شرح عمدة
الأحكام عبد الكريم الخضير عمدة الأحكام -
كتاب البيوع (3)
باب العرايا - وبيع الميتة - والسلم
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
يقول: ما حكم التأمين التجاري؟ وهل هناك فرق بينه وبين التأمين التعاوني؟
التأمين التجاري معروف حكمه أهل العلم يفتون بأنه لا يجوز، التأمين
التعاوني إن كان المقصود به أن من الناس من ذوي اليسار من يتبرع بأموال
ينفق منها على المحتاجين بحيث لا يدفع المحتاج شيئاً، هذا تعاون بلا شك،
وهو تعاون على البر، لكن إذا كان المحتاج يدفع فليس بتعاون حينئذ، حينئذ لا
فرق بينه وبين التجاري.
يقول: ما حكم التصوير بالفيديو ومشاهدة الأفلام في الأمور المباحة
كالمسرحيات ونحوها، وما رأيك في شرائه للأولاد؟
على كل حال التصوير بجميع صوره وأشكاله، تصوير ذوات الأرواح محرم، بما في
ذلك التصوير الشمسي والتصوير بالفيديو إلا ما دعت إليه الحاجة والضرورة
وألزم الناس به، هذا لا مناص ولا مفر منه.
على كل حال هذه الأمور هذا الأصل فيها، وعلى هذا يمنع كل ما يشتمل على هذه
أو على هذا الأمر المحرم وهو التصوير من أجهزة وصحف ومجلات وغيرها.
يبقى أن شراءه للأولاد، يبقى شراؤه للأولاد الحكم فيه المنع كما قلنا هذا
الأصل، لكن قد يقول قائل: أنا أولادي يخرجون إلى الجيران، وعجزت عن
ملاحظتهم وملاحقتهم، يذهبون إلى الأقارب وعندهم ما هو أعظم من هذا الفيديو
مثلاً، ويذهبون إلى مقاهي إنترنت وغيرها، ما الذي يمنعهم؟ وما الذي يحجبهم؟
ويرتكبون من الضرر ما هو أعظم، نقول: ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر عند
علماء الإسلام، ويبقى الحكم المنع، ويبقى أن الحكم في الأصل هو المنع، فإذا
اضطر الإنسان إليه لحفظ أولاده الذين لا يستطيع أن يملكهم إلا بهذه الوسيلة
فهي أخف ضرراً من أن يخرجوا لمشاهدة ما هو أعظم من ذلك، وأنتم كما ترون
وتسمعون المسلمون عليهم في هذه الآلات غزو شديد، نسأل الله السلامة
والعافية.
هذا يقول: ما رأيكم في مشاهدة بعض القنوات كالجزيرة مثلاً خاصة الأخبار على
أنه يظهر فيها نساء مذيعات؟
أقول: أولاً: من الذي يضمن من نفسه أنه لا
يشاهد إلا الأخبار، وإذا ضمن نفسه فمن يضمن له من تحت يده؟ من يضمن له من
تحت يده؟ هذه مسألة، المسألة الأخرى: أنه حتى الأخبار الذي يؤديها نساء،
والنظر إلى النساء محرم، وهؤلاء النسوة لسن من أهل -في الغالب ولا نُعين
أحداً- من أهل العفة والاستقامة فيخشى أن يقع الإنسان في دعوة أم جريج وهو
لا يشعر من مشاهدة هؤلاء النسوة، يخشى عليه من ذلك.
الأمر الثاني: حتى لو قدر أن هؤلاء النسوة فيهن من الاحتشام، وهذا يستوي
فيه القنوات كلها، في الأخبار في الأخبار العالمية مثلاً على ما تسلط
كاميرات التصوير عند مشاهدة الأخبار؟ يحدثنا الذين يرون أنهم لا يهمهم أن
يصور الرجال أبداً في الحوادث الذي تقع في الخارج، لا يهمهم أن تصور
الرجال، إنما يركز التصوير على النساء، وهذا بحد ذاته منكر لا تجوز رؤيته،
والله المستعان.
نكتفي بهذا القدر، سم.
شرح باب العرايا وغير ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب العرايا وغير ذلك:
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص
لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها، ولمسلم بخرصها تمراً، يأكلونها رطباً.
وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في
بيع العرايا، في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقدم في حديث سابق المزابنة، والنهي عنها، وأنها حرام، وهي مأخوذة من الزبن
وهو الدفع، ويراد بها بيع الرطب على رؤوس النخل بقدره كيلاً من تمر على
الأرض، والسبب في ذلك عدم التساوي، عدم التساوي؛ لأنه لا يمكن التساوي بين
رطب وبين جاف، ولذا لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أيرخص الرطب
إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) هذا الأصل في بيع الرطب باليابس،
لا يجوز لعدم تحقق التساوي.
قد يحتاج المرء إلى تمر رطب يأكله مع
الناس، وليس لديه ثمن يدفعه، عنده تمر باق من تمر العام الماضي، ويريد أن
يشتري بهذا التمر تمر رطب يأكله مع الناس، الأصل في هذا المنع.
جاءت الرخصة في العرايا، العرايا والعرية استثنيت من المزابنة، فعريت عن
حكم نظائرها، عريت عن حكم نظائرها، فيجوز لهذا المحتاج أن يشتري رطباً على
رؤوس النخل، بمقداره كيلاً من تمر جاف، ولو لم تتحقق المساواة، وهذا مستثنى
من الحكم السابق، ولا يقول قائل: لماذا لم يوجه هذا المحتاج إلى أن يبيع
اليابس ويشتري الرطب، كما وجه في الحديث السابق: ((بع الجمع بالدراهم،
واشترِ بالدراهم جنيباً))؟ لماذا لم يقل له: "بع هذا اليابس بالدراهم،
الجاف بالدراهم، واشترِ بالدراهم رطباً؟ لماذا لم يوجه؟ لم يقل له هكذا؟
لأن الأول متفكه، عنده رطب يبيعه برطب، وأما الثاني: فهو يريد الرطب يأكل
مع الناس، وعنده جاف، لو باعه بالدراهم لخسر خسارة كبيرة، لا سيما إذا جاء
التمر الجديد في مقارنته بالتمر القديم لا شك أنه سوف يتضرر علماً بأن
المعول على النص، النص هو الذي أباح مثل هذه الصورة ومنع تلك الصورة.
"رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها"، هذا وجه من أوجه تسمية العرية بهذا
الاسم، وأنها ملاحظة لحال المحتاج، لملاحظة حال هذا المحتاج أن يشتري التمر
الرطب بالجاف، على أن يتحد الكيل بالخرص، والمكيال ما على رؤوس النخلا وجد
عندهم الرطب يأتون إلى الفقير فيقولون له: ثمرة هذه النخلة أو يخرص، فيقدر
بمائة صاع، مائتي صاع، ثلاثمائة صاع على الخلاف في ذلك الذي سيأتي -إن شاء
الله- بقدره من اليابس، من الجاف.
