيح المطلوب، يأتي بالأذكار المطلوبة على وجهها، هذه صلاة تامة، يستحضر أنه في صلاة يقبل على ربه، يتدبر ما يقول، يخشع بين يدي الله -عز وجل-، يبكي، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه صلاة تامة، ومع ذلك هي خفيفة؛ لأنه قرأ فيها ما لا يشق على المأموم، فالمطلوب من الإمام أمران، إتمام الصلاة، وترك الفرصة للمأموم على أن يأتي بجميع الأركان على وجهها؛ لأن بعضهم قد يلاحظ بعض المأمومين لأنه كبير وضعيف يلاحظه من جهة، من جهة الضعف فيخفف، ولا يلاحظه من جهة إتمام الصلاة؛ لأن هذا الضعيف أيضاً بحاجة إلى مراعاة، بمعنى أنك تنتظر حتى يسجد، ويتمكن من سجوده، أما إذا سجدت ثم قمت قبل أن يسجد لأنه قد لا تطاوعه أعضاؤه لمتابعتك بالسجود من أول مرة، ولا يجوز له أن يسابقك، فلا بد من مراعاته من الوجهين، هذا الضعيف والكبير كلهم بحاجة إلى من يراعيهم، يخفف عليهم، فلا يصلى صلاة تشق عليهم، وأيضاً يمكنون من الركوع والسجود، ولا شك أن التطويل في حق الإمام إضرار بالمأمومين، وتفويت لمصالحهم، وأما التقصير في الصلاة والإخلال بها، لا شك أنه بخس في العبادة، نعم.
وعن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري قال: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ فقال: مثل صلاة شيخنا هذا، وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض، أراد بشيخهم أبا بريد عمرو بن سلمة الجرمي، ويقال: أبو يزيد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:


"عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري، قال: جاءنا مالك بن الحويرث" مالك بن الحويرث مع جمع من الشببة، جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة، وصلوا وراءه، ثم أمرهم بالانصراف إلى أهليهم "جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم، وما أريد الصلاة" يعني لمجرد التعليم، لا يريد الصلاة، إنما يصلي بهم ليعلمهم الصلاة بالفعل "أصلي كيف رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والأمر الوارد في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هو جزء من حديث مالك بن الحويرث ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فهو يصلي كما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، ويري الناس كيف كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي؛ ليتم له امتثال الأمر ((صلوا كما رأيتموني أصلي)).
"أصلي كيف رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا، شيخهم أبو بريد عمرو بن سلمة الجرمي" هذا الذي كان يصلي بقومه، وهو طفل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، واستمر إماماً إلى أن طال عمره، يقول: "وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض" في أي ركعة؟ الأولى والثالثة.
طالب:. . . . . . . . .


إيه، معروف الثانية والرابعة وبعدين تشهد، الكلام في الأولى والثالثة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: "إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً" هذه الصلاة التي صلاها بهم مالك بن الحويرث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد وفاته؟ بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، يصلي بهم ويفعلها، وهو راوي الحديث، وهذه الجلسة يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة، وهي ما إذا تمت الركعة الأولى وأراد أن ينهض إلى الثانية جلس، استوى قاعداً ثم قام، وإذا انتهى من الركعة الثالثة وأراد أن يقوم إلى الرابعة جلس، فإذا كان في وتر من صلاته، يعني بعد تمام الأولى وبعد تمام الثالثة لم ينهض حتى يستوي قاعداً، وهنا: "وكان يجلس إذا رفع رأسه قبل أن ينهض" هذه الجلسة التي يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، في البخاري من حديث مالك بن الحويرث هذا، وفعلها مالك بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال بها الإمام الشافعي فاستحبها مطلقاً، والإمام أحمد في رواية، وذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه إلى أنها لا تشرع إلا لمن احتاجها، من احتاج إليها يفعلها، بدليل أن من نقل صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها، ومالك بن الحويرث إنما جاء في آخر زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ثقل، جاء في بعض الروايات: لما بدن، لما ثقل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها، ولذا يقرر أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، يقولون: من احتاج إليها فعلها، وليست من سنن الصلاة الثابتة التي نقلت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونقلها عنه كل من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما يفعلها من احتاج إليها، إذا ثقل الإنسان يفعلها، ولذا سموها جلسة الاستراحة.


وأطال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تقرير ذلك، بالنسبة لنقلها جاءت من حديث مالك بن الحويرث في الصحيح، وأشار ابن القيم إلى أنها جاءت في بعض طرق حديث أبي حُميد، ونقل عن أبي حُميد أنه كان يفعلها، أبي حميد الساعدي الذي وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمحضر عشرة من أصحابه، جاءت في بعض طرقه هذه الجلسة، وأشار الحافظ ابن حجر في التلخيص إلى أنها جاءت في بعض طرق حديث المسيء في صلاته، وعلى هذا جاءت من أكثر من وجه، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- علمها المسيء، هل نقول: إنها لا تفعل إلا مع الثقل؟ ما يلزم، هذا من حيث الرواية، من حيث الدراية يمكن أن أسأل كبار السن، أو الأشخاص الذين فيهم روماتيزم، لا تطاوعهم ركبهم، ولا تنثني بسهولة، بالله عليكم هل هذه الجلسة بالفعل استراحة وإلا زيادة عناء ومشقة؟ صحيح، هل هي عناء ومشقة؟ يعني صاحب الروماتيزم أفضل له أنه ينهض من السجود إلى القيام أو يتورك ثم يقوم؟ يلزمه يثني ركبه مرة ثم يفلها، ثم يثنيها ثانية للجلسة ثم يقوم، علشان نقول: إنها استراحة وعند الحاجة، من جرب وعرف، صاحب الروماتيزم أو كبير السن يتمنى أنه ينهض ما يجلس؛ لأن الجلوس يشق عليه، فكيف نقول: جلسة استراحة، ما في نص يدل على أنها استراحة، يعني تسميتها من قبل الفقهاء، وورودها ثابت من أكثر من حديث، يعني حديث .. ، لو قلنا: مالك بن الحويرث وجاء في آخر عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي ثقل وكذا، ممكن، لكن مرض النبي -عليه الصلاة والسلام- تروا أيام ما طول، فعلى هذا نقول: هي ليست بجلسة استراحة، وإنما هي زيادة تكليف في الصلاة، ما هي بجلسة، بيقول: والله قصر من الصلاة يبي يتلين له خمس دقائق أو عشر دقائق، لا، هي مجرد ما يثني رجليه يعتدل في جلسته ثم يقوم مباشرة؛ لأنها ليس لها ذكر مخصوص، فعلى هذا المتجه القول باستحبابها للمحتاج وغير المحتاج، يعني قد نعذر المحتاج، ولا نكلفه بهذه الجلسة لأنها زيادة مشقة، خلاف ما يقولون، واضح وإلا ما هو واضح؟ فهذه زيادة تكليف، وليست بالفعل استراحة، نقول: إنه يستحب لكل مصلٍ أن يجلس هذه الجلسة بعد تمام الركعة الأولى، وبعد تمام الركعة الثالثة، طيب قد يقول قائل:


الحديث الذي تقدم ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليها)) الإمام ما يجلس للاستراحة، إيش رأيكم نجلس وإلا ما نجلس؟ نقول: نجلس، نجلس ما دام ثبتت سنيتها نجلس، طيب افترض أن الإمام ما يرفع يديه أو يقبض يديه، أو يفرط في بعض السنن نفرط معه؟ لا، نحن مأمورون بالاقتداء به، ولا نختلف فيما هو مشروع، لكن لو ارتكب محظور نرتكب معه محظور؟ فإن أحسن فله ولكم، وإن أساء فعليه، يعني تصورنا إمام حنفي ما يرفع يديه عند الركوع والرفع من الركوع ما نرفع؟ لا تختلفوا عليه، لا، إذا فرط بشيء من السنن لا يتابع، وهي أيضاً هذه جلسة خفيفة لا تفوت الاقتداء، يعني من جربها يصل، يقوم مع الناس ما يتأخر، يثني رجليه ثم يجلس قاعد ثم يقوم مع الناس، يعني ما يفوته ولا آية من القراءة، هذا شيء مجرب، فالمتجه القول بسنيتها مطلقاً، نعم.
عفا الله عنك.
وعن عبد الله بن مالك بن بحينة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.
"عن عبد الله بن مالك بن بحينة" وقد يقال: عن عبد الله بن بحينة، عن عبد الله بن مالك بن القشب بن بحينة، من يعرب لنا هذا؟ ويحذف (عن) هذه، ويجعل بدلها صيغة (قال)، قال عبد الله بن مالك، هنا ما يختلف فيها الإعراب (عن) هذه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يختلف.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
اثبت الألف.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
ابنُ.
طالب:. . . . . . . . .
أو تكون صفة لعبد الأول.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، هذه وصف، كلاهما وصف لعبد، فعبد الله يوصف بأنه ابن مالك لأنه أبوه، ويوصف بأنه ابن بحينة لأنها أمه، مثل عبد الله بن أبي بن سلول، هذه أمه وهذا أبوه، فتثبت الألف، وتعرب إعراب الاسم الأول؛ لأنها تابعة له، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .


إيش لون نحتاج إلى تقدير؟ ما الذي يضطرنا إلى التقدير؟ والأصل في ابن أنها تابعة لما قبلها، فهي تابعة لما قبلها، فإما أن تعرب وصف أو بدل أو بيان، هي تابعة لما قبلها، لكن إذا قلنا: عن عبد الله بنِ مالك بنِ بحينة، ولا تزال الحركات صحيحة، وابن مجرورة باعتبار أنها وصف لعبد، وليست وصفاً لمالك، لكن لو قلنا: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فإذا قلت: قال عبد الله بنُ عمرو بنِ العاص، يعني كل واحد تابعة لما قبلها؛ لأنها بين علمين متوالدين، فتحذف الألف، وتعرب إعراب ما قبلها، أما هنا عبد الله بن مالك بن بحينة، عبد الله بن أبي بن سلول، وقل مثل هذا محمد بنُ عبد الله بنُ حبيب؛ لأن حبيب أمه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وغيره، حبيب اسم امرأة، عاد يا الله إيش تقول؟ فيه إشكال؟ لا موجود، حبيب اسم امرأة، كما أن جويرية بن أسماء، جويرية اسم رجل، وأبوه اسمه أسماء، فهم يسمون بهذا وهذا، فعلى كل حال مثل هذه ينتبه لها؛ لأن الأصل في ابن أنها بدل أو بيان لما قبلها، إذا وقعت بين علمين متوالدين، تعرب تبعاً لما قبلها، وتحذف الألف، لكن هنا تثبت الألف، وتعرب إعراب ما قبل الذي قبلها.


"-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطه" التفريج والمجافاة والتجافي هذا سنة في الصلاة، يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، هذه المجافاة، ومر في وصف صلاته -عليه الصلاة والسلام- أنه لو شاءت بهمة أن تمر بينه وبين الأرض لمرت من المجافاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجافي، وهذه هي السنة في الصلاة، إذا لم تخالف سنة أخرى، إذا خالفت التراص مثلاً قدم التراص عليها، فالإمام يجافي، المنفرد يجافي، المأموم الذي يتسنى له ذلك يجافي، لكن مع طلب التراص في الصف، لا شك أن مثل سنة أقوى منها؛ لأن هذا أوجبه بعضهم، والمجافاة سنة، حتى يبدو بياض أبطه، يراه من خلفه؛ لأنهم يلبسون وأردية، يبدو منها هذا، نعم المنكب لا بد من ستره، أما الإبط فلا يلزم سترة ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبه منه شيء)) وفي الرواية الأخرى: ((ليس على منكبيه منه شيء)) أما الإبط فلا مانع، ويستدل بهذا بعض أهل العلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا من خواصه ليس على إبطه شعر، فكيف يبدو البياض وعليه شعر؟ يقولون: ليس على إبطه شعر، هذا يمكن من خواصه -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا كان الشعر خفيف، إذا وجد شعر خفيف لا يمنع من رؤية البياض، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- أزهر اللون، أبيض، يميل إلى الحمرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المرأة؟
طالب:. . . . . . . . .


بالنسبة للمرأة الفقهاء يقولون: المطلوب من المرأة الستر، وعليها أن تنضم لا تجافي، تلصق بعضها ببعض؛ لأنه أستر لها، يعني ولو كانت في بيتها؛ لأنه أستر لها، ولا شك أن هذا فيه محافظة على المرأة وعلى .. ؛ لأنه كل ما ينتشر الشيء، يتعرض للانكشاف وللرؤية، لكن إذا أنضم قل هذا الاحتمال، ويذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مر بامرأتين قد جافتا، فأشار إلى أن هذا ليس لهما بل للرجال، لكن الحديث ما أدري عن ثبوته؟ فالتجافي لا شك أنه بالنسبة للرجال ظاهر، أما بالنسبة للنساء إن ورد دليل يخصهن وإلا فالأصل أن النساء شقائق الرجال، يعني ما يطلب من الرجال، مما لا يعارض بأدلة أخرى، فهو مطلوب منهن، في البخاري: كانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل، وكانت فقيهة، فدل على أنه في مثل هذه الأمور المرأة كالرجل سواء، إلا ما دل الدليل على اختصاصها به، أو كان ما يفعله الرجال مما نهي عنه النساء، نعم، فلا شك أن التضام بالنسبة للمرأة أستر لها، لكن يبقى أنه إذا لم يرد دليل يخصها فهي مأمورة بما يأمر به الرجل؛ لأن التكليف للرجال وللنساء على حد سواء، نعم.
عفا الله عنك.
وعن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن أبي سلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم" وجاء أمره -عليه الصلاة والسلام- بمخالفة اليهود ((خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)) هذا أمر بمخالفتهم، فالصلاة في النعال سنة، لكن إذا عورضت بأمور أخرى بقي النظر في تعارض السنن، وإذا وصل إلى المسجد وعليه خفاف وأراد أن يدخل بها، وأصابها شيء من الأذى يدلكها، وطهورهم التراب، وجاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافياً ومنتعلاً، على كل حال هذا من الأمور الموسعة، اللهم إلا من حيث الأمر بمخالفة اليهود، فإذا صلى في بعض الأحيان في نعاله، ومرة حافياً، ومشى مرة منتعلاً، ومرة حافياً أصاب السنة -إن شاء الله تعالى-.


وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي نعليه شيء من الأذى، فجاءه جبريل يخبره بذلك فخلع النعلين، وعلى هذا من صلى بنجاسة جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة، لكن إذا علم بها أثناء صلاته لزمه الخلع، لكن إذا لزمه خلع ما يستر به عورته إيش يسوي؟ يصلي في ثوب واحد، يفترض أن عليه سروال وفنيلة مثلاً، وتبين أن في سرواله نجاسة إيش يسوي؟ ماذا يصنع؟ يخلع؟ مو قلنا: ستر العورة شرط؟
طالب:. . . . . . . . .