من أهل العلم من يفسر العرية بملاحظة حال
صاحب الرطب، كان العرب يحنو بعضهم على بعض، ويراعي بعضهم مصلحة بعض، ويشفق
بعضهم على بعض، فكانوا إذهذه النخلات لك، كله أنت وأولادك على التدريج،
بإمكانك أن تأتي وتخرف من هذا النخل ما يكفيك ويكفي ولدك، على ألا تتعدى
هذا النخل المحدد، ثم يتضرر صاحب البستان، يتضرر صاحب البستان بكثرة دخول
هذا عليه من أجل الخراف، فيقول له: بعني هذا التمر الذي على رؤوس النخل
بهذا الذي على وجه الأرض، هذا تفسير لبعض أهل العلم والحكم واحد، كله
مزابنة، سواءً قلنا: إن الملاحظ فيها مصلحة المحتاج أو مصلحة صاحب النخل؛
لأن بعض الناس يكون عنده بستان كبير، ثم يشفق على جاره أو قريبه المحتاج،
فيقول: هذه النخلات لك، خمسة أوسق فما دون، ثم يتضرر صاحب البستان من كثرة
ما يدخل هذا؛ لأن بعض الناس يكون فيه شيء من اللؤم، هذا يحسن عليه ثم هذا
الذي أحسن إليه قد لا يتحين الأوقات المناسبة للخراف، قد لا يتحين الوقت
المناسب، يشوف الوقت لا يكون فيه هذا صاحب البستان هو وأولاده منتشرون في
المزرعة، بعض الناس لا يحسن فيتضرر صاحب البستان، ويقول لهذا الفقير
المحتاج: خلاص بع علي هذا التمر الذي على رؤوس النخل من النخل الذي على وجه
الأرض مجذوذ وجاهز.
"رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها" أن يبيعها بخصرها، يعني من التمر
الجاف، ولمسلم: "بخرصها تمراً يأكلونها رطباً" وهذه الرواية تؤيد التفسير
الأول للعرية، في مسلم: "بخرصها"، "رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها
تمراً يأكلونها رطباً".
وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في
بيع العرايا، في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق.
(أو) هذه للشك، شك من الراوي هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: خمسة
أوسق؟ أو قال: دون خمسة أوسق؟
هذا الشك يثير شبهة في الخمسة، فهل يجوز
للمحتاج ولصاحب البستان أن يتعامل بهذا المقدار الخمسة كاملة؟ أو لا يجوز
له أو إلا فيما دون؟ المقصود أن الخمسة مشكوك فيها، والمجزوم به ما دون
الخمسة، فمن أهل العلم من يقول: يجوز بالخمسة، ويطرح الشك، اللي هو ما دون
الخمسة، ومنهم من يقول: المجزوم به ما دون الخمسة فلا يجوز أن يبلغ بالقدر
الذي اتفق عليه في العرايا إلى الخمسة، وهذا هو الأحوط.
خمسة الأوسق، الوسق: ستون صاعاً، والخمسة الأوسق كم تكون؟ ثلاثمائة صاع،
المسألة مفترضة في شخص محتاج، شخص محتاج تلاحظ حاجته في هذا، ويخرج عن
الأصل الذي هو المنع دفعاً لحاجته، فهل دفع الحاجة يكون بهذا القدر
ثلاثمائة صاع؟ ثلاثمائة صاع إيش معناه؟ هل معنى هذا أن أهل هذا البيت
يحتاجون كل يوم صاع من التمر؟ الحاجة الآن ثلاثمائة صاع، والذي قررها
وحددها الشرع، وإذا كانت حاجته أقل من ثلاثمائة صاع يجوز له أن يتعامل
بهذه، بهذا النوع في الثلاثمائة كاملة، أو يقتصر على قدر الحاجة؛ لأنها على
خلاف الأصل للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها؟ أو نقول: إن (أو) هنا للتقسيم
وليست للشك؟ وحينئذ بعض المحتاجين يحتاج إلى ثلاثمائة صاع، وبعض المحتاجين
يحتاج إلى دون خمسة أوسق، دون ثلاثمائة صاع، وحينئذ تكون الحاجة بقدرها،
فالذي لا يحتاج رجل وزوجته في بيت، وهم محتاجون إلى أن يأكلوا رطب مع
الناس، مثل هؤلاء يمكن يكفيهم وسق واحد طول السنة يكفيهم وسق واحد، هل يجوز
لهؤلاء أن يأخذوا خمسة أوسق؟ نقول: هذا مقيد بالحاجة، والحاجة تقدر بقدرها.
لو افترضنا أن هذا المحتاج عنده أربع بيوت،
كل بيوت مملوء عنده أربع زوجات، وكل زوجة عندها عشرة أولاد، وهؤلاء بحاجة
على عشرة أوسق، ما يكفيهم خمسة أوسق، نقول: الشرع حدد الجواز بالخمسة أوسق
فما دون، هل لمثل هذا المحتاج أن يتعامل بالعرية مع شخص بخمسة أوسق ومع آخر
بخمسة أوسق أخرى؟ أو ليس له ذلك؟ المسألة قيدت بالحاجة، ما قيدت بالحاجة؟
قلنا: إنه إذا كانت حاجته تندفع بوسق واحد يجوز له أن يأخذ أكثر أو لا
يجوز؛ لأنها خلاف الأصل؟ لا يجوز، لكن إذا كانت حاجته لا تندفع إلا بعشرة
أوسق، مثلما قلنا: أربعة بيوت كل بيت فيه عشرة أشخاص، لا يجوز له أن يتعامل
مع شخص واحد بهذه الصورة، لكن لو قال: أنا أتعامل مع هذا بالقدر المحدد
شرعاً، وأذهب إلى آخر وأتعامل معه بالقدر المحدد شرعاً، وحينئذ لا تنتهي
الحاجة، قد يتعامل مع ثالث ورابع، ويتحايل على تحليل ما حرم الله من بيع
المزابنة، وعلى هذا يمنع من الزيادة على خمسة أوسق مهما كانت حاجته،
والحاجة كما ذكرنا تقدر بقدرها؛ لأن هذا جاء على خلاف الأصل؛ لأن الأصل
المنع في مثل هذا البيع، فأبيح أبيحت هذه الصورة للحاجة، والحاجة تقدر
بقدرها، نظير ذلك من أذن له في الأكل من الميتة، هذا مضطر، إن لم يأكل من
هذه الميتة يموت، أذن له أن يأكل من الميتة للضرورة، هل يجوز له أن يشبع
باعتبار أنه أذن له أن يأكل؟ أو يأكل بقدر ما يقيم صلبه ويدفع به هذه
الضرورة؟ يأكل بقدر حاجته، ولذا لو غلب على ظنه أنه لا يجد شيئاً في طريقه
يشبع وإلا ما يشبع؟ أو نقول: احمل معك ما يدفع عنك هذه الضرورة إن احتجت
إليه إذا غلب على ظنه أنه لا يجد، وحينئذ يقال له: لا تشبع؛ لأن هذا إنما
أبيح للضرورة والضرورة تقدر بقدرها، نعم.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع))
ولمسلم: ((ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)).
وعنه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من
ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) وفي لفظ: ((حتى يقبضه))، وعن ابن عباس
-رضي الله عنهما- مثله.
حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أبّرت)) أو أبرت
بالتشديد والتخفيف، والمراد بذلك معنى التأبير هو: التلقيح، يؤخذ شيء من
طلع الذكر من النخل ويوضع بين ما تنتجه الأنثى، هذا هو التأبير، ((من باع
نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع -باع نخل- إلا أن يشترط المبتاع))
النخل يطلق على إيش؟ على الجذع، نعم، والعشب، والجريد، وغيرها، وهل تدخل في
الإطلاق الثمرة أو لا تدخل؟ هل يدخل في إطلاق النخل الثمرة أو لا يدخل؟
يعني لو قدر أن هذا الحديث ما هو موجود، هذا الحديث ما هو موجود نفترض أنه
ما وجد هذا الحديث، فعند زيد من الناس نخلة مشتملة على الجذع كامل والعشب
والطلع أيضاً والتمر، هل يحتاج أن يقول: أنا أشتري النخلة بثمرتها؟ أو يكفي
أن يقول: أشتري النخلة ويثبت تبعها كل ما حولها، كل ما يطلق عليه الاسم؟ أو
نقول: النخلة شيء والثمرة شيء آخر؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الثمرة موجودة، هذه نخلة التمر يتدلى منها موجود، فقلت لزيد من الناس: بعني
هذه النخلة، يحتاج أن تقول: بعني هذه النخلة بتمرها أو لا يحتاج؟ النماء،
نماء السلع ينقسم إلى: متصل ومنفصل، متصل ومنفصل، أنت إذا اشتريت شاة في
جوفها حمل، وعلى ظهرها صوف، وفي ثديها لبن، يحتاج أن تقول: بعني هذه الشاة
بصوفها ولبنها وحملها؟ يحتاج؟ أو تقول: بعني هذه الشاة باعتبار أن هذه
الأمور كلها متصلة بها لا يلزم من ذلك ذكر هذه الأمور، واشتراطها معه؟
النماء المتصل، لكن إذا قلت .. ، إذا رأيت مع زيد من الناس شاة ومعها ولد
يمشي، نعم، معه رخلة، تمشي معها، هل يحتاج أن تقول: بعني هذه الشاة وهذه
الرخلة وإلا ما يحتاج؟ هذا منفصل لا بد أن تذكره، التمر في حكم المنفصل
وإلا المتصل؟ نعم، نعم، متصل وإلا منفصل؟ هو وإن كان متصل حقيقة إلا أن
الحديث يدل على أنه بعد التأبير في حكم المنفصل، وقبل التأبير في حكم
المتصل، ظاهر وإلا مو بظاهر؟
الحديث: ((من باع نخلاً قد أبرت فثمنها
للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)) يشترط المشتري، بعني هذه النخلة على أن
تكون هي وثمرتها، أنا أريد أن أشتري هذه النخلة بطلعها بثمرتها، إذا اشترط
لا بأس، المسلمون على شروطهم، لكن إذا لم يشترط فبعد التأبير الطلع للبائع؛
لأنه هو الذي تعب عليه، وقبل التأبير الطلع لإيش؟ لمن؟ للمشتري، وهي من جهة
تشبه المنفصل، ومن جهة أخرى فيها شوب اتصال.
نأتي إلى الشاة في المثال السابق، الشعر والظفر عند أهل العلم، الشعر
والظفر هل هما متصلان أو منفصلان؟ قاعدة ذكرها ابن رجب وغيره في القواعد،
الشعر والظفر، نعم متصل وإلا منفصل؟ وسيأتي ذلك أو الإشارة إلى ذلك في حكم
بيع الميتة في الحديث الذي يليه، جمع غفير من أهل العلم يقولون: الشعر
والظفر في حكم المنفصل، عند من يقول بنقض الطهارة بمس المرأة إذا مس شعرها
وإلا ظفرها ينتقض وضوؤه وإلا ما ينتقض؟ إذا مسها بشعرها أو بظفره ينتقض
وإلا لا؟ الحكم منفصل لماذا؟ لأنه لا تحله الحياة ولا يحس به، فهو منفصل
حكماً، وإن كان في باب الأيمان والنذور يحنث إذا مسه، إذا حلف ألا يمس شاة،
فوضع يده على ظهرها، قلنا: حنثت عليك الكفارة، قال: يا أخي أنتم تقولون:
الشعر في حكم المنفصل؟ إيش معنى أنه ما ينقض الوضوء وهنا تقولون: يحنث؟
نقول: يحنث، لماذا؟ نعم الأيمان والنذور مبناها على الأعراف، وفي العرف إذا
وضع يده على ظهر الشاة وإن كانت موضوعة على الشعر يكون مسها عرفاً وحينئذ
يحنث.
((إلا أن يشترط المبتاع)) هذا اشترط الثمرة
فهي له، ولو أبرها البائع، ولمسلم .. ، وهذا الحديث في الحقيقية متفق عليه،
وهو مخرج في البخاري أيضاً، لماذا المصنف عزاه لمسلم فقط؟ لأنه بحث عنه في
كتاب البيوع، في كتاب البيوع فلم يجده في البخاري، وحينئذ حكم عليه أنه ليس
في البخاري، كثير من أهل العلم يحكمون على أحاديث معزوة للبخاري أن هذا وهم
ولا يوجد في البخاري؛ لأن البخاري له ملاحظ دقيقة قد يجعل الحديث في غير
مظنته لأمر خفي دقيق لحظه لم يلحظه غيره، هذا من فقهه -رحمه الله-، فالإمام
-رحمة الله عليه- كثير من أهل العلم يقولون: حديث ضباعة بنت الزبير في
الاستثناء في الحج لم يخرج في البخاري، والواقع أن البخاري خرجه، لماذا؟
قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، قال: ((حجي واشترطي فإن لك على ربك ما
استثنيت)) بعض العلماء قال: ما خرجه البخاري، وهو في البخاري، لماذا؟ لأنه
بحث عنه في كتاب الحج في الإحصار في الفوات ما في شيء، من يتصور أن البخاري
يضع هذا الحديث في كتاب النكاح؟ من يتصور أن البخاري يضع هذا الحديث في
كتاب النكاح؟ لمعنى دقيق جداً.
((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) من
يتصور أن البخاري يخرج هذا الحديث في كتاب الوصايا، وهكذا، فعلى طالب العلم
ألا يجزم بنفي الحديث من خلال البحث في موضعه، فإن البخاري له ملاحظ دقيقة
تخفى على كثير من أهل العلم، فضلاً عن المتعلمين، ولذا الحافظ عبد الغني من
كبار الحفاظ عزاه لمسلم، وهو موجود في البخاري، والله المستعان.
((من ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن
يشترط المبتاع)) العبد له مال؟ العبد له مال؟ يملك العبد؟ لا يملك، العبد
لا يملك، وإن قال مالك: إنه يملك بالتمليك، على كل حال على قول مالك إذا
ملكه العبد فماله تبع، ماله للذي باعه لسيده إلا أن يشترط المبتاع، يقول:
اشتريت هذا العبد وما لديه من مال، على قول من يرى وهم الأكثر أن العبد لا
يملك بالتمليك، كيف يكون له مال؟ أدواته الخاصة به، ثوبه، شماغه، حذاؤه،
نظراته، قلمه، هذه أمواله، تنسب إليه باعتبار أنه هو الذي يباشرها، وهذه
الأموال تكون تبعاً له في البيع أو تكون لسيده الذي باعه إلا أن يشترطها
المبتاع؟ نعم، مقتضى الحديث أنها للسيد للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع.
حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى
يستوفيه)) يعني حتى يقبضه بكيله أو وزنه، الاستيفاء يكون بالكيل والوزن،
ولذا جاء باللفظ الآخر، وفي لفظ: ((حتى يقبضه)) وهذا أعظم من أن يكون
مكيلاً أو موزوناً، فالقبض أعم من الاستيفاء بالكيل والوزن، وما زال الأمر
في الطعام، ((من ابتاع طعاماً)) وعن ابن عباس مثله: ((من ابتاع طعاماً فلا
يبعه حتى يستوفيه)) نهى أن يبيع الرجل طعامه حتى يستوفيه، وفي لفظ لمسلم:
((حتى يقبضه)) وفي آخر: ((حتى يكتاله)) وعلى هذا لا يجوز بيع الطعام بحال
حتى يقبض وحتى يستوفى، إن بيع بالكيل يستوفى بالكيل، إن بيع جزاف يستوفى
بإيش؟ جزاف وإلا لا بد أن يكال؟ ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه))
عرفنا الاستيفاء يكون بالكيل والوزن، هذه سيارة وقفت في سوق التمر مثلاً،
وعلى ظهرها ألف صندوق من التمر، نقول: فرغ هذه الصناديق في المكاييل أو
الموازين، أو يكفي أن تباع جزاف؟ تباع بالصندوق هكذا، متى نتحاج إلى أن
نستوفيها بالكيل؟ الآن بيع التمر جزاف يجوز وإلا ما يجوز؟ صبر التمر، كوم
التمر، تباع وإلا ما تباع؟ بغير كيل؟ يمكن أن تباع جزاف؟ يمكن إذا بيعت
بغير جنسها، إذا بيعت بغير جنسها، لكن إذا بيعت بتمر لا بد من الكيل، إذا
بيعت بالدراهم تباع جزاف، ومثل هذا التمر الذي مثلنا به وهو على ظهر
السيارة يباع بالصندوق، وحينئذ لا يجوز أن يبيعه المشتري حتى يقبضه.
وجاء ما هو أعم من ذلك نهى أن تباع السلع،
نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، منهم من قال: السلع مطلقة
والطعام مقيد، والقبض والحيازة خاص بالطعام، إلا أن ابن عباس يرى أن هذا
يعمل به وذاك يعمل به، وحينئذ يكون من باب العموم والخصوص، السلع لفظ عام،
والطعام لفظ خاص، والتنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا
يقتضي التخصيص، وعلى هذا لا بد من القبض في السلع كلها، ولذا يقول ابن
عباس: وما أرى بقية السلع إلا كذلك، يعني مثل الطعام، لا بد أن تقبض، لا بد
أن تستوفى، واستيفاء كل شيء بحسبه، نهى أن تبتاع السلع، أن تباع السلع حتى
يحوزها التجار إلى رحالهم، والسلع وإن كان عاماً إلا أنه يراد به الخصوص،
هل هو مخصوص بالطعام؟ يخص بالطعام وإلا لا؟ يعني عندنا السلع لفظ عام
الطعام خاص، يخص الخاص العام بهذا الخاص الطعام، أو نقول: الحكم حكم العام
والخاص فلا يقتضي التخصيص، ولذا قال ابن عباس: ولا أرى بقية السلع إلا
كذلك، في مثل هذه الصورة لا يقتضي التخصيص، لكنه مع ذلكم هو عام أريد به
الخصوص حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، اشتريت أرض كيف تحوزها إلى رحلك؟
يمكن، يمكن تحوز الأرض إلى رحلك؟ ما يمكن، اشتريت ألوف الأطنان من البضائع
الثقيلة الكبيرة كيف تحوزها إلى رحلك، ما لا يمكن حيازته إلى الرحل يقبض
بالتخلية، يخلى بينك وبينه، وحينئذ يقول جمع من أهل العلم أو جمهور أهل
العلم: إن قبض كل شيء بحسبه، قبض كل شيء بحسبه، على كل حال لا يجوز لك أن
تتصرف في السلع حتى تقبضها، إن كانت طعاماً فلا بد من حيازتها، وإن كانت
غير طعام فالأمر فيها أخف لوجود الخلاف، لكن إذا أمكن نقلها فهو الأصل، وإن
لم يمكن فبالتخلية.
السلعة طعام والمثال الذي ذكرناه شخص جاء بسيارة على ظهرها مئات الصناديق
من التمر، وحرّج عليها بسوق التمر وباعها، كم الصندوق خمسة، عشرة، عشرين،
ثلاثين نصيبك، هذا الذي اشترى يريد أن يبيع، هل نقول: يلزمك أن تحوز هذا
التمر إلى رحلك، ثم تبيعه متى شئت؟ أو نقول: يكون حكمه حكم السلع الأخرى
اقبضه بمثل ما تقبض غيره من السلع؟ أو نقول: هذا طعام لا بد أن تستوفيه،
وأن تحوزه إلى رحلك، ثم بعد ذلك تأتي به لتبيعه؟
((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه))
وفي لفظ: ((حتى يقبضه)) هذه الألفاظ تدل على أنه لا يلزم أن ينقله من
مكانه، بل يقبضه القبض المعتبر، ويستوفيه بالكيل والوزن على ما تقدم، لكن
نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم يقتضي أنه لا بد من
نقلها، وحينئذ تخرج هذا التمر من السوق، ثم إذا أردت أن تجلبه يوماً آخر
وهذا هو الأحوط، لكن هل الناس يفعلون هذا؟ في أحد يفعل هذا؟ إذا اشترى
سيارة على ظهرها مئات الصناديق من التمر، وهو يريد بيعها، لا يريد كنز هذا
التمر وأكله وادخاره، لا، يريد البيع،. . . . . . . . . يبيعها، اشترى
الصندوق بعشرين يحرج عليها ويقطع الصندوق بثلاثين، وهو بمكانه، لا شك أن
الورع أن يحوزه إلى رحله، ثم يجلبه مرة أخرى، وهذا أبعد عن الشبهة.
من زوائد الكبرى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- قال: ((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) ولا شك أن هذا أبرك،
((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) يعني إذا بعت فاستعمل المكيال؛ لأنه
أبرأ للذمة، وإذا ابتعت، إذا اشتريت فاكتل، والحديث معلق في البخاري بصيغة
التمريض، ويذكر عن عثمان، ومقتضى الرمز (خ) أنه في البخاري أصل من الأصول؛
لأن علامة التعليق غير علامة تخريج الأصول، رمز التعليق إيش؟ خاء تاء،
(خت)، بهذا نعرف أن البخاري خرجه معلقاً، وهنا قال: خاء، ففي هذا إيهام أن
البخاري خرجه في الأصول.
((إذا بعت فكل)) هذا أمر بالكيل، ((وإذا ابتعت فاكتل)) أيضاً أمر
بالاكتيال، وأقل الأحوال الاستحباب، أقل الأحوال، وإن كان الأصل الوجوب في
الأمر.