ما عليه غيره، لو عليه ثوب ما يخالف، إيه يقطع صلاته ما له إلا هذا؛ لأنه إن صلى صلى في نجاسة، وإن خلع خلع شرط، فعلى هذا يقطع صلاته، إذا صلى في النجاسة التي علمها، سبق أن علمها، أما إذا جلها فهذا لا إشكال في إجزاء الصلاة للحديث، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أعاد ما صلاه قبل، إذا علم النجاسة، علم أن في ثوبه نجاسة، ثم نسيها، نسي النجاسة، فصلى، فلما صلى تذكر النجاسة، عند المذهب يبطلون الصلاة، لا بد من الإعادة، فإن علمها ثم جهلها أعاد، وهذا محمول على الذي لم يعلم بها بالكلية، الذي لم يعلم بها بالكلية صلاته صحيحة، لكن علمها وفرط في غسلها، ثم صلى جاهلاً بها عندهم يعيد، ولا شك أن الجهل يرفع؛ لأن الجهل والنسيان القاعدة فيهما واحدة، فالنسيان عند أهل العلم ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود؛ لأنه جاء {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا} [(286) سورة البقرة] نعم لا مؤاخذة بالنسيان وجوداً ولا عدماً، لكن الموجود مع النسيان حكمه حكم العدم، والمعدوم مع النسيان لا بد من الإتيان به، المعدوم لا بد من الإتيان به، يعني لو صلى شخص ناسياً الظهر خمس ركعات، نقول: نسيانك نزل الموجود هذه الركعة الزائدة منزلة المعدوم، ولا إثم عليك، لكن لو قال: والله نسيت صليت الظهر ثلاث ركعات، والله يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وقال: قد فعلت، نقول: نعم، ما عليك إثم، لم يؤاخذك الله -جل وعلا- بنسيانك، لكن لا بد من الإتيان بالركعة المتممة لصلاتك؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، هذا مقرر عند أهل العلم، وأمثلته كثيرة جداً، فرق بين من ينسى ستر العورة مثلاً، هذا لا بد أن يعيد، وبين أن ينسى ويصلي بعورة مستورة بسترة فيها نجاسة هذا لا يعيد، نعم.
عفا الله عنك.
وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:


"وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي" (كان) هذه في الأصل تدل على الاستمرار، لكنها هنا مرة واحدة، كان يصلي يعني حصل أن صلى مرة واحدة، وهو حاملٌ أمامة أو حاملُ أمامة؟ بالتنوين أو عدمه؟ وجهاً واحداً؟ حاملٌ أمامة أمامة إعرابها؟
طالب:. . . . . . . . .
مفعول به لاسم الفاعل يعني إذا قلنا بالتنوين؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل فعله، لكن إذا لم ننون، حاملُ أمامة، مضاف إليه لكنه مجرور بالفتحة لأنه علم مؤنث، وأيهما أرجح التنوين أو عدمه؟ ما في راجح وفي مرجوح؟
طالب:. . . . . . . . .
{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [(3) سورة الطلاق] إيش؟ في قراءة بالغٌ أمرَُهُ؟ {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ} [(45) سورة النازعات] نعم يجوز التنوين وعدمه وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
ما قال: بالغاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هدياً وإلا وصف؟ وصف لأنه نكرة، حاجته إلى الوصف أكثر من حاجته إلى الحال، في مثل هذا: حاملٌُ أمامة أو حاملُ أمامة؟ إمامة أما مفعول أو مضاف إليه، فمع التنوين تكون مفعول، ومع عدمه تكون مضاف إليه، ويجوز هذا وهذا، لكن هم يرجحون التنوين فيما مضى، وعدمه فيما يستقبل، والمسألة سهلة ما فيها إشكال -إن شاء الله-.
وأمامة بنت زينت بنت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمامةَ بنتَ، وعلى عدم التنوين نقول: بنتِ.


"زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" زينب بنتِ وصف لزينب، الأولى وصف لأمامة وهو مفعول به، وبنتِ وصف لزينب وهي مجرورة "بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الله -جل وعلا- يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [(5) سورة الأحزاب] وهنا يقول: بنت زينب، هنا يتداوله الرواة لشرف الانتساب إليه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا ذكروا الأم ثم ذكروا الأب "ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس" وفي الموطأ: لأبي العاص بن ربيعة، ومنهم من قال: هذا وهم من مالك، والصواب ابن الربيع، ومنهم من قال: إن ربيعة جد له، فنسب إلى جده، على كل حال هو أبو العاص بن الربيع، زوج زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثنى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- في مصاهرته، وتأخر إسلامه عن زينب.


"فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حامل أمامة، هذا الفعل المتكرر، من النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة، أولاً: هل الصلاة فريضة أو نافلة؟ منهم من قال: نافلة، والنافلة يتوسع فيها أكثر من الفريضة، لكن في بعض الروايات قال الراوي: بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الظهر، إذ خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو حامل أمامة، فدل على أنها فريضة، المالكية لهم أجوبة كثيرة عن هذا الحديث، منهم من قال: في صلاة النافلة، ومنهم من قال: هذا العمل منسوخ بحديث: ((إن في الصلاة لشغلاً)) لكن حديث: ((إن في الصلاة لشغلاً)) متقدم على هذا الحديث قطعاً، ومنهم من يقول: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذه الخصوصية لا بد لها من دليل، والقول بالخصوصية في مثل هذا لا يتجه، لماذا؟ لأن هل مثل هذه الحركات أكمل أو عدمها أكمل؟ عدمها أكمل، يعني هل نطالب الأمة بالكمال والرسول الذي هو أكمل الخلق يتسامح له في مثل هذه الأمور؟ يعني كل كمال مطلوب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، فكيف نقول: إن مثل هذه الحركات ما يخالف الرسول يخصه مثل هذه الحركات يتحرك، يسمح له، واللي غيره ما يسمح له؟ لا، ما تأتي الخصوصية بمثل هذا، فالكمال الذي يطلب من الأمة يطلب منه -عليه الصلاة والسلام-، بل قد يطلب منه من الكمال أعظم مما يطلب من الأمة لأنه أكمل، منهم من يقول: إن وجه الخصوصية للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن مثل هذه الصبية لا يؤمن أن تبول، إذا حملها أحد، بينما النبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم من أن تبول عليه، كما قالوا نظير ذلك في طوافه -عليه الصلاة والسلام- على الدابة، قالوا: ما يجوز أحد يطوف على الدابة، لماذا؟ لأنها احتمال أن تبول في المسجد، وعند الشافعية الذين يقولون مثل هذا الكلام بولها نجس، فلا يجوز أن يعرض مثل هذا المكان للنجاسة، طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل .. ، قال: أبداً، النبي مخصوص بهذا؛ لأن دابته لا تبول في هذا المكان، وهذه الصبية لن تبول وقد حملها النبي -عليه الصلاة والسلام-، طيب منهم من يقول مثل هذا العمل يجوز


للحاجة، فإذا كان مع الإنسان طفل مثل هذا، ولم يجد من يكفيه أمره، وخشي عليه، يحمله وإلا فلا، لكن بيوت النبي -عليه الصلاة والسلام- معمورة بنسائه، يوجد من يكفيه أمرها، فليست المسألة معلقة بالحاجة، وإنما فعله -عليه الصلاة والسلام- لبيان جواز مثل هذا الفعل، لكن كونه يدل على الجواز هل يدل على أنه أفضل بحيث إذا كان الإنسان في بيته وأراد أن يتنفل شال معه بزر وإلا شيء يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ صلاته صحيحة، ويجوز له ذلك، لكن الأكمل أن يبتعد عن كل ما يشغله، النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا بالنسبة له باعتباره مشرع أكمل؛ لأن بيانه للشرع أكمل من عدمه، ولو فوت بعض السنن لبيان الجواز، الأجوبة عن هذا الحديث كثيرة لا سيما لمن لا يرى مثل هذا العمل، وأنه عمل كثير، إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، وعند الشافعية مثل هذا العمل عمل مفرق، ليس بعمل متوالي، نعم هو مفوت لبعض السنن، هذا العمل مفوت لبعض السنن، فلا يتأتى لمن حمل مثل هذا أن يرفع يديه حذو منكبيه، ولا أن يقبض اليسرى باليمنى، وهكذا يفوت عليه بعض السنن، لكن فعله -عليه الصلاة والسلام- مثل هذا لبيان الجواز، وهو تشريع، طيب القراءة في المصحف في النافلة في الفريضة لحاجة لغير حاجة، يعني المصحف حمله ووضعه ليس بأشد ولا أعظم من حمل هذه الصبية، ولذا جوز بعضهم من هذا الحديث جواز الصلاة والقراءة من المصحف أثناء الصلاة، أما عند الحاجة فلا إشكال، في النافلة فلا إشكال، عائشة -رضي الله عنها- اتخذت إماماً يصلي بها التراويح من المصحف، لكن إذا قلنا في الفريضة لا شك أنه قياس على هذا القول بجوازه يتجه، لكنه خلاف الأولى، والآن المحاولات في إصدار شاشات في المحاريب فيها قرآن، يضغط على الزر على السورة اللي بيقرأ ويطلعه ويقرأ منه، وهذه عبادة، الواجب صيانتها عن المحدثات إلا ما احتيج إليه، فيقتصر منه على قدر الحاجة، الأصل أن الصلاة بدون كثير مما ترونه الآن؛ لأنها عبادة والعبادات توقيفية، وتوقف كثير من أهل العلم في بداية الأمر في مثل المكبرات، بل منهم من مات ما استعملها، صيانة لهذه العبادة من المحدثات، لكن إذا دعت الحاجة إليها فاستعملها أهل العلم وأباحوها