عائشة -رضي الله عنها- كان عندها شعير تأكل
منه، طالت مدته، طالت مدة هذا الشعير فكالته ففني، يقول: ((إذا بعت فكل،
وإذا ابتعت فاكتل)) هذا أحوط لا شك وأبرأ للذمة بيعاً وشراءً، نعم، وجمع من
أهل العلم يقولون: أبرك أيضاً، يبارك له إذا امتثل هذا الأمر، نعم، عائشة
لما كالت الشعير فني، وقبل اكتياله تأكل منه مدة طويلة، وهو شيء يسير، كان
مبارك ولما كالته فني ذهبت عنه البركة، ما وجه ذلك؟ ما وجه ذلك؟ السلعة قبل
تمام ملكها إنما تملك بالكيل والاستيفاء الدقيق إبراءً للذمة، إبراءً
للذمة، فإذا ملكت هذا الشعير مائة صاع ابتعته واكتلته هات الصاع وكله
واحداً بعد الآخر حتى تتم المائة، لا شك أن هذا أبرأ للذمة، فإذا اشتريته
وتم ملكك عليه ووديته للبيت سواءً كان شعير حنطة تمر حينئذ لا تكله، لئلا
تنزع منه البركة، لماذا؟ لأن مسألة الكيل كل يوم تدخل للمستودع زاد نقص،
تعدد، ما شاء الله هذا بقي واحد اثنين ثلاثة أربعة ليش نقص هذا؟ ليش زاد
هذا؟ في المستودع، مثل هذا يدل على عدم الثقة بالله -عز وجل-، أنت واثق بما
عندك من التموين على ما يقول الناس، ليش زاد واحد؟ ليش نقص واحد؟ اتركه
فإذا انتهى قالوا: انتهى وهات غيره، لا تكن دقيقاً في مثل هذه الأمور
ليبارك لك في ذلك، وبعض الناس إذا دخل البيت أول ما ينحر المستودع، ليش زاد
هذا؟ ليش نقص هذا؟ هذا يعاقب بنزع البركة، ومن فوض أمره إلى الله، واعتمد
عليه واتكل عليه وترك الأمور كما هي تمشي بالبركة كما يقول الناس: يبارك له
فيها، ومتى ما فني، متى ما انتهى يقال: هات، هو من هذه الحيثية الدقة في
الحسابات أيضاً دليل على شيء من عدم الثقة بالله -عز وجل-، قد يقول قائل:
إن بعض الناس يحسبون بدقة الميزانية، الراتب كذا يخرج منه كذا لكذا وكذا
وكذا، وهذا على مستوى الدول أو على مستوى الأفراد الميزانيات، وبعض الناس
يأتي بالراتب ويرميه في الصندوق وكل يوم يسحب منه ما يحتاج، ويبارك له فيه،
ودليل على أنه واثق بالله، مطمئن بما عنده، لماذا؟ لأن هذه الدنيا ليست
مقصد، هي دار ممر ليست دار مقر، لكي تحسب وتتعب نفسك، وتفني عمرك فيما لا
ينفع، زاد، نقص، انتهى، فني، ليش؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام-
يقول: ((ما أحب أن يكون لي مثل أحد ذهباً
تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا ديناراً أرصده لدين))، ثم قال: ((إلا
أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) ينفقه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن
شماله، هذا الأصل.
أما والله كم بقي من الراتب؟ كم انتهى من الراتب؟ كل يوم يحسب وكل يوم .. ،
هذا دليل على عدم الثقة بالله -عز وجل-، ولذا لما كالت عائشة -رضي الله
عنها- الشعير فني، والذي يترك أموره ويصرف وينفق على نفسه وعلى من تحت يده
مع التوسط والاعتدال من غير إسراف ولا تقتير، {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ
مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [(29) سورة
الإسراء] {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [(27)
سورة الإسراء] ليس معنى هذا أن الإنسان يبذر ويصير عالة على الناس يتكففهم،
لا، وليس معنى هذا أن يكون جماعاً للمال، مناعاً له، لا، لا بد أن يتوسط في
أموره، ويضع في حسابه ونصب عينيه أن الدنيا ليست غاية، إنما هي ممر،
ومتاعها الذي لا يوصله ويبلغه إلى مرضاة الله -عز وجل- هذا لا ينفعه، هذا
وبال عليه.
و ((الغنى -كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- غنى النفس، ليس الغنى عن
كثرة العرض)) كم من شخص مرتبه يسير، وهو مبسوط ومرتاح غني النفس، وكم من
غني عنده الأموال الطائلة الملايين، ومع ذلكم هو في حكم الفقراء لما جبل
عليه من الشح والهلع والبخل، نسأل الله العافية، فهذا الفقراء أحسن حالاً
منه، والله المستعان.
نعم حديث جابر، تأذن؟ تفضل، نعم.
شرح حديث: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر
والميتة والخنزير والأصنام .. )):
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يقول عام الفتح: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير
والأصنام)) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه يُطلى بها السفن،
ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)) ثم قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما
حرم عليهم شحومهما جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه))، جملوه: أذابوه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر
بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول
عام الفتح" وهو بمكة في السنة الثامنة من الهجرة: ((إن الله ورسوله حرم))
حرم بالإفراد إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، وفي هذا تأدب من النبي -عليه
الصلاة والسلام- مع ربه -عز وجل-، ((إن الله ورسوله حرم)) ما قال: حرما،
لئلا يضم ضميره إلى ضمير الله -عز وجل-، وجاء الإنكار من النبي -عليه
الصلاة والسلام- على الخطيب الذي قال: "ومن يعصهما فقد غوى" فقال: ((بئس
خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى)) لئلا يتوهم متوهم أن
مرتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- تساوي أو تداني مرتبة الله -عز وجل-،
فمن خطر على باله ذلك لا يجوز له بحال أن يثني الضمير في مثل هذه الصورة.
جاءت التثنية ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) ((إن الله
ورسوله ينهيانكم)) في حديث أبي إيش؟ عن لحوم الحمر الأهلية، جاءت التثنية
فمن أهل العلم من يقول: إن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يثني وليس لغيره
أن يفعل ذلك، ومنهم من يقول: إن حديث النهي، حديث الاستدراك على الخطيب
منسوخ بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل حال من الأدب ألا يجمع بين
ضمير الله -عز وجل- وضمير رسوله -عليه الصلاة والسلام-.
كثيراً ما نرى وهذا قد يوجد في المساجد فوق
المحراب، فوق المحراب دائرة مكتوب فيها الله وهنا محمد، حكم هذا العمل؟
المحذور هنا في التثنية قد يرد في مثل ذاك؛ لأنه وضع اسم الرسول -عليه
الصلاة والسلام- بجانب اسم الجلالة، وعلى حد سواء، يعني لو وضعت دائرة فيها
لفظ الجلالة وتحتها محمد، ينتفي المحظور وإلا ما ينتفي؟ إذا وضعتها
متقابلتين، يعني متساويتين من كل وجه قد يقول قائل: إن هذا يشم منه
التسوية، وقد يقال: لا سيما إذا لم يرد على خاطر من فعل ذلك هذه التسوية،
لماذا؟ لا يجوز مثل هذا العمل وقد جاء في تفسير قوله -جل وعلا-:
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح] قال: لا أذكر حتى تذكر معي،
أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، من هذه الحيثية لا مانع
أن يذكر مثل هذا، وأنه لا يذكر الله إلا ويذكر معه النبي -عليه الصلاة
والسلام-؛ لأن الله هو الذي رفع ذكره، لكن إذا شككنا أو كنا في بلد أو
مجتمع قد يخطر على بال أحد من أولئك أن التسوية ينبغي أن يمنع سداً
للذريعة، أحياناً يكتب لكنهم لا يجعلونه في صف واحد، لا يجعل في صف واحد،
أحياناً يكتب في بعض الدوائر لا سيما العسكرية (الله) فوق، ثم تحتها من هنا
(المليك)، ثم (الوطن)، هذا ما فيه مساواة، المحظور لو جعلت في صف واحد،
نعم، مع أنه من وجهة نظري ينبغي ألا يكتب مثل هذا بالكلية، هو ليس فيه
مساواة، لكنه ينبغي ألا يكتب مثل هذا.
((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) يعني لما فيه من الإسكار، وقد حرم شربه،
والله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وفي حكم الخمر كل ما يزيل العقل ويغطيه مما
هو مثله في الإسكار أو فوقه، فلا يجوز بيعه لا لمسلم ولا لكافر، كما أنه لا
يجوز تخليله، والتحايل على أكل ثمنه بتخليله.
حرم بيع الخمر والميتة لأنها نجسة، والميتة هنا من العام الذي يراد به
الخصوص، فما أبيح أكله من الميتة يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ يجوز بيع السمك
الميت وإلا ما يجوز؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا جاز أكله وهو ميتة لا يدخل
في التحريم، يجوز بيع الجراد وهو ميت والسمك، والحوت، وهو ميت؛ لأنه يجوز
أكله وهو ميت.
((والخنزير)) الخنزير محرم إجماعاً {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ
وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] فهو مجمع على
تحريمه، على تحريم أكله وتبعاً لذلك يحرم ثمنه، فلا يجوز بيعه حينئذ.
((والأصنام)) التي هي سبب ضلال الإنسان في القديم والحديث، فبيع الأصنام
محرم اتفاقاً، إذا بيعت على هيئتها مع بقاء اسمها، لكن لو قدر أن هذه
الأصنام، أو الصلبان من ذهب، وأذيبت وصارت ذهب خام يستفاد منه أو لا
يستفاد؟ نعم، يستفاد منه؛ لأنها في الأصل طاهرة، والمنع منها إنما هو لأمر
طارئ وهو عبادتها من دون الله -عز وجل-، مادام المنع منها لأمر طارئ وزال
هذا المانع فإنه حينئذ يجوز بيعها، سواء زال بنفسه بأن وقعت وتحطمت أو
احترقت وذابت، أو أزاله الآدمي بخلاف الخمر فإنه لا يجوز بيعها، ولا يجوز
التحايل على بيعها بتخليلها، أما إذا تخللت بنفسها فإنه حينئذ لا مانع من
بيعها خلاً، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ الميتة بجميع ما تحويه
من جلد ولحم وعظم وكرش ولبن وأنفحة وما أشبه ذلك، يستثنى من ذلك الجلد إذا
دبغ، ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) يستثنى من ذلك الشعر والظفر؛ لأنه في حكم
المنفصل.
الحنفية وبه يقول شيخ الإسلام يقول: العظم لا تحله الحياة، فإذاً لا يدخل
في مسمى الميتة فيجوز بيعه، الأنفحة كذلك، اللبن كذلك، لا يجوز بيع لبن
الميتة؛ لأنه مما لا تحله الحياة، حينئذ يجوز بيعه، مثل الشعر مثل الظفر،
والجمهور على تحريم بيع جميع ما حواه الجلد مع استثناء ما استثني من جلد
الميتة، ((هلا انتفعتم بإهابها؟ )) قلنا: ميتة، قالوا: إنها ميتة، قال:
((دباغ الأديم طهوره)) وفي رواية: ((ذكاة الأديم دباغه)).
((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) أيما: هذا من صيغ العموم المغرقة في التعميم،
فالدباغ مطهر للجلد أياً كان نوعه وأصله، يدخل في ذلك جلد المأكول وغير
المأكول، كله يطهر بالدباغ لعموم: ((أيما إهاب دبغ فقط طهر)) يبقى النظر في
جلود السباع والنهي عن استعمالها مع طهارتها، يبقى النهي عن استعمالها.
"فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة،
فإنه يُطلى بها السفن" يعني يستفاد منها في غير الأكل والشرب، الشحوم شحوم
الميتة نجسة لكن تستعمل في الاستصباح، تدهن بها الجلود، تطلى بها السفن،
تطلى بها السفن من أجل إيش؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
السفن من خشب، فيطلى بها السفن لئلا تشرب الماء؛ لأن الدهن ينبو عنه الماء،
فلا يشرب الخشب الماء، يطلى بها السفن، "ويدهن بها الجلود"، تلين الجلود
إذا كانت يابسة طليت بالدهون لانت، "ويستصبح بها الناس"، يعني قبل الكهرباء
كانت المصابيح تضاء بالشحوم، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا، هو حرام))،
لا، هو حرام، الآن الوقف على (لا) حكمه؟ نعم، لازم، لماذا؟ لأن الوصل يحيل
المعنى، أليس في القرآن وقف لازم؟ لماذا؟ لأن الوصل يحيل المعنى، {وَلاَ
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس]،
لأنك لو وصلت صارت، العزة، إن العزة لله جميعاً مقول القول، وهذا لا يحزنه
بحال، فلا بد من الوقف اللازم هنا، وهل نحن بحاجة إلى أن نأتي بالواو؟ إذا
قلت لشخص: تفضل فقال: لا، أغناك الله، يحتاج أن تقول: لا، وأغناك الله؟ أو
تقف وقف لازم على ضوء ما جاء في الكتاب والسنة ويكفي؟ في البلاغة يلزمون
بالواو هذه، نعم، لكن نصوص الوحيين ليس فيها هذه الواو، لا، وسلمك الله،
لا، وأغناك الله، تقول هكذا، عندهم يلزمون بهذه الواو، لكن النصوص {وَلاَ
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} قف، {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا}، قال: ((لا،
هو حرام)) لأنك إن وصلت كأنك جعلت (لا) نافية، إذاً ليس هو حرام، فانقلب
المعنى، ينقلب المعنى.
إمام مسجد في إحدى المناطق يقرأ: ثم لا تسألن يومئذ عن النعيم، هذا يحيل
المعنى وإلا ما يحيل المعنى؟ نعم، يعني بعد أن تكون اللام مؤكدة لحصول
الفعل جعلها نافية، هذا جهل، جهل مطبق هذا، فمثل هذا لا يجوز أن يجعل إمام.
نعود إلى ما عندنا، ((لا، هو حرام)) الضمير
يعود على إيش؟ على البيع وإلا على الانتفاع؟ نعم، على البيع وإلا على
الانتفاع؟ يجوز أن تنتفع بالدهن المتنجس أو النجس ولا يجوز أن تبيعه، إذا
قلنا: إنه يعود على البيع، ويجوز الانتفاع وإذا قلنا: إنه يجوز الانتفاع
ومن باب أولى لا يجوز البيع، وإذا قلنا: يجوز الانتفاع ولا يجوز البيع
قلنا: إنه اختل شرط من شروط البيع: أن تكون العين مباحة النفع بلا حاجة،
مثل بيع الكلب وغيره، نجس العين لكن الحاجة قائمة على استعماله، والدهن
النجس الحاجة قائمة، الشحم النجس هذا، الحاجة قائمة إلى دهن الجلود،
واستصباح الناس به، وعلى كل حال هما قولان، والأكثر على أنه يجوز الانتفاع
دون البيع.
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود))
المقاتلة هنا معناها اللعن، لعن الله اليهود، ((قاتل الله اليهود إن الله
تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه)) يعني أذابوه، أذابوا الشحم، حرموا
الشحوم، جملوه ثم باعوه أذابوه ثم باعوه تحايلاً على ارتكاب هذا المحرم
بهذه الحيلة، وهذه عادتهم وديدنهم ولذا جاء النهي عن مشابهتهم: ((لا تصنعوا
مثلما فعلت اليهود)) أو ((لا تفعلوا ما فعلت اليهود فتستحلوا ما حرم الله
بأدنى الحيل)) وهنا جاءوا إلى الشحم فأذابوه، حرم علينا الشحم، وهذا ليس
بشحم، ولو قدر أنه ثاب من شحم أن ما أكلناه أيضاً بعناه وأكلنا ثمنه، ما
أكلنا الشحم، والله -سبحانه وتعالى- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ((ثم باعوه
فأكلوا ثمنه)) متفقه عليه.
انتهى الوقت، خلاص؟
طالب: خمس دقائق.