وجوزوها، ولكن ينبغي أن تكون بقدر الحاجة؛ لأنه وجد من يستعمل هذه الآلات، ويسترسل فيها، وليس وراءه إلا الإمام أو واحد واثنين، المؤذن ومعه واحد أو اثنين، ومع ذلك يأتي بمكبرات بمئات الألوف، علشان إيش؟ بل يأتي بمؤثرات، وترديد كلام وصدأ، علشان إيش؟ لا شك أن الاسترسال في هذه المحدثات خلاف الأولى خلاف السنة، فالصلاة الأصل فيها أنها .. ، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق] لكن احتيج إلى قدر زائد فبدلاً من المستملين المبلغين عن الإمام تستعمل مثل هذه الآيات بقدر حاجة، فالأجوبة من قبل أهل العلم لا سيما المالكية كثرت عن هذا الحديث؛ لأن المطلوب من المصلي الإقبال على صلاته، وعدم الانشغال بغيرها، لكن ما دام هذا ثابت وفي الصحيحين ما لأحد كلام، وليس معنى هذا بعد أيضاً فتح باب لكل من حضر إلى المسجد أن يحضر طفله ليصلي به مع الناس، النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله ليبان الجواز، وليس معنى جوازه أنه هو الأفضل والأكمل، لكن من أحضر لا يمنع، اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، من أحضر لا يمنع إلا إذا أحدث تشويش للمصلين من هذه الجهة، ويسترسل بعض الناس في إحضار الأطفال ويترك الأم بدون عمل، يحضر معه ثلاثة، أربعة، كلهم أبو سنة وأبو سنتين، واحد قدامه وواحد بينه وبين الذي عن يمينه، وواحد .. ، هذه ما هي بصلاة صارت، هذا لعب، ووصل الأمر ببعض الناس -شيئاً رأيته- في انتظار صلاة العيد رأيناه والله وهذا أمر محزن، يعني يكلم المرأة في المسجد الحرام، بينها وبين الرجال حاجز، ويأخذ الطفل منها، من المرأة، ويخرج به عن المسجد، ويغير له، ويجيبه ويعطيه أمه، يعني وصل الأمر إلى هذا الحد؟! ما هو معقول أبداً، الأم لها وظيفة، والأب له وظيفة، يعني كون الدعوة إلى حقوق المرأة، واحترام المرأة، وتقدير المرأة، هذا ليس ظلم للمرأة، صحيح يا إخوان، الإسلام معتدل في تشريعه، الرجل له وظائف، والمرأة لها وظائف، من حق المرأة على الرجل أن يعينها إذا زادت التكاليف، ومن المؤسف أن يقال للمرأة التي ترعى شؤون بيتها وأولادها وأطفالها يقال لها: عاطلة، وبالمقابل المرأة التي ترعى شؤون أولاد غيرها هذه عاملة، تتوظف


بحضانة ما يخالف، لكن تعمل في بيتها، وتربي أولادها، لا هذه عاطلة، هذه لا بد تخرج، هذه مظلومة في البيت، وتطلع علشان تشتغل في حضانة، في بيت ثانين، أو في مدرسة وإلا شيء حضانة، شغلها مثل شغلها في البيت، تنظف الأولاد وتربيهم، هذه عاملة وهذه عاطلة، لكن إلى الله المشتكى، والمسلمون يستجيبون لمثل هذه المطالب.
هذا يقول: في جلسة الاستراحة يرى بعض المعاصرين عدم فعلها كالشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع، وكما ذكرتَ من المتقدمين ألا نقول: تفعل مرة وتترك وهكذا؟ وما موقفنا في مثل هذه الاختلافات؟
المرد {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ} [(10) سورة الشورى] وين يرد؟ نعم إلى الله ورسوله، وما دام ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بما سمعتم، وكل يفعل ويعمل بما يعتقد، ويدين الله به، وما دام بلغه عن الله وعن رسوله، المسألة فيها أئمة كبار، يعني مثل الإمام أبي حنيفة أو مثل مالك نجم السنن، أو مثل أحمد إمام أهل السنة، كلهم ما قالوا بجلسة الاستراحة، نعم رواية عن أحمد وهي قول الشافعي قالوا بها، وليس معنى هذا إذا قرر مسألة أنه مصادرة لأقوال الآخرين، أبداً، لكن هذا مجلس تعليم ومجلس تمرين على كيفية التفقه والاستنباط، وكونك تبي تلزم بقول رُجح هنا، ما هو بإلزام، يعني بإمكانك أن تعمل، المسألة ما هي بإلزام، لكن إذا بان لك الحق لا مندوحة عن العمل به، ولو خالفه من خالفه، تعمل بما تعتقد وتدين الله به -جل وعلا- من خلال ما ثبت عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحد ذراعيه انبساط الكلب)).


وهذا الحديث أيضاً "عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اعتدلوا في السجود)) " كيف نعتدل في السجود؟ يعني الاعتدال في الركوع متصور، الاعتدال في القيام متصور، يعني في الركوع الاعتدال تعديل الظهر، ودع الرأس مساوية للمؤخرة، هذا اعتدال، لكن كيف نعتدل في السجود؟ أليس المطلوب منا أن نجعل أسافل البدن أعلى من أعاليه في السجود؟ نعم هذا هو المطلوب في السجود، هل معنى ((اعتدلوا في السجود)) أن نجعل شيئاً مرتفعاً نسجد عليه بحيث يعتدل الظهر؟ لا، إذاً ما معنى الاعتدال هنا؟ نعم على وفق الأمر الشرعي، هذا هو الاعتدال، إذا جعلنا السجود على وفق الأمر الشرعي، يعني بأن نسجد على الأعضاء السبعة، ونجافي، ونضم الأصابع، ونمكن الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين، نجعل الأصابع إلى جهة القبلة، هذا هو الاعتدال؛ لأن الاعتدال نسبي، فإذا أردت أن تعدل شيئاً تجعله موافق لأمر هل معنى هذا أن تجعله مستقيماً؟ عندك ذهب محلق، دائرة، تثنى مع الوقت، كيف تعدله هذا؟ نعم؟ يعني خاتم أنعوج كيف تعدله؟ تجعله مستقيم؟ نعم تعيده دائرة كما هو، فاعتدال كل شيء بحسبه، فتعديل واعتدال السجود معناه الإتيان به على وفق المقتضى الشرعي، على الهيئة الشرعية.


((ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)) يعني لا يضع مرفقه وذراعيه على الأرض، بل يرفع ويجافي، نعم قد يكون متعب ومنهك، وقد شكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- التعب فحث أو أمر أو وجه إلى الاستعانة بالركب ((ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)) ولا يفترش افتراش السبع، على كل حال نهينا عن موافقة الحيوانات، جاء هنا انبساط الكلب، وجاء أيضاً افتراش السبع، وجاء النهي عن مشابهة البعير في بروكه، والتفات الثعلب، ونقر الغراب، وإقعاء الكلب، وبسط الذراعين، وأذناب الخيل الشمس عند التشهد والفراغ منه، وأيضاً زاد الصنعاني ما جاء في بعض الأحاديث من عدم مشابهة الحمار في التدبيح، يعني تقويس الظهر، يقول الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- مر على امرأتان وهما تصليان، أخرجه أبو داود في المراسيل عن يزيد بن حبيب، وقد رواه البيهقي من طريقين موصولتين، لكن كلاهما فيه متروك، قاله الحافظ، وعلى كل حال المرسل مع هذين المتروكين ما يثبت بهما حجة، وعلى هذا فيبقى أن المرأة في مثل هذا -حتى يرد التخصيص- تكون مثل الرجل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: الحلية لأبي نعيم هل لها طبعة معتبرة أو لا؟
ليس لها إلا طبعة واحدة هي طبعة السعادة، طبعت قبل ثمانين سنة، طبعة جميلة، لكن فيها أخطاء، وما طبع بعدها كلها إما تصوير أو كليشة عنها من غير عناية ولا تصحيح، وأما أحاديث الحلية فجلها مخرج ومحقق ومحكوم عليه، يبقى مسألة الأخبار المتعلقة بالمترجمين هذه أمرها سهل.
يقول: كيف الاستفادة من أطراف المسند لابن حجر؟
معروف أن المسند الاستفادة منه لا سيما في أحاديث المكثرين من الصحابة كأبي هريرة، عند مراجعته يصعب على طلاب العلم، وأطراف المسند إذا عرفت أن هذا الحديث من أحاديث أبي هريرة، وعرفت الراوي عنه، تيسر لك الأمر جداً، إذا عرفت الراوي عن أبي هريرة، والراوي عنه، يعني عرفت السند تقف عليه بكل سهولة ويسر.


يقول: بدأت بحفظ الصحيحين والآن تقريباً انتصفت، فقال لي بعض الإخوة: هل حفظت متناً من المتون؟ فقلت: لا، فقال: لا بد من التأصيل، والآن أنا متأرجح هل أواصل في الحفظ، أو أتوقف حتى انتهي من حفظ المتون؟ أرجو التوجيه.
مثل هذا يستمر في حفظه، يخصص لما بدأ فيه وقتاً مناسباً مع عنايته بالمتون الأخرى في سائر الفنون، بما في ذلك الحديث، فيبدأ بحفظ الأربعين، أو إن أوقف مشروعه حتى يتم له حفظ المتون فيبدأ بحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم يعود إلى حفظ الصحيحين وهكذا بقية المتون.
يقول: إذا كنت في زواج، وفيه تصوير فوتوغرافي أو فيديو، وأنكرت عليهم، ولم يستجيبوا بحجة أنها خلافية، فهل أنصرف لأني أرى تحريم ذلك؟
أنت عليك أن تعمل بما تعتقد وتدين الله به، فإذا كنت ترى التحريم لا يجوز لك البقاء.
هل يجوز سنة الوضوء في أوقات النهي؟
سنة الوضوء معروف أنها من ذوات الأسباب، فلو فعل الإنسان في الوقتين الموسعين على ما سبق تقريره لا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإن رأى أن مجرد مدح بلال لسنة الوضوء لا يقاوم النهي، فهذا له وجه.
كيف كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع يديه على صدره أثناء الصلاة؟
هو يقبض اليسرى باليمنى، ويضع يديه على صدره، هذا أرجح ما قيل، وهو في صحيح ابن خزيمة، وما عداه فهو ضعيف.
يقول: ما الكتاب الذي شرحته لابن سعدي في المدينة المنورة؟ هل هو عيون الأخبار؟
لا، ليس عيون الأخبار، إنما هو جوامع الأخبار، والإعلان الذي نشر بهذا الاسم غلط.
يقول: ماذا يقول المتابع للمؤذن في أذان الفجر عندما يقول: الصلاة خير من النوم؟
يقول مثل ما يقول المؤذن، الصلاة خير من النوم، أما ما يذكر في كتب الفقه، يقول: صدقت وبررت، هذا لا أصل له.
هل الطهارة شرط لصحة الأذان؟
ليست بشرط، يصح للمحدث، لكن الأولى والأكمل أن يكون على طهارة؛ لئلا يلزم من ذلك الخروج من المسجد بعد الأذان، وقد ثبت بذلك النهي عنه.
يقول: هل يقدم المصلي حال الهوي إلى السجود ركبتيه أم يديه؟ وما السنة في ذلك؟ وما الراجح في جلسة الاستراحة في الصلاة؟


هل يقدم المصلي حال الهوي إلى السجود ركبتيه أم يديه؟ وما السنة في ذلك؟ هذا السؤال أجيب عنه سابقاً، لكن باعتبار أن الحديثين لم يردا في العمدة لأنهما ليس في الصحيحين، لا مانع من إعادة الكلام في هذه المسألة باختصار، وإلا فالكلام فيها يطول، في حديث أبي هريرة: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) وحديث وائل: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" المرجح من حيث الصناعة حديث أبي هريرة، فهو أرجح من حديث وائل؛ لأن له شاهداً عن ابن عمر، والمسألة فيها كلام طويل لأهل العلم، ابن القيم -رحمه الله- أطال في تقرير هذه المسألة، وترجح عنده أن حديث أبي هريرة مقلوب؛ لأن آخره يعارض أوله، والذي يظهر لي أنه ليس بمقلوب، بل آخره يشهد لأوله، المنهي عنه أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير، متى يقال: برك البعير؟ إذا أثار الغبار، وفرق الحصى، يقال: برك البعير، وحصص البعير، إذا أثار الغبار، وفرق الحصى ((لا يبرك كما يبرك البعير)) يعني لا ينزل بيديه على الأرض بقوة كما ينزل البعير؛ لأنه منهي عن مشابهة الحيوانات، كما أنه لا ينزل على الأرض بقوة على ركبتيه، كما يربض الحمار، بعض الناس يلاحظ أنه إذا سجد سواء قدم يديه أو ركبتيه يخلخل البلاط، ويسمع له صوت، مثل هذا منهي عنه في الصلاة، سواء رجحنا حديث أبي هريرة وقلنا يقدم يديه قبل ركبتيه امتثالاً للحديث: ((وليضع)) مجرد وضع ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) ما في قلب ولا شيء، المنهي أن يبرك بل يضع، وفرق بين أن يبرك ويلقي بنفسه على الأرض بقوة، وبين أن يضع يديه مجرد وضع على الأرض، أنتم تفرقون بين من يضع المصحف على الأرض وبين من يرمي المصحف على الأرض، أهل العلم يقررون جواز وضع المصحف على الأرض، وضع المصحف على الأرض لا بأس به عند أهل العلم، لكن رميه على الأرض بقوة هذا أمر خطير جداً، والفرق بين الأمرين بين وواضح، هو مجرد وضع على الأرض ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) وفي حديث وائل، وهو يصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: "كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" أنتم تعرفون الخلاف في المذاهب معروف، لكن كل من يعتمد قولاً من هذه الأقوال يتوجه


عنده ترجيح الحديث، فالذي يرى تقديم اليدين على الركبتين يرجح حديث أبي هريرة، والذي يرجح تقديم الركبتين ويرى أن حديث أبي هريرة منقلب على راويه، مع أني لا أعرف أحداً من المتقدمين عله بالقلب، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما أنقدح في ذهنه القلب أجلب عليه بكل ما أوتي من قوة البيان وسعة الإطلاع، لكن حال بينه وبين تقرير المسألة في وجهها انقداح هذا في ذهنه، وإلا من حيث الصناعة حديث أبي هريرة أقوى من حديث وائل، فإذا تصورنا أن المطلوب من المصلي أن يضع برفق وهون، لا ينزل بقوة على الأرض، سواء قلنا: يقدم يديه أو يقدم ركبتيه مجرد وضع ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) هذا هو المتقرر في هذه المسألة، والمسألة بحثت في مناسبات كثيرة، وقررت في أشرطة مسجلة مع غيرها من المسائل المشكلة في الصلاة وغيرها.
يقول: ما الراجح في حكم جلسة الاستراحة في الصلاة؟


مرت بنا في حديث مالك بن الحويرث، وهو يصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذا قام إلى الثانية، إذا كان في وتر من صلاته لم يعتدل قائماً حتى يجلس، وقلنا: إن ابن القيم وابن حجر ذكروا أنها وردت في بعض طرق حديث أبي حميد، يعني إذا ساغ لنا أن نقول بما قرره ابن القيم وغيره أنها عند الحاجة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعلها لما احتاجها، كما نقل ذلك عنه مالك بن الحويرث؛ لأنه جاء في آخر العهد، لكن كيف نجيب عن حديث أبي حميد؟ وقد وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمحضر عشرة من أصحابه؟ وإذا أمكننا الجواب عن ذلك فكيف نجيب عن حديث المسيء؟ جاءت في بعض طرقه في البخاري، وقفنا عليها في البخاري في كتاب الاستئذان هذا موجود، والآن وقفنا على حديث المسيء وهذا من طرقه، في البخاري في كتاب الاستئذان لما شرح الركعة الأولى كاملة، قال: ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) السجدة الثانية من الركعة الأولى، قال: ((ثم أرفع حتى تطمئن جالساً)) وش تصير الجلسة ذي؟ هي جلسة الاستراحة، التي يسمونها استراحة، وسموها استراحة من أجل إيش؟ من أجل أن يقرروا أنه إنما يفعلها من يحتاجها، يستريح بها، والذي لا يحتاجها ولا يستريح بها هذا لا يفعلها، لكن هل هي بالفعل جلسة استراحة؟ قررنا في الأمس أنها زيادة تكليف، وليست استراحة، فالمحتاج البدين؛ لأنهم ذكروا في بعض الروايات أنه لما بدن النبي -عليه الصلاة والسلام-، البدين والمريض والمصاب بداء في ركبتيه، وأصحاب الروماتيزم يدركون هذا كله، كونه ينهض من السجود مباشرة أسهل من كونه يتورك جالساً ثم يقوم، هذه زيادة تكليف، فسماها جلسة استراحة بعض الفقهاء ليقرر أنه إنما يستريح المحتاج، فإذا احتاج إليها يستريح، والذي لا يحتاج إليها لا يفعلها، فإذا جاءت في حديث مالك بن الحويرث صراحة، وجاءت في حديث أبي حميد كما قرر ذلك ابن القيم وابن حجر أيضاً في التلخيص، وجاءت هنا في حديث المسيء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وعليك السلام)) لأن في الرواية التي معنا ما


فيها رد ((وعليك السلام، ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى ثم جاء فسلم، فقال: ((وعليك السلام، فارجع فصل، فإنك لم تصل)) فقال في الثانية أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) هذه السجدة الأولى ((ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) هذه بين السجدتين ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) هذه الذي يسمونها جلسة الاستراحة، يعني هل المسيء الذي أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكرر الصلاة ثلاث مرات هل هذا بحاجة إلى مثل هذه الجلسة؟ يعني إذا قلنا: إن مالك بن الحويرث جاء في آخر العهد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثقل واحتاج إلى هذه الجلسة، على ما يقرره من لا يرى هذه الجلسة، وعرفنا بالأمس أن القول بها هو قول الإمام الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وأما الأئمة مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنه لا يقولون بها، وما دام ثبتت بها السنة الصحيحة فلا عذر لأحد على القول بها، قد يقول قائل: إن الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) نقول: نعم، لا نختلف عليه فيما يفعله من مشروع، أما ما يفعله فيما يخالف، أو يتركه من المشروع لا يوافق عليه؛ لأنه لا يقتدى به في مثل هذا، فلو قدر أن إماماً يصلي ولا يرفع يديه من الركوع والرفع منه ما اقتدينا به، رفعنا، وأيضاً هذه الجلسة لا يترتب عليها تأخر عن الإمام، بل نرى من يفعلها يقوم مع من بجانبه ممن لا يفعلها أبداً ما يتأخر، مجرد أن يثني رجليه يجلس ويقوم، فلا يترتب عليها تأخير.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود


عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود
الطمأنينة يراد بها الرفق والأناة وعدم العجلة، ويراد بها أيضاً الإتمام، إتمام الركوع والسجود على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيان المأمور به من قبل الله -جل وعلا- في هذه الشعيرة العظيمة، فالطمأنينة مطلوبة، وركن من أركان الصلاة في أركانها كلها.
يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد" في مشروعية الإتيان إلى المسجد في وقت الصلاة وغير الصلاة، وكثيراً ما يأتي النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المسجد، ويمكث في المسجد، وجاء الترغيب في ذلك، المبادرة إلى الصلوات، والرباط بين الصلاتين، والتأخر في المصلى، وجاء ما يدل على أن المسجد بيت كل تقي.
وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ


ومعروف إلى وقت قريب عناية المسلمين بالمساجد، طول مكثهم فيها، وبقاؤهم بها، بل يوجد من يسكن المساجد، وهذه تكاد أن تنقرض، وجرت العادة من عهده -عليه الصلاة والسلام- إلى وقت قريب، وجل الناس لا ينصرفون من المسجد لا سيما بعد صلاة الصبح، حتى تنتشر الشمس، والآن مع الأسف الشديد في مثل هذا البلد، من أراد الجلوس إلى أن تنتشر الشمس قد يعاني من المضايقات، المؤذن يبي يطلع ويقفل الأنوار، والحارس يقول: أنا مؤتمن ولا أستطيع، فلا بد من التمكين من هذه السنة، والمسئولون لا يعارضون إذا وجدوا من يمكث في مسجد وهو ثقة وأمين، نعم وجد من يسيء إلى مثل هؤلاء، وجد بعض التصرفات، لكن هذه لا تكون سبب قطع الخير ومنعه، يعني وجد من مكث في المسجد ثم إيش اللي حصل؟ نسأل الله السلامة والعافية، بال على المصاحف كلها، مثل هذا يكون سبب في منع هذا الأمر، لكن ينبغي أن يكون محل عناية من المسئولين، فلا يمنع بسبب شخص، أو أشخاص تصرفوا تصرفات خاطئة، فلا تكون أفعالنا ردود أفعال، إنما تعالج المخالفات، وتبقى السنن على ما هي عليه، لا تعارض السنن بمثل هذا، وبعض البلدان -ما شاء الله- تجد من ينتظر لا أقول: عشرة بل عشرات بعد الصلاة حتى تنتشر الشمس، وبلدان هي في موازين عامة الناس ما هي بشيء، وبعض البلدان التي ينظر إليها أنها محل الخير وأهل الخير ما تجد أحد، مثل هذا لا شك أنه خلاف السنة، وطالب العلم على وجه الخصوص إن كان ممن يبادر إلى النوم بعد صلاة الصبح هذه مصيبة بالنسبة له، هذا وقت البركات، فإذا لم يستغل مثل هذا الوقت، متى يستغل العمر إذا نام بعد صلاة الصبح؟ قد يقول قائل: الناس ابتلوا بالسهر، نقول: ومع السهر يمكن استغلال مثل هذا الوقت، والمسألة عادة، إذا عود الإنسان على شيء خلاص، من تعود الجلوس إلى ساعة معينة، افترض أنه يجلس ساعتين ثلاث ساعات بعد صلاة الصبح ولو سهر ما يجيه النوم، حتى تنتهي هذه المدة، وهذا مجرب.


"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم" الاحتمال أن تكون هذه الصلاة تحية المسجد من هذا المسيء، ويحتمل أنه فاتته الصلاة فصلاها منفرداً "فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ارجع)) " في هذه الرواية لم ينقل رد السلام، نقل في روايات أخرى في الحديث نفسه من حديث أبي هريرة، قال: ((وعليك السلام)) ولو افترضنا أنه لم ينقل ألبتة في أي رواية من الروايات كما في حديث أم هانئ، قالت: السلام عليك يا رسول الله، قال: ((من؟ )) قالت: أم هانئ، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) وسلمت فاطمة فقال: مرحباً بابنتي، ولم ينقل أنه رد السلام -عليه الصلاة والسلام-، فمنهم من يقول: إن مرحباً تجزئ في رد السلام، ومنهم من يقول: من عدم النقل عدم الوجود، بل رد -عليه الصلاة والسلام- ولم ينقله الرواة للعلم به، بعض القضايا التي لا يحتاج إلى نقلها، الأمر برد التحية ثابت في القرآن، لا يخفى على أحد، فمثل هذا قد يتساهل في نقله لأنه نقل نقلاً ملزماً، يعرفه الخاص والعام، ولذا إذا جاء الأمر في القرآن أحيل عليه ما يرد من السنة، فمثلاً من جامع زوجته في رمضان جاء الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ألزمه بالكفارة، عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فهل يقال لمن جامع في نهار رمضان: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان الثابتة في السنة، أو يقال: عليك كفارة؟ كفارة إيش؟ ماذا يقال له؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن كفارة الجماع في نهار رمضان ثابتة في الصحيحين وغيرهما، فهل من جامع في نهار رمضان يقال: عليك كفارة جماع في نهار رمضان، عامة المسلمين ما يعرفون إيش الكفارة؟ لو أحلناهم على هذا الحديث، لكن يقال: عليك كفارة ظهار، والفقهاء يقولون: من فعل كذا فعليه كفارة ظهار، يعني هل كفارة الجماع ثبتت بالقياس على كفارة الظهار؟ لا، ثبتت بالنص، لكن يحال على ما ثبت في القرآن لأنه لا يخفى على الخاص والعام، يعني إذا أردت أن تحيل تحيل على الأقوى، والأكثر شهرة وانتشار، فتقول: عليك كفارة ظهار، لماذا لا يقال: عليك كفارة قتل؟


طالب:. . . . . . . . .
تختلف في إيش؟ عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، يعني إن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لماذا لا يقول الفقهاء: عليه كفارة قتل؟ للخلاف في الإطعام، في كفارة القتل الإطعام مختلف فيه، أما في كفارة الظهار فلا خلاف، فيحال على المعروف، ويقول عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء، بيعة الرجال قبل بيعة النساء، لكن بيعة النساء مضبوطة في القرآن {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [(12) سورة الممتحنة] لأنها مضبوطة في القرآن، يحال على ما في القرآن، وإلا هي ثابتة في الأحاديث الصحيحة، وهي متقدمة على بيعة النساء، ولكن يحال على ما ثبت في القرآن، وهنا مثل هذا قد لا ينقل رد السلام؛ لعدم الحاجة إليه؛ لأنه ثابت في القرآن {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] يعني أقل الأحوال.


"ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) " قد يقول قائل: صلى ركع وسجد وقرأ، صلى فما الصلاة المنفية؟ هل المنفي حقيقتها العرفية أو حقيقتها الشرعية؟ نعم هو صلى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) هذه حقيقة، الحقيقة العرفية موجودة، ركع وسجد وش يبي؟ صلى ودعا، لكن المنفي الحقيقة الشرعية للصلاة، يعني الصلاة المجزئة المسقطة للطلب، فكونه يصلي صلاة لا تنفعه، هذه صلاة لا وجود لها شرعاً، وإن وجدت حقيقتها عرفاً، يعني مثل ما ينفى السمع والبصر عمن له أذنان تسمعان الكلام، وبصر يبصر به المرئيات، هذا يمكن نفيه، إذا كان لا يستفيد من هذا السمع ولا من هذا البصر {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [(18) سورة البقرة] ليس معناه أنهم لا يشوفون ولا يسمعون ولا يتكلمون، يتكلمون ويسمعون ويبصرون، لكن لما لم تنفعهم هذه الحواس صار وجودها مثل عدمها، فحقيقتها الشرعية منتفية، ولذا جاء في الآية الأخرى: {وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا} [(179) سورة الأعراف] واختلاف الحقائق الشرعية مع العرفية لا بد لطالب العلم من الانتباه له بدقة، ولا بد من معرفة الاصطلاحات العامة والخاصة مع الحقائق اللغوية، يعني لو جاءك شخص وأقسم أنه لم ير في عمره كله جملاً أصفر، ما رأى جمل أصفر، والذي عنده في عرفه أن الأصفر هذا، في جمل مثل هذا؟ لونه مثل هذا؟ ما في، مع أن الجمالات الصفر مثبتة في القرآن، هل نقول: إن هذا محاد لله -جل وعلا-؟ ويقصد حقيقة والشرع يقصد حقيقة أخرى، وقل مثل هذا حينما يقول الحنفية: زكاة الفطر واجبة وليست بفرض، والصحابي يقول: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هل نقول: هذه معاندة؟ هذه حقائق مختلفة، يعني الحقائق الثلاث معروفة عند طلاب العلم، فكون الإنسان يريد حقيقة، ينفي باعتباره حقيقة، وغيره يثبت باعتباره حقيقة، لا تكون هذه معاندة، ولذا ما في أحد اتهم عامة أهل العلم في قولهم: إن غسل الجمعة ليس بواجب، وفي الحديث: ((غسل الجمعة واجب)) هذه حقيقة وتلك حقيقة، فمع اختلاف الحقيقة لا تثريب، لكن على طالب العلم أن تكون حقائقه أقرب ما تكون إلى الحقائق الشرعية.


((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ما يعرف غير هذا، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه مشروعية تكرار السلام، ولو مع قرب الفاصل "فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني" يقول: لا أحسن غير هذه الصلاة، ما في شيء، لو كنت أحسن ما ترددت ثلاثاً "والذي بعثك بالحق" يقسم بالله -جل وعلا- الذي بعث نبيه -عليه الصلاة والسلام- بالحق أنه لا يحسن غيره "فعلمني" الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما فعل هذا المسيء الصلاة التي لا تجزئ ولا تسقط الطلب، فنفاها عنه -عليه الصلاة والسلام- ما عنفه، لم يعنفه، وهذا من حسن خلقه -عليه الصلاة والسلام-، وكونه ردده ثلاثاً؛ لينتبه لما يلقى إليه؛ لأن الشيء الذي يأتي بسهولة ينسى بسهولة، لكن ما دام ردده ثلاثاً لا شك أنه سوف يضبط ما يلقى إليه، وفي هذا جواز تأخير البيان عن أول الأمر يعني إلى وقت الحاجة، يجوز تأخير البيان للمصلحة، فلو علمه الصلاة من أول مرة يمكن ينسى، لكن لما ردده ثبت العلم في ذهنه، وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يتعب في تحصيل العلم، ويتعب في تصور المسائل وفي تصويرها، وبعضهم يعمد إلى كتاب صعب معقد، فيقرأ هذا الكتاب، ويفهم هذا الكتاب، ويراجع هذا الكتاب، ويسأل عما يشكل في هذا الكتاب؛ لأنه إذا عرف الكتاب الصعب كانت معرفته بالكتب السهلة لا تحتاج إلى معاناة، بحيث لو احتاج أي مسألة في كتاب من الكتب دون هذا الكتاب الذي قرأه لا شك أنه لن يشكل عليه شيء، وأنا أقول: هذا الكتاب الذي في أيدي بعضكم -شرح ابن دقيق العيد على العمدة- الطالب الذي يفهمه على وجهه لا يحتاج أن يسأل على مسائل في أي شرح من الشروح، هل إحالة طلاب العلم على مثل هذا الشرح لتعذيبهم؟ لا، وإنما للعناية بهم، كررنا مراراً أن عناية أهل العلم بزاد المستقنع مع أن عبارته مستغلقة ليست عبث، عنايتهم بالمنتهى مع أن عبارته صعبة ليست عبث، عناية المالكية بمختصر خليل ليست عبث، إنما إذا فهم الكتاب -هذا الكتاب المستغلق الشديد إذا فهم- فما دونه من باب أولى، وبعض الناس يقول: لا، يكفي، الكتب المختصرة الآن،