((قاتل الله اليهود)) عرفنا أن معنى قاتل:
لعن، المقاتلة هنا بمعنى اللعن، جاء عن بعض الشراح في حديث المرور بين يدي
المصلي: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه
فليدفعه، فإن أبى فليقاتله)) وفي رواية: ((فإن معه قرين)) قال بعضهم:
يقاتله بالسب والشتم؛ لأن المقاتلة تطلق ويراد بها اللعن، يعني إذا أراد أن
يمر دفعه. . . . . . . . .، على كلامه إيش؟ ماذا يصنع؟ نعم؟ يلعنه وهو في
الصلاة، فليقاتله معناها بالسب والشتم، على ما جاء في هذا الحديث، قاتل
الله اليهود يعني لعنهم، فليقاتله يعني يلعنه، وهو في الصلاة، وكأنه فر من
لفظ المقاتلة، كيف؟ هل عنده سلاح ليقاتله؟ إيش معنى يقاتله؟ معناه يدفعه
بما هو أشد من الدفع الأول حتى ينتهي، وليس معنى هذا أنه مجهز المسدس في
مخبأته ومن مر .. ، نعم، لا، ليس هذا ولا ذاك، ليس معناه أنه يقتله، وليس
معناه أنه يسبه ويشتمه ويلعنه، لا، إنما يدفعه دفعاً أشد، ويطلق على
المقاتلة المدافعة الشديدة يطلق عليها مقاتلة، يطلق عليها المقاتلة، والله
المستعان.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأسئلة يا إخوان ما أدري كيف نصنع بها كثيرة جداً؟ الأسئلة كثيرة جداً.
يقول: يقترح هذا، يقترح وما أسهل الاقتراح، لكن يقترح أن يجاب على الأسئلة
الخاصة بالدرس ويمكن التنبيه على الأخوة، يقصد الأسئلة الخاصة بموضوع
البيوع وما يمر بنا من مسائل يجاب عليه، وما عدا ذلك يترك.
على كل حال بعض الأسئلة وإن كانت خارج الدرس وبعيدة عن الدرس إلا أن لها من
الأهمية ما يجعلها تستحق التقديم على غيرها، والآن الأسئلة كثيرة جداً
تحتاج إلى وقت طويل، والله المستعان.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
عدد كبير من الأسئلة.
يقول: في حديث ابن عمر قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن خير أحدهما
الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا فقد وجب البيع)).
السؤال ملفق الحقيقة ما هو ...
يقول: ما الفرق بين وجوب البيع في الجملة
الأولى وبين وجوب البيع في الجملة الثانية؟
كأنه يشير إلى الفرق بين خيار المجلس وخيار الشرط، فخيار المجلس ينتهي
بالتفرق بالأبدان، وعليه يلزم البيع، فلا يكون لأحد مندوحة من الطرفين من
لزومه إلا بالإقالة، على ما ذكرنا، وأما إن اشترطا الخيار مدة معلومة، أو
اشترطا ألا خيار فقد وجب البيع في الحال.
يقول: من اشترى مصراة وأراد أن يرجعها بعد مضي أكثر من ثلاثة أيام فهل يثبت
له الخيار؟
لا، لا يثبت له الخيار، إذا مضى عليها أكثر من ثلاثة أيام فقد انتهت مدة
الخيار.
يقول: هل يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان بقصد تجديد الوضوء، مع العلم
أنه متيقن من الطهارة أم أن هذا داخل في النهي؟
النهي فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، إذا خرج بعد الأذان كما
قال الصحابي: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم"، ومثل هذه المعصية لا تعارض
بأمر مستحب إلا إذا كان يفوت مثلاً هو إمام مسجد، إمام مسجد ويحضر درس في
مسجد آخر فإذا أذن ليذهب ليصلي بجماعته لا بأس حينئذ، أما مسألة تجديد
الوضوء فلا.
يقول: اقتطعت أرضاً قبل ثلاث سنوات، قسطت ثم أكملت القسط الأخير قبل شهر،
فمتى تحل الزكاة عليها من أول قسط؟
الآن هو مشتري وإلا بائع هذا ما ذكر شيء، لكن السؤال كأنه هو البائع هو
المقسط، ولذا يقول: فمتى تحل الزكاة عليها من أول قسط أو من بعد الأخير؟
الديون التي في ذمم الناس إن كانت مؤجلة فلا يبدأ حولها إلا بعد حلول
أجلها، وإن كانت حالة غير مؤجلة فالدين الذي على ملي له حكم، والذي على
معسر له حكم، لكن مثل هذا يقسط، يقسط أراضٍ على الناس، باع أرض على زيد من
الناس بثلاثمائة ألف أقساط شهرية لمدة ثلاثين شهر كل شهر عشرة آلاف، لما
حال عليه الحول تحصل بيده اثني عشر قسط، وعليه أن يحسب حول كل قسط بحسبه،
إذا حال الحول على القسط الأول زكاه، وإذا حال الحول على القسط الثاني
زكاه، وهكذا.
بيع بعض الوكالات مثل وكالة إيش للسيارت بالتأجير فما الحكم؟
كيف بيع بالتأجير؟ بيع بالتأجير كيف يكون
بيع بالتأجير؟ هذا البيع الذي اشتهر عند الناس البيع بالتأجير المنتهي
بالتمليك، والذي أفتى أهل العلم بتحريمه وتحريمه ظاهر؛ لأن السلعة عائرة،
لا يعرف ضامنها، هل هي على المشتري أو على البائع؟ فإذا تلفت السيارة الذي
أبرم عليها هذان العقدان التأجير والبيع، إذا تلفت فمن ضمان من؟ البائع
يقول: الضمان على المشتري لأني بعت وانتهيت، والمشتري يقول: لا أنا ما
اشتريت أنا مستأجر، والضمان على مالكها، ولذا حرم أهل العلم مثل هذه
الصورة، لكن هناك بيع، بيع معروف أنه بيع وإن سمي تأجير، يسمونه تأجير من
أجل أن يحفظ البائع حقه، تستمر السيارة باسم صاحبها الأول، فإذا انتهى آخر
قسط من الأقساط انتقلت إلى أو نقلت إلى ملك الثاني، هذا كأنه بيع تام إلا
أنه برهن.
يقول: هل ينطبق ما ورد في قصة عائشة -رضي الله عنها- وذهاب البركة يعني في
الشعير في عد المال سواء كان في الجيب أو في البيت ومتابعة الحساب وتدقيقه
في البنك؟
على كل حال إذا كان الباعث لهذا العد الحرص الزائد وأنه هل زاد أو نقص؟
وكيف؟ هل يمشي أو ما يمشي ينظر إلى المستقبل؟ هذا يذهب البركة بلا شك، لكن
إن كان القصد منه التأكد من المبلغ الذي معه ليشتري به سلعة معينة قيمتها
كذا وكذا لا بأس.
يقول: أفضل الطبعات في صحيح البخاري؟ وأيضاً في حفظ البخاري؟
البخاري الحفظ والقراءة لا فرق.
هذا يقول: أفضل الطبعات لقراءة صحيح البخاري، وأفضل الطبعات لحفظ صحيح
البخاري؟
لا فرق، أفضل الطبعات على الإطلاق الطبعة السلطانية التي طبعت سنة (1311هـ)
وعليها فروق في الروايات، وصورت أخيراً الآن هي موجودة مصورة ومعتنىً بها
عناية فائقة.
يقول: من المعروف أن سبايا المسلمين من الكفار يعتبرون عبيد وبعد ذلك أسلم
الكفار ثم أنجبوا أطفال وهم على الإسلام فهل الأطفال يكونون عبيداً؟
نعم؛ لأن الرق عجز حكمي سببه الكفر في البداية، ثم يتناسل هؤلاء وإن
أسلموا، وإن أسلموا يثبت عليهم حكم الرق حتى يتم تحريرهم، والشرع يتشوف إلى
العتق على ما سيأتي في حديث بريرة -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
ما في مانع لكن الأسئلة كثيرة جداً لا يمكن
الإجابة عليها كلها.
سم.