ومذكرات والكتب التي رتبت ونظمت وهذبت والخلاف والأقوال والأدلة والرأي، هذه ما تربي طالب علم؛ لأن الإنسان يتصور نفسه في بلد نائي ما عنده أحد، وأشكل عليه مسألة وعنده المراجع ما يستطيع يراجع، إذا لم يترب على المتون المعتبرة عند أهل العلم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ردده مراراً؛ ليحفظ عنه هذا العلم، والعلم لا يستطاع براحة الجسم، أبداً، لا يمكن أن ينال العلم براحة الجسم، وقد يقول قائل: لماذا تعبه مرتين ثلاث علشان إيش؟ علشان يضبط ويتقن، الآن إذا كان عند المدير كاتب، ثم بعد ذلك هذا الكتاب حرر له خطاب، كتبه بالآلة ثم قرأه المدير، ووجد نقطة ساقطة، أخذ القلم ووضعها بالحبر الأسود ما تبين، لكن متى يتعلم هذا الطابع؟ لو قال له: امسح هذه الكلمة واكتب غيرها، أو قال له: راجع الخطاب، وابحث عن الخطأ، الكتاب فيه خطأ، يعني لو قال له: امسح هذه الكلمة ترى فيها خطأ واكتب غيرها، لا شك أنه أثبت في ذهنه من كونه يضع المدير النقطة بقلمه، لكن لو قال له: راجع الكتاب أنت، واستخرج الخطأ، وصحح الخطأ، مثل هذا لن يخطئ مرة ثانية، هذا أسلوب من أساليب التربية والتعليم، هذا يحتاج إليه باستمرار، فقال هنا في القسم على الأمور المهمة: "والذي بعثك بالحق" يقسم بالله -جل وعلا- أنه لا يحسن غير ما صنع، فالقسم على الأمور المهمة مطلوب، وجاءت به النصوص الكثيرة، كثيراً ما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده)) يقسم ويحلف من غير استحلاف، أما إذا كان الأمر غير مهم جاء النهي عن جعل الله -جل وعلا- عرضة للأيمان، أما في الأمور المهمة يحلف من غير استحلاف.


فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر)) هذه تكبيرة الإحرام بلفظ: الله أكبر، لا يجزئ غيرها، وهي ركن من أركان الصلاة عند الجمهور، وشرط عند الحنفية، وسبق أن قررنا الخلاف والفوائد المرتبة عليه ((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وهذا مجمل بينه حديث عبادة الآتي: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وفي بعض الروايات: ((ثم اقرأ بأم القرآن)) فدل على أن ما تيسر ما زاد على الفاتحة، أما الفاتحة أمر لا بد منه، الفاتحة لا بد منها، كما سيأتي في حديث عبادة.
((ثم اركع حتى تطمئن راكعاً)) وفي هذا دليل للجمهور الذين لا يوجبون تكبير الانتقال، ما قال: "ثم كبر ثم اركع" لا، لكن التكبير ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ومداومته عليه، وخلفاؤه من بعده داوموا عليه، وهذه حجة من يقول بوجوب تكبيرات الانتقال، والمسألة سبقت ((ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)) في الحديث الصحيح: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)).


((اركع حتى تطمئن راكعاً)) وتمكن يديك من ركبتيك، وتسوي ظهرك ورأسك مع آخرك، على الصفة المشروحة سابقاً في الركوع، وتأتي بالذكر المطلوب، والقدر الواجب منه ما يستطيع معه أن يمكن يديه من ركبتيه، ويهصر ظهره، ويأتي بالذكر ولو مرة واحدة، وما زاد على ذلك هل هو واجب أو مستحب؟ الزيادة على القدر الواجب في العبادات واجب أو مستحب؟ هذا إذا كان متميزاً بنفسه الإجماع على أنه مستحب، يخرج صاع فطرة وصاع ثاني زيادة، هذا مستحب اتفاقاً، لكن إذا خلط الصاعين جميعاً، أو أخرج كيس هل الواجب الصاع وما زاد عليه مستحب؟ مسألة خلافية، منهم من يقول: إذا كانت الزيادة لا تتميز بنفسها تأخذ حكم الأصل، قد يقول قائل: ما الفائدة من الخلاف؟ إذا قلنا: الزيادة في الركوع على القدر الواجب مستحب ماذا يقول من يرى عدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل؟ إذا أدركه في القدر الزائد على الواجب؟ ماذا يقول؟ الحنابلة يقولون: لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، دخلت والإمام راكع، وقال: سبحان ربي العظيم، الواجب انتهى، فأدركته في القدر المتسحب، ولا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، هم يقولون: إن الزيادة إذا لم تتميز بنفسها تأخذ حكم الأصل، هذه أمور لا بد من الانتباه لها؛ لأن المذاهب لا بد أن تكون منضبطة؛ لئلا يرد عليها ما يرد، والفقهاء من أدق الناس في هذه الأمور.
((ثم أركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)) وفي بعض الأحاديث الصحيحة في صفة الصلاة: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) كل عضو وكل مفصل يعود إلى مكانه، طيب في حال الاعتدال لا بد أن يعود كل فقار إلى مكانه، هل المراد كل فقار يعود إلى مكانه قبل الدخول في الصلاة أو قبل الركوع؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، وش يترتب على هذا؟ وضع اليدين، إذا قلنا: يجب أن يعود كل فقار إلى مكانه قبل الركوع تقبض يديك وتضعهما على صدرك، وجاء هذا في حديث وائل ما يدل عليه، وإذا قلنا: يعود كل فقار إلى مكانه قبل الصلاة ترسل يديك، كما يرجح الألباني وغيره -رحمة الله عليه-.


((حتى تعتدل قائماً ثم اسجد)) ولم يذكر التكبير -تكبير الانتقال- ولا ذكر سمع الله لمن حمده، وهذا يستدل به من يقول بعدم الوجوب، وقل مثل هذا في التسبيح، وقل ربنا ولك الحمد، وغير ذلك من الأذكار، الأكثر على أنها ليست بواجبة هذه، والحنابلة يوجبونها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)).
((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) في الحديث الذي سبق: ((حتى تعتدل ساجداً)) وعرفنا معنى الاعتدال، اعتدال الشيء تقويمه على مقتضى نظر الشرع، هذا اعتداله، وضربنا لذلك أمثلة، فتعديل الخاتم مثلاً، تعديل الخاتم كيف يكون تعديله؟ تقويمه؟ يستقيم كذا؟ ما يجئ ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم أرفع حتى تطمئن جالساً)) والمقصود الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع من الركوع والرفع منه، وهذا تقدم خلافاً لمن لا يطمئن في الرفع من الركوع والرفع من السجود، مهما كانت إمامته، وأتباع المذاهب بعضهم ينقر هذين الركنين نقر.
((وافعل ذلك في صلاتك كلها)) وجاءت الإشارة إلى جلسة الاستراحة في رواية عند البخاري، وسقناها في أول الدرس ((وافعل ذلك في صلاتك كلها)) وعلى هذا القراءة والركوع والسجود والاعتدال والرفع كله مطلوب في كل ركعة، بما في ذلك القراءة، يعني هل القراءة ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) كما سيأتي هل يكفي في ركعة أو في الغالب؟ لأن الغالب له حكم الكل ....