شرح: باب السلم:
أحسن الله إليك:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب السلم:
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم النبي -صلى الله عليه
وسلم- المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: ((من أسلف في
شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب السلم: السلم والسلف معناهما واحد،
والمقصود منه أن يقدم الثمن وتؤخر السلعة المبيعة.
تشتري من مزارع طعاماً تقدم له القيمة على أن يحضر لك هذا الطعام بعد سنة
أو بعد ستة أشهر، لا بد من الأجل المعلوم المحدد، ولا بد من الكيل المعلوم،
والوزن المعلوم.
فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة مهاجراً من المعلوم أن
الأنصار أهل حرث وزرع وجدهم يسلفون في الثمار، في الثمار من التمور والحبوب
وغيرها، السنتين والثلاث، في لفظ: "العام والعامين" وفي لفظ: "العامين
والثلاثة"، على كل حال السلم إذا حدد أجله ولو طال أمده، فإذا جاز السلم في
سنتين جاز في ثلاث وهكذا، إذا جاز في ثلاث جاز في خمس، فقال -عليه الصلاة
والسلام-: ((من أسلف في شيء -أسلف وأسلم بمعنى واحد- من أسلف في شيء فليسلف
في كيل معلوم)) لا بد أن يكون القدر المسلم فيه محدد، ((ووزن معلوم)) في
كيل معلوم إذا كان من المكيلات، ووزن معلوم إذا كان من الموزونات ((إلى أجل
معلوم)) لا بد أن تكون المدة محددة؛ لأن جهالة الأجل ينتج عنها الضرر
الكبير لأحد الطرفين ولا شك ويحصل فيها الخصام والنزاع.
((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم)) السلف والسلم عرفنا صورته: أن
يشتري سلعة آجلة بثمن حال، يسلم ويسلّم ويقدم فيسلم في مجلس العقد، ومن هنا
سمي السلم وسمي السلف.
"السنتين، من أسلف في شيء" من أسلف في شيء
نكرة في سياق الشرط تعم كل شيء، ولذا يرى بعض أهل العلم أنه يجوز في كل شيء
يمكن تسليمه عند حلول أجله إذا انضبط وصفه، سواءً كان مطعوماً أو غير
مطعوم، سواءً كان مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً أو مذروعاً أو معروفاً
بصفة، يعني كان شيئاً واحداً، مصنوع مثلاً، فقوله -عليه الصلاة والسلام-:
((فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم)) هذا على سبيل المثال، وخرج مخرج
الغالب؛ لأنهم إنما يسلفون في المكيلات والموزونات.
ومقتضى قوله: ((من أسلف في شيء)) أن السلف يجوز في كل شيء، وهل يشترط في
السلم أن يكون البائع مالك لأصل السلعة؟ هل يشترط أن يكون المالك للبستان،
مالك للنخيل التي أسلم في ثمرتها، مالك للأشجار التي أسلم في نتاجها؟ مالك
للمصنع الذي أسلم في إنتاجه؟ لو جئت إلى مصنع سيارات وقلت له: هذه مائة ألف
مديل (2004) كم تبيعون مديل (2004) قال: نبيعه نقد (140) مثلاً فقلت له:
هذه (100) ألف على أن تعطيني، يصل إلي في يوم كذا والوصف كذا وكذا وكذا،
إلى آخره، بحيث لا يتغير، يصح السلم وإلا ما يصح؟ هو مالك للمصنع، وضابط
للوصف، مقتضى قوله: ((من أسلف في شيء)) يعم المطعوم وغير المطعوم.
إذا أتيت شخص لا يملك مصنع زميل لك في العمل أو جار لك، وقلت له: أنا أريد
جمس موديل (2004) يعني مضمون أن يصل الجمس في (2004) حسب تقديرهم، الآن ما
وصل (2003)؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ يعني بعد سنة من الآن يكون وصل (2004) بعد سنة من الآن في سبعة ثمانية
ألف وأربعمائة وأربعة وعشرين يغلب على الظن أنه يصل، هي زيادة يوم أو نقص
يوم ما في مشكلة هذه، نعم، أو من باب الاحتياط يقول: هذه مائة ألف حضر لي
جمس ألفين وأربعة يوم عيد الفطر، يقول: ما في احتمال أنه ما وصل، زميله في
العمل أو جاره ما عنده مصنع، هل يشترط أن يكون البائع مالك للسلعة أو لا
يشترط؟ مالك لأصلها، يتشرط وإلا ما يشترط؟ المسألة خلافية بين أهل العلم،
لكن مقتضى يسر الشريعة، وإيجاد الحلول البديلة للعقود المحرمة يقتضي، لا
سيما وأنه لا يوجد ما يدل على اشتراطه يقتضي جوازه.
طيب عالم من العلماء عرف بالتأليف وتجويد
التأليف، يأتي إليه صاحب مطبعة ويقول له: هذه مائة ألف على أن تؤلف لي
تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين ملزمة ضبط من كل وجه، خمسة
مجلدات في كل مجلد ثلاثين ملزمة هذه مائة ألف، يصح السلم على أن تسلم لي
هذا التفسير خلال سنة، يعني بعد سنة من الآن، أو بعد سنتين، السلم صحيح
وإلا ليس بصحيح؟ الثمن معلوم والأجل معلوم والقدر معلوم، والحرف يعني يمكن
ضبطه بدقه، الحرف رقمه كذا، الورق مقاسه كذا، يمكن ضبط الأمور بدقة، يصح
وإلا ما يصح؟
طالب:. . . . . . . . .
يصح، إذا نظرنا إلى القضية مجردة وقسناها على الصنائع والحرف قلنا: الأصل
جوازه، لكن يبقى ما الباعث لهذا العالم على هذا التأليف الذي يبتغى به وجه
الله؟ العلم الذي يبتغى به وجه الله؟ ما الذي بعثه؟ وما الذي نهزه على
التأليف؟ نعم، المبلغ، إذاً يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، فرق بين أن يكون الشيء
مما يبتغى به وجه الله، وأن يكون من أمور الدنيا، لا شك أن هذه المائة ألف
تعين هذا العالم على أن يتفرغ للتأليف ونفع الناس، لكن يبقى أن هذا الأمر
لا سيما العلم الشرعي الذي يبتغى به وجه الله لا يجوز أن يكون الباعث عليه
طلب الدنيا، لا يجوز بحال أن يكون الباعث عليه طلب الدنيا، وإلا الأمور
منطبقة تماماً، يأتي إليه ويقول: بعد سنتين من تاريخ اليوم سبعة ثمانية ألف
وأربعمائة وخمسة وعشرين، هذه مائة ألف على أن تحضر لي في هذا التاريخ
المحدد تفسير في خمسة مجلدات، تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين
ملزمة مثلاً، منضبط، لكن يبقى أن هذا العلم مما يبتغى به وجه الله، فلا
يجوز أن يكون الباعث عليه أمر الدنيا.
أما ما عدا ذلك من الأمور التي هي في الأصل للدنيا، يؤلف له قاموس في الطب
مثلاً إيش المانع؟ في ما يمنع؟ نعم، ليس في ما يمنع، يؤلف له في أي علم من
العلوم الذي لا يبتغى بها وجه الله، يعني في الأصل، وإلا بالإمكان أن
الصانع يبتغي بصناعته وجه الله، الزارع المزارع يبتغي بزراعته وجه الله،
لكن هي في الأصل لا.
على كل حال جمع غفير من أهل العلم يجيزون السلم في كل شيء، في الصناعات،
يمكن الأشياء المنضبطة تحضر لي بعد ...
